دور الإنفاق العام في دعم الاستثمار وأثره على ميزان المدفوعات
يعتبر
الاقتصاد الجزائري من بين الأنظمة الاقتصادية الأكثر تأثرا بالتغيرات الاقتصادية
الخارجية ، لكون الاقتصاد الجزائري يستمد قوته من تطور أسعار البترول ، والتي
بدورها تحددها الأسواق العالمية ، كما أن كل السياسات الإصلاحية بما فيها السياسات
الاقتصادية الحكومية تتأثر بهذه التغيرات وهذا راجع إلى اعتماد الميزانية العامة
للدولة على إيرادات الجباية البترولية في تمويلها بأكثر من 66% من مجموع الإيرادات العامة
للدولة .
إن
أهم الإختلالات التي شهدتها الجزائر هي نتيجة الأزمات التي شهدتها السوق العالمية
للبترول خاصة أزمة 1986 ، والتي اعتبرت الوثبة النوعية في اللجوء إلى فكرة تغيير
النظام الاقتصادي القائم الأمر الذي أدى إلى نشوء سعر صرف مغالي فيه ، تراكم
الديون الخارجية ، عدم القدرة على تمويل المشاريع القائمة ، كما أن لجوء السلطات
العمومية إلى إعادة جدولة ديونها في بداية التسعينات ساهم في رفع نفقات خدمة الدين
، كل هذه العوامل أثرت بشكل كبير على عجز ميزان المدفوعات إلى غاية سنة 1993 ،
وحتى تحقق برامج الإصلاح المنتهجة قامت السلطات العمومية بتخفيض قيمة الدينار
وتحرير التجارة الخارجية وسعر الصرف وكذا محاربة العجز على مستوى الميزانية العامة
للدولة بغية تحقيق التوازنات الاقتصادية الكبرى ، وسنحاول من خلال هذا المطلب
التطرق إلى كيف تأثر رصيد ميزان المدفوعات في الجزائر بسياسات الإنفاق التي
اتبعتها الجزائر في ظل التحولات الاقتصادية وكذا أثرها على الإستثمار بشقيه الوطني
والأجنبي .
المطلب الأول : العلاقة بين الإنفاق العام والاستثمار
يرى
أغلب الاقتصاديين الإنفاق العمومي خاصة نفقات التجهيز المتعلقة بالمنشآت القاعدية
أنها تساهم بشكل مباشر في تحقيق النمو وكذا التوازنات الإقتصادية الكلية ،
إن
الإستثمار في المؤسسة الإقتصادية ، الوطنية أو حتى الخاصة والأجنبية يتأثر إلى
جانب نفقات التجهيز بجملة التحفيزات التي تقدمها الدولة للمؤسسات ، خاصة النفقات
الجبائية أي هذه النفقات الإضافية التي تتحملها الدولة في ميزانية التسيير في باب
الإيرادات المحسومة وأعباء الدين العام .
الفقرة
الأولى : دور الإنفاق الجبائي في تحفيز الإستثمار
بالعودة
إلى الإستثمار المحقق خلال الفترة الأخيرة خاصة منذ سنة 2000 والذي قدر بأكثر من
70907 مؤسسة اقتصادية والتي ساهمت بشكل كبير في رفع مستوى التشغيل ، حيث بلغت عدد
المشاريع في سنة 2000 ما يقارب 23317 مشروع حيث تم إنجاز أكثر من 16333 مشروع منها
، ولقد انخفض هذا العدد إلى 20967 مشروع في سنة 2001 وتم إنجاز 13390مشروع منها في
نفس السنة ، حيث لوحظ أن ععد المشاريع ارتفع على التوالي في سنتي 2002 و 2003
بقيمة 24460 مشروع و 35433 مشروع، تم إنجاز في سنة 2002 ما يقدر بـ 18140 مشروع
وفي سنة 2003 23044 مشروع .
إن
هذا الارتفاع الذي شهده الإستثمار الوطني في مختلف القطاعات الإقتصادية تبعه تدخل
واسع للدولة عن طريق النفقات العمومية من خلال ما يعرف بالنفقات الجبائية حيث شهدت
هذه النفقات ارتفاعا كبيرا منذ سنة 2001 وهذا عملا بالقانون 01/03 المؤرخ في 20
أوت 2001 والمتعلق بدعم وتطوير الإستثمار .
