العنوان : أثر الإكراه في
المعاملات المالية
المؤلف : محمد محمود المحمد
أثر الإكراه في المعاملات المالية
د. محمد محمود المحمد
أستاذ مساعد في المعهد العالي للتوجيه والإرشاد
المقدمـــة
الحمد لله رب العالمين الذي قال في محكم كتابه
العزيز ] وما
أوتيتم من العلم إلا قليلا [(1) نحمده ونستعينه ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا ومن سيئات أعمالنا وأشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد أن
محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم وسار على
نهجهم واقتفى أثرهم الى يوم الدين ... أما بعد :
فإن
الشريعة الإسلامية استهدفت صيانة الاركان الخمسة الضرورية للحياة البشرية وهي :
( الدين
ـ النفس ـ العقل ـ النسل ـ المال ) ومن المعلوم أن الله سبحانه وتعالى لا يشرع الا
ما يكون فيه تحقيق هذه المصالح الشرعية في العاجل والآجل. وفي ذلك يقول الشاطبي
(إن وضع الشرائع إنما هو لمصالح العباد في العاجل والآجل معاً ، واعتمدنا في ذلك
على استقراء وتتبع الأحكام الشرعية ، فوجدنا أنها وضعت لمصالح العباد ، فإن
الله سبحانه وتعالى يقول في بعثة الرسل ] رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على
الله حجة [ ([1]2) ([2]3) ويقول سبحانه
مخاطباً نبيه ] وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين [ ([3]4) وغيرها من
النصوص التي تدل على هذا المعنى .
فكان من رحمة الله تعالى بالناس في التشريع أنه
قصد من جملة مقاصده حفظ التوازن بين مصالح الأفراد والجماعات وتنظيم العقود
والتصرفات على ما هي عليه في الشريعة الإسلامية إنما يقصد منه إقامة العدل ومنع
المنازعات وحفظ الحقوق المالية وعدم الاعتداء عليها ، ونهي الشارع عن الربا
والميسر والغرر إنما هو لمنع الظلم ، وحرم الاعتداء على حقوق العباد وحرم أكل
أموال الناس بالباطل ومنع كل ما يؤدي إلى نزاع وقطيعة بين الناس ، لأن الله تعالى
جعل الرضا أساس العقود فإذا أختل الرضا أختلت تلك العقود ، قال تعالى
] يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا أموالكم
بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم
[ ([4]5) وقال
أيضاً ] فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه
هنيئاً
مريئاً [ ([5]6) وقال رسول الله r ( لا يحل مال أمرئ مسلم إلا عن طيب نفس) ([6]7) وقال عليه السلام ( إنما البيع عن تراض) ([7]8) وكما أن
الشريعة الإسلامية رفعت عن الإنسان إثم ما أكره عليه من الأمور المنافية للاعتقاد
الصحيح والعبادة السليمة فقد حكمت على كل ما أكره عليه من التصرفات حكمها الذي هو
محل بحثنا إن شاء الله تعالى ألا وهو : أثر الإكراه في المعاملات المالية .
ويشتمل
على ثلاثة مباحث هي :
المبحث
الأول : تعريف الإكراه وشروطه وأركانه وأقسامه .
المبحث
الثاني : أثر الإكراه في التصرفات الشرعية .
المبحث
الثالث : الأحكام التبعية المترتبة على الإكراه .
المبحث الأول
تعريف الإكراه وأركانه ، وأقسامه وشروطه
أ- تعريف
الإكراه لغة وشرعاً
التعريف اللغوي : هو حمل الشخص على فعل يكرهه([8]9) .
وشرعاً : هو (اسم لفعل يفعله المرء بغيره فينتفي
به رضاه او يفسد به اختياره من غير أن تنعدم به الأهلية في حق المكره أو يسقط عنه
الخطاب)([9]10) .
ب- أركان
الإكراه :
للإكراه أربعة أركان هي : مكرِه ، ومكرَه ، ومكره
به أو وسيلة الإكراه، ومكره عليه أو التصرف المطلوب بالإكراه ([10]11) .
ج- أقسام
الإكــــراه :
لقد قسم الفقهاء الإكراه إلى انواع، ولكل مذهب
تقسيم قد اصطلح عليه وبنى عليه احكام الاكراه كالآتي :
أقسام الإكراه عند الحنفية :
قسم الحنفية الإكراه على نوعين هما :
أولاً : الإكراه الملجئ أو الكامل، وهو الذي لا يبقى
للشخص معه قدرة ولا اختيار كأن يهدد بقتلٍ او قطع عضو ، وحكمه أنه يعدم الرضا ويفسد
الاختبار ويلجئ الفاعل الى مباشرة التصرف المطلوب .
ثانياً : الإكراه غير الملجئ آو الناقص، وحكمه انه يعدم
الرضا ولا يفسد الاختيار كأن يهدده بالضرب او الحبس وغير ذلك مما لا يفضي إلى
إتلاف نفس او عضو([11]12).
وهذا النوع من الإكراه لا يؤثر إلا في التصرفات
التي يحتاج فيها الى الرضا كالبيع والاجارة([12]13) .
وقد ذكر فخر الاسلام البزدوي نوعاً ثالثاً من
الاكراه وهو : إكراه لايعدم الرضا ولايفسد الاختيار، لكنه يوجب غماً للشخص ، وذلك
كمن هدد بحبس أبيه أو ابنه أو زوجته أو يجري مجراه، وهذا هو الاكراه الادبي لكن
جمهور الحنفية لايعتبرون هذا النوع في الاصح. فقد قال السرخسي: إن هذا القسم غير
داخل في هذا المعنى شرعاً، لعدم ترتب احكام الاكراه عليه، وانما هو داخل في معنى
الاكراه لغة([13]14)
.
(وذهب
الاخرون الى كون الاكراه الادبي، اكراهاً معتبراً، عن طريق الاستحسان، فهو اكراه
شرعاً، ولا يخرج عن دائرة التقسيم الاول فقد يكون الاكراه الادبي ملجئاً، وقد يكون
غير ملجيء ، فقتل الولد وانتهاك العرض، يلجي المكره للتصرف، وحبس الولد والاخ
حبساً مؤقتاً، او ضربه ضرباً غير متلف، لا يلجيء، وبذلك يصبح النوع الثالث لا داعي
له)([14]15) .
تقسيم
الاكراه عند الشافعية والحنابلة ([15]16) :
لقد قسموا الاكراه على نوعين ايضاً هما :
1- اكراه بحق ، كمن اكره على بيع ماله لوفاء
دينه، فإنه يصح ولا تنقطع به نسبة الفعل عن الفاعل، إقامة لرضا الشرع مقام رضاه .
2- اكراه بغير حق ، وهذا على قسمين :
الاول : اكراه على فعل اباح الشارع الاقدام عليه بسبب
الاكراه، وحكمه : انقطاع نسبة الفعل عن الفاعل سواء كان قولاً او فعلاً([16]17) (لأن صحة
القول إنما تكون بقصد المعنى، وصحة الفعل إنما تكون باختياره والاكراه يفسدهما،
ونسبة الفعل الى الفاعل من غير رضا، اضرار به فعلى هذا الاساس يلزم ان لا يصح بيعه
ولا نكاحه ولا طلاقه ولا أي تصرف من هذا النوع . ثم إذا امكنت نسبته الى الحامل
نسب اليه كما لو اكره إنسانٌ إنساناً على إتلاف مال غيره، كان الضامن هو الحامل،
وإذا لم تمكن نسبته الى الحامل لغا، مثل الطلاق والعتق والبيع والاقرار )([17]18).
الثاني : اكراه على فعل لم يبح الشارع الاقدام عليه
بالاكراه، كالاكراه على القتل والزنا، وحكمه: أنه لاتنقطع نسبة الفعل عن الفاعل،
فيقتص منه في القتل لمباشرته القتل، ويقام عليه الحد في الزنا، وعند الشافعي رحمه
الله يقتص ايضاً من الحامل في حال القتل للتسبب([18]19) .
أقسام الاكراه
عند الظاهرية :
لقد قسم
الظاهرية الاكراه الى قسمين :
الاول : إكراه على كلام ، لا يجب به شيء على المكرَه وان
قاله، وذلك كالكفر والقذف والاقرار والنكاح والرجعة والطلاق والبيع والابتياع
والنذر والايمان والعتق والهبة ونحو ذلك ، لأنـه حاك للفظ الذي أُمر ان يقوله ولا
شيء على الحاكي بلا خلاف، وقد قال رسـول الله r (إنما الاعمال بالنيات وانما لكل أمرئٍ ما
نوى)([19]20) (فصح ان كل
من اكره على قول ولم ينوه مختاراً له فإنه لايلزمه)([20]21) .
الثاني : إكراه على فعل، وهو على نوعين :
أ- الإكراه على فعل نتيجة الضرورة، كالأكل والشرب
يبيحه الإكراه لأن الإكراه ضرورة، فمن إكره على ما تبيحه الضرورة فلا شيء عليه،
لأنه أتى مباحاً له اتيانه .
ب- الاكراه على ما لا تبيحه الضرورة، كالقتل
والجراح، والضرب وافساد المال، فهذا لا يبيحه الاكراه، ويلزمه القود والضمان ان
قام بفعله، لأنه اتى محرماً عليه اتيانه([21]22) .
د-
شـــــروط الإكـــــــراه
يشترط في الاكراه شروط منها ما يرجع الى المكرِه
ومنها ما يرجع الى المكرَه ومنها ما يرجع الى المكره به ومنها ما يرجع الى المكره
عليه .
أولاً :
شروط المكرِه يشترط فيه شرط واحد هو :
- أن يكون قادراً على ايقاع ما هدد به، والا كان
التهديد هذياناً لا قيمة له وهذا الشرط متفق عليه عند الفقهاء([22]23)، إلا انهم
اختلفوا فيمن هو قادر على تنفيذ ما هدد به على قولين :
الاول :ذهب الامام ابو حنيفة والامام احمد في احدى
روايتيه والشعبي الى أن الاكراه لايتحقق إلا من السلطان، لأن القدرة لا تكون بلا
منعه،والمنعة هي للسلطان ، فلا يستطيع غيره ان يحقق ماهدد به([23]24).
الثاني : ذهب الجمهور([24]25) إلى أن
الاكراه يتحقق من السلطان ومن غيره ممن يقدر على تنفيذ ما هدد به، وبهذا قال صاحبا
ابي حنيفة وعليه الفتوى في المذهب. لأن كل متغلب، قادر على الحاق الضرر بالغير،
وقالوا : إن كلام الامام أبي حنيفة رحمه الله محمول على ما شهد في زمانه من ان
القدرة والمنعة منحصرة في السلطان ثم تغير الحال بعد زمانه، فصار لكل مفسد قوة
ومنعة لفساد الزمان، فيكون الاختلاف بينهم اختلاف عصر وزمان لا اختلاف حجة وبرهان([25]26).
ثانياً :
شروط المكرَه هي :
1- خوف المكره من جهة المكرِه في تنفيذ ما هدد به
. وهذا متفق عليه عند الفقهاء. إلا أنهم اختلفوا في تحقق الاكراه قبل أن ينال
المكرَه شيء من العذاب على قولين :
الاول : ذهب الامام احمد بن حنبل في احدى روايتيه وبعض
المالكية الى ان الاكراه لا يتحقق الا اذا نال المكرَه شيئ من العذاب كالضرب او
الخنق او عصر الساق وما اشبهه([26]27) .
وحجتهم :
1. ما روي
ان المشركين اخذوا عماراً فأرادوه على الشرك، فأعطاهم، فأنتهى اليـه النبي r وهـو يبكي فجعل يمسح الدموع عن عينيه ويقول
(اخذك المشركون فغطوك في الماء ، وامروك ان تشرك بالله ففعلت، فإن اخذوك مرة اخرى
فافعل ذلك بهم )([27]28).
2. ماروي أن
عمر tقال:ليس الرجل اميناً على نفسه إذا اجعته او
ضربته أو وثقته ، وهذا يقتضي وجود فعل يكون به إكراهاً([28]29) .
الـقول الثاني : ذهب الجمهور([29]30) الى ان
الاكراه يتحقق اذا غلب على ظنه بأن المكرِه سينفذ ما هدده به، ولا يشترط ان يناله
شيء من العذاب.
وحجتهم :
1. أن الظن
الغالب حجة يعمل بها، ولا سيما اذا تعذر الوصول الى اليقين، حتى انه لو كان ظن
المكرَه الغالب عدم ايقاع ما تهدد به لا يثبت حكم الإكراه، لأن غلبة الظن معتبرة
عند فقد الادلة([30]31)،
(ولأن الاكراه لا يكون إلا بالوعيد، فإن الماضي من العقود لا يندفع بفعل ما اكره
عليه ولا يخشى من وقوعه، وإنما أبيح له فعل المكره عليه دفعاً لما يتوعده به من
العقوبة فيما بعد، وهو في الموضعين واحد، ولأنه متى توعده بالقتل وعلم أنه يقتله،
فلم يبح له الفعل أفضى الى قتله، والقائه بيده الى التهلكة، ولا يفيد ثبوت الرخصة
بالاكراه شيئاً . . . وثبوت الاكراه في حق من نيل بشيء من العذاب لا ينفي ثبوته في
حق غيره )([31]32)
.
2. ما اخرجه
ابن حزم قال روينا من طريق حماد بن سلمة حدثنا عبد الملك بن قدامـة الجمحي حدثني
ابي (ان رجلاً تدلى يشتار([32]33) عسلاً فحلفت
له أمرأتـه لتقطعن الحبـل او ليطلقها ثلاثاً فطلقها ثلاثاً فلما خرج اتى عمر بن
الخطاب t
فأخبره فقال له : ارجع الى أمرأتك
فإن هذا ليس طلاقاً )([33]34) ووجه
الدلالة فيه ان هذا الرجل لم يدعها تقطع الحبل ليناله شيء من العذاب لكي يتحقق
الاكراه ، لكنه بمجرد غلبة ظنه أنها ستقطع الحبل إذا أمتنع من طلاقها اعتبر
مكرهاً([34]35) .
3. عجز
المكرَه عن دفع الضرر وتخليص نفسه باي وسيلة كالهرب او الاستغاثة او المقاومة، فإن
استطاع تخليص نفسه بشيء من ذلك لم يكن مكرهاً([35]36).
وجاء في البحر الرائق نقلاً عن العتابية (إذا
أخذه واحد في الطريق لا يقدر فيه على غوث يكون اكراهاً)([36]37) .
4. الا
يخالف المكرَه المكرِهَ فيما اكرهه عليه بالزيادة او النقص. وللفقهاء في هذا الشرط
اقوال :
قال
الحنفية : إن اكره
على شيء فأتى بأنقص مما اكره عليه يعتبر مكرهاً، قال السرخسي ( وإن اكره على ان
يقر لرجل بألف درهم فأقر بخمسمائة كان باطلاً، لأنهم حين اكرهوه على الف فقد
اكرهوه على اقل منها فالخمسمائة بعض الالف، ومن ضرورة امتناع صحة الاقرار بالالف
إذا كان مكرهاً امتناع صحة اقراره بما هو دونه)([37]38) .
اما في حالة الزيادة او فعل غير المكره عليه فلا
يكون مكرهاً وانما يكون طائعاً مختاراً([38]39) .
وقال
الشافعية : فلو
اكره على ان يطلق ثلاثاً او على صريح او تعليق او على ان يقول طلقت او على طلاق
مبهمه فخالف (بأن وحَّدَ او ثَنَّى او كَنَّى او نَجَّزَ او صرَّح او طلق معيَّنة،
وقع الطلاق )([39]40).
وقال
الحنابلة :ان اكره
على طلاق معينة فطلق غيرها، او اكره على طلقة فثنى او ثلث وقع الطلاق، لأنه غير
مكره على الزيادة او على غير المعينة .
وإن قصد إيقاعه دون دفع الاكراه، وقع، لأنه قصده
واختاره، قال ابن قدامة (ويحتمل الا يقع ، لأن اللفظ مرفوع عنه، فلا يبقى الا مجرد
النية، فلا يقع بها الطلاق )([40]41) .
وان طلق ونوى به غير أمرأته او تأول في يمينه فله
تأويله، ويقبل قولـه في نيته، لأن الاكراه دليل على اكراهه، حتى لو لم يتأول
وقصدها بالطلاق لم يقع، لأنه معذور، وقد لا يحضره التأويل في تلك الحال فتفوت عليه
الرخصة([41]42) .
وقال
المالكية : لا
تعتبر المخالفة في الاكراه، فلو خالف المكرِه في الفعل المطلوب منه وأتى بغيره كان
مكرها مهما كان نوع المخالفة وسواء حدثت في جنس الفعل او في غيره قال في تبصرة
الحكام (ولو اكره على ان يبيع امته من فلان فوهبها له، او على ان يقر له بالف فوهب
له ألفاً فذلك كله باطل)([42]43).
وقال في توضيح الاحكام (من اكره على ان يطلق طلقه
فطلق ثلاثاً، او على ان يعتق عبداً، فاعتق اكثر، او على ان يطلق زوجته فأعتق عبده
او عكسه ، فالظاهر عدم لزوم شيء من ذلك له )([43]44) وذلك لأن
المكرَه في نظرهم قد اصبح كالمجنون حال إكراهه فلا يصح منه تصرفه([44]45) .
5. ان يكون
المكره ممتنعاً عن الفعل الذي اكره عليه قبل الاكراه، اما لتعلق حقه به كبيع ماله،
واما لتعلق حق الغير به، كإتلاف مال الغير ، واما لتعلق حق الشرع به، كشرب الخمر
والزنا والقتل ونحوه مما حرمه الشارع([45]46) .
ثالثاً :
شروط المكره عليه
1. إجراء
المكرَه عليه في حضور المكرِه او نائبه لكي يكون الاكراه معتبراً اما اذا غاب
المكرِه او نائبه ثم قام المكرَه بالتصرف المأمور به فلا يعتبر اكراهاً، لأنه
حينئذ يكون قد فعله طوعاً بعد زوال الاكراه([46]47). هذا عند
الحنفية.
اما الجمهور فلم يشترطوا هذا الشرط ، واعتبروا
الاكراه حاصلاً بمجرد حصول الخوف مع غلبة الظن بتنفيذ ما هدد به ولو لم يحضر
المكرِه او نائبه وقت التنفيذ، لأن عدم حضوره لا ينافي قدرته على الايقاع به([47]48) .
2. اشترط
الشافعية ان يكون المكره عليه معيناً([48]49)، فلو اكره
على احد أمرين كأن يكرَه على بيع داره او سيارته فباع احدهما، لا يعتبر
مكرهاً (لأنه طلب على سبيل الابهام فعين،
وبما انه اختار احد افراد المكره عليه فهو مختار في ذلك، لذلك وقع تصرفه )([49]50) .ولم يشترط
الجمهور([50]51) هذا الشرط .
رابعاً : شروط المكره به
1. ان يكون
المكره به متلفاً نفساً او عضواً او مالاً او متضمناً أذى بعض الناس الذين يهمه
امرهم كالتهديد بحبس الاب او الام او الزوجة والولد او يلحق به غماً بعدم الرضا
بحسب حاله، فمن الناس من يغتم بكلام خشن وبعضهم لا يغتم إلا بالضرب المبرح([51]52) .
وقد ذكر الشافعية فيما يحصل به الاكراه سبعة وجوه
نذكرها مع الاشارة، الى آراء بقية المذاهب.
أحدها :
لايحصل إلا بالقتل .
الثاني
: القتل، او القطع، او ضرب يخاف منه الهلاك.
الثالث :
ما يسلب الاختيار، ويجعله كالهارب من الاسد الذي يتخطى الشوك والنار ولا يبالي
فيخرج عن الحبس .
الرابع
: اشتراط عقوبة بدنية يتعلق بها قود .
الخامس : اشتراط عقوبة شديدة تتعلق ببدنه، كالحبس
الطويل .
السادس : أن يحصل بما ذكر، وبأخذ المال، او
إتلافه، والاستخفاف بالاماثل واهانتهم كالصفع بالملأ، وتسويد الوجه . . . .)([52]53) .
والجمهور([53]54) يعتبرون
جميع هذه الوجوه مما يحصل به الاكراه، الا ان بعض الحنفية والحنابلة وبعض الزيدية([54]55) لا يعتبرون
اخذ المال او اتلافه اكراهاً الا ان يكون الاكراه على اخذ كل المال او اتلافه عند
من لايعتبره من الحنفية، وقيد الحنابلة عدم اعتباره اكراهاً بالمال القليل دون
الكثير، كما لا يعتبرون السب والشتم إكراهاً([55]56).
اما التهديد بحبس الوالدين او الاولاد او الزوجة
فقال بعض الحنفية وبعض الحنابلة([56]57) : ليس
اكراهاً ولا يعدم الرضا بخلاف حبس نفسه، أما عند الجمهور([57]58) فهو اكراه
قال البجيرمي (والاكراه بالتهديد بقتل بعض معصوم وإن علا أو سفل وكذا رحم ونحو جرحه
أو فجور به اكراه)([58]59) وذكر في
البحر نقلاً عن المحيط قوله (ولو اكره بحبس ابنه أو عبده على أن يبيع عبده أو يهبه
ففعل فهو إكراه استحساناً)([59]60)
الوجه السابع: (انه يحصل بكل ما يؤثر العاقل
الإقدام عليه، حذراً مما هدد به، وذلك يختلف باختلاف الأشخاص، والأفعال المطلوبة،
والأمور المخوف بها، فقد يكون الشيء إكراهاً في شيء دون غيره، وفي حق شخص دون
آخر)([60]61)
أما التهديد بالنفي عن البلد فإنه لايخلو إما أن
يكون فيه تفريق بينه وبين أهله أولا.فإن كان فيه تفريق بينه وبين أهله كان
إكراهاً، وإن لم يكن فيه تفريق فيه وجهان:
الأول: أنه إكراه، لأنه جعل النفي عقوبة كالحد، ولأن
مفارقة الوطن تلحق به ألماً أشد من الضرب ووحشة تفوق وحشة السجن.
والى هذا ذهب الزيدية.([61]62)
الثاني: لايعتبر النفي إكراهاً، لتساوي البلاد في حقه.([62]63)
2. أن يكون
المهدد به عاجلاً، فلو كان التهديد آجلا لم يتحقق الاكراه. وقد أختلف الفقهاء في
اعتبار هذا الشرط على قولين :
الأول: ذهب الشافعية وبعض الحنفية وبعض الحنابلة([63]64) الى أنه
يشترط كون المهدد به عاجلاً، لأن التأجيل
مظنه التخلص مما هدد به بالاستغاثة أو الاحتماء بالسلطان ونحوه.
الثاني: ذهب المالكية وبعض الحنفية([64]65) الى عدم
اشتراط كون المهدد به عاجلاً، وإنما يشترط أن يكون الخوف حالاً، بدليل أنه لو
هُددَ المكرَه ولم يخف من المكرِه لظنه
أنه غير جاد فيما هدد به لايكون مكرهاً حتى لو كان المكرِه جاداً في تنفيذ ما هدد
به، ولو هدده وكان هازلاً، وخاف المكرَه منه أعتبر الاكراه في حقه والله أعلم.
3. أن يكون
المهدد به أشد خطراً على المكرَه من التصرف او مما حمل عليه، وذلك بأن يهدد بالقتل
إذا لم يبع داره أو لم يؤجر فرسه أما إذا هدد بما هو أخف ضرراً من التصرف،
فلايعتبر عندئذٍ مكرهاً، كمن هدد بصفع الوجه إن لم يتلف ماله، وكان صفع الوجه
بالنسبة له أقل ضرراً من اتلاف ماله ([65]66). فهذا الشرط
في رأيي يختلف بأختلاف أحوال الناس بين من يتحمل الضرب أو الاهانة وبين من لايتحمل
وبين من له رتبة علم أو شرف وبين ذوي الدناءة، كما أنه يختلف بأختلاف الافعال
المطلوبة وملكيتها، فلو أكره الشريف بالصفع أو الشتم على بيع داره فباعها كان
مكرهاً، أما لو أكره على إتلاف مال الغير فلا يباح
له اتلافه ولا يعتبر مكرهاً، ولو أتلفه فعليه الضمان والله أعلم .
