📁 آخر الأخبار

الاوجه المعتمدة في دعوى الالغاء

 


الاوجه المعتمدة في دعوى الالغاء

...بقلم الاستاذ خالد خالص المحامي بهيئة الرباط

 الاستاذ خالد خالص  المحامي بهيئة الرباط
 
الاوجه المعتمدة في دعوى الالغاء

 

 
 يفترض في القرار الاداري الذي يؤثر في المراكز القانونية للاطراف صحته ومشروعيته اذ لا معنى لان تصدر الادارة ( ونقصد بالادارة جميع الجهات التي تصدر قرارات ادارية سواء كانت هذه الجهات تابعة للجهاز التنفيذي او لغيره ) قرارات معيبة او غير مشروعة وهي تسعى الى تحقيق المصلحة العامة طبقا للقانون.
  وانطلاقا من هذه القاعدة فان على من يدعي عدم صحة وعدم مشروعية القرار الاداري ان يتبث العكس. فمتخذ القرار الاداري سواء كان القرار مشروعا او متجاوزا للسلطة يجد نفسه دائما في مكان المدعى عليه اي في وضعية مريحة مقارنة مع طالب الالغاء الذي يجد نفسه مكان المدعي وما تتطلبه هذه الوضعية من نفس ومن جهود للنجاح في اقناع القاضي بالغائه. فبالرغم من ان القضاء الاداري المغربي دأب على مطالبة الادارة بتقديم جميع الحجج التي ادت الى اتخاد القرار الاداري ( محمد محجوبي، الوجيز في القضاء الاداري المغربي بعد احداث المحاكم الادارية، دار القلم، 2002، ص. 131 ) فان مهمة دفاع طالب الالغاء تبقى مهمة دقيقة وصعبة امام الجانب التقني لهذه الدعوى.
  فالى جانب الشروط الشكلية المتعلقة بقبول دعوى الالغاء والمتعلقة بالقرار المطعون فيه و بالطاعن في القرار و بآجال الطعن وعدم وجود امكانية الدعوى الموازية فان المادة 20 من القانون المحدث للمحاكم الادارية تنص على ان "كل قرار اداري صدر من جهة غير مختصة او لعيب في شكله او لانحراف في السلطة او لانعدام التعليل او لمخالفة القانون، يشكل تجاوزا في استعمال السلطة –و- يحق للمتضرر الطعن فيه امام الجهة القضائية الادارية المختصة". واسباب الطعن هاته هي التي تشكل   الشروط الموضوعية لدعوى الالغاء. ولا بد من التذكير بان المشرع لا يشترط ان تكون العيوب الخمسة مجتمعة كلها في القرار المطعون فيه بالالغاء بل يكفي قيام اي عيب منها ليقرر القضاء الاداري الغائه.

 1- عيب عدم الاختصاص :

