تكتسي الملكية بعدا إنسانيا أصيلا , وحقا مقدسا يرتبط بالفرد منذ وجوده لتمثل بذلك الوسيلة الفنية اللازمة لصياغة نظام الأموال وماتخوله من سلطات يمارسها المالك .
فهي حق مادي يخول لصاحبه حق التصرف والاستعمال والاستغلال , وبالنظر لبعده الحقوقي حظي حق الملكية بالإهتمام والضمان في جل الدساتير والتشريعات التي اعتبرت الملكية الخاصة حقا أساسيا للأفراد , فنظمته بصورة دقيقة خاصة في الدول التي تتبنى النهج الليبرالي , كما اتسع مجال الاهتمام بهذا الحق ليتخذ بعدا دوليا من خلال الاعلان العالمي لحقوق الانسان لسنة 1789 . وكغيره من التشريعات منح المشرع المغربي هذا الحق للأفراد فقد اعتبره الدستور من بين الحقوق المضمونة وأي انتهاك لهذا الحق فهو تعدي على الحرية والأمن .
إلا أن حق الملكية يتقاطع في بعض الحالات مع حق المجتمع وهو مايصطلح عليه بالمصلحة العامة , مما يورد عليه العديد من الإستتناءات التي ترتبط بالمنفعة العامة بحيث تنزع ملكية الفرد لصالح الجماعة وهذه العملية تعتبر الوجه المخالف لحق الملكية .
وفي هذا الإطار قد تلجأ الإدارة إلى وسائل وطرق جبرية للحصول على الأملاك وذلك قصد تحقيق مهامها , وإشباع حاجات الأفراد والمصالح العليا للدولة حيث تبقى الإدارة هنا مقيدة بمعيار المنفعة العامة تحت طائلة المسؤولية الإدارية في حالة المخالفة .
وعموما فإن نزع الملكية من أجل المنفعة العامة هو إحدى الآليات المعتمدة من طرف الدولة لتكوين رصيد عقاري مهم للقيام بالمشاريع الاقتصادية والاجتماعية ومحاربة المضاربات العقارية .
من هنا تكمن الإشكالية في مامدى حرص المشرع المغربي على التوفيق بين المصلحة العامة ومسألة نزع الملكيةمن خلال الإطار القانوني 81-7،والإجراءات المسطرية المتبعة في ذلك؟
وللإجابة عن هذه الإشكالية سأحاول مقاربة هذا الموضوع،من خلال شقين أساسيين.بسط وإستقراء الإطار القانوني المنظم لنزع الملكية من أجل المنفعة العامة بالمغرب أولا. ثم التطرق إلى الإجراءات المسطرية المتبعة لنزع الملكية من أجل المنفعة العامة ثانيا
أولا نزع الملكية من خلال القانون(81-7)
إذا ما حاولنا الرجوع الى أي سياسة عقارية في أي بلد نجد أنها تمكن الدولة استيفاء العقارات المحتاجة إليها , عبر وسيلتين رئيستين تسميان ادوات السياسة العقارية , وتتمثل في نزع الملكية لأجل المنفعة العامة , وهي أقدم وسيلة وأكثرها استعمالا وخاصة في المغرب , فهي هنا لتكون رصيدا عقاريا خاصا بها تتعامل كشخص عام يستفيد من الوسائل الجبرية المستنبطة أساسا من مساطر نزع الملكية من أجل المصلحة العامة المنصوص عليها في القانون لرقم 7.81 الصادر في 6 ماي 1982 أو عن طريق الاقتناء بالتراضي والمنظم حسب المنشور رقم 209 المؤرخ في 26 ماي 1976 الصادر عن الوزير الأول .
وتمتد الجذور التاريخية لهذا النظام انطلاقا من 7 أبريل 1906 بعد توقيع المغرب على اتفاقية الجزيرة الخضراء, واضعا اللبنة الأولى لتقنين مسطرة نزع الملكية من أجل المصلحة العامة, بعد ذلك أصدر المشرع المغربي أول قانون متكامل ينظم هذه المسطرة وهو ظهير 31غشت 1914 والذي استمر العمل به إلى غاية ظهير 3 أبريل 1951
وقد جاء القانون 7.81 لتجاوز ثغرات القوانين السابقة حيث تضمن مقتضيات من شانها الإسراع بالإجراءات الإدارية لنزع الملكية وتمكين نازع الملكية من تملك العقارات اللازمة لانجاز المشاريع المزمع تحقيقها في أسرع وقت ممكن.
فقد تم الاستغناء خلال المرحلة الإدارية عن إجراء تبليغ مشروع مرسوم نزع الملكية إلى الملاك المعنيين بالأمر كما تم إلغاء الجلسة الإجبارية للاتفاق بالتراضي سواء بالنسبة للحيازة أو نزع الملكية، وفي المرحلة القضائية أصبح نازع الملكية غير ملزم بالتقيد بكافة الشروط المتطلبة لتقديم المقالات إذ ورد بالفقرة الثانية من الفصل 18 من القانون رقم 81 – 7 المتعلق بنزع الملكية أنه استثناء من أحكام الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية تقبل المقالات الافتتاحية للدعوى الراميــة إلى الإذن بالحيازة أو الحكم بنقل الملكية ولو لم ينص فيها على أحد البيانات المقررة في الفصل المذكور (الاسم العائلي والشخصي ، الصفة أو المهنة ...) إذا تعذر على نازع الملكية الإدلاء به.
كما أن الفصل 32 من قانون نزع الملكية الحالي ينص على أنه لا يمكن التعرض على الأمر الاستعجالي الصادر بالإذن بالحيازة والحكم بنزع الملكية كما أنه لا يمكن استئناف الأمر المذكور في حين أن الحكم الصادر بنقل الملكية وتحديد التعويض لا يقبل الاستئناف إلا فيما يتعلق بتحديد التعويض، وفي مقابل هذه الامتيازات لفائدة نازع الملكية أعطى القانون الحالي بعض الضمانات للمنزوعة منهم الملكية يمكن إجمالها فيما يلي:
أصبح بالإمكان استئناف حكم نزع الملكية في جميع الحالات دون تحديد فيما يخص مبلغ التعويض بعدما كان لا يقبل الاستئناف إلا إذا تجاوز المبلغ المحكوم به ابتدائيا 5000 درهم.
ألزم المشرع نازع الملكية دفع مبلغ التعويض المحكوم به لفائدة المستفيد أو إيداعه لدى صندوق الإيداع والتدبير خلال أجل شهر من يوم تبليغ الأمر الإستعجالي الصادر بالإذن بالحيازة أو الحكم بشأن نزع الملكية وتحديد التعويض وإلا ترتبت لفائدة المنزوعة منهم الملكية فوائد حسب السعر المعمول به في ميدان المعاملات المدنية (الفصل 31 من القانون) .
عند عدم الإدلاء من طرف الملاك برسوم الملكية أو إدلائهم بحجج غير كافية فإن التعويض يتم بعد القيام بإشهار لمدة 6 أشهر بدل سنة في إطار ظهير 3 أبريل 1951 ما لم يتم تقديم أي تعرض بشأنه خلال هذا الأجل (الفصل 30 من القانون).
-4 يتحمل نازع الملكية المصاريف القضائية مما يخفف على الملاك تكاليف الدفاع عن مصالحهم. ولعل المشرع المغربي لم يعط مفهوما واضحا للمنفعة العامة على اعتبار أن الأصل في نزع الملكية مرتبط بتوفرها كشرط جوهري من دونه تصبح عملية نزع الملكية غير مشروعة .
وإذا كان الفصل 3 من ظهير 1951 يشير إلى عدة أمثلة من العمليات التي تبرر الإعلان عن المنفعة العامة فإن ظهير 1982 اقتصر على التنصيص بأن نزع الملكية يكون جائزا عندما يراد به القيام بالعمليات والأشغال المعلن أنها ذات منفعة عامة , ويؤكد الفصل 6 من ظهير ماي 1982 أن الإعلان عن المنفعة العامة يمتد إلى العقارات التي يتطلبها إنجاز العمليات المزمع القيام بها إذا كان تمليكها يساعد على تحقيق غرض من الأغراض ذات المنفعة العامة .
ثانيا : مسطرة نزع الملكية من أجل المصلحة العامة الملكية .
تنبي مسطرة نزع الملكية من أجل المصلحة العامة, على مرحلتين أساسيتين وهما المرحلة الإدارية والمرحلة القضائية.
المرحلة الإدارية : ترتبط المرحلة الإدارية بمبدإ أساسي مؤداه أن حق نزع الملكية تقتضيه المصلحة العامة , وأن يتعلق بالعقارات , وأن تتولاه السلطة المختصة. وبالرجوع لقانون 7.81 المتعلق بنزع الملكية من أجل المصلحة العامة والاحتلال المؤقت نجده قد حدد مجموعة من الإجراءات الإدارية الواجب تطبيقها من قبل السلطات المعنية بدءا من إعلان نزع الملكية مرورا باعلان المنفعة العامة وانتهاء بمقرر التخلي
إعلان نزع الملكية: يرتبط إعلان نزع الملكية من أجل المصلحة العامة بالجهة التي يخول لها القانون هذا الحق والتي عددها الفصل 3 من قانون 7.81 في الدولة والمؤسسات التابعة لها ثم الأشخاص الطبيعيين والمعنويين, وأخيرا الجماعات المحلية .
* الدولة : يقصد بها في هذا المجال تلك السلطة المركزية التي تمارس نشاطها على صعيد الدولة ككل , وبالرجوع إلى المرسوم التطبيقي لقانون 7.81 نجده ينص على أن إعلان المنفعة العامة يتخذ بمقتضى مرسوم يتم باقتراح من الوزير المعني بالأمر , وبذلك تتولى السلطة المركزية قرار نزع الملكية من أجل المنفعة العامة ممثلة بوزير التجهيز إذا تعلق الأمر بالأملاك العامة للدولة , ومدير الأملاك المخزنية فيما يخص الأملاك الخاصة للدولة , ووزير الفلاحة فيما يخص الأملاك الغابوية .
*المؤسسات العمومية : حسب مانص عليه الفصل 3 من قانون نزع الملكية , يمكن للمؤسسات العمومية القيام بنزع الملكية من أجل المصلحة العامة .
وقد ميز المشرع بين نوعين من المؤسسات العمومية :
+ مؤسسات تتمتع بالتفويض المباشر , ومثالها ( المكتب الوطني للكهرباء , الوكالات الحضرية ومكاتب الإستتمار الفلاحي ) والسبب وراء تمتعها بهذا الحق هو طبيعة عملها المرتبط أساسا بالعقارات , الشيء الذي يجعلها دائمة الاحتياج اليها ولكي يتم تفادي الرجوع كل مرة إلى سلطة الوصاية لطلب التفويض .
+ مؤسسات لاتتمتع بالتفويض المباشر حيث يتوقف لجوءها لنزع الملكية على سلطة الوصاية التي تتكفل بهذه العملية كلما عبرت احدى هذه المؤسسات عن حاجتها لاستعمال الاداة من أجل المصلحة العامة .
+ الجماعات المحلية : حسب المادة 1 من قانون 08/ 17 فإن الجماعات الترابية كقاعدة إما حضرية أوقروية , وبالاضافة الى انه يجب ان يكون لأي جماعة سواء في القرى أوالمدن , رصيد عقاري يجب تنميته باستمرار فقد خول لها المشرع حق نزع الملكية كلما اقتضت المصلحة العامة ذلك وبدون ان تحتاج الى تفويض من السلطات العامة بذلك على مايقضي بذلك الفصل 3 من قانون نزع الملكية كلما استحال عليها الحصول على عقارات بالطرق العادية .
وبالنظر لكون المشرع قد وضع الجماعات المحلية تحت مراقبة سلطة الوصاية , فإن بعض الاختصاصات المهمة ومن ضمنها نزع الملكية من أجل المصلحة العامة لايمكن للجماعات ممارستها إلا بعد أخد إذن مسبق من الوزارة الوصية , فقد نصت المادة 69 من قانون 08/17 بشأن الميثاق الجماعي على مجموعة من المقررات التي يتخدها المجلس الجماعي ولاتقبل التنفيذ إلا إذا صادقت عليها السلطات الإدارية العليا , ونذكر هنا البند التاسع من هذه المادة والمتعلق ب " الاقتناءات والتفويتات والمبادلات وباقي المعاملات الأخرى المتعلقة بالملك الخاص الجماعي " .
ونفس الامر بالنسبة للعمالات والاقاليم والجهات والتي لها الحق في نزع الملكية حيث يشرف على هذه العملية عامل العمالة او الاقليم او عامل مركز الجهة وذلك تحت مراقبة سلطة الوصاية
ب ) إعلان المنفعة العامة : بالرجوع الى التشريع المغربي نجد أنه لم يعط تعريفا محددا للمنفعة العامة , عبر القوانين التي نظمت نزع الملكية من أجل المنفعة العامة منذ ظهيري 1914 و 1951 وصولا الى ظهير 1982 . ولعل السبب راجع لعدم امكان حصر المنفعة في أعمال محددة , خاصة وأن مصالح الجماعة متعددة ومتشعبة , وحاجاتها تعرف تطورا كبيرا في الزمان والمكان وهكذا فالمنفعة العامة تتطور بتطور المجتمع وترتبط ارتباطا وثيقا بتدخلات الدولة التي عرفت كذلك تطورا ملحوظا بفعل تزايد انشغالات السلطة العمومية بمصالح الجماعة وتطور فلسفة التعمير .
وعموما يمكن القول أنه ليتم نزع عقار من أجل المصلحة العامة , يجب توفر شرط المنفعة العامة وهذا ما أكدته المحكمة الإدارية بالرباط في الحكم رقم 485 بتاريخ 01 ماي 2006
في الملف رقم 05/ 35 والذي قضى بأنه لنقل ملكية عقار إلى نازع الملكية, فإن الأمر منوط بوجود المصلحة العامة ويطبق باقي الإجراءات .
وإذا كنا رأينا أن نزع الملكية يتم من قبل جهات محددة قانونا, فإن شرط المنفعة العامة يكون دائما تحت مراقبة القضاء الذي لم يكن ليبقى خارج التطور الذي عرفته المراقبة القضائية في مجال نزع الملكية , خاصة التجربة الفرنسية من خلال نظرية الموازنة . ويعتبر قرار المجلس الأعلى رقم 378 المؤرخ في 10 فبراير 1992 أول قرار تمسك من خلاله القضاء المغربي بأحقيته في مراقبة مجال المنفعة العامة وبمضمونها في مسطرة نزع الملكية وتتلخص وقائع هذا الملف أن شركة "ميمون " حصلت على رخصة إدارية لإنجاز تجزئة سكنية وأنجزت منها الشطر الأول , وبعد شروعها في إنجاز الشطر الثاني صدر مرسوم بإعلان الشفعة العامة يقضي بإنجاز مشروع التنمية الحضرية لمدينة القنيطرة المشتمل على تغيير مدن الصفيح ووضع التجهيزات الضرورية .
فعمدت الشركة المذكورة إلى الطعن في المرسوم معللة دعواها بمايلي :
- أنها لم تبادر بإنجاز المشروع إلا بعد الحصول على ترخيص من الجهات المختصة
- أنها أنهت الشطر الأول من المشروع وأنفقت في ذلك أموالا ضخمة , دون أن يصدر من الإدارة مايبدي رغبتها في إيقاف المشروع .
- أنها فوتت البقع الأرضية المجهزة للعموم.
وقد عللت الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى قرارها بأنه " إذا كانت الإدارة تتوفر على السلطة التقديرية في خصوص المنفعة التي تسعى إلى تحقيقها من وراء نزع الملكية فإن ذلك لايمنع القضاء الإداري من مراقبة أغراض ومضمون المنفعة العامة المذكورة وماإذا كان المنزوع ملكيته كما في النازلة يسعى لتحقيق نفس الأغراض والأهداف بموافقة الإدارة المسبقة لإنجاز هذا المشروع , مما يعني أن الإدارة التي رخصت للطاعنة بتحقيق هذا المشروع وتركتها تحقق جزءا منه وتنفق مبالغ مالية مهمة ,لايمكن أن تسعى لنزع هذه الملكية لأجل المنفعة العامة لتحقيق نفس الأغراض فإنها تكون مشتطة في استعمال سلطتها.
يتبين مما سلف أن القضاء الإداري المغربي , لم يترك السلطة التقديرية للإدارة في مجال نزع الملكية من أجل المصلحة العامة , وإنما جعلها قابلة للمراقبة تحت ستار نظرية الموازنة وذلك عن طريق تقسيم قرار نزع الملكية على ضوء مزاياه وسلبياته والمقارنة بين المصالح المتعارضة للإدارة والخواص في إطار المشروعية المخولة لقاضي الإلغاء .
ج) مقرر التخلي : يعتبر مقرر التخلي مرحلة مهمة لابد أن تمر منها مسطرة نزع الملكية وذلك في المدة التي حددها القانون في الفصل السابع من قانون 7.81 وهي سنتين بدءا من يوم نشر المقرر القاضي بالمنفعة العامة في الجريدة الرسمية وفي هذه المدة يتم اصدار مقرر التخلي , اما إذا انصرمت المدة دون ذلك فإن السلطات المعنية تفقد حقها في ذلك ووجب عليها اعلان جديد للمنفعة العامة .
وهذا ماقضت به المحكمة الادارية بالرباط في الحكم عدد 113 بتاريخ 27 أبريل 1995 والذي جاء فيه " لكن حيث إن المدعي لم يراعي مقتضيات المادة 17 من قانون 7.81 المتعلق بنزع الملكية والاحتلال المؤقت والتي تعتبر من النظام العام ,ذلك أن المرسوم الذي تقرر بموجبه نزع القطعة الأرضية موضوع النزاع تم نشره بالجريدة الرسمية رقم 16079 بتاريخ 12 يناير 1991 وأن طلب نقل الملكية لم يقدم الا بتاريخ 29/11/94 اي خارج اجل السنتين المنصوص عليها في الفصل المذكور الشيء الذي يتعين عليه الحكم بعدم قبول الطلب .
وتجدر الإشارة إلى أنه بإمكان نازع الملكية أن يدمج بين مقرر التخلي المعين للعقارات ومقرر الإعلان عن المنفعة العامة في مقرر واحد يعتبر في هذه الحالة بمثابة مقرر التخلي وتسري عليه قواعد الاختصاص فيما يخص السلطة المختصة بالإعلان عن المنفعة العامة أي أن المقرر بمثابة التخلي يتم بمرسوم باقتراح من الوزير المعني بالأمر.
وإذا اقتصر المقرر المعني عن المنفعة العامة على تحديد المنطقة القابلة لنزع الملكية يكون من اللازم تعيين العقارات اللازمة بواسطة مقرر التخلي ويتم اتخاذه كما هو مبين بالفصل الثاني من المرسوم التطبيقي لنزع الملكية من طرف:
*رئيس المجلس الجماعي إذا كان القائم بنزع الملكية جماعة حضرية أو قروية أو أي شخص تفوض إليه هذا الحق.
*عامل الإقليم أو العمالة إذا كان القائم بنزع الملكية إقليم أو عمالة أو شخص يفوض إليه هذا الحق.
*الوزير المعني بالأمر بعد استشارة وزير الداخلية في الحالات الأخرى.
ويخضع مقرر التخلي قبل صدوره أي في صيغته كمشروع إلى البحث الإداري الذي يستغرق مدة شهرين ويعمل نازع الملكية على القيام بالإجراءات التالية :
* نشر مشروع المقرر بالجريدة الرسمية (نشرة الإعلانان القانونية والإدارية والقضائية)
*نشر نفس النص في جريدة أو عدة جرائد مأذون لها في نشر الإعلانات القانونية
*إيداعه مصحوبا بتصميم لدى الجماعة المحلية التابع لها موقع العقار موضوع نزع الملكية وذلك لفسح المجال للمعنيين بنزع الملكية للاطلاع عليه وإبداء ملاحظاتهم بشأنه خلال أجل شهرين يبتدئ من تاريخ النشر بالجريدة الرسمية.
المرحلة القضائية : تعتبر المرحلة القضائية آخر مرحلة في مسطرة نزع الملكية , وهي حاسمة في نقل الملكية من صاحبها الأصلي إلى نازع الملكية باسم المصلحة العامة ,وبالتالي فالقاضي هنا يعتبر ضامنا لنقل الملكية وذلك بعد تأكده من تطبيق المسطرة الادارية على الوجه الصحيح . وهذا مانصت عليه العديد من الأحكام ومنها الحكم رقم 93 الصادر عن المحكمة الادارية بالدار البيضاء بتاريخ 22/6/1998 في الملف رقم 18/97 والذي يقضي بأنه " يمكن الحكم بنقل ملكية العقارات والحقوق العينية إذا أعلنت المنفعة العامة وطبقت المسطرة الإدارية طبقا لما هو منصوص عليه في قانون 7.81 " حيث يتم الانتقال بعد ذلك الى تحديد مبلغ التعويض المستحق للمتضرر من نزع الملكية وبذلك يصبح العقار جاهزا لانجاز المشروع المخطط.
* الحكم بنقل الملكية : تأتي هذه المرحلة مباشرة بعد المرحلة الادارية حيث يتقدم الطرف النازع للملكية بطلبين للمحكمة المختصة احداهما متعلق بنقل الملكية وتحديد التعويض والثاني يطالب فيه بالتعجيل بحيازة الملكية من أجل استغلالها مقابل التعويض الذي تقترحه لجنة التقويم وهو تعويض مؤقت يقترح على المالك الاصلي اثناء البحث عن ارضية للتراضي , وفي هذا الاطار تنص الفقرة 1 من الفصل 24 من قانون رقم 7.81 على أنه "عندما يلتمس نازع الملكية الحيازة لايجوز لقاضي المستعجلات رفض الاذن بذلك الا بسبب بطلان المسطرة " وتعد هذه الاجراءات الشكلية واجبة الاحترام تحت طائلة البطلان وقد اكد المجلس الاعلى في قراره عدد 391 بتاريخ 14 نونبر 1991 حين اقدم على الغاء قرار لرئيس جماعة سيدي مومن الحضرية بالدار البيضاء بسبب الشطط في استعمال السلطة رفض بموجبه الرئيس المذكور الترخيص بتجزئة قطعتين بكونهما توجدان محل نزع الملكية من أجل المنفعة العامة , حيث اشار المجلس الاعلى الى ان اعلان المنفعة العامة شرط اساسي لنزعها والتغاضي عنه خرق للقانون " ويتكلف قاضي الموضوع بالبث في مسطرة نزع الملكية وكذلك تحديد موقع الملكية واصحابها وليس من اختصاصه البث في محتوى المنفعة العامة التي يقتضي عدم وجودها الحكم بالغاء المرسوم , وهذا ماأكده الحكم الصادر عن المحكمة الادارية بالرباط عدد 653 بتاريخ 10 دجنبر 1996 .
* تحديد مبلغ التعويض : إذا كان المشرع سمح بنزع أملاك الخواص تحقيقا للمنفعة العامة , فإنه وضع العديد من الضمانات القانونية لحماية حقوقهم من الضياع حيث فرض على نازع الملكية آداء تعويض مناسب وقد نص الفصل 20 من قانون 7.81 على الاجراءات الواجب احترامها لتقديم التعويض وهي :
+ يجب ألا يشمل الا الضرر الدال المحقق والناشئ مباشرة عن نزع الملكية
+ يحدد مقدار التعويض حسب قيمة العقار يوم نزع الملكية دون ان تراعى في هذه القيمة البناءات والاغراس والتحسينات المنجزة دون موافقة نازع الملكية.
+ يتغير التعويض عند الاقتضاء باعتبار مايحدثه الاعلان عن الاشغال المزمع انجازهامن فائض القيمة او نقصانها بالنسبة للعقار الذي تنتزع ملكيته.
وبالنسبة للضرر يجب أن يكون دالا ومحققا كما يجب أن يكون ماديا ومباشرا وهذا ماأكدته المحكمة الإدارية بأكادير في الحكم عدد 850/2004 بتاريخ 09/12/2005 في الملف رقم 390-2004.
وإذا صدرت الاحكام القضائية الآمرة بالشروع في الحيازة وتحديد مبلغ التعويض , فإنه ينبغي تبليغها من طرف كاتب الضبط إلى نازع الملكية والمنزوع ملكيته ,وكذلك إذا تعلق الامر بعقارات محفظة او في طور التحفيظ الى مختلف ذوي الحقوق ويجب ان تنشر تلك الاحكام وتعلق بمقر الادارة النازعة للملكية وتبلغ كذلك الى محافظة الاملاك العقارية فيما يخص الاملاك التي يشملها التحفيظ والا فإلى المحكمة المختصة قصد تسجيلها في سجل خاص .
ويجب على الادارة دفع التعويضات في وقتها المحدد ,وفي حالة التأخير فإنها تتعرض لدفع فوائد بحسب السعر القانوني ليسري أثرها بصورة تلقائية ابتداء من تاريخ انصرام شهر على تاريخ تبليغ او نشر الاحكام المتعلقة بالتصريح بالحيازة او بنزع الملكية .
* الخبرة القضائية :
تحتاج الهيئة القضائية إلى الاستعانة برأي الخبراء في الميدان العقاري وتأمر في هذا الصدد بواسطة حكم قضائي تمهيدي بإجراء خبرة تعين للقيام بها خبيرا يعهد له بتحديد القيمة وتحدد المحكمة أتعاب الخبير والأجل الذي يتعين أن يتم فيه إيداع هذه الأتعاب والأجل الذي يجب أن يوضع فيه تقرير الخبرة بكتابة ضبط المحكمة.
ويتم انجاز الخبرة وفق المقتضيات المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية حيث يقوم الخبير بعد استدعاء الأطراف بمهمته ويحرر تقريرا في الموضوع يضمنه جميع مستنتجاته.
وتجدر الإشارة إلى أن الخبرة لتكون سليمة يجب أن تراعى مقتضيات الفصل 20 من قانون نزع الملكية المشار إليها أعلاه.
غير أنه من الناحية العملية يلاحظ أن تقارير الخبراء لا تخضع لأي منطق قانوني إذ في غالب الأحيان تكون منحازة إلى جانب المنزوعة منه الملكية وتأتي المبالغ المحددة من طرفهم مرتفعة وأحيانا خيالية.
وهذا ما يؤدي في كثير من الأحيان إلى أن المحاكم تستبعد الخبرة المنجزة وتعين لهذا الغرض خبيرا آخر للقيام بالمهمة وذلك بهدف تكوين قناعتها وتحديد تعويض عادل بالنسبة للطرفين.
وبالرغم من أن المحكمة تعين الخبير لمساعدتها في تحديد التعويض فإنه يبقى لنازع الملكية الحق فيما يخص القيمة التي يتوصل إليها الخبير عن طريق الإدلاء بعناصر للمقارنة لها نفس مواصفات العقار موضوع نزع الملكية من حيث الموقع والمساحة والتخصيص المعماري وتوفره على التجهيز أو انعدامه.
خاتمة
وعموما إذا كان القانون رقم 7.81 قد جاء بالعديد من الضمانات التي تروم حماية الملكية الخاصة من جهة ومنح التعويض الملكية للمتضررين في حال نزع ملكيتهم من خلال الدور المحوري للقضاء , الا أن هناك العديد من الاكراهات التي مازالت تعوق التوفيق بين حقوق الافراد ومقتضيات المنفعة العامة.
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم