📁 آخر الأخبار

انقضاء عقد العمل وفقاً لنظام العمل السعودي

انقضاء عقد العمل وفقاً لنظام العمل السعودي
عمر عامري الحدادي






انقضاء عقد العمل 

إن عقد العمل – بحسب الاصل – يعد من العقود طويلة الاجل والملزمة لطرفيه، وعليه يكون قائما ومنتجا لآثاره النظامية بين طرفيه حتى ينقضي بأحد الاسباب النظامية لانتهائه والتي نص عليها نظام العمل السعودي ولوائحه، وعند النظر في تلك الاسباب نجد انها تنقسم الى ثلاثة انواع واقسام، النوع الاول اسباب عامة تنطبق على جميع عقود العمل سواء أكانت محددة المدة ام كانت غير محددة المدة، والثاني اسباب خاصة بانقضاء عقد العمل المحدد المدة، والثالث اسباب خاصة بانقضاء عقد العمل غير المحدد المدة، وسوف نتناول بالشرح والتفصيل تلك الانواع والحالات في السطور التالية.

أولا- الاسباب العامة لانقضاء عقد العمل -سواء أكان العقد محدد المدة ام غير محدد المدة – والتي نصت عليها المادة (74) من نظام العمل – بعد التعديل الاخير لها -، والمادة (79) والمادتان (82 ،117) وهذه الاسباب هى: التقايل، وبلوغ العامل السن النظامية للتقاعد، القوة القاهرة، اغلاق المنشأة نهائيا، انهاء النشاط الذى يعمل فيه العامل، العجز الكلى للعامل، وفاة العامل.



وسوف نتناول بالشرح وبشيء من التفصيل تلك الحالات، فالتقايل هو اتفاق طرفي العقد على انهائه، ولكن يشترط ان تكون موافقة العامل – في هذه الحالة – كتابية (المادة 74/1 من نظام العمل)، اما اذا بلغ العامل السن النظامية للتقاعد وهى (60 سنة) للعاملين الذكور، و(55) سنة للعاملات الاناث، فإن ذلك يعد سببا من اسباب انقضاء عقد العمل بقوة النظام، الا انه يوجد على هذه الحالة ثلاثة استثناءات، أي يمتد العقد حتى بعد سن التقاعد او ينقضي عقد العمل قبل هذه السن، الاستثناء الاول هو اتفاق طرفي العقد على الاستمرار في العمل حتى بعد سن التقاعد، والاستثناء الثاني هو انه في العقود المحددة المدة يمتد العقد الى نهاية مدته حتى لو كان ذلك بعد بلوغ سن التقاعد للعامل او العاملة، والاستثناء الثالث هو في حالة تخفيض هذه السن في لائحة تنظيم العمل للمنشأة (المادة 74/4).



ومن الاسباب العامة كذلك القوة القاهرة فهي سبب لانقضاء العقود بصفة عامة – ومنها عقود العمل- طبقا للنظرية العامة للعقود، لان القاعدة العامة تنص على انه اذا استحال التنفيذ في العقود الملزمة للجانبين نتيجة القوة القاهرة فإن هذه الاستحالة تؤدى الى انقضاء العقد (المادة74/5).

ومن الامثلة على القوة القاهرة هو ترك العامل العمل نتيجة قيام السلطات المختصة بترحيل العامل او سجنه او سحب رخصة عمله، او صدور نظام جديد يمنع العامل من اكمال عقد عمله بتوطين وظيفته (مثل ما حدث من توطين لمهنة صيانة وبيع الجوالات في الآونة الاخيرة) او ما الى غير ذلك من اسباب.



والمثال على القوة القاهرة واستحالة التنفيذ ايضا، العجز الكلى عن اداء العمل، والذى يثبت بموجب شهادة طبية معتمدة من الجهات الصحية المخولة بذلك، او من الطبيب المختص الذى يعينه صاحب العمل (المادة 79) والمقصود بالعجز في هذه المادة هو العجز الكلى وليس العجز الجزئي، لان العجز الجزئي لا يعد سببا في انهاء العقد استنادا للمادة (29) من نظام العمل والتي تنص على الآتي (اذا اصيب أي عامل اصابة عمل نتج عنها نقص في قدراته المعتادة، لا يمنعه عن اداء أي عمل آخر غير عمله السابق، فإن على صاحب العمل الذى وقعت اصابة العامل بسبب العمل لديه، توظيفه في العمل المناسب بالأجر المحدد لهذا العمل، ولا يخل هذا بما يستحقه من تعويض عن اصابته)، ويتم تحديد نسبة العجز المستديم – كليا او جزئيا – تبعا لطبيعة العاهة الحاصلة، والحالة العامة للمصاب وعمره والمهنة التي يزاولها وملكاته الجسدية والعقلية وإمكانياته المهنية (المادة 34 من نظام التأمينات الاجتماعية).

