القائمة الرئيسية

الصفحات



 


 

صعوبة المقاولة

 

للأستاذ محمد أيت بلحسن

رئيس المحكمة التجارية

بمراكش

 

تقديم:

لقد تطرقت مدونة التجارة المغربية في الكتاب الخامس إلى الصعوبات التي قد تعترض حياة المقاولة.

ذلك أن كل مقاولة، ومنذ ولادتها بتسجيلها في السجل التجاري إلا وقد تتعرض حياتها لصعوبات مالية ـ اقتصادية ـ اجتماعية ـ قانونية.

ولهذا، عمد المشرع المغربي إلى إيجاد وسائل قانونية، لحماية المقاولة من الأمراض التي تصيب جسمها، ثم أوجد وسائل أخرى لمعالجتها إذا ما أصيبت بالمرض.

 

فقد منحها إمكانية حماية نفسها بنفسها، عن طريق الوقاية الداخلية، حتى تستطيع تصحيح كل ما من شأنه أن يخل باستمرارية استغلالها، وذلك عن طريق تكليف مراقب الحسابات وكل شريك فيها، بإخبار رئيسها بالصعوبات التي يلاحظها حتى يتمكن الرئيس من تدارك الموقف ـ (الفصلين 546-547).

 

وإذا تعذر عليه ذلك، نكون أمام وسيلة ثانية، وهي الوقاية الخارجية، وتتحقق بتدخل من رئيس المحكمة التجارية (الفصلين 548-736 من مدونة التجارة والفقرة 3 من الفصل 11 من قانون إحداث المحاكم التجارية)، الذي له صلاحية التعرف على الوضعية الحقيقية للشركة بجميع الوسائل.

 

وله إمكانية تعيين وكيل خاص، لتخفيف الاعتراضات المحتملة من طرف المتعاملين مع المقاولة، ولتذليل الصعوبات التي تعترضها.

وإذا ما تبين له إن إمكانية إجراء تسوية ودية كوقاية ثالثة ممكنة قام بفتح مسطرة التسوية الودية وعين مصالحا تكون مهمته، تسهيل السير العادي للمقاولة، والعمل على إبرام اتفاق مع الدائنين.

 

هذا الاتفاق يجب أن تحترم بنوده ـ الفصول (550 إلى 559 من م.ت).

وإذا لم يتأت ذلك، فهذا معناه أن المقاولة مريضة، يجب إخضاعها لمسطرة المعالجة.

إن العلامات الحقيقية للمرض، هي عدم احترام الاتفاق الودي المبرم مع الدائنين، وعدم القدرة على سداد الديون المستحقة عند حلول أجلها.

إذن، يجب معالجة هذه المقاولة التي أصبح وضعها هكذا.

 

تتم المعالجة عن طريق فتح مسطرة التسوية القضائية، وذلك عندما تكون المقاولة في وضعية غير مختلة بشكل لا رجعة فيه، حيث يتعين قاضي منتدب، وسنديك ـ (الفصول 560 إلى 570 من مدونة التجارة).

 

يقوم السنديك بإعداد حل ملائم طبقا لمقتضيات الفصل (579 م.ت)، وبناء على دراسة وضعيتها المالية والاقتصادية والاجتماعية.

ويقترح إما استمرارية استغلالها إذا كانت هناك إمكانية جدية لتسوية وضعها وسداد ديونها ـ (الفصول 571 إلى 602)، وإما تفويتها إلى أحد الأغيار يكون بمقدوره المحافظة على نشاطها وعلى مناصب الشغل الخاصة بذلك النشاط، وعلى إبراء ذمتها من الديون ـ (الفصول 603 ـ إلى 618 من مدونة التجارة).

 

لكن إذا تبين، أن وضعية المقاولة مختلفة بشكل لا رجعة فيه وأن وسائل الوقاية والمعالجة لم تنفع، وأن مرضها مستفحل ليس له علاج، فإنه يحكم بفتح مسطرة التصفية القضائية التي قد تؤدي إلى بيع موجوداتها وتأدية ديونها ـ (الفصول 619 إلى 636 من مدونة التجارة).

 

 


تعليقات