 يقصد بالاختصاص   الصلاحية او الاهلية الموكولة من قبل المشرع   لسلطة ادارية معينة في اتخاذ قرارات ادارية. وحينما يصدر القرار الاداري عن سلطة لا تملك الاهلية القانونية لاصداره فان القرار يشوبه عيب عدم الاختصاص.
 وعيب عدم الاختصاص من النظام العام ويمكن للقاضي الاداري اتارثه تلقائيا وفي اي مرحلة من مراحل الدعوى دون انتظار الدفع به من قبل المدعي. وعدم الاختصاص كأحد عيوب القرار الاداري ينقسم الى ثلاثة اقسام : عدم الاختصاص الموضوعي، عدم الاختصاص المكاني وعدم الاختصاص الزماني.
- عدم الاختصاص الموضوعي :
 وينقسم بدوره الى عدم الاختصاص الايجابي   كأن يصدر القرار على جهة غير مختصة   في اصداره والى عدم الاختصاص السلبي كأن ترفض جهة مختصة اصدار قرار اداري هو من صميم اختصاصاتها. ففي الحالة الاولى يكون القرار ايجابيا صريحا بينما يكون في الحالة الثانية قرارا سلبيا وضمنيا.
 ونذكر كمثال على عدم الاختصاص الايجابي   حكم المحكمة الادارية بمراكش الصادر بتاريخ 15-12-1999 الذي اعتبر قرار مجلس الوصاية البات في شأن استغلال اراضي الجيش متسما بعيب الاختصاص الموجب لالغائه باعتبار ان الفصل 16 من الظهير الؤرخ في 27-4-1999 يحصر اختصاصات مجلس الوصاية في تنظيم وصايته على الجماعات وتدبير شؤون املاكها وتفويتها مستثنيا اراضي الجيش. ( مجلة المحامي، العدد 37-38، ص. 116).
 ونذكر كذلك كمثال على عدم الاختصاص الايجابي حكم المحكمة الادارية بوجدة الصادر بتاريخ 29ـ9ـ1999 الذي قضى بالغاء قرار رئيس المجلس الجماعي المتخذ بناء على طلب السلطة المحلية   الذي قرر الغاء دورة استثنائية دعت الى عقدها أغلبية أعضاء المجلس طبقا للفصل 15 من ظهير 30 شتنبر 1976 المتعلق بالتنظيم الجماعي باعتبار انه لا يملك لوحده سلطة الالغاء. واعتبرت المحكمة ان السماح للرئيس بالغاء دورة استثنائية تمت طبقا للفصل 15 من شأنه ان يفرغ هذا النص من محتواه اذ تصبح سلطة الرئيس حاسمة في الغاء كل دورة لا يريد عقدها سواء بمبادرة منه او من الغير( المحكمة الادارية بوجدة، حكم 111-99، بتاريخ 29 شتنبر 1999، الدليل العملي للاجتهاد القضائي في المادة الادارية، منشورات المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية، 16، الجزء الاول، ص.175.).
 كما يمكن الاستدلال بعدم الاختصاص الايجابي الذي اثارثه المحكمة الادارية بالرباط تلقائيا في الحكم الصادر بتاريخ 19-5-1999 حينما الغت قرارا اداريا يرمي الى عزل موظف من وظيفته لان القرار موقع من قبل رئيس قسم الموارد البشرية بالاصالة دون الاشارة الى توفره على تفويض من طرف السلطة التي لها حق التسمية والتي هي في النازلة لوزير الصيد البحري (ريمالد، المرجع السابق، ص. 179. انظر في نفس الاتجاه قرار الغرفة الادارية بالمجلس الاعلى عدد 283 وتاريخ 18-3-1999 الذي ورد فيه بان توقيع القرار الاداري من طرف موظف غير ذي صفة وغير مفوض له يعتبر شططا في استعمال السلطة؛ منشور   بالمجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية، العدد 32، ص. 165) والتفويض في الاختصاص يعني ان يعهد صاحب الاختصاص الاصلي لشخص آخر بممارسة جزء من اختصاصه طبقا للشروط والضوابط التي يقررها القانون.
ودائما فيما يتعلق بعدم الاختصاص الايجابي   يمكن اثارة ما قضت به المحكمة الادارية بمراكش بتاريخ 7-4-1999 حينما الغت قرار العامل بسحب مقرر الترخيص الممنوح للطاعن   من قبل المجلس البلدي باستغلال مضخة للوقود اعتمادا على شكاية جار للطاعن يمارس نفس التجارة بنفس الرصيف باعتبار انه   فصل في منازعة تخرج عن دائرة اختصاصه وتدخل في اختصاص القضاء. ( مجلة المحامي العدد 6، ص,99 ) اما فيما يخص عدم الاختصاص السلبي فيمكن اثارة حكم ادارية مراكش الصادر بتاريخ 19 ماي 1999 الذي قرر انه لا يحق للسلطة المحلية رفض تسليم وصل الايداع المتعلق بتأسيس الجمعيات وان القضاء وحده هو المختص بمراقبة المشروعية ومدى احترام الجمعيات للقانون والتزامها به. ( ريمالد، المرجع السابق، ص. 181، او حكم نفس المحكمة الصادر بتاريخ 9-10-1997، مجلة المحامي العدد 32 ص,262 ).

 - عدم الاختصاص المكاني

 ويتعلق الامر باصدار قرار اداري يخرج عن الدائرة الترابية للجهة المصدرة له. فاذا كان الاصل في اختصاص بعض اعضاء السلطة التنفيذية  ( كالوزراء مثلا ) يشمل مجموع ثراب المملكة فان المشرع قيد اختصاص بعض الاشخاص في نطاق جغرافي محدد ويجب من ثم على هؤلاء الاشخاص ان يحترموا   في اتخاد قراراتهم الحدود الجغرافية التي تقع تحث سلطتهم  والا لكانت هذه القرارات معيبة بعيب عدم الاختصاص المكاني.     
- عدم الاختصاص الزماني
ويعني ان يصدر القرار الاداري في فترة زمنية  لا يكون الاختصاص منعقدا للشخص الذي اصدره اي ان يصدر القرار اما قبل تقليد الاختصاص لمصدر القرار واما بعد انتهاء المدة التي كان له خلالها الاختصاص.
 كما ان المشرع حدد بعض المدد الزمانية لاصدار بعض القرارات الادارية اذا لم تصدر خلالها اصبحت معيبة بعيب عدم الاختصاص الزماني.
2- عيب الشكل
 يقصد بالشكل في القرار الاداري ان يتم وفقا للاجراءات التي يجب احترامها قبل صدوره وعلى الشكل الخارجي الذي نص عليه القانون. ومن الفقهاء من يفرق بين عيب الاجراء وعيب الشكل ومنهم من يجمع الاثنين في عيب الشكل.
 و يمكن الدفع بعيب الشكل اذن كلما صدر القرار الاداري دون احترام الاجراءات او الشكليات المتطلبة قانونا.
 والاجراءات القانونية التي يجب ان تسبق بعض القرارات الادارية متعددة ومتنوعة وتعني مجموع  العمليات التي يجب على الادارة اتباعها قبل الاقدام على اتخاذ القرار الاداري. وتختلف الاجراءات من قرار لاخر حيث من الممكن ان تتعلق مثلا بضمان الحق في الدفاع.
وهكذا قضت المحكمة الادارية بمراكش بتاريخ 27-9-2000 بالغاء القرار الاداري الصادر عن رئيس المجلس الجماعي لسيدي بوعثمان القاضي بعزل الطاعن عن عمله لان القرار انطوى على مخالفة اساسية تتجلى في تفويت الفرصة عليه للدفاع عن نفسه ( طبقا للفصلين 66 و67 من النظام الاساسي للوظيفة العمومية ) ومن تم خرق الضمانات التأديبية قبل اتخاذ العقوبة ( مجلة المحامي، العدد 47، ص.349 ).
 كما يمكن للاجراءات التي تسبق اتخاذ القرار الاداري ان تنصب على الالتزام باحترام وقت معين من طرف الادارة.
 وهكذا قضت المحكمة الادارية بالدارالبيضاء بتاريخ 25-4-2001 بان قرار توقيف الموظف مع استمرار حرمانه من رواتبه واجوره ودون احالته على المجلس التأديبي رغم المدة التي حددها القانون لهذه الحالة (اربعة اشهر حسب الفصل  73 من النظام الاساسي  للوظيفة العمومية ) يجعل القرار مشوبا بالشطط في استعمال السلطة وقابلا للالغاء ( مجلة المحاكم المغربية، العدد 90، 2001، ص.181 )
