📁 آخر الأخبار

أحكام رخصة البناء والمنازعات المتعلقة بها

أحكام رخصة البناء والمنازعات المتعلقة  بها

أحكام رخصة البناء والمنازعات المتعلقة  بها




مذكرة تخرج المدرسة العليا للقضاء بالجزائر 
إعداد القاضي: العربي رابح أمين


ا بســـــــم  اللّه الرّحمــــان الرّحيــم


مقــــدمة:
        تعدّ قواعد التّهيئة و التّعمير في تاريخ البشرية حضارة, علم, فن وأخلاق وهي التعبير عن مجموعة من المعارف والمهارات وإنبعاث لثقافة حضارة التمدن الّتي تساهم في تطوير الإنسان وأفكاره و حياته الاجتماعية       و ترجمة لها من خلال فن تنظيم البناء و العمران.
        و تعدّ نوعية البنايات و شكلها وإدماجها في المحيط و إحترام المناظر الطّبيعية والحضرية و حماية الثرات  الثقافي و التاريخي منفعة عمومية لكامل أفراد المجتمع والدولة على السواء  .
     و قد تطوّرت هذه المفاهيم لتصبح قوانين قائمة بذاتها تشمل وضع القواعد القانونية الرّامية إلى كيفية تنظيم المدن وإنجاز التّجمعات السكنية العمرانية, تنظيم إنتاج الأراضي القابلة للتّعمير , إنجاز وتطوير المباني حسب   التّسيير العقلاني للأرض  , تحقيق التوازنات بين مختلف الأنشطة الاجتماعية ( زراعة, صناعة, سكن )  , المحافظة على المحيط والبيئة والمنظر العام الحضاري و هذا بموجب سياسة وإستراجية عامة تحدّد على أساسها القوانين     وتنفذ عن طريق أدوات التهيئة و التّعمير.
   إنّ سياسات التهيئة والتعمير في الجزائر مرّت بعدّة مراحل حاولت من خلالها الحكومات المتعاقبة ومنذ الاستقلال التحكم في قواعد البناء و التّوسع العمراني ورغم أنّها وإن غيّرت شيئا من مظاهر الحياه العمرانية والاجتماعية إلاّ أنّ هذه القواعد ظلّت ناقصة وغير كافية ولم تواكب ما توصّلت إليه الحضارات الإنسانية المقارنة لأسباب موضوعية أهمها : التّخلف الاقتصادي والنزوح الريفي و النمو الدّيمغرافي المفرط وعدم فعالية القوانين والتنظيمات الّتي طبقّت في هذا المجال تنفيذا لسياسة معيّنة الأمر الذي أدّى إلى توطّأ الجهات الإدارية و كذا المستوى الثقافي  السائد آنذاك.
 وعليه ترتب ظهور مدن بأكملها وأحياء  وبنايات كبيرة و منشآت من العدم  تفتقر لأدنى قواعد التهيئة العمرانية والصحية ودون إحترام لأدنى المقاييس والشروط المطبقة في هذا المجال  أوعلى أراضي زراعية جد خصبة  أو في مناطق تسمى اليوم محمية و مصنفة دوليا  وداخليا ، كما أطلق على نوع منها إسم البناءات  الفوضوية  والتي فرضت وجودها كحتمية  مما يتطلب الأمر ظهور قانون  لتصحيح هذه الأوضاع والاعتراف بها بموجب         مرسوم211 - 85 المتعلق بتسوية البناءات  الفوضوية .
         وإذا أردنا مسايرة التطور التاريخي لقوانين التهيئة العمرانية في الجزائر منذ الإستقلال :
فقد صدر الأمر 62 / 157 المؤرخ في 31 //12 1962 الّذي ينصّ على مواصلة العمل بالقوانين الفرنسية السّائدة بإستثناء ما يتعارض مع السيادة الوطنية أو يشمل قواعد التّّمييز العنصري   .
 و بذلك  تم الإستمرار في العمل بالمرسوم الفرنسي الصادر في1958/12/31 إلى غاية صدور الأمر67-75 المؤرّخ في 1975/09/26 المتعلّق برخصة البناء رخصة التجزئة وهو أوّل نص تشريعي يصدر عن الدولة الجزائرية في هذا المجال وبعدها صدرت مجموعة من النصوص القانونية حاول من خلالها المشرّع التدّخل و علاج المسائل المتعلقة بالبناء أمام ظاهرة النمو الديمغرافي الكبير والتوسّع العمراني الضخم والبناء الفوضوي اللامسؤول فصدر القانون 02-82 المؤرّخ في 1982/02/06 المتعلّق برخصة البناء و رخصة التّجزئة والّذي ألغى جميع الأحكام القانونية المخالفة له وكذا القانون 0 3-83 المؤرّخ في 1983/02/05 المتعلق بحماية البيئة.
    ثمّ بعدها حدّد المشرّع الجزائري إنتقاليا قواعد شغل الأراضي قصد المحافظة عليها وحمايتها بموجب           الأمر 01-85  المؤرّخ في  1985 /08/13 ليصدر في نفس التّاريخ الأمر211-85 الّذي يحدّد كيفية تسليم رخصة البناء ورخصة تجزئة الأراضي المخصّصة للبناء والمرسوم 212-85 المتعلّق بتسوية البناءات الفوضوية       ثمّ صدر قانون 03-87 المؤرّخ في 1687/01/27 والمتعلّق بالتهيئة العمرانية.
 و في بداية التّسعينات, وفي ظلّ الإصلاحات العامّة الّتي شرع فيها تطبيقا للدستور1989 , عرفت القواعد المطبقة في مجال التهيئة والتّعمير تحوّلا كبيرا وعميقا تجسّد بصدور قانون  الولاية و البلدية 90 / 08 و 90 / 09 
المؤرّخين في 1990/04/07, و الّذان حدّدا الصلاحيات و مجال تدخلهما في هذا المجال كهيئات إدارية لضمان الرّقابة و صدور قانون 25-90 المؤرّخ في 1990/11/18 المتعلّق بالتوجيه العقاري, الّذي صنف الأراضي من حيث طبيعتها ووضع الأحكام الّتي تنظم الإطار العام للتّحكم في العقار الحضاري   ثم يليه القانون 90-29  المؤرّخ في 1990/12/01 المتعلّق بالتهيئة والتعمير والمراسيم التنفيذية المطبقة له والّذي يعدّ بداية لمرحلة جديدة فعلية وحاسمة لتطبيق توجّه جديد يضبط قواعد النشاط العمراني بوضع قواعد وآليات للرقابة ولا سيما تلك المتعلّقة بالرقابة وتقنين أدوات التهيئة والتّعمير. 
غير أن الأزمة الأمنية الحادة والأوضاع التي عاشتها البلاد أفرزت تعقيدات كبيرة حالت دون الإستمرار في تطبيق السياسة العمرانية الجديدة , مما جعل بعض القوانين الهامة لاسيما المتعلقة بالرقابة البعدية وكذا ضبط قواعد البناء في المناطق المحمية تتأخر عن الصدور طيلة 8 سنوات إنجر عنه فراغ تشريعي كبير حتّى عام 1998  و هي كمايلي  :
القانون رقم 04-98 المؤرخ في 05-06-1998 يتعلق بحماية الثرات الثقافي.
القانون رقم 01-99 المؤرخ في 1999-12-06 محدد لقواعد الفندقة المواد 51-46 المتعلقة بقواعد بناء المؤسسات الفندقية 
القانون 02 - 01 المؤرخ في 2000-04-24 المتعلق بتهيئة الإقليم وتنميته  المستدامة  .
القانون 02-02 المؤرخ في 02-02-05 المتعلق بحماية الساحل و تثمينه .
- القوانين 01-03  المتعلق بالتنمية المستدامة  للسياحة .
            ق 02-03 يحدد القواعد العامة للإستعمال و الإستغلال السياحين للشواطئ  .
             ق 02-03 يتعلق بمناطق التوسع و المواقع  السياحية و المؤرخة في 2003-02-17 
المرسوم التنفيذي  90-2000 المؤرخ  في 24 2000-04- يتضمن التنظيم الحراري في البنايات الجديدة.
إن هذه الترسانة و الحجم الكبير من القوانين فإن دلت فإنما تدل على أهمية مجال التهيئة و التعمير وإحتلاله مكانة بارزة من حيث صدور القوانين والأهمية الكبرى التي توليها الدولة لهذا المجال .
لكن من المؤكد أنه بعد زلزال  21ماي 2003 و ما أحدثه من أضرار كبيرة في الأرواح البشرية وحجم البنايات المنهارة سوف يعاد النظر في كلّ القوانين والتنظيمات المتعلقة بالتهيئة والتعمير نظرا لما أبرزته هذه الكارثة من نقائص في التشريع ومحدودية ميكانزمات الرقابة القبلية و البعدية ولعلّ أهمها هو صدور الأمر 03-12 المؤرخ             في26 / 08 / 2003  يتعلق بإلزامية التأمين على الكوارث الطبيعية و بتعويض الضحايا   .
ومن هذا المنطلق يتبين لنا أن قواعد التهيئة و التعمير هي قواعد آمرة جوهرية و من النظام العام و تفرض عقوبات على مخالفتها بإعتبارها تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة سياسية وإجتماعية وإقتصادية و ثقافية تعلو على المصالح الذاتية للأشخاص كما يتبين أن قوانين التهيئة و التعمير تهدف في الأخير إلى التوفيق و المعادلة بين أمرين : 
أولهما : التوفيق بين الحق في النشاط العمراني إبتداءا من جميع عملية البناء إلى الهدم و من ناحية ثانية المحافظة على النظام العام في مجال التهيئة و التعمير بكلّ أبعاده و هذا بوضع قواعد قانونية موضوعية تضمن ذلك ولا تكون عائقا أو حائلا أمام مبادرات الاستثمار وكذا الاستجابة للتضخم السكاني الكبير.
ثانيهما:   التوفيق بين آليات الرقابة الممنوحة للإدارة في مجال التهيئة و التعمير كسلطة عامة ضابطةو مدى تدخل الجهات القضائية تطبيقا للمبدأ خضوع الإدارة للقانون وإحتراما للمبدأ الشرعية كما يتجلى ذلك من خلال المظاهر الأتية :
مدى إمتياز الإدارة في التنفيذ الإداري المباشر دون اللّجوء إلى القضاء كما في عمليات الهدم عند معاينة المخالفات من قبل الموظفين المؤهلين .
مدى تأهيل القاضي و صلاحياته في مراقبة وتوجيه أعمال الإدارة تماشيا مع مبدأ الشرعية     و بإعتبار أن قواعد التعمير هي قواعد تنظيمية و تقنية بحتة   .
مدى جواز القاضي الإداري توجيه أوامر الإلزام للإدارة في ذلك .
مدى صلاحية القاضي الجزائي  في إتحاذ التدابير العينية  إلى جانب الحكم بالعقوبات الجزائية.
و من هنا يثور التساؤل عن الآليات و الوسائل القانونية و الإدارية الممنوحة للإدارة من أجل مراقبة الحركة العمرانية و الحفاظ على النظام العام و من ناحية ثانية مدى تدخل القضاء لا سيما في المنازعات المتعلقة برخصة البناء بشتى مظاهرها وأنواعها.
ومن ثمة فإننا نعالج هذا الموضوع و نتناوله وفقا للحظة المقترحة كمايلي وبالإعتماد على المنهج التحليلي: 

الفصل الأول  : آليات و قواعد رقابة الإدارة في مجال التهيئة و التعمير  
المبحث الأول :  آليات الرقابة القبلية  .
            المطلب الأول :  القواعد العامة للتهيئة التعمير.
            المطلب الثاني :  الرقابة باستعمال أدوات التعمير.
            المطلب الثالت :  الرقابة عن طريق الرخص و الشهادات.  
المبحث الثاني : آليات الرقابة القبلية للمناطق المحمية
           المطلب الأول :   ماهية  المناطق المحمية.
           المطلب الثاني  :  وسائل الحماية المتعلقة بها.           
المبحث الثالت : آليات الرقابة البعدية
           المطلب الأول :  هيئات الرقابة البعدية.
           المطلب الثاني :  إجراءات ووسائل الرقابة البعدية .


الفصل الثاني : أحكام رخصة البناء و المنازعات المتعلقة بها
المبحث الاول:  النظام و القانوني لرخصة البناء
           المطلب الأول :  تعريف رخصة البناء.
           المطلب الثاني :  الطبيعة القانونية لرخصة البناء.
           المطلب الثالث:  مدى الحق في الحصول على رخصة البناء.     
المبحث الثاني: أحكام منح رخصة البناء .
           المطلب الأول :  الشروط المتعلقة بالطالب. 
           المطلب الثاني :  أعمال البناء و المعينة بالترخيص.
           المطلب الثالث :  شكل و إجراءات إبداع الطلب. 
           المطلب الرابع:  البت في طلب رخصة البناء.      
المبحث الثالث : المنازعات المتعلقة بالرخصة البناء
           المطلب الأول :  المنازعات التي تختص بها جهات القضاء الإداري. 
           المطلب الثاني :  المنازعات التي تختص بها جهات القضاء المدني.
           المطلب الثالث :  المنازعات التي تختص بها جهات القضاء الجزائي. 
خاتـــــــمة

 

الفـــصل الأول  :  آليات و قواعــــد رقابة  الإدارة في مجـال التهيـئة والتعمير :

إنه و منذ صدور القانون 29-90 المتعلق بالتهيئة و التعمير و قبله القانون  25-90  المتعلق بالتوجيه العقاري تبنّى المشرع الجزائري توجه جديد ونمط و إستراتيجية للرقابة من شأنها ضمان احترام القواعد في مجال النشاط العمراني و هذا بوضع حد للظاهرة البناءات الفوضوية وتحقيق الإستعمال اللاعقلاني للأراضي ، كما حاول تفادي النقائص الواردة في التشريعات السابقة تفاديا لبروز الوضعيات اللاقانونية التي لا يمكن تسويتها أو الاعتراف بها و هذا بوضع تنظيم أكثر حزما يحدد قواعد شغل العقار الحضري و التوسع العمراني من حيث القواعد الموضوعية و الإجراءات و كذا الجهات الإدارية المؤهلة لممارسة عمليات الرقابة و كذلك بفرض عقوبات جزائية فيما يخص المخالفات.
و هذا بوضع التقنيات و الميكانيزمات التي تفرض إحترامها وإلزاميتها في إطار الرقابة القبلية أو رقابة المتابعة " الرقابة البعدية "  على الأنشطة العمرانية.
   إلى جانب ذلك فإن المشرع فرض آليات من أجل حماية المساحات و المواقع المحمية البارزة وهذا بتحديدها والعمل على تصنيفها و كذا فرض قواعد متميزة تختص بها بموجب أحكام تشريعية خاصة نظرا للإعتبارات التاريخية , الثقافية , الحضارية  ، البيئية   ، الإقتصادية التي تقوم عليها.
المبحث الاول :  آليات الرقـابـة القبـلــية :  
          نتعرض من خلال هذا المبحث إلى القواعد القانونية العامة للتهيئة و التعمير و إلى الرقابة الإدارية القبلية بواسطة أدوات التعمير و كذا عن طريق الشهادات و الرخص.
المــــطلب الأول : القـــواعد  العــامة للتهيـئـة والتعمير  :         
          إن هذه القواعد هي عبارة عن قواعد موضوعية تتعلّق بالأرض القابلة للتعمير و مقاييس البناء كحد أدنى من القيود و الالتزامات الواجب إحترامها في أي عملية للتشييد أو البناء أو في حالة غياب أدوات التعمير أي قبل إعتمادها و المصادقة عليها قانونا.
الفرع الأول   :  في القــــانون 25-90 المتعلق بالتوجيه العقاري : 
            تضمن هذا القانون مبادئ و قواعد قانونية جديدة تتماشى مع التوجيه الجديد للدولة الجــزائرية نحو نمط إقتصاد السوق بموجب دستور 1989، حيث قام بتكريس حق الملكية العقارية الخاصة و تحرير المعاملات المتعلقة بالعقارات و كذا تحديد الأصناف القانونية العامة لها و كذلك التصنيف التقني للأراضي و تعريفها‏ .
 و عليه فقد تعرض إلى تعريف الأراضي العامرة و الأراضي القابلة للتعمير  في إطار تحديد عناصرها  التقنية     ودون أن يغفل التعرض إلى المساحات و المواقع المحمية و الإعتبارات التي تقوم عليها ووسائل حمايتها و هذا بموجب أحكام تشريعية خاصة. 
و أخيرا و في إطار التهيئة و التعمير فقد تتطرف القانون  25-90 للأحكام المتعلقة بالأراضي العامرة و القابلة للتعمير من حيث مايلي : 
التعريف بأداوات التعمير و الأسس التقنية التي تقوم عليها.
إجراءات إعدادها و المصادقة عليها و القوة الإلزامية لها.
إنشاء هيئات التيسير و التنظيم للمحفظة العقارية التابعة للجماعات المحلية.                                      
إنشاء حق الشفعة للدولة و مؤسساتها.
القيود الخاصة في إستعمال الأراضي و كيفية التحويل إلى صنف الأراضي القابلة للتعمير.
الفرع الثاني : في القــــانون 29-90 المتعلــق بالتهيــئة  والتعـــمير : 
          يتضمن هذا القانون وضع القواعد القانونية الجديدة الرامية إلى تنظيم إنتاج الأراضي القابلة للتعمير         و تكوين و تحويل المبنى في إطار التسيير الاقتصادي للأراضي و الموازنة بين  وظائف السكن و الفلاحة و الصناعة   و أيضا  وقاية المحيط والأوساط الطبيعية و المساحات و المواقع المحمية على أساس إحترام مبادﺉ أهداف السياسة الوطنية الجديدة للتهيئة و التعمير . 
فقد حدّد الأحكام القانونية و التنظيمية كحد أدنى الخاصة بالنشاط العمراني و في غياب أدوات التعمير كتعريف القطع الأرضية القابلة للبناء و المواصفات و مقاييس البناء عليها.
التعريف بأدوات التعمير من حيث تشكيلها والوظائف المسندة لها وإجراءات إعدادها والمصادقة عليها والجهات الإدارية المختصة بالإستشارة  و كذلك الأهداف التي ترمز تحقيقها.
تحديد المناطق المحمية و التعريف بها و قواعد وإجراءات حمايتها كالساحل و الأقاليم ذات الميزة الطبيعية و الثقافية البارزة و الأراضي الفلاحية ذات المردود الفلاحي العالي أو الجيد والغابات .
تحديد الجهات الإدارية المكلفة بالرقابة و وضع المخالفات و العقوبات المقررة لها و إختصاصات الجهات الفضائية في ذلك.
النص على مختلف الشهادات و الرخص الإدارية و طرق تسليمها و كذا الطعن فيها.
الفرع الثالث : في المرسوم التنفيذي 91-175 يحدد القواعد العامة للتهيئة و التعمير و البناء:
           يضع هذا المرسوم القواعد الفنية العامة للأراضي العمرانية و المقاييس الواجب إعتمادها في البناءات كحد أدنى من الضوابط  أو في حالة غياب أدوات التعمير و التي على أساسها تمنح رخصة البناء أو يرفض منحها أو تمنح ضمن أحكام و شروط خاصة  يضاف إليها ما جاء به  القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 13-09-1992يتعلّق بحقوق البناء المطبقة على الأراضي الواقعة خارج المناطق العمرانية للبلدية  و المرسوم التنفيذي 2000/90 المذكور أعلاه.                        
 و يمكن حصرها كما جاء في هذا المرسوم إلى ما يلي :
من حيث موقع البنيابات و الطرق المؤدية إليها .
من حيث موقع البنايات و حجمها .
من حيث كثافة البنايات في الارض عن طريق تحديد معاملات إستغلال الأراضي العمرانية  
من حيث المظهر العام للبنايات و الشكل الخارجي  .
من حيث الإجراءات التي تطبق على العمارات ذات الإستعمال السكني  .

المطلب الثاني : الرقابة بإستعمال أدوات التعمير :

          إنه من أهم الضمانات التي جاء  بها القانون  90-29 هو أنه قنن أدوات التعمير و جعلها ملزمة للغير    و للجميع بما فيها الإدارة ذاتها وهذا عندما نصّ في المادة 1  4  منه بقولها " و تلتزم السلطة التي وضعتهما بإحترام محتواهما  " . و نصت  المادة  10  منه كذلك على أنّه : " لا يجوز استعمال الأراضي أو البناء يناقص مع التنظيمات التعمير دون تعريض صاحبه للعقوبة المنصوص عليها في القانون".
            و في حالة غياب هذه الأدوات حدّد كذلك القواعد العامة للتعمير التي تشكل حد أدنى يجب إحترامه في إنجاز أيّة بناء أو مشروع عمراني و عليه فإنّ أدوات التهيئة و التعمير هي تلك الآليات التي تحدّد التوجهات الأساسية لتهيئة الأراضي كما تضبط توقعات التعمير و قواعده و تحدّد على وجه الخصوص الشروط التي  تسمح بترشيد إستعمال المساحات ووقاية النشاطات الفلاحية و حماية المساحات الحسّاسة و المواقع و المناظرو تعيين الأراضي العمرانية و تحقيق التوازنات بين مختلف النشاطات الاجتماعية و الاقتصادية ذات المنفعة العامة المتعلقة بالعمران [ صناعة, فلاحة, سكن ]و البنايات المرصودة للإحتياجات الآتية و المستقبلية في مجال التجهيزات الجماعية المتعلقة
 بالخدمة و النشاطات و المساكن و تحدّد أيضا شروط التهيئة و البناء للمواجهة  الأخطار الطبيعية  وهي نوعان :
الفـــــــرع الأول : المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية : P .D .A .U 
القانون 29-90    المواد 16 إلى 30 :
المرسوم التنفيذي 177-91 المؤرخ في 1991-05-28 يحدّد إجراءات إعداد المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير و المصادقة عليه.
 أولا :  التعريــف : 
         هو أداة للتخطيط و التسيير المجالي و الحضري , تحدّد فيه التوجيهات الأساسية للسياسة العمرانية و ضبط التوقعات المستقبلية للتعمير آخذا بعين الإعتبار تصاميم التهيئة و مخططات التنمية  و  يضبط الصيغ  المرجعية لمخطط شغل الأراضي.
ثانيا / مشتملاته : يشمل هذا المخطط على مايلي :
تقرير توجيهي :  تحدّد فيه التوجهات العامة للسياسة العمرانية بعد تقديم شرح للوضع الحالي وآفاق التنمية العمرانية و المناطق التي سوق يطبّق فيها ،  و يمكن أن يضم بلدية أو مجموعة من البلديات تجمع بينهما مصالح إقتصادية و إجتماعية بإقتراح من رؤساء  المجالس الشعبية للبلديات المعنية و بقرار من الوالي المختص إقليميا.
نظام تضبط فيه   القواعد المطبقة حسب كلّ منطقة و حسب الأولويات و عليه:
  يحددّ التخصيص العام للأراضي على تراب البلدية أو مجموعة من البلديات حسب القطاع.
يحدّد توسّع المباني السكنية و تمركز المصالح و النشاطات و موقع التجهيزات الكبرى و الأساسية.
يحدّد مناطق التدخل في الأنسجة الحضرية و المناطق الواجب حمايتها .
كما يقسم المنطقة التي يتعلق بها إلى  قطاعات  محدّدة كمايلي :
القطاعات المعمّرة الحالية.
القطاعات المبرمجة للتعمير على الأمدين القصير و المتوسط في آفاق 1  0  سنوات.
قطاعات التعمير المستقبلية على المدى البعيد في آفاق 2  0 سنة  .
القطاعات الغير قابلة للتعمير.
كما تحدّد فيه أيضا  الإرتفاقات  و البناءات الممنوعة , كثافة التعمير, المساحات التي يشملها مخطط شغل  الأراضي , مناطق إنجاز المنشئات الكبرى و المرافق العامة و شروط البتاء في المناطق المحمية.
المستندات البنائية أو المخططات و هو تجسيد تقني لما جاء في المخطط.
ثالثا /  إجراءات الإعداد و المصادقة:
-1 المبدأ أنّه يجب تغطية كلّ بلدية بمخطط توجيهي للتهيئة و التعمير يتمّ إعداده بمبادرة من رئيس المجلس الشعبي البلدي و تتمّ  الموافقة على مشروع المخطط بعد مداولة المجلس الشعبي للبلدية أو البلديات المعنية.
2 -إجراء تحقيق عمومي من قبل رئيس المجلس الشعبي المعني خلال مدّة 4  5  يوم.
-3 عرض المشروع للإطلاع على كلا من رؤساء غرف الفلاحة , رؤساء المنظمات المهنية, زؤساء الجمعيات المحلية و كذا طلب الإستشارة و جوبا من الهيئات التي تشكل المصالح الخارجية للوزارات و المبنية في المرسوم أعلاه.
4 - المصادقة عليه بموجب مداولة من المجلس الشعبي البلدي.
-5 يصادق على المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير و حسب الحالة و تبعا لأهمية البلديات :
بقرار من الوالي : بعد أخذ رأي  المجلس الشعبي الولائي للبلديات المعنية التي يقلّ عدد سكانها عن 200.00 ساكن.
بقرار مشترك من الوزير المكلف بالتعمير مع وزير أو وزراء آخرون[الدّاخلية] بعد استشارة الوالي المعني للبلديات التي يكون عدد سكانها 2  00 000 و يقلّ عن  500   000   ساكن.
بموجب مرسوم تنفيذي يتّخذ بناء على تقرير من الوزير المكلّف بالتعمير بالنسبة للبلدية أو البلديات المعنية التي يفوق عدد سكانها  5  00 000 ساكن.
6 - يبلغ المخطط المصادق عليه للوزير المكلّف بالجماعات المحلية ، الوزير المكلّف بالتعمير و مختلف اللأقسام الوزارية و رؤساء المجالس الشعبية الولائية و البلدية.
-7 يوضع تحت تصرّف الجمهور  و ينشر بإستمرار في الأمكنة المخصّصة عادة للمنشورات الخاصة بالمواطنين بالبلديات.
الفــــرع  الثاني : مخطط شغل الأراضي : P.O.S  
القانون  29-90 المواد 31 إلى 38 
المرسوم التنفيذي 178-91 المؤرخ في 1991-05-28 يحدّد إجراءات إعداد مخططات شغل الأراضي و المصادفة عليها و محتوى الوثائق المتعلّقة به .
 أولا / التعريف : 
        هو أداة من أدوات التعمير , يغطى في غالب الأحيان تراب بلدية كاملة ، تحدد فيه و بصفة مفصّلة قواعد و حقوق استخدام الأراضي و البناء  من حيث الشّكل الحضري للبنايات الكمية الدنيا و القصوى من البناء المسموح به و المعبر عنه بالمتر المربع أو المتر المكعب من الأحجام  ، المظهر الخارجي للبنايات, المساحات العمومية  و الخضراء, الإرتفاعات الشوارع, النصب التنكارية,مواقع الأراضي الفلاحية الواجب حمايتها... و في إطار إحترام القواعد التي تضمنها المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير.
 ثانيا  /  المشتملات :
           طبقا لمرسوم التنفيذي   المذكور أعلاه فإنّ مخطط شغل الأراضي يشمل على الوثائق التالية : 
مذكرة إيضاحية و تقديم  ، تبرز فيها مطابقة ما يتضمّنه مخطط شغل الأراضي مع الظوابط التي حدّدها المخطط التوجيهي و برنامج التنمية للبلدية أو البلديات المطبق فيها  في شكل لائحة تنظيم.
نظام يحدّد بالتفصيل حقوق البناء و كيفية إستخدام الأرض بالنسبة لكلّ منطقة  ويضبط فيه الشكل الحضري أو العمراني و تحدّد الشوارع و الإرتفاقات و الأحياء و الحد الأدنى  و الأقصى للبناء المسموح به في المتر الربع و المتر المكعب الحجمي و القواعد المتعلّقة بالمظهر الخارجي إلى غيرذلك .
المستندات البيانية و المخططات الطبوغرافية و الخرائط تبين المنافذ, الطرق, وصول الشبكات إليها, موقع المباني, إرتفاعها, مواقف السيارات و هي تجسيد تقني لما تضمنه النظام من قواعد و أحكام بمختلف المقاييس.
ثالثا /  إجراءات الإعداد و المصادقة :
          القاعدة أنه يجب أن تغطى كل ّبلدية أو جزء منها بمخطط شغل الأراضي و يحضر مشروعه بمبادرة من رئيس المجلس الشعبي البلدي و تحت مسؤوليته  حتّى يكون بعد إعداده و الصادقة عليه إصلاحية البلدية كجهة إدارية لا مركزية التسليم رخص البناء  و باعتبار من رئيس المجلس الشعبي بلدي ممثلا للبلدية  و عليه فإنّه : 
            -1  يقرّر إعداده بموجب مداولة من المجلس الشعبي البلدي المعني  و بقرار من الوالي أو الوزير المكلّف بالتعمير وزير التجمعات المحلية حسب الحالات.
            -2  يطرح مشروع مخطط شغل الأراضي لتحقيق عمومي خلال مدّة 6 0  يوم.
            -3  عرض المشروع للإطلاع على كلا من رؤساء غرف التّجارة و رؤساء غرف الفلاحة ورؤساء المنظمة المهنية ورؤساء الجهات المحلية و المجتمع المدني و كذا طلب الاستشارة و جوبا من الهيئات الإدارية التي تشكل المصالح الخارجية للوزارات و المبنية في المرسوم أعلاه و كذا خضوعه للإستقصاء العمومي 60  يوما     
            -4 المصادقة عليه بموجب مداولة من المجلس الشعبي البلدي بعد أخذ رأي الوالي على أساس نتائج الاستقصاء العمومي .
            -5  يبلغ مخطط شغل الأراضي المصادق عليها إلى الوالي المختص و كذا مديرية التعمير, الغرفة التجارية والفلاحية.
            -6  يوضع تحت تصرّف الجمهور مع قائمة الوثائق و البيانات التي يتكون منها.

 

الفـــــرع  الثالث : مدى الطبيعة الإلزامية لأدوات التعمير : 

            إنه من أهم الضمانات التي كرّسها القانون 2   9  - 90  هو أنّه قنن أدوات التعمير و منح القواعد التي جاءت  بها حكم القواعد  الجوهرية الآمرة المتّصلة بالنظام العام [و التي لا يجوز الاتفاق على مخالفتها ] .
           فقد حدّد القانون إجراءات إعداد أدوات التعمير و المصادقة عليها وأخضعها للإستشارة واسعة محاولا إشتراك الجميع وإعلامه في إعدادها من خلال اشتراك الهيئات و المؤسسات و المجتمع المدني و كذا الجمهور لتمكينهم من التعبير عن إنشغالاتهم و إدراج إقتراحاتهم قبل المصادقة عليها قانونا و هو مايدلّ على الأهمية الكبيرة التي أولها المشرع لهذه الأدوات و الوظيفة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و التنفيذية التي تؤديها ، لأنّه وبعد المصادقة عليها تصبح أدوات التعمير و ما جاءت به من قواعد وأحكام ملزمة للجميع بما فبها الهيئات الإدارية التي أعددتها    و صادقت عليها . و عليه فإنّه لايجوز إستعمال الأراضي أو البناء أو أيّة نشاط عمراني على نحو يتناقض معها تحت طائلة العقوبات المقرّرة قانونا لذلك  . و لا يمكن مراجعتها أو تعديل ما فيها إلاّ بإتباع نفس كيفيات و إجراءات المصادقة عليها و بشروط موضوعية محدّدة على سبيل التّدقيق و الحصر .
              و بما أنّ أدوات التعمير هي التي تحدّد كيفية إستعمال الأرض و شروط و حقوق البناء فإنّ الملاك      و المستعملين ملزمين كذلك بإحترام الوجهة القانونية و التنظيمية التي حدّدتها للأرض و تنفيذ كلّ الأشغال          و الأنشطة العمرانية وفقا لما جاء في هذه الأدوات, فإذا نصت على أن  عقار ما سوف يخصّص لانجاز مشروع ذي منفعة عمومية فمعناه أنّه إذا كان ملكا خاصا فإنّ إجراء نزع الملكية سوف يشمله وعلى الإدارة إتحاذ  الإجراءات المناسبة كرفض منح رخصة البناء أو تأجيلها أو فرض بعض الارتفاقات حتّى لا تلجأ إلى دفع تعويضات أكبر.
     و إذا تقرّر أن العقّار سوف يخصص لإنجاز سكنات جماعية فلا يمكن للمالك كذلك أن يستعمله لغرض آخر    و إذا صنف عقار على أنّه غير قابل للبناء فإنّ مالكه أيضا لا يمكنه  الحصول على رخصة من أجل البناء فيه إلى غير ذلك من القيود.
        و لضمان إحترام أدوات التعمير وضع المشرع ميكانيزمات أخرى تضمن فعليا تجسيد هذه الأدوات و تحقيقها على أرض الواقع وهي الرقابة الإدارية عن طريق الرخص و الشهادات.
 
المطــلب الثاني : الرقابة عن طريق الشهادات و الرخص :
                 القانون 2  9 - 90  نصّ أيضا على شهادات ورخص مسبقة تمكن الإدارة من الاضطلاع بمهمتها الرقابية و كذا الاشراف و التوجيه و الإعلام بالوضعيات القانونية و الإدارية للعقارات المعنية  كما أنه لابد من الحصول عليها قبل الشروع في أيّ بناء أو إحدات تغيير في أو هدمه , و ضبطت إجراءتها و كيفيات الحصول عليها بالمواد 72 - 50 منه و كذا المرسوم التنفيذي 176-91 المؤرّخ في 1991-05-08 الذي يحدّد كيفيات تحضير شهادات التعمير ورخصة التجزئة و شهادة التقسيم و رخصة البناء و شهادة المطابقة و رخصة الهدم و تسليم ذلك.
   و هي عبارة عن وثائق و مستندات إدارية تمنحها الجهات الإدارية المختصة و تجسد الرقابة القبلية و حتّى البعدية فيما يخصّ شهادة المطابقة أو تعطي معلومات حول حقوق البناء أو إرتفاقاته في عقار ما.
الفـــرع الأول : شهادة التعمير  . CERTIFICAT D’UBANISME
المواد 6-2 مرسوم تنفيذي91 /176 :
أولا /  التعريف :  هي تلك الوثيقة الإدارية التي تبين حقوق البناء والإرتفاقات التي تخضع  لها الأرض المعنية حيث تبين : 
أنظمة التهيئة  والتعمير المطبقة على القطعة الأرضية.
الإرتفاقات المدخلة على القطعة  القطعة الأرضية كتوقعات نزع الملكية.
الإرتفاقات الإدارية الأخرى لاسيما منع البناء أو تحديده.
خدمة القطعة الأرضية بشبكات من الهياكل القاعدية العمومية الموجودة أو المتوقعة .
ثانيا /  تسلّم بناء على طلب من كلّ شخص معني والذي يشتمل - الطلب - على : " موضوع الطلب, إسم مالك الأرض , العنوان , التصميم , المراجع المساحية". 
 ثالثا /   يودع طلب شهادة التعمير و الوثائق المرفقة به بمقر المجلس الشعبي البلدي ويدرس هذا الطلب وتسلم الشهادة حسب أشكال منح رخصة البناء .
رابعا / تبلغ خلال الشهرين المواليين لإيداع الطلب.
خامسا /  تحدّد مدة صلاحياتها بسنة واحدة من تاريخ التبليغ.
سادسا /  و يمكن لصاحب التعمير عند عدم إقتناعه بالرد الذي يبلغ له أو في حالة سكوت السلطة                     المختصة خلال الآجال المطلوبة ، التقدّم بطعن سلمي أو رفع دعوى أمام الجهات القضائية.
سابعا /   أهميتها : 
إحاطة الجمهور  والغير و إعلامه  بالوضعية القانونية و الإدارية للقطعة الأرضية المعنية.     
لا يمكن طرح أنظمة التعمير المذكورة في شهادة التعمير للبحث من جديد إذا صدر طلب رخصة  البناء المتعلقة بالعملية المبرمجة خلال مدّة صلاحية الشهادة. 
الفـــــــرع الثاني   : شهادة التقسيم CERTIFICAT DE MORCELLEMENT
المواد 32-26 من المرسوم التنفيذي    176-91  :
 أولا / التعريف : هي الوثيقة الإدارية التي تبين شروط إمكانية تقسيم  ملكية عقارية مبنية إلى قسمين أو عدّة أقسام و دون تغيير في حقوق البناء أو الإرتفاقات المفروضة عليها . و لا تصلح كشهادة للتعمير .
ثانيا /  الطلب  : يكون من المالك وحده أو موكله و عليه إرفاق الطلب نسخة من عقد الملكية أو التوكيل.
 ثالثا / إرفاق الطلب بملف كامل يشتمل تصميم الموقع, التصاميم الترشيدية التي تشمل مخططات كتلة البناءات , المساحة المبنية , المساحة الإجمالية  ن تخصيص القطعة الأرضية المقرّرة في إطار إقتراح التقسيم.
رابعا /  يحضر الطلب في 05 نسخ و يودع بأمانة رئيس المجلس الشعبي البلدي و تسلّم طبقا للأشكال المقرّرة بخصوص رخصة التجزئة و خلال الشهرين المواليين لتاريخ إيداع الطلب.  
خامسا / و تحدّد مدّة صلاحية شهادة التقسيم بسنة واحدة إبتداءا من تاريخ تبليغها.
الفـــــــرع  الثاني : رخصة البناء PERMIS DE CONSTRUIRE  :
             تعتبر رخصة البناء من أقدم أدوات مراقبة البناء إذ يعود تاريخ استحداثها إلى عهد الحضارة الميزوبوتاسية و ألواح حمورابي .    
فهي رخصة تمكن من إنجاز بناية جديدة أو إدخال تعديلات أو ترسيمات على بناية قديمة طبقا لقواعد و أدوات التعمير وتطلب عند إنجاز أي بناء بما فيها بناء الأسوار ما عدا تلك المحمية بسرية الدفاع.
          و عليه فهي أداء رئيسية و جوهرية في مجال التهيئة و التعمير و هو الموضوع الذي سنتناوله بالتفصيل في الفصل الثاني المتعلّق بمنازعات رخصة البناء و أحكامها.
 
الفـــــــــــرع الرابع : رخصة التجزئة PERMIS DE LOTIR 
المواد 59-58-57 ق 29-90, المواد 7إلى 25:
أولا /  التعريف : هي تلك الوثيقة الإدارية التي تشترط لكلّ عملية تقسيم لقطعتين أو عدّة قطع أرضية غير مبنية من  ملكية عقارية واحدة أو عدّة ملكيات مهما كان موقعها و التي من شأنها أن تستعمل في تشييد بناءات جديدة  ، و تنشئ بالنسبة لكلّ قطعة حقوق بناء جديدة  . 
و عليه فإنّه تبدو أوجه الاختلاف بين رخصة التجزئة و شهادة التقسيم من حيث أمرين : 
أولهما : أنّ شهادة التقسيم تخصّ إمكانية تقسيم ملكية العقارات المبنية بينما رخصة التجزئة فتشرط لكلّ عملية تجزئة لقطعتين أو عدّة قطع أرضية غير مبنية من ملكية عقارية واحدة أو عدّة ملكيات .
ثانيهما: أنّ شهادة التقسيم  لا تغيّر في حقوق البناء أو الإرتفاقات المتعلّقة بالعقار و لا تصلح كشهادة للتعمير بينما رخصة التجزئة تهدف إلى تجزأة الملكية إلى جزئين أو أكثر قصدا إنجاز بناءات جديدة و تنشئ بالنسبة لكلّ قطعة بناء حقوق  بناء جديدة  
 
ثانيا /  أجكام رخصة التجزئة :
-1 الطالب : 
          الأصل أن طلب التجزئة يقدّم من المالك أو وكيله مرفوقا بنسخة من العقد أو التوكيل كما يجوز للحائز بمفهوم قانون التوجيه العقاري طلبها باعتباره يجوز على سند حيازي مشهر و له أن يتصرف المالك الحقيقي مالم يقرر القضاء خلاف ذلك. 
 -2الشكل و الإجراءات :  
     يودّع الطلب في 05 نسخ لدى رئيس المجلس الشعبي البلدي و يرفق بتصميم للموقع و هياكله القاعدية        و التصاميم و مذكرات تبين طرق حماية البيئة و برنامج الأشغال و دفتر للشروط يقرّر نموذجه الوزير المكلّف بالتعمير مع خضوع ذلك لاستشارة المصالح المختصة.
-3 قبول طلب التجزئة :  
               يبت فيه في غضون 3 أشهر أو الأربعة الموالية لتاريخ إيداعه و يكون إصدارها من قبل رئيس المجلس الشعبي البلدي باعتباره ممثلا للبلدية أو باعتباره ممثلا للدولة و كذا الوالي أو الوزير المكلّف بالتعمير حسب الحالات و يحدّد هذا القرار التوجيهات التي يتكفّل بإنجازها صاحب الطلب و أشغال التهيئة القرّرة و آجلها  كما يضبط الإجراءات و إرتفاقات المصلحة العامة التي تطبق على الأرض المجزأة طبقا للنص المادة 23 من المرسوم 91/176
يوضع  قرار التجزئة تحت تصرف الجمهور بمقر المجلس الشعبي البلدي.
شهر القرار من قبل الجهة الإدارية المختصة و على نفقة صاحب الطلب بمكتب المحافظة العقارية خلال أجل شهر من تاريخ الإعلان عنه و طبقا للقاعد العامة للشهر العقاري طبقا للنص المادة 23/6 من المرسوم التنفيذي أعلاه.
وتحدّد مدّة صلاحيتها ب 3  سنوات تحت طائلة الإلغاء و يمكن تقسيم الأشغال إلى مراحل طبقا للنص المادة 24  من المرسوم. 
-4  رفض طلب التجزئة :   
        لا يسلّم الترخيص بالتجزئة إلاّ إذا كانت الأراضي المراد تجزئتها موافقة لمخطط الشغل الاراضي المصادق عليه أو مطابقة لشهادة التعمير و عليه فإنه في غيابهما يمكن رفض منح هذه الرخصة إلى طالبيها و كذا في حالة غير موافقة الأرض المجزئة للقواعد العامة للتهيئة و التعمير كما يمكن أن يكون طلب رخصة التجزئة محلّ تأجيل لمدّة سنة كاملة عندما تكون أدوات التعمير في حالة الإعداد طبقا لمواد 18 و 19 من المرسوم و في جميع الأموال فإنّه لا يمكن رفض تسليم رخصة التجزئة إلاّ للأسباب المبينة في قانون التهيئة و التعمير مع تعليل قرارات الرفض من أجل الطعن فيها  إما سلميا أو أمام القضاء  .
 
-5 إمتداد آليات الرقابة إلى عمليات البيع أو الإيجار بالنسبة للأرض المجزأة :
      طبقا للمادة 25 من المرسوم التنفيذي 176-91. فإنّ كلّ عملية للبيع أو الإيجار لقطعة أرضية موجودة ضمن الأراضي المجزأة مرهون بتسليم الجهة الإدارية المانحة للرخصة شهادة مرجعية تبين مدى تنفيذ الأشغال         و مطابقتها مع  التوجيهات التي تضمنها قرار تسليم رخصة التجزئة.
       كما أن تسليم الشهادة لا يعفي المستفيد من الرخصة من قيام مسؤوليته إزاء المستفيدين من القطع الأرضية لاسيما يتعلّق بالتنفيذ الأمثل للأشغال.
           هذا و تجدر الإشارة إلى ضرورة التمييز بين التجزئة و التقسيم من جهة و بين عقد القسمة للعقّارات المملوكة على الشيوع من جهة ثانية لأن قسمة العقارات المملوكة على الشيوع لا تحتاج إلى الموافقة المسبّقة للجهات الإدارية المختصة بالتنظيم العمراني لأنها مجرّد عملية للخروج من حالة الشياع و هو حق مخول للمالكين        على الشيوع و لم يقيّده المشرع بأيّ إجراءات أو شكليات إدارية معينة .
الفـرع الخامس    :  رخصة الهدم :PERMIS DE DEMOLIR 
المادة 60 ق 29-90, المواد 74-61 مرسوم أعلاه :
أولا /  التعريف : 
        هي الوثيقة الإدارية التي تشترط في كلّ عملية هدم لضمان تنفيذها في الظروف الأمنية و التقنية المطلوبة      و سواء أكان الهدم كليا أو جزئيا و ذلك عندما تكون هذه البناية واقعة في مكان مصنف أو في طريق التصنيف في قائمة الأملاك التاريخية أو المعمارية أو السياحية أو الثقافية أو الطبيعية طبقا للأحكام للقواعد القانونية المعمول بها    و كذا عندما تكون البناية موضوع الهدم سندا لبنايات المجاورة.
ثانيا  /  أحكام رخصة الهدم : 
 -1 الطالب : 
       ينبغي أن يقدّم الطلب من مالك البناية الآيلة للهدم أو موكله أو الهيئة العمومية المختصة مرفقا بتصميم الموقع و الكتلة و أسباب إجراء العملية و حجم أشغال البناء ، التخصيص المحتل للبناء بعد شغوره و خبرة تقنية .
-2 البت في الطلب : 
يرسل الملف  في 05 نسخ إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي المختص.  
تحضر المصالح المختصة بالتعمير في البلدية طلب رخصة الهدم باسم الرئيس.
يحدّد أجل التحضير بـ 03 أشهر ابتداءا من تاريخ إيداع الملف.
إلصاق وصل إيداع رخصة الهدم بمقر المجلس الشعبي البلدي خلال كامل هذه الفترة .
يمكن للمواطنين الاعتراض كتابيا على مشروع الهدم لدى رئيس المجلس الشعبي البلدي مدعمين بوثائق شرعية  .
-3 حالة القبول :
       طبقا للمادة 66 المرسوم 176-91 لا يمكن رفض منح رخصة الهدم عندما يكون الهدم الوسيلة الوحيدة لوضع لإنهيار البناية و تسلم رخصة الهدم في شكل قرار صادر من قبل رئيس المجلس الشعبي البلدي بعد إستشارة مصالح الدولة المكلّفة بالتعمير على مستوى الولاية و المصالح الأخرى و لا يمكن للمعني البدء في أشغال الهدم إلاّ بعد فوات 20 يوم من تاريخ الحصول عليها و بعد إعداد تصريح بفتح الورشة و تصبح رخصة الهدم لاغية و منقضية في الحالات الآتية : 
إذا لم تحدث عملية الهدم خلال أجل 5 سنوات .
إذا توقفت خلال 3 سنوات الموالية.
إذا ألغيت الرخصة صراحة بموجب قرار قضائي.
 -4 حالة الرفض أو السكوت :
       إنّه لا يمكن للإدارة رفض طلب رخصة الهدم كذلك إلاّ للأسباب القانونية  و أنّ يكون القرار الإداري معللا تعليلا كافيا و للمعني كذلك الحق في تقديم طعنا سلميا أو رفع الأمر إلى الجهات القضائية المختصة في حالة سكوت السلطة السلمية أو رفضها له و تجدر لإشارة أنّه لا يرخص  بأيّ هدم من شأنه المساس بالتراث الطبيعي أو التاريخي أو الثقافي إلاّ بعد إستشارة و موافقة المصالح المختصة طبقا للمادة 69  ق 90/29.
          و فيما يخصّ البناءات الآلية للسقوط فإنّ المرسوم91/176 نصّ في المواد 175 و مايليها على إجراءات خاصة والتي تقوم بها البلدية بإعتبارها مسؤولة على ضمان أمن و سلامة المواطنين  .
إنّ كلّ هذه الشهادات و الرخص تختص بمنحها الجهات الإدارية  كما تخضع لإجراءات و شكليات معينة  في منحها كالإستشارة أو البت في الاعتراضات و تجسد فعلا آلية الرقابة القبلية للإدارة على النشاطات العمرانية من أجل الحفاظ على النظام العام الإداري و العمراني .
و من خلال هذا المبحث نستنتج مايلي :
          -1 أنّ المشرع الجزائري عرف الأراضي العامرة و القابلة للتعمير [الأراضي العمرانية ] ووضع القواعد القانونية والإدارة التي تخضع لها   إما في قانون 90 – 25 أو قانون90-29 و مراسيمه    .
  -2  أنه قننّ أدوات التعمير و جعلها الإطار العام والمرجع الملزم لأيّة عمليات عمرانية و قام بربطها بوثائق إدارية هي الشهادات و الرخص كتعبير عما جاءت به و طبقا لشكليات معينة.
       -3   وضع القواعد العامة للتهيئة و التعمير كحد أدنى لا بد ّمن إحترامه كما في حالة غياب أدوات التهيئة   و التعمير .
         -4  ربط الحق في البناء بحق ملكية الأرض أومن في حكمه . الم قانون  29-90.
   -5        لكن أهم ما جاء به هذا القانون هو أنه اشترط أن تكون هذه الترخيصات المسلمة صريحة و ليست ضمنية بعد إنقضاء الآجال الممنوحة للإدارة من أجل البت في الطلبات و أصبح السكوت يفسر على أنّه رفض صريح من قبل الحهات يخوّل للمعنى حق التظلم سلميا أو رفع دعوى أمام القضاء المختص طبقا للنص المادة 63منه عندما نصت على أنه: " يمكن طالب رخصة البناء أو التجزئة أو الهدم الغير مقتنع بغير طلبه أن يقدّم طعنا سلميا أو يرجع قضية أمام الجهة القضائية المختصة في حالة سكوت السلطة السلمية أو رفضها له."
       -6  المشرع سحب من القاضي حق الحلول محل الإدارة في منح هذه الرخص للطالبيها في حالة رفض الإدارة تسليمها لهم كما كان معمول به في ظلّ التشريع السابق  و بالمقابل ألزمها القانون بتبليغ قرارتها و تعليلها على أساس الأسباب المستخلصة من القانون.
      إنّ هذه التوجه الجديد جاء ليضع حدّا للفوضى العمرانية التي أفرزتها التشريعات السابقة, وكذا في ظلّ لامبالاة هذه الأخيرة أو تواطأها أحيانا,و في غياب ملف تقني جدى يحترم قواعد التعمير و من ناحية ثانية عدم تحكم القضاء في مراقبة مدى مطابقة النشاطات العمرانية المزمع القيام بها مع قواعد التهيئة و التعمير  . 
المبحث الثاني : و سائل الرقابة القبلية للمناطق المحمية :
      إلى جانب قواعد التعمير التي أوردها قانون 29-90 فإنّ المشرع و في إطار حماية البيئة في حد ذاتها وفي إطار ضمان تنمية الفضاء الوطني تنمية منسجمة و مستدامة أصدر عدّة قوانين و تنظيمات متعلق بحماية المناطق المحمية نظرا للإعتبارات العديدة التي تقوم عليها  , يجعلنا نتساءل حول تعريف هذه المناطق المحمية وآليات حمايتها.
المطلب  الأول  : تعريف المناطق المحمية و تحديدها :
     لقد تعرض لها قانون التوجيه العقاري بموجب نص المادة 22 منه بقولها "  نظرا إلى إعتبارات تاريخية أو ثقافية أو علمية أو أثرية أو معمارية أو سياحية ´و بغرض المحافظة على الحيوانات و النباتات و حمايتها ، يمكن أن توجد أو تكون مساحات أو مواقع ضمن الأصناف السالفة الذكرو ذلك بموجب أحكام تشريعية خاصة".
     و لم يغفل قانون 29-90 كذلك التعرض إلى هذه المناطق في القسم الرابع المتعلق بالأحكام الخاصة التي تطبق على بعض الأجزاء من الثراب الوطني و عليه يمكن تعريف المناطق المحمية أنّها  " تلك المناطق أو الأقاليم التي تتوفر على مميّزات و مقوّمات و إعتبارات خاصة إماّ طبيعية أو ثقافية أو تاريخية أو حضارية بارزة و كذلك الأراضي الفلاحية ذات المردود العالي أو الجيّد  أو الغابية ممّا يجعلها تستدعي حماية و آليةخاصة للرقابة سواء من حيث الهياكل أو الإجراءات أو العقوبات بالنظر لما تمثّله من قبمة سياسية , اقتصادية , اجتماعية, ثقافية و أخلاقية كبيرة و يمكن ردّها إلى كلا البيئة في حد ذاتها  ، الساحل و المناطق السياحية , الأقاليم ذات الميزة الطبيعية   والثقافية البارزة و الأراضي الفلاحة ذات المردود العالي أو الجيّد.
    و عليه نص القانون على ضوابط جديدة [على الرغم من التأخر الكبير في صدورها و ما نتج  عنه من أضرار    و خسائر فادحة على حسابها في ظلّ غياب ضمير جمعي و أخلاقي لحمايتها ] تتكيف مع ا لأهداف الإستيراتيجية للنمو الحضري و العمراني و إعادة التوازن للبيئة الحضرية على المستوى الوطني و الجهوي و الولائي.
المطلب الثاني : آليات حماية المناطق المحمية  :
    لقد وضعت القوانين المتعلقة بحماية المناطق المحمية  والتي صدرت مؤخرا عدة آليات و تقنيات جديدة من أجل ضبط عمليات النشاط العمراني في هذه المناطق الخاصة سواء من الناحية التقنية  أو الإدارية و كذا القضائية من حيث مايلي:
الفرع الأول  : تحديد القانون للمناطق المحمية و العمل على تصنيفها : 
     لقد عملت هذه القوانين على وضع تعاريف قانونية و تقنية لهذه المناطق قصدا حمايتها.
أولا  /  تعريف المناطق ذات الميزة الطبيعية و الثقافية البارزة :
القانون رقم 04-98  يتعلق بحماية التراث الثقافي .
المادة 47-46 قانون 29-90.
 يهدف هذا القانون إلى التعريف بالتراث الثقافي الثقافي للأمّة و قواعد حمايته والمحافظة عليه و تنمييه.
        و قد عرفت المادة 0 8 هذه المناطق بقولها " تشمل الممتلكات العقارية الثقافية ما يأتي : المعالم التاريخية – المواقع الأثرية – المجموعات الحضرية أو الريفية "
           و عرفت المادة 1 7 منه  " المعالم التارخية بأنها أي إنشاء هندسي معماري منفرد أو مجموع يقوم شاهدا على حضارة معينة أو حادثة تارخية "
     وعرفت المادة 28 منه المواقع الأثرية بأنها " مساحات مبنية أو غير مبنية دونما و ظيفة نشيطة و تشهد بأعمال الإنسان أو بتفاعله مع الطبيعة بمافي ذلك باطن الأرض المتصلة بها و لها قيمة من الوجهة التاريخية أو الأثرية أو الدينيةأو الفنية أو العلمية أو الاتنولوجية أو الانتروبولو جية و المقصود بها على الخصوص المواقع الأثرية        و الحضائر الثقافية".
 كما عرفت المادة 41 منه القطاعات المحفوظة على أنّها " المجموعات العقارية الحضرية أو الريفية متل القصبات   و المدن و القصور و القرى و المجمعات السكنية التقليدية المميزة بغلية المنطقة السكنية فيها و التي تكتسي بتجانسها و وحدتها المعمارية و الجمالية أهمية  تارخية أو معمارية أو فنية أو ثقليدية من شأنها حمايتها و إصلاحها و اعادة تأهيلها و تنميتها "
          كما حثّ  هذا القانون على تصنيفها في المادة 16  منه إذ نصت على أنه : " يعد التصنيف أحد إجراءات الحماية النهائية "وهذا  بقرار من الوزير المكلّف بالثقافة عقب إستشارة اللّجنة الوطنية للمتلكات الثقافية  و يمتدّ هذا القرار إلى العقارات المبنية أو غير المبنية الواقعة في هذه المنطقة.
ثانيا /  تعريف الساحل و مناطق التوسع السياحي : 
القانون 02-02 المتعلق بحماية الساحل و تثمينه.
المادة 45-44 قانون 29-90 .
عرفت المادة 07 منه الساحل على أنّه " جمع الجزر و الجزيرات و الجرف القاري و كذا شريطا ترابيا بعرض أقله 800 متر على طول البحر ...... إلخ " 
               و نصت المادة 04 منه على أنّه يجب على الدولة و الجماعات الإقليمية في إطار إعداد أدوات التهيئة و التعمير أن تسهر على توجيه توسع المراكز الحضرية القائمة نحو مناطق بعيدة عن الساحل و الشاطئ البحري      و يجب أن تحظى وضعية الساحل الطبيعية بالحماية و يجب أن يتمّ أي تثمين للساحل ضمن إحترام و جهات المناطق المحمية و يمنع المساس بوضعيته الطبيعية و قد صدر تطبيقا لهذا القانون03 قوانين أخرى في نفس السياق تتعلق بالتهيئة و التعمير في المناطق السياحية و هي :
القانون رقم 01-03 يتعلّق بالتنمية المستدامة للسياحة .
القانون رقم 02-03 القواعد العامة للأستعمال و الاستغلال السياحين للشواطئ.
القانون رقم 03-03 يتعلّق بمناطق التوسع السياحي و المواقع السياحية.
حيث نصّ في المادة 10 منه على أنه  « تصنف مناطق التوسع و المواقع السياحية كمناطق سياحية محمية و تخضع إلى إجراءات الحماية الخاصة.»
ثالثا  /  تعريف الأراضي الفلاحية,أدوات الوجهة الفلاحية :
القانون 25-90 المتعلّق بالتوجيه العقاري.
المواد 49-48  قانون 29-90.
       في مفهوم المادة 04 من ق 25-90 فإن الأرض الفلاحية أو ذات الوجهة الفلاحية هي كلّ أرض تنتج بتدخل الإنسان سنويا أو خلال سنوات إنتاجا يستهلكه البشر أو الحيوان أو يستهلك في الصناعة إستهلاكا مباشرا أو بعد تحويله  و نصت المادة 4  8  من قانون 29-90 على أنّه تنحصر حقوق البناء بالأراضي ذات المردود الفلاحي العالي أو الجيّد في البناءات الضرورية الحيوية للأشغال الفلاحي و البناءات ذات المنفهة العمومية.
  و عليه فقد حرصت هذه التشريعات على وضع تعاريف و مفاهيم للمناطق المحمية قصدا حمايتها و إعادة تثميتها   و تميّزها عن المناطق الأخرى.
الفرع  الثاني : وضع المخططات و أدوات تهيئة من أجل حمايتها :
     القانون نص على عدّة مخططات و أدوات للتهيئة أهمها المخطط الوطني لتهيئة الإقليم, المخطط التوجيهي لتهيئة السواحل و المخطط التوجيهي لحماية الأراضي و مكافحة التصحر و المخططات التوجيهية الجهوية لتهيئة الإقليم    و مخططات تهيئة الإقليم الولائي و المخططات التوجيهية لتهيئة فضاءات الحواضر الكبرى إلى جانب المخططات القطاعية و التي تضبط قواعد البناء في المجالات معينة كالمنشئات الكبرى مثل : المخططات الخاصة بالمطارات        و السكك الحديدية و التهيئة السياحية و المخطط التوجيهي للتنمية السياحية و غيرها.
الهدف من هذه المخططات كلّها هو الإاستغلال العقلاني للفضاء الوطني و توزيع السكان و الأنشطة الاقتصادية  على كافة الإقليم الوطني و كذا التحكم في نمو التجمعات السكنية و الأنشطة الجماعية و السياحية  و المنشئات الكبرى  كما أحال القانون على التنظيم في كثير من المواد  ، كما أنه من البديهي أنه عندما يبدأ في تطبيق القوانين الجديدة بصفة فعلية و مؤكدة سوف يكون لها ثأتير مباشر على أدوات التهيئة و التعمير التي نص عليها القانون 29-90  سواء تعلق بالمخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير أو المخطط شغل الأراضي لأنه يجب عند إعدادها الأخذ بعين الاعتبار ما ورد في هذه المخططات و ما جاء بها من التوجيهات.      
الفرع الثالث : وضع الهياكل و الأجهزة المختصة بالحماية : 
  إنه بالإضافة إلى الدور الذي تلعبه الجهات الإدارية المختصة في مجال الرقابة كالولاية و البلدية و الموظفون المختصون وكذا الهيئات المركزية المعنية أنشأت التشريعات عدّة أجهزة و هيئات عمومية تعمل على الرقابة و كذا من أجل حماية هذه المناطق و تثميتها.
أولا /  الوكالة الوطنية للتنمية السياحية  :  
             -1 تسند لها مهمّة تنفيذ و متابعة عمليات التنمية السياحية  حيث تتولى في هذا الإطار مهمّة إقتناء     و تهيئة  وترقية وإعادة بيع أو تأجير الأراضي الواقعة في المناطق التوسع و المواقع السياحية للمستثمرين من أجل إنجاز المشاريع و المنشئات السياحية.
              -2 تمارس حق الشفعة للدولة في هذه  المناطق و على جميع عمليات البيع أو التأجير كما ألزم القانون المتعاقدين إشعار الوكالة بهذه العمليات تحت طائلة البطلان المطلق للعقد.
           -3 و في هذه حالة التنازل أو التأجير يلزم المسأجر أو المستفيد بإحترام مواصفات دفتر الشروط التي تضعه الوكالة.    
 ثانيا  /   الأجهزة الأخرى :
  أنشأ القانون القانون عدّة أجهزة مختصة بالمناطق المحمية منها :
المحافظة الوطنية للساحل.
مجلس تنسيق  الشاطئ و صندوق تمويل التدابير المتخذة لحماية الساحل و المناطق الشاطئية .
اللّجنة الوطنية لدراسة مخططات مشاريع بناء المؤسسات الفنذقية  و الديوان الوطني
              للسياحة  .
اللّجنة الوطنية للمتلكات الثقافية و لجنة إقتنائها و لجنة نزع الملكية.
الصندوق الوطني للتحويل التراث الثقافي من أجل تحويل جميع عمليات الصيانة و حماية المناطق   الثقافية  .
ثالثا  /   الجمعيات :
             يمكنها المساهمة في الترقية السياحية وغيرها و يمكنها الإستفادة من الإجراءات التشجيعية التي تمنحها الدولة ولها صفة التقاضي و التأسس كطرف مدني أمام القضاء.   
الفرع الرابع  : منح رخصة البناء و غيرها من الشهادات  متوقف على الموافقة المسبقة للوزارات المعينة :
                 نصت المادة 69 من قانون 29-90 على أنه  " لا يرخص بأي بناء أو هدم من شأنه  أن يمسّ بالتراث الطبيعي أو التاريخي أو الثقافي أو يشكل خطر إلاّ بعدإستشارة و موافقة المصالح المختصة في هذا المجال "  و عليه فإنّه لا بدّ من إستشارة و موافقة الوزارات المعنية كوزارة السياحة عندما يتعلق الأمر بواقع التوسع السياحي أو المواقع السياحية  .
ووزارة الفلاحة فيما يخص الأراضي الفلاحية  و كذا وزارة الثقافة عندما يتعلق الأمر بمناطق التراث الثقافي  و هذا قبل تسليم رخصة البناء أو الهدم من قبل المصالح المختصة.
الفرع   الخامس : فرض القيود و الارتفاقات على حق الملكية :
       لقد وضعت القوانين المتعلقة بالمناطق المحمية عدّة أنظمة تتعلّق بحقوق البناء و الإرتفاقات المفروضة عليها       و تمنع على المالك البناء على جزء من ملكيته أو كلّها ، مثل ما نصت عليه المادة 48 من قانون 29-90 على أنّه ينحصر حقوق البناء بالأراضي ذات المردود الفلاحي العالي أو الجيّد في البناءات الضرورية الاستغلاليات الفلاحية    و البناءات ذات المنفعة العمومية.    
و تفرض الجهات الإدارية القيود و الإرتفاقات على العقارات على أساس نص تشريعي و بموجب مخططات التهيئة   و التعمير الخاصة بهذه المناطق و هذا بوضع نظام يتعلق بحقوق البناء و الإرتفاقات .

الفرع   السادس  :  نزع الملكية من أجل المنفعة العمومية و حق الشفعة للدولة :

   يعرف المشرع الجزائري نزع الملكية من أجل المنفعة العامة على أنها طريقة إستثنائية للإكتساب الأملاك و الحقوق العقارية.
و عليه و في إطار حماية هذه المناطق و تثميتها و المحافظة عليها منحت هذه القوانين أعمال التهيئة وإقتناء العقار في هذه المناطق صفة المنفعة العمومية. فقد نصت المادة 05 من القانون 04-98 المذكور أعلاه على أنّه  " يمكن دمج الممتلكات العقارية الثقافية التابعة للأملاك الخاصة في الأملاك العمومية التابعة للدولة عن طريق نزع الملكية للمنفعة العمومية أو عن طريق ممارسة الدولة حق الشفعة أو عن طريق الهبة "
ولاسيما في حالة رفض المالك الإمتثال للتعليمات و الإرتفاقات التي يفرضها الاجراء الخاص بالحماية - نفس القانون المادة 47 -  وكذلك الحال بالنسبة للمواقع السياحية أو الفلاحية .
       هذه فقط بعض آليات الرقابة الإدارية الخاصة بالمناطق المحمية إلى جانب الأدوات التي جاء بها قانون التهيئة والتعمير ويبقى هدفها الوحيد هو الإستغلال العقلاني و الأخلاقي للفضاء الوطني وكذا فرض الحماية القانونية       و الإدارية و القضائية عليها.

 المبحث الثالت : ميكانيزمات الرقابة البعدية :

            الرقابة البعدية هي تلك الرقابة التي تمارس من قبل الجهات الإدارية المختصة أثناء و عند الإنتهاء من إنجاز بناية أو تهيئة القطعة الأرضية أو تجزئتها من أجل البناء فيها و ذلك من خلال المعاينات الميدانية التي تتجسد في محاضر المعاينة و فرض عدة إلتزامات و واجبات تقع على عاتق المرخص له بالبناء أو صاحب رخصة التجزئة أو الهدم.
           المشرع نص في ظلّ القانون 29-90 على وسائل و آليات الرقابة البعدية سواء من حيث الهيئات الإدارية المختصة أو من حيث إجرائتها.
 لكن و نظرا لعدم نجاعتها و بروز  بعض الثغرات إضطر المشرع إلى التدخل بموجب المرسوم التشريعي  07-94 المؤرخ في 1994-05-18 المتعلق بشروط الإنتاج المعماري و ممارسة مهنة المهندس المعماري للنص على إجراءات جديدة و عليه يثور التساؤل حول تحديد الجهات الإدارية المؤهلة للممارسة الرقابة من ناحية و كذا إجراءات ووسائل هذه الأخيرة.

 
المطلب  الأوّل : هيئات الرقابة البعدية :
              نصت المادة 73 من قانون 29-90 ضمن القسم الخاص بالمراقبة على أنه  " يمكن الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي و كذا الأعوان المحلفين المفوضين في كلّ وقت زيارة البنايات الجاري تشييدها و إجراء التحقيقات التي يعتبرونها مفيّدة و طلب إبلاغهم في كلّ وقت بالمستندات التقنية المتعلقة بالبناء ".
 وعليه يتضّح من خلال هذه المادة أن هيئات الرقابة البعدية في مجال العمران هي نوعان :  
 أولهما: الأجهزة الإدارية و هي أجهزة الضبط الإداري من أجل المحافظة على النظام العام العمراني و الصحة العامة .
 ثانيهما : شرطة التعمير و المتمثلة في الموظفين المحلفين و المؤهلين للتقصي و البحث عن المخالفات في مجال البناء     و الهندسة المعمارية.
الفرع  الأول : أجهزة الرقابة البعدية :
     هي هيئات الضبط الإداري المكلفة بالمحافظة على النظام العام العمراني بكلّ أبعاده و صيانته و حق مراقبة إستغلال وإستعمال الأراضي العمرانية و مدى مطابقة ذلك و إنسجامه مع مختلف القوانين و التنظيمات و القواعد المعمول بها في هذا المجال  و إصدار القرارات الإدارية و اللوائح لضمان ذلك. 
أولا /  الولاية :    الوالي  والمجلس الشعبي الولائي  /   قانون الولاية 09-90 :  
                 الولاية هي الجماعة العمومية الإقليمية و تمثل قاعدة اللامركزية في التسييرو أن الوالي هو ممثل الدولة و مندوب الحكومة على مستوى الولاية كما أن  المجلس الشعبي الولائي هو المجلس المنتخب و هيئة المداولة فيها     و عليه فإنهما يلعبان دورا أساسيا في مجال التهيئة والتعمير عن طريق المصالح التقنية و كذا مديرية التهيئة و التعمير    أو عن طريق اللجان المشكّلة لهذا الغرض.
      و هكذا فإن المجلس الشعبي الولائي يشكل من بين أعضائه لجان دائمة و منها لجنة التهيئة العمرانية تتمثل إختصاصاتها في متابعة جميع الأنشطة العمرانية الممارسة على تراب الولاية ووضع التقارير من أجل التداول على أعمال التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و تهيئة إقليم الولاية و كذا آليات حماية و توسيع الأراضي الفلاحية و التهيئة و التجهيز القروي و ترقية الأراضي الفلاحية.
                 أما الوالي و هو الهيئة التنفيذية فإنه ينشط و يراقب عمل مصالح الدولة المكلفة بمختلف القطاعات في الولاية و منها التهيئة و التعمير و المصالح التقنية و كذا تنفيذ القوانين و التنظيمات في إطار المحافظة على النظام العام و الأمن و السلامة السكنية العامة  و إتخاذ مايراد مناسبا من قرارات إدارية.
 ثانيا  /  البلدية  : المجلس الشعبي البلدي – رئيسه  /   قانون البلدية 08-90 : 
           البلدية  هي الجماعة الإقليمية الأساسية و مكان مشاركة المواطنين في تسيير الشؤون العمومية فإن المجلس الشعبي البلدي يشكل كذلك من بين أعضاؤه لجانا دائمة أو مؤقتة منها لجنة التهيئة العمرانية و التعمير بموجب مداولة و يرأس اللّجنة منتخب بلدي و له أن يستعين بأي شخص يستطيع بحكم إختصاصه تقديم معلومات مفيدة لأشغال اللّجنة  وكذا إعداد التقادير المناسبة و عرضها للتداول . أماّ رئيس المجلس الشعبي البلدي و هو الهيئة التنفيذية  فإنه يكلف بتنفيذ مداولات المجلس الشعبي البلدي و عليه فإن يضطلع بالمهام الآتية :
يتولى رئيس البلدية في إطار المحافظة على النظام العام العمراني, السهر على احترام المقاييس            و التعليمات في مجال التعمير و تسليم رخص البناء أو تجزئة العقارات و قسمتها أو هدمها عندما يكون مختصا بذلك بموجب القوانين  .
السهر على نظافة العمارات و سهولة السير في الشوارع و المساحات و الطرق العمومية.
على البلدية أن تتزود بكل وسائل التعمير المنصوص عليها في القوانين و التنظيمات المعمول بها.
على البلدية أن تتحقق من إحترام تخصيصات الأراضي و قواعد إستعمالها كما تسهر على المراقبة الدائمة لمطابقة عمليات البناء للشروط المحددة في القوانين و التنظيمات. 
تتحمل البلدية في إطار حماية التراث العمراني مسؤولية حماية الطابع الجمالي و المعماري و كذا المحافظة على المواقع الطبيعية و الآثار نظرا لقيمتها التاريخية و الجمالية.
تعمل على مراقبة و متابعة كلّ  أصحاب المبادرات العمرانية ومدى مطابقة أعمالهم مع التعليمات والقواعد العمرانية وكل المعطيات الخاصة بالعملية المزمع القيام بها .
و تشترط الموافقة القبلية للمجلس الشعبي من أجل إنشاء أية مشروع على التراب البلدية يتضمن مخاطر من شأنها الأضرار على البيئة  . 
ثالثا  /    لجنة الهندسة المعمارية و التعمير و المحيط المبنى :
     تنشأ على كلّ مستوى ولاية هيئة تدعى اللّجنة الهندسية المعمارية و التعمير و المحيط المبنى,  تتكوّن من ممثلي الدولة و ممثلي الجماعات المحلية و كذا ممثلي الجمعيات المهيئة أو أشخاص مؤهلين في ميدان التهيئة و التعمير الكلّ  في حدود 1/3   . تتولّى تعريف الترات المعماري حسب  العناصر و المواقع و جرده و على هذا الأساس فإنها تقوم بمايلي 
القيام بالتعاون مع المصالح الخارجية للوزارات بإعداد دفاتر التعليمات الخاصة لحماية الثرات المعماري و الحفاظ عليه وكذا مساعدة الهيئات المكلفة بذلك.
ترقية الخصائص المعمارية المحلية.

مساعدة الهيئات في تكوين ملف الإقتراحات و المتعلقة بتصنيف المواقع وكذا الإدارات و الجماعات المتدخلة في ميدان البناء و إعلامها.
إبداء  الإستشارة في كلّ مسألة تتعلق بالبناء و التعمير و تسليم رخص البناء و في إطار إعداد أدوات التعمير و المشاركة في وضعها.
إرشاد السلطات المحلية عن مواقع النشاطات المضرة و العمل على إزالتها وإعادة هيكلة مناطق النشاطات وإبداء الرأي في برامج تهيئة العقارات الحضرية وإحداث المساحات الخضراء وأماكن الراحة و الترفيه و المناطق المشجرة و كذا تعبئة جميع عمليات تهيئة الإطار المبني و الإدماج العمراني             و تأطيرها  .
الفرع  الثاني  : الموظفون :   شرطة التعمير :
            خول القانون بعض الموظفين المؤهلين سلطة التقصي و البحث عن الجرائم من قبل شرطة عمرانية ثمّ إستحداثها في إطار الإصلاحات الجديدة التي جاءت بها بمختلف القوانين, نظرا لخصوصية و تعقيد ميدان الهندسة    و التعمير و كذا ضرورة التدخل الصارم من أجل المناطق المحمية و معاقبة المخالفين  ، فكان من اللازم إنشاء جهاز ضمن مصالح الشرطة القضائية بصفة عامة يكون أكثر تأهيلا للبحث و التحري على المخالفات في هذا المجال المعقد وهو ما يسمّى بشرطة التعمير و عليه أعطى المشرع الجزائري صفة ضابط شرطة قضائية في هذا الميدان و كلا في إختصاصه الوظيفي لكلا من :   ضابط شرطة قضائية,  مفتش التعمير,  المهندسين المعماريين ,  المتصرفين الإداريين ,  التقنيين السامين و التقنيين الذي هم في حالة خدمة لدى الإدارة المركزية بوزارة  الهندسة المعمارية و التعمير وكذا على مستوى الولايات طبقا للقانون 07-94, يضاف إليهم مفتشي السياحة و مفتشي البيئة طبقا للقانون  03-03في مجال العمران في مناطق التوسع السياحي و المواقع السياحية.
  يضاف إليهم مفتشي الأسعار و التحقيقات الإقتصادية و مراقبة التوعية و قمع الغش و عندما يتعلقق الأمر بالمخالفات المرتكبة في هذا الميدان وكذا التهيئة السياحية.
يضاف إليهم مفتشي الأسعار والتحقيقات الإقتصادية ومراقبة النوعية وقمع الغش في القانون 03 /02 وعندما يتعلق الأمر بالمخالفات المرتكبة في هذا الميدان وكذا التهيئة السياحية .
     يضاف إليهم أسلاك المراقبة في قانون الإجراءات الجزائية طبقا للقانون 02/02 و يضاف إليهم أعوان المراقبة الإقتصادية  و أعوان الشرطة القضائية  في القانون 01-99  و أخيرا رجال الفن المؤهلون بصفة خاصة و المفتشون المكلفون بحماية الترات الثقافي و أعوان الحفظ و التثمين و المراقبة في القانون 04-98 . عندما يتعلق الأمر بالمخالفات المرتكبة ضد الترات الثقافي و التاريخي و الأثري.
   يقوم هؤلاء الموظفون بتأدية اليمين القانونية أمام المحكمة التي يوجد في دائرة إختصاصها مقر إقامتهم الإدارية قبل الشروع في أداء مهامهم ،  هذا و تثبت المخالفات المذكورة أعلاه في محاضر تحرر وفقا للنماذج المحددة عن طريق المرسوم التنفيذي 318-95 الصادر في 1995-10-14 و المعدل بموجب المرسوم التنفيذي 36-97 المؤرخ  في 1997-01-14 المحدد لشروط تعيين الأعوان و الموظفين المؤهلين لتقصي المخالفات التشريع و التنظيم في ميدان الهندسة المعمارية و التعمير  . و تكتسي المحاضر المحرر قوّة قانونية في الإثبات إلى حين إثبات العكس.
المطلب الثاني : وسائل و إجراءات الرقابة البعدية :
        القانون  29-90 المتعلق بالتهيئة و التعمير نص على وسائل الرقابة البعدية و هي شهادة المطابقة كوثيقة إدارية تسلّم بعد إتمام الأشغال لتبين مدى مطابقها وإنسجامها مع التصاميم المصادق عليها و كذا بنود رخصة البناء وكذلك فرض إلتزامات و قيود على المرخص له البناء من أجل إعلام الإدارة وإخطارها ببدء الأشغال لتتمكن من ممارسة رقابتها البعدية  ومن أجل حماية الغير و إعلامه  و عدم تعرضه للأضرار الناتجة عن القيام بهذه الأشغال.
     كما قنن القانون  إجراءات هذه الرقابة و شروطها و مدى تدخل القضاء فيها  و آثار ذلك . 
الفرع الأول  : وسائل الرقابة البعدية :
 أولا  /   الإلتزامات و القيود التي تفرضها رخصة البناء :
       وضع المشرع الجزائري عدة قيود و إلتزامات تقع على عاتق المرخص له بالبناء لا بد من إحترامها سواء عند البدء في إنجاز أشغال البناء أو أثناءه و عند الانتهاء منها كذلك . الهدف هو منها هو إعلام الإدارة و إخطارها بالقيام بأسغال البناء و التعريف به و حماية للغير وإعلامه خشية وقوع أضرار نتيجة عملية البناء و هي   تتمثل فيما يلي :
على المرخص له بالبناء أن يعلم رئيس المجلس الشعبي البلدي المختص بتاريخ فتح الورشة  يكون حسب نموذج محدد لهذا الغرض ومقابل إستلام وصل بذلك طبقا للمادة 50 من المرسوم التنفيذي 176-91.
وضع لافتة  مرئية من الخارج توضح مراجع رخصة البناء الممنوحة ونوع البناء كما ينبغي أن تشمل اللافتة على تاريخ إفتتاح الورشة و التاريخ المتوقع لإنتهاء الأشغال و كذا إسم صاحب المشروع و مكتب الدراسات و المؤسسة المكلفة بالإنجاز و طبقا للنموذج المعد لذلك طبقا  المادة 51 من نفس المرسوم.
إنجاز حاجز فاصل مادي و هذا في حالة البناء أو الهدم و مرئي ليلا ونهار مابين المساحات  و مكان الأشغال في حالة إجراء أشغال البناء على حافة الطرق و ممرات الراجلين و الأرصفة و مساحات توقف السيارات و مساحات الّلعب و المساحات العمومية المجهزة وأن يكون مصانا بإستمرار طبقا للنص المادة 72 من قانون .29-90 
في حالة عدم إستكمال البناء في الأجل المحدد في رخصة البناء فعلى المرخص له أن يتقدم بطلب جديد لإستئناف الأشغال ويتوج هذا الطلب بالحصول على رخصة للبناء  دون إجراء دراسة جديدة شريطة ألا تتطوّر إجراءات التهيئة و التعمير على نحو مغاير طبقا للنص المادة 49 من المرسوم  176-91.
ثانيا  /   شهادة المطابقة : CERTIFICAT DE COMfORMETE:
                  تنص المادة 56 من قانون 29-90 على أنه " يجب على المالك أو صاحب المشروع أن يشعر المجلس الشعبي البلدي لتسلم له شهادة المطابقة " . كما تنص المادة 75 منه كذلك على أنه " يتمّ عند انتهاء أشغال البناء إثبات مطابقة الأشغال على رخصة البناء بشهادة المطابقة تسلّم حسب الحالة من قبل رئيس المجلس الشعبي البلدي أومن قبل الوالي . " كما تعرض المرسوم التنفيذي 176-91 لشهادة المطابقة بالمواد 60-54.
فهي وسيلة من وسائل الرقابة البعدية تثبت إنجاز الأشغال طبقا للتصاميم المصادق عليها وفقا لبنود وأحكام رخصة البناء ويرخص بموجبها فتح الأماكن للجمهور أو السكن حسب نوعية البناء  .
أولا  /  إجراءات تسليم شهادة المطابقة   :
ألزم القانون المستفيدين من رخصة البناء و بعد الإنتهاء من الأشغال وخلال 30 يوم التالية  إيداع تصريح يعد في نسختين يتضمن الإخطار بإنتهاءها  وهذا بمقر المجلس الشعبي البلدي وترسل نسخة منه الى مديرية التهيئة و التعمير على مستوى الولاية .
تجرى عملية مطابقة الأشغال  وجوبا وبمبادرة من رئيس البلدية أو مديرية التهيئة و التعمير عندما لا يتم إيداع التصريح بإنتهاء الأشغال في الأجال المطلوبة و المتوقعة في رخصة البناء .  
ثانيا  /   التحقيق في شهادة المطابقة : 
تحقق في مدى مطابقة الأشغال المنجزة لجنة تضم ممثلين مؤهلين قانونا عن رئيس البلدية و مديرية التهيئة و التعمير وكذا ممثلين عن المصالح المعنية كمصالح الحماية المدنية عندما يشترط القانون إستشارتها قبل تسليم رخصة البناء .
تجتمع لجنة  مراقبة المطابقة بناءا على إستدعاء من رئيس البلدية بعد إستشارة مديرية التهيئة والتعمير لدراسة طلبات المطابقة وذلك في أجل 03 أسابيع بعد إيداع التصريح بإنتهاء الأشغال .
يرسل رئيس البلدية إشعارا بالمرور يخطر فيه المعني بتاريخ إجراء عملية مراقبة المطابقة قبل 08 أيام على الأقل.
تجرى عملية مراقبة المطابقة ويحرر محضر الجرد الذي تدون فيه جميع الملاحظات وآراء اللجنة حول مدى المطابقة التي تمت معاينتها .
 
ثالثا  /  تسليم شهادة المطابقة  :
ترسل مديرية التهيئة والتعمير محضر الجرد  مرفقا بإقتراحها إلى السلطة المختصة – الوالي أو رئيس البلدية – من أجل تسليم شهادة المطابقة وهذا إذا أثبت محضر الجرد مطابقة الأشغال المنجزة .
رابعا / رفض تسليم شهادة المطابقة  : 
إذا ما أبرزت عملية الجرد عدم إنجاز الأشغال طبقا للتصاميم المصادق عليها ووفقا لأحكام رخصة البناء ، تعلم الجهة المختصة المعني بعدم إمكانية تسليم الشهادة  وعليه بمطابقة أعمال البناء ، كما تذكره بإمكانية المتابعة وتذكيره بالعقوبات التي يمكن أن يتعرض لها طبقا لقانون . 
    و في غياب أي قرار يفصل في المطابقة خلال 03 أشهر التالية لإيداع التصريح بالانتهاء من البناء. يمكن للمعني القيام بطعن سلمي بموجب رسالة موصى عليه إماّ إلى وزير التعمير عندما يكون الوالي هو المختص بتسليم شهادة المطابقة أو إلى الوالي في الحالات الأخرى و لجهة الطعن أجل شهر للرد وإلاّ عدت الشهادة ممنوحة ضمنيا  طبقا لنص المادة 65 من المرسوم.
خامسا /  طبيعة شهادة المطابقة :
 تقوم شهادة المطابقة مقام رخصة السكن أو الترخيص بإستقبال الجمهور أو المستخدمين إذا كان البناء مخصص لوظائف إجتماعية أو تربوية أو الخدمات أو  الصناعة أو التجارة مع مراعاة الأحكام الخاصة بإستغلال المؤسسات الخطرة  أوغير الملائمة أو غير الصحية.
الفرع الثاني  : إجراءات الرقابة البعدية :
  أولا :  طبقا الأحكام القانون 29-90 :
أ- حالة البناء بدون رخصة :
       يشترط في كلّ عمليات البناء الحصول على رخصة مسبقة و في غيابها فإن المشرع لا يعترف بأيّ حق مكتسب أو الحق في التسوية أو التصحيح بل يخوّل للإدارة الحق في رفع دعوى أمام القاضي الإداري الاستعجالي 
- المعيار العضوي م 07 ق إ ج م - من أجل طلب هدم البناء طبقا لأحكام المادة 78 منه قبل إلغاؤها  .
     كما لا يمكن التذرع بسكوت الإدارة عن البت في الطلب أو الإنتهاء من البناء أو التقدم فيه و هذا فضلا عن المتابعات الجزائية  طبقا لأحكام المادة 77  منه و قد أجازت المادة 78 قبل إلغاؤها للقاضي الجزائي أن يحكم بهدم البناءات في حالة الإدانة كتدبير عيني و يمكن أن تتم المتابعة بناءا على شكوى من الإدارة أو كل من له مصلحة بما في ذلك الجمعيات المعتمدة من أجل التأسس كطرف مدني .
ب – حالة عدم تطابق البناء مع الرخصة :
نصت المادة 78 على أنه :  تأمر الجهة القضلئية المختصة في إطار أحكام المادتين 76 – 77 أعلاه إما بمطابقة المواقع أو المنشآت مع رخصة البناء وإما بهدم المنشآت أو إعادة تخصيص الأراضي بقصد إعادة المواقع الى ما كانت عليه من قبل .
وعليه ففي هذه الحالة وقبل إلغاء المادتين 76 و 77  . كان المشرع ينص على أنه في حالة معاينة الإدارة لعدم تطابق البناء المنجز مع الرخصة فإنه يحق للوالي أو لرئيس البلدية أن يرفعا دعوى قضائية إستعجالية أمام القاضي الإداري طبقا للقواعد العامة من أجل الحصول على أمر بتوقيف الأشغال وفي حالة ثبوت عدم المطابقة يمكن للقاضي الإداري أن يأمر بهذه التدابير ونفس هذه الصلاحيات أعطيت للقاضي الجزائي في حالة الحكم بالإدانة .
إلا أن هذه التدابير لم تطبق بالكيفية و السرعة المطلوبة من قبل الإدارة و القضاء وكثيرا ما كانت تفرض سياسة الأمر الواقع خاصة إذا رفعت الدعوى متأخرة أمام القضاء وكان البناء قد تم إنجازه .هذا ما جعل المشرع يتدخل بموجب المرسوم التشريعي 94 – 07 المتعلق بشروط الإنتاج المعماري وممارسة مهنة المهندس المعماري وألغى أحكام المادتين 76و78 ونص على قواعد و إجراءات جديدة  لغرض احترام قواعد التعمير و متابعة المخالفين .
ثانيا /  الإجراءات التي نص عليها المرسوم التشريعي 94 – 04  :
المشرع حاول تفادي الثغرات التي تضمنها قانون 90 – 29 . وجعل تدخل الإدارة أكثر فعالية ونجاعة على حساب تدخل القضاء  .
فبلإضافة الى المتابعة الجزائية في حالة مخالفة قواعد البناء فإن المشرع خول للإدارة مراقبة جميع عمليات البناء عن طريق التقصي و المعاينة و تحرير المحاضر من طرف الأعوان المؤهلين وكذا في توقيع الغرامات المالية على المخالفين وإلزامهم بتوقيف الأشغال أو القيام بمطابقتها أو هدمها وهذا أثناء إنجاز الأشغال أو بعد إتمامها .  
وفي حالة إستمرار المخالف في الأشغال بعد إنذاره بوقف الأشغال من قبل شرطة التعمير فإن المادة 53 منه أجازت للإدارة حق الهدم وعلى نفقة المخالف ودون اللجوء الى القضاء .
وما على الإدارة سوى إخطار الجهة القضائية الإستعجالية من أجل تثبيت أمر توقيف الأشغال وتحقيق المطابقة وذلك إضافة إلى المتابعات والعقوبات الجزائية .
إلا أنه الإشكال المطروح عمليا هو أن الإدارة لا تحترم هذه الإجراءات ولا تقوم حتى بتثبيت محاضر المخالفات وتلجأ مباشرة الى الهدم وحجز جميع الآلات والموجودات على الأرض المعنية  ، الأمر الذي يجعل قرارتها مشوبة بعيب تجاوز السلطة وكذا ترتيب مسسؤوليتها  وإذا تم الطعن فيها  جاز للقاضي الإداري إلغاؤها وتوقيف تنفيذها واذا نفذ الهدم تلقائيا من قبل الإدارة فإنها تلزم بالتعويض لأنها خرقت قاعدة جوهرية آمرة من النظام العام . 
 
ثالثا  /   الرقابة البعدية في المناطق المحمية : 
المشرع عزز كذلك الرقابة البعدية في الماطق المحمية بميكانيزمات جديدة تتمثل فيما يلي :
إن أحكام القانون 03  - 03 . المذكور أعلاه نص على أن شرطة التعمير و البيئة والسياحة والشرطة القضائية تتابع كل الأشغال التي تنجز بالمناطق المسياحية وتعاين مدى مطابقتها مع أدوات التعمير وكذلك مع مخططات التهيئة السياحية ودفتر الشروط ، كما منحتهم القوانين سلطات وصلاحيات إضافية في إطار ممارسة مهامهم ويؤهلون الدخول الى مناطق التوسع و الماقع السياحية وإلى ورشات إنجاز الهياكل القاعدية وبناء التجهيزات داخل هذه المناطق والتحقق من إجراءات تنفيذ أحكام هذا القانون في مجال الحماية و التهيئة .
مثلما تنص  عليه المادة 50 من قانون 99 – 01 على أنه  : « يحق لكل أعوان الإدارة السياحية المؤهلين مراقبة الأشغال الجارية في المؤسسات الفندقية و التحقق من المخططات المصادق عليها » . 
وتنص المادة 93 من القانون 98 – 04 : « يعاقب كل من يعرقل عمل الأعوان المكلفين بحماية الممتلكات الثقافية أو يجعلهم في وضع  يتعذر عليهم فيه أداء مهامهم وفقا لأحكام قانون العقوبات ».
وفي حالة خرق هذه القواعد خول القانون لإدارة السياحة اللجوء الى القضاء المستعجل مباشرة لطلب الأمر بهدم البنايات الغير مطابقة /المادة 39 – 40  ق 03 – 03 / ويمكن للوزير السياحة في الحالات الإستعجالية القصوى الأمر بوقف الأشغال الفوري و إخطار قاضي الإستعجال خلال 48 ساعة . / المادة 57 من ق 99 -01 / .
كما أجاز القانون للجمعيات التي إعتمدت ضمن أهدافها حماية البيئة والتعمير والتراث التاريخي والسياحي والثقافي أن تتأسس كأطراف مدنية أو رفع دعاوى أمام القضاء المختص  .
بالنسبة للبناء في المناطق الساحلية فقد أعطى القانون 02 – 02   للقاضي الجزائي الفاصل في محالفات البناء صلاحيات واسعة فيما يخص التدابير التي يمكن الحكم بها الى جانب العقوبة الأصلية كالحكم بمصادرة الآلات والأجهزة والمعدات التي أستعملت في إرتكاب المخالفة  ، كما خولته المادة 44  منه إتخاذ أية إجراء ضروري لمنع أو تدارك أي خطر أو ضرر ناتج عن المخالفات المرتكبة .
ونصت المادة 45 منه كذلك على أنه يمكن للمحكمة الجزائية إلزام المجكوم عليه بإعادة الأماكن الى حالتها الأصلية أو بتنفيذ أشغال التهيئة طبقا لما نص عليه القانون .
كما أن هذه القوانين قد قامت بتشديد العقوبات الجزائية  لاسيما  الغرامات  عندما يتعلق الأمر بإرتكاب هذه المخالفات بالمناطق المحمية .   
يتبين من كل   ما سبق ذكره أنه ورغم أن القوانين والتنظيمات قد وضعت آليات و ميكانيزمات للرقابة القبلية     و البعدية وكذلك للمناطق المحمية أخيرا من أجل ضمان الشغل العقلاني للعقار العمراني والحضري  ولفرض إحترام أدوات التهيئة والتعمير والمخططات العمرانية الوطنية والجهوية والمحلية وكذا توقيع الجزاء على المخالفين من أجل حماية وصيانة  النظام العام العمراني إلا أن الواقع يثبت عدم فعالية هذه القواعد والأسباب كثيرة :
فالجهات الإدارية التي يقع على عاتقها تنفيذ القوانين والتنظيمات غالبا ما تكون هي المسؤولة على خرقها إما لوجود تواطئ مع المخالفين , وإما لأن الإدارة لا تتوفر على الوسائل المادية و التقنية التي تمكنها من الإضطلاع بهذه المهام الرقابية وبالسرعة المطلوبة مما يفرض عليها في الأخير سياسة الأمر الواقع .
كما أن القضاء كذلك يتحمل جزءا من المسؤولية لأنه لا يحسم في النزاعات بالسرعة المطلوبة وهذا راجع أيضا إلى إجراءات التقاضي  الموجودة والتي لا تستجيب إلى الظروف المستعجلة ، كما أن القضاة لم يتلقوا تكوينا تقنيا أو فنيا  كحد أدنى يسمح لهم بالفصل في النزاعات بدون اللجوء وجوبا إلى الخبراء .
فضلا عن وجود ثقافة عامة وتوجه قديم يبغي التسامح والصلح مع المخالفين للقواعد التهيئة والتعمير وربما الآثار الخطيرة الناتجة عن زلزال 21 / ماي / 2003 سوف تؤدي إلى تغيير في الذهنيات والأخلاقيات وقد تؤدي إلى فرض إحترام القانون بكل صرامة وحزم ومن  قبل  الجميع  . 
     



لفصل  الثاني : أحكام رخصة البناء  و المنازعات  المتعلقة بها 

الأصل  أنه للمالك الحرية في إستعمال ملكيته العقارية و إستغلالها  و التصرف فيها وكذا ممارسة  جميع الأنشطة العمرانية  التي يراها  تحقق مصلحته الخاصة  و من باب أولى الحق  في البناء.
إلا أنه وبالمقابل فإن هذه  الحرية  مقيدة بأن لا تتعارض مع الصالح العام و النظام العام العمراني  وأسسه  التي تقتضي وضع الضوابط و الميكانيزمات وإحكام الرقابة لا سيما على عمليات البناء  و التشييد وهذا لضمان صلاحيتها في حد ذاتها وحتى تقوم وفقا لأسس و القواعد الهندسية و المعمارية و القانونية  المطلوبة  و على هذا الأساس كان لا بد من تنظيم حركة البناء من خلال التوفيق بين الحق في البناء و المصلحة  الخاصة كحق مضمون و النظام  العام العمراني  الذي يقتضي المحافظة  على الصحة العامة و السكينة العامة والأمن العام وكذا ضرورة مراعاة التنسيق العام في البناء و كذا المظهر الجمالي للمدينة.
و كذلك من حيث التوفيق بين آليات و صلاحيات الإدارة في المراقبة كسلطة للضبط الاداري غايتها الحفاظ  على هذا  النظام و النسق و مدى تدخل الجهات القضائية في ذلك من أجل ضمان مبدأ الشرعية وجبر الأضرار الناتجة عن تنفيذ رخصة البناء و التعويض عنها و معاقبة المخالفين جزائيا  باعتبار  أن هذه القواعد  هي قواعد جوهرية و من النظام العام و لا يجوز الاتفاق على مخالفتها و كذا المتابعات الجزائية باعتبار المخالفات هي جرائم يعاقب عليها القانون بصرامة وحزم.
و لأجل هذه الغاية سوف نقسم هذه الدراسة إلى 03 مباحث.
نلجأ إلى التعريف بالنظام  القانوني لرخصة البناء من حيث تعريفها  و خصائصها  القانونية ومدى الحق في الحصول عليها.
أما المبحث الثاني فهو مخصص لأحكام منح رخصة البناء من خلال التعرض إلى طالب رخصة البناء وأعمال البناء المعينة بالترخيص و شكل إجراءات  إيداع الطلب و كذا الجهات الإدارية المؤهلة قانونا لتسليمها.
أما المبحث  الأخير فهو مخصص للتكييف منازعات رخصة البناء و أنواعها و مدى اختصاص الجهات القضائية في حلها و البث فيها.


المبحث الأول  : النظام القانوني لرخصة البناء.

إن دراسة النظام القانوني لرخصة البناء يقوم على وضع تعريف لها و تحديد  خصائصها الأساسية، وكذلك مدى الحق في الحصول عليها.
المطلب الأول : تعريف رخصة البناء  :
إن ق 90-29 لم يعرف  رخصة البناء و إنما إكتفى بذكر  على أنها ترخيص تسلمه السلطة مختصة بذلك  كما حدد أعمال البناء الخاضعة إليها  مما يتحتم علينا الرجوع إلى الفقه من أجل وضع تعريف دقيق   لها فوجدنا  أنه هناك من يعرفها  على أنها :
  « ترخيص  المباني عبارة عن قرار إداري  تصدره  جهة مختصة  بتنظيم المباني تأذن فيه  بإجراء معين  يتعلق  بالمبنى الذي يصدر  بشأنه1 » .
 كما عرفت على أنها  « عبارة عن إذن  أو ترخيص  إداري لانجاز أي بناء  جديد مهما كان نوعه  بما     فيه  الجدران الإحاطة أداء  أو أي تعديل  في البناية يتعلق  بالمظهر الخارجي2»  .
كما أعطى لها التعريف: « الوثيقة الرسمية  التي تثبت  حق أي شخص طبيعي أو معنوي  في إقامة  بناء جديد مهما كانت  أهميته حتى و لو كان عبارة عن جدار ساند أو جدار حاجز  على الساحة أو الطريق العمومي أو  تعلية أو توسيع بناء قائم »3 .
و هناك من عرفها بأنها  : « قرار إداري  ترخص بموجبه السلطة الإدارية المختصة بالبناء بعد أن تتحقق   من احترام قواعد  التعمير  المطبقة بالمنطقة  المعينة »4 .
و مهما تعددت التعريفات الفقهية ، فإنه  يمكن  تعريف رخصة البناء بأنها تصرف إداري  صادر عن  جهات إدارية  مختصة  غايته الأصلية أن تثبت  الإدارة و تتيقن من أن مشروع أو أشغال البناء  و التشييد موضوع طلب الرخصة لا تخالف الأحكام  القانونية و التنظيمية المتعلقة  بالتهيئة و التعمير و باستعمال    الأرض و ما تقتضيه  من صرامة و حزم  في ذلك ، طبقا للنص المادة 50 من قانون 90-29 و المراسيم  المطبقة له.
 
المطلب الثاني : خصائص رخصة البناء  و طبيعتها القانونية :
أولا  /  يمكن تحديد  طبيعة رخصة البناء  على أنها قرار اداري و هذا بالنظر إلى الجهات الإدارية التي  تصدرها
و المحددة قانونا  في رئيس المجلس الشعبي البلدي أو الوالي أو الوزير المكلف بالتعمير كل في نطاق اختصاصه .  
ثانيا  /   كما تعتبر رخصة البناء من رخص الضبط 2 حيث تهدف الإدارة من خلال منحها أو رفض منحها  الرقابة المسبقة  و القبلية على انشاء و تنفيذ عمليات البناء طبقا للقواعد  مرسومة لها ، و العمل على  خضوعها  للمقاييس الفنية  و التقنية و لمقتضيات الأمن  و القواعد الصحية و عدم تركها  للأهواء  الأفراد.
ثالثا  /  إلى جانب ذلك  فإن لرخصة البناء  طابع تقريري3  إذ تهدف في حالة  تأييد الإدارة  طلب رخصة البناء  إلى الإبقاء  و التأكيد على الأوضاع  القانونية و المركز القانوني  للشخص  المعني بها  و تكريس حقه  في  البناء  أما فيما يتعلق  بالرفض ففي هذه  الحالة لا يغير هذا الرفض  أي شيء  في الأوضاع  و المراكز القانونية القائمة ، لأن طالب الرخصة  قبل رفض الإدارة لم يكن في استطاعته  كذلك  ممارسة  الأشغال  موضوع الطلب و أنه بعد الرفض المذكور لا يمكنه أيضا القيام بتلك الأشغال. 
رابعا /  كما أن رخصة البناء ليست عملا تقديريا فحسب بل هو إختصاص مقيد في الجهة الإدارية ليست  لها إمكانية منح أو رفض منح رخصة بناء بصفة تحكمية3 و هذا من حيث أن لا يمكن رفض طلب رخصة البناء إلا للاسباب المستخلصة للأحكام و القوانين و التنظيمات المعمول بها و أن يكون القرار بالرفض الذي اتخذته الإدارة معللا تعليلا قانونيا و كافيا .
     و أخيرا فإن رخصة البناء تلعب دورا وقائيا  4 في إطار الرقابة القبلية و ذلك من خلال وضع الضوابط والمقاييس  و إحكام الرقابة على إنشاء و تنفيذ عمليات البناء حتى تقوم في الأخير طبقا لأسس و القواعد المعمارية المطلوبة و السليمة تفاديا لوقوع كوارث   و أضرار أكبر يمكن تجنبها لو احترمت هذه القواعد  بقدر أكبر من الصرامة و الحزم .
و يبدوا كذلك الجانب الوقائي في وضع النظم و القواعد و الاجراءات التي يتم على أساسها إصدار تراخيص للبناء و الذي ينطبق عليها الشروط السابقة و التي وردت في قانون التهيئة و التعمير و مراسيمه التطبيقية و كذا في القوانين المتعلقة بالمناطق المحمية .
 

المطلب الثالث : مدى الحق في الحصول على رخصة البناء :

تنص الم 50 من ق 90-29 على أنه : 
« حق البناء مرتبطا بملكية الأرض و يمارس مع الاحترام الصارم للأحكام القانونية و التنظيمية المتعلقة باستعمال الأرض .»
و على ذلك فإن الحق في البناء هو أحد أوجه حق ملكية الأرض و أن حق الملكية قد تكفل الدستور بحمايتها و ضمانها 1  ، إلا أنه فإن هذا الحق هو مقيد و مرهون بمدى إحترام المعني للقواعد القانونية والتنظيمية.
و أن هذه القواعد و الميكانيزمات  لن تكون عائقا أو حائلا  أمام الاستثمارات  فقط بل أن هذه القواعد  لممارسة حق البناء عليها  الاستجابة للتضخم  السكاني الكبير و الطلب المتزايد على الأراضي العمرانية و عليه  فمتى كان طلب رخصة البناء مستوفيا لكافة المستندات و الوثائق والبيانات اللازمة المطلوبة ومتى كانت الأشغال المراد القيام بها مطابقة و منسجمة  مع القواعد والتقنيات العامة المعمول بها في مجال البناء و لسيما احترام  أدوات التهيئة و التعمير و مخططاتها ينشأ  للمعني و يترتب له الحق  في البناء  و تقوم الجهة الإدارية  المختصة بقبول  الطلب والموافقة عليه 2. و بذلك  تمنح رخصة البناء  لكي يقوم المستفيد  بمباشرة أشغال البناء.
و من هنا فإن سلطة  الجهة الإدارية  في إعطاء تراخيص البناء فهي سلطة مقيدة بأحكام القانون و لا يجوز لها مخالفتها أو الخروج عليها بصفة  تحكمية إنما يكون رفض تسليم الرخصة إلا لأسباب الموضوعية المبينة من أحكام  هذه القوانين و التنظيمات  طبقا لنص الم 62 من  ق 90-29. كما أشار لتلك الأسباب  صراحة المرسوم التنفيذي 91-175 و 91-176 و التي غالبيتها تجعل من عدم ملائمة موقع البناء  المراد تشيده  مع محيطه  سببا موضوعيا  في رفض رخصة البناء 3. كما يتشرط القانون أن يكون  قرار الرخص مسببا تسبيبا كافيا و يمكن  لمن يهمه الأمر أن يطعن في القرار أمام  القضاء المختص الذي له أن يطلع على مدى جدية ومشروعية الأسباب  التي تستند إليها الإدارة في رفضها  و الأسباب التي تعود بعدم احترام  شكلية معينة من طرف  الطالب للرخصة4 .
و عليه يمكن القول أنه إذا توافرت في الأشغال البناء المراد القيام بها جميع الشروط  الموضوعية المبينة أعلاه و كذا الشروط الاجرائية المتعلقة بشكل الطلب و اجراءاته  ينشأ  للمعني الحق  في البناء  بمفهوم المادة 50 المذكورة أعلاه  و ما على الإدارة  إلا الإستجابة لطلبه  كقاعدة عامة  أو وضعها  لشروط  أو تحفظات أو التزامات كحد أدنى تخفيفا لتلك  الصرامة كما سنبينه أدناه و يصبح منح رخصة البناء حينئذ حقا وليس إمتيازا 1 .
La delivrance du permis de construire est un droit et non une faveur pour les interessés.
 المبحث الثاني :  أحكام منح رخصة البناء.
لقد حدد قانون التهيئة  و التعمير 90-29 و المرسوم التنفيذي 91-176 الشروط الخاصة بطالب الرخصة  و الأعمال  البناء المعنية بالترخيص و شكل إيداع  الطلب           و اجراءاته و ما يجب  أن يحتويه  من وثائق و كذا الجهات  الإدارية المختصة في البت في طلب رخصة البناء  و تسليمها و هو ما سنتعرض له في النقاط الآتية.
المطلب الأول :  الشروط المتعلقة بالطالب.
يعد الحق في البناء كأصل عام أحد أوجه حق الملكية و ممارستها. و هو ما جسدته  الم 50 من ق 90- 29 و على ذلك  فلا يكون طالب  الرخصة إلا مالكا  للقطعة الأرض التي ينصب  عليها الطلب كما أضاف المرسوم التنفيذي 91 –176 أشخاص آخرين منحهم  الحق في طلبها باعتبارهم  اشخاص  يستمدون  هذا الحق من المالك الأصلي  أو تدعيما  للاستثمارات و الأنشطة  الاجتماعية.
إذ نصت الم  34 منه على أنه « ينبغي  أن يتقدم  بطلب رخصة البناء و التوقيع  عليه من المالك  أو موكله  أو المستأجر لديه المرخص له قانونا أو الهيئة أو  المصلحة المخصصة لها قطعة  الأرض أو البناية».
كما خول  قانون التوجيه العقاري 90-25 في مواد  39 - 40  منه على إمكانية حصول  صاحب شهادة  الحيازة  على رخصة للبناء   وهو الامر الذي جسدته كذلك الم 34 من المرسوم التنفيذي المذكورة أعلاه بنصها « يجب أن يقدم صاحب الطلب لدعم طلبه الوثائق التالية .نسخة من عقد الملكية أو نسخة من شهادة الحيازة على النحو المنصوص عليه في القانون 25.90 المذكور أعلاه».
كما أن المادة 51من القانون 02.97 المؤرخ في 1997.12.31والمتضمن قانون المالية لسنة 1998قد أضافت شخص آخر له الحق في طلب رخصة البناء وهو صاحب حق الإمتياز                                                         
الفرع الأول : المالك أو وكيله:  
كرست الم 50 من ق29.90 وكذا المرسوم التنفيذي 176.91 مبدأ ملكية الأرض من أجل ممارسة الحق في البناء وهذا بإرفاق طلب رخصة البناء بنسخة من عقد الملكية وبطبيعة الحال فإن المالك سيكون صاحب العقد الرسمي المشهر طبقا للنص المادة 324 من القانون المدني بنصها «العقد الرسمي عقد يثبت فيه موظف أو ضابط عمومي أو شخص مكلف بخدمة عامة .ما تم لديه أو تلقاه من ذوي الشأن وذلك طبقا للأشكال القانونية وفي حدود سلطته و اختصاصه ».
والمادة 324مكرر 1 بنصها «زيادة عن العقود التي يأمر القانون باخضاعها إلى شكل رسمي يجب تحت طائلة البطلان تحرير العقود التي تتضمن نقل ملكية عقار أو حقوق عقارية ……في شكل رسمي ويجب دفع الثمن لدى الضابط العمومي الذي حرر العقد »
وتنص المادة 793منه كذلك على أنه «لا تنتقل الملكية و الحقوق العينية الأخرى في العقار سواء كان ذلك بين المتعاقدين أم في حق الغير إلا إذا روعيت الإجراءات التي ينص عليها  القانون بالأخص القوانين التي تدير مصلحة الشهر العقاري »وكذلك صاحب عقد الشهرة المحرر وفقا للمرسوم 83/352 .
و في المناطق التي شملتها عمليات المسح العام فإنه يسلم الدفتر العقاري كسند لإثبات الملكية العقارية للملاك المعنيين طبقا للم 18أمر 75-74 المؤرخ في 12/12/1975الذي يتضمن إعداد مسح الأراضي العام و تأسيس السجل العقاري على أنه«يقدم إلى مالك العقار بمناسبة الإجراء الأول دفتر عقاري تنسخ فيه البيانات الموجودة في مجموعة البطاقات العقارية »والمادة 19منه«تسجل جميع الحقوق الموجودة على عقار وقت الاشهار في السجل العقاري و الدفتر الذي يشكل سند الملكية » هو الاتجاه التي تؤيده المحكمة العليا ، الغرفة العقارية في قرارها رقم 197920المؤرخ في 28/06/2000 1حيث جاء في حيثياته:«إن الدقاتر العقارية الموضوعة على أساس مجموعة البطاقات العقارية البلدية و مسح الأراضي المحدث تشكل المنطلق الوحيد لاقامة البينة في نشأة الملكية العقارية و في قضية الحال لما اعتبر قضاة المجلس أن الدفتر العقاري المستظهر به لا يعتبر سند لإثبات الملكية يكونوا قد أخطئوا في تطبيق القانون ،فمن الثابت قانونا كذلك أن الدفتر العقاري هو الدليل الوحيد لاثبات الملكية العقارية2 .» 
كما أنه من المنطقي أن تسلم رخصة البناء كذلك إلى الأشخاص المعنوية العامة أو الخاصة إذا ما كانت مالكة لقطع أرضية و ترغب في القيام بأعمال التشييد إلا أن ق 90-29 أغفل التعرض إلى هذه الصفة في المادة 50منه بالرغم من أنه أبقاها فيما يخص طلب شهادة التعمير في مادته 351. 
و تجدر الإشارة أن قانون العمران الفرنسي في المادة 1-421  R  لا يستلزم  ارفاق رخصة البناء بوثائق اثبات  الملكية و تكتفي الإدارة فقط الاشارة إلى هذه الصفة  في طلب رخصة البناء 4 حيث اعتبر مجلس الدولة الفرنسي أن رخصة البناء هي ذات طابع عيني و ترتبط  بالبناءات موضوع الترخيص و ليس بصفة الأشخاص  و هذا تطبيقا لنظرية المالك الظاهر و على ذلك فلا حاجة  إلى أن تقوم السلطة الإدارية المختصة بمنح رخصة البناء بالتقصي و تحري أسباب الملكية ومستنداتها من كل طالب على نحو تطور  معه إجراءات  الفحص ويصعب معه إصدارات رخصة البناء بالشكل و السرعة المتطلبة1 . 
الفرع الثالث :  المستأجر المرخص له :
يمكن لمستأجر العقار سواء كان قطعة أرضية أو بناية بمقتضى الم 34 من  المرسوم  91-176 أن  يطلب رخصة البناء و في هذه الحالة فعلى المستأجر أن يتحصل على ترخيص مكتوب يرفقه في ملف طلب الرخصة فتكون الاستغلال  موضوعها باسم المستأجر ولحسابه.
الفرع الرابع : الهيئة أو المصلحة المخصصة لها قطعة الأرض أو البناية:
تطبيقا لنص الم  34 من المرسوم أعلاه فإن الهيئة أو المصلحة  المخصصة  لها قطعة الأرض و البناية يمكنها أن تطلب رخصة  للبناء تتعلق بموضوع هذا الترخيص كمديريات المصالح الخارجية للوزارات أو المؤسسات العامة و من أجل  ذلك عليها أن تقدم نسخة من القرار الإداري الذي ينص على تخصيص  قطعة الأرض أو البناية.
و قرار التخصيص الذي تنص عليه المادة 34 أعلاه  هو أحد طرق تسيير  الأملاك الوطنية الخاصة  ويعرفه  قانون الأملاك الوطنية2  في المادة 82 منه كما يلي :يعني التلخيص  باستعمال ملك عقاري أو مقول يملكه شخص عمومي في مهمة تخدم الصالح العام للنظام ،ويتمثل في وضع أحد الأملاك الوطنية الخاصة التي تملكها الدولة أو الجماعات الإقليمية تحت تصرف دائرة و زاوية أو مصلحة عمومية أو مؤسسة تابعة لأحدهما قصد تمكينها من أداء المهمة المسندة إليها.
الفرع الخامس : الحائز:  
نصت الم 34/2 من  المرسوم على امكانية الحائز طلب رخصة البناء على عقار يحوزه وهذا عندما نصت على أن يرفق الطلب إما بنسخه من عقد الملكية أو نسخه من شهادة الحيازة طبقا لقانون التوجيه العقاري و بالرجوع إلى هذا الأخير تنص المادة 39  منه على أنه 
«يمكن كل شخص حسب مفهوم المادة 823 من الأمر 75-58 يمارس في أراضي  الملكية الخاصة التي لم تحرر عقودها ملكية مستمرة وغير متقطعة وهادئة وعقلانية لا تشوبها شبهة أن يحصل على سند حيازي يسمى شهادة الحيازة وهي تخضع لشكليات التسجيل والإشهار العقاري .وذلك في المناطق التي لم يتم فيها إعداد سجل مسح الأراضي ».
وشهادة الحيازة هي سند حيازي تسلم من قبل رئيس المجلس الشعبي البلدي و إستحدثها القانون 25.90  من أجل تحقيق أمرين :
أولهما: العمل على تطهير الملكية العقارية من خلال تشجيع الدولة الحائزين للأراضي التي لم يشملها المسح على الحصول على سندات الملكية بمنحهم شهادات الحيازة في انتظار تكريس صفتهم كملاك بتسليمهم الدفتر العقاري بعد الانتهاء  من عملية المسح وإجراءاته.
ثانيهما : أن شهادة الحيازة أساسها  أصلا تدعيم الإستثمارات و المشاريع الاقتصادية و هذا بتمكين  الحائز من  الحصول على عقد رهن عقاري صحيح من الدرجة الأولى لفائدة هيئات القرض و البنوك و هذا من أجل ضمان العقود المتوسطة و الطويلة الأمد. و عليه فيحق  لكل من يحوز قانونا شهادة الحيازة الخاضعة  لاجراء الاشهار التصرف تصرف  المالك الحقيقي  ما لم يقرر والقضاء خلاف ذلك طبقا  للنص المادة 43 من نفس القانون1 . 
الفرع 06 : صاحب حق الامتياز :
تنص المادة 51 من القانون  97-02 المتضمن قانون المالية لسنة 1998 على أنه :«يمكن التنازل أو المنح  بإمتياز للأراضي التابعة للأملاك الخاصة للدولة و الموجهة لانجاز مشاريع إستثمارية بالمزاد العلني وذلك لهيئات عمومية أو المعترف بمنفعتها العمومية أو إلى الجمعيات  التي لا تتسم بالطابع السياسي ومؤسسات عمومية ذات الطابع الاقتصادي و أشخاص طبيعيين أو اعتباريين  خاضعين للقانون الخاص …
يعطي  المنح باعتبار المذكور في الفقرتين السابقين  للمستفيد  منه الحق في تسليم رخصة البناء  طبقا للتشريع الساري المفعول …»
و على ذلك فقد منح هذا القانون بالمادة 51 منه الحق الصاحب الامتياز على الأرض التابعة للملكية  الخاصة للدولة و الموجهة لانجاز المشاريع الاستثمارية أو المعترف بمنفعتها   العمومية في طلب رخصة البناء  كشخصية  جديدة لم يتعرض لها ق90-29 و لا حتى المرسوم التنفيذي 91-176.
    الأصل  أن تقدير صفة طالب رخصة  البناء  يكون  وقت تقديم الطلب طبقا للم 34 من المرسوم 91 -176 و التي تستلزم  إرفاق الوثائق المثبتة للصفة الطالب مع الطلب وجوبا على خلاف القانون الفرنسي الذي حدد في المادة 1-1-421 R من قانون العمران الأشخاص الذين يمكنهم  طلب رخصة البناء و دون أن يستلزم تقديم وثائق  معينة في تاريخ محدد ,الأمر الذي يسمح مثلا لشخص ما أن  يرفق طلبه بعقد الوعد بالبيع لقطعة الأرض أو البناية موضوع الأشغال على أن ينظر في طلبه إلى حين تسوية  وضعيته بإبرام عقد بيع نهائي و هذا تماشيا مع مبدأ الطبيعة العينية لرخصة البناء في فرنسا2  . 
المطلب  الثاني  :  أعمال البناء المعنية بالترخيص.
 يثور التساؤل حول متى يلزم الأمر طلب رخصة البناء من خلال  التعرف على الأشغال التي تخضع لها. حيث تنص المادة 52 من القانون 90-29 « تشترط رخصة البناء من أجل تشيد البنايات الجديدة مهما كان استعمالها  و لتحديد البنايات الموجودة  و لتغير البناء الذي يمس الحيطان  الضخمة منه أو الواجهات المفضية على الساحات العمومية ولانجاز جدار صلب لتدعيم أو التسييج »
من خلال هذه المادة  يتبين أن حظر البناء بدون ترخيص يشمل مجموعتين من الأعمال : هي إنشاء وتشييد المباني الجديدة. و كذا مجموعة من الأعمال الخاصة بالمباني القائمة.
الفرع الأول : تشييد المباني الجديدة.
  يقصد بالتشييد: الإنشاء أو الإستحداث  بمعنى البدء في إقامة المبنى لأول مرة بداية بوضع الأساسات1 . كما نكون بصدد تشييد بناية جديدة في حالة الهدم و إعادة البناء .
  وعلى رغم مما ينتج عن ذلك من مشكلات عملية راجعة لصعوبة التمييز بين أعمال إعادة البناء والأعمال  الأخرى التي ربما لا تشترط  الحصول على رخصة البناء إلا أن المشرع الجزائري  قد أغفل وضع تعريف للبناء الجديد المقام لأول مرة رغم الأهمية الكبيرة التي يحققها التعريف  من تحديد مفهومه بدقة، كما لم يقدم تفسيرا  أو تعريفا للمصطلحات  التقنية التي جاء بها و عليه فقد اعتمد القضاء الفرنسي عدة معايير تكون بإجتماعها  وصف البناء منها 2  :
أولا )  أبعاد البناء : حيث أخرج بعض  البنايات القليلة الأهمية و الصغيرة الحجم من مجال تطبيق رخصة البناء و هو نفس الإتجاه  الذي سلكه قانون العمران المصري إذ تعفى أعمال البناء من الحصول على ترخيص إذا قلت قيمتها على 05 آلاف جنيه مصري3 . 
ثانيا) أنها من صنع الإنسان : إذ تتعلق  بصانعه فهي ليست من صنع الطبيعة أو المناخ .
ثالثا ) إستقرار البناء  :  باعتباره عقار فهو يتصل  بالأرض اتصالا دائما و لا يمكن فصله  أو نقله  دون إلحاق الخسارة به ، و قد يكون الاتصال بطريقة مباشرة كإقامة الأساسات في الأرض  أو البناء على سطحها كما قد يكون  بطريقة غير مباشرة كبناء طابق علوي فوق طابق أرضي.
رابعا) مادة البناء:  و عليه فهو يعد كل شيء متماسك  سواء صنع الحجارة أو الإسمنت أو الطوب أوالخشب أو الحديد.
و نستخلص من ذلك أن المعيار هو إقامة  مبنى جديد أو إعادة بناءه كلية مهما كان الغرض الذي أنشئ من أجله [ إستعمال  سكني ، إستعمال بقصد استقبل الجمهور] .
و لا عبرة كذلك بموقع المبنى سواء أكان في المناطق الحضرية أو خارجها أو في البلديات التي تشملها أدوات التعمير أو غيرها1 . 
الفرع الثاني:  الأشغال التي تتعلق بالمباني القائمة.
إن رخصة البناء طبقا للمادة 52 المذكورة أعلاه يشرط إستصدارها في الحالات  الآتية:
أولا / تمديد البيانات الموجودة  و ذلك بالزيادة  في حجمها و تشمل  التمديد الأفقي لتوسيع البناء وزيادته عرضا. و كذا التمديد العلوي  بتعلية البناء و الزيادة في ارتفاعه  طولا كزيادة عدد طوابق المبنى أو الأدوار   إلى أكثر  من العدد  الوارد في الترخيص  القديم2 .
 و هو الأمر الذي أشار إليه مشروع تعديل  قانون التهيئة و التعمير لدى عرضه للأسباب بقوله .  « و من هذا المنطلق يبدو من الضروري  التكفل بالشروط التقنية المرتبطة بمتانة البنايات إما من حيث هندستها  المدنية أو مدى قابلية الأرضيات للبناء و من أجل ضمان متانتها في مواجهة الظواهر  الطبيعية»3 . 
ثانيا /  تغيير البناء الذي يمس الحيطان الضخمة منه و ذلك بتعديل المعالم البناء القائم بشكل مغاير ومخالف    لما كان عليه ، لأن المساس بالحيطان الضخمة للبناء هو مساس  بهيكلها  الشيء الذي يفقدها توازنها  و متانتها و تدعيمها  لكل البناء.
ثالثا /  تغيير الواجهات المفضية على الساحة  العمومية و هي الواجهات الخارجية المطلة على الطريق العام دون الداخلية  كما في ذلك  من أثر على تناسق و جمال البناء  و المنظر العمراني العام للمدينة كفتح النوافذ  أو الأبواب أو التكسيات بالأحجار أو الرخام.
رابعا / إنجاز جدار  صلب للتدعيم  أو التسييج كتقوية البناء و إزالة ما به من خلل و عيوب كما يخضع جدار التسيج لنفس الشروط  كذلك .
الفرع الثالث : البنايات المعفاة من الحصول على رخصة البناء:
لقد تضمنت المادة 53 من قانون 90-29 إستثناء على إلزامية الحصول على رخصة البناء وهي البنايات  التي تحتمي بسرية الدفاع الوطني ، إذ تنص على ما يلي  :« لا تخضع لرخصة البناء البناء  البنايات التي تحتمي بسرية الدفاع الوطني و التي يجب أن  يسهر صاحب المشروع  على توافقها مع الأحكام التشريعية التنظيمية في مجال التعمير و البناء » و هذا نظرا لما يتطلبه هذا القطاع من سرية.
غير أن المرسوم التنفيذي 91-176 قد اضاف له إستثناء آخر لم يتعرض له قانون 90-29 و لم يعف هذه الأشغال من شرط الحصول على رخصة البناء وهذا في مادته  01/2 وهو يحدد وضع الشهادات والرخص كآليات للرقابة حيث نصت على مايلي: «… كما لا تعني بعض  الهياكل القاعدية الخاصة التي تكتسي طابع استراتيجي من الدرجة الأولىو التابعة لبعض الدوائر  الوزارية أو الهيئات أو المؤسسات».
و تحدد كيفيات تطبيق هذه المادة بموجب  قرار مشترك بين الوزراء المعنيين1 .
إلا أنه بالمقابل  فقد وسع في مجال اشتراط الحصول على رخصة البناء في المادة 33 منه حيث أضاف حالة أخرى و هي تحويل  البناية إذ نصت على أنه: « يشترط كل تشييد لبناية أو تحويل لبناية على حيازة رخصة البناء …»و ذلك يكون كما في حالة تغيير الغرض الذي من أجله أنشئت البناية مثلا من بناية ذات إستعمال سكني إلى بناية ذات إستعمال صناعي أو تجاري كالفنادق  و المكاتب الخاصةو هو أمر مهم نظرا لما تحتاجه هذه البنايات من مقاييس للبناية و آليات للأمن ضد الحرائق مثلا ولهذا تشترط إستشارة بعض المصالح الأخرى  كمصالح الحماية المدنية أو مديرات السياحة و الثقافة و نظرا كذلك لأنها سوف تعد لاستقبال الجمهور والمستخدمين و لهذا  لا بد من مطابقتها.
أما المشرع الفرنسي و بالإضافة إلى إعفاء هيئة الدفاع الوطني من الحصول على رخصة البناء. شمل هذا الإسثناء كذلك  المؤسسات المتخصصة في البحث العلمي كما أ ضاف مجلس الدولة الفرنسي حالة أخرى  مستثناة  عندما توصل في قضية السيد أوريون ORIONNE  إلى أن أشغال البناء المأمور بها قضاءا  لا تخضع لإستصدار رخصة البناء 2.
و عليه فمن خلال هذه المواد نفهم بأن المرسوم التنفيذي أعلاه قد وسع من نطاق الأشخاص الذين لهم الصفة في طلب رخصة البناء كما وسع  من نطاق الأشغال الخاضعة لرخصة البناء الخاصة  لتشمل إضافة إلى الحالات السابقة تحويل البناية كما أضاف حالة الهياكل القاعدية الخاصةالتي تكتسي  طابع استراتيجي  و التابعة للوزارات و المؤسسات العامة إلى حالة الدفاع الوطني كونها مستثناة من شرط الحصول على رخصة البناء . 
 
المطلب الثالث: شكل و إجراءات ايداع الطلب :
إن تحديد وثائق ملف طلب ملف رخصة البناء مسألة أحالها ق 90 – 29 على المرسوم 91-176 بمقتضى المادة 52 منه و عالجها هذا الأخير في المادتان 34-35 منه  ، الهدف منها التحقق من أن المشروع البناء لا يخالف قواعد العمران و قواعد حماية البيئة من خلال وثائق محددة تعد وتؤشر لزوما من قبل مهندس معماري معتمد.
 الفرع الأول : شكل الطلب. 
أولا / الوثائق :
إن ملف رخصة البناء يحتوي على 03 أنواع من الوثائق 
1-وثائق إدارية تثبت صفة الطالب :كطلب رخصة البناء ، نسخة من المستند الذي يبين صفة طالب الرخصة وتقويم كيفي ونوعي لمشروع البناء.
2-وثائق تقنية تبني مدى إنسجام المشروع مع قواعد العمران :
كتصميم الموقع  يعد على سلم 1/2000 أو 1/5000 يبين الاتجاه و شبكات  التوزيع مع بيان طبيعتها و تسميتها و نقاط الاستدلال و مخطط كتلة البيانات و التهيئة التعمير على سلم 1/200  أو 1/500 يتضمن  جميع  البيانات المتعلقة بحدود الأرض  و الطوابق و إرتفاعها والمساحة الاجمالية المبنيةونقاط  وصل و رسم شبكة الطرق و القنوات المبرمجة على المساحة الأرضية و جميع الوثائق الفنية التقنية الأخرى، إضافة إلى مستندات رخصة التجزئة للبيانات المبرمجة على قطعة أرضية تدخل ضمن أرض مجزئة لغرض  السكن أو لغرض  آخر.
3-وثائق تثبت مدى انسجام  المشروع  مع قواعد حماية البيئة:
مذكرة  بالنسبة للمباني الصناعية يبين فيها نوع المواد السائلة الصلبة والغازية وكمياتها  المضرة بالصحة العمومية و المحيط و أساليب المعالجة و تصفيتها ومستوى الضجيج المنبعث منها وكذا قرار الوالي بانشاء المؤسسات الخطيرة  غير الصحيحة أو المزعجة1 .
 ثانيا/  تأشيرة المهندس المعماري :
إن الوثائق  المطلوبة  في ملف طلب رخصة البناء هي وثائق تقنية  و تتطلب دقة متناهية   لذا وجب اعدادها  و صدورها  من ذوي  الاختصاص و الخبرة و عليه نصت المادة  55 من القانون 90-29 على مايلي :« يجب أن توضع مشاريع البناء الخاضعة لرخص البناء من قبل مهندس معماري معتمد…  غير أن اللجوء إلى المهندس المعماري ليس ملزم  بالنسبة لمشاريع البناء القليلة الأهمية الذي يحدد التنظيم مساحة أرضيته و أوجه إستعماله  و أماكن توطينه عندما لا يكون موجودا بالمناطق المشار إليها في المادة 46 أعلاه.»
و قد نصت المادة 36 من المرسوم 91-176 بما يلي:« يجب أن تعد الوثائق المرفقة بطلب رخصة البناء المحددة في المادة 35 أعلاه و تؤثر قبل مهندس معماري طبقا لأحكام المادة 55  من القانون 90-29 غير تأشيرة المهندس المعماري ليست ملزمة بالنسبة للأشخاص الذين يصرحون أنهم يريدون تشيد أو تحويل مبنى لهم:
- يوجد في إقليم بلديات محددة أو مصنفة طبقا لأحكام التشريعية أو التنظيمية التي تطبق عليهم.
-   لا يتعدى غرض استعمال آخر غير زراعي بساحة  أرضيته 160م2  خارج المبنى.
- لا يتعدى غرض استعمال زراعي مساحة أرضيته  500م2 خارج المبنى.»
و يكون  المهندس المعماري  معتمدا إذا كان مسجلا في الجدول الوطني  للمهندسين المعماريين   حسب المادة 15 من المرسوم التشريعي 94-07 المذكور أدناه. و الذي أكد كذلك في المادة 04 منه على ضرورة خضوع وثائق البناء لتأشيرة  المهندس المعماري.
و تجدر الإشارة أن مشروع تعديل قانون التهيئة و التعمير قد حصر جميع أشغال البناء بما فيها تلك الغير معنية بتأشيرة المهندس المعماري المذكورة آنفا إلى هذا الإجراء التي كانت عملية إعداد مخططات الهندسية المعمارية بشأنها تناط بالرسامين دون الأخذ  بعين الاعتبار المعايير التقنية التي من شانها ضمان متانتها في مواجهة الظواهر  الطبيعية،كما أن هذا المشروع ينص على وجوب إعداد مشاريع البناء من طرف مهندس معماري و مهندس معتمدين في اطار عقد إدارة المشروع1. 
و تجدر الملاحظة كذلك أن قانون  التهيئة و التعمير و المرسوم التنفيذي 91-176 لا يشترطان تقديم وثيقة للتأمين عن الأعمال موضوع رخصة البناء و هذا على  الرغم من صدور الأمر رقم 03-12 المؤرخ في 26 أوت 2003 يتعلق بإلزامية التأمين على الكوارث الطبيعية وبتعويض الضحايا  الذي يخص العقارات المبنية سلفا حسب المادة 01 منه و هذا خلافا  للمشرع المصري في قانون المباني الجديد في مادته 251 إذ نصت على أنه : « لا يجوز تقديم طلب رخصة البناء أو البدء في التنفيذ بالنسبة إلى الأعمال التي تصل قيمتها 10 آلاف جنيه فأكثر إلا بعد أن يقدم طالب الترخيص وثيقة التأمين ، تغطي وثيقة  التأمين المسؤولية المدنية للمهندسين  و المقاولين عن الأضرار التي تلحق بمالك البناء أو بالغير خلال  فترة التنفيذ  تحت طائلة العقوبات الجزائية.
 تكون وثيقة التأمين طبقا للنموذج الذي يجده وزير التأمينات.
يصدر قرارا من وزير التأمينات و وزير الإسكان و التعمير يحدد القواعد المنظمة لهذا التأمين ،شروطه ، قيوده ، أوضاعه و الأحوال التي يكون فيها للمؤمن حق الرجوع على المسؤول عن الضرر . 
الفرع الثاني : اجراءات ايداع الطلب.
طبقا للمادة 37 من المرسوم 91 – 176 فإن طلب رخصة البناء و الوثائق المرفقة به يرسل في جميع الحالات إلى رئيس المجلس الشعبي البلدي محل وجود قطعة الأرض و في خمسة نسخ . ويسجل تاريخ إيداع الطلب بوصل يسلمه رئيس المجلس الشعبي البلدي بعد التحقيق في الوثائق الضرورية المنصوص عليها في المادتين 34-35 من المرسوم ، التي لابد أن تكون مطابقة لتشكيل الملف على النحو المنصوص عليه .
       و يكتسي تسليم  الوصل أهمية خاصة من حيث أنه إجراء يبين مطابقة الوثائق المقدمة  و صلاحيتها وكذلك يثبت تاريخ الإيداع و هو ميعاد انطلاق الآجال القانونية للبت في الطلب من قبل الإدارة .
المطلب الرابع : البت في طلب رخصة البناء:
بعد إيداع طلب رخصة البناء لدى رئيس المجلس الشعبي البلدي المختص ، على هذا الأخير إرسال الطلب إلى مصالح الدولة المكلفة بالتعمير من أجل دراسته و التحقيق فيه لتأتي فيما بعد مرحلة البت في الطلب من قبل الجهات الإدارية المختصة إما بالقبول أو الرفض أو تأجيل البت فيه.
الفرع الأول :الجهات المؤهلة لمنح رخصة البناء:
إن سلطة الفصل في طلب رخصة البناء قد منحها القانون 90-29 لكل من رئيس المجلس الشعبي البلدي ، الوالي و الوزير المكلف بالتعمير كل حسب ما ينص عليه القانون.
أولا/ منح  الرخصة من قبل رئيس المجلس الشعبي البلدي :
إن منح رخصة البناء من قبل رئيس م.ش.ب يكون أحيانا بصفته ممثلا للدولة و أحيانا  أخرى بصفته ممثلا للبلدية.
1- بصفة ممثلا للبلدية :
يصدر رئيس م .ش. ب القرار المتعلق برخصة البناء بهذه الصفة إذا كانت البلدية  التي توجد بها الأعمال المعنية  بالترخيص مغطاة و مشمولة بمخطط  شغل الأراضي طبقا للنص المادة 34 من قانون      90-29 و هذا بعد التأكد من مدى مطابقة الأشغال له – المخطط - من عدمها وكذا تعليمات  المخطط  التوجيهي للتهيئة و التعمير أو الأحكام المتعلقة بالقواعد العامة للتهيئة والتعمير  في حالة غيابهما1.
كما أن إرتباط رخصة البناء بعدة مجالات جعل تحضيرها يخضع في غالب الأحيان إلى إستشارة عدة مصالح  من أجل ابداء الرأي طبقا لأحكام المادة 39 من المرسوم فإنه يجب  إستشارة الشخصيات العمومية والمصالح التالية:
مصالح  الحماية المدنية في حالة تشيد البنايات التي تستعمل للإستقبال الجمهور و البنايات السكنية       [ لا سيما فيما يتعلق بمكافحة الحرائق] و البنايات ذات الاستعمال الصناعي أو التجاري. المصالح المختصة  بالأماكن والآثار التاريخية والسياحية عندما تكون مشاريع البنايات موجودة في مناطق أو أماكن مصنفة.
مديرية الفلاحة على مستوى الولاية بالنسبة للبنايات و المنشآت اللازمة  للإستغلال  الفلاحي أو لتعديل البنايات الموجودة. 
و عند الاقتضاء يمكن إضافة آراء الجمعيات المعنية بالمشروع كالمباني  الثقافية أو الدينية أو الرياضية.
ففي حالة اعتباره ممثلا للبلدية عليه أن يرسل نسخة من الملف الخاص بطلب الرخصة إلى مصلحة الدولة المكلفة بالتعمير على مستوى الولاية في أجل 08 أيام الموالية لتاريخ إيداع الملف وفي04 نسخ و تكلف هذه الأخيرة بتحضير  الملف و إعطاء رأيها حول المطابقة وبعد ذلك تأتي  مرحلة صدور القرار المتعلق برخصة البناء الذي يبلغ إلى صاحبه في غضون الأشهر الثلاث الموالية  لتاريخ إيداع الطلب [ المادة 43/1 من مرسوم 91-176]
2-بصفته ممثلا للدولة :
و يكون كذلك في طلبات رخصة البناء المتعلقة بمشاريع البناء عندما تكون البلدية المعنية غير مغطاة بمخطط شغل الأراضي. طبقا للنص المادة 65 من قانون التهيئة و التعمير.
         إن هذا الاختصاص لا يرتبط بقاعدة التمثيل الشعبي أو الانتخاب بقدر تعلقه بممارستة لوظيفة من وظائف الدولة بإعتباره ممثلا لها و يخضع حينئذ للسلطة السلمية للوالي.
          يرسل ملف الطلب في أربع نسخ إلى مصالح التعمير و البناء بالولاية للإبداء رأيها و ذلك  في أجل 08 أيام تسري من تاريخ  إيداع ملف الطلب.[ المادة 41 من المرسوم ].
و تمنح مهلة  شهرين  لهذه المصالح  لاعادة ثلاثة نسخ من الملف  مرفقا برأيها و هذا بعد أن يقدم  رئيس المجلس الشعبي البلدي رأيه حول المشروع خلال شهر من ايداع الطلب.
يتخذ رئيس  المجلس الشعبي البلدي  قراره بعد الإطلاع على الرأي الموافق للوالي و يبلغ المقرر المتضمن رخصة بناء في هذه الحالة إلى صاحب  الطلب المعني في غضون الأربعة أشهر الموالية لتاريخ إيداع الطلب.
ثانيا : صدور  الرخصة من قبل الوالي:
إستثناءا على مبدأ إختصاص رئيس المجلس الشعبي البلدي في مادة تسليم رخص البناء منحت المادة 66 من قانون 29- 29 الاختصاص إلى الوالي فيما يخص بعض المشاريع والبنايات التي رأى فيها المشرع الأولوية ودرجة من الأهمية لا تدخل في إختصاص رئيس المجلس الشعبي البلدي ولو بصفته ممثل للدولة وهي :
1- البنايات و المنشآت المنجزة لصالح الدولة أوالولاية أو لمصالحها العمومية.
2- منشآت الإنتاج والنقل و توزيع و تخزين  الطاقة و كذلك الموارد الاستراتيجية.
3- البنايات الواقعة في المناطق المشار إليها في المواد 44- 45 –46 –47-49 –98 من ق 90-29 وهي جميع المناطق  المحمية و بعد موافقة الهيئات المعنية - كما بيناه في الفصل 1-
و يتم تحضير الملف حسب  نفس الأشكال المنصوص عليها  بالمادة 42 من مرسوم 91-176 .
ثالثا – صدور رخصة البناء من قبل الوزير المكلف بالتعمير:
إن الوزير المكلف بالتعمير و البناء مختص بتسليم رخصة البناء طبقا  للنص المادة 67 من القانون أعلاه بالنسبة للمشاريع الهيكلة ذات المصلحة الوطنية أو الجهوية و ذلك بعد الإطلاع على رأي الوالي أو الولاة المعنيين.
الفرع الثاني : مظاهر البث في الطلبات رخصة البناء:
أنه بعد فحص و دراسة  و التحقيق في الملف الخاص برخصة البناء من قبل المصالح  المعنية و التأكد من مدى المطابقة  تصدر  الجهات الإدارية المختصة المذكورة آنفا قرار اداري لا يكاد يخرج  عن الظاهر الثلاث الآتية :
إما قبول طلب رخصة البناء أو الرفض أو تأجيل البت فيه.
أولا: القبول الصريح لطلب رخصة البناء:
 يمكن القول بصفة أولية أن القانون 90-29 قد ألغى مسألة القبول الضمني أو الرخصة الضمنية والتي كان يعتبر بموجبها سكوت الإدارة بعد انقضاء أجل الميعاد القانوني الممنوح لها للرد على الطلب الرامي إلى الحصول على رخصة  البناء و عدم صدور  أية قرار منها إما بالرفض أو القبول يعد بمثابة  قبول ضمني ينتج  نفس الآثار التي تنتجها الرخصة الصريحة1 . الأمر الذي أدى إلى تقاعس عن الجهات الإدارية عن الرد وإتخاذها لمواقف سلبية نتج عنه عدم مراعاة مشروع البناء للقوانين و الأنظمة المعمول بها من قبل المعنيين وعليه يكون  للمعني جميع أوجه الطعن  المتاحة قانونا.
و هكذا متى كان طلب رخصة البناء مستوفيا لكافة المستندات و البيانات اللازمة و كانت الأعمال المراد استصدار رخصة بشأنها  مطابقة للقواعد المعمول  بها في مجال البناء و التعمير و للتوجيهات أدوات التعمير. قامت الجهة الإدارية المختصة بالموافقة على الطلب وقبوله و بذلك تمنح رخصة البناء لكي يقوم بمقتضاها المستفيد  بمباشرة الأشغال .
كما أن السلطة الإدارية المختصة في حالة قبولها تسليم رخصة البناء يمكنها أن تجعلها مصحوبة إما بتحفظات أو اقترانها بفرض التزامات معينة2  .كما يلي بيانه :
1- منح رخصة البناء بتحفظ :
إن منح رخصة البناء مع التحفظ هو قبول مبدئي لانجاز مشروع البناء و لكن مع تعديل جزئي له من أجل مراعاة مقتضيات خاصة مثل ما نصت عليه المادة 27 من المرسوم  التنفيذي91-175 على أنه :        « يمكن رفض رخصة البناء أو منحها مقيدة بأحكام خاصة  أو إذا كانت البنايات و المنشئات المزمع  بناؤها تمس بموقعها أو حجمها أو مظهرها الخارجي بالطابع أو بأهمية الأماكن المجاورة و المعالم و المناظر الطبيعية أو الحضرية و كذا بالمحافظة على آفاق المعالم الأثرية.»
و من الضروري أن تبين الإدارة في حالة التحفظ أوجه هذا التحفظ كما عليها التقيد بحالات التحفظ المحددة حصرا في المرسوم 91-175 المذكورة أعلاه.
2-منح الرخصة بإلزام:
إن منح رخصة البناء مع إلزام  يكون في حالة كون مشروع البناء  نظرا لطبيعة أو لموقعه يحتاج إلى تهيئة خاصة إذ يمكن الإدارة أن تمنح الرخصة مع إلزام  صاحبها بالقيام بأعمال التهيئة هذه وتبين بوضوح الالتزامات التي تقع على عاتق المرخص له كما تفرضه المادة  09 من المرسوم 91-175 و المادة 09 من المرسوم 91-176 عندما نصت على أنه « يجب أن تشمل رخصة البناء على الالتزامات و الخدمات التي ينص على الباني أن يحترمها عندما تقتضي البناء تهيئة و خدمات خاصة بالموقع العمومي أو الخدمات الخاصة»،كإنجاز صاحب العمارة للطرق و شبكات توزيع المياه و التطهير و مواقف السيارات …الخ .
     و تجدر الإشارة أن ليس للإدارة أن تحمل طالب رخصة البناء إنجاز هذه التجهيزات إذا كانت متوقعة في برنامجها بموجب مخطط شغل الأراضي1 . 
ثانيا : رفض منح رخصة البناء :
إن قرار رفض منح رخصة البناء يشكل تحديدا و تقييدا خطير للحق البناء باعتباره أحد أوجه إستغلال الملكية إلا أن القانون 90-29 قد أحال مسألة تحديد حالات رفض منح رخصة البناء إلى التنظيم وعليه فإنه لا بد أن نميز  في هذا الصدد حالتين :
أولهما : حالة وجود أو عدم وجود مخطط شغل الأراضي.
ثانيهما: حالات الرفض الإلزامي و الرفض الاختياري من قبل الإدارة.
1-حالة وجود أو عدم وجود مخطط شغل الأراضي :
تنص المادة 44 من المرسوم التنفيذي 91-176: «أنه لا يمكن بأن يرخص بالبناء إلا إذا كان المشروع المتعلق به موافقا لأحكام مخطط شغل الأراضي المصادق عليه أو مطابقا  لوثيقة تحل محل ذلك » ويقصد بهذه الأخيرة الأدوات العمرانية السابقة المعمول بها  قبل صدور  القانون 90-29 كما نصت      المادة 79 منه « يستمر تطبيق أدوات التهيئة و التعمير المصادق  عليها في إطار الاجراءات السابقة  إلى تاريخ صدور هذا القانون عندما تكون أحكامها غير مخالفة لأحكام هذا القانون على أن يعمل في جميع الحالات  على توفيقها معها بالتدريج ..».
وعليه وفقا للمادة 44/2 أعلاه فإنه في حالة انعدام مخطط شغل الأراضي فيمكن رفض منح رخصة البناء إذا كان مش روع البناء غير مطابق للقواعد العامة للتهيئة و التعمير كحد أدنى من القواعد والشروط الواجب احترامها و توافرها في أية بناية.  
2-حالات الرفض الالزامي أو الرفض الاختياري من قبل الإدارة:
الأصل أنه لا يمكن منح رخصة البناء إلا للأسباب المستخلصة من أحكام هذا القانون  ويبلغ المعني بالقرار الذي إتخذته الإدارة و الذي لا بد أن يكون معللا قانونا و يكون للطالب الرخصة الحق في تقديم تظلم سلمي أو رفع دعوى قضائية أمام الجهات القضائية المختصة طبقا  المواد 62-63 قانون 90-29.
و القانون يميز بين حالات يكون فيها الرفض إلزاميا من قبل الإدارة و حالات أخرى يكون خاضعا للسلطة التقديرية لها فمن أمثلة حالات الرفض الإلزامي لمنح الرخصة  أنه لا يمكن منح  رخصة بناء من أجل إنجاز بناية تخصص للسكن  إذا كان  بعدها لا يقل عن 50 متر من كلا جانبي الطريق السريع أو 30 متر في الطرق الأخرى -م 10 مرسوم 91-175- أو أن البناء لا يتوافق مع أحكام مخطط شغل الأراضي المصادق عليه أو توجيهات رخصة التجزئة في حالة البناء الذي  يشيد على أرض مجزأة -الم 44 مرسوم 91-176-  و يضاف إليها حالات أخرى موضوعية محددة صراحة في المرسوم أعلاه و التي غالبيتها تجعل من عدم ملائمة موقع البناء المراد تشييده  مع محيطه  سببا موضوعيا في رفض تسليم الرخصة1 . 
و تجدر الإشارة أنه مادام القانون قد ألزم الإدارة بتعليل قرار الرفض أولا التحفظ تعليلا كافيا طبقا للمادة 63 المذكورة أعلاه فإن معنى ذلك  إلزام الإدارة بوضع الدوافع و الأسباب التي دفعت بها إلى اصدار قرار الرفض مع إخضاع كل ذلك إلى رقابة القضاء المختص بالمراقبة و النظر في مدى مشروعية تصرف الإدارة مع القانون.
ثالثا : تأجيل البث في طلب رخصة البناء:
لقد نصت المادة 64  من قانون 90-29 على أنه :« يمكن أن يكون طلب رخصة التجزئة أو البناء محل تأجيل يفصل فيه خلال سنة على الأكثر من قبل السلطة المكلفة بتسليم رخصة البناء عندما تكون أداة التهيئة و التعمير في حالة الإعداد» .
و هو المضمون الذي نصت عليه كذلك المادة45 من المرسوم 91-176 و عليه فلا يمكن تأجيل البث في طلب رخصة البناء إلا باحترام شرطين أساسيين :
 أولهما : أن تكون أداة التهيئة و التعمير قيد الإنجاز .   
ثانيهما : أن لا يتجاوز التأجيل  سنة واحدة.
و بذلك يعتبر  تأجيل البث في طلب رخصة البناء إجراء وقائيا و تطبيقا لذلك قضت الغرفة الإدارية للمحكمة العليا بما يلي : « من المقرر قانونا أن للإدارة الحق في تأجيل البت في طلب رخصة  البناء لمدة     لا تزيد عن سنة  و من ثم فإن القرار الإداري المخالف لهذا المبدأ  يعد مشوبا بعيب الخطأ في التطبيق القانون»2 .
المبحث الثاني : المنازعات المتعلقة برخصة البناء.
إن رخصة البناء بإعتبارها القرار الاداري الذي يتضمن الترخيص  بالقيام بأعمال البناء والتشييد أو غيرهما. فإنها ستكون موضوعا لعدة نزاعات تطرح أمام القضاء مثل المنازعات رفض الإدارة  تسليم رخصة البناء أو حالة تسليم الرخصة ثم العدول عنها إما بسحبها أو بصدور قرار إداري يتضمن توقيف الأشغال لسبب أو لآخر.
و قد تكون موضوعا لنزاعات  تنشأ بين الافراد فيما بينهم أثناء تنفيذ الأشغال المرخص بهما و ما قد تنتج  عنها من أضرار  قد تلحق بالغير، كما تكون كذلك محلا لمخالفات يعاقب عليها القانون باعتبارها  جرائم تمس بالنظام العام العمراني و قواعد و أنظمة التهيئة و التعمير.
المطلب الأول: المنازعات التي تختص بها الجهات القضائية الإدارية.
إن جهات القضاء الإداري تكون مختصة في جميع المنازعات التي تثيرها رخصة البناء باعتبارها قرار إداري صادر عن جهة إدارية مختصة عندما يكون مشوبا بعيب التجاوز السلطة في مواجهة الأفراد و كذا مبدأ المشروعية و خضوع  أعمال الإدارة للقانون و هذا من أجل إلغاؤه   أو الحصول على تعويض مناسب كما في حالة رفض الإدارة تسليم رخصة البناء إما صراحة أو ضمنيا بعد تعديل قانون 90-29. أو صدور قرار إداري يرخص بالبناء ثم تلجأ  هذه الأخيرة إما إلى سحبه أو توقيف الأشغال بدون تعليل مبرر. و عليه يثور حول أسس رفع هذه الأخير إما سحبه أو توقيف الأشغال بدون تعليل مبرر. و عليه يثور التساؤل حول أسس رفع هذه الدعاوى وحالاتها 2  والاجراءات المتبعة  فيها و كذا الجهات الإدارية المختصة والصلاحيات الممنوحة لها.
الفرع الأول: أسس دعوى الالغاء.
     يمكن تأسيس دعوى الالغاء على أساس الأوجه و العيوب التقليدية  التالية:
أولا:عيب عدم الاختصاص : و يتمثل في حالة اعتداء جهة إدارية على صلاحيات جهة إدارية أخرى أما من حيث المكان أو الزمان أو الموضوع.
كما في حالة تسليم رخصة البناء من قبل رئيس المجلس الشعبي البلدي في حين أن الاختصاص يعود إلى الوالي أو الوزير المكلف بالتعمير.
ثانيا :عيب الشكل و الإجراءات : فقد يكمن كما في حالة اهمال الإدارة لاجراء جوهري سابق على عملية اتخاذ القرار رخصة البناء كمخالفة إجراءات التحقيق من قبل مصلحة الدولة المكلفة بالسياحة بالنسبة للبناء في المناطق السياحية و مواقع التوسع السياحي [ القانون رقم 03-03] و قد يظهر عيب الشكل كما في حالة إغفال الإدارة عن تسبيب قرار رفض أو تأجيل منح رخصة البناء [ المادة 62-قانون 90-29].
ثالثا :عيب مخالفة القانون : و هو يتمثل في تجاهل الإدارة القاعدة قانونية كما في حالة رفض الإدارة منح الرخصة بحجة  أن تصاميم البناء لم يتم التأشير عليها من قبل مهندس معماري معتمد بالرغم من مشروع   البناء متواجد في إقليم البلديات المصنفة مخالفة  بذلك المادة 55 من القانون 90-29 و كذا المادة 36 من المرسوم 176-91.
رابعا:عيب الانحراف في استعمال السلطة : تؤسس الدعوى أيضا على أساسا الانحراف بالسلطة إذا كانت الجهة الإدارية المختصة تستهدف غرضا يختلف عن الغرض الحقيقي الذي من أجله  أصدرت القرار كما في حالة رفض رئيس بلدية ما الترخيص بالبناء كون أن صاحب الطلب  لم يقم بالجملة الانتخابية أو الدعاية  له مساندا في ذلك جهات أخرى1  .
خامسا :عيب انعدام السبب:  إنه يحدث في حالة  انعدام الحالة أو الواقعة المادية أو القانونية  التي اعتمدت عليها الإدارة في اصدار  قرار  رخصة البناء  كما في حالة رفض منح رخصة البناء على أساس  أن مشروع البناء يقع في أماكن  محمية ذات طابع تاريخي أو أثري [ المادة 69 من القانون 90-20 ] ثم يثبت  انعدام وجود هذه الأسباب القانونية.
 الفرع الثاني:حالات  رفع الدعوى أمام القضاء الاداري
إن رخصة البناء باعتبارها قرار إداري تهدف الإدارة من خلال منحها أو رفض منحها تحقيق الرقابة القبلية المسبقة على أعمال التشييد البناء و ضمان النظام العام العمراني فيما يخص الجهة الإدارية و من ناحية أخرى فإنه  للفرد الحق في الحصول عليها لكونها أحد أوجه حق الملكية ومتى كان طلبه مستوفيا لكافة الوثائق  و المستندات المطلوبة و أن الأشغال المراد القيام بها مطابقة ومنسجمة مع القواعد العامة للتهيئة و التعمير لا سيما أدواتها فإن النزاعات من هذا المنظور بين طالب الرخصة و الإدارة ستكون كما يلي:
أولا : حالة رفض الإدارة تسليمهم رخصة البناء:
إنه من الثابت قانونا أن الإدارة لا يمكنها رفض تسليم رخصة البناء إلا  للأسباب المستخلصة من أحكام القانون 90-29 و المراسيم التنفيذية المطبقة  له . و كذا القوانين الخاصة المتعلقة بالمناطق  المحمية      [ المادة 62 – من نفس قانون 90-29] .و في حالة الرفض ألزم المشرف الإدارة بتسبيب القرار تسبيبا قانونيا و أن يبلغ للمعني [المادة 62-2]  كما أن الحق في البناء هو أحد أوجه ممارسته الحق في الملكية المادة 50 القانون 90-29
الا أنه التساؤل الجوهري الذي يثور من أجل الإجابة على الإشكالية المطروحة حول الموقف القضاء الإداري في حالة رفض الإدارة تسليم رخصة البناء إما بصورة صريحة و معللة قرارها على أسباب أخرى غير الأسباب التي حصرها القانون او تزيف للوقائع و إما بصورة ضمنية وهذا بعد التعديل الذي تضمنه القانون  90-29 و الذي يعتبر سكوت الإدارة عن الرد بعد الميعاد القانون المضروب لها بمثابة رفض ضمني للطلب رخصة البناء و هو ما يخول للمعنى أما رفع تظلم سلمى او إقامة دعوى امام القضاء الإداري للمادة 63 من القانون 90-29 .
المبدأ: أن القاضي الإداري غير مؤهل لمنح رخصة البناء1   فهل يجوز له إلزام الادارة بمنحها وقد تضاربت الآراء و المواقف في ذلك بين مؤيد و معارض.
الموقف الأول :عدم جواز توجيه أوامر للإدارة من قبل القاضي الإداري الجزائري.
فهو لا يمكنه أن يحل محلها طبقا للمبدأ الفصل بين السلطات و ليست لديه الآليات القانونية الكفيلة بجعل الإدارة تخضع للقرار الإداري المتضمن إلزامها بمنح رخصة البناء كالغرامة التهديدية و في غياب قانون  الإجراءات الإدارية ينص صراحة على ذلك و إنما يجوز له فقط إلغاء قرار الرفض و يكون للمحكوم له إما التقدم بطلب جديد و وفقا للإجراءات الجديدة   أو رفع دعوى القضاء الكامل من أجل الحصول على التعويض في حالة عدم صدور قرار إداري جديد بالقبول أو متابعة الموظف الإداري شخصيا أمام جهات القضاء الجزائي على أساس المادة 138مكرر من قانون العقوبات على أساس جريمة امتناع الموظف عن تنفيذ حكم قضائي و ذلك لأن الإدارة لا تستطيع أن تعرض جميع تصرفاتها على القضاء بدعوة حماية الأفراد أو المحافظة على ضماناتهم و إلا وصلنا إلى شل نشاط الإدارة و إصابة المجتمع بضرر بليغ2. 
الموقف 02:جواز توجيه أوامر للإدارة من قبل القاضي الإداري الجزائري
إن الحق في البناء هو مرتبط بحق ملكية الأراضي المكرسة دستوريا و احد اوجه استعمالها و أن القضاء الإداري ينظر في الطعون ضد القرارات الإدارية –مبدأ دستوري- و ما دام أن قانون التعمير الجزائري قد حدد حالات رفض تسليم رخصة البناء على سبيل الحصر فإن تقدير هذه الحالات يدخل ضمن الاختصاص المقيد والضيق للإدارة3 و من ناحية ثانية فإن هذه الأخيرة خصم في مواجهة الأفراد و ما دامت ملزمة بتعليل قراراتها الصادرة بالرفض أو التأجيل فإن ذلك سيخضع حتما لرقابة القضاء الإداري طبقا للمبدأ المشروعية و حماية حقوق الأفراد وحرياتهم الأساسية و هي المعادلة التي يهدف إلى تحقيقها قانون التهيئة و التعمير في نهاية المطاف و عليه فإنه يجوز توجيه أوامر للإدارة من قبل القاضي الإداري الجزائري و سنجد بالملحق قرار صادر عن الغرفة الإدارية للمجلس قضاء غليزان يقضي بإلزام  بلدية الحمادنة  بتسليم رخصة البناء للمعنيين و كذا الحكم جزائي يقضي على رئيسها بسنة  حبس نافذة و غرامة كعقوبة  جزائية عن رفض تنفيذ هذا القرار.
و قد ذهب قضاء مجلس الدولة  الجزائرية إلى القول بعدم  جواز القاضي الإداري توجيه أوامر للإدارة مبدئيا  إلا أنه و بالنسبة لالزام  الإدارة بتسليم رخصة البناء فقد قرر في القرار رقم 007736 الصادر بتاريخ  11-03-2003 و المنشور بمجلة  مجلس الدولة العدد 03-2003- ص 143 المبدأ الآتي :
« حيث أن المستأنف عليها أقامت دعوى ضد رئيس المجلس الشعبي البلدي معسكر من أجل اصدار قرار يلزمه بتسليم رخصة بناء لتهيئة محل للممارسة نشاط صيدلية 
حيث أن المستأنف عليها تمسكت في المرحلة الابتدائية بأنها تحصلت على الرأي الموافق لمديرية التعمير غير أن رئيس البلدية رفض تسليم الرخصة بموجب مراسلة و أن الرفض جاء غير معلل و بالتالي مخالف  للتشريع المعمول به.
حيث أن دعوى المستأنف  عليها الأصلية – تسليم رخصة البناء – تندرج ضمن دعاوى القضاء الكامل  … حيث أن القاضي الإداري  الذي رفعت أمامه دعوى القضاء الكامل لا يمكنه تقدير الواقع  ما   دام القرار الإداري بالتجميد لم يكن محل طعن بالإبطال …  و لم يطعن في قانونيته أمام قاضي إداري … أنه يتعين رفض دعوى المستأنف عليها لكونها سابقة لأوانها».
و بالنسبية للقانون الجزائري فإنه لا يوجد نص يسمح للقاضي الإداري بتوجيه أوامر للإدارة كما     لا يوجد  نص يمنعه من ذلك خلافا للقانون الفرنسي الصادر في  08-02-1995  و الذي حسم المسألة نهائيا و أعطى هذه الصلاحية في المادتين 62-77 منه للمحاكم الإدارية و كذلك  مجالس الاستئناف الإدارية و لمجلس الدولة بعد أن كان هذا الأخير يصرح دوما بأن القاضي الإداري لا يوجه أوامر للإدارة.
 و على كل فإن إلزام  الإدارة بمنح  رخصة البناء لا يمكن اعتباره حلولا محلها كما كان الأمر في التشريع السابق 1  و في جميع الحالات إذا تبني للقاضي الإداري أن الملف المقدم من قبل الطالب مطابق لما نصت عليه أدوات التعمير وأن هذا الأخير قد احترم جميع المواصفات المطلوبة لانجاز البناء و لا يوجد أي   مانع شرعي أو مادي لتبرير  رفض الإدارة تسليمه إياها فيمكن للقاضي في هذه الحالة  أن يكيف الرفض   على أنه  تعدي   ما دام  أن الأمر يتعلق  بالتمتع بحق الملكية و التي لا يمكن أن تقبل التعويض مهما كان  معتبرا في جميع الحالات و يلزم الإدارة تسليم رخصة البناء 2 و هذا بالاعتماد  على خبرة فنية جدية تكون  موافية و لاسيما من حيث الشروط التقنية و مدى قابلية الأرض للبناء عليها و كذا بتعليل قانون دقيق   وتسبيب يكون في المستوى من أجل اتخاذ هذا الإجراء.
كما تجدر الإشارة إلى أن سكوت الإدارة عن الرد على الطلب خلال الأجل المحدد لها قانونا ثم صدور قرار بالرفض بعد انتهاء هذه المدة اعتبره القضاة الجزائري تجاوز للسلطة ويستوجب إلغاء هذا القرار 3.  
 
ثانيا- حالة صدور قرار بالقبول  ثم اعتماد الإدارة إلى سحبه:
الأصل أن رخصة البناء تنتهي بنهاية المدة المحددة لنفاذها طبقا للنص المادة 49 مرسوم 91-176    إذ تنص :« تعد رخصة البناء لاغية  إذا لا يستكمل البناء في الآجال المحددة في القرار المتضمن رخصة البناء»1  .و بعد آجال الصلاحية المحددة لا بد من تقديم طلب جديد للحصول على رخصة جديدة تعد بدون دراسة شريطة أن لا تتطور أدوات التعمير بشكل مغاير ، إلا أنه قد تتدخل الإدارة لانهاء رخصة البناء و إزالة آثارها القانونية بالنسبة للمستقبل والماضي معا و من ثمة فإن سحب رخصة البناء لا يمكن اجراؤه إلا بتوافر شروط معينة وفقا للنظرية العامة لسحب القرارات الإدارية2 .
كأن تتم عملية السحب من قبل السلطة الإدارية المختصة أو التي تعلوها و أن يكون السحب مبررا لعدم المشروعية و كذا أن يكون خلال مواعيد الطعن بالإلغاء و هي شهرين من تاريخ تبليغ الرخصة و عليه  لا يجوز للإدارة سحب قراراتها  لمجرد عدم الملائمة أو إعادة التحقيق و هي المسائل التي جسدتها قرارات الغرفة الإدارية للمحكمة العليا في عدة قضايا« من المقرر قانونا استحالة سحب القرار  الإداري الصحيح الذي تتخذه السلطة ويكون منشأ للحقوق.و من ثمة فالإقرار البلدي الملغى لرخصة البناء لمجرد  ادعاء لوجود نزاع في الملكية بعد قرار مشوبا بتجاوز السلطة، و لك كان من الثابت في قضية الحال أن القرار المتخذ  من رئيس المجلس الشعبي البلدي الذي منح بمقتضاه للطاعن البناء يكتسي الصيغة التنفيذية و يرتب  حقوق للمستفيد منه و الذي دون أن يكون مستويا بأية مخالفة فإن الطاعن كان على صواب عند تمسكه ببطلان  القرار المطعون فيه المنسوب بتجاوز السلطة»3 .
«من المقرر قانونا أن الإدارة لا تستطيع الاحتجاج  بغلطها لاعادة النظر في وضعية  مكتسبة للغير»  
« لا يجوز سحب القرارات الإدارية متى  كانت قد ولدت حقوق شخصية مكتسبة لأصاحبها»4
« حيث أنه طبقا للمبدأ ثابت و معمول به فإن رخصة البناء الممنوحة لا يمكن سحبها»
ثالثا:حالة صدور قرار بالقبول ثم لجوء الإدارة إلى وقف تنفيذ الأشغال:
يثور التساؤل حول مدى جواز الإدارة إصدار قرار بوقف الأشغال بعد تسليم رخص البناء صحيحة .
 إن المادة 76 من ق 90-29 قبل إلغاؤها تتعلق بوقف الأشغال المخالفة للقواعد التشريعية والتنظيمية المعمول بها في هذا المجال دون سواها من الحالات حيث تنص :"في حالة إنجاز أشغال البناء تنتهك بصفة خطيرة الأحكام القانونية و التنظيمية السارية المفعول في هذا المجال يمكن للسلطة الإدارية أن ترفع دعوى أمام القضاء المختص من أجل الأمر بوقف الأشغال طبقا لإجراءات القضاء الاستعجالي…"
و الواضح أن المشرع الجزائري آنذاك قد سلب من الإدارة صلاحية التنفيذ المباشر من امتيازات السلطة العامة بل أخضع كل عمليات وقف البناء إلى القضاء عن طريق دعوى استعجالية ترفعها الإدارة شانها شأن الأفراد و قد تم تعديل هذه الإجراءات بموجب المرسوم التشريعي 94-07 و الذي تضمن فقط تثبيت الأمر بوقف الأشغال من قبل قاضي الاستعجال و عليه فإنه فيما عدا حالة انتهاك الأحكام القانونية في مجال التهيئة و التعمير لا يمكن للجهات الإدارية أن تأمر بوقف الأشغال أو تأجيل تنفيذ الرخصة المسلمة بصفة  قانونية ولهذا فقد قررت المحكمة العليا على أنه :«من المقرر قانونا أنه عندما يتحصل على رخصة إدارية حتى و لو كانت ضمنية لا يحق للإدارة إعادة النظر فيها عنه طريق اتخاذ قرار ناطق بوقف التنفيذ و من ثمة فإن المقرر الآمر بتأجيل تنفيذ المقرر الأول يعود مشوبا بعيب تجاوز السلطة»1.
كما يجوز للمعني حتى اللجوء إلى القضاء الإداري الاستعجالي من أجل وقف تنفيذ القرار المتضمن توقيف الأشغال :« يجوز لكل متضرر من قرار رئيس المجلس الشعبي أن يطلب من قاضي الاستعجال طلب وقف تنفيذه ومن ثم فإن النعي على القرار المطعون فيه بمخالفة القانون غير وجيه .و لما كان من الثابت   في قضية الحال أن المطعون ضدها لها حق مكرس تمثل في قرار تأسيسها و رخصة البناء التي تحصلت عليها فإن القرار الاستعجالي الآمر بوقف تنفيذ القرار الصادر من البلدية المتضمن توقيف أشغالها يكون قد طبق القانون التطبيق الصحيح»2. 
الفرع الثاني : دعوى التعويض فيما يخص رخصة البناء.
تعتبر دعوى التعويض من الدعاوى الشخصية 3 و على ذلك يجب على المدعي اثبات خطأ ينسب للإدارة و أنه قد مس بحق ذاتي له يحميه القانون و كذا العلاقة السببية و عليه فإنه يمكن تصور قيام المسؤولية الإدارية في هذا المجال  في الحالات الآتية :
 أولا /  رفض الجهة الإدارية المختصة منح رخصة  البناء أو تأجيل منحها لأسباب غير شرعية بالرغم من صدور قرار إداري عن القضاء الإداري يلغي رفض تسليم الرخصة مخالفة بذلك قوة الشيء المقضي به.
 ثانيا /  إصدارها  لقرار بقبول تسليم رخصة  البناء ثم لجوئها إما إلى سحب هذا القرار بعد  انقضاء الميعاد القانوني لذلك أو توقيف الأشغال بدون مبرر شرعي أو ميرر قانونا طبقا لاجتهاد المحكمة العليا.
 ثالثا / حالة التعدي من قبل الإدارة كحالة لجوء الإدارة إلى الهدم مباشرة دون اللجوء إلى القضاء أو الهدم الغير مبرر حيث قررت الغرفة الإدارية للمحكمة العليا.  على أنه «من المقرر قانونا  بالمادة 124 من القانون المدني أن كل عمل أي كان يرتكبه المرء ويسبب ضررا للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض و لما كان  ثابتا في قضية الحال أن البلدية قامت بالتعدي على الجدار و تحطيمه بدون  أن تحصل على حكم يرخص لها بذلك بحجة أن الحائط  تم بناؤه  بطريقة فوضوية رغم أن المستأنف  استظهر برخصة البناء و محضر اثبات  الحالة على أنه لم يغلق مجرى مياه الوادي كما تدعيه البلدية و عليه فإن البلدية تتحمل مسؤولية خطئها  مما يتعين  إلغاء القرار المستأنف الذي رفض تعويض المستأنف»1 .
رابعا /  قيام المسؤولية الإدارية على أساس مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة و هي حالة لا يمكن اسنادها  إلى خطأ مرفقي أو مخاطر غير عادية إذ ينتج عن هذا الوضع تحميل شخصا ما عبئا أو ارتفاقا مع استفادة العامة منه مما يشكل خرقا لمبدأ المساواة أمام الأعباء العامة 2 كما في حالة تضمن أدوات  التعمير أن القطاع المحدد لا يمكن البناء عليه لأنه سيكون موضوع لانجاز مشروع ذو منفعة وطنية طبقا لنص المادة 13 من ق 90-29 وعليه فهو قطاع غير قابل للتعمير [المادة 19من نفس القانون] وهو الأمر الذي يتب ضررا لطالب الرخصة المستوفي لجميع الشروط القانونية و التقنية المطلوبة من جراء قرار رفض تسليم الرخصة و بالتالي يمكن للمعني رفع دعوى التعويض  أمام القضاء الكامل لجبر الأضرار اللاحقة به3 .  
الفرع الثالث: اجراءات رفع الدعاوى الإدارية  أمام القضاء الإداري فيما يخص رخصة البناء:
  نتعرض لاجراءات رفع دعوى المنازعة في رخصة البناء من حيث ما يلي :
أولا-صفة المدعي :
الأصل أن الدعوى ترفع من قبل طالب رخصة البناء المعني الذي قوبل طلبه بالرفض- الصريح أو الضمني – أو الذي لحقه ضرر من قبل الإدارة ، إلا أنه يجوز للغير كذلك رفع هذه الدعاوى عند المنازعة في القرار  المتضمن تسليم رخصة البناء و منه :
 
1-الغير صاحب المصلحة : 
إن منح رخصة البناء يجب أن يراعي حقوق الغير  و إن الغير هو صاحب المصلحة المباشرة و المشروعة في طلب إبطال الترخيص عندما يمس بحالة يحميها القانون فقد يكون من جيران المستفيد كحرمانه من حق المطل أو الأشعة الشمس أو عدم احترام العلو المسموح به …
2-الشريك في الشيوع :
إن الشريك في الأرض الشائعة  لا يمكنه  البناء على جزء مفرز من الأرض الشائعة قبل قسمتها ولو حصل على رخصة للبناء إلا بعد موافقة أصحاب ثلاث أرباع  الأرض و الحكم الابتدائي  الآتي جاء في حيثياته ما يلي :« حيث يستخلص من المادة 717 من القانون المدني بأنه إذا قام  أحد الشركاء المشاعيين ببناء على جزء فرز من الأرض الشائعة قبل قستهما فإن هذا الشريك يكون قد أتى بعمل  من أعمال الإدارة الغير معتادة و يترتب على ذلك أن هذا العمل يقتضي موافقة أصحاب ثلاث أرباع الأرض المشاعة حيث أنه  والحالة  هذه فإن المدعية محقة في منع  المدعي عليه  من مواصلة أشغال البناء الجارية فوق  القطعة المشاعة  بينهما رفقة شركاء آخرين …»1 
3-الجمعيات :
كما يمكن للجمعيات المشكلة بصفة قانونية و تنشط في اطار التهيئة التعمير و كذا حماية البيئة بموجب قانونها الأساسي طلب ابطال قرار ترخيص. طبقا لمادة 74 قانون 90-29 وكذا القوانين المتعلقة  بالمناطق المحمية.
كما يمكن  لهؤلاء  اللجوء إلى طلب وقف تنفيذ رخصة البناء طبقا للمادة  170/11-12-13  من قانون الإجراءات المدنية. و هذا نظرا لصعوبة  تفادي الأضرار واصلاح الأوضاع الناجمة عن رخصة البناء المنشوبة بأية مخالفة للحيلولة دون اتمام البناء بأكمله.
« إن وقف الأشغال من قبل الجهة الإستعجالية لا يمس بأصل الحق فهو مجرد تدبير مؤقت لحماية الحق من الخطر الناجم عن مواصلة  البناء في انتظار الفصل النهائي في موضوع الدعوى»2 .
ثانيا :مدى شرط التظلم الإداري المسبق.
إنه بعد تعديل قانون الإجراءات المدنية بموجب القانون 90-23 المؤرخ في 18-08-1990 تم إلغاء نظام التظلم الإداري المسبق عندما يتعلق الأمر بالقرارات الإدارية اللامركزية وتعويضه بإجراء الصلح كبديل له و عليه أصبح هذا الشرط – التظلم – وجودي فقط فيما يخص الدعاوى المرفوعة ضد القرارات الإدارية المركزية.
إلا أنه بعد صدور   القانون 90-29 أبقى على نظام  التظلم المسبق و جعله جوازيا للمعني و الذي يكون له الخيار إما القيام به أو رفع الدعوى مباشرة أمام القضاء المختص حيث تنص المادة 69 منه على أنه:
« يمكن طالب رخصة البناء  أو التجزئة أو الهدم الغير مقتنع برفض طلبه أن يقدم  طعنا سلميا».
1-التظلم الإداري المسبق ضد قرار  رخصة  البناء الصادر عن الوزير المكلف بالتعمير.
طبقا للنص المادة 275 من قانون الإجراءات المدنية فإن هذا الإجراء هو شرط جوهري من أجل قبول الدعوى القضائية أما مجلس الدولة و ميعاد رفعه هو شهريين من تاريخ تبليغ القرار المطعون فيه أو نشره كما على مستوى البلدية أو على مستوى الورشة.
 2- التظلم الإداري ضد رخصة البناء الصادرة عن رئيس المجلس الشعبي البلدي أو عن الوالي:
إن هذا الإجراء قد تم إلغاءه و استبداله بنظام الصلح وفقا للتعديل الذي جاء به القانون 90-23 المذكورة أعلاه و هو إجراء جوازي حسب القانون 90-29  فيمكن  للمعنى إما القيام به أو توجيه دعواه مباشرة أمام الجهة القضائية المختصة.
ثالثا : ميعاد الطعن القضائي:
يختلف ميعاد الطعن القضائي تبعا لمصدر القضائي الإداري المتعلق برخصة البناء أي الجهة الإدارية المصدرة له إما الوزير المكلف بالتعمير أو الجهات الأخرى.
1-ميعاد الطعن القضائي في قرار الوزير المكلف بالتعمير :
طبقا للمادة 280 من قانون الإجراءات المدنية فإن ميعاد الطعن القضائي سواء بالنسبة لطالب رخصة البناء أو للغير هو شهران من تاريخ تبليغ قرار رفص التظلم الإداري الكلي أو الجزئي أو ثلاثة أشهر من تاريخ توجيه التظلم الإداري في حالة سكوت الوزير أو امتناعه عن الرد.
2- ميعاد الطعن القضائي في قرار الوالي أو رئيس المجلس الشعبي البلدي :
فطبقا للنص المادة 169 مكرر قانون الإجراءات المدنية فإن ميعاد الطعن القضائي في هذه الحالة هو أربعة أشهر تسري انطلاقا من تبليغ القرار بالنسبة للطالب الرخصة أو النشر بالنسبة للغير.
الفرع الرابع : الجهة القضائية الإدارية المختصة 
 إن  قانون التهيئة و التعمير  لم يتضمن نصوصا خاصة بالاختصاص القضائي للنظر في الطعون بالإلغاء أو غيرها في القرارات المتعلقة برخصة البناء و بذلك فإن للمدعي أن يرفع دعواه حسب  قواعد  الاختصاص  المبنية في قانون الإجراءات المدنية طبقا للنص المادة 07 و274 منه وعليه فسواء كان الطاعن هو طالب الرخصة أو من الغير فإن الاختصاص النوعي يؤول إلى جهات القضائية الآتية :
أولا :إذا كان الطعن موجها  ضد الوزير المكلف بالتعمير ،فإن الاختصاص يعود إلى مجلس الدولة حسب المادة 274 من قانون الاجراءات المدنية و كذا المادة 09/1 من القانون العضوي 98-01 يتعلق باختصاصات مجلس الدولة و تنظيمه و عمله.
ثانيا :إذا كان الطعن موجها ضد الوالي فإن الاختصاص يعود للمجالس القضائية الجهوية الخمسة وهي : الجزائر ، وهران ، قسنطينة ، بشار و ورقلة .
طبقا للمادة 07 من قانون الاجراءات المدنية و هذا بصفة إنتقالية إلى حين التنصيب الفعلي للمحاكم الإدارية طبقا للقانون رقم 98-02 المتعلق للمحاكم الإدارية المادة 08 منه .
ثالثا :إذا كان الطعن موجها ضد رئيس المجلس الشعبي البلدي فإن الإختصاص يعود للغرف الإدارية المحلية للمجالس القضائية كذلك حسب المادة 07 من قانون الاجراءات المدنية .
و تجدر الملاحظة أن جميع الدعاوى الرامية إلى الحصول على تعويض ضد الجهات الإدارية المختلفة فإن الاختصاص يؤول للغرفة الإدارية للمجلس القضائي المختص طبقا للمادة 07 قانون الاجراءات المدنية ، إلا أنه و فيما يخص الطعون المرفوعة ضد رئيس المجلس الشعبي البلدي فإنه لا بد للقاضي أن يتأكد جيدا من طبيعة تصرفه هل مرده تصرفا صادرا باعتباره ممثلا للدولة أو باعتباره ممثلا للبلدية ، ففي الحالة الأولى فإن التعويض سيكون على عاتق الدولة و ليس الجماعة المحلية ، و في الحالة الثانية فإنه يكون على عاتق البلدية ، و كذلك الشأن فيما يخص الوالي و لهذا ينبغي على القاضي كذلك أن ينص صراحة على ذلك في حكمه أو في المنطوق حتى لا ينفذ الحكم في غير محله و على غير الجهة المحكوم عليها1 .
 المطلب الثاني : المنازعات التي تختص بها الجهات القضاء المدني:
إن منازعات  رخصة البناء التي يختص بها القاضي المدني هي تلك التي ينازع فيها الأشخاص الذين يحكمهم القانون الخاص – أثناء تنفيذ الرخصة – حول مدى احترام أحكام و بنود رخصة البناء عند الإنجاز كالتعدي  على الأملاك المجاورة  أو البناء بدون رخصة  أصلا بشرط أن تلحق هذه الأشغال ضررا شخصيا ومباشر للغير طبقا للقواعد القانون المدني و أن لا ينازع هؤلاء شرعية الرخصة أو في محتواها2 .
 
الفرع الأول : اختصاص قاضي الموضوع:
تؤسس الدعوى في هذا الإطار على وجود خرق القواعد العمران و مخالفة البنود الرخصة من قبل المرخص له بالبناء و تلحق ضرر شخصيا و مباشر بالغير في مفهوم القانون المدني.و بدون مناقشة مسألة  شرعية الرخصة أو في محتواها.
كإقامة بناية أو طابق يحجب النور أو الهواء عن الجار أو فتح مطل أو نافذة مواجهة للملكية  الغير  على مسافة لا تقل عن مترين أو عدم إلتزام المعني بقيود الارتفاع المقرر.و هذا طبقا للمادة 124 و709      و ما يليها  من القانون المدني و كذلك مخالفة القواعد العامة للتهيئة و التعمير المعمول بها.
و عليه و في هذا الصدد فإننا نفرق بين حالتين تطرحا على القاضي العادي.
أولا :حالة مخالفة المرخص له بالبناء لأحكام و بنود الرخصة:
إن إقامة البناء على خلاف أحكام و مقتضيات رخصة البناء و عندما يسبب أضرار للغير فإن يكون مخالفة للقواعد التهيئة و التعمير من ناحية ثانية لقواعد القانون المدني في باب المسؤولية المدنية الأمر الذي   يترتب معه قيام المسؤولية المدنية للمرخص له بالبناء تجاه الغير كعدم مراعاة  الارتفاع القانوني المقرر بشكل يتنافى وتوجيهات مخطط شغل الأراضي أو حالة إقامة البناء على أرض مملوكة للغير.
إن الترخيص بالبناء يمنح تحت طائلة الحفاظ على حقوق الغير و عدم المساس بها 1.فإذا ثبت مخالفتها فإنه يمكن المطالبة باصلاح الضرر الناتج عن المساس الحقوق الخاصة أمام القاضي المدني.وعلى أساس  المادة 124 من القانون المدني ،ليحكم  هذا الأخير بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه تماشيا مع أحكام رخصة البناء كما يجوز له الحكم بالتعويض المناسب عن الضرر الذي لحق بالغير إذا ما طلب منه الخصم ذلك و في هذا الصدد فإن المحكمة العليا قررت ما يلي:« قيود الملكية – إلحاق ضرر الجار – القضاء بإزالة مصدر الضرر (المادة 691 من القانون المدني).من المقرر قانون أنه يجب على المالك ألا يتعسف في استعمال حقه إلى حد يضر بملك الجار ….و لما كان من الثابت – من قضية الحال – أن قضاة ألا استئناف  حصروا  النزاع في تحديد  الضرر و مصدره و قضوا بإلزام الطاعن وبتحويل مدخل البناية بعيدا عن مسكن المطعون ضده بسبب الضرر الذي لحقه من جراء ذلك.مؤسسين قرارهم على المعاينة المنجز محضرا عنها فإنهم  بذلك   قد أحسنوا تطبيق القانون – مما يتوجب رفض الطعن الحالي»2  و في قرار آخر:« قيود حق الملكية – فتح مطل على  الجار يقل عن مترين – لا يجوز ( المادة 709 من ق.م.) من المقرر قانونا انه لا يجوز للجار أن يكون له على الجار مطل مواجها على مسافة تقل عن مترين و من تم فإن النعي على القرار المطعون فيه بخرق القانون غير سديد يستوجب رفضه .
و لما كان من الثابت –في قضية الحال – أن الخبير أثبت أن الطاعن فتح مطلات مواجهة لجاره تقل عن مترين فإن قضاة الموضوع الذين منعوا الطاعن من فتح النوافذ المطلة على جاره طبقوا القانون و متى كذلك استوجب رفض الطعن»1 .
ثانيا :حالة مخالفة أحكام رخصة البناء للقواعد التهيئة و التعمير :
إنه حينما تكون أعمال البناء المرخص بها مصدر الضرر مطابقة لأحكام رخصة البناء و كانت هذه الأخيرة مخالفة للقواعد التهيئة و التعمير ، فإنه حسب نص المادة 13-480   L من القانون الفرنسي2 لا يمكن الحكم ضد صاحب بناية تمت وفق لبنود رخصة البناء باية إلزام إلا إذا تم إلغاء هذه الرخصة مسبقا أمام  جهات القضاء الإداري ، و عليه يكون لغير المتضرر منها دعويان دعوى إبطال رخصة البناء أو إلغاؤها  لتجاوز السلطة أمام القاضي الإداري ثم اللجوء إلى القاضي المدني لاصلاح الضرر الناتج عن المسؤولية المدنية للمرخص له بالبناء من جراء الأشغال التي انجزت وفقا لهذه الرخصة الملغاة .
و هو الأمر المعمول به في القضاء الجزائري – حسب ما أكده لي جميع القضاة – وذلك تطبيق للنص المادة 07 من قانون الاجراءات المدنية و المعيار العضوي ، و هذا لاعتبار أن رخصة البناء هي قرار إداري مشروع صادر عن جهة إدارية مختصة و القاضي المدني غير مؤهل لالغائها ، مما يستدعي الأمر التصريح بعدم الاختصاص النوعي .
الفرع الثاني : اختصاص قاضي الاستعجال :
إنه يمكن رفع دعوى من قبل المتضرر من تنفيذ رخصة البناء لطلب وفق الأشغال أمام قاضي الاستعجال إلى حين الفصل في الموضوع طبقا لقواعد القضاء الاستعجالي و هذا بتوافر عناصر الاستعجال ، وهي الخطر المحدق و الضرورة الملحة و الأمور التي لا تحتمل مرور الوقت بالنظر لما قد يترتب عنها من أضرار طبقا للمواد 183 و ما يليها من قانون الاجراءات المدنية بإجراء وقتي لا يمس باصل الحق .
و في حالة البناء بدون رخصة أصلا ، فإنه لا يشترط رفع دعوى في الموضوع القبول الدعوى بل إثبات أن البناء يتم بدون ترخيص إداري – و هو أمر كاف للأمر بوقف الأشغال طبقا لاجتهاد المحكمة العليا التي قررت على أنه :«إن القيام بالأشغال بدون ترخيص يمنح للمتضرر رفع دعوى أمام القضاء المستعجل إذا توافرت عناصر الاستعجال مع ذكر الأساس القانوني الذي أدى بالقاضي الأمر بوقف الأشغال »3 .
 
المطلب الثالث : المنازعات التي تختص بها جهات القضاء الجزائي 
إن انتهاك قواعد التهيئة و التعمير – في مجال البناء – يولد المسؤولية الجزائية للمخالفين باعتبارها جرائم يعاقب عليها بنص خاص و هذا لاعتبارها قواعد قانونية من النظام العام وجوهرية مقترنة بجزاء و لا يجوز الاتفاق على مخالفتها و لأنها تهدف إلى تحقيق مصلحة عامة سياسية و اجتماعية و اقتصادية و ثقافية  تعلوا على المصالح الفردية 1 .
و عليه فإن القاضي الجزائي يلعب دورا مهما و حاسما في مهمة الردع و قمع جرائم رخصة البناء     و هذا من اجل احترام أكبر القواعد و التهيئة و التعمير .
و عليه فإن يثور التساؤل حول طبيعة هذه المخالفات و تكييفها القانوني و الجزاءات العقابية المقرر   لها و المسؤولين عنها و كذا المتابعات الجزائية أمام جهات القضاء الجزائي .
الفرع الأول : طبيعة المخالفات :
نصت المادة 77 من قانون 90-29 :«يعاقب بغرامة تتراوح ما بين 3000 دج و 300.000 دج عن تنفيذ أشغال أو استعمال أرض يتجاهل الالتزامات التي يفرضها هذا القانون و التنظيمات المتخذة لتطبيقه أو الرخص التي تسلم وفقا لأحكامها ، و يمكن الحكم بالحبس لمدة شهر إلى ستة أشهر في حالة العود ».
إن المادة 77 أعلاه تعد الركن الشرعي لجرائم التهيئة و التعمير  منها الجرائم المتعلقة برخصة البناء خاصة ، إلا أن هذا النص الجزائي قد جاء عاما و غير واضح و لم يحدد بدقة ما هي هذه الأفعال المجرمة ولتفادي هذا العيب تدخل المشرع الجزائري بموجب المرسوم التشريعي 94-07  المادة 50منه و التي حددت أنواع هذه المخالفات كما يلي : 
1- تشييد بناية بدون رخصة بناء [ على أرض تابعة أملاك وطنية عامة أو خاصة  -على أرض خاصة تابعة للغير –على أرض خاصة ].
2- تشييد بناية لا تطابق رخصة البناء  [ بتجاوز معامل تشغل الأرضية] .
3- عدم القيام باجراءات التصريح و الإشهار .
إلا انه أول ما يمكن ملاحظته على هذا النص ما يأتي :
1- أنه اقتصر في تجريمة للبناء بدون رخصة على أعمال التشييد فحسب و لم يمتد ليشمل باقي الأشغال كالتدعيم و التمديد و التنسيج بدون رخصة و كذا عدم تجديد الرخصة بعد مضي المدة المحددة لها ، و التي تبقى حسب رأينا تخضع للنص العام أي المادة 77 من قانون 90-29.
2- أنه لم يفرق بين مشاريع البناء الكبرى و مشاريع السكن الخاصة و هذا بالنسبة لقيمة أعمال البناء ، كمشاريع الترقية العقارية و بناء سكنات ذاتية لتحديد العقوبة .
3- إن المساحات و الأقاليم و المناطق المحمية لم تحظى بالحماية اللازمة بتشديد العقوبات الأصلية و كذا اجراءات متابعة خاصة .
4- تقريره للعقوبة الغرامات الإدارية الموقعة من قبل الإدارة طبقا للنص المادة 50 منه خرقا للمبدأ براءة المتهم حتى إدانته من قبل جهة قضائية نظامية و كذا هي غرامات ضئيلة وتافهة بدرجة كبيرة مما تشجع الأفراد على الاستمرار في ارتكاب المخالفات .
إن كل هذه العيوب كان من الواجب على المشرع تداركها و تقنين نصوص جديدة تكفل الحماية الجزائية و القضائية لهذه القواعد و الاجراءات 1 ، و لعل صدور القوانين المتعلقة بالمناطق المحمية مؤخرا سوف يخفف من ذلك .
و عليه -و ما دام المشرع الجزائري لم يعرف جريمة البناء بدون ترخيص – فإنه يمكن تعريفها كما يلي:
« هي الجريمة التي يقوم فيها الجاني بانشاء المباني الجديدة أو إقامة أعمال التوسيع أو التعلية أو التدعيم أو التعديل او اجراء أي تشطيبات خارجية قبل الحصول على ترخيص إداري من الجهة الإدارية المختصة في مجال يستلزم الحصول عليها و فقا لما يبينه قانون التهيئة والتعمير و المراسيم الملحقة به ».
و لبيان طبيعة الجرائم المتعلقة برخصة البناء باعتبارها مجرمة بموجب تشريع خاص فإنه لا بد التطرق عن طبيعتها من حيث ركنها المادي و كذا المعنوي .
أولا :الجرائم المتعلقة برخصة البناء جرائم مادية :
إن جريمة البناء بدون ترخيص تقع بقيام الشخص لأعمال أو منشآت بغير ترخيص أو مخالفة لاحكام الرخصة ، و تتشكل هذه  الجريمة من ثلاث عناصر أساسية :
العنصر المادي :  البناء و هو العنصر الإيجابي و يتخذ أحد الصور التي تفرضها المادة 52 من قانون 90-29 .
عدم وجود رخصة البناء : كحالة عدم طلب الرخصة من الجهات الإدارية أو رفض الإدارة تسليم الرخصة إما صراحة بموجب قرار الرفض ، أو ضمنيا بسكوتها بعد فوات الأجل القانوني للرد.
أن يتم البناء في مجال تطبيق رخصة البناء : فإنه لا يمكن قيام الجريمة في مواجهة الأعمال التي تحتمي بسرية الدفاع الوطني  م 53 قانون 90-29 ، أو الأعمال الخاصة بالهياكل القاعدية الخاصة التي تكتسي طابع استراتيجيا من الدرجة الأولى ، التابعة لبعض الدوائر الوزارية أو الهيئات أو المؤسسات               م 1 - مرسوم تنفيذي 91-176 . و مع ذلك فلا بد أن يسهر صاحب المشروع على توافقها مع الأحكام القانونية في مجال التعمير والبناء .
ثانيا: الجرائم المتعلقة لرخصة البناء جرائم مستمرة :
إن فعل الجريمة متعلقة برخصة البناء يشكل جريمة مستمرة ذلك أن أعمال البناء قد تستغرق وقت طويلا في وقوعها بسبب امتدادها في الزمن و عليه يبدأ احتساب مدة تقادم الدعوى العمومية لحظة تمام المخالفة .
ثالثا :الجرائم المتعلقة برخصة البناء جرائم عمدية :
إنه سواء أكان نشاط المتهم عمديا أم لا فإنه عندما يبدأ هذا الاخير في الأشغال بدون رخصة أو  مخالفة  لمقتضياتها فإن الجريمة تتحقق و ليس له الاحتجاج بحسن نيته من اجل عدم مسألته جزائيا  و ليس للقاضي أن يأخذ بهذا الدفع.
الفرع الثاني : التكييف القانوني و الجزاءات المقررة : 
تقسم الجرائم بصفة عامة بالنظر إلى جسامتها إلى جنيات و جنح و مخالفات و فيما يخص الجرائم المتعلقة برخصة البناء ، فمن خلال النصوص الجزائية الخاصة بالتهيئة و التعمير سواء في أحكام القانون 90-29 و المرسوم التشريعي 94-07 أو بعد صدور النصوص العمرانية الجديدة و المتعلقة بالمناطق المحمية ، فإننا نميز بين حالتين :
أولهما : الأصل أن مخالفة قواعد التهيئة و التعمير كالبناء و بدون ترخيص أو المخالف لأحكامها فإنها تكيفها على أنها جنح و تتراوح عقوبتها مابين 30.000 دج و 300.000 دج  كما يمكن الحبس لمدة شهر إلى 6 أشهر في حالة العود1  .   
و هذا طبقا لنص المادة 77 من القانون 90-29 و المرسوم التشريعي 94-07 و هذا في حالة ارتكاب المخالفات في المواقع المتعلقة بالأراضي العامرة أو القابلة للتعمير المعرفة بمفهوم المادتان 20-21 من القانون 90-25 المتعلق بالتوجيه العقاري و كذا المواد 19 و ما يليها والمواد 39 و ما يليها من           قانون 90-29 و الذي يحدد قوامها طبق لأدوات التهيئة و التعمير ومن الأراضي التي يقتضيها التشريع حسب طبيعتها القانونية.
ثانيهما : جنح مشددة و هذا في حالة ارتكاب المخالفات في المواقع الخاصة و المتعلقة بالمناطق المحمية و المعرفة طبقا للنص المادة 22 من القانون 90-25 و المواد 43-49 من قانون 90-29 و التي صدرت من أجل حمايتها و تهيئتها و ترقيتها و تسييرها القوانين الخاصة بها حيث تنص المادة 44 من القانون 03-03 على أنه : " يعاقب بالحبس من 3 أشهر إلى سنة واحدة ، وبغرامة تتراوح ما بين 100.000 دج إلى 300.000دج أو لاحدى هاتين العقوبتين كل من يخالف أحكام المادة 06 من هذا القانون "
و المتعلقة بالقيام بأعمال التهيئة أو استعمال مناطق التوسع و المواقع السياحية خلاف لأحكام المخطط تهيئتها .
كما تنص المادة 47 منه أنه :"  يعاقب بالحبس من سنة إلى سنتين و بغرامة تتراوح ما بين 500.000 دج إلى مليون دينار ، أو باحدى هاتين العقوبتين كل من يقوم بتنفيذ الأشغال أو استغلال مناطق التوسع السياحي و المواقع السياحية خلافا لأحكام هذا القانون "
و تنص المادة 43 من القانون رقم 02-02 على أنه :"  يعاقب بالحبس من 6  إلى سنة و بغرامة من 100.000 إلى 500.000 دج أو باحدى هاتين العقوبتين كل من يخالف أحكام المادة 30/2 من هذا القانون " ،   و الخاصة بمنع البناءات و المنشآت في المناطق الشاطئية .
كما تنص المادة 79 من القانون رقم 99-01 :"   يعاقب كل من يبني أو يغير أو يهدم مؤسسة فندقية بدون الموافقة المسبقة للإدارة المكلفة بالسياحة ، كما هو  منصوص عليه في المادة 46 من هذا القانون بغرامة مالية ما يبن 50.000دج و 100.000 دج بالحبس من شهر إلى ستة أشهر أو باحدى هاتين العقوبتين "
هذا و تجدر الملاحظة و فيما يخص التدابير العينية التي يمكن الحكم بها إلى جانب العقوبات الجزائية فإن القاضي الجزائي و عندما ترتكب المخالفات في هذه المناطق الأخيرة فإنه ما زال محتفظا بسلطته في الحكم باتخاذ التدابير اللازمة و الضرورية من أجل فرض إحترام قواعد التهيئة و التعمير فيها بموجب هذه القوانين  كالحكم باعادة الأماكن إلى حالها الأصلي أو تنفيذ الأشغال الازمة للتهيئة و على نفقة المحكوم عليه و كذا مصادرة الآلات و الأجهزة و المعدات التي استعملت في ارتكاب هذه المخالفات 1 .
و هذا بعد إلغاء المادتان 76-78 من قانون 90-29 بموجب المرسوم التشريعي    94-07 والتي كانتا تمنحا للقاضي الجزائي هذه الصلاحيات  و بذلك تقلص  دور القاضي  الجزائري لينحصر في الحكم بالعقوبة الجزائية دون التدابير  و التي  أرجعت إلى صلاحيات الإدارة بموجب هذا المرسوم  .
الفرع  الثالث  :  المسؤولون جزائيا عن المخالفات :
إنه يثور التساؤل حول المسؤول جزائيا عن جريمة  البناء بدون ترخيص  أو المخالف لأحكامها ؟ فهل هو مالك  الأرض الذي له الحق في طلب رخصة البناء أم المهندس المعماري والذي يجب أن توضع  و تؤشر مشاريع البناء و تصاميمها من قبله أم مقاول البناء الذي يعهد اله عمل التشييد في إطار عقد المقاولة طبقا للقانون المدني .
لمبدأ: إن واجب الحصول على الرخصة يقع على مالك الأرض – صاحب المشروع –  أو من في حكمه وليس على المقاول أو المهندس المعماري.
و عليه فإن الفاعل الأصلي في هذه الجريمة لا يمكن  أن يكون إلا مالك  الأرض وأما المهندس  أو المقاول فإنهما يقومان بدور مادي  في عمل البناء و التشييد في اطار عقد معين  إلا أنه و مع ذلك نلاحظ أن المادة 77 من ق 90-29 تنص على أنه: 
« ويمكن الحكم بالعقوبة المنصوص  عليها في الفقرتين السابقتين ضد مستعملي  الأراضي  أو المستفيدين  من الأشغال أو المهندسين المعماريين أو المقاولين أو الأشخاص الآخرين المسؤولين عن تنفيذ الأشغال »
و هكذا فإن المشرع قد وسع في دائرة الأشخاص الذين يشملهم التجريم و من ناحية ثانية دون  الربط بين ملكية  الأرض و المسؤولية الجزائية كما في الحق في البناء 2. يضاف إلى ذلك فإن كلا من المقاول والمهندس ليسوا فاعلين أصلين لهذه الجرائم  إلا أنهما يساعدان الفاعل الأصلي ويعاونه على تحقيق الركن المادي للجريمة  أي التشييد بدون رخصة أو مخالفة لأحكامها. وبدونهما قد لا يمكن للمعني القيام بها و هذا لكونهما شركاء طبقا للنص المادة 41 من قانون العقوبات3 .  
و قد أغفل ق 90-29  و المراسيم المطبق له التعرض للمسؤولية الجزائية للشخص المعنوي خلافا  لقوانين حماية البيئة.
و عليه فإن قد يسأل المدير العام أو المشرف على تسير الشخص المعنوي عن جريمة البناء بدون  رخصة باعتباره المسؤول عن تنفيذ الأشغال و المستفيد منها  بصفته الشخصية و تطبيقا ذلك فإنه قضي بمسؤولية مدير احدى الشركات الذي أمر بالبناء بدون ترخيص لصالح الشركة1 . 
و هذا تجدر الملاحظة إلى أنه و بعد تعديل قانون العقوبات بموجب الأمر رقم  المؤرخ في 2001 و في إطار الجرائم المرتبطة برخصة البناء فإنه يمكن  متابعة الموظف العام جزائيا في حالة إمتناعه  شخصيا و بصفة عمدية عن تنفيذ الحكم القضائي الذي يقضي بتسليم رخصة البناء  للمحكوم لهم  وهذا بموجب نص الم136 مكرر من قانون العقوبات 2.
الفرع  الرابع  : المتابعة القضائية .
       يتم تحريك الدعوى العمومية في مادة  رخصة البناء أي البناء بدون رخصة أو المخالف لأحكامها طبقا للمادة 01 من قانون الإجراءات الجزائية إما من طرف النيابة العامة أو بالإدعاء المدني.
أولا  /  تحريك الدعوى العمومية من قبل النيابة العامة :
للنيابة أن تحرك الدعوى العمومية الناتجة عن جريمة البناء بدون ترخيص أو المخالف لأحكامها  بمجرد علمها بأية وسيلة و تعتبر محاضر المعاينة المحررة من قبل الأعوان المؤهلين  أهم  وسيلة لتحريك الدعوى العمومية من قبل النيابة .
و تجدر الإشارة إلى أن القانون الفرنسي يلزم الإدارة عند معاينتها للمخالفة بأن ترسل نسخة من المحضر للنيابة العامة   في حين أن  المشرع الجزائري  لم يلزمها  بذلك عندما نصت 
الم03 من الرسوم التنفيذي 95 / 318 والمعدل و المتمم على أنه : يرسل هذا المحضر الى رئيس المجلس الشعبي البلدي والوالي ومدير الولاية المكلف بالتعمير المختص إقليميا .  كما أن نماذج  المحاضر لا تتضمن ذلك خلافا لما كان معمول به في  الأمر 75-67 .
ثانيا   /  تحريك الدعوى العمومية عن طريق الإدعاء المباشر:
يلاحظ أن المشرع الجزائري قد اعترف بالتأسيس كطرف مدني أمام  القاضي الجزائري سواء بالنسبة للمتضرر من الجريمة في حالة إرتكاب المعني للمخالفة البناء بدون رخصة أو البناء المخالف لأحكامها           أو بالنسبة للغير للجمعيات و ذلك إستنادا إلى نص المادة 74 من قانون 90-29 .
هذا فإنه يرجع التدخل العقابي للقاضي  في ميدان رخصة البناء  إلى مسايرة الاتجاه العام للقوانين العمران المعاصرة  في التمسك بالعقوبة الجزائية من أجل ضمان أكبر لإحترام  قواعدها  وجهة أخرى تحقيق الردع العام بفرض عقوبات جزائية صارمة كفيلة بضمان ذلك. 



تعليقات