المبحث
الثاني
أثر
الأكراه في التصرفات الشرعية
التصرفات الشرعية إما أن تكون إقراراً أو انشاءً.
والتصرفات الانشائية نوعان:
النوع الأول: تصرفات لاتحتمل الفسخ.
النوع الثاني: تصرفات تحتمل الفسخ.
فأما التصرفات التي لاتحتمل الفسخ فهي: كالطلاق
والنكاح والظهار والنذر واليمين والعتاق والعفو عن القصاص والرجعة والإيلاء
والتدبير والاستيلاد والرضاع. وقد عدها أبو الليث ثمانية عشر، وأوصلها صاحب الدر
المختار الى العشرين([66]67). وأما
التصرفات التي تحتمل الفسخ فهي كالبيع والشراء والإجارة والهبة والصلح والإبراء
والوديعة والحوالة والشفعة والكفالة والوقف والوكالة والرهن([67]68) ونحوها فإذا
أكره انسان اكراهاً معتبراً شرعاً على تصرف يحتمل الفسخ فما حكم هذا التصرف؟
اختلف
الفقهاء في حكمه على ثلاثة أقوال:
القول
الأول:
ذهب الامام أبو حنيفة ومحمد وأبو يوسف الى أن
تصرفات المكره القولية في العقود التي تحتمل الفسخ يثبت بها العقد، لكنه فاسد([68]69)، ويكون
المكره بالخيار عند زوال الأكراه، فإن شاء أمضى العقد وإن شاء فسخه ورجع بالعين
التي أكره على التصرف بها، لأن الاكراه يعدم الرضا، والرضا شرط لصحة هذه العقود،
فصار كسائر الشروط المفسدة([69]70)، ويثبت
الملك بالقبض حتى لو تصرف المشتري بالعين تصرفاً لايمكن نقضه جاز ويلزمه القيمة
كما في سائر البياعات الفاسدة([70]71).
القول
الثاني:
ذهب المالكية وزفر من الحنفية وبعض الحنابلة([71]72) الى أن هذه
التصرفات بالأكراه صحيحة إلا أنها موقوفة على إجازة المكره. قال الخرشي (إن شرط
لزوم البيع أن يصدر من مكلف وهو الرشيد الطائع فإن صدر من غيره كصبي أو سفيه أو
مكره لم يلزم وإن صح )([72]73) فهذه
العبارة تدل على أن تصرف المكره صحيح إلا أنه موقوف على إجازته فإن شاء امضى وإن
شاء رد، ولا يثبت الملك للمشتري بقبض العين، لأن العقد الموقوف لايفيد ملكاً، قال
الدرديري (ورد المبيع عليه أي البائع إذا لم يمضه، ولا يفوت عليه ببيع ولا هبة ولا
عتق ولا إيلاء )([73]74)
القول
الثالث:
ذهب الجمهور([74]75) الى أن هذه
التصرفات مع الاكراه بغير حق باطلة غير صحيحة. قال الغزالي في البسيط (الإكراه
يسقط أثر التصرفات عندنا ) ([75]76) وقال ابن
حزم (الاكراه على الكلام لايجب به شيء وإن قاله المكره... لأنه في قوله ما أكره
عليه إنما هو حاك للفظ الذي امر به أن يقوله لاشيء على الحاكي بلاخلاف )([76]77)
الأدلـــــة :
أستدل جمهور الحنفية بان ركن البيع صدر من أهله
مضافاً الى محله، لأن الإيجاب والقبول صدر من المالك البالغ العاقل وصادف محله وهو
الملك إلا أنه فقد شرط التراضي فصار كغيره من الشروط المفسدة، لأن الرضا شرط نفاذ
هذه التصرفات، والأكراه يعدم الرضا، وانتفاء الشرط يترتب عليه انتفاء المشروط، وهو
النفاذ، فيفسد التصرف([77]78).
وعليه فإن بيع المكره واجارته وهبته ونحوها من
التصرفات القابلة للفسخ فاسدة، وله الخيار بعد زوال الإكراه([78]79).
واستدل أصحاب القول الثاني بأن الرضا شرط لصحة
هذه التصرفات، فإذا انعدم الرضا كانت هذه التصرفات موقوفة على إجازة المكره، فلو
أجاز ما اكره عليه بعد زوال الإكراه أصبح العقد صحيحاً، والعقد الفاسد لاينقلب
صحيحاً بعد الإجازة، ولا يرتفع فساده بها، فاشبه بيع الفضولي([79]80).
ورد عليه بالآتي :
1. (بان بيع
المكره يشبه البيع الموقوف من حيث توقفه على إجازة المالك له والبيع الفاسد من حيث
أنه صدر عن المالك مع عدم شرط جوازه، فمن حيث أنه يشبه البيع الموقوف ففي أي وقت
أجازة المالك يعود جائزاً ومن حيث إنه يشبه الفاسد يفيد الملك بعد القبض عملاً
بالشبيهين، وإنما عملنا على هذا الوجه لأنا متى أظهرنا شبه الموقوف في حق المالك
ولم يوجد الملك بعد القبض لايبقى لشبه الفاسد عمل فيتعطل العمل بالشبهين )([80]81)
2. إن بيع
المكره دون البيع بشرط الخيار، لأن البائع رضي بالسبب دون وصفه، أما المكره فغير
راض بأصل السبب أي بأصل البيع ([81]82). رد عليه
بان البائع بشرط الخيار غير راضٍ بالسبب في الحال، لأنه علقه بالشرط فلا يتم رضاه
به قبل وجود الشرط فكان أضعف من بيع المكره، لأن المكره قد رضي بالبيع لدفع الشر
عن نفسه، لكنه غير راض بحكم السبب، لأنه عرف الشرين فاختار أهونهما، فكان قاصداً
للبيع مختاراً له، لكن لالعينه بل لدفع الشر عن
نفسه([82]83).
3. إن حق
الاسترداد ثابت للمكره بعد زوال الإكراه حتى لو تداولته الأيدي يبقى له هذا الحق
بخلاف المبيع الفاسد، فإن البائع لايملك استرداده إذا تصرف المشتري فيه، فهو أشبه
بعقد الفضولي([83]84).
رد عليه بان الفساد في البياعات الفاسدة لحق
الشرع، فإذا تصرف فيها المشتري الاول تعلق بالبيع الثاني حق العبد (وهو المشتري
الثاني) وحقه مقدم على حق الله تعالى لحاجته واستغناء الله تعالى عنه، أما بيع
المكره فالرد فيه لحق العبد وقد تعلق بالبيع الثاني حق العبد أيضاً، وعليه فلا
يبطل الحق الأول لحق الثاني مع تساوي الحقين([84]85).
4. إن بيع
المكره كبيع الهازل، فلو تصادقا ان البيع بينهما كان هزلاً لم يملك المشتري المبيع
بالقبض، فكذلك إذا كان البائع مكرهاً([85]86).
رد عليه بأن الهازل غير راض بأصل البيع، لأن
البيع اسم للجد الذي يترتب عليه حكمة شرعاً، والهزل ضد الجد، فإذا تصادقا على
أنهما لم يباشرا ما هو سبب الملك وهو العقد مع توفر شروطه وأركانه، لاينعقد العقد
بينهما موجباً للملك، اما المكره فقد دعي الى الجد، وقد أجاب الى ذلك، لأنه لو أتى
بغير ما دعي اليه لكان طائعاً، فكان بيع المكره أقوى من بيع الهازل من هذا الوجه،
وإنما ينعدم الفعل في جانب المكره إذا صار الفعل منسوباً الى المكرِه، وذلك يقتصر
على ما يصلح أن يكون المكرَه فيه آلة للمكرِه، وفي البياعات لايصلح أن يكون هو آلة
للمكره، لأن التكلم بلسان الغير لايتحقق فيه أن يكون المكرِه مباشراً لهذه
التصرفات([86]87).
واستدل
أصحاب القول الثالث بما يأتي:
1. بقولـه
تعالى (إلا أنْ تكونَ تجارةً عنْ تراضٍ منكم)([87]88) فدلت الآية
على أنه إذا لم يكن عن تراض لم يحل الأكل.
2. بما روى
أبو سعيد الخدري t أن النبي r قال ( إنما البيع عن تراض )
([88]89) فدل على
أنـه لايصح البيع من غير تراض.
3. بما روي
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسـول الله r قال ( إن الله تجاوز لي عـن أمتي الخطأ
والنسيان وما أستكرهوا عليه )([89]90) .
4. لأنه
قول أكره عليه بغير حق فلم يصح كما لو أكره على كلمة الكفر([90]91)، فإذا سقط
الأعظم وهو الكفر عن المكره سقط ما هو أصغر منه([91]92). قال
الشوكاني: فكيف لايترك الواجب بالاكراه وكيف لاتبطل به المعاملة، فإن بطلانها مما
لاينبغي أن يتردد فيه متردد أو يشك فيه شاك، لأن المناط الشرعي في جميع المعاملات
هو التراضي كما قال عز وجل(إلا أن تكون تجارةً عن تراضٍ ) وأي رضاً يوجد مع
الإكراه ؟ ([92]93)
والذي يبدو لي أن ما ذهب اليه الجمهور من بطلان
تصرف المكره هو الراجح لعدم وجود الرضا، ولأنه أكل مال بالباطل. أما القول بفساد
التصرف أو توقيفه على إجازة المكره، أو جعل الخيار له بعد زوال الإكراه، فلا معنى
له لأن المكره في هذه الحالة إذا وجد مصلحة في إمضاء التصرف وكان راضياً فبإمكانه
أن يجدد العقد ويحدث بيعاً جديداً بعيداً عن الإكراه يظهر فيه رضاه وطيبة نفسه
والله أعلم .
المبحث
الثالث
الأحكام
التبعية المترتبة على الإكراه
عرفنا أن الإكراه يؤثر في التصرفات الشرعية إما
بالبطلان عند الجمهور او بتوقيف التصرف على الإجازة عند المالكية وزفر وإما
بالفساد عند أبي حنيفة وصاحبيه .
لكن هناك بعض الأحكام التبعية لهذه التصرفات لحق
المكره بعد زوال الإكراه وهي: حق الإجازة وحق الفسخ والإسترداد وحق إلزام الطرف
الثاني بضمان العين إذا تلفت حقيقة أو حكماً، وسوف نفرد لكل حق منها مطلباً
مستقلاً :
المطلب الأول: حق الإجازة
إذا زال الإكراه عن المكره فله الحق في إمضاء
تصرفاته التي وقعت حال الإكراه، وله الحق بفسخ هذه التصرفات وإسترداد ملكه فإذا
أمضى هذه التصرفات كان ذلك إجازة منه في إسقاط حقه في الفسخ.
والإجازة على نوعين :
إجازة قولية صريحة أو فعلية فالإجازة القولية
الصريحة أن يقول المكره أجزت البيع أو الإجازة أو الهبة أو أن يقول: أعطيت إجازة
به ونحو ذلك([93]94).
أما الإجازة الفعلية: فهي القيام بأي فعل يدل
دلالة ضمنية على إجازته لهذه التصرفات. فلو قبض المكره الثمن من المشتري بعد زوال
الإكراه كان إجازة منه في إمضاء العقد، لأن القبض طائعاً دليل على الرضا الذي هو
شرط صحة العقد([94]95).بخلاف
ما إذا قبض الثمن وسلم المبيع مكرهاً إنه لاينفذ البيع لعدم وجود الرضا. وعندئذٍ
عليه أن يرد الثمن إن كان قائماً في يده ويسترد المبيع، فلو تلف الثمن في يده فليس
عليه ضمان. قال في الكفاية (وإن كان هالكاً لايأخذ منه شيئاً، لأن الثمن كان أمانة المكره لأنه اخذه بإذن المشتري
والقبض متى كان بإذن المالك فإنما يجب الضمان إذا قبضه للتملك وهو لم يقبضه للتملك
لأنه كان مكرهاً على قبضه فكان أمانة)([95]96) أما المالكية
فقالوا: إذا هلك الثمن فلا تفريط مع وجود بينة على ذلك، فليس عليه شيء([96]97). فلو تلف
الثمن فلا تفريط ولم يكن له بينة فالظاهر لم يصدق في إدعائه ، وقيل يصدق بيمين
كالمودع([97]98).
ولو سلم المبيع طائعاً بعد زوال الإكراه كان
دليلاً على الاجازة، وذلك بأن يكون الاكراه على العقد لاعلى التسليم، لأن مقصود
المكره ما يتعلق به الاستحقاق لامجرد اللفظ، والاستحقاق في البيع يتعلق بالعقد
نفسه، وعليه لايكون الاكراه على العقد اكراه على التسليم، فيكون التسليم طائعاً
دليل الاجازة([98]99).
بخلاف ما إذا اكره على الهبة فإن الاستحقاق يجب بالقبض لابمجرد اللفظ، فيكون
الاكراه عليها إكراهاً على التسليم نظراً الى مقصود المكره([99]100). قال في
البحر (ويعتبر ذلك في أصل الوضع، لأن البيع وضع لإفادة الملك في الأصل، وإن كان في
الإكراه لايفيد لكونه فاسداً، والهبة لاتفيد الملك قبل القبض بأصل الوضع وتفيد
بعده سواء كانت صحيحة أو فاسدة فينصرف الاكراه في كل واحدة منها الى مايستحقه منه
في أصل وضعه)([100]101).وذهب
بعض الحنفية الى التفصيل في اعتبار القبض في الهبة. فقال سعدي جلبي
(إذا اكره على الهبة والتسليم فالهبة فاسدة، وإن اكرهه على الهبة لاغير فسلم
المكره بعد ذلك أو سلم والمكره حاضر فالقياس أن تجوز الهبة وتكون هبة طائع وفي
الاستحسان لاتجوز. ولو سلم والمكره غائب بحيث لايعود جازت الهبة استحساناً
وقياساً)([101]102).
وذهب
جمهور المالكية الذين قالوا بعدم لزوم تصرف المكره، بأن من حقه أن يجيز هذا التصرف
بعد زوال الإكراه قال الدسوقي (فيخير البائع إن شاء دفع الثمن للمشتري وأخذ سلعته
التي أكره على بيعها وإن شاء تركها وأمضى البيع )([102]103) .
المطلب الثاني: حق الفسخ والاسترداد
مما سبق عرفنا أن تصرف المكره ينعقد فاسداً أو
موقوفاً عند الحنفية والمالكية وعلى الحكمين كليهما يثبت للمكره حق الفسخ
والاسترداد بعد زوال الاكراه([103]104).
أما الجمهور الذين ألغوا تصرف المكره القولي، فلا
موجب للفسخ عندهم، لأن التصرف لم ينعقد ابتداءً
وتبقى العين على ملك صاحبها([104]105).
وبناءً على قول الحنفية والمالكية في جعل الحق
للمكره في الفسخ والاسترداد، ان هذا الحق لايبطل بموت المُكرَه ولا بموت المكرِه
بل ينتقل هذا الحق الى الورثة، فيقوم وارث المكرَه مقامه في الفسخ ويقوم وارث
المكرِه مقامه في رد المكره عليه أو في ضمانه من التركة حال هلاكه([105]106). كما أنه
لايبطل هذا الحق بالزيادة المنفصلة كالولد والثمرة، أما الزيادة المتصلة فمن باب
أولى عدم البطلان([106]107). فلو تصرف المشتري بالعين فهل يبطل حق صاحبها من
استردادها؟
ذهب المالكية الى أن حق المكره ثابت في الاسترداد
ولا يقطع هذا الحق تصرف المشتري في العين مهما كان نوع هذا التصرف، لأن الفساد كان
في جانبه فيكون الاسترداد من حقه وهو الذي يستقل به([107]108). قال
الدردير (ورد عليه ما جبر على بيعه أو على سببه ولا يفيته تداول أملاك ولا عتق ولا
هبة ولا ايلاد)([108]109).
أما الحنفية فقد فرقوا في نوع التصرف فقالوا: إذا
تصرف المشتري بالعين تصرفاً لايقبل الفسخ، فلاحق للمكرَه بالنقض والاسترداد،بل
ينتقل حقه الى المطالبة بالضمان، وعلى اعتبار العين بحكم الهالكة([109]110).
أما اذا تصرف بها تصرفاً يقبل الفسخ بعد قبضها من
المكرَه، فلا يبطل حقه في استردادها، حتى لو تداولتها الأيدي، فلو باع المشتري
العين من آخر وباعها الثاني من الثالث وباعها ثالث من غيره وهكذا فللمكرَه ان يفسخ
العقود
كلها([110]111). قال
السرخسي (ولوتناسخته عشر بيع بعضهم من بعض كان للمكره أن ينقض البيوع كلها ويأخذ
عبده، فإن سلَّم بيعٌ من هذه البيوع الأول أو الثاني أو الأخير جازت البيوع كلها،
لأن تسليمه اسقاط منه لحقه في استرداد
المبيع )([111]112).
المطلب الثالث:
حق الزام الطرف الثاني بضمان العين إذا تلفت
عرفنا أن للمكره حق استرداد العين المكرَه على
بيعها وإجارتها وهبتها ونحو ذلك من التصرفات، ولكن قد يتعذر الاسترداد لهلاكها أو
لتصرف المشتري بها تصرفاً لايقبل الفسخ عند الحنفية، فهنا ينقلب حق الاسترداد الى
الزام المكرِه أو المشتري ضمان العين، لأنها مقبوضة بعقد فاسد والمقبوض بعقد فاسد
مضمون بالمثل إن كان من المثليات وبالقيمة إن كان من القيميات كما هو الحال في
الغصب([112]113).
فالمكرَه مخير، إن شاء ضمن المكرِه وإن شاء ضمن المشتري، لأن كل منهما ساهم في
هلاك ماله، واحد منهما بالذات والآخر بالواسطة([113]114).
فإن ضمن المكرِه لكونه في حكم الغاصب رجع على
المشتري بقيمته، لأن المكرِه بعد ضمانه للعين ، قام مقام المكرَه، لأنه ملك العين
من وقت وجود السبب بالاستناد([114]115). وإن ضمن
المشتري فلا يرجع بما ضمن على أحد كما لايرجع غاصب الغاصب على أحد إذا ضمن، وذلك
لثبوت ملكه بالضمان والقبض، وإنما توقف نفوذه على سقوط حق المكرَه في الفسخ، فإذا
ضمنه نفذ ملكه فيه كسائر البياعات الفاسدة([115]116).
فإذا تصرف المكرِه بالعين وتداولته الأيدي ، كان
للمكرَه أن يضمن من شاء من المشترين ، فإن ضمنه المشتري الأول جازت البياعات كلها،
لأن العقد الأول صار صحيحاً فكأنه باع ملك نفسه([116]117). وإن ضمن
المشتري الثاني أو الخامس مثلاً، جازت البياعات التي بعده ولا تجوز البياعات التي
قبله وذلك لبقاء المعنى المفسد فيها بخلاف الإجازة، والفرق بينهما: أن المانع من
نفوذ التصرف حق للمكرَه وقد زال هذا الحق بإجازته، فعاد الكل الى الجواز بخلاف
الضمان([117]118)
فإن الضمان "يثبت المستند الى حين القبض لا ماقبله)([118]119) أي أن ملك
المشتري الذي ضمن أسند الى وقت قبضه العين لاقبل هذا الوقت. لذلك فلم يكن مسقطاً
حقه، لأن أخذ القيمة كأسترداد العين فتكون البياعات التي قبله باطلة([119]120)، (حيث
تأكد أن المشتري الأول لم يبع ملك نفسه، بل باع ملك غيره من غير رضائه، اما العقود
التي بعد العقد الذي ضمنت فيه العين فإنها صحيحة، لأن الشخص الذي ضمن العين، ظهر
أنه باع ملك نفسه، فيكون اسناد ملك المشتري الى وقت قبضه)([120]121).
ضمان الوكيل :
عرفنا أن المكره مخير، إن شاء ضمن المكره وإن شاء
ضمن المشتري، أما لو كان للمكرِه وكيل قام مقامه في اكراه المالك على البيع أو
الإجازة ونحوها، وكان مكرَهاً أيضاً من قبل موكله فهل عليه ضمان ام لا ؟ على
رأيين:
الأول: ذهب الحنفية الى أن اكراه الوكيل لايخلو من أن
يكون اكراهاً ملجئاً أو غير ملجيء. فإن كان الاكراه ملجئاً فليس على الوكيل ضمان،
لأنه مكره اكراهاً ملجئاً فلا يبقى في جانبه فعل معتبر، ويكون الضمان على المكرِه
خاصة إذا كان المالك والمشتري مكرهين أيضاً، ولا يرجع على الوكيل ولا على المشتري
بشيء، لأنهم صاروا كالآلة له.
أما إذا كان المالك والوكيل مكرهين فقط دون
المشتري، فالمالك عندئذٍ مخير إن شاء ضمن المشتري قيمة العين، لأنه قبض عينه بشراء
فاسد طائعاً، وإن شاء ضمن المكرِه، ويرجع بدوره على المشتري، لأنه قام مقام
المالك، ولأنه بعد ضمانه أصبحت العين ملكه([121]122).أما إذا
كان الاكراه غير ملجيء فالمالك بالخيار، إن شاء ضمن المشتري، وإن شاء ضمن الوكيل،
لأن الإكراه الناقص لايخرجه من أن يكون مباشراً للفعل، فإن ضمن رجع على المشتري
بما ضمن، لأنه قام مقام المالك، لأن العين أنتقلت ملكيتها اليه بالضمان([122]123).
الثاني: ذهب المالكية الى أن المالك مخير، إن شاء ضمن
المكرِه إذا ثبت أن الوكيل أدى المال اليه أو أنه أوصاه بقبضه. وإن شاء ضمن
الوكيل، ولا يلتفت الى قوله كنت مكرهاً وخفت على نفسي([123]124)، هذا (إذا
علم أن الظالم قبضه أو وكله من المضغوط أو المشتري أو جهل هل قبضه الظالم أو وكيله
أو رب المتاع، أو ثبت أن رب المتاع قبضه لكن لم يعلم هل دفعه للظالم أو أصرفه في
مصالحه أو بقي عنده، اما لو علم أن المكرَه أصرف الثمن في مصالحه أو أبقاه عنده أو
أتلفه باختياره في غير مصالحه لم يرد عليه
إلا الثمن)([124]125).
وبقي علينا أن نعرف وقت وجوب الضمان أو وقت تقدير
التعويض.
فالحنفية والمالكية قالوا: إذا اختار المكرَه
تضمين المكرِه فله أن يأخذ قيمته منه وقت تسليمه.
وإذا اختار تضمين المشتري فله أن يأخذ قيمته وقت
قبضه للعين أو وقت هلاكها حقيقة أو حكماً، لأنه أفسد عليه حق الاسترداد، وله أن
يختار الأكثر عند التفاوت([125]126).
أما الشافعية فقالوا: إن كانت العين من المتقومات
فالمعتبر: أقصى قيمة من الغصب الى التلف.وإن كان مثلياً، وتعذر المثل أخذ القيمة،
وفي أعتبارها أحد عشر وجهاً([126]127).
اصحها: أقصى القيم من الغصب الى تعذر المثل، وهذا
وجه عند الحنابلة.
الثاني: أقصى القيم من الغصب الى التلف، وهذا وجه
للإمامية والزيدية، قال الشوكاني (والأولى أن يكون مضموناً بأوفر القيم من وقت
الغصب الى وقت التلف، لأن هذه مظلمة فإذا زادت قيمة ذلك الشيء في بعض الأوقات فمن
الجائز أنه لو كانت باقية بيد المالك لباعه بهذه الزيادة)([127]128).
الثالث: يضمن قيمته يوم القبض. وهذا وجه عند
الحنابلة والزيدية والامامية.
الرابع: يأخذ قيمته يوم التلف، وهذا وجه للزيدية([128]129).
زوائد العين ونقصها
إذا حصل زيادة أو نقص في العين فحكمه حكم
الغصب.ففي حال النقص: إن كان هذا النقص بسبب فوت جزء من المبيع أو حصول عيب به،
يرد العين الى مالكها وارش ما نقص منها اتفاقاً([129]130).
إلا أن الشافعية قالوا: إن كان النقص غير مستقر
كطعام ابتل وخيف فساده ففيه وجهان: الاول: يأخذه مع ارش النقص كالنقص المستقر.
الثاني: يضمن مثل مكيلته لأنه يتزايد فساده الى
أن يتلف فصار كالمستهلك([130]131). أما
الزيدية فجعلوا الخيار للمالك إن شاء استرد العين وارش النقص، وإن شاء أخذ القيمة
وترك العين([131]132).
وإن كان النقص بسبب تراجع الاسعار فلا ضمان عليه،
لأن تراجع الاسعار يكون نتيجة فتور الرغبات في السلع دون فوت الجزء. هذا متفق عليه
بين الفقهاء([132]133)
إلا ما حكي عن أبي ثور أنه قال يلزمه أرش النقص أيضاً، لأنه يضمنه إذا تلفت العين
فكذلك يلزمه إذا ردها، كالسِمْنِ([133]134). ودليل
الجمهور هو أن الغاصب رد العين المغصوبة بحالها ولم ينقص منها جزء ولا صفة، فلم
يلزمه شيء ولأن حق المغصوب منه يتعلق بالعين وهي باقية كما كانت (ولأن الغاصب يضمن
ما غصب، و القيمة لاتدخل في الغصب، بخلاف زيادة العين، فإنها مغصوبة وقد ذهبت)([134]135).
أما في
حال الزيادة: فذهب الجمهور([135]136) الى أن
العين إذا ازدادت كأن تكون شجراً فاثمر أو جارية فولدت ثم تلفت هذه الزيادة، ضمنها
الغاصب سواء تلفت بمفردها أم مع اصلها، لأنها مال للمغصوب منه حصل في يد الغاصب
بالغصب، فيضمنه بالتلف كالأصل([136]137).
وذهب الحنفية والمالكية([137]138) الىان يد
الغاصب على الزوائد يد أمانة فليس عليه ضمان إلا إذا هلكت هذه الزيادة بتعديه،
لأنها غير مغصوبة فحكمها حكم الوديعة.
ويبـدو أن ماذهب اليه الجمهور هو الراجح لأن
العين تعتبر مغصوبة هي وما اشتملت عليه من زيادة ، ويكون الغاصب ملزماً بضمان
العين وما زاد عليها والله أعلم .
رقم محامي للاستشاره مجانا مكة
محامي احوال شخصية مكة
رقم محامي للاستشارة مجانا
محامي جنائي مكة
مكتب محامي مكة
محامي قضايا عمالية مكة
محامي لوجه الله في مكة
مستشار قانوني في مكة
الخــاتمــة
1. إن
الإكراه هو حمل إنسان على فعل أو على امتناع عن فعل بغير رضاه بغير حق.
وهو
قسمان : إكراه ملجئ وغير ملجئ عند
الحنفية .
: إكراه بحق وإكراه بغير حق عند الشافعية
والحنابلة .
: إكراه على كلام وإكراه على فعل عند الظاهرية .
2. الإكراه
يتحقق من السلطان ومن غيره ممن يقدر على تنفيذ ما هدد به بخلاف ما ذهب إليه الإمام
أبو حنيفة والإمام أحمد في إحدى روايتيه .
3. الإكراه
يتحقق إذا غلب على ظنه بأن المكره سينفذ ما هدد به ، ولا يشترط أن يناله شيء من
العذاب بخلاف ما ذهب إليه الإمام أحمد في إحدى روايته وبعض المالكية.
4. لا يشترط
قيام المكرَه بفعل المكرَه عليه في حضور المكرِه أو نائبه بل يعتبر إكراهاً بمجرد
حصول الخوف مع غلبة الظن بتنفيذ ما هدد به بخلاف ما ذهب إليه الحنفية .
5. لا يشترط
أن يكون المهدد به أشد خطراً على المكره من التصرف الذي حمل عليه بشكل مطلق بل هو
يختلف باختلاف أحوال الناس بين من يتحمل الضرب أو الإهانة وبين من لا يتحمل وبين
من له رتبه علم أو شرف وبين ذوي الدناءة ، كما أنه يختلف باختلاف الأفعال المطلوبة
وملكيتها .
6. التصرفات
الشرعية إما أن تكون إقراراً أو إنشاءً والتصرفات الإنشائية نوعان :
الأول : تصرفات لا تحتمل الفسخ : كالطلاق والنكاح
والظهار ونحو ذلك .
الثاني : تصرفات تحتمل الفسخ : كالبيع والشراء والإجارة
ونحو ذلك .
7. إن
تصرفات المكره التي تحمل الفسخ باطلة لعدم وجود الرضا بخلاف من قال بفسادها أو
صحتها وجعل الخيار للمكره بعد زوال الإكراه .
8. ذهب
المالكية والحنفية إلى إعطاء المكرَه حق الإجازة والفسخ لتصرفاته المكره عليها وحق
الاسترداد بخلاف ما ذهب إليه الجمهور من إبطال كل تصرفاته .
9. للمكرَه
حق إلزام المكرِه أو نائبه ضمان العين إذا تلفت .
المصـــــادر
1. الاختيار
لتعليق المختار تأليف عبد الله بن محمود بن مولود الموصلي الحنفي ، ط الثالثة
1395هـ ، دار المعرفة - بيروت - لبنان .
2. الأشباه
والنظائر للإمام جلال الدين عبد الرحمن السيوطي
(ت 911هـ) الطبعة الاخيرة 1378هـ 1959م ،
مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر .
3. الأشباه
والنظائر . تأليف العلامة زين الدين بن ابراهيم المعروف بابن نجيم الحنفي المتوفي
سنة 970هـ .
4. أصول
الفقه . تأليف الشيخ محمد الخضري بك ، دار الفكر - بيروت - 1409هـ 1988م .
5. أعلام
الموقعين تأليف شمس الدين محمد بن ابي بكر بن قيم الجوزيـة . راجعه وقدم له وعلق عليه طه عبد الرؤوف سعد ،
دار الجيل - بيروت - لبنان .
6. الإكراه
وأثره في التصرفات الشرعية ، تأليف الدكتور محمد سعود المعيني . الطبعة الأولى
1405 هـ 1985منشورات مكتبة بسام ، الموصل .
7. الأم
تأليف الإمام ابي عبد الله محمد بن ادريس الشافعي
150- 204هـ ، دار المعرفة للطباعة والنشر
- بيروت - لبنان ، الطبعة الثانية 1393هـ 1973م .
8. الإمام
زفر وآراؤه الفقهية تأليف الدكتور ابو اليقظان عطبنه الجبوري ، الطبعة الثانية
1406هـ-1986 ، دار الندوة الجديدة - بيروت
- لبنان .
9. الانموذج
في أصول الفقه تأليف الدكتور فاضل عبد الواحد
عبد الرحمن ، مطبعة المعارف ، بغداد ،
الطبعة الأولى 1389هـ 1969م .
10.الانوار
لاعمال الابرار تأليف يوسف الاردبيلي ، الطبعة الأولى
1328هـ -
1910 ، طبع بمطبعة الجمالية - بمصر
.
11.البحر
الرائق شرح كنز الدقائق لمحمد بن حسين بن علي الطوري الحنفي ، دار الكتب العربية
الكبرى بمصر .
12.البحر
الزخار لأحمد بن يحيى بن المرتضى المتوفي سنة 840هـ ، مطبعة أنصار السنة المحمدية ، الطبعة الأولى
1367هـ 1948م .
13.بلغة
السالك لأقرب المسالك إلى مذهب الإمام مالك تأليف الشيخ أحمد بن محمد الصاوي
المالكي ، دار المعرفة للطباعة والنشر 1398هـ
1978م .
14.حاشية
البجيرمي على منهج الطلاب المسـماة التجريد لنفع العبيد تأليف الشيخ سليمان بن عمر
بن محمد البجيرمي الشافعي ، المكتبة الاسلامية - ديار بكر - تركيا .
15.حاشية
الدسوقي على الشرح الكبير للشيخ محمد عرفة الدسوقي
( ت1230هـ ) طبع بدار إحياء الكتب العربية
عيسى البابي الحلبي .
16.حاشية رد
المحتار على الدر المختار . تأليف محمد امين الشهير بابن عابدين ، الطبعة الثانية
1386هـ 1966 ، دار الفكر .
17.حاشية سعدي جلبي على شرح العناية (ت945هـ)
المطبعة الكبرى الاميرية ببولاق ، الطبعة الأولى 1316هـ .
18.حاشية
الشيخ سليمان ابن الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد بن عبد الوهاب على المقنع ،
ط الثانية ، المطبعة السلفية .
19.حاشية
الطحاوي على الدر المختار للعلامة أحمد الطحاوي الحنفي ، دار المعرفة ، بيروت - لبنان 1395هـ 1975 .
20.حاشية علي العدوي على الخرشي . دار صادر ، بيروت
.
21.حاشية
قليوبي وعميرة على متن منهاج الطالبين للشيخ شهاب الدين القليوبي والشيخ عميرة،
مطبعة محمد علي صبيح وأولاده بمصر .
22.حلية
العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء تأليف سيف الدين ابي بكر محمد بن احمد الشاشي القفال تحقيق الدكتور ياسين أحمد درادكه ،
الطبعة الأولى 1988 ، مكتبة الرسالة
الحديثة .
23.درر الحكام شرح مجلة الاحكام تأليف علي حيدر .
منشورات مكتبة النهضة - بيروت -لبنان.
24.در المنتقى في شرح الملتقى بهامش مجمع الانهر .
دار الطباعة العامرة .
25.دليل
الطالب ، تأليف العلامة مرعي بن يوسف الحنبلي مع حاشية الشيخ محمد بن مانع . الطبعة الثانية 1389هـ 1969 ،
منشورات المكتب الاسلامي .
26.سنن ابن
ماجة للحافظ ابي عبد الله محمد بن يزيد القزويني
207 - 275هـ ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي
، دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان .
27.السيل
الجرار المتدفق على حدائق الأزهار تأليف العلامة محمد بن علي الشوكاني
1173هـ-1250هـ تحقيق محمود إبراهيم زايد ، الطبعة الأولى الكاملة 1405هـ 1985م .
دار الكتب العلمية - بيروت.
28.شرائع
الاسلام في مسائل الحلال والحرام للحلي نجم الدين جعفر بن الحسن ، مطبعة الآداب
النجف الطبعة الأولى 1389هـ 1969 .
29.شرح الخرشي على مختصر سيدي خليل . دار صادر بيروت
.
30.الشرح
الصغير بهامس بلغة السالك . تأليف أحمد بن محمد بن أحمد الدردير . دار المعرفة
للطباعة والنشر 1398هـ 1978 .
31.شرح
العناية تأليف اكمل الدين محمد بن محمود البابرتي المتوفي سنة 786هـ ، طبع
بالمطبعة الكبرى الاميرية ببولاق ، الطبعة الأولى 1316هـ .
32.الشرح الكبير
لأبي البركات أحمد الدردير (ت1201هـ) ، طبع بدار احياء الكتب العربية عيسى البابي
الحلبي .
33.فتح الباري شرح صحيح البخاري للإمام الحافظ شهاب
الدين ابن حجر العسقلاني (ت852هـ)، دار المعرفة - يروت .
34.فتح
القدير تأليف الإمام كمال الدين محمد بن عبد الواحد المعروف بابن الهمام الحنفي
المتوفي سنة 861هـ ، مطبعة دار إحياء التراث العربي .
35.فتح
الوهاب بشرح منهج الطلاب . تأليف أبي يحيى زكريا الأنصاري 825 هـ -925 هـ ، دار
المعرفة للطباعة والنشر - بيروت - لبنان .
36.الفقه الاسلامي وأدلته. تأليف الدكتور وهبة
الزميلي ، الطبعة الثانية1405هـ 1985 ،
دار الفكر - دمشق .
37.اللباب
في شرح الكتاب تأليف الشيخ عبد الغني الغنيمي الدمشقي الميداني الحنفي
1222هـ-1298هـ تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد ، دار السلام للطباعة والنشر
والتوزيع .
38.المبسوط
للسرخسي شمس الدين أبو بكر محمد بن احمد ابي سهل السرخسي ( ت491هـ) الطبعة الأولى
بمطبعة السعادة بمصر والطبعة الثانية بدار المعرفة - بيروت - لبنان .
39.مجمع
الأنهر في شرح ملتقى الابحر لعبد الرحمن بن الشيخ محمد بن سليمان المعروف بداماد
أفندي ، دار الطباعة العامرة .
40.المجموع شرح المهذب للنووي ابي زكريا يحيى الدين
بن شرف النووي (ت676هـ)،مطبعة الإمام
41.مجلة
الحكمة . مجلة بحثية علمية شرعية ثقافية تصدر كل اربعة اشهر . العدد شوال 1416هـ ،
بريطانيا ليدز .
42.المحلى
تأليف ابي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم المتوفي سنة 456هـ ، تحقيق لجنة احياء
التراث العربي ، دار الجيل ، ودار الآفاق الجديدة - بيروت .
43.المختصر
النافع في فقه الإمامية للحلي نجم الدين جعفر بن الحسن (ت676هـ) ، مطبعة النعمان
النجف 1386 هـ 1966 .
44.المستدرك
على الصحيحين تأليف الحافظ أبي عبد الله الحاكم النيسابوري . دار الكتاب العربي -
بيروت - لبنان .
45.المصباح المنير تأليف أحمد بن محمد بن علي المقري
الرافعي المتوفي 770هـ ، دار الكتب العلمية - بيروت .
46.معجم لغة
الفقهاء تأليف الدكتور محمد رواس قلعه جي والدكتور حامد صادق قنيبي ، دار النفائس
- بيروت - لبنان ، الطبعة الثانية 1408هـ
1988 .
47.المغني
تأليف موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي 541-620هـ تحقيق
الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي والدكتور عبد الفتاح محمد الحلو ، ط الأولى
1408هـ ، مطبعة هجر القاهرة .
48.مغني المحتاج إلى معرفة معاني الفاظ المنهاج شرح
محمد الخطيب الشربيني ، دار الفكر .
49.المقنع
في فقه إمام السنة أحمد بن حنبل الشيباني تأليف الإمام موفق الدين عبد الله بن
أحمد بن قدامة المقدسي ، ط الثانية ، المطبعة السلفية .
50.منتهى
الارادات تأليف تقي الدين الفتوحي الحنبلي المصري الشهير بابن النجار تحقيق عبد
الغني عبـد الخالق . عالم الكتب .
51.المهذب
في فقه الإمام الشافعي تأليف أبي اسحاق ابراهيم بن علي بن يوسف الفيروز آبادي
الشيرازي (ت476هـ) ، دار المعرفة - بيروت - لبنان ، ط الثانية ، 1379هـ .
52.الموافقات
في أصول الفقه للشاطبي ، ابراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المالكي (ت790هـ) تحقيق
عبد الله دراز ، مطبعة الشرق الادنى ، مصر .
53.مواهب
الجليل شرح مختصر خليل : ابو الضياء سيدي خليل إمام المالكية في عصره محمد بن عبد
الرحمن المغربي الأصل المكي المولد المعروف بالحطاب المتوفي عام 954هـ .
54.الميزان الكبرى تأليف عبد الوهاب بن أحمد بن علي
الانصاري الشافعي المصري المعروف بالشعراني، الطبعة الأولى 1359هـ 1940 ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر .
55.نتائج الافكار في كشف الرموز والاسرار لقاضي زادة
(ت988هـ) ، طبع بالمطبعة الكبرى الاميرية ببولاق ، الطبعة الأولى 1316هـ .
56.نهاية
المحتاج إلى شرح المنهاج للرملي محمد بن ابي العباس الشهير بالشافعي الصغير
(ت1004هـ) مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده 1357هـ 1938 .
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم