📁 آخر الأخبار

شبهات حول حقوق الإنسان في الإسلام

شبهات حول حقوق الإنسان في الإسلام





شبهات حول حقوق الإنسان في الإسلام

الشبهة الأولى: جمود الشريعة الإسلامية
زعم بعضهم أن الشريعة الإسلامية جامدة لا تساير متطلبات العصر وأن تطبيقها يتعارض مع حقوق الإنسان.
والجواب على هذه الشبهة من وجوه :
1- أن الإسلام دين ودنيا,وأنه كما اهتم بتنظيم علاقة الفرد بربه اهتم كذلك بعلاقة الفرد بأخيه الإنسان وبعلاقته بمجتمعه .
2- وعليه فالأحكام الشرعية التي جاء بها الإسلام على نوعين :
الأول: ما يتعلق بعلاقة الفرد بربه من  عقيدة وإيمان وعبادات وغيرها,فهذه ثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان .
الثاني: ما يتعلق بين الناس بعضهم ببعض, وهو المعروف بالمعاملات, وهذا بعضه ذو طابع اجتهادي,وهو يتميز بشئ من المرونة, ومن ثم جاءت أحكامها عامة مجملة غير مفصلة, تابعة للمصلحة العامة, حسبما يراه أهل الحل والعقد وأهل العلم .
ومن ذلك مبدأ الشورى, لم تفصل الشريعة كيفية ذلك وتحديده, بل تركته وفقاً للمصلحة العامة بعد وضع أطره العامة.  

الشبهة الثانية: قسوة الحدود الشرعية
زعم بعضهم أن إقامة الحدود الشرعية بصفة عامة (من قتل وقطع ورجم ) على المجرمين فيه من القسوة البالغة والوحشية التي لاتتناسب مع عصرنا الحاضر.
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
1- أن هذه الحدود ثابتة في الشريعة الإسلامية لحكم عظيمة قد تظهر لقوم وتخفى على آخرين, فلا يضرنا نحن المسلمين أن عرفنا الحكمة أوجهلناها, فلله الحكمة البالغة في كل تشريع.
2- أنه مما هو مسلم به بين العقلاء أن كل عقاب لابد فيه من  شدة وقسوة, حتى لو ضرب الرجل ولده مؤدبًا له لكان في ذلك نوع من القسوة, فالزعم بوجود عقاب من دون شئ من القسوة مكابرة ظاهرة, فليسموها ماشاؤا .
3- إذا لم تشتمل العقوبات على شئ من القسوة والشدة فكيف ستكون رادعة وزاجرة للمجرمين وضعاف النفوس ؟! .
4- أننا لوتركنا إقامة الحدود الشرعية لما تزعمونه من القسوة لأوقعنا أنفسنا والمجتمع في قسوة أشد منها, فمن الرحمة بالمجتمع وبالمحدود أن نقيم الحد عليه, ولنضرب مثالاً يقرب المراد: ماقولكم في الطبيب الذي يجري عملية جراحية فيستأصل بمشرطه المرهف بضعة من جسم المريض ليعالجه, أليس في هذا مظهر من مظاهر القسوة؟ بلى, ولكنها قسوة في الجزء المستأصل, رحمة وشفقة في باقي أجزاء الإنسان.
وكذلك نقول في قسوة الحدود, فحرصًا على سلامة جسم المجتمع من الفساد والمرض كان من الحزم والعقل القسوة على الجزء الفاسد منه, ليسلم باقي أعضاء المجتمع .
5- أن الإسلام قبل أن يحكم عليه بالحد قدم له من وسائل الوقاية ما كان يكفي لإبعاده عن الجريمة التي اقترفها لو كان له قلب حي وضمير, لكنه لما أغلق قلبه وألغى عقله ونزع من ضميره الرحمة استحق أن يعاقب من جنس صنيعه.




الشبهة الثالثة: الزعم بقسوة حد السرقة
زعم بعضهم أن تطبيق حد السرقة امتهان لكرامة الإنسان وتشويه لخلقته وسمعته, بل فيه تعطيل لجزء من المجتمع وتمثيل له .
والجواب على هذه الشبهة من وجوه :
1- حد السرقة حكم ثابت في الشريعة الإسلامية لا يحل لأحد تعطيله علمنا الحكمة منه أم لم نعلم.
قال الله تعالى: { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم } [المائدة 38 ].
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( تقطع يد السارق في ربع دينار)).
2- أنه من الرحمة بالمحدود وبالمجتمع استئصال اليد الفاسدة منه؛ منعًا لانتشار الفساد والفوضى واختلال الأمن في المجتمع .
3- إطلاق السارق من دون عقاب رادع له يجعل الناس في شغل شاغل لحماية ممتلكاتهم بأنفسهم أو بواسطة شركات الأمن, وفي هذا من الهدر للأموال والأوقات الشئ الكثير. 
4- ولنتحاكم إلى الواقع : فمن المسلّمات عند من عنده أدنى حد من الاطلاع أن إهمال هذا الحد أو استبداله بغيره يصير المجتمعات غابة لا أمن فيها ولا أمان, ولننظر إلى المجتمعات الغربية, فالبرغم مما وصلوا إليه من الحضارة المدنية إلا أن جرائم السرقة عندهم في ازدياد كبير, بخلاف المجتمعات التي تقيم الحدود, فإن الأمن فيها واضح, ولا يمكن مقارنة ما فيها من السرقات بغيرها من المجتمعات.
5- ثم إن خير ما يدل على فعالية هذا الحد ما نشاهده في المملكة العربية السعودية من الأمن والأمان, فأين هي من عواصم بلاد الحضارة الزائفة .
6- ونحن كذلك نقطع طول هذه البلاد وعرضها ولا نرى من زعمتم بالمشوهين من حد السرقة, وما هذا إلا للأثر البالغ الذي يتركه تطبيق الحد في أصحاب النفوس الضعيفة مما يكون حائلاً بينهم وبين التفكير في السرقة, بلْه الإقدام عليها .
7- أننا نشاهد ما جعلوه عقابًا للسرقة من السجن لمدة معينة فلا نرى له أثرًا على السرّاق, بل هو بمثابة المدرسة والجامعة التي يتبادل فيها المجرمون الخبرات الإجرامية.
8- على أنه لايتم تنفيذ حد السرقة في الإسلام إلا بعد تحقق شروط وضوابط معينة كبلوغ النصاب في المال المسروق, وانتفاء الشبهة التي تمنع إقامة الحد كسرقة من أشرف على الهلاك ولم يجد ما يبقيه على قيد الحياة .




الشبهة الرابعة: الزعم بقسوة حد الزنا
زعم بعضهم أن في جلد أو رجم الزاني قسوة بالغة, واعتداء على الحرية الشخصية للناس, كما أن استخدام الرجم وسيلة للقتل وحشية لاتتناسب والقرن العشرين .
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
1- حد الزنا حكم ثابت في الشريعة الإسلامية لا يحل لأحد تعطيله علمنا الحكمة منه أم لم نعلم.
قال الله تعالى: { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين } [النور -2 ].
2- أن الله تعالى حرم الزنا وغلظ عقوبته لما له من الآثار الوخيمة على الفرد والمجتمع فمن ذلك:
أ‌- تفشي الجرائم الخلقية والانحلال .
ب‌- تفشي الأوبئة والأمراض الفتاكة كمرض نقص المناعة (الإيدز).
ت‌- تفكك أهم رابطة اجتماعية: الأسرة .
ث‌- تهدم النسيج الاجتماعي والرابط التكافلي بين مجموعاته .
ج‌- فيه تقويض لدعائم الأمم وهدم لمجدها لما فيه من تعطيل النسل الصالح, وقتل النخوة, والشهامة, وقطع الروابط الإنسانية من أبوة وأخوة وبنوة وأمومة.
ح‌- لما يفرزه الزنا من ضياع أنفس ومهج في المجتمع دون ذنب منها, فابن الزنا ضائع منبوذ في المجتمع, يقاسي - بلذة لحظات من والديه – صنوف الحرمان والمهانة, مما يولد أشخاصًا يكرهون مجتمعاتهم ويحقدون على أهلها.
خ‌- لما فيه من الخلط في الأنساب, وإلحاق الأبناء بغير آبائهم, وأخذهم حقوقًا لا يستحقونها.
3- الغريزة الجنسية مركبة في الإنسان, فإذا لم يجعل العقاب الرادع للزنا تحولت المجتمعات إلى بؤرة فساد وانحلال.
4- كما شدد الشارع في عقوبة الزنا إلا أنه جعل له من الاحتياطات والشروط ما يضيق معه إقامة الحد, فلم يجعل الشارع السبيل إلى إثبات الحد إلا في حالتين:
الأولى: اعترافهما اعترافًا صريحًا لا رجعة فيه ولا إكراه.
الثانية: شهادة أربعة عدول بأنهما رأياهما حال الزنا رؤية صريحة (أي رؤية الإيلاج) مع اتفاق رؤيا الجميع, وهذا العدد من الشهود يصعب توافره, إلا إذا كانا مجاهرين أمام الناس بفعلتهما, ولذلك قلّ ثبوت الزنا بهذه الطريقة جدًا عبر التاريخ.
5- ثم إن الشارع الحكيم فرق بين المحصن وغير المحصن في العقوبة, فجعل على غير المحصن مائة جلدة وتغريب عام, وحكم على المحصن بالرجم حتى الموت, ولا يخفى على ذي لب ما بين الاثنين من فرق.
6- أما عن العقوبة بالرجم حتى الموت فليس المراد منها مجرد القتل - والله أعلم - بل المراد من ذلك الزجر والردع عن الإقدام على هذه الجريمة الشنعاء في حقه وحق مجتمعه, وكذلك فيها من العبرة لمن تسول له نفسه الزنا, لذا أمر الشارع بأن يحضر حال تنفيذ الحد جماعة من المؤمنين, قال الله تعالى : { وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين }  .
7- ثم إن الإسلام لم يوجب هذه العقوبة على الزاني إلا بعد أن سد الطرق والوسائل المفضية إلى الزنا, ومن ذلك: تحريم النظر إلى المرأة الأجنبية, وتحريم الخلوة بها, وغيرها من العوامل المؤدية إلى إثارة الغرائز وتأجيج الشهوات.
وعمل على علاج ذلك بالحث على التبكير بالزواج, وتيسير أموره ومتطلباته, حتى يتم تفريغ هذه الغريزة بالشكل المناسب .





الشبهة الخامسة: الزعم بشدة حد القذف
زعم بعضهم أن حد القذف وهو الجلد ثمانين جلدة شديد قاس لا يصلح لزماننا هذا.
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
1- حد القذف حكم ثابت في الشريعة الإسلامية لا يحل لأحد تعطيله علمنا الحكمة منه أم لم نعلم.
قال الله تعالى: { والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدًا وأولئك هم الفاسقون (4) إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم (5) }  [النور4-5] .
2- حد القذف يرد للمجني عليه اعتباره, ويعيد عليه كرامته .
3- ما في هذا الحد من وقاية أعراض الناس بمنع إلصاق التهم بهم وتشويه سمعتهم .
4- ترك إقامة الحد يجرّئ السفهاء على اتهام الشرفاء, مما يزرع في المجتمع بذور الحقد والبغضاء والكراهية بين الناس, وربما أفضى بالمجني عليه إلى الانتقام بالقتل أو غيره حتى يسترد كرامته .
5- إن القاذف حين يقذف أخاه فإنه يؤلمه إيلامًا نفسيًا, فكان من المناسب إيلام القاذف بدنيًا, ونفسيًا جزاء صنيعه .
6- ولما كان القاذف يريد بقذفه تحقير المقذوف كان جزاؤه أن يحقر من الجماعة كلها, وذلك بإسقاط عدالته؛ فلا تقبل له شهادة, ويوصف بالفسق حتى يتوب توبة نصوحًا. 
7- إن الإسلام يسد جميع الأبواب المفضية إلى الزنا ويعالجها بشتى الطرق, فالرمي بالزنا وكثرة سماعه قد يهونه في النفوس مما قد يغري بهذه الجريمة, فإذا كانت نادرة الذكر في المجتمع فإنها تبقى مرهوبة لدى الناس, مستبشع الوقوع فيها, وبذلك نحافظ على نزاهة المجتمع وطهارته.

الشبهة السادسة: الزعم بأن إقامة حد السكر معارض لحرية الإنسان
زعم بعضهم أن تنفيذ حد السكر فيه انتهاك صارخ لحرية الإنسان الشخصية, وتدخل في خصوصياته, فضلاً عن ما فيه من الغلظة والقسوة التي يأباها عالمنا المتحضر اليوم .
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
1- حد السكر حكم ثابت في الشريعة الإسلامية لا يحل لأحد تعطيله علمنا الحكمة منه أم لم نعلم.
قال الله تعالى: {  يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون (90) إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون (91) } [المائدة90-91] .
عن أنس بن مالك قال: ( إن نبي الله صلى الله عليه وسلم  جلد في الخمر بالجريد والنعال, ثم جلد أبو بكر أربعين, فلما كان عمر ودنا الناس من الريف والقرى قال: ما ترون في جلد الخمر؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: أرى أن تجعلها كأخف الحدود, قال: فجلد عمر ثمانين).
2- أن الإنسان في الشريعة الإسلامية ليس له الحرية المطلقة في مأكله ومشربه, بل هنالك ما هو ممنوع من تناوله لسبب من الأسباب كالضرر والقذارة ونحوهما.
3- لقد اهتم الشارع بالحفاظ على سلامة العقل البشري, فقطع كل الوسائل المؤدية إلى تغييبه أو إتلافه .
4- حرم الشرع الإسلامي الخمر لما فيها من أضرار بالغة على الفرد والمجتمع ومن ذلك:
أ‌- الخمر تدفع بالإنسان إلى ارتكاب المعاصي والآثام والجرائم, وتعرضه لعقوبة الله تعالى في الدنيا والآخرة .
ويقول تقرير نشر عام 1980م لهيئة الصحة العالمية: إن 86 في المائة من حالات القتل, و50 في المائة من حالات الاغتصاب وجرائم العنف: تمت تحت تأثير الكحول.
ب‌- لما في شرب الخمر من الضرر البالغ على صحة الإنسان, وتؤدي إلى إتلاف الجهاز العصبي, وغير ذلك من الأمراض, كما ثبت ذلك بالطب الحديث .
يقول أحد الأطباء :" إن الخمر هي السبب المباشر وغير المباشر في خمسين في المائة من مجموع حالات الوفاة التي يفحصها بمعمل الطب الشرعي بولاية فرجينيا بالولايات المتحدة " .
ت‌- أنها تسبب العداوة والبغضاء وتصد عن ذكر الله وعن الصلاة .
ث‌- إن الخمر تضع متعاطيها في وضع مزر مهين غير لائق بالحيوان, فضلاً عن الإنسان .
ج‌- إن الخمر تحدث تغييرًا ضارًا في نفسية الإنسان, فتولد فيه الشعور بالنقص والاحتقار والقلق والاضطراب النفسي .
ح‌- أنها تجعل الإنسان يظهر بمظهر غير لائق, فتخرجه عن احتشامه ووقاره .
خ‌- أنها إسراف للمال فيما يضر ولا ينفع, يكلف الفرد والدول الخسائر الفادحة .
فقد ذكرت بعض التقارير التي نشرت عام 1980م أن فرنسا تخسر على الخمور في العام الواحد ما يربو على (سبعة آلاف مليون دولار), وأن الولايات المتحدة الأمريكية تخسر ما يربو على(ثلاثين ألف مليون دولار) سنويًا .
د‌- أنها تلهي الإنسان عن عمله وتشغله عما ينفعه ويعود عليه وعلى مجتمعه بالنفع والفائدة .
ذ‌- أنها تحوّل الإنسان إلى شخص أناني ينفق ماله على ملذاته وشهواته ويترك زوجته وأولاده دون رعاية واهتمام .
فمن ذلك كله يعلم لماذا جاء الشرع بتحريم الخمر وترتيب العقوبة الرادعة على من شربها. 




الشبهة السابعة: الزعم بقسوة حد الحرابة
زعم بعضهم أن عقوبة الحرابة عقوبة قاسية فيها إهدار لكيان الفرد المتمدن , وهي لا تناسب إنسان هذا القرن  المتحضر ولا تليق به .
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
1- حد الحرابة حكم ثابت في الشريعة الإسلامية لا يحل لأحد تعطيله علمنا الحكمة منه أم لم نعلم.
قال الله تعالى: { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم (33) إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم (34) } [المائدة 33-34] . 
2- أن الحياة الآمنة المستقرة لا يمكن أن تتحقق إلا في مجتمع ينعم بالأمن, فكان لابد من إيقاع عقاب صارم عادل لكل من يتهدد أمن المجتمع ويزعزع استقراره.
3- أن هؤلاء المحاربين أنفسهم مجرمون قد استعملوا السلاح, وروعوا النفوس, وربما فتكوا بالناس, فهم في أنفسهم قساة لارحمة في قلوبهم, فكان من عدل الشريعة أن يعاقبوا بعقاب رادع غليظ جزاء صنيعهم, وعبرة لغيرهم من أصحاب القلوب المريضة.
4- أن طبيعة هذه الجريمة تختلف عنها في باقي الجرائم بمجاوزتها الاعتبارات العادية التي تنطلق منها الجريمة, فجريمة السرقة خفيّة قد وضع لها الشرع حد القطع, لكن لما تمت هذه الجريمة تحت التهديد بالسلاح ازداد خطرها على أمن المجتمع واستقراره, فناسب أن تغلظ عقوبتها حسب نوع الجريمة .
5- أننا ندعو هؤلاء إلى النظر في حال المجتمعات الغربية والتأمل فيها بعين البصيرة والإنصاف, فقد تجرعت تلك المجتمعات - ولازالت - غصص  الجرائم المنظمة والسطو المسلح والنهب العلني والخطف الذي تقوم به عصابات منظمة في غاية القسوة والبطش, وليقارن هذا الحال بحال المملكة العربية السعودية التي تطبق أحكام الشريعة ليعلم أثر تطبيق هذا الحد وغيره من الحدود الشرعية.

الشبهة الثامنة: الزعم بأن حد الردة انتهاك الحقوق الإنسان
زعم بعضهم أن تنفيذ حد الردة يعد من التدخل في حريات الناس الفكرية, وانتهاك صارخ لحق الإنسان في التدين .
والجواب على هذه الشبهة من وجوه:
1- حد الردة حكم ثابت في الشريعة الإسلامية لا يحل لأحد تعطيله علمنا الحكمة منه أم لم نعلم.
عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله  صلىالله عليه وسلم  : (( لا يحل دم  امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس, والثيب الزاني, والمفارق لدينه التارك للجماعة )).
وعن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( من بدل دينه فاقتلوه )). 
2- لابد هنا من التنبيه على أمرين راعاهما الشارع في تنفيذ حد الردة: 
الأول: أن الإسلام يحاسب على الظواهر أما السرائر فأمرها إلى الله, وعليه فلا ينفذ حد الردة إلا فيمن جاهر بها وأعلنها وشُهد عليه بذلك, فمن أسرها في نفسه فالله حسيبه .
الثاني: قبل تنفيذ الحد لابد من استتابته ثلاثة أيام, فإن تاب وإلا نفذ الحكم.
3- إن العقيدة في الإسلام هي الأساس الذي تبنى عليه بقية الأحكام والتشريعات, ولهذا كان حفظ العقيدة أول الأمور الواجب على الدولة حمايتها.
4- أن الردة تلاعب بالدين وتعاليمه لا يرضاه الشرع, بل ينظر إليه على أنه أشد من الكفر.
5- أن في الردة دعاية خطيرة ضد الإسلام وإساءة إلى أهله, قد يمنع بها غيره من التفكير في الدخول في الإسلام, فكأن لسان حاله يقول أنه أسلم وجرب الإسلام ولكنه وجده غير صالح, وهذا مدخل لهدم الدين قد يستخدمه أعداؤه .
6- أن الإسلام يريد ممن يدخله أن يدخله عن قناعة تامة, فإن لم تحصل تلك القناعة فقد أوصد الباب في وجه المتلاعبين .
7- الردة ليست مسألة شخصية وإن بدا ظاهرها كذلك, فهو بارتداده خرج على نظام, وخروجه هذا سيكون سببًا لبلبلة هذا النظام, فالضرر لن يقتصر على المرتد نفسه, بل سيعم وينتشر في المجتمع, فالردة في الإسلام بمثابة ثورة داخلية في المجتمع المسلم .
ونحن نشاهد ما تفعله الأنظمة الأخرى عند مروق البعض منها والثورة على أفكارها ونظامها من قتل وتعذيب وملاحقة لهؤلاء.

تعليقات