حماية النساء ضحايا العنف من خلال مدونة الأسرة
الاستاذة فوزية الحريكة
عضو المكتب التنفيذي لاتخاد العمل النسائي
كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن العنف الممارس في حق النساء، خاصة عنف الازواج ضد زوجاتهن. وبرزت جمعيات ومنظمات وطنية ودولية مهتمة بهذا الشأن. كما ان الدولة بدورها قامت بعدة حملات من اجل مكافحة هذا العنف والقضاء عليه كان آخرها الحملة الوطنية الرابعة لمحاربة العنف ضد النساء التي نظمتها كتابة الدولة المكلفة بالأسرة والطفولة والأشخاص المعاقين تحت شعار "من اجل قانون لمناهضة العنف ضد النساء".
فلا غرابة فالعنف ضد النساء أصبح ظاهرة تهدد المجمتع في أهم مكوناته، وهي الأسرة. فعلى امتداد السنوات من 2001 الى 2004 تزايد عدد الجرائم المرتكبة ضد النساء في المغرب- خاصة عنف الأزواج ضد زوجاتهن- بشكل مستمر حيث وصل نسبة 21 % سنة 2002، 34 % سنة 2003 ونسبة 38 % سنة 2004 من الجرائم المسجلة ضد النساء.
والعنف كظاهرة حسب تعبير الأستاذة لطيفة توفيق، " لا يمكن الا أن يتأسس على علاقات قوة بين شخصين على الأقل، بحيث يحاول أحد الطرفين بسط نفوذه على الآخر بوسائل العنف والاكراه النفسي والمعنوي أي أنه يعبر عن رغبة شخص ما في ممارسة سلطته وتجسيد ارادته في العلو والقوة والسيطرة على الآخر واهانته اذا اقتضى الأمر ذلك، من خلال الانتقاص من قيمته والتحرش به الى ان يخضع ويستسلم"(1).
فالعنف لا ينحصر في شقه المادي الظاهر للعيان وهو المفهوم الضيق، بل يتعداه الى مفهوم عام وواسع هو العنف المعنوي.
وفيما يخص الترسانة القانونية المغربية فقد حاول المشرع المغربي تطويق هذه الظاهرة على مستوى القانون الداخلي: القانون الجنائي، قانون المسطرة الجنائية، مدونة الأسرة، مدونة الشغل، قانون الحالة المدنية، مدونة التجارة، قانون الجنسية.
وتعزز هذا الأمر بمصادقة المغرب على اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة سنة 1993.
ويبقى التساؤل مطروح، هل وفرت مدونة الأسرة، الصادرة مؤخرا والداخلة حيز التنفيد في 05 فبراير 2004، حماية للنساء ضحايا العنف؟ خاصة وأنها القانون الذي يمس الأسرة في الصميم، ويؤثر على وضعية المرأة أيما تأثير عن طريق اقرار مجموعة حقوق وواجبات.
هذا ما سنحاول تناوله بالتحليل والمناقشة في متن هذا العرض.
المبحث الأول: حماية النساء ضحايا العنف بسبب قيام العلاقة الزوجية:
هذه الحماية تتخذ مظهرين: الأول منح الفتاة الراشدة الامكانية في عقد زواجها بنفسها ودون حجر عليها من أية جهة كانت(مطلب أول)، والثانية ارجاع الزوجة المطرودة الى بيت زوجيتها بواسطة النيابة العامة مع اتخاد كافة التدابير اللازمة لتحقيق حمايتها وأمنها (مطلب ثاني).
المطلب الأول: المقتضيات الجديدة للولاية وحماية النساء ضحايا
العنف:
كما سلفت الاشارة الى ذلك فان العنف ضد النساء لا يتخد دائما طابعا ماديا، بل قد يتخد أحيانا كثيرة طابعا معنويا، وأبرز مظاهر هذا العنف منع الفتاة بالزواج بالشخص الذي ترغب فيه أو ما يصطلح عليه في الفقه الاسلامي بالعضل.
وبالرجوع الى مدونة الأحوال الشخصية الملغاة بمقتضى مدونة الأسرة، نجدها قد حاولت التخفيف من هذا الأمر بأن نصت في مادتها الثانية عشر على ان الولاية حق للمرأة فلا يعقد عليها الولي الا بتفويض منها. كما أعطت للراشدة التي لا أب لها الحق في أن تعقد على نفسها أو توكل من تشاء من الأولياء.
أما مدونة لأسرة في مادتيها 24 و25 فقد توسعت في هذا الأمر وجعلت الولاية حق للمرأة تمارسها الراشدة حسب اختيارها ومصلحتها مثلها مثل الرجل ومن دون الخضوع لأي مراقبة أو موافقة. وأصبح لها الخيار في ان تعقد زواجها بنفسها أو تفوض ذلك لأبيها أو لأحد أقاربها.
وبهذا فقد أصبحت المرأة الراشدة تتمتع بحرية مطلقة في اختيار شريك حياتها وغير مقيدة بأي ولي الا اذا رغبت في ذلك(2).
وحتى يتسنى مقارنة هذا المقتضى القانوني مع الواقع، ثم التوصل من خلال جرد 515 رسم زواج مضمنة بقسم التوثيق بقسم قضاء الأسرة بخنيفرة خلال سنة 2006، ثم التوصل الى أن 262 امرأة راشدة زوجت نفسها بنفسها ودون اعتماد أي ولي أي حوالي %50.8 مما يبين بشكل واضح بان هذا المستجد القانوني للولاية في مدونة الأسرة لب حاجة ماسة لدى شريحة كبيرة من النساء الراغابات في الزواج.
المطلب الثاني: المادة 53 من مدونة الأسرة وحمياة النساء ضحايا العنف.
تعتبر المادة 53 من مدونة الأسرة من اهم المستجدات التي جاءت بها هذه المدونة، التي لم يسبق لها مثيل في القانون المغربي. وتنص هذه المادة على انه : "اذا قام أحد الزوجين باخراج الآخر من بيت الزوجية دون مبرر، تدخلت النيابة العامة من اجل ارجاع المطرود الى بيت الزوجية حالا، مع اتخاد الاجراءات الكفيلة بأمنه وحمايته."
واعطاء هذا الاختصاص للنيابة العامة جاء ضمن منظومة قانونية متكاملة تهدف الى جعل النيابة العامة فاعلا أساسيا ورئيسيا في تطبيق مقتضيات مدونة الأسرة. ولا أدل على ذلك من التنصيص في أوائل نصوص هذه المدونة - المادة 3- على كون النيابة العامة طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية الى تطبيق أحكام هذه المدونة.فمقتضيات مدونة الأسرة في مجملها هي من النظام العام، وتتضمن حقوق أساسية لأفراد الأسرة التي يشكل استقرارها اسقرار للمجتمع بأكمله.
فقيام الزوج بطرد زوجته من بيت الزوجية يشكل أهم مظاهر العنف ضد النساء الذي كثر في الآونة الأخيرة. فما كان على المشرع الى التدخل لحل هاته المعضلة وتلبية لحاجة واقعية، وحفاظا على تماسك الأسرة بحماية النساء ضحايا هذا النوع من العنف.
وباستقراء المادة 53 أعلاه يتضح أن أي زوجة – أو زوج – أخرجت أو طردت من بيت زوجيتها ما عليها الا الالتجاء الى أقرب نيابة عامة(3) لتقوم هاته الأخيرة بارجاعها على الفور.
وعلى النيابة العامة أن تسهر بما لها من تكوين قانوني شامل، ودراية واسعة في التعامل مع النزاعات والتظلمات التي تعرض عليها، أن تسهر على ارجاع الزوجة المطرودة بطريقة تضمن أمنها وحمايتها، وان تتخد من اجل ذلك كافة الوسائل المتاحة قانونا.
فدور النيابة العامة يبدو لأول وهلة أنه دور وقائي لا أقل ولا أكثر، إلا أن هذا لا يمنع النيابة العامة من الأمر بتقديم الزوج الممتنع عن ارجاع زوجته الى بيت الزوجية أمامها(4)، والقيام بالتالي بمتابعته حسب نوع المخالفة المضبوطة في حقه.
وحتى يتسنى معرفة مدى استفادة النساء المطرودات من بيت الزوجية من هذا المقتضى ندلي ببعض الاحصائيات لتطبيق المادة 53 من مدونة الأسرة على مستوى النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بخنيفرة وذلك من خلال الجدول الآتي:
حماية النساء ضحايا العنف من خلال مدونة الأسرة الاستاذة فوزية الحريكة عضو المكتب التنفيذي لاتخاد العمل النسائي كثر الحديث في السنوات الأخيرة عن العنف الممارس في حق النساء، خاصة عنف الازواج ضد زوجاتهن. وبرزت جمعيات ومنظمات وطنية ودولية مهتمة بهذا الشأن. كما ان الدولة بدورها قامت بعدة حملات من اجل مكافحة هذا العنف والقضاء عليه كان آخرها الحملة الوطنية الرابعة لمحاربة العنف ضد النساء التي نظمتها كتابة الدولة المكلفة بالأسرة والطفولة والأشخاص المعاقين تحت شعار "من اجل قانون لمناهضة العنف ضد النساء". فلا غرابة فالعنف ضد النساء أصبح ظاهرة تهدد المجمتع في أهم مكوناته، وهي الأسرة. فعلى امتداد السنوات من 2001 الى 2004 تزايد عدد الجرائم المرتكبة ضد النساء في المغرب- خاصة عنف الأزواج ضد زوجاتهن- بشكل مستمر حيث وصل نسبة 21 % سنة 2002، 34 % سنة 2003 ونسبة 38 % سنة 2004 من الجرائم المسجلة ضد النساء. والعنف كظاهرة حسب تعبير الأستاذة لطيفة توفيق، " لا يمكن الا أن يتأسس على علاقات قوة بين شخصين على الأقل، بحيث يحاول أحد الطرفين بسط نفوذه على الآخر بوسائل العنف والاكراه النفسي والمعنوي أي أنه يعبر عن رغبة شخص ما في ممارسة سلطته وتجسيد ارادته في العلو والقوة والسيطرة على الآخر واهانته اذا اقتضى الأمر ذلك، من خلال الانتقاص من قيمته والتحرش به الى ان يخضع ويستسلم"(1). فالعنف لا ينحصر في شقه المادي الظاهر للعيان وهو المفهوم الضيق، بل يتعداه الى مفهوم عام وواسع هو العنف المعنوي. وفيما يخص الترسانة القانونية المغربية فقد حاول المشرع المغربي تطويق هذه الظاهرة على مستوى القانون الداخلي: القانون الجنائي، قانون المسطرة الجنائية، مدونة الأسرة، مدونة الشغل، قانون الحالة المدنية، مدونة التجارة، قانون الجنسية. وتعزز هذا الأمر بمصادقة المغرب على اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة سنة 1993. ويبقى التساؤل مطروح، هل وفرت مدونة الأسرة، الصادرة مؤخرا والداخلة حيز التنفيد في 05 فبراير 2004، حماية للنساء ضحايا العنف؟ خاصة وأنها القانون الذي يمس الأسرة في الصميم، ويؤثر على وضعية المرأة أيما تأثير عن طريق اقرار مجموعة حقوق وواجبات. هذا ما سنحاول تناوله بالتحليل والمناقشة في متن هذا العرض. المبحث الأول: حماية النساء ضحايا العنف بسبب قيام العلاقة الزوجية: هذه الحماية تتخذ مظهرين: الأول منح الفتاة الراشدة الامكانية في عقد زواجها بنفسها ودون حجر عليها من أية جهة كانت(مطلب أول)، والثانية ارجاع الزوجة المطرودة الى بيت زوجيتها بواسطة النيابة العامة مع اتخاد كافة التدابير اللازمة لتحقيق حمايتها وأمنها (مطلب ثاني). المطلب الأول: المقتضيات الجديدة للولاية وحماية النساء ضحايا العنف: كما سلفت الاشارة الى ذلك فان العنف ضد النساء لا يتخد دائما طابعا ماديا، بل قد يتخد أحيانا كثيرة طابعا معنويا، وأبرز مظاهر هذا العنف منع الفتاة بالزواج بالشخص الذي ترغب فيه أو ما يصطلح عليه في الفقه الاسلامي بالعضل. وبالرجوع الى مدونة الأحوال الشخصية الملغاة بمقتضى مدونة الأسرة، نجدها قد حاولت التخفيف من هذا الأمر بأن نصت في مادتها الثانية عشر على ان الولاية حق للمرأة فلا