الحجر على المدین المفلس مقارناً بالقانون المدنی الأردنی

الحجر على المدین المفلس مقارناً بالقانون المدنی الأردنی

مجلة كلية الشريعة والقانون جامعة الازهر المجلد 17، العدد 5، 2015، الصفحة 3031-3087

المؤلف

أنس محمود توفیق العواطلی الرفاعی

السعودیة

المقدمة :

الحمـد الله رب العـالمین ، وأفـضل الـصلاة وأتـم التـسلیم علـى المبعـوث رحمـة

للعالمین ، وعلى آل بیته الطیبین الطـاهرین ، وعلـى أصـحابه الغـر المیـامین ،

وعلى التابعین ، ومن سار على نهجه واستن بسنته إلى یوم الدین ، وبعد :

لاشـك أن الـشریعة الإسـلامیة جـاءت بمقاصـد عامـة ؛ منهـا مـا یحفـظ الـدین ،

والنفس ، والعرض ، والعقل ، والمال ،

وأولت الشریعة الغراء هذه الضروریات عنایة خاصـة وأهمیـة بالغـة ، وأجمـع

العقلاء من البشر علـى رعایتهـا والتزامهـا ، وبالحفـاظ علیهـا تـستقیم الأمـور

ویستمر البقاء البشري ـ بأذن االله ـ لتأدیة وظیفته في عبـادة الـرحمن وعمـارة

الأرض .

ومـن ھـذه الـضروريات حفـظ المـال والـذي ھـو قـوام

الحیــاة ، لــه حرمتــه ، وتجــب صــیانته ، وجعــل الله

(وأنفقوا مما جعلكم مستخلفین فیه ) ً ً لإنــسان أمینــا ومــستخلفا فیــه ، قــال الله تعــالى :

(١) .

وقـد شـرع سـبحانه مـن التـشریعات مـا یكفـل الحفـاظ علیـه وحمایتـه ، وعلـى هـذا

وضع القانون المدني الأردنـي وسـائل لحمایـة هـذا المـال مـن الـضیاع وغیـره ..

الدائن بالنسبة لحقـه الـذي یریـد التنفیـذ بـه .. وطـرق یتخـذها بالنـسبة إلـى أمـوال ً مـستمدا مـن الفقـه الإسـلامي لیكفـل حقـوق الـدائن والمـدین منهـا ( طـرق یتخـذها

. (٢ (المدین حتى یحافظ علیها من الضیاع ..)

ومـن هـذه الوسـائل (الحجـر علـى المـدین المفلـس ) والـذي یقابلـه فـي القـانون (

المدني الأردني ، ومدى توافقهما مع بعضهما البعض . تنظــیم إعــسار المــدین ) فكــان موضــوع ً بحثــي هــذا مقارنــا بــین الفقــه والقــانون

الأردن . ـ المذكرة الإیضاحیة في شرح القانون المدني الأردني ـ تصدر عن نقابة المحامیین ـ

- ٣٠٣٤ -

وأمــا ســبب اختیــاري لهــذا الموضــوع ؛ كمــا نعلــم أنــه موضــوع قــدیم معاصــر

بحاجة إلى نظریة فقهیة جدیدة تواكب متطلبات العصر ، وبیان أن الحجر في

الفقه هو بذاته تنظیم إعسار المدین ، ولا مشاحة في الاصطلاح ، فأردت أن

قانون یصیبهم الذعر والخوف ظـانین أنـه تـأول علـى الـشرع ، أو إحـداث أمـر ً بینهما ، خاصة وأن كثیرا من طلبة العلم في هذا الزمان عندما یسمعون بكلمـة ً أخرجه في حلة جدیدة مقارنا بین الفقه والقانون وبیان أوجه الاتفاق والاختلاف

جدیـد فـي الـدین ، وأنهـا أحكـام وضـعیة تخـالف الـشریعة الإسـلامیة ، وأنهـا مـن

عند البشر ، فكان هذا البحث بیان أن القانون متأصل مـن الـشریعة الإسـلامیة

الغراء .

والقانون ـ كما كان یفعل علماؤنا السابقون وكذا اللاحقون . أمــا عــن منهجــي فــي البحــث ، فكــان اســتقرائیا تحلیلیــا مقارنــا بــین الفقــه

لذلك قسمت البحث إلى مبحثین على النحو التالي :

المبحث الأول : الحجر على المدین المفلس في الفقه والقانون

وفیه أربعة مطالب :

المصطلحات المتعلقة بالموضوع ً المطلــــب الأول : تعریــــف الحجــــر لغــــة واصــــطلاحا مــــع تعریــــف لــــبعض

المطلب الثاني : أقـوال الأئمـة فـي الحجـر علـى المـدین المفلـس مـع بیـان أقـوال

علماء القانون ( مقارنة )

المطلب الثالث : أدلة كل قول مع مناقشة الأدلة

المطلب الرابع : الرأي الراجح