القائمة الرئيسية

الصفحات



المنازعات الجمركية.

 


 

المنازعات الجمركية.

         من إعداد الملحق القضائي علي إدريسي حسني.

 

                   أولا: خصائص الجريمة الجمركية.

 

1.     أركان الجريمة الجمركية ومسؤولية مرتكبيها.

 

a.     هل الجريمة الجمركية تقتضي نفس ركني الجريمة العادية.

 

b.     طبيعة المسؤولية الجنائية في مدونة الجمارك.

 

c.     حكم المحاولة في الجريمة الجمركية.

 

d.     حكم المشاركة في الجريمة الجمركية.

 

2.     خصوصية الإثبات في الجريمة الجمركية.

 

3.     العقوبات المنصوص عليها في مدونة الجمارك للجريمة الجمركية.

 

                   ثانيا: نماذج للجريمة الجمركية.

 

1.     جريمة تهريب المخدرات.

 

2.     جريمة تهريب البضائع والسلع.

 

 

خاتمة :

 

 

المنازعات الجمركية.

         تنقسم المنازعات الجمركية إلى منازعات ذات طبيعة جبائية، وأخرى ذات طبيعة جنائية. وسنقتصر في هذا العرض الموجز على المنازعات الجمركية ذات الطبيعة الجنائية. فما هي ياترى :

 أولا خصائص المنازعات الجنائية الجمركية أو الجريمة الجمركية؟

ثانيا ماهي أبرز الجرائم التي تعالجها مدونة الجمارك ؟

أولا : خصائص الجريمة الجمركية:

        لا يخفى أن السياسة الجمركية تقوم على ثلاثة مقومات هي :

مقوم الجبائية بمعنى هدف الادارة الجمركية أولا وأخيرا هو تحصيل وجباية الضرائب والرسوم.

مقوم الوقائية بمعنى أن هدف الادارة الجمركية هو حماية الإقتصاد الوطني من الدخول العشوائي للبضائع والسلع وبالتالي حماية المستثمر والمستهلك.

المقوم الثالث مقوم الزجرية بمعنى أن السياسة الجمركية تقوم على تجريم بعض الأفعال التي لاتحترم مقوم الوقائية من قبيل إستراد وتصدير البضائع والسلع بشكل مخالف لما هو مضمن في اللوائح الجمركية.

لذلك فإن الحديث عن خصائص الجريمة الجمركية سيكون بالأهمية بمكان، خاصة من خلال المستويات الثلاثة التالية :

<                     على مستوى أركان الجريمة الجمركية ومسؤولية مرتكبيها.

                   <  على مستوى إثبات الجريمة الجمركية.

                   <  على مستوى العقوبات المنصوص عليها بالنسبة للجريمة الجمركية.

1.     أركان الجريمة الجمركية ومسؤولية مرتكبيها.

هل الجريمة الجمركية تقتضي نفس ركني الجريمة العادية ؟

<      بداية كانت الجرائم الجمركية جنحا أو مخالفات تتحقق بمجرد إرتكابها بصفة مادية بغض النظر عن نية مرتكبيها نظرا للدور الحمائي والجبائي الذي تنهض به إدارة الجمارك وتأثير دورها على الحياة الإقتصادية والمالية للبلاد.

لكن تأثرا على ما يبدو بمبادئ الإتفاقيات الدولية في المجال الجمركي، تمثلث مدونة الجمارك هذه المبادئ بمقتضى قانون 5 يونيو 2000 المعدل والمغير لبعض مقتضيات مدونة 9 أكتوبر 1977، وخاصة إتفاقية الكات التي عملت على توحيد وتنسيق الأهداف والمساطر والإجراءات الجمركية بين الدول الأعضاء، وكذا بروتوكول 26 يونيو 1996 الذي يهدف إلى تعديل الاتفاقية الدولية لتسهيل وتنسيق الأنظمة الجمركية.

ليتم إلغاء الفصل 205 من مدونة الجمارك ليمكن القول معه أن المخالفة الجمركية لاتستقيم جنائيا إلا إذا توفر ركنيها المادي والمعنوي، وأضحت مدونة الجمارك تولي الإعتبار الأكبر لمبدأ حسن النية متى لم تثبت سوء نية المخالف.

 

a.     المسؤولية الجنائية في مدونة الجمارك.

<      على خلاف ما هو معمول به في مبادئ القانون الجنائي، توسع مدونة الجمارك من دائرة المسؤولين جنائيا بناء على مبدأ الفاعل الظاهر،بمعنى أن كل من ضبط مرتكبا للغش أو حائزا للبضاعة المهربة أو المعاقب على حيازتها يعتبر مخالفا لمقتضيات مدونة الجمارك، ولا تولي مدونة الجمارك كبير أهمية لضرورة ملكية الحائز لتلك البضاعة، المهم هو الحجز ومن وجد عنده المحجوز أثناء الضبط. وفي هذا الإطار يفترض الفصل 223 من مدونة الجمارك المسؤولية الجنائية للأشخاص الموالين:

الحائز للبضاعة المرتكب الغش بشأنها،

 ربابنة البواخر والسفن والمراكب وقواد الطائرات فيما يخص الإغفالات والمعلومات غير الصحيحة الملاحظة في بياناتهم.

كذلك فيما يخص الجنح والمخالفات الجمركية المرتكبة على ظهر بواخرهم أو سفنهم أو طائراتهم.

 ولم يقتصر المشرع الجمركي على تقرير المسؤولية الجنائية فقط بل أخذ بالمسؤولية المدنية عن فعل الغير في الف 229 من مدونة الجمارك كما هو منصوص عليها في الف 85 من ق ل ع م.

b.     حكم المحاولة في الجريمة الجمركية.

كما هو معلوم أن المحاولة في المخالفة غير معاقب عليها بالإطلاق حسب الفصل 116 من ق.ج، وأن الجنحة لا يعاقب على المحاولة فيها إلا بنص خاص في القانون طبقا للفصل 115 ق.ج.

 لكن ما تجب الإشارة إليه هو أن الفصل 206 من مدونة الجمارك  يعتبر المحاولة في المخالفات والجنح الجمركية كالجريمة التامة ولو كانت الأفعال التي تتصف بها مجرد بداية أو بدأ في التنفيذ قد إرتكبت خارج التراب الجمركي، كالتهريب الذي تبدأ محاولات مادياته خارج التراب الجمركي.

لكن ما يجب قوله هو أنه إذا كان من السهولة بمكان إثبات محاولة التصدير تهريبا لأن الأعمال التحضيرية تتم عادة داخل التراب الجمركي، فإن إثبات محاولة الإستراد تبدو غاية في الصعوبة لأن جميع الأعمال التمهيدية والتحضيرية تتم خارج التراب الجمركي.

ومع هذا يبقى السؤال مطروحا حول المحاولة الخائبة وكذا المحاولة المستحيلة في المتابعة الجنائية الجمركية؟

حقيقة المحاولة الخائبة كما يعبر عنها الفصل 114 من ق.ج ب....أو لم يحصل الأثر المتوخى منها إلا لظروف خارجة عن إرادة مرتكبيها... هي محاولة معاقب عليها بالقواعد العامة، وكمثال عنها في الميدان الجمركي نجد المهرب الذي يجتاز الحدود لكن الطرد المحتوي على البضاعة يضيع منه لظروف إما لسقوطه من على وسيلة النقل أو تلفه وضياعه عن طريق الحريق أو ما شابه ذلك.

أما المحاولة المستحيلة في الميدان الجمركي هي نفسها معاقب عليها بمقتضى القواعد العامة الفصل 117 من ق.ج.

لذلك يمكن القول أن السياسة الجمركية توسع ما أمكن المجال الزجري في الجريمة الجمركية حتى تحقق مبتغى مقوم الوقائية وبالتالي حماية مالية الدولة وإقتصادها بناء على قاعدة جمركية تقول: «  خزانة الدولة قدرات مواطنين، والسلعة الأجنبية بلاء يجب تفاديه.»  خاصة إذا كانت هذه السلعة مهربة.

 

حكم المشاركة في الجريمة الجمركية.

           من خلال إستقراء أولي لمقتضيات مدونة الجمارك فيما يخص أحكام المشاركة في الجريمة الجمركية، يلاحظ أن المشرع الجمركي المغربي، تبنى نظام المشاركة الوارد في الفصل 129 من ق.ج، لكنه أضاف إلى جانبه نظاما خاصا بالمشاركة في الفصل 221 من مدونة الجمارك، حيث إعتبر الأفعال التالية بمثابة تواطؤ ومشاركة في إرتكاب الجنحة والمخالفة الجمركية، وهذه الأفعال هي :

التحريض المباشر على إرتكاب الغش أو المساعدة على أعمال التهريب أو الغش الجمركي. = تبدو هذه العبارة عامة وفضفاضة، متسعة كما تبدو ظاهريا، لكن ما تجب معرفته هو أن هذه العبارة هي الأنسب لمعاقبة السلسة البشرية التي تساهم في التهريب الجمركي، كما هو معلوم فالتهريب الجمركي لا يقوم به شحص واحد وإنما هي سلسلة بشرية تعرف ما لها وما عليها وحدود تدخلها وخروجها من العملية، وقد ذهب القضاء الفرنسي لأبعد من هذا في العقاب، حيث عاقب الأشخاص الذين يقومون بإرشاد المهربين ولو بالإشارات وإعتبرهم مشاركين في الجريمة الجمركية =

شراء أو حيازة البضائع المرتكب الغش بشأنها.

التستر على مرتكبي الغش

موقعوا التصريحات فيما يخص الإغفالات والبيانات غير الصحيحة ف 222 من م.ج.

المؤتمنون على عمل مستخدميهم فيما يخص العمليات الجمركية المنجزة بتعليمات منهم ف222 من م.ج.

المتعهدون في حالة عدم تنفيذ الإلتزامات الموقعة من طرفهم ف 222 من م.ج.

على أن المشاركة في الجريمة الجمركية لا تستقيم حسب مدونة الجمارك إلا إذا توفر شرطان في المشارك، وهما: *شرط المصلحة و *شرط علم المشارك بالمخالفة أو الجنحة الجمركية، وهو أمر يميز المشرع المغربي عن المشرع الفرنسي الذي قصر شرط العلم على حالة الشراء أو الحيازة، أما باقي الحالات الأخرى فقد إفترض ضرورة توفر شرط المصلحة.

 

 

خصوصية الإثبات في الجريمة الجمركية.

           حينما نتحدث عن إثبات الجريمة الجمركية فإن ذلك بالضرورة يجرنا إلى الحديث عن حجية المحاضر المحررة بشأن المخالفات والجنح الجمركية، وهل هناك وسائل أخرى مخولة لإدارة الجمارك لإثبات الجريمة الجمركية غير المحاضر؟

           كما هو معلوم في قواعد المسطرة الجنائية، وبالأخص المادة 290 فإن المحاضر والتقارير المحررة من قبل ضباط الشرطة القضائية في شأن التثبت من الجنح والمخالفات يوثق بمضمونها إلى أن يثبت العكس بأي وسيلة من وسائل الإثبات.

            وهو الأمر الذي تبنته مدون الجمارك في الفصل 233، وكذلك أيده العمل القضائي في قرار لمحكمة الإستئناف بالناظور في الحكم عدد 278 بتاريخ 08.12.1991 الذي جاء فيه أنه يوثق بمضمون محاضر أعوان الجمارك في المخالفات والجنح التي يضبطونها ولا يمكن الطعن فيها إلا عن طريق الزور.... * و هذا هو نفس توجه المجلس الأعلى، لذلك يمكن القول أن المخالفات والجنح الجمركية تقوم على أن البينة على المتهم ما دام ثمة محضر جمركي محرر بصفة قانونية طبقا للبيانات الشكلية والموضوعية المنصوص عليها في الفصل 240 من مدونة الجمارك.

           لكن السؤال الذي يطرح في حالة ما إذا إختل أي بيان من بيانات الفصل 240 ما عدا الادعاء بالزور، هل يمكن القول بأن الإجراء باطل والمتهم بريء؟

           حسب قانون المسطرة الجنائية فإن هذا هو التوجه السليم طبقا للمادة 289 من ق.م.ج، التي لا تعتد بصحة المحاضر والتقارير غير السليمة من الجانب الشكلي والموضوعي، لكن حسب الفصل 247 من مدونة الجمارك فإن إختلال أحد البيانات المنصوص عليها في الفصل 240 م.ج، أو في حالة عدم وجود هذا المحضر بالمرة، فيمكن لإدارة الجمارك أن تثبت المخالفة أو الجنحة الجمركية بإستعمال جميع الطرق القانونية للإثبات.    

على مستوى العقوبات المنصوص عليها في مدونة الجمارك للجريمة الجمركية.

           تتوزع العقوبات المنصوص عليها في مدونة الجمارك إلى ثلاثة أنواع هي:

عقوبات سالبة للحرية.

عقوبات مالية.*المصادرة، الحجز،

تدابير إحتياطية شخصية.

يضاف إليها الإكراه البدني في حالة عدم الأداء في حالات معينة.

           < ففيما يتعلق بالعقوبات الثلاث، فإننا نجدها في الجنح الجمركية من الطبقة الأولى والثانية، في حين المخالفات الجمركية خالية من العقوبة السالبة للحرية بإستثناء الغرامات ومصادرة البضائع ووسائل النقل بالنسبة للطبقة الأولى أو الغرامة فقط في حالة إرتكاب مخالفة من الطبقة الثانية أو الثالثة أو الرابعة.

           < أما فيما يتعلق بالتدابير الإحتياطية الشخصية، فيمكن أن تتخذ على إثر إرتكاب جنحة أو مخالفة جمركية لا فرق بينهما. ومن صور هذه التدابير ما ينص عليه الفصل 220 من م.ج من :

المنع  من الدخول إلى المكاتب والمخازن والساحات الخاضعة لحراسة الجمرك.

سحب رخصة قبول المعشر أو الإذن في الإستخلاص الجمركي.

الحرمان من الاستفادة من الأنظمة الاقتصادية الخاصة بالجمارك.

المنع من إستخدام الأنظمة المعلوماتية للإدارة.

 سحب رخصة إستغلال مخازن وساحات الاستخلاص الجمركي.

           < أما فيما يتعلق بالإكراه البدني فإن مجالات تطبيق مسطرته حسب الفصل 262 مكرر تنحصر في :

الغرامة.

 المبالغ الناتجة عن المصالحة.

على أنه لايمكن إستعمال مسطرة الإكراه البدني في مواجهة الملزم بأداء الرسوم والمكوس الجمركية، أو في مواجهة القاصر دون 18 سنة، أو في حق المرأة الحامل أو المرضعة في حدود سنتين من تاريخ الوضع، أو في حق المعسر أو من تجاوز الستين من عمره.

         وتحدد مدة الإكراه البدني هنا في :

من سنة واحدة إلى سنتين بالنسبة للجنح الجمركية.

من ستة أشهر إلى سنة بالنسة للمخالفات الجمركية من الطبقة الأولى والثانية.

من شهر واحد إلى ستة أشهر بالنسة للمخالفات الجمركية من الطبقة الثالثة والرابعة.

 

ثانيا : نماذج للجريمة الجمركية:

 

           تعتبر الجريمة الجمركية ذات طبيعة خاصة، فهي تشد عن الجريمة التقليدية، لأن مادياتها تختفي بسرعة مما يجعلها صعبة الإكتشاف ولا يمكن معينتها إلا في فترة وجيزة، زيادة على أن مقترفيها غالبا ما يقيمون خارج التراب الجمركي مما يجعلهم في منأى عن أية مراقبة أو ملاحقة جنائية.

           وعلى كل يصنف المشرع الجمركي الجريمة الجمركية إلى جنح ومخالفات، ويصنف الجنح إلى طبقتين و المخالفات إلى أربع طبقات :

 

<      فمثلا جريمة تهريب المخدرات حسب الفصل 279 مكرر مرتين تعتبر جنحة جمركية من الطبقة الأولى، لكن ما تجب الإشارة إليه هو أن المشرع الجمركي كان ينص على أن المخدرات مستثناة من الأنظمة الجمركية الواردة في المدونة، وكانت إدارة الجمارك تتدخل كطرف مدني نيابة عن الخزينة العامة، غير أن المشرع وفق التعديل الأخير ل5يونيو 2000 إعتبر المخدر بضاعة يعاقب على تهريبها إسترادا وتصديرا. وهو ما يتوافق مع الإلتزامات الدولية للمغرب مع دول الجوار التي كانت دائما تتهمه بعدم معاقبة عملية تهريب المخدرات المنطلقة من ترابه الجمركي.

 

لكن لماذا هذا التغيير في ذهنية المشرع الذي صار يعتبر المخدرات مواد قابلة للتصدير والإستيراد شريطة الحصول على تصاريح صحيحة ومطابقة ؟

 

الجواب بديهي على ما أعتقد هو الإستعمال الطبي والصيدلي للمواد المخدرة، لكن إلى أي مدى يمكن الأخذ بهذا المعطى لتبرئة متهم بتهريب المخدرات بناء على كون المخدرات ماهية إلا مواد سامة ومحرمة ومحظور التعامل بها، وأن ما هو محظور غير قابل للتعامل به، وبالتالي لا يمكن متابعة من يقوم بتصدير وإستيراد المحظور لإنعدام قيمته في السوق؟

بكل بساطة هذا تعليل أحد المحاكم الإبتدائية والمؤيد من طرف محكمة الإستئناف نقضه المجلس الأعلى بقرار صادر بجلسة علنية منعقدة بجميع غرفه، وهو قرار صادر بتاريخ 02.01.2002 عدد3/2 غير منشور. جاء في أحد حيثياته مايلي:

 

= حيث إن القرار المطعون فيه المؤيد للحكم الإبتدائي، الذي برأ المطلوب من جنحة محاولة تصدير وتهريب بضاعة محظورة وقضى بعدم الإختصاص في المطالب المالية المقدمة من إدارة الجمارك إكتفى في تعليل ذلك بقوله : حيث إن محاولة تصدير بضاعة محظورة غير ثابتة في حق المتهم لإنعدام الركن القانوني ذلك أن المخدرات من المواد السامة التي حرم المشرع تداولها وليست لها قيمة في السوق كسلعة تقبل الإستيراد والتصدير مما يتعين معه التصريح ببراءة المتهم منها،  في حين أن الركن القانوني متوفر في الفصول المستدل بها، وأن جميع البضائع المستوردة أو المصدرة يجب أن يصرح بها عند عبور الحدود دون إستثناء أو تقييد لمفهوم البضائع فتشمل المستعملة لغرض مشروع أو لغرض غير مشروع، ويدخل ضمنها المخدرات سواء إستعملت لغرض طبي أو صيدلي  أو لغرض غير مشروع، لذا تكون المحكمة عندما أصدرت قرارها المطعون فيه على النحو المذكور قد خرقت القانون وجاءت بتعليل خاطئ الأمر الذي يعرضه للنقض والإبطال=. 

 

<      أما تهريب البضائع عن طريق الاستيراد أو التصدير خارج مكاتب الجمرك، أو خرق المقتضيات المتعلقة بالضرائب غير المباشرة، أو الزيادة غير المبررة في الطرود، أو القيام بعمل أو مناورة تنجز بطرق معلوماتية أو إلكترونية ترمي إلى إتلاف المعلومات المختزنة في النظم المعلوماتية للإدارة من اجل التملص من رسم أو مكس أو الحصول بصفة غير قانونية على إمتياز معين. فتعتبر جنحا جمركية من الطبقة الثانية حسب ما ينص عليه الفص 281 من م.ج.

 

 

 

         = في الأخير فإن ما تجب الإشارة إليه ثلاث نقط هي:

أولا مسألة تحريك الدعوى العمومية في الجرائم الجمركية هي من إختصاص النيابة العامة وكذا الوزير المكلف بالمالية، أو مدير الإدارة أو أحد ممثليه المؤهلين حسب الفصل 249 م.ج، الأمر الذي يبرز أن المتابعة في المجال الجمركي متابعة مزدوجة، ويجب على النيابة العامة أن تمتنع عن المتابعة حتى تتوصل بطلبات الجمارك في الجرائم الجمركية إذا أمكن، وإلا كان لها الحق في تحريك المتابعة دون طلبات الجمارك، بإستثناء ما تنص عليه الفقرة ب من الفصل 249 من م.ج، والتي تغل يد النيابة العامة في تحريك المتابعة إلا بمبادرة من الوزير المكلف بالمالية أو مدير الإدارة أو أحد ممثليه المؤهلين لذلك، في الجرائم الجمركية أو المخالفات الجمركية بطبقاتها الأربع المنصوص عليها في الفصول التالية : الف 285، الف 294 م.ج، الف 297 م.ج الف 299 م.ج.

 

ثانيا الاعتقال الاحتياطي والسراح المؤقت، ما يجب ذكره على هذا المستوى أن الفصل 253 من م.ج ينص على أنه في حالة التلبس بجنحة وكانت عقوبة الحبس مستحقة ولم يحكم فورا في جوهر القضية ولم يقدم الظنين ضمانات كافية كان السراح متوقفا على :

إما تقديم وديعة نقدية في شكل شيكات مصادق عليها إلى صندوق قابض الجمارك.

وإما تقديم كفيل مليء الذمة يضمن أداء العقوبات المالية المستحقة.

 

 النقطة الثالثة والأخيرة مسألة المصالحة، ما ينبغي ذكره هو أن المشرع الجمركي خول للإدارة الحق في إبرام مصالحة قبل الحكم النهائي أو بعده مع الأشخاص المتابعين من أجل مخالفة للأنظمة الجمركية والضرائب غير المباشرة. غير أن آثار المصالحة تختلف قبل الحكم وبعده.

فقبل صدور الحكم تسقط المصالحة كلا من دعوى النيابة العامة ودعوى الإدارة.

وبعد صدور الحكم فإن المصالحة لا تسقط عقوبة الحبس والتدابير الشخصية.

و تبدو مع هذا المصالحة كإجراء منح لإدارة الجمارك غايته الأساسية إزالة النزاع القائم بصفة عامة وتخويل المخالف إمكانية مراجعة نفسه وعدم تكرار الفعل المخالف.

         لكن السؤال الذي يطرح هو : هل يمكن للإدارة أن تصالح في جميع الجنح والمخالفات الجمركية بما في ذلك جريمة تهريب المخدرات؟

         الجواب لم يقدمه مشرع مدونة الجمارك، إقتضاءا على ما يبدو بالتوجه المتبنى من طرف كل من  المشرع المصري ونظيره الفرنسي، لكن الغريب في الأمر أن المشرع اللبناني أقر بأن نطاق المصالحة في القوانين الخاصة بما فيها قانون الجمرك يشمل جميع الجرائم بما فيها جريمة تهريب المخدرات.

 

 


تعليقات