القائمة الرئيسية

الصفحات



حجز احتياطي

detention under remand - détention préventive

 الحجز الاحتياطي

الحجز الاحتياطي

ماجد الحجار





ربما لا يملك الدائن سنداً تنفيذياً و يخشى أن يعمد المدين إلى تهريب أمواله لحين استحصاله على مثل هذا السند، أو إلى إتلافها أو التصرف بها تصرفاً يضر بمصلحته؛ لذا فإن المشرع سمح له بإلقاء الحجز على أموال مدينه المنقولة وغير المنقولة ريثما يفصل القضاء في أصل الحق، وهذا الحجز يسمى الحجز الاحتياطي. وعلى ضوء هذا المفهوم ينهض سؤال مؤداه ما هو تعريف الحجز الاحتياطي؟

أولاً- تعريف الحجز الإحتياطي:

تأسيساً على المفهوم المبين في المقدمة يمكن تعريف الحجز الاحتياطي بأنه وضع مال المدين تحت سلطة القضاء لمنعه من القيام بأي عمل قانوني أو مادي من شأنه أن يؤدي إلى استبعاده أو استبعاد ثماره من دائرة الضمان العام للدائن الحاجز .

والحجز الاحتياطي لا يعدُّ إجراء تنفيذياً، بل إجراء وقائياً لأنه لا يمكن التنفيذ على المال المحجوز إلا بعد حصول الدائن على سند تنفيذي بحق المدين، والحجز المذكور يتناول أموال المدين المنقولة وغير المنقولة. والسند التنفيذي هو -طبقاً لما جاء في المادة 5/1 من قانون البينات لعام 7491 وتعديلاته - الذي يثبت فيه موظف عام أو شخص مكلف بخدمة عامة طبقاً لأحكام القانون، وفي حدود سلطته واختصاصه ما تم على يده أو تلقاه من ذوي الشأن.

ثانياً- حالات الحجز الإحتياطي:

عالج المشرع في المواد (312-314) من قانون أصول المحاكمات حالات الحجز الاحتياطي. فالمادة (312) بحثت في الحالات العامة، في حين بحثت المادتان (313-314) في الحالات الخاصة. 

والحالات العامة والخاصة وردت على سبيل الحصر فلا يجوز التوسع في تفسيرها أو القياس عليها.

1- الحالات العامة: وهي الحالات التي نص عليها القانون في المادة (312) أصول المحاكمات، وهذه الحالات هي الآتية:

أ- الحالة الأولى: إذا لم يكن للمدين موطن مستقر في سورية :

فيجوز في هذه الحالة للدائن أن يحجز على أموال مدينه الموجودة في سورية قبل نقلها إلى الخارج ولو لم يكن الدين في هذه الحالة مستحق الأداء بعد، سواء أكـان سورياً أم أجنبياً. وقد اشترط المشرع لهذه الحالة ألا يكون للمدين موطن مستقر في سورية، أي إن المشرع اشترط عدم الاستقرار في الموطن فلو كان للمدين موطن في سورية، إلا إنه غير مستقر فيه انطبق عليه الشرط وجاز الحجز عليه.

ب- الحالة الثانية: إذا خشي الدائن فرار مدينه وكان لذلك أسباب جدية:

ويقصد المشرع من هذه الحالة تمكين الدائن من الحجز على أموال المديــن سيئ النية إذا أراد الانتقال من موطنه الثابت إلى موطن آخر بعيـــد أو مجهول فراراً من حق الدائن وذلك من دون أي مبرر مشروع. وعلى طالب الحجز أن يقدم الدليل على ذلك.

جـ- الحالة الثالثة: إذا كانت تأمينات الدين مهددة بالضياع:

فإن قامت ظروف من شأنها أن ترجح ضياعاً أو نقصاً كبيراً في تأمينات الدين سواء أكانت هذه التأمينات شخصية أم عينية، وكان هذا النقص أو الضياع يضعف أو يزيل التأمينات فإنه يمكن للدائن طلب ايقاع الحجز.

ويجب على الدائن أن يقدم ما يثبت ترجيح هذا الضياع أو النقص.

د- الحالة الرابعة: إذا كان بيد الدائن سند رسمي أو عادي مستحق الأداء وغير معلق على شرط:

وهذه أكثر الحالات شيوعاً. ولا يملك القاضي في هذه الحالة سلطة تقديرية في إجابة طلب الحجز أو رفضه بل هو ملزم بإيقاعه سواء أكان المدين تاجراً أم غير تاجر، وسواء عزم على تهريب أمواله أم لا ، إلا إن للقاضي في هذه الحالة سلطة تقديرية لتحديد بدل الكفالة إذا كان السند عادياً.





هـ- الحالة الخامسة: إذا كان المدين تاجراً وقامت أسباب جدية يُتوقع معها تهريب أمواله أو إخفاؤها:

وهذه الحالة خاصة بالتجار دون سواهم، فإذا كان التاجر مديناً وقامت أسباب وجدتها المحكمة الناظرة في طلب الحجز الاحتياطي جدية بمقتضى صلاحيتها التقديرية فإن الإستجابة لطلب الحجز واجبة.

ولم يشترط المشرع أن يكون الدين تجارياً بل يكفي هنا تحقق مديونية التاجــر ولو بدين سببه مدني بحت.

و- الحالة السادسة: إذا قدم الدائن أوراقاً أو أدلة ترى المحكمة كفايتها لاحتمال وجود دين له في ذمة المدين.

وهذه الأوراق لا تتضمن صراحة الدين وإنما تشير إلى وجوده، كعقد الإيجار الـذي  يقدمه المؤجر إلى القاضي ليوقع الحجز الاحتياطي ضماناً لبدل الإيجار، وعقد البيع الذي يقدمه البائع لإيقاع الحجز الاحتياطي ضماناً لثمن المبيع، وكذلك الأوراق التي يقدمها المتضرر من حادث دهس إلى القاضي ليوقع الحجز ضماناً لتعويض ضرره، والأوراق هنا محضر من الشرطة بصدد الحادث والتقرير الطبي.

وأعطت هذه الحالة المحكمة سلطة تقديرية واسعة جداً وفتحت أمام الدائنين أبواب الحجز الاحتياطي على مصراعيها.

وبالاستناد إلى هذه الحالة يستطيع كل دائن سواء أكان دينه مستحق الأداء أم لا، وسواء أكان مدينه تاجراً أم غير تاجر، وسواء أكان هناك أسباب يتوقع معها أن يهرب المدين أمواله أو أن يخفيها أم لا ولو كان له موطن ثابت ولو كانت تأمينات دينه غير مهددة بالضياع. ولايشترط أن تتضمن الأوراق أو الأدلة ما يثبت وجود الدين وإنما يجب فقط أن تكفي لترجيح احتمال وجود الدين وفي هذا الاتجاه استقر اجتهاد محكمة النقض. 

2ــــ الحالات الخاصة:

وهذه الحالات هي الآتية :

أ - حجز منقولات المستأجر في العين المؤجرة .  

ب - الحجز الاستحقاقي الاحتياطي - الأموال التي يجوز الحجز الاحتياطي عليها (أي التي يجوز التنفيذ عليها).

وبإيجاز شديد هذه الحالات نص عليها المشرع في المواد 313- 314 أصول.

ثالثاً- إجراءات الحجز الاحتياطي:  

1- المحكمة المختصة بالنظر في الحجز الاحتياطي:  

الأصل أن الحجز الاحتياطي من المسائل المستعجلة، ويلقى على أموال المدين بقرار من قاضي الأمور المستعجلة، فقد نصت المادة 315 من قانون أصول المحاكمات على ما يلي: «يوقع الحجز الإحتياطي في الأحوال المتقدمة الذكر بقرار من قاضي الأمور المستعجلة». 

وعلى هذا الأساس فإن قاضي الأمور المستعجلة هو المختص أصلاً بايقاع الحجز. والمحكمة المختصة محلياً هي المحكمة التي يقع في دائرتها موطن المدعى عليه أو المحكمة المطلوب الإجراء في دائرتها، وهذا ما نصت عليه المادة 91 من قانون أصول المحاكمات.

وكذلك فإن المشرع أعطى هذه الصلاحية أيضاً للمحكمة الناظرة بأصل الحق والمحاكم الجزائية بالنسبة للحقوق الشخصية.

وصلاحية إلقاء الحجز الاحتياطي من اختصاص القضاء العادي حصراً من دون هيئات التحكيم، وإن هذه الهيئات الأخيرة لا تملك هذه السلطة لأن صلاحياتها استثنائية. والحجز الاحتياطي وكل التدابير التحفظية من اختصاص القضاء صاحب الولاية العامة وعلى هذا استقر الاجتهاد الفضائي.

2- الأصول المتبعة في إلقاء الحجز الاحتياطي:

يتقدم طالب الحجز الاحتياطي بدعوى إلى قاضي الأمور المستعجلة المختص مكانياً مرفقاً بالدعوى الأوراق التي تؤيد الطلب والأسباب المبررة له قانوناً، فإذا كان الطلب مستوفياً لمبرراته تصدر المحكمة قرارها في غرفة المذاكرة من دون دعوة المطلوب الحجز عليه، أما إذا لم يكن الطلب مستوفياً مبرراته القانونية تقرر المحكمة رفض الطلب من دون دعوة الطرف الآخر أيضاً.

وينفذ قرار الحجز الاحتياطي بوساطة دائرة التنفيذ (المادة 318 أصول). وهنا تجدر الإشارة إلى أنه إذا قررت المحكمة إيقاع الحجز الاحتياطي فإنها تكلف طالب الحجز تقديم كفالة لتأمين التعويض للمحجوز عليه إذا كان مستند حجزه حكماً أو سنداً رسمياً واجب التنفيذ. والكفالة لها صور فهي إما أن تكون شخصية (كفيل مقتدر - كفالة تجارية – صناعية - زراعية)، وإما ضماناً عقارياً، وإما مبلغاً نقدياً يودع في صندوق المحكمة.  

مراجع للاستزادة:

- أديب استانبولي، تنسيق قانون أصول المحاكمات الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 84 تاريخ 28/9/1953 وتعديلاته ( تنسيق وتحقيق) (المكتبة القانونية، الطبعة الثالثة) .

- خالد المالكي، قاضي الأمور المستعجلة في التشريع السوري (مؤسسة النوري للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق 1997).

- فريد عقيل، الحجز الاحتياطي في القانون وفيما استقر عليه الاجتهاد (مطبعة ألف باء، الطبعة الأولى، دمشق 1988).

- محمد فهر شقفة، التدابير التحفظية في ضوء القانون والاجتهاد (مؤسسة النوري للطباعة والتوزيع والنشر، 1966).

- نصرت منلا حيدر،  المطول في طرق التنفيذ الجبري وإجراءات التوزيع مطابع فتى العرب دمشق 1966.

- نصرت منلا حيدر، «الوجيز في قواعد التنفيذ الجبري» - بحث منشور في مجلة «المحامون» السنة الحادية والثلاثون، 1966- العدد السابع تموز /1966/.
المصدر: http://arab-ency.com

تعليقات