القائمة الرئيسية

الصفحات



خصوصيات المسطرة في قضايا التحفيظ

خصوصيات المسطرة في قضايا التحفيظ
ذ. رشيد بن اسماعيل

نائب وكيل الملك بابتدائية كرسيف




إن تدخل القضاء في مسطرة التحفيظ يظل مشروطا بتحقق مجموعة من الشروط على رأسها تقديم طلب التعرض على مطلب التحفيظ، وفشل طالب التحفيظ في رفعه وكذا المحافظ على الأملاك العقارية في التصالح بين أطراف النزاع، تم أخيرا إحالة المحافظ لنزاع التحفيظ على القضاء للبت في التعرضات المقدمة ضد المطلب.

وإذا كانت النزاعات العادية أمام القضاء تأطرها قواعد المسطرة المدنية باعتبارها القواعد الإجرائية العامة، فإن نزاعات التحفيظ العقاري تحكما كأساس تلك القواعد الخاصة المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري المؤرخ في 12 غشت 1913 المغير والمتمم بمقتضيات القانون 14.07.

وتتميز القواعد الاجرائية المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري بعدة خصوصيات، بالمقارنة مع تلك المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية، سواء على مستوى ميلاد النزاع ومكانه وكذا على مستوى الاجراءات أمام المحاكم، فيما يخص أجال التبليغات وطرقها ومدى إمكانية التدخل في الدعوى وممارسة الطعون.. وغيرها من الإجراءات التي ستكون موضوع الدراسة في هذا الباب.

وعليه، فإن دراسة خصوصيات مسطرة التحفيظ خلال المرحلة القضائية للتحفيظ، تقتضي منا تقسيم هذا الباب إلى فصلين:

الفصلالأول: الخصوصيات المتعلقة بالاختصاص في مسطرة التحفيظ.

الفصلالثاني: الخصوصيات المتعلقة بسير الاجراءات أمام القضاء.

الفصلالأول:

الخصوصيات المتعلقة بالاختصاص في مسطرة التحفيظ

 إن دراسة خصوصيات الاختصاص في مسطرة التحفيظ تقتضي منا تقسيم هذا الفصل بدوره إلى مبحثين، الأول نخصصه لدراسة قواعد الاختصاص النوعي والمكاني في نزاع التحفيط وأثره على الدعاوى الموازية، والثاني لمدى إلزامية تقيد اختصاص المحكمة بما يحال عليها من المحافظ.

المبحثالأول:

الاختصاص النوعي والمكاني في نزاع التحفيط وأثره على الدعاوى الموازية

 ينقسم الاختصاص في التشريع القانوني المغربي إلى اختصاص نوعي ومكاني، تم اختصاص قيمي. لكن ما يهمنا في نزاعات التحفيظ العقاري هو الاختصاص النوعي والمكاني[1]، فالأول يقصد منه "توزيع العمل بين المحاكم المختلفة بتحديد اختصاص كل فئة أو درجة من هذه المحاكم داخل الجهة القضائية الواحدة"[2]، أما الثاني فيقصد منه "توزيع العمل بين المحاكم على أساس جغرافي أو مكاني أي أن تختص كل محكمة بقضايا منطقة معينة تسمى دائرة اختصاص المحكمة"[3]. والهدف من هذا الاختصاص هو "تقريب القضاء من المتقاضين بالتخفيف عليهم من مشقة الانتقال ومن تكاليف النفقات والمصاريف"[4].

أما بخصوص أثر نزاع التحفيظ على الدعاوى الموازية[5]، فإنه أمام عدم وجود نص صريح ينظم هذه المسألة، إلا أن القضاء يذهب دائما إلى أنه كلما تعلق الأمر بدعاوى متحدة أطرافا وسببا وموضوعا فهي تضم لنزاع التحفيظ للبت فيها جميعا بحكم واحد.

لذلك، سنتولى في هذا البحث دراسة كل من الاختصاص النوعي والمحلي (المطلب الأول)، على أن نناقش مدى أثر هذا الاختصاص على الدعاوى الموازية (المطلب الثاني).

المطلبالأول:

الاختصاص النوعي والمكاني في نزاع التحفيظ

 لقد جعل المشرع العقاري الاختصاص النوعي في مسطرة التحفيظ منعقدا للمحكمة الابتدائية (الفقرة الأولى)، والاختصاص المكاني للمحكمة الابتدائية التي يتواجد بدائرة نفوذها العقار موضوع مسطرة التحفيظ (الفقرة الثانية).

الفقرةلأولى:  الاختصاص النوعي.

 تنص مقتضيات الفقرة الرابعة من الفصل 31 من ظهير التحفيظ العقاري على أنه: "يمكن للمحافظ على الأملاك العقارية أثناء جريان المسطرة وقبل توجيه الملف إلى المحكمة الابتدائية، أن يعمل على تصالح الأطراف ويحرر محضرا بالصلح يوقع من قبلهم".

 لذلك، فإن الاختصاص النوعي في قضايا منازعات التحفيظ العقاري ينعقد للمحكمة الابتدائية صاحبة الولاية العامة. ويعتبر الاختصاص النوعي من النظام العام، بحيث يجب على المحكمة التي عرض عليها نزاع التحفيظ بشأن عقار لا يدخل في اختصاصها النوعي أن تصرح بعدم اختصاصها، وتحيل الملف على المحكمة الابتدائية المختصة نوعيا للنظر فيه. وهكذا جاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط:

"حيث إن الاختصاص النوعي من النظام العام.

وحيث إن المحكمة صاحبة الولاية العامة في البت في التعرضات هي المحكمة الابتدائية لموقع العقار.

وحيث إن محكمة الاستئناف تقتصر صلاحياتها في مراقبة التظلم من حكم صدر في نازلة بناء على أحد الأطراف، وهو أمر معدوم في هذه النازلة، مما يبرر ارجاع الملف إلى المحكمة الابتدائية بالخميسات للبت في التعرض المقدم من طرف د.م بتارخ 23/03/1983 على المطلب المذكور وفق المسطرة المرسومة قانونا تجاه المطلب المذكور وكذا صائر المرافعات في هذا الشأن"[6].

الفقرةالثانية: الاختصاص المكاني.

 ينعقد الاختصاص المحلي في نزاعات التحفيظ العقاري للمحكمة الابتدائية لموقع العقار موضوع مسطرة التحفيظ.

ويعتبر الاختصاص المحلي من النظام العام، بحيث يجب على المحكمة التي عرض عليها نزاع التحفيظ بشأن عقار يقع خارج دائرة نفوذها أن تصرح بعدم اختصاصها وتحيل الملف على المحكمة الابتدائية المختصة محليا للنظر فيه[7].

وعموما، فإن الاختصاص في نزاعات التحفيظ العقاري، سواء منه النوعي أو المحلي، لا استثناءات عليه مقارنة بالقواعد المسطرية العامة، وتبقى "الأهمية من بحث هذه النقطة هو فقط من أجل رفع اللبس عن مصطلح 'محكمة التحفيظ' الذي جرت العادة على استعماله سواء من طرف الفقه أو القضاء في مادة التحفيظ العقاري، والذي قد يوحي إلى الظن بوجود محكمة غير المحكمة الابتدائية المختصة بالنظر في نزاعات التحفيظ العقاري، وهو أمر غير مقصود مطلقا من استعمال هذا المصطلح. كل ما في الأمر أن الغاية من استعمال كلمة 'محكمة التحفيظ' هو تمييز اختصاص المحكمة الابتدائية عندما تنظر في نزاعات التحفيظ عن نظرها في باقي القضايا الأخرى الداخلة في نطاق اختصاصها، لكون اختصاصها في هذا الإطار، وكما سيأتي بحثه فيما بعد، يخضع لقيود وإجراءات خاصة فرضتها خصوصيات مسطرة التحفيظ"[8].

المطلبالثاني:

أثر نظر المحكمة في نزاع التحفيظ على الدعاوى الموازية

 القاعدة في نزاعات التحفيظ العقاري، أنه متى ثبت اختصاص المحكمة الابتدائية كمحكمة تحفيظ انتهى اختصاصها كمحكمة عادية لنظر الدعاوى المنصبة على العقار الخاضع لمسطرة التحفيظ[9].

 وعليه، سنخص هذا المطلب بدراسة اختصاص محكمة التحفيظ بالنظر في الدعاوى المرتبطة بنزاعات التحفيظ (الفقرة الأولى)، وكذا مصير الدعاوى الجارية عند وضع محكمة التحفيظ يدها على نزاع التحفيظ (الفقرة الثانية).

الفقرةالأولى: اختصاص المحكمة بالنظر في الدعاوى المرتبطة بنزاع التحفيظ.

 يظل التساؤل مطروحا بخصوص حالة نشوء حقوق عينية أو شخصية للغير مرتبطة بالعقار موضوع مسطرة التحفيظ، فهل يجوز لهذا الغير اقتضاء ما يدعيه عن طريق الدعاوى العادية؟ أم أن انعقاد الاختصاص للمحكمة بموجب مسطرة التحفيظ يجعلها هي المختصة للنظر في جميع الدعاوى المرتبطة بنزاع التحفيظ؟

جوابا على هذه التساؤل، قضى المجلس الأعلى بأن كل دعوى أو منازعة أو مطالبة بحق عقاري أو ترتيب حق عيني على عقار في طور التحفيظ يجب أن يمر بمسطرة التحفيظ، وأنه لا تقبل أية دعوى ترفع باستقلال عن مسطرة التحفيظ التي هي مسطرة خاصة تخضع في مجملها لقواعد خاصة ولا تخضع للقواعد العامة للتقاضي[10].

الفقرةالثانية: مصير الدعاوى الجارية عند وضع المحكمة يدها على نزاع التحفيظ.

قد يتزامن سلوك مسطرة التحفيظ تجاه عقار معين مع وجود دعاوى عادية رائجة منصبة على نفس العقار، فما مصير هاته الدعاوى؟

تجدر الإشارة إلى أن الأحكام الصادرة بين الأطراف في إطار المسطرة العامة للتقاضي تظل لها حجيتها أمام محكمة التحفيظ متى اتحد أطرافها وموضوعها وسببها مع النزاع الناشئ عن التعرض على مطلب التحفيظ[11]، ما لم يثبت طالب التحفيظ أنها لم تصبح نهائية بعد نتيجة الطعن فيها، وفي هذه الحالة يجب على المحكمة إيقاف البت في دعوى التحفيظ إلى حين صيرورة الحكم البات في الدعاوى الموازية نهائيا.

وفي هذا الصدد نقض المجلس الأعلى قرار محكمة الاستئناف التي رفضت إيقاف البت في نزاع التحفيظ إلى حين انتهاء دعوى الشفعة الرائجة بالموازاة مع نزاع التحفيظ، معللا ذلك بأن البت في مطلب التحفيظ يتوقف على مآل دعوى الشفعة[12].

أما إذا كانت الدعوى المباشرة في إطار المسطرة العادية ما زالت رائجة لعدم صدور حكم فيها بعد، فإنها تضم إلى دعوى التحفيظ.

وفي هذا الصدد جاء في حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بتمارة:

"حيث إن كلا من الملفين 66/2011/21 و67/2011/21 تتوفر فيهما وحدة الأطراف والموضوع والسبب فمن حسن سير العدالة الحكم بضمهما إلى بعضهما قصد البت فيهما بحكم واحد، مع اعتبار الملف عدد 66/2011/21 هو الأصل"[13].

أما إن كانت تلك الأحكام الباتة في الحق في إطار المسطرة العامة نهائية، فإن دور القضاء يقتصر فقط في البت في التعرض وفقا لما جاء في منطوق الحكم المحتج به.




المبحثالثاني:

تقيد اختصاص المحكمة بما يحال عليها من المحافظ.

 كما تمت الإشارة إليه سابقا، فإن المحافظ على الأملاك العقارية هو من يحدد منازعة التحفيظ أطرافا وموضوعا، والتي تتقيد بهما المحكمة وفقا لما هو مسطر بشهادة التعرض على مطلب التحفيظ، بحيث يظل نطاق اختصاصها في هذا الصدد محصورا في البت في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرضين وطبيعته ومشتملاته ونطاقه (الفقرة 2 من الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري).

 لذلك، فإن محكمة التحفيظ عندما تنظر في نزاع التحفيظ العقاري، تراعي مجموعة من الخصوصيات، سواء منها ما يتعلق بتنصيب المحامي وطلبات التدخل في الدعوى (المطلب الأول)، أو تلك المتعلقة بالتدخل الجبري في نزاع التحفيظ وإشكالية مواصلة الدعوى (المطلب الثاني).

المطلبالأول:

عدم صلاحية المحكمة لمراقبة الجوانب الشكلية لنزاع التحفيظ

 إن دراسة هذا المقتضى يفرض علينا الوقوف على عدم صلاحية المحكمة للبت في الشكل في قضايا التحفيظ العقاري (الفقرة الأولى)، تم على خاصية عدم إلزامية تنصيب المحامي في نزاع التحفيظ العقاري (الفقرة الثانية).

الفقرةالأولى: عدم صلاحية المحكمة للبت في الشكل

 لقد حدد المشرع، من خلال الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري، الأمور التي يجب على المحكمة البت فيها، والتي هي محددة في وجود الحق المدعى به وطبيعته ومشتملاته ونطاقه، الأمر الذي يعني أن المحكمة لا صلاحية لها للبت في الجوانب الشكلية للتعرض، ومرد ذلك إلى أن الأمر موكول للمحافظ العقاري.

 ومن الأمور التي منع المشرع على المحكمة عدم مراقبتها، أجل التعرض، لأنه أخص به المحافظ على الأملاك العقارية، وقد زكى المجلس الأعلى هذه القاعدة عندما استقر على أن التقرير بشأن صحة التعرض من حيث تقديمه داخل الأجل القانوني أو خارجه يعود لاختصاص المحافظ على الأملاك العقارية وحده الذي يتولى تحضير الملف قبل إحالته على المحكمة، وبأن المحكمة المحال عليها نزاع التحفيظ لا تملك صلاحية فحص الآجال المتعلقة بتقديم التعرضات ضد مطلب التحفيظ[14].

 أما فيما يخص سلطة المحكمة في مراقبة أداء الرسم القضائي من عدمه، فقد سبق وأن قضى المجلس الأعلى بعدم صلاحية المحكمة بالبت في جميع الأمور المتعلقة بالشكل. فقد جاء في قراره:

"لكن، ردا على السببين معا لتداخلهما، فإن قبول التعرض أو عدم قبوله يعود للمحافظ ... حسب الحالات المنصوص عليها في الفصلين 27 و 29 من ظهير التحفيظ العقاري. وأن المحكمة المحال عليها مطلب التحفيظ المسجل بشأنه تعرض، لا تتوفر على صلاحية مناقشة الجانب الشكلي للتعرض، سواء ما يتعلق بالأجل أو غير ذلك، وإنما ينحصر دورها ووفق ما حدده الفصل 37 من نفس الظهير في البت في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرض"[15].

وجاء في قرار آخر:

"حيث يعيب الطاعن على القرار خرق مقتضيات الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية، ذلك أنه أثار انعدام صفة طالب التحفيظ أمام المحكمة مصدرة القرار بكون مطلب التحفيظ قدم أمام المحافظ على الأملاك العقارية ببركان بتاريخ 17/09/1990 في اسم محمد (ب)، غير أنه بالرجوع إلى شهادة الوفاة الصادرة عن ضابط الحالة المدنية لبلدية السعيدية بتاريخ 10/04/2002 يتبين أن محمد (ب) كان قد توفي يوم 24/12/1988 قبل سنتين من تاريخ تقديم المطلب، إلا أن القرار لم يناقش ذلك.

لكن ردا على الوسيلة أعلاه فإن لا مجال للاستدلال في النازلة بالفصل الأول من قانون المسطرة المدنية ما دامت المحكمة في قضايا التحفيظ العقاري إنما تبت في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرض ونوعه ومحتواه ومداه طبقا للفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري المطبق في النازلة. الأمر الذي تكون معه الوسيلة غير جديرة بالاعتبار[16].

الفقرةالثانية: عدم إلزامية تنصيب المحامي

 تتمثل مهمة المحامي في تمثيل الأطراف أمام القضاء والمجالس التأديبية وإعطاء الاستشارات القانونية والفتاوى وتحرير العقود، لذلك اعتبره المشرع جزءا من أسرة القضاء[17].

 وتعتبر نيابة المحامي إلزامية في معظم القضايا أمام المحاكم، وذلك بموجب الفصل 32 من قانون مهنة المحاماة الذي ينص على أن: "المحامون المسجلون بجداول هيئات المحامين بالمملكة، هم وحدهم المؤهلون، في نطاق تمثيل الأطراف، ومؤازرتهم، لتقديم المقالات والمستنتجات والمذكرات الدفاعية في جميع القضايا، باستثناء قضايا التصريحات المتعلقة بالحالة المدنية، وقضايا النفقة أمام المحكمة الابتدائية والاستئنافية، والقضايا التي تختص المحاكم الابتدائية بالنظر فيها ابتدائيا وانتهائيا وكذا المؤازرة في قضايا الجنح والمخالفات".

 فبالرغم من أن مقتضيات هذا الفصل حددت بدقة القضايا التي يلزم فيها التقاضي بواسطة محام وتلك التي لا تستلزم ذلك، فإن القضاء لا زال على خلاف في تطبيق مقتضيات هذا الفصل على نزاعات التحفيظ العقاري من عدمه، وهكذا ذهب المجلس الأعلى إلى رفض تطبيق مقتضيات الفصل أعلاه على نزاعات التحفيظ العقاري، مبررا موقفه تارة بأن مقتضيات الفصل 42 من ظهير التحفيظ العقاري لا تلزم الأطر اف بالإدلاء بوسائل دفاعهم بواسطة محام، وتارة أخرى بأن تنصيب المحامي يكون واجبا في المسطرة الكتابية وأن هذه الأخيرة غير إلزامية في قضايا التحفيظ العقاري، فقد جاء في قراره:

"بناء على الفصل 42 من ظهير مسطرة التحفيظ، للمستأنف حق تقديم أسباب الاستئناف شخصيا دون ضرورة الحصول على الترخيص بذلك أو تنصيب محام للدفاع عنه حيادا على الفصل 34 من قانون المحاماة الذي لا يطبق على قضايا التحفيظ.

فتكون المحكمة قد خرقت القانون لما صرحت بعدم قبول الاستئناف لعدم احترام الاجراءات المنصوص عليها في الفصل 34 من القانون المذكور وعرضت قرارها للنقض"[18].

 كما أنه بالرجوع لمقتضيات ظهير التحفيظ العقاري، خاصة منها الفصول 35 و37 و42 و45 يتبين أن المشرع يخاطب الأطراف شخصيا، بل أكثر من هذا فقد نص في الفصل 45 صراحة على أنه: "تفتتح المناقشات بتقرير المستشار المقرر الذي يعرض القضية والمسائل المطلوب حلها من غير أن يبدي أي رأي، تم يستمع إلى الأطراف إما شخصيا أو إما بواسطة محاميهم...".

فانطلاقا من مقتضيات هذا الفصل، يمكن القول بأن المشرع تعمد الحديث عن مخاطبة القاضي لأطراف نزاع التحفيظ شخصيا أو بواسطة محام، مما تكون معه مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري، التي تشكل نصا إجرائيا خاصا، أولى بالتطبيق نتيجة للتعارض بينها وبين مقتضيات الفصل 32 من قانون المحاماة، تكريسا للقاعدة القائلة بأنه "عند التعارض بين مسطرة عامة وأخرى خاصة فإن المسطرة الخاصة هي الأولى بالتطبيق".

المطلبالثاني:

طلبات التدخل في نزاع التحفيظ وإشكالية مواصلة الدعوى

 تثير طلبات التدخل في نزاع التحفيظ وكذا مواصلة الدعوى في مواجهة الورثة، عند وفاة مورثهم أثناء سريان المسطرة، عدة إشكالات من الناحية العملية، لذلك سنخصص الفقرة الأولى من هذا المطلب لدراسة صلاحية المحكمة لقبول طلب التدخل في نزاع التحفيظ، على أن نخصص الفقرة الثانية منه لدراسة إشكالية مواصلة الدعوى في نزاعات التحفيظ العقاري.

الفقرةالأولى: طلب التدخل في نزاع التحفيظ

تنص مقتضيات الفصل 111 وما يليه من قانون المسطرة المدنية على أنه يحق التدخل في النزاع بالنسبة لكل من له مصلحة فيه.

غير أن هذه القاعدة تبقى عامة تطبق فقط على الدعاوى العادية دون منازعات التحفيظ العقاري، الذي يعتبر نصا خاصا وتخلو مقتضياته من التنصيص على هذه المسألة، لكن الاجتهاد القضائي لمحكمة النقض استقر على أنه لا يمكن أن يكون طرفا في نزاع التحفيظ إلا من سبق وأن تقدم بتعرضه على مطلب التحفيظ لدى المحافظ العقاري.

فقد جاء في إحدى قرارتها:

"لكن، ردا على الوسيلة أعلاه فإن الطاعنة لم تبين الإجراء المسطري الذي تم خرقه من جهة، ومن جهة أخرى فإن أطراف النزاع في مسطرة التحفيظ تحدد أمام المحافظ في طلاب التحفيظ والمتعرضين، والمحكمة لا تبت إلا في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرض ومحتواه ومداه، وفقا لما ينص عليه الفصلان 37 و45 من ظهير 12/08/1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري الواجب التطبيق لأنه قانون الشكل والموضوع، ومسطرة التدخل الاختياري سواء هجوميا أو انضماميا لم ترد في هذا القانون بعدما حصر المشرع أطراف النزاع في الفصلين أعلاه، وبذلك فإن القرار المطعون فيه حين رد دعوى التدخل الاختياري المقدمة من طرف الأستاذ طيب محمد عمر نيابة عن موكلته الشركة المدنية العقارية غير مقبول ذلك أن دعوى التحفيظ العقاري هي دعاوى خاصة أفرد لها المشرع قانونا خاصا له علاقة بالنظام العام تثار مخالفته تلقائيا، هذا القانون يشمل قانون الاجراءات الشكلية والموضوعية بمنأى على تطبيق قانون المسطرة المدنية إلا في الحالات التي يحيل فيها قانون التحفيظ على قانون المسطرة المدنية، ولا وجود بالقانون المذكور لنص قانوني يحيل على الفصل 111 من قانون المسطرة المدنية المتعلق بالتدخل الاختياري، والمجلس الأعلى استقر على هذا الاتجاه، فإنه نتيجة لما ذكر كله يكون القرار غير خارق لإجراءات المسطرة المدعى خرقها والسبب بالتالي غير جدير بالاعتبار"[19].

ويقصد بالإدخال الجبري: إدخال شخص من الغير في دعوى قائمة ليصبح طرفا فيها بناء على طلب أحد طرفي الدعوى أو بأمر تلقائي من المحكمة[20].

وقد نظم المشرع مسطرة الإدخال الجبري بموجب الفصول من 103 إلى 108 من قانون المسطرة المدنية، غير أنه سكت عن ذلك في القانون العقاري، الأمر الذي يبقى معه السؤال مطروحا: هل يمكن لأطراف نزاع التحفيظ أو للمحكمة إدخال الغير في نزاع التحفيظ؟ أم أن خصوصية مسطرة التحفيظ العقاري لا تسمح بذلك؟

ففي هذا الصدد، ذهب المجلس الأعلى في إحدى قراراته، إلى أن طلب إدخال البائع في الدعوى كضامن لما باع يخرج عن نطاق محكمة الموضوع[21].

وبذلك فإن مآل إدخال الغير في الدعوى أمام محكمة التحفيظ لا أساس قانوني له في مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري، كما أن قضاء التحفيظ ظل وفيا لحرفية النص العقاري، بالرغم من أن الأمر يتنافى والغاية من اللجوء إلى القضاء لما يوفره من إنصاف لهم وأمنا على حقوقهم ومكتسباتهم العقارية.

ونرى أنه يتعين على المشرع، إنصافا لأصحاب الحقوق العينية العقارية، التدخل لوضح حد لهذا النقص التشريعي الذي يعتري مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري، على الأقل بتنصيصه على قبول طلبات التدخل الاختياري وكذا طلبات الإدخال الجبري خلال المرحلة الابتدائية، لما فيه من حماية للحقوق، مع احترام خصوصيات التحفيظ العقاري، وذلك بالتنصيص على إشعار المحكمة للمحافظ العقاري داخل آجال معقولة بالتغير الحاصل في أطراف النزاع قصد تضمينه بالسجلات المعدة لهذا الغرض، لأنه لا يعقل أن تهضم حقوق بإمكان أصحابها اللحوق بها ما دام الملف في الدرجة الأولى للتقاضي.

الفقرةالثانية: إشكالية مواصلة الدعوى.

يقصد بمواصلة الدعوى في قانون المسطرة المدنية تحديدا، المسطرة التي يمارسها ذوي الحقوق لمتابعة الدعوى إثر وفاة مورثهم أو فقدانه لأهليته، والذي كان ممثلا فيها بنفس صفته كمدعي أو مدعى عليه[22].

وقد نظم المشرع المغربي مسطرة مواصلة الدعوى بموجب الفصول من 114 إلى 118 من قانون المسطرة المدنية.

وتنص مقتضيات هذه الفصول على أنه: لا تغير وفاة الأطراف أو وضعيتهم القانونية بالنسبة إلى الأهلية الحكم في الدعوى إذا كانت جاهزة، أما إن كانت غير جاهزة فتستدعي المحكمة بمجرد علمها بوفاة أحد الأطراف أو بتغيير وضعيته بالنسبة إلى الأهلية، سواء شفويا أو بإشعار يوجه وفق الشروط المنصوص عليها في الفصول 37 و38 و39 من لهم الصفة في مواصلة الدعوى للقيام بذلك.

وإذا كان المشرع نص على مواصلة الدعوى بشكل صريح في الدعاوى العادية، فإنه بالنسبة لقضايا التحفيظ العقاري سكت عن المسطرة التي يجب سلوكها لمواصلة الدعوى في حالة وفاة أحد الأطراف أو فقدانه لأهليته، الأمر الذي خلق تضاربا على مستوى الفقه (أولا) والقضاء (ثانيا).

أولا: موقف الفقه.

ذهب جانب من الفقه[23]إلى تأييد مسألة مواصلة الدعوى في نزاعات التحفيظ العقاري، مادام أن الورثة باعتبارهم امتدادا لمورثهم طالب التحفيظ أو المتعرض، يمكنهم متابعة الدعوى بمجرد الادلاء برسم الإراثة لإثبات صفتهم، مستندا إلى مقتضيات قانون المسطرة المدنية المطبقة في مثل هذه الحالات.

 كما ذهب جانب آخر من الفقه[24] إلى أنه من العدالة السماح للورثة بالتدخل في الدعوى ابتدائيا واستئنافيا حتى يكونوا أطرافا في الدعوى، وأنه يصعب تبرير القاعدة القائلة بعدم جواز تدخل ورثة طالب التحفيظ أو المتعرض أمام محكمة التحفيظ بحجة عدم وجود نص في ظهير التحفيظ يسمح بذلك، مضيفا أنه لا يعقل أن تستمر المحكمة في نظر نزاع تحفيظ طرفه ميت، لأن الميت لا يمكنه أن يباشر الاجراءات القضائية المسطرية للرد على دفاع ودفوع خصمه.

ثانيا: موقف القضاء.

 ذهب المجلس الأعلى في العديد من قراراته، إلى أن أي تغيير في أهلية الأطراف يوجب على المحكمة أن تستمر في الاجراءات لتصدر حكما بصحة أو عدم صحة التعرض، ولا يجوز لها أن تأمر بإرجاع الملف إلى الحافظ للقيام بالإجراءات اللازمة لتدخل الورثة الدين بإمكانهم، بعد البت في صحة التعرض، تقديم طلب إلى المحافظ لتصحيح الحالة الناشئة عن وفاة طالب التحفيظ[25].

 كما جاء في قرار آخر أن مسطرة التحفيظ مسطرة خاصة، وأنها لا تخضع لقانون المسطرة المدنية إلا في الأحوال المنصوص عليها صراحة، مؤيدا بذلك محكمة الموضوع التي رفضت لطالبي النقض حق متابعة الدعوى الذي لا تنص عليه المسطرة الخاصة بالتحفيظ العقاري[26].

 ونرى أنه يتعين على المشرع، إنصافا للورثة أصحاب الحقوق العينية العقارية، التدخل لوضح حد لهذا النقص التشريعي الذي يعتري مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري، وذلك بالتنصيص على قبول طلبات التدخل الاختياري وكذا طلبات الإدخال الجبري للورثة في جميع مراحل النزاع، لما فيه من احترام لحق الدفاع، مع احترام خصوصيات التحفيظ العقاري، وذلك بالتنصيص على إشعار المحكمة للمحافظ العقاري داخل آجال معقولة بالتغير الحاصل في أطراف النزاع، قصد تضمينه بالسجلات المعدة لهذا الغرض، لأنه لا يعقل أن يستمر القضاء في مناقشة النزاع مع طرف واحد، في حالة وفاة أحد طرفيه دون إدخال الورثة في الدعوى كي يتمكنوا من الدفاع عن حقوق أصبحت لهم، وأن يصدر حكما في القضية يقر حقا لميت يرجى الله في حسنات من ولد صالح أو صدقة جارية أو علم ينتفع به لا من مال الدنيا، خاصة وأن القضاء فتح الباب لإمكانية الإدلاء بحجج جديدة غير المدلى بها أمام المحافظ.

الفصلالثاني:

الخصوصيات المتعلقة بسير الاجراءات أمام القضاء

 تتخلل مسطرة التحفيظ العقاري مجموعة من الإجراءات ذات طابع خاص، بحيث قد لا نجد مثيلا لها في القواعد الاجرائية العامة، سواء منها تلك المتعلقة بالتحقيق في النزاع وإصدار الحكم أو تلك المتعلقة بالتبليغ والطعن والتنفيذ.

لذلك، سوف نخصص المبحث الأول من هذا الفصل لدراسة الخصوصيات المتعلقة بالتحقيق وإصدار الحكم في نزاع التحفيظ، على أن نخصص المبحث الثاني منه لدراسة خصوصيات التبليغ والطعن والتنفيذ في نزاع التحفيظ العقاري.

المبحثالأول:

خصوصيات إجراءات التحقيق وإصدار الحكم في نزاع التحفيظ

 بعد انتهاء المسطرة الادارية للتحفيظ، يحيل المحافظ على الأملاك العقارية نزاع التحفيظ على القضاء للبت في التعرضات المقدمة ضد مطلب التحفيظ، حيث بمجرد توصل رئيس المحكمة بالملف يعين قاضيا مقررا يكلف بتحضير حل للنزاع، فيسلك في هذا الصدد جميع الاجراءات اللازمة للتحقيق في النزاع، ملتزما في ذلك بالقواعد المسطرية المنصوص عليها في قانون التحفيظ العقاري وكذا تلك المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية عندما يحيل عليها قانون التحفيظ العقاري بشكل صريح (المطلب الأول).

 وعندما يتم الانتهاء من التحقيق في الدعوى يصار إلى النطق بالحكم الذي يتميز بعدة خصوصيات بدوره، سواء على مستوى الاجراءات السابقة لصدوره والمتعلقة بسد باب المناقشة وعرض المقرر للقضية وتقديم النيابة العامة لمستنتجاتها، أو على مستوى صياغته وبياناته (المطلب الثاني).

 المطلبالأول:

خصوصيات إجراءات التحقيق في نزاع التحفيظ

 من المعلوم أن إجراءات التحقيق في نزاع التحفيظ تبدأ بتعيين القاضي المقرر الذي يتولى تحضير النزاع وتعيين الجلسة، لتقديم الطلبات والدفوع الممكنة (الفقرة الأولى)، شريطة تقيد المحكمة بنطاق النزاع وعدم التقرير بشأن مطلب التحفيظ (الفقرة الثانية).

                                                        

الفقرةالأولى: تعيين القاضي المقرر ونطاق الطلبات والدفوع المقبولة

 يعين رئيس المحكمة في الدعاوى العادية قاضيا مقررا أو مكلفا بالقضية بحسب ما إذا تعلق الأمر بالقضاء الفردي أو بالقضاء الجماعي[27]، أما في نزاعات التحفيظ فإنه لا وجود للقضاء الفردي، لكون المشرع أوجب البت فيها بقضاء جماعي، وبالتالي فإن رئيس المحكمة بمجرد توصله بالنزاع من المحافظ يعين قاضيا مقررا (أولا).

 كما تتميز مسطرة التحفيظ، بمحدودية نطاق الطلبات والدفوع التي يمكن إثارتها أثنا نظر المحكمة في نزاع التحفيظ (ثانيا).

أولا: تعيين القاضي المقرر.

 تنص مقتضيات الفصل 34 من ظهير التحفيظ العقاري على أنه: "يعين رئيس المحكمة الابتدائية فور توصله بمطلب التحفيظ قاضيا مقررا يكلف بتحضير القضية واتخاذ جميع الاجراءات المناسبة لهذه الغاية..".

 ذلك أن قضايا التحفيظ العقاري تتميز بتعيين رئيس المحكمة للقاضي المقرر يكلف بتحضير القضية للحكم واتخاذ جميع الاجراءات المناسبة لهذه الغاية، ومن صلاحياته[28]:

1- إمكانية الانتقال إلى عين المكان تلقائيا أو بناء على طلب الأطراف من غير أن يتوقف الأمر على حكم تمهيدي للمحكمة في تشكيلتها الجماعية.

2- مطابقة الرسوم والبحث عن من يجب أو الاستماع إلى الشهود في المكتب أو في عين المكان أو التأكد بيد من له الحيازة.

 ومن قرارات محكمة النقض، القاضية بضرورة مطابقة الرسوم المدلى بها على أرض الواقع، قرارها الذي جاء فيه:

"في حين أن الطاعنين بكون رسم شراء المتعرضين أعلاه لا ينطبق على أرض النزاع وإنما يتعلق بأرض وقع تحفيظها مجاورة لأرض المطلب كما تمسكوا أنهم الحائزون والمتصرفون، الأمر الذي كان ينبغي معه للمحكمة مصدرة القرار طبقا للفصل 43 من ظهير 12/08/1913 أن تقف على عين المكان ولو رفقة مهندس طبوغرافي إن اقتضى الأمر ذلك للتأكد من انطباق رسم الشراء المعتمد من طرف المتعرضين، الذين يعتبرون طبقا للفصل 37 و45 من نفس الظهير في حكم المدعي يقع عليهم عبء الإثبات أولا، والتأكد أيضا ممن بيده حيازة العقار المتنازع عليه ولتطبيق باقي حجج الطرفين، الأمر الذي يكون معه القرار فاسد التعليل الموازي لانعدامه مما عرضه للنقض والإبطال"[29].

وجاء في قرار آخر لها:

"حيث صح ما عابه الطاعنون على القرار ذلك أنه اقتصر في تعليله على أن 'الخبير أفاد في خلاصة تقريره الأصلي أن رسوم المستأنف الفائز لحسن والمتعرض بترروق الحسن تنطبق على العقار موضوع الخبرة في حدود المساحة الواردة في رسم الاستمرار فقط وهي أربع عبرات ويحد عقارهم... وأن الرسم المستند عليه يشير إلى تملك المستأنفين وحيازتهم للمدعى فيه أبا عن جد مند سنة 1949، وأن هذه الحيازة ظلت هادئة ومستمرة حتى تاريخ مطلب التحفيظ'. في حين أن إعمال حجج الأطراف والترجيح بينها لا يتم إلا بعد التأكد من انطباقها على المدعى فيه، وأن التطبيق لا يتأتى إلا بوقوف المحكمة على عين المكان طبقا للفصل 43 من ظهير التحفيظ العقاري، خاصة أنه لا يستفاد من محضر المعاينة المنجزة خلال المرحلة الابتدائية أن المحكمة طبقت حجج الطرفين على المدعى فيه ويكون بذلك القرار ناقص التعليل المنزل منزلة انعدامه مما عرضه للنقض والابطال"[30].

4- إمكانية انتداب قاضيا آخر للانتقال ومطابقة الرسوم على العقار موضوع المسطرة بعد موافقة رئيس المحكمة.

5- إمكانية تعيين المهندس المساح المقيد في جدول الهيئة الوطنية للمهندسين بعد الاتفاق مع المحافظ على تعيينه وتاريخ انتقاله إلى عين المكان.

 ونشير في هذا الصدد، إلى أن إقحام المحافظ عند تعيين المحكمة للمهندس المساح، لا مبرر له، لكون المهندس أولا ينتمي إلى هيئة مستقلة، ولكونه ثانيا لا يشتغل تحت سلطة ومراقبة المحافظ.

6- إجراء البحث في المكتب والاستماع إلى الأطراف والشهود واتخاذ كل اجراء مفيد لتحضير القضية، خصوصا تلقي المذكرات والمستنتجات الإضافية لأطراف دعوى التحفيظ.

7- انتداب خبير للوقوف بعين المكان، والقيام بالإجراءات التقنية التي يحددها له القاضي المنتدب.

ثانيا: نطاق الطلبات والدفوع المقبولة

 تنقسم الطلبات إلى: طلبات إضافية وطلبات مضادة أو مقابلة وإلى طلبات التدخل أو الإدخال، ويطلق عليها جميعا الطلبات العارضة لكونها تقدم أثناء نظر المحكمة في الدعوى المعروضة عليها بمقتضى الطلب الأصلي[31]. أما الدفوع فتنقسم إلى دفوع شكلية ودفوع موضوعية تم دفوع بعدم القبول.

 وقد سبق أن بحثنا طلبات التدخل والإدخال في نزاع التحفيظ، لذلك سنقتصر على بحث الطلبات الإضافية والطلبات المضادة (أ)، تم نتطرق بعدها لنطاق الدفوع المقبولة في نزاعات التحفيظ العقاري (ب).

أ- الطلبات الإضافية والمضادة

 يقصد بالطلبات الإضافية، تلك التي يتقدم بها المدعي أثناء سير الدعوى إما لتصحيح أو تعديل طلبه الأصلي أو لتكملة وإضافة طلب جديد إلى الطلب الأصلي. أما الطلب المضاد أو المقابل فيقصد به الطلب الذي يتقدم به المدعى عليه ردا على الطلب الأصلي أو الإضافي للمدعي ويطلب بمقتضاه الحكم له بشيء في مواجهة المدعي[32].

 وبالرجوع إلى مقتضيات التحفيظ العقاري نجدها لا تنص على هذه الطلبات، لكن هناك إشارة فقط في الفصل 43 إلى أنه "في محكمة الاستئناف لا يمكن للأطراف أن يتقدموا بأي طلب جديد ويقتصر التحقيق الإضافي المنجز من قبل المستشار المقرر على النزاعات التي أثارها مطلب التحفيظ في المرحلة الابتدائية"، فهل يمكن أن يستشف من هذا النص أن هذا النوع من الطلبات مقبول أمام المحكمة الابتدائية ؟

 جوابا على هذا السؤال، يمكننا القول أن مسطرة التحفيظ مسطرة خاصة وأن نطاق نزاع التحفيظ يتحدد من قبل المحافظ على الأملاك العقارية، كما أن المحكمة لا تملك صلاحية التوسع في نطاق النزاع، لذلك فلا مجال للحديث عن قبول طلبات إضافية أو مضادة من شأنها أن توسع نطاق نزاع التحفيظ، ليبقى الطلب الوحيد الذي يمكن للأطراف التقدم به هو طلب التعويض وفقا لمقتضيات الفصل 48 من ظهير التحفيظ، الذي ينص على أن: "كل طلب للتحفيظ أو تعرض عليه ثبت للمحكمة صدوره عن تعسف أو كيد أو سوء نية يوجب ضد صاحبه... والكل دون المساس بحق الأطراف المتضررة في التعويض.

إن المحكمة التي أحيل عليها مطلب التحفيظ لها صلاحية الحكم تلقائيا بالغرامة والبت، عند الاقتضاء، في طلبات التعويض".

ب - نطاق الدفوع المقبولة في نزاع التحفيظ

 إن محكمة التحفيظ لا تملك صلاحية مراقبة شكليات تقديم التعرض وكذا مطلب التحفيظ، سواء من حيث توافر الأطراف على الصفة والأهلية والمصلحة في تقديم الطلب أو من حيث احترام كل من مطلب التحفيظ وطلب التعرض للشكليات المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري، لذلك فإن الدفوع المتعلقة بهذه الشكليات والتي يطلق عليها الدفوع بعدم القبول، غير جائزة في قضايا التحفيظ العقاري[33].

وهكذا جاء في قرار صادر عن محكمة النقض[34]:

"يقتصر اختصاص محكمة التحفيظ على البت في الحق المدعى به من قبل المتعرضين في مواجهة طالب التحفيظ، ولا يسوغ لها أن تخوض في مناقشة تعرض سبق أن ألغاه المحافظ على الأملاك العقارية بسبب عدم أداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة، والذي لا يتأتى البت فيه إلا في إطار دعوى الإلغاء أمام القضاء الإداري، وتثير محكمة النقض عدم الاختصاص النوعي تلقائيا لتعلقه بالنظام العام".

لذلك، تبقى الدفوع المقبولة[35] هي تلك الموضوعية التي تنصب على ذات الحق المدعى به والتي لا علاقة لها بالمسطرة، حيث يهدف المتمسك بها إلى إنكار أو تفنيد ادعاءات خصمه، وهذه الدفوع مسموح بإثارتها في نزاعات التحفيظ العقاري حتى ولو أحيل النزاع على أنظار محكمة الاستئناف لعدم وجود مانع قانوني من إثارتها أولا ولتواتر القضاء على قبول الحجج والوثائق المدلى بها من قبل الأطراف أثناء التحقيق في نزاع التحفيظ ثانيا.

الفقرةالثانية: تقيد المحكمة بنطاق النزاع والعمل بقاعدة قلب عبء الإثبات

 منح المشرع للقاضي المقرر في نزاعات التحفيظ صلاحيات واسعة من أجل التحقيق في النزاع، ومنها اتخاذه لجميع الاجراءات المناسبة كالانتقال إلى عين العقار موضوع مطلب التحفيظ، إما تلقائيا أو بطلب من أحد الأطراف، وذلك ليجري بحثا بشأنه أو يطبق عليه الرسوم، والاستماع إلى الشهود، وأن يتلقى بمكتبه أو يستصدر جميع التصريحات أو الشهادات، ويتخذ جميع الاجراءات التي يراها مفيدة في التحقيق، ويستمع بالخصوص إلى الشهود الذين يرغب الأطراف في الاستماع إليهم[36].

 وبالرغم من ذلك، فإن محكمة التحفيظ تظل مقيدة بحدود النزاع كما أحاله عليها المحافظ (أولا)، كما أنها بعد البت في النزاع لا يمكنها اتخاذ أي قرار بشأن مطلب التحفيظ (ثانيا).

أولا: تقيد المحكمة بنطاق نزاع التحفيظ

 تنحصر مهمة محكمة التحفيظ في البت في التعرضات المقدمة ضد مطلب التحفيظ، كما هي محددة من قبل المحافظ على الأملاك العقارية، وفي هذا الصدد جاء في قرار صادر عن محكمة النقض:

"لكن، حيث إن قبول التعرض من حيث الشكل موكول لسلطة المحافظ على الأملاك العقارية عملا بالفصل 24 وما يليه من ظهير التحفيظ العقاري. وأنه بمقتضى الفصلين 37 و 45 من نفس القانون فإن المحكمة إنما يقتصر دورها على البت في وجود الحق المدعى به من التعرض ونوعه ومحتواه ومداه. ولذلك فإن القرار المطعون فيه بتأييده للحكم الابتدائي القاضي بصحة التعرض يكون قد طبق هذين الفصلين، ولم يخرق القاعدة المسطرية المستدل بها، والوسيلة بالتالي غير جديرة بالاعتبار[37].

 كما أن محكمة التحفيظ تقتصر على الفصل في النزاع القائم بين أطراف دعوى التحفيظ، وهما طالب التحفيظ من جهة والمتعرض من جهة أخرى، دون أن تراقب الشكليات والإجراءات الادارية للتحفيظ، ولا أن يمتد نظرها إلى إلغاء مطلب التحفيظ[38].

ثانيا: قلب عبء الإثبات

 إن طالب التحفيظ يعتبر مدعى عليه في نزاع التحفيظ العقاري، لذلك فإن المحكمة لا تملك صلاحية مناقشة حججه إلا بعد إدلاء المتعرض بحجج قوية مثبتة لملكه، لكون هذا الأخير هو الطرف المدعي في النزاع، وفي هذا الصدد جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى:

"لكن، ردا على الوسيلة، فإن طلب التحفيظ يعطي لصاحبه صفة المدعى عليه ولا يجب عليه الإدلاء بحجة حتى يدعم المتعرض تعرضه بحجة قوية، وأنه لا يستفاد من مستندات الملف أن الطاعنة ولا سلفها المتعرض سبق لهما أن أدليا بأي سند يؤيد تعرضهما، مما يكون معه القرار معللا تعليلا كافيا والوسيلة بالتالي غير جديرة بالإعتبار"[39].

كما جاء في قرار صادر عن محكمة النقض:

"لكن، ردا على الوسيلتين معا لتداخلهما فإن إجراء معاينة أمر موكول لسلطة المحكمة لا تقوم به إلا إذا كان ضروريا للفصل في النزاع. وأنه طبقا للفصلين 37 و 45 من ظهير التحفيظ العقاري فإن المحكمة تبت في الحق المدعى به من قبل المتعرض، الذي يعتبر مدعيا، ولا تنتقل لفحص حجج طالب التحفيظ إلا إذا أدلى المتعرض بحجة كافية. والطاعنة لم تدل أمام محكمة الموضوع بما يثبت ملكيتها للمدعى فيه، ولذلك فإن القرار حين علل بأن 'دفع الطاعن في مدى حيازة المطعون ضده للمدعى فيه يعد دفاع غير وجيه، ذلك أنه في قضايا التحفيظ العقاري ينزل الطرف المتعرض منزلة المدعي وهو الذي يجب عليه الإثبات. ولا يمكن مناقشة وثائق طالب التحفيظ إلا بعد إدلاء المتعرض بما يبرر تعرضه بحجة أقوى، وأن الطاعنة قد تمسكت فقط بكونها قد حلت محل السلطات الاسبانية بعد جلائها عن التراب المغربي'. فإنه نتيجة لما ذكر كله يكون القرار معللا تعليلا كافيا وغير خارق للقواعد المدعى خرقها، والوسيلتان بالتالي غير جديرتين بالاعتبار"[40].

غير أن محكمة النقض عدلت عن الاتجاه المذكور حيث ذهبت إلى مراعاة بيد من حيازة العقار قصد جعل عبء الاثبات على غير الحائز، وهكذا جاء في قرار لها[41]:

"إذا ثبت وضع اليد على المدعى فيه لأحد الأطراف بحكم أو غيره فإن ذلك يرتب أثره القانوني في الدعوى، حتى ولو كانت حيازته غير هادئة أو مكسبة للملك، وعليه إذا ثبت للمحكمة أن المتعرض على مطلب التحفيظ هو واضع اليد على العقار المطلوب تحفيظه وجب عليها مناقشة حجة طالب التحفيظ وترتب أثر ذلك على الدعوى سلبا أو إيجابا".

ونرى أنه من غير المعقول جعل عبء الإثبات دائما على عاتق المتعرض، في دعوى التحفيظ، والذي قد يكون هو نفسه الحائز الفعلي للعقار وقت إجراء التحديد، لكون مدعي الاستحقاق الذي تخرج الحيازة من يده قد يرى أن لجوئه إلى القضاء العادي من أجل ادعاء الاستحقاق من شأنه أن يجعل منه مدعيا ملزما بالإثبات، فيبادر إلى تقديم مطلب التحفيظ حتى يقلب عبء الإثبات ويجعله على المتعرض الذي يعتبر في ذات الوقت حائزا فعليا للعقار.






المطلبالثاني:

خصوصيات قواعد إصدار الحكم في نزاع التحفيظ العقاري.

 إن دراسة خصوصيات مسطرة التحفيظ على مستوى إصدار الحكم تحتم علينا الوقوف على الإجراءات السابقة لصدوره، بما فيها عدم إلزامية الأمر بالتخلي وضرورة تقديم النيابة العامة لمستنتجاتها (الفقرة الأولى)، تم الصياغة التي يصدر بها الحكم في نزاع التحفيظ (الفقرة الثانية).

الفقرةالأولى: الاجراءات السابقة على صدور الحكم في نزاع التحفيظ.

 تختلف الإجراءات السابقة لصدور الحكم في نزاعات التحفيظ العقاري عنها في الدعاوى العادية، ذلك أن قواعد التحفيظ العقاري لا تستلزم إصدار الأمر بالتخلي، وفي المقابل تلزم المحكمة بإحالة الملف على النيابة العامة لتقديم مستنتجاتها (أولا)، كما أن الأحكام التي تصدر في كلاهما تختلف من حيث الصياغة (ثانيا).

أولا: عدم إلزامية الأمر بالتخلي وضرورة مستنتجات النيابة العامة.

 من خصوصيات مسطرة التحفيظ كذلك عدم إلزامية إصدار الأمر بالتخلي (أ)، وكذا إلزامية تقديم النيابة العامة لمستنتجاتها (ب).

أ- عدم إلزامية الأمر بالتخلي.

 تنص مقتضيات الفصل 335 من قانون المسطرة المدنية على أنه: "إذا تم تحقيق الدعوى، أو إذا انقضت آجال تقديم الردود واعتبر المقرر أن الدعوى جاهزة للحكم أصدر أمرا بتخليه عن الملف وحدد تاريخ الجلسة التي تدرج فيها القضية.

يبلغ هذا الأمر للأطراف طبقا للفصول 37، 38 و39.

لا تعتبر المحكمة المرفوع إليها الاستئناف أية مذكرة ولا متسند قدم من الأطراف بعد الأمر بالتخلي باستثناء المستنتجات الرامية إلى التنازل.

تسحب من الملف المذكرات والمستندات المدلى بها متأخرة، وتوضع في كتابة الضبط رهن إشارة أصحابها.

غير أنه يمكن للمحكمة المرفوع إليها الاستئناف بقرار معلل إعادة القضية إلى المستشار المقرر إذا طرأت بعد أمر الإحالة واقعة جديدة من شأنها أن تؤثر على القرار، أو إذا تعذرت إثارة واقعة قبل ذلك خارجة عن إرادة الأطراف"[42].

 غير أنه باستقرائنا لمقتضيات ظهير التحفيظ العقاري لا نجد أية إشارة من المشرع لإلزامية إصدار محكمة التحفيظ للأمر بالتخلي، الأمر الذي يوحي بأن المشرع لم يلزم محكمة التحفيظ بهذا الإجراء الذي أخص به القضايا العادية وفقط[43]، وهو ما بقي قضاء التحفيظ العقاري، على المستوى العملي، وفيا له.

ب - مستنتجات النيابة العامة.

 لقد ألزم المشرع المحكمة بموجب الفصل 9 من قانون المسطرة المدنية بإحالة بعض القضايا التي عددها على سبيل الحصر على النيابة العامة، كما نص على وجوب الإشارة في الأحكام الصادرة في هذه القضايا إلى إيداع مستنتجات النيابة العامة أو تلاوتها بالجلسة وإلا كانت باطلة، وهذا يعني أن إحالة باقي القضايا غير المحصورة في الفصل 9 على النيابة العامة يبقى أمرا اختياريا.

 أما في نزاعات التحفيظ العقاري، فإن المشرع اكتفى فقط بذكر عبارة "يقدم ممثل النيابة العامة إن اقتضى الحال مستنتجاته"[44] والتي تفيد هي الاخرى أن تقديم ممثل النيابة العامة لمستنتجاته يبقى أمرا اختياريا. كما أن المشرع العقاري لم يستثني أية قضايا من الإحالة، فهل هذا يعني أن النيابة العامة غير ملزمة بتقديم مستنتجاتها في قضايا التحفيظ العقاري ؟

 جوابا على هذا السؤال، استقر الاجتهاد القضائي للمجلس الأعلى على إلزامية إحالة قضايا التحفيظ على النيابة العامة للإدلاء بمستنتجاتها، فقد جاء في إحدى قراراته:

"حيث صح ما عابته الطاعنة على القرار، ذلك أنه رد دفعها المذكور أعلاه بأن الفصل 37 من ظهير 12/8/1913 نص على أن ممثل النيابة العامة يتقدم إن اقتضى الحال بمستنتجاته خلال المرحلة الابتدائية، وهي عبارة تفيد الاختيار لا الإلزام، في حين أن إحالة الملف على النيابة العامة لتقديم مستنتجاتها في المرحلة الاستئنافية لا يغني عن إحالة الملف عليها في المرحلة الابتدائية سيما إذا كانت الدولة طرفا في النزاع. الأمر الذي يعتبر معه القرار خارقا لمقتضيات الفصل 9 من قانون المسطرة المدنية مما عرضه للنقض والإبطال"[45].

كما جاء في قرار آخر صادر عن محكمة النقض[46]:

"إذا كان الفصل 37 من قانون التحفيظ العقاري ينص على تقديم النيابة العامة لمستنتجاتها إن اقتضى الحال، فإن مقتضيات الفصل 9 من قانون المسطرة المدنية تحصر هذه الحالات، كما توجب من جهة ثانية التنصيص في الحكم الصادر بعد الإحالة على النيابة العامة على إيداع مستنتجاتها أو تلاوتها بالجلسة وإلا كان باطلا، فإن خلو الحكم المستأنف من ذلك يجعله باطلا بنص القانون".

أما بخصوص المسطرة أمام المحكمة الاستئنافية للتحفيظ، فإن المشرع نص في الفصل 45 من ظهير التحفيظ على أنه: "يقدم ممثل النيابة العامة مستنتجاته" من دون التنصيص على عبارة إن اقتضى الحال الدالة على الاختيار، الأمر الذي يعني أن تقديم النيابة العامة لمستنتجاتها أمر إلزامي خلال المرحلة الاستئنافية للتحفيظ. ففي هذا الصدد جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى:

"حيث صح ما عابته الطاعنة على القرار، ذلك أنه بمقتضى الفقرة الأخيرة من الفصل 9 من قانون المسطرة المدنية فإنه في القضايا المتعلقة بالدولة يشار في الحكم إلى إيداع استنتاجات النيابة العامة أو تلاوتها بالجلسة وإلا كان باطلا، كما أنه بمقتضى الفصل 45 من ظهير التحفيظ العقاري فإن ممثل النيابة العامة يقدم استنتاجاته. وأنه لا يستفاد من وثائق الملف الاستئنافي أن ممثل النيابة العامة قدم استنتاجاته ولا أن القرار أشار إلى ذلك، مما يكون معه هذا الأخير خارقا للفصلين المستدل بهما وهو ما عرضه للنقض والابطال"[47].

إن هذا القرار أسس على مقتضيات الفصلين 45 من ظهير التحفيظ العقاري و 9 من قانون المسطرة المدنية، ذلك أن مبرر اعتماده على الفصل 9 المذكور راجع لكون الدولة طرف في نزاع التحفيظ لكون الفقرة الأولى منه تنص على أنه "يجب أن تبلغ إلى النيابة العامة الدعاوى الآتية: 1ـ القضايا التتعلقة بالنظام العام والدولة والجماعات المحلية...". وذلك بالرغم من عدم وجود نص صريح في ظهير التحفيظ العقاري، الأمر الذي دفع البعض من الفقه إلى القول بأن "بعض النصوص التي جاء بها قانون المسطرة المدنية تبقى واجبة التطبيق دون حاجة للإحالة عليها كما هو الشأن بالنسبة للفصل 9 من قانون المسطرة المدنية، وبالتالي يجب تبليغ النيابة العامة كلما تعلق الأمر بالحالات المنصوص عليها في الفصل المذكور، لما في ذلك من مصلحة للمتقاضين وخدمة للعدالة"[48].

ثانيا: عرض نزاع التحفيظ من قبل القاضي المقرر وإمكانية الحكم ببعض الجزاءات(تغريم الطرف المتعسف).

بعد الانتهاء من الإجراءات التي يراها القاضي المقرر في نزاعات التحفيظ العقاري ضرورية، يقوم الأخير بعرض النزاع، ببيان النقط التي تحتاج للتوضيح بالجلسة (أ)، كما أن المحكمة من صلاحياتها الحكم ببعض الجزاءات على صاحب المطلب الكيدي وكذا طالب التعرض الكيدي (ب).

أ-عرض نزاع التحفيظ من قبل القاضي المقرر.

 أعطى المشرع للقاضي المقرر في نزاعات التحفيظ العقاري صلاحيات واسعة من أجل اتخاذ القرارات المناسبة للتحقيق في القضية، من وقوف بعين المكان وتطبيق حجج الأطراف على محل النزاع والاستماع إلى الشهود..

 وما يبرر هذه الصلاحيات الواسعة الممنوحة للقاضي المقرر، عدم إلزامية المسطرة الكتابية في قضايا التحفيظ العقاري، الأمر الذي يمنح القاضي حيزا واسعا للبحث والتحقيق في نزاع التحفيظ دون حاجة لأجوبة كتابية من الخصوم، على اعتبار أن حجج الأطراف تكون مبدئيا مودعة بملف التحفيظ[49].

 غير أنه من الناحية العملية، فبالرغم من السلطات الواسعة الممنوحة للقاضي المقرر في نزاع التحفيظ العقاري، إلا أن الاجتهاد القضائي للمجلس الاعلى وضع قيودا عليه أثناء تحضيره لنزاع التحفيظ منها[50]:

- أن طالب التحفيظ يعد مدعى عليه وأن المحكمة لا تملك صلاحية مناقشة حججه إلا بعد إدلاء المتعرض بحجج قوية مثبتة للملك.

- أن المتعرض مادام لم يدعم تعرضه بحجج قوية تدل على الملك، فإن المحكمة لا تكون في حاجة للأمر بإجراء خبرة أو الوقوف على عين المكان المدعى فيه أو غيرها من إجراءات التحقيق المسطرية، فقد جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى:

"لكن ردا على الوسيلتين معا لتداخلهما، فإن مجموع النزاع معين ومحدد في التعرض الكلي على مطلب التحفيظ عدد 2891/37، وأن إجراء خبرة لا تقوم به المحكمة إلا إذا كان ضروريا للفصل في الدعوى، وأن المحكمة لا تكون ملزمة بمناقشة حجة طالب التحفيظ إلا بعد إدلاء المتعرض بحجة قوية، وأن شراء الطاعن إنما يعتمد على شراء البائعين له، وليس على رسم الملكية، وأن اللفيف عدد 118 لا يشهد له بالملك ولا بالحيازة. ولذلك فالقرار المطعون فيه حين علل بأن الشراء المدلى به مجرد عن سند التملك، وأن المقرر فقها أن الأشرية المجردة لا ينزع بها الملك من يد حائزه، وأن اللفيف عدد 118 صحيفة 70 المدلى به في المرحلة الاستئنافية لا قيمة له لأنه لا يتوفر على شروط الملك المقررة فقها.."[51].

- أن المحكمة تكون ملزمة بإجراء الوقوف على عين المكان متى كان ضروريا للفصل في النزاع، فقد جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى:

"... وأنه لا يكفي القول بأن رسوم أشرية المعمر المذكور لا تنطبق على العقار المطلوب تحفيظه لاستبعاد المحضر المذكور بحجة عدم انطباقه بدوره على المدعى فيه، وأن الحسم في انطباق هذا المحضر من عدمه، يقتضي إجراء تحقيق تكميلي وإن اقتضى الأمر إجراء معاينة بعين المكان والاستماع إلى الشهود للبحث في حيازة العقار من طرف الدولة وما إذا كان هذا العقار من مشمولات الضيعة الفلاحية المسترجعة أم لا ..."[52].

- أن تنازل أحد أطراف نزاع التحفيظ عن ما يدعيه من حقوق يقيد صلاحية المحكمة في الاشهاد على هذا التنازل وإرجاع الملف إلى المحافظ للعمل بمقتضيات هذا التنازل، لكونه يدخل في إطار الصلح بين الأطراف وفقا لما نص عليه المشرع في الفقرة الرابعة من الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري[53]، وهذا التنازل يكون ملزما لأطراف نزاع التحفيظ ولسائر خلفهم، وبالتالي لا يحق لهم المطالبة بالحق موضوع التنازل من جديد ولو كانت نفس دعوى التحفيظ مازالت جارية، في حين أن التنازل في قانون المسطرة المدنية إذا انصب على الدعوى فقط، فإنه لا يرتب سوى محو الترافع أمام القضاء بالنسبة للطلبات المقدمة إلى المحكمة دون تخلي الخصم عن الحق موضوع الدعوى، بحيث يمكن له اللجوء من جديد إلى القضاء للمطالبة بنفس الحق، بخلاف مسطرة التحفيظ التي لا تسمح بذلك.

ويفتتح باب المناقشة بتقرير المستشار المقرر الذي يعرض القضية والمسائل المطلوب حلها من غير أن يبدي أي رأي، وفقا لما تنص عليه الفقرة الأولى من الفصل 45 من ظهير التحفيظ العقاري. غير أن ما يمكن استخلاصه من هذا النص، أن المشرع في قضايا التحفيظ لم ينص على تحرير تقرير أو تلاوته بالجلسة كما فعل في قانون المسطرة المدنية بموجب الفصل 345 منه. وبالتالي فإن تحرير التقرير من طرف المستشار المقرر أثناء المرحلة الابتدائية للتحفيظ يظل غير واجب، إذ يكفي أن يعرض شفهيا.

أما بالنسبة للمسطرة أمام محكمة الاستئناف، فقد جاء في الفصل 45 من ظهير التحفيظ العقاري أنه: "تفتتح المناقشات بتقرير المستشار المقرر الذي يعرض القضية والمسائل المطلوب حلها من غير أن يبدي أي رأي"، الأمر الذي يستنتج منه ضرورة إعداد تقرير بشأن القضية قبل عرضه[54].

وبخصوص التساؤل المطروح، هل يجوز للمستشار المقرر أن يستغني عن عرض تقريره ؟ فقد ذهب المجلس الأعلى أحيانا إلى أن إثارة عدم تلاوة التقرير في النازلة كدفع شكلي يعد من حقوق الدفاع التي كان يجب على الاطراف أن يثيروه أمام قضاء الموضوع وليس لأول مرة أمام المجلس، وأحيانا أخرى بأن تلاوة التقرير إجراء غير جوهري، حتى على مستوى محاكم الاستئناف[55].

ب - إمكانية الحكم ببعض الجزاءات (الغرامات)

تنص مقتضيات الفصل 48 من ظهير التحفيظ العقاري على أن: "كل طلب للتحفيظ أو تعرض عليه ثبت للمحكمة صدوره عن تعسف أو كيد أو سوء نية يوجب ضد صاحبه غرامة لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية لا يقل مبلغها عن عشرة في المائة من قيمة العقار أو الحق المدعى به. والكل دون المساس بحق الأطراف المتضررة في التعويض.

إن المحكمة التي أحيل عليها مطلب التحفيظ لها صلاحية الحكم تلقائيا بالغرامة والبت، عند الاقتضاء، في طلبات التعويض".

لذلك، فإن كل من تقدم سواء بمطلب للتحفيظ أو تعرض عليه بصفة كيدية، يكون جزائه إمكانية الحكم عليه بغرامة لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية أو تعويض بناء على طلب الطرف المتضرر.

فبخصوص الحكم بالغرامة على الطرف المتعسف في استعمال الحق في نزاع التحفيظ، والتي لا يقل قدرها عن عشرة في المائة من قيمة العقار، فإن المشرع منح للمحكمة صلاحية استثنائية وحصرية بالمقارنة مع الصلاحيات الممنوحة لها في إطار قانون المسطرة المدنية، ذلك أن أي من أطراف النزاع لا مصلحة لهم في المطالبة بهذه الغرامة لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة على الأملاك العقارية، وحتى إن طالب أي منهما بإيقاعها على خصمه فإن طلبه هذا لا يلزم المحكمة بالتعليل عند رفضه أو حتى مناقشته.

أما بخصوص الحكم لأحد أطراف نزاع التحفيظ بالتعويض عن الضرر الذي لحقه من جراء تقديم مطلب التحفيظ أو التعرض عليه تعسفيا، فإن من حق الطرف المتضرر تقديم طلب إلى المحكمة التي تنظر في نزاع التحفيظ للمطالبة بالتعويض جبرا للضرر الذي لحق به[56].

الفقرةالثانية: صياغة الحكم الصادر في نزاع التحفيظ وبياناته.

 تصدر الأحكام قي نزاعات التحفيظ العقاري في جلسة علنية[57]، وتكون المداولة في ملف نزاع التحفيظ أمرا اختياريا، سواء في المرحلة الابتدائية[58] أو في المرحلة الاستئنافية[59]، بالإضافة إلى إمكانية إصدار الحكم في الحين أو بعد المداولة خلافا لمقتضيات قانون المسطرة المدنية[60].

 غير أن المشرع في نزاعات التحفيظ العقاري، لم ينص على كيفية تحرير الأحكام وكذا البيانات التي يجب أن تتضمنها، الأمر الذي يطرح التساؤل حول البيانات التي يجب أن يتضمنها الحكم الصادر في نزاع التحفيظ العقاري ؟

 جوابا على هذا التساؤل، نشير إلى أن المجلس الأعلى لم يستقر على توجه واحد، حيث صدرت عنه قرارات مختلفة، جاء في إحداها بأن الاحكام يجب أن تكون معللة، وأن تفي بنفسها الأغراض المطلوبة منها، وأن المحاكم المكلفة بالفصل في قضايا التحفيظ العقاري ليست معفاة بالرغم من سكوت ظهير 12 غشت 1913 من تبرير أحكامها، ومن الخضوع لمقتضيات المسطرة المفروضة والتي تعتبر من النظام العام[61].

 وعموما فإن أحكام التحفيظ العقاري تتضمن بيانات من شأنها أن تكون وافية بالغرض المتوخى منها، فهي بذلك لا تتضمن بيان الشكل كما هو عليه الأمر في الدعاوى العادية، ومرد ذلك إلى أن المحكمة لا صلاحية لها بمراقبة الجوانب الشكلية للنزاع، كما تمت الاشارة إليه أعلاه، والذي من نتائجه عدم التنصيص في الحكم البات في نزاع التحفيظ على بيان "في الشكل"، وهكذا جاء في حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بتمارة[62]:

وبعد المداولة طبقا للقانون

حيث يهدف طالبوا التحفيظ من مطلبهم، تحفيظ القطعة الأرضية المسماة "لحويض"، الكائنة بمزارع العبادلة، موضوع مطلب التحفيظ عدد 531/78.

وحيث إن شهادة الملك هي عبارة عن شهادة الشهود أمام القائد لواضع اليد على الأرض موضوع النزاع في نطاق البحث التي تقوم به السلطة المحلية، والتي لا تتنافى مع عقود الأشرية المشار إليها بخصوص انتقال الملكية.

وحيث إن ما استدل به المتعرضون بخصوص نسخة الاستمرار تتعلق بأرض أخرى تسمى مرس الهاشمي وصدر الحانوت ترادفا، وهي تختلف عن محل النزاع اسما وموقعا وحدودا ومساحة.

وحيث يتجلى من رسم استمرار الملك المشار إليه أن موروث المتعرضين لا يحوز الأرض التي يتضمنها ذلك الرسم ولا يتصرف فيها وإنما يتصرف فيها الغير هو أحمد (ب) حيازة طويلة الأمد تزيد عن ثلاثين سنة مع جهل وجه مدخله إليها، وهي مدة قاطعة لحيازة الموروث، مما يجعل معها هذا الرسم لا يرقى إلى درجة الاعتبار.

وحيث تمسك المتعرضون برسم استمرار الملك على اعتبار أنه مرجح على شهادة الشهود لقدم تاريخه، علما أن هته الشهادة إنما تم الاستدلال بها تعزيزا لعقود الأشرية المشار إليها صدره ولإثبات الحيازة للمشتري، كما أنه من المقرر فقها والمستقر عليه قضاء أن قواعد الترجيح لا يعمل بها إلا إذا كانت حجج الأطراف متساوية، وأن شهادة استمرار الملك هي شهادة لفيف لا ترقى إلى درجة البيوع المتعاقبة والمعززة بالحوز.

وحيث يبقى تبعا لذلك تعرض المتعرضين غير مؤسس ويتعين التصريح بعدم صحته

وحيث يتعين تحميل المتعرضين الصائر.

لهذه الأسباب

حكمت المحكمة بجلستها العلنية ابتدائيا وحضوريا:

بعدم صحة التعرض الكلي المقدم من طرف السيدة الزاهية (م) ومن معها المودع بتاريخ 04/07/2012، كناش 2 عدد 318.

وبإحالة الملف على السيد المحافظ على الأملاك العقارية بالهرهورة الصخيرات لاتخاذ ما يراه مناسبا بشأن عملية التحفيظ بعد صيرورة الحكم نهائيا، وتحميل المتعرضين الصائر.

المبحثالثاني:

خصوصيات إجراءات التبليغ والطعن والتنفيذ في مسطرة التحفيظ.

 لا يترتب عن مجرد صدور الحكم الابتدائي في نزاعات التحفيظ العقاري إحالته على المحافظ على الأملاك العقارية لمتابعة إجراءات التحفيظ، وذلك لضرورة صيرورته نهائيا، عن طريق تبليغه لأطراف النزاع وفوات أجل الطعن دون ممارسته أو بعد استنفاد كافة طرق الطعن.

 لذلك سنتولى دراسة خصوصيات إجراءات التبليغ والطعن في نزاعات التحفيظ العقاري (المطلب الأول)، تم خصوصيات مسطرة التنفيذ في هاته النزاعات (المطلب الثاني).

المطلبالأول:

خصوصيات إجراءات التبليغ والطعن في نزاع التحفيظ العقاري.

 لقد اخص المشرع مسطرة التبليغ وطرق الطعن في نزاعات التحفيظ العقاري بمجموعة من الخصوصيات تهدف في جوهرها إلى تبسيط إجراءات التحفيظ، عن طريق تسريع إجراءات تبليغ (الفقرة الأولى)، والحد من نطاق طرق الطعن (الفقرة الثانية).

الفقرةالأولى: خصوصيات إجراءات تبليغ الأحكام.

 حدد المشرع في قانون المسطرة المدنية طرق التبليغ وشروط صحتها، كما حدد قواعد تبليغ الأحكام الابتدائية والقرارات الاستئنافية وشروط صحتها، أما في ظهير التحفيظ العقاري فإنه بالرغم من إحالته بخصوص إجراءات التبليغ على قانون المسطرة المدنية إلا أنه أخص قضايا التحفيظ ببعض الخصوصيات، سواء منها تلك المتعلقة بالتبليغ التلقائي للأحكام (أولا)، أو التبليغ إلى النيابة العامة (ثانيا).

أولا: التبليغ التلقائي للأحكام.

 تنص مقتضيات الفصل 40 من ظهير التحفيظ العقاري على أنه: "بمجرد صدور الحكم وقبل انصرام ثمانية أيام، يبلغ ملخصه إلى طالب التحفيظ وإلى جميع المتعرضين وفق الشكل المقرر في قانون المسطرة المدنية..".

 وما يمكن استخلاصه من مقتضيات هذا الفصل، أن الأحكام الصادرة في نزاعات التحفيظ العقاري، سواء كانت ابتدائية أو استئنافية، تبلغ تلقائيا من طرف كتابة الضبط دون أن يستلزم الأمر تقديم طلب التبليغ من ذي المصلحة كما عليه الشأن في قانون المسطرة المدنية.

ثانيا: التبليغ إلى النيابة العامة.

 نص على هذا المقتضى الفصل 26 من القرار الوزيري المؤرخ في 3 يونيو 1915 بشأن ضبط التفاصيل المتعلقة بتطبيق الضابط العقاري الراجع للتحفيظ، على أنه على كل طالب وكل متدخل أو متعرض وكل شخص يطلب في اسمه القيام أو تقييد في السجلات العقارية، يجب عليه لزوما تعيين موطن للمخابرة معه بمقر المحافظة، إذا لم يكن موطنه الفعلي بدائرة المحافظة المذكورة. فإذا لم يقم بذلك فإن جميع الإعلامات والتبليغات توجه له إلى النيابة العامة، ويكفي ذلك لاعتبارها صحيحة.

 فانطلاقا من هذا الفصل، يستشف أن المشرع استبعد إجراء التبليغ إلى القيم في نزاعات التحفيظ خلافا لما عليه الأمر في قانون المسطرة المدنية[63].

 غير أنه بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 26 من ظهير التحفيظ العقاري يلاحظ أنه لم يحدد أجلا يعتبر فيه التبليغ صحيحا خلافا لما هو منصوص عليه في قانون المسطرة المدنية، الأمر الذي نادى معه بعض الفقه[64]بضرورة اعتبار الآجال المنصوص عليها في الفصل 441 من قانون المسطرة المدنية، وذلك لكون هذا الفصل هو القانون العام الواجب التطبيق عندما يسكت القانون الخاص.

الفقرةالثانية: خصوصيات طرق الطعن في نزاعات التحفيظ العقاري.

 يعتبر الحق في ممارسة الطعن أمر اختياري بالنسبة للمحكوم له أو ضده، غير أنه عند رغبته في ممارسة هذا الحق يتعين عليه القيام بذلك في آجال محددة تبتدئ من تاريخ التبليغ، وتنقسم طرق الطعن إلى عادية تتمثل في الاستئناف والتعرض وغير عادية تتمثل في النقض وإعادة النظر تم تعرض الغير الخارج عن الخصومة، أما في نزاعات التحفيظ العقاري فإن المشرع قد حد من نطاقها وأخصها ببعض الخصوصيات.

 لذلك، سوف نتولى بداية دراسة خصوصيات طرق الطعن العادية في نزاعات التحفيظ العقاري (أولا)، على أن نتولى دراسة خصوصيات طرق الطعن غير العادية (ثانيا).

أولا: خصوصيات طرق الطعن العادية.

 لم يسمح المشرع المغربي لأطراف نزاع التحفيظ بممارسة الطعن بالتعرض في نزاع التحفيظ (أ)، كما أنه أخص الطعن بالاستئناف في نزاعات التحفيظ بخصوصيات لا مثيل لها في قانون المسطرة المدنية (ب).

أ - عدم قابلية الحكم للطعن بالتعرض.

 لا يقبل الحكمالابتدائي الصادر عن محكمة التحفيظ الطعن بالتعرض، لأن الطلب المتمثل في التعرض غير محدد القيمة بطبيعته، كما أن طالب التحفيظ حاضر بمطلبه، والمتعرض حاضر بتعرضه المقدم إلى المحافظ على الاملاك العقارية[65].

وفي هذا الصدد جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى:

"لكن، ردا على الوسيلتين معا لتداخلهما، فإنه يتجلى من مستندات الملف أن دعوى النازلة بالأساس تتعلق بقضايا التحفيظ العقاري المطبقة بشأنها المقتضيات الخاصة المنصوص عليها في ظهير 12/08/1913 والتي ينص الفصل 45 منها صراحة على عدم قبول الطعن بالتعرض ضد الأحكام الصادرة فيها. وفضلا عن ذلك فإن الطاعن قدم مقال استئنافه في الدعوى التي صدر في شأنها القرار المتعرض عليه من طرفه وبالتالي فإن هذا الأخير يعتبر حضوريا في حقه إذ بمقتضى الفصل 344 من قانون المسطرة المدنية. تعتبر حضورية القرارات التي تصدر بناء على مقالات الأطراف، ولذلك فإن القرار المطعن فيه حين علل بأن أوراق ملف الدعوى تتعلق بالبت في التعرضات المسجلة على مطلبي التحفيظ عدد 15358 الذي تقدم به بتاريخ 06/02/1974 الجلالي محمد بلبحر ومطلب التحفيظ رقم 16863 الذي تقدم به بتاريخ 23/03/1976 محمد بن الجيلالي هرشلي وكذا في التعرض المتبادل بين المطلبين المذكورين. وأنه إثر صدور الحكم الابتدائي استأنفه المتعرض هرشلي محمد وبعد الاجراءات في الدعوى صدر فيها القرار موضوع التعرض وأنه بمقتضى الفصل الخامس والأربعين من ظهير التحفيظ العقاري فإن قرارات محكمة الاستئناف الصادرة في مادة التحفيظ العقاري لا تقبل الطعن بالتعرض. إذ ينص "تبت محكمة الاستئناف في القضية سواء حضر الأطراف أو تخلفوا دون أن يقبل أي تعرض ضد الحكم الصادر". فإنه نتيجة لما ذكر كله يكون القرار معللا تعليلا سليما ومرتكزا على أساس قانوني وغير مخالف للمقتضيات المستدل بها وباقي تعليلاته المنتقدة تعتبر عللا زائدة يستقيم القضاء بدونها والوسيلتان بالتالي غير جديرتين بالاعتبار"[66].

ب - خصوصيات الطعن بالاستئناف.

 ينص الفصل 41 من ظهير التحفيظ العقاري على أنه: "يقبل الاستئناف في موضوع التحفيظ مهما كانت قيمة العقار المطلوب تحفيظه.

يمكن رفع طلب الاستئناف على الكيفية المذكورة في الفصل 141 من قانون المسطرة المدنية، يوجه الملف بدون مصاريف مع نسخة الحكم المطعون فيه إلى كتابة الضبط بمحكمة الاستئناف".

ويمكننا إجمالا تحديد خصوصيات الطعن بالاستئناف في النقاط الآتية:

- أن جميع الأحكام الصادرة في نزاعات التحفيظ العقاري تقبل الاستئناف، لأن موضوع دعوى التحفيظ ينصرف دائما إلى المطالبة بحق عيني لا حق شخصي.

- أن طالب التحفيظ لا مصلحة له في الطعن بالاستئناف إذا قضى الحكم بعدم صحة التعرض. فقد جاء في قرار صادر عن محكمة النقض:

"لكن، حيث يتجلى من منطوق الحكم الابتدائي أنه اقتصر فقط على التصريح بعدم صحة تعرض كل من مريم بنت حمو وبوشتى بن حمو على المطلب عدد 10402/ف وبذلك فهو لم يقض لفائدة طالبة المطلب المذكور بأي شيء يمس بمصلحة الطاعن مما تبقى معه مصلحته في تقديم الطعن بالاستئناف ضد الحكم الابتدائي غير قائمة، وتحل هذه العلة القانونية المستمدة من الوقائع الثابتة لقضاء الموضوع محل العلة المنتقدة، مما تبقى معه الوسيلة على غير أساس"[67].

- يقبل الحكم الابتدائي في نزاعات التحفيظ الطعن بالاستئناف داخل أجل شهر من تاريخ التبليغ التلقائي، وذلك بموجب الاحالة الصريحة للفصل 40 من ظهير التحفيظ العقاري على مقتضيات قانون المسطرة المدنية[68].

- يقدم الطعن بالاستئناف لدى كتابة ضبط المحكمة الابتدائية مصدرة الحكم، حسب مقتضيات الفصل 141 من قانون المسطرة المدنية[69]، بموجب الاحالة الصريحة للفصل 41 من ظهير التحفيظ العقاري.

- أنه لا يشترط في المقال الاستئنافي للتحفيظ أن يتضمن مجموع البيانات المنصوص عليها في الفصل 142 من قانون المسطرة المدنية لعدم وجود إحالة صريحة من ظهير التحفيظ العقاري على مقتضيات هذا الفصل.

ففي هذا الصدد جاء في قرار صادر عن محكمة النقض:

"لكن، ردا على الوسيلة فإن مقتضيات ظهير 12/08/1913 المعتبر بمثابة قانون التحفيظ العقاري بين قواعد خاصة تضمنها الفصل 42 منه ومع وجود هذه القواعد لا يمكن معه تطبيق القواعد العامة، مما يكون معه القرار غير خارق للنص المستدل به والوسيلة بالتالي غير جديرة بالاعتبار"[70].

 وتجدر الإشارة إلى أنه بالرغم من عدم تنصيص المشرع على بيان التوقيع في ظهير التحفيظ العقاري وكذا عدم إحالته بخصوص هذا البيان على قانون المسطرة المدنية، إلا أنه يبقى بيانا جوهريا يترتب عنه الحكم بعدم القبول[71].

- أن خصوصيات المسطرة القضائية للتحفيظ لا توجب تصحيح المسطرة أثناء سريان الدعوى أمام محكمة التحفيظ سواء خلال المرحلة الابتدائية أو الاستئنافية[72].

- لا ضرورة لتوجيه الاستئناف في نزاعات التحفيظ ضد الورثة عوض مورثهم الهالك.

فقد جاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف بمراكش:

"حيث دفع المستأنف عليهم بكون الاستئناف معيب لخرقه مقتضى الفصل 142 من ق.م.م. لعدم تفصيل أطراف الدعوى ولتقديمه من فاطمة بنت محمد أكروم وهي ميتة وبالتالي غير ذات أهمية ولكون المذكرة التوضيحية المتعلقة به قدمت خارج الأجل.

لكن، حيث إن لا مجال للتقيد بالبيانات المتعلقة بالتعريف بأطراف النزاع التي يوجب الفصل 142 من ق.م.م توفرها في مقال الاستئناف وإن ظهير 12 غشت 1913 المعتبر بمثابة قانون التحفيظ من قواعد خاصة للطعن بالاستئناف تضمنها الفصل 42 منه ومع هذه القواعد الخاصة لا يمكن تطبيق القواعد العامة المنصوص عليها في الفصل 142 من ق.م.م وأن عدم ذكر أسماء كل الطرفين في ميدان التحفيظ مقبول لا يؤثر على المقال الاستئنافي ما دام أن التعريف باسم الشخص الأول من كل فريق مع إضافة ومن معه كاف في ميدان التحفيظ للتعرف على هوية الأطراف لتوفر ذلك هوية وعناوين بملف التحفيظ (قرارات المجلس الأعلى عدد 827 و76-399 المنشورة بكتاب اجتهادات المجلس الأعلى في التحفيظ خلال 40 سنة للأستاذ عبد العزيز توفيق، صفحات (152-202 و233) لذلك فإن الدفع بهذا الخصوص مردود"[73].

 كما جاء في قرار صادر عن المجلس الأعلى:

"يتعرض للنقض القرار الذي قضى بعدم قبول استئناف طالب التحفيظ الذي لم يدخل ورثة أحد المتعرضين الذي توفي بعد إحالة الملف على المحكمة"[74].

وجاء في قرار آخر لمحكمة النقض:

"حيث صح ما عابه الطاعنون على القرار، ذلك أنه اقتصر في تعليله بقبول الاستئناف شكلا على كونه جاء على الصفة والمصلحة ووفق الشروط المتطلبة قانونا دون أن يرد صراحة على الدفع الذي تمسكوا به أمام المحكمة من كون الاستئناف غير مقبول شكلا لكونه وجه ضد مورثهم والحال أنه متوفى حسب الثابت من مستندات الملف في المرحلة الابتدائية كما يتجلى من الخبرتين المنجزتين خلال هذه المرحلة، وكذا مذكرة الطاعنين بمواصلة الدعوى والمرفقة بإراثة مورثهم، وأنه رغم ما لهذا الدفع من تأثير على الفصل في النزاع فإن القرار المطعون فيه لم يرد عليه بأي شيء الأمر الذي يجعله منعدم التعليل وغير مرتكز على أساس قانوني مما عرضه للنقض والإبطال[75].

- أنه يمكن تقديم مقال استئنافي واحد لمجموع طالبي التحفيظ لوجود مصلحة مشتركة، فقد جاء في قرار صادر عن محكمة النقض:

"لكن، ردا على الوسيلة فإن الاستئناف قدم من طرف طالبي التحفيظ الذين لهم مصلحة مشتركة ولهم أن يقدموا مقالا استئنافيا واحدا ويؤدوا عنه أداء واحد، ولذلك فإن القرار حين علل أن المستأنف اللحياني ومن معه قاموا بأداء الرسوم القضائية بنفس التاريخ حسب الوصل عدد 177195 وليس بالملف ما يفيد تبليغ الحكم الابتدائي إليهم، مما يتعين بجعله تقدم على الشكل والصفة والمصلحة داخل الأجل القانوني فهو مقبول شكلا، مما يكون معه القرار معللا ومرتكز عل أساس قانوني والوسيلة بالتالي غير جديرة بالاعتبار"[76].

- أن استئناف أحد طلاب التحفيظ للحكم الابتدائي القاضي بصحة التعرض دون الآخرين لا يستفيد منه إلا المستأنفون دون غيرهم ولو وجدت مصلحة مشتركة فيما بينهم.

فقد جاء في قرار صادر عن محكمة النقض:

"حيث صح ما عابه الطاعنون على القرار، ذلك أنه قضى في منطوقه بعد إلغاء الحكم المستأنف بعدم صحة التعرض الكلي المودع في 28/03/1997 كناش 635 على مطلب التحفيظ عدد 3923/31 في حين أن بعض طلاب التحفيظ وحدهم المستأنفون، إذ أن طالبي التحفيظ محمد (ب) وابراهيم (ب) الذين يطالبان بنسبة 256 سهم من أصل 384 لم يستأنفا الحكم الابتدائي القاضي بصحة التعرض اتجاه الطاعنين الأمر الذي يكون معه القرار منعدم الأساس القانوني، مما عرضه للنقض والإبطال"[77].

ثانيا: خصوصيات طرق الطعن غير العادية.

 تتميز مسطرة التحفيظ العقاري على مستوى طرق الطعن العادية بعدة خصوصيات، سواء منها تلك المتعلقة بالطعن بالنقض (أ)، أو تلك المتعلقة بتعرض الغير الخارج عن الخصومة (ب)، أو إعادة النظر (ج).

أ - خصوصيات الطعن بالنقض.

 الطعن بالنقض طريق عادي للطعن في الأحكام يرمي إلى عرض الحكم المطعون فيه على المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) قصد نقضه لما يشوبه من أخطاء قانونية سواء من الناحية الاجرائية أو الموضوعية[78].

وعليه، يمكننا تحديد خصوصيات الطعن بالنقض أمام محكمة التحفيظ فيما يلي:

- أن المشرع حدد أجل الطعن بالنقض في قضايا التحفيظ العقاري في 30 يوما بموجب الفصل 47 من ظهير التحفيظ العقاري، الذي أحال بخصوص أجل الطعن على القواعد الاجرائية العامة، حيث جاء فيه: "يبلغ القرار الاستئنافي وفق الكيفية المقررة في قانون المسطرة المدنية ويمكن الطعن فيه بالنقض داخل الأجل المحدد في نفس القانون".

- لا ضرورة أن يوجه طالب التحفيظ الطعن بالنقض ضد جميع المتعرضين. وفي هذا الصدد جاء في قرار صادر عن محكمة النقض:

"لكن فمن جهة حيث يتجلى من مستندات الملف وخاصة ملف التحفيظ أن ناظر أحباس وزان هو الذي قدم مطلب التحفيظ نيابة عن ضريح سيدي علي السلامي، وهو بهذه الصفة قدم الطعن بالنقض أعلاه، ومن جهة ثانية فإن المطلوبة في النقض لا صفة ولا مصلحة لها في الدفع بكون الطاعن لم يوجه طلبه ضد باقي المتعرضين على مطلب التحفيظ، الأمر الذي يتعين معه رد الدفع أعلاه"[79].

- في حالة تعدد المتعرضين يتعين على كل منهم أن يتقدم بطعن بالنقض خاص به. فقد جاء في قرار لمحكمة النقض:

"وحيث يتضح مما ذكر أعلاه أن كل تعرض من المتعرضين المشار إليهما متباين مع الآخر ويشكل دعوى مستقلة بذاتها، وأنه بمقتضى الفصل 32 من ظهير 12/8/1913 بشأن التحفيظ العقاري فإن كل تعرض متباين يتعلق بالمطلب الواحد يعتبر دعوى مستقلة. وبالتالي يتعين تقديم مقال مستقل للنقض بشأن كل تعرض متباين وأنه لما كان الطاعنون قد تقدموا بمقال واحد للطعن بالنقض وأدوا عنه أداء واحد بالرغم من تباين مصالح كل فريق فإن مقالهم يستوجب التصريح بعدم القبول"[80].

- يمكن ممارسة النقض بمقال واحد يضم جميع المتعرضين إذا اتحدت المصلحة المشتركة بينهما[81].

- لا يحق الطعن بالنقض في القرار الاستئنافي الصادر في نزاع التحفيظ العقاري إلا ممن كان طرفا فيه[82].

- لا يصح تقديم الطعن بالنقض من طرف ميت ولا في مواجهته. وقد جاء في قرار صادر عن محكمة النقض:

"حيث إن الطعن كالدعوى لا يمكن رفعه باسم ميت.

وحيث إن الثابت من مستندات الملف ومن المقال الاصلاحي المقدم من طرف ورثة المرفوع الطعن باسمه باعلي موحى أمام محكمة الاستئناف المذكورة بتاريخ 24/01/2007 ومن الإراثة المدلى بها من طرف هؤلاء تحت عدد 355 بتاريخ 22/08/2008 أن موروثهم المذكور توفي بتاريخ 18/08/2005 الأمر الذي يبقى معه الطعن بالنقض المقدم بعد ذلك بتاريخ 20/01/2008 باسمه رغم أنه متوفى منذ 18/08/2005 غير مقبول. وأن المقال الاصلاحي المقدم من طرف ورثة الطاعن المشار إليه أعلاه لا يمكن أن يصحح مقال الطعن بالنقض المقدم قبله باسم ميت"[83].

- لا يمارس الطعن بالنقض إلا مرة واحدة. فقد جاء في قرار لمحكمة النقض:

"وحيث يستفاد من مستندات الملف أن الطاعنين سبق لهم بتاريخ 15/06/2009 بواسطة نائبهم الاستاذ العربي شعيبي أن طلبوا نقض نفس القرار عدد 136 أعلاه وفتح له بمحكمة النقض الملف عدد 2671/1/1/2009 وأن المجلس في قراره عدد 4742 الصادر يومه في الملف المدني عدد 2671/1/1/09 قضى فيه برفض الطلب. الأمر الذي يكون معه الطلب أعلاه المقدم بعد ذلك بتاريخ 17/06/2009 والثانية غير مقبول"[84].

- لا يسري أجل الطعن بالنقض إلا إذا كان التبليغ صحيحا ومطابقا لمقتضيات الفصل 47 من ظهير التحفيظ العقاري[85].

- يقبل الطعن بالنقض التنازل شأنه شأن التنازل عن الاستئناف[86].

- الطعن بالنقض في نزاعات التحفيظ العقاري يوقف التنفيذ وفقا لما تنص عيه مقتضيات الفصل 361 من قانون المسطرة المدنية، بمعنى أن تنفيذ المقررات الصادرة في مادة التحفيظ العقاري لا يتم إلا بعد استنفاذها لكافة طرق الطعن.

ب - عدم جواز تعرض الغير الخارج عن الخصومة.

 نظم المشرع الطعن بإعادة النظر في الفصول من 303 إلى 305 من قانون المسطرة المدنية، غير أنه في المقابل سكت عن ذلك في ظهير التحفيظ العقاري، فهل هذا يعني أن هذا الطعن غير مقبول في نزاعات التحفيظ العقاري؟

 جوابا على هذا السؤال، ذهب المجلس الأعلى إلى عدم قبول تعرض الغير الخارج عن الخصومة ضد الأحكام والقرارات الصادرة في نزاعات التحفيظ العقاري، وهكذا جاء في إحدى قراراته:

"حيث صح ما عابته الوسيلة على القرار المطعون فيه، ذلك أنه لا وجود لنص قانوني في مقتضيات ظهير 12 غشت 1913 يسمح بالتعرض الخارج عن الخصومة، والقرار المطعون فيه لما قبل طلب المطلوبة في النقض المذكورة رغم ما ذكر يكون قد خرق الظهير المشار إليه أعلاه، فتعرض بذلك للنقض"[87].

ج - عدم جواز الطعن بإعادة النظر.

 نظم المشرع أحكام الطعن بإعادة النظر في الفصول من 402 إلى 410 من قانون المسطرة المدنية، لكن في المقابل لم ينص المشرع على هذا الطعن في ظهير التحفيظ العقاري، لكن استقر قضاء محكمة النقض على عدم قابلية القرار الاستئنافي الصادر في مادة التحفيظ للطعن بإعادة النظر. فقد جاء في إحدى قراراتها:

"لكن، ردا على الوسيلتين فإن طرق الطعن تتعلق بالنظام العام. وأنه ليس بمقتضيات ظهير 12/08/1913 بشأن التحفيظ العقاري ما يسمح بالطعن بإعادة النظر ضد القرارات الصادرة عن محكمة الاستئناف في مسطرة التحفيظ، مما تبقى معه الوسيلتين غير جديرتين بالاعتبار"[88].

وجاء في قرار آخر:

"بناء عل الفصل 47 من قانون التحفيظ العقاري فإن الأحكام الصادرة عن محاكم الاستئناف في موضوع التحفيظ العقاري تقبل الطعن بالنقض.

حيث إن طرق الطعن في مجال التحفيظ العقاري حددها المشرع على سبيل الحصر في القانون المذكور وليس من بينها الطعن بإعادة النظر.

وحيث إن القرار المطعون فيه بالنقض حينما قبل الطعن بإعادة النظر في القرار الاستئنافي عدد 749 الصادر بتاريخ 17/12/2002 يكون قد خرق القاعدة المذكورة وبالتالي معرضا للنقض"[89].

كما جاء أيضا في قرار آخر:

"لكن، ردا على الوسيلتين معا لتداخلهما، فإنه في جميع الأحوال ما دامت دعوى النازلة إنما تتعلق بالتحفيظ العقاري، فإن الطعن بإعادة النظر في قرارات محاكم الاستئناف غير منصوص عليه بمقتضى قانون خاص، الصادر بتاريخ 12/08/1913 والواجب التطبيق في النازلة. وبالتالي يكون الطعن المذكور غير مقبول. وبهذه العلة القانونية المحضة المستقاة من الواقع الثابت لقضاة الموضوع تعوض العلل المنتقدة من طرف الطاعنة، الأمر الذي يكون معه القرار المطعون فيه حين قضى برفض الطلب، معللا وغير خارق للمقتضيات القانونية المحتج بها والسببان بالتالي غير جديرين بالاعتبار"[90].

 وتجدر الاشارة إلى أن مقتضيات الفصل 109 من ظهير التحفيظ العقاري المغير والمتمم بالقانون 14/07 حسمت الأمر بهذا الخصوص عندما نصت على أنه: "لا تقبل الأحكام الصادرة في مادة التحفيظ العقاري الطعن إلا بالاستئناف والنقض".

المطلبالثاني:

خصوصيات مسطرة التنفيذ في نزاعات التحفيظ العقاري.

 إن إجراءات التنفيذ في مادة التحفيظ العقاري تختلف عن نظيرتها المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية، سواء فيما يخض اعذار المحكوم عليه قبل التنفيذ الجبري أو النفاذ المعجل أو التقادم (الفقرة الأولى)، أو فيما يخص الجهة التي تسهر على التنفيذ (الفقرة الثانية).

الفقرةالأولى: خصوصيات تنفيذ أحكام التحفيظ.

 تعتبر الأحكام الصادرة في نزاعات التحفيظ العقاري أحكام تقريرية لا أحكام إلزام، فهي تقضي بوجود الحق المطالب به من قبل المتعرض أو عدم وجوده دون أن تلزم المحكوم عليه بأداء معين أو تحدت تغييرا في الحق أو المركز المتنازع عليه، أي أنها تحقق الحماية القانونية دون تنفيذ، بحيث إن أحكام الالزام وحدها هي التي تستوجب التنفيذ[91].

وعموما، يمكن إجمال خصوصيات التنفيذ في نزاعات التحفيظ العقاري فيما يلي:

- أن الأحكام الصادرة في نزاعات التحفيظ العقاري لا توجب اعذار المحكوم عليه بالتنفيذ قبل اللجوء إلى التنفيذ الجبري كما هو الشأن في تنفيذ الأحكام الصادرة في القضايا العادية[92].

- أن الأحكام الصادرة في نزاعات التحفيظ العقاري لا تحال على المحافظ على الأملاك العقاري من أجل التنفيذ إلا بعد صيرورتها نهائية.

- أن الأحكام الصادرة في نزاعات التحفيظ لا تكون مشمولة بالتنفيذ المعجل، لعدم وجود نص صريح في ظهير التحفيظ العقاري أولا، تم لتعارض ذلك مع خصوصيات مسطرة التحفيظ ثانيا.

- أن الأحكام الصادرة في نزاعات التحفيظ لا تسقط بالتقادم المحددة في 30 سنة، لكونها مرتبطة بملفات التحفيظ المتابعة من طرف المحافظ من جهة، تم لكونها أحكاما تقريرية لا تخضع للتنفيذ الجبري بالمفهوم المنصوص عليه في قانون المسطرة المدنية[93].

الفقرةالثانية: دور المحافظ في تنفيذ أحكام التحفيظ.

 إن دراسة دور المحافظ على الاملاك العقاري في تنفيذ الأحكام الصادرة في نزاعات التحفيظ العقاري يقتضي منا الوقوف على ما يلي:

- أن كتابة الضبط لا دور لها في تنفيذ أحكام التحفيظ، إذ أنها تكتفي فقط بإحالة الملف على المحافظ بعد صيرورة الحكم نهائيا.

- أن المحافظ على الأملاك العقارية يعتبر سلطة إدارية مستقلة لا سلطة للمحكمة في إلزامه بتنفيذ منطوق الحكم الذي له أن يمتنع عن تنفيذه إذا شابته عوائق أو اعترته نواقص، كما إذا وجد تناقض في منطوقه[94].

 لذلك نجد أحكام التحفيظ من الناحية العملية تورد عبارة "وإرجاع الملف إلى المحافظ لاتخاذ ما يراه مناسبا" أو "لاتخاذ المتعين" أو "لاتخاذ الاجراءات الادارية المناسبة" أو "للعمل بهذا القرار"..

- أن الملف الذي يرجع للمحافظ بعد صيرورة الحكم البات فيه نهائيا لا يكون مرفقا بالنسخة التنفيذية بل يكفي فقط أن يرفق بنسخة طبق الأصل وشهادة عدم الطعن أو القرار الصادر عن محكمة النقض.

فانطلاقا مما سبق، يمكن القول أن المحافظ على الأملاك العقارية الذي يمتنع عن تنفيذ الحكم أو القرار البات في نزاع التحفيظ، لا يمكن إلزامه بالتنفيذ وإنما يتعين سلوك إجراءات الطعن ضد قرار الرفض الصادر عنه، وعند إلغاء قراره الرافض للتنفيذ هنا يمكن الحديث عن إلزامه بالتنفيذ[95].

[1]- على أساس أن الاختصاص القيمي لا أساس له في نزاعات التحفيظ العقاري لكون أساس دعوى التحفيظ هو المطالبة بحق عيني.

[2]- مصطفى الكيلة، م س، ص 140.

[3]- مصطفى الكيلة، م س، ص 140.

[4]- الطيب الفصايلي، الوجيز في القانون القضائي الخاص، الجزء الأول، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الثانية 1992، ص 80.

[5]- المقصود بالدعاوى الموازية: تلك الدعاوى المدنية أو العقارية التي أقيمت في إطار المسطرة العامة والتي تهدف إلى حماية حقوق متصلة بالعقار موضوع مسطرة التحفيظ سواء أقيمت قبل نشوء نزاع التحفيظ أو بعده.

[6]- قرار صادر بتاريخ 18/01/2000 في الملف العقاري عدد 7353/1998، أورده مصطفى الكيلة، م س، ص 144-145.

[7]- وتجدر الإشارة إلى أن مقتضيات ظهير التحفيظ العقاري، باعتباره نصا خاصا، لم تتطرق لحالة ما إذا كان قاض من المحكمة الابتدائية أو زوجه طرفا في الدعوى، عكس ما تم التنصيص عليه في الفصل 517 من قانون المسطرة المدنية، الأمر الذي يمكن معه القول إلى أن ظهير التحفيظ العقاري نص خاص له خصوصيات تميزه عن المقتضيات الاجرائية العامة، هذه الأخيرة التي لا تطبق على قضايا التحفيظ العقاري إلا بإحالة صريحة.

[8]- المصطفى الكيلة، م س، ص 143.

[9]- ويثور التساؤل حول لحظة سلب الاختصاص عن المحاكم العادية وجعله من اختصاص محكمة التحفيظ، هل من تاريخ وضع مطلب التحفيظ لدى المحافظة على الأملاك العقارية ؟ أم من تاريخ إحالة النزاع على المحكمة؟

جوابا على هذا السؤال فقد قضى المجلس الأعلى في إحدى قراراته بأن مجرد إيداع مطلب التحفيظ والتعرض عليه لا يحول دون نظر الدعوى والبت فيها من طرف المحكمة العادية استنادا إلى عدم وجود نص قانوني يمنعها من ذلك.

- قرار عدد 341 بتاريخ 02/03/1985 في الملف المدني عدد 94534، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد 39، نونبر 1986، ص 115 وما بعدها.

غير أن هذا التوجه القضائي لم يعرف استقرارا، حيث تراجع عنه المجلس الأعلى بموجب قرار آخر قضى فيه بعدم قبول أية دعوى ترفع باستقلال عن مسطرة التحفيظ.

- قرار عدد 164 بتاريخ 10/01/2001 في الملف عدد 1671/1/2/99، أورده عبد العزيز توفيق، قضاء المجلس الأعلى في التحفيظ العقاري من سنة 1991 إلى 2002، م س، ص 104-105.

[10]- قرار عدد 164 صادر بتاريخ 10/01/2001 في الملف المدني عدد 1671/1/2/99، أورده عبد العزيز توفيق، قضاء المجلس الأعلى في التحفيظ العقاري من سنة 1991 إلى سنة 2002، م س، ص 104-105.

[11]- بحيث إذا أدلى المتعرض، تدعيما لطلب تعرضه، بأحكام قضائية صادرة بينه وبين طالب التحفيظ، فإن المحافظ لا يملك صلاحية البت في مطالب التحفيظ طبقا لما قضت به هذه الأحكام، لأنه لا يعتبر سلطة قضائية، وإنما يحيلها رفقة مطلب الحفيظ على القضاء ليبت فيها.

[12]- قرار عدد 1874 صادر بتاريخ 15/05/2001 في الملف المدني عدد 2270/1/1/2000، أورده عبد العزيز توفيق، قضاء المجلس الأعلى في التحفيظ العقاري من سنة 1991 إلى سنة 2002، م س، ص 144.

[13]- حكم صادر بتاريخ 20/03/2013 في الملف العقاري عدد 66/21/2011 المضموم له الملف عدد 67/21/2011، غير منشور.

[14]- قرارا عدد 30 صادر بتاريخ 13 فبراير 1986 في الملف الإداري عدد 7127، أورده عبد العزيز توفيق، قضاء المجلس الأعلى في التحفيظ خلال أربعين سنة، م س، ص 170-171.

[15]- قرار عدد 892 صادر بتاريخ 24/03/2004 في الملف المدني عدد 2386/1/1/2002، أورده مصطفى الكيلة، م س، ص 193-194.

[16]- قرار عدد 4375 مؤرخ في 19/10/2010، ملف مدني عدد 389/1/1/2009، أورده عمر أزوكار، التحفيظ العقاري في ضوء التشريع العقاري وقضاء محكمة النقض، الطبعة الأولى 2014، ص 218.

[17]- عبد العزيز توفيق، قانون المحاماة الجديد، سلسلة النصوص التشريعية المغربية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، طبعة 1996، ص 11.

[18]- قرار عدد 655 صادر بتاريخ 3 نونبر 1982، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 31، مارس 1983، ص 19.

[19]- قرار عدد 2336 مؤرخ في 18/06/2008، ملف مدني عدد 2228/1/1/2006.

وجاء في قرار آخر:

"لكن ردا على الوسيلة فإنه فضلا عن أن القرار لم يقض بشيء لفائدة المتدخلين ضد الطاعن فإنه أجاب عن الدفع المذكور حينما علل بأنه: 'بخصوص مقال التدخل الإرادي فإنه من القواعد العامة أن المحكمة لا تبت إلا في التعرضات المحالة عليها من طرف المحافظ دون غيرها من الطلبات وأن مسطرة التحفيظ هي الواجبة الاتباع ولا تطبق قواعد المسطرة المدنية­­'، مما تكون معه الوسيلة خلاف الواقع".

- قرار عدد 1103 مؤرخ في 09/03/2010، ملف مدني عدد 2844/1/1/2008.

 القرارين معا أوردهما الأستاذ عمر أزوكار، م س، ص 225-226.

[20]- الطيب الفصايلي، م س، ص 192.

- من بين الحالات التي يمكن فيها إدخال الغير جبرا في النزاع وفقا للإجراءات العامة للتقاضي: إدخاله من أجل الضمان أو بقصد إلزامه بتقديم ورقة أو وثيقة تحت يده لها تأثير في الفصل في النزاع أو الإدخال بأمر تلقائي من قبل المحكمة.

- المصطفى الكيلة، م س، ص 182.

[21]- قرارا عدد 229 صادر بتاريخ 15/05/1968، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد 2، السنة الأولى، نونبر 1968، ص 18.

[22]- المصطفى الكيلة، م س، ص 185.

[23]- إبراهيم باحماني، تنفيذ الأحكام العقارية، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2001، ص 71.

[24]- عبد العزيز حضري، القانون القضائي الخاص، طبعة 2005، ص 17.

[25]- قرار عدد 545 صادر بتاريخ 29/09/1976 في الملف المدني عدد 50843، منشور بمجلة المحاماة، العدد 19، السنة 14، فبراير ومارس 1982، ص 157، وكذا بمجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد 29، السنة 7، أبريل 1982، ص 26. وأورده أيضا محمد بفقير، ظهير التحفيظ العقاري والعمل القضائي المغربي، منشورات دراسات قضائية، سلسلة القانون والعمل القضائي المغربيين، الطبعة الأولى 2011، ص 56.

[26]- قرار المجلس الأعلى عدد 229 بتاريخ 15/05/1968، منشور بمجلة القضاء والقانون، العدد 93، ص 60.

[27]- الفقرة الأخيرة من الفصل 31 من قانون المسطرة المدنية.

[28]- عمر ازوكار، م س، ص 206-207.

[29]- قررا عدد 1156 مؤرخ في 26/03/2008، ملف مدني عدد 178/1/1/2005، أورده عمر أزوكار، م س، ص 206.

[30]- قرار رقم 204 مؤرخ في 09 أبريل 2013 في الملف المدني عدد 3380/1/8/2012، منشور بمجلة القضاء والقانون، العدد 163، سنة 2013، ص 214 وما يليها.

[31]- محمد محمود إبراهيم، النظرية العامة للطلبات العارضة، دار الفكر العربي، 1984، ص 65 وما بعدها.

[32]- للمزيد من التفصيل حول الطلبات الإضافية والمضادة يراجع في هذا الصدد:

- عبد الكريم الطالب، الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية، المطبعة والوراقة الوطنية، نشر وتوزيع مطبوعات المعرفة، مراكش، طبعة 2012.

[33]- المصطفى الكيلة، م س، ص 218.

[34]- قرار عدد 3013 صادر بتاريخ 21 يونيو 2011 في الملف المدني عدد 667/1/1/2010، غير منشور.

[35]- بالإضافة إلى بعض الدفوع الأخرى التي قد لا تنصب لا على الشكل ولا على الجوهر كالدفع بعدم الاختصاص الذي يعتبر دفعا مستقلا والدفع بإيقاف البت والدفع بالإحالة للارتباط.

[36]- الفصل 34 من ظهير التحفيظ العقاري.

[37]- قرار عدد 2530 مؤرخ في 28/09/2005 ملف مدني عدد 4170/1/1/2003، أورده عمر أزوكار، م س، ص 194.

[38]- عمر أزوكار، م س، ص 196.

[39]- قرار عدد 2462 مؤرخ في 26/07/2006 ملف مدني عدد 4176/1/1/2005، أورده المصطفى الكيلة، م س، ص 224.

[40]- قرار عدد 5194 مؤرخ في 14/12/2010 ملف مدني عدد 3709/1/1/2009، أورده عمر أزوكار، م س، ص 197.

[41]- قرار عدد 2286 في الملف المدني عدد 17 ماي 2011 في الملف المدني 3127/1/1/2009، غير منشور.

[42]- ويتعين الإشارة إلى أن هذا الفصل يتعلق بالمسطرة أمام محكمة الاستئناف، غير أنه أحال عليه أيضا الفصل 45 من نفس القانون المتعلق بالمسطرة أمام المحكمة الابتدائية.

[43]- غير أنه حتى في القضايا العادية فإن إصدار الأمر بالتخلي لا يعتبر إلزاميا، وقد كرست هذا اجتهادات قضائية منها قرارات صادرة عن المجلس الأعلى ذهب من خلالها إلى أن عدم إصدار الأمر بالتخلي لا يعتبر إخلالا مسطريا مضرا بالأطراف، منها:

- قراره عدد 1007 صادر بتاريخ 10/02/1985، أورده عبد العزيز توفيق، شرح قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي، ج 2، م س، ص 111.

[44]- الفقرة الأولى من الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري.

[45]- قرار عدد 3033 صادر بتاريخ 26/12/2005 في الملف المدني عدد 2714/1/1/2005، أورده المصطفى الكيلة، م س، ص 240-241.

[46]- قرار عدد 3829 صادر بتاريخ 13 شتنبر 2011 في الملف المدني عدد 4859/1/1/2009، غير منشور.

[47]- قرار عدد 3443 صادر بتاريخ 1/12/2004 في الملف المدني عدد 3450/1/1/2003، أورده المصطفى الكيلة، م س، ص 241-242.

[48]- سمرة محدوب، الازدواجية الاجرائية أمام قضاء التحفيظ العقاري، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بوجدة، السنة الجامعية 2012-2013، ص 103.

[49]- المصطفى الكيلة، م س، ص 228.

[50]- المصطفى الكيلة، م س، ص 229-230-231.

[51]- قرار عدد 2835 صادر بتاريخ 6/10/2004، في الملف المدني عدد 3334/1/1/2003، أورده المصطفى الكيلة، م س، ص 229-230.

[52]- قرار عدد 1159 بتاريخ 26/3/2008، في الملف المدني عدد 130/1/1/2005، أورده المصطفى الكيلة، م س، ص 230.

[53]- تنص هذه الفقرة على أنه: "إذا قبل التعرض أثناء جريان الدعوى من طرف طالب التحفيظ أو المستفيد من حق تم التصريح به طبقا للفصل 84، أو تنازل المتعرض عن تعرضه فإن المحكمة المعروض عليها النزاع تشهد بذلك القبول أو التنازل وتحيل الملف على المحافظ على الأملاك العقارية، الذي يقوم عند الاقتضاء، بالتحفيظ مع اعتبار اتفاقات الأطراف أو تصالحهم".

[54]- عبد العزيز حضري، م س، ص 8.

[55]- قرار عدد 2477 صادر بتاريخ 21/10/1992 في الملف عدد 1023/90، أورده عبد العزيز توفيق، قضاء المجلس الاعلى في التحفيظ خلال أربعين سنة، م س، ص 257 وما بعدها.

وأيضا:

- قراره عدد 2033 صادر بتاريخ 5/8/1992، في الملف عدد 2397/89، أشار إليه بوبقين الحسن، إجراءات التبليغ فقها وقضاء، طبعة النجاح الجديدة، الطبعة الأولى، 2002، ص 261، أورده المصطفى الكيلة، م س، ص 237.

[56]- غير أنه من الناحية العملية لم نعتر على أي حكم أو قرار قضائي أدان طالب التحفيظ أو المتعرض بالغرامة المذكورة في الفصل 48 من ظهير التحفيظ العقاري.

[57]- ينص الفصل 35 من ظهير التحفيظ العقاري على أنه: "عندما يرى القاضي المقرر أن القضية أصبحت جاهزة يخبر الأطراف بيوم الجلسة العلنية التي ستعرض فيها...".

[58]- الفقرة الأولى من الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري.

[59]- الفقرة الأولى من الفصل 45 من ظهير التحفيظ العقاري.

[60]- ينص الفصل 343 من قانون المسطرة المدنية على أنه: "يأمر الرئيس بجعل القضية في المداولة بعد انتهاء المناقشة والاستماع عند الاقتضاء للنيابة العامة في مستنتجاتها الكتابة أو الشفوية".

[61]- قرار رغم 163 صادر بتاريخ 20/4/1960، أورده عبد العزيز حضري، تطبيق قواعد المسطرة المدنية أمام قضاء التحفيظ العقاري، م س، ص 18-19.

[62]- حكم صادر بتاريخ 22/10/2014 في الملف العقاري عدد 97/1403/2013، غير منشور.

[63]- وفقا لمقتضيات الفصلين 441.

[64]- إبراهيم باحماني، م س، ص 72.

[65]- عمر أزوكار، م س، ص 212.

[66]- قرار عدد 2776 مؤرخ في 16/07/2008، ملف مدني عدد 3708/1/1/2006، أورده عمر أزوكار، م س، ص 212.

[67]- قرار عدد 1107 مؤرخ في 09/03/2010، ملف مدني عدد 2052/1/1/2008، أورده عمر أزوكار، م س، ص 214.

[68]- تنص الفقرة الثانية من الفصل 134 من ق م م، على أنه: "يجب أن يقدم استئناف أحكام المحاكم الابتدائية خلال ثلاثين يوما..".

[69]- ينص الفصل 141 من ق م م على أنه: "يقدم الاستئناف أمام كتابة ضبط المحكمة الابتدائية التي أصدرت الحكم المطعون فيه.

يثبت وضع المقال بكتابة الضبط في سجل خاص ويوجه مع المستندات المرفقة به دون مصاريف إلى ... - كتابة ضبط محكمة الاستئناف المختصة ..

يسلم كاتب الضبط وصلا للأطراف الذين يطلبونه. وتعتبر النسخة الحاملة لطابع كتابة الضبط بمثابة وصل".

[70]- قرار عدد 3168 مؤرخ في 03/10/2007 ملف مدني عدد 4034/1/1/2006، غير منشور، أورده عمر أزوكار، م س، ص 216.

[71]- قرار المجلس الأعلى عدد 432 صادر بتاريخ 9/2/2005 في الملف المدني عدد 1005/1/1/2004، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد المزدوج 64-65، ص 55 وما بعدها.

[72]- "حيث يعيب الطاعن على القرار خرق مقتضيات الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية، ذلك أنه أثار انعدام صفة طالب التحفيظ أمام المحكمة مصدرة القرار بكون مطلب التحفيظ قدم أمام المحافظ على الأملاك العقارية ببركان بتاريخ 17/09/1990 في اسم بنمسعود محمد غير أنه بالرجوع إلى شهادة الوفاة الصادرة عن ضابط الحالة المدنية لبلدية السعيدية بتاريخ 10/04/2002 يتبين أن محمد بنمسعود كان قد توفي يوم 24/12/1988 قبل سنتين من تاريخ تقديم المطلب إلا أن القرار لم يناقش ذلك.

لكن، ردا على الوسيلة أعلاه فإن لا مجال للاستدلال في النازلة بالفصل الأول من قانون المسطرة المدنية ما دامت المحكمة في قضايا التحفيظ العقاري إنما تبت في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرض ونوعه ومحتواه ومداه طبقا للفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري المطبق في النازلة. الأمر الذي تكون معه الوسيلة غير جديرة بالاعتبار".

- قرار عدد 4375 مؤرخ في 19/10/2010، ملف مدني عدد 389/1/1/2009، أورده عمر أزوكار، م س، ص 218.

[73]- قرار عدد 20 بتاريخ 27/4/2006 ملف رقم 1663/6/05، أورده عمر أزوكار، م س، ص 217.

[74]- قرار رقم 4725 صادر بتاريخ 26/09/1995 في الملف رقم 2740/90، أورده عبد العزيز توفيق، التشريع العقاري والضمانات، توزيع مكتبة الرشاد بسطات، الطبعة الأولى 2012، ص 172.

[75]- قرار عدد 2057 مؤرخ في 04/05/2010 ملف مدني عدد 1207/1/1/2008، أورده عمر أزوكار، م س، ص 219-220.

[76]- قرار عدد 3774 مؤرخ في 13/12/2006 ملف مدني عدد 2542/1/1/2006، أورده عمر أزوكار، م س، ص 220.

[77]- قرار عدد 3469 مؤرخ في 24/10/2007 في الملف المدني عدد 3532/1/1/2006، أورده عمر أزوكار، م س، ص 221.

[78]- الطيب الفصايلي، م س، ص 185.

[79]- قرار عدد 167 مؤرخ في 16/01/2008 ملف مدني عدد 114/1/1/2006، أورده عمر أزوكار، م س، ص 244.

[80]- قرار عدد 581 مؤرخ في 25/02/2004 ملف مدني عدد 2935/1/1/2003، أورده عمر أزوكار، م س، ص 244.

[81]- قرار عدد 3806 مؤرخ في 21/01/2007 ملف مدني عدد 2/1/1/2005، أورده عمر أزوكار، م س، ص 245.

[82]- قرار عدد 3427 مؤرخ في 24/08/2010 ملف مدني عدد 4564/1/1/2008، أورده عمر أزوكار، م س، ص 245.

[83]- قرار عدد 4115 مؤرخ في 05/10/2010 ملف مدني عدد 4504/1/1/2008، أورده عمر أزوكار، م س، ص 245-246.

[84]- قرار عدد 4741 مؤرخ في 09/11/2010 ملف مدني عدد 2750/1/1/2009، أورده عمر أزوكار، م س، ص 247.

[85]- قرار عدد 1719 مؤرخ في 8/6/2005 ملف مدني عدد 3766/1/1/2004، أورده عمر أزوكار، م س، ص 249.

[86]- قرار عدد 5214 مؤرخ في 14/12/2010 ملف مدني عدد 3030/1/1/2010، أورده عمر أزوكار، م س، ص 253-254.

[87]- قرار عدد 4218 مؤرخ في 08/11/200 ملف مدني عدد 1748/1/1/99، منشور بمجلة الاشعاع العدد 26، دجنبر 2002، ص 3 وما بعدها.

[88]- قرار عدد 396 مؤرخ في 31/01/2007 ملف مدني عدد 2999/1/1/2005، أورده عمر أزوكار، م س، ص 230.

[89]- قرار عدد 904 مؤرخ في 22/3/2006 ملف مدني عدد 4343/1/1/2004، أورده عمر أزوكار، م س، ص 230.

[90]- قرار عدد 2062 مؤرخ في 04/05/2010 ملف مدني عدد 3061/1/1/2008، أورده عمر أزوكار، م س، ص 231.

[91]- عبد العزيز حضري، م س، ص 281-282.

[92]- المصطفى الكيلة، م س، ص 280-281.

[93]- المصطفى الكيلة، م س، ص 281.

[94]- جاء في الفقرة الثانية من الفصل 37 من ظهير التحفيظ ما يلي: "تبت المحكمة في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرضين وطبيعته ومشتملاته ونطاقه، وتحيل الأطراف للعمل بقرارها بعد اكتساب الحكم قوة الشيء المقضي به، على المحافظ على الأملاك العقارية الذي له وحده النظر في قبول أو رفض مطلب التحفيظ كلا أو بعضا مع الاحتفاظ بحق الطعن المنصوص عليه في الفصل 37 مكرر".

[95]- بحيث إن رفضه للتنفيذ بعد قبول الطعن في قراره الرافض للتنفيذ يكون شططا في استعمال السلطة وفقا لما ذهب إليه المجلس الأعلى في قراره عدد 337 الصادر بتاريخ 13/11/1981 في الملف الاداري عدد 887/83، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد 31، مارس 1981، ص 132-133.

تعليقات