📁 آخر الأخبار

الجرائم الوقتية والجرائم المستمرة

الجرائم الوقتية والجرائم المستمرة


الجرائم الوقتية والجرائم المستمرة


الاستاذة/ نادين عصام الدين محمد توفيق النجار

باحثة قانونية

عضو المكتب الفني بمؤسسة قوانين الشرق


تنقسم الجرائم إلى أنواع مختلفة تبعاٌ لاختلاف الأسس التي يقوم عليها التقسيم، هذه الأسس تستمد غالباٌ من أركان الجريمة فتنقسم الجرائم من حيث ركنها المادي إلى جرائم ايجابية وجرائم سلبية، جرائم شكلية وجرائم مادية، جرائم وقتية وجرائم مستمرة، جرائم بسيطة وجرائم اعتياد، جريمة متتابعة الأفعال.
وفى هذا البحث سيتم دراسة تقسيم الجرائم إلى جرائم مستمرة وجرائم وقتية.
أساس التقسيم: 
أساس تقسيم الجرائم إلى وقتية ومستمرة هو النظر إلى الزمن الذي يستغرقه تحقق عناصر الركن المادي للجريمة، أي أن السلوك الإجرامي المكون للركن المادي قد يكون وقتياٌ أو مستمراٌ وسيتم شرح الفرق بينهما في مبحثين:

المبحث الأول: مفهوم الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة والتمييز بينهما

المبحث الثاني: أهمية التفرقة بين الجرائم الوقتية والجرائم المستمرة


وهي التي تقع بمجرد ارتكاب الفعل، وضمن مدة زمنية قصيرة ومحدودة (كالقتل الذي يقع وينتهي بإزهاق الروح حتى ولو لم يمت المجني عليه إلا بعد فترة من الزمن وكالسرقة التي تقع بأخذ مال الغير دون رضاه، وكالحريق الذي يقع بإلقاء النار على شيء قابل للاحتراق) أي أنها تبدأ وتنتهي في لحظة واحدة أو في لحظة تحقق العناصر المكونة لها، فهذه الجريمة لا يكون تنفيذها قابلا للامتداد. 
أمثلة: السرقة، القتل، النصب، التزوير، شهادة الزور، الضرب، السب.
تظل هذه الجرائم وقتية مهما ترتب عليها من آثار تمتد خلال زمن طويل لأن هذه الآثار لاحقة على لحظة إتمامها.


هي التي تتكون من فعل جرمي أو امتناع يقبل الاستمرار فترة من الزمن ويتطلب تدخلاٌ متجدداٌ من إرادة الجاني ويمتد فيها تحقق عناصرها فترة زمنية نسبية (كإخفاء الأشياء المسروقة، فحالة الإخفاء هنا تبدأ في وقت محدد ثم تستمر باستمرار حيازة المخفي لهذه الأشياء)، ولا تعتبر الجريمة منتهية إلا بانتهاء حالة التجدد أو الاستمرار.
ولا يغير من طبيعة هذه الجريمة أن ينتهي الإخفاء أو الحيازة عقب تحقق الواقعة مباشرة، لأن الاستمرار ليس ركنا في الجريمة، وإنما هو خاصية من خواص السلوك المكون لها.
أمثلة:
إخفاء أشياء مسروقة، حيازة المخدرات، استعمال محرر مزور، حمل السلاح بدون ترخيص، تجاوز السرعة المحددة قانونا وإخفاء شخص مطلوب للخدمة العسكرية (أفعال إيجابية)
الامتناع عن تسليم طفل إلى من له حق حضانته، الامتناع عن تقديم تقرير الأرباح للضرائب، ترك طفل أو عاجز في مكان خالي من السكان (أفعال سلبية)
أي أن الجاني يمكنه وقف حالة الاستمرار بوقف نشاطه.
والاستمرار نوعان:
1-الأول: الاستمرار الثابت: وهو الذي يبقى فيه الأمر المعاقب عليه ويستمر بغير حاجة إلى تدخل جديد من جانب الجاني مثل (جريمة إقامة بناء خارج خط التنظيم أو لصق الإعلانات في أماكن يحظر فيها القانون ذلك) فماديات الجريمة يستنفذها الجاني بإقامة البناء أو بلصق الإعلان ولا يتصور حصول تدخل جديد من جانبه في هذه الماديات بعد تمامها.
2-الثاني: الاستمرار المتجدد: وهو الذي يتوقف على تدخل الجاني تدخلاٌ متجدداٌ ومقصوداٌ منه استمرار ماديات الجريمة مثل (جريمة إدارة محل عمومي بدون ترخيص أو عدم الإبلاغ عن واقعة الميلاد أو الوفاة في الميعاد المحدد)، أي أن إرادة الجاني تظل مسيطرة على هذه الماديات وتظل مستمرة طالما أراد لها الجاني هذا الاستمرار.


تعاصر الركن المعنوي مع الركن المادي هو ما يفرق بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة، ففي الجرائم المستمرة يتزامن بها الركن المادي والمعنوي معا حيث أن في مثل هذه الجرائم لا يكتفي القاضي بتوافر الركن المادي بل لابد من توافر إرادة الجاني في الاستمرار بهذا النشاط، بحيث إذا لم يتواجد الركنين معا وكان الاستمرار في الركن المادي فقط فنكون بصدد جريمة وقتيـة ذات أثر مستمر مثال ( إقامة بناء بدون ترخيص) ففي هذا المثال الركن المادي للجريمة بدأ وانتهى ولكن الاستمرار باقي في آثار الجريمة ذاتها ولهذا المعنى الدقيق أهميته في التفرقة بين الجرائم الوقتية والجرائم المستمرة 
ولبيان هذا المعنى بصورة أكبر نرى أن محكمة النقض قد أوضحت الفعل الذي يبين الجريمة على أنها جريمة وقتية في حكمها التالي: -
فإذا كانت الواقعة هي أن المتهم قد أقام بدون ترخيص بناء خارجاً عن خط التنظيم، فإن الفعل المسند إليه يكون قد تم وانتهى من جهته بإقامة هذا البناء، مما لا يمكن معه تصور حصول تدخل جديد من جانبه في هذا الفعل ذاته فتكون الجريمة التي تكونها هذه الواقعة وقتية، ولا يؤثر في هذا النظر ما قد تسفر عنه الجريمة من آثار تبقى وتستمر إذ لا يعتد بأثر الفعل في تكييفه قانوناً.
[النقض الجنائي -الطعن رقم 1994 -لسنة 19 ق -تاريخ الجلسة 14 / 3 / 1950 -مكتب فني 1 رقم الجزء 1 -رقم الصفحة 400]
وفى الجرائم المستمرة يتعاصر الركنين معا. ويترتب على ذلك انه لا يصح وصف جريمة ما بأنها وقتية لكونها نفدت في وقت قصير أو بأنها مستمرة بسبب أن تنفيذها قد استغرق وقتا طويلاٌ. 
وفى ذلك تقول محكمة النقض:
من المقرر أن الفيصل في التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة هو طبيعة الفعل المادي المكون للجريمة كما عرفه القانون، سواء كان الفعل إيجابياً أو سلبياً ارتكابا أو تركاً، فإذا كانت الجريمة تتم وتنتهى بمجرد إتيان الفعل كانت وقتية، أما إذا استمرت الحالة الجنائية فترة من الزمن فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة، والعبرة في الاستمرار هنا هي بتدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً، ولا عبرة بالزمن الذى يسبق هذا الفعل للتهيؤ لارتكابه والإسلاس لمقارفته أو بالزمن الذى يليه والذى تستمر فيه آثاره الجنائية في أعقابه. 
[النقض الجنائي -الطعن رقم 1178 -لسنة 41 ق -تاريخ الجلسة 2 / 1 / 1972 -مكتب فني 23 رقم الجزء 1 -رقم الصفحة 8]


الفرق بينهما في غاية الأهمية سواء من ناحية تطبيق قانون العقوبات أو من ناحية تطبيق قانون الإجراءات الجنائية.



لا يسري قانون العقوبات الجديد على الجرائم الوقتية السابقة على نفاذه الا إذا كانت أصلح للمتهم، بينما يسري علي الجرائم المستمرة، مثلا: إذا ارتكب شخص فعل إجرامي في ظل قانون قديم ومازال ذلك الفعل مستمرا وقائما بعد صدور ونفاذ القانون الجديد فيطبق على الجاني أحكام القانون الجديد حتى ولو كان أسوأ من القديم.
ومن أحكام محكمة النقض التالية يبين لنا أثر هذا التمييز في تطبيق قانون العقوبات:
1-الفيصل في التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة هو الفعل الذي يعاقب عليه القانون. فإذا كانت الجريمة تتم وتنتهي بمجرد ارتكاب الفعل كانت الجريمة وقتية، أما إذا استمرت الحالة الجنائية فترة من الزمن فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة. والعبرة في الاستمرار هي بتدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً. ولما كان الفعل المسند إلى المطعون ضده قد تم وانتهى من جهته بإقامة العزبة مما لا يمكن معه تصور حصول تدخل جديد من جانبه في هذا الفعل ذاته فتكون الجريمة التي تكونها هذه الواقعة جريمة وقتية. ولما كان الثابت من المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لوجه الطعن أن المطعون ضده أنشأ العزبة في سنة 1948 – أي قبل صدور القانون رقم 118 لسنة 1950 الذي دانت المحكمة المطعون ضده على مقتضاه، وكان القانون الذي يحكم الواقعة هو القانون رقم 69 لسنة 1933 الخاص بالعزب ولم يجرم المشرع في القانون الأخير فعل إنشاء العزبة بدون ترخيص أو يرتب له عقوبة خاصة وإنما اكتفى بأن جعل ” لمجلس المديرية ” حق إزالتها إدارياً على نفقة المخالف. ومن ثم فإن الفعل الذي أتاه المطعون ضده في سنة 1948 كان غير مؤثم وقت اقترافه، ويكون الحكم المطعون فيه إذ دان المطعون ضده وأنزل عليه العقوبة المقررة في القانون 118 لسنة 1950 قد أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه نقضه والحكم ببراءة المطعون ضده
[النقض الجنائي -الطعن رقم 1957 -لسنة 35 ق -تاريخ الجلسة 28 / 2 / 1966 -مكتب فني 17 رقم الجزء 1 -رقم الصفحة 207]
2-إن كل عمل من الأعمال المتعلقة بالبناء – أياً ما كان نوعه – إنما هو موقوت بطبيعته وإن كان يقبل الامتداد، إلا أن الجريمة التي ترد عليه وقتية. وإذ كان القانون رقم 55 لسنة 1964 ليس له أثر رجعى رجوعاً إلى حكم الأصل المقرر في الدستور من أنه لا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لصدور القانون الذي ينص عليه، وكانت المادة 19 من القانون رقم 45 لسنة 1962  قد أوردت هذا الحكم صراحة، ومن ثم فإن تتابع العمليات المستقلة على المبنى الواحد – أياً كانت – لا يجعلها خاضعة لحكم القانون الذي يؤثمها فيما تم منها قبل نفاذه. ولما كان الطاعن قد أقام دفاعه على أن المبنى الذى أقامه قد تم بناؤه قبل نفاذ القانون رقم 55 لسنة 1964 وأن البياض والتشطيب هما اللذان وقعا في ظله، وعلى الرغم من أن محرر المحضر قد شهد في جلسة المحاكمة بأنه لا يعرف تاريخ إقامة المبنى، وطلب الرجوع في هذا التحديد إلى قسم الحصر في المديرية، وقدم الطاعن مستندات تدعم دفاعه، وطلب تعيين خبير لتحقيقه، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يبد منه تفطن إلى المعاني القانونية المتقدمة، فلم بقسط هذا الدفاع حقه، بل أطرحه جملة، ولم يحققه بلوغاً إلى غاية الأمر فيه، أو يرد عليه بما ينفيه وأسس قضاءه على ما ورد في محضر الضبط وهو ما لا يصلح في تفنيده، فإنه يكون قاصر البيان معيباً بما يبطله ويوجب نقضه
[النقض الجنائي -نقض 22-05-1967 مكتب فني 18 ص 694 طعن 728 لسنة 37]


يتحدد مكان وقوع الجريمة المستمرة بكل مكان قامت فيه حالة الاستمرار، على عكس الجريمة الوقتية التي تتحقق في مكان واحد.


يكون لطول أو قصر مدة الاستمرار في الجريمة المستمرة أثره في تحديد عقوبتها في القانون (من ذلك: جريمة الخطف).


في الجريمة الوقتية تختص المحكمة التي وقع في دائرة اختصاصها السلوك المكون للجريمة مثلا إذا وقعت جريمة السرقة في محافظة الاسكندرية وفر الجاني بعد ارتكابها إلى محافظة أخرى فإن الاختصاص يعود لمحكمة الاسكندرية، بينما تختص بنظر الجريمة المستمرة جميع المحاكم التي وقعت في دائرتها الجريمة المستمرة.
  


يبدأ سريان مدة التقادم في الجريمة الوقتية من يوم ارتكابها بينما يبدأ في الجريمة المستمرة من يوم انتهاء حالة الاستمرار.
وفى هذا تقول محكمة النقض:
1-إن لمعرفة إن كانت الجريمة وقتية أو مستمرة يجب أن يرجع إلى طبيعة الفعل المعاقب عليه. فإذا كان ما يقع وينتهي بمجرد ارتكابه كانت الجريمة وقتية، أما إذا كان في حالة مستمرة فتكون الجريمة مستمرة طوال فترة الاستمرار. والعبرة في الاستمرار هنا هي بما يكون حصوله بناء على تدخل متتابع من المتهم ومقصود منه. فإذا كانت الواقعة المطلوبة محاكمة المتهم عنها هي – حسب الثابت بالحكم – أنه ” وهو عمدة ” أسقط اسم شخص من كشف العائلة بقصد تخليص أخ له من الخدمة العسكرية فإن الجريمة التي تكونها هذه الواقعة لا تكون مستمرة لانتهاء الفعل المكون لها بمجرد مقارفة المتهم له، ويجب إذن أن يكون بدء المدة المقررة لسقوط الدعوى العمومية من هذا التاريخ
[النقض الجنائي -الطعن رقم 1813 -لسنة 10 ق -تاريخ الجلسة 11 / 11 / 1940 -مكتب فني 5 ع -رقم الجزء 1 -رقم الصفحة 266]
2-الفيصل في التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة هو الفعل الذي يعاقب عليه القانون. فإذا كان الفعل مما تتم وتنتهي الجريمة بمجرد ارتكابه كانت وقتية، أما إذا استمرت الحالة الجنائية فترة من الزمن فتكون الجريمة مستمرة طوال هذه الفترة، والعبرة في الاستمرار هنا هي بتدخل إرادة الجاني في الفعل المعاقب عليه تدخلاً متتابعاً متجدداً. فإذا كانت الواقعة هي أن المتهم قد أقام بدون ترخيص بناء خارجاً عن خط التنظيم، فإن الفعل المسند إليه يكون قد تم وانتهى من جهته بإقامة هذا البناء، مما لا يمكن معه تصور حصول تدخل جديد من جانبه في هذا الفعل ذاته فتكون الجريمة التي تكونها هذه الواقعة وقتية، ولا يؤثر في هذا النظر ما قد تسفر عنه الجريمة من آثار تبقى وتستمر إذ لا يعتد بأثر الفعل في تكييفه قانوناً. وإذن فإذا كان انقضى على تاريخ وقوع تلك الواقعة قبل رفع الدعوى بها ثلاث سنوات فيكون الحق في إقامة الدعوى قد سقط
[النقض الجنائي -الطعن رقم 1994 -لسنة 19 ق -تاريخ الجلسة 14 / 3 / 1950 -مكتب فني 1 رقم الجزء 1 -رقم الصفحة 400]


إذا صدر حكم في الجريمة الوقتية فانه يحوز دائماٌ قوة الشيء المقضي به فيما يتعلق بالواقعة المرفوعة بها الدعوى، مما يعنى أنه لا يجوز رفع دعوى أخرى عن هذه الواقعة بالذات أمام هذه المحكمة أو أية محكمة أخرى إذ لا يجوز مسائلة الشخص عن نفس الجريمة مرتين. أما اذا صدر حكم في جريمة مستمرة فإنما يحوز هذا الحكم قوة الشيء المقضي به بالنسبة للوقائع السابقة لصدور هذا الحكم فقط المعروفة أفعاله لدى المحكمة وغير المعروفة أيضاٌ مادامت واقعة قبل صدور الحكم، فان وجدت وقائع أخرى بعد صدور الحكم بأن استمرت حالة الاستمرار في الجريمة بعد صدور الحكم وكان ذلك نتيجة تدخل لإرادة الجاني فان ذلك يوجد جريمة جديدة تحقق مسئولية جديدة للجاني عنها مما يؤدى إلى الحكم عليه بسببها دون أن يكون للحكم السابق أية قيمة أو اعتبار في صددها، حيث أن الاستمرار على ارتكاب الجريمة بعد صدور الحكم انما يكون جريمة جديدة مماثلة للجريمة السابقة ومستقلة عنها.
مثال ذلك ما قضت به محكمة النقض في أحكامها التالية:
1 -لما كان يبين من الاطلاع على أوراق الطعن والمفردات المضمومة أن الدعوى رفعت على المطعون ضده في القضايا أرقام ... ... ... و. ... ... لسنة 1975 جنح مستأنفة وسط القاهرة التي كانت مقيدة حسب ترتيب أرقامها ... ... ... و. ... ... لسنة 1974 جنح بلدية المطرية لأنه في أيام 4 من أغسطس و29 من أغسطس و10 من نوفمبر سنة 1974 بدائرة قسم المطرية أدار المحل العام المبين بالمحضر على الرغم من سبق غلقه. وقضت محكمة أول درجة في كل منها بتغريم المطعون ضده عشرة جنيهات وإعادة الغلق، فاستأنف، وقررت محكمة ثاني درجة ضم الدعاوى الثلاث ليصدر فيها حكم واحد بعقوبة واحدة ثم قضت بإلغاء الأحكام المستأنفة وبتغريم المطعون ضده عشرة جنيهات والغلق عن جميع الجرائم الثلاث وقد أقامت المحكمة قضاءها المطعون فيه على أن جريمة إدارة محل سبق غلقه من الجرائم المستمرة التي يتوقف استمرار الفعل المعاقب عليه فيها على تدخل إرادة الجاني تدخلاً متتابعاً متجدداً، وأن محاكمة الجاني عن جريمة مستمرة يشمل جميع الأفعال أو الحالة السابقة على رفع الدعوى وحتى صدور حكم بات فيها، وأن الثابت أن المحل الذي قام المطعون ضده بإدارته في جميع القضايا محل واحد. لما كان ذلك وكان من المقرر وفق المادة 310  من قانون الإجراءات الجنائية أن مما يجب أن يشتمل عليه الحكم بالإدانة، بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، لما يترتب على ذلك من نتائج قانونية، وإذ كان الحكم المطعون فيه حين ذهب إلى اتحاد المحل في الدعاوى الثلاث ورتب عليه وحده الجريمة، قد اجترأ بإرسال القول بأن المحل مثار الاتهام محل واحد، دون بيان العناصر التي استمد منها هذه النتيجة -من واقع الأوراق -وكان في ذلك ما يعجز محكمة النقض عن بسط رقابتها للوقوف على صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم وبالتالي يحول بين هذه المحكمة وبين قول كلمتها في صحيح القانون فيما تنعيه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه من خطئه في القانون ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه معيباً بالقصور
[النقض الجنائي -الطعن رقم 1059 -لسنة 46 ق -تاريخ الجلسة 23 / 1 / 1977 -مكتب فني 28 رقم الجزء 1 -رقم الصفحة 125]
2 -محاكمة الجاني عن جريمة مستمرة تشمل جميع الأفعال أو الحالة الجنائية السابقة على رفع الدعوى وحتى صدور حكم بات فيها، فإذا كان الثابت أن الدعويين المقامتين على الطاعن لم يصدر فيهما بعد حكم بات بل نظر الاستئناف المرفوع عنهما أمام هيئة واحدة وفي تاريخ واحـد فإنه كان لزاماً على المحكمة الاستئنافية أن تأمر بضم الدعويين وأن تصدر فيهما حكماً واحدا بعقوبة واحدة، أما وهي لم تفعل فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون
[النقض الجنائي -الطعن رقم 1251 -لسنة 36 ق -تاريخ الجلسة 14 / 11 / 1966 -مكتب فني 17 رقم الجزء 3 -رقم الصفحة 1094] 
3 -إن جريمة الامتناع عن تسليم الطفل لمن له حق حضانته شرعاً هي من الجرائم المستمرة استمراراً متتابعاً أو متجدداً بمعنى أن الأمر المعاقب عليه فيها يتوقف استمراره على تدخل إرادة الجاني تدخلاً متتابعاً ومتجدداً بخلاف الجريمة المستمرة استمراراً ثابتاً فإن الأمر المعاقب عليه فيها يبقى ويستمر بغير حاجة إلى تدخل جديد من جانب الجاني كبناء جدار خارج عن التنظيم مثلاً. والمتفق عليه أنه في حالة الجريمة المستمرة استمراراً ثابتاً يكون الحكم على الجاني من أجل هذه الجريمة مانعاً من تجديد محاكمته عليها مهما طال زمن استمرارها، فإذا رفعت عليه الدعوى العمومية مرة ثانية من أجل هذه الجريمة جاز له التمسك بقوة الشيء المحكوم فيه، أما في حالة الجريمة المستمرة استمراراً متتابعاً فمحاكمة الجاني لا تكون إلا عن الأفعال أو الحالة الجنائية السابقة على رفع الدعوى. وفيما يتعلق بالمستقبل فتجدد إرادة الجاني في استمرار الحالة الجنائية يكون جريمة جديدة تصح محاكمته من أجلها مرة أخرى ولا يجوز له التمسك عند المحاكمة الثانية بسبق الحكم عليه
[النقض الجنائي -الطعن رقم 1155 -لسنة 48 ق -تاريخ الجلسة 7 / 5 / 1931 -مكتب فني 2 ع -رقم الجزء 1 -رقم الصفحة 325]
4 -لما كانت جريمة إدارة محل عام سبق غلقه هي من الجرائم المستمرة التي يتوقف استمرار الفعل المعاقب عليه فيها على تدخل إرادة الجاني تدخلاً متتابعاً متجدداً، وكانت محاكمة الجاني عن جريمة مستمرة تشمل جميع الأفعال أو الحالة الجنائية السابقة على رفع الدعوى وحتى صدور حكم بات فيها، ولما كان الثابت أن الدعاوى المقامة على المطعون ضده -لإدارته محل عام واحد على الرغم من سبق غلقه لم يكن قد صدر فيها بعد حكم بات، بل نظر الاستئناف المرفوع فيها أمام هيئة واحدة وفي تاريخ واحد، فإنه كان لزاماً على المحكمة الاستئنافية أن تأمر بضم تلك الدعاوى معاً وأن تصدر فيها حكماً واحداً بعقوبة واحدة، أما وهي لم تفعل فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق القانون، مما يتعين معه نقض الأحكام المطعون فيها موضوع هذا الطعن نقضاً جزئياً وتصحيحها بضم قضاياها وجعل الغرامة المحكوم بها وهي عشرة جنيهات عنها جميعاً، وذلك بالإضافة إلى عقوبة إعادة الغلق المقضي بها فيها
[النقض الجنائي -الطعن رقم 253 -لسنة 43 ق -تاريخ الجلسة 6 / 5 / 1973 -مكتب فني 24 رقم الجزء 2 -رقم الصفحة 607]
5 -إن جريمة إدارة محل عمومي بدون رخصة من الجرائم المستمرة التي يتوقف استمرار الأمر المعاقب عليه فيها من تدخل جديد متتابع بناء على إرادة المتهم. وفي الجرائم التي من هذا القبيل لا تشمل المحاكمة إلا الأفعال أو الحالة الجنائية السابقة على رفع الدعوى. أما ما يحصل بعد ذلك فإن تدخل إرادة الجاني في استمرار الحالة الجنائية يكون جريمة جديدة تجوز محاكمته من أجلها، ولا يكون للحكم السابق أية حجية أو اعتبار في صددها. فإذا كان الثابت أن المتهم بعد الحكم ببراءته من تهمة إدارة مطعم عمومي بدون رخصة استمر على الرغم من إلغاء الرخصة التي كانت لديه يدير محله مطعماً عمومياً، فإن المحكمة إذا عاقبته من أجل إدارة هذا المحل بعد الحكم ببراءته لا تكون مخطئة مهما كان سبب البراءة
[النقض الجنائي -الطعن رقم 349 -لسنة 15 ق -تاريخ الجلسة 16 / 4 / 1945 -مكتب فني 6 ع -رقم الجزء 1 -رقم الصفحة 697]


المراجع:
كتاب / أوليات القانون الجنائي: النظرية العامة للجريمة، دكتور/ فتوح الشاذلي – طبعة 2001
كتاب / قانون العقوبات – القسم العام، دكتور / أمين مصطفى محمد -طبعة 2013
كتاب / نظم الاجراءات الجنائية – دكتور / جلال ثروت -طبعة 2003
أحكام محكمة النقض المنشورة على شبكة الإنترنت على موقع قوانين الشرق على الرابط التالي: www.eastlaws.com
المصدر: http://eastlawsacademy.com/

تعليقات