أية حجية للأشرطة المغناطيسية؟!
عبد الله الشرقاوي
أصدرت المحكمة الابتدائية بالرباط يوم 11 أكتوبر 2004 حكما يحمل رقم 1358، في الملف عدد 2002/530/1، وجاء في إحدى حيثياتهما يلي :
«... حيث التمست المدعية..... التصريح ببطلان هذه الإجراءات بناء على ما ورد على أمواج التلفزة المغربية، وبالجريدة الصادرة... وحيث إنه بالرجوع إلى قانون الإلتزامات والعقود، أو قانون المسطرة المدنية يتبين أن وسائل الإثبات جاءت موضحة في هذين القانونين، وليس من ضمنها ما اعتمدته المدعية، مما ورد في وسائل الاعلام، والتي وإن تبقى من وسائل الاتصال فهي ليست بالوسائل التي يمكن اعتمادها قانوناً لإثبات الوقائع المادية التي حدد القانون طرق إثباتها.
وحيث إن المحكمة أمرت بإجراء جلسة بحث للتأكد من ادعاءات المدعية إلاَّ أن ممثل الطرف المدعي ونائبه، والمدعى عليه تخلفوا عن الحضور، وحيث والحالة هاته يكون طلب المدعية غير مدعم بشكل كافي من الناحية القانونية، من حيث إثبات الوقائع التي تدعيها بشكل قانوني، ويكون الطلب غير مقبول شكلا.
وحيث إن خاسر الدعوى يتحمل مصاريفها.
لهذه الأسباب قضت المحكمة بجلستها العلنية ابتدائيا، وبمثابة حضوري في الشكل بعدم قبول الطلب، وتحميل رافعه الصئرا».
إذا كان هذا الحكم يستبعد وسائل الإعلام كآلية من آليات وسائل الإثبات في ضوء قانون الالتزامات والعقود، وقانون المسطرة المدنية، فإن الملاحظ أن هناك تعاملا مزدوجا للقضاء المدني، الذي نجده يعتمد الإعلام كوسيلة من وسائل التنفيذ، أو جبر الضرر المعنوي، كتنفيذ حكم غيابي، أو إشهار حكم في قضايا المنافسة غير المشروعة، مما يستدعي تدخلا تشريعيا لتوحيد العمل والرؤية في التعاطي مع وسائل الاتصال المتطورة.
❊❊❊
كما يطرح سؤال جوهري بشأن مدى حجية وقانونية استعمال الأشرطة المغناطيسية (كاسيط) ضمن وسائل الإثبات أمام القضاء؟
في هذا السياق نقدم حيثية لحكم قضائي صادر في ملف محاكمة الوزراء أمام محكمة العدل الخاصة بالرباط بتاريخ 5 أكتوبر 1972 والتي جاء فيها:
«حيث إن الفصل 288 من قانون المسطرة الجنائية ينص على أنه يمكن إثبات الجرائم بأي وسيلة من وسائل الإثبات.
وحيث انه ليس هناك نصا قانونيا يمنع استعمال الأشرطة المغناطيسية، لاسيما إذا كانت مجرد تسجيل لماراج في الاستنطاقات، فإنه من الممكن أن تضاف هذه الأشرطة إلى غيرها من القرائن، ولو على سبيل الاستئناس لإثبات بعض الاحاث«.
وكانت المحكمة قد أقرت يوم 3 أكتوبر 1972 استعمال الشريطين اللذين سجلتهما الشرطة القضائية أثناء البحث مع متابعيْن اثنين، على اعتبار أنه لايوجد نص قانوني يحظر استعمال أجهزة »استراق السمع« كوسيلة للإثبات.
وأشار ممثل النيابة العامة في إطار الدفوعات ان الشريطين موجودان بصفة مادية كحجة إثبات من حق قاضي التحقيق أن يعتمد عليهما، بغض النظر عن الكيفية التي استعملت لتسجيلهما، سواء كانت شرعية أم لا، علما أن الاعتماد عليهما ليس مخالفا للقانون (راجع العلم بتاريخ 22 أبريل 2003).
والأسئلة المطروحة في خضم تطور وسائل الاتصال، وإقرار التنصب في قانون المسطرة الجنائية هي: إلى أي حد يمكن اعتماد تقنيات الاتصال والتواصل في إثبات الجرائم (مخالفات، وجنح، وجنايات) في ظل الإمكانيات الهائلة للتزوير والخداع؟ وهل يمكن الطعن بالزور فيها؟ ووفق أي مسطرة؟ وهل نتوفر على »مختبرات« للتأكد من مدى جدية التسجيلات في حالة المنازعة فيها؟
وأخيرا ماهو موقف القضاء؟ وما رأي رجال الفقه في مثل هذه النوازل؟
أسئلة نطرحها للنقاش القانوني الصرف.
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم