القائمة الرئيسية

الصفحات



التمييز بين دعوى الإلغاء ودعوى القضاء الشامل

التمييز بين دعوى الإلغاء ودعوى القضاء الشامل



19-التمييز بين دعوى الإلغاء و دعوى القضاء الكامل
لقد تعددت التعريفات لدعوى الإلغاء سواء في فرنسا أو في الدول

التي أخذت بنظام القضاء المزدوج، ونستخلص بأن دعوى الإلغاء – أو دعوى تجاوز السلطة – من صنع قضاء مجلس الدولة الفرنسي بالنسبة لفرنسا ، ونقله عند ورودها جمهور الفقهاء الفرنسيين ، وأنها دعوى موضوعية – أو عينيه – تتضمن مخاصمة القرار الإداري المعيب بسبب مخالفته للقانون ، والتوصل إلى إلغائه بأثر قبل الكافة ، ولهذا وصفت بأنها دعوى ذو طابع موضوعي وليست ذات طابعا شخصيا في صدورها ، كما أنها ليست دعوى ضد خصوم ولكنها دعوى ضد قرار . ومن ثم تقوم دعوى الإلغاء على عنصرين أساسين هما :
أ : دعوى الإلغاء دعوى موضوعية تقوم على مخاصمة القرار الإداري ذاته.
ب: دعوى الإلغاء لا تقوم بين الأفراد : كما أن رقابة الإلغاء التي يمارسها القضاء الإداري على القرارات الإدارية بموجب دعوى الإلغاء هي رقابة على ذات القرار المطعون فيه ، ويقتصر أثرها على إلغاء القرار فقط دون تعديله أو تقويمه أو سحبه أو إصدار قرارا آخر محل القرار المعيب الذي أصدرته الإدارة ، أو ترتيب حقوق معينة عليه ،
ولذلك تنتمي دعوى الإلغاء إلى قضاء المشروعية ، وذلك لأنه إذا ألغى القضاء قرارا إداريا لمجاوزة السلطة ، فإنه يصبح غير مشروعا . ونلخص خصائص دعوى الإلغاء فيما يلي :
1- دعوى الإلغاء دعوى موضوعية ، تقوم
على مخاصمة القرار الإداري ذاته ، وليس مخاصمة الإدارة .
2-قصر سلطة القاضي الإداري في دعوى الإلغاء على مجرد الحكم بإلغاء القرار الإداري الغير مشروع . 
3- تمتع الحكم الصادر في دعوى الإلغاء بحجية مطلقة في مواجهة الكافة . وعلى الرغم من اعتناق جمهور الفقهاء المعاصرين في فرنسا لمعيار " دوجي " الحديث في قسيم الدعاوى الإدارية ، ,إلا أنهم قد اختلفوا في تحديد الدعاوى التي تدخل في نطاق دعاوى الإلغاء ، والتي تعد بصفة عامة دعاوى موضوعية لرفعها بقصد الدفاع عن مركز تنظيمي عام ، والراجح بينهم هو دخول الدعاوى التالية في نطاق الدعاوى الموضوعية – دعاوى الإلغاء :
1- دعاوى إلغاء القرارات الإدارية غير المشروعة ، أو المنعدمة وخاصة دعوى تجاوز السلطة . 
2- او فى فحص المشروعية .
3- قضاء الزجر أو العقاب .
4- دعاوى الطعن بالنقض التي تخرج عن الطبيعة الشخصية ، وإلا كانت من دعاوى القضاء . 
5- دعاوى الا نتخابية المتصلة بصحة الإنتخاب ومشروعيته . 
6-دعاوى التفسير : إذ تتمتع العمل المطلوب تفسيره بالطبيعة العامة ، أو تعلق بالمراكز العامة مثل القواعد القانونية العامة . 
7- الطعون الضريبية : إذا تعلقت المنازعة بمشروعية قرارات ربط الضريبة وفقا للقوانين ، وتنتمي هذه الطعون كسابقتها للقضاء العيني جزئيا من حيث تعلق النزاع بسلامة قرارات فرض الضرائب ، ولا تتوقف سلطة القضاء في صددها عند حد الإلغاء بل تمتد إلى تحديد المبالغ التي يلتزم بها الممول تشريعيا .

آثار التمييز بين دعوى الإلغاء ودعوى القضاء الكامل :

1) دعوى مخاصمة القرار الإداري غير المشروع دعوى إلغاء : دعوى مخاصمة القرار الإداري غير المشروع )
تعد دعوى إلغاء وذلك لتعليقها بخصومة موضوعية – أو عينية – وتتجه فقط إلى حماية المراكز القانونية الموضوعية ، ويقتصر فيها دور القاضي عليها فقط ، دون توجيهها إلى الإدارة بقدر من هي موجهة إلى القرار المعيب ، أي أن دور الإدارة فيها كمدعي عليه لا يخرج عن الإيضاح ولا يرقى إلى دور الدفاع الحقيقي ،بسبب كل هذا يصف الفقهاء دعوى الإلغاء بأنها . خصومة عينية ضد قرار إداري ، وليست دعوى بين خصومة ،ويعد هذا الأثر هو أهم آثار التفرقة بين دعوى الإلغاء ودعوى القضاء الكامل .
2) اشتراك القضاء الإداري لقبول دعوى الإلغاء :شروطا أخف وأسهل من شروط قبول دعوى القضاء الكامل )
يشترط مجلس الدولة في فرنسا لقبول دعوى الإلغاء استنادا لطبيعتها الموضوعية توافر شروط أخف وأسهل من الشروط اللازمة لقبول دعوى القضاء الكامل ، حيث يشترط فقط توافر مجرد مصلحة شخصية مباشرة للمدعي تبرر طلب إلغاء القرار المطعون فيه ، ويستوي أن تكون هذه المصلحة أدبية أو مادية . وتتوافر المصلحة
الشخصية المباشرة عامة في الأحوال التي يوجد فيها تطابق بين المركز القانون للمدعي ، والمركز القانوني لصاحب الحق المدعى به ، وذلك على فرض صحة الإدعاء . 
اتجه مجلس الدولة في فرنسا ، وجمهور الفقهاء إلى إدماج شرط الصفة مع شرط المصلحة في دعاوى إلغاء القرارات الإدارية ، بحيث يتوافر الصفة المطلوبة لإقامة الطعن أمام القضاء من المصلحة الشخصية لمباشرة التي للشخص في إلغاء القرار الإداري وذلك
استنادا إلى أن الصفة هي وصف من أوصاف المصلحة لكي تكون شخصية ومباشرة ، وإن صاحب المصلحة هو الوحيد ذو الصفة ، أما الآخرين فإنهم لا يتمتعون بهذه الصفة – وبالتالي لا يعتبرون أطرافا ذا مصلحة شخصية مثل هيئة مفوضي الدولة في الدعاوى التي ترفع ضد الحكومة ، ولا يمنع كل هذا المحكمة المختصة من التحقق من
توافر الصفة ، خاصة إذا كان هناك دفعا بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة ، مما يؤكد أن الفوارق بين الصفة والمصلحة هي فوارق طفيفة ، إذ يجتمعان على الأقل في القضاء الشخصي ، هذا فضلا عن تطور المصلحة في الدعوى من حق مضار إلى مركز يحميه القانون . أما دعوى القضاء الكامل فإن يشترط لقبولها استنادا لطبيعتها الشخصية تأثير القرار محل الطعن على شخص المدعى ، ويرجع ذلك إلى نظرة أصحاب هذا الاتجاه الخاصة إلى دعاوى الإلغاء على أنها لا تتعلق بحقوق شخصية.
3) قصر ولاية القضاء في دعوى الإلغاء على مجرد التحقق من : مشروعية القرار المطعون فيه : تقتصر ولاية القضاء في دعوى الإلغاء ذات الطبيعة الموضوعية على مدى التحقق من مشروعية القرار المطعون فيه ،وذلك بالتحقق من عدم مخالفته للقواعد العامة الموضوعية ، فإذا تبين للقاضي مخالفة القرار المطعون فيه بعدم
مشروعيته لهذه القواعد الموضوعية قضى بعد مشروعيته وإلغاءه ، دون أن تمتد هذه الولاية لأكثر من ذلك .ويتعين على الإدارة سحب تعين الخلف حتى ولو لم يطعن في هذا التعيين لتجاوز السلطة . ويتبع نفس الحل إذا كان قرار الأبعاد لم يلغه القاضي ولكن سحبته الإدارة نفسها لعدم مشروعيته .ويعبر بعض الفقه عن هذه الولاية بقوله ... فإذا ما تم للدعوى رفعها في الميعاد ، وتوافرت لها شروط قبولها ثارت شكله موضوع الدعوى ، هذا الذي يتحدد على أساس طبيعتها بحيث يقتصر على تسليط ولاية المحكمة لإلغاء قرار إداري نهائي وعندئذ تبرز مسألة أخرى في بيانه ولاية المحكمة بالنسبة للدعوى تلك الولاية التي يجب ألا تتجاوز رقابة مطابقة القرار للقانون في أوسع معانيه إلى رقابة الملائمة والنظر فيها استقلالا .
أما دعوى القضاء الكامل ذات الطبيعة الشخصية فيملك القاضي في صددها تعديل القرار المطعون فيه ،والحكم على الإدارة بتعويضات عن الأضرار التي أصابت الطاعن المدعي بسبب القرار المطعون فيه ، وذلك استنادا إلى أن محل هذه الدعوى هو الاعتداء على حقوق شخصية للمدعي نشأت عن مراكز قانونية .
4) تمتع دعوى الإلغاء بطبيعة موضوعية على عكس دعوى القضاء الكامل : تتمتع دعوى الإلغاء بطبيعة موضوعية ، وذلك باعتبارها دعوى القانون العام لإلغاء القارات الإدارية وذلك باعتبارها دعوى ليست بين
خصوم بالمعنى الدقيق بقدر ما هي دعوى ضد قرار إداري معين ، تستهدف بصفة أصلية مخاصمته بقصد إلغائه .ويترتب على هذه الطبيعة لدعوى الإلغاء تمتع الأحك ام التي تصدر فيها بحجية مطلقة تنصرف إلى الكافة ، وذلك بحصر الخصومة فيها على القرار الإداري ذاته ، واستنادها في الإدعاء ببطلان لعيب شابه من العيوب المبطلة للقرارات الإدارية .ويرجع الفقه هذه الحجية أيضا إلى النطاق المميز للقانون الإداري والأصل التاريخي للطعن بالإلغاء – في فرنسا – هذا فضلا عن المكانة التي يحتلها الطعن بالإلغاء في التنظيمين السياسي والإداري ، وإن هذه الحجية هي طبيعية لإعدام القرار الإداري في دعوى اختصام له في ذاته ، هذا فضلا على أن المساواة بين الأفراد والجامعات في تطبيق القواعد العامة المستفادة من حكم الإلغاء تقتضي وجوبا إن يكون حكم الإلغاء حجة على الكافة حتى يتقيد الجميع بآثاره .
ويترتب على الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في دعاوى الإلغاء النتائج التالية :
أولا : الحكم الصادر بإلغاء قرار معين ، يمنع من إقامة دعوى ثانية بإلغاء ذات القرار ، وإلا كانت الدعوى المرفوعة غير مقبولة لانعدام موضوعها .ثانيا : فائدة الحجية المطلقة لحكم الإلغاء لا تقتصر على من أقام الدعوى، بل تمتد إلى الآخرين ، ويقول " فالين " في هذا الصدد " ... إن حجية الحكم الصادر بالإلغاء حجية مطلقة من شأنها أن يصبح القرار المحكوم بإلغائه كأن لم يكون ولا يحتج به في مواجهة أحد ، ويستفيد ذوو الشأن جميعا من هذا الإلغاء ...... " .
ثالثا : مساس الحكم بالإلغاء مركز للغير ، فإذا حكم بإلغاء قرار ما فيما تضمنه من تخطى رفع الدعوى في الترقية بالأقدمية ، فإنه يترتب على تنفيذ هذا الحكم ترقيه الموظف الطاعن ، وإلغاء ترقيه أحدث
المرقين بمقتضى القرار المطعون فيه ، إذ لم يكن هناك درجة شاغرة ارتأت الإدارة ترقيته عليها حفاظا على صالح الوظيفة .
رابعا : عد قبول اعتراض الخارج عن الخصومة على الحكم بإلغاء ، إلا عن طريق التماس إعادة النظر أما دعوى القضاء الكامل ذات الطبيعة الشخصية فتمتنع أحكامها بحجية نسبية ، يقتصر أثرها على طرفي النزاع فقط ، مثل الأحكام المدنية في نطاق حجيتها ، إذ هي ذات حجية نسبية لا يتعدى أثرها طرفي الدعوى .

تعليقات