اما بخصوص الشكل الذي يجب ان يتوفر في القرار الاداري فيقصد به الصورة التي يوضع فيها القرار. ولا يشترط في القرار الاداري ان يصدر في صيغة معينة او بشكل معين الا اذا نص القانون على خلاف ذلك. فيمكن ان يكون القرار مكتوبا او شفويا او ان يأخد شكلا آخر كالاشارة او الايماءة او السكوت الذي يعني الرفض او القبول. "ولا يمكن للقاضي ان يفرض على الادارة كتابة قرارها الشفوي" ( المحكمة الادارية بالرباط، حكم 8-1-1997، المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية، العدد 20-21، ص.147).
 والقرار المكتوب يتضمن غالبا بعض البيانات التي ينص عليها المشرع او العرف الاداري.
 ومن جملة ما يتضمنه القرار عادة مكان وتاريخ صدوره ومضمون القرار و تسبيبه والتوقيع عليه من الجهة المصدرة له.
اما فيما يخص تسبيب القرار الاداري كصورة لاشكاله فان الامر يتعلق ببيان الاسباب الداعية لاتخاذ القرار الاداري المكتوب. والمشرع المغربي لم  يلزم الادارة بتسبيب قراراتها الا سنة 2002 بمقتضى الظهير رقم 01-03 الصادر بتاريخ 12 غشت
  2002. وهنالك فرق شاسع  بين عيب الشكل المتمثل في انعدام التسبيب ( او انعدام التعليل ) وعيب السبب الذي سنتطرق اليه فيما بعد.
ومن جهة اخرى يعتبر التوقيع من اهم الشكليات التي يجب ان يتضمنها القرار لمعرفة الشخص الذي اتخده ومعرفة هل يتوفر على الاختصاص لاتخاده.
ويمكن الاستدلال بحكم المحكمة الادارية باكادير الصادر بتاريخ 23-1-1997 الذي اورد ان المادة 3 من ظهير 27-4-1919 حددت تشكيلة مجلس الوصاية في انعقاده برئاسة وزير الداخلية او من ينوب عنه ومن وزير الفلاحة والغابات او نائبه ومديري الشؤون السياسية والادارية بوزارة الداخلية او من ينوب عنهما بالاضافة الى عضوين اثنين يعينهما وزير الداخلية وان المادة 12 من نفس الظهير وضعت قواعد شكلية واجراءات تتوقف عليها سلامة قراراته اهمها هو تشكيل هذا المجلس حسب ما ورد اعلاه وضرورة توقيع جميع الاعضاء المكونين له على المقررات الصادرة عنه. وباعتبار انه يستخلص من   القرار المطعون فيه انه لا يتضمن جميع اعضاء مجلس الوصاية ولا توقيعاتهم باستثناء توقيع مدير الشؤون القروية نيابة عن وزير الداخلية الشيء الذي يجعل القرار متسما بتجاوز السلطة لاخلاله بالشكليات الجوهرية التي يترتب عن تخلفها البطلان. ( مجلة المرافعة، العدد 10، مارس 2000، ص. 265).
اما فيما يتعلق بالشكل الشفوي للقرار الاداري فاهمه السكوت الذي يعني غالبا الرفض وقد يعني القبول في بعض الحالات التي يحددها القانون وهو ما يعبر عنه بالقرار الضمني. وقد نصت المادة 23 من قانون احداث المحاكم الادارية على انه "اذا التزمت الادارة الصمت طوال ستين يوما في شأن طلب قدم اليها اعتبر سكوتها عنه ما لم ينص قانون على خلاف ذلك بمثابة رفض...".

