القائمة الرئيسية

الصفحات



شـــــــــــــروط التقاضـــــــــــي في قانون المسطرة المدنية ذان محمد بومهود و يونس الزهري.

شـــــــــــــروط التقاضـــــــــــي
في قانون المسطرة المدنية 
ذان محمد بومهود و يونس الزهري
من إعداد محمد بومهود 
قاض ملحق بوزارة العدل
يونس الزهري 
مدير تكوين الملحقين و القضاة  




تعد الدعوى الوسيلة القانونية المقررة لحماية الحق عن طريق القضاء، و رغم هذا التلازم بينها و بين الحق ، إلا أنها لا تقبل مسطريا إلا إذا استجمعت الشروط المستوجبة  قانونا ، فإن لم تستوفها توجب على القاضي إعمال الجزاء المقرر نتيجة الإخلال و هو عدم قبول الدعوى .
و شروط الدعوى إما أن تكون شروطا عامة يلزم توفرها في كل دعوى كيف كان نوعها، وإما أن تكون شروطا شكلية خاصة يلزم توفرها في بعض الدعاوى المحددة حصرا دون باقي الدعاوي .
ونظراً لأهمية هذه الشروط العامة فقد خصها المشرع بنص خاص حيث نص عليها صراحة في الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية الذي جاء فيه لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة، والأهلية، والمصلحة، لإثبات حقوقهو الإذن بالتقاضي متى كان ضروريا[1].
ولتوضيح هذه الشروط فإننا سنعالج كلا منها في نقطة مستقلة.

أ‌.     اولا: الصفـــــــة:

قرر قانون المسطرة المدنية في فصله الأول أنه لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة،  و عليه تكون القاعدة أن الصفة هي شرط لازم لصحة الدعوى من جانب المدعي، و من جانب المدعى عليه كذلك ، و هذا الشرط من متعلقات النظام العام ، و هو ما يجعل المحمة ملزمة بأن تثير من تلقاء نفسها انعدامها في أطراف الخصومة،فقد نصت الفقرة الثانية من الفصل المذكور على أنه : " يثير القاضي تلقائيا انعدام الصفة " ، و مع ذلك فإن المشرع  لم يرتب مباشرة على تخلفها سلطة القاضي في الحكم بعدم قبول الدعوى، بل تبنى نظرية القاضي الإيجابي أو القاضي الفاعل في المسطرة من خلال اشتراطه تدخل القاضي و توجيهه للمدعي من خلال إنذاره  بتصحيح المسطرة داخل أجل يحدده.
و عموما فإنه يمكن تعريف الصفة بأنها ولاية الشخص في مباشرة الدعوى ، و من تم فهي تثبت لرافع الدعوى الذي يدعي الحق لنفسه و كذا لمن ينوب عن صاحب الغير نيابة قانونية أو اتفاقية ، و هكذا نقول مثلا في دعوى إفراغ المحل السكني إن الدعوى مرفوعة من المدعي بصفته مكريا و ضد المدعى عليه بصفته مكتريا ، و نفس الشئ في دعوى الأداء من طرف بصفته دائنا ضد طرف مدعى عليه بصفته مدينا ، و في دعوى الرجوع لبيت الزوجية ترفع من الزوج ضد الزوجة ، و هكذا في غير ذلك من أمثلة الدعاوي المرفوعة من أو ضد صاحب الحق مباشرة ، و قد يكون صاحب الصفة في رفع الدعوى أو في أن ترفع ضده الدعوى محدد قانونا كما في حالة الولي أو الوصي أو المقدم .
وكمثال على ذلك نورد جواب المحكمة الابتدائية بمراكش بمناسبة ردها على دفع بانعدام صفة المدعي كمالك في دعوى رفع مضار الجوار، حيث أكدت أن الصفة تحدد من مركز المدعي كجار ولا يشترط لذلك أن يكون مالكا، وهكذا عللت حكمها وفق ما يلي:
"حيث دفعت المدعى عليها بأن المدعية لم تثبت صفتها كمالكة للمحــــــــل المذكـــــــــــور، وأن محضر المعاينة لا يفيد في ذلك، ملتمسة الحكم بعدم قبول الدعوى.






و حيث إنه و لئن كان صحيحا أنه  من القواعد المسطرية الثابتة أنه لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة لإثبات حقوقه ، فالصفة شرط  لازم  في المدعي و في المدعى عليه كذلك ، و هذا المقتضى التشريعي يقرره الفصل الأول من ق م م ، فإن المدعية احترمته في هذه الدعوى إذ أنه من  المعلوم أن صفة الطرف في دعوى رفع الضرر تنشأ من اعتباره طرفا جارا للطرف المدعي ، و عليه فكل من لم يكن جارا اعتبر أجنبيا عنه ، و بالتالي غير ذي صفة لأن يختصم بشأن الالتزامات الناشئة عن الجوار ، و في النازلة فالمدعى عليها أقرت بعلاقة الجوار  و أنها  المالكة للمنزل المجاور لسكن المدعية ،و من تم فإن الدعوى جاءت سليمة من الناحية الإجرائية " [2].
و من الأمثلة المتعلقة بالصفة نورد مثال الدائن الذي يطالب بإبطال التصرف المنجز من طرف مدينه للصورية، فهنا لا بد من ثبوت صفة الدائنة، و لا يمكن القول بأنه منعدم الصفة لأنه لم يكن طرفا في العقد موضوع طلب الإبطال، و هذا ما قررته المحكمة الابتدائية بمراكش التي جاء في حكم لها ما يلي :
" حيث دفعت المدعى عليها الثانية بأنها غير ذات صفة في الدعوى فهي ليست دائنة و لا مدينة لأي من طرفي الدعوى ،و أنها لا علاقة لها بالنزاع ، وأن العقود لا تنفع و لا ضر إلا من كان طرفا فيها طبقا للفصل 228 من ق ل ع ، و أن إبطال العقود يجب أن يتم من الأطراف المتعاقدة مباشرة لا من طرف الغير و هو ما يوجب الحكم بعدم قبول الدعوى .
و حيث إنه و لئن كان صحيحا أنه من القواعد المسطرية الثابتة أنه لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة لإثبات حقوقه ، فالصفة شرط  لازم  في المدعي و في المدعى عليه كذلك ، و هذا المقتضى التشريعي يقرره الفصل الأول من ق م م ، و من المعلوم أن صفة الطرف الملتزم عقديا تنشأ من اعتباره طرفا فيه ، و عليه فكل من لم يكن طرفا في العقد اعتبر أجنبيا عنه ، و بالتالي غير ذي صفة لأن يختصم بشأن الالتزامات الناشئة عنه ، فإنه و لئن كان كل هذا صحيحا فإنه يجب أن نستحضر الإطار الذي رفعت فيه الدعوى الحالية و الذي يجعلها غير محكومة بهذه القاعدة المثارة كدفع ، فنحن في النازلة أمام دعوى الصورية أو الدعوى البوليانبة كما تسمى في بعض الأدبيات الفقهية ، و خاصية هذه الدعوى أنها دعوى يباشرها الدائن بهدف إبطال التصرفات التي يجريها مدينه و التي من شأنها أن تهدد مبدأ الضمان العام المقرر لفائدته ، و من تم فصفة الإدعاء فيها تكون مقررة ضد الطرف الذي أجري له التصرف و ينضاف إليه كذلك المدين الذي أجرى التصرف ،و هو التوجه الذي أقره قضاء النقض فقد جاء في قرار للمجلس الأعلى بتاريخ19/10/1977 تحت عدد 523  منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 44 صفحة 171 ما يلي :
" بمقتضى الفصل 1241 من ق ل ع فإن أموال المدين تشكل الضمان العام لدائنيه، وبمقتضى الفصل 228 من ق ل ع فإن العقود لا تلزم إلا أطرافها فهي لا تنفع الغير ولا تضرهم إلا في الحالات المذكورة في القانون.
للدائن حق الاعتراض على الاتفاقات التي يبرمها مدينه مع الغير قصد الإضرار به بحقوقه ".
وجاء في قرار آخر للمجلس الأعلى بتاريخ 20/11/2002 تحت عدد 3537 في الملف المدني عدد 568/1/2/02 منشور بكتاب قضاء المجلس الأعلى في قانون الالتزامات والعقود لصاحبه عبد العزيز توفيق صفحة 275 ما يلي:
" إن دائنية المدعي تمنحه الصفة للطعن في عقد صوري أبرمه مدينه إضرارا به " .
و حيث إنه في كل هذا رد على الدفع المثار" [3] .
و هنا لابد من الإشارة إلى إشكال يثار بحدة على مستوى الواقع العملي و هو فك التداخل و التلازم بين مسألة إثبات الصفة و إثبات الحق ، فمثلا إذا رفع المدعي دعوى يطالب من خلالها باستحقاق عقار ، و لم يدل برسم استمرار لإثبات ذلك ، فإن صفته هنا تكون ثابتة طالما أنه يدعي الحق لنفسه ، أما الإدلاء برسم الملكية فإنه يتعلق بإثبات الحق و هو أمر مختلف عن إثبات الصفة ، و عليه فإن المدعي يكون ـــ مبدئيا ــــ معفى من إثبات الصفة متى ادعى الحق لنفسه ، و بالمقابل يكون ملزما بإثباتها متى رفع الدعوى مطالبا بحق ليس له ، كما هو شأن الدعوى المرفوعة من الولي أو الوصي أو المقدم ،    أو الدعوى المرفوعة من الوكيل ، فهذه يلزم فيها المدعي بإثبات صفته .
وبيانا لهذا التمييز جاء في قرار للمجلس الأعلى ـــ محكمة النقض ـــ ما يلي:
" إن المدعي أي الطالب لا يدعي الحق لغيره، و أنه ينسب المدعى فيه لنفسه و يدعي تملكه، و هذا كاف لاعتبار صفته في التقاضي متوفرة، و لك بقطع النظر عن إثبات التملك الذي يتعلق بمحل الحق نفسه، سيما و أن المحكمة اعتبرت الدعوى حيازية تهدف إلى استرداد الحيازة التي لا يتوقف الإثبات فيها على حجة التملك بل تثبت بجميع وسائل الإثبات، و لذلك فإن المحكمة عندما اعتبرت الطالب ــــ في هذه الحالة ــــ و بصفته مدعيا لا يتوفر على صفة التقاضي تكون قد خرقت مقتضيات الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية " [4].
و ينبغي التمييز بين الصفة و التمثيل في الدعوى، فقد يستحيل على صاحب الصفة في الدعوى مباشرتها شخصيا بسبب عذر مشروع، في هذه الحالة يسمح له القانون بأن ينيب عنه شخصا آخر لتمثيله في الإجراءات [5]،  و هنا يرفع الدعوى الطرف النائب بصفته وكيلا و يلزمه أن يثبت  وكالته عن صاحب الحق  ، علما  أنه لا يحق للوكيل أن يباشر الدعوى نيابة عن الأصيل إلا بمقتضى وكالة خاصة بالتقاضي ، و نشير هنا إلى أنه يجب إثبات هذه النيابة بسند رسمي، أو عرفي مصادق على صحة توقيعه بصفة قانونية، أو بتصريح شفوي يدلي به الطرف شخصيا أمام القاضي بمحضر وكيله.
وتطبيقا لذلك جاء في حكم للمحكمة الابتدائية بمراكش ما يلي:
" حيث إن طلب المدعية أصليا يرمي إلى الحكم بطرد المدعى عليها و من يقوم مقامها أو بإذنها من المدعى فيه تحت طائلة غرامة تهديدية 1000,00 درهم عن كل يوم تأخير مع النفاذ المعجل  و تحميل المدعى عليها الصائر ، في حين أن الطلب المعارض يرمي إلى الطعن في عقد الشراء المستدل به من الطرف البائع بالزور الفرعي .
وحيث إنه من القواعد المسطرية الثابتة أنه لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة لإثبات حقوقه، فالصفة شرط لازم في المدعي وفي المدعى عليه كذلك، وهذا المقتضى التشريعي يقرره الفصل الأول من ق م م، ومن المعلوم أن صفة الطرف الملتزم عقديا تنشأ من اعتباره طرفا فيه.
وحيث إن الثابت من الاطلاع على العقد المطلوب تنفيذ التزاماته والمؤرخ في 16/04/2010 أن المدعى عليها لم تبرم هذا العقد بصفتها الشخصية بل بصفتها وكيلة عن والدها مولاي امبارك الغطاس المالك للعقار المدعى فيه، وعليه فإن سلامة المسطرة توجب اختصام هذا المتعاقد بصفة شخصية لا توجيه الدعوى ضد وكيله،وهذا الحكم قرره الفصل 921 من ق ل ع الذي يجري سياقه الحرفي على ما يلي:
" الوكيل الذي يتعاقد بصفته وكيلا في حدود وكالته لا يتحمل شخصيا أي التزام تجاه من يتعاقد معهم، ولا يسوغ لهؤلاء الرجوع إلا ضد الموكل ".
وحيث إنه وتطبيقا لهذا المقتضى الصريح فقد نص الفصل 922 من ذات القانون على أنه: "ليس للغير أية دعوى على الوكيل بوصفه هذا، من أجل إلزامه بتنفيذ الوكالة ..." وحيث إنه اعتبارا لذلك يكون الطلب الأصلي غير مقبول شكلا ويلزم التصريح بذلك.
و حيث إن الطلب المعارض له نفس المآل على اعتبار أن الطلب الأصلي قضي بعدم قبوله و بالتالي فلا داعي للبت في طلب الزور لأن الحكم في النازلة لا يتوقف على ذلك ، و من جهة ثانية لأن المدعى عليها لا تملك صلاحية لتقاضي في موضوع الوكالة بدون إذن صريح من الموكل و ذلك طبق للفصل   894من ق ل ع الذي يجري سياقه الحرفي على ما يلي: " لا يجوز للوكيل، أيا ما كان مدى صلاحياته، بغير إذن صريح من الموكل توجيه اليمين الحاسمة، ولا إجراء الإقرار القضائي، ولا الدفاع أمام القضاء في جوهر الدعوى، ولا قبول الحكم أو التنازل عنه، ولا قبول التحكيم أو إجراء الصلح، ولا الإبراء من الدين، ولا تفويت عقار أو حق عقاري ولا إنشاء الرهن رسميا كان أم حيازيا، ولا شطب الرهن أو التنازل عن الضمان ما لم يكن ذلك في مقابل الوفاء بالدين، ولا إجراء التبرعات ولا شراء أو تفويت لأصل تجاري أو تصفيته. ولا التعاقد على إنشاء شركة أو شياع، وكل ذلك ماعدا الحالات التي يستثنيها القانون صراحة" [6].
والصفة كما هي شرط لازم في المدعي فهي شرط لازم في المدعى عليه، ذلك أنه من المبادئ الثابتة مسطريا أنه لا تصح الدعوى إلا إذا رفعت من طرف ذي صفة على ذي صفة، فالمشرع كما يشترط توفر عنصر الصفة في المدعي وإلا تم الحكم بعدم قبول الدعوى، يشترط أيضا قيام عنصر الصفة لدى المدعي عليه وإن تعددوا إذ يشترط لصحة عنصر الصفة أن ترفع ضد:
* من يكون معنيا بالخصومة كدعوى العامل ضد رب العمل، أو زوجة ضد زوجها، أو المكري ضد المكتري ؛
* ممن يجوز مقاضاتهم، فلا تقبل الدعوى ضد فاقد الأهلية لتعلق ذلك بحق الدفاع أو ضد مؤسسة لا تملك الشخصية المعنوية، أو ضد موظف يتمتع بالحصانة الدبلوماسية.
ومما تجب ملاحظته في هذا الإطار أن الفصل 515 من ق. م. م أعطى صلاحية تمثيل الدولة أمام القضاء عندما تكون مدعى عليها كما يلي:
1 -الدولة، في شخص رئيس الحكومة وله أن يكلف بتمثيله الوزير المختص عند الاقتضاء؛
2 -الخزينة، في شخص الخازن العام؛
3 -الجماعات المحلية، في شخص العامل بالنسبة للعمالات والأقاليم، وفي شخص رئيس المجلس القروي بالنسبة للجماعات؛
4 -المؤسسات العمومية، في شخص ممثلها القانوني؛
5-المديرية العامة للضرائب، في شخص المدير العام للضرائب فيما يخص النزاعات المتعلقة بالقضايا الجبائية التي تدخل ضمن اختصاصاتها؛
6-مديرية أملاك الدولة، في شخص مدير أملاك الدولة فيما يخص النزاعات التي تهم الملك الخاص للدولة.




ب‌.         ثانيا-المصلحـــــــــــة:

تعد المصلحة شرطا لازما لقبول الدعوى، حيث إنه يجب أن تكون للمدعي مصلحة في مباشرة دعواه، بل إن أكثر من ذلك فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن المصلحة ليست شرطا لقبول الدعوى وإنما هي أساسها أي بمعنى أساس وجودها، وحجتهم في ذلك أنه لا توجد دعوى حيث لا توجد مصلحة، وهناك اتجاه آخر يؤيد الاتجاه الأول بقوله إن شروط قبول الدعوى ترجع إلى شرط واحد وهو شرط المصلحة. وقد أورد المشرع المغربي المصلحة في التقاضي حين نص على ان التقاضي لا يصح إلا ممن له الصفة  والمصلحة، لإثبات حقوقه. وأوجب القانون على القاضي اثارتها تلقائيا و إلا تعرضت الدعوى لعدم القبول شكلا.
وقد طرح الفقهاء إشكالا يرتبط بالعلاقة بين المصلحة والصفة وهل وجود أحدهما يغني عن الآخر، بمعنى هل العلاقة بينهما علاقة استقلالية أم علاقة تداخل؟ فانقسموا إلى اتجاهين، فريق أول يعتبر أن بين المصلحة و الصفة تداخلا مطلقا، مؤكدا على أنه ليس تمة فرق بين الصفة والمصلحة،و تبعا لذلك خلص إلى أن وجود الصفة يفرض حتما وجود المصلحة، في حين لم يسلم باقي الفقه بهذا التصور، معتبرا أن بين الصفة و المصلة علاقة استقلال، و من تم فإن سلامة الدعوى توجب توفرهما معا، و قد انتصر المشرع المغربي لهذا الموقف الثاني حيث أقر قاعدة مضمنها أنه لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة و المصلحة لإثبات حقوقه.
وهكذا، يمكننا أن نسوق من العمل القضائي نازلة اعتبر فيها الأبناء أن والدهم قد لحقه غبن من التصرف في عقاره، وهو ما من شأنه أن يضر بمصالحهم، فرفعوا دعوى رامية إلى فسخ البيع، والحال أن والدهم لازال على قيد الحياة، فصرحت المحكمة بعدم قبول دعواهم بعلة أنهم وإن كانت لهم الصفة في رفع الدعوى، فإنهم لا صفة لهم فيها، ومما عللت به المحكمة قضاءها ما يلي: 
" و حيث إنه من القواعد المسطرية الثابتة أنه لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة لإثبات حقوقه ، فالصفة شرط  لازم  في المدعي و في المدعى عليه كذلك ، و هذا المقتضى التشريعي يقرره الفصل الأول من ق م م ، و من المعلوم أن صفة الطرف الملتزم عقديا تنشأ من اعتباره طرفا فيه ، و عليه فكل من لم يكن طرفا في العقد اعتبر أجنبيا عنه ، و بالتالي غير ذي صفة لأن يختصم بشأن الالتزامات الناشئة عنه ، و في النازلة فالمدعى عليهم ليسوا طرفا في العقد المطلوب إبطاله ، و الذي يجمع بين المدعى عليه من جهة و ووالدهم  من جهة ، و من تم فإن سلامة الدعوى من الناحية الإجرائية كانت تفترض توجيهها من طرف هذا الأخير  لا توجيهها من  المدعيين  طالما أنهم ليسوا طرفا في العقد من جهة و لأنهم لم يحلوا محل البائع اتفاقا أو قانونا مع العلم أن النيابة تتخذ عدة أشكال فهي إما قانونية و إما اتفاقية ، أي إما أن تكون في إطار الولاية أو الوصاية أو التقديم و إما أن تكون بمقتضى وكالة ، و الحال أنه بذكرهم فالبائع لا زال على قيد الحياة و من تم فهو الوحيد المؤهل لمباشرة الدعاوي الخاصة به ،و عليه تكون الدعوى المرفوعة في هذا الإطار غير مقبولة و يلزم التصريح بذلك" [7].

1-تعريـــــــــف المصلحــــــــــــــــــــة:

يقصد بالمصلحة المنفعة أو الفائدة التي تعود على رافع الدعوى من الحكم له قضائيا على طلباته كلها أو بعضها، أو بمعنى آخر هي الحاجة إلى الحماية القضائية، والعلة من هذا الشرط أن المحاكم لم توجد لإعطاء استشارات قانونية للمتخاصمين بل لا بد للمدعي من مصلحة، وشروط معينة لدخول باب القضاء، فمن دون هذه المصلحة لا يملك المدعي هذا الحق، فالمصلحة هي الضابط القانوني لضمان جدية الدعوى وعدم خروجها عن الغاية التي رسمها القانون لها.

2-شـــــــــــــــــروط المصلحـــــــــــــة:

لا يكفي لقبول الدعوى أن يكون لصاحبها مصلحة في رفعها بل يجب أن تتوفر هذه المصلحة على مجموعة من الشروط حتى تكون صحيحة وجديرة بالاعتبار في نظر القانون، وهذه الشروط هي:

أ-المصلحــــــــــةالقانونيــــــــــــــــة

ويقصد بهذا الشرط أن تكون للمدعي مصلحة في رفع دعواه ،  وهو التمسك بحق أو بمركز قانوني، أو بتعبير آخر يجب أن تكون مصلحة المدعي مستندة إلى حق قانوني، أو تهدف إلى الاعتراف بهذا المركز، أو ذلك الحق، أو إلى حمايته.
والمصلحة القانونية قد تكون مادية كالمطالبة بالتعويض عن دين محدد الأجل ، أو مطالبة الأم بتعويض عن قتل وليدها . والعلة من وجوب توفر شرط قانونية المصلحة تكمن في كون وظيفة القضاء حماية النظام القانوني من خلال حماية الحقوقوالمراكز القانونية ، ولذلك لا تقبل الدعوى إلا إذا كانت تهدف إلى حماية حق أو مركز قانوني.
وفي المقابل يقضي شرط المصلحة القانونية استبعاد المصالح غير القانونية كالمصلحة الاقتصادية، المصلحة الأخلاقية والمصلحة غير المشروعة.

ب -المصلحة قائمة وحالة أو محتملة:

يقصد بهذا الشرط أن تكون المصلحة قانونية موجودة وقت رفع الدعوى وأثناء مباشرتها، بمعنى أن يكون الحق الذي تحميه موجوداً ومستحق الأداء، ومن تم فإذا علق الحق على شرط واقف فلا تقبل الدعوى قبل تحقق الشرط الواقف، لأن الحق في هذه الحالة محتمل الوجود، وكذلك إذا أضيف إلى أجل واقف فإنه رغم وجوده في هذه الحالة إلا أنه غير نافذ، أما إذا حل الأجل وكان الحق منذ نشأته منجزاً فإنه يكون مستحق الأداء.
و في المقابل فإن الدائن تكون له مصلحة ــــ حتى قبل حلول أجل استحقاق الدين ــــ في أن يطالب بتوقيع إجراءات تحفظية على أموال المدين[8] ، و عليه يحق له أن يطالب بإجراء تحفظي تأسيسا على مقتضيات الفصل 452 من ق م م .
  ج ـ المصلحة المشتركة في الدعوى:
يطرح هذا الشرح في الحالة التي يتعدد فيها الطرف المدعي أو المدعى عليه، وهنا يشترط لسلامة الدعوى أن تكون هناك مصلحة مشتركة تبرر اختصام المدعى عليهم وجمعهم في دعوى واحدة، فإن لم تتوحد المصلحة لم يكن من الجائز اختصامهم في دعوى واحدة، وكمثال على حالة المصلحة المشتركة دعوى القسمة، حيث يتعين توجيه الدعوى ضد جميع الشركاء في إطار إعمال قاعدة جمع الخصوم.
إذن عند انتفاء المصلحة المشتركة بين الخصوم فإن المحكمة تصرح بعدم قبول الدعوى، وكمثال على ذلك نورد حكم المحكمة الابتدائية بمراكش، والذي جاء فيه:
" و حيث إن الثابت من معطيات النازلة  أن الدعوى قدمت ضد شخصين مختلفين كل منها يتصرف في محل مستقل ، و رغم ذلك فقد تقدمت المدعية ضدهما  بدعوى واحدة و قد أكدت من خلالها أن  المدعى عليه الأول احتل جزءا من العقار مساحتـــــــــــــه 800,00 متــــــــــرو هي عبارة عن دار و مقهى تقليدي مستخرج منه دكان ، كما أن المدعى علليه الثاني فاحتل مساحة تقدر ب 150 متر مربع ، و التمست الحكم بطردهما و على كل واحد منهما بتعويض عن مدة تختلف عن المدة المطلوب التعويض عنها بالنسبة للآخر ، و الحال أنه من المعلوم أن الدعوى لا تقبل من الخصوم المتعددين إلا كانت هناك مصلحة مشتركة تجمعهم في الدعوى ،فمن غير المقبول أن يعمد المدعي بإرادته المنفردة إلى جمع خصوم دون مبرر للجمع و دون أن تكون مصلحتهم تبرر ذلك ، و هو الأمر غير الثابت في النازلة، و بالتالي تكون الدعوى غير مقبولة " [9].

ت‌.          ثالثـــــــــا: الأهليــــــــــــــــــــــــــة:

إن الأهلية القانونية هي شرط من شروط رفع الدعوى حيث يقرر القاضي من تلقاء نفسه انعدامها وهي السلطة التي خولها له المشرع المغربي في الفصل الاول من ق م م. لا يصح التقاضي إلا ممن له والأهلية، لإثبات حقوقه. وينذر الطرف بتصحيح المسطرة داخل أجل يحدده.







1-تعريـــــــــــــف الأهليــــــــــــة:

يقصد بالأهلية صلاحية الشخص في اكتساب المراكز القانونية في الخصومة ومباشرتها وممارسة إجراءاتها.

2-أنـــــــــواع الأهليــــــــــــــــة:

من المعروف بأن الأهلية في القانون أو الأهلية القانونية يتم تقسيمها وتصنيفها إلى نوعان: النوع الأول هو أهلية الوجوب والنوع الثاني هو أهلية الأداء.

أ-أهليـــــــــــة الوجــــــــــوب:

وهي الأهلية التي تثبت للشخص بمجرد ولادته حيا ويعبر عنها بأهلية الاختصام في المجال الإجرائي وتعني صلاحية الشخص لاكتساب المركز القانوني بما يتضمن من حقوق وواجبات إجرائية، والقاعدة العامة أن كل شخص قانوني أهل لكي يكون خصما سواء كان شخصا طبيعيا أو معنويا، وحين تنتفي الشخصية القانونية تنتفي أهلية الاختصام القانونية، فلا يجوز لمجموعة من الأشخاص التيلا تتمتع بالشخصية المعنوية أن ترفع دعوى دفاعا عن مصالحها المشتركة باسم المجموعة.
وعند انعدام أهلية الوجوب فإنه لا يمكن للشخص أن يباشر إجراءات التقاضي بنفسه، وإنما يلزمه مباشرتها عن طريق ممثله القانوني من ولي أو وصي أو مقدم حسب المادة 230 من مدونة الأسرة.

ب-أهليــــــــــــة الأداء:

يقصد بأهلية الأداء أو ما يسمى بأهلية التقاضي صلاحية الشخص للقيام بأعمال إجرائية أمام القضاء،والقاعدة العامة أن يكتسب الشخص الطبيعي أهلية التقاضي ببلوغه سن الرشد وهو 18 سنة بحسب ما نصت عليه المادة 209 من مدونة الأسرة، وعليه فلو رفعت الدعوى من أو ضد طرف لا أهلية له، فإن المحكمة تصرح بعدم قبولها متى بقي الإنذار الموجه للمدعي بإصلاح المسطرة بدون جدوى.
وفي هذا الإطار جاء في حكم للمحكمة الابتدائية بمراكش ما يلي:
" و حيث دفعت المدعى عليها أن الدعوى رفعت من طرف السيد مصطفى و الحال أنه قد توفي حسب البين من شهادة الوفاة الخاصة به .
وحيث إنه لسلامة الدعوى من الناحية المسطرية فإنه يلزم توجيهها ضد من له الأهلية، والحال أن الطرف المدعي أصليا والمدعى عليه فرعيا مصطفى قد توفي حسب اشهادة الوفاة المدلى بها من طرف المدعى عليها.
و حيث إنه و خلافا لمضمون و ماهية القواعد أعلاه فإن المدعي وجه الدعوى ضد ميت و الحال أن أهلية الشخص تدور مع حياته وجودا و عدما، و أن المحكمة لما عاينت هذا الخلل المسطري أنذرت المدعي بإصلاح المسطرة بدون جدوى، و عليه تكون الدعوى غير مقبولة في شقها الأصلي، و نفس المآل للطلب المعارض على اعتبار أن المدعى عليها و إن كانت قد عاينت الخلل أعلاه فقد اختصمت الهالك بمقالها المعارض حيث وجهت الدعوى ضد السيد حفيظ و من معه " [10].
غير أنه من الناحية الإجرائية، فإذا كان شرط أهلية التقاضي يجب توافره في طرفي الدعوى وقت رفعها، فإنه يتعين بقاؤها خلال جميع درجات التقاضي، فإن تغيرت بوفاة الطرف مثلا فإن يبت في القضية على حالتها إن كانت القضية جاهزة، وذلك طبقا للفصل 114 من ق م م الذي ينص على ما يلي:
"لا تؤخر وفاة الأطراف أو تغيير وضعيتهم بالنسبة إلى الأهلية الحكم في الدعوى إذا كانت جاهزة".
أما إذا لم تكن جاهزة، فإن القاضي يستدعي الورثة لمواصلة الدعوى تأسسا على مقتضيات الفصل 115 من ذات القانون الذي ينص على أن:
" يستدعي القاضي بمجرد علمه بوفاة أحد الأطراف أو بتغيير وضعيته بالنسبة إلى الأهلية سواء شفويا أو بإشعار يوجه وفق الشروط المنصوص عليها في الفصول 37، 38، 39 من لهم الصفة في مواصلة الدعوى للقيام بذلك إذا لم تكن الدعوى جاهزة للحكم".
وهذه القاعدة تعرف بعض الاستثناءات، بمقتضاها يجوز للقاصر أن يباشر الدعوى بصفة شخصية، كما هو الشأن بالنسبة لحالة الزوج أو الزوجة القاصر، إذ يكتسبان بمجرد إبرام العقد الأهلية في رفع الدعوى والتقاضي بشأن الحقوق والالتزامات الناتجة عن عقد الزواج. كما نصت على ذلك المادة 20 من مدونة الأسرة ، و تفريعا على ذلك فقد أقر العمل القضائي مكنة قبول الدعوى المرفوعة من القاصر شخصيا في مواجهة الملزم بالإنفاق عليه و ذلك دون حاجة إلى تمثيله في الدعوى من طرف نائبه القانوني، اعتبارا لأن الطرف المدعى عليه قد يكون هو النائب الشرعي نفسه .
ومن استثناءات قاعدة اشتراط الأهلية حالة القاصر المرشد، حيث يصير كامل الأهلية في حدود ما تم ترشيده بخصوصه، وعليه يحق له أن يتقاضى بشأنه مباشرة من دون حاجة لتمثيله في الدعوى من طرف وليه، والسند التشريعي في ذلك هو مقتضيات المادة 218 من مدونة الأسرة التي جري سياقها الحرفي على ما يلي:
" إذا بلغ القاصر السادسة من عمره جاز له أن يطلب من المحكمة ترشيده.
يمكن للنائب الشرعي أن يطلب من المحكمة ترشد القاصر الذي بلغ السن المذكورة أعلاه، إذا آنس منه الرشد ".
وبخصوص أهلية الشخص المعنوي او الاعتباري فإنها تنبني على التمثيل القانوني، فإذا تم رفع الدعوى من قبل ممثليهم القانونيين اعتبرت الدعوى مقبولة شكلا: كالمديرأو رئيس المجلس الإداري بالنسبة للشركة، والعامل بالنسبة للعمالة أو الإقليم.

ث‌.          رابعا: الإذن بالتقاضي:

لقد نص المشرع المغربي في الفصل الأول من قانون المسطرة المدنية في الفقرة الثانية منه على ما يلي: "يثير القاضي تلقائيا انعدام الصفة أو الأهلية أو المصلحة أو الإذنبالتقاضي إذا كان ضروريا، وينذر الطرف بتصحيح المسطرة داخل أجل يحدده، وبذلك يكون الإذن ضروريا في بعض الدعاوى لقبولها، وبالتالي على رافع الدعوى أن يتحقق قبل رفع دعواه أنه قام إلى جانب الشروط الأخرى من مصلحة وصفة وأهلية باستيفاء هذا الشرط على اعتبار أن المشرع منح للقاضي سلطة إثارته من تلقاء نفسه وهو ما يدخل ضمن السلطة التقديرية للقاضي.
ومن الأمثلة على الدعاوى التي تحتاج إلى الإذن، ما نص عليه الفصل الخامس من الظهير الشريف المؤرخ في 26 رجب 1337 (27 أبريل 1919) بشأن تنظيم الوصاية الإدارية على الجماعات وضبط تدبير شؤون الأملاك الجماعية وتفويتها (كما تم تعديله وتتميمــــــــــــــــــــــــــــــــه): "(ظهير 12 رمضان 1382 – 6 فبراير 1963) لا يمكن للجماعات أن تقيم أو تؤدي في الميدان العقاري أية دعوى قصد المحافظة على مصالحها الجماعية، ولا أن تطلب التحفيظ إلا بإذن من الوصي وبواسطة مندوب أو مندوبين معينين ضمن الشروط المحددة في الفصل 2.
على أن الجماعات المذكورة يمكنها أن تتعرض بدون رخصة على التحفيظ الذي طلبه الغير، بيد أن رفع هذا التعرض كلا أو بعضا لا يمكن أن يقع إلا بإذن من الوصي.
وإذا وقع تحفيظ أرض جماعية، فإن الرسم العقاري يحرره المحافظ على الأملاك العقارية في اسم الجماعة المالكة مع بيان القبيلة التي تنتمي إليها هذه الجماعة إذا اقتضى الحال ذلك.
ويؤهل وزير الداخلية عند الحاجة ليعمل وحده باسم الجماعة التي هو وصي عليها.
وتدفع صوائر المرافعات مسبقا من طرف الجماعة المعنية، وتتحملها نهائيا عند الاقتضاء.
وتطبيقا لذلك جاء في قرار لمحكمة الاستئناف ما يلي:
"  حيث استأنفت الطاعنة الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية و القاضي بعدم قبول طلبها بعلة أنه سبق لهما أن التمسا من المحكمة إمهالهما للإدلاء بالإذن بالترافع خاصة و أن مسطرة الحصول عليه تتطلب إذنا من وزارة الداخلية و يتعين الإدلاء برقم الملف المفتوح أمام المحكمة ، ثم يقدم الطلب إلى السلطة المحلية التي تحيله بالطريقة الإدارية ، و أن المحكمة الابتدائية لم تأخذ ما ذكر بعين الاعتبار و حجزت القضية للمداولة ، و أنها حصلت على الإذن بالترافع بتاريخ 11/06/2015، أي في الوقت الذي كان فيه الملف محجوزا للمداولة ، و أنهما توصلا بالإذن في نفس يوم صدور الحكم و هو يوم 30/06/2015،  ملتمسين إلغاء الحكم الابتدائي و و إرجاع الملف للمحكمة مصدرة الحكم للبت فيه من جديد طبقا للقانون.
و حيث إنه بالرجوع إلى الحكم المستأنف نجده أنه قد قضى بعدم قبول طلب الاستحقاق المقدم من الجماعة السلالية بعلة أنه لم يدل للمحكمة المصدرة له بالإذن بالترافع عملا بالفصل 5 من ظهير 27/04/1919 ، و هي علة صحيحة و تأسيس الحكم عليها يبقى تأسيسا على صحيح القانون ، و المحكمة المصدرة للحكم لم تخرق حقوق الدفاع لما اعتبرت القضية جاهزة للحكم و رفضت منح المستأنفين مهلة إضافية للإدلاء بالإذن بالتقاضي ذلك أنه بالرجوع إلى محضر الجلسة الخاص بالمرحلة الابتدائية يتبين أنه سبق للمستأنفين أن التمسا مهلة للإدلاء بالإذن المذكور فتم إمهالهم من جلسة 25/05/2015 إلى جلسة 15/06/2015 ، و بالتالي تكون المحكمة الابتدائية قد احترمت حقوق الدفاع و لم تخرقها ، و بالتالي فما بالوسيلة غير ذي أساس .
و حيث إنه و لئن كان الحكم المطعون فيه لم يخرق أي ضابط قانوني فإن المسـتأنفين قد أدليا خلال المرحلة الاستئنافية بالإذن بالتقاضي المشترط قانونا، و هو حق مقرر لهما بناء على الأثر الناشر للاستئناف، و من تم تعتبر الدعوى قد أقيمت بصفة صحيحة، و هو ما يجعلها مقبولة، غير أنها لما كانت غير جاهزة للبت و أن من شأن البت فيها من طرف محكمة الاستئناف إهدار مبدأ التقاضي على درجتين، فإنه يتعين إرجاع الملف إلى المحكمة المصدرة للحكم " [11].
و من أمثلة اشتراط الإذن بالتقاضي الحالة المنصوص عليها في القانون المنظم للملكية المشتركة، حيث لا يجوز لوكيل اتحاد الملاك رفع أي دعوى إلا بعد الحصول على إذن من الجمع العام [12]، و عليه فكل دعوى رفعت من وكيل الاتحاد قبل الحصول على الإذن المذكور يكون مآلها الحكم بعدم قبولها متى بقي الإنذار الموجه للمدعي بإصلاح دعواه بدون جدوى.
وتطبيقا لذلك قضت المحكمة الابتدائية بمراكش:
" حيث إن طلب المدعي يرمي إلى الحكم الحكم برفع الضرر وذلك بإغلاق الباب والنافذة اللتان أحدثهما المدعى عليه وإزالة اللوحات الإشهارية تحت طائلة غرامة تهديدية   قدرها مع 1000 درهم عن كل يوم تأخير والنفاذ المعجل والإكراه البدني في الأقصى والنفاذ المعجل وتحميل المدعى عليه الصائر واحتياطيا الأمر بإجراء بحث.
وأرفق مقاله بوصل إيداع نهائي ولائحة بأسماء الملاك المشتركين وشكاية إلى القائد وصورة من القانون الأساسي ومحضر معاينة.
و حيث إنه يشترط لصحة الدعوى المرفوعة من وكيل اتحاد الملاك  باسم اتحاد الملاك فإنه يلزمه أن يحصل على الإذن بالتقاضي المستوجب بموجب المادتين 20 و 26 من القانون المنظم للملكية المشتركة، و الحال أنه بالرجوع إلى وثائق الملف يتبين أن وكيل الاتحاد لم  يحصل على الإذن برفع الدعوى من الجمع العام للاتحاد و بذلك فإنه لم يحترم  الشرط  المذكور في الدعوى الحالية ، أن ما عقب به المدعي من أن صفته ثابتة بمجرد انتخابه و أنه لا يحتاج للرجوع إلى الجمع العام للإذن له بذلك هو رد لا يستقيم و صحيح القانون المذكور بمقتضى الفصلين ، و عليه تكون الدعوى غير مقبولة "[13] .
الحكم في الدفع بتخلف الشروط الشكلية للدعوى:
يستنتج من خلال ما جاء أعلاه عن الشروط العامة للدعوى أن القاضي يثير تلقائيا انعدام الصفة، أو الأهلية، أو المصلحة، وينذر الطرف بتصحيح المسطرة داخل أجل يحدده، وإذا تم تصحيح المسطرة، اعتبرت الدعوى كأنها أقيمت بصفة صحيحة طبقا للفصل الأول من قانون المسطرة المدنية، فإن صرح القاضي بعدم قبول الدعوى من دون أن ينذر الطرف بإصلاح المسطرة فإنه يكون حكمه خارقا للقانون، وفي المقابل فإنه إذا تم تدارك الخلل، وأصلحت المسطرة، فإن الدعوى تعتبر وكأنها أقيمت صحيحة منذ البداية. وهو المعنى الذي يفهم من صريح الفصل 1 من ق م م الذي جاء فيه:
إذا تم تصحيح المسطرة اعتبرت الدعوى كأنها أقيمت بصفة صحيحة. وإلا صرح القاضيبعدم قبول الدعوى" .
و عليه فإن القاضي إن حكم بعدم قبول الدعوى لثبوت أحد الإخلالات أعلاد دون أن ينذر الطرف بإصلاح المسطرة يكون قد خرق القانون ، و هو ما يعرض حكمه للإلغاء ، و هو المبدأ الذي أعمله المجلس الأعلى ـــ محكمة النقض حاليا ــــ في قرا له جاء فيه ما يلي :
" إن الفقرة الثانية من الفصل 1 من ق م م تنص علىالقاضييثير تلقائيا انعدام الصفة أو الأهلية أو المصلحة أو الإذن بالتقاضي إن كان ضروريا وينذر الطرف بتصحيح المسطرة داخل أجل يحدده ، و أن المشرع قد اعتبر الإجراء المسطري المتعلق بتوجيه إنذار شرطا أساسيا قبل التصريح بعدم القبول ، و أنه لا يمكن أن يغني بالتالي أن يغني عن الإجراء المذكور مجرد تبليغ الطرف بمذكرة الخصم التي يتمسك فيها بانعدام الصفة " [14]




[1] ـ ينص الفصل 1 من ق م م على ما يلي :
" لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة، والأهلية، والمصلحة، لإثبات حقوقه.
يثير القاضيتلقائيا انعدام الصفة أو الأهلية أو المصلحة أو الإذن بالتقاضي إن كان ضروريا وينذر الطرف بتصحيح المسطرة داخل أجل يحدده.
إذا تم تصحيح المسطرة اعتبرت الدعوى كأنها أقيمت بصفة صحيحة. وإلا صرح القاضيبعدم قبول الدعوى" .

[2] ـ حكم المحكمة الابتدائية بمراكش عدد موافق: 18/12/2014 في الملف رقم 56/1201/2014 ـ غير منشور .

[3]ـ حكم المحكمة الابتدائية بمراكش في الملف عدد 67/1401/2013 بتاريخ 06/01/2014 ـ غير منشور .
[4]ـ قرار المجلس الأعلى ـــ محكمة النقض ـ عدد 433  بتاريخ 13/02/1989 في الملف المدني عدد 2543/86 ــ منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى ـ عدد 46 ـ ص 93 .
[5] ــــ  إن الوكالة التي نتكلم عنها هنا تختلف عن وكالة المحامي في الخصام ، فهذه الأخيرة تعني تمثيل الطرف في الدعوى بواسطة محام ، علما أن القانون يوجب كأصل هذا التمثيل مع مراعاة مستثنيات هذه القاعدة ، و هكذا فإنه بالرجوع المادة 31 من الظهير الشريف رقم101-08-1 الصادر بتنفيذ القانون رقم 08-28 المتعلق بتعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة نجده ينص على أنه لا يسوغ أن يمثل الأشخاص الذاتيون والمعنويون والمؤسسات العمومية وشبه العمومية والشركات، أو يؤازروا أمام القضاء إلا بواسطة محام، ما عدا إذا تعلق الأمر بالدولة والإدارات العمومية تكون نيابة المحامي أمرا اختياريا، في حين نصت المادة 32 على أن المحامون المسجلون بجداول هيئات المحامين بالمملكة، هم وحدهم المؤهلون، في نطاق تمثيل الأطراف، ومؤازرتهم، لتقديم المقالات والمستنتجات والمذكرات الدفاعية في جميع القضايا باستثناء قضايا التصريحات المتعلقة بالحالة المدنية، وقضايا النفقة أمام المحكمة الابتدائية والاستئنافية، والقضايا التي تختص المحاكم الابتدائية بالنظر فيها ابتدائيا وانتهائيا وكذا المؤازرة في قضايا الجنحوالمخالفات" .

[6] ـ حكم المحكمة الابتدائية بمراكش بتاريخ  10/04/2014في الملف رقم 959/1401/2013 ـ غير منشور .
[7] ـ حكم المحكمة الابتدائية بمراكش بتاريخ 27/06/2013  في الملف رقم عدد 452/1401/2012 ـ غير منشور .
[8]ـ ينص الفصل 138 من ق ل ع على ما يلي :
     " يجوز للدائن بدين مقترن بأجل أن يتخذ، ولو قبل حلول الأجل، كل الإجراءات التحفظية لحفظ حقوقه. ويجوز له أيضا أن يطلب كفيلا أو أي ضمانة أخرى أو أن يلجأ إلى الحجز التحفظي، إذا كانت له مبررات معتبرة تجعله يخشى إعسار المدين أو فراره".

[9]ـ حكم المحكمة الابتدائية بمراكش بتاريخ  12/06/2014 في الملف رقم  101/1401/2014  ـ غير منشور .

[10] ـ حكم المحكمة الابتدائية بمراكش بتاريخ 13 /11/2014 في الملف رقم891/1401/2013 ـ غير منشور.


[11] ـ قرار محكمة الاستئناف بتاريخ 16/12/2015 في الملف رقم 64/1401/2015 ـ غير منشور .
[12] ـ للمزيد من التفصيل راجع : مصطفى أشييبان ، تنظيم الملكية المشتركة في التشريع  المغربي ـ دار النشر المغربية ـ ط1 ـ 2009 ـ ص 256.
[13] ـ حكم المحكمة الابتدائية بمراكش بتاريخ 22/05/2014 في الملف رقم  118/1201/2014 ـ غير منشور .

[14] ـ قرار المجلس الأعلى  ــ محكمة النقض حاليا ـ في الملف المدني عدد 2790 بتاريخ 26/02/1980 ـ منشور بمجلة المحاكم المغربية ـ عدد 46 ـ 69 .

تعليقات