جريمة النصب
لم تكن جريمة النصب
معروفة في التشريعات القديمة ولقد كانت في القانون الروماني صورة من صور جريمة سلب
مال الغير من بينها السرقة وخيانة الأمانة.
لم تبرز جريمة النصب
بذاتها إلا بعد قيام الثورة الفرنسية فكانت قبل ذلك تكيف تارة على أنها سرقة وتارة
أخرى تزوير.فكان يعاقب على استعمال أسماء أو صفات كاذبة على أساس جريمة التزوير
بعدها أصبحت جريمة مستقلة بذاتها عن غيرها من الجرائم الشبيهة بها ووضع لها نص خاص
في تشريع سنة 1791 التي أتت به الثورة الفرنسية بعدها نصت على جريمة النصب
بموجب تشريع 1810 واعتبرت جريمة النصب جريمة قائمة بذاتها لها خصائص
ومميزات تميزها عن جريمة السرقة والتزوير وخيانة الأمانة.
واستعمل لأول مرة مصطلح
النصب في نص المادة 405 من قانون العقوبات الفرنسي تحت لفظ الطرق
الاحتيالية بدلا من لفظ التدليس وحدد ماهية الأفعال المكونة للنصب والمتمثلة في
استعمال أسماء أو صفات كاذبة أو وسائل التدليس والاحتيال.
بتاريخ 08 أوت
1935 أضيفت فقرة إضافية لتلك المادة بموجب مرسوم تشريعي نص فيها على الظروف
المشددة لجريمة النصب والمتمثلة في ارتكاب النصب في مواجهة الجمهور وأضاف إلى جانب
ذلك العقوبات التكميلية والمتمثلة في الحرمان من الحقوق الوطنية كلها أو بعضها
والمنع من الإقامة وهي عقوبات جوازية.
ولحق بجريمة النصب تطور
كبير وهائل مع تطور العصر ولم تعد ترتكز على إتباع الوسائل التقليدية لارتكابها
،وتطورت مع مرور الزمن واتخذت عدة صور وتنوعت أساليب النصابين ووسائلهم الاحتيالية
وتطورت مع التطور التكنولوجي وخاصة مع ظهور الإعلام الآلي والشبكات الإعلامية
والإنترنت التي عصرنت الوسائل التدليسية المستعملة حيث أصبح من الصعب على الأشخاص
العاديين اكتشافها بسهولة وتفادي الوقوع فيها خاصة في عمليات البنوك والبيع
والشراء عن طريق الإنترنيت واشتهرت في
الآونة الأخيرة هذه الظاهرة وتفشت في الدول الغربية حيث سهلت الوسائل الحديثة على
المحتالين ارتكاب جرائهم بسهولة ودون ترك أي أثر أو دليل وهذا ما يصعب من العمل
القضائي لأنه من الصعب العثور على هوية الجناة.
وهذه الظاهرة الخطيرة
المتمثلة في جريمة النصب تدفع بنا إلى طرح عدة إشكاليات ومن أهمها كيف يمكن تمييز
جريمة النصب عن غيرها من الجرائم الشبيهة بها وما هو الإطار القانوني لهذه الجريمة
وما هو أثرها على الجانب الاقتصادي وهل هناك سبل لمكافحتها ؟
وسنحال للإجابة على هذه
الإشكاليات اعتماد أسلوب منطقي وترتيب تسلسلي بعرضنا في الفصل التمهيدي لماهية
جريمة النصب وتمييزها عن الجرائم الشبيهة بها ،وفي الفصل الأول سنتطرق للإطار
القانوني لجريمة النصب حيث سنوضح خلاله أركان الجريمة ، أما الفصل الثاني فسنشير
إلى العقوبات المقررة قانونا لها والعقوبات التكميلية والظروف المشددة لها .وفي
الفصل الخير حاولنا حصر آثار الجريمة على المجتمع وأساليب مكافحتها والأساليب
الحديثة للنصب، ولقد دعمنا هذه المذكرة بمجموعة من الأحكام والقرارات المهمة
بالتالي فإن الخطة جاءت كالتالي:
مقدمــــــة.
الفصل التمهيدي: ماهية جريمة النصب وتمييزها
عن غيرها من الجرائم الشبيهة بها.
أولا: ما هي جريمة النصب؟
ثانيا: تميز جريمة النصب عن جريمة خيانة الأمانة.
ثالثا : تميز جريمة النصب عن
جريمة السرقة.
رابعا: التمييز بين التدليس المدني والتدليس الجنائي.
الفصل الأول : أركان جريمة النصب
المبحث الأول : الركن المادي
المطلب الأول : وسائل التدليس المختلفة
المطلب الثاني : الاستيلاء
على مال الغير والتصرف فيه
المطلب الثالث: العلاقة
السببية بين التدليس والاستيلاء على مال الغير .
المبحث الثاني : الركن المعنوي
المطلب الأول : القصد الجنائي
العام
المطلب الثاني : القصد الجنائي الخاص .
الفصل الثاني : عقوبة جريمة النصب
المبحث الأول : العقوبات الأصلية
والتكميلية لجريمة النصب وعقوبة الشروع.
المطلب الأول : العقوبات الأصلية
المطلب الثاني : العقوبات التكميلية
المطلب الثالث : عقوبة الشروع في جريمة النصب.
المبحث الثاني: الظروف المشددة
والأعذار المعفية وقيود تحريك الدعوى العمومية .
المطلب الأول: الظروف المشددة لجريمة النصب.
المطلب الثاني : الأعذار المعفية في جريمة النصب
المطلب الثالث : قيود تحريك الدعوى العمومية .
الفصل الثالث : الأساليب
الحديثة لجريمة النصب وآثارها على المجتمع وأساليب مكافحتها .
المبحث الأول : الأساليب الحديثة
لجريمة النصب .
المطلب الأول : الأساليب المستحدثة في
الدول العربية
المطلب الثاني : الأساليب المستحدثة في الدول الغربية
المبحث الثاني : آثار جريمة النصب على
المجتمع.
المطلب الأول : آثار جريمة النصب على الناحية الاقتصادية .
المطلب الثاني : آثار جريمة النصب على الناحية الاجتماعية .
المبحث الثالث : أساليب مكافحة جريمة
النصب.
المطلب الأول : دور السلطات الأمنية والتشريعية في مكافحة جريمة النصب
المطلب الثاني : دور الإعلام والفرد في مكافحة النصب.
خاتمة
الفصل التمهيدي ماهية جريمة النصب وتمييزها عن غيرها من الجرائم الشبيهة بها
أولا : تكلم قانون العقوبات عن
جريمة النصب في الجزء الثاني الكتاب الثالث الباب الثاني الفصل الثالث القسم
الثاني تحت عنوان النصب وإصدار شيك بدون رصيد .وعرف جريمة النصب من خلال نص المادة
372 من قانون العقوبات كالتالي:
" كل من توصل إلى
استلام أو تلقي أموال أو منقولات أو سندات أو تصرفات أو أوراق مالية أو ووعود او
مخالصات أو إبراء من التزامات أو إلى الحصول على أي منها أو شرع في ذلك بالاحتيال
لسلب كل ثروة الغير أو بعضها أو الشروع فيه أو باستعمال أسماء أو صفات كاذبة أو
سلطة خيالية أو اعتماد مالي خيالي أو بإحداث الأمل في الفوز بأي شيء او في وقوع
حادث أو أية واقعة أخرى او وهمية أو الخشية من وقوع شيء منها يعاقب بالحبس من سنة
على الأقل إلى 05 سنوات على الأكثر وبغرامة من 500 إلى 20.000 دج
وإذا وقعت الجنحة من شخص
لجأ إلى الجمهور بقصد إصدار أسهم أو سندات أو أذونات أو حصص أو أية سندات مالية
سواء لشركات أو مشروعات تجارية أو صناعية فيجوز أن تصل مدة الحبس إلى عشر سنوات
والغرامة إلى 200.000 دج وفي جميع
الحالات يجوز أن يحكم علاوة على ذلك على الجاني بالحرمان من جميع الحقوق الواردة
في المادة 14 أو من بعضها وبالمنع من الإقامة وذلك لمدة سنة على الأقل وخمس
سنوات على الأكثر"
ونخلص من هذه المادة إلى
أن جريمة النصب من الجرائم المادية التي يعتدي فيها الجاني على أموال الغير بالطرق
الاحتيالية التي حددها القانون بحيث يحمل المجني عليه لتسليمه المال بنية تملكه.
ومن خلال التعريف السابق
لجريمة النصب ومن مضمون المادة 372 من قانون العقوبات يتبين لنا أنه لقيام تلك
الجريمة يجب توفر ثلاثة أركان وهي : الركن
الشرعي ، الركن المادي وأخيرا الركن المعنوي أو القصد الجنائي وسنتناول كل ركن على
حدة وبتوسع في فصل مستقل وقبل ذلك نتعرض ولو باختصار إلى تمييز جريمة النصب عن كل
من جريمة السرقة وخيانة الأمانة مع الإشارة إلى الفرق بين التدليس المدني والتدليس
الجنائي.
ثانيا: تمييز جريمة
النصب عن خيانة الأمانة.
تشترك جريمة النصب مع
جريمة خيانة الأمانة في كونهما من جرائم الاعتداء على الأموال،فالجاني يتسلم المال
من المجني عليه برضاه في كليهما ،إلا أن الفرق يكمن في كون التسليم في جريمة خيانة
الأمانة يتم بموجب عقد من عقود الائتمان المنصوص عليها في نص المادة 376 من
قانون العقوبات وتعتمد على الإرادة الصحيحة والسليمة للمجني عليه والتي لا يشوبها
أي عيب من عيوب الرضا .
بخلاف جريمة النصب التي
يكون فيها رضا المجني عليه مشوب بعيب الغلط. إلى جانب ذلك فإن في جريمة خيانة
الأمانة فإن الجاني ينتهك الثقة التي وضعها فيه المجني عليه الذي نقل إليه حيازة
المال للحفاظ عليه بمجرد تسلمه للمال، بالتالي فالتسليم في جريمة خيانة الأمانة
بنقل الحيازة دون الملكية كما هو الشأن في جريمة النصب فإن الاعتداء يكون على
الملكية دون الحيازة التي ينقلها المجني عليه للجاني بتسليمه للمال.
ثالثا: تميز جريمة النصب
عن جريمة السرقة.
طبقا لنص المادة 350 من
قانون العقوبات جريمة السرقة تتحقق بنزع الشيء من حيازة المجني عليه ونقله إلى
حيازة الجاني دون علم ورضا المجني عليه عكس جريمة النصب فإن الفاعل يتلقى الشيء من
المجني عليه بإرادته غير أن رضا هذا الأخير يكون معيب ومشوب بالغلط.
إلى جانب ذلك فإن الجاني
في جريمة السرقة يعتمد على المجهود الجسماني الذي يبذل للاستيلاء على حيازة المال
المسروق بينما في جريمة النصب فإن الجاني يعتمد على المجهود المعنوي ي الذي يبذل
حتى يجعل المجني عليه يصدقه ويسلم له ماله(1).
أما الاعتداء في جريمة
السرقة فيقع على الملكية والحيازة بينما في النصب فإن الاعتداء يقع على الملكية
دون الحيازة كون هذه الأخيرة ينقلها المجني عليه للجاني بتسليمه للمال .
رابعا: التمييز بين
التدليس المدني والتدليس الجنائي
يشترك كل من التدليس
المدني والتدليس الجزائي في كونهم يجعلان إرادة ورضا المجني عليه مشوبة بعيب من
عيوب الرضا.غير أنهما يختلفان عن بعضهما كون التدليس المدني يتمثل في الكذب أو
السكوت العمدي الذي يدفع بالمتعاقد الآخر للوقوع في الغلط ولو كان يعلم به لما كان
ليبرم العقد طبقا لنص المادة 86 من ق م بالتالي فإن القانون المدني يكتفي
بالسكوت العمد عن واقعة أو ملابسة لإعطاء الطرف الذي تم خداعه الحق في المطالبة
ببطلان العقد،غير أن التدليس الجزائي لا يكتفي المشرع لقيامه على السكوت العمد عن
واقعة بل حصر في نص المادة 372 ق ع الطرق
التدليسية بالتالي:
فكل استيلاء على مال
الغير يتم بغير الطرق التدليسية المحددة في نص تلك المادة فلا يعد نصبا (2)
(1) أحمد بسيوني أبو روس "جريمة النصب"
ص 04
(2) نفس المرجع السابق ص 06
إلى جانب ذلك فإن
التدليس المدني يختلف عن التدليس الجزائي من حيث الجزاء ،فالقانون المدني رتب على
التدليس المدني جواز إبطال العقد من طرف المتعاقد المدلس أما القانون الجزائي فرتب
على ذلك عقوبات جزائية تتمثل في الحبس والغرامات بالتالي فهو لا يكتفي بإعادة
الحال إلى ما كان عليه قبل إبرام العقد كما هو في القانون المدني .
من خلال استقرائنا لنص
المادة 372 ق ع نخلص الى انه لاكتمال جريمة النصب يجب توفر مجموعة من
الأركان وهي الركن المادي والركن المعنوي.
فأما الركن المادي فيحوي
ثلاثة عناصر وهي أولا : استعمال وسائل تدليسية ،ثانيا سلب مال الغير ،ثالثا وأخيرا
العلاقة السببية بين و وسيلة التدليس وسلب مال الغير (1) أما
الركن المعنوي فيتكون من القصد الجنائي العام والقصد الجنائي الخاص (2) وهذا ما سنتعمق في دراسته من خلال المبحث
الأول الثاني .
المبحـث الأول
الركن المادي
كما ذكرناه سابقا فإن
الركن المادي لجريمة النصب يشمل ثلاثة عناصر طبقا لنص المادة 372 من قانون
العقوبات وهي :
1. نشاط إيجابي صادر عن الجاني ويتمثل في استعمال وسيلة من
الوسائل التدليسية.
2. نتيجة جرمية تتمثل في سلب مال الغير .
3. العلاقة السببية بين النشاط الإيجابي والنتيجة الجرمية .
المطلب الأول: استعمال
الوسائل التدليسية
إن المشرع الجزائري حصر
من خلال نص المادة 372 ق ع الوسائل التدليسية لكن عند استقرائنا للنص
باللغة الفرنسية نجده يختلف عن نظيره بالغة العربية إذ النص بالغة العربية جاء
كالآتي " كل من توصل إلى استلام......لسلب كل ثروة الغير أو بعضها أو
الشروع فيه إما باستعمال أسماء أو صفات
كاذبة أو سلطة خيالية أو
اعتماد مالي خيالي أو بإحداث أمل في الفوز بأي شيء أو في وقوع حادث
أو أية واقعة أخرى وهمية
أو الخشية من وقوع شيء منها يعاقب بالحبس......"
(1) د/احسن بوسقيعة "
الوجيز في القانون الجزائي الخاص " الجزء الأول ص 314
(2) طعن رقم 1575 سنة
42جلسة 19/02/1983 ص 226 عن د أحمد أبو الروس " أركان جريمة النصب "
المادة 336 ق ع " من المقرر أن جريمة النصب كما هي معرفة في المادة 332 من
قانون العقوبات تتطلب لتوافرها أن يكون ثمة احتيال وقع من المتهم على المجني عليه
بقصد خداعه والاستيلاء على ماله فيقع المجني عليه ضحية الاحتيال الذي يتوافر
باستعمال طرق احتيالية أو باتخاذ اسم كاذب أو بانتحال صفة غير صحيحة أو بالتصرف في
مال الغير ممن لا يملك التصرف"
الفصــــــل الأول أركان جريمــــــــة النصب
أما صياغة النص باللغة
الفرنسية فجاء كالآتي :
« Quiconque soit en faisant
usage de faux noms ou de fausses qualités , soit en
employant des manœuvres frauduleuses pour persuader l’existence de fausses entreprise, d’un
pouvoir au d’un crédit imaginaire, ou pour faire naître l’espérance ou la crainte d’un succès, d’un accident ou
de tout autre événement chimérique. »
وحسب رأي الأستاذ بوسقيعة
فإن الصياغة السليمة تكمن في النص باللغة الفرنسية والتي تكون كالتالي " كل
من توصل إلى استلام أو تلقي أموال .....وكان ذلك بالاحتيال لسلب كل ثروة الغير أو
الشروع فيه إما باستعمال أسماء أو صفات كاذبة وإما باستعمال مناورات احتيالية
لإيهام الغير بوجود سلطة خيالية أو اعتماد مالي خيالي أو لإحداث الأمل في الفوز
بأي شيء أو الخشية من وقوع حادث أو أية واقعة أخرى وهمية ....." (1)
وبالمقارنة بين النصين
نلاحظ أن النص بالغة العربية لا نجد فيه لفظ manœuvres frauduleuses أي المناورات الاحتيالية،وحسب
رأينا فإن النص باللغة الفرنسية أوضح وأدق, وتبعا لذلك فإن النصب لا يقوم إلا إذا
استعمل الجاني لأحد ا لوسائل التدليسية التالية طبقا لنص المادة 372 ق ع
وهي :
1. استعمال أسماء أوصفات كاذبة usage de faux noms ou de fausses qualités
2. استعمال المناورات الاحتيالية usage des manœuvres
frauduleuses
ا ولا:
استعمال أسماء أو صفات كاذبة
يكمن الركن المادي
لجريمة النصب في هذه الحالة في اتخاذ الجاني أسماء أو صفة كاذبة ولو لم يصحب ذلك استعمال
مناورات احتيالية بالتالي فادعاء الجاني لاسم كاذب أو صفة كاذبة كافية في حد ذاته
لقيام جريمة النصب دون الحاجة إلى أن تصحبه أفعال أو مظاهر خارجية (2)
(1) د/ أحسن بوسقيعة المرجع السابق ص 313
(2) طعن رقم 15سنة 14 ق
جلسة 28/02/1944 (نقض مصري) عن د أحمد بسيوني أبو الروس المرجع السابق ص
122.ادعاء الصفة الكاذبة كاف وهذه لتوفير ركن الاحتيال دون الحاجة إلى أفعال
خارجية أو مظاهر احتيال أخرى تعزز هذا الادعاء " عن اتخاذ صفة غير صحيحة هو
من ضروب الاحتيال الذي تتكون منه جريمة النصب ولو لم يكن مقرونا بطرق احتيالية
أخرى فاتخاذ المتهم صفة تاجر وحصول ه بناء على ذلك على جهازات الراديو الذي نتطلب
المادة 332 ق ع لن ذلك يعد اتخاذ لصفة غير
صحيحة هو انتحال لقب أو وظيفة أو مهنة أو قرابة أو مما شابه ذلك"
لأنه مجرد اتخاذ الجاني
لاسم أو صفة كاذبة يحدث أثرا نفسيا لدى المجني عليه فيدفعه لتصديقه لأنه من الصعب
التأكد من صحة ذلك الادعاء كون العادة جرت على عدم طلب الأشخاص ممن يتخذ اسم أو
صفة أن يقوم بتقديم ما يثبت صحة ادعائه (1)
مثال على ذلك أن يدعي
شخص أنه طبيب أو قاضي فلا يمكن مطالبته بشهادة تؤكد أو تثبت صحة ادعائه ولا يهم إن
كان الادعاء شفاهي أو كتابي وفي الحالة الأخيرة نكون أمام جريمتين : جريمة التزوير
وجريمة النصب في نفس الوقت .
ويشترط في الادعاء باسم
كاذب أو صفة كاذبة أن لا يكون واضح الكذب إلى درجة يكون فيها من السهل على المجني
عليه اكتشافها وبالتالي لو سلم هذا الأخير ماله فلا تقوم جريمة النصب مثال على ذلك
أن يدعي شخص سيء الهيئة أنه عون من إدارة الضرائب ويطلب من صاحب محل تجاري أداء
مبلغ مالي على سبيل رسم مستحق الدفع (2)
ويشترط لقيام جريمة
النصب أن يقوم الجاني بفعل إيجابي عند استعماله لاسم كاذب أو صفة كاذبة فبمجرد
الامتناع أو اتخاذ موقف سلبي يؤدي بالغير إلى الاعتقاد أن شخص ما فيه صفة أو اسم
ليس له فسلمه مبلغ من المال فلا يعد في هذه الحالة مرتكب لجريمة النصب , وسنتعرض
بتمعن لشرح المقصود بالاسم والصفة الكاذبة .
أولا : اتخاذ اسم كاذب usage d’un faux
nom
تتم جريمة النصب في هذه
الحالة بانتحال الجاني اسم غيره في تعامله مع الغير حيث ينخدع فيه هؤلاء فيصدقون
مزاعمه فيدخل الاطمئنان في أنفسهم ., وتحت تأثير تلك الشخصية
المفتعلة يسلمون له أموالهم و في هذه
الحالة من الصعب اكتشاف حقيقته (3)
ويتمثل استعمال الاسم في
أن يتخذ شخص لنفسه اسم أو لقب سواء كان للغير أو كان خياليا لا وجود له أو كان
لشخص وهمي أو خيالي ،سواء كذب في الاسم كله أو في بعضه فقد يغير لقبه ويبقي على
اسمه أو يغير الاثنين معا .
(1) أ . بهنام رمسيس "
قانون العقوبات القسم الخاص الجرائم المضرة بالمصلحة العمومية " ص1869
(2) أحمد بسيوني أبو
الروس, المرجع السابق ,ص 50
(3) طعن محكمة النقض
المصرية رقم 05 سنة 6 ق جلسة 03/02/1932
عن أحمد بسيوني أبو الروس ،المرجع السابق
ص 119 " توفر ركن الاحتيال بتسمي الجاني باسم كاذب دون حاجة إلى الاستعانة
بأساليب احتيال أخرى "
" يكفي لتكوين
جريمة النصب أن يتسمى الشخص الذي يريد سلب مال الغير باسم كاذب يتوصل به إلى تحقيق
غرضه دون حاجة إلى الاستعانة على إتمام جريمته بأساليب احتيالية أخرى "
لكن إن استعمل الشخص اسم
الشهرة ولم يستعمل اسمه الحقيقي أو استعمل اسمه الحقيقي ولم يكن معروفا به فلا
يعتبر مستعملا لاسم أو لقب كاذب بالتالي فلا تقوم جريمة النصب.
ثانيا: اتخاذ صفة كاذبة usage d’une fausses
qualité
اختلف الفقهاء حول مفهوم
الصفة المقصود بها في جريمة النصب فانقسم إلى فريقين فرأي يذهب إلى القول بان
الصفة الكاذبة نقصد بها ادعاء شخص مؤهلات أو ووظيفة أو مهنة ليست له وانتقد هذا
الرأي كونه لا يشمل على كل الحالات .
أما الفريق الثاني يرى
أن الصفة الكاذبة هي انتحال وصف تنبع منه الثقة ويعطي معنى الائتمان ويؤكد القدرة
على الدفع .وانتقد هذا الرأي كونه يدخل في الصفة حالات أخرى لا تدخل في مفهوم
الصفة الكاذبة في القانون الجنائي كالادعاء بالدائنية أو الملكية فهي لا تدخل في
الصفة الكاذبة بمفهوم القانون الجنائي المكونة لجريمة النصب (1).
وتبعا لذلك فإن الرأي
الراجح هو القائل بأن الصفة هي تلك التي تجعل المتهم محل ثقة وائتمان لدى المجني
عليه سواء كانت هذه الصفة وظيفة أو مهنة أو قرابة عائلية أو مصاهرة ،ولقد قضي في
فرنسا على أن استعمال شخص لصفة لم تعد موجودة لدى صاحبها يعد مرتكبا لجريمة النصب (2)
وسنستعرض فيما يلي لبعض حالات
اتخاذ الصفة الكاذبة.
أ – الادعاء بالعمل في وظيفة معينة
كأن يدعي شخص أنه موظف
هام في إحدى الوزارات وهو في الحقيقة لا يرقى سوى أن يكون موظف بسيط (3) أو
ادعاء شخص أنه محام أو طبيب أو مهندس أو قاضي كادعاء الجاني أنه قاضي تحقيق (4)
أو أنه ضابط في الجيش أو عون من أعوان الضرائب لتحصيل أموال الضرائب أو
أنه عون من أعوان الجمارك (5)
(1) بهنام رمسيس المرجع السابق ص2005
(2) د/ أحسن بوسقيعة المرجع السابق
ص 315
(3) أحمد بسيوني أبو الروس المرجع السابق ص 118
(4) قرار المحكمة العليا تاريخ
10/01/1984 مج قضائية عدد 02 سنة 1989 ص 289
(5) طعن رقم 1075سنة 20ق جلسة
22/01/1951 (نقض مصري ) عن د أحمد بسيوني أبو الروس المرجع السابق ص 124ادعاء
المتهم أنه ضابط مباحث وتقديمه للمجني عليه بطاقة شخصية أيد بها هذا الادعاء بعد
اتخاذ صفة غير صحيحة " من كان الحكم قد أثبت على المتهم ادعاءه بأنه ضابط
مباحث وتقديمه للمجني عليه بطاقة شخصية مزورة يؤيد بها هذا الادعاء الكاذب مما
انخدع به المجني عليه وسلمه المبلغ الذي طلبه فإنه يكون قد بين بما فيه الكفاية
ركن الاحتيال في جريمة النصب باتخاذه صفة غير صحيحة"
ب – الادعاء بوجود قرابة عائلية :
يقصد به ادعاء شخص أنه
قريب أو صهر لشخصية معروفة أو ثرية فيكون محل ثقة من طرف الغير فيسلمه المجني عليه
ماله معتقدا منه أن الجاني قادر على الوفاء بما استلمه مثال ذلك أن يدعي الحاني
أنه ابن أو زوج أحد الأثرياء فيتوصل بذلك إلى الحصول على مال المجني عليه
والاستيلاء عليه.
جـ - الادعاء بالحصول على شهادة علمية أو شرفية :
مثال ذلك من يدعي أنه متحصل على شهادة دكتوراه دولة أو
وسام شرفي للحصول على مال المجني عليه والاستيلاء عليه بزرع الثقة في نفسية المجني عليه عن طريق
اتخاذه لصفة محترمة بين الناس .
د – الادعاء بوجود علاقة قانونية :
كمن يدعي أنه وكيل عن
شخص فيتحصل بذلك على كل ماله (1) ومن يدعي مثلا صفة تجعله يستفيد من مساعدات اجتماعية كمن يدعي أنه عاطل عن العمل فيستفيد
من المساعدات الاجتماعية ، أو من يدعي جنسية بلد ما للحصول على الامتيازات
الممنوحة من ذلك البلد (2) .
بالمقابل هناك حالات
تكتمل فيها أركان جريمة النصب و هي:
1- ادعاء شخص أنه دائن
لشخص آخر بمبلغ من المال و ذلك للحصول على قرض من الغير ولم يدعم ذلك بأي وسيلة من
الوسائل التدليسية
2- الادعاء بملكية عقار و
القيام ببيعه للمجني عليه و قبض العربون منه فهذا لا يعد نصب كون المجني عليه كان
يجب عليه التأكد من صحة أقوال الجاني عن طريق الإطلاع على البطاقة العقارية الخاصة
بالعقار لدى المحافظة العقارية.
(1) طعن رقم 40 سنة 2ق جلسة 28/12/1931 (نقض مصري) عن أحمد بسيوني أبو الروس ص 118. ادعاء الوكالة
كذبا عن شخص اتخاذ لصفة كاذبة " ادعاء الوكالة كذبا عن شخص يعد اتخاذ لصفة
كاذبة ولو أن بعض الأحكام جرت على أن ادعاء حالة قانونية أو علاقة تكسب حقا
قانونيا لا يكون صفة كاذبة إلا أن أغلب الأحكام قد استثنت بالذات ادعاء الوكالة
وعينت على الأخص حالة من يذهب لزوجة آخر ويدعي كذبا أنه كلف بأخذ أشياء منها
لتوصيلها إليه فإذا ذهب شخص إلى امرأة وادعى أنه موفد من قبل زوجها لأخذ شيء عينه
لها فصدقته وأعطته إياه ، أعتبر هذا الشخص متخذا لصفة غير صحيحة و حق عقابه بمقتضى
المادة 293ع "
(2) بهنام رمسيس
المرجع السابق ص2
في الأخير يمكن الإشارة إلى إساءة استعمال صفة
حقيقية abus de qualité vraie
مثال ذلك : والي له أراضي فلاحية زراعية فيقوم بالادعاء أمام صندوق التأمينات
الفلاحية أن زرعه أصيب بالإتلاف نتيجة مرض أو أتلف نتيجة حريق و أنه تضرر من جراء
ذلك ، ونظرا لمركزه الهام والحساس فإن
صندوق التأمينات الفلاحية يصدق أقواله ولا يقوم بالتأكد من صحة تلك الادعاءات
فيمنح تعويضات مقابل الضرر الذي أصابه فهل يعد هذا نصبا؟
القضاء الفرنسي اعتبر
ذلك من الطرق الاحتيالية بالتالي يعد نصبا لأن إساءة استعمال الصفة الحقيقية يعد
مظهرا من مظاهر الخارجية المرافقة للكذب أما القضاء الجزائري فلم يفصل في هذه
المسألة بعد.
الفرع الثاني:استعمال
المناورات الاحتيالية usage des manœuvres
frauduleuses
إلى جانب استعمال الجاني لأسماء و صفات كاذبة
كوسيلة من الوسائل التدليسية نجد نوع آخر ويتمثل في المناورات الاحتيالية les manœuvres frauduleusesفماذا نعني بالمناورات
الإحتيالية وما الهدف من استعمالها.
أولا: مفهوم المناورات
الاحتيالية:
لم يضع القانون تعريفا
جامعا مانعا للمناورات الاحتيالية لأنه عمليا لا يمكن الإلمام بها جميعا لكن الفقه
حاول وضع تعريفا لها وأجمع على أن المناورات الاحتيالية التي يلجأ إليها الجاني
للاستيلاء على مال المجني عليه يكون قوامها الكذب و المتمثل في الادعاءات و
الأقاويل الكاذبة لكن هذه الأخيرة لا تكفي وحدها لقيام المناورات الاحتيالية (1)
حتى لو كان كتابي أو كرره الجاني بين الناس عن طريق الدعاية بالتالي فلا يعاقب على
مجرد الكذب لوحده سواء كان كتابيا أو شفهيا . لهذا يجب أن يكون الكذب مصحوبا
بمظاهر خارجية كاستعانة الجاني بالغير لتأييد أقواله أو القيام بأعمال مادية و
الاستعانة بأوراق أو كتابات غير صحيحة أو أي شيء آخر.
فالجاني في جريمة النصب
شبيه بالممثل المسرحي الذي ينشد من خلال ذلك إلى جلب انتباه المجني عليه لكسب ثقته
بخداعه و الاستيلاء على أمواله (2)
(1) طعن رقم 2419 سنة 2ق
جلسة 21/10/1932 (نقض مصري) عن . أحمد بسيوني أبو الروس . المرجع السابق ص 85. عدم
بلوغ الكذب مبلغ الطرق الاحتيالية إلا إذا اصطحب بأعمال خارجية أو مادية تحمل على
الاعتقاد بصحته
" يبلغ الكذب مبلغ
الطرق الاحتمالية إذا اصطحب بأعمال خارجية أو مادية تحمل على الاعتقاد بصحته .
فعسكري البوليس الذي يستولي بعد تنفيذه حكما شرعيا على مبلغ من المال من شخص
بايمانه بضرورة دفع رسم تنفيذ لهذا الحكم يحق عليه العقاب بمقتضى المادة 293من قا
ع"
(2) د محمد صبحي نجم "
شرح قانون العقوبات الجزائري القسم
الخاص" ط1990 ص 143
كما قلنا سابقا فالمظاهر
الخارجية لا تكمن فقط في الأقوال بل تتعدى ذلك إلى الأفعال المادية وهذه الأفعال
تعد مظاهر كاذبة لتأييد أقوال الجاني من خلال كل ما ذكرناه يتضح أن المظاهر
الخارجية تكمن في:
أ- استعانة الجاني بالغير
لتأييد أقواله
ب- استعانة الجاني بأشياء
تصلح كدليل لتأكيد و تدعيم صحة أقواله
أ- استعانة الجاني
بالغير لتأييد أقواله:
قد يلجأ الجاني عند
استخدامه للوسائل الاحتيالية لتدعيم مزاعمه إلى شخص ثالث يتولى مهام إضفاء الصحة
على أقواله وذلك بأقوال أو أفعال يؤكد فيها ادعاءاته لدى المجني عليه فيدفع به إلى تصديق مزاعم
الجاني معتقدا أن الطرف الثالث لا تربطه علاقة بالجاني وأنه يريد الخير للمجني
عليه لكن لتحقيق ذلك يجب توفر شرطين:
الشرط الأول: يجب أن يأتي الشخص
الثالث أي المتدخل بشيء جديد يضيفه إلى أقوال الجاني حتى تضفي عليها نوعا من الثقة
(1)
فأقوال الشخص المتدخل
يجب أن تدعم بأقوال الجاني وتكون صادرة من شخصه هو.
حيث تدفع بالمجني عليه
إلى الوثوق بكافة أقوال الجاني وتصديقه وحمله على تسليم أمواله له، لكن لا تقوم
الطرق الاحتيالية إذا كانت أقوال المتدخل سوى ترديدا وتكرارا لأقوال الجاني دون
تدعيمها من جانبه ولا تضيف شيئا للمزاعم الكاذبة التي أدلى بها الجاني.
كالرسول الذي يتمثل دوره
في نقل رسالة الجاني، فالرسول هنا عبارة عن همزة وصل بين الجاني والمجني عليه سوءا
كان موظفا لديه أو وكيلا عنه، فالقانون في هذه الحالة لا يحمي المجني عليه كونه
أسرع في تصديق أكاذيب الجاني التي أوصلها له الرسول لكن الوضع يتغير في حالة تدخل
الرسول بأقوال غير أقوال الجاني ودعمها بمعلومات وأقوال تعطي الكذب قوة إقناع مثال
ذلك المحامي الذي يؤيد أقوال موكله والمخبر الذي يؤكد صحة تقرير الخبرة والمعلومات
التي جاءت فيه. فكل هذه المعطيات تدخل الاطمئنان في نفس المجني عليه وتدفعه إلى
الثقة بالجاني(2)
(1) بهنام رمسيس المرجع السابق ص2230
(2) د محمد صبحي نجم المرجع السابق
ص 145
الشرط الثاني: يجب أن يكون تدخل الغير
بناء على طلب الجاني بنفسه وبسعي منه فإن تدخل الغير من تلقاء نفسه دون سعي من
الجاني فهذا لا يكفي لقيام المناورات الاحتيالية بالتالي يجب أن يكون الجاني هو من
دفع بالشخص الثالث للتدخل لتأييد صحة أقواله(1) ويكون ذلك في
حالتين:
الحالة1: تواطأ الجاني واتفاقه
مع الشخص الثالث أي المتدخل للقيام بذلك الدور حتى يتوصل إلى إيقاع المجني عليه في
الغلط في هذه الحالة يسأل المتدخل كمساهم للمحتال أي شريك له.
الحالة2: قيام الجاني بخداع
المتدخل بأقواله لدفعه إلى تأييد مزاعمه لإيقاع المجني عليه في الغلط ففي هذه
الحالة يعد المتدخل ضحية الجاني لأنه هو الآخر وقع أيضا في الغلط إلى جانب المجني
عليه فلا يسأل جزائيا بل يسأل الجاني وحده( 2)
طرق تدخل الشخص الثالث
متعددة اما بحضور المتدخل مع الجاني لتأييد أقواله ويكون ذلك عن طريق الكتابة حيث
يقوم المتدخل بإرسال رسالة للمجني عليه لإقناعه بمزاعم الجاني وقد يكون عن طريق
استشهاد الجاني بورقة أو سند صادر عن المتدخل رغم عدم حضوره ولا يهم إن كان الشخص
المتدخل حقيقي أو وهمي. وقضت محكمة النقض المصرية أنه يشترط لوقوع النصب بطريق
الاستعانة بشخص آخر على تأييد الأقوال والادعاءات الكاذبة أن يكون الشخص الآخر قد
تدخل بمسعى الجاني وتدبيره وإرادته لا من تلقاء نفسه بغير طلب أو اتفاق وأن يكون
تأييد الآخر في الظاهر لادعاءات الفاعل تأييدا صادرا عن شخصه هو لا مجرد ترديد
لأكاذيب الفاعل....(3)
(1) طعن رقم 1288 سنة ق جلسة
20/05/1935 (نقض مصري) عن /أحمد بسيوني أبو الروس المرجع السابق ص 86"تأييد مزاعم المتهم بتدخل شخص آخر كاف
لعدة من الطرق الاحتيالية التي تقوم عليها جريمة النصب " إذا أخذ قرار قاضي
الإحالة بالوقائع التي تضمنها و صف التهمة المقدمة من النيابة فيما يتعلق بجريمة
النصب ومن هذه الوقائع " أن المتهم الثاني أيد المتهم الأو ل فيما أوهم به
المجني عليه من انه قادر على استرداد مواشيه المسروقة "فلا يصح بعد هذا أن
يصور القرار الواقعة على أنها مجرد وعد كاذب من المتهم الأول باستحضار المواشي لا
يكفي وحده لتكوين جريمة النصب ما دام لم يصطحب بأي نوع من طرق الاحتيال يحمل
المجني عليه على تصديق هذا الادعاء ،ذلك بان هذا الوعد الصادر من المتهم الأول قد
صحبه توكيد من المتهم الثاني بصحة مزاعم المتهم الأول وتأييد لما ادعاه من القدرة
على رد المواشي المسروقة ،ومثل هذا التوكيد يعتبر قانونا من قبل الأعمال الخارجية
التي تساعد على حمل المجني عليه على تصديق المتهم فيما يزعمه من الادعاءات وبهذه
الأعمال الخارجية يرقى كذب المتهم إلى مرتبة الطرق الاحتيالية التي تقوم عليها
جريمة النصب "
(2) بهنام رمسيس المرجع السابق ص2300
(3) طعن رقم 5855 سنة 1983 تاريخ 18/01/1983
كما قضت " أن إساءة
الموظف استعمال وظيفته خصوصا إذا استعان بشخص آخر على تأييد أقواله وادعاءاته
المكذوبة وتدخل هذا الأخير لتدعيم مزاعمه يعتبر من قبل الأعمال الخارجية التي
تساعد على حمل المجني عليه إلى تصديق الادعاءات وبهذه الأعمال الخارجية يرقى الكذب
إلى مرتبة الطرق الاحتيالية الواجب تحققها في جريمة النصب " (1)
2- اتفاق الجاني مع شخص
آخر للتظاهر بإفلاسه وحمل الغير على الاعتقاد أن أمواله ستباع بالمزاد العلني وعند
افتتاح المزاد يتدخل الغير في المزايدة لرفع الأسعار وليس للشراء حتى يرسو المزاد
على المجني عليه فيشتري بثمن باهض.
ب- استعانة الجاني
بأشياء تصلح كدليل لتأكيد وتدعيم صحة أقواله:
تدخل ضمن مظاهر الخارجية
التي يستعين بها الجاني لتدعيم أكاذيبه استعانته بأشياء تصلح كدليل للإقناع وتكمن
في بعض التصرفات المادية أو ظروف أخرى مستقلة عن الكذب والمؤيدة له وهي متعددة ومن
غير الممكن حصرها وسنذكر البعض منها .
1- اتحاد مظهر خارجي: وتكمن هذه الصورة في
اتحاد الجاني لمظهر خارجي يوحي من خلاله أنه من أصحاب الأموال والشركات فيرتدي
الملابس الفاخرة ويقود سيارات فخمة وينزل في فندق 5 نجوم أو يسكن فيلا كبيرة فيدفع
الغير إلى تصديق ما يدعيه وحمله إلى تسليم أمواله له.
أو ظهور امرأة بهيئة
ثراء وذلك بارتدائها لحلي زائف لإيهام الغير بوجود مشروع ضخم وناجح وتدعم ذلك
بعرضها لعينات من بضاعة تزعم أنها متوفرة في مخازنها فتوهم المجني عليه أن هذا
المشروع سيدر عليها بربح طائل فتتوصل بذلك إلى الاستيلاء على ماله وهذا يعد نصبا.
2- الاستعانة بأوراق غير
صحيحة: كأن يدعي شخص بأنه يبيع بضاعة غالية الثمن ويستعين لدعم
مزاعمه بأوراق غير مطابقة للحقيقة وبعد دفع المشتري للثمن يتضح أن تلك البضاعة لا
تساوي الثمن المدفوع من طرف المجني عليه أي المشتري فهذا يعد نصبا(2)
(1) طعن رقم 118 تاريخ 20/06/1971
(2) طعن رقم 202 سنة 7 ق
جلسة 25/01/1937 (مصر) عن أحمد بسيوني أبو الروس المرجع السابق ص 87.توفر ركن
الاحتيال باستعانة الجاني في تدعيم مزاعمه بأوراق أو مكاتيب ظاهرها يفيد أنها
صادرة من الغير بغض النظر عما إذا كان
لهذا الغير وجود أم لا " إن مجرد تقديم سند مزور إلى الحارس المعين على أشياء
محجوزة والتوصل بذلك إلى الاستيلاء عليها منه يكفي قانونا لتحقيق ركن الاحتيال في
جريمة النصب بإيهام الحارس بهذه الطريقة بوجود واقعة مزورة ،والقول بانعدام هذا
الركن استنادا إلى أن الحارس كان في مقدوره التحقق من صحة السند هو دفع
موضوعي لا يصح عرضه على محكمة النقض"
أو كعرض شخص أرضا للبيع
فيقوم بمرافقة المجني عليه أي المشتري إلى موقع جيد لمنطقة تجارية مثلا ويحمل معه
خرائط وأدوات قياس ومستندات الأرض وبعد الشراء يتبين للمجني عليه أن الأرض التي
اشتراها ليست تلك التي شاهدها وأن هذه الأخيرة تقع في مكان بعيد وقيمتها أقل بكثير
من الثمن الذي دفعه.
3- استغلال صفة حقيقية: تعد الصفة الحقيقية
للجاني من المظاهر الخارجية التي تدعم المزاعم الكاذبة للجاني ويشترط في ذلك أن
تكون الصفة التي ظهر بها الجاني حقيقية وليست منتحلة لأن انتحال الصفة صورة من صور
الركن المادي لجريمة النصب.
والصفة المقصود بها
كمظهر خارجي هي تلك الصفة التي يتمتع بها الجاني والتي لها علاقة بعمله وعلى النحو
الذي يسمح له بالاتصال بالغير وتسهل عملية تصديق هؤلاء للمزاعم الكاذبة التي
يدعيها الجاني للتوصل إلى الاستيلاء على أموالهم لأن وجود تلك الصفة توحي للآخرين
أن صاحبها صادق في ادعاءاته وأن اكتشاف الحقيقة صعب في هذه الحالة لمن يتعامل مع
الجاني من خلال هذه الصفة.
مثال ذلك أن يستولي ممرض
في المستشفى على مبلغ من النقود من أهل المريض زعما منه أنه قام بشراء دواء للمريض
من حسابه الخاص أوكأن يوهم موظف أحد الأشخاص أن عليه دفع رسم مستحق للدولة فيستولي
عليه أو أن يقوم إمام مثلا بإيهام امرأة على انه قادر على إرجاعها إلى بيت زوجها
لدى طردها وذلك بصلواته ودعواته مقابل تلقيه لمبلغ من النقود
وكما ذكرناه فإن نشاط
الجاني في هذه الحالة لم يقتصر على الأكاذيب لوحدها بل دعم ذلك باستغلاله لصفته
الحقيقية التي دفعت بالمجني عليه إلى تصديقه ووضع الثقة فيه.
4- النشر في الصحف: اعتبر القضاء الفرنسي
النشر في الصحف والجرائد يشكل مظهرا خارجيا في ذاته كونه يدعم أقوال الجاني.
مثال ذلك أن يقوم الجاني
بالنشر في الصحف على مناصب عمل في شركة ويدعي أنه مدير تلك الشركة، فيوزع على
المهتمين بذلك جدول يبين فيه طبيعة عمل شركته الوهمية وينشر ذلك باستخدام
الإعلانات في التلفزيون والإذاعة فإذا حصل بهذه الطريقة على مال الغير يعد مرتكبا
لجريمة النصب لأن نشر تلك الأكاذيب وإذاعتها بين الناس تجعل الكثير منهم يصدقونها
لأن الناس تصدق ما ينشر علنيا.(1)
(1) بهنام رمسيس المرجع السابق ص2350
5-
أعمال العلاج بالشعوذة: ويكون ذلك عن طريق إعلان الجاني للغير أنه يعالج
الأمراض المستعصية والخفية ويسهل الحمل، ويوهم الناس بذلك عن طريق اتصاله بالجن(1)
وارتدائه لألبسة غريبة
واستعماله للبخور وبعض الأصوات الغريبة وكتابة الأحجية بخط ولغة غريبة غير مفهومة
ويخاطب الجن وكل ذلك لحمل الغير على اللجوء إليه لقضاء حاجتهم مقابل دفع مبالغ من
الأموال فهنا تقوم جريمة النصب بكافة أركانها(2)
6- الكذب البسيط: simple mensonge
لا يعتبر الكذب البسيط
وسيلة احتيالية بمفهوم م 372 ق ع وقضت محكمة النقض المصرية بأنه لا يعد
نصبا:
* تسليم شخص نقودا لامرأة
وعدته كذبا بالزواج منه
* واقعة تسليم عقد توثيقي
على سبيل الضمان
* تصريح شخص انه يحوز سلع
وتحصل على جزء من الثمن من قبل الشخص الذي يشتريها مقابل تسليم فاتورة.(3)
ثانيا: غاية الطرق أو المناورات الاحتيالية:
استعمال الجاني للمناورات الاحتيالية لا يعد
كافيا لقيام جريمة النصب بل يجب إضافة إلى ذلك أن تكون الغاية من استعمالها تحقيق
غرض من تلك الأغراض المذكور في نص المادة 637 ق ع وهي :
1 - إيهام الناس بوجود مشاريع كاذبة:
نقصد بمصطلح الإيهام إيهام الشخص العادي ذا درجة
مألوفة من الذكاء أي الشخص المتوسط الذكاء لأنه يفترض لأي شخص عادي اتخاذ الحيطة
والحذر في تعامله مع الغير( 4)
(1) طعن رقم 114 سنة 12 ق
جلسة 13/04/1942 (مصر) عن د/ أحمد بسيوني أبو الروس المرجع السابق ص 93 تظاهر
المتهم باتصاله بالجن والتخاطب معهم واستخدامهم في أغراضه واتخاذه لذلك عدة من
كتابات يتوفر فيه ركن الاحتيال." إن ركن الاحتيال في جريمة النصب لا يتوافر
فقط باستعانة الجاني في تأييد أكاذيبه على المجني عليه بأشخاص آخرين أو بمكاتيب
مزورة بل هو يكون متوافرا كذلك إذا استعان الجاني بأي مظهر خارجي من شأنه أن يؤيد
مزاعمه، فإذا تظاهر المتهم باتصاله بالجن والتخاطب معه واستخدامه في أغراضه واتخذ
لذلك عدة كتابات وبخور، ثم اخذ يتحدث إلى بيضة ويرد على نفسه بأصوات مختلفة ليلقي
في روع المجني عليهم أنه يتخاطب مع الجن حتى يحصل
بذلك منهم على مالهم بدعوى مساعدتهم في قضاء حاجتهم فإنه يعد مرتكبا لجريمة
النصب "
(2) د محمد صبحي نجم المرجع السابق ص 146
(3) محكمة النقض 23/ يونيو 1883
(4) د محمد صبحي نجم المرجع السابق ص 148
أما المشروع فنقصد به أمرا يتطلب التنظيم وتظافر
الجهود والتخطيط لإنشائه وسواء كان المشروع صناعي، تجاري، مالي، زراعي، اجتماعي أو
خيري(1)
مثال ذلك إيهام شخص
بوجود شركة أو نقابة أو جمعية خيرية أو محل تجاري ولا يشترط أن يكون هذا المشروع
خيالي لا وجود له بل يمكن أن يكون ما يدعيه الجاني فيه جزءا من الحقيقة لكن لا
يحقق الربح الذي صرح به كذبا بالتالي فإن المناورات الاحتيالية تتوفر في هذه
الحالة.
مثال أخر أن يذاع بين
الناس ويوزع منشور يعلن عن وجود شركة تأمين غير أن الدولة رفضت اعتماد هذه الشركة
فقام أشخاص بتأمين أموالهم لديها.
أو كما لو أعلن الجاني
عن مؤسسة تجارية تحمل اسمه وسجلها بصفة قانونية وحصل على بضائع من شركة أخرى
،وتبين بعد ذلك أن تلك المؤسسة ليست سوى محل تجاري صغير حيث لو علم المجني عليه
بحجم المشروع الحقيق لما تعامل معه.
ولقد توسع القضاء
الفرنسي في مفهوم المشروع الكاذب إذ اعتبر عملية شحن سفينة بحجارة بدل البضاعة
لإغراقها للحصول على التعويض من شركة التأمين يعد بمثابة مشروع كاذب بالنسبة
للمجني عليها شركة التأمين .
2- الإيهام بوجود سلطة خيالية :
الإيهام بوجود سلطة خيالية
يقصد بها انساب الجاني لنفسه سلطة أو وضعية أسرية سواء كانت السلطة فعلية أو روحية
(2) كمن يدعي قدرته على معالجة بعض الأمراض الخطيرة عن طريق
اتصاله بالجن أو كأن يستلم الجاني مبلغ من المال من المجني عليه قصد دفعه لموظف
يعمل في القنصلية قصد الحصول على تأشيرة الخروج أو من يدفع مبلغا ماليا لموظف في
وزارة الدفاع الوطني قصد الإعفاء من الخدمة الوطنية .
أو من يتسلم مبلغا من
المال مدعيا أنه سيسلمها للقضاء قصد استصدار الحكم لصالحه أو قصد الإفراج عن
المتهم.
(1) طعن رقم 420سنة 27 ق
جلسة 02/06/1957 س 8 ص 586 عن د/ أحمد بسيوني أبو الروس المرجع السابق ص 102
" إيهام المجني عليه بمشروع تجاري كاذب ،تأييد هذا الادعاء بأوراق تشهد باطلا
بإتجاره مع آخرين .تسليم المجني عليه المتهم ما طلبه من نقود تأثرا بذلك ،تحقق ركن
الاحتيال .
" متى كان المتهم
قد أوهم المجني عليه بمشروع تجاري وهمي وأيد ادعاءه بأوراق تشهد كذبا بإتجاره مع
آخرين فانخدع المجني عليه بذلك وسلمه النقود التي طلبها .فإن ما فعله تتحقق به
طريقة الاحتيال كما عرضها القانون "
(2) د.أحسن بوسقيعة المرجع السابق
ص 322
3-الإيهام بوجود اعتماد مالي خيالي:
وينصرف
إلى إيهام المجني عليه من طرف الجاني أن له رصيد مالي ضخم وهذا يجعل المجني عليه
يثق به فيتعاقد معه و يسلمه أمواله. مثال ذلك أن يتولى المجني عليه إقراض الجاني
مبلغا من المال فيوهمه هذا الأخير أنه قادر على تسديد ذلك الدين فيرافقه إلى حضيرة
للسيارات و يدعي ان مجموعة من السيارات هي ملك له.
4-
إحداث الأمل في الفوز بأي شيء:
لا يقتصر الفوز على الربح المادي فقط بل يشمل الربح المعنوي أيضا و مثال ذلك إدخال الأمل في نفسية المجني عليه على حصوله على ربح طائل من إبرامه لصفقة معينة أو لإيهامه بالكسب في ألعاب القمار أو يوهمه بالقدرة على تشغيله في منصب عمل أو قدرته على أن يخرج له سلعة من الميناء دون دفع الرسوم المفروضة عليه.
5-إحداث
الأمل في وقوع حادث أو واقعة وهمية أو الخشية من وقوع شيء منها:
و
نقصد بها التأثير عل نفسية المجني عليه و إيهامه بوقوع واقعة سعيدة أو تخويفه من
وقوع واقعة حزينة قصد الحصول على أمواله (1) كمن يقوم بإيهام
شخص أن ابنه على وشك أن يطرد من المدرسة فيطلب منه مبلغ من المال مقابل سعيه لعدم
حدوث ذلك، أو كمن يوهم شخص على أنه سيخسر صفقة مهمة و أن تدخل هذا الأخير سينجيه
من ذلك مقابل مبلغ مالي يدفعه له المجني عليه.
المطلب الثاني :
الاستيلاء على مال الغير والتصرف فيه
الاستيلاء
على مال الغير هو عبارة عن النتيجة الجرمية المنتظرة في جريمة النصب، بالتالي فإنه
مجرد استعمال أسماء أوصفات كاذبة أو اللجوء إلى مناورات احتيالية غير كاف لوحده
لاكتمال كافة أركان جريمة النصب فيجب أن يعمل الجاني من خلال ذلك إلى الحصول على
قيم أو أعمال أو سندات....الخ . أي المال محل الجريمة كما بينته ذلك نص المادة 372
ق ع كالتالي " الأموال أو المنقولات و السندات والتصرفات و الأوراق
المالية و الوعود و المخالصات و الابراءات من الالتزامات" وذلك قصد الإضرار
بالمجني عليه . بالتالي فإن الاستلام هو النتيجة الجرمية للنشاط الإيجابي الصادر
عن الجاني و هو العنصر الثاني للركن المادي لجريمة النصب.و تبعا لذلك نتساءل عن
مفهوم التسليم و ما هي الشروط الواجب توفرها فيه لقيام جريمة النصب ؟
(1)
د. أحسن بوسفيعة المرجع السابق ص 323
الفرع الأول: مفهوم التسليم
إن تسليم الأموال أو القيم أو
المنقولات فعلا لا بد من وجوده لقيام جريمة النصب و يجب أن ينصب التسليم على أحد الأشياء
المذكورة في نص المادة 372ق ع وإن لم يهدف ذلك إلى تسلم تلك القيم فلا يعد ذلك
نصبا، و هذا ما يميز جريمة النصب عن جريمة السرقة، ولا يقع النصب إلا على منقولات
ذات قيمة مالية و لا يقع على العقارات مثلما هو الأمر في السرقة.
و نقصد بالتسليم في جريمة النصب
قيام المجني عليه أو من يعمل لحسابه و الذي تم تدليسه بسبب استعمال أسلوب من
الأساليب الاحتيالية بتسليم مال إلى الجاني ، ولا يشترط أن يقوم بالتسليم المجني
عليه شخصيا بل يمكن أن يقوم بذلك شخص تلقى من رئيسه المباشر أي المجني عليه و سواء
سلم ذلك المال للجاني مباشرة أو لأحد يعمل لديه و لا يكون هذا الأخير مسؤولا إن
كان حسن النية فلا يسأل جزائيا لأنه لا يعلم بحقيقة الأمر بالتالي فالجريمة تتم
مجرد تسلم الجاني للمال و اتجاه نيته إلى الاستيلاء عليه ، ويكفي نقل شيء مادي من
يد المجني عليه إلى يد الجاني ووضعه تحت تصرف هذا الأخير.
الفرع الثاني : شروط التسليم
كي يكتمل العنصر الثاني للركن
المادي لجريمة النصب والمتمثل في تسليم المال من طرف المجني عليه والاستيلاء عليه
من طرف الجاني لابد من توفر شروط و هي :
1-
يجب أن تكون إرادة المجني عليه مشوب بعيب من عيوب الرضا لحظة تسليمه المال للجاني
نتيجة الوسائل الاحتيالية التي استعملها الجاني قصد الحصول على مال المجني عليه.
2-
يجب أن يكون الشخص الذي قام بالتسليم هو ذات الشخص الذي تم النصب عليه.
3-
يجب أن تتجه نية الجاني أثناء استلامه لمال المجني عليه إلى الاستيلاء عليه و نقل
حيازته إليه.
4-
يجب أن تكون إرادة المجني عليه قد اتجهت إلى تسليم المال للجاني بطريقة مباشرة أو
غير مباشرة بصفة فعلية أو حكمية .
5-
يجب أن يقوم الجاني باستخدام الوسائل الاحتيالية قبل تسلمه للمال أي يجب أن يكون
التسليم لاحقا لاستعمال الطرق الاحتيالية(1)
(1)
طعن رقم 2081سنة 23ق جلسة 23/3/1964 س 15 ص 206 عن د. أحمد بسيوني أبو الروس
المرجع السابق ص 139 جريمة النصب توافرها وجوب أن تكون الطرق الاحتيالية من شأنها
تسليم المال الذي أراد الجاني الحصول عليه مما يقتضي أن يكون التسليم لاحقا
لاستعمال الطرق الاحتيالية من شأنها تسليم المال الذي أراد الجاني الحصول عليه ،
مما يقتضي أن يكون التسليم لاحقا لاستعمال الطرق الاحتيالية ولما كان الحكم قد
استخلص من أقوال المجني عليه أنه سلم الطاعن الأول مبلغ النقود على سبيل القرض قبل
أن يعمد الطاعنان إلى استعمال الطرق الاحتيالية بتزوير سند الدين و كان ما استخلصه
الحكم له صداه من أقوال المجني عليه بجلسة المحاكمة فإن قضاءه ببراءة الطاعنين من
تهمة النصب لا يتعارض مع إدانتها عن جريمة التزوير"
ونخلص من كل ما بيناه سابقا أن جريمة النصب تتم مجرد
تسليم المجني عليه للمال للجاني بناء على استعمال هذا الأخير للوسائل التدلسية
ويتحقق ذلك مجرد تسليم الجاني المال حتى ولم لم يصب المجني عليه بضرر، بالتالي فإن
الضرر لا يعد شرطا لقيام جريمة النصب وتبعا لذلك يكفي أن يكون الضرر محتمل الوقوع (1)
كما لو كنا بصد محاولة نصب أو الشروع فيه.
المطلب الثالث: علاقة
السببية بين وسيلة التدليس والاستيلاء على مال الغير
لا يكفي لقيام جريمة
النصب أن يقوم الجاني باستخدام الوسائل التدليسية وان يلي ذلك استيلاءه على مال
المجني عليه بل يشترط إلى جانب ذلك أن يكون ذلك الاستيلاء نتيجة مباشرة لاستعمال
الجاني للوسائل التدليسية أي لابد أن تكون هناك علاقة سببية بين الاستيلاء
واستعمال الوسائل التدليسية،فإتيان الجاني لنشاط إيجابي مذكورة في نص المادة 372
من قانون العقوبات لا يعد كافيا لقيام النصب بالتالي فهناك مجموعة من الشروط
يجب توافرها لقيام العلاقة السببية بين عملية التسليم واستعمال الوسائل التدليسية
وهي :
1. يجب أن يقوم الجاني بنشاط إيجابي
2. يجب أن يكون استخدام الجاني للوسائل التدليسية سابقا على
الاستيلاء على مال المجني عليه، فإن كان التسليم سابقا على الوسائل التدليسية فلا
تقوم جريمة النصب.
3. يجب أن يؤثر الجاني باستخدامه للوسائل التدليسية على
المجني عليه ليدفعه لأن يسلم له ماله.
4. يجب أن يؤدي الغش أو الاحتيال الذي استخدمه الجاني إلى
إيقاع المجني عليه في الغلط.
5. يجب أن يقوم المجني عليه بتسليم ماله للجاني بسبب الغلط
الذي وقع فيه وتبعا لذلك فعلاقة السببية تعني أن المجني عليه قد سلم ماله للجاني
نتيجة انخداعه باحتيال الجاني عن طريق استخدامه للوسائل التدليسية فيسلم له المال
برضاه نتيجة الغلط الذي وقع فيه ولم يكن ليسلم له هذا المال لو كان يعلم بحقيقة
المبحث الثاني: الركن
المعنوي
جريمة النصب كباقي الجرائم العمدية تتطلب توفر الركن
المعنوي لقيامها ، فإن لم يثبت قيام هذا الركن المعنوي فلا تتحقق جريمة النصب حتى لو تبين أن الجاني
قد استعمل وسائل تدليسية مثلا كأن يقوم بذلك قصد استرجاع مال مملوك له بالتالي فإن
جريمة النصب لا تقع بالخطأ العمدي مهما
كانت جسامة هذا الخطأ وتبعا لذلك فإن لقيام جريمة النصب يجب أن يتوفر إلى جانب
الركن المادي الركن المعنوي والمتمثل في
القصد العام والمتكون من عنصري العلم والإرادة والقصد الخاص والمتمثل في نية
التملك وهذا ما سنوضحه من خلال المطلبين
التاليين :
المطلب الأول: القصد
الجنائي العام
يتمثل القصد الجنائي
العام في اتجاه إرادة الجاني إلى ارتكاب فعل النصب قصد إيقاع المجني عليه في الغلط مع
علمه بكافة عناصر تلك الجريمة أي اتجاه إرادة الجاني للاستيلاء على مال الغير مع
علمه بعناصر الجريمة.
أولا : العلم بعناصر
الجريمة
يجب أن يكون الجاني
عالما وعلى إطلاع بكافة أركان جريمة النصب كما نصت عليها المادة 372 من
قانون العقوبات،والمتمثلة في علم الجاني وإدراكه أنه يستعمل وسائل تدليسية لخداع
المجني عليه وإيهامه بها وحمله على أن يسلم له المال (1)
أي يجب أن يحاط الجان
علما بعناصر الجريمة ويعلم انه يقوم بعمل تدليسي وان المال الذي يريد الاستيلاء
عليه ملك للغير،ويجب أن تكون ادعاءات الجاني للاحتيال على المجني عليه كاذبة ،فلو
اعتقد أنها صحيحة فلا يقوم القصد الجنائي .
مثال على ذلك:مساعد
الطبيب لا يسأل جزائيا إن كان لا يعلم أن الطبيب يستعمل وسائل تدليسية للنصب
والاحتيال على زبائنه (2) .وحالة تصرف الجاني في مال ليس له
معتقدا منه أن ذلك المال ملك له وله الحق في التصرف فيه ،ففي هذه الحالة لا يتوفر
القصد الجنائي وبالتالي لا تقوم جريمة النصب.
(1) الدكتور نائل عبد
الرحمان صالح " شرح قانون
العقوبات" القسم الخاص ص 188
(2) أ . بهنام رمسيس المرجع السابق ص2413
كما ينتفي القصد الجنائي
في حالة استعمال الجاني للوسائل التدليسية لإقناع الغير بنجاح مشروع يعرضه عليهم
وأنه سيجني منه أرباحا طائلة فيقوم بجمع الأموال من المساهمين ليقوم بتنفيذ
المشروع وهو متأكد من نجاحه،لكن فشل المشروع لسوء تقدير منه فتسبب ذلك في خسارة
المساهمين لأموالهم ففي هذه الحالة لا تقوم جريمة النصب لانتفاء عنصر العلم في
الركن المعنوي وبالتالي فلا يسأل جزائيا (1)
مسالة إثبات وجود العلم
من عدمه مسألة موضوعية، فإقناع الغير مثلا بنجاح مشاريع خيالية لا يمكن أن يصدقه
العقل،كتحويل الزجاج إلى كريستال ،فهذا يدل على سوء نية الجاني ولا يمكن لهذا
الأخير أن يدفع بأنه كان متأكدا من نجاح ذلك المشروع (2) .
كذلك الجاني الذي يقوم
بعلاج المرضى المصابين بأمراض مزمنة معتقدا انه قادر على شفائهم وهو لا علاقة له
بالطب، فهذا الأخير لا يسأل عن جريمة النصب لانتفاء عنصر العلم في القصد الجنائي.
إلى جانب ذلك يجب أن
يكون الجاني على علم أن المال ملك للغير وليس له حق التصرف فيه وان المجني عليه لم
يكن ليسلم له ماله لو علم أن الجاني استخدم وسائل تدليسية من اجل النصب عليه
والاستيلاء على أمواله (3)
ثانيا : الإرادة
يجب أن تنصرف إرادة
الجاني إلى القيام بنشاط إيجابي والمتمثل في استعمال وسائل تدليسية للاستيلاء على
مال الغير مع علمه أن تلك الأفعال مجرمة في القانون.
ويجب أن تكون تلك
الإرادة مدركة ومميزة فإن تصرف الجاني تحت إكراه معنوي كالتهديد مثلا فقام بالنصب
على الغير هنا القصد الجنائي العام لا يتحقق بالتالي فجريمة النصب لا تقوم ،ويشترط
في إرادة الجاني توفر عنصرين وهما :
1. اتجاه إرادة الجاني إلى استعمال أحد الوسائل التدليسية
المنصوص عليها في نص المادة
372
ق ع.
2. اتجاه إرادة الجاني إلى تحقيق النتيجة الجرمية من وراء
استعماله للوسائل التدليسية لخداع الغير والنصب عليه بالاستيلاء على ماله.
(1)
الدكتور نائل عبد الرحمان صالح المرجع السابق
ص 189
(2) أ . بهنام رمسيس المرجع السابق ص2488
(3)
الدكتور نائل عبد الرحمان صالح المرجع السابق ص 189
المطلب الثاني :القصد الجنائي الخاص
يقصد بالقصد الجنائي
الخاص لجريمة النصب اتجاه نية الجاني للاستيلاء على مال المجني عليه الذي سلمه له
،فإن لم تتوفر لديه نية التملك وسلب مال الغير فلا يسأل جزائيا لانتفاء عنصر القصد
الخاص ،مثال ذلك أن يقوم الجاني باستخدام وسائل تدليسية للحصول على مال المجني
عليه للانتفاع منه فترة من الزمن ثم يعيده إليه فهنا القصد الخاص غير متوفر
وبالتالي لا تقوم جريمة النصب .نفس الشيء إن كان الجاني يهدف من وراء استعماله
للوسائل الإحتيالية الاستيلاء على مال المجني عليه من أجل المزاح والمداعبة دون
اتجاه نية هذا الأخير إلى تملك ذلك المال .
وبمجرد اكتمال أركان
جريمة النصب فإنها تقوم دون البحث في الباعث أو الغرض الذي هدف الجاني إلى تحقيقه
من و راء الاحتيال على المجني عليه ،كان يكون الهدف من النصب والاستيلاء على مال
الغير هو انتفاع شخص فقير من هذا المال أو قصد الجاني من وراء الاستيلاء على مال
المجني عليه استيفاء دين له كان في ذمة المجني عليه المدين .
وتبعا لذلك فإن الباعث
أو الهدف الذي ينشد الجاني لتحقيقه لا تأثير له في جريمة النصب ولا ينفي المسؤولية
الجنائية (1) .
وهذا ما قضت به محكمة
النقض الفرنسية في قرارها بتاريخ 25/10/1934 (2)
أما مسألة إثبات القصد
الجنائي فتقع على عاتق النيابة العامة مع إثبات الواقعة المسندة إليه والوقائع
التي تقوم عليها جريمة النصب ،وبيان الوسائل التدليسية التي استعملها الجاني لخداع
المجني عليه وإيهامه للاستيلاء على أمواله .
أما الجاني فعليه أن
يدفع بحسن نيته ويمكن له إثبات ذلك بكافة وسائل الإثبات ولقاضي الموضوع الفصل في
صحة أقو اله من عدمها ..
ويجب أن يتضمن الحكم
بيان القصد الجنائي من خلال النشاط الإجرامي الذي ارتكبه الجاني فهو يشكل دليلا
قاطعا على توفر القصد الجنائي من عدمه ،مثال ذلك ادعاء الجاني قدرته على تحويل
النحاس إلى الذهب فمثل هذا الادعاء لا يمكن تحقيقه ،وبالتالي فهذا يعد دليلا قاطعا
على سوء نية الجاني وهذا ما يبين لنا أن القصد الجنائي متوفر وبالتالي فإن المسؤولية
الجنائية تقوم ويعاقب الجاني من أجل ارتكابه جريمة النصب (3)
(1) د / محمد صبحي نجم المرجع السابق ص 153
(2) محكمة النقض الفرنسية 25/10/1934
دالوز الأسبوعي لسنة 1934 ص 575
(3) الدكتور نائل عبد
الرحمان صالح المرجع السابق ص 191
الفصل الثاني عقوبة جريمة النصب
قد نص المشرع الجزائري
على عقوبات جريمة النصب الأصلية والتكميلية كما نص كذلك على الظروف المشددة
والظروف المخففة لها وتعرض في الأخير إلى قيود تحريك الدعوى العمومية بشأنها وهذا
ما سنوضحه من خلال المبحثين التاليين :
المبحث الأول :
العقوبات الأصلية
والتكميلية لجريمة النصب وعقوبة الشروع
المطلب الأول : العقوبات
الأصلية
نصت المادة 372
من قانون العقوبات على العقوبات الأصلية لجريمة النصب كالتالي : " يعاقب
بالحبس من سنة على الأقل إلى خمس سنوات على الأكثر وبغرامة من 500 إلى
20.000 دج .
يعاقب الجاني الذي ارتكب
جريمة النصب ضمن العناصر والأركان التي ذكرناها سابقا من ركن مادي وركن معنوي
بالعقوبات التالية :
1. الحبس من سنة إلى خمس سنوات
2. الغرامة المالية المقدرة بـ 500 إلى 20.000 دج
(1)
المطلب الثاني : العقوبات التكميلية
نص المشرع الجزائري في الفقرة الثالثة من المادة 372
من قانون العقوبات على العقوبات التكميلية لجريمة النصب كالتالي " وفي
جميع الحالات يجوز أن يحكم علاوة على ذلك الجاني بالحرمان من جميع الحقوق الواردة
في نص المادة 14 أو من بعضها وبالمنع من الإقامة وذلك لمدة سنة على الأقل وخمس
سنوات على الأكثر " بمفهوم هذه الفقرة نستخلص أن العقوبات التكميلية هي
عقوبات جوازية ترك المشرع بشأنها السلطة
التقديرية للقاضي في منحها من عدمها ،وتتمثل العقوبات التكميلية في :
أولا : الحرمان من بعض الحقوق أو كلها الواردة في نص
المادة 4 من قانون العقوبات.
يجوز للقاضي أن يحكم على
الجاني علاوة على العقوبات الأصلية بالعقوبات التكميلية والمتمثلة في الحرمان من
الحقوق المنصوص عليها في نص المادة 14 من قانون العقوبات بمدة لا تقل عن
سنة ولا تتجاوز الخمس سنوات وهذه الحقوق محصورة في نص المادة 08 من قانون
العقوبات وتتمثل في :
(1) قانون العقوبات
الجزائري المادة 372 ق ع
1. عزل المحكوم عليه وطرده من جميع الوظائف والمناصب
السامية في الحزب أو الدولة وكذا جميع الخدمات التي لها علاقة بالجريمة.
2. الحرمان من حق الانتخابات والترشيح وعلى العموم كل
الحقوق الوطنية والسياسية ومن حمل أي وسام .
3. عدم الأهلية لأن يكون مساعدا محلفا أو خبيرا أو شاهدا
على أي عقد أو أمام القضاء إلا على سبيل الاستدلال
4. عدم الأهلية لأن يكون وصيا أو ناظرا ما لم تكن الوصاية
على أولاده.
5. الحرمان من الحق في حمل الأسلحة وفي التدريس وفي إدارة
مدرسة أو الاستخدام في مؤسسة للتعليم بوصفه أستاذا أو مدرسا أو مراقبا (1)
ثانيا : المنع من الإقامة .
كما يجوز علاوة على ذلك للقاضي أن يحكم على الجاني
بعقوبة المنع من الإقامة لمدة لا تقل عن سنة ولا تتجاوز الخمس سنوات ،ويبدأ سريان
الحظر من يوم الإفراج عن المحكوم عليه وتبليغه لقرار المنع من الإقامة.
ولقد نصت المادة 2 من الأمر 75/80
المؤرخ في 15/12/1975 إلى كيفية تطبيق القاضي لعقوبة المنع من الإقامة ونصت
بالتحديد أن القرار الذي يحدد قائمة الأماكن التي تمنع على الجاني الإقامة فيها
يصدرها وزير الداخلية ويبلغ به المحكوم عليه ويتضمن هذا القرار تدابير رقابة تفرض
على المحكوم عليه
كما تضيف المادة 3 من نفس الأمر أن لوزير
الداخلية الحق في تعديل تلك التدابير الخاصة بالإقامة وكذا قائمة الأماكن الممنوع
عليه الإقامة فيها كما أن له الحق في وقف تنفيذ المنع من الإقامة.
ويعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات كل من خالف
أحد تدابير المنع من الإقامة المنصوص عليها في الأمر المذكور سالفا أو تملص منها (2)
المطلب الثالث: عقوبة الشروع في جريمة النصب
قد لا تكتمل جريمة النصب لانعدام أحد أركانها فنكون
حينئذ أما حالة شروع في جريمة النصب ويتحقق ذلك في حالة بدأ الجاني في تنفيذ
جريمته لكن لا يتمكن من إتمامها لأسباب خارجة عن نطاقه أي لا دخل لإرادته فيها .
(1) قانون العقوبات الجزائري المادة 8
(2) د / أحسن بوسقيعة المرجع السابق ص 277
ولقد أخذ المشرع الجزائري بالمذهب الشخصي في تحديد معيار
البدء في التنفيذ فيشمل إلى جانب الأفعال التي تكون الركن المادي لجريمة النصب كل
الأفعال السابقة على ذلك الفعل المادي لها والتي تؤدي إلى وقوعه مباشرة . ولا
يتحقق الشروع إلا إذا كان القصد الجنائي للجاني معلوما وثابتا ،أي يجب أن يظهر
الجاني نيته في الاستيلاء على مال المجني عليه بعد استعماله لوسيلة من الوسائل
التدليسية سواء كان المجني عليه معينا أو غير معين (1)
لكن إعداد هذه الوسائل التدليسية لا يعد شروعا قبل إبداء
الجاني لنيته في الاستيلاء على مال الغير بل تلك تعد أعمالا تحضيرية لتنفيذ جريمة
النصب وهي أعمال لا يعاقب عليها الجاني ،كأن يقوم مثلا بإنشاء مكتب لشركة وهمية
يزعم بإنشائها فيعتبر عمله هذا مجرد عمل تحضيري .
وبالرجوع إلى نص المادة 372 من قانون العقوبات الفقرة
الأولى التي تنص على " كل من توصل إلى استلام...أو الحصول على أي منها أو
شرع في ذلك وكان ذلك بالاحتيال لسلب كل ثروة الغير ...يعاقب بالحبس من سنة على
الأقل إلى 5 سنوات على الأكثر وبغرامة من 500 إلى 20.000دج "
يتضح لنا من
خلال استقرائنا لتلك المادة أن المشرع الجزائري يعاقب على الشروع بنفس عقوبة
الجريمة التامة.
(1)أحمد بسيوني أبو
الروس المرجع السابق ص 74
المبحث الثاني
الظروف المشددة والأعذار المعفية لجريمة النصب وقيود
تحريك الدعوى العمومية
المطلب الأول : الظروف المشدد ة لجريمة النصب
نص المشرع الجزائري في الفقرة
الثانية من المادة 372 من قانون
العقوبات على ظروف مشددة لجريمة النصب بقولها " وإذا وقعت الجنحة من شخص
لجأ إلى الجمهور بقصد إصدار أسهم أو سندات أو أذونات أو حصص أو أية سندات مالية
سواء لشركات أو مشروعات تجارية أو صناعية فيجوز أن تصل مدة الحبس إلى عشر سنوات
والغرامة إلى 200.000 دج "
تبعا لهذه المادة فإن
جريمة النصب تشدد لتصل إلى 10 سنوات حبس وغرامة قدرها 200.000 دج في حال إذا ما
استعمل الجاني للوسائل التدليسية بقصد إصدار أسهم أو سندات أو أذونات أو حصص
لشركات أو مشروعات تجارية أو صناعية .
كما تضيف المادة 382
ق ع مكرر أنه " عندما ترتكب الجرائم المنصوص عليها في الأقسام الأول
والثاني والثالث من الفصل الثالث من هذا الباب ضد الدولة أو الأشخاص الاعتبارية
المشار إليها في المادة 119 فإن الجاني يعاقب بـ
1. بالحبس المؤبد في الحالات الواردة في المواد 352 – 353 –
354
2. بالحبس من سنتين إلى عشر سنوات إذا كان الأمر يتعلق
بجنحة باستثناء الحالة التي تنص عليها المادة 370 من قانون العقوبات ".
تبعا لذلك فإن كل من
ارتكب جريمة النصب إضرارا بالدولة أو إحدى الجماعات المحلية أو المؤسسات العمومية
أو الهيئات الخاضعة للقانون العام يعاقب بالعقوبات المنصوص عليها في المادة 382/2
مكرر ق ع وهي الحبس من سنتين إلى 10 سنوات .
المطلب الثاني :الأعذار
المعفية في جريمة النصب
نصت المادة 373 من
قانون العقوبات على مايلي " تطبق الإعفاءات والقيود الخاصة بمباشرة الدعوى
العمومية المقررة في المادتين 368-369 على جنحة النصب المنصوص عليها في الفقرة
الأولى من المادة 372 "
بالتالي فإنه لا يعاقب
الجاني المرتكب لجريمة النصب ضد الأشخاص التالية :
·
الأصول إضرارا بأولادهم
أو غيرهم من الفروع.
·
الفروع إضرارا بأصولهم
..
·
أحد الزوجين إضرارا
بالزوج الآخر .
وتبعا لذلك فإن النصب
الذي يقع من الجاني على أحد هؤلاء
المذكورين أعلاه لا يعاقب عليه بل يعفى هذا الأخير من العقاب لكن يجوز للمجني عليه
طلب تعويض مدني لجبر الضرر اللاحق به .
ونلاحظ أن العذر المخفف
لا يطبق إلا في حالة ارتكاب جنحة النصب المنصوص عليها في المادة 372/1 ق ع أي
في حالة عدم وجود ظروف مشددة وإلا فلا يعفى الفاعل من العقوبة.
المطلب الثالث : قيود
تحريك الدعوى العمومية
لقد أحالت المادة 373
ق ع بالنسبة لقيود تحريك الدعوى العمومية إلى نص المادة 369/1 ق ع والتي مفادها أنه لا يجوز اتخاذ الإجراءات
الجزائية بالنسبة للنصب الواقع بين الأقارب والحواشي والأصهار إلى غاية الدرجة
الرابعة إلا بناء على شكوى الشخص المتضرر والتنازل عن الشكوى يضع حدا لهذه
الإجراءات .
بالتالي فإن تحريك الدعوى العمومية في جريمة
النصب التي تقع من أحد الأشخاص المذكورة أعلاه في نص المادة 369/1 ق ع موقوفة
على شكوى الطرف المتضرر وإلا فلا تحرك. مع الملاحظة أن هذا القيد المتمثل في تقديم
الشكوى من طرف المضرور لا يطبق على جريمة النصب في حالة اقترانها بظرف مشدد من
الظروف التي سبق لنا وأن ذكرناها في المطلب الأول من هذا المبحث والمنصوص عليها في
المادة 372/2 ق ع لأن جريمة النصب هنا لا ترتكب فقط في حق أقارب الجاني بل
تتجاوز ذلك لترتكب في حق الجمهور فهو بذلك لا يضر أحد أقاربه فقط بل يتجاوز ذلك
فيقع الجمهور بأكمله ضحية له.
الفصــــــل الثالث الأساليب الحديثة للنصب آثارها على المجتمع وأساليب مكافحته
المبحث الأول :
الأساليب الحديثة لجريمة
النصب
مع دخول الأنتيرنت
واستخدام الكمبيوتر في عمليات البيع والشراء وأداء الخدمات انفتح الباب على
مصراعيه لأنواع جديدة من الجرائم ،سمعنا عن الفيروسات والديدان والأحصنة والقنابل
الموقوتة كجرائم ضد البرامج والأجهزة والمعدات ،سمعنا عن الجرائم المرتبطة
بالتجارة الإلكترونية والمتمثلة في التعرف على أرقام بطاقات الدفع والائتمان
واستغلالها جرميا .سمعنا عن جرائم سرقة البيانات والمعلومات من خلال الدخول الجرمي
إلى قواعد البيانات وملفات الأرشيف الخاصة بجيهات ما والاستيلاء على ما بها من
معلومات وبيانات ،لكن اخطر ما ظهر في الآونة الأخيرة والتي بدأت تشهد سبلا وأنواعا
جديدة من النصب والاحتيال ،وسنتناول هنا بشكل من التوسع في كل من الدول العربية
والغربية من خلال المطالب التالية :
المطلب الأول: الأساليب
المستحدثة في الدول العربية
يستهدف هذا النوع من
الخداع عادة المستخدمين الجدد للأنترنيت لعدم وعيهم للجوانب السلبية للسلاح
المستخدم والأدوات المستخدمة في الجريمة ما هي إلا موقع للانترنيت وقائمة التراسل
عن طريق البريد الإلكتروني.
وفي هذا المقام نذكر بعض
الشركات الوهمية التي تلعب دورا في نصب واحتيال العديد من الناس .ولقد استهدفت تلك
الشركات في بداية مشروعها كسب ثقة موظفيها للتعامل معها حتى يكتظوا فتبدأ الشركة
الوهمية بالنصب وفي النهاية تكسب هذه الأخيرة عددا هائلا من الأموال و لا رقيب .
ومن أمثلة عن ذلك نذكر
جريمة نصب محبوكة الأركان تأتي في صورة رسالة إلكترونية عبر شبكة الانترنيت من شخص
لا تعرفه سيدة أو رجل يقدم نفسه إليك على أنه مرتبط بأحد أثرياء إفريقيا ويضع أمام
عينيك رقما يتكون غالبا من عدة عشرات ومئات الملايين من الدولارات الموجودة
والمودعة في أحد البنوك الإفريقية وانه يحاول إخراج هذه الأموال للخارج ويطلب
معاونتك في ذلك وببساطة يطلب منك موافاته برقم حسابك البنكي الذي يمكن التحويل
إليه مقابل نسبة هائلة تصل إلى 30% من قيمة المبلغ .
العملية تبدو سهلة
ومضمونة وبدون أية تكلفة ومن يتعامل معك إلكترونيا يطلب منك التحقق من صحة
المعلومات،وإذا قمت بإعطاء رقم حسابك البنكي فسو ف تتلقى رسالة من البنك الإفريقي
الذي هو جزء من الشبكة الإجرامية يخبرك انه سوف يقوم بتحويل المبلغ المحدد إلى
حسابك بمجرد اتخاذ الإجراءات والتنسيق مع بنكك المحلي.والخطوة الثانية من الجريمة
تكمن في أن البنك المحلي الذي به حسابك الأصلي سو ف يتلقى إخطارا وهميا بوجود مبلغ
لصالح رقم الحساب المرسل إليه وانه بصدد تحويله بمجرد انتهاء الإجراءات. المنصوب
عليه على يقين أن العملية في طريقها للاكتمال ولا ينتابه أي شك كون العملية تتم من
خلال معاملة بنكية وليس من خلال شخص لا يعرفه ،وبعد ذلك تظهر مشكلة دفع أو خصم
رسوم التحويل من القيمة المحولة فلابد أن تقوم بدفع قيمة رسم التحويل إلى البنك
الخاص بك ليحولها إلى البنك الإفريقي لإتمام الصفقة وقيمتها آلاف من الدولارات
والمبلغ المحول يستحق المخاطرة والمنصوب عليه في هذه الحالة هو ضحية طمع، فينجح
بذلك النصاب في استدراج المنصوب عليه ،فإن غامر المنصوب عليه قام بتسديد رسوم
التحويل إلكترونيا فتنتهي العملية ،فيكتشف بعدها المنصوب عليه أنه كان ضحية نصب
إلكترونية . وكل يوم تصدر على شبكة الانترنيت أكثر من 10ملايين رسالة من
هذا النوع يدعو إلى المساعدة والمعاونة.
ومن آخر تقاليع النصب
والاحتيال الإسرائيلي السياحة الوهمية " ولقد حذرت مصادر فلسطينية من
أعمال نصب واحتيال يقوم بها أشخاص تحت أسماء وهمية ومستعارة في إسرائيل مستهدفين
مواطني الضفة الغربية الفلسطينية، وآخر عمليات النصب والاحتيال تتمثل في العمل تحت
أسماء شركات سياحية وهمية ،حيث تقوم فتاة تعمل في تلك الشركة الوهمية بأرقام هواتف
مواطنين فلسطينيين في الضفة الغربية وتبلغهم بفوزهم بقرعة على هاتفهم ضمن سحب خاص
تقوم به الشركة من حين لآخر فيحصل الشخص الفائز على امتيازات تخفيضية من الشركة
وتتمثل في رحلة سياحية لشخصين إلى مصر لمدة 5 أيام مقابل مبلغ ضئيل يشمل تكاليف السفر
و الإقامة في الفندق ورحلة سياحية داخل إسرائيل على حساب الشركة ،بعدها تطلب
الفتاة من الراغبين في السفر زيارة مقر الشركة وإحضار ثمن التذاكر قبل الساعة
التاسعة ليلا وبعد دفع المبلغ يطلب من الفائزين العودة في يوم آخر لاستلام الوثائق
اللازمة للسفر وعندما يعود في ذلك اليوم يفاجئ بأنه لا توجد أية شركة هناك وان
أشخاصا مجهولين استأجروا هذه المكاتب لمدة يوم أو يومين .
إن الطرق الحديثة للنصب
كثيرة ومتطورة في كل العالم لكن لم نتصور يوما أن يصل ابتكار النصابين لكسب ضحيتهم
أن يصل بهم الأمر إلى الاحتيال على فرائضنا الدينية واستغلال الضرورة الملحة
والرغبة في أداء فريضة الحج للإعلان عن الحملات الوهمية للحج
وعمل مكاتب لها وادعاء استخراج التصاريح الخاصة بأداء مناسك الحج بغرض سلب أموال المسلمين.
نحن نعلم أن أعمال النصب
والاحتيال كثيرة ومنتشرة في كل بقاع العالم وما أشدها وأكثرها تنظيما،كما نسمع
بالطرق المتطورة في ذلك فهذا يدعونا للحذر في التعامل مع هذه المؤسسات كمواطنين و
المزيد من الحرص والدقة في مراقبة هذه الحملات الوهمية والمشاريع كمشرفين ومسؤولين
ومراقبين على ذلك لمنعها من التفاقم والانتشار.
المطلب الثاني: الأساليب
المستحدثة في الدول الغربية
من أحدث الأساليب
المستحدثة في النصب في الدول الغربية نذكر منها طريقة جديدة للنصب في خطوط الهاتف
وتبدأ عملية النصب عند تلقي المعني لرسالة إلكترونية عبر الانترنيت تؤكد فيها أن
عملية البيع فد تمت من طر ف شركة وهمية وهذه هي أحدث طريقة مبتكرة من طر ف des cyber escrocs للنصب على
الأشخاص.والعملية تتمثل في إيهام المنصوب عليه أن عملية شراء قد تمت بنجاح
باستعمال بطاقة الائتمان الخاصة بهذا الأخير وأن العملية كلفته 93.43 أورو وعند
سماع هذا الأخير بعملية الشراء التي لم يقم بها وأنه فقد مبلغا من المال يقوم
بالاتصال على رقم التلفون الخاص بتلك الشركة الوهمية وهنا تكمن عملية النصب.
وفي الحقيقة لم يتم
اقتطاع أي مبلغ من المال من حساب المنصوب عليهم ،لكن الجناة يكسبون أموالا طائلة
بمجرد اتصال المنصوب عليهم بالرقم التلفوني الخاص بتلك الشركة الوهمية كون الرقم
المختار من طرف النصابين هو ر قم تابع لشبكة عالمية متصلة مباشرة بالستليت وهو رقم
شبيه بالأرقام المجانية فينخدع بها المنصوب عليه .والنصابون قد اختاروا رقم تلفون
مرتبط بشبكة الساتليت وهي تابعة لشبكات ستليت إيطالية « opérateur
de réseau » تقوم باستئجار خدماتها
لمختلف الشبكات الهاتفية .
« opérateur
téléphonie » والتي تقوم باقتطاع
الفاتورة باسم الضحية (1) لهذا ننصح كل المتعاملين قبل الاتصال
بأي رقم التحقق من صحة الاقتطاعات وذلك بالاتجاه إلى البنك الخاص بهم .
.ومن النصب المستحدث في الولايات المتحدة الأمريكية نتحدث
عن سرقة الهويات التي يقع ضحيتها 5ملايين من الأشخاص في كل عام والضحية في
هذا النوع الجديد من النصب من نوع«cyber
délit » هي دولة الولايات
المتحدة الأمريكية المتمثلة في وزارة العمل .وطريقة النصب سهلة وتتمثل في انتحال
هوية شخص عن طريق الحصول على رقمه لدى الضمان الاجتماعي Eta
– Units social security number crucialaux عبر
شبكة الانترنت ثم يقوم بالإعلان الكاذب عن البطالة للدولة أي لوزارة العمل فتدفع
له هذه الأخيرة مبلغ 400 دولار خلال 26 أسبوعا ضمن برنامج ضمان
البطالة ،بالتالي يكفي سرقة 100 رقم للضمان الاجتماعي للحصول على
مجموع 1.04 مليون دولار .وبسبب هذه العمليات الاحتيالية فإن وزارة العمل
الأمريكية « US
Department of labor »
متضايقة من هذه القضية ولم
تأخذ الاحتياطيات اللازمة لتفادي الوقوع
في مثل هذه الجرائم عكس الشركات الخاصة ببطاقات الائتمان تستثمر أموالا طائلة
لحماية زبائنها من هذا النوع من النصب المتمثل في انتحال الهويات فلهذا فإن
النصابين اكتشفو ا أن النصب على الدولة أسهل من النصب على الشركات الخاصة ببطاقات
الائتمان فلهذا فأن ضمان البطالة مهدد بالنصب والاحتيال ولم تتوصل وزارة العدل
الأمريكية لوضع حد له لحد الآن (2) .
(1)Une nouvelle
escroquerie en ligne :
Une simple confirmation
de commande émise par une société « bidon » et transmise par
courrier, tel est le dernier subterfuge invente par des cyber escrocs pour
détrousser les internautes. La méthode consiste a faire croire au internautes
crédules qu’un achat a été effectue avec succès au moyen de leur carte
bancaire. Inquiets de se voir prélever 93.43 euros, cas derniers contactant la
pseudo- société via un numéro de téléphone sur tanné, Est c’est la que réside
l’arnaque.
En fait aucune montant
n’a été réellement prélevé les comptes des victime et les escrocs
s’enrichissent sur les seuls appels téléphoniques, le numéro de téléphone sur
tanné choisi par les arnaqueurs est de
type 0088xxx xxx xxx, celui d’un réseau international avec indicatif partagé, c’est-à-dire un numéro satellitaire, proche
des numéro gratuits en 08 xx, il est de nature à tromper les internautes !
un coup bien monté, car il est difficile de remonter à la sauce de
l’escroquerie, ses auteurs ont pris soin de choisir l’indicatif d’un réseau
satellitaire (882) et non d’un pays et le code (13) d’un opérateur de réseau
satellites italienne qui loue ses services à de nombreux opérateurs de
téléphonie qui se chargent ensuite de facture l’appel à la victime. Il est
toujours recommandé de vérifier la réalité d’un quelconque prélèvement auprès
de sa banque avant de contacter des numéro en 08 xxx xxx xxx
(2) première résultat de
cette fraude, le hausse de la cotisation pour cette assurance chômage,
remportée par les entreprises. Les PME ont alors de plus de mal à gérer ces
augmentations, et à engager des nouveaux employées.
من
ا لولايات المتحدة الأمريكية إلى هولندا حيث تلقت السفارة الهولندية عدت استفسارات
حول شرعية بعض المعاملات الواردة عن طريق البريد الالكتروني حيث تعطي هذه الرسالات
وعودا بالحصول على مبالغ مالية كبيرة مقابل دفع ر سوم أولية ومصروفات التحويل
والرسوم الجمركية وكثيرا ما يتم إخبار متلقي الرسالة انه فاز باليناصيب وبذكر أن
الشركات المسجلة في هولندا أو غيرها من الدول الأوربية و
تؤكد
السفارة أن مثل هذه الرسالات تتسم بالنصب والاحتيال وتنتمي لعصابة نصب معروفة
عالميا قد ظهرت في بادئ الأمر في غرب إفريقيا خلال الثمانينات بعدها أخذت في
الانتشار بحيث نطلق عليها الهيئات القضائية الهولندية والدولية احتيال الرسوم
المقدمة ومن بين سمات هذه العمليات هو إيهام الأشخاص في الحصول على مبلغ مالي أو
منتوج ما من جراء عملية سحب أو استثمار وذلك بعد سداد رسوم مقدما لتحرير المال أو
المنتوج.وعامة يتم توجيه الدعوى للسفر إلى هولندا من اجل إتمام الصفقة وسداد
المبالغ المطلوبة مقدما.وقبل البدء في الإجراءات لابد للمعني أن يتصل بالمسؤول في
الشركة المسجلة بهولندا أو غيرها من الدول الأوروبية على الرقم المحمول في هولندا
ويبدأ الرقم دائما هكذا (06) 0031 لكن عند محاولة التحقق من اسم الشركة أو
عنوانها في دليل الشركات أو الغرفة التجارية المحلية تبوء بالفشل .والسفارة
الهولندية تدعو كل من يراوده الشك حول هذه
العمليات الرجاء الاتصال بالسفارة الهولندية على الرقم الهاتفي الخاص بها ،وتتلقى
الشرطة أعدادا كثيرة من البلاغات حول هذه الوقائع ولكن نظرا لقيام المحتالين
باستخدام شبكات الانترنيت وأرقام محمول وأسماء وعناوين وهمية وحسابا بالبنوك
مفتوحة لبضعة أيام فقط بالتالي يكون من الاستحالة تعقب المجرمين واسترداد حقوق
الضحايا .
وفي
فرنسا فقد نجد أن الحكومة الفرنسية تحذر من النصب والاحتيال عن طريق ما يسمى « phishing » ضد زبائن البنوك
الفرنسية وعملية النصب والاحتيال تتم عن طريق تلقي الزبون لرسالة إلكترونية باللغة الإنجليزية وهي توجه
هذه الرسائل للزبائن والمتعاملين مع البنوك الفرنسية الأربعة « société générale »
« BNP Paribas » « CIC Banque » و CCF.
والاحتيال يكمن في توجيه
الزبون نحو صفحة خاطئة من الشبكة الخاصة بالبنك وكل من هذه الصفحات تحتوي على
استمارة معلومات ويطلب من الزبون ملأ هذه الاستمارة بالمعلومات الخاصة بحسابه
البنكي كرقمه البنكي ،والاستمارة تحرر باللغة الفرنسية ولا تحتوي على أي خطأ .وهدف
الجناة أو المحتالين من هذه العملية هو استعمال الرمز السري « code
d’accès » من أجل إفراغ الحسابات البنكية للضحايا عن طريق تحويلها
إلى الحسابات الخاصة بهم.
والبنوك الأربعة الفرنسية
المستهدفة من طرف المحتالين عن طريق « phishing » قد قامت بعمليات بحث
معمقة للوصول إلى تلك الصفحات الخاطئة المستعملة من طرف النصابين وقد قام بنك
سوسيتي جنرال بنشر صفحة خاصة عبر الانترنيت تحذر من خلالها زبائنها من هذه العملية
« phishing » (1)
ولقد أدين
لأول مرة في فرنسا شخص قام بتحويل مبلغ 20.000 أورو باستعمال
طريقة النصب التي يطلق عليها اسم « phishing » وذلك عن طريق استدراج
الضحايا حول شبكة « site » خاطأ ببنك « crédit lyonnais » مبتكرة من طرف المحتال والقيام بتحويل كل ما في
أرصدتهم لحساباته الخاص. ولقد أدين طالب لأول مرة في فرنسا للنصب عن طريق « phishing » أي عن طريق انتحال
الهوية عبر شبكة الانترنيت بعام حبس غير نافذ ومبلغ مقدر بـ 8500 أورو كتعويض
.
ولقد انتشر هذا النوع
الجديد من النصب عبر العالم من بينها بريطانيا والتي وصل حجم الأموال المحولة من بنوكها
في سنة 2003 باستعمال « phishing » حوالي 60 مليون ليفر سترليني
ويقابله 88.5 مليون أورو.
والولايات المتحدة
الأمريكية تعد أكثر الدول تضررا من هذا النوع من النصب وحسب الإحصائيات الأخيرة
المقدمة فإن النصب بطريقة « phishing » قد تضاعفت بعد مرور سنة
ومن بين 30 % من الضحايا نجد
2% منهم وقعوا في الفخ.
ويتم النصب على
المتعاملين الذين يتعاملون مع بنوكهم عن طريق شبكة الانترنيت وذلك عن طريق رسالة
إلكترونية تبعث بشكل طعم (2)
« un Spam »لملايين من الأشخاص من طرف نصابين ينتحلون شخصية بنك
ويذكر في الرسالة في غالب الأحيان أن حساب الزبون قد تم إغلاقه لأسباب أمنية
ولإعادة فتحه يطلب منه إعادة بعث المعلومات الخاصة به عن طريق رسالة إلكترونية
تتضمن اسم الزبون، كلمة السر ورقم الضمان الاجتماعي الخاص به ويرسله إلى عنوان
إلكتروني « site » يشبه عنوان المؤسسة المالية المتعامل معها ،وعند
تمكن النصابين من الحصول على المعلومات الخاصة بالضحايا لن يبقى لهم سوى الاتصال
بالبنك أو المؤسسة المالية والقيام بالاستيلاء على جل أموال الضحايا عن طريق
تحويلها لحساباتهم الخاصة (3)
(1) phishing = hameçon
nage en français
(2)un Spam = hameçon
ملحق رقم2 (3)
الفصل االثالث الأساليب
الحديثة للنص آثارها على المجتمع وأساليب مكافحته
المبحث الثاني :
آثار جريمة النصب على
المجتمع
جريمة النصب كغيرها من
جرائم الأموال مثل السرقة والتزوير والرشوة وتبييض الأموال تساهم كلها بشكل أو
بآخر في إفساد الحياة من كافة مجالاتها سواء منها الاقتصادية أو الاجتماعية أو
السياسية .
وسنتناول مخاطر ونتائج
هذه الجريمة على كل من الناحية الاقتصادية ثم على الناحية الاجتماعية.
المطلب الأول : آثار
جريمة النصب على الناحية الاقتصادية.
مما لا شك فيه فإن جريمة
النصب تؤثر على الناحية الاقتصادية بشكل أو بآخر خاصة في الآونة الأخيرة ومع ظروف
الانفتاح الاقتصادي قد لاقت حقلا خصبا للانتشار . ولقد تفشت هذه الظاهرة خاصة مع
التطور التكنولوجي وظهور الأنتيرنت فقد استحدثت طرق تقنية دقيقة عبر شبكات الإعلام
الآلي من طرف النصابين للاحتيال على الأشخاص دون أن يثار أدنى شك في نفوس هؤلاء
نظرا للمهارات والتقنيات المتطورة والذكية المستعملة من طرف المحتالين للنصب على
المواطنين أو على المؤسسات والبنوك والشركات.
فجريمة النصب تؤثر بصفة
واسعة على الناحية الاقتصادية فهي بهذا تؤثر على الدخل القومي وقبل تناول هذه
الآثار سنتطرق ولو باختصار إلى تعريف الدخل القومي ومدى تأثير هذه الجريمة على
الاقتصاد.
أولا : تعريف الدخل
القومي
الدخل القومي هو مجموع
دخول الأفراد التي يكتسبونها من خلال المساهمة في إنتاج السلع والخدمات سواء داخل
الوطن أو خارجه.ويستخدم لفظ الدخل القومي للدلالة على قيمة كل السلع والخدمات التي
تم إنتاجها بواسطة استخدام الموارد المتاحة خلال فترة زمنية معينة وتكون خلال سنة
واحد.
ويعد حجم الدخل القومي
مقياسا أو مؤشرا لمستوى النشاط الاقتصادي في بلد ما (1) . أما
الناتج القومي فهو مجموع السلع والخدمات النهائية التي أنتجها المواطنون باستخدام
عناصر الإنتاج الوطنية خلال فترة محددة بسنة .
(1) أحمد بسيوني أبو
الروس المرجع السابق ص 312
الفصل االثالث الأساليب الحديثة للنص آثارها على المجتمع
وأساليب مكافحته
أما الموارد الاقتصادية
فنقصد بها مجموع الموارد والقوى الموجودة في الطبيعة ويعتبر الإنسان من أهم هذه
الموارد الاقتصادية.
لقد شهدت بلادنا في
الآونة الأخيرة تغيرات اقتصادية كبيرة بعد ظهور سياسة الخوصصة والشركات المتعددة
الجنسيات ونلاحظ أن هذه الفترة شهدت تداولا ضخما لرؤوس الأموال الخاصة والأجنبية
والتسهيلات النقدية من البنوك المختلفة وظهور مجموعة كبيرة من الشركات الاستثمارية
ذات رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية
ثانيا : مدى تأثير النصب
على الاقتصاد الوطني
تؤثر جريمة النصب على
الاقتصاد الوطني بصفة مباشرة في حالة النصب الواقع على البنوك والشركات ذات القطاع
العام والخاص ويؤثر بصفة غير مباشرة إذا وقع على الأفراد كونهم عنصر هام من عناصر
الدخل القومي .
في السابق كانت
جريمة النصب تستهدف الأفراد باستعمال
الوسائل التقليدية للنصب للاستيلاء على أموال هؤلاء ،حيث كان يقوم الجناة باستعمال
الوسائل الاحتيالية إما بإيهامهم بوجود سند دين غير صحيح أو سند مخالصة مزور إما
في التصرف بمال ثابت أو منقول ملكا للمجني عليهم فيتسبب ذلك في ضرر مباشر لهؤلاء
سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية .
ولقد لاحظنا في الآونة
الأخيرة ومع تطور الحياة الاقتصادية وظهور سياسة الإنتاج والاستثمار تضاعفت
المشاكل وتطورت الطرق الاحتيالية .
أ – بالنسبة لراغبي السفر إلى الخارج:
لقد شهدت بلادنا ظاهرة
هجرة الأدمغة للخارج من إطارات سامية وعمال حرفيين وأهل خبرة ولقد زادت رغبة
المواطنين في الأعوام الأخيرة في الذهاب للعمل في الخارج وهذه الظاهرة ناتجة عن
كثرة انتشار ظاهرة البطالة في بلادنا ، ولقد استغل المحتالون هذه الفرصة لإغراء
هؤلاء وتشجيعهم على السفر وعرض مغريات مختلفة تزيد في رغبتهم للسفر وكل هذا بهدف
النصب على المواطنين والاستيلاء على مبالغ مالية ضخمة مقابل تسليمهم التأشيرات الخاصة بالسفر مع إيهامهم
بإمكانيتهم للسفر إلى الخارج ، وهذا يدفع
بالمجني عليهم إلى تقديم استقالتهم من العمل للذهاب للعمل في الخارج وعند عدم
تمكينهم من السفر نتيجة تبينهم أن المشروع كان وهميا وأنهم وقعوا ضحية عملية نصب
وهذا يؤدي بهم إلى عدم إمكانيتهم العودة إلى عملهم السابق وهذا يؤدي بالتالي إلى
انتشار البطالة.
الفصل االثالث الأساليب
الحديثة للنص آثارها على المجتمع وأساليب مكافحته
ب – بالنسبة لمشاريع السكنات الوهمية
نلاحظ أن الجزائر تعاني
من أزمة سكن متفاقمة بمقارنتها بالسنوات الماضية وهو مشكل عويص لم يتم حل سوى نسبة
ضئيلة منه وهذا ما فتح المجال أمام المحتالين لفتح مشاريع وهمية للإسكان وذلك
باستغلال حاجة المواطنين الماسة إلى السكنات ،ولقد جنى النصابون الملايين من
الدنانير من عمليات الاحتيال والنصب والتي يتم تهريبها للخارج واستثمارها هناك
لصالحهم الخاص وهذا يؤدي إلى نتيجة سلبية على الاقتصاد الوطني نتيجة هروب رؤوس
الأموال للخارج .
جـ - بالنسبة لمكاتب التصدير والاستيراد:
قد يتخذ الجناة مكاتب
تصدير وإستراد فيقومون بعقد صفقات وهمية سواء مع الأفراد أو مع القطاع العام وحجم
هذه المعاملات قد يصل في بعض الأحيان إلى استثمار مبالغ ضخمة من طرف الجناة قد
تبلغ في بعض الأحيان ملايير الدنانير وهذا يؤدي إلى إصابة الضحايا بأضرار فادحة لا
يمكن تداركها من جراء إبرام صفقات وهمية ،وهذا يؤدي إلى اهتزاز في التوازن
الاقتصادي وإلى انعدام الثقة في التعاملات الاقتصادية.
د- بالنسبة لشركات
الاستثمار:
وقد يعتمد الجناة إنشاء
شركات استثمار بهدف الحصول على قروض من البنوك المختلفة لإنشاء مشاريع استثمارية
،وفي حالة عدم إتمام تلك المشروعات هذا يترتب عليه ضربة للاقتصاد القومي نتيجة
تهريب هذه الأموال للخارج وهذا يؤذي إلى انخفاض معدل الادخار الناتج من عمليات النصب
نتيجة هروب رؤوس الأموال إلى الخارج ، وهذا يؤدي إلى عجز المدخرات المحلية للوفاء
باحتياجات الاستثمار ،حيث يتم إيداع المدخرات في البنوك الخارجية دون أن توجه
قنوات الاستثمار داخل البلاد ،وفي غالب الأحيان تلجأ الدول إلى تعويض هذا النقص في
احتياجات الاستثمار الإجمالي عن طريق تدفق الموارد الأجنبية وهذا ما يؤدي بالضرورة
إلى تفاقم المديونية الخارجية فتشكل عبئا ثقيلا على الاقتصاد القومي .
وزيادة على ذلك فإن
الأموال الناتجة عن عمليات النصب لم تنتج عن جهد مبذول للحصول عليه وهذا ما يجعلهم
غير حريصين عليها وهذا يؤدي إلى عدم ترشيد الاستهلاك وتبذير تلك الأموال .
الفصل االثالث الأساليب
الحديثة للنص آثارها على المجتمع وأساليب مكافحته
المطلب الثاني : آثار النصب على الناحية الاجتماعية
يترتب عن النصب آثار
اجتماعية تهدد كيان الأسرة وآثار نفسية على المجني عليهم نظرا لفقدانهم لكل
أموالهم أو بعضها دون الحصول على احتياجاتهم التي سعوا من أجل تحقيقها . إلى جانب
ذلك فإن النصب يحدث اضطرابات اجتماعية
خطيرة كون هروب رؤوس الأموال من البلاد للخارج هذا يؤدي إلى الإنقاص من الدخل
القومي والذهاب به إلى الخارج وهذا ينتج عنه عجز الدولة من الإنفاق على
الاستثمارات وتوفير فرص العمل وهذا ينتج عنه الزيادة في نسبة البطالة في أوساط
المتخرجين من الجامعات والمتعلمين ،وهذا ما يدفع بالدولة إلى اللجوء لطلب قروض
خارجية ومنح وتبرعات وتسهيلات من الدول
الأجنبية وهذه المصاريف تتحملها خزينة الدولة والشعب عن طريق الزيادة في
الضرائب وهذا ناتج عن عدم اتجاه الأموال
المنهوبة الوجهة الصحيحة وإلى القنوات الطبيعية لإنفاقها بشكل مباشر وهذا ما لا
يساعد البلاد في التغلب على مشكل البطالة وهذا نتيجة التوزيع السيئ للدخل على
أفراد المجتمع وهذا بالضرورة يؤدي إلى زيادة أعباء الفقراء وهذا ينتج عنه مشاكل
الفقر وبالتالي انخفاض المستوى المعيشي لنسبة كبيرة من المواطنين وهذا يؤدي إلى
حدوث خلل جوهري في القيم الاجتماعية وإعلاء قيمة المال بصرف النظر عن مشروعيته
لتحديد المركز الاجتماعي للأشخاص وإهدار القيمة الاجتماعية للعمل المنتج وسيطرة
الجهل والأمية على العقول وما ينتج عن ذلك من جهل وفقر وأمراض بنسبة مرتفعة في
المجتمعات التي لا تتحكم في مصدر الكسب غير المشروع وإخفاق السلطات الأمنية
والقضائية في القضاء على جريمة النصب .
إضافة إلى أن النصب ينتج
عنه وجود مجموعة من الأشخاص يملكون رؤوس أموال ضخمة ناتجة عن النصب فيسيطرون على
المراكز الاقتصادية والسياسية فيمنعون أصحاب الكفاءات من الوصول إلى المراكز
العليا .
الفصل االثالث
الأساليب الحديثة
للنصب آثارها على المجتمع وأساليب مكافحته
المبحث الثالث :
أساليب مكافحة جريمة
النصب
سنحاول من خلال هذا
المبحث الكشف عن بعض الأساليب التي لا ربما ستمكننا من مكافحة جريمة النصب ولو
بنسبة ضعيفة، نظرا لما ينتج عن هذه الجريمة من خسائر على الناحية الاقتصادية
والاجتماعية سنبين من خلال هذا دور كل من السلطات الأمنية والتشريعية وأجهزة
الإعلام والفرد في مكافحة تلك الجريمة.
المطلب الأول : دور السلطات الأمنية والتشريعية في مكافحة
جريمة النصب
نظرا لما تسببه جريمة
النصب من مخاطر على الناحية الاقتصادية والاجتماعية فإنه من الضروري واللازم
التصدي لهذه الظاهرة وقمعها أو على الأقل التقليل منها، ويتم ذلك عن طريق تسخير كل
من السلطات الأمنية والقضائية والتشريعية من أجل وضع حد لتفشي هذه الظاهرة
الخطيرة.
ولقد كانت السلطات
الأمنية من شرطة ودرك وأمن عسكري ولا زالت تعد ركن أصيل من أركان الدولة تقوم
عليها سيادتها، وهي بهذا المعنى تؤدي رسالة نبيلة مرتبطة بأرواح الناس وأعراضهم
وأموالهم.
وكما ذكرناه سابقا فإن
جريمة النصب عرفت تطورا ملحوظا في الآونة الأخيرة حيث ظهرت وسائل تدليسية حديثة
إلى جانب الوسائل التقليدية المعروفة سابقا والتي كانت تتسم بالعنف عكس الطرق
المستحدثة في الوقت الحالي والتي تعتمد على الفكر والذكاء والعلم والتكنولوجيا
الحديثة.
ولقد كان للسلطات
الأمنية دور فعال ونشيط في مكافحة النصب والمتمثل في توخي أو منع وقوع الجريمة قبل
حدوثها وهذا يتطلب منهم جهدا وخبرة طويلة حتى يتمكنوا من السيطرة على هذا النوع من
الإجرام ولا يكون ذلك إلا باتخاذ مجموعة من الإجراءات والمتمثلة في:
1- عمل السلطات الأمنية
على إلقاء القبض على هذه العناصر الإجرامية وخاصة في حالة العودة واتخاذ الإجراءات
القانونية ضدهم.
2- توعية المواطنين
وتحذيرهم عن طريق الكشف لهم عن أساليب الاحتيال المستعملة من طرف الجناة وذلك عن
طريق الاستعانة بأجهزة الإعلام المختلفة شريطة أن يكون الهدف الأساسي من هذا النشر
هو خدمة الأمن العام وتفادي وقوع المواطنين ضحية في أيدي الجناة.
الفصل االثالث الأساليب
الحديثة للنصب آثارها على المجتمع وأساليب مكافحته
3- تشجيع المواطنين الذين
يملكون أدنى معلومات عن هؤلاء في الاتجاه مباشرة إلى مراكز سلطات الأمن للإدلاء
بكل ما يعرفونه عن الجناة مثل الأماكن التي يمارسون فيها نشاطهم الاحتيالي خاصة
الكشف عن الطرق الاحتيالية والتدليسية التي يستعينون بها للإيقاع بالضحايا.
4- تشجيع وتوعية سلطات
الأمن التي تقوم بمكافحة هذه الجريمة عن طريق تزويدهم بالإمكانيات المادية ورفع
مستواهم العلمي وقدراتهم الفكرية حتى يتسنى لهم الوصول إلى الأماكن التي تمارس أو
يقع فيها النصب وإلقاء القبض على الأشخاص المعتادين على ارتكاب هذا النوع من
النشاط الإجرامي.
5- متابعة هؤلاء الجناة
بعد الإفراج عليهم ومحاولة تثبيتهم في مراكز عمل وذلك لإبعادهم من العودة
6- القيام بتسجيل أسماء
هؤلاء الجناة في القوائم الخاصة بالممنوعين من السفر وإرسالهم إلى المطارات
والموانئ ومناطق الحدود بصفة دورية(1)
أما في المجال التشريعي
لاحظنا سابقا أن عقوبة جريمة النصب طبقا لنص المادة 372 من قانون العقوبات
في الحبس من سنة على الأقل إلى 5 سنوات على الأـكثر وغرامة من 500 إلى 20000
دج والمشرع أصدر هذا التشريع في وقت كان فيه النصب تقليدي وبدائي يمس بالفرد
لكن مع تطور الزمن وتطور أساليب التدليس لم يكتف الجناة بالنصب على الأفراد بل
تعدوا ذلك فاتسع مجال التجريم أين أصبحت
المؤسسات والشركات والبنوك ضحية هؤلاء بالتالي فمن الضروري لتحقيق مكافحة فعالة
لهذه الجريمة تشديد العقوبة المفروضة عليها وكذا الزيادة في مقدار الغرامات.
المطلب الثاني : دور الإعلام والفرد في مكافحة النصب
يلعب الإعلام دورا هاما
ومهما في نفس الوقت في مكافحة النصب وذلك كون الجهد الذي تبدله أجهزة الأمن يتضاعف
يوما بعد يوم وذلك باستعمال وسائل الإعلام كالصحافة والتلفزة والإذاعة وذلك عن
طريق عرض البرامج التعليمية والمحاضرات لأجل توعية المواطنين وتفطينهم لعدم الوقوع بين أيدي الجناة وذلك عن طريق
التوضيحات المقدمة لهم حول الأساليب والحيل والوسائل المستعملة في النصب هذا من
جهة، لكن من جهة أخرى ومع تطور أساليب النصب أدى الأمر بالجناة إلى استعمال وسائل
الإعلام لنشر إشهارات عبر التلفزة والإذاعة والصحافة حول مشاريعهم الوهمية لحمل
المواطنين على استثمار أموالهم في هذه المشاريع كون المواطنين يضعون ثقة تامة في
المعلومات المنشورة عبر
(1) أحمد بسيوني أبو الروس
المرجع السابق ص 322
الفصل االثالث الأساليب
الحديثة للنصب آثارها على المجتمع وأساليب مكافحته
التلفزة والصحافة والإذاعة ثم يتبين لهم بعد ذلك أن تلك
المشاريع كانت وهمية وأنهم كانوا ضحايا لعملية نصب.
ومن ثمة ولتفادي هذا
النوع من التدليس على التلفزة والإذاعة والصحافة يستوجب أن لا يتم الإعلان عن أي
مشروع مهما كانت أهميته إلا بعد التأكد من وجوده الحقيقي ومن قانونيته وهذا حتى
تكون لأجهزة الإعلام دور إيجابي في مكافحة الجريمة.
وإلى جانب أجهزة الإعلام
نجد عنصرا هاما يلعب دورا فعالا في مكافحة جريمة النصب وهو الفرد المعرض بشكل أو
بآخر للوقوع في مخالب المحتالين فلهذا يجب على المواطنين أن يتسلحوا بالفطنة
واليقظة للكشف عن الجناة وأساليبهم التدليسية لسلطات الأمن حتى يتمكنوا هؤلاء من
إلقاء القبض عليهم هذا بالنسبة للأشخاص الطبيعية أما بالنسبة للأشخاص المعنوية مثل
الشركات والمؤسسات والبنوك فلا يجب أن تقوم بتقديم قروض أو أية عملية صرف بناء على
الثقة التي تضعها في المتعاملين معها أو بالنظر إلى ضخامة المشروع بل يجب أن تحصل
قبل القيام بأي عملية صرف أو تقديم قرض على ضمانات كافية ويجب التأكد من وجودها
ومن صحة مالكها(1)
(1) أحمد بسيوني أبو الروس
المرجع السابق ص 326
وأحسن ما نختم به بحثنا
هذا هو تقديم بعض النصائح لتفادي النصب عبر شبكة الانترنيت.
فعندما تظهر النقود في
أي مكان يظهر خلفها المحتالون والنصابون مع تزايد حجم التجارة الإلكترونية وظهور
البنوك الإلكترونية على شبكة الانترنيت ازدادت عمليات النصب التي يخطط لها مجرمون
من نوع يختلف عن من نشاهدهم في الشوارع و في حياتنا اليومية هؤلاء المجرمون من
محترفي شبكة الانترنيت وعلى درجة عالية من العلم وإجادة التعامل مع لغات الحاسب
وتقنيات شبكات الانترنيت.وحتى لا تقع ضحية عملية نصب إلكترونية على شبكة الانترنيت
نقدم لك مجموعة من الإرشادات التي عليك إتباعها أثناء تصفحك لمواقع الشبكة:
1- اعرف مع من تتحدث:
إذا كنت ممن يتعامل مع
البنوك والمؤسسات المالية التي توجد على شبكة الانترنيت فيجب أن نتعامل معهم من
خلال شريط العناوين addres bar
الذي يوجد في برامج تصفح الانترنيت.يجب أن تقوم بكتابة عنوان الموقع الذي تريد
زيارته من خلال شريط العناوين ولا تستخدم أبدا عنوانا يوصل إليك عن طريق رسالة
بريد الكتروني ويطلب منك أن تضغط على سطر معين لكي يصلك بالموقع المالي الذي تريد
التعامل معه.
قد يكون السطر الذي
سينقلك إلى هذا الموقع فخ والواقع أنه سينتقل بك لموقع آخر يتشابه في التصميم مع
موقع المؤسسة المالية التي تتعامل معها وبذلك قد يحصل هذا النصاب الإلكتروني على
رقم حسابك في البنك أو رقم بطاقة الائتمان أو أي بيانات مالية مهمة أخرى.إذا شعرت
بأي شك في رسالة إلكترونية وصلت إليك فاتصل بالبنك الذي تتعامل معه تليفونيا.
2- احرص على بياناتك
المالية:
احرص دائما على عدم
استخدام البيانات المالية المهمة من خلال ر سائل البر يد الإلكتروني مثل بيانات
حسابك في البنك أو أي بيانات شخصية.رسائل البريد الإلكتروني يمكن تتبعها ومعترفة
محتوياتها ما لم تكن مشفرة ومعظمنا لا يستخدم تقنية تشفير رسائل البريد
الإلكتروني.لن يسألك أي بنك على الانترنيت أن تر سل رقمك السري أو رقم بطاقة
الائتمان عن طريق رسالة إلكترونية.
3- الأموال السهلة:
عادة ما تبدأ عمليات
النصب سواء في الحياة العامة أو على شبكة الانترنيت عن طريق إغراء الضحية بإمكان
الحصول على أموال سهلة.كأن يقول الراسل أن لديه حسابات بالملايين في بلده ولا
يستطيع تحويلها للخارج ويطلب رقم حسابك في البنك وخطاب عليه توقيعك لكي يحول
أمواله عن طريقك ويغريك بأنك سوف تحصل على عدة ملاين من الدولارات نظير هذه
المساعدة.بمجرد أن يرسل الضحية هذه البيانات سيقوم النصاب بسحب كل الأموال التي
توجد في هذا الحساب.
4- تأمين الحاسب:
قد يحاول النصاب أن يغري
مستخدم الانترنيت بإرسال بياناته المالية للاه أو قد يحاول أن يحصل على هذه
البيانات عنوة.فالنصاب الإلكتروني عادة ما يكون من قراصنة الشبكة الذي يستهدفون
الحاسبات الشخصية لأشخاص قد يعرفونهم أو لا يعرف هم ويقومون بالدخول على
حاسباتهم الشخصية ومحاولة سرقة البيانات المالية المهمة التي توجد على هذه
الحاسبات.
فملف على الحاسب يحمل
اسم "حسابات البنك" أو "بيانات مالية " سوف تغري قراصنة
الشبكة على الاستيلاء عليها من على الحاسب دون أن يدري صاحبها بهذه العملية
الإجرامية.حافظ على تأمين حاسبك باستخدام برنامج حديث للتأمينfirewall وأيضا برنامج قوي
لمقاومة الفيروسات.
الدكتور أحسن بو سقيعة " الوجيز في القانون
الجنائي الخاص "
الأستاذ أحمد بسيوني أبو الروس " جريمة النصب
"
الأستاذ بهنام رمسيس " قانون العقوبات القسم
الخاص الجرائم المضرة بالمصلحة العمومية "
الدكتور محمد صبحي نجم " شرح قانون العقوبات
الجزائري القسم الخاص"
الدكتور نائل عبد الرحمان صالح " شرح قانون
العقوبات القسم الخاص "
قانون العقوبات الجزائري
المجلة القضائية عدد 02 سنة 1989
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم