القائمة الرئيسية

الصفحات



الأحكام الجديدة لتشغيل النساء في النظام السعودي

الأحكام الجديدة لتشغيل النساء في النظام السعودي




مستجدات أحكام تشغيل النساء

عبدالعزيز بن عبدالله الخريجي
محامي مستشار

تمتاز المرأة عن الرجل بأحكام خاصة عند عملها بالقطاع الخاص، نظراً لطبيعتها وتكوينها الجسدي وما يعتريها من ظروف، وتكريساً لمهمتها في المجتمع كونها عموده وعاملة في منزلها ومربية أجيال، لذلك أفرد المُنظم لها الباب التاسع والمعنون بتشغيل النساء، وهذا الإفراد ليس قصراً على النظام السعودي، إنما ظاهراً في كثيراً من قوانين الدول الخليج العربي والعربية خصوصاً التي تُحكم الشريعة الإسلامية. ويتكون الباب التاسع الخاص بتشغيل النساء من إثنى عشر مادة، وتقيّد النصوص العامة الواردة بالنظام عند تعارضها، كما يتقرر فيها أحكام خاصة للمرأة أهمها إجازة الوضع والعدة، وتظهر من هذه المواد العناية بالمرأة والمسؤولية الإجتماعية التي يشترك فيها صاحب العمل بقوة النظام، كتوفير دور حضانة وساعات راحة إضافية للعناية بالطفل الرضيع، وإجازات طويلة بأجر مدفوع بالكامل.

وطرأت تعديلات على نظام العمل بموجب المرسوم الملكي رقم (م/46) وتاريخ 05/06/1436هـ، وطالت التعديلات الباب التاسع الخاص بتشغيل النساء، وأنصبت التعديلات على المواد التالية: (149)، (151)، (152) و(160)، وأصبح بذلك عدد مواد الباب بعد التعديل أحد عشر مادة، لتحقق إلغاء الـمادة رقم (152) لدمجها مع المادة (151)، كما أن التعديلات جاءت إما بصياغة جديدة للمادة أو بأحكام جديدة كما سنرى في المادة (160). نصت المادة (160) المُعدلة من نظام العمل على ما يلي: ” 1- للمرأة العاملة المُسلمة التي يتوفى زوجها الحق في إجازة عــدة بأجر كامل لمدة لا تقل عن أربعة أشهر وعشرة أيام من تاريخ الوفاة، ولها الحق في تمديد هذه الإجازة دون أجر إن كانت حاملاً – خلال هذه الفترة – حتى تضع حملها، ولا يجوز لها الإستفادة من باقي إجازة العدة الممنوحة لها – بموجب هذا النظام – بعد وضع حملها.



2- للمرأة العاملة غير المسلمة التي يتوفى زوجها الحق في إجازة بأجر كامل لمدة خمسة عشر يوماً. وفي جميع الأحوال لا يجوز للعاملة المتوفى عنها زوجها ممارسة أي عمل لدى الغير خلال هذه المدة. ويحق لصاحب العمل أن يطلب الوثائق المؤيدة للحالات المشار إليها. “.

فالمادة بعد تعديلها أنهت جدلاً كان واقعاً متحققاً للمرأة العاملة بالقطاع الخاص، فالنص السابق – قبل التعديل – كان يقرر لها إجازة عــدة لمدة (15) يوماً بأجر كامل، ولما كانت عدة المرأة المسلمة متقررة شرعاً بأربعة أشهر وعشرة أيام فكانت تواجه أحياناً رفضاً من صاحب العمل في إجازة العدة التي تزيد عن (15) يوماً ما يرتب قيامها بالتقدم لصاحب العمل بطلب إجازة بدون أجر لتكمل مدة العــدة، وكان هذا إجحاف بحق المرأة وفيه معارضة لحكم الشرع في مدة العدة وضرر جسيم ببقاء المرأة دون أجر مدة طويلة، فكان يحتم عليها مباشرة العمل بعد إنقضاء الــ(15) يوماً حتى لا ينقطع أجرها الشهري أو ينقص لتوفر إحتياجاتها والوفاء بإلتزاماتها التعاقدية إن وجدت، أو استخدامها إجازتها السنوية لسد النقص في إجازة العدة ومع ذلك لا تكفي لمدة العدة الطويلة لكون الإجازة السنوية لا تتعدى (30) يوماً، ما يضع العاملة المُسلمة في فترة أكثر من نصف مدة العدة بلا أجر ..



فجاءت المادة بعد التعديل عادلة مُنصفة للمرأة العاملة، ومُفرقة بين العاملة المُسلمة والغير مسلمة، فتقرر بالفقرة الأولى منها بأن إجازة المرأة المُعتدة أربعة أشهر وعشرة أيام وبأجر كامل حتى وإن كانت حاملاً، ولو وضعت حملها خلال إجازة العدة فتنقطع إجازة العــدة وتكون إجازتها إجازة وضع المقررة بعشرة أسابيع وفقاً للفقرة الأولى من المادة (151).

ويحق للمعتدة الحامل إن إنتهت مدة إجازة العدة ولم تضع حلمها خلالها العدة، أن تمدد بقرار منها إجازتها ولكن بدون أجر، إذ المنظم قرر بالنص: “ ولها الحق ” أي أنه لا يلزم موافقة صاحب العمل على التمديد، ويلزمها التقدم بإشعار لصاحب العمل بإستعمالها لهذا الحق المقرر لها بالنظام. أما المرأة الغير مسلمة، فعند وفاة زوجها فلها الحق بإجازة وفقاً للفقرة الثانية من المادة (160) بأجر كامل لمدة (15) يوماً. وفي كل الأحوال إجازة العدة تثبت بدايتها بموجب شهادة رسمية معتبرة، ويكفى لذلك شهادة قيد واقعة الوفاة التي تصدر من إدارة الأحوال المدنية لكل من المواطن والمقيم. كما نشير لواقعة أخرى من التعديلات التي أوجدتها وزارة العمل، فلم يعد لزاماً على غرار ما كان يُطلب من موافقة ولي الأمر الكتابية عند تقدم المرأة للعمل، إذ كان في السابق ووفقاً للائحة تنظيم العمل الإسترشادية يشترط على صاحب العمل الحصول على موافقة كتابية من صاحب العمل عند تقدم المرأة في العمل، وهذا الإشتراط لم يكن له أساس نظامي وكانت وزارة العمل تتمسك بهذا الشرط عند مناقشة لائحة تنظيم العمل.



أما الآن فبموجب لائحة تنظيم العمل الجديدة لم يعد هذا الشرط موجود، تأكيداً على ولاية المرأة بالكامل على نفسها ولا يلزم موافقة ولي الأمر عند لتعاقدها مع الغير، لينهي كثيراً من الإشكاليات التي كانت تواجه المرأة بسبب هذا الإشتراط. إن وفقت وأصبت فمن الله وفضله والحَمدُلِله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله العليّ العظيم لوالديّ ولي ولزوجتي وذريتي وإخواني والمسلميّن ونتوب إليه ..

تعليقات