لقد
قدر المبلغ الإجمالي للإعفاءات المقدمة للمستثمرين في إطار مرحلة الإنجاز وجت
الإستغلال في سنة 2000 بـ 23.500.987.54 دج ولقد ارتفع هذا المبلغ في سنة 2001 إلى
الضعف حيث وصل إلى مبلغ 46.119.775.23 دج ، إلا أنه تراجع تدخل الدولة عن طريق
نفقاتها الجبائية في سنة 2002 حيث وصل المبلغ إلى 28.322.988.77 دج لكنه عرف بعد ذلك ارتفاعا كبيرا بنسبة تفوق
51% حيث حقق ما يقارب 54.050.201.03 دج .
إن
تدخل الدولة في مجال دعم الإستثمار لم يقتصر فقط على النفقات الجبائية بل تعداه
لتقديم مساعدات مالية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لدعم المؤسسات الاقتصادية
الوطنية العمومية والخاصة ، حيث بلغ مبلغ المساعدات في سنة 2000 805.602.408 دج
وارتفع إلى ما يقارب 3.152.429.735 دج وإلى 3.904.390.031 دج في سنتي 2001 و 2002
على التوالي لينخفض إلى مبلغ 3.337.850.510 دج في سنة 2003 .
إلى
جانب هذا (النفقات الجبائية ، الدعم المباشر وغير المباشر ) قامت الدول بإدخال
جملة من الإصلاحات أخذتها على عاتقها من أجل جلب الاستثمارات الأجنبية وتمكينها من
الإستثمار في مختلف القطاعات الاقتصادية خاصة خارج قطاع المحروقات وهذا ما سنحاول
التطرق إليه في الفقرة الثانية .
الفقرة
الثانية : دور الإنفاق العام في جلب الإستثمار الأجنبي المباشر
أصبحت
دراسة الإنفتاح على السوق العالمية تطبق مبادئ الرأسمالية والتي تقاس بدرجة مساهمة
المناخ الإستثماري للدولة في جلب الإستثمارات الأجنبية المباشرة ومدى مساهمة هذه
المؤسسات في خلق الثروة المحلية والقيمة المضافة ، وهذا لما لهذه الاستثمارات من
دور وأثر في إيجابي على الإقتصاد الوطني ولعل من أهم هذه الإيجابيات نذكر :
·
المساهمة في
تطوير القطاع الإقتصادي ، حيث أن تطور تدفقات الإستثمارات الأجنبية المباشرة (IDE)
تمثل موارد إضافية للإقتصاد الوطني بالإضافة إلى المساهمة في تحسين إستغلال
الموارد الداخلية غيلا المستغلة ، هذه التدفقات الناجمة عن الإستثمارات الأجنبية
المباشرة IDE تمثل مصدر تمويل خارجي يساعد على رفع
احتياطي الدولة من العملات الأجنبية ، كما أن هناك علاقة وطيدة بين الإستثمارات
الأجنبية المباشرة والصادرات أي أنها تساهم في رفع فائض ميزان المدفوعات عن طريق
الصادرات من السلع والخدمات .
·
المساهمة في
تحكم المؤسسات الاقتصادية المحلية في التكنولوجيا لبجديدة عن طريق الاحتكاك
بالمؤسسات الأجنبية وتحسين الكفاءات المحلية ،
·
خلق مناصب شغل
جديدة مما يسمح بتحسين نظام الإنتاج ، حيث قدر عدد العمال في IDE في الجزائر ما يقارب 3 إلى 4 % ،
·
تحسين
المنافسة وتطوير النشاط الاقتصادي ،
شهدت
الإستثمارات الأجنبية تطورا ملحوظا على المستوى العالمي حيث انتقل رقم أعمال
الشركات المتعددة الجنسيات من 24.3 مليار دولار عام 1990 إلى 185.4 مليار دولار
عام 1999 أي بمعدل نمو قدر بـ 663 % ومثل ما يقارب 70.1
%
من إجمالي التدفقات الرأسمالية للدول النامية في عام 1999 بعدما ما كانت نسبته 24.5 في سنة 1990 [1] .
إن
الجزائر كباقي دول العالم الثالث شهدت تدفقات لا بأس بها من الإستثمارات الأجنبية
المباشرة خاصة في مجال المحروقات ، وبهذا شهدت الجزائر مرحلتين أساسيتين لتدفق IDE
:
o منذ 1970 إلى غاية 1994 :
إن
ارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر في الجزائر خلال هذه الفترة كان نتيجة ارتفاع
أسعار البترول رغم أنه لم تمنح السلطات العمومية أي تحفيزات استثمارية لهذا النوع
من الاستثمارات إلا أنها شهدت بروز بعض الشركات الأجنبية في مجال التنقيب والبحث
عن البترول والغاز .
o
بعد سنة 1990 :
لقد
شهدت مرحلة انتقال الجزائر من النظام الاشتراكي إلى اقتصاد السوق تطورا ملحوظا في
تدفق الاستثمارات الأجنبية وعليه سنحاول تحليل هذه المعطيات بالاعتماد على دراسة
هذه التدفقات حسب معيار الجنسية (الأصل) ثم حسب معيار القطاعات التي مستها
الاستثمارات الأجنبية المباشرة .
1. حسب معيار الجنسية :
الجدول التالي
يبين تدفقات الاستثمارت حسب الدول الأصلية :
الوحدة : مليون دولار أمريكي
الرتبة |
الدولة |
1998 |
1999 |
2000 |
2001 |
المجموع |
1 |
الو.م.أ |
265.9 |
89.88 |
205.66 |
354.4 |
906.81 |
2 |
مصر |
52 |
3 |
100 |
163 |
363.2 |
3 |
فرنسا |
76.656 |
137.5 |
49.5 |
80.42 |
344 |
4 |
إسبانيا |
16.21 |
16.4 |
35.6 |
152.9 |
221.4 |
5 |
إيطاليا |
92.82 |
11.8 |
9.262 |
34.4 |
148.26 |
6 |
ألمانيا |
20.06 |
7.84 |
66.51 |
37.8 |
132.12 |
7 |
هولندا |
2.81 |
623 |
1.31 |
7.91 |
76.69 |
8 |
بريطانيا |
30.05 |
632 |
14.2 |
23.25 |
49.345 |
9 |
اليابان |
16.6 |
2.72 |
21.09 |
8.18 |
49.345 |
10 |
بلجيكا |
14.6 |
5.71 |
4.5 |
12.4 |
32.4 |
المصدر : بنك الجزائر
·
الولايات
المتحدة الأمريكية : تعتبر أول مستثمر في الجزائر بمبلغ
يقدر بـ 900 مليون دولار خاصة في مجال المحروقات حيث تم الاستثمار مؤخرا في مجال
الصناعة الكيميائية وصناعة الأدوية مثل " PFEIZER"
،
·
مصر :
خاصة في مجال الاتصالات خاصة فيما يخص الهاتف النقال ومثال ذلك شركة أوراسكوم
والهاتف الثابت " لكم" كما تم الاستثمار في صناعة الاسمنت عن طريق مجمع
أوراسكوم والتي تغطي 15 % من السوق المحلية .
·
جنوب أوروبا :
وهي أسبانيا ، فرنسا وإيطاليا حيث تتركز استثماراتها في مجال المحروقات وكذا
الصناعة الغذائية والطاقة .
·
ألمانيا :
تحتل المرتبة الخامسة وهذا يرجع للاستثمار الكبير الذي تقوم به شركة هنكل في قطاع
الصناعات الكيماوية وشركة "ميسور MESSER " في إنتاج الغاز الطبيعي .
·
الهند :
في السنوات الخمس الأخيرة تنازلت الجزائر جزئيا عن 70 %
من رأس مال المؤسسة العمومية لصناعة الحديد والصلب "ISPAT"
في إطار إنتاج 750.000 طن يغطي 50% من السوق المحلية وكذا المساهمة الفعالة في
الصادرات خارج المحروقات ، جاء هذا الاستثمار في إطار التعاون جنوب ـ جنوب من أجل
تبادل خبرات العمل والتكنولوجيا بين الدول السارية في طريق النمو .
2. حسب معيار القطاعات :
تتوزع
الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الجزائر على النحو التالي :
- قطاع
المحروقات : يعتبر القطاع الأكثر حيوية واستقطاب للاستثمارات
الأجنبية حيث أمضت الجزائر أكثر من 60 معاهدة شراكة ، بين سونا طراك ومؤسسة دولية
أخرى ونفس الشيء بالنسبة للغاز الطبيعي حيث يساهم IDE
بنسبة 70 % من الإنتاج الوطني للغاز الطبيعي .
- قطاع
الصناعة : يمثل 59 %
من مجموع المشاريع خارج قطاع المحروقات خاصة بعد خوصصة الشركات الوطنية وابتعاد
الدولة عن قطاع الإنتاج والانفتاح على القطاع الخاص الوطني والأجنبي ويمكن دراسة
هذا القطاع على النحو التالي :
- الميكانيك : المجمع الفرنسي للعجلات المطاطية "ميشلان" "MECHELIN"
سجل عودة قوية في السوق الجزائرية خاصة بعد 2002 بتغطية للسوق المحلية قدرت بـ40%
و التصدير بـ 60%
برقم أعمال قدر بـ 20 مليون أورو و500 منصب شغل .
- الصناعة
الغذائية: و الأمثلة
كثيرة مثل كوكاكولا,دانون,اوروجينا......الخ
- الصناعة
الالكترونية : برقم أعمال قدر بـ أكثر من40 مليون دولار أمريكي تشغله شركة BYA للالكترونيك ,"
LG"إلكترونيك ,SAMSUNG ...
إلخ .
- قطاع
الزراعي : يمثل 40%
من مجموع الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
- قطاع الأشغال
العمومية : سجل حضور 45 مؤسسة مشتركة و أكثر من 700
منصب عمل شغل في السنوات الخمس الأخيرة ,
بالإضافة إلى مشروع الطريق السريع
شرق-غرب والذي أبرمت صفقة بمبلغ 376 مليون
دينار جزائري لمؤسسة يابانية (COJAAR) ومبلغ 451
مليون ديــنار لمجمع صيني .CITIL
–CRCC
- قطاع
الاتصالات : لقد تم فتح هدا القطاع على الاستثمار
الأجنبي و هذا لإعطائه أكثر فعالية وتوفير
أحسن الخدمات في مجال الهاتف النقال و الهاتف الثابت .
في
الأخير يمكن القول أن IDE في الجزائر ليست قوية أو حتى متنوعة لأنها محصورة في قطاع المحروقات ,كما أن IDE خارج المحروقات تمثل 0.2%
من الناتج الداخلي الخام PIB ,كما أن هذا
القطاع لا يساهم في خلق الثروة وحتى مناصب شغل كبيرة وهذا النوع من الاستثمارات لا
يساهم في الصادرات وإنما هو موجه أساسا إلى تلبية متطلبات السوق المحلية.
كخلاصة
يمكن القول أن المجهودات التي بذلتها السلطات العمومية في مجال دعم الاستثمارات
الوطنية أو حتى الأجنبية لا تتوافق و النتائج المحققة, ولكن يمكن أن تسجل الجزائر
تحسنا ملحوظا في هدا المجال ادا ما تم التخلص من العوائق التي تؤثر على المناخ
الاستثماري مثل إصلاح النظام المصرفي و الجبائي وتسهيل الإجراءات الإدارية ومنح
ضمانات أكثر للمستثمرين الأجنبيين .
المطلب الثاني : مميزات ميزان المدفوعات في الجزائر
لعبت
التطورات الخارجية دورا رئيسيا في الاقتصاد الجزائري بسبب الدور المسيطر لقطاع
المحروقات الذي يساهم بنسبة كبيرة في إيرادات الميزانية، و الذي شكلت صادراته على
العموم أكثر من 95% من إجمالي الصادرات[2].
لقد ظلت التغيرات في البيئة الخارجية وثيقة الصلة بالسياسات الاقتصادية المحلية و
ذلك بما أن الجزء الأكبر من النفقات يتم تغطيته بإيرادات البترول، و في حالة ما
إذا حدث و أن تغيرت أسعار البترول لأي سبب كان فهذا سيؤثر حتما على إستراتجية
الدولة فيما يحص استعمالها لإيراداتها، خاصة و إذا علمنا بأن معظم نفقاتها لا
تتميز بالمرونة، إمكانيات التأثير عليها قليلