📁 آخر الأخبار

معايير التعسف في استعمال الحق

معايير التعسف في استعمال الحق




في معايير التعسف في استعمال الحق

د. سامح عبدالسلام محمد



بتتبُّع المسائل الخاصة بالتعسُّف في استعمال الحق في الفقه الإسلامي، التي تعرَّض لها الفقهاء أثناء علاجهم لجزئيات الفقه المُختلفة، أمكن وضع معايير خمسة يتوصَّل عن طريقها إلى الكشف عن وجود التعسُّف ومعرفته؛ بحيث يمكن أن تَستوعِب هذه المعايير جميع حالات وصور التعسُّف في استعمال الحق.

وهذه المعايير هي[1]:
1- تمحُّض قصد الإضرار بالغير.

2- عدم التناسب بين مصلحة صاحب الحق والضرر الذي يُصيب الغير.

3- استعمال الحق في غير ما شُرع من أجله.

4- استعمال الحق على وجه غير مُعتاد أو مع عدم مُراعاة الحيطة والحذر.

5- ترتُّب الضرر الفاحش.

ونتكلم فيما يلي عن كل مِعيار من هذه المعايير، مع ذكر أمثلة لحالات وصور التعسُّف التي يمكن أن يشملها كل منها.





المعيار الأول - تمحُّض قصد الإضرار:
وقد نصَّ على هذا المعيار صراحة فقهاء الحنابلة؛ حيث قالوا عند شرح حديث: ((لا ضرر ولا ضرار)): وإنما المراد إلحاق الضرر بغير حق، وهذا على نوعين؛ أحدهما: ألا يكون في ذلك غرض سوى الضرر بذلك الغير، فهذا لا ريب في قبحِه وتحريمه.

وعلى ذلك، فالشخص يكون مُسيئًا في استعمال حقه: إذا لم يكن له من غرض عند استعماله لحقه سوى الإضرار بالغير، حتى لو ترتَّب على هذا الاستعمال بعض المنافع والمصالح غير المقصودة، فلا عبرة بها طالما لم تكن مقصودة ابتداءً.

ومن هذا يتبيَّن أنه يُشترَط لتحقُّق هذا المِعيار شرطان:
أحدهما: أن يكون قصد صاحب الحق عند استعماله لحقِّه هو إلحاق الضرر بالغير.

والثاني: ألا يكون له قصد آخَر من وراء هذا الاستعمال؛ بحيث إذا صاحب قصد الإضرار قصد تحصيل منفعة ما ولو كانت تافهة، فإن الفعل حينئذ لا يكون محكومًا بهذا المعيار، وإن كان التصرُّف في ذاته يُعتبر إساءة في استعمال الحق، وإنما يحكمه معيار آخر، وهو عدم التناسب بين مصلحة صاحب الحق والضرر الذي يُصيب الغير[2].

ومن المتَّفق عليه بين الفقهاء جميعًا أن قصد الإضرار بالغير محرَّم؛ حيث نهى عنه الشارع في أكثر من مناسبة، فقد ورَد في القرآن النهي عن المضارة في الوصية والرجعة والرضاع وغيرها، وقد ذَكرنا النصوص الدالة على ذلك منذ قليل عند تعرُّضنا لبيان أدلة نظرية التعسُّف من الكتاب، كذلك فقد ورَدت أحاديث عن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - تنهى عن الضرر.

وبشأن هذا الحديث الجامع: ((لا ضرر ولا ضرار)) الذي أوجَب نفي الضرر في جميع الأفعال والتصرُّفات، يقول الإمام الشاطبي[3]: "لا إشكال في منع قصد الإضرار من حيث هو إضرار؛ لثبوت الدليل على ألا ضرار في الإسلام"[4].

ويقول أبو يوسف في الخراج[5]: "لا يحل لمسلم أن يتعمَّد الإضرار لجاره، ولا القصد لتغريق أرضه، ولا لتحريق زرعه بشيء يُحدثه في أرضِ نفسه"[6].

ولما كان قصد الإضرار من الأمور الخفية التي يَصعب تبيُّنها أو إثباتها، فيمكن الاستدلال عليه بالقرائن، ومن ذلك خلو الفعل من المصلحة؛ حيث يُعتبر قرينة على تمحُّض قصد الإضرار بالغير؛ إذ الأصل أن أفعال العقلاء لا تخلو عن مصلحة، فإذا جاء الفعل خاليًا عن ذلك، كان هذا قرينة في القضاء على قصد الإضرار بالغَير.




ومن تطبيقات هذا المِعيار عند الفقهاء:
(أ) رجل أراد أن يَحرق حصائد أرضه، فأوقد النار في حصائده، فذهبَت النار إلى أرض جاره، فأحرق زرعه، لا يَضمن، إلا أن يَعلَمَ أنه لو أحرق حصائده تتعدى النار إلى زرع جاره؛ لأنه إذا علم، كان قاصدًا إحراق زرع الغير، وكذلك رجل له قطن في أرضه، وأرض جاره لاصقة بأرضه، فأوقد النار من طرف أرضه إلى جانب القطن، فأحرقَت ذلك القطن، كان ضمان القطن على الذي أوقد النار؛ لأنه إذا علم أن ناره تتعدى إلى القطن كان قاصدًا إحراق القطن[7].

(ب) قال ابن عتاب[8]: الذي أقول به وأنقله من مذهب مالك أن جميع الضرر يَجب قطعه، إلا ما كان من رفع بناء من هبوب الريح وضوء الشمس، وما كان في معناهما، إلا أن يَثبت أن مُحدِث ذلك أراد الضرر بجاره"[9].

(ج) وجاء في تبصرة الحكَّام أيضًا: "لو ادَّعى الصعاليك على أهل الفضل دعاوَى باطلة، وليس لهم من قصد إلا التشهير بهم وإيقافهم أمام القضاء إيلامًا وامتهانًا، لا تُسمع الدعوى، ويؤدَّب المدَّعي"[10].

ومن هذه الأمثلة يتبيَّن لنا: أن صاحب الحق يُعتبر مسيئًا في استعمال حقه، إذا كان قصده من الاستعمال هو الإضرار بالغير، وفي هذه الحال يجب منعه من استعمال حقه مع إلزامه بتعويض الغير عما أصابه من ضرر نتيجة هذا الاستعمال، ويجوز للحاكم أن يؤدِّبه أيضًا إذا كان الحق المستعمل هو دعوى، وكان قصده من استعمالها التشهير بذوي الفضل والصلاح، وإلحاق المعرَّة بهم؛ وذلك ردعًا له وزجرًا لأمثاله من الصعاليك والأراذل.

المعيار الثاني: عدم التناسب بين مصلحة صاحب الحق والضرر الذي يُصيب الغير:

وفي هذا المعيار يكون لصاحب الحق مصلحة عند استعماله لحقه، وفي نفس الوقت يترتب على هذا الاستعمال ضرر بالغير، يفوق في ضخامته المصلحة التي يَجنيها صاحب الحق، ونظرًا لهذا التفاوت بين مصلحة صاحب الحق والضرر الذي يُصيب الغير، اقتضى منطق العدل ومبدأ عدم جواز إلحاق الضرر بالغير الذي هو قاعدة من قواعد الإسلام، اقتضى ذلك منع صاحب الحق من استعماله لحقه، إذا لم يكن هناك تناسب بين مصلحته والضرر الذي يحلُّ بالغير.




بعض التطبيقات لهذا المِعيار:
(أ) قضاء الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - على سَمُرة بن جندب بقلع نخلِه كما ذكرنا القصة من قبل؛ دفعًا لضرره عن الأنصاري حينما أصرَّ سمرةُ على الدخول إلى نخله إضرارًا بالأنصاري، ورفَض البيع والمُناقَلة والهِبة؛ وذلك لأن سمرة - وإن كان صاحب حق ومصلحة في دخوله إلى نخله - إلا أن الضرر الذي يُصيب الأنصاري وأهله بسبب هذا الدخول يَفوق بكثير المصلحة التي يَجنيها سمرة من ذلك، ومن هنا قضى الرسول - عليه السلام - بقَلعِ نخل سَمُرة وإن كان في ذلك ضرر به؛ وذلك دفعًا للضرر الأشد بالضرر الأخفِّ.

وفي هذا يقول ابن القيم مُعلِّقًا على قضاء الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم -: "وإن كان عليه - أي صاحب الشجرة - في ذلك - أي في القضاء عليه بالقَلعِ - ضرر يَسير، فضرر صاحب الأرض ببقائها - أي الشجرة في بستانه - أعظم؛ فإن الشارع الحكيم يَدفع أعظم الضررَين بأيسرِهما، فهذا هو الفِقه والقياس والمصلحة، وإنْ أباه مَن أباه"[11].

(ب) ما نصَّ عليه الفقهاء من جواز التسعير عند مُغالاة التجار وأصحاب السِّلَع في أثمان بضائعهم وسِلَعهم، وتجاوزهم الحدود المألوفة في الربح، فهذا التسعير وإن كان فيه ضرر بالتجار وأصحاب السلع، إلا أن الضرر الذي يُحدِثه أقلُّ بكثير، ومن المقرَّر شرعًا: أن الضرر الخاصَّ يُتحمَّل من أجل دفع الضرر العام[12].

ومما يَرتبِط بجواز التسعير ما نصَّ عليه الفقهاء أيضًا من منع الاحتكار وبَيع السِّلَع على المُحتكرين حسب السعر القائم جبرًا عليهم؛ وذلك دفعًا للضرر العام بالضرر الخاص[13].

وفي ذلك يقول ابن القيم: "وقال أصحاب أبي حنيفة: لا يَنبغي للسُّلطان أن يسعِّر على الناس إلا إذا تعلَّق به حق ضرر العامَّة، فإذا رفع القاضي أمر المُحتكِر ببيع ما فضل من قوته وقوت أهله، على اعتِبار السعر في ذلك، ونهاه عن الاحتِكار، فإن أبى حبسَه وعزَّره على مقتضى رأيه زجرًا له ودفعًا للضرر عن الناس، فإن تعدى أرباب الطعام وتجاوَزوا القيمة تعديًا فاحشًا، وعجز القاضي عن صيانة حقوق المسلمين إلا بالتسعير، سعَّره حينئذ بمشورة أهل الرأي والبصيرة"[14].

(ج) ومن تطبيقات هذا المعيار أيضًا ما نصَّ عليه ابن نجيم[15] في الأشباه والنظائر[16]؛ حيث يقول: "طلب صاحب الأكثر القِسمة وشريكه يتضرَّر، فإن صاحب الكثير يُجاب على أحد الأقوال؛ لأن ضرره في عدم القِسمة أعظم من ضرر شريكه بها"؛ حيث يُعتبَر صاحب الأقل مُتعسفًا في استعمال حقه عند امتناعِه عن إجابة صاحب الأكثر نتيجة عدم القِسمة أكثرَ من ضرر شريكِه الآخَر صاحب الأقل بسببها، ينبغي إجابة صاحب الأكثر في طلبه القِسمة دفعًا للضرر الأشد بالضرر الأخفِّ.

المعيار الثالث: استعمال الحق في غير ما شُرع من أجله:
الحقوق في الإسلام شُرعت لتحقيق مصالح جليلة وغايات سامية، ولم تُشرَع لمجرَّد التلهي، أو العبَث، أو لاستغلالها فيما لا يُفيد، وعلى ذلك فإذا استعمل الإنسان حقه في غير الغرض الذي شُرع له، والغاية التي مُنح من أجلِها، كان مناقضًا لقصد الشارع، ومسيئًا في استعمال حقه.

وهذا المبدأ لا يُنازِع في صحَّته أحد من الفقهاء، وإنما هو محل اتِّفاق بينهم جميعًا، وإذا كان هناك خلاف في بعض مسائله، فإنما هو خلاف في التطبيق، وليس خلافًا في نفس المبدأ[17].




بعض التطبيقات لهذا المعيار:
(أ) جاء في المدوَّنة: "أرأيت إن زوَّج الصغيرةَ أبوها بأقل من مهرِ مِثلها، أيجوز ذلك عليها في قول مالك؟ قال: سمعتُ مالكًا يقول: يجوز عليها نِكاح الأب، فأرى إن زوَّجها الأب بأقل من مهر مثلها أو بأكثر، فإن ذلك جائز إذا كان إنما زوَّجها على وجه النظر لها، قال: ولقد سألتْ مالكًا امرأة ولها ابنة في حجرها وقد طلَّق الأمَّ زوجُها عن ابنة له منها، فأراد أبوها أن يُزوِّجها من ابن أخ له معدمًا لا شيء له، أفَتَرى لي أن أتكلَّم؟ قال: نعم، أرى لكِ في ذلك مُتكلَّمًا، قال ابن القاسم: فأرى أن إنكاح الأب إياها جائز، إلا أن يأتي من ذلك ضرر، فيُمنَع من ذلك"[18].

وواضح من هذا النص: أن حق الولاية على النفس مُقيَّد بمصلحة الصغير؛ حيث يرى الإمام مالك أن حق الأب في تزويج ابنته الصغيرة التي هي في ولايته يجب أن يُمارَس على وجه النظر والمصلحة لها، فإذا رأى أن مصلحتها تتحقَّق في تَزويجها من شخص معيَّن جاز له أن يُزوِّجها منه ولو بأقل من مهر مثلها، طالما كان في ذلك مصلحة لها، أما إذا انعدمَ وجه المصلحة في تصرُّف الأب بأن زوَّجها من شخص غير أمين عليها أو يُسيء عشرتها ومعاملتها، فإن الأب حينئذ يكون مسيئًا في استعمال حق الولاية الذي منَحه الشارع إياه، ويكون لمن تَعنيه مصلحة الصغيرة ويهمه أمرها أن يُخاصم الأب في ذلك، ويمنعه من إتمام هذا الزواج.

ويتَّفق الأحناف مع الإمام مالك فيما ذهب إليه من أن حق ولاية الأب في تزويج الصغيرة مُقيَّد بمصلحتها، فلا يجوز للأب أو الجد أن يُزوِّجا الصغيرة بأقل من مَهرِ مثلها؛ لأن ذلك ليس من مصلحتها[19].

(ب) شرَع الله - تعالى - البَيع وسيلة للحصول على المال الطيب الحلال وحرَّم الربا؛ لأنه وسيلة للمال الخبيث الحرام، فقال - تعالى -: ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾ [البقرة: 275]، ومن ذلك يتبيَّن أن البيع مَشروع لمصالح جليلة وغايات نبيلة، وأن الربا حرَّمه الله - تعالى - نظرًا لما يؤدِّي إليه من المكاسِب الخبيثة، وما يترتَّب عليه من المضارِّ التي تَعصِف بالفرد والجماعة، وما يورثه من العداوة والبَغضاء بين أفراد الأمة، ومن هنا ذهب الإمام مالك والإمام أحمد إلى تحريم بيع (العِينة)[20]؛ لأنه وإن كان في ظاهره بيع إلا أنه وسيلة إلى الربا، وتحايُل عليه، والأشياء لا تُشرَع لذاتها، وإنما تُشرَع نظرًا لما ترتَّب عليها من مصلحة، فإذا كان ما يترتَّب عليها ليس على وجه المَشروعات كانت الوسائل المؤدية إليه غير مشروعة أيضًا، وإن كان ظاهرها يبدو موافقًا لمقاصد الشارع، وهذا ما قرَّره الإمام الشاطبي في أكثرَ من مناسبة؛ حيث يقول: "لما ثبَت أن الأحكام شُرعت لمَصالِح العِباد كانت الأعمال مُعتبَرة بذلك؛ لأن مقصود الشارع فيها كما تبيَّن، فإذا كان الأمر في ظاهره وباطنه على أصل المَشروعية فلا إشكال، وإن كان الظاهر مُوافقًا والمصلَحة مُخالفة، فالفعل غير صحيح وغير مشروع؛ لأن الأعمال الشرعية ليست مقصودة لأنفسها، وإنما قُصد بها أمور أخرى هي معانيها، وهي المصالح التي شُرعت لأجلها، فالذي عمل من ذلك على غير هذا الوضع، فليس على وضع المشروعات"[21].

المعيار الرابع: استعمال الحق على وجه غير مُعتاد، أو مع عدم مراعاة الحيطة والحذر:
يتحقَّق التعسُّف في استعمال الحق وفقًا لهذا المِعيار: إذا استعمل الإنسان حقه بأسلوب غير معتاد، وغير مُتعارَف عليه بين الناس أو دون مُراعاة لما يقتضيه واجب الاستعمال العادي من مراعاة للحيطة والحذَر، فإذا ترتَّب على استعمال الإنسان لحقِّه بهذه الصورة ضرر بالغير كان متعديًا وعليه ضمان هذا الضرر باتِّفاق الفُقهاء.

وقد نصَّ على هذا المِعيار ابن رجب حيث يقول: "فأما التصرُّف في ملكِه بما يتعدى ضرره إلى غيره: فإن كان على غير الوجه المعتاد مثل أن يؤجِّج في أرضه نارًا في يوم عاصف فيَحترِق ما يليه، فإنه مُتعدٍّ بذلك وعليه الضمان"[22]؛ وذلك لأن هبوب الريح في مثل هذا اليوم العاصف يَقتضي من الإنسان العادي الامتِناع عن تأجيج النار في أرضه؛ لأن مِن شأن الريح أن تنقل النار إلى ما جاوَرَها من أشياء قابلة للاحتراق، فمَن أوقَدَ النار في أرضه في مثل هذا اليوم، فترتَّب على ذلك مضار لَحِقَت بجاره ضَمِنَ؛ وذلك باتِّفاق الفقهاء، نظرًا لاستعماله لحقه استعمالاً غير مشروع؛ حيث استعمله على وجه غير معتاد، ولم يراعِ الحيطة والحذر عند استِعماله.

بعض التطبيقات لهذا المعيار:
(أ) رجل أحرَقَ شوكًا أو تِبنًا في أرضه، فذهبَت الريح بالشرارات إلى أرض جاره وأحرَقَت زرعه، إن كان ببُعدٍ من أرض الجار على وجه لا يَصِل إليه شررُ النار في العادة، فلا ضمان عليه؛ لأنه حصَل بفعل النار، وأنه جُبَار، ولو كان بقُربٍ من أرضه على وجه يصل شرر النار غالبًا، فإنه يضمَن؛ لأن له الإيقادَ في مِلْكِ نفسه، لكن بشرط السلامة[23].

(ب) وجاء في مجمع الضمانات: "إذا سقى أرض نفسه فتعدى إلى أرض جاره فأفسَدَها، إن كان السقي غير مُعتاد ضَمِن، وإن كان مُعتادًا لا يَضمن"[24].

وواضح من المثالين السابقين أن الإنسان مُقيَّد عند استِعماله لحقه باستعماله على الوجه المُعتاد المتعارَف عليه بين الناس، فإذا ما استعمله على خلاف ذلك كان مسيئًا في استعمال حقه، فإذا ترتَّب على هذا الاستعمال ضرر بالغير كان ضامنًا له، أما إذا استعمله على الوجه المُعتاد فترتب على ذلك ضرر بالغير، فلا ضمان عليه؛ حيث لم يكن متعديًا أو مسيئًا في استعمال حقه.

(ج) وكتأجيج نار في يوم عاصف - أي شديد الريح - فأحرَقت شيئًا، فيضمَن المال في ماله والدية على عاقلته، إلا أن يكون في مكان بعيد لا يظنُّ فيه الوصول إلى المحروق عادة فلا ضمان[25].




(د) جاء في المهذَّب للشيرازي[26]: "إذا أجَّج على سطحِه نارًا فطارت شرارة إلى دار الجار فأحرقتها أو سقى أرضه فنزل الماء إلى أرض جاره فغرقها، فإن كان الذي فعله ما جرت به العادة لم يَضمن؛ لأنه غير مُتعدٍّ، وإن فعل ما لم تَجرِ به العادة بأن أجَّج من النار ما لا يقف على حدِّ داره أو سقى أرضه من الماء ما لا تَحتمِلُه ضَمِن؛ لأنه مُتعدٍّ"[27].

(هـ) جاء في كشاف القناع عن متن الإقناع: "وإن أجج نارًا في موات أو في ملكه أو سقى أرضه فتعدى ما ذكر من النار والماء إلى ملك غيره فأتلفَه لم يضمَن الفاعل؛ لأن ذلك ليس من فعله ولا تعدِّيه ولا تفريطه، إذا كان التأجيج أو السقي مما جرَت به العادة بلا إفراط ولا تَفريط، فإن فرَّط بأن ترك النار مؤجَّجة والماء مفتوحًا ونام، فحصل التلَف بذلك وهو نائم، ضَمِن لتفريطه، كذلك إن أجَّج نارًا تسري في العادة لكَثرتِها، أو أجَّجها في ريح شديدة تَحملها إلى مِلك غيره، ضمن لتعدِّيه"[28].

وواضِح من هذه النصوص أن صاحب الحق يضمَن إذا استعمل حقه على وجه لم تَجرِ العادة عليه، أو لم يُراع عند الاستعمال الحَيطة والحذر مما ترتَّب على ذلك لُحوق الضرر بالغير؛ حيث يعتبر مُتعديًا نتيجة إساءته في استعمال حقه، أما إذا استعمَله على وجه مُعتاد فترتَّب على ذلك ضرر بالغير، فلا ضمان عليه لعدم تعدِّيه.

المعيار الخامس: ترتب الضرر الفاحش:
يُعتبَر الإنسان مسيئًا في استعمال حقه إذا استعمله بطريقة يترتَّب عليها ضرر فاحش بالغَير، مهما كانت قيمة المصلَحة أو الفائدة التي يَحصُل عليها صاحب الحق نتيجة لهذا الاستعمال، وحينئذ يمنع صاحب الحق من استعماله لحقِّه بهذه الصورة؛ لأنه من المقرَّر شرعًا أن درء المفاسد مقدَّم على جلب المصالح[29]، أما الاستِعمال الذي يترتَّب عليه ضرر عادي ومألوف، فليس من التعسُّف، ولا يُعتبر صاحبه مسيئًا فيه، وبناءً عليه فلا يُمنع صاحب الحق منه، وإلا لأدَّى ذلك إلى تعطيل الانتفاع بالحقوق؛ حيث لا يخلو استعمالها من بعض المضارِّ التي يمكن تحمُّلها عادة[30]، مثل: رائحة الدخان التي تأتي من بيت الجار نتيجة طبخه أو خَبزه على العادة، وكصوت المِذياع الذي يُمكِن تحمُّله عادة، ونحو ذلك.

وقد حدَّد بعض الفقهاء الضرر الفاحش بأنه: ما يكون سبب الهدم، وما يوهِن البناء، أو يَخرُج عن الانتفاع بالكلية وما يَمنع الحوائج الأصلية؛ كسدِّ الضوء بالكُلية[31].

والواقع أن تحديد الضرر الفاحش من الأمور التي تَختلِف باختلاف الأشخاص والأماكن والأزمان، فما يُعتبَر ضررًا فاحشًا بالنسبة لشخص مُعيَّن أو في بعض الأمكنة والأزمنة، قد لا يُعتبَر كذلك بالنسبة لشخص آخَر، أو في أمكنة وأزمنة أخرى؛ فالأصوات التي تنتج عن الآلات والمصانع تعتبر ضررًا فاحشًا بالنسبة لأشخاص تقتضي طبيعة عملهم الهدوء وعدم الضوضاء، ولا تعتبر كذلك بالنسبة لأشخاص آخَرين لا تقتضي طبيعة عملهم مثل ذلك، كذلك فإن مثل هذه الأصوات تعتبر ضررًا فاحشًا بالنسبة لمنطقة مخصَّصة للسكن أو في الأوقات المتأخرة من الليل، ولا تعتبر كذلك بالنسبة لمنطقة صناعية أو في وقت النهار[32].

وعلى ذلك يَنبغي أن يُترك تحديد مفهوم الضرر الفاحش إلى العرف السائد في جميع الأمكنة والأزمة، فما يَعتبِره هذا العرف ضررًا فاحشًا يَنبغي أن يؤخذ به، وبالتالي يمنع أصحاب الحقوق من استعمال حقوقهم إذا استعمَلوها على وجه يترتَّب عليه مثل هذا النوع من الضرر، وأما الضرر الذي لا يَعتبِره العرف فاحشًا فلا يُمنع أصحاب الحقوق منه؛ لأنهم غير مُسيئين في استعمال حقوقهم، بناءً على هذا المِعيار، ومع ذلك فيُمكِن اعتبارهم مسيئين بناءً على بعض المعايير السابقة التي تحدَّثنا عنها من قبل.

بعض التطبيقات لهذا المعيار:
(أ) جاء في تبيين الحقائق للزيلعي[33]: "للإنسان أن يتصرَّف في ملكه ما شاء من التصرُّفات، ما لم يضر بغيره ضررًا ظاهرًا، ولو أراد بناء تنُّور في داره للخبز الدائم، كما يكون في الدكاكين، أو رحًا للطحن، أو مدقات للقصارين لم يَجزْ؛ لأن ذلك يضر بالجيران ضررًا ظاهرًا، لا يمكن التحرُّزُ عنه، والقياس أنه يجوز؛ لأنه تصرُّف في ملكه، وترك ذلك استِحسانًا لأجل المصلحة"[34].

وواضح مما قرَّره الزيلعي: أن صاحب الحق يتقيد عند استعماله لحقه بعدم الإضرار بالغير ضررًا فاحشًا، فإن استعمل حقه على وجه ترتَّب عليه لحوق ضرر بالغَير، وكان هذا الضرر فاحشًا، منع من هذا الاستعمال لتعسُّفه فيه، مع إلزامه بتعويض من أصابه الضرر نتيجة لذلك.

(ب) جاء في المدوَّنة: "أرأيتَ إن كانت لي عرصة إلى جانب دُور قوم، فأردت أن أُحدِث في تلك العرصة حمامًا أو فرنًا أو موضعًا لرحًا فأبى عليَّ الجيران ذلك، أيكون لهم أن يمنعوني في قول مالك؟ قال: إن كان ما يحدث ضررًا على الجيران من الدخان وما أشبهه، فلهم أن يَمنعوك من ذلك؛ لأن مالكًا قال: يمنع مِن ضرر جاره، فإذا كان هذا ضررًا مُنع من ذلك، قلت: وكذلك إن كان حدادًا فاتَّخذ فيها كيرًا أو اتَّخذ فيها أفرانًا يَسيل فيها يسيل فيها الذهبُ والفضة، أو اتخذ فيها أرحية تضر بجدران الجيران، أو حفَر فيها آبارًا، أو اتخذ فيها كنيفًا قرب جدران جيرانه منعته من ذلك؟ قال: نعم، كذلك قال مالك في غير واحد من هذا في الدخان وغيره، قلت لابن القاسم: أرأيتَ إن كانت دار الرجل إلى جنب دار قوم ففتَح في غرفة كوى أو أبوابًا يُشرِف منها على دور جيرانه، أيمنعه مالكٌ مِن ذلك أم لا؟ قال: قال مالك: يُمنَع من ذلك"[35].

(ج) جاء في تبصرة الحكام لابن فرحون[36]: "يُمنع الرجل من إحداث إسطبل للدوابِّ عند باب جاره، بسبب بَولها وزبلها وحركتها ليلاً ونهارًا، ومنعها الناس من النوم، وكذلك الطاحون وكير الحداد وشبهه، وليس للرجل منع جاره من حفر بئر في داره إذا كانت الأرض صلبة لا تضرُّ ببئره، وإن كانت رخوة وخشي أن ينشف ماء بئره منع"[37].

وواضِح من هذَين النصين: أن أصحاب الحقوق يَلتزِمون عند استعمال حقوقهم بعدم الإضرار بالغير، فإن استعمل أحدهم حقَّه على وجه ترتَّب عليه إضرار بالغَير، سواء كان هذا الإضرار ماديًّا، أو أدبيًّا كالإشراف على مقرِّ النساء، منع من ذلك، مع إلزامه بتعويض الشخص المَضرور عما أصابه من ضرر نتيجة لهذا الاستِعمال المتعسَّف فيه، وسواء كان هذا الضرر مباشرًا أم بطريق التسبب[38].

(د) جاء في المغني لابن قدامة[39]: "....وليس للجار التصرُّف في ملكه تصرُّفًا يضرُّ بجاره، نحو أن يَبني فيه حمامًا بين الدور، أو يفتح خبازًا بين العَطارين، أو يجعله دكان قصارة يهزُّ الحيطان ويخربها، أو يحفر بئرًا إلى جنب بئر جارِه يَجتذِب ماءها"[40].

(هـ) جاء في مطالب أولي النُّهى في شرح غاية المُنتهى: "وحرم على المالك أن يُحدِث بملكه ما يضر بجاره؛ لخَبر: ((لا ضرر ولا ضِرار))، احتج به أحمد، كحمام يتأذى جاره بدخانه، أو ينضر حائطه بمائه، ومثله مطبَخ سكر، وكنيف ملاصق لحائط جاره يتأذى بريحِه، أو يصل إلى بئره، ورحًا يهتزُّ بها حيطانه، وتنُّور يتعدى دخانه إليه، وعمل دكان قصارة أو حدادة يتأذى بكثرة دقه، ويهز الحيطان؛ للخَبَرِ، ويحرم غرس شجر نحو تِين كجميز تسري عروقه فتشق مصنع جاره، وحفر بئر ينقطع بها ماء بئر جاره، وسقي وإشعال نار يتعديان إلى جاره، ونحو ذلك من كل ما يؤذيه.

ويضمَن مَن أحدث بملكه ما يضرُّ بجاره ما تلف بسبب ذلك لتعدِّيه، ولجارِه مَنعُه من ذلك، بخلاف طبخه وخبزه في مِلكه، فلا يُمنَع منه؛ لدعاء الحاجة إليه، وليُسرِ ضررِه لا سيما بالقرى"[41].

(و) وجاء في مطالب أولي النُّهى أيضًا: "ويلزم الأعلى من الجارَين بِناء سُترة تمنع مُشارَفة الأسفل؛ لأن الإشراف على الجار إضرار به؛ لأنه يكشفه ويطلع على حرمه، فمنع منه، وكذا لو كانت السترة قديمة فانهدَمت، فإنه يجب إعادتها، فإن استَويا في العلو اشترَكا في بنائها؛ إذ ليس أحدهما أولى من الآخَر بالسُّترة فلزمتها، ويجبر ممتنع منهما على البناء مع الحاجة؛ لأنه حق عليه، لتضرُّر جاره بمُجاورته له من غير سُترة، فأجبر عليه كسائر الحقوق، وإن كان سطح أحدهما أعلى من الآخَر، فليس له الصعود على سطحه على وجه يُشرِف على بيت جاره، إلا مع السترة كما تقدَّم"[42].

وواضِح من هذه النصوص أن المالك يتقيَّد عند تصرُّفه في ملكه بعدم إلحاق ضرر فاحش بجاره، فإن أتى تصرُّفًا ترتَّب عليه مثل هذا النوع من الضرر مُنع من ذلك، سواء كان الضرر ماديًّا أو أدبيًّا، مع تضمينه قيمة ما تلف بسبب هذا التصرُّف؛ لتعدِّيه، وإلزامه بإقامة سترة تحول دون اطِّلاعه على عورات جاره، كفًّا لمضارِّه عنه.

________________________________________
[1] انظر في تعداد معايير التعسُّف في استعمال الحق وعرضها: الشيخ عيسوي أحمد عيسوي: المرجع السابق (ص: 91)، وفضيلة الدكتور أحمد فهمي أبو سنَّة: النظريات العامة للمعاملات في الشريعة الإسلامية، (ص: 105) وما بعدها، والدكتور فتحي الدريني: الحق ومدى سلطان الدولة في تقييده ونظرية التعسف في استعمال الحق (ص: 468) وما بعدها، والدكتور سعيد أمجد الزهاوي: التعسُّف في استعمال حق الملكية (ص: 180) وما بعدها.
[2] الشيخ عيسوي أحمد عيسوي، المرجع السابق، (ص: 92).
[3] هو إبراهيم بن موسى بن محمد، أبو إسحاق اللخمي الغرناطي الشهير بالشاطبي، وكنيته التي عُرف بها أبو إسحاق، ولد بغرناطة ونشأ وترعرَع بها، ولم يُعلم أنه غادرَها، توفي سنة 790 هجرية، مِن مؤلفاته: الاعتصام، وكتاب الموافقات في أصول الفقه، وهو غير الشاطبيِّ أبي محمد القاسم بن فيُرَّه الأندلسي ناظم "الشاطبية" القارئ؛ (موقع ويكيبيديا، الموسوعة الحرة).
[4] الموافقات (2: 256).
[5] هو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب الكوفي البغدادي، أبو يوسف، صاحب أبي حنيفة وتلميذه، وأول من نشر مذهبه، ولد بالكوفة سنة 113 هـ، ولي القضاء ببغداد في العصر العباسي زمن المهدي والهادي والرشيد، ومات في خلافة الرشيد ببغداد سنة 182هـ، له العديد من المصنفات، منها كتابه: (الخراج)، وهو أول من ولي منصب قاضي القضاة؛ "الأعلام" للزركلي (9: 252).
[6] الخراج (ص: 113).
[7] مجمع الضمانات (ص: 161).
[8] هو عبدالرحمن بن عتاب بن محسن، الأندلسي، القرطبي، أبو محمد، عالم بالقراءات والتفسير واللغة والتصوف، من آثاره: (شفاء الصدور في الزهد والرقائق)، توفي سنة 520 هـ؛ انظر الأعلام (4: 103)، ومعجم المؤلفين لعمر رضا كحالة (5: 184).
[9] تبصرة الحكام لابن فرحون على هامش فتح العلي المالك (2: 362) بتصرُّف.
[10] تبصرة الحكام، المرجع السابق.
[11] الطرق الحكمية؛ لابن القيم (ص: 310).
[12] الأشباه والنظائر لابن نجيم: (ص: 87)، وانظر - أيضًا - (ص: 183، 184) من هذا المؤلَّف.
[13] المرجع السابق، نفس الموضع.
[14] الطرق الحكمية لابن القيم (ص: 308).
[15] هو زين الدين بن إبراهيم بن محمد الشهير بابن نجيم: فقيه حنفي، من العلماء، مصري، له عدة تصانيف منها: (الأشباه والنظائر) و(البحر الرائق في شرح كنز الدقائق) فقه، و(الرسائل الزينية) في مسائل فقهية 41 رسالة، و(الفتاوى الزينية) وغيرها، توفي سنة 970 هـ؛ الأعلام (3: 104).
[17] الشيخ عيسوي أحمد عيسوي: المرجع السابق، (ص: 99).
[18] المدونة: (4: 155)، وقريب من ذلك ما جاء في نفس المرجع (ص: 159).
[19] كتاب الهداية شرح بداية المبتدئ، مطبوع مع فتح القدير: (2: 425 - 426).
[20] سبق الحديث عن بيع (العِينة) والتعريف به وبيان صورته، وذلك في الباب الأول عند حديثنا عن مشروعية الحق في الفصل الثالث من الباب المذكور.
[21] الموافقات (2: 283 - 284).
[22] جامع العلوم والحكم: (ص: 290).
[23] جامع الفصولين: (2: 89).
[24] مجمع الضمانات: (ص: 163).
[25] الشرح الكبير للدردير على هامش حاشية الدسوقي: (4: 355 - 356).
[26] هو إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروز آبادي الشيرازي أبو إسحاق: العلامة، المُناظر، ولد في فيروز آباد (فارس)، وانتقل إلى شيراز فقرأ على علمائها، وانصرف إلى البصرة، ومنها إلى بغداد سنة 415 هـ، فأتمَّ ما بدأ به من الدرس والبحث، واشتهر بقوة الحجة في الجدل والمناظرة، له تصانيف كثيرة، منها: (التنبيه) و(المهذب) في الفقه و(التبصرة) في أصول الشافعية، و(طبقات الفقهاء) وغيرها، توفي في بغداد سنة 476 هـ، وصلى عليه المقتدي العباسي؛ وفَيَات الأعيان: (1: 9 - 12) والإعلام: (1: 44 - 45).
[27] المهذب: (1: 375).
[28] كشاف القناع: (4: 101 - 102) بتصرف.
[29] الأشباه والنظائر لابن نجيم: (ص: 90)، والأشباه والنظائر للسيوطي: (97).
[30] كشاف القناع: (3: 340)، والشيخ عيسوي - المرجع السابق - (ص: 105).
[31] الطحاوي في حاشيته على الدر المختار: (3: 215)، وانظر أيضًا: فتح القدير: (5: 503)، والمادة: 1199 من مجلة الأحكام العَدلية.
[32] الشيخ عيسوي أحمد عيسوي - المرجع السابق - (ص: 105 - 106).
[33] هو عثمان بن علي بن محجن، فخر الدين الزيلعي: فقيه حنفي، قدم القاهرة سنة 705 هـ، فأفتى ودرس، وتوفِّي فيها، من مصنفاته: (تبيين الحقائق في شرح كنز الدقائق) فقه، و(بركة الكلام على أحاديث الأحكام)، و(شرح الجامع الكبير) فقه، وغيرها، وتوفي سنة 743 هـ؛ الإعلام (4: 373).
[34] تبيين الحقائق للزيلعي (4: 196)، وانظر نفس المعنى - أيضًا - في حاشية الطحاوي على الدر المختار (3: 215).
[35] المدونة (14: 529).
[36] هو إبراهيم بن علي بن محمد بن فرحون، برهان الدِّين اليعمري: عالم بحَّاث، ولد ونشأ في المدينة، وهو مغربي الأصل، رحل إلى مصر والقدس والشام سنة 792 هـ، وتولى القضاء بالمدينة سنة 793 هـ، وهو من شيوخ المالكية، من تصانيفه: (الديباج المذهب) في تراجم أعيان المالكية، و(تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام) و(تسهيل المهمات) في شرح جامع الأمهات؛ لابن الحاجب (فقه)، وغيرها، وتوفي سنة 799 هـ؛ الأعلام (1: 47).
[37] تبصرة الحكام لابن فرحون على هامش فتح العلي المالك للشيخ محمد عليش (2: 363).
[38] المنتقى شرح الموطأ (6: 40 - 43).
[39] هو عبدالله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي الحنبلي، من فقهاء المذهب الحنبلي، له تصانيف كثيرة، منها: المغني في الفقه، وروضة الناظر في أصول الفقه، والبرهان في مسائل القرآن، وغير ذلك، وُلِد في جَمَّاعيلَ من قرى نابلس بفلسطين سنة 541 هـ، وتعلم بدمشق، ثم رحَل لبغداد سنة 561هـ، فأقام بها نحو أربعة سنين، ثم عاد إلى دمشق فأقام بها إلى أن توفي سنة 620 هـ؛ الأعلام لخير الدِّين الزِّرِكْلي (4: 191).
[40] المغني (4: 158).
[41] مطالب أولي النهى (3: 357)، وانظر نفس المعنى - أيضًا - في كشاف القناع (3: 339 - 340).
[42] نفس المرجع السابق (ص: 358)، وانظر نفس المعنى - أيضًا - في كشاف القناع، المرجع السابق (ص: 344).


تعليقات