يعقد عليها الولي الا بتفويض منها. كما أعطت للراشدة التي لا أب لها الحق في أن تعقد على نفسها أو توكل من تشاء من الأولياء. أما مدونة لأسرة في مادتيها 24 و25 فقد توسعت في هذا الأمر وجعلت الولاية حق للمرأة تمارسها الراشدة حسب اختيارها ومصلحتها مثلها مثل الرجل ومن دون الخضوع لأي مراقبة أو موافقة. وأصبح لها الخيار في ان تعقد زواجها بنفسها أو تفوض ذلك لأبيها أو لأحد أقاربها. وبهذا فقد أصبحت المرأة الراشدة تتمتع بحرية مطلقة في اختيار شريك حياتها وغير مقيدة بأي ولي الا اذا رغبت في ذلك(2). وحتى يتسنى مقارنة هذا المقتضى القانوني مع الواقع، ثم التوصل من خلال جرد 515 رسم زواج مضمنة بقسم التوثيق بقسم قضاء الأسرة بخنيفرة خلال سنة 2006، ثم التوصل الى أن 262 امرأة راشدة زوجت نفسها بنفسها ودون اعتماد أي ولي أي حوالي %50.8 مما يبين بشكل واضح بان هذا المستجد القانوني للولاية في مدونة الأسرة لب حاجة ماسة لدى شريحة كبيرة من النساء الراغابات في الزواج. المطلب الثاني: المادة 53 من مدونة الأسرة وحمياة النساء ضحايا العنف. تعتبر المادة 53 من مدونة الأسرة من اهم المستجدات التي جاءت بها هذه المدونة، التي لم يسبق لها مثيل في القانون المغربي. وتنص هذه المادة على انه : "اذا قام أحد الزوجين باخراج الآخر من بيت الزوجية دون مبرر، تدخلت النيابة العامة من اجل ارجاع المطرود الى بيت الزوجية حالا، مع اتخاد الاجراءات الكفيلة بأمنه وحمايته." واعطاء هذا الاختصاص للنيابة العامة جاء ضمن منظومة قانونية متكاملة تهدف الى جعل النيابة العامة فاعلا أساسيا ورئيسيا في تطبيق مقتضيات مدونة الأسرة. ولا أدل على ذلك من التنصيص في أوائل نصوص هذه المدونة - المادة 3- على كون النيابة العامة طرفا أصليا في جميع القضايا الرامية الى تطبيق أحكام هذه المدونة.فمقتضيات مدونة الأسرة في مجملها هي من النظام العام، وتتضمن حقوق أساسية لأفراد الأسرة التي يشكل استقرارها اسقرار للمجتمع بأكمله. فقيام الزوج بطرد زوجته من بيت الزوجية يشكل أهم مظاهر العنف ضد النساء الذي كثر في الآونة الأخيرة. فما كان على المشرع الى التدخل لحل هاته المعضلة وتلبية لحاجة واقعية، وحفاظا على تماسك الأسرة بحماية النساء ضحايا هذا النوع من العنف. وباستقراء المادة 53 أعلاه يتضح أن أي زوجة – أو زوج – أخرجت أو طردت من بيت زوجيتها ما عليها الا الالتجاء الى أقرب نيابة عامة(3) لتقوم هاته الأخيرة بارجاعها على الفور. وعلى النيابة العامة أن تسهر بما لها من تكوين قانوني شامل، ودراية واسعة في التعامل مع النزاعات والتظلمات التي تعرض عليها، أن تسهر على ارجاع الزوجة المطرودة بطريقة تضمن أمنها وحمايتها، وان تتخد من اجل ذلك كافة الوسائل المتاحة قانونا. فدور النيابة العامة يبدو لأول وهلة أنه دور وقائي لا أقل ولا أكثر، إلا أن هذا لا يمنع النيابة العامة من الأمر بتقديم الزوج الممتنع عن ارجاع زوجته الى بيت الزوجية أمامها(4)، والقيام بالتالي بمتابعته حسب نوع المخالفة المضبوطة في حقه. وحتى يتسنى معرفة مدى استفادة النساء المطرودات من بيت الزوجية من هذا المقتضى ندلي ببعض الاحصائيات لتطبيق المادة 53 من مدونة الأسرة على مستوى النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بخنيفرة وذلك من خلال الجدول الآتي: السنة عدد طلبات الارجاع المسجلة عدد حالات الارجاع التي تم تنفيدها عدد الازواج عدد الزوجات 2004 14 10 0 14 2005 21 14 5 16 2006 62 37 8 54 فمن خلال تأمل هذا الجدول يتضح أن طلبات الارجاع الى بيت الزوجية تتزايد سنة عن سنة، وهذا يدل على بدأ فهم هذه المسطرة وعلى تلبيتها لحاجة واقعية. كما ان العدد المنفذ من الطلبات هو عدد لا بأس به، وبالتالي يدل على ان هذه المسطرة أتت أكلها بنسبة كبيرة، عسى السنوات القادمة ان تعرف تحسنا أكثر. المبحث الثاني: حماية النساء ضحايا العنف عن طريق إنهاء العلاقة الزوجية: حالات كثيرة من النساء ضحايا العنف يكون الحل الأمثل لها عن طريق إنهاء العلاقة الزوجية. قال تعالى في محكم كتابه الكريم : "الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان". وحتى لا يكون الحكم في إنهاء العلاقة الزوجية أو استمرارها حكرا على الزوج وتبقى الزوجة تحت رحمته مسلوبة الإرادة، صحية عنفه، أعطتها مدونة الأسرة مكنة اللجوء للقضاء بنفسها قصد إنهاء هذا النوع من العلاقة الزوجية عن طريق المطالبة بالتطليق إما للضرر أو بسبب الشقاق. المطلب الأول: المطالبة بالتطليق للضرر: نظمت هذا المقتضى المواد: 99، 100، 106 من مدونة الأسرة، إذ جاء في المادة 99: "يعتبر ضررا مبرر الطلب التطليق، كل تصرف من الزوج أو سلوك مشين أو مخل بالأخلاق الحميدة يلحق بالزوجة إساءة مادية أو معنوية تجعلها غير قادرة على الاستمرار في العلاقة الزوجية". فمن خلال تأمل هذه المادة يتضح بان حالات العنف الممارس من طرف الأزواج ضد زوجاتهم سواء أكان ماديا كالضرب والجرح والايذاء، أو معنويا كالسب والقذف والاهانة، يدخل وبامتياز ضمن حالات الضرر المبررة للجوء إلى طلب التطليق. كما يتضح أن المشرع تبنى معيارا موضوعيا في تعريف الضرر المبرر لطلب التطليق باستعماله عبارة: " كل تصرف من الزوج او سلوك "، على طلاق الأمر في المادة 56 من مدونة الأحوال الشخصية الملغاة التي جاء فيها : " إذا ادعت الزوجة على زوجها اضراره بها بأي نوع من أنواع الضر الذي لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالها....". وهذا يستفاد منه توجه المشرع نحو توسيع معنى الضرر المبرر للتطليق من جهة، وتثبيت وتدعيم المساواة بين الرجال والنساء في الكرامة الإنسانية – على حد تعبير الاستاذ محمد الكشبور– من جهة ثانية(5). وإثبات وقائع الضرر يكون بكافة وسائل الاثبات بما فيها شهادة الشهود الذين تستمع اليهم المحكمة في غرفة المشورة. إلا انه وبالرغم من توسع المشرع في مفهوم الضرر وكيفية اثباته، فقد تطرح حالات تعجز فيها الزوجات عن اثبات الضرر اللاحق بهن. خاصة وان اعتداءات الازواج تتخد من بيت الزوجية مسرحا لها، والمسكن بطبيعة الحال مكان مقدس بمقتضى أعلى قانون في البلاد - الستور لايجوز للغير الاطلاع عليه الا بمقتضى القانون وفي حالات جد محصورة.لهذا تنبه المشرع في مدونة الأسرة لهذا الامر وصرح في الفقرة الثانية من المادة 100 بانه اذا لم تتبت الزوجة الضرر، وأصرت على طلب التطليق، يمكنها اللجوء الى مسطرة الشقاق. فما هي يا ترى مسطرة الشقاق ؟ وهل من حماية وفرتها للنساء ضحايا العنف ؟ تعتبر مسطرة الشقاق المنظمة في مدونة الاسرة بمقتضى المواد من 94 الى 97، من ابرز مستجدات هذه المدونة ان لم نقل من اهمها على الاطلاق. فنتيجة وغاية هذه المسطرة هي اما الصلح او الحكم بالتطليق، وبالتالي رفع الحيف عن كثير من النساء كن مجبرات على البقاء في حياة زوجية متضررات منها الا انهن غير قادرات على اثبات هذا الضرر. وتتم هذه المسطرة عن طريق تقديم الزوجة – او الزوج – طلب الى المحكمة لحل نزاع بينهما يخاف منه الشقاق، لتقوم المحكمة تلقائيا بكل المحاولات لإصلاح ذات البين. وعند حضور الطرفين، تجري المناقشات بغرفة المشورة، بما في ذلك الاستماع الى الشهود ولمن ترى المحكمة فائدة في الاستماع اليه. وللمحكمة أن تقوم بكل الاجراءات بما فيها انتداب حكمين او مجلس العائلة، او من تراه مؤهلا لاصلاح ذات البين، على ان تقوم بمحاولتين للصلح على الاقل تفصل بينهما مدة لا تقل عن ثلاثين يوما حال وجود اطفال. إذا توصل الحكمان الى الاصلاح بين الزوجين، حررا مضمونة في تقرير من ثلاث نسخ يوقعها الحكمان والزوجان ويرفعانه الى المحكمة التي تسلم كل واحد من الزوجين نسخة منه وتحفظ الثالثة في الملف ليتم الاشهاد على ذلك من طرفها. أما إذا اختلف الحكمان في مضمون التقرير او في تحديد المسؤولية، او لم يقدماه خلال الاجل المحدد لهما، امكن للمحكمة ان تجري بحثا اضافيا بالوسيلة التي تراها ملائمة. وفي حالة تعذر الاصلاح واستمرار الشقاق، تثبت المحكمة ذلك في محضر، وتحكم بالتطليق وبالمستحقات طبقا للنصوص المنظمة لها.(6) مراعية مسؤولية كل من الزوجين في التسبب في الطلاق في تقدير ما يمكن ان تحكم به على الزوج المسؤول لفائدة الاخر. إذن فالزوجة بالإضافة إلى نيلها للتطليق فهي تنال حتى مستحقاتها ومستحقات ابنائها من متعة وكالئ الصداق اجرة السكن اثناء العدة ونفقة ابنائها، بالرغم من كون الزوج لم يطلب الطلاق. ومما يزيد هذه المسطرة حماية للنساء ضحايا العنف هو اجل البت فيها الذي لا ينبغي ان يتجاوز ستة اشهر من تاريخ تقديم الطلاق. وإضافة إلى الحالة العامة لمسطرة الشقاق هناك حالات خاصة اعطى فيها المشرع امكانية اللجوء الى هذه المسطرة. إما عن طريق تطبيقها تلقائيا من طرف المحكمة، خاصة حالة تمسك الزوج بطلب الاذن بالتعدد، ولم توافق الزوجة المراد التزوج عليها، ولم تطلب التطليق(7). أو بناء على طلب الزوجة او الزوج في الحالات الاتية: - حالة إصرار احد الزوجين على الاخلال بالواجبات المتبادلة بينهما والمنصوص عليها في المادة 51 من مدونة الاسرة(8). - حالة اصرار الزوجة على طلب الخلع، وعدم استجابة الزوج(9). - حالة عجز الزوجة عن اثبات الضرر المبرر لطلب التطليق(10). والجدول الإحصائي الآتي والمنجز على مستوى قسم قضاء الاسرة بالمحكمة الابتدائية بخنيفرة برسم سنة 2006. يبين لنا مدى الاقبال المتزايد على سلوك مسطرة الشقاق خلاف ما هو عليه الامر بالنسبة لطلب التطليق للضرر وذلك للأسباب الانفة الذكر: الفترة الإحصائية نوع التطليق عدد الطلبات المسجلة الثلاثة اشهر الأولى من سنة 2006 التطليق للشقاق التطليق للضرر 26 10 الثلاثة اشهر الثانية من سنة 2006 التطليق للشقاق التطليق للضرر 33 11 الثلاثة اشهر الثالثة من سنة 2006 التطليق للشقاق التطليق للضرر 43 4 الثلاثة اشهر الرابعة من سنة 2006 التطليق للشقاق التطليق للضرر 48 6 إذن فمدونة الأسرة توفر حماية هامة للنساء ضحايا العنف. إلا أن الإشكال لا يتمثل في وجود القوانين فحسب بل ينبغي فهمها والوعي بوجودها من طرف المستفيذين منها وفهم كيفية الاستفادة منها، وهذا هو الدور الذي ينبغي أن تجتهد فيه وسائل الإعلام، ومنظمات، وجمعيات المجتمع المدني، خاصة أمام نسبة الأمية المستفحلة في المجتمع المغربي.
السنة عدد طلبات الارجاع المسجلة عدد حالات الارجاع التي تم تنفيدها عدد الازواج عدد الزوجات
2004 14 10 0 14
2005 21 14 5 16
2006 62 37 8 54
فمن خلال تأمل هذا الجدول يتضح أن طلبات الارجاع الى بيت الزوجية تتزايد سنة عن سنة، وهذا يدل على بدأ فهم هذه المسطرة وعلى تلبيتها لحاجة واقعية.
كما ان العدد المنفذ من الطلبات هو عدد لا بأس به، وبالتالي يدل على ان هذه المسطرة أتت أكلها بنسبة كبيرة، عسى السنوات القادمة ان تعرف تحسنا أكثر.
المبحث الثاني: حماية النساء ضحايا العنف عن طريق إنهاء العلاقة
الزوجية:
حالات كثيرة من النساء ضحايا العنف يكون الحل الأمثل لها عن طريق إنهاء العلاقة الزوجية. قال تعالى في محكم كتابه الكريم : "الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان". وحتى لا يكون الحكم في إنهاء العلاقة الزوجية أو استمرارها حكرا على الزوج وتبقى الزوجة تحت رحمته مسلوبة الإرادة، صحية عنفه، أعطتها مدونة الأسرة مكنة اللجوء للقضاء بنفسها قصد إنهاء هذا النوع من العلاقة الزوجية عن طريق المطالبة بالتطليق إما للضرر أو بسبب الشقاق.
المطلب الأول: المطالبة بالتطليق للضرر:
نظمت هذا المقتضى المواد: 99، 100، 106 من مدونة الأسرة، إذ جاء
في المادة 99:
"يعتبر ضررا مبرر الطلب التطليق، كل تصرف من الزوج أو سلوك مشين أو مخل بالأخلاق الحميدة يلحق بالزوجة إساءة مادية أو معنوية تجعلها غير قادرة على الاستمرار في العلاقة الزوجية".
فمن خلال تأمل هذه المادة يتضح بان حالات العنف الممارس من طرف الأزواج ضد زوجاتهم سواء أكان ماديا كالضرب والجرح والايذاء، أو معنويا كالسب والقذف والاهانة، يدخل وبامتياز ضمن حالات الضرر المبررة للجوء إلى طلب التطليق.
كما يتضح أن المشرع تبنى معيارا موضوعيا في تعريف الضرر المبرر لطلب التطليق باستعماله عبارة: " كل تصرف من الزوج او سلوك "، على طلاق الأمر في المادة 56 من مدونة الأحوال الشخصية الملغاة التي جاء فيها : " إذا ادعت الزوجة على زوجها اضراره بها بأي نوع من أنواع الضر الذي لا يستطاع معه دوام العشرة بين أمثالها....".
وهذا يستفاد منه توجه المشرع نحو توسيع معنى الضرر المبرر للتطليق من جهة، وتثبيت وتدعيم المساواة بين الرجال والنساء في الكرامة الإنسانية – على حد تعبير الاستاذ محمد الكشبور– من جهة ثانية(5).
وإثبات وقائع الضرر يكون بكافة وسائل الاثبات بما فيها شهادة الشهود الذين تستمع اليهم المحكمة في غرفة المشورة.
إلا انه وبالرغم من توسع المشرع في مفهوم الضرر وكيفية اثباته، فقد تطرح حالات تعجز فيها الزوجات عن اثبات الضرر اللاحق بهن. خاصة وان اعتداءات الازواج تتخد من بيت الزوجية مسرحا لها، والمسكن بطبيعة الحال مكان مقدس بمقتضى أعلى قانون في البلاد - الستور لايجوز للغير الاطلاع عليه الا بمقتضى القانون وفي حالات جد محصورة.لهذا تنبه المشرع في مدونة الأسرة لهذا الامر وصرح في الفقرة الثانية من المادة 100 بانه اذا لم تتبت الزوجة الضرر، وأصرت على طلب التطليق، يمكنها اللجوء الى مسطرة الشقاق. فما هي يا ترى مسطرة الشقاق ؟ وهل من حماية وفرتها للنساء ضحايا العنف ؟
تعتبر مسطرة الشقاق المنظمة في مدونة الاسرة بمقتضى المواد من 94 الى 97، من ابرز مستجدات هذه المدونة ان لم نقل من اهمها على الاطلاق.
فنتيجة وغاية هذه المسطرة هي اما الصلح او الحكم بالتطليق، وبالتالي رفع الحيف عن كثير من النساء كن مجبرات على البقاء في حياة زوجية متضررات منها الا انهن غير قادرات على اثبات هذا الضرر.
وتتم هذه المسطرة عن طريق تقديم الزوجة – او الزوج – طلب الى المحكمة لحل نزاع بينهما يخاف منه الشقاق، لتقوم المحكمة تلقائيا بكل المحاولات لإصلاح ذات البين.
وعند حضور الطرفين، تجري المناقشات بغرفة المشورة، بما في ذلك الاستماع الى الشهود ولمن ترى المحكمة فائدة في الاستماع اليه.
وللمحكمة أن تقوم بكل الاجراءات بما فيها انتداب حكمين او مجلس العائلة، او من تراه مؤهلا لاصلاح ذات البين، على ان تقوم بمحاولتين للصلح على الاقل تفصل بينهما مدة لا تقل عن ثلاثين يوما حال وجود اطفال.
إذا توصل الحكمان الى الاصلاح بين الزوجين، حررا مضمونة في تقرير من ثلاث نسخ يوقعها الحكمان والزوجان ويرفعانه الى المحكمة التي تسلم كل واحد من الزوجين نسخة منه وتحفظ الثالثة في الملف ليتم الاشهاد على ذلك من طرفها.
أما إذا اختلف الحكمان في مضمون التقرير او في تحديد المسؤولية، او لم يقدماه خلال الاجل المحدد لهما، امكن للمحكمة ان تجري بحثا اضافيا بالوسيلة التي تراها ملائمة.
وفي حالة تعذر الاصلاح واستمرار الشقاق، تثبت المحكمة ذلك في محضر، وتحكم بالتطليق وبالمستحقات طبقا للنصوص المنظمة لها.(6) مراعية مسؤولية كل من الزوجين في التسبب في الطلاق في تقدير ما يمكن ان تحكم به على الزوج المسؤول لفائدة الاخر.
إذن فالزوجة بالإضافة إلى نيلها للتطليق فهي تنال حتى مستحقاتها ومستحقات ابنائها من متعة وكالئ الصداق اجرة السكن اثناء العدة ونفقة ابنائها، بالرغم من كون الزوج لم يطلب الطلاق.
ومما يزيد هذه المسطرة حماية للنساء ضحايا العنف هو اجل البت فيها الذي لا ينبغي ان يتجاوز ستة اشهر من تاريخ تقديم الطلاق.
وإضافة إلى الحالة العامة لمسطرة الشقاق هناك حالات خاصة اعطى فيها المشرع امكانية اللجوء الى هذه المسطرة.
إما عن طريق تطبيقها تلقائيا من طرف المحكمة، خاصة حالة تمسك الزوج بطلب الاذن بالتعدد، ولم توافق الزوجة المراد التزوج عليها، ولم تطلب التطليق(7).
أو بناء على طلب الزوجة او الزوج في الحالات الاتية:
- حالة إصرار احد الزوجين على الاخلال بالواجبات المتبادلة بينهما والمنصوص عليها في المادة 51 من مدونة الاسرة(8).
- حالة اصرار الزوجة على طلب الخلع، وعدم استجابة الزوج(9).
- حالة عجز الزوجة عن اثبات الضرر المبرر لطلب التطليق(10).
والجدول الإحصائي الآتي والمنجز على مستوى قسم قضاء الاسرة بالمحكمة الابتدائية بخنيفرة برسم سنة 2006. يبين لنا مدى الاقبال المتزايد على سلوك مسطرة الشقاق خلاف ما هو عليه الامر بالنسبة لطلب التطليق للضرر وذلك للأسباب الانفة الذكر:
الفترة الإحصائية
نوع التطليق عدد الطلبات المسجلة
الثلاثة اشهر الأولى من سنة 2006 التطليق للشقاق
التطليق للضرر 26
10
الثلاثة اشهر الثانية من سنة 2006 التطليق للشقاق
التطليق للضرر 33
11
الثلاثة اشهر الثالثة من سنة 2006 التطليق للشقاق
التطليق للضرر 43
4
الثلاثة اشهر الرابعة من سنة 2006 التطليق للشقاق
التطليق للضرر 48
6
إذن فمدونة الأسرة توفر حماية هامة للنساء ضحايا العنف. إلا أن الإشكال لا يتمثل في وجود القوانين فحسب بل ينبغي فهمها والوعي بوجودها من طرف المستفيذين منها وفهم كيفية الاستفادة منها، وهذا هو الدور الذي ينبغي أن تجتهد فيه وسائل الإعلام، ومنظمات، وجمعيات المجتمع المدني، خاصة أمام نسبة الأمية المستفحلة في المجتمع المغربي.
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم