القائمة الرئيسية

الصفحات



محكمة النقض: استخلاص الرضى الضمني بتحلل المتعاقدين من التزاماتهما هو من أمور الواقع الذي يستقل بتقديره قضاة الموضوع.

 



ملف 1856/1990             قرار  339              بتاريخ 01/02/1995

 

استخلاص الرضى الضمني بتحلل المتعاقدين من التزاماتهما هو من أمور الواقع الذي يستقل بتقديره قضاة الموضوع.

إن المحكمة عندما طبقت الفصل 394 من قانون الالتزامات والعقود الذي يجيز الإقالة الضمنية على النازلة بناء على الدفع المثار من طرف المطلوبة في النقض المتضمن لكون الطاعن عدل عن عملية شراء العقار المدعى فيه  فإنها لم تغير موضوع وسبب الطلب وبالتالي لم تخرق الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية.

 

باسم جلالة الملك

 

وبعد المداولة طبقا للقانون.

حيث يستفاد من مستندات الملف ومن القرار المطعون فيه الصادر عن محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 14-02-89 تحت عدد 1248 في الملف عدد 3665-85 أنه بتاريخ 09-07-83 رفع الطاعن الحاج بوشتى الجعفري دعوى عرض فيها أنه وقع بينه وبين المدعى عليها المطلوبة في النقض الشركة المغربية للسلف والبنك  "بنك الوفاء حاليا" اتفاق على أن تبيع له القطعة الأرضية الكائنة بشارع مولاي عبد الله بالقنيطرة ذات الرسم العقاري عدد 5912 البالغة مساحتها 644 م م بثمن قدره 579.600 درهم، وأن البائعة تسلمت 400.000 درهم بمجرد الاتفاق على العقد حسب الوصل الموقع من طرفها، وأنه بشأن باقي الثمن أمضى لفائدتها خمس كمبيالات تحمل كل واحدة مبلغ 35920 درهم تسلمت البائعة مقابل كمبيالتين وبقيت ثلاث كمبيالات، وأنها حررت عقد البيع وسلمته له لتوقيعه على أن يرجعه إليها لتوقيعه من طرف مسؤوليها بالدار البيضاء وأنه بينما كان ينتظر توقيع المدعى عليها للعقد وإتمام باقي الإجراءات المتعلقة بالتسجيل بالمحافظة العقارية إذا به يفاجأ بالبائعة ترجع إليه المبلغ الذي تسلمته منه وقدره 471.840 درهما مخبرة إياه بإلغاء البيع الذي وقع بينهما وأمام تعسفاتها يلتمس في إطار الفصل 488 من قانون الإلتزامات و العقود إلزام المدعى عليها بإتمام البيع معه تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 500 درهم عن كل يوم تأخير ابتداء من صدور الحكم واعتبار هذا الحكم بمثابة عقد بيع تام الشروط والأركان وأمر المحافظ العقاري بتسجيله على الرسم العقاري، وبعد إجراء المسطرة أصدر قاضي الدرجة الأولى حكما على المدعى عليها البائعة بإتمام البيع الذي أبرمته مع المدعي بخصوص الرسم العقاري عدد 5912 بعد تسديده المجموع عن البيع، استأنفته المطلوبة في النقض فألغته محكمة الاستئناف وقضت تصديا برفض الدعوى.

وحيث يعيب الطاعن القرار في الوسيلة الأولى بخرق القواعد المسطرية وخرق الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية لكون المطلوبة في النقض تمسكت بعدم وجود أي عملية بيع ملتمسة نقض ورفض طلب الطاعن الرامي إلى القول بأن البيع متوفر على جميع أركانه إلا أن محكمة الاستئناف غيرت تلقائيا موضوع وسبب طلب كل من الطرفين مصرحة بوجود إقالة ضمنية وقضت برفض الطلب، كما يعيب الطاعن القرار في الوسيلة الثانية بعدم الارتكاز على أساس قانوني وعدم التطبيق السليم لمقتضيات الفصل 393 وما بعده من قانون الإلتزامات و العقود لكون المحكمة أقرت من خلال عرضها لوقائع الدعوى وجود عملية البيع إلا أنها وعوض أن تؤيد الحكم الابتدائي اعتبرت أن هناك إقالة ضمنية من طرفه مع أن مقتضيات الفصلين 393 و 394 من قانون الإلتزامات و العقود تقتضي أن الإقالة لا ينقضي بها الالتزام التعاقدي إلا إذا ارتضى المتعاقد عقب إبرام العقد التحلل من ذلك الالتزام، وأن النزاع بالأساس يرتكز حول ما إذا كان هناك بيع تام أم لا وأن محكمة الاستئناف دون أن تتأكد أولا من ذلك طبقت على النازلة الفصل 394 من قانون الإلتزامات و العقود تطبيقا غيرسليم مما يعرض قرارها للنقض.

لكن حيث أن الفصل 3 من قانون المسطرة المدنية المحتج بخرقه ينص على أن القاضي يبت دائما طبقا للقوانين على النازلة، وأنه طبقا للفصل المذكور وخلافا لما يدعيه الطاعن فإن محكمة الاستئناف لم تغير موضوع وسبب الطلب، وطبقت الفصل 394 من قانون الإلتزامات و العقود على النازلة بناء على الدفع المثار من طرف المطلوبة في النقض المتضمن لكون الطاعن عدل عن عملية شراء العقار المدعى فيه مما يدل بداهة على أن هناك عملية بيع قد تمت بين الطرفين، وأن المحكمة بناء على الدفع المذكور وباعتبار أن استخلاص الرضى الضمني يتحلل المتعاقدين من التزاماتهما التعاقدية هو من أمور الواقع الذي يستقل بتقديره قضاة الموضوع استخلصت من وثائق الملف بما لها من سلطة في التقدير أن الطاعن عدل فعلا عن عملية البيع ملاحظة أنه قام بتاريخ 04-07-83 بسحب مبلغ ثمن المبيع من حسابه لدى المطلوبة في النقض مؤكدا في جلسة البحث بتاريخ 05-02-88 وكذا في مستنتجاته المؤرخة في 21-06-88 أنه قام فعلا بسحب المبلغ المذكور من حسابه لدى المطلوبة في النقض البائعة له بعد أن عرضته عليه هذه الأخيرة، وأن مقتضيات الفصل 394 من قانون الإلتزامات و العقود أقرت جوازا الإقالة الضمنية، وأن سحب الطاعن ثمن البيع بعدما عرضته البائعة يعتبر إقالة ضمنية منهما لبيع عقار النزاع، وأن المحكمة بذلك تكون قد ركزت قرارها على أساس قانوني فالوسيلتان غير جديرتين بالاعتبار.

 

لهذه الأسباب

قضى المجلس الأعلى برفض الطلب وترك الصائر على الطالب.

وبه صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور حوله بقاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالرباط وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة المدنية السيد محمد عمور والمستشارين السادة: أحمد بنكيران مقررا ومولاي جعفر سليطن وتوفيق عبد العزيز وعبد العزيز البقالي وبمحضر المحامي العام السيدة المشرفي زهرة وبمساعدة كاتبة الضبط السيدة مليكة بنشقرون .

 

  * عن منشورات المجلس الأعلى في ذكراه الاربعين 1997

تعليقات