تسبيب قرار التحقيق في الجريمة
تسبيب قرار التحقيق في الجريمة
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن
سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله
إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله -صلى الله عليه وعلى آله
وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا- أما بعد؛
فإن الله -عز وجل- خلق الخلق لعبادته، وكلفهم باتباع أوامره واجتناب نواهيه
مما فيه صلاح دينهم ودنياهم، فجاءت أحكام الشريعة بحفظ الضروريات الخمس من الدين،
والنفس، والعرض، والعقل، والمال، وقررت العقوبات الشرعية لمن يتعدى حدود الله -عز
وجل-، وأوجبت التثبت في كل من اتُّهِمَ بجريمة كما في قوله -تعالى- : ﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن
تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾
[الحجرات: 6].
فصان الإسلام الإنسان، وحفظ حقوق الله في أمن المجتمع وسلامته فردًا
وجماعة، فأوجب التثبت من التهمة المنسوبة إلى المتهم، وضمن للمتهم تحقيقًا سليمًا
ومحاكمة عادلة عند توجه التهمة إليه، ومما يكشف سلامة التحقيق وجريانه على السداد
أسبابُه التي يقررها المحقق، فتظهر سلامة التحقيق والقناعة به.
ولأهمية تسبيب قرار التحقيق في الجريمة سوف أتناوله في هذا المقام، وأجعل
الحديث عنه في ثمانية مباحث وخاتمة، هي على النحو التالي:
المبحث الأول: تعريف تسبيب قرار التحقيق في الجريمة.
المبحث الثاني: أقسام التسبيب:
المبحث الثالث: مشروعية التسبيب.
المبحث الرابع: فوائد التسبيب.
المبحث الخامس: حكم تسبيب قرار التحقيق، ولزوم ذلك في
النظام السعودي.
المبحث السادس: طرائق التسبيب.
المبحث السابع: ضوابط التسبيب.
المبحث الثامن: أثر الإخلال بالتسبيب.
الخاتمة: وفيها أبرز نتائج البحث.
ونبدأ -بعون الله- في الكلام على ما وَعَدْنَا.
المبحث الأولتعريف تسبيب قرار التحقيق في الجريمة
تعريف التسبيب في اللغة:
التسبيب في اللغة: مأخوذ من السبب، وهو كل ما يتوصل به إلى غيره، كما يطلق
على الحبل. ([1])
تعريف القرار في اللغة:
القرار في اللغة: مصدر من الفعل "قرَّ"، تقول: قرَّرْت عنده
الخبر حتى استقرَّ: ثبت، بعد أن حقَّقته له.
وقرَّرَ المسألة أو الرأي: وضَّحه وحقَّقه.
وتقَرَّر الأمر: استقر وثبت.
وتقَرَّرَ الرأي أو الحكم: أمضاه من يملك إمضاءه. ([2])
تعريف التحقيق في اللغة وفي الاصطلاح:
التحقيق في اللغة:
مصدر من: حقَّق الأمر، أي: تيقنه، أو جعله ثابتًا لازمًا، يقال: حقَّق
الظن، وحقَّق القول، والقضية، والشيء، والأمر: أحكمه.
فهو المبالغة في الإتيان بالشيء على حقه من غير زيادة فيه ولا نقصان، وذلك
ببلوغ حقيقة الشيء، والوقوف على كُنْهِه، والوصول إلى نهايته. ([3])
التحقيق في الاصطلاح:
هو التحقيق في الجريمة، وقد عرَّفه بعض المختصين في التحقيق من المعاصرين
بأنه:
"التثبت من صفحة الاتِّهَام والوصول إلى معرفة الحقيقة إثباتًا أو
نفيًا". ([4])
وهذا التعريف لم ينوه عن بذل الجهد من المُحَقِّق، والتحقيق لا يتم إلا
بذلك، كما لم ينوه عن موضوع الاتِّهَام بأنه محظور شرعي، ولا بد من ذلك، ولذلك
أُعَرِّف التحقيق في الجريمة بأنه:
"بذل الجهد من مختص للتثبت من صحة ما ينسب إلى المُتَّهَم من فعل
محظور شرعي بما يؤكد التهمة أو ينفيها"".
وقد اشتمل هذا التعريف على ما يلي:
1- أن التحقيق يكون في مواجهة متهم -حقيقة أو حكمًا- بفعل محظور شرعي من كل
معصية أوجبت حدًّا أو تعزيرًا أو قصاصًا.
2- أن على المُحَقِّق بذل غاية الجهد للتثبت من التهمة بما يؤكدها أو
ينفيها، ويكون تأكيدها بأدلة الاتهام من إقرار أو شهادة أو قرينة، كما يكون نفيها
باستصحاب دليل البراءة الأصلية وأدلةِ التحقيق الأخرى من شهادة أو قرينة تنفيها.
3- أن التحقيق المعتد به لا يكون إلا ممن جعل له ولي الأمر ذلك.
تعريف الجريمة في اللغة وفي الاصطلاح:
الجريمة في اللغة:
الجريمة والجرم بمعنى، وهي تعود في استعمالها اللغوي إلى القطع والكسب،
فيقال: جرَمت النخل: قطعت ثمره، ويقال: جرَم الرجل، أي: كسب، ومنه: أذنب واكتسب
الإثم. ([5])
الجريمة في الاصطلاح:
هي محظور شرعي زجر الله عنه بحد أو تعزير. ([6])
فالجريمة إما إتيان فعل قد نهى الله عنه، أو ترك أمر قد أمر الله به، ولكن
الإعراض عن المأمور أو إتيان المنهي إنما يكون جريمة في الشرع إذا اقترن بعقوبة من
حد أو تعزير كما هو مقرر في التعريف. ([7])
والحد: ما كانت العقوبة عليه مقدرة من الشرع.
والتعزير: ما كانت العقوبة عليه غير مقدرة بقدر معين، بل جعل الشرع للحاكم
الاجتهاد في تقديرها بحسب الذنب، وحال المذنب، ومصلحة المجتمع في الزجر عنها.
ويطلق بعض الفقهاء على الجريمة: الجناية. ([8])
والمراد بقرار التحقيق في الجريمة:
هو تصرُّف يتخذه المُحَقِّق في التهمة ([9]) الجُرْمِيَّة مُقَرِّرًا
حفظ التحقيق أو توجيه الاتهام إلى المحقَّق معه والإحالة إلى المحكمة.
وقد اشتمل هذا التعريف على ما يلي:
1- أن قرار التحقيق عمل إيجابي يتخذه المُحَقِّق تجاه واقعة الاتهام التي
يعالجها، فلا يكفي فيه مجرد الترك.
2- أن نتيجة قرار التحقيق تكون إما بحفظه دائمًا أو مؤقتًا، وإما بتوجيه
الاتهام للمُحَقَّق معه ومن ثَمَّ إحالته إلى المحكمة للفصل في موضوعه قضائيًّا.
أنواع قرار التحقيق:
يتنوع قرار التحقيق إلى نوعين، هما ([10]):
النوع الأول: قرار حفظ التحقيق:
والمراد به: تصرُّف يتخذه المُحَقِّق في
التهمة الجُرْمِيَّة مُقَرِّرًا صرف النظر مؤقتًا أو دائمًا عن إقامة الدعوى بالحق
العام أمام المحكمة المختصة.
ويكون حفظ التحقيق مؤقتًا في الحالين الآتيين:
1- إذا كان الفاعل مجهولًا.
2- إذا لم تتوافر أدلة على ارتكاب المُتَّهَم للفعل المنسوب إليه.
وفي هاتين الحالين يعاد التحقيق متى قُبِض على الفاعل، أو ظهرت عليه أدلة
جديدة.
كما يكون حفظ التحقيق نهائيًّا في حال عدم ثبوت الوقائع المنسوبة إلى
المُتَّهَم أو انتفاء قيام الجريمة.
ويقرر المُحَقِّق حفظ التحقيق نهائيًّا في الأحوال الآتية:
أ- إذا كان الفعل المنسوب إلى المتهم غير مُجَرَّم شرعًا.
ب- إذا انقضت الدعوى الجزائية لسبب من الأسباب العامة أو الخاصة.
ج- إذا لم تتوافر أدلة على التهمة المنسوبة إلى المتهم.
د- إذا جُهِلَ الفاعل، على أن يكلف المُحَقِّق الجهات الأمنية باستمرار
البحث والتحري لمعرفة الفاعل.
النوع الثاني: قرار الاتهام:
والمراد به: تصرف يتخذه المُحَقِّق في التهمة الجُرْمِيَّة مقررًا توجيه
الاتهام للمُحَقَّق معه، وطلبَ إحالته إلى المحكمة.
ويكون ذلك عند قيام الأدلة الكافية لدى المُحَقِّق التي ترجح توجيه الاتهام
للمتهم بارتكاب محظور شرعي.
المراد بتسبيب قرار التحقيق في الجريمة:
هو ذِكرُ المُحَقِّق ما بنى عليه قراره الذي اتخذه في القضية المُحَقَّق
فيها من المستند الشرعي وما في حكمه، وذكر الوقائع المؤثرة في الاتهام، وصفة
ثبوتها بطرق الإثبات المعتد بها، والتوصيف الجرمي لواقعة الاتهام.
فالتسبيب إذًا، وصف لاجتهاد المُحَقِّق في بيان المستند الشرعي وما في
حكمه، وبيان الوقائع المؤثرة في القرار، وكيف ثبتت لديه بشهادة أو إقرار أو قرائن،
وبيان الوصف الجرمي لواقعة الاتهام، فهو ترجمة للاجتهاد والعمل الذهني الذي يقوم
به المُحَقِّق عند اتخاذ قراره، وهو مرآة تظهر فيها الخطوات التي سلكها المُحَقِّق
حتى الانتهاء من التحقق وتقرير رأيه في الواقعة محل التحقيق، وقد ذكر الفقهاء ذلك
في القاضي، والمُحَقِّقُ مثله في هذا. ([11])
المبحث الثاني
أقسام التسبيب
ينقسم تسبيب قرار التحقيق من جهة موضوعه إلى قسمين، هما: تسبيب شرعي،
وتسبيب واقعي، وإليك بيانهما:
1- التسبيب الشرعي:
والمراد به: بيان المستند الشرعي الذي ينطبق على الواقعة المُحَقَّق فيها من
الكتاب، والسنة، وأقوال أهل العلم.
وقد ذكر الفقهاء: أن القاضي يبيّن للمحكوم عليه حُكم الشرع في الواقعة،
ويذكر الدليل عليه.([12])، وأن أدلة الأحكام
القضائية هي الكتاب، والسنة، والإجماع، وما تكلم به الصحابة والعلماء.([13])
والتقرير الجنائي له شبه بالحكم؛ لأنه فصل في اتهام برأي يوجب حفظ الدعوى
أو اتهام المُحَقَّق معه، وإحالته إلى المحكمة، وكل من حكم بين اثنين فهو قاض حتى
من يحكم بين الصبيان إذا تخايروا في الخطوط.([14])
2- التسبيب الواقعي:
والمراد به: بيان الواقعة المؤثرة في الاتهام وصفة ثبوتها.
وقد ذكر الفقهاء أن القاضي إذا أراد الحكم بيَّن للمحكوم عليه ما احتج به
هو، وما احتج به خصمه، وما ثبت من الوقائع المؤثرة في الحكم، وصفة ثبوتها من
شهادة، أو إقرار، أو نحو ذلك ([15])، والتقرير الجنائي له
شَبَهٌ بالحكم.
المبحث الثالثمشروعية التسبيب
لا يختلف الفقهاء في مشروعية تسبيب الأحكام القضائية، وذلك ظاهر من تتبع
كلامهم في التسبيب مطلقًا أو ذكر مستند الواقعة من شهادة، أو إقرار، ونحو ذلك ([16])، والتحقيق في الجريمة له
شَبَهٌ به، ويدل على أصل المشروعية له ما يلي:
1- أن القرآن الكريم يُعَلِّل الأحكام
الكلية:
فلقد سلك القرآن الكريم مسلكًا بديعًا محكمًا في شرعية الأحكام، فلم يكن
يسردها سردًا، بل كان يبيّن في مواطن كثيرة عللها المؤثرة، وأوصافها المعتد بها،
ومن ذلك قوله -تعالى- : ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ
الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ
الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ﴾ [الحشر: 7]، وقوله: ﴿فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا
حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ﴾ [النساء: 160]، وغير ذلك
كثير، وظاهرٌ من ذلك أن الله -عز وجل- يبيّن علل الأحكام ومصالحها وموجباتها،
فيبيّن المصالح التي شرعت لأجلها الأحكام الكلية، والمفاسد التي تدفعها هذه
الأحكام، سواء كانت هذه العلل متمسكًا لتعدية الحكم أو مظهرة وكاشفة للحكمة من
تشريعه.([17])
2- أن السنة تعلل الأحكام الكلية:
فلقد جاءت السنة ناطقة بما نطق به الذكر الحكيم، وشاهدة لمسلكه القويم في
تعليل الأحكام، كاشفة لحكمتها، مُمَكِّنَة لتعديتها، ومن ذلك قوله r: "إذا صلى أحدكم للناس فليخفف؛ فإن منهم
الضعيف، والسقيم، والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء" ([18])، ففي الحديث بيان لعلة
المنع من تطويل الصلاة عند الإمامة بالناس وهي مراعاة أصحاب الأعذار.
وقضى النبي r بحضانة ابنة حمزة لخالتها، وقال: "الخالة
بمنزلة الأم"([19])، فعلل استحقاق الخالة
للحضانة بأنها بمنزلة الأم.([20])
قال ابن حجر (ت: 852هـ): "وفيه من الفوائد ... أن الحاكم يبين دليل
الحكم للخصم".([21])
ونهى النبي r عن الخذف([22])، وعلل بقوله: "إنه
لا يقتل الصيد، ولا ينكأ العدو، وإنه يفقأ العين، ويكسر السن".([23])
وإذا كان مسلك القرآن والسنة هو الكشف عن علل الأحكام وحكمتها التي تكون
فائدتها بيان مأخذ الحكم، وإقناع من يأخذ به ويطبقه فإن المحقق الجنائي أولى بذلك
وأحرى، فعليه أن يقيم الدليل على التصرف الذي عمله والرأي الذي قرره، ويكشف عن
مأخذه وصفة ثبوت الوقائع لديه.
يقول ابن القيم (ت: 751هـ): "والمقصود أن الشارع مع كون قوله حجة
بنفسه يرشد الأمة إلى عِلَل الأحكام ومداركها وحِكَمها، فورثته من بعده كذلك"
([24])، وقوله: "فورثته من
بعده" يشمل كل من يقوم بتطبيق نص على واقعة من مُفْتٍ أو قاضٍ أو محقق جنائي،
فعليهم تسبيب ما يقررونه.
3- من المعنى والمعقول:
إن التسبيب له فوائد ومصالح تقتضيه، منها: قناعة المتهم، ومعرفة مأخذ
المحقق ومستنده في نتيجة تحقيقه، وإعانة الجهة المختصة بمراجعة القرار وتدقيقه على
ذلك، وتسهيل مهمة المحكمة عند نظر الدعوى من تقدير القرار قبولًا أو ردًّا، وغيرها
من الفوائد التي سوف نأتي على ذكرها مفصّلًا([25]) -إن شاء الله تعالى-
فناسب شرعية التسبيب لهذه المصالح.
المبحث الرابع
فوائد التسبيب
للتسبيب فوائد يحققها، وهي ([26]):
1- أنه يبين حدود أثر القرار، ويعين على تفسيره عند الاقتضاء، فالقرار
المبني على البينة يختلف عن القرار المبني على الإقرار من حيث الآثار.
2- أنه أطيب لنفس المتهم، ليعلم أن المحقق قد فهم حجته وأنه إنما أصدر
القرار بعد الفهم عنه، والقلوب أقرب إلى قبول الأحكام الجارية على ذوق المصالح
والمسارعة إلى التصديق بها وقبولها والطمأنينة إليها من الاحكام الجارية على قهر
التحكم. ([27])
3- أنه يدفع عن المحقق الريبة، وتهمة الميل إلى أحد الأطراف، أو التشكي من
جوره وظلمه بزعم القائل، ومتى أمكن إقامة الحق مع انتفاء ذلك فهو أتم وأكمل. ([28])
4- أنه يحمل المحقق على الاجتهاد وبذل الوسع في تقريره، ويمنع عنه توثب
المتوثبين وقالة السوء من القائلين بأن ما صدر منه عن جهل. ([29])
5- تمكين الدائرة المختصة مدققة القرار من دراسة القرار -حفظًا واتهامًا-
وتدقيقِه، فيسهل عليها أداء مهمتها في مراجعته وإلغائه أو طلب استكماله ([30])، وتمكين المحكمة المختصة
من تقدير الاستعانة بالقرار أو الإعراض عنه، وتمكين المجني عليه والمدعي بالحق
الخاص من الطعن في قرار حفظ التحقيق وما بني عليه عند عدم القناعة به.
6- تيسير الإفادة من هذه القرارات:
إن قرارات التحقيق قد تكون محلًا للموازنة بين ما يقرَّر من الأحكام الكلية
في حلقات التدريب وقاعات الجامعات، وما يطبق على الوقائع، ومما يعين على الإفادة
من هذه الموازنة أسباب القرار التي تظهر فيها العلاقة بين النصوص الشرعية المستدل
بها ووقائع الاتهام المحقق فيها.
ينضاف إلى ذلك: أن القرارات متى بان تقعيدها وتأصيلها من تسبيبها فإنها
تكون عونًا للمحققين في طرائق التطبيق، ومرجعًا لهم فيما يشكل عليهم.
ولذا كان من أدب المحقق المتأكد اطلاعه على قرارات المحققين السابقين، وأن
يكون بصيرًا بها، ليبني عليها ويستضيء بها، كما ذكر الفقهاء ذلك في القاضي. ([31])
المبحث الخامسحكم تسبيب قرار التحقيق، ولزوم ذلك في النظام السعودي
حكم تسبيب قرار التحقيق:
إن قرار التحقيق يمسُّ الإنسان ويتعلق بنفسه وماله أو غيرهما، ويكون معينًا
للقاضي عند الإحالة إلى القضاء، وفي ذلك حقوق تتعلق بالمتهم وبأمن المجتمع وسلامته
والحفاظ على الضروريات المقررة شرعًا.
ولذا فإنه يجب على المحقق تسبيب قراره، لما يلي ([32]):
1- ما سبق من أدلة مشروعية التحقيق.
2- قوله r: "إنما الطاعة بالمعروف" ([33])، وإنما يكون ذلك معروفًا
ببيان مستند التحقيق الشرعي والواقعي.
3- أن التسبيب أنفى للتهمة عن المحقق بأنه اتخذ قراره بالهوى أو الجهل من
غير مستند شرعي أو واقعي.
4- أن التسبيب يحمل المحقق على الاجتهاد في تقصي الحقائق والتثبت منها
وتقرير المستند الشرعي الملاقي للواقعة.
5- أن ذلك أطيب لنفس الجاني عند تقرير الاتهام، ليعلم أن ما قُرِّرَ بحقه
مبني على حجة وبرهان، كما يمكِّن ذلك دوائر التعقيب والمراجعة للقرار من أداء
مهمتها في يسر وسهولة، ويعين المحكمة على تقدير حجية القرار.
لزوم تسبيب قرار التحقيق في النظام
السعودي:
لقد اهتم النظام الإجرائي السعودي للتحقيق في الاتهام بتقرير وجوب تسبيب
قرار التحقيق، فقد جاء في مشروع اللائحة التنظيمية لنظام هيئة التحقيق والادعاء
العام بيان ذلك فيما يلي:
1- جاء في الفقرة (1) من المادة (55): "يجب أن يتضمن القرار الصادر
بحفظ التحقيق الأسبابَ والموجبات التي بُنِي عليها ...".
2- جاء في الفقرة (2) من المادة (58): "يجب أن يتضمن قرار الاتهام ...
سردًا للوقائع والأفعال المرتكبة، وتاريخها، وكيفية ارتكابها، ودور المتهم وجميع
المساهمين في الجريمة، وبيانًا بالأدلة المادية الثابتة، والبينات الشفوية، وجميع
القرائن والأمارات التي تم استنباطها، وتعيين الوصف للجريمة المرتكبة بجميع أركانها
المكونة لها، والمستند الشرعي أو النظامي الذي يعاقب على ارتكابها، مع ذكر كافة
الظروف والأسباب المشددة أو المخففة التي يمكن أن تنطبق على الفاعل أو أحد
المساهمين ...".
المبحث السادسطرائق التسبيب
إن طرائق التسبيب تختلف طولًا وقصرًا لاختلاف القضية التي تتناولها طولًا
وقصرًا، وتشعبًا، وغموضًا ووضوحًا، ويستفاد مما ذكره العلماء في تسبيب الأحكام
القضائية ([34])،
وما ورد في مشروع اللائحة التنظيمية لنظام هيئة التحقيق والادعاء العام ([35])، وجرى به العمل -أن
للتسبيب وبخاصةٍ تسبيب قرار الاتِّهام طرائقَ ثلاثًا: بسيطة، ووسيطة، ووجيزة، فبعد
ذكر بيانات القرار من اسم المُحَقِّق الذي أصدره، واسم المتَّهَم، وشهرته، وعمره،
ومحل ولادته، وإقامته، ومهنته، وجنسيته، ورقم وتاريخ ومصدر هويته، وتحديد بدء مدة
توقيفه لأجل القضية، والإجراءات التي عملها المُحقق- فإنه يُسبِّب قراره حسب كل طريقة
فيما يلي:
1- الطريقة البسيطة (المُطَوَّلة):
هذه الطريقة للتسبيب يُقرِّرها المحقق حسب العناصر الآتية:
أ-
تنقيح الوقائع بذكر المؤثر منها، فتُسْرَد
الوقائع، والأفعال المرتكبة، وتاريخها، وصفة ارتكابها، وعمل المتهم فيها وجميع
المساهمين في الجريمة، والرد على الوقائع والدفوع غير المؤثرة مما يخشى اللبس
بالسكوت عنها، وبيان عدم تأثيرها وردها ([36])، ولا يستطرد المحقق في
الرد على كل واقعة أو وصف غير مؤثر؛ لمشقة ذلك وطوله، ولأنه إذا علم الوصف المؤثر
الذي يُبْنَى عليه الحكم فما عداه طرديٌّ.
ب-
يذكر المحقق صفة ثبوت الوقائع المؤثرة مبينًا
طرق الإثبات التي ثبتت بها من إقرار أو شهادة أو قرائن أو غيرها من الأدلة المادية
أو الشفهية من كل دليل استدل به على ثبوت الواقعة أو نفيها، ويُبين ملخص الطريق
الذي ثبتت به ووجه الدلالة منه، ويبين رد البينات عند ردها وسببَه، أو يشير إلى
عدم ثبوت الواقعة إذا لم يكن عليها بينة، ولم يعترف المتهم بها ([37]).
ج-
يعيِّن المحقق الوصف الجرمي لواقعة الاتهام،
كأن يقرر بأن الواقعة من قبيل الحرابة، أو الغيلة، أو قتل العمد، أو الخطأ، وذلك
طبقًا للبينات، مستوفيًا جميع صفاتها المكونة لها، ومبيِّنًا الظروفَ المشدِّدة أو
المخفِّفَة عن المتهم أو أحد المشاركين له.
د-
يذكر المحقق المستند الشرعي الذي يُجرِّم
الفعلَ الذي ارتكبه المتهم، ووجه الدلالة منه إذا لم تكن ظاهرة ([38]).
هذا، وقد يترك المحقق بعض أوصاف هذا التسبيب
عند الاقتضاء حينما لا يحتاج إليها.
ومما تجدر الإشارة إليه أن هذه الطريقة المُطَوَّلَة للتسبيب يجب اتباعها حينما تكون القضية شائكة متشعبة طويلة الفصول، غامضة الأدلة والبراهين، فيقوم المُحقق بتسبيبها بهذه الطريقة التي مرَّ تفصيلها، وقد تكون الإطالة في التسبيب عيبًا إذا كانت القضية ليست على الصفة التي ذكرت، فيصار إلى إحدى الطريقتين الآتيتين: (الوسيطة، أو الوجيزة).
2- الطريقة الوسيطة:
هذه الطريقة يُعمل بها في القضايا المتوسطة
بين الظهور والخفاء، ويكتفى في هذه الطريقة من العناصر بما يلي ([39]):
أ- ذكر الوقائع المؤثرة، أو انتفائها، وصفة
ثبوتها، وأدلة الثبوت والانتفاء من إقرار أو شهادة أو غيرها، أو الإشارة إلى عدم
ثبوت الواقعة إذا لم تكن بينة، ولم يعترف الخصم بها.
ب- ذكر المستند الشرعي لما قرَّره.
ولا يحتاج إلى ذكر التفصيل الوارد في الطريقة
البسيطة لعدم وجود ما يقتضيه.
3- الطريقة الوجيزة:
وهذه الطريقة يُعمل بها في القضايا التي لا غموض
فيها ولا طول، فيكون الحكم الكلي واضحًا جليًّا معلوم الدليل، والواقعةُ ظاهرةَ
الثبوت أو الانتفاء بالإقرار ونحوه، فيكتفى فيها بذكر صفة ثبوت الوقائع المؤثرة
بالطريق الذي ثبتت به والوصف الجرمي للواقعة أو الإشارة إلى عدم ثبوتها.
ولا يلزم ذكر المستند الشرعي؛ لظهوره ووضوحه،
ولا استيفاء بقية عناصر التسبيب المارّ ذكرها في الطريقة البسيطة أو الوسيطة؛ لعدم
قيام ما يستدعي ذلك.
الزيادة في عناصر التسبيب أو
النقص منها عند الاقتضاء:
ما مرّ ذكره من رسم عناصر التسبيب لكل طريقة
إنما هو في الجملة لا بالجملة ([40])، بحيث يجوز للمحقق التصرف
فيها بالزيادة والنقصان حسب حاجة الاستدلال.
وذلك كأن يستعمل في الطريقة الوسيطة بعض
العناصر الخاصة بالطريقة البسيطة، أو يترك بعض العناصر المذكورة في الطريقة
البسيطة، فلا حجر على المحقق في ذلك ما لم يخرج إلى الطول الممل أو الاختصار
المخل.
المبحث السابع
ضوابط التسبيب
للتسبيب ضوابط تجب مراعاتها ([41])، وهي:
1- اعتماده على الوقائع والأدلة المقدمة
للمُحَقِّق والمدونة لديه:
فلا بُدَّ أن يكون التسبيب الواقعي للقرار
مستمدًا مما قُدِّم للمُحقق من وقائع وأدلة واستجواب للمُتَّهَم مما تمَّ تدوينه
في محاضر التحقيق أو أُرْفق بإضبارة القضية، فلا يصح تسبيب الوقائع بأسباب لم
تُقَدَّم للمحقق ولم يقف عليها وتُدوَّن في محضره.
ومن هنا تبرز أهمية اتخاذ دفاتر للتحقيق وجمع
الأدلة ماديةً أو شفهية وتوثيقِها لدى المحقق بمحاضر أو في دفاتر التحقيق حسب
الاقتضاء.
ولا يعتدّ المحقق في تسبيبه للوقائع بما لم
يُدَوَّن لديه في محضر التحقيق أو لم يُوجد من ضمن إضبارة التحقيق، كما لا يعتمد
على علمه الشخصي.
2- أن يكون التسبيب كافيًا:
المراد بكفاية التسبيب: أن يورد المحقق من
الأسباب -شرعية وواقعية- ما يدل على صحة القرار وإحكام بنائه مما يحمل على القناعة
به.
فلا بدَّ أن يكون التسبيب كافيًا مشتملًا على
عناصر التسبيب التي سبقت الإشارة إليها في طرائق التسبيب، فيورد المحقق منها ما
يحمل على القناعة بالقرار، ويُظهر كونه صوابًا وعدلًا.
فتقصير المُحقق في تسبيب قراره أمرٌ مُخلّ
بالتسبيب.
وعلى المحقق ألا يزيد من الأسباب ما لا حاجة
له به، بل يقتصر على قدر الحاجة.
وقد قال علماء الجدل: على المجادل ألا يورد
من الكلام إلا قدر ما يحتاج إليه ([42]).
ولا يعني هذا عدمَ التمسك بالأسباب المؤيدة
للسبب الأصلي إذا كان لإيرادها زيادة فائدة في تقرير المعنى وتقويته؛ فيجوز تسبيب
القرار بأكثر من سبب لمدلول واحد؛ لأن المدارك قد تجتمع، وإذا اجتمعت حصل بها قوة
للمدلول؛ لأن اجتماع الأدلة على المدلول الواحد يوجب علمًا مؤكدًا.
وقد ذكر علماء الأصول: جواز تعليل الحكم
بعلتين.
يقول ابن تيمية (ت: 728): "وهكذا يقال
في اجتماع الأدلة على المدلول الواحد أنها توجب علمًا مؤكدًا، أو علومًا متماثلة،
ومن هنا يحصل بها من الإيضاح والقوة ما لا يحصل بالواحد" ([43]).
وعلى المحقق التمسك بأقوى ما في المسألة من
الأدلة والاستنتاجات شرعية أو واقعية.
ولا بدَّ أن يكون المعنى المستنبط مؤثرًا مما
شهد له الشرع بالاعتبار، وألَّا يعارضه ما هو أقوى منه من العلل والمعاني التي
تنفيه ([44]).
وليجتنب من الأسباب ما ضعف مدركه في ثبوته أو
وجه دلالته ما لم يقترن بما يعضده واقعيًّا كان التسبيب أم شرعيًّا.
فلا يذكر من وجوه الدلالة للنصوص المستدل بها
ما ضعف من المعاني والدلالات، ولا يترك دلالة نص من غير ناسخ، ولا يأخذ بتأويل
ظاهر ما لم يعضده ما يقوّيه.
وهكذا في البينات المثبتة للوقائع، لا يعتمد
المحقق على طريق للإثبات لا يشهد له الشرع بالاعتبار، كما لا يعتمد على قرينة
ضعيفة أو استنباط بعيد ما لم يعضد ذلك ما يقويه.
3- أن يكون التسبيب مُتَّسِقًا ([45]):
والمراد باتّساق التسبيب: توافق الأسباب،
وعدم تعارضها مع بعضها أو مع القرار.
فعلى المحقق أن يلحظ عند تسبيب قراره توافق
الأسباب بعضها مع بعض؛ فتكون ملاقية للواقعة المحقَّق فيها والدفوع والأدلة
والبينات، فلا تكون هذه في جهة والأسباب في جهة أخرى.
ولا تُعارض أو تُناقض الأسبابُ بعضُها بعضًا
فيما بينها، أو مع القرار.
وذلك كأن يقول المحقق في تسبيب قراره في قضية
قتل في "جدة": وبما أن المتهم قد ثبت وجوده ليلة الحادث في
"جدة"، كما أنه قد أثبت وجوده في الليلة نفسها في "مكة"، ثم
لا يجيب عن هذا التعارض، مبينًا وجه الجمع أو الترجيح طبقًا لما قام لديه من أدلة
وبينات.
فعلى المحقق أن يوضح في أسباب قراره ما يثبت
من الوقائع، والرد على ما يعارضها أو يناقضها، والإجابة على ما قد يرد من التباس
في الفهم والتطبيق ([46]).
ولقد قرر العلماء طرق الجمع والترجيح بين
البينات المتعارضة ([47])، كما بينوا أحكام التناقض
بين أقوال الخصم ومتى يرتفع ([48])، فعلى المحقق الإفادة من
ذلك عند تقرير أسباب قراره.
4- أن يكون التسبيب مُتَسَلْسِلًا ([49]):
والمراد بتسلسل التسبيب: ترتيب الأسباب بحيث
يأخذ بعضها ببعض.
فعلى المحقق عند تسبيب القرار أن يلحظ ترتيب
الأسباب بحيث يأخذ بعضها ببعض، فيأخذ السببُ اللاحقُ بعَجُزِ سابقه مُقَدِّمًا
الأقوى فالقوي والأهم ثم المهم.
وعلى المحقق أن يلحظ عند تسبيب قراره أن يكون
استنباطه مُنَظَّمًا، ينطلق فيه عند تقريره من المقدمات إلى النتائج، ومن المعلوم
إلى استنباط المجهول أو تقريره، ومن الدليل إلى المدلول ([50]).
وتترك بعض المقدمات إذا كانت ظاهرة معلومة.
5- أن يكون التسبيب واقعيًّا متوازنًا:
والمراد بواقعية التسبيب: مطابقته لواقع
الحال من غير مبالغة ولا تهويل، أو تقليل وتهوين.
والمراد بتوازنه: تعادل الأسباب، فلا يركز
على جانب من الأسباب ويهمل جانبًا آخر.
فعلى المحقِق أن يلحظ عند تسبيب قراره
الواقعية في التسبيب، فلا يبالغ أو يهول فيه بحيث يورد من الأسباب ما يصور الواقعَ
والحالَ أكبر مما هو عليه.
كما لا يهون أو يقلل في التسبيب بحيث يصور
الحال والواقع أقل مما هو عليه إما بإيراد الأسباب التي تؤيد التهوين بخلاف
الواقع، أو يترك من الأسباب ما يساعد على تهوين الحال بأقل مما تستحقه.
وعلى المحقق أن يلحظ عند تسبيب قراره توازنَ
الأسباب وتعادلها، فلا يركز على جانت من الأسباب، ويهمل جانبًا آخر منها جديرًا
بالاهتمام والإيراد، وذلك كأن يذكر المحقق أسباب التجريم في العقوبة التعزيرية،
ويقفل موجبات التخفيف أو التشديد فيها إن وجدت.
والعدل في القول مما أمر الله به، يقول الله
-تعالى- : ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا﴾ [الأنعام: 152]، وهو من المحقق عند
تسبيب قراره يقتضي الواقعية والموازنة على نحو ما ذكرنا، فلا يهول أو يهون في
الأسباب، بل تكون مطابقة لواقع الحال متوازنة متعادلة.
ولما كتب حاطب بن أبي بلتعة -رضي الله عنه-
إلى أهل مكة عام الفتح يخبرهم بمسير النبي r إليهم، وظهر أمر الكتاب سأله النبي r عن ذلك، فقال: "ما حملك على ما صنعت؟ قال حاطب:
والله ما بي ألا أكون مؤمنًا بالله ورسوله r، أردت أن تكون لي عند القوم يدٌ يدفع الله بها عن
أهلي ومالي، وليس أحد من أصحابك إلا له هناك من عشيرته من يدفع الله به عن أهله
وماله، فقال النبي r: صدق، ولا تقولوا له إلا خيرًا، فقال عمر: إنه قد
خان الله والمؤمنين، فدعني فلأضرب عنقه، فقال: أليس من أهل بدر؟ فقال: لعل الله
اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة، أو: فقد غفرت لكم،
فدمعت عينا عمر، وقال: الله ورسوله أعلم" ([51]).
فالنبي r هنا وازن بين فِعْلة حاطب -رضي الله عنه- وما بسطه
من عذره وما له من سابقة في الإسلام من شهود بدر، وهذا في غاية الواقعية
والموازنة.
6- العناية بصياغة ([52]) الأسباب:
والمراد بالعناية بصياغة الأسباب: أداؤها
مكتوبة بوضوحٍ، واختصارٍ، والتزامٍ باللغة العربية والمصطلحات الشرعية، مرتبةً محكمةً.
فتُحوَّل الأسباب من أفكار منثورة في الذهن
أو مسودات في الورق إلى أحرف مرتبة مسطورة.
فعلى المحقق أن يؤدي الأسباب بصياغة واضحة
الأسلوب والعبارات، متسلسلةً، آخذًا بعضها برقاب بعض، بعيدةً عن عن الإيهام
والاحتمال لأكثر من معنى، مبتعدًا عن الغريب والتعقيد في الألفاظ والأساليب.
وعلى المُحقق الالتزام في صياغة الأسباب
بالإيجاز في الألفاظ والكلمات، مقتصدًا في السياق من غير تطويل مُمل ولا تقصير
مخل، مختارًا من الألفاظ والأساليب ما يصور الواقع على حاله من غير مبالغة ولا
تهوين، مجتنبًا تكرار الكلام من غير فائدة؛ كأنما يَعُدُّ كلامه عدًّا، فالبلاغة
في الإيجاز -كما تقول العرب-.
فليس تسبيب القرارات مجالًا للتزيد من
الأساليب الأدبية، أو البيانية، بل يُكتفى منه بالقدر المؤدي إلى المعنى بحيث لا
يشتكى منه قصر ولا طول، فتؤدى الأسباب بأسلوب يتصف بالوضوح، والبيان، والسهولة،
والسلاسة، والدقة، والواقعية، والسبك الحسن، مع الالتزام باللغة العربية مبنى
ومعنى، وصرفًا ونحوًا ورسمًا.
كما يلتزم المحقق في التسبيب بالاصطلاحات
الشرعية فقهًا، وقضاءً، لأنها العنوان المعبر عن المعاني الشرعية، وهي القاسم
المشترك فهمًا وأداءً لجميع من يَطَّلع على القرار مدققًا أو قاضيًا أو غيرهما.
ومن أمثلة العبارات المُخلة بالوضوح: استعمال
المعاني والألفاظ العامة التي لا تحدد ثبوت الوقائع، كقول المحقق في تسبيب قراره:
وبما أن المُحَقَّق معه مُجْرمٌ، ثم لا يُبيِّن جريمته، ولا طرق الإثبات التي
دلَّت على ذلك، ولا النصّ الذي جرم فعله.
فهذا التسبيب يشبه أن يكون ترديدًا للاتهام ([53]).
المبحث الثامن
أثر الإخلال بالتسبيب
إذا لم يسبب المُحقِّق قراره، أو كان تسبيبه
معيبًا أو ناقصًا فإن ذلك يُخِلُّ بالقرار ويوجب ردَّه لاستكمال نقصه أو إلغائه
وإحالته إلى محقق آخر، وذلك في الأحوال الآتية ([54]):
1- الخطأ في التسبيب الشرعي للقرار؛ بأن يكون
المستند الشرعي الذي اعتمد عليه المحقق غير مُلاقٍ للواقعة محلِّ التحقيق، أو صرفه
عن ظاهره من غير دليل على ذلك.
وكذا عدم فهم المستند الشرعي الذي اعتمد عليه
المحقق؛ بأن لم يدرك مضمونه أو المقصود منه بل تمسك بظاهر غير مراد، معرضًا عن
إعمال المعاني، متمسكًا بالألفاظ والمباني، مهدرًا قواعد تفسير النصوص وتطبيقها
على الوقائع.
2- الخطأ في التسبيب الواقعي لعدم كفاية
الأسباب، أو الخطأ في تأويل الوقائع والبينات، أو الخطأ في استنباط الأوصاف
المؤثرة من البينات والوقائع، أو تعارض الأسباب وتناقضها.
يقول ابن القيم (ت: 751هـ): "فالحاكم
إذا لم يكن فقيه النفس في الأمارات، ودلائل الحال، ومعرفة شواهده، وفي القرائن
الحالية والمقالية كفقهه في كليات الأحكام أضاع حقوقًا كثيرة على أصحابها، وحكم
بما يعلم الناسُ بُطلانَه لا يشكُّون فيه؛ اعتمادًا منه على نوع ظاهر لم يلتفت إلى
باطنه وقرائن أحواله" ([55])، والمحقق كالقاضي في ذلك.
الخاتمة
وفيها: ملخص البحث
ثم إنه بعد الانتهاء من هذا البحث أَخْلُص
إلى أبرز نتائجه، وهي:
1- التحقيق في الجريمة: هو بذل الجهد من
مختصّ للتثبّت من صحة ما ينسب إلى المتهم من فعل محظور شرعيّ بما يؤكد التهمة أو
ينفيها.
2- قرار التحقيق في الجريمة: هو تصرّفٌ يتخذه
المحقق في التهمة الجُرميَّة مُقررًا حفظَ التحقيق، أو توجيهَ الاتهام للمحقق معه
وإحالته إلى المحكمة.
3- قرار التحقيق على نوعين، هما:
أ) قرار حفظ التحقيق، وهو: تصرف يتخذه
المُحقِّق في التهمة الجُرميَّة مُقررًا صرف النظر مؤقتًا أو دائمًا عن إقامة
الدعوى بالحق العام أمام المحكمة المختصة.
ب) قرار الاتهام، وهو: تصرف يتخذه المحقق في
التهمة الجرميَّة مقررًا توجيه الاتهام للمُحقَّق معه وطلب إحالته إلى المحكمة لمجازاته
في الحق العام.
4- تسبيب قرار التحقيق في الجريمة: هو ذكر
المحقق ما بنى عليه قراره الذي اتخذه في القضية المحقق فيها من المستند الشرعي،
وذكر الوقائع المؤثرة في الاتهام عند توجهه، وصفة ثبوتها بطرق الإثبات المعتدّ
بها، والتوصيف الجرمي لواقعة الاتهام.
5- ينقسم التسبيب إلى قسمين، هما:
أ) التسبيب الشرعي، والمراد به: بيان المستند
الشرعي الذي ينطبق على الواقعة المحقق فيها من الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم.
ب) التسبيب الواقعي، والمراد به: بيان واقعة
الاتهام أو شيء من صفاتها، وصفةِ ثبوتها.
6- التسبيب مشروع، وله أدلة تقتضيه من الكتاب
والسنة والمعقول، وهي مذكورة في أصل البحث.
ويجب على المحقق تسبيب قراره؛ للأدلة الشرعية
المذكورة في أصل البحث، وقد أخذ بذلك النظامُ في المملكة العربية السعودية.
7- للتسبيب فوائد: هي:
أ- بيان حدود أثر القرار، وتفسيرُه عند
الاقتضاء.
ب- إطابة نفس المتهم بما صدر ضده.
ج- دفع الريبة عن المحقِّق.
د- حمل المحقِّق على الاجتهاد وبذل الوسع عند
اتخاذ قراره.
هـ- تمكين الدائرة المختصة من دراسة القرار
وتدقيقه.
و- تيسير الإفادة من القرار في حلقات التدريب
وقاعات الجامعات.
8- للتسبيب ضوابط، هي:
أ- اعتماده على الوقائع والأدلة المقدمة للمحقق والمدونة في المحضر أو
المرفقة بإضبارة القضية.
ب- أن يكون التسبيب كافيًا.
ج- أن يكون التسبيب مُتَّسقًا.
د- أن يكون التسبيب مُتَسَلْسِلًا.
هـ- أن يكون التسبيب واقعيًّا متوازيًا.
و- العناية بصياغة الأسباب.
10- إذا أخل المحقق بالتسبيب فلم يسبّب قراره أو كان تسببه معيبًا أو
ناقصًا وجَبَ ردّه لاستكمال نقصه إن أمكن، وإلا أُلغي القرار وأُحيلت القضية إلى
محقق آخر.
وبَعْدُ، فقد انتهينا من تسطير هذا البحث حسب الجهد والطاقة، وبالله
التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
فهرس المصادر والمراجع
1- آداب الحوار والمناظرة:
علي جريشة (معاصر)، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع،
المنصورة، مصر، الطبعة الأولى 1410هـ
2- الإتقان = شرح ميَّاره الفاسي على تحفة الحكام:
محمد بن أحمد بن ميَّاره الفاسي (ت: 1072هـ)، دار الفكر.
3- إحكام الأحكام على شرح تحفة الحكام:
محمد بن يوسف الكافي (ت: 1380هـ)، دار الفكر.
4- الأحكام السلطانية:
أبو يعلى محمد بن الحسين الفراء الحنبلي (ت: 458هـ)،
صححه وعلَّق عليه: محمد حامد الفقي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، طبع عام
1403هـ.
5- الأحكام السلطانية والولايات الدينية:
أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي (ت: 450هـ)، دار
الكتب العلمية، بيروت، لبنان، طبع عام 1402هـ
6- الاختيارات الفقهية من فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية:
اختارها: علاء الدين أبو الحسن علي بن محمد بن علي
البعلي (ت: 803هـ)
7- أدب القاضي:
أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي البصري الشافعي
(ت: 450هـ)، تحقيق: محيي هلال سرحان، من مطبوعات إحياء التراث الإسلامي، رئاسة
ديوان الأوقاف بالعراق، مطبعة الإرشاد، بغداد، طبع عام 1391هـ
8- أدب القاضي:
أبو العباس أحمد بن أبي أحمد الطبري، المعروف
بـ"ابن القاص" (ت: 335هـ)، تحقيق: حسين خلف الجبوري، مكتبة الصديق للنشر
والتوزيع، الطائف، السعودية، الطبعة الأولى 1409هـ
9- إعلام الموقعين عن رب العالمين:
شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر المعروف
بـ"ابن قيم الجوزية" (ت: 751هـ)، راجعه: طه عبد الرؤوف، دار الجيل للنشر
والتوزيع والطباعة، بيروت، لبنان.
10- الأم:
أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي (ت: 204هـ)، دار
الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان.
11- أهمية معاينة مسرح الجريمة:
جميل محمد الميمان (معاصر)، مطابع أطلس للأوفست بالرياض،
طبع عام 1411هـ
12- البحث العلمي:
عبد العزيز بن عبد الرحمن الربيعة (معاصر)، الطبعة
الأولى 1418هـ
13- البحر الرائق شرح كنز الدقائق:
زين الدين ابن نجيم الحنفي (ت: 970هـ)، دار المعرفة،
بيروت، لبنان، الطبعة الثانية 1413هـ
14- بداية المجتهد ونهاية المقتصد:
محمد بن رشد القرطبي (ت: 595هـ)، دار المعرفة، بيروت،
لبنان، الطبعة السابعة 1405هـ.
15- البهجة في شرح التحفة:
أبو الحسن علي بن عبد السلام التسولي (ت: 1258هـ)، دار
الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، طبع عام 1412هـ
16- تبصرة الحكام في أصول الأقضية ومناهج الأحكام:
برهان الدين إبراهيم بن علي بن أبي القاسم بن محمد بن
فرحون المالكي المدني (ت: 799هـ)، راجعه: طه عبد الرؤوف سعد، مكتبة الكليات
الأزهرية، القاهرة، الطبعة الأولى 1406هـ
17- تسبيب الأحكام القضائية في الشريعة الإسلامية:
عبد الله بن محمد بن سعد آل خنين (معاصر)، الطبعة الأولى
1420هـ
18- التشريع الجنائي:
عبد القادر عودة (ت: 1374هـ)، دار الكتاب العربي، بيروت.
19- تعليل الأحكام:
محمد مصطفى شلبي (معاصر)، دار النهضة العربية للطباعة
والنشر، بيروت، طبع عام 1401هـ
20- تنبيه الحكام على مآخذ الأحكام:
محمد بن عيسى بن المناصف (ت: 620هـ)، أعده للنشر: عبد
الحفيظ منصور، دار التركي للنشر، طبع المطابع الموحدة بتونس.
21- تيسير العلام شرح عمدة الأحكام:
عبد الله بن عبد الرحمن بن صالح آل بسام (معاصر)، يطلب
من مكتبة ومطبعة النهضة الحديثة بمكة المكرمة، سوق الليل، طبع عام 1393هـ
22- الجدل على طريقة الفقهاء:
أبو الوفاء علي بن عقيل بن محمد بن عقيل البغدادي
الحنبلي (ت: 513هـ)، الناشر: مكتبة الثقافة الدينية، شارع بورسعيد.
23- حاشية ابن عابدين = رد المحتار على الدر المختار:
محمد أمين، الشهير بـ "ابن عابدين" (ت:
1252هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.
24- الحوار: آدابه وضوابطه في ضوء الكتاب والسنة:
يحيى بن محمد بن حسن بن أحمد زمزمي (معاصر)، الناشر: دار
التربية والتراث بمكة المكرمة، ورمادي للنشر بالدمام.
25- الدُّرّ المختار شرح تنوير الأبصار:
للحصكفي: محمد بن علي الحصني (ت: 1088هـ)، مطبوع بهامش:
حاشية ابن عابدين [مرجع سابق]، وقد سبقت بيانات الكتاب هناك.
26- دُرَر الحكام شرح مجلة الأحكام:
علي حيدر (كان حيًّا: 1327هـ)، تعريب المحامي: فهمي
الحسيني، منشورات مكتبة النهضة، بيروت، بغداد، توزيع دار العلم للملايين، بيروت،
لبنان.
27- الذخيرة:
شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافي (ت: 684هـ)، تحقيق:
محمد حجي ومحمد أبو خبزة وسعيد أعراب، دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، الطبعة
الأولى 1994هـ.
28- رفع الإصر عن قضاة مصر:
أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت: 852هـ)، تحقيق: حامد
عبد المجيد، ومحمد المهدي أبو سنة، مراجعة: إبراهيم الإبياري.
29- الروض المربع شرح زاد المستقنع:
منصور البهوتي (ت: 1051هـ)، الطبعة الأولى 1397هـ
30- روضة القضاة وطريق النجاة:
أبو القاسم علي بن محمد بن أحمد الرحبي السمناني (ت:
499هـ)، تحقيق: صلاح الدين الناهي، مؤسسة الرسالة، بيروت، دار الفرقان، عمَّان،
الطبعة الثانية 1404هـ
31- روضة الناظر وجنة المناظر:
موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي
(ت: 620هـ)، تحقيق: عبد الكريم بن علي النملة، مكتبة الرشد للنشر والتوزيع،
الرياض، الطبعة الأولى 1413هـ
32- زاد المعاد في هدي خير العباد:
شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر الزرعي الدمشقي
(ت: 751هـ)، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وعبد القادر الأرنؤوط، مؤسسة الرسالة، بيروت،
لبنان، ومكتبة المنار الإسلامية بالكويت.
33- السلطة القضائية وشخصية القاضي في النظام الإسلامي:
محمد بن عبد الرحمن البكر (معاصر)، الزهراء للإعلام
العربي، القاهرة، الطبعة الأولى 1408هـ
34- السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية:
شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: 728هـ)، دار الكتب العربية،
بيروت، لبنان.
35- شرح أدب القاضي:
برهان الأئمة حسام الدين عمر بن عبد العزيز بن مازه
البخاري، المعروف بـ "الصدر الشهيد" (ت: 536هـ)، تحقيق: محيي هلال
السرحان، من مطبوعات إحياء التراث الإسلامي بوزارة الأوقاف العراقية، مطبعة
الإرشاد ببغداد، الطبعة الأولى 1397هـ والجزء الرابع طبع الدار العربية للطباعة
ببغداد.
نسخة أخرى: تحقيق أبي الوفاء الأفغاني وأبي بكر محمد
الهاشمي، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 1414هـ (وأشير إليها).
36- شرح المنتهى = شرح منتهى الإرادات = دقائق أولي
النهى لشرح المنتهى:
منصور بن يونس بن إدريس البهوتي (ت: 1051هـ)، مكتبة
الرياض الحديثة، الرياض.
37- شرح عماد الرضا = فتح الرؤوف القادر:
عبد الرؤوف بن علي زين الدين المناوي القاهري (ت:
1031هـ)، تحقيق: عبد الرحمن عبد الله عوض بكير، الدار السعودية للنشر والتوزيع،
جدة، الطبعة الأولى 1406هـ.
38- الطرق الحُكْمِيَّة في السياسة الشرعية:
الإمام ابن قيم الجوزية (ت: 751هـ)، تحقيق: محمد جميل
غازي، مكتبة المدني ومطبعتها، جدة، السعودية، طبع مطابع المدني، القاهرة.
39- فتح القدير:
كمال الدين محمد عبد الواحد السيواسي ثم السكندري،
المعروف بـ "ابن الهمام" (ت: 681هـ) دار صادر، بيروت، الطبعة الأولى
بالمطبعة الكبرى الأميرية ببولاق، مصر، عام 1317هـ
40- صحيح البخاري:
أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (ت: 256هـ)،
المطبوع مع فتح الباري، ترقيم: محمد فؤاد عبد الباقي، إشراف: محب الدين الخطيب،
تعليق الشيخ: عبد العزيز بن باز، المكتبة السلفية.
41- صحيح مسلم:
أبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري (ت:
261هـ)، تحقيق وتصحيح وترقيم: محمد فؤاد عبد الباقي، نشر وتوزيع رئاسة إدارات
البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية، طبع عام
1400هـ
42- فتاوى ورسائل:
محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ (ت: 1389هـ)،
جمع وترتيب: محمد بن عبد الرحمن بن قاسم، مطبعة الحكومة، مكة المكرمة، طبع عام
1399هـ
43- فتح الباري بشرح صحيح البخاري:
أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت: 852هـ) ترقيم: محمد
فؤاد عبد الباقي، إشراف: محب الدين الخطيب، تعليق الشيخ: عبد العزيز بن باز،
المكتبة السلفية.
44- الفتوى في الإسلام:
جمال الدين القاسمي (ت: 1332هـ)، دار الكتب العلمية،
بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 1306هـ
45- الفروع:
أبو عبد الله محمد بن مفلح (ت: 763هـ)، عالم الكتب،
بيروت، لبنان، الطبعة الرابعة 1405هـ
46- الفروق = أنوار البروق في أنواء الفروق:
شهاب الدين أبو العباس، أحمد بن إدريس الصنهاجي، المشهور
بـ "القرافي" (ت: 664هـ) عالم الكتب، بيروت.
47- الفواكه البدرية في البحث عن أطراف القضايا الحكمية:
بدر الدين أبو اليسر محمد بن الغرس الحنفي (ت:؟)، مطبوع
مع شرحه "المجَاني الزهرية على الفواكه البدرية" للجارم، مطبعة النيل
بمصر.
48- قواعد الأحكام في مصالح الأنام:
أبو محمد عز الدين عبد العزيز بن عبد السلام السلمي (ت:
660هـ)، راجعه وعلق عليه: طه عبد الرؤوف سعد، دار الجيل، بيروت، لبنان.
49- الكافي في فقه أهل المدينة المالكي:
أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري
القرطبي (ت: 463هـ)، تحقيق وتقديم وتعليق: محمد أحيد الموريتاني، مكتبة الرياض الحديثة
بالرياض، الطبعة الأولى 1398هـ
50- الكافية في الجدل:
أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني (ت: 478هـ)،
تحقيق: فوقية حسين محمود، مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه، القاهرة، طبع عام
1399هـ
51- الكَشَّاف = كَشَّاف القناع على متن الإقناع:
منصور بن يونس بن إدريس البهوتي (ت: 1051هـ)، مراجعة:
هلال مصيلحي مصطفى هلال، مكتبة النصر الحديثة بالرياض.
52- المبسوط:
شمس الدين السرخسي (ت: 490هـ)، دار المعرفة، بيروت
لبنان، طبع 1406هـ
53- مجموع الفتاوى
= مجموع فتاوى شيخ الإسلام بن تيمية (ت: 728هـ):
جمع وترتيب: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم العاصمي النجدي
الحنبلي (ت: 1392هـ)، دار العربية للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، تصوير
عن الطبعة الأولى 1398هـ
54- المحلى:
أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم (ت: 456هـ)، المكتب
التجاري للطباعة والنشر، بيروت.
55- مختار الصحاح:
محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الرازي (ت: 666هـ)،
الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 1979هـ.
56- المدخل المفصل إلى فقه الإمام أحمد بن حنبل:
بكر بن عبد الله أبو زيد (معاصر)، دار العاصمة للنشر
والتوزيع الرياض، السعودية، الطبعة الأولى 1417هـ
57- مزيل الملام عن حكام الأنام = ابن خلدون ورسالته
للقضاة:
عبد الرحمن بن محمد بن خلدون (ت: 808هـ)، تحقيق: فؤاد
عبد المنعم أحمد، دار الوطن، الرياض، الطبعة الأولى 1417هـ
58- مشروع اللائحة التنظيمية لنظام هيئة التحقيق
والادعاء العام.
59- المصباح المنير في غريب الشرح الكبير:
أحمد بن محمد بن علي المقري الفيومي (ت: 770)، المكتبة
العلمية، بيروت، لبنان.
60- معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة:
محمد بن حسين بن حسن الجيزاني (معاصر)، دار ابن الجوزي
للنشر والتوزيع، الدمام، جدة، الأحساء، الرياض، الطبعة الأولى 1416هـ
61- معين الحُكَّام على القضايا والأحكام:
أبو إسحاق إبراهيم بن حسن بن عبد الرفيع (ت: 733هـ)،
تحقيق: محمد بن قاسم بن عياد، دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، طبع عام 1989هـ
62- معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام:
علاء الدين أبو الحسن علي بن خليل الطرابلسي الحنفي (ت:
844هـ)، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، الطبعة الثانية
1393هـ.
63- مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج:
محمد الشربيني الخطيب (ت: 977هـ)، شركة مكتبة البابي
الحلبي وأولاده بمصر.
64- مقاييس اللغة:
أبو الحسن أحمد بن فارس بن زكريا (ت: 395هـ) تحقيق: عبد
السلام محمد هارون، الناشر: مكتبة الخانجي بمصر، الطبعة الثالثة 1402هـ
65- المنثور في القواعد:
بدر الدين محمد بهادر الزركشي (ت: 794هـ)، تحقيق: تيسير
فائق أحمد محمود، مراجعة: عبد الستار أبو غدة، مكتبة آلاء بالكويت، الطبعة الثانية
1405هـ من مطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت.
66- مواهب الجليل لشرح مختصر خليل:
أبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن المغربي،
المعروف بـ "الحطّاب" (ت: 954هـ)، دار الفكر، الطبعة الثالثة 1412هـ.
67- موجبات الأحكام وواقعات الأيام:
قاسم قطلوبغا الحنفي (ت: 879هـ)، تحقيق محمد سعود
المعيني، من منشورات إحياء التراث الإسلامي، وزارة الأوقاف والشؤون الدينية
بالعراق، مطبعة الإرشاد، بغداد.
68- النهاية في غريب الحديث والأثر:
مجد الدين أبو السعادات المبارك محمد الجزري (ت: 606هـ)،
تحقيق: طاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد الطناحي، المكتبة العلمية، بيروت.
69- الوسيط لمجمع اللغة = المعجم الوسيط:
إصدار مجمع اللغة العربية بمصر، أخرجه: إبراهيم أنيس
وآخرون، المكتبة الإسلامية للطباعة والنشر والتوزيع، إستنبول، تركيا
[3]
مختار الصحاح
146، المصباح المنير 1/144، النشر في القراءات العشر 1/205، الوسيط لمجمع اللغة
1/188.
[9]
التهمة -بسكون
الهاء وفتحها- اسم من الفعل "وَهم"، وهي في اللغة: الشك والريبة،
[المصباح المنير 1/78، 2/674]
[11]
المبسوط 16/108،
البحر الرائق 6/303، الأم 6/234، أدب القاضي للماوردي 2/64، الاختيارات الفقهية
333، كتابنا: تسبيب الأحكام القضائية 15.
[12]
البحر الرائق
6/303، درر الحكام لحيدر 4/607، الاختيارات 333، إعلام الموقعين 4/161، فتاوى
ورسائل 12/229.
[13]
روضة القضاة
1/108، الكافي لابن عبد البر 2/958، البهجة 1/48، الفروق 1/128، تبصرة الحكام
1/64، إحكام الأحكام للكافي 8، أدب القاضي للماوردي 1/277، مغني المحتاج 4/396،
فتح الباري 13/146، قواعد الأحكام 2/49، الاختيارات 333.
[15]
المبسوط 16/108،
البحر الرائق 66/303، درر الحكام لحيدر 4/607، تنبيه الحكام 208، الذخيرة 10/77،
الإتقان 1/42، الأم 6/234، أدب القاضي للماوردي 2/162، قواعد الأحكام 2/49، فتاوى
ورسائل 12/350، 299.
[16]
المبسوط 16/108،
البحر الرائق 6/303، فتح القدير 5/529، موجبات الأحكام 191، درر الحكام لحيدر
4/607، معين الحكام للطرابلسي 30، تنبيه الحكام 208، معين الحكام لابن عبد الرفيع
2/610، الذخيرة 10/77، 86، الإتقان 1/42، الأم 6/224، أدب القاضي لابن القاص
1/194، المنثور 1/95، الفروع 6/470، شرح المنتهى 3/487، الكشاف 6/336، فتاوى
ورسائل 12/350، 299، المحلى 9/436.
[18]
متفق عليه من
حديث أبي هريرة رضي الله عنه، فقد رواه البخاري، وهو برقم 703 [الفتح 2/199]،
ومسلم 1/341، وهو برقم 467.
[22]
الخذف هو: رمي
الحصاة ونحوها بالسبابتين أو بطرفي الإبهام والسبابة [النهاية في غريب الحديث
2/16].
[23]
متفق عليه من
حديث عبد الله بن مغفل المزني رضي الله عنه، فقد رواه البخاري، وهو برقم 6220
[الفتح 10/599]، ومسلم 3/1547، وهو برقم 54/1954.
[26]
هذه الفوائد
مستفادة من فوائد تسبيب الحكم القضائي، للشبه بينهما [انظر كتابنا: تسبيب الأحكام
القضائية 99].
[28]
البحر الرائق
6/303، المبسوط 16/108، حاشية ابن عابدين 4/313، شرح أدب القاضي لابن مازه 60
تحقيق: الهاشمي والأفغاني، والنسخة الأخرى تحقيق: سرحان 3/83، درر الحكام لحيدر
4/607، تنبيه الحكام 303، الأم 6/224، شرح عماد الرضا 1/301.
[30]
معين الحكام
للطرابلسي 30، درر الحكام 4/607-608، تنبيه الحكام 303، الأم 6/234، شرح عماد
الرضا 1/300، الاختيارات 349، الفروع 6/470، الإنصاف 11/286، السلطة القضائية
للبكر 266.
[38]
معين الحكام
للطرابلسي 30، مزيل الملام 170، 171، البهجة 1/42، مجموع الفتاوى 27/306،
الاختيارات 333، رفع الإصر 1/24.
[40]
إذا قيل:
"في الجملة" فالمراد: أكثر الصور وأغلبها، وإذا قيل:
"بالجملة" فالمراد: كل الصور. [المدخل المفصل 1/191، تيسير العلام
2/79].
[41]
هذه الضوابط
مستفادة من ضوابط تسبيب الأحكام القضائية؛ للشبه بينهما. [انظر كتابنا: تسبيب
الأحكام القضائية 67].
[47]
في الجمع بين
البينات القضائية يستفاد من كتاب: "تعارض البينات في الفقه الإسلامي"
تأليف: محمد عبد الله محمد الشنقيطي (مطبوع).
[48]
في التناقض في
الدعوى وأحكامه يستفاد من كتاب: "دعوى التناقض والدفع في الشريعة
الإسلامية" تأليف: محمد راكان الدغمي (مطبوع)، و"نظرية الدعوى"
تأليف: محمد نعيم ياسين 1/379-410 (مطبوع).
[49]
تسلسل الشيء لغة:
تتابع، وشيء مسلسل: متصل بعضه ببعض. [الوسيط لمجمع اللغة 2/442، مختار الصحاح 311،
مقاييس اللغة 3/60].
[51]
متفق عليه، فقد
رواه البخاري [الفتح 7/304]، وهو برقم 3983، ورواه مسلم 4/1941، وهو برقم
161/2494.
[52]
الصياغة في
اللغة: من صاغَهُ، صَوْغًا وصياغة: صنعه على مثال مستقيم، والكلمة: اشتقها على
مثال، وفلان من صاغة الكلام: ممن يُحَبِّرُونه، ويقال: كلام حسن الصياغة: جيد
مُحْكَم [الوسيط لمجمع اللغة 1/528].
[53]
مستفاد من:
الحوار لزمزمي 325، 507، البحث العلمي للربيعة 1/121، 248، الكافية 530، 533،
الجدل لأبي الوفاء بن عقيل 72، آداب الحوار والمناظرة لجريشة 68، 70.
[54]
انظر: ما سبق في
المبحث السابع من هذا البحث، وفي المبحث الأول من الفصل الأول من الباب الثالث من كتابنا:
"توصيف الأقضية" [تحت الطبع]، والفقرة (1، 4) من المادة (55)، والفقرة
(2،3،4) من المادة (58) من مشروع اللائحة التنظيمية لنظام هيئة التحقيق والادعاء
العام بالمملكة العربية السعودية.
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم