حجز الضريبة على القيمة المضافة في المنبع بين توصيات المناظرة الوطنية للجبايات ومحاربة التهرب الضريبي
من إعداد الطالب حمزة قسمان
طالب باحث في قانون الأعمال
تعد المناظرة الوطنية للجبايات في نسختها الثالثة لسنة 2019 بمثابة فرصة للباحثين والمتخصصين في المجال الجبائي، بفتح حوار وطني شامل حول أهم المواضيع المساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث انعقدت هذه المناظرة في سياق ما يعرفه النظام الضريبي من مشاكل واختلالات سواء على مستوى انعدام العدالة الجبائية من جهة، أو على مستوى الجبايات المحلية وعدم ملائمة أسسها وإجراءاتها مع جبايات الدولة من جهة أخرى.
وقد كان الطموح عبر هذه المناظرة يتجلى في إعداد قانون إطار يعتمد الممارسات الفضلى ويأخذ بعين الاعتبار المساهمات والمقترحات المختلفة، كما أن هذا القانون الإطار من شأنه أن يوضح الرؤية لدى مختلف الفاعلين الاقتصاديين ولكل الملزمين، عبر برمجة الأهداف التي نطمح ونصبو إليها جمعيا خلال الخمس سنوات المقبلة وسيكرس مجموعة من المبادئ من أهمها الإنصاف والفعالية والحيادية.
وعليه، كان من بين أهم ما ارتكزت عليه مخرجات هذه المناظرة بشكل عام، والتي حددت في أربع محاور:
– المبادئ الأساسية.
– العقلنة الاقتصادية.
– الانسجام والشمولية.
– الحكامة الجيدة.
– تقرير النموذج التنموي.
وعليه فقد أصبح من الضروري بعد مرور ثلاثة عقود على الإصلاح الضريبي لسنة 1984 مراجعة أسس النظام الجبائي من أجل معالجة الاختلالات الملاحظة وملاءمته مع التطورات التي عرفتها المملكة المغربية في المجال الاقتصادية والاجتماعي والثقافي والبيئي والتكنولوجي، وكذا مع القواعد الجديدة للحكامة الجيدة في المجال الجبائي، أخذا بعين الاعتبار الالتزامات الدولية للمملكة المغربية لهذا الغرض ومن أجل وضع الخطوط العريضة للإصلاح الجبائي، تم إعداد قانون الإطار 69.19 بعد عدة مشاورات مع جميع الفاعلين المعنيين تعبيرا عن إرادتهم والتزامهم الجماعي، بشكل يتطابق مع الأوراش الكبرى للنموذج التنموي الجديد، علاوة على ذلك، يهدف هذا القانون الإطار إلى إصلاح جبايات الجماعات الترابية التي تشكل مكونا أساسيا من مكونات النظام الجبائي من أجل تبسيطها وملاءمتها وتوحيدها مع جبايات الدولة.
ويشكل هذا القانون الإطار مرجعا أساسيا يؤطر السياسة الجبائية للدولة عبر مختلف مراحل تنفيذ الإصلاح بشكل يضمن الاتقائية مع السياسات العمومية ويمكن من تعزيز حقوق الخاضعين للضريبة وضمان الأمن القانوني وإحداث نظام جبائي مبسط وشفاف.
حيث جاء قانون الإطار رقم 19-69 المتعلق بالإصلاح الضريبي، بغية وضع حد للاختلالات والمشاكل التي تعاني منها المنظومة الجبائية الحالية، وذلك من خلال تحديد مبادئه وأهدافه وآليات تطبيقه وفق أولويات محددة، وكذا بتتميم وتعديل ما هو غائب في النظام الحالي، والذي يهم مجموعة من الإشكالات والثغرات المتعلقة أساسا بجانب الانصاف والعدالة، باعتبار هاذين المبدأين هما الركيزة الأساسية لأي إصلاح كيفما كان، وهذا ما ارتكز عليه القانون الجديد، وقد كان من بين أهم التوصيات تكثيف عمليات محاربة الغش و التهرب الضريبي ، من خل سن العديد من المقتضيات القانونية قصد الحد من هاته الإشكاليات سواء تعلق الأمر بالشركات الوهمية والتي تؤتر سلبا على النشاط الاقتصادي وبالخصوص في الشق المتعلق بالفواتير الوهمية، أو الضريبية على القيمة المضافة حيث أن المشرع كان قد أوكل مسؤولية جمع هذه الضريبية من طرف آخر مستهلك و التصريح بها للدولة ، إلا أن المشرع ونظرا كون هاته العملية لا تعطي للإدارة الضريبية أية قدرة لمعرفة ما إدا تم التصريح بجميع مبالغ الضريبية على القيمة المضافة المتحصل عليها ، ما عدى في حالة المراقبة الضريبية، وعليه وبموجب قانون المالية لسنة 2024 تم إدراج العديد من التغيرات على مستوى المدونة العامة للضرائب كان من أبرزها حجز الضريبة على القيمة المضافة في المنبع، والتي جاءت قصد وضع حد لكل الشبهات و جعل المعاملات بين الزبون والبائع مبنية على أساس أولي هو التوفر على شهادة أنهم في وضعية جبائية سليمة مع الإدارة الضريبية، وعليه فالمشرع أحسن ما فعل بهذا الإجراء الضريبي من جهة حصر طرق التهرب الضريبي من جهة أخرى جعل الملزم في وضعية تلزمه من تصحيح وضع الضريبي، من كل ما سبق نرى من اللازم طرح بعض التساؤلات :
ما المقصود بإجراء حجز الضريبة على القيمة المضافة في المنبع ؟
وماهي أهمية هذا الإجراء بالنسبية للملزمين والإدارة الضريبية في محاربة التهرب الضريبي؟
وماهي متطلبات وإجراءات الامتثال للحجز في المنبع؟
المقصود بإجراء حجز الضريبة على القيمة المضافة في المنبع:
يعني أن الجهة التي تدفع مبلغًا معينًا مقابل سلعة أو خدمة تقوم بخصم الضريبة أي الضريبة على القيمة المضافة من هذا المبلغ وتوريدها مباشرة إلى السلطات الضريبية نيابة عن المورد أو مقدم الخدمة. هذا الإجراء يساعد في ضمان جمع الضرائب بشكل أكثر فعالية ويقلل من التهرب الضريبي
و يعتبر الحجز من المنبع للضريبية على القيمة المضافة من أهم المستجدات التي جاء بها قانون المالية لسنة 2024، والتي سيبتدأ الشروع في العمل بها ابتداء من تاريخ فاتح يوليوز 2024، وبالتالي فاليوم الأخير من شهر غشت سيكون آخر أجل لوضع التصريح الخاص بالاقتطاع من المنبع بالنسبة لشهر يوليوز، و قد نشرت المديرية العامة للضرائب البيان المفصل للحجز في المنبع بالنسبة إلى الضريبة على القيمة المضافة (RAS) ، وذلك قبل أقل من 20 يوما على دخول هذا الإجراء الجبائي حيز التنفيذ.
• حجز الضريبة في المنبع عن العمليات المنجزة من قبل موردي السلع التجهيزية والأشغال الخاضعين للضريبة على القيمة المضافة:
إن الضريبة على القيمة المضافة المستحقة عن العمليات الخاضعة لهذه الضريبة المنجزة من لدن موردي السلع التجهيزية والأشغال الذين لم يقدموا لزبنائهم الخاضعين لهذه الضريبة، الشهادة التي تثبت أنهم في وضعية جبائية سليمة فيما يخص الالتزامات المتعلقة بالإقرار وأداء الضرائب والواجبات والرسوم المنصوص عليها في هذه المدونة والمسلمة من لدن إدارة الضرائب منذ ما لا يقل عن ستة 6 أشهر، يتم حجزها في المنبع من لدن الزبناء السالف ذكرهم.
غير أنه، لا تلزم بحجز الضريبة في المنبع المنصوص عليه أعلاه الدولة والجماعات الترابية وكذا المؤسسات العمومية والأشخاص الاعتبارية الأخرى الخاضعة للقانون العام والملزمة بموجب التشريع والتنظيم الجاري بهما العمل بتطبيق النصوص التنظيمية المتعلقة بالصفقات العمومية.
• حجز الضريبة في المنبع عن العمليات المنجزة من قبل مقدمي الخدمات الخاضعين للضريبة على القيمة المضافة
يتم حجز الضريبة على القيمة المضافة، المستحقة على عمليات تقديم الخدمات المشار إليها في المادة ( I89 5° و 10° و12°) ، والتي تحدد لائحتها بنص تنظيمي، في المنبع بنسبة 75 % من مبلغ هذه الضريبة من لدن
- الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات والمقاولات العمومية والشركات التابعة لها وكذا الهيئات العمومية الأخرى التي تدفع المكافآت المتعلقة بالخدمات المذكورة للأشخاص الخاضعين للضريبة على القيمة المضافة؛
- الأشخاص الاعتباريين الخاضعين للقانون الخاص المفروضة عليهم الضريبة على القيمة المضافة والأشخاص الذاتيين المحددة دخولهم وفق نظام النتيجة الصافية الحقيقية أو نظام النتيجة الصافية المبسطة الخاضعين لهذه الضريبة، الذين يدفعون المكافآت المتعلقة بالخدمات المذكورة للأشخاص الذاتيين الخاضعين للضريبة على القيمة المضافة الذين قدموا الشهادة المشار إليها في أعلاه. وفي حالة عدم تقديم الشهادة المذكورة، يتم حجز الضريبة في المنبع بنسبة %100 من مبلغ هذه الضريبة.
وتستثنى من حجز الضريبة في المنبع المشار إليه في البندين أعلاه:
• عمليات البيع المتعلقة بالطاقة الكهربائية والماء المزودة به شبكات التوزيع العمو مي.
• خدمات التطهير المقدمة للمشتركين من طرف الهيئات المكلفة بالتطهير وكذا إيجار عدادي الماء والكهرباء،
• البيوع المنجزة والخدمات المقدمة من طرف متعهدي الاتصالات،
• الخدمات التي يقدمها كل عون أو وسيط أو سمسار في مجال التأمين.
• وعمليات تقديم الخدمات التي يقل أو يساوي مبلغها خمسة 5.000 درهم في حدود خمسين ألف 50.000 درهم عن كل شهر وعن كل مورد لهذه الخدمات. يجب أن يدفع مبلغ الضريبة المحجو ز ة في المنبع المشار إليها في البندين أعلاه إلى قابض إدارة الضرائب خلال الشهر الموالي للشهر الذي تم فيه كل أداء، ويرفق كل دفع بورقة إعلام وفق نموذج تعده الإدارة.
أهمية هذا الإجراء بالنسبية للملزمين والإدارة الضريبية في محارة التهرب الضريبي:
إن حجز الضريبة على القيمة المضافة في المنبع سيقلل من إمكانية استخدام الشركات للفواتير الوهمية لزيادة المداخيل من الضريبة المذكورة بشكل غير مشروع، بما أن حجز الضريبة قبل أن يتم أداء مبلغ السلعة أو الخدمة الكامل، مؤكدا أن الحافز لإنشاء فواتير تحمل معطيات مغلوطة ينخفض، نظرا لأن الضريبة قد تم تحصيلها بالفعل، منبها في السياق ذاته إلى المسؤولية المشتركة التي تفرضها هذه الآلية على المشتري والبائع، بحيث يصبح الطرف الأول، الذي يحجز ويحول مبلغ الضريبة على القيمة المضافة، فاعلا رئيسيا في عملية التحصيل، فيما يعزز الإجراء حرص الطرفين ويقلص فرص الاحتيال الضريبي
وأن أهمية ميزة التحقق الفوري التي يوفرها حجز الضريبة على القيمة المضافة في المنبع موضحا أنه عند تفعيل هذا الإجراء يصبح من السهل على السلطات الضريبية التحقق من صحة المعاملات التجارية، إذ يتم توثيق كل معاملة من قبل الطرفين المشتري والبائع، ما يساهم في إنشاء سجل معاملات يمكن مراجعته بغرض التدقيق خلال أي وقت، مشيرا إلى دور الآلية الضريبية في التقليص من فرص الشركات لإصدار فواتير وهمية، إذ تكون الضريبة قد تم تحصيلها بالفعل، ما يحد من القدرة على تقديم مطالبات استرداد ضريبية غير مستحقة.
متطلبات وإجراءات الامتثال للحجز في المنبع:
- متطلبات الحجز في المنبع:
o عند استلام الفواتير التي تم إصدارها ابتداءً من يوليوز 2024، يجب على الزبائن المعنيين حجز الضريبة المستحقة في المنبع.
o الضريبة المحجوزة يتم دفعها بطريقة إلكترونية من خلال خدمة SIMPL-TVA، المتاحة عبر البوابة الإلكترونية للمديرية العامة للضرائب.
- إجراءات الامتثال:
o يجب على الأشخاص المعنيين تحميل دفتر التحملات المتعلق بالحجز في المنبع وتقديم الإقرارات اللازمة بشأن الضريبة المحجوزة عبر نفس البوابة الإلكترونية.
o ينبغي توفير بيانات دقيقة ومفصلة لكل عملية تخضع لحجز الضريبة في المنبع.
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم