القائمة الرئيسية

الصفحات



إشكالات تنفيذ الأحكام المدنية الأستاذ عبد النبي محترم





إشكالات تنفيذ الأحكام المدنية
الأستاذ عبد النبي محترم









الأستاذ عبد النبي محترم
الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف ببني ملال

بسم الله الرحمان الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على خاتم النبيئين وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين آمين.
وبعد، فإن موضوع التنفيذ قديم بقدم الإنسانية وقد حظي باهتمام الباحثين من الأولين والآخرين، فهذا عمر بن الخطاب في رسالته إلى قاضيه أبي موسى الأشعري يقول:" لا ينفع تكلم بحق لا نفاذ له".
وقد كان القاضي في صدر الإسلام، هو المكلف بتنفيذ أحكامه، وغالبا ما يكون ذلك فور صدور الحكم، إلا أن يكون المحكوم عليه ذي عسرة، فنضرة إلى ميسرة".

وتنفيذ الأحكام نوعان: اختياري وجبري.
وإذا كان التنفيذ الاختياري لا يطرح أي إشكال يذكر، فإن التنفيذ الجبري هو الذي حظي باهتمام كبير من طرف الباحثين في مادة القانون، وقد ألف فيه بعض الباحثين كتاب مستقلة.
كما أن وزارة العدل نفسها، قد أعدت منشورات كثيرة في هذا الباب تهدف كلها إلى تبسيط مسطرة التنفيذ الجبري، ومع ذلك فقد ظلت عدة أحكام بدون تنفيذ فترات لا يستهان بها، وذلك راجع إلى ما يعترض عملية التنفيذ من صعوبات قانونية، وأخرى واقعية تحول دون مواصلة التنفيذ إلى نهايته بشكل ينسجم مع مقتضيات الحكم.
ولما كانت الصعوبة المشار إليها، قد تغير مجرى الأحداث التي انتهت إليها المخاصمة أمام القضاء، فإننا سنحاول التعرف على تلك الصعوبة أولا، وعلى نوع القضاء المختص لمعالجتها ثانيا ثم على أطراف دعوى صعوبة التنفيذ ثالثا، ونختم بحول الله بالآثار التي تخلفها.

التعريف بصعوبة التنفيذ:
إن المشرع المغربي، لم يعرف صعوبة التنفيذ على غرار الكثير من تشريعات العالم، وحسنا فعل لأن مهمة التعريف، غالبا ما توكل إلى الفقهاء الباحثين، والمشرع لا يلجأ إلى التعريف إلا نادرا، وفي حالات معدودة، تفاديا لخلط في مفهوم، أو دفعا لالتباس متوقع.
وكنموذج للتعاريف الفقهية نورد التعريف الذي أورده الأستاذ علي راتب إذ قال:" إنها تلك الصعوبات التي تعترض تنفيذ الأحكام والمستندات الواجبة التنفيذ، وهي منازعات قانونية يتقدم بها الشخص المراد التنفيذ على أمواله، لمنع التنفيذ عليها، أو الحيلولة دون إتمامه.
أو هي منازعة قانونية، يتقدم بها الشخص الحاصل التنفيذ بناء على طلبه، يتضرر فيها من عدم تمكينه من التنفيذ لسبب ما، ويطلب فيها مساعدته على ذلك.

كما عرفها آخرون، بأنها إحدى العقبات القانونية، التي يجعلها المنفذ عليه في وجه المحكوم له، في محاولة لدرء التنفيذ، أو تأجيله ولو مؤقتا.
فصعوبة التنفيذ بهاذ المفهوم، نوعان: نوع ينصب على الحكم ذاته، ونوع ينصب على الأحداث التي تطرأ بعد صدور الحكم.
فالنوع الأول عالجه المشرع في الفصل 26 من ق.م.م. ويتعلق الأمر بطريقة استجلاء الغموض الذي يعتري أحيانا بعض الأحكام تفسيرا أو تأويلا.
أما النوع الثاني فقد عالجه المشرع في الفصول 149، 436، 468 من قانون المسطرة المدنية، ويتعلق الأمر بالإشكالات التي تطرأ بعد صدور الحكم.

وإذا كانت الإشكالات التي عالجتها مقتضيات الفصل 26 من ق.م.م. تعد إشكالات التنفيذ البسيطة لأن أمرها سيعود إلى المحكمة المصدرة للحكم التي هل أعلم بظروف وملابسات الخصومة، فإن الأمر ليس كذلك بخصوص الحالات الأخرى، إذ أن المر في الحالة الثانية يختلف عن الأولى، سواء من حيث الزمان، أو الظروف لطارئة، خاصة وأن هذه الحالة أي الثانية لا تثار غالبا، إلا والمنفذ قد شرع في مسطرة التنفيذ، وبذلك فإن ظروف وملابسات القضية، تستدعي الفصل في الاعتراض بصفة مستعجلة، وعن طريق القضاء المستعجل.
لذلك فإن المشرع أسند مهمة الفصل في صعوبات التنفيذ، للقضاء المستعجل (ف 149، 436، 468 من ق.م.م.) ولما كان الأمر كذلك، فإن دعوى صعوبة التنفيذ يجب أن تتوفر فيها مواصفات الدعوى الاستعجالية التي من أهمها: توفر حالة الاستعجال من جهة، وعدم المساس بأصل الحق من جهة أخرى، بالإضافة إلى جدية المنازعة التي نصت عليها مقتضيات الفصل 436 من ق.م.م.
وحالة الاستعجال، تتمثل في دعوى صعوبة التنفيذ، في دفع الضرر المؤكد الذي يتعذر تداركه أو إصلاحه إذا ما حدث كهدم بناء مثلا.
وعدم المساس بالحق يقتضي بأن لا يتطرق موضوع الصعوبة في التنفيذ إلى تفسير الحكم المراد تنفيذه، أو تأويله، لأن مثل هذه المهمة قد أسندت إلى المحكمة المصدرة للحكم.

هذا مع العلم بأن عدم المساس بأصل الحق، لا يقتضي عدم الإضرار بطرفي الحكم، أو أحدهما، بل إن التدبير الذي قد يتخذه قاضي المستعجلات، يكون مضرا أحيانا بطالب التنفيذ بحرمانه مؤقتا من تنفيذ الحكم، كما يمكن أن يضر بمصالح المحكوم عليه بحرمانه من أشياء كان يعتقدان أن الحكم لا يشملها.
وبذلك فإن عدم المساس بالحق في هذه الدعوى يعني فقط عدم تأويل أو تفسير الحكم المراد تنفيذه.

2)القضاء المختص لمعالجة صعوبة التنفيذ:
إذا كان القضاء المستعجل هو المختص بالنظر في دعوى صعوبة التنفيذ فإن لقضاء المستعجلات جهات متعددة، إذ أن هذه المهمة وإن كانت مسندة أساسا إلى رئيس المحكمة الابتدائية، فإنها قد تسند إلى الرئيس الأول في حالات معينة، كما أنه لما كان تنفيذ الحكم، قد يكون خارج الدائرة الترابية للمحكمة المصدرة له فإن للبعض أن يتساءل عن القضاء المستعجل الذي سينظر في دعوى صعوبة التنفيذ أهو رئيس المحكمة المصدرة للحكم، أو هو رئيس المحكمة التي يجري التنفيذ في دائرتها؟.

ولتوضيح ذلك نقول:
إن الأحكام القابلة للتنفيذ نوعان:
أ)أحكام نهائية بحكم استئنافي أو حكم ابتدائي أصبح نهائيا، وفي هذه الحالة لا يمكن أن تثار صعوبة التنفيذ في الأحكام الآنفة الذكر إلا أمام رئيس المحكمة قاضي المستعجلات.

ب)أحكام غير نهائية ولكنها مشفوعة بالتنفيذ لمعجل بنص الحكم أو القانون، وفي هذه الحالة فإنه إذا ما أثيرت صعوبة في تنفيذها فعلينا أن نحدد موقع ومكان نزاع الأصل، وعلى ضوئه يمكن أن نحدد القضاء المستعجل المختص، ذلك أنه إذا كان نزاع الأصل قد عرض على محكمة الاستئناف، كان الرئيس الأول هو المختص بالنظر في مثل هذه الدعوى (الفقرة الأخيرة من ف 149 من ق.م.م.).
ومفهوم نزاع الأصل الذي يكون قد عرض على محكمة الاستئناف، يبتدئ مفعوله منذ وضع مقال الاستئناف في صندوق المحكمة، ولو لم يكن الملف أحيل بعد على محكمة الاستئناف.

كما أن الرئيس الأول، يبقى مختصا حتى في حالة التعرض على قرار محكمة الاستئناف،أو أثيرت أمام محكمة الاستئناف دعوى تعرض الغير الخارج عن الخصومة، أما إذا انتهى نزاع الأصل أمام محكمة الاستئناف فإن حق النظر في صعوبة التنفيذ يعود إلى رئيس المحكمة.
أما فيما يخص الصعوبة المثارة حول تنفيذ حكم يباشر خارج الدائرة القضائية للمحكمة المصدرة للحكم فإن الأصل كما هو معلوم هو أن تعمل كل محكمة على تنفيذ الأحكام التي تصدرها، (ف 145 من ق.م.م.) لكن لما كانت كتابة الضبط التي تعمل في المحكمة المصدرة للحكم لا يمكنها الانتقال للتنفيذ خارج الدائرة القضائية، فإن كتابة الضبط المذكورة، توجه الحكم بإنابة قضائية إلى نظيرتها بمحكمة مكان التنفيذ، (ف 439 من ق.م.م.)، وإذا ما أثيرت صعوبة في تنفيذ الحكم الآنف الذكر، فإن قاضي المستعجلات لمحكمة مكان التنفيذ، ويستفاد هذا الاتجاه من سياق الفصل 436 من ق.م.م.، الذي يشير إلى أن لصعوبة المشار بمناسبة التنفيذ تحال على الرئيس بالتعريف، والتعريف في اصطلاح النحويين لا يكون إلا لمعلوم، والرئيس المعلوم لدى كتابة الضبط المنفذة، هو الذي تعمل بتوجيهاته، وتحت إمرته، وبذلك فإن صعوبة التنفيذ لا يمكن أن تثار في مثل هذه الحالة، إلا أمام رئيس محكمة مكان التنفيذ؟


3)أطراف الصعوبة:
أطراف صعوبة التنفيذ حسب مفهوم قانون المسطرة المدنية نوعان:
نوع يتعلق بالأطراف المباشرة للحكم ونوع يتعلق بطرف غير مباشر في الحكم المراد تنفيذه.
أ)الأطراف المباشرة: لقد نص الفصل 436 من ق.م.م. الذي عالج مسطرة إثارة صعوبة التنفيذ، على أن للأطراف، الحق في إثارة صعوبة التنفيذ، وتحال على رئيس المحكمة من المحكوم عليه، أو المحكوم له، من المنفذ نفسه.
إلا أن الذي يلاحظ بخصوص مقتضيات الفصل المذكور أن البعض يخلط بين إثارة الصعوبة ـ ولا يكون ذلك إلا لأطراف الحكم المراد تنفيذه وإحالتها على رئيس المحكمة، إذا اعتقد البعض بأن للأطراف، كما للمنفذ الحق في إثارة صعوبة التنفيذ، وهذا نهج لا يستقيم مع نسبية الأحكام من جهة، ولا مع مهمة المنفذ التي يجب أن يطبعها الحياد والموضوعية من جهة أخرى، وإذا ما أثار المنفذ صعوبة في التنفيذ، فإنه سيكون قد حاد عن المبادئ المشار إليها.

وفي هذا الاتجاه صدر قرار المجلس الأعلى عدد: 817 الصادر بتاريخ 11/4/1990 في الملف المدني عدد 513/88 المنشور في مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد: 45 صفحة 25 وقد جاء في حيثيات المجلس ما يلي: لكن حيث أن الصعوبة في التنفيذ لا يثيرها رئيس كتابة الضبط، وإنما يثيرها الأطراف،وفي النازلة، الأطراف هم البنك ش من جهة، والسيد عبد الله الرافعي ومن معه، أما رئيس كتابة الضبط الذي رفع استفسار إلى السيد رئيس المحكمة الابتدائية، حول وجود صعوبة في التنفيذ فقد رفعها بالنيابة عن الطرف الثاني في الدعوى، وليس طرفا أصليا في رفع الاستئناف ضده ولذلك كان على الطرف الثاني المستأنف أن يرفع الاستئناف ضد الخصم والطرف الأصلي مما كن معه القرار معللا تعليلا سليما فالوسيلة غير مرتكزة على أساس.

ب)الطرف غير المباشر: فالطرف غير المباشر هو الذي لم يكن طرفا في نزاع الحكم المراد تنفيذه وله حالتان.

1)حالة الغير التي لا صلة له البتة بأطراف النزاع، وهي الحالة التي عالجها المشرع في الفصلين 468، 482 من ق.م.م:
ذلك أن المشرع قد خول للغير الذي تحجز أمواله تنفيذا لحكم لم يكن طرفا فيه، إمكانية انتزاع ممتلكاته من يده للتنفيذ عليها، باللجوء إلى رئيس المحكمة، لاستصدار أمر بتأجيل التنفيذ على المحجوزات إن كانت من النوع المنقول، إلى حين الفصل في استحقاقها من طرف محكمة الموضوع.

أما إذا تعلق الأمر بحجز عقار الغير الذي ليس طرفا في الحكم المراد تنفيذه فإن لهذا الأخير الحق في إبطال ذلك الحجز بإقامة دعوى استحقاق العقار المذكور، ولكن قد يحدث، أن المنفذ يصر على متابعة مسطرة التنفيذ رغم إقامة دعوى استحقاق لسبب ما كما لاختلا في حدود العقار أو نوعه، وفي هذه الحالة لا يمكن تفادي ذلك إلا بعرض الأمر على رئيس المحكمة، لاستصدار أمر بتأجيل التنفيذ على العقار المحجوز إلى حين الفصل في دعوى الاستحقاق.

2حالة الغير الذي ليس طرفا في النزاع ولكن له آصرة بالمنفذ عليه وتصبح مصالحه مهددة كما هو الحال بالنسبة للخلف الخاص للمنفذ عليه كالذي يكون قد اشترى سيارة المنفذ عليه لكن عملية نقل الملكية لازالت لم تتم بعد فعمد لمنفذ إلى حجزها حجزا تنفيذيا،وفي هذه الحالة، لم يكن لمعني بالأمر بد من الالتجاء إلى مسطرة تعرض الغير الخارج عن الخصومة أمام الجهة المصدرة للحكم، كما قد يلجأ إلى رئيس المحكمة للمطالبة بإيقاف التنفيذ دفعا لما سيلحقه من ضرر، وهذه الدعوى يرى البعض أنها تندرج في إطار صعوبة التنفيذ بينما يرى آخرون أنها ليست كذلك، وبخصوص النظر في هذا النوع من إشكالات التنفيذ، ظهرت عدة اتجاهات في القضاء المغربي، اتجاه اعتبر أن المتعرض تعرض الغير الخارج عن الخصومة أصبح معنيا بالخصومة التي كانت بين الأطراف الظاهرة للحكم، فخولته الحق في إثارة صعوبة التنفيذ.

بينما الاتجاه الثاني، اعتبر أن المتعرض تعرض الغير الخارج عن الخصومة ليس طرفا في الخصومة ويعد أجنبيا عن النزاع، وإذا كان الأمر كذلك، فليس من حقه إثارة صعوبة التنفيذ أمام رئيس المحكمة، ولا يمكن أن يكون ادعاءه عرقلة في التنفيذ، وهذا الاتجاه هو الذي كرسه قرار المجلس الأعلى الصادر بتاريخ 06/03/91 تحت عدد 615 في الملف المدني عدد 1271/86 المنشور في مجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 45 ص 36 وقد جاء في حيثيات المجلس:

"حيث تبين صحة ما عابه الطالب على القرار، ذلك أنه بناء على مبدأ نسبية الأحكام، فالمطلوبة لم تكن طرفا في الأمر عدد: 267/83، الذي لم يصدر في مواجهتها، وبذلك لم تكن لها الصفة في إثارة الصعوبة التي أناطها الفصل 436 من قانون المسطرة المدنية بالأطراف دون غيرها، وكان السبيل الوحيد بيد المطلوبة للدفاع عن حقوقها هو سلوك مسطرة تعرض الخارج عن الخصومة فالوسيلة مرتكزة على أساس وتعرض القرار للنقض".

لكن إذا لم يكن من حق المتعرض الغير الخارج عن الخصومة الحق في إثارة صعوبة التنفيذ فإن من حقه أن يلجأ إلى قاضي المستعجلات بطلب تأجيل التنفيذ في إطار الفصل 149 في انتظار الفصل في دعوى تعرض الغير الخارج عن الخصومة دفعا للضرر الذي يتهدده.

آثار دعوى صعوبة التنفيذ:
إن دعوى صعوبة التنفيذ ككل دعوى يجب أن يتوفر فيها ما يتوفر في كل دعوى من صفة وأهلية ومصلحة بالإضافة إلى جدية الطلب الذي هو العنصر المميز لهذه الدعوى مع إرفاقها بالحجج التي ينوي المدعي اعتمادها أو الاحتفاظ بحقه في تقديمها أثناء المناقشة، لذلك فإن قوة حجج المدعي وضعفها ستنتهي حتما بقبول الدعوى أو ردها.

وإذا كان عدم قبول دعوى صعوبة التنفيذ لا يثير أي إشكال بخصوص مواصلة مسطرة التنفيذ، فإن عدة تساؤلات تطرح عند الاستجابة لطلب مثير الصعوبة إذ في هذه الحالة يصدر الأمر بوقف إجراءات التنفيذ بصفة مؤقتة، والسؤال الأهم الذي يتبادر إلى الذهن هو إلى متى ستظل هذه الوقتية معرقلة لتنفيذ حكم أصبح قابلا للتنفيذ.
إن مقتضيات الفصل 436 من ق.م.م.تنص على أنه إذا ثبت للرئيس جدية الطلب، أمكنه إصدار الأمر بوقف التنفيذ إلى أن يبث في الأمر.

ويقصد بالبث في الأمر لجوء من يعنيه الأمر من الطرفين إلى المحكمة المصدرة للحكم المراد تنفيذه لتوضيح الإشكال الذي ارتأى الرئيس بأنه يشكل صعوبة في التنفيذ، ولم يحدد المشرع أجلا لرفع هذه الدعوى، على غرار ما فعل في الفصل 468 من ق.م.م. ورغم ذلك فإن مسطرة التنفيذ تظل موقوفة إلى حين إقامة الدعوى المشار إليها والفصل فيها بحكم نهائي، وإلا فإن التوقف سيظل ساري المفعول إلى حين تقادم مسطرة التنفيذ، أو استصدار أمر استعجالي آخر بالعدول عنه إذا تغيرت الظروف التي صدر في ظلها الأمر الأول.

هذا فيما يخص صعوبة التنفيذ المثارة من بل أطراف النزاع في إطار الفصل 436 من ق.م.م.
أما فيما يخص صعوبة التنفيذ التي يمكن إثارتها من طرف الأغيار (ف 468 من ق.م.م.) فإن الاستجابة للطلب تقتضي وقف إجراءات التنفيذ على تلك المحجوزات في انتظار الفصل في دعوى استحقاقها بحكم نهائي، ودعوى الاستحقاق يجب أن تعرض على قضاء الموضوع داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ الأمر بوقف التنفيذ ما لمتكن أقيمت قبل ذلك.
إذن فقرار محكمة الموضوع، أو مضي أجل الثمانية أيام دون إقامة تلك الدعوى هو الذي سيقرر مصير إجراءات التنفيذ التي صدر الأمر بوقفها مؤقتا.

فغذ حكمت محكمة لاستحقاق برفض دعوى الغير، أو حكمت بعدم قبولها، أو أن دعوى الاستحقاق لم تقم داخل أجل الثمانية أيام المنصوص عليها قانونا، فإن المنفذ يواصل إجراءات التنفيذ على المحجوزات إلى نهاية مسطرة التنفيذ.
غير أن ما تجدر الإشارة إليه بخصوص مقتضيات الفصل 468 من ق.م.م. هو أن لطالب التنفيذ الذي واجهه الغير بأن الأموال التي انصب عليها الحجز ليست ملكا للمنفذ عليه، أن يعدل عن ذلك الحجز، ويطالب بحجز أموال أخرى للمنفذ عليه،تفاديا لوقف إجراءات التنفيذ، وفي ذلك تنازل ضمني عن الحجز السابق وإن اقتضى الحال قدم إشهادا مكتوبا للمنفذ بالتنازل عن الحجز المشار إليه حسما لكل منازعة قد تثار في شأن ذلك الحجز السابق.

كانت هذه أيها السادة والسيدات، باختصار مجمل إشكالات التنفيذ التي قد تحول مؤقتا دون تنفيذ حكم ما، فتطيل أمد النزاع بين الطرفين أحيانا، وبين المحكوم له والغير أحيانا أخرى.

تعليقات