والمعتمد في ذلك هو جدول دليل نسب العجز المستديم الصادر بموجب قرار مجلس ادارة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية رقم (746) وتاريخ 9/ 7 /1422هـ والمعدل بقرار المجلس برقم (800) وتاريخ 28 /2 /1424هـ، والمعدل بقرار وزير العمل رقم (160/تأمينات) بتاريخ 7/ 3 /1430هـ

ويعد ايضا مرض العامل مرضا لمدة طويلة سببا – عاما- لانقضاء عقد العمل، لأنه يعد من الاسباب القاهرة التي تؤدى الى استحالة التنفيذ، الا ان مدد المرض الطويل الذى يعطى الحق لصاحب العمل في فسخ عقد العامل استنادا له، فهو الذى حددته المادة (117) من نظام العمل، والتي تنص على الآتي (يكون للعامل الذى يثبت مرضه الحق في اجازة مرضية بأجر كامل عن الثلاثين يوما الاولى، وبثلاثة ارباع الاجر عن الستين يوما التالية، ودون اجر للثلاثين يوما التي تلى ذلك خلال السنة الواحدة، سواء أكانت هذه الاجازات متصلة او متقطعة، ويقصد بالسنة الواحدة: السنة التي تبدأ من تاريخ اول اجازة مرضية).



واستناداً للمادة (82) من نظام العمل يجوز للعامل ان يصل اجازاته السنوية بالإجازة المرضية حيث نصت على الآتي (لا يجوز لصاحب العمل انهاء خدمة العامل بسبب المرض قبل استنفاد المدد المحددة للاجازة المنصوص عليها في هذا النظام، وللعامل الحق في وصل اجازته السنوية بالمرضية).

ويتضح من خلال هاتين المادتين النظاميتين انه لا يجوز لصاحب العمل انهاء خدمات العامل للمرض الا بعد مرور مدة – او مدد – تزيد على (120) يوما متصلة او متقطعة خلال السنة الواحدة والتي تبدأ من اول اجازة مرضية، بالإضافة الى وصل ذلك بالإجازة السنوية، اذا وجدت واستحقت.

ومن الأسباب التي تجيز فسخ العقد ايضا وفاة العامل، وهذا ما نصت عليه صراحة المادة (79) من نظام العمل (لا ينقضي عقد العمل بوفاة صاحب العمل، ما لم تكن شخصيته قد روعيت عند ابرام العقد ولكنه ينتهى دائما بوفاة العامل) لان ذلك يعد من القوة القاهرة التي تؤدى الى استحالة تنفيذ العقد.

وقد اضاف المنظم ثلاث حالات جديدة – للمادة (74) بعد تعديلها- لم يكن منصوصا عليها سابقا، تجيز فسخ وانهاء عقد العمل وهى: الاولى حالة الاغلاق النهائي للمنشأة المادة (74/6) ويجب في هذه الحالة ان يكون الاغلاق نهائيا وليس مؤقتا، لان الاغلاق المؤقت يوقف العقد فقط ولا ينهيه، فالذي ينهيه فقط هو الاغلاق النهائي.



ويجب ايضا ان يكون الاغلاق راجعا الى قوة قاهرة او سبب اجنبي لا يد لصاحب العمل فيه، اما الاغلاق الاختياري من قبل صاحب العمل، دون وجود قوة قاهرة او سبب اجنبي فلا يجيز فسخ العقد، والمثال على ذلك رغبة صاحب العمل اعتزال التجارة، او بسبب سوء الاحوال المالية للمنشأة، فاذا فسخ صاحب العمل العقد استنادا لتلك الامثلة فإنه يكون فسخا غير مشروع يستوجب التعويض لأنه تم بالإرادة المنفردة وسواء أكان العقد محدد المدة ام غير محدد المدة.

والحالة الثانية وهى انهاء النشاط الذى يعمل فيه العامل ما لم يتفق على غير ذلك (المادة 74/7) ومن امثلة ذلك الافلاس، والحالة الثالثة وهى أي حالة ينص عليها نظام آخر (المادة 74/8).

وجميع الحالات المذكورة اعلاه تجيز فسخ وانهاء عقد العمل سواء أكان محددا أم غير محدد المدة، مع استحقاق العامل لمكافأة نهاية الخدمة والاشعار.

بالإضافة الى الحالات المنصوص عليها في المادة (80) والتي تعطى لصاحب العمل فسخ العقد سواء محددا او غير محدد المدة، مع حرمان العامل من مكافأة نهاية الخدمة، والاشعار والتعويض.

والحالات المنصوص عليها في المادة (81) والتي تعطى للعامل حق فسخ العقد – سواء أكان محددا ام لا – مع احتفاظه بكامل حقوقه النظامية.

الاسباب الخاصة التي تجيز انهاء عقد العمل المحدد المدة، والاسباب الخاصة التي تجيز انهاء عقد العمل غير المحدد المدة.

اولا: الاسباب الخاصة التي تجيز انهاء عقد العمل المحدد المدة هي:

1- انتهاء مدة العقد المتفق عليها، فينتهى عقد العمل المحدد المدة بانقضاء المدة المحددة له في العقد وهذا ما نصت عليه (المادة 74/2) من نظام العمل، أما إذا استمر طرفاه في تنفيذه، عٌد العقد غير محدد المدة (المادة155/1) من ذات النظام، مع مراعاة ما نصت عليه المادة (37) بالنسبة الى غير السعوديين والتي نصت على انه (( يجب ان يكون عقد عمل غير السعودي مكتوبا ومحدد المدة، واذا خلا العقد من بيان مدته تعد رخصة العمل هي مدة العقد)).



واذا تضمن العقد المحدد المدة شرطا يقضى بتجديده لمدة مماثلة او لمدة محددة، فان العقد يتجدد للمدة المتفق عليها، اما اذا تعدى تجديد العقد محدد المدة ثلاث مرات، او بلغت مدة التجديد مع العقد الأصلي اربع سنوات ايهما اقل، واستمر طرفا العقد في تنفيذه عندها يتحول العقد الى عقد غير محدد المدة (المادة 155/2من نظام العمل بعد تعديلها).

وفى جميع الحالات التي يتجدد فيها العقد لمدة محددة، تعد المدة التي تجدد اليها العقد امتدادا للمدة الاصلية في تحديد حقوق العامل التي تدخل مدة الخدمة في حسابها وهذا ما نصت عليه (المادة 56) من نظام العمل، واذا كان العقد من اجل القيام بعمل معين فإن عقد العمل ينتهى بإنجاز العمل المتفق عليه (المادة 57) من ذات النظام.

2- ارتكاب العامل مخالفة جسيمة من المخالفات المنصوص في المادة (80) من نظام العمل وهى اعتداء العامل على صاحب العمل، او المدير المسؤول، او احد رؤسائه، اثناء العمل او بسببه، واذا لم يؤد العامل التزاماته الجوهرية المترتبة على عقد العمل او لم يطع الاوامر المشروعة، واذا ثبت اتباعه سلوكا سيئا او عملا مخلا بالشرف او الامانة، أو كان العامل معينا تحت الاختبار، أو اذا وقع من العامل عمدا أي فعل او تقصير يقصد منه الحاق خسارة جسيمة بصاحب العمل، أو اذا تغيب العامل دون سبب مشروع عن العمل لمدة ثلاثين يوما متقطعة او خمسة عشر يوما متتالية خلال السنة العقدية، أو اذا ثبت ان العامل استغل مركزه الوظيفي لتحقيق مكاسب غير مشروعة، أو اذا ثبت ان العامل افشى الاسرار الصناعية او التجارية الخاصة بالعمل الذى يعمل فيه. فإذا ارتكب العامل أي مخالفة من المخالفات المذكورة اعلاه، كان لصاحب العمل حق فسخ عقد عمله مع حرمانه من الاشعار ومكافأة نهاية الخدمة او التعويض وعُد الفسخ مشروعا، بشرط ابلاغ العامل بما نسب اليه من مخالفات وسماع رده ومعارضته قبل اتخاذ قرار الفسخ.

3- ارتكاب صاحب العمل أي مخالفة من المخالفات الجسيمة المنصوص عليها في المادة (81) من نظام العمل وهى: اذا ثبت أن صاحب العمل أو من يمثله قد ادخل الغش على العامل فيما يتعلق بظروف العمل وشروطه، أو اذا كلف صاحب العمل العامل دون رضاه بعمل يختلف اختلافا جوهريا عن العمل المتفق عليه وخلافا لما تقرره المادة 60 من هذا النظام، أو وقع من صاحب العمل او احد من افراد اسرته او من المدير المسئول اعتداء يتسم بالعنف، او سوء سلوك مخل بالآداب نحو العامل او احد افراد اسرته، أو اتسمت معاملة صاحب العمل او المدير المسئول بالقسوة والجور والاهانة، أو كان في مقر العمل خطر جسيم يهدد سلامة العامل او صحته، بشرط ان يكون صاحب العمل قد علم بوجوده ولم يتخذ من الإجراءات ما يدل على ازالته، ان يكون صاحب العمل او من يمثله قد دفع العامل بتصرفاته، وعلى الاخص بمعاملته الجائرة او بمخالفته شروط العقد الى ان يكون العامل في الظاهر هو الذى انهى العقد. فاذا ارتكب صاحب العمل أي مخالفة من المخالفات المنصوص عليها اعلاه فللعامل الحق في ترك العمل وفسخ العقد مع احتفاظه بكامل حقوقه العمالية بما في ذلك حقه في كامل مكافأة نهاية الخدمة.



ثانيا: الاسباب الخاصة التي تجيز انهاء عقد العمل غير المحدد المدة وهى:

1- اذا ارتكب العامل أي مخالفة من المخالفات المنصوص عليها في المادة (80) المذكورة اعلاه، فيحق لصاحب العمل فسخ عقد العامل دون أي اشعار او تعويض او مكافأة، او اذا ارتكب صاحب العمل في حق العامل أي مخالفة من المخالفات المنصوص عليها في المادة (81) المذكورة اعلاه، فيحق للعامل ترك العمل وفسخ العقد مع استحقاقه لجميع حقوقه النظامية بما فيها التعويض والمكافأة والاشعار.

2- يحق لصاحب العمل او العامل فسخ العقد غير المحدد المدة في أي وقت من الاوقات بالإرادة المنفردة بشرط وجود السبب المشروع لذلك، والا كان الفصل غير مشروع. فنصت المادة (75 من نظام العمل بعد التعديل) على الآتي (اذا كان العقد غير محدد المدة، جاز لأى من طرفيه انهاؤه بناء على سبب مشروع يجب بيانه بإشهار يوجه للطرف الآخر كتابة قبل الانهاء بمدة محددة في العقد، على الا تقل عن ستين يوما اذا كان اجر العامل يدفع شهريا ولا تقل عن ثلاثين يوما بالنسبة الى غيره).

ويكون الانهاء تعسفيا وغير مشروع اذا توافرت احدى الحالات الآتية:

أولا: اذا قصد من هذا الانهاء الاضرار بالطرف الآخر، وهذا يعنى انتفاء وجود أي مصلحة من استعمال حق الانهاء تعود على المنهى، والمثال على ذلك فصل صاحب العمل للعامل انتقاما منه بسبب ممارسته لحق مشروع.

ثانيا: تفاهة المصالح التي يرمى المتعاقد الى تحقيقها من الانهاء، وعدم تناسبها مع الضرر الذى يصيب المتعاقد الآخر، والمثال على ذلك قيام السائق بتغيير خط سير السيارة لا يكفى كمبرر للفصل لتفاهة المصلحة ورجحان الضرر مما يجعل الفصل مشوبا بالتعسف وموجبا للتعويض (قرار اللجنة العليا لتسوية الخلافات العمالية رقم 11 بتاريخ 15/ 6 /1393هـ).

ثالثا: عدم مشروعية المصالح، والمثال على ذلك هو قيام صاحب العمل بفصل العامل نتيجة رفضه القيام بساعات عمل اضافية في غير الحالات المقررة نظاما.

اما المادة (76 المعدلة) فنصت على انه (اذا لم يراع الطرف الذى انهى العقد غير محدد المدة المهلة المحددة في الاشعار وفقا للمادة (75) من هذا النظام، فانه يلتزم بأن يدفع للطرف الآخر عن مهلة الاشعار مبلغا مساويا لأجر العامل عن المهلة نفسها، ما لم يتفق الطرفان على اكثر من ذلك).

ونصت المادة (77) بعد التعديل على الآتي (ما لم يتضمن العقد تعويضا محددا مقابل انهائه من احد الطرفين لسبب غير مشروع، يستحق الطرف المتضرر من الانهاء تعويضا على النحو الآتي: 1- اجر خمسة عشر يوما عن كل سنة من سنوات خدمة العامل، اذا كان العقد غير محدد المدة، 2- اجر المدة الباقية في العقد اذا كان العقد محدد المدة، 3- يجب ألا يقل التعويض المشار اليه في الفقرتين (1و2) من هذه المادة عن اجر العامل لمدة شهرين).

وهذا التعديل لهذه المادة سوف يمنع تضارب الاحكام، لأنها حسمت بشكل قاطع كيفية تقدير وحساب التعويض المناسب عند انهاء العقد لسبب غير مشروع، ولم تترك تقديرها للاجتهاد للهيئات العمالية – كما كان في السابق- والذى كان في معظمه مختلف التقدير، ومتضاربا، رغم تطابق ظروف وملابسات تلك القضايا. وبذلك نكون قد استكملنا باقي الحديث عن حالات انقضاء عقد العمل طبقا لنظام العمل السعودي.
تعليقات