📁 آخر الأخبار
إنقطاع الخصومة التحكيمية




إنقطاع الخصومة التحكيمية

.مقدمة:
جاءقانون التحكيم في الموادالمدنيةوالتجاريةرقم 27لسنة 1994ليحل محل المواد من 501 إلى 513 من قانون المرافعات المدنيةوالتجاريةو التي كانت تنظم موضوع التحكيم (راجع م 3 من قانون التحكيم المصري). إلا أن قانون التحكيم المصري الحالي تبنى بعض الأحكام التي تضمنتها المواد المُلغاة المشار إليها. و من  هذه الأحكام تلك المتعلقة بانقطاع الخصومة أمام هيئة التحكيم.إذ أن المادة 504 الملغاة من قانون المرافعات كانت تنص على أن :" تنقطع الخصومة أمام المحكم إذا قام سبب من أسباب انقطاع الخصومة المقررة في هذا القانون."   أي أن هذه المادة جعلت أباب و آثار انقطاع الخصومة أمام المحكم هي ذات أسباب و آثار انقطاع الخصومة القضائية أمام المحكم.
و جاء نص المادة 38 من قانون التحكيم المصري الحالي ليكون كما يلي:" ينقطع سير الخصومة أمام هيئة التحكيم في الأحوال ووفقا ً للشروط المقررة لذلك في قانون المرافعات المدنية و التجارية ، و يترتب على انقطاع سير الخصومة الآثار المقررة في القانون المذكور."   و بالتالي فإن حكم المادة 38 من قانون التحكيم هو ذاته حكم المادة 504 الملغاة من قانون المرافعات ، فكلاهما أحال إلى المواد:130،و131،و132،و133 من قانون المرافعات الحالى في بيان أحكام منظومة انقطاع الخصومة التحكيمية من حيث أسبابها أو شروطها أو آثارها.
و لا يمكن أن نتعرض لأحكام انقطاع الخصومة التحكيمية دون أن نستند إلى ذلك التراث العريق الراقي من أحكام المحاكم العليا المصرية و آراء الفقه المصري التي تعرضت لمسألة انقطاع الخصومة القضائية. و بالتالي فإننا سنتحرى ذات السبيل الذي خطه القضاء و الفقه المصريين في التعرض بالبحث لمسألة انقطاع الخصومة التحكيمية.و سنعرض فيما يلي لمسألة انقطاع الخصومة التحكيمية بالتعرض للنقاط الرئيسية التالية: أولا ً – ماهية انقطاع الخصومة و الحكمة من تبني المشرع له. ثانيا ً- أسباب و شروط انقطاع الخصومة التحكيمية. ثالثا ً – آثار إنقطاع الخصومة التحكيمية. خامسا ً – عودة الخصومة التحكيمية للسير فيها بعد الإنقطاع.



.أولا ً – ماهية انقطاع الخصومة و الحكمة من تشريعه:
انقطاع الخصومة بصفة عامة ، هو وقف السير فيها بقوة القانون لقيام أحد أسباب الإنقطاع المنصوص عليها حصرا ً في المادة 130/1 مرافعات. و هو يقع بقوة القانون ، و بالتالي فإن الحكم الصادر من هيئةالتحكيم بانقطاع سيرالخصومةيكون حكما ًكاشفا ًعن حالةقانونيةقامت فعلا ًو يرتب آثاره من تاريخ قيام سبب الإنقطاع وليس من تاريخ التمسك به ولا من تاريخ صدورالحكم به.
و الحكمة من منظومة انقطاع الخصومة – قضائية أو تحكيمية – هي حماية من قام مقام المُحتكِم الذي تحقق في جانبه سبب الإنقطاع من أن يتم الإستمرار في إجراءات الخصومة بغير علمه. ذلك أن قيام أحد أسباب الإنقطاع يستوجب وقف الإجراءات ، عملا ً بقاعدة أنه لا يُعتد بالإجراء إلا إذا إتُخِذَ صَحِيحَا ًو في مُواجَهةِ ذِي صِفَة تتوافر فيه الأهلية التي يُوجِبُها القانون ، كما لا يسري أي ميعاد في حقِ شخص لا يتمكن قانونا ً مِن إتخاذِ الإجراءات اللازمةِ للحفاظِ على حقِه.
.ثانيا ً – أسبابُ انقطاعِ الخصومةِ التحكيميةِ:
حَصَرتْ الفقرةُ الأولى من المادةِ 130 مرافعات أسباب إنقطاع الخصومة في ثلاثة أسباب:
(1) وفاة أحد الخصوم. و يدخل في ذلك انقضاء الشخص المعنوي أيا ً كان سبب هذا الإنقضاء.
(2) فقد الخصم أهلية الخصومة أي أهلية موالاة اجراءات الخصومة. كما إذا حُكٍِِِم بتوقيع الحجر عليه لسفه أو جنون أو حُكم بشهر إفلاسه.
(3) زوال صفة من كان يباشر الخصومة نيابة عن الخصم من النائبين. مثال ذلك زوال صفة الوصي ببلوغ القاصر سن الرُشد، و زوال صفة الوكيل عن الغائب بحضوره أو بثبوت وفاته.
فإذا قام أحد هذه الأسباب في أحد أطراف التحكيم ؛ تحقق انقطاع الخصومة . إلا أن انقضاء وكالة وكيل الدعوى – كالمحامي مثلا ً – بوفاته أو بتنحيه أو بعزله لا يؤدي إلى انقطاع الخصومة التحكيمية. ذلك أن المادة 130/3 مرافعات تقضي بأن الخصومة لا تنقطع بوفاة وكيل الدعوى و لا بانقضاء وكالته بالتنحي أو بالعزل ، و بأن للمحكمة في هذه الحالة أن تمنح أجلا ً مناسبا ً للخصم الذي تُوفي وكيله أو انقضت وكالته إذا كان قد بادر فعين له وكيلا ً جديدا ً خلال الخمسة عشر يوما ً التالية لانقضاء الوكالة الأولى.
هذا، و وفقا ً لنص المادة  (130/2) مرافعات فإن للخصم أن يطلب من هيئة التحكيم أجلا ً لإعلان من قام مقام الخصم الذي تحقق في شأنه سبب الإنقطاع ، و يجب على هيئة التحكيم قبل أن تقضي بالإنقطاع أن تكلفه بالإعلان خلال أجل تحدده له ، فإذا لم يقم بهذا الإعلان خلال هذا الأجل ، قضت هيئة التحكيم بانقطاع الخصومة عند تحقق سببه ما دام أن عدم قيامه بهذا الإعلان لا يستند إلى عُذر مقبول.
و هناك شرط أساسي يجب تحققه لإنقطاع الخصومة رغم قيام أسباب هذا الإنقطاع ، إذ يجب ألا تكون الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها. (م130/1)
و وفقا ً للمادة 131 مرافعات فإن الدعوى تُعتبر قد تهيأت للحكم في موضوعها متى كان الـمُحتكمين قد أبدوا أقوالهم و طلباتهم الختامية في جلسة المرافعة قبل تحقُق سبب انقطاع الخصومة، أي قبل الوفاة أو فقد أهلية الخصومة أو زوال الصفة.
فإذا أُغلِقَ باب المرافعة و تأجل النطق بالحكم ليوم معين و تحقق سبب الإنقطاع بعد إقفال باب المرافعة و قبل صدور الحكم ، فإن الدعوى لا تنقطع . و إذا قررت هيئة التحكيم حجز القضية للحكم مع تقديم مذكرات في ميعاد معين ، فلا يعد باب المرافعة مقفولا ً إلا بعد انقضاء الميعاد المعين المتقدم ؛ لأنه بانقضائه يكون باب المرافعة قد صار مقفولا ً، أما قبل إنقضاء هذا الميعاد المذكور فإن المرافعة الكتابية تكون مقبولة ، و بالتالي إذا قام أحد أسباب الإنقطاع خلال هذا الميعاد و قبل انقضائه تنقطع الخصومة، و إذا قام هذا السبب بعد انقضائه فلا تنقطع الخصومة و لو لم يقدم المحتكم الذي قام به سبب الإنقطاع مذكرته.




و إذا كانت الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها قبل قيام سبب الإنقطاع فيجب على هيئة التحكيم أن تقيم حكمها على الأقوال و المستندات و الطلبات الختامية المقدمة و الثابتة قبل قيام سبب الإنقطاع ، و إلا كان الحكم باطلا ً.
و إذا تعدد المحتكمون في أحدطرفي النزاع المعروض على هيئة التحكيم ، و قام سبب أحدث إنقطاع الخصومة بالنسبة لأحدهم ، فإن الخصومة تستمر صحيحة بالنسبة لغيره متى كان موضوع الدعوى قابلا ً للتجزئة. أما إذا كان الموضوع لا يقبل التجزئة فالخصومة تنقطع بالنسبة للجميع.
و على ذلك ؛ إذا قام سبب الإنقطاع بعد أن تكون الدعوى قد تهيأت للحكم في موضوعها ، فإن هيئة التحكيم لا تملك إلا أن تحكم بأحد أمرين لا ثالث لهما :
الأول- أن تحكم في موضوع الدعوى على موجب الأقوال و الطلبات الختامية الثابتة قبل قيام سبب الإنقطاع.
الثاني- أن تقرر تأجيل القضية بناء على طلب أحد المحتكمين فيفتح باب المرافعة من جديد في مواجهة الطرفين و يبدي أي طرف ما عن له في مواجهة الآخر.
و في ذلك قضت محكمة النقض المصرية بأن زوال الصفة – و هو احد أسباب انقطاع الخصومة – بعد تهيئة الدعوى للحكم في موضوعها و صدور الحكم على موجب طلبات الخصوم الثابتة قبل زوال الصفة لا يترتب عليه أي بطلان.
.ثالثا ً –آثار إنقطاع الخصومة التحكيمية:
بينت هذه الأثار م132 من قانون المرافعات ,إذ أنه وفقاً لهذه المادة فإنه يترتب على انقطاع الخصومة التحكيمية أثرين هما :
الأول - وقف جميع المواعيد السارية فى حق من قام به سبب الأنقطاع. فأي ميعاد يجري في حق المحتكم الذي قام به سبب الإنقطاع يقف بهذا الإنقطاع. و المراد هنا المواعيد التي تجري على هذا الخصم و ليس تلك المواعيد التي تجري لمصلحته. فإذا تعلق سبب الإنقطاع بالمحتكم ضده ؛ فلا تقف المواعيد التي تسري في حق المحتَكِم لأن هناك قاعدة مهمة ,وهى أن آثار الانقطاع لا يفيد منها ولايتمسك بها إلا الخصم الذى شُرع الانقطاع لحمايته.
الثاني - بطلان جميع الاجراءات التى تحصل أثناء الانقطاع .وهناك قاعدة مهمة ,وهى أن آثار الانقطاع لا يفيد منها ولايتمسك بها إلا الخصم الذى شُرع الانقطاع لحمايته.فأي إجراء يُتخذ أثناء انقطاع الخصومة يقصد به الإستمرار فيها يقع باطلا ً . و من باب أولى يبطل حكم التحكيم الصادر أثناء إنقطاع الخصومة.و البطلان هنا يكون من وجهين: الأول ما نصت عليه المادة 53 تحكيم من إعتبار أنه إذا تعذر على أحد طرفي التحكيم تقديم دفاعه بسبب عدم إعلانه إعلانا ً صحيحا ً بتعيين محكم أو بإجراءات التحكيم أو لأي سبب آخر خارج عن إرادته فإن ذلك من حالات بطلان حكم التحكيم. و من ناحية
و البطلان هنا بطلان نسبـي ، لا يجوز التمسك به إلا لمن تقرر الإنقطاع لحمايته ، و هو من يقوم مقام المحتكم الذي قام به سبب الإنقطاع مثل ورثة المتوفى أو من قام مقام من فقد أهلية الخصومة أو من زالت صفته ، لأن المشرع أقام قرينة لا تقبل إثبات العكس مفادها أن هؤلاء لا يعلمون بوجود الخصومة و بالتالي أوجب المشرع وقفها حتى لا يستمر السير فيها إلى أن يصدر حكم في غفلة منهم . و على ذلك لا يجوز للخصم الآخر التمسك به. كما لا يجوز لمن تقرر الإنقطاع لحمايته التمسك به متى انتفت مصلحته في ذلك ، إذ تجب التفرقة بين الإجراءات التي تجري لمصلحته و تلك التي تجري ضده.
فإذا انقطعت الخصومة ، و مع ذلك إتخُذت بعض الإجراءات أو صدرت أحكام فرعية او في موضوع النزاع ، و حضر المحتكم الذي قام به سبب الإنقطاع أو من يقوم مقامه ، فإن حضوره لا يصحح الإجراءات أو الأحكام الباطلة ، و لا يُسقِط حقه في التمسك بهذا البطلان إلا إذا أجاب على هذه الإجراءات باعتبارها صحيحة.
.رابعاً-عودة الخصومة للسير فيها بعد الانقطاع:
وفقاً لنص م133 /1 مرافعات و المادة      من قانون التحكيم المصري,فإن الخصومة التحكيمية تستأنف سيرها ببيان يعلن إلى من يقوم مقام الخصم الذى توفى أو فقد أهليته للخصومة أو زالت صفته بناء على الطرف الآخر. و كذلك تستأنف سيرها ببيان يُعلَن إلى المحتكم الآخر بناء على طلب من قام مقام المحتكم الذي قام به سبب إنقطاع الخصومة.
كما أنه وفقا ً لنص المادة 133/2 مرافعات فإن الخصومة التحكيمية تستأنف سيرها إذا بادر من يقوم مقام المحتكم الذي قام به سبب إنقطاع الخصومة إلى حضور الجلسة التي كانت محددة لنظرها.
و معنى استئناف سير الخصومة بعد انقطاعها هو أن الإجراءات التي تحصل بعد تعجيل الخصومة من الإنقطاع تكون مكملة لتلك التي تمت صحيحة قبل حصول الإنقطاع.فمثلا ً إذا انقطعت الخصومة التحكيمية ثم تم تعجيلها ، فلا يوجد التزام على عاتق الطرف الآخر أو على عاتق هيئة التحكيم بإعادة  إعلان من سبق إعلانه من أوراق المرافعات لأن الإجراءات السابقة على الإنقطاع تكمل التالية لها

تعليقات