القائمة الرئيسية

الصفحات



التحريات والحرية الشخصية

التحريات والحرية الشخصية




التحريات والحرية الشخصية

كنت في ذات يوم اجلس مع بعض الاصدقاء نتكلم على وجه العموم عن تحريات الشرطة ومدى انعكاسها على حريات الافراد وحقوقهم الأساسية وهل يصح الاستناد الى التحريات وحدها كدليل كافي لإدانة المتهم عمادا للحكم علية ؟؟؟

فاستقر الراي الاغلب على ان تحريات ﺍﻟﺸﺮﻃﺔ ﺑﺤﺴﺒﺎﻧﻬﺎ ﻗﺮﻳﻨﺔ ﻻ ﺗﺼﻠﺢ ﺑﻤﺠﺮﺩﻫﺎ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﺩﻟﻴﻼ ﻛﺎﻓﻴﺎ ﺑﺬﺍﺗﻪ ﺃﻭ ﻗﺮﻳﻨﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻠﻰ ﺛﺒﻮﺕ ﺍﻻﺗﻬﺎﻡ ﻓﻬﻰ ﻻ ﺗﻌﺪﻭ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻣﺠﺮﺩ ﺭﺃﻯ ﻟﺼﺎﺣﺒﻬﺎ ﻳﺨﻀﻊ لاحتمالات الصحة والبطلان والصدق والكذب ؟؟

لكن عندما جلست الى نفسى اقلب الامر على جميع جوانبه وجد يا سادة انه لا يمكن اخذ هذا الرأي على اطلقه لان مرحله جمع الاستدلال او التحريات حول صحة الواقعة واسنادها الى المتهم هي مرحله هامه رغم أنها لم تحظ بالاهتمام سواء على المستوى التشريعي او الفقهي او القضائي كمرحلة التحقيق القضائي او الابتدائي وربما السبب في ذلك يرجع الى اعتبارات اربعه

" رجع الاستاذ الدكتور اسامه عبد الله قايد ,, دراسة مقارنه في حقوق وضمانات المشتبه فيه في مرحلة الاستدلال "

الاعتبار الاول :- تشريعي


فقد اعطى المشرع في قانون الاجراءات الجنائية لاسيما المادة 63 اهمية خاصه للاستدلال فقرر على انه اذا رات النيابة العامة في مواد المخالفات والجنح ان الدعوى صالحة لرفعها بناء على الاستدلالات التي جمعت تكلف المتهم بالحضور مباشرة امام المحكمة المختصة .

كذلك نص في المادة 301 اجراءات جنائية على ان تعتبر المحاضر حجة بالنسبة للوقائع التي يثبتها المأمورون المختصون الى ان يثبت ما ينفيها .

كما نص في القانون رقم 66 لسنه 1973 بإصدار قانون المرور على ان " تكون المحاضر المحررة من رجال الشرطة والمرور في الجرائم التي تقع بالمخالفة لإحكام هذا القانون او القرارات المنفذة له حجة بالنسبة لما ورد فيها من وقائع الى ان يثبت العكس .

كذلك رتب المشرع الإجرائي نتيجة هي غاية في الأهمية عندما قرر في المادة 17 منه ان اجراءات الاستدلال اذا اتخذت في مواجهه المتهم او اخطر بها بوجه رسمي تقطع مدة تقادم الدعوى .

كذلك اجاز المشرع في المادة 27 اجراءات جنائية حق الادعاء المدني في محضر الاستدلالات .

فبرغم من تلك الأهمية الخاصة لمرحلة الاستدلال الا ان لم يفرض قيودا على سلطة الاستدلال في اعمالها ولم يقرر لمأمور الضبط ضمانات تكفل حيدته او استقلاله فهو تابع من الناحية الادارية الى سلطة الرئاسية الادارية التي يسعى في المقام الاول الى ارضائها ولو على حساب اهدار الحريات او العسف بها .

كذلك لم يقرر المشرع للشخص المشتبه فيه أي حقوق او ضمانات في هذه المرحلة تضمن سلامه الاستدلال او ضمانات في مواجهه تلك السلطة الاصلية او الاستثنائية تحول دون اهدار حرياته او حقوقه بل على العكس من ذلك فقرر في المادة 36 منه على انه في حاله التلبس يجب إن يسمع مأمور الضبط القضائي اقوال المتهم المضبوط واذا لم يأت بما يبرئه يرسله في مدى 24 ساعه الى النيابة العامة المختصة وبالتالي واعملا لهذا النص انكر المشرع قرينه البراءة وجرد الفرد من اصل ثابت فيه وهو البراءة و افتراض ادانته الى ان يثبت براته خلافا للقاعدة الأصولية والتي تقضى ان الاصل في الانسان البراءة .

الاعتبار الثاني :- قضائي


برغم ان قضاء النقض استقر ان التحريات وحده لا تصلح ان تكون دليل كفاف للإدانة الا ان القضاء من ناحية اخرى قرر لتلك التحريات قيمه قانونيه فأعطى للمحكمة حق الاخذ باعتراف المتهم ولو كان واردا بمحضر الشرطة او في تحقيق ادارى متى اطمأنت الى صدقة ومطابقته للواقع ولو عدل المتهم عنه في مراحل التحقيق الاخرى دون بيان سبب .

" رجع في ذلك قضاء النقض 28/3/1977 مجموعه احكام النقض س28 رقم 88 ص 421 "

الاعتبار الثالث :- علمي

فهو مستمد من الواقع وطبيعة عمل النيابة العامة حيث ان كثرة الاعباء الملقاة عليها والزيادة المطردة في عدد القضايا وخاصة المخالفات والجنح فان التصرف في اغالبها الاعم يكون بناء على محضر الاستدلالات

ومن جانب اخر فان التكوين المهني لمأمور الضبط القضائي يفرض عليهم الميل الى اتخاذ الاجراءات القسرية في جميع الأدلة وتقديمها الى سلطة التحقيق دون الالتجاء الى الوسائل العادية او العلمية في الحصول على الأدلة مما يدفعهم الى اهدار الحرية الشخصية .

الاعتبار الرابع :- نفسى واجتماعي

اطلق المشرع الإجرائي لفظ متهم على المشتبه فيه دون توجه اتهام اليه وهذا الخلط بين المشتبه فيه والمتهم في القانون المصري من شانه ان يحدث اثارا نفسيه واجتماعية نعكس باثر سيء بالنسبة لفراد واسرته

لذلك ولكل هذه الاعتبارات مجتمعه كان ولا بد ان ينظر الى مرحلة جمع الاستدلالات باعتبارها مرحلة خاصة ذات اهمية خاصة اذ انه اصبح الملاذ الوحيد لتصدى لها وقوفا على مدى سلامتها وصحتها هي سلطه القاضي فالقضاء وحدة هو الحارس الطبيعي للتصدي لتلك المرحلة وقوفا على مدى سلامتها من الناحية الاجرائية لذلك اقرر انه لا قيمه للحقيقة التي يتم الوصول اليها على مذبح الحرية .

مع تحياتى ا/ ماجد صلاح

تعليقات