 3- عيب مخالفة القانون

 ويتجسد هذا العيب في محل او موضوع القرار الاداري وفي الاثر القانوني الذي يحدثه. ويشترط في المحل الا يخالف احكام القانون وان يكون ممكنا.
 وهكذا حكمت المحكمة الادارية بالرباط بتاريخ 13-9-1999 بالغاء القرار الصادر عن مدير دار الحديث الحسنية القاضي برفض قبول ترشيح الطاعن لمباراة ولوج دار الحديث الحسنية بعلة عدم حصوله على الاجازة بميزة مستحسن على الاقل لانه ما دامت شروط تنظيم مباراة ولوج دار الحديث الحسنية محددة بمقتضى المرسوم الملكي الصادر بتاريخ 6-8-1968 فان اي تغيير لهذه الشروط يجب ان يكون بمقتضى مرسوم ايضا، او بموجب مقتضيات قانونية او تنظيمية ولا تغني عن ذلك التوصيات الصادرة عن اللجنة الوطنية للاعتماد والتقييم او رسالة السيد وزير التعليم العالي وتكوين الاطر والبحث العلمي الى السيد مدير دار الحديث الحسنية لان كلا من تلك التوصيات وتلك الرسالة لا ترقى الى درجة القانون الملزم للجميع والواجب التطبيق. ( ريمالد، المرجع السابق، ص. 203).
 و قضت المحكمة الادارية بالرباط بتاريخ 15 نونبر 2001   بان المجلس البلدي ملزم بمراقبة مدى مطابقة التصاميم للضوابط القانونية والتقنية المعمول بها طبقا لقانون التعمير وان منحه للرخصة المطعون فيها دون مراعاة الضوابط المذكورة يجعل قراره بهذا الشأن مشوبا بعيب مخالفة القانون مما يبرر الحكم بالغائه. ( مجلة القصر العدد 10، يناير 2005، ص. 265 ).
 وقضت المحكمة الادارية بالرباط بتاريخ 22 يناير 2004 بان امكانية توقيف رجل السلطة من طرف عامل العمالة او الاقليم منوط بضرورة اخبار وزير الداخلية على الفور بقرار التوقيف وباستدعاء المجلس التاديبي للانعقاد في اجل اقصاه اربعة اشهر ( الفصل 6 من ظهير 15 فبراير 1977 بتحديد اختصاصات العمال والفصل 73 من ظهير 24 فبراير 1958 المتعلق بالنظام الاساسي العام للوظيفةالعمومية ) على صدور القرار، وان عدم مراعاة هذين الشرطين تجعل القرار مشوبا بتجاوز السلطة لعيب مخالفة القانون. ( المجلة المغربية للمنازعات القانونية، العدد 3-4 ، سنة 2005، ص. 245 ).
 كما قضت المحكمة الادارية بالدارالبيضاء بتاريخ 20-2-2002 بالغاء  قرار امتناع رئيس غرفة الصيد البحري من عقد دورة استثنائية بطلب من ثلث الاعضاء لانه يشكل مخالفة للقانون ويتسم بالشطط في استعمال السلطة. (ريمالد، المرجع السابق، ص.   222  وقضت المحكمة الادارية بالرباط بتاريخ 11 دجنبر 2003 بالغاء قرار وزير التربية الوطنية بعزل موظف اثبت ان تغيبه كان مبررا بحالته المرضية واثبت توصل الادارة بشهادات طبية تفيد ذلك قبل اتخاذ القرار بوقت طويل وان الادارة لم تحترم مقتضيات الفصل 75 من النظام الاساسي العام للوظيفة العمومية مما يجعل القرار مشوب بعيب مخالفة القانون. ( المجلة المغربية للمنازعات القانونية، العدد 3-4 ، 2005، ص.252 )
  وقضت المحكمة الادارية بوجدة برفض طلب الغاء قرار اداري اسند المنصب الشاغر الى معلمة حديثة العهد تقدم به احد الموظفين بسلك التعليم معللة حكمها  "بان العمل على تجنيب الاناث المدرسات المشاق والانشغالات التي يتعرضن لها عند تعيينهم في المناطق النائية وجعل هذا التعيين مقتصرا على المدرسين الذكور ليس فيه اي خرق للقانون ولا يمس بمبدا المساواة وانما يخدم المصلحة العامة المتمثلة في الرفع من مستوى المردودية وتربية النشىء في احسن الظروف". ( مجلة القصر، العدد 10، يناير 2005، ص. 2 ).
 ومن جهة اخرى فانه يشترط في المحل ان يكون ممكنا من الناحية القانونية ومن الناحية الواقعية كذلك. فلا يمكن اتخاد قرار بتعيين موظف مثلا   اذا لم يكن هناك منصب مالي شاغر   او اتخاد قرار بترقية موظف الى درجة اعلى بالرغم من وجود الدرجة المرقى لها مشغولة او غير شاغرة.
 كما لا يمكن اتخاد قرار بهدم منزل آيل للسقوط اذا تبين ان المنزل قد انهار فعلا قبل اتخاذ القرار.   ويترتب عن ذلك ان مثل هذه القرارات الادارية تصبح منعدمة وليس فقط قابلة للبطلان او الالغاء. والفرق بين القرار المعدوم او المنعدم والقرار الباطل او القابل للالغاء هو ان القرار المعدوم لا يتحصن بفوات آجال الطعن بالالغاء.
 4- عيب الانحراف في استعمال السلطة
 القرار الاداري ليس غاية في حد ذاتها بل هو وسيلة يهدف منها تحقيق الغايات والاهداف والمصالح العامة للمجتمع. فاذا كان مصدر القرار الاداري يستهدف غاية بعيدة عن المصلحة العامة او غاية بعيدة عن الغاية التي حددها القانون فان قراره يكون مشوبا بعيب الانحراف في استعمال السلطة ويقال له كذلك عيب اساءة استعمال السلطة مما يجعل القرار مستحقا للالغاء.
 وكمثال عن ذلك القرار الاداري الذي يقصد به تحقيق غرض شخصي لمصدره او كوسيلة للانتقام من غيره.
 وعيب الانحراف في استعمال السلطة يكون متصلا بنفسية مصدر القرار وبنواياه وما ينتظر تحقيقه من خلال القرار الاداري. وهو عيب عمدي القصد منه غير المصلحة العامة. و كمثال على ذلك القرارات التي   تهدف الى الانتقام من موظف معين لاسباب سياسية او نقابية او دينية او بسبب خصومة شخصية او غيرها.
 وقد قضت المحكمة الادارية بالدارالبيضاء بان قرار نقل موظف وان كان يتجلى من ظاهره انه اتخذ لتحقيق المصلحة العامة فانه في باطنه جاء متضمنا في طياته قرارا تأديبيا مقنعا باعتبار ان نية الادارة اتجهت الى عقابه ( للحيلولة بينه وبين ممارسة نشاطه النقابي ) من غير اتباع الاجراءات المقررة لذلك وبذلك تكون قد انحرفت بسلطتها في القرار لتحقيق هذا الغرض المتستر ويكون قرارها بمثابة الجزاء التأديبي مما يجعله مشوبا بعيب اساءة استعمال السلطة ومعرضا للالغاء ( ريمالد، المردع السابق، ص.304).
كما قضت المحكمة الادارية بمراكش وفي نفس الاتجاه بان اصدار عقوبة تأديبية في حق موظف ثم اردافها بعد مضي يوم واحد من تاريخ استئنافه لعمله بقرار نقله لاجل المصلحة العامة دون سبب مصلحي حقيقي   يدل بوضوح على انحراف الادارة في استعمال سلطتها مما يتعين معه التصريح بالغاء القرار المطعون فيه( مجلة المحامي، العدد 41، يوليوز 2002، ص. 219.)

 5- عيب السبب

 السبب في اتخاذ القرار الاداري هو كل حالة قانونية او واقعية ( مادية)  تدفع الجهة المختصة الى اصداره. وتتمثل الاسباب القانونية في اتخاذ القرارات الادارية من التشريع حيث تبقى سلطة الادارة مقيدة وفق ما يلزمه القانون على سبيل الجزم ومن تم تنعدم سلطتها التقديرية طبقا لمبدا المشروعية. فتقديم طلب للحصول على جواز سفر مثلا واستيفائه الشروط التي يتطلبها القانون هما السبب القانوني لصدور قرار بمنح جواز السفر او برفضه اذا لم تتوفر فيه الشروط القانونية.  
اما الاسباب الواقعية او المادية التي تدفع السلطة   لاتخاذ بعض القرارات الادارية فانها تخضع لسلطتها التقديرية بحسب الظروف والملابسات المحيطة بكل حالة على حدة. فشغل منصب مالي شاغر مثلا لا يعني ان الادارة ملزمة بالتعيين مثلا.
وقد اختلط الامر على المشرع المغربي بالمادة 20 من القانون رقم 90-41 بين عيب انعدام التعليل الذي هو باجماع الفقه والقضاء من مشتملات عيب الشكل اللاحقة بالقرارات الادارية والذي اصبح منصوصا عليه بمقتضى الظهير رقم 01-03 المؤرخ في 12 غشت   2002 بشأن الزامية التعليل او الزامية التسبيب وبين عيب السبب المتحدث عنه سابقا والذي اجمع عليه الفقه واكده القضاء.
 وقد وقعت وزارة العدل في نفس الخطأ من خلال دليل المحاكم الادارية الصادر سنة 2004 حينما اعتبرت بان انعدام التعليل هو عيب السبب ( منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية – سلسلة الشروح والدلائل، العدد 3، 2004، الصفحة 42). كما وقع بعض القضاء في نفس الخلط حينما اعتبر بان "انعدام التعليل يقوم مقام الخطأ في التسبيب اي عدم صحة الوقائع المعتمدة كسبب للقرار الاداري المتخذ" (المحكمة الادارية بوجدة، حكم 18-6-1997، المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية، العدد 23، ص.127).     
وعلى خلاف انعدام التعليل او انعدام التسبيب فالسبب هو الحالة القانونية اوالواقعية التي تدفع الادارة الى اصدار القرار الاداري. ففي الحالة الاولى تكون سلطة الادارة مقيدة طبقا للقانون اما في الحالة الثانية فان الادارة تتمتع بسلطة تقديرية في انخاد القرار.  
الا ان السلطة التقديرية للادارة ليست بسلطة مطلقة في بعض الحالات وتبقى للقضاء سلطة الملائمة. الا انه لا يصح للمحكمة تعديل القرار الاداري بل يقتصر دورها في الالغاء او في رفضه لا غير.
 وهكذا قضت المحكمة الادارية باكادير بتاريخ 10-7-1997 ان وجود نظام قانوني يحدد شروط وكيفيات ابرام الصفقات العمومية يتنافى والقول بصلاحيات تقديرية مطلقة للادارة فيما يخص ابرام الصفقات. وباعتبار ان اقصاء الطاعنة يتمثل اساسا في وجود منازعة قضائية بين الطرفين وان هذه العلة التي اعتمدتها  الادارة تخرج عن القواعد والمعايير التي وضعها ظهير 1976 والتي تعتبر معايير موضوعية تعتمد الكفاءة التقنية والمالية وتستبعد الحزازات والاعتبارات الشخصية، فان القرار المطعون فيه يكون مشوبا بعيب تجاوز السلطة ويكون بالتالي جدير بالالغاء. ( مجلة المرافعة، العدد 10،مارس 2000،
  ص. 288 ).
  و قضت المحكمة الادارية بالرباط بتاريخ 14 فبرابر 2002 على ان اي قرار اداري يجب ان يقوم على سبب يبرره. وان الرقابة القضائية تمتد الى صحة الوقائع التي تكون ركن السبب في الجزاء التاديبي. وانه امام عدم ثبوت المخالفات المنسوبة يكون القرار المطعون فيه مشوبا بتجاوز السلطة لعيب انعدام السبب مما يتعين معه الحكم بالغائه. ( مجلة القصر، العدد 10، يناير 2005، ص. 271 ).
 كما   قضت المحكمة الادارية بالدارالبيضاء بتاريخ 21-11-2001   ان القاضي الاداري باعتباره قاضي المشروعية له ان يتفحص القرارات الادارية المتخذة من طرف الادارة ومقارنتها مع الاسباب المعتمدة في اتخاذ هذه القرارات وذلك في اطار سلطة الملائمة. واعتبرت ان القرار الاداري يكون مشوبا بالشطط في استعمال السلطة متى ثبت ان العقوبة التأديبية لا تتناسب والافعال المنسوبة للطاعن.( ريمالد، المرجع السابق، ص. 288 ).      
وفي نفس الاتجاه قضت المحكمة الادارية بالرباط بتاريخ 27 يونيو 2002 بان القول بتناسب عقوبة العزل التي هي اشد الجزاءات التأديبية صرامة واكثرها وقعا على حياة الموظف ومستقبله مع خطأ منسوب الى هذا الاخير يستلزم بالضرورة ان يكون هذا الخطأ من النوع الذي يجعل من مرتكبه شخصا متنافيا مع وظيفته وغير صالح لها على الاطلاق. وانه ما دام الخطأ المنسوب ليس بهذا الوصف والتأثير فان ترتيب عقوبة العزل يتسم بالغلو وعدم الملائمة مما يجعل القرار بتبني هذه العقوبة مشوبا بالتجاوز في استعمال السلطة ويتعين الغاءه. ( مجلة رسالة المحاماة، العدد 21، يناير 2004، ص. 172).
كما قضت المحكمة الادارية بمكناس على ان الادارة ولان كانت تتمتع بسلطة تقديرية لمنح الترخيص في متابعة الدراسة، فان ممارسة هذه السلطة لابد ان تأسس على معطيات واقعية موضوعية تستهدف الموازنة بين متطلبات المرفق العمومي والحق في متابعة الدراسة الذي يعتبر حقا دستوريا، اذ ان الحق في الامتناع عن منح الترخيص المذكور لا يكون له مسوغ الا في حالة عدم امكانية الجمع بين هذين الامرين وهو الشيء الذي لم تثبته وثائق الملف مما يجعل القرار الضمني بالرفض مشوبا بتجاوز السلطة ومآله الالغاء (ريمالد، المرجع السابق، ص. 268).
مراجع :
الؤلفات :
- عبدالوهاب رافع، مقاضاة الدولة والمؤسسات العمومية في التشريع المغربي، 1987.
- عبدالقادر باينة، تطبيقات القضاء الاداري بالمغرب، دار توبقال للنشر، 1988. -
- عبدالله حداد، القانون الاداري على ضوء القانون المحدث للمحاكم الادارية، منشورات عكاظ، 1994.
- ميشيل روسي، المنازعات الادارية المغربية، منشورات لابورط، 2001.
- محمد المحجوبي، الوجيز في القضاء الاداري بعد احداث المحاكم الادارية، دار القلم، 2002.
- وزارة العدل، دليل المحاكم الادارية، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية، سلسلة الشروح والدلائل، العدد 3، 2004.
- خالد سمارة الزعبي، القرار الاداري  بين النظرية والتطبيق، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع بعمان، 1999.
- نواف كنعان، القانون الاداري، الكتاب الاول، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان،   2002.-
- نواف كنعان، القانون الاداري، الكتاب الثاني، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2005.
- محمد رفعت عبدالوهاب، القضاء الاداري، الكتاب الاول والثاني، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، 2003.
المجلات :
- المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية
-المجلة المغربية للمحاكم المغربية
- مجلة القصر
- مجلة المحامي
- مجلة الرافعة
- مجلة رسالة المحاماة
- مجلة المحاكم الادارية
 - احمد بوعشيق، الدليل العملي للاجتهاد القضائي في المادة الادارية، الجزء الاول والثاني والثالث، منشورات المجلة المغربية للادارة المحلية والتنمية، سلسلة دلائل التسيير، 2004.

 

 


تعليقات