القائمة الرئيسية

الصفحات



الإثراء بلا سبب في الفقه الإسلامي

اثراء بلا سبب في فقه اسلامي

unjust enrichment in islamic jurisprudence - enrichissement sans cause en jurisprudence islamique

 الإثراء بلا سبب في الفقه الإسلامي

الإثراء بلا سبب في الفقه الإسلامي

وهبة الزحيلي



هو مصطلح قانوني يقابله في الفقه الإسلامي: الفعل النافع.

تعريفه: هو واقعة قانونية أو شرعية تعدّ مصدراً من مصادر الالتزام، مقتضاها: إثراء شخص يقابله افتقار آخر دون سبب مشروع، كالبناء الذي يبنى بأرضه بمواد مملوكة لغيره، أو يدفع شخص إلى آخر مبلغاً غير ملزم به.

تطبيقاته: ومن أهم تطبيقاته القانونية: دفع غير المستحق، والفضالة، أما الفضالة فهي أن يتولى شخص عن قصد القيام بشأن عاجل لحساب شخص آخر دون أن يكون ملتزماً ذلك، وبينها وبين الإثراء فارق من حيث إننا في الإثراء لا نتطلب أن يقصد المفتقر إثراء الغير، في حين أننا نتطلب من الفضالة أن يقصد الفضولي العمل لمصلحة رب العمل. وأما دفع غير المستحق فهو أن يقوم شخص بأداء ما ليس واجباً عليه، دون أن تكون لديه نية الوفاء بدين على غيره، ويترتب على ذلك حق الدافع في استرداد ما أداه، والتزام المتسلم ردّ ما تلقاه لأن في احتفاظه به إثراء بلا سبب على حساب غيره. وهذا يشبه القرض، يكون فيه الدافع والمتسلم، على التوالي كالمقرض والمقترض، دون أن تتوفر نية الإقراض - على الأقل - لدى المقترض، فهو ليس بعقد بل شبه عقد.

ويترتب على نظرية الإثراء بلا سبب في الفقه الإسلامي مسائل كثيرة من أمور الضمان، مثل حق الملتقط في أن يرجع على صاحب اللقطة بما أنفقه عليها من نفقة بإذن الحاكم قبل ظهور صاحبها.

وحق الشريك في الرجوع على شريكه بحصته مما أنفقه من النفقة الضرورية على العقار المشترك الذي لا يقبل القسمة، أو على حيوان مرهون، فالمرتهن محسن بإبراء ذمة المالك من الإنفاق على الحيوان، كما جاء في أعلام الموقعين.

ومثله: حال تلف الرهن المستعار في يد الدائن المرتهن، بسبب رهن الشيء المستعار بإذن المعير كما يحصل غالباً بين الأصدقاء أو الأقارب أو الأزواج، أو إذا أدى المالك المعير لأجل الرهن ما على المستعير الراهن من دين ليستطيع فكاك ماله المعار المرهون، فإن المعير في الحالتين يرجع على الراهن المستعير بما أدى عنه في حال الأداء، وبما سقط عنه من الدين في حال تلف المرهون، لأن هذا الراهن قد أثرى على حساب معيره بلا مسوغ مشروع، باعتبار أن حكم العارية قد تغير من أمانة إلى ضمان.

وكذلك في حال رهن الوديعة والعين المستأجرة يرجع المالك على الراهن بالضمان لأن الوديعة والمأجور أمانة تحولت إلى ضمان.

وهذا من أوضح الأدلة على عدّ فقهائنا أن الإثراء على حساب الغير بلا سبب مشروع يعدّ موجباً للالتزام والضمان.

ومثل ذلك: لو اشترى شخصان شيئاً، فغاب أحدهما، فإن للحاضر أن يدفع كل الثمن، ويتسلم المبيع، ولا يكون متبرعاً بما أدى عن ذمة شريكه من الثمن لأنه مضطر إلى الدفع، ليتمكن من قبض المبيع والانتفاع بنصيبه منه، فيحبس المبيع عن شريكه حتى يدفع إليه نصيبه من الثمن. فلو عدّ الحاضر الدافع متبرعاً لكان الغائب مثرياً على حساب غيره بلا سبب مشروع، وهو ممنوع.

لكن الفقه الإسلامي يقيد حق رجوع المفتقر على المثري بألا يكون المفتقر فضولياً في عمله، بل يشترط أن يكون:

1- إما مضطراً إلى الأداء عن المثري، كحاجة صاحب الرهن المستعار إلى فكاكه، وحاجة الشريك إلى الإنفاق على العقار المشترك غير القابل للقسمة صيانة لماله عند امتناع شريكه عن النفقة الضرورية.

2- وإما أن يكون نائباً عن المثري في الأداء، أو مأموراً من قبله، كالشخص الذي يكلفه آخر الإنفاق على ماله أو على عياله، أو وفاء دينه.

3- وإما أن يكون عرف الناس يسوغ له أن ينفق ما أنفق عن غيره بلا إذنه في حالات معيّنة، فيكون مأذوناً عرفاً، كرفيق تُوفِّي في الطريق حال السفر، فأنفق عليه رفاقه لتجهيزه ودفنه وجمع أمواله.

ففي هذه الأحوال فقط (أي حال الاضطرار أو الوكالة والأمر أو العرف) يستطيع المفتقر أن يرجع على المثري، وإلا عُدَّ في نظر فقهائنا متبرعاً لا رجوع له، وإن أثرى الآخر على حسابه؛ كيلا يتدخل بعض الناس في شؤون بعضهم فضولاً.

مسوغ الإثراء بلا سبب: الإثراء بلا سبب مصدر للالتزام، وهو مصدر مستقل قائم بذاته يستند مباشرة فقهاً وقانوناً إلى قواعد العدالة، ولا يستند إلى الفضالة، ولا إلى تحمل التبعة، ولا إلى العمل غير المشروع لوجود الفروق الجوهرية بين الفضالة و الإثراء بلا سبب، منها أنه يشترط في الفضالة توفر نية القيام بشأن عاجل لحساب آخر، ولا يشترط عند المفتقر وجود هذه النية، بل يكفي انعدام السبب. ولا يرجع المفتقر على المثري إلا بأقل القيمتين: الافتقار والإثراء، وفي تحمل التبعة يرجع مطلقاً لأن الغرم بالغنم، والإثراء بلا سبب واقعة مشروعة، وليست عملاً غير مشروع، وليس للمفتقر تعويض كامل، بل يرجع فقط قانوناً بأقل القيمتين كما تقدم. وأضاف فقهاؤنا أن الإثراء بلا سبب لا حق فيه في الرجوع على المثري إلا في حال الاضطرار أو الوكالة والأمر أو العرف كما تقدم. 

مراجع للاستزادة:

- مصطفى أحمد الزرقا، المدخل إلى نظرية الالتزام العامة في الفقه الإسلامي (دار القلم، دمشق ط1، دمشق 1420هـ/ 1999م.

- محمد وحيد الدين سوار، النظرية العامة للالتزام، ج1- مصادر الالتزام (دار الكتاب، ط1، دمشق، 1395هـ/1975م).
المصدر: http://arab-ency.com

تعليقات

تعليق واحد
إرسال تعليق
  1. غير معرف08:57

    هل كاتب المقال الدكتور الزحيلي رحمه الله ام انها منقولة من كتابه ، علما انه لا يوجد تاريخ للمقالة وسنة وفاة الدكتور 2015

    ردحذف

إرسال تعليق

شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم