القائمة الرئيسية

الصفحات



التجربة الجزائرية لمكافحة الفساد بين الواقع و الآفاق


  التجربة الجزائرية لمكافحة الفساد بين الواقع و الآفاق

مداخلة من إعداد: أ. عبد القادر كاس

 

 

توطئـــة:

        تعد ظاهره الفساد الإداري والمالي من الظواهر الخطيرة التي تواجه البلدان وعلى الأخص الدول النامية حيث أخذت تنخر في جسم مجتمعاتها بدأت بالأمن وما تبعه من شلل في عملية البناء والتنمية الاقتصادية والتي تنطوي على تدمير الاقتصاد والقدرة المالية والإدارية وبالتالي عجز الدولة على مواجهة تحديات أعمار أو إعادة أعمار وبناء البني التحتية اللازمة لنموها . ولاقت هذه المشكلة (الفساد Corruption) اهتمام الكثير من الباحثين والمهتمين واتفقت الآراء على ضرورة وضع وتأسيس إطار عمل مؤسسي الغرض منه تطويق المشكلة وعلاجها من خلال خطوات جديه ومحدده ومكافحة الفساد بكل صوره ومظاهره وفي كافة مجالات الحياة لتعجيل عملية التنمية الاقتصادية

الإشكالية:

        أمام تعدد مطالب المجتمع المدني و الشركاء الدوليين و إرادة السلطة السياسية و أخذا بعين الاعتبار للأوضاع القائمة ترسخت القناعة بأن السياسات القائمة لمكافحة الفساد و النابعة من داخل المجتمع ذاته أمر ضروري و عاجل ، خاصة بعد تجذره مما يحدو بنا إلى طرح  التساؤل التالي :

        ما هي الأسباب و الظروف التي أدت إلى الوضع الحالي ، كيف تم التعامل معه ، ما هي الطرق والوسائل الممكن استعملها و الكفيلة بإصلاحه و تحسينه ؟

الفرضية:

يحقق سياسات مكافحة الفساد و الوقاية منه أهدافها الإستراتيجية كلما اتسمت بالشمولية و الواقعية و التشاور.

الفرضيات الفرعية:

1–للعوامل التاريخية و التوجهات  السياسية  و الظروف الاقتصادية بالغ الأثر على تجذر الفساد .

2- اتسمت محاولات الإصلاح و مكافحة الفساد في الجزائر بالجزئية و العشوائية مما يجعلها غير مؤثرة بالشكل المطلوب للقضاء عليه، بل يستدعي ضرورة تبني نهج إصلاحي مغاير للأنماط السابقة بالتركيز على أسباب الفشل.

3- يقتضي تفعيل الإصلاح والمكافحة إضافة إلى التغييرات الهيكلية ، التغيير في الذهنيات السائدة  ،الاعتماد على التقنيات و الوسائل الحديثة ،مع تبني القيم الداعية إلى تحسين السلوكيات المتبادلة من الإدارة و المواطن.

وعلى هذا الأساس حاولنا معالجة هذا الموضوع لذلك فقد احتوت هذه الدراسة على اربعة فصول  بحيث:

        -  نتطرق في المحور الأول إلى الإطار المفاهيم و النظري للفساد.

        -  أما المحور الثاني فقد حاولنا فيه تشخيص لواقع الفساد المستشري في الجزائر.

  -أما المحور الثالث فقد خصص للمحاولات العديدة لمكافحته في الجزائر و الصعوبات التي تواجهها و تحول دون نجاحها.

       - وفي المحور الرابع تم تحديد الأطر العامة لصياغة الإستراتيجية الجديدة لمكافحة الفساد في الجزائر كمبحث أول ، و ترجمتها من خلال خطوات عملية لتطبيقها على ارض الواقع في المبحث الثاني.

 

المحث الأول: مفهوم الفساد الإداري:

          لقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة في مختلف وسائل الإعلام المرئية و المسموعة و المكتوبة عن فضائح و ممارسات تتعلق بالفساد بكافة إشكاله من رشوة, و اختلاسات, و استغلال نفوذ و انحرافات سلوكية, و الشكل مختلفة من التسبب الوظيفي للعاملين في الأجهزة الحكومية مما احدث أزمة ثقة بين المواطنين و الأجهزة الحكومية.

 فالفساد هو سلوك مخالف للأعراف الاجتماعية و القيم الدينية و الأخلاقية بقصد تحقيق منافع شخصية.

تعريف البنك الدولي له : إساءة استعمال الوظيفة العامة للكسب الخاص  فالفساد يحدث عندما يقوم موظف بقبول أو طلب أو ابتزاز رشوة, لتسهيل عقد أو إجراء طرح لمنافسة عامة . كما يتم عند عرض تقديم رشوة للاستفادة من سياسات أو اجراءات عامة للتغلب على منافسين و تحقيق إرباح خارج الأطر القانونية كما يحصل عن طريق استغلال الوظيفة العامة دون اللجوء إلى الرشوة و ذلك بتعيين الأقارب أو سرقة أموال الدولة مباشرة. وذلك بصيغة متجددة و مستمرة أو غير ذلك و سواءا كان ذلك بأسلوب فردي أو جماعي منظم.

        و يتضح من ذلك آن هناك آليتين للفساد. الأولى هي آلية الرشوة و هي مكشوفة وواضحة و الثانية و هي الأخطر تتمثل في وضع اليد على المال العام و الحصول على مواقع وظيفية متقدمة للأقارب . أما الفساد الأكبر فيتحقق عند تحالف الفساد السياسي مع الفساد الإداري.

أولا :أشكال الفساد الإداري

و تتمثل أشكال الفساد الإداري  فيما يلي :

1- التمييز بين المواطنين :.

2- التسيب في العمل :

3- الرشوة:

4- إفشاء المعلومات أو التكتم عليها:

 5- تزوير الوثائق و السجلات:

   6- السرقة :.

ثانيا : أسباب الفساد الإداري

لقد تعددت الأسباب التي ينجم عنها الفساد الإداري و منها:

1- البيئة الاجتماعية: social environment .

  2- البيئة السياسية:.

3- البيئة الإدارية:

4- البيئة الاقتصادية:

5- الاجتهادات الشخصية للموظفين::

ثالثا :معالجة الفساد الإداري:

بعد تبيين الأسباب نصل الآن إلى علاج الفساد الإداري ومن بين المعالجات الممكنة مايلي:

1- على مستوى البيئة الاجتماعية:

يساهم الوعي والإيمان بالمصلحة العامة والرفض الجماعي للضغوط الاجتماعية الهادفة للانصياع لمفاهيم تقليدية وبيئية ولعلاقات اجتماعية تتعارض مع الإدارة الحديثة ومتطلباتها في التقليص من هامش الفساد الإداري من ذلك إدراك المواطنين لمهمة الإدارة التي وضعت لخدمة مصالحهم بالأساس وليس العكس ومما يقلص من حجم الفساد كذلك الرقابة الشعبية عن طريق الشكاوي و الاتصال بممثلي الشعب في مختلف المجالس للاحتجاج على الأوضاع المتردية للجهاز الإداري .

2- على المستوى السياسي::

1- استقلالية الجهاز الإداري عن الضغوط السياسية و ذلك بتحديد واجبات الجهاز و مصادر الرقابة عليه و حماية الموظفين به من تجاوزات السياسيين.

2- تشديد الرقابة القضائية على الجهاز الإداري و معاقبة الموظفين المخالفين.

3- منع الوساطة السياسية لحماية المخالفين من الموظفين و التستر على مخالفاتهم

4- تحديد مصادر اتخاذ القرار الإداري و منع باقي الجهات من التدخل فيه.

3 - علي المستوى الإداري :

1- معالجة الانحراف دون تهاون و تقوية الرقابة الإدارية و سرعة اتخاذ تدابير الأزمة ردعا للمخالفين.

2- العناية بالهيكل التنظيمي و ملاحظة واقعيته و ملائمته لطبيعة العمل مع وضوح المسؤوليات و الصلاحيات

3- وضوح التعليمات و القواعد و بيان كيفيات تطبيقها للابتعاد عن التفسيرات الشخصية لها.

4- اتصاف  الإدارة بالنزاهة و الاستقامة و تقديم المصلحة العامة على المصالح الشخصية للقادة و الموظفين.

5- لابد من توصيف للوظائف وبيان مستلزماتها و وضع المعايير الخاصة بها تعيينا و ترقية .

6- الاهتمام بالعلاقات الإنسانية في مجالات العمل و اتخاذ القرار .

7- تحديد لمختلف العقوبات و الجزاءات المترتبة عن المخالفات .

8- تشجيع المبادرات النافعة و إخضاعها للرقابة قبل تنفيذها.

 

 

     4- المستوى الاقتصادي: لابد من :

1- توفير نظام لتقسيم العمل يربط بين الأجر و ما يتطلبه من عناء وتعب. مما يبعدهم عن الرشوة و الاختلاس.

2- توفير نظم للحوافز تشجع المبادرات والتمسك بأخلاقيات الوظيفة العمومية.

3- إيجاد نظام لحساب دوري لمكاسب الموظفين و ممتلكاتهم لتحري مشروعيتها و تحديد مصدرها.

4- القيام بدراسات دورية لمستويات الأجور في القطاعات عامة و الخاصة و المختلطة لإبعاد الفجوة بين مستويات الأجور .

    5-     الاجتهادات الشخصية :

1- لابد من إعادة النظر في قواعد العمل و أنظمته و إكمال كل نقص فيها لمنع إطلاق التفسيرات الشخصية آو التهرب من المسؤولية و الامتناع عن تطبيق النصوص.

2- وضع قواعد قانونية عقابية صارمة للاجتهادات الشخصية المبنية على النزوات و إظهار المقدرة .

3- وضع أدلة خاصة بكل معاملة تحدد خطوات العمل و احتمالاته و إعادة النظر فيها كلما تغيرت الظروف.

·        إستراتيجية الإصلاح من خلال إنشاء أجهزة التفتيش و الرقابة:

تركز هذه الإستراتيجية على التقليل من نفقات الأجهزة الإدارية من خلال زيادة الرقابة على الصرف عن طريق إنشاء الأجهزة الرقابية المختلفة للحد من التبذير و الحيلولة دون استغلال الوظيفة العامة لأغراض خاصة ، ومن آلياتها  تفعيل إجراءات تحصيل الديون الحكومية ، و تدقيق إجراءات صرف النفقات من خلال أجهزة  رقابية  متخصصة و تؤكد هذه الإستراتيجية على عكس سابقتها التي ترى أن المشكلة تكمن في الإجراءات والهياكل الإدارية أكثر منها مشكلة في سلوك الموظفين على ضرورة إيجاد التوازن بين سلطات  المدراء و طلبات المواطنين و هو ما تؤيده السلطة التشريعية و أجهزة الإعلام من خلال المطالبة بكشف مخالفات المسؤولين ومحاسبتهم عليها  و يترتب عن هذه  الإستراتيجية التأثير على الروح المعنوية للموظفين بسبب كثرة الرقابة مما يبطئ في سرعة الانجاز كما يشكك البعض بان تكاليف تطبيقها تفوق ما تسعى لوقفه من الهدر

·        إستراتيجية الوضوح و الشفافية في عمل الأجهزة الإدارية :

تحرص هذه الإستراتيجية على التأكد من تطابق ممارسات الموظفين في الأجهزة الإدارية مع الأعراف المهنية و المعايير و الأخلاقيات – أخلاقيات المهنة – من خلال إتاحة الفرصة للجمهور و وسائل الإعلام و جماعات المصالح المختلفة للاطلاع على سير العمل في الأجهزة المختلفة و الحصول على المعلومات التي يرغبون فيها للاطلاع عليها مما يعزز الثقة بالجهاز الإداري و هي مشكلة يراها دعاة هذه الإستراتيجية إحدى الحلقات المفقودة في نمط التعامل بين الأجهزة الإدارية و المواطنين  

  

 


الخصائص

 

الاستراتيجيات

الهدف من الإصلاح

 

المدخل الرئيسي للإصلاح

النتائج الرئيسية

المشاركون الرئيسيون

المؤيدون

- إستراتيجية الاصلاح من خلال إنشاء أجهزة التفتيش و الرقابة

الاقتصاد في الإنفاق

التأكد من عدم وجود مخالفات

الوصول لمعلومات عن واقع سير العمل من خلال عمليات المراجعة و التدقيق

أجهزة التفتيش و الرقابة

السلطة التشريعية انطلاقا من دورها الرقابي على الجهاز الاداري

أجهزة الإعلام

- إستراتيجية الوضوح و الشفافية في عمل الأجهزة الإدارية

تحقيق العدالة

تعريف المواطنين بحقوقهم

-         توفير المزيد من المعلومات

-         التميز بالشفافية

-وسائل الإعلام

- جماعات الضغط

- إفراد الجمهور

 - البرلمان

- القضاء


المحور الثاني: تشخيص الواقع الحالي في الجزائر.

        قبل أن نتطرق إلى الجهود المبذولة في سبيل إصلاح الوضع لابد من الإشارة إلى تشخيص الواقع المتردي الذي يستوجب القيام بهذه الإصلاحات ومن مظاهر التردي التي نراها جديرة بالدراسة و التحليل للوصول إلى إصلاحات عاجلة لها اذكر :

-         سوء استخدام الموارد البشرية (أولا)

-          نقائص التسيير (ثانيا).

1- سوء استخدام الموارد البشرية كسبب للفساد:

أولا:غياب الكفاءة:

ويرجع غياب الكفاءة إلى الأسباب التالية:

ا- طبيعة المسار المهني للموظف:

ب - سياسة التوظيف المنتهجة بعد الاستقلال:

ثانيا :نقص التحفيز:

1-  الأجور والعلاوات : مما أدى إلى ظهور وتفشي آفات اجتماعية مثل الرشوة.

2-  الترقية:.

3-  التكوين وتحسين المستوى وتجديد المعارف:

2 - نقائص التسيير.

    تعاني الإدارة العامة في الجزائر لا سيما في الجانب المتعلق بالتسيير من عدة نقائص و صعوبات تتمثل أساسا في تسارع تطور التشريعات و تداخلها ، و كذا عدم استخدام الوسائل الحديثة في التسيير ، ضف إلى ذلك عدم القدرة على التحكم في النفقات و ارتفاع تكلفة خدماتها.

أولا : مشكلة التشريع  :

- وجود بطء في إصدار بعض التشريعات والإسراع في إصدار بعضها الأخر دون اكتمال دراستها .

- التغيير المستمر في التشريعات التي تنظم أعمال أجهزة الدولة خلال فترات متقاربة نسبيا.

و لا نريد إطالة الحديث عن ذلك فليس موضعه هنا ولكن نود أن نبين بأن تعدد القوانين والتنظيمات وما يصاحبها من تعديلات سريعة تؤدي إلى نتائج سلبية على العمل الإداري نذكر منها :

- تضارب الاختصاصات الوظيفية بين الأجهزة وداخل الجهاز الإداري مما يؤدي إلى التهرب من المسؤوليات .

- كثرة التحايل على القوانين ومحاولة تقصي الثغرات الموجودة سواء من المواطن أو الموظف.

- عدم استقرار المعاملات الإدارية مما يضعف كفاءة وفاعلية الجهاز الإداري.

- عدم استطاعة الباحثين والدارسين إجراء دراساتهم في ضوء هذه الفوضى .

      ولهذا يتعين على الجهات المختصة في الدولة تشجيع الدراسات العلمية والميدانية للموضوعات المراد تنظيمها تشريعيا والبحث عن الكفاءات التي تتمتع بقدرات علمية وتجارب متخصصة للاستفادة منهم في وضع تشريعات مدروسة تكون انعكاسا للبيئة، فالأنظمة المنقولة من البيئات الأخرى قد تكون عقبة في وجه المسؤولين عن تطبيقها كما يجب أن لا يترك وضع القوانين والتنظيمات للقانونيين فقط بل لابد من الاستفادة من خبرات المختصين.

ثانيا : عدم الاعتماد على الوسائل الحديثة للتسيير

ثالثا : عدم التحكم في النفقات وارتفاع التكلفة الاقتصادية للخدمة :.

        ولعل من أهم الأسباب التي أدت إلى ذلك عدم استعمال الأساليب الحديثة في التسيير ، ومراقبة ترشيد استعمالها ،فمراقبة التسيير العمومي وسيلة حديثة رغم استعمالها في الإدارة إلا أنها لم تحقق أهدافها المطلوبة منها بسبب سوء تطبيقها .

 

المحور الثالث: التدابير و الإجراءات المتخذة

          تبعا للفلسفة السائدة خلال هذه الفترة و بغية تجسيدها ميدانيا – على ارض الواقع- تم اتخاذ عدة تدابير و إجراءات  تهدف إلى مكافحة الفساد ، و لان اتسمت اغلب الإصلاحات بالجنوح نحو الطابع القانوني بصفة عامة  إلا أن الإجراءات المتخذة تنوعت من وضع إطار قانوني عام للوقاية من الفساد و مكافحته باعتباره الداء الأساسي و المعضلة المستعصية ، لتتوالى الإصلاحات باستحداث قانون أساسي عام للوظيفة العمومية يتضمن مقترحات جريئة و حساسة و ما تبعه من إصلاح لنظم التكوين لاسيما ما تعلق منها بتكوين الإطارات و  اعتماد للشبكة الجديدة للأجور التي ثار بشأنها ولازال  جدل كبير و عام .

1 - الوقاية من الفساد ومكافحته .

        وقد تضمن هذا النص بالإضافة إلى الديباجة والأختام, أحكام عامة حددت أهداف هذا القانون في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته من حيث تقنين وسائل الوقاية والحماية الوقائية منه وتتبعه وعلاجه في حالة حدوثه , كما احتوت هذه الأحكام العامة على تحديد لبعض المصطلحات والمفاهيم القانونية تحديدا جامعا مانعا في نطاق أحكام هذا النص, بحيث عرف الفساد, الموظف العمومي, الموظف العمومي الأجنبي, موظف المؤسسة الدولية العمومية, الكيان, الممتلكات, العائدات الإجرامية, التجميد أو الحجز, المصادرة, الجرم الأصلي, التسليم المراقب, الاتفاقية المهنية. وقبل أن نتطرق إلى مضمونه  لابد من التطرق إلى أسباب وأهداف صدوره, ثم التركيز على مضمونه, والتطرق إلى طبيعته  وخصائصه.

أولا : أسباب و أهداف صدور قانون الوقاية من الفساد و مكافحته:

1-مخاطر الفساد:

فهكذا ووعيا واقتناعا من طرف السلطات السياسية العليا في الدولة و البرلمان الجزائري بمخاطر وأبعاد هذه الآفة تم تصور ورسم سياسة عامة ووطنية شاملة للوقاية من الفساد و مكافحته وتقنينها في هذا القانون.

2-أهداف القانون:

يرمي هذا النص إلى تحديد وتنظيم كافة الآليات والإجراءات السياسية والاجتماعية والأمنية والقانونية والقضائية والوقائية والعلاجية بالإضافة إلى آليات وإجراءات التعاون مع المجتمع الدولي في هذا المجال, إضافة إلى:

- دعم التدابير الرامية إلى الوقاية من الفساد و مكافحته.

- تعزيز النزاهة و المسؤولية والشفافية في تسيير القطاعين العام و الخاص.

- تسهيل و دعم التعاون الدولي و المساعدة التقنية من أجل الوقاية من الفساد و مكافحته, بما في ذلك استرداد الموجودات.

        وتتضح هذه الحقيقة من خلال قراءة و تفحص نص هذا القانون و تحليل مضمونه تحليلا شاملا سياسيا, اقتصاديا, اجتماعيا, أمنيا و قانونيا.

ثانيا : طبيعة و خصائص هذا القانون:

        اعتمادا على المفاهيم و الضوابط و المعايير العلمية و القانونية والسياسية يمكن الإقرار بأن هذا القانون هو عبارة عن تقنين شامل و كامل لكافة جرائم الفساد و لكافة العقوبات المقررة لها بالإضافة إلى أنه جامع لكافة التدابير والآليات الاجتماعية والاقتصادية والقانونية والقضائية و الوقائية والعلاجية لبلورة وتجسيد السياسة  الوطنية للوقاية من مخاطر وتهديدات هذه الآفة وآثارها،فهو يمتاز قياسا إلى قانون العقوبات و ما يتضمنه من جرائم الفساد بالكلية والشمولية, وكذا بالقياس إلى كل من قانون تمويل الأحزاب السياسية و قانون الضرائب غير المباشرة, وقانون المالية لسنة 2006, وقوانين حماية الأملاك العمومية والأشخاص, والنقد والقرض, وتبييض الأموال, ومكافحة التهريب, وغيرها.كما يتميز بأنه يتطابق مع الإرادة السياسية العامة للدولة في حماية المصلحة العامة والأموال من كافة المخاطر, ومن بينها مخاطر الفساد, وأهداف أخلقة العمل العام وتعزيز كافة مؤسسات الدولة وسلطاتها و موظفيها بأخلاقيات وآداب الحكم الراشد و دولة الحق والقانون.

      و يتطابق هذا القانون  مع كافة الاتفاقيات الدولية, الإقليمية والعالمية المتعلقة بالوقاية من الفساد و مكافحته, ومن بينها اتفاقية منظمة الدول الأمريكية في 29 مارس 1996, واتفاقية الإتحاد الإفريقي للوقاية من الفساد ومحاربته  التي تم اعتمادها بتاريخ 12 يوليو 2003, واتفاقية الأمم المتحدة التي اعتمدتها الجمعية العامة في 31 أكتوبر 2003, والتي صادقت عليها الجزائر بتاريخ 25 أفريل  2004، و بذلك يشكل تقنينا للسياسة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته.

ثالثا : مضمون القانون و التدابير التي جاء بها:

1- التدابير الوقائية في القطاع العام:

جاء في الباب الثاني منه ذكر التدابير الوقائية في القطاع العام من خلال مراعاة القواعد التالية: .

- مبادئ النجاعة والشفافية والمعايير الموضوعية مثل الجدارة والإنصاف والكفاءة.

- الإجراءات المناسبة لاختيار وتكوين الأفراد المرشحين لتولي المناصب العمومية التي تكون أكثر عرضة للفساد.

-  أجر ملائم بالإضافة إلى تعويضات كافية.

-   إعداد برامج تعليمية وتكوينية ملائمة لتمكين الموظفين العموميين من الأداء الصحيح والنزيه والسليم لوظائفهم وإفادتهم من تكوين متخصص يزيد من وعيهم بمخاطر الفساد كما يجب عليهم التصريح بممتلكاتهم,

2- الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته:  وتتكون من:

- مجلس اليقظة والتقييم

- مديرية الوقاية والتحسيس

- مديرية التحليل والتحقيقات

   وتضمن استقلاليتها من خلال اتخاذ التدابير التالية

1- قيام الأعضاء والموظفين التابعين لها، المؤهلين للإطلاع على أية معلومات ذات طابع سري بتأدية اليمين الخاص بهم ، قبل استلام مهامها،

2-  تزويد الهيئة بالوسائل البشرية والمادية اللازمة لتأدية مهامها.

3- التكوين المناسب والعالي المستوى لمستخدميها.

4- ضمان أمن وحماية أعضاء وموظفي الهيئة من كافة أشكال الضغط، الترهيب والإهانة التي قد يتعرضون لها أثناء أو بمناسبة ممارسة مهامهم .

3- الجريمة والعقوبات وأسباب التحري:  

4-التعاون الدولي واسترداد الموجودات: وقد تحصلت الجزائر على بسبب ذلك على صفة عضو مؤسس في الجمعية الدولية للسلطات الوطنية المعنية بمكافحة الفساد كما تحصل السيد : الطيب بلعيز وزير العدل حافظ الأختام على صفة عضو مؤسس في ذات الجمعية، وذلك خلال اجتماع هذه الجمعية المنعقدة بالعاصمة الصينية بكين خلال الفترة الممتدة بين 22 إلى 26 أكتوبر2006، والذي حضره كبار المسؤولين لأكثر من 160 دولة بالإضافة إلى خبراء وممثلين عن منظمات دولية وإقليمية وحسبما أشارت إليه وزارة العدل فإن هذا التتويج جاء نتيجة مجهودات الجزائر ومشاركتها الفعالة في إعداد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والمصادقة عليها وكذا إعداد الاتفاقية الإفريقية لمكافحة الفساد والتوقيع والتصديق عليها والمشاركة في كافة التجمعات الخاصة بالظاهرة، على الصعيد العربي والإقليمي والدولي 

        كما تم في هذا الإطار أيضا عقد اجتماعات وزارية مشتركة برئاسة رئيس الحكومة خرجت بعدة اقتراحات وتوصيات لاتخاذ قرارات صارمة ورسم خطة عمل بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات ميدانية لمكافحة هذه الآفة والظاهرة الخطيرة  وبغية تتمة الإجراءات المتخذة و فعاليتها لابد من الاهتمام بالحياة المهنية للموظفين و أجورهم لان ذلك من أهم السبل المساعدة في الوقاية من الفساد و القضاء عليه.

2 - القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية.

        أولا :مساهمة القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية في تقنين إستراتيجية الموارد البشرية في الإدارة العامة الجزائرية.

   وهكذا وبعملية مقارنة ومطابقة بين عناصر ومقومات إستراتيجية الموارد البشرية في النظرية العلمية والقانون الأساسي العام للوظيفة العمومية في الجزائر نتبين مدى احتوائه هذا الأخير على عناصرها ومقوماتها وبعد أن خلصنا إلى ذلك نتسأل عن دور هذا القانون وأثاره على فاعلية أداء الموارد البشرية بصورة خاصة ورشادة وفعالية عمل الإدارة العامة بصورة عامة وهو ما نتطرق إليه الآن .

ثانيا : دور القانون وآثره على فاعلية الإدارة العامة في الجزائر:

1- تكييف مهام الإدارة مع المحيط المؤسساتي والسياسي والاقتصادي الجديد

أ- هيئات المشاركة والطعن:

        في إطار تعزيز مشاركة الموظفين في تسيير مسار حياتهم المهنية، وتحقيقا لمبدأ العدالة والإنصاف تم إنشاء ثلاث لجان متخصصة، وهي:لجنة إدارية متساوية الأعضاء،لجنة الطعن،لجنة تقنية.

ب- مجال الاستثمار في تكوين الموارد البشرية:

        ولقد حاول هذا القانون تعزيز الرابطة العضوية بين عملية التكوين ومختلف عمليات تسيير الموارد البشرية لاسيما التوظيف والترقية، فمن ضمن طرق التوظيف المباشر حالة تلقي تكوين متخصص، كما تقترن كل ترقية بالخضوع مسبقا إلى دورة تكوينية، إلاّ أنّ هذا القانون لم يوسع من الوضعيات القانونية التي تسمح للموظف من الاستفادة من تكوين متخصص طويل المدى.

3 -  الإصلاحات المتعلقة بالأجور و الشبكة الجديدة لها.

       و في إطار الإصلاحات  المتعلقة بالوظيف العمومي بعد اصدرا لقانون الأساسي العام للوظيفة العمومية تمت الموافقة و المصادقة أيضا على إعادة النظر في الشبكة الوطنية للأجور باعتماد شبكة جديدة للتخفيف من الظروف الصعبة التي يعمل بها الموظفون للنهوض بديمومة الدولة م ومؤسساتها مع التأكيد على ما يتطلبه ذلك من ضرورة اعتماد نظام جديد لتصنيف الموظفين و الأعوان العموميين خاصة ما تعلق بمنتسبي الجماعات المحلية و العاملين في منظومة التربية و التكوين و في الهياكل الصحية ، وكان ذلك تتويجا للمجهودات التي بذلها ممثلو السلطات العمومية و  ممثلو العمال  من اجل اعتماد منهج و الخروج بحل يرضي الجميع ، و هو ما يعطي مضمونا ملموسا للعقد الاقتصادي و الاجتماعي الذي ارتضوه و التزموا به سابقا .

       و رغم أن رفع الأجور يكلف الدولة نفقات باهظة ، فانه يدخل تحسينات أجرية كان لابد منها لتحسين المستوى المعيشي للموظفين العموميين ، و يقتضي مقابل هذا المجهود الذي تبذله الدولة في هذا المجال أن يلتزم  كل موظف بالقيام بما عليه في تحسين مستوى و نوعية خدمات المصالح العمومية لتصبح الإدارة العمومية أداة فاعلة في ترقية المواطنة و التنمية الوطنية الشاملة .

        و تظهر أهمية مراجعة الشبكة الوطنية للأجور من خلال الزيادة المتوقعة في أجور الموظفين و التي تصل إلى حدود 56 في المائة حسب ما أقره مجلس الحكومة المنعقد بهذا الخصوص و الذي خصص ما يقارب166 مليار دينار جزائري لهذا الغرض  في مشروع  قانون المالية لسنة 2008  ، في حين حددت النقطة الاستدلالية ب 45 دج.

        و تنفيذا لآليات هذه الشبكة الجديدة تمت المصادقة على خمسة مراسيم تتعلق بكيفية منح الزيادات الاستدلالية و مرتبات الموظفين و كيفيات توظيف الأعوان المتعاقدين و النظام التأهيلي لهم إضافة إلى الشبكة الاستدلالية و نظم رفع الرواتب .

       هذه الشبكة الجديدة التي جاءت حسب المسؤولين لإصلاح الاختلالات الموجودة في النظام القديم حيث تعطى رتب تصنيفية عالية للموظفين بعيدة  تماما عن مؤهلاتهم ، إضافة إلى نظام تعويضي يصل إلى 200 في المائة و تدرج في المسؤوليات لا يقابله وجود امتيازات مادية.

4 - الإصلاحات المتعلقة بتكوين الإطارات "المدرسة الوطنية للإدارة"       

أولا : التأكيد على الطابع المهني للتكوين الذي تقدمه المدرسة:

ويترجم ذلك من خلال:

أ- إعادة النظر في شروط الالتحاق بالمدرسة

ب- تقاضي منح متميزة

ج- إعادة تثمين التكوين الأولي المسبق.

ثانيا : تصور جديد للتكوين وسير المؤسسة:

أ- مسار تكوين معدل:.

ب - مكانة هامة مخصصة للتشاور العلمي و البيداغوجي:.

ثالثا: تعزيز التنظيم الإداري وهياكل المدرسة.:

الصعوبات التي تواجه محاولات التصدي للفساد.

أولا : الوسائل المالية

ثانيا : الوسائل البشرية:

ثالثا : وسائل التنفيذ.

مما سبق  نخلص إلى أن هناك جهود كبيرة جدية و هادفة بذلت من اجل مكافحة الفساد و التصدي له من قبل السلطات العامة ، إلا أن ذلك لا ينفي عنها جملة من السلبيات التي تكتنف أي عمل أو محاولة إصلاحية كانت   فكونها جهدا بشريا  يقتضي ذلك وجود الخطأ و الزلل  و تعدد الهفوات و الثغرات التي تسمح بعرقلتها  و التحايل عليها ، ضف إلى ذلك جملة من العقبات و المعوقات الطبيعية أو البشرية التي تعترض سيرها الحسن و تحول دون تأثيرها بالشكل المرغوب فيه .

       و كغيره من العمليات  التي تحتاج إلى تقييم دوري لها،و ذلك للخروج بنتائج آنية تساهم في حل المعضلات القائمة من أجل الاستمرار في التطوير و الإصلاح ، لا تشذ عن هذه القاعدة و المنطق ، و سنحاول فيما يلي تقييم هذه الجهود ، مستدلين في ذلك بجملة من الشواهد و الملاحظات البادية للعيان .

         فمن حيث المحتوى نلحظ أن الاهتمام بالعنصر البشري طغى على  الإصلاح هذه المرة بخلاف العادة أين كانت مختلف الإصلاحات  تهتم بالجانب البيروقراطي و الإصلاحات الهيكلية الجوفاء التي تعتمد للتخلص من البيروقراطية خلق و إيجاد هياكل جديدة بزعم محاربة الظاهرة لكنها لا تنفك أن تصبح  و بالمقابل أداة بيروقراطية جديدة إن هذا الطابع المميز هو ما دفع بالسيد ميسوم سبيح  إلى القول: (إن النظرة إلى الإصلاح الإداري في الجزائر كانت فقط من زاوية إصلاح الهياكل)، كما ركز على جانبي الأجور و التكوين للإطارات بعد ما تمت معاينة الأسباب الحقيقية لهجرة الإطارات خارج الوطن بصفة عامة و القطاع العمومي بصفة خاصة،وهما من العوامل المهمة التي تساهم في جلب الإطارات و تحفزهم للاستقرار هذا نظريا  لان نجاح ذلك أو فشله مرتبط بعده عوامل أخرى  تتمثل أولا في الروح الوطنية ، إضافة إلى الأجر و التكوين الممنوح لأقرانه في الدول الشقيقة و الأجنبية لا بل في الدولة ذاتها من القطاع الخاص ،هذا دون أن نغفل الجانب الاستراتيجي الذي يشكل دعامة هامة للإصلاح إلا و هو قانون الوقاية من الفساد و مكافحته ، الذي يعتبر قاطرة للإصلاح الإداري في الجزائر ، إلا أن مما يؤسف له بهذا الخصوص هو الاعتماد شبه المطلق على المبادرات و الجوانب القانونية في الإصلاح ، دون الالتفاف إلى جوانب أخرى ذات أهمية بالغة خاصة ما تعلق منها بالجانب القيمي ،  فالاعتماد على الجانب القانوني البحت في الإصلاح له انعكاسات وخيمة  فتنظيم عملية الوقاية من الفساد و مكافحته مثلا تحتاج إلى عدة تنظيمات و لوائح يصعب حصرها في عدد معين مما يوقعنا في إحدى المشكلتين التاليتين :

-         إما عدم تغطية الموضوع من كافة جوانبه لسد الذرائع الموصلة إلى الفساد .

-         إما إحداث كما هائلا جدا من القوانين و التنظيمات التي يصعب تطبيقها  وتحديد مجالاتها ومواكبة التطورات و المستجدات الطارئة عليها . 

             و في انتظار  حصول ذلك سيكون المفسدون فد عاثوا في الأرض فسادا و أتوا على الأخضر و اليابس، ضف إلى ذلك مشاكل التشريع المرتبطة بمدته و درجة غموضه ، و هي مسألة مرتبطة إضافة إلى ذلك بالقيم و غير ذلك كثير ، مما يدفعنا إلى التفكير أكثر لتعزيز المكاسب المحققة و التقدم أكثر في مجال الإصلاح الإداري .

 

 

المحور الرابع: نظرة مستقبلية لمواجهة الفساد الإداري في الجزائر

          بالنظر لما تقدم ذكره من العوامل و التجارب السابقة و ما اكتنفها من تطورات عميقة و صعوبات جمة أدت في كثير من المرات إلى إفشال المحاولات الإصلاحية المتعددة الجوانب و استنادا إلى كل ذلك نطرح في ما يلي أطرا عامة لصياغة إستراتيجية جديدة للإصلاح في الجزائر ، مستندين في ذلك إلى التطورات و المستجدات الراهنة من جهة و إلى الآراء و الخبرات المعبر عنها من قبل أولي الشأن و الخبرة بهذا المجال ، لنخلص إلى اتخاذ خطوات عملية لتجسيد هذه الإستراتيجية. 

 

إستراتيجية الإصلاح الشامل:

       هذه الإستراتيجية تركز في سعيها لإصلاح على مختلف العناصر الأساسية الحرجة للأنظمة والممارسات الإدارية، في حل قطاعات و أجهزة الإدارة فهي تشبه إستراتيجية الإصلاح الأفقي من حيث شمولها لكافة القطاعات و إستراتيجية الإصلاح القطاعي بتعرضها لجل العناصر الأساسية فيه، ونظرا لطابعها الشامل فإن نجاح تطبيقها مرهون بتوافر الإرادة السياسية اللازمة والمقومات المجتمعة الكلية التي تدعمه وتسانده فإضافة إلى تبني القيادة السياسية لهدف التطوير و الإصلاح الإداري الشامل تتطلب هذه لإستراتيجية تطويرا في الدور الرقابي للمؤسسة التشريعية و المؤسسات الرقابية وتصحيحا لتوازنات القوى والمصالح بين مختلف السلطات و المؤسسات في المجتمع، إضافة إلى مواكبة نظم  التعليم و هياكل القيم للواقع المراد الوصول إليه، و تزداد احتمالات النجاح عندما يكون المجتمع بصدد عمليات تغيير و تنمية شاملة لكافة الميادين الاجتماعية والاقتصادية و السياسية فيجب أن يكون هذا الإصلاح الإداري جزء من خطط الإصلاح السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي المطبقة حتى تتوافر له و لها نسب نجاح أكبر.

         و في الجزائر  فإن الإستراتيجية المنتهجة في الإصلاح اتسمت غالبا يكونها أما من النوع الأول (إستراتيجية الإصلاح الجزئي) أو من النوع الثاني (إستراتيجية الإصلاح الأفقي)، إلا أن ذلك لم يمنع من اللجوء مؤخرا إلى النوع الثالث و هو ما يعتبر استفاقة نوعية في انتظار تجسيد اللجوء إلى النوع الرابع منها و الذي بدأت تلوح في الأفق بوادر حقيقية للجوء إليه انطلاقا من التوصيات و الاقتراحات التي قدمتها مختلف لجان الإصلاح المنشأة لهذا الغرض و التي ركزت على الترابط العضوي الذي لا يمكن تجاهله و لا إهماله و هو ما تترجمه الإرادة السياسية المتجلية في اعتماد نهج يقوم على الجمع بين هذه الإصلاح من خلال مساعي فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بتنصيبه مباشرة بعد استلام مهامه للجان الإصلاح الثلاث في ورشات كبرى ألا و هي: لجنة إصلاح المنظومة التربوية، لجنة إصلاح العدالة، لجنة إصلاح مهام و هياكل الدولة، و هنا تم التركيز على جميع الأبعاد إضافة إلى البعد الاقتصادي الذي قطعت فيه البلاد أشواطا هامة،كما لا ننسى التركيب النوعي لهذه اللجان التي كانت مشكلة من أكاديميين و خبراء متمرسين وممارسين في الميدان مما أعطى لتقاريرها نوعا من المصداقية و أخص بالذكر هنا لجنة إصلاح مهام و هياكل الدولة برئاسة السيد ميسوم سبيح فقد تم التركيز على البعد التربوي لماله من دور هام ثم التركيز على الدور الرقابي لما للعدالة من ثقل و أهمية خاصة في الحياة اليومية للمواطن و تقويما للانحراف الحاصل في الإدارة و المجتمع، ثم أخيرا و ليس آخرا الإدارة مكمن الداء و موضع الخلل بإبراز الفساد و عوامل و أسبابه و محاولة تنبع آثاره، و صياغة نماذج لاستراتيجيات مكافحته والوصول بالتالي إلى إدارة في خدمة المواطن و المجتمع و الوطن.

ثانيا: الأطراف الفاعلة في الإصلاح :

أ‌- الأجهزة الحكومية و العاملون بها:.

ب‌- القيادة السياسية:

ج- البرلمان:

د- جماعات المصالح و الضغط المنظمة:

ه- أجهزة و خبراء الإصلاح الإداري:

و- المواطنون:

المبحث الثاني: الخطوات العملية للإستراتيجية الجديدة للإصلاح الإداري في الجزائر:

         1 - تصور جديد لمهام الإدارة و هياكلها:

-       إعادة صيغة الهياكل و المهام

-        إعادة النظر في الرقابة المفروضة

2 - ضرورة الاهتمام بالعنصر البشري:

أ‌.       تحسين المستوى و الرفع من الكفاءة:

ب‌.   الاعتماد على إستراتيجية محكمة لتكوين الموارد البشرية.

ت‌.   انتهاج وسائل و طرق محكمة للتحفيز: و

-  مراجعة سياسة الأجور بالتركيز على مرونتها

-       ربط الترقية بالكفاءة لا الأقدمية

- إدخال آليات المناجمنت التشاركي:

- ترقية العملية الاتصالية الداخلية.

- تفعيل الاتصال بين مختلف الوحدات

ج-تثمين الموارد البشرية:

- تخصص و تحكم الموظف في مجاله:.

- إقرار مبدأ المساواة:

- ترقية فعالية الموظفين:.

- تحديد المسؤولية:

- الاهتمام بفئة الإطارات:

-التسيير العقلاني و الأمثل للموارد البشرية:

3 -  تفعيل قيم المشاركة و الشفافية و المساءلة

أولا: المشاركة:.

ثانيا: الشفافية:

ثالثا: المساءلة

أ- تعزيز المساءلة حول الأداء و الانجازات في المجتمع:

ب)- تزويد الهيئات الإدارية بأجهزة مالية ذات فعالية:

ج- إقامة رقابة مالية حازمة:

4 -  ثقافة السلوك( القيم).

              ضرورة وضع وسن مدونات للسلوك في الوسط الإداري:

1-   ضرورة تقنين الأخلاقيات:

2-   المعايير المرتبطة بالسلوكيات يجب أن يتسم بالوضوح:

3-   دعم المبادرات النوعية في هذا المجال:

4-   إيجاد تدابير ملائمة وعقوبات متناسبة لمواجهة السلوكات غير الشريفة:

 

 

الهوامش :

[1] - إدارة الشؤون الاقتصادية و الاجتماعية للأمم المتحدة, تجارب عالمية مختارة في الإصلاح الإداري : دراسة حالات 5 دول اسياوية , ترجمة فتحي عثمان و اخرن, المنظمة العربية للتنمية الإدارية, القاهرة 1998 ص 56.

[1] كنيث كيرنغهان – أخلاقيات الخدمة العامة – ترجمة محمد قاسم القريوتي المنظمة العربية للعلوم الإدارية , القاهرة 1984 . ص 37

[1] عاصم الاعرجي – مرجع سابق- ص 56

[1] انظر حول ذلك الى كتاب- الفساد الإداري و مجتمع المستقبل – الطبعة الأولى مطابع المعمورة مصر 1999 ص 52 / 57

[1] محمد قاسم القريوني- الإصلاح الإداري بين النظرية و التطبيق- مرجع سابق ص 43

[1] كنيث كيرنغهان – أخلاقيات الخدمة العامة – ترجمة محمد قاسم القريوني المنظمة العربية للعلوم الرادارية , القاهرة 1984 . ص 128

[1] Duivedi O.P. publique service * Ethics, international institue of administrations sciece . canada 1983 .p12

[1] زكى راتب غوشى- أخلاقيات الوظيفة في الإدارة العامة – مطبعة التوفيق 1983 , ص66.

[1] احسين للوزي. التنمية الإدارية ,ص44.

[1] زكى راتب غوشى- مرجع سابق , ص67.

[1] كنيث كيرنغهان – أخلاقيات الخدمة العامة – ترجمة محمد قاسم القريوتي المنظمة العربية للعلوم الإدارية , القاهرة 1984 . ص 112

[1]  انظر حول ذلك الى كتاب- الفساد الإداري و مجتمع المستقبل ، مرجع سابق ،  ص 58.

[1] ابراهيم زباني، محور الإصلاح الإداري : نحو فعالية جديدة لقضايا الإدارة العامة، مجلة الشؤون الإدارية، س 3، ع4، 1985، ص 23.

 

[1]  حلقة دراسة حول الإصلاح الإداري في ظل الانفتاح الاقتصادي، المدرسة الوطنية للإدارة،2004/ 2005، ص ص 46-47.

[1] انظر المواد من 68 الى 70 من المرسوم رقم 85-56 المتعلق بالقانون النموذجي لعمال الادارات و المؤسسات العمومية المؤرخ في 23/03/1985 .

[1] ابراهيم شحاته ، الاصلاح الاداري في الدول العربية: ملاحظات عامة و حلول مقارنة ، المنظمة العربية للتنمية الادارية ، القاهرة ، 1997، ص 150 .

[1] ابراهيم شحاته ، مرجع سابق، ص 151

[1] زهير عبد الكريم الكايد ، الحكمانية قضايا و تطبيقات ، المنظمة العربية للتنمية الادارية ، القاهرة ، 2003، ص 235 .

[1] الحلقة الدراسية، مرجع سابق ،  ص 49

[1] - مجموعة مؤلفين ، الفساد الإداري مرض خفي يقوض دعائم التنمية، مجلة رسالة معهد الإدارة، عدد 55، شعبان رمضان   1425، ص ص 29-30.

[1] )) ص. حفيظ, الفساد في الجزائر ......إلى أين ؟ الخبر, بتاريخ 17/01/2007, ص18.

[1]) ) بدون مؤلف, دور البرلمان في الوقاية من الفساد, مجلة الفكر البرلماني, العدد11, جانفي 2006, ص186.

[1]  سليم بن عبد الرحمن ، تفاصيل فضيحة الشركة الجزائرية الامريكية ، الشروق اليومي ، عدد 1820 ، بتاريخ 18/10/2006 ، ص 05 .

[1]  ) نفس المرجع السابق, ص 219-220.

[1]) ) ليندة مسعودي, قانون مكافحة الفساد, الخبر حوادث, العدد88, من 27فيفري إلى 12 مارس 2006, ص 15.

[1]) ) المادة الأولى من قانون الوقاية من الفساد و مكافحته.

[1]) ) قدور حنيفة, قانون محاربة الفساد آلية للشفافية في المجتمع, يومية المستقبل, العدد5, 24/02/2006, ص18.

[1]) ) عبد الوهاب بو كروح, الجزائر مع الدول الأكثر فسادا, جريدة الشروق اليومي, عدد1835, الصادر بتاريخ 07 نوفمبر 2006, ص03

[1]) ) المرسوم الرئاسي رقم: 06-414 المؤرخ في 22 نوفمبر 2006, المحدد لنموذج التصريح الممتلكات.

[1] قانون الوقاية من الفساد ومكافحته.

[1] - ليندة سعودي, الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته، الخبر حوادث، العدد 88، من 27فيفري إلى 12مارس 2006.

[1] - جمال لعلامي، الجزائر عضو مؤسس في الجمعية الدولية للسلطات الوطنية المعنية بمكافحة الفساد، الشرق اليومي، العدد 1910، بتاريخ 06/01/2007، ص06.

[1] - اجراءات جديدة للحد من فضائح نهب أموال الشعب، الشروق اليومي ( نقلا عن وكالة الأنباء الجزائرية )، العدد 1910، بتاريخ 06/01/2007، ص06.

[1] - المواد من 62 إلى 72 من القانون الأساسي العام للوظيف العمومي.

[1] - شعال محمد، 38 مادة مبهمة في قانون الوظيف العمومي، الخبر بتاريخ 10/01/2007، ص2

[1] محمد شعال ،مجلس الوزراء يصادق على الشبكة الجديدة للاجور، الخبر ، عدد5020، بتاريخ 17/09/2007.

[1] صديق يحي، أجور الوظيف العمومي ستزيد ب 56%: خصص لها 166 مليار دج في مشروع قانون المالية 2008 ،آخر ساعة ، بتاريخ 15/09/2007

[1] المادة 40 من المرسوم التنفيذي السابق الذكر.

[1] المادة 16 من المرسوم التنفيذي السابق الذكر

[1] المواد من 31 إلى 33 من المرسوم التنفيذي السابق الذكر عرض الأسباب السابق الذكر

[1] - حقيقة أنه خلال السنة، تعديلات قانون المالية لاسيما تعديل الاعتمادات من قطاع لآخر أو مرفق لآخر، تظل جارية،لكن مبدئيا تتم في الحدود التي يسمح بها القانون

[1] -Ban Azzi , les resistances au changement, revue Idara,volume 3,n 1 ,ALGER,2003.p130 .

[1] - هذه الوضعيات ليست نادرة بل عديدة وأيضا لايتم توضيح المطلوب من قبل الأعوان بل يكتفون بقولهم، راجع المسؤول المعني بالأمر، وهكذا تستمر في معاينة عراقيل البيروقراطية في أبشع صورها.

[1] -BenAzzi abdelkader, op-cit,

[1] -BenAzzi abdelkader, op-cit,p133.

[1] - بلميهوب محمد الشريف، مرجع سابق،ص32.

[1] RIGGS FRED, the structure of government and administrative reform, university press , 1969 pp 220-324 .

[1] يعتبر التكوين مشروع استثماري مهم يهدف إلى اكتساب الخبرات والمعارف الحديثة التي من شأنها أن تعمل على تحسين مستوى الموظف و يعتمد على وضع مخططات ملائمة تقوم على الاستمرارية و الإجبارية في جميع المستويات الإدارية، فهو يساهم في تقوية و تكثيف المعارف الأساسية  القاعدية

[1]       ويقصد بالكفاءة مجموع الإمكانيات و المؤهلات التي يكتسبها و يتوفر عليها الموظف و التي تسمح له بمباشرة مهامه و الاستمرار فيها و من ثمة تفعيل النشاط الإداري لخدمة المواطن بالدرجة الأولى،و إلحاق الكفاءة بالترقية يتعلق أساسا بتولي الوظائف العليا لما  لها من دفع لأصحاب الكفاءات لتفعيلها و بالتالي الوصول لهذه المناصب يعكس الأقدمية ذات الطابع الجمودي، ويظهر دور الكفاءة في الإطار خصوصا في دفع الإطارات إلى البروز و قيادة العمل الإداري و من ثمة الإصلاحي كما تساهم في فعالية النشاط الإداري نظرا للطاقم القيادي النخبوي.

[1] علي المطيري ، الحوافز وسيلة فعالة لزيادة الانتاجية، رسالة معهد الادارة ، الرياض ،العدد 55 ،2005 ، ص 27.

[1] صالح بن نوار، الاتصال الفعال ، مجلة العلوم الانسانية ، قسنطينة ، العدد 22 ، 2004 ،ص ص 117-130.

[1] رضا احمد خليل ، إدارة الموارد البشرية و التوجيه الإبداعي الابتكاري ، مجلة التدريب و التقنية ، الرياض ، العدد93 ، 2006، ص 48.

[1] سلطان بن سليمان الحوشان ،  بين تنمية و إدارة الموارد البشرية ، رسالة معهد الإدارة ، الرياض العدد 55 ، 2005 ، ص 27.

[1] علي شريف: الإدارة المعاصرة- الدار الجامعية الإسكندرية 2002، ص 149.

[1] أنظر مداخلة الأستاذ: بن عزي الأخضر: الحكم الراشد و قياس قوة الدولة (الملتقى الدولي حول الحكم الراشد و تسيير الجماعات المحلية، المركز الجامعي مصطفى اسطمبولي، معسكر الجزائر، أفريل 2005).

[1] فاتن أبو بكر، نظم الادارة المفتوحة: منهج حديث لتحقيق شفافية المنظمات، ايتراك الطباعة ، القاهرة 2001، ص 149.

[1] سعيد شبانية، المؤسسات العمومية: نهاية الأسطورة، مجلة العلوم الانسانية عدد 20 ديسمبر 2003، ص 77.

[1] زكي محمود هاشم، وظيفة العلاقات العامة بين النظرية و التطبيق: مجلة دراسات الخليج جامعة الكويت، عدد 31 يوليو 1982، ص 14.

[1] زكي محمود هاشم، مرجع سابق، ص 15.

[1] المرسوم رقم 88/131، الصادر بتاريخ 04 يوليو 1988 المتعلق بتنظيم  العلاقات بين الإدارة والمواطن.

[1] [1] )  الجيلالي حجاج وآخرون، مرجع سابق ص 127.



تعليقات