الفصل الأول
ماهية عمالة الأطفال
تعتبر
عمالة الأطفال من بين الظواهر الاجتماعية التي أخذت أبعادا كبيرة في الوقت الراهن
نظرا للنتائج الوخيمة التي تنتج عن عمل الأطفال في سن مبكر ،بغض النظر عن القوانين
الصادرة التي تحد من هذه الظاهرة أو
جمعيات تحمي هذه الفئة ،و مما لاشك فيه أن العناية بحقوق الطفولة و الاهتمام بها كان محط العديد من الأديان ،حيث
تم وضع قواعد السلوك التي من شأنها أن تساعد في القيام ببناء مجتمع سامي الأعراق يتصف
بالمحبة و العدالة .
و
لهذا لابد من البحث في ملابسات الظاهرة التي انتشرت مؤخرا كالفطريات و شكلت منعرجا
خطيرا في حياة الأطفال ،التي دفعتهم الظروف القاسية إلى الخروج للعمل و البحث عن المال ، ولدراسة ماهية عمالة الأطفال قسمنا الفصل الأول إلى ثلاثة مباحث حيث خصصنا المبحث الأول لمفهوم عمالة الأطفال ،أما المبحث
الثاني تم فيه معالجة أنواع عمالة الأطفال ،أما بخصوص المبحث الثالث و الأخير
تطرقنا فيه لأسباب الظاهرة و الآثار المترتبة ، والأبعاد المنجرة عنها .
المبحث الأول : مفهوم عمالة الأطفال
على
الرغم من أن عمالة الأطفال تعد خرقا للقانون الدولي فإن الكثير في بعض المجتمعات
يعتقدون بأن عمل الأطفال هو أمر طبيعي بل و ضروري لنشأة الطفل تنشئة تمكنه من الاعتماد
على
نفسه في المستقبل ،وهذا ما جعل الكثير يختلف في تعريف عمل الطفل بشكل
دقيق و جامع بين كل الدول و القوانين .
ففي تقرير لمنظمة العمل الدولية ذكر بأن هناك حوالي 250 مليون طفل بين سن
الخامسة والرابعة عشر يعملون في الدول النامية وحدها ،و أن أكثر من 120 طفل من
هؤلاء يعملون طول الوقت في حين أن العدد الباقي يجمع بين العمل و الدراسة .
و في هذا الشأن يجب أن نفرق بين عمل الأطفال و شغل الأطفال حيث عمل الأطفال
هو مهم في حياة الطفل ينمي مهاراته و يكسبه معارف تساعده لما يبلغ سن العمل ،أما
شغل الأطفال أو عمالة الأطفال فهي
جريمة كونها استغلال للطفل .
و
لهذا سنتطرق في هذا المبحث لتعريف عمالة الأطفال في المطلب الأول أي نعرف الطفل وعمالة
الأطفال ،أما بالنسبة للمطلب الثاني سنتعرض للفئات و الأعمال غير المشمولة بقانون
العمل أي غير المحظورة بالقوانين ،أما بالنسبة للمطلب الثالث سنعالج من خلاله
خصائص عمالة الأطفال .
المطلب الأول : تعريف عمالة الأطفال
شغل موضوع عمالة الأطفال منظمة العمل الدولية منذ أن أبصرت النور ،لكنه
يبقى اليوم مشكلة ذات أبعاد اجتماعية و اقتصادية هائلة في كافة أنحاء العالم إذ
شهد العقد الماضي تقدما ملحوظا في الحد من عمل الأطفال ،إلا أن هذا التراجع كان متفاوتا و تباطأت
وتيرته بين عامي 2004 - 2008 ،فعمل الأطفال هو ظاهرة قديمة وظهر موضوع مكافحتها
سنة 1890 على بساط البحث في مؤتمر دبلوماسي عقد في برلين ،إلا أن الحرب
العالمية آنذاك أوفت تلك الجهود.
و في مؤتمر العمل الدولي سنة 1919 لمنظمة العمل الدولية حدد ممثلو 39 دولة
سن الرابعة عشر كسن أدنى لعمل الأطفال في الصناعة(1) ،ثم ضيق في الزراعة وفي العمل
البحري .و في ظل تزايد القلق إثر بلوغ بعض أشكال عمل الأطفال
مستوى من الخطورة لا يمكن احتمالها أجمعت
الدول في التسعينات على ضرورة وضع مسألة القضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال في قمة
الأولويات ،و أصدر المؤتمر الاتفاقية 182
عام 1999 بشأن حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال .
تبذل
اليوم الجهود الدولية الحقيقية لمواجهة المشكلة و هي ميزة جديدة ، إذ بدأت الحركة في
تاريخ الدول المتقدمة ، واكتسبت نجاح و قدرة مؤسسية في عام 1992 إثر إطلاق
البرنامج الدولي للقضاء على عمل الأطفال التابع لمنظمة العمل الدولية ،و في
المبادرة الأخيرة اجتمع مندوبي 80 بلدا في مؤتمر عالمي في لاهاي نظمته الحكومة
الهولندية في 11 ماي 2010 الذي أولى انتباها خاصا للعمل المتمثل بالقضاء على أسوأ
أشكال عمل الأطفال بحلول عام 2016 و اتفق على خريطة طريق للعمل ،و لكي نعرف ما هو
عمل الطفل الذي يشكل جريمة دولية تستوجب القضاء عليها أو بالأحرى الحد منها ،يجب أن نعرف أولا من هو
الطفل ثم العمل الذي يحظر ممارسته من طرف هذا الأخير .
الفرع الأول : تعريف الطفل
يختلف
الكثير حول مفهوم الطفولة و هذا حسب اختلاف نظرة كل شخص إلى الطفل ،كما تختلف من
علم لآخر حيث يختلف تعريف الطفل في علم الاجتماع عن علم النفس كما يختلف مفهوم
الطفل في القانون ، فجاء في علم النفس و التربية أن الطفولة هي المرحلة العمرية
التي تمتد من سن الولادة إلى سن الثانية عشرة تقريبا ،و تنقسم هذه المرحلة العمرية
بدورها إلى ثلاثة مراحل متمثلة في الطفولة المبكرة من ثلاث إلى خمس سنوات و الطفولة
المتوسطة من ستة إلى ثمانية سنوات والطفولة المتأخرة من تسعة إلى إحدى عشرة سنة . (1)
و عرف القانون الدولي
الطفل بأنه كل طفل لم يبلغ سن الثامنة عشرة من عمره حيث و رد في المادة الأولى من اتفاقية حقوق الطفل : (
لأغراض هذه الاتفاقية يعني الطفل كل إنسان لم يبلغ سن الثامنة عشرة و لم يبلغ سن
الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه . ) (2)
و أكدت هذه المادة على
ضرورة السعي لحماية الطفل من الاستغلال الاقتصادي و من أداء أي
عمل يرجح أن يكون خطرا أو يمثل إعاقة لتعليمه أو ضررا بصحته أو بنموه البدني أو
العقلي أو الروحي .
كما ورد تعريف الطفل في
منظمة العمل الدولية في المادة الثانية من الاتفاقية رقم 182 بشأن أسوا أشكال عمل الأطفال
على أنه يطبق تعبير الطفل في مفهوم هذه الاتفاقية على جميع الأشخاص دون سن الثامنة
عشرة (1) ،و حددت هذه الاتفاقية عددا من الأعمال التي اعتبرتها
أسوأ الأعمال التي قد يؤديها الطفل .
أما
عهد حقوق الطفل في الإسلام فقد عرفت المادة الأولى منه الطفل بقولها : لأغراض هذا العهد يعني الطفل كل
إنسان لم يبلغ سن الرشد وفقا للقانون المطبق عليه . (2)
من
خلال هذه التعاريف نستخلص أن الطفل هو ذلك الشخص الضعيف الذي تبدأ حياته بمرحلة
طفولة ضعيفة ثم مرحلة البناء ثم مرحلة الطفولة المحرومة ،و في كل هذه المراحل
يحتاج الطفل إلى حمايته و تحقيق متطلباته
للعيش ،و هذا ما عكفت عليه اتفاقيات حقوق الإنسان حيث نجد كل المواثيق الدولية
الخاصة بحقوق الإنسان على اختلاف تسمياتها تنص على حماية الطفل و حقوقه ،فمثلا تنص
المادة 02 فقرة 01 من اتفاقية حقوق الطفل : تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في
حمايته من الاستغلال الاقتصادي و من أداء أي عمل يرجح أن يكون مضرا أو أن يمثل
إعاقة ليتعلم الطفل أو أن يكون ضارا بصحة الطفل أو بنموه البدني أو العقلي أو
الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي
. (3)
الفرع الثاني : تعريف عمالة الأطفال
المقصود بمصطلح العمل استنادا إلى التشريعات الدولية في قانون العمل أنه : منظومة
قوى الإنتاج في أي مجال من مجالات العمل المجازة و المعتمدة من قبل الهيئات
المختصة ( وزارات العمل ) و هي لا تجيز أي إنسان قبل أن يصل إلى السن القانونية . (4)
من
هنا نستطيع القول أن أي إنسان لم يتجاوز السن القانونية هو غير مهيأ للوفاء
بالمتطلبات المهنية و هذا لعدم اكتماله للسن القانونية للعمل و تميز منظمة العمل
الدولة بين نوعين من الأعمال التي ينخرط فيها الأطفال ،فهناك أعمال تؤدي إلى تنمية
مهارات و قدرات الأطفال و لا تؤدي إلى استغلالهم ماديا و اقتصاديا وتكون ضمن ضوابط خاصة تحمي
الطفل و تحفظ سلامته .
و بالنسبة إلى الأسرة الدولية لا يشمل مصطلح ( عمل الأطفال
) جميع الأعمال التي يؤديها الأطفال دون الثامنة عشر من العمر ،و قد وقع توافق
الآراء على القول على أن العمل الذي يندرج ضمن الأطر القانونية و الذي لا يسيء إلى
صحة الطفل و نموه ،أو لا يحول دون ارتياده المدرسة يمكن أن يكون خبرة ايجابية للأطفال . (1)
و من جهة ثانية أعمال محرمة و مرفوضة لكونها
تؤدي إلى استغلال الأطفال و تمنعهم من استكمال دراستهم و تسلبهم أجمل لحظات حياتهم
عدا عن احتمالها الأضرار بصحتهم و نموهم الجسدي والعقلي و الأخلاقي . (2)
و هناك من أعطى تصنيف آخر لعمل الأطفال حيث صنفه إلى عمل إيجابي و عمل سلبي
فيقصد بالعمل الإيجابي كافة الأعمال التطوعية أو حتى المأجورة التي يقوم بها الطفل
و المناسبة لعمره وقدراته ،و يمكن أن تكون لها انعكاسات إيجابية على قدراته
العقلية و نموه الجسمي والذهني.
كما
يعني العمل السلبي العمل الذي يضع أعباء ثقيلة على الطفل ،العمل الذي يهدد صحته ورفاهيته
العمل الذي يستفيد من ضعف الطفل و عدم قدرته على الدفاع عن حقوقه ،العمل الذي
يستغل عمالة الأطفال كعمالة رخيصة و بديلة عن عمل الكبار ،العمل الذي يعيق تعليم
الطفل و يغير حياته و مستقبله. (3)
و في هذه الحالة فان الطفل يتألم جراء هذا العمل الذي يقوم به و المسؤولية
التي يتحملها ،رغم أن الطفل غير مسؤول في هذه المرحلة بل المسؤولية تقع على
الآخرين ،حيث يمكن تقسيم المساواة اتجاه الطفل إلى تلك المتعلقة بأبويه و
المسؤولية المترتبة على الدولة (4) ،لا يمكن أن تسلب طفولة الأطفال بالأعمال السلبية هذه و لا يمكنه تحمل
عبء الحياة خلال هذه الفترة .
المطلب الثاني : الفئات و الأعمال غير
المشمولة بقانون العمل
لا تعد كل فئة الأطفال العاملة مشمولة بحيز
ظاهرة عمالة الأطفال ،كما أنه ليست كل الأعمال التي يقوم بها الطفل هي ممنوعة عنه
و تعد انتهاكا لحقوقه ،فهناك عدة مجالات يمكن أن يعمل فيها الطفل تمكنه من تطوير
قدراته البدنية و النفسية و العقلية كما هناك أعمال خطرة تؤدي به إلى الهلاك و لهذا سنتطرق في الفرع الأول
إلى الأشخاص غير المشمولين بقانون العمل ، و في الفرع الثاني إلى الأعمال غير
المشمولة بقانون العمل .
الفرع الأول : الأشخاص غير المشمولة بقانون
العمل
جاء في معظم نصوص قانون العمل لمعظم دول
العالم أنه لا ترسى أحكام قانون العمل على أفراد أسرة صاحب العمل الذين يعيلهم
فعلا .
كما فرضت بعض القوانين أنه يستثنى من تطبيق أحكام قانون العمل الأحداث
الذين يشتغلون في الاستثمارات العائلية و الأسرية التي لا يعمل
فيها سوى أفراد العائلة تحت إشراف الأب أو الأخ أو الأخت أو العم أو الخال .
وخير دليل على هذا ما جاء في اتفاقية عمل الأحداث ليلا في الصناعة : أنه
يجوز للقوانين واللوائح الوطنية أن تستبعد من نطاق الأعمال المحظورة على الأطفال
الأعمال التي لا تعتبر مؤذية أو ضارة أو خطيرة عليهم في المشاريع الأسرية التي لا
يعمل فيها سوى الأبوين أو أولادهم أو من هم تحت وصايتهم (1)
،يستثنى كذلك الأحداث الذين يعملون عند أقاربهم من الدرجة الأولى و تحت إشرافهم و
لكن بشروط معينة .
كما جاء في الاتفاقية رقم 138 لمنظمة العمل الدولية أنه يجوز للأطفال فوق
سن 15 إلى سن 18 سنة أن يعملوا في الأعمال الخفيفة و لكن هناك شروط مثلا حسب
اقتصاد كل دولة وحسب كل قطاع ،حيث كل القطاعات يجوز للأطفال أقل من 18 سنة و اكبر
من 15 سنة العمل فيها ،كما جاء في الاتفاقية أيضا أنه يجوز تنزيل السن ليصبح بين
13 و 15 سنة في العمل الخفيف غير الضار بصحة و نمو و تعليم الطفل .(2)
الفرع الثاني : الأعمال الغير مشمولة بقانون العمل
ليست
كل الأعمال محظورة على الأطفال و إلا فيكون لدينا طفل عاجز عند بلوغه سن 18 سنة عن
أداء أي عمل ،و لذلك أجازت القوانين و لم تحظر الاتفاقيات الدولية عمل الأطفال في
نشاطات معينة و في مجالات معينة كما سبق و
تكلمنا على الأعمال الخفيفة مثلا .
و
قد ورد في الاتفاقية الدولية رقم 138 لمنظمة العمل الدولية في المادة 06 : ( لا
تنطبق هذه الاتفاقية على العمل الذي يؤديه الأطفال و الأحداث في المدارس لأغراض
التعليم العام أو المهني والتقني و في مؤسسات التدريس الأخرى .) (1) ،و جاء في نص المادة 08 من
الاتفاقية أنه يجوز للسلطة من إعفاء الالتزام من حظر الاستخدام في حالة المشاركة
في حفلات فنية .(2)
و
بالنظر إلى هذه الاستثناءات التي جاءت لترفع حظر العمل المفروض على الأطفال في مجالات معينة كان هدفها هو إعطاء الطفل الحق
في اكتساب مهارات و فنيات يعتمد عليها في
مستقبله مثلا ،التكوين في قطاع معين ليصبح شخصا مؤهلا للعمل في ذلك المجال و يكتسب
فيه مهارات و معارف تجعله يكون القدرة على ممارسته في المستقبل ،كما أن تلك الأعمال
تكسبه مهارات فنية و تطور معارفه العقلية و تطور قدرته الجسدية و نموه .
المطلب الثالث : خصائص عمالة الأطفال
توجد
عدة ميزات أو خصائص لعمالة الأطفال حيث تختلف من طفل لآخر و من عمل لآخر كما تختلف
كذلك هذه الخصائص باختلاف أنماط ارتباط الطفل بأسرته ،فهناك نمط أين تكون علاقة
الطفل مقطوعة نهائيا بالأسرة و هناك نمط تواجد الطفل بالشارع مع علاقات غير مستقرة
مع الأسرة و هناك نمط يتمثل في الأطفال الذين خرجوا إلى الشارع بمعرفة الأسرة ،أما
النمط الرابع وهو نزول الطفل مع أسرته . (3)
الفرع الأول : خصائص عمالة الأطفال المرتبطة
بالدول
تختلف ميزات عمالة الأطفال من دولة إلى أخرى أو
من مجتمع لآخر ،حيث لا تتشابه كل الدول في أنماطها الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية
،و باختلاف هذه الأنماط تختلف الخصائص المتعلقة بعمالة الأطفال
فهناك
اختلاف في نسبة وجود الظاهرة ،فحسب مصدر منظمة العمل الدولية و ما جاءت به من
إحصائيات سنة 2010 بينت أن في دولة أثيوبيا هناك 57.9 طفل عامل عمره من 7 إلى 10
سنوات و 56.9 طفل عامل سنه يتراوح مابين 12 و 14 سنة ،كما أثبتت الإحصائيات أن في
دولة كمبوديا هناك 24.2 طفل عامل سنهم مابين 7و 10 سنوات و 40.6 طفل عامل عمره
مابين 12 و14 سنة ،أما في البرازيل فهناك
4.9 طفل عامل (1) ، و هذا ما يبين لنا اختلاف وجود الظاهرة ونسبها في كل دولة .
الفرع الثاني : خصائص عمالة الأطفال حسب نوع العمل و سن الطفل
يتميز كل نوع من الأعمال التي ينخرط فيها الطفل عن نوع آخر و هذا
مرتبط كذلك باختلاف سن الطفل و نوعية الجنس ،فكل عمل له خصائص معينة حيث يتطلب بعضها
القوة الجسدية ويتطلب الآخر القوة الذهنية ،و تبحث أعمال أخرى عن فتيات و أخرى عن أولاد
.
يبدأ
عمل الأطفال في سن مبكرة و يزداد لدى الأطفال الذكور مع ازدياد عمرهم بينما يرتكز
عمل البنات بنسبة أكبر في الشرائح العمرية الصغيرة و تنخفض هذه النسبة مع تقدم
العمر ،حيث تعمل الفتيات غالبا في الحيازات العائلية دون أجر أو يعمل بأجر لدى
الغير لكن الأهل هم من يحصلون على الأجر ،كما ينتشر عملهن في
الخدمة المنزلية بالمدن .
أما
بالنسبة للفتيان فلا يعملون في الخدمة المنزلية أسوة بالفتيات و لكن يعملون في الأعمال التي
تتطلب القدرة الجسمية الكبيرة ،مثل العمل في ورش البناء . (2)
كما
أن هناك خصائص مرتبطة بمستوى التحصيل العلمي للأطفال فكل عمل بمستوى علمي معين
يختلف في خصائصه عن مستوى تعليمي آخر ،كما أن المنطقة الموجود فيها الطفل سواء
كانت الريف أو الحضر أو مكان الإقامة فهي أيضا تميز هذه العمالة ،و هناك خصائص حسب
نوع العمل فهناك نسبة 65.075 طفل منخرط في العمالة سنهم مابين 5 و 11 سنة و في نفس
المرحلة العمرية هناك 25.949 طفل منخرط في الأعمال الخطيرة .(1)
المبحث الثاني :
أنواع عمالة الأطفال
هناك
العديد من الأعمال التي يمارسها الأطفال إذ لم نقل أن شغل الأطفال يغطي كل مجالات
العمل حيث نجدهم في الصناعة ،الزراعة ،الأعمال المنزلية ،الأعمال البحرية و أعمال
في مجالات الأخرى و قد اختصت اتفاقيات منظمة العمل الدولية و توصياتها في السابق
بكل نوع من الأعمال على حدى ،فهناك من تكلمت عن عمل الأطفال في الصناعة و هناك من
تكلمت عن عمل الأطفال في الزراعة و هناك من تكلمت عن عملهم في السفن و هكذا .
كلما
تظهر خطورة العمل الذي يمارسه الطفل تنظمه منظمة العمل الدولية و ترتبه ضمن الأعمال
الخطيرة و الممنوعة على الطفل غير أنها استدركت الأمر سنة 1999 حيث مع التطور
التكنولوجي و الاقتصادي و الاجتماعي ظهرت مجالات أكثر توسعا أصبحت تستقطب الأطفال
منها التهريب و الاتجار بالأطفال ،عمل الأطفال في جمع القمامة و أعمال الدعارة.
فتفطنت
منظمة العمل الدولية لهذه التطورات في مجالات شغل الأطفال و أصدرت الاتفاقية رقم
182 الخاصة بحظر أسوا أشكال عمالة الأطفال
التي تتعرض لأنواع الأعمال التي جاءت بها حيث نتطرق في المطلب الأول إلى أعمال
الرق و في المطلب الثاني إلى أعمال الدعارة و الأعمال غير المشروعة ،أما بالنسبة
للمطلب الثالث نتطرق إلى الأعمال الضارة بصحة و سلامة الطفل .
و
قد تعمدنا تسليط الضوء على هذه الأنواع كون معظم اتفاقيات و برامج منظمة العمل
الدولية في السنوات الأخيرة ركزت على هذه الأنواع من العمالة ،و تنص دائما في
المواثيق على القضاء على أسوأ أشكال عمل الأطفال ،فمنظمة العمل الدولية أصبحت تهتم
بشكل جدي وبشكل كبير على الأعمال التي
تشكل خطورة على الطفل ،و هذا لا يعني أنه لا توجد أنواع أخرى التي يمكن أن
تعتبر أقل خطورة و أولوية القضاء عليها أقل من التي حددتها منظمة العمل .
المطلب الأول : أعمال الرق
يشمل الرق عدة صور من الأعمال المفروضة على الشخص و المكبلة لحريته و
شخصيته كإنسان ،و المقصود بأنواع الرق كافة أشكال العبودية مثل بيع الأطفال و
الاتجار بهم و الرهن المتعلق بالديون و الاستعباد أو العمالة القسرية أو السخرة بها في ذلك التجنيد الإجباري أو
القسري في الصراعات المسلحة ،سواء كان هذا التجنيد من طرف الدولة أو جماعات مسلحة
خارجة عن الدولة .
الفرع الأول : استعمال الأطفال في النزاعات
المسلحة
من
بين أخطر أنواع عمل الأطفال هو تجنيدهم في النزاعات المسلحة سواء كان تجنيدا
إجباري أو من طرف الدولة أو من طرف جماعات أو عصابات في الدولة ،وقد ظهر هذا النوع
بكثرة في إفريقيا حيث أصبح يزج بالأطفال
في الصراعات المسلحة الغير منتهية ،أين ينتزع الطفل من قوقعته و عالمه البريء ليجد نفسه فوق
ساحة من الدماء و يحمل سلاحا أطول منه بدل كرة يلاعبها بقدميه .
و يعد التجنيد القسري أو الإجباري من أسوأ أشكال العمل التي يقوم بها الطفل
و لهذا جاء في العديد من المواثيق الدولية الحماية الخاصة
بالطفل في النزاعات المسلحة ،فجاء في عهد حقوق الطفل في الإسلام أن تتخذ الدول الأطراف
التدابير اللازمة لحماية الطفل ،بمعنى حماية الأطفال بعدم إشراكهم في النزاعات
المسلحة و الحروب . (1)
كما
جاء في الميثاق الإفريقي لحقوق الطفل أنه تتخذ الدول الأطراف في هذا الميثاق جميع
التدابير اللازمة لكفالة عدم مشاركة أي طفل مباشرة في أي صراع و خاصة عدم تجنيد أي
طفل .(2)
كما
خصص لهذا الموضوع الخطير جدا بروتوكول خاص و هو البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية
حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة حيث جاء في الديباجة أن
مواصلة تعزيز أعمال الحقوق المعترف بها في اتفاقية حقوق الطفل يتطلب زيادة حماية الأطفال
من الاشتراك في النزاعات المسلحة ،و الطفل في مفهوم الاتفاقية هو من يقل عمره عن 18 سنة بموجب القانون المطبق في بلده ،فجاء في المادة
الأولى من البروتوكول أنه تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير الممكنة عمليا لضمان
عدم اشتراك أفراد قواتها المسلحة الذين لم يبلغوا سن 18 من العمر إشراكا مباشرا في
الأعمال الحربية (1)كما يمكن أن يخفض هذا السن عن 18 سنة في حالة التجنيد التطوعي و لكن بشروط
معينة وضعها البرتوكول في المادة 03 منه.(2)
و
عمل الأطفال في النزاعات المسلحة تنص عليه المحكمة الجنائية الدولية في نصوصها ومنعته
حيث أدرجت التجنيد الإلزامي أو الطوعي للأطفال دون سن 15 أو استخدامهم للاشتراك
النشط للأطفال في الأعمال الحربية بوصفه جريمة حرب في المنازعات الحربية الدولية و
غير الدولية على السواء .(3)
الفرع الثاني : بيع الأطفال و الاتجار بهم
كسبب من أسباب الرق
يعاني الأطفال من الزج
بهم في ميادين جد خطيرة أين يتم بيعهم كبضاعة و يعاملون على أساس عبيد و رقيق يباح
الاتجار بهم ،متناسين بذلك حقهم في العيش بحرية و كرامة كونهم من البشر و
على هذا الأساس سنحاول إيراد أسباب الرق و الاتفاقيات الصادرة بشأنه .
أولا : أسباب الرق
يعتبرالرق حالة أو وضع كل شخص تمارس عليه السلطات
الناجمة عن حق الملكية كلها أوبعضها (4)،أما العبودية هي أن يولد الشخص بثبوت صك الملكية فلا يمكنه
الهروب لأنه مملوك،
و الاسترقاق فيتمثل في الشخص الذي يولد حرا ثم يتم استرقاقه
لسبب ما مثل الخطف ، الهجرة ،وإما من أجل العمالة أو الاستغلال الجنسي ،حيث في هذه
الحالة لو يفسح له المجال يمكنه أن يهرب من هذه الوضعية ،أما عن القنانة فيقصد به
الاستغلال المتعلق بخدمة الأراضي الفلاحية أي هو
مرتبط بتلك الأرض فقط .
و يتم استرقاق شخص لعدة أسباب إما لدين لم
يستطع قضائه أو مثلا طفل لم يستطع أبوه قضاء دينه فيأخذ ابنه في مكان ذلك الدين ،أو
امرأة؛؛ توفي زوجها تصبح إرثا ،أو تنازل الشخص عن زوجته لشخص آخر أو عن طريق العمالة .
ثانيا : الاتفاقيات الصادرة بشأن الرق
من أبرز صور العبودية أو الاسترقاق بيع الأطفال
و الاتجار بهم و لخطورة هذه الظاهرة صدرت عدة اتفاقيات تمنع الرق و استغلال الأشخاص
و بيعهم و الاتجار بهم والتي من بينها الاتفاقية الدولية الخاصة بالرق 1926 التي دخلت حيز النفاذ سنة 1927
حيث تحدثت في المادة الأولى منها على الاتجار بالأطفال ،الرق و تجارة الرقيق (1) ،الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 حيث نص في المادة 04 منه على
تحريم الرق .
الاتفاقية الخاصة بحظر الاتجار بالأشخاص 1949 حيث جاء في المادة 14 حظر
الاتجار بالأشخاص من الجنسين بقصد الدعارة(2)
،و الاتفاقية التكميلية لإبطال الرق
لعام 1956 في المادة 01 الفقرة 01 كما جاء في تقرير المقررة الخاصة المعنية بأشكال الرق المعاصرة أسباب و عواقب هذه
الظاهرة (3)
.
كما
تطرقت اتفاقية حقوق الطفل 1989 لهذا الموضوع في عدة مواد منها المادة 19 و المادة
34 والمادة 39 (4) ،و عززت هذه الاتفاقية حماية الطفل بشكل أوسع و أدق
فأصدرت البروتوكول الاختياري الثاني لاتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال و
استغلالهم في البغاء و المواد الإباحية.
كذلك
بروتوكول منع و قمع و معاقبة الاتجار بالأشخاص ( النساء و الأطفال ) المكمل
لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة لعام 2000 .حيث منع هذا البروتوكول الاتجار بالأطفال في الفقرة 04 من المادة 09 (5)
و حماية الأشخاص المتجر بهم في المادة 06 .(6)
و هناك فرق بين الاتجار و تهريب المهاجرين ،فالاتجار بالشخص يكون رغما عنه
للأسباب المذكورة سابقا لدين أو رق أو غيرها ،أما التهريب يكون خاصا بالمهاجرين أين
تتم مساعدتهم على الهجرة ثم يصبحوا بعد
ذلك مملوكين لجهات معينة قد هربتهم و استحوذت على وثائقهم و أموالهم ،وتعتبر هذه الأعمال من الجرائم
المنظمة العابرة للحدود حيث توجد دول مصدرة و دول عبور ودول مستقبلة ،تقوم بطلب يد
عمل رخيصة و سهلة الانقياد في القطاعات و بين أرباب العمل حيث ظروف العمل صعبة و
تنتهك بشكل صارخ حقوق الإنسان و الأطفال .
المطلب الثاني : أعمال الدعارة و الأعمال غير المشروعة
يقصد بالأعمال
غير المشروعة تجارة المخدرات و إنتاجها و بيع المواد الضارة مثل الكحول والسجائر و
غيرها ،كما تعني أعمال الدعارة ،استعمال الأطفال في المواد الإباحية و بغاء الأطفال
.
الفرع الأول : الأعمال غير المشروعة و الضارة بالطفل
يقصد بالأعمال غير
المشروعة غير المرخص بها قانونا مثل إنتاج المخدرات و بيعها والتهريب و غيرها
،فجريمة الاتجار بالمخدرات هي من الجرائم المنظمة التي تدر أرباحا مالية طائلة على
المستوى الدولي و يستغل الأطفال فيها لأن عقوبة الأطفال تختلف عن عقوبة الكبار .
و تشير عبارة الأطفال في الأنشطة
غير المشروعة حسب البرنامج الدولي للحد من عمالة الأطفال إلى إنتاج المخدرات و
الاتجار بها و التسول المنظم ،و الأطفال المشاركين في أنشطة إجرامية ،و بالرغم من
صعوبة جمع المعلومات ذات الصلة بهذا النوع من الأعمال بسب طبيعته السرية و الإجرامية
نجح البرنامج في إجراء عمليات تقييم سريعة و طور نماذج مبتكرة للتدخلات في مختلف
البلدان .(1)
و المقصود بالاتجار
بالمخدرات أن يقوم الشخص لحسابه الخاص بمزاولة عمليات تجارية متعددة قاصدا أن يتخذ
منها حرفة معتادة ،و أن يكون الجاني قد كرس نشاطه بصفة معتادة للقيام بهذا العمل و الاسترزاق منه و العيش عن طريقه .(2)
الفرع الثاني : أعمال بغاء الأطفال و استعمالهم في المواد الإباحية
جاء في إحدى القرارات التي اعتمدها مجلس حقوق الإنسان :....إذ يدرك أن بغاء
الأطفال شكل خطير من أشكال الاستغلال و العنف و جريمة في حق المستضعفين على الدول الأطراف أن تحظرها وتتصدى لها وفقا للبروتوكول الاختياري
الملحق باتفاقية حقوق الطفل المتعلق ببيع وبغاء الأطفال و استغلالهم في
المواد الإباحية .(1)
و لخطورة هذه الظاهرة جعل منظمة الأمم
المتحدة ترصد آليات لحماية الطفل من هذه المخاطر فأوجدت منصب المقرر الخاص المعني
بمسألة بيع و بغاء الأطفال و استغلالهم في المواد الإباحية وأوجد بالمقابل الممثلة
الخاصة للأمين العام المعنية بمسألة العنف ضد الأطفال .
فدعارة الأطفال أو بغاء الأطفال يرتبط غالبا
مع الجريمة المنظمة ،حيث هناك عصابات تستعمل الأطفال لهذا الغرض خاصة في الدول الإفريقية
أين توجد ما يسمى بالسياحة الجنسية و يستعمل الأطفال لخدمة السياح .
أولا : تعريف بغاء الأطفال
يعرف بغاء الأطفال بأنه استعمال الطفل لغرض أنشطة جنسية لقاء عوض (2)
،و لا يحصل هذا للطفل في ظل هذه المعطيات فقط بل حتى في الأعمال الأخرى كالعمل المنزلي أو
العمل في الأماكن البعيدة و العمل في الليل ، يكون
الطفل فيها معرضا لهذه الظاهرة .
ثانيا : الأعمال الإباحية الخاصة بالأطفال
عرف البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال و
استغلالهم الأعمال الإباحية ،بأنها أي تصوير للطفل بأي وسيلة كانت ،إذا كان الطفل
يمارس أنشطة جنسية حقيقية أو بالمحاكاة
بغرض إشباع الرغبة الجنسية . ) (3)
و
ينتشر هذا العمل كثيرا في مواقع الإنترنيت التي أصبحت غير آمنة كونها تصطدم بفكرة
الحق في الخصوصية ،أين أصبح أصحاب هذه الأعمال الإباحية ينشرون هذه الصور و هذا
لما تدره عليهم من أرباح طائلة ،و لكن بالنسبة للأطفال فتعتبر جريمة يعاقب عليها
القانون لما ترتكب في حقهم من أعمال عنف جراء هذه الظاهرة و لما
تخلفه لهم من آثار نفسية .
المطلب الثالث : الأعمال الضارة بصحة و سلامة
و أخلاق الطفل
تعد السلامة و الصحة في العمل من أهم أهداف منظمة العمل الدولية منذ تأسيسها
عام 1919 إذ اعتمدت منظمة الأمم المتحدة
الاتفاقية رقم 87 و التوصية رقم 197 حول الإطار الترويجي للسلامة و الصحة المهنيين
عام 2006 (1) ،حيث يؤمن أداة أساسية في النضال الهادف لمواجهة تحديات الصحة و
السلامة و الأخلاق في اقتصاد اليوم.
و
جاء كل هذا لمواجهة العمالة من أضرار تمس سلامة وصحة و أخلاق العامل ،وخاصة الأطفال
في أنواع من الأعمال سواء في الزراعة أو الصناعة أو الأعمال الليلية ،وقد أشير في
الفقرة الفرعية ( د ) من الاتفاقية الفرعية رقم 182 الخاصة بأسوأ أشكال عمالة الأطفال
إلى تعبير أعمال خطرة بالنسبة للطفل ،و تلزم الاتفاقية الحكومة بتطوير تلك القائمة
التي تحتوي الأنشطة بعد التشاور مع المنظمات العمالية و منظمات أرباب العمل ،وهذا
لأن أنواع العمالة تختلف من دولة لأخرى باختلاف اقتصادها و موقعها .
الفرع الأول : العمل الضار بسلامة الطفل
هناك
الكثير من الأعمال فتكت بالأطفال على مر السنين و لخطورتها التي أدت بضياع الكثير
من الأطفال صنفتها اللائحة الإرشادية لمكتب شؤون العمل الدولية وفقا للمادة 190 من
قانون منظمة العمل الدولية (2)
،و من هذه الأعمال العمل تحت الأرض و تحت الماء أو على ارتفاع خطير أو في أماكن
مغلقة أو العمل باستخدام ماكينات خطيرة أو معدات أو أدوات خطيرة . (3)
و يتعلق الأمر في هذا المقام عن كل الأعمال سواء في الصناعة أوفي الزراعة أو
البناء أو في البحر ،التي من شأنها أن تعرض حياة الطفل أو
الحدث إلى الضياع ،و في هذا الصدد أصدرت منظمة العمل الدولية عدة توصيات خاصة بهذا
المجال من بينها ،التوصية بشأن الحد الأدنى للاستخدام تحت سطح الأرض في المناجم (4)
كما اعتبرت منظمة العمل الدولية أعمال البناء من الأعمال الخطرة التي تهدد
سلامة الأطفال فأصدرت الاتفاقية و توصية السلامة و الصحة في البناء 1988 ،و غيرها من
الأعمال و لا ننسى كذلك الأعمال الأخرى التي تؤثر على نفسية
الطفل ،فيمكن لهذا الطفل أن ينتحر انتقاما من محيط دمر حياته و قضى عليها و هذا من
خلال المعاملة القاسية و الاعتداء الجسدي و الجنسي عليه.
الفرع الثاني :العمل الضار بصحة الطفل
كل الأعمال السابقة الذكر إن لم تؤدي بحياة الطفل فهي خطيرة على صحته فالماكينات
الصناعية إن لم تقتل الطفل تصيبه بعجز بالغ
،و من الأعمال الأخرى الضارة بصحة الطفل العمل في أوساط غير صحية مثل التي
تعرض الأطفال لمواد خطرة أو عوامل أو عمليات أو درجات حرارة أو معدلات الضوضاء أو
الاهتزازات التي تضر الصحة .
فالعمل في الزراعة يؤثر على الصحة بشكل كبير فالمبيدات و المواد الكيميائية
التي يستعملها الطفل تؤثر على صحة الطفل أكثر من المنتجات الزراعية ،وكون المجال
الزراعي هو أكثر استقطاب للأطفال حسب إحصائيات منظمة العمل الدولية ،أدت بهذه الأخيرة إلى دق ناقوس الخطر فأصدرت
اتفاقية و توصية بشان المواد الكيميائية 1990 .(1)
و وثقت الأبحاث و الدراسات وجود مخاطر مهنية و تعرض الأطفال للإصابات و
النتائج الصحية السلبية نظرا للعمل في الأنشطة الزراعية السائدة في القطاع ،كما
تدرج لائحة منظمة العمل الدولية عمالة الأطفال في المزارع التي تمتلكها أو تديرها
عائلاتهم .
إن
اعتماد منظمة العمل الدولية للاتفاقية رقم 87 و التوصية رقم 197 حول الإطار
الترويجي للسلامة و الصحة المهنيين عام 2006 ،يؤمن أداة أساسية للنضال الهادف إلى
مواجهات تحديات السلامة و الصحة المهنيين في اقتصاد اليوم المعولم و المتسارع ،بالإضافة
إلى الأعمال هناك العمل المنزلي و العمل في جمع القمامة اللذان يبلغان نسبة جد
مرتفعة فالأطفال أكثر انتشارا في هذه الأعمال .
الفرع الثالث : العمل الضار بأخلاق الطفل
تعتبر الأعمال الضارة بأخلاق الطفل من الأعمال التي تمارس في ظل ظروف صعبة
مثل ساعات العمل الطويلة أو خلال الليل أو العمل حيث يضل الأطفال محبوسين بشكل غير
معقول في المكان الخاص بصاحب العمل ،فعمل الطفل خاصة
البنات في الليل يعرضهم للانحلال الخلقي مما يوجد من مظاهر سوء الأخلاق ،و خاصة في
الأماكن البعيدة عن الناس في المناطق النائية
و البعيدة عن العمران ،كما يعتبر
عمل الأطفال كباعة في الحانات أو غيرها مدمرا للأخلاق حيث يتحول الطفل من بائع إلى
مستهلك سواء كحول أو سجائر أو أي نوع من المسكرات .
و
لهذا أصدرت منظمة العمل الدولية عدة اتفاقيات و توصيات تنظم فيها و تتحدث عن عمل الأطفال
في الليل ،منها التوصية رقم 14 لمؤتمر العمل الدولي توصية بشأن عمل الأطفال والأحداث
الليلي في الزراعة و تتحدث عن استخدام الأطفال دون سن 14 أثناء الليل (1)
،كما هناك اتفاقية تتحدث عن عمل الأحداث
ليلا في الصناعة ،حيث عرفت المنشآت الليلية و عرفت العمل الليلي . (2)
المبحث الثالث : أسباب و آثار عمالة الأطفال
و أبعادها
لا بد من النظر بعين الاعتبار إلى الأسباب المؤدية لعمل الأطفال لأن الفهم
الصحيح و الدقيق للعوامل المسببة للظاهرة تمكن من القضاء عليها ،فسبب عمالة الأطفال
ليس بسبب العوامل الاقتصادية و حدها ،و إنما لوجود عوامل و قضايا ثانوية أخرى منها
الطبقة الاجتماعية للطفل التي ينتمي إليها و المستوى التعليمي للأسرة، عدد أفراد
العائلة إلى غيرها من الأسباب .
فالجهل سبب يؤدي إلى عمالة الأطفال
و نقص البرامج الدولية لمحاربة الفقر و النظام التعليمي السائد و قلة المدارس و
قصور القوانين الدولية و الوطنية في مجال التعليم الإجباري وحظر العمل بالنسبة
للأطفال و متابعة هذه القوانين ،التفكك الأسري
و تهرب الآباء من مسؤوليتهم اتجاه أبنائهم ،كثرة عدد أفراد الأسرة ،الوضع الصحي
للأب ،كل هذه الأسباب أدت إلى ظهور هذه الظاهرة التي خلفت آثار سلبية عديدة على الطفل سواء في
الجانب العقلي أو الجسدي أو النفسي للطفل ،كما رسمت أبعاد خطيرة على شتى المستويات
سواء البعد النفسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي
.
و لهذا سنعالج في هذا المبحث في المطلب الأول أسباب عمالة الأطفال ،ثم في
المطلب الثاني الآثار المترتبة على عمالة الأطفال ،أما بالنسبة للمطلب الثالث
فسنتطرق إلى أبعاد عمالة الأطفال .
المطلب الأول : أسباب عمالة الأطفال
تعود
أسباب ظاهرة عمالة الأطفال إلى عدة عوامل مختلفة حيث تتعدد الأسباب و تتشعب و لكنها تبقى متداخلة و متشابكة و
مترابطة مما يجعل من المشكلة مشكلة صعبة الحل ،فعمالة الطفل تتحكم في وجودها من
حيث الانتشار و الندرة عوامل كثيرة منها العامل الاجتماعي و العامل الاقتصادي و
العامل التعليمي و العامل القانوني ،و غيرها من العوامل الأخرى التي تؤثر في الظاهرة كعامل الاستقرار و الكوارث الطبيعية
.
الفرع الأول : العامل الاجتماعي
هناك من يعتبر العامل الاجتماعي سبب محرك لعمالة الأطفال حيث يعتبر التفكك الأسري
والجهل ،و نقص المعرفة عند الأبوين ،العادات و التقاليد ،كثرة أفراد الأسرة
،الثقافة السائدة في المجتمعات كذلك رفقاء السوء (1) ،كل هذه الأمور تعد دافع لعمل الأطفال
،كما أن ارتفاع عدد الأطفال بالأسرة له علاقة طردية و تشغيل الأطفال حيث أن ما يقارب ثلاث أرباع الأطفال
العاملين 74 بالمائة ينتمون لأسرة عدد أفرادها يزيد عن
المعدل العام لحجم الأسرة .(2)
كما أن الطلاق يساهم في
تشرد الأطفال و تنصل كل من الوالدين لمسؤوليتهم اتجاه الأطفال ، هذا ما يجعل الطفل يتحمل مسؤوليته صغيرا و ذلك
بالاعتماد على نفسه في كسب قوته .
كذلك يعتبر المستوى
الثقافي سبب من أسباب عمالة الأطفال حيث إذا كان الأب و الأم أو أحدهما لا يعرف معنى العلم و أهميته بالنسبة
للفرد ،فيصبح يحفز الطفل على العمل بدلا
من الذهاب إلى المدرسة لأن فائدة
التعليم لديهم غير معروفة .
الفرع الثاني : العامل الاقتصادي
يعد
العامل الاقتصادي من أهم العوامل الأساسية التي تدفع بالأطفال للعمل ،و تتمثل
المشاكل الاقتصادية الدافعة للظاهرة في البطالة لقلة فرص العمل ،تدني نسبة التنمية
الأساسية و الفقر .
كما و سبق قلنا أن الفقر
يؤدي إلى تدني معدلات النمو الاقتصادي و مستوى الدخل هي سبب رئيسي في عمالة الأطفال
،التي تولدت عن أزمة الفقر فقد جاء في تقرير لمنظمة اليونيسيف أنه عندما يفكر
العديد من الأطفال الأكثر فقرا في العالم ،فإن الصورة التي تتبادر إلى الذهن
صورة طفل يتضور جوعا في مجتمع ريفي نائي
في إفريقيا جنوب الصحراء كما هو الشأن بالنسبة للكثير حاليا .(1)
فقد تم تحديد الفقر كسبب أساسي
لعمل الأطفال و الهدف الأساسي لهذا العمل تتمثل في مساعدة الآهل ماديا ،و خاصة في
ظل التراجع العام في المستوى المعيشي ،إذن فالفقر هو وباء تشكو منه مختلف
المجتمعات سواء كانت في دول متخلفة أو متقدمة ،فلكل واحد منها نصيب من هذا الوباء
الأمر الذي جعل المنظمات العالمية تتحرك لصده .
فقد جاء في قرار الجمعية
العامة أن القضاء على الفقر للاستثمار في الأطفال ،بحيث نؤكد من جديد
التزامنا بكسر حلقة الفقر في سبيل واحد ،يجمع في ذلك إيماننا بأن الاستثمار في الأطفال
وإعمال حقوقهم هما من أكثر الطرق الفعالة للقضاء على الفقر .(2)
أما البطالة تعد من
أهم التحديات التي واجهت اقتصاديات العالم ،لكونها مشكلة ذات أبعاد تاريخية و
جغرافية (3) ، و هي كذلك سبب مؤثر في
وجود الظاهرة و تحدد البطالة الإجبارية أو الصريحة في مجموعة الأفراد الذين لا
يجدون فرصة عمل لهم رغم قدرتهم على العمل و رغبتهم فيه و سعيهم الجاد للحصول عليه
و مع ذلك يظلون بدون عمل .(4)
فإذا كان الأب لا يجد
عملا و الأم كذلك فلا يكون أمام العائلة إلا الحصول على من يمون هذه الأسرة و لو بالقليل ،و بهذا الشكل و
لأجل هذا السبب يقوم الأطفال بالعمل في أي مكان لإعانة أسرهم و الحفاظ عليها ،و لو
كان الشيء الذي يملكه الطفل قليلا جدا و لكن في الحقيقة هذا العمل هو سبب انعكاسي للظاهرة ،حيث عمل الأطفال هو
دافع لوجود البطالة بحيث يصبح أرباب العمل يشغلون الأطفال بأثمان رخيصة ،كونهم لا
يملكون إمكانية المطالبة بحقوقهم و بذلك لا يكون للكبار مكان للعمل بما أن هناك من
يعوضهم بشكل أرخص و أسرع .
الفرع الثالث : العامل التعليمي
تعد
المشاكل التي تواجه التلميذ في المدرسة من الأسباب الهامة التي تساهم في دخول
الطفل سوق العمل ،و لهذا العامل عدة أسباب منها سوء التكيف الاجتماعي و هو
عدم قدرة الطالب على
التكيف مع المجتمع المحيط به و هذا لما يحتاجه الطفل من حب و تقدير إلى جانب التسرب
المدرسي.
و يرجع سببه إلى تعرض
الطفل للمعاملة السيئة و العقاب البدني من المدرسين و يصعب الفصل بين التسرب و عمل
الأطفال إذ أن كل منهما يؤدي إلى الآخر و ضعف المنهج الدراسي الذي لا يسعى إلى تنمية فكر الطفل و إبداعاته بحيث يشمل المنهج التعليمي أيضا ممارسة الفنون و الأعمال اليدوية و الحرفية بالإضافة إلى
ممارسة الرياضة و غيرها من الأنشطة التربوية.(1)
كما أن من أسباب عدم التعليم نقص المدارس ، و
بعد المدارس عن المساكن و هذا يمنع الفتيات وكذا الفتيان من الوصول إليها ،و هذا
خوفا من المخاطر التي يواجهونها في الطريق البعيد ،مع عدم و جود التعليم الإلزامي خاصة في المرحلة الابتدائية حيث هو أكثر الأدوات الفعالة للقضاء
على عمالة الأطفال ،فالطفل غير
الملزم بالالتحاق بالمدرسة يكون عرضة في الوقوع في شرك التعليم المبكر .(2)
الفرع الرابع : العامل القانوني
بالإضافة إلى العوامل
الاجتماعية و الاقتصادية و التعليمية هناك عامل لا يقل أهمية عن هذه العوامل ،حيث
لو طبق ما فيه من قوانين سواء كانت داخلية أو دولية لحصرت هذه الظاهرة وتلاشت
،ويتمثل المشكل القانوني فيم غض النظر عن محاسبة جميع الأطراف المسؤولة عن عمالة الأطفال
و وجود ثغرات قانونية و ضعف المسائلة الجنائية سواء على أصحاب العمل أو أولياء الأمور
الذين يدفعون أولادهم للعمل و ترك المدرسة بالإضافة إلى عدم متابعة و مراقبة تنفيذ
الالتزامات التي فرضها القانون على أصحاب العمل اللذين يلجئون لاستخدام الأطفال
كعمالة رخيصة لتدني أجورهم(1)
كما أن بعض الأولياء لا يلتزمون بالإنفاق
كليا أو جزئيا بتوفير ما يلزم من احتياجات للطفل وإعانته ،و قد يكون الأب غائبا و
قد تمهل الدولة متابعة الآباء اللذين يتخلون عن الوفاء بالتزاماتهم وإذا وجدت نصوص
لقوانين في هذا الشأن فإن هذه النصوص لم تضع الضمانات الكافية لحماية الأطفال من
الاستغلال ،كما لم تنص على إيقاع عقوبات
رادعة بالمخالفين لأحكامها .
الفرع الخامس : عامل عدم الاستقرار
حيث تواجه الأكثرية
العظمى من الفقراء وضعا من عدم الاستقرار المزمن و لا يشكل ذلك جزءا من أسباب
عمالة الأطفال ،إنما يؤثر أيضا على ظروف الاستجابة للوضع فالأزمات سواء كانت
طبيعية أو بفعل الإنسان هي سمة متزامنة في السياق العالمي الذي تبذل فيه الجهود
الرامية إلى القضاء على عمل الأطفال ،و
بصورة اخص فإن النزاعات و الأزمات مثل الأزمات المالية والحروب في الدول و
الانتقال إلى اقتصاد السوق ،و قد تمخضت عن أسوا أشكال عمل الأطفال المطلقة
كاستخدام الأطفال في النزاعات المسلحة .(2)
كما أنه على الدول مساعدة
بعضها لكي لا يتحمل أطفال العالم عبء النقص في السياسات والموارد و الإرادة
السياسة (3) ،و عدم الاستقرار يؤدي إلى
ضعف النمو الاقتصادي و هذا الأخير لا يكفي لوحده ،حيث يجب على البلدان مزجه مع
مجموعة من السياسات العادلة التي تركز على المساواة و حقوق الإنسان و توفير العمل
اللائق لجميع البالغين و توفير التعليم لجميع الأطفال.(4)
المطلب الثاني : آثار عمالة الأطفال
تعد مشكلة عمل الأطفال مشكلة معقدة و متشعبة حيث تتأثر و تِؤثر على جميع
الجوانب المتعلقة بالطفل الاقتصادية و الاجتماعية و الصحية و الثقافية و في بعض الأحيان يكون تأثيرها سلبي ومدمر
للطفل و بالتالي على أسرته فهناك أربع جوانب يتأثر بها الطفل نتيجة توجهه لسوق
العمل في مرحلة عمرية مبكرة .
الفرع الأول : التطور و النمو الجسدي
تتأثر صحة الطفل بطبيعة و
بيئة العمل نظرا للمخاطر التي قد تعوق نموه ،فالناحية العضوية للطفل العامل سوف
تتأثر سلبا نتيجة عمله حيث أن إصابات العمل و ما ينطوي عليها من مخاطر من شأنها
النيل من صحته و الأضرار بنموه الجسدي مع عدم تقديم رعاية صحية له ،و تتأثر صحة
الطفل من ناحية التناسق العضوي و القوة و البصر و السمع و ذلك نتيجة الجروح و
الكدمات الجسدية و الوقوع من أماكن مرتفعة أو التعرض للخنق من الغازات السامة حيث
يحدث له صعوبة في التنفس و ما إلى آخره من التغيرات . (1)
و لقد أكدت البحوث
العلمية أن لعب الوالدين مع أولادهم سبب من الأسباب التي تؤدي إلى
التطور الجسدي و النفسي و العقلي ،و إذا حرم الطفل من رعاية والدية وجبت كفالته و
يكون من يكفله بمثابة الوالد ،فالإسلام قرر في حالت
عدم وجود الوالدين تعويض هذا الطفل اليتيم ببديل عنهما حتى ينشأ و ينمو بشكل طبيعي
.(2)
الفرع الثاني: التطور الاجتماعي و الأخلاقي
يتأثر التطور الاجتماعي و الأخلاقي للطفل العامل حيث يتمثل هذا
التأثير في ذلك الشعور بالانتماء للجماعة والقدرة على التعاون مع الآخرين و القدرة
على التمييز بين الصحيح و الخطأ ،وكتمان ما يحصل له و أن يصبح الطفل كعبد لدى صاحب
العمل ، فيصبح الطفل و كأنه جاء من عالم آخر بنظرته لمجتمعه و كسبه أخلاق غير
عادية ممن في سنه من الأطفال .
و توجد عدة عوامل أخرى
لعمالة الطفل إضافة إلى الآثار السابقة
منها :خلق مجتمع متخلق وغير مواكب لسرعة البلدان المتقدمة و كثرة الجهل داخل ذلك
المجتمع .و خلق توازن غير طبيعي بين فئات البشر .(4)
فتخلي الطفل عن الدراسة و اللجوء إلى العمل
يعطي مجتمع أمي عامل ،و بالتالي هذه الأمية تؤثر على النمو الاقتصادي للدول ،فتصبح
فائقة للإطارات و العلماء و بالتالي لا يمكننا مواكبة التكنولوجيا العالمية .
الفرع الثالث: التطور المعرفي و العاطفي
يتأثر الطفل العامل من كل الجوانب المحيطة و اللصيقة به حيث يتأثر
التطور المعرفي بالنسبة له نتيجة استمراره في التغيب عن المدرسة و التوجه إلى سوق
العمل مما يؤثر على قدرته على
القراءة و الكتابة و الحساب ،و هذا ما يؤثر في النهاية على تحصيله و علمه ككل و
الذي يقلل من الفرص المتاحة له مستقبلا
في تحسين تطوره المعرفي
أما من الجانب العاطفي
فإن غياب الطفل عن المنزل لفترة طويلة نسبيا يؤثر بشكل كبير على الجانب العاطفي له كونه يحتاج من فينة إلى
أخرى إلى حضن دافئ لأنه كلما أحتضن الطفل كلما زاد نموه العاطفي و العكس صحيح ،كما
أن تعرض الطفل للإرهاق الذي يصيبه نتيجة العمل و ما يصادفه من مشاكل في الخارج يؤدي هو كذلك
لتأثر نموه العاطفي ،كما أن الطفل في مجال العمل يفقد احترامه لذاته و ارتباطه الأسري
لتقبله للآخرين و ذلك جراء بعده عن الأسرة و نموه في مكان العمل و تعرضه للعنف من قبل صاحب العمل أو
زملائه .(1)
و قد أكدت المواثيق الدولية على توفير التربية السليمة في بيئة آمنة
تمكنهم من أن يكونوا أصحاء بدنيا و يقيضون ذهنيا و مستقرين عاطفيا و أكفاء اجتماعيا
و قادرين على التعلم . (2)
المطلب الثالث : أبعاد عمالة الأطفال
تعد عمالة الأطفال مشكلة عالمية لا تقتصر على
الدول أو مجتمعات بعينها و لكن لعمومية أبعادها وآثارها التي تمس كل المجتمعات
المعنية بعمالة الأطفال جعلتها ظاهرة عالمية كون أبعادها الاقتصادية و النفسية و الاجتماعية
موجودة في كل مكان توجد فيه هذه المشكلة المتمثلة في عمالة الأطفال ،و سنتطرق في
هذا المطلب إلى دراسة البعد النفسي في الفرع الأول و البعد الاجتماعي في
الفرع الثاني و البعد الاقتصادي في الفرع الثالث .
الفرع الأول :
البعد النفسي
تتصل هذه المشكلة بالرغبات الشخصية و الذاتية ،فعمل الطفل قد يسبب له إحساس
باهتزاز الشخصية لتعديل التوازن المفقود ،فيتعرض الطفل للفشل فيكتسب بذلك شخصية
معتلة تكون في أخف حالاتها متعبة
للفرد ولمن حوله .
فصحته و اعتلال شخصيته هي
عملية مقرونة بسلامة النفس و الجسم ،من هنا برزت دلائل وجود المشكلات النفسية
الناجمة عن عمالة الطفل المبكرة تتمثل في خوف مستمر و خوف مسيطر على الطفل لا
يتناسب مع الواقع إلى جانب الاكتئاب و تجنب الناس و اضطراب في الشهية على غير المعتاد بالإضافة إلى اضطراب في النوم
مع عجز في العمل الدراسي ،كما أن معظم الأطفال العاملين مصابون بمرض التوحد أين
ينزوي الطفل لوحده دون مشاركة أقرانه من الأطفال في الأسرة أو في المحيط اللعب و التواصل معهم بشكل طبيعي .
الفرع الثاني : البعد الاجتماعي
تؤثر عمالة الأطفال و
بشكل كبير وواسع على المجتمع الذي توجد فيه هذه الظاهرة فقد يكون العمل سبب في إيجاد
وحدة التوازن بين الطفل و مجتمعه ،كما يمكن أن يوجد التنافر بينهما بالإضافة إلى
منع الطفل من اكتساب المهارات الاجتماعية
و محوها ،و تبذر في نفسه سلوكا مخالفا للمجتمع و عاداته ،و سيصبح هذا الطفل رب
عائلة و سينعكس هذا على أسرته من زوجة و أبناء وبالتالي ستكون هناك خسارة للمجتمع
.(1)
ينتشر أيضا في محيط العمل
هذا العنف ،التحرش الجنسي ،التدخين ،المخدرات و حوادث العمل و الأمراض المهنية (2)
الفرع الثالث : البعد الاقتصادي
بخلاف الظن السائد في
صفوف الكثيرين الذين يساهمون في ظاهرة عمالة الأطفال ،لا يساهم الإدماج المبكر
للأطفال في سوق العمل في تحقيق النتائج المرجوة و يعتبر هذا الاستثمار خاسرا على
كافة الأصعدة ،و يساهم انخراط الطفل في سوق العمل و تسربه من المدرسة في تعزيز
بيئة الجهل و الفقر ،و يدخل عملية التنمية في دوامة مفرغة (3) ،و بالتالي يؤثر على اقتصاد الدول بشكل مباشر و بشكل فعال في
تدهور اقتصاد الدول من جراء ارتفاع نسبة البطالة و كثرة الفقر .
و العلاقة بين عمل الأطفال و البعد
الاقتصادي هي علاقة طردية حيث يؤثر العامل الاقتصادي على عمل الأطفال ،و هذا من
خلال تأثير الأزمة الاقتصادية و الاجتماعية على الأطفال ،حيث أن الأزمة قد تدفع بعدد متزايد من الأطفال و
الفتيات بشكل خاص على العمل .(4)
وكثيرا ما يقال أن مشاركة
الأطفال في النشاط الاقتصادي و الفقر يعزز كل منها الآخر و يتسبب الفقر في عمل الأطفال
،و يضعف فرص الارتقاء الاجتماعي كما يديم الفقر ،حيث أنه ينعكس على إمكانية
التعليم التي تحقق المكاسب لمدى الحياة ،و ينطبق هذا على أي عمل يؤثر على سلامة
وصحة الأطفال ،و من وجهة نظر الاقتصاد الكلي و الأضرار بتنمية الطفل ،فإن العمل
يديم الفقر لأنه يحط من رأس المال البشري اللازم للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية
.
و لقد أصبح هناك اعتراف
شبه عالمي بان عمل الأطفال خصوصا بأسوأ أشكاله لا يشكل ميزة اقتصادية بل مضيعة
للموارد البشرية الثمينة و سدا منيعا أمام تحقيق الأهداف التنموية للألفية يشكل الاستثمار
الركيزة الأساسية لأي تنمية اقتصادية ،لأنه يسمح برفع معدلات النمو بالإضافة إلى مساهمته في تحقيق العناصر المساعدة
لذلك مثل المادة الأولية و اليد العاملة المتخصصة و الاستثمار فيها (1) ،و هذا يعني أن أي إستراتيجية
تنموية تكون في الاستثمار في الأطفال و ذلك بضمان تعليم إجباري وذو جودة ،ضمان
المناهج المتبعة في التعليم و مساعدة الطفل على متابعة مشواره الدراسي و التمهيني لأنه
هو الركيزة الأساسية التي تحتاج إليها المجتمعات في المستقبل من أجل النهوض باقتصادها .
كما يجب على المؤسسات التنفيذية للدولة أن تضطلع بمسؤوليتها في الالتزام
بتوفير خدمات التي تكفل حصول الأطفال جميعا على حقوقهم الأساسية بدون تمييز على
أساس النوع أو العرق أو الدين أو المستوى الاقتصادي أو الحالة الصحية و أن تعمل
على إدراج الخطط المتعلقة بضمان حقوق الأطفال و حمايتهم ضمن الخطة العامة للدولة و
تعمل على توفير المواد اللازمة لتنفيذ هذه الخطط.(2)
في خاتمة هذا الفصل نجد أننا عالجناه من زاوية مفهوم عمالة الأطفال
حيث عرفنا الطفل وعمالة الأطفال و بينا العمل المجرم دوليا و العمل المسموح به
للطفل ،و عرضنا الأسباب المؤدية لوجود هذه الظاهرة و آثارها و أبعادها على الطفل و
المجتمع و الأشكال المختلفة للأعمال التي يقوم بها الأطفال مركزين على أخطرها
،خلصنا إلى أن عمالة الأطفال هي آلية دعم
اقتصادي لدخل العائلة أين أصبح الطفل مسئولا في أسرته التي دفعتها عدة عوامل
للاتكال على هذا الطفل من بين هذه العوامل العامل الاقتصادي ،أين يظهر الفقر في
الواجهة ،العامل الاجتماعي و المتمثل في التفكك الأسري وكثرة عدد أفراد الأسرة
،العامل التعليمي و العامل القانوني أين تظهر قصوره في انتشار الظاهرة بشكل واسع و
انتشرت عدة أنواع من الأعمال التي يقوم بها الطفل من أسوئها أعمال الرق والدعارة و
المواد الإباحية و الأعمال الضارة بصحة و سلامة الطفل .
إلى أنه ليست هذه العوامل وحدها هي المتسببة
في وجود عمالة الأطفال بل هناك عدة عوامل أخرى و مسببات ،كما ليست وحدها الأعمال
الخطرة هي المحظورة على الطفل و لكن أي عمل وإن كان خفيفا و لكن بسبب المحيط الذي يعمل فيه
الطفل و الذي من شأنه أن يؤثر سلبا على هذا الطفل فهو يدخل ضمن إطار الأعمال
الممنوعة على الأطفال .
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم