القائمة الرئيسية

الصفحات



القطاع العقاري وأمان التملك في السعودية

القطاع العقاري وأمان التملك في السعودية




القطاع العقاري وأمان التملك

د . عبد المحسن بن محمد المحرج
محامي ومستشار قانوني
mohsen_mh@

تتميز الدول ذات الاقتصاد القوي بتنوع استثماراتها وخلق البيئة الآمنة لها ، وهناك أنواعٌ من الأموال تتصدر قائمة الدخل القومي لغالب الدول ، فالنفط والعقار والاتصالات والتقنية نجوم في المراكز الأُوَل ، والحديث اليوم عن قطاع العقار الذي يشكّل ثقلاً مهماً في مؤشرات الاقتصاد .

لقد حظي هذا القطاع في بلدنا المبارك بمكانة عليّة ، وله الفضل – بعد الله – على كثير من الأسر في تنامي ثرواتها بسبب سبقهم الاستثمار فيه، ومع النهضات الواضحات والطفرات القويات لاقتصاد المملكة انعكس ذلك جلياً وبشكل مباشر على قيم العقارات ، هذه الموجة السريعة فاجأت السوق فلم يواكبها رسم سياسة واضحة لضبطه ، فصار قطاعاً ثقيلاً جاذباً للاستثمار، لكنه بلا إطار تنظيمي واضح يُحكم تعاملاته .



لايشك المراقب أن أولى خطوات الأمان والجذب لهذا القطاع حين يدخل المستثمر بقلب مطمئن تجاه جميع الإجراءات التي سيمر عليها بدءاً من سلامة المستندات الأولية ، ثم شفافية ودقة طرق الدفع ، يعقبها إصدار وثيقة التملك ، بيد أن الواقع مختلف – للأسف – ، إذ إن المستثمر المواطن أو الأجنبي قد يشتري العقار وهو قلق من بعض الإشكالات التي لا تخفى على المسؤول والمستثمر ، من جهة سلامة الصكوك أو صحة تطبيق المخططات وعدم التداخل فيها .

وفي هذا المقال يصعب تعداد الملاحظ أو حصرها وإنما يكفي التنبيه على بعضها ، مصطحباً التفاؤل برؤية الجهود الحثيثة الساعية للتصحيح والتطوير وإشراك ذوي العلاقة في كل ما يخدم الوطن .



إن هذا القطاع بحاجة لجهد كبير ودؤوب لتنظيم تعاملاته وضبط حقوق المتعاملين فيه ، وهذا الجهد يراعي ( المشتري والبائع والمؤجر والمستأجر والوسيط وغيرهم ممن ترتبط مصالحه بالقطاع العقاري ) ، وأول هذه الخطوات التي طال انتظارها ” إنجاز التسجيل العيني للعقار ” هذه الخطوة التي ستبرز للجميع وضوح التملكات وستعزز من الثقة في هذا القطاع .

التسجيل للعقارات نوعان : عيني وشخصي ، والمنظم السعودي انتهج الأول ، وبدأ المشروع في محافظة حريملاء ثم في منح الخير شمال مدينة الرياض، وأعلنت وزارة الشؤون البلدية والقروية إنهاء الدراسة الاستشارية لتطبيق التسجيل العيني على كافة مناطق المملكة ، لكن الخطوات في تنفيذه تواجهه عقبات عدة ، من أوضحها ثقل المشروع وهذا مشاهد من تجارب دول عدة ، وضعف تجاوب الملاك في الكشف عن عقاراتهم ! ، أو عدم إعطاء الأمر أهميته منهم ، أو بالتوجس المعتاد لكل جديد ، وفي هذا الصدد أحث كلاً من ( وزارة العدل ووزارة الإسكان ) بتكامل الجهود ” مع اطلاعي على جزء من عملهم الجاد من خلال اللجان المشتركة بينهما “، ومما أراه مهماً في إحداث هذا التكامل” الإفادة من عقد إيجار ” لدعم وتسريع خطوات العمل في التسجيل العيني للعقار ؛ إذ إن إلزام ملاك العقارات بتأجير عقاراتهم من خلال الوسيط في ” إيجار “ سيظهر بيانات ملكية العقارات والذي سيسهم في تثبيت الخطوة الأولى من خطوات ” التسجيل العيني للعقار ” ، ولاشك أن وزارة الشؤون البلدية شريك في العمل لإنجاز هذا العمل مع الوزارات المذكورة ، ومما استجد ( الهيئة العامة للعقار ) والتي جاء في المادة الثالثة من تنظيمها أن من غرضها الأساس العمل على تنظيم النشاط العقاري غير الحكومي والإشراف عليه وتطويره لرفع كفايته وتشجيع الاستثمار فيه.



وبما أن الحديث في هذا المقال عن تحقيق الأمان في التملك العقاري ، فإن من الاقتراحات المهمة على وزارة العدل الالتفات لأرشفة سجلات العقارات ( اليدوية ) وإدخالها إلكترونياً ؛ حيث إن هذه الخطوة ستنشر بين المتعاملين في القطاع ارتياحاً كبيراً حول أصول مستندات الملكية للعقارات القديمة ، ختاماً فهذا ملمح يسير ، مع التأكيد على حاجة القطاع للمزيد من التنظيم والتكامل ، وسيتبع هذا المقال -بإذن الله – مقالات أخرى ؛ حرصاً على حفظ حقوق الناس، ومساهمة في تنظيم الثروة العقارية لهذا البلد المعطاء .

تعليقات