القائمة الرئيسية

الصفحات



الرقابة القضائية على النزاعات بين الشركاء في الشركات التجارية ذ/محمد عنبر




الرقابة القضائية على النزاعات بين الشركاء في الشركات التجارية
ذ/محمد عنبر





قال سبحانه وتعالى في كتابه الحكيم سورة ـ ص ـ (( وإن كثير من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ماهم)) . 

خلق الإنسان ضعيفا ، فهو غير قادر على إشباع حاجياته بمعزل عن بني جلدته، و في حاجة إلى من يعضده لمواجهة المخاطر التي تحيط عمله، فكانت الشركة أو الخلطة   ضرورة إقتصادية، تعطي القوة للأفراد وتكتل جهودهم الفكرية والمادية لمواجهة مخاطر التجارة .
وإن كانت هذه المخاطر التي تهدد المال المشترك مختلفة، إذ قد يكون مصدرها الشركة ذاتها أو أسباب خارجية، فإن التشريعات جاءت لحماية هذا الكيان الذي يعد جزءا من البنية الإقتصادية، وفي ذلك حماية للصالح العام، وحفاظا على بنية إقتصادية قوية تصمد أمام تقلبات الوقت.
والشريعة الإسلامية أوجبت حماية أموال المسلمين التي هي ملك لله, ولكون الإنسان يعتبر مجرد مستخلف فيه     .
فالمال هو حق عام لكل أفراد المجتمع, وإن َملَكَهُ فرد(أوعائلة) فلا يجوز تضييعه لأن ذلك سيؤثر على الجماعة ويحملها عبئا كبيرا.
والدولة في شخص ولاة الأمور هي ملزمة بحماية المال من كل تعدي عليه  ، و برعاية وحماية صاحبه، فالغاية الأولى تتحقق بوضع نصوص تنظم طرق إكتساب المال وحمايته، والغاية الثانية بوضع أساليب لمراقبة المال كي لا يضيع .
وأمام زحف النظام الإقتصادي الجديد الذي فتح حرية تنقل البضائع على مصراعية في إطار المنافسة ( الغير المتكافئة) بالنسبة للدول النامية، وعدم إعطاءهذه الأخيرة مهلة لإستجماع قواها وإعادة هيكلة مقاولاتها أي نسيجها الإقتصادي، دخل المغرب في خضم هذا التحدي منذ التسعينات فبدأ أولا بتجديد ترسنته القانونية من منطلق فلسفي يرمي إلى إرساء نوع من التصالح مع الفاعلين، و لعل نموذج هذه المصالحة جاء في كيفية التعامل مع المدين المعسر الذي توقف عن الدفع  
فبعد أن كانت كتلة الدائنين هي التي تتحكم في المقاولة المتوقفة عن الدفع وتقوم بتصفيتها دون إعتبار للمدين الذي كان يتلقى الجزاء من قانون الإفلاس دون أي إعتبار أورحمة؛ جاءت مقتضيات مدونة التجارة في كتابها الخامس لتلطف من هذا التعامل، وتخلت عن فلسفة عقاب التاجر المتوقف عن الدفع   عن طريق محاولة معالجة الصعوبة التي يتخبط فيها بالبحث عن أسباب الخلل وموطن الداء في محاولة لإنقاذ الوحدة الإقتصادية، والحد من انتقال الخلل لباقي المقاولات وبالتالي تحافظ وتقوي صمود المقاولة أمام كل تحدي. 
والقاضي المغربي مطلوب منه بمقتضى مدونة التجارة الجديدة أن ينزع لباس السلطة والعقاب، ويلين بلباس النظرة الإقتصادية المواكبة لتطورات العصر  .
فالمشرع المغربي في قانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة أوجب في المادة 337 أن يكون بطلان شركة أو بطلان عقودها أو مداولاتهاالمغيرة للنظام الأساسي، بواسطة نص صريح، وحدد بذلك سلطة القضاء في ترتيب الجزاء عن المخالفة حفاظا على إستقرار المعاملات ومبدأ العدالة، واعتبر الخلل عيب يصاحب التصرف القانوني، وقرر في الفقرة الثانية من الفصل إعتبار كل شرط مخالف لقاعدة آمرة كأن لم يكن ولايترتب عنه بطلان الشركة التي تبقى قائمة، وكأن المشرع يريد أن يجعل من مقتضيات الشركة التجارية، ـ والتي لها تأثير كبير على الحياة الإقتصادية والإجتماعية ـ لبنة أساسية يمكن أن يترتب عن أية مخالفة لمقتضياتها البطلان، إلا انه مافتئ أن فتح باب معالجة الخلل وتداركه في التصرف القانوني، وذلك في الفصول 339و340 من قانون شركات المساهمة .
وموضوع الرقابة القضائية على النزاعات بين الشركاء، ينصب على الطرق التي تتم بها هذه المراقبة، والمتجلية في المؤسسات القضائية المخول لها هذا العمل من جهة ، والوسائل القانونية الموضوعة بيدها لتحقيق رقابة فاعلة من جهة ثانية، قادرة على إقرار الحماية والتوازن بين مصالح الشركاء المتضاربة، وذالك إسهاما في تقويم المقاولة المغربية وتأهيلها لمواجهة تحديات العولمة.
وإن كانت الرقابة القضائية للنزاعات بين الشركاء في المقاولات بالمغرب، كان ينظمها ظهير 12غشت 922 1بمثابة قانون يتعلق بالشركات ذات رأس مال sur les sociétés de capitaux الذي إستوحاه المشرع المغربي من القانون الفرنسي، فإن تلك الرقابة كانت محتشمة، ولاتمارس إلا لتوقيع الجزاء.
وشمولية  هذه الرقابة أصلا تبدأ منذ ميلاد الشركة بل ترجع إلى الأعمال التي بوشرت قبل تسجيلها في السجل التجاري وتمتد إلى مابعد أنقضاها   .
والقضاء لايمكن أن يضع يده ويراقب النزاعات التجارية التي تنشأبين الشركاء إلا في إطار مايرفع إليه من قضايا، فهناك العديد من الأصوات التي تنادي برفع هذه الرقابة القضائية لكون الوثيرة التي تسير بها العدالة قد تؤدي إلى عرقلة أعمال الشركات التجارية وتؤدي إلى إنهيارها، فالرقابة القضائية بالخصوص، لاتتناسب وحرية المسيرين في التصرف وسرعة المناورة في الميدان التجاري.
فنمو وفقدان الكفاءة لدى الفرد تقاس بمدى سرعة تحول العالم المحيط به  ,وتقادم المعدات الإنتاجية اليوم تسبق مدة إندثارها فغالبا ماتبرز مهن جديدة فتنمو ثم تتدهور لتضمحل في النهاية، وكل ذلك في فترة وجيزة لاتتعدى الحياة المهنية للفرد فأصبحت المعضلات التي تواجهها المقاولات هي فقدان الكفاءة، وأن عليها معالجة هذه الظاهرة بتخصيص جزء أوفر من أرباحها إلى التكوين المستديم لأطرها المتخصصة وهذا لايتناسب و سمة البطئ التي يتميز بها العمل القضائي مما قد يكون حاجزا كبيرا أمام تطور ها  .
وفي مقابل هذا الرأي هناك من يدعوا إلى تشديد الرقابة على الكيانات الإقتصادية ذات التأثير القوي على إقتصاديات الدول، إذ أن أكبر الفضائح المالية التي تقع في الأسواق المالية وعمليات النصب والإحتيال التي تمارس على فئات عريضة من المجتمع تقوم بها الشركات المالية الكبرى التي تدعوا الجماهير إلى الإكتتاب في أسهمها مع أنها شركات وهمية لاتوجد إلا في الأوراق.

أهمية الموضوع ودواعي الإختيار 
إن إختياري لهذا الموضوع كان بدافع ماتعيشه مؤسسة القضاء من مخاض في هذه الفترة التي عرفت وسائلها تغييرا جدريا من حيث النظرة الشمولية للأمور جليلها وصغيرها، فالتقييم أصبح شمولي والعمل محلي، ولابد من أن ينسجم مع متطلبات التوجه العالمي الحديث.
فهذا التحول فرض على القضاة المغاربة بدل جهد كبير لمواكبة المستجدات الحديثة، لأن أسلوب الحكامة الجيدة الذي عُرف أول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية بعد الخميس الأسود سنة 1929 تم تطويره وتلته تقارير عن سير المقاولات في ذلك البلد مابين سنة 1970و 1980 حتى أصبحت الآن مسألة الحكامة الجيدة فكرة فلسفية وأخلاقية بل مرتبطة أساسا بالتربية. فنجد مثلا هناك شركات تجارية ذات رأس مال مهم وتتكون من مجالس إدارية ومراقبي الحسابات وجمعية عمومية إلى غير ذلك من الأجهزة المكلفة بالتسيير والمراقبة والمنصوص عليها بقانون الشركات، بالرغم من أن هذه الشركات هي غالبا ماتتكون من رؤوس أموال عائلية أي أنها شركات عائلية والقرارات التي تتخذ من طرف رئيس مجلس إدارتها تكون للإعتبارات المذكورة فكيف يمكن تطبيق الحكامة الجيدة عليها وجعلها تنصاع إلى النصوص القانونية المنظمة لهذه الشركات؟ ,وهي شبه مغلقة على العالم الخارجي أي أنها في الواقع شركات تخص العائلة رغم أنها منصبة في قالب شركة مساهمة أو شركة التوصية بالأسهم .
فصعوبة بسط الرقابة القضائية على بعض النزاعات (التي لاترفع إلى القضاء), تبرز عند وقوع أزمة مالية يستحيل التحكم فيها (صعوبة المقاولة ), فأغلب المساطر القضائية المفتوحة لمعالجة صعوبة المقاولة تنتهي بالتصفية القضائية لكون الشركات لا تلجأ الى القضاء إلا بعد فوات الأوان وتكون المشاكل التي تعاني منها لا أمل في تسويتها، أي أنها مختلة بشكل لارجعة فيه كما جاء في عبارة النص 619 من م/ت.
وإلى جانب عدم مسايرة القضاء لعمل الشركات وعجزه عن القيام بمراقبة ناجعة كما قال أحد فقهاء القانون ((المراقبة القضائية يجب ان تكون الآن ) Le contrôle judiciaire c'est maintenant ou jamais) )
فمسؤولية الدولة على الخدمات التي تؤديها إلى مواطنيها أصبحت اليوم بارزة، وزالت عنها الحواجز, فالمصالحة منحت للمواطن حق مقاضاة الدولة وإقرار مسؤوليتها على المرافق العامة، وبدأت المساطر تتجه نحو إقرار مسؤولية المحامي عن خطأه المهني ومخاصمة القاضي بل التشكك في هئية المحكمة بكاملها، فكل هذا المساطر تعني أن مؤسسة القضاء أصبحت في الواجهة، بل  إن العولمة وحرية تنقل البضائع في أرجاء العالم جعلت مصالح الشركات المنتمية للدول المصنعة تكون مهددة بسبب وجود عدالة هزيلة ومتقادمة في بعض بقاع العالم خاصة لدى الدول التي هي في طريق النمو، مما حدى بها إلى المطالبة بتحديث المؤسسات القضائية لتلك الدول  حماية لمصالحها.
وهكذا تم توسيع اختصاص القاضي في مراقبة الصعوبات التي تتخبط فيها المقاولة المغربية، وبالمقابل ستتوسع دائرة المسائلة على قراراته. فهل احتاطت المؤسسات المكلفة بالتكوين لهذه الأمور؟ أم أن تكوين القضاة وكتاب الضبط مازال يُلقن بالطريقة الكلاسيكية التي هجرت كافة قوانينها والنظرة التي كانت تعالج بها القضايا ؟
كل هذه التساؤلات والتخوفات جعلتني أقبل على هذا البحث المتواضع في معلوماته والمتشعب في الإحاطة به، لقلة المراجع التي تطرقت له بإعتباره موضوعا حديثا أقحم في مؤسسة القضاء وجعلها تتحول من قضاء محايد له موقف سلبي في الخصومة إلى قضاء فاعل ذو دور إيجابي جدا في الحياة الإقتصادية وهو ما أطلق عليه الفقه بالقضاء الإقتصادي   La
Magistrature économique.
إشكالية البحث 
يطرح الموضوع إشكالية أولية من حيث تحديده لكون مراقبة القضاء على النزاعات التي تنشأبين الشركاء في الشركات التجارية يخص ميدانا شاسعا يدخل ضمن كافة القوانين التي تحكم إرادة و أفعال الأطراف من الأهلية للتصرف إلى قسمة المتروك، والمقصود بذلك أن أي عمل يصدر عن عنصر من عناصر الشركة التجارية يمكن أن يكون محل منازعة قضائية لخلل في الأهلية أو المسطرة مثال(تفويت أسهم شركة تجارية يملكها قاصرون، الدفع بالغلط والإكراه أو التزوير في كمبيالة أو شيك وآجالات السقوط والتقادم...الخ)، وهكذا يعجز الباحث عن حصر هذا الموضوع في نقطة معينة و يجد نفسه أمام كم هائل من الإشكالات عليه التطرق إليها، وإن كان حصر وتحديد الموضوع هنا يفرض نفسه بشدة، إذ الرقابة القضائية على النزاعات في الشركات التجارية يمكن بحثها كدراسة تقييمية للمُراقب أكثر من دراسة الخاضع للمراقبة((المنازعة القضائية بين الشركاء في الشركة التجارية )، وما دام أن النهج الجديد التي سارت عليه النظرة التشريعية الحديثة هو تحويل مسار مؤسسة القاضي إلى قاضي إقتصادي يساهم في التنمية الإقتصادية ويحمي المقاولة المغربية وبالتالي الإقتصاد الوطني فإنه لامانع من تحديد الموضوع في الأجهزة القضائية ومساطرعملها في ممارسة الرقابة على النزاعات بين الشركاء لما لها من ثأتير على تسيير وإدارة الشركات التجارية بل على إستمراريتها, مع المزج بين الدراستين في معالجة موضع البحث بالتطرق (أولا) لمجالات تدخل المؤسسة القضائية المخول لها الرقابةعلى المنازعات بين الشركاء، و(ثانيا) للآثار القانونية لتدخل الرقابة القضائية، هل لها مجال حرية للتصرف ؟ أم أنها مقيدة بحدود معينة لايمكن تجاوزها؟  علما أن سرعة التحولات الإقتصادية قد تجعل هذه المراقبة القضائية على هذه االنزاعا ت متجاوزة مما يؤدي إلى السقوط في مخاطر التقهقر والتراجع لعدم قدرة مؤسسة القضاء على التأقلم مع وثيرة التحولات. 
فالمسألة المطروحة بشدة أن دور القضاء عندنا يأتي في المرتبة الثانية بعد النصوص القانونية، حيث إن التشريع يوجه القاضي بدل أن يقوم هذا الأخير بواسطة الإجتهاد بتوجيه التشريع. فالقانون التجاري الفرنسي جاء نتيجة عدة إجتهادات قضائية أثبتت عجز نظام الإفلاس الذي كان متبعا، في حين أن نصوص مدونة التجارة المغربية تم نسخها من القانون الفرنسي المؤرخ في فاتح مارس 1984 و25 يناير 1985. مما يؤكد إصرار الدول المتقدمة على تغيير هياكل قضاء الدول التي هي في طريق النمو مع ما يتماشى وحماية اقتصادياتها، وإن كان الأمر يخص المشرع الوطني لما تحرك لتعديل القوانين القديمة، لأنها مازالت تساير التخلف الذي يتخبط فيه، فالتشريع الجديد هو مقرر للمستثمرالأجنبي وليس للمقاول الوطني.

إن الأسئلة التي تم طرحها فيما يخص الإشكالات، ستكون محاولة الإجابة عليها هي هيكل الدراسة، بإعتبار أن مهمة الرقابة تقتضي ،ن تسند إلى مؤسسة قوية وقادرة على الإحاطة بجل المؤثرات الفاعلة في مجال المقاولة وسأخصص لهذا الجزء الباب الأول  من البحث أما الباب الثاني وهي الآثار القانونية والإجرائية أي أدوات هذه المراقبة الموضوعة رهن إشارة المؤسسة القضائية هل تساعد على أن تكون رقابة قوية وقادرة على الوقاية  أم انها عكس ذلك تشكل حاجزا أمام المؤسسة الرقيبة وكذا أمام مسيري المقاولة ؟ وهكذا يمكن تقسيم الموضوع إلى:

الباب الأول: المؤسسة القضائية المخول لها مهمة رقابة النزعات بين الشركاء في الشركات التجارية .
الباب الثاني : النصوص الإجرائية والموضوعية لرقابة القضائية على النزاعات بين الشركاء في الشركات التجارية. 





الباب الأول :المؤسسة القضائية المخول لها مهمة رقابة النزاعات بين الشركاء في الشركات التجارية 

باذئ ذي بدء يتعين تحديد  بعض المصطلحات المستعملة في البحث، فالرقابة القضائية هي وسيلة يلجأ إليها الطرف الضعيف لحماية مصالحه، وليحد من تجاوز بعض الشركاء في إستعمال صلاحياتهم بشكل يضر بالأقلية، فروح القضاء هي حماية الطرف الضعيف  والحفاظ على توازن المصالح بين الشركاء، وليست الرقابة القضائية كما يحاول البعض أن يفسرها على أنها وسيلة لعرقلة المبادرة الحرة في الميدان الإقتصادي، إذ أن تدخل القضاء لممارسة الرقابة لا يكون تلقائيا وبدون طلب من الأطراف ,فالمادة 12 مثلا من قانون 17.95المتعلق بشركات المساهمة تنص على أنه ((....إذا لم يتضمن النظام الأساسي كل البيانات المتطلبة قانونيا وتنظيميا أو أغفل القيام بأحد الإجراءات التي تنص عليها فيما يخص تأسيس الشركة أو تمت بصورة غير قانونية، يخول لكل ذي مصلحة تقديم طلب للقضاء لتوجيه أمر بتسوية عملية التأسيس تحت طائلة غرامة تهديدية، كما يمكن للنيابة العامة التقدم بنفس الطلب ..)),وفي نفس السياق ينص الفصل 49 في فقرته الخامسة من نفس القانون  (....عندما يغفل مجلس الإدارة القيام بالتعيينات المتطلبة أو دعوة الجمعية للإنعقاد يمكن لكل ذي مصلحة أن يطلب من رئيس المحكمة بصفته قاضي المستعجلات تعيين وكيل مكلف بدعوةالجمعية العامة للإنعقاد قصد القيام بالتعيينات أو المصادقة على تلك  التي تمت بموجب الفقرة الثالثة).
فالرقابة هي تلك الوسيلة التي بواسطتها تتم متابعة وتوجيه أعمال ونشاطات الشركة التجارية وهو مايقصد به (حق الإعلام) الذي لا يقصد به الحد من حرية التسيير والإدارة.
 ودون أن نغفل الرقابة الزجرية التي يمارسها القضاء حين ترفع إليه النيابة العامة الموكول لها أمر مراقبة أعمال الشركات التجارية، في مجال بعض المخالفات التي تخضع تحت طائلة النصوص العقابية  .

المبحث الأول:           الطبيعة القانونية  للرقابة القضائية

إنها تلك الوسيلة الحضرية الوحيدة لحماية الحقوق، إذ أن المساهمين في الشركات يحاولون الحفاظ على أموالهم بواسطة حق التقاضي المخول لهم دستوريا  وبواسطة الإجراءات المنظمة  للعمل التجاري والشركات التجارية .
وإن كان يقال عن الشركات التجارية الكبرى أنها تستعمل تنظيما يشابه نظام الدولة ويؤسس على مايعرف بالديمقراطية، فلا يمكن أن تتحقق تلك الديمقراطية للمساهمين في الشركات التجارية إلا إذا كان حق التقاضي ـ بكامل أبعاده ـ من المسلمات، ذلك أن حقوق المساهمين لاتؤتي ثمارها إلا بقيام حق التقاضي بإعتباره الوسيلة التي تكفل حمايتها ورد الإعتداء عنها   .
لكن القيام بأعباء هذه المهام وتحمل مسؤوليتها يتطلب في مقدمة ما يتطلب أن يكون القضاء سلطة حقيقية تتوفر على إستقلالها الكامل عن باقي السلط، وتتمتع بما يكفي من أسباب المناعة والحماية في مواجهة السلط الأخرى.
فعندما تتوفر هذه الإستقلالية يكون في مقدور الجهة القضائية المكلفة بالسهر على مراقبة صحة تصرفات الشركاء المرفوعة إليها كلما عرضت عليها قضية تتعلق بنزاع بين الشركات و لو في شركات متعددة الجنسية و كان له تأثير على السياسة الإقتصادية للدولة بصفة عامة، أن تقضي بما يمليه عليها القانون و تسعى في ذات الوقت إلى توسيع مجالات الحريات الإقتصادية و حماية الإقتصاد الوطني و تعزيزه من خلال قرارات تتسم بالجرأة و القدرات الفكرية العالية.
و أورد هنا مثال لقضية الشركة الفرنسية (فور شوف الفرنسية  (Fruchauf- France   و التي أقدمت على إبرام إتفاقية مع الصين بتوريد شاحنات إلى هذه الأخيرة، أشير إلى أهمية القرار المتخدة من طرف القرار المتخد من طرف الغرفة 14 لمحكمة الإستئناف بباريس في 22 ماي 1965 و الذي أحدث في ذلك الوقت ضجة كبيرة في أوساط رجال الأعمال، و تتلخص وقائع القضية في أن شركة فرو شوف الفرنسية المراقبة و المسيرة من طرف مجموعة مالية أمريكية و التي أبرمت إتفاقية في شهر دجنبر   
محكمة الإستئناف، أن مسألة تبني أية نظرية لتحديد مهمة الوكيل القضائي بمقتضى الأمر الإستعجالي((تنفيذ المهمام التي هي جارية بالنسبة للشركة )) سيؤدي لا محالة إلىالمساس بمبدأ عدم تدخل السلطة القضائية في تدبير امور الشركة، تاركة للوكيل المعين صلاحية ملائمة كل حالة على حدة، فقضاة محمكة الإستئناف الباريسية تفادوا في قرارهم أية مؤاخدة يمكن أن توجه إلى الحل الذي اتخدة رئيس المحكمة التجارية .
وإن كانت اهمية القرار تكمن في إتجاه آخر إذ يستخلص في أول الأمر أن ما يعطي للقرار أهمية خاصة هو أن قضاة محكمة الإستئناف أبرزوا بأن إدارة الشركة ((فرو شوف الفرنسية )) تسير بشكل عادي، وتأكيد هذه الوضعية بالقرار الإستئنافي المتخد جعله يكون محط إنتقاد من طرف الإتجاه القضائي المعزز بنظرية فقهية كانت قائمة انذاك والتي تشترط لتعيين الوكيل القضائي المكلف بتدبير الشركة بدل أجهزتها المنشأة بوجه قانوني صحيح، إلا في الحالة التي يكون فيها التدبير غير عادي، مما جعل هذا التعيين من طرف رئيس المحكمة رغم عدم وجود الصعوبات المعروفة عادة، والتي تمس أجهزة التدبير والمجالس، يوضح بصورة جلية أهمية السلطة القضائية في حماية ومراقبة طرق تدبير الشركات التجارية .
ويستنتج من هذا القرار أن الغاية منه هي كبح جماح سلطة الأغلبية عندما تتجاوز حدودها في تدبير مصالح الشركة، فالقرار خلق بصورة غير مباشرة وضعية قانونية جديدة تتمثل في التفرقة بين مصلحة المقاولة المجسدة في المراقبين واعترف لهم بإستقلاليتهم في تسييرها، ومصلحتها الإجتماعية المتمثلة في المصالح العليا وأهداف الشركة التي تختلف عن توجهات الأشخاص الذين يشكلونها. 
فالشركات التجارية غير قادرة على العمل في غير تنظيم قانوني سليم، فبالنظر للعديد من الأهداف التي تمثلها والأدوار الإقتصادية والإجتماعية التي تلعبها، خاصة شركات المساهمة ذات الأهمية الإقتصادية الكبرى التي يمكن أن نتصور التأثير القوي الذي تمارسه في الميدان الإقتصادي والإجتماعي وكذا السياسي، وهذا الواقع يفرض بقوة جاذبيته على القانون الذي لا يمكن أن يبقى جامدا، فغياب الإجراءات القانونية الخاصة لايمكن أن تجعل الإجتهاد القضائي يقف مكتوف الأيدي لإيجاد حلول للمشاكل الموضوعة، فمؤسسة القضاء نظرا للدور الذي تضطلع به لحماية الإقتصاد الوطني يمكنها من أن تحل محل بعض المؤسسات الشرعية للشركة وتتولى تسييرها بواسطة مدير أو مسير مؤقت .
ويرى الإتجاه المعاكس الذي يرفض تدخل القضاء في أعمال التسيير والتدبير للشركات التجارية أن من شأن الشطط في إستعمال هذه الإمكانية وذلك لكبح جماح الأغلبية المتمثلة في المجموعات المالية المسيطرة أن يثني بعض المستثمرين الأجانب على التوجه إلى بلد آخر يضمن فيه حقه في تسيير وتدبير مصالح شركته.
ويرى نفس الإتجاه أيضا أن أكبر المشاكل التي تواجهها الدول هو ضمان الشغل لليد العاملة والحفاظ عليه بالنسبة لمن يتوفرون عليه، وإن من شأن بعض القرارات التي قد يتخدها القضاء والتي تكون حاجزا أمام طموح المجموعات المالية في السيطرة على الإقتصاد الوطني أن يضع سياسة الدولة في مجال التشغيل في مهب الريح ويؤدي إلى أزمات إجتماعية خطيرة.
وهذا النهج هو الذي سلكته حالياالشركات المتعددة الجنسية الكبرى بفرض قانون العولمة وتوحيد قانون التجارة الدولية في نظام عالمي يسري على كافة الدول، وذلك ضمانا لحماية مصالحها حتى لاتفاجئ بقرارات  في غير صالحها من طرف القضاء الوطني للدولة التي تستثمر فيها أموالها.
والقضاء التجاري عبر عدة سنوات وضع ثلاثة مبادئ أساسية تبرر تدخله في أعمال الإدارة والتسيير للشركات التجارية :
1. حماية حق ملكية المساهم 
2. الشطط في إستعمال حق المراقبة 
3. إبتكار رقابة قضائية لوضع التوازن بين المصالح المتناقضة .
ولابد من التوقف هنا على مبدأ (الشطط ) إذ من الضروري إيجاد معيار محدد لمفهومه حتى لانسقط في الإتجاه المعاكس بأن نجعل تدبيروتسيير الشركة يكون حسب وجهة نظر الأقلية، أو عرقلة إتخاد أي قرار من جهتها فالإجتهاد القضائي يسير في إتجاه إعتبار الشطط يتميز بالخصوص بالفوارق وعدم المساوات بين المساهمين وهذا المنحى يترك المجال واسعا لعدة تفسيرات.
وأريد من خلال ما ذكر ان أؤكد على العلاقة الوثيقة والتاريخية بين مفهوم الشرعية ((المساواة بين المواطنين ومن بينهم طبعا المساهمين في الشركات التجارية )) وإقرار الرقابة القضائية على النزاعات التي تحصل بين الشركاء، فهذه الرقابة تطورت عبر العصور وتجدرت بتطور الفكر والممارسة، وتبلورت في شكلها المؤسساتي عندما دعت الحاجة إلى إبتكار مراقبة داخلية في الشركة بإنشاء جهاز المراقبين أو مجلس المراقبة، ولعل أرقى ما وصل إليه هذاالتنظيم للشركات التجارية هو تكليف المؤسسات القضائية المختصة بفرض رقابة قانونية على بعض الأعمال الصادرة عن الشركات، وفي سياق هذا التطور التاريخي لتلك الرقابة كان التفكير في مبدأ الفصل بين السلط وإستقلال القضاء.
لكن إذا كانت فعالية الرقابة وموضوعيتها تتجلى في ضرورة وجود مؤسسة قضائية مستقلة نسبيا تقوم بتلك الوظيفة فما هي المصادر التي تعتمدها كمقياس لحسن سلوك الشركات التجارية ؟ هل يستوجب الأمرإعتماد قواعد موضوعية مستقاة من القانون الوضعي أو رفض  ذلك بإعتماد التشريع الإسلامي والمؤسسات التي ابتكرها.
الإجابة على هذا التساؤل حول أفضلية القانون الوضعي أم القانون الإسلامي ؟ تشكل معضلة فلسفية تفرض معرفة التوجه الذي تسلكه النخبة الثقافية في البلدان الإسلامية التي خضعت في حقبة من تاريخها للإستعمار.
ومما لاشك فيه أن هذه الإزدواجية في الثقافة قد تؤدي إلى التناقض في الممارسة بين الثقافة المرجعية التي تشكل الأصل والثقافة الناتجة عن التكيف والتعامل مع الجديد بكل أبعاده الإستعمارية هذا انعكس على العمل القضائي .
وهذه الإزدواجية أثرت على كافة مناحي المؤسسات العمومية وسرعان ما تحولت إلى النهج اللبيرالي خاصة على مستوى القضاء رغم إختلاف المرجعيات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والفكرية فتم تبني التنظيم القضائي الفرنسي في المغرب وكذا القوانين الصادرة عنه، مع نهج منهج المحاكاة والتقليد والتركيز في نفس الوقت في الخطاب الرسمي على المرجعية الإسلامية وتطعيم الأنظمة القضائية القديمة بمؤسسات جديدة كقاضي الثوثيق والأحوال الشخصية بقاضي الأسرة.



المبحث الثاني : التطور التاريخي للقضاء التجاري

النزاعات التي تنشأ بين التجار تكتسي طابعا خاصا فهي تستوجب البت بسرعة وبشكل غير فاضح خوفا من المس بسمعة التاجر أو الشركة التجارية لأنها هي المعتمدة في التعامل في السوق التجارية، وهذه الخلافات غالبا ماتطرأ بين المقاولات التي تستمر في التعامل مع بعضها مما يستوجب على القاضي التجاري العمل على إعداد المستقبل بدل تصفية الماضي .
وهذا ما يفسر أصالة طرق تسوية الخلافات التجارية التي تتجلى في حالتين :
الحالة الأولى:
هو أن النزعات التي تخص الأعمال التجارية والتجار فهذه تختص بها المحاكم التجارية، والتي ظهرت أول مرة في فرنسا بمدينة ليون 1419 وفي باريس 1563 .
فالمحاكم التجارية كانت هي جهة القضاء الوحيدة التي أستمرت رغم الثورة الفرنسية وذلك لثلاثة أسباب :
1. سرعة إصدار الأحكام مما ييسير عمل التجارة 
2. معرفة دقيقة للعادات والأعراف التجارية في ذلك الوقت والخاصة بكل منطقة 
3. الكلفة كانت منعدمة لكون عمل القضاة المستشارين التجاريين كان تطوعيا 
الحالة الثانية :
إنه رغم أن التجار يتمسكون بهذه المحاكم التجارية المتخصصة والتي لها خصائص معينة كما ذكر في الحالة الأولى، فإن التجار يميلون إلى حل نزاعاتهم عن طريق التحكيم باللجوء إلى محكمين خارج إطار القضاءالرسمي (أي قضاء الدولة )
في المملكة المغربية،  قبل فرض الحماية كانت مؤسسة القضاء الإسلامي هي المختصة  بالبت في النزاعات التي تحصل بين التجار، وكان القاضي الشرعي يبسط يده في الرقعة المكانية التابعة له، ويجسدبعد إجتماعي وإقتصادي في معالجته للقضايا المطروحة عليه، وبمساعدة بعض المؤسسات التي كانت تعتمد العادات والأعراف التجارية، مثل أمناء الحرف وأمناء التجار، وكذا المحتسب إستنادا إلى مرجعية دينية تتجسد في القرآن والسنة .
ونظرا للوضعية التي خضع لها المغرب بعد فرض نظام الحماية خُلقت وضعية متميزة ومتنوعة جعلت المغرب يسلك نهج الدولة المستعمرة (فرنسا) بتخصيص قواعد قانونية للمنازعات التجارية مع العلم أن بعض الدول منها (إنجلترا و أمريكا) لاتعرف قانون تجاري خاص بالمنازعات بين التجار، وأن المنازعات كانت منظمة بالقواعد المنصوص عليها بالقانون المدني الذي يشكل الأصل .
وهذه الوضعية المذكورة هي التي جعلت القضاء المغربي يطبق على النزاعات التجارية وبين الشركاء قواعد قانون الإلتزامات والعقود الـــمؤرخ في 12 غشت 1913   و دون أدنى حرج متجاهلا بذلك قانون التجارة المؤرخ في 13 غشت 1913 .مادام ان المبدا الذي حرصت عليه تلك القوانين أنذاك والذي كان سائدا هو إحترام مبدا سلطان الإرادة في التعاقد مع عدم التعارض مع النظام العام.
وهكذا فإن مصادر قانون التجارة المغربي يمكن إجمالها في عدة ظهائر وقرارات عرفت تطبيقها الشامل على تراب المملكة المغربية مند فاتح يناير 1966,
1. الظهير المتضمن لقانون التجارة المؤرخ في 13 غشت  1913والمستوحى من قانون التجارة الفرنسي.
2. قانون التجارة البحرية المؤرخ في 31 مارس 1919 والمستوحى من القانون الفدرالي الأمريكي المؤرخ في 15 مارس 1893 ،إلى جانب الظهائر والقرارات الصادرة عن الصدر الأعظم مند 1913 والتي كانت تنظم المجال التجاري.
3. ظهير 11 غشت 1922 المتعلق بشركات الرأسمال وظهير فاتح شتنبر 1926 المتعلق بالشركات ذات المسؤولية المحدودة، وبنفس التاريخ الظهير المنظم للسجل التجاري، وظهير  31دجنبر 1914 المتعلق بالمخازن العمومية، وظهير 23 يونيو 1916 المتعلق بالملكية الصناعية والقانون المطبق بمنطقة طنجة المؤرخ في 20 يوليوز 1938 المتعلق بحماية الملكية الصناعية، وظهير 24 ماي 1955 المتعلق بكراء المحلات ذات الإستعمال التجاري وظهير 29 يوليوز 1970المتعلق بالملكية الأدبية. 
4. في مرحلة العولمة تم تجديد الترسنة القانونية التجارية توجت بإنشاء محاكم تجارية بمقتضى ظهير شريف رقم 65.97.1. بتاريخ 12فبرلير 1997 بتنفيذ القانون رقم 95.53 الجريدة الرسمية عدد 4482. 


الباب الثاني : النصوص الإجرائية والموضوعية للرقابة القضائية على النزاعات بين الشركاء في الشركات التجارية

إن من شأن النزاعات التي تعرض على القضاء التجاري أن تختلف حدتها بين تلك التي تنصب على إجراءات بسيطة لايرتب عليها القانون أي جزاء ويمكن لذوي المصلحة المطالبة بتداركها وبالتالي ينتهي الخلاف حولها وأخص بالذكر هنا ماجاء في المادة 12 من قانون رقم 17.95 المتعلق  بشركات المساهمة في فقرته ما قبل الأخيرة ((إذا لم يتضمن النظام الأساسي كل البيانات المتطلبة قانونا وتنظيما أو أغفل القيام بأحد الإجراءات التي تنص عليها فيما يخص تأسيس الشركة، وتمت بصورة غير قانونية، يخول كل ذي مصلحة تقديم طلب للقضاء لتوجيه أمر بتسوية عملية التأسيس تحت طائلة غرامة تهديدية،,كما يمكن للنيابة العامة التقدم بنفس الطلب )).أو المادة 49 من القانون المتعلق بشركات ذات المسؤولية المحدودة قانون96.5 والتي جاء في فقرتها الأخيرة (...يمكن للمحكمة أن تمنح أجل ستة أشهر كحد أقصى لتسوية الوضعية، ولا تصرح بالحل إذا تمت التسوية ولغاية يوم بت المحكمة إبتدائيا في الموضوع ) وذلك عندما تكون شركة ذات المسؤولية المحدودة متكونة من شخص واحد بمُابة شريك واحد في شركة أخرى ذات المسؤولية المحدودة وكذا الفصل 86 من نفس القانون والمادة 60 من قانون 13.97 المتعلق بالمجموعات ذات النفع الإقتصادي والذي جاء فيه (...لكن قد تحدث هنا خلافات بين الشركاء نتيجة إتخاد قرارات تتعلق بمصير الشركة والشركاء،,مما قد تعصف بها وغالبا ما يكون متعلقا بحالة ـ رفع أو خفض رأسمال الشركة أو تغيير مقرها أو جنسيتها أو إدماجها أو تحويلها إلى نوع أخر من الشركة الشيء الذي جعل الأمر يتطور إلى تدخل المشرع بنصوص صريحة تشترط أغلبية معينة إما عددية أو الإجماع أو الثلثين وهنا نسقط فيما يعرف بالأقلية،,والتي عرفها الأستاذ  المريني ((الذي أورده الأستاذ عبد اللطيف مشبال في تعليقه على قرار المجلس الأعلى عدد 2731 المؤرخ في 07ـ 05ـ1997 الملف المدني عدد 833/1/4/96 الصفحة 476 مجلة قضاء المجلس الأعلى العدد المزدوج 53ـ 54 السنة 21.
(( يمكن القول بأن الأقلية هي مجموعة من المساهمين الذين يحضرون الجمعية العامة بصفة شخصية أو بوكالة محددة، ويرفضون الموافقة على مقترحات الأغلبية، والقرارات المعروضة على التصويت عندما لايرون منها فائدة للمصلحة الإجتماعية، أو مجموعة المساهمين، وفي ذات الوقت لا يستطعون منع المصادقة عليها، ولافرض تغييرها بسبب ضعف قوتهم تجاه الأغلبية الحاضرة الطبيعية أو الصناعية)), إلا أنه في رأيي المتواضع يمكن أن أضيف أن هذه الأقلية  تنقل النزاع  أمام القضاء قصد حماية وجهة نظرها، وإن كانت هذه الفئة وللأسف الشديد، تتفادى الخوض في النزاعات مع الأغلبية وتفضل الإنسحاب من الشركة، وتقدم طلب تقويم حصتها وتأخد نصيبها مما جعل هذا النوع من النزاعات بين الشركاء يكاد ينعدم عرضه على القضاء المغربي، والذي يؤكد ذلك ماجاء في تعليق الأستاذ مشبال المذكور بالصفحة 488 من المرجع السابق ((ولربما كان القرار موضوع هذا التعليق هو القرار الوحيد ـ في حدود علمي ـ الذي تصدى لمسألة شائكة تتعلق بحقوق الأقلية ومن تم لَمَسَ بكيفية غير مباشرة موضوع تعسف الأغلبية الذي هو فعلا بمثابة مسلسل مثير للإهتمام حسب تعبير الأستاذ لوكانو وذلك في نطاق القانون السابق لشركة المساهمة)) .
والقرار يتعلق بكون المدعي مساهم بحصة 10% في أسهم الشركة المدعى عليها وأن مسيريها يمتنعون من إعطاءه أية بيانات بشأن الشركة ولم يقدموا له أية حسابات والتمس تعيين خبير في الحسابات للإطلاع على الوثائق الحسابية المتعلقة بالمعاملات التجارية التي أنجزتها الشركة مند التأسيس 01/10/1974 إلى غاية تقديم الدعوى بتاريخ 07/05/1983 وملاحظة كل تلك المعاملات وحصر الأضرار اللاحقة به كمساهم في الشركة وإجراء محاسبة وتحديد مبلغ الأرباح المستحقة ونصيبه فيها مع حفظ حقه في المطالبة بحقوقه بعد إنجاز الخبرة .
وأجابت المدعى عليها أن جميع المساهمين يقع إستدعاؤهم للجمعية السنوية تقدم لها الحسابات ولهم حينئد القيام بالإجراءات اللازمة للدفاع عن مطالبهم وحتى رفض المصادقة على الحسابات التي يتوفرون على آجال من أجل مراقبتها والإطلاع عليها سيماوأن المساهمين ممثلين من طرف مراقب الحسابات يتوفر على كل السلطة القانونية في هذا الصدد لمراقبة التسيير المالي، وجمعيات المساهمين سواء السنوية أو الإستثنائية هي التي تملك حق صلاحية تقرير ماتشاء في شأن التسيير والحسابات، وأن المشرع لم يمنح للمساهم حق التدخل في التسيير أو في الإطلاع على حسابات الشركة المفصلة، وإذا كان المدعي يتهم المديرين ببعض الأعمال اللا قانونية فعليه التقدم بشكاية ضدهم ملتمسا التصريح بعدم قبول الدعوى.
والملاحظ ان مفهوم (الأقلية ) كما هو معروف حاليا عرف تطورا ساير قانون الشركات نفسه ولن يتوقف مادام عالم التجارة يتغير كل لحظة، ويمكن إجمال مفهوم الأقلية الذي هو الوجه الثاني للنزاعات بين الشركاء المعروضة على القضاء للحسم فيها عرف مرحلتين :
1. الأولى واقعية فعلية : حيث وجد هذا المفهوم بدون أي تنظيم قانوني 
2. وثانيهما قانوني حقيقي : وفي المرحلتين معا فإن هذه النشأة كانت تتغير بحسب مايطرأ من تحولات في فقه الشركات .
ومن أبرز الأسباب التي جعلت مفهوم الأقلية يظهر في مرحلة الوجود الفعلي كواقع فقط دون تأطير قانوني هو اكتساب الشركة شخصية معنوية توفر لها إرادة خاصة تجعلها قادرة على التصرف بإستقلال عن الأعضاء المكونين لها وجردت هؤلاء من سلطاتهم وصلاحياتهم كأصحاب أسهم تجاه جزء من مالهم ونقلتها إلى الشخص المعنوي هذا الأخير لكي يفرض سلطته على سلطات الأعضاء المساهمين إبتكر قانون الأغلبية جاعلا بالتالي صوت الأكثرية المعبر عن مصلحة الشخصية المعنوية أعلى من أصوات مكونيها.
وهناك مسألة أخرى غاية من الأهمية ساهمت في تطوير هذا المفهوم فعندما يتم إتخاد قرار في الجمعية العامة بالأغلبية، فإن ذلك يعني وجود أقلية إما ظاهرة في حالة التصويت المعارض أو حتى الإمتناع عن التصويت او خفية في حالة الغياب  والشعور بعدم الجدوى الحضور أو عدم القدرة على مواجهة أقوياء الأغلبية .
أما المؤشرات القانونية فهي النظرة التي أصبحت تعطى للمساهم كشريك وليس كمقرض أو مضارب مما ينتج عن ذلك من أثار تنسحب إلى علاقاته مع الأخرين وإلى وضعيته مما له من حقوق وماعليه من إلتزامات.
والواقع أن المشرع المغربي لم يسمي الأشياء بمسمياتها بل لم يستعمل صراحة مصطلح الأقلية ولم يتعامل معها كفئة مستقلة إلا انه لم يتجاهلها بل بالعكس فإن عددا من المقتضيات والأحكام لاتصلح إلا لها ولا تستفيد منها الأغلبية صاحبة السلطة والنفوذ (وذلك حينما يشترط الإجماع ) في بعض القرارات .
وقضاء المجلس الأعلى (وكما جاء في تعليق الأستاذ مشبال ) لم يكن يعرف مثل هذه النزاعات بين الشركاء. ففي ظل قانون 1922 لم تكن تطرح مسألة حماية الأقلية لكون جل التنظيمات المقاولاتية كانت عبارة عن شركات عائلية حيث كانت أكثر من 90% من شركات المساهمة هي شركات عائلية  وبالتالي فإن الجميع يسود ويحكم وكان ميزان القوى مستقرا وجميع القرارات التي تتخد داخل الجمعية العامة هي قرارات تخدم مصلحة الجميع وبالتالي لم يكن هناك من معارضة أو تضارب المصالح، لكن التغيير الذي طرأ على أو ضاع الشركات وخاصة شركات المساهمة التي أصبح عدد المساهمين فيها يفوق المئآت بل الآلاف أدى إلى تراجع الشركات العائلية، وبروز تنظيمات جد معقدة لم يعد قانون 1922 متماشيا معها.
مما جعل مفهوم الأقلية يطفو على السطح ويفرض نفسه على القوانين الحديثة متأثرا في ذلك بالتوجه اللاتيني الممثل في القانون الفرنسي المؤرخ في 24 يوليوز 1966 المعتمد على نظرية الشركة العقد والإتجاه الجرماني الذي ساهم في إحداث التوازن والمساواة بين المساهمين بإنشاء شركات المساهمة ذات مجلس الإدارة الجماعية ومجلس المراقبة أو خبير الأقلية، والمرجعية الأنكلوساكسونية، المجسدة في النظام الجديد لإدارة ومراقبة شركات المساهمة والمعروفة بحكومة المقاولة corporate governance    والذي يقوم على كون المقاولة مسؤولة عن الصالح العام بإعتبارها شخصية معنوية تعد عنصرا إقتصاديا مستقلا يحمل على عاتقه مسؤولية الإنتاج لصالح الجماعة .
فهذا النظام يرمي إلى الموازنة بين المستثمرين والمسيرين والفصل التام بين الإدارة والتسيير ووضع لجان لتدقيق الحسابات وأخرى للمعلومات والأجور في أفق الرفع من مردودية المقاولة وكذا تقوية المسؤولية المدنية والجنائية للمسيرين ووضع علاقات جديدة تحكم المساهمين مع الجهاز الإداري .

هذا إلى جانب جعل القضاء في صلب التنمية فقانون 95.17 المتعلق بشركات المساهمة أعطى للقضاء دور هام ووضع له مجموعة من الصلاحيات القانونية ليلعب دوره كأحد الفاعلين الرئيسيين في حياة الشركة وإعطائه صلاحيات واسعة مقارنة مع التشريع السابق.
 ولعل التحول الذي شهدته النظرة التقليدية للشركة بإعتبارها ذات طابع عقدي يسيطر عليه مبدأ سلطان الإرادة إلى الطابع النظامي، غيرت هذه النظرة من السلطة التقليدية المحدودة للقاضي ليجعله الضامن الضروري للتوازنات داخل الشركة، وأخد يتوجه نحو معيار المصلحة المشتركة الذي يشكل حسب بعض الفقه ( المعيار المحدد للسلوك الواجب إتباعه وتكشف عن الإنحرافات وخاصة تعسف الأغلبية أو الأقلية ).وهذا التدبير يتوخى منه بالدرجة الأولى التهدئة وتصفية الأجواء تفاديا للحل الذي يضع حدا للشركة.
لهذا ومراعاة لمعيار المصلحة المشتركة فإنه كثيرا ما يطلب بإلحاح تدخل القاضي عند حصول نزاعات بين الشركاء ومن تم فلا يمكن إغفال دوره في حالة حدوث أزمات للشركة، حيث يكفيه في بعض الأحيان أن يفصل في إدعاءات المتنازعين إنطلاقا من رفع دعوى بطلان القرارات التعسفية المطلب الأول ـ أو إنطلاقا من دعوى التعويض ـ المطلب الثاني.

1 ـ المطلب الأول:  دعوى بطلان القرارات التعسفية

المصادقة على القرار بأغلبية الشركاء داخل الشركة لا يعني الخضوع المطلق لهذا القرار والمشرع المغربي في قانون شركات المساهمة في فصله 157 أجاز لمساهم واحد أو أكثر يمثلون على الأقل عشر رأسمال الشركة توجيه طلب لرئيس المحكمة بصفته قاضي المستعجلات يرمي إلى تعيين خبير للتأكد من صحة عملية أو أكثر من عمليات التسيير التي يرونها مجحفة في حقهم.
هذا التوجه الجديد في القانون المغربي يخالف ماذهب إليه المجلس الأعلى في قراره المذكور سابقا (عدد 2731 المؤرخ في 07/05/1997 الذي طبق مقتضيات القانون القديم لسنة 1867 ، مؤكدا بأنه لايتضمن نصا يسمح للأقلية المالكة لنسبة معينة من الأسهم حق المطالبة بخبرة عن عملية أو عمليات تتعلق بتسيير الشركة المساهمة وكما جاء في تعليق ذ/ مشبال (( ...أن مسألة ممارسة الرقابة على شؤون الشركة، وكيفية تصريفها هو شأن يهم جميع المساهمين بدون إستتناء)) وإنسجاما مع التوجه التشريعي الجديد لقانون الشركات فقد ذهب المجلس الأعلى في قراره عدد 229 بتاريخ 02/03/2005 الذي تتلخص وقائعه أن المدعي شريك بنسبة 26% من أسهم شركة المساهمة وتقدم بمقال يرغب فيه بفسخها وتمكينه من حقوقه بحسب نسبة الأسهم المالك لها، وتقدم بطلب إضافي أشار فيه إلى أن الشركة عرفت عدة مشاكل تم عرضها على القضاء ملتمسا حلها استنادا إلى الفصل  1060من ق.ل.ع.والذي يسوغ بموجبه لكل شريك طلب حل الشركة ولو قبل إنقضاء المدة المقررة إذا وجدت أسباب معتبرة كالخلافات الخطيرة، وذلك الإعتبار القانوني يجد سنده في الفصل 357 من قانون 95ـ 17 في فقرته الأخيرة الذي ينص على أنه (....في حالة عدم إنعقاد الجمعية العامة كما هو الحال عندما لاتتيسر للجمعية المداولة بصورة صحيحة بعد آخر دعوة للإنعقاد، أمكن لكل ذي مصلحة أن يطلب من القضاء حل الشركة.ويسري نفس الحكم متى تطبق أحكام الثانية من هذه المادة والتي أعطت إمكانية لكل ذي مصلحة في أن يطلب من القضاء حل الشركة.وأنه قبل تاريخ تحويل الشركة من شركة مساهمة إلى شركة ذات المسؤولية المحدودة كانت هناك قضايا رائجة بين الشركاء ولا يحق لهم بذلك إجراء أي تحويل مع وجود نزاعات جوهرية حول حساباتها وطرق تسييرها، فأصدرت المحكمة الإستئنافية التجارية قرار تمهيدي بإجراء خبرة ثم قضت بإلغاء الحكم المستانف والحكم من جديد ببطلان محضر الجمع العام الإستتنائي المنعقد بتاريخ 22/04/ 2001 القاضي بتحويل الشركة من شركة مساهمة إلى شركة ذات مسؤولية المحدودة مستندا على أن محضر الجمع العام الإستتنائي المنعقد بتاريخ 22/04/2001 يتضمن أن الشركاء الحاضرين قرروا تحويل الشركة من شركة مساهمة لشركة محدودة المسؤولية كما رفعوا رأسمالها بحيث أصبح 100.000درهم بدلا من 10.000درهم في غيبة المستانف الذي تخلف عن الحضور وأن الفصل 220 من القانون رقم 95/17 المتعلق بشركات المساهمة في فقرته الثالثة ينص على أنه ((...يتخد قرار التحويل إلى شركات ذات المسؤولية المحدودة وفق الشروط المنصوص عليها فيما يخص تغيير النظام الأساسي لهذا الشكل من الشركات)).
وربط المجلس الأعلى مسألة بطلان محضر الجمع العام الذي أستدعي فيه الشريك بواسطة الهاتف وحضره بكون الضرر غير حاصل مادام أن الغاية حصلت بحضوره وهكذا ساير المجلس الأعلى التفسير الذي يقضي بأن دعوى بطلان القرارات التعسفية لا يقضى بها إلا إذا قصد من القرار المتخد الإضرار بالأقلية أو إذا كانت المصالح التي ترمي الأغلبية إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لاتتناسب البتة مع ما يصيب الأقلية من ضرر أو إذا كانت الأغلبية قد تجاوزت في ممارستها الحدود المألوفة وكانت ترمي من وراء ذلك تحقيق مصالح غير مشروعة.
وتطرح على القاضي إشكالية الحكم ببطلان تصرف قانوني معين ما لم يكن له سند صريح بذلك في القانون المنظم لذلك التصرف وهو ما يطلق عليه (( البطلان بدون نص)) مما يحد من فعالية الرقابة القضائية الشيء الذي جعل الفقه يبتكر نظاما موازيا وبديل في نفس الوقت أطلق عليه نظام البطلان المستنتج وبمقتضاه فإن القاضي هو الذي يتولى في إطار سلطته التقديرية في تحديد الجزاء والقول فيما إذا كانت المخالفة المثارة أمامه من الخطورة والأهمية بحيث يمكن أن يترتب عنها بطلان الإجراء أو العمل القانوني، وذلك خارج المقتضيات الخاصة ببطلان الشركة والعقود والمداولات المتعلقة بالتأسيس وتعديل النظام الأساسي إنطلاقا من المادتين 338 و 339 من قانون شركات المساهمة المتعلقة ببطلان المداولات والعقود الأخرى .
ولم أحصل لحد الأن عن أي قرار للمجلس الأعلى يقرر هذه القاعدة، وعلى سبيل الإستئناس أورد حكما صادرا عن المحكمة العليا لولاية ماساتوستس الأمريكية يعتبر خير مجسد لبطلان القرارات التعسفية المجحفة بحق الأقلية والذي تتلخص وقائعه فيما يلي ((فقد عرضت إحدى المساهمات (أ) في شركة المساهمة التي تشترك فيها، شراء أسهمها بنفس السعر الذي إشترت به الشركة أسهم الشريك (س) الذي كان رئيس لمجلس إدارة الشركة، لكن الأغلبية في الشركة رفضت شراء أسهم (أ) إبتداءا بصرف النظر عن السعر حيث أمام هذا الرفض رفعت الشريكة دعوى إلى المحكمة الإبتدائية طالبة إلزام الشركة بشراء أسهمها بنفس السعر الذي إشترت به أسهم (س) أو فسخ العقد الذي اشترت بموجبه الشركة هذه الأسهم أي أسهم (س) لكن الأغلبية دفعت الدعوى بأنه لايوجد في القانون ما يجبرها على إبرام عقد لاترى فيه مصلحة الشركة، حيث حكمت المحكمة الإبتدائية لصالحها وقررت رفض الدعوى وصادقتها على ذلك محكمة الإستئناف.
وعندما طعنت (أ) في الحكم لدى المحكمة العليا للولاية قررت هذه المحكمة إلغاءه وتوجيه قاضي المحكمة الإبتدائية إلى الإختيار بين إلزام الشركة بشراء أسهم (أ) بنفس السعر الذي إشترت به الأغلبية أسهم (س) أو فسخ العقد الذي إشترت بموجبه الشركة هذه الأسهم مع إلزام هذا الأخير برد الثمن مع الفوائد من تاريخ قبضه. مستندة في ذلك على أنه حتى لو لم يكن السعرالذي إشترت به الأغلبية أسهم (س) ينطوي على محاباة له فإن عدم منح (أ) نفس فرصة البيع التي منحتها (س) يتعارض مع إعتبارات الوفاء والأمانة والصدق التي يتطلبها الإعتبار الشخصي الذي تستند إليه هذه الشركات في قياسها، تماما كما هو الحال بالنسبة للشركات العادية، الأمر الذي تجد المحكمة نفسهاملزمة بتحقيق المساوات بين الشركاء والإستجابة إلى طلب المدعي.
وهكذا فإن المحكمة قد خلصت إلى الحقائق الواقعية التي تفيد أن الأقلية أسيرة في الشركة لاتملك من أمر السلطة شيئا وأن قيمة أسهمها لا أهمية لها وبذلك فإن تصرف الأغلبية وإن كان يجد سنده في القانون ونظام الشركة إلا أنه قد يشكل إضعافا أكثر بمركز الأقلية تكون له آثار مستقبلية في حرمان الأقلية من الحصول على قيمة عادلة لأسهمها.

2ـ المطلب الثاني : دعوى التعويض

إن من آثار البطلان محو العمل القانوني بكامله وكل الآثار التي تكون قد ترتبت عنه مع مراعاة مصالح حسني النية. مع أن استبداد الأغلبية قاسي على نفوس مساهمي الأقلية وشديد الوقع على مفهوم الشركة نفسه مما يقتضي جزاء من نفس القوة .
إلا أن ذلك لم يمنع من المناداة بالعدول عن البطلان وذلك لأسباب نفسية سيكولوجية أقلها إهتزاز مركز الأقلية والتأثير على إستقرار الشركة وربما فقدانها لمركزها في السوق المالية والتجارية وهناك إحتمال تعلق مصالح الغير ببعض القرارات لذا رأى بعض الفقهاء (Coppeus) أن أفضل جزاء على إستبداد الأغلبية هو الحكم بتعويض مادي لمساهمي الأقلية المتضررين من القرار المطعون فيه. لكن الإشكال الذي يطرح هو تحديد المستفيد من التعويض والمسؤول عن أدائه ويقول الفقيه  (شميت) بأن الضرر الناجم عن استبداد الأغلبية هو ذي طبيعة خاصة لأنه يمس النظام الجماعي للشركة ويزعزعه ومن تم فإن التعويض قد لايكون وحده كافيا لإصلاح الضرر ولعل هذا ماجعل بعض المحاكم الفرنسية تجمع بين الجزائين البطلان والتعويض إلا أن هذا لايمنع المحاكم من النطق ببطلان القرارالتعسفي كبطلان الدمج التلقائي للأرباح ضمن الإحتياطي وكبطلان عملية تحويل شركات المساهمة إلى شركات توصية أو بطلان عملية وضع المتاجر تحت نظام الإدارة الحرة.
وكلتا الدعويين تقومان على أسس مختلفة، فدعوى بطلان القرارات التعسفية يجب أن توجه ضد الشركة أما دعوى المطالبة بالتعويض فيجب أن توجه ضد الشركاء ذوي الأغلبية، إلا أن الأمر الأكثر خطورة يتمثل في طلب حل الشركة حسب مانصت عليه المادة 1056 من ق. ل.ع. (.....لأسباب معتبرة كالخلافات الخطيرة ...) وحل الشركة يمقته القضاء خاصة إذا كانت الشركة ناجحة وقد لايحكم به على الرغم مما يستشعره من ظلم لأحد الأطراف إذا أتبت أن هذا الحل سيلحق بالطرف الآخر ظلما أكبر ويؤدي إلى اختلال في ميزان العدل والإنصاف.


خاتمة: 
ما يمكن ملاحظته أن إنطلاقة المحاكم التجارية المغربية تسير بوثيرة جد مشرفة تنبئ بمستوى عال إن شاء الله مادام أن من تولى هذه المهمة قضاة محترفون فلن نقع فيما تشتكي منه المحاكم التجارية بفرنسا حاليا.
لكن هذا العمل القضائي المتمثل في الرقابة القضائية على النزاعات التجارية بين الشركاء لن يؤتي أكله إلا بتضافر باقي الشروط الضرورية لتكون الرقابة القضائية فاعلة، منها على مستوى محاكم الموضوع تكوين جيد للفاعلين في هذا الميدان من كتابة الضبط وخبراء ومحاسبين .
وعلى مستوى رقابة المجلس الأعلى فلن تكون هناك جودة في القرارات بدون عرائض نقض مقدمة من محامين لهم غيرة على سمعة قضائهم، تكون في مستوى المخاطبين حتى ينعكس ذلك على قرارات المجلس الأعلى التي تعبر عن مستوى من رفع إليها الطعن فإن كانت جيدة فهذا يعني أن الوسائل المثارة تحفز على المناقشة و البحث الفكري والإبداع أما إذا كانت خلاف ذلك فإنه يحبط عزيمة من يريد أن تكون الرقابة القضائية على مستوى الهيئة المرفوع إليها.
إنتهى بحمد الله يوم 23 صفر الخير1428 الموافق 13 مارس 2007 

تعليقات