من روائع محكمة القضاء الادارى
أحقية ذوي الاحتياجات الخاصة في التعيين بالوظائف العامة ضمن نسبة ال 5% المقررة لهم قانونا
أصدرت المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية بجلسة 28/5/2016حكما بأحقية ذوي الاحتياجات الخاصة في التعيين بالوظائف العامة ضمن نسبة ال 5% المقررة لهم قانونا ودون التزاحم مع غيرهم ممن حباهم الله بنعمة الصحة السوية تحقيقا لمبدأ تكافؤ الفرص .
وقالت المحكمه في حيثيات حكمها إلي أن ؛ البين من التطور التاريخي لأوضاع ذوي الاحتياجات الخاصة ، وقواعد معاملتهم ، أن كثيرا من الوثائق الدولية قد منحتهم الرعاية التي يقتضيها إنماء قدراتهم ، وأن جهودا تبذل بإطراء من أجل تشخيص عوارضهم في مهدها ، وقبل استفحال خطرها ، قم تقييمها للحد من آثارها ، وأن آراء عديدة تدعو الدول علي تباين اتجاهاتها ، لأن تنقل إلي مجتمعاتها - من خلال حملاتها الإعلامية بوجه خاص awareness raising ما يبصرها بأن ذوي الاحتياجات الخاصة مواطنون ينبغي منحهم من الحقوق ما يكون لازما لمواجهة ظروفهم الذاتية التي لا يملكون دفعها ، لتمهد بذلك للقبول بالتدابير التي تفرضها ، وتعينهم علي مواجهة مسئولياتهم ، وكان من بين تلك المواثيق ذلك الإعلان الصادر في 9/12/1975م عن الجمعية العامة للأمم المتحدة برقم 3447 في شأن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة declaration on the rights of disabled persons ، متوخيا أن تعمل الدول سواء من خلال التدابير الفردية ، أو عن طريق تضافر جهودها من أجل إرساء مقاييس أكثر حزما للنهوض بأوضاع ذوي الاحتياجات الخاصة ، وتوكيد ضرورة استخدامهم بصورة كاملة، وتحقيق تقدمهم من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية ، آخذة في اعتبارها احتياجاتهم الخاصة ، وضرورة تطوير ملكاتهم لإعدادهم لحياة أفضل ، لحفزهم علي الاندماج في مجتمعاتهم من خلال إسهامهم في أكثر مناحي النشاط تنوعا ، ويؤكد هذا الإعلان أن الحقوق المنصوص عليها فيه ، لا استثناء منها ، ولا تمييز في نطاقها يكون مرده إلي العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الآراء علي اختلافها ، أو بناء علي أي مركز آخر يتعلق بالمعوق أو بأسرته .(يحيى سعد المحامى )
واضافت المحكمه بأن جمهورية مصر العربية تولي دائما اهتماما خاصا بحقوق ذوي الاحتياجات الخاصة ، وقد حرصت كافة الدساتير المتعاقبة لجمهورية مصر العربية علي ضمان حقوق هذه الفئة ، وضمان فرصا متكافئا لهم في شتي المجالات ودون تمييز ( دستور مصر الصادر عام 2013م - المادة 9 ) ، وكذا ضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والأقزام صحيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا وترفيهيا ورياضيا وتعليميا وتوفير فرص العمل لهم مع تخصيص نسبة منها لهم وتهيئة المرافق العامة والبيئية المحيطة بهم وكفالة ممارستهم لجميع الحقوق السياسية ودمجهم مع غيرهم من المواطنين وذلك إعمالا لمبادئ المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص ( دستور مصر الصادر عام 2013م - المادة 81 ) ، وكذا فقد ضمنت لها تمثيلا مناسبا في أول مجلس للنواب اعتبارا من تاريخ إقرار الدستور في 2013م ( دستور مصر الصادر عام 2013م - المادة 244 ) .
كما حرصت التشريعات المصرية علي ضمان حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة ؛ وذلك من خلال القانون رقم 39 لسنة 1975م سالف الذكر الصادر بشأن تأهيل المعاقين والمعدل بموجب القانون رقم 49 لسنة 1982م والذي منح هذه الفئة - المغلوب علي أمرها - نسبة 5% من مجموع العاملين بكل وحـدة من وحدات الجهاز الإداري للدولة والهيئات العامة والقطاع العام ، والذي ألزم كافة الجهات باستكمال النسبة المقررة بموجب هذا القانون خلال المدة المحددة بالفقرة الأولي من المادة 10 من هذا القانون .
واستطردت المحكمه قائله ان استخدام ذوي الاحتياجات الخاصة داخل كل وحدة من وحدات الجهاز الإداري للدولة أو الهيئات العامة أو القطاع العام من خلال تخصيص عدد من وظائفها لا يزيد عن 5% من مجموع العاملين بكل وحده ، لا يعتبر تقريرا لأولويتهم علي من عداهم ، ذلك لأن الأولوية في مجال العمل تعني أن يتقدم أصحابها علي غيرهم من العاملين مستأثرين من دونهم بالوظائف الشاغرة ، ليكون تعيينهم بها معززا بقوة القانون ، ومتضمنا استبعاد غيرهم من أن يطلبوا لأنفسهم نصيبا منها ، بل كانت هذه النسبة المقررة قانونا لصالح ذوي الاحتياجات الخاصة والتي ما شرعت إلا لتلافي أوجه القصور ( واقعا ) بينهم وبين من حباهم الله بنعمة الصحة السوية ، فبدون إنفاذ هذه النسبة لما تكافأت فرص استخدامهم مع غيرهم من الأسوياء بدنيا ، ويظل تقرير الأولوية بين أرباب هذه النسبة من بين المتقدمين لشغل الوظائف العامة علي أساس المعايير المحددة قانونا كأصل عام .
كما لا يعد إنفاذ هذا الحق لصالح ذوي الاحتياجات الخاصة بمثابة قيدا علي سلطان الإدارة عندما تقوم باستخدام حقها القانوني في إجراء التعيين بالوظائف الشاغرة لديها ، لأن الأصل العام أن يكون للإدارة السلطان الكامل في حدود الإطار الذي يحدده لها القانون - خاصة في إطار القانون العام ، بما مؤداه أن للمشرع أن يرسم للإدارة حدودا وقيودا لا يجوز ان تتجاهلها أو تتخطاها ليظل عملها الإداري واقعا في إطار الفعل القانوني الذي يتحقق نتيجة له العدل والصالح العام ، وبما مؤداه أن حرية الإدارة في التعيين لا يعني غل يد المشرع عن التدخل لتنظيم هذا الأمر ، فمتي تدخل المشرع بقيود - بما فرضه القانون رقم 39 لسنة 1975م - وكانت غايته ضمان فرصا حقيقية لذوي الاحتياجات الخاصة تكفل إنصافهم في مجال العمل فإن النعي عليها يعد مخالفا للقانون والدستور .
وحكمت المحكمه إلزام المستشار رئيس هيئة قضايا الدولة بتعيين المدعي ضمن النسبة المقررة لذوي الاحتياجات الخاصة بذات الإعلان وبأثر رجعي اعتبارا من تاريخ صدور قرار التعيين .
يحيى سعد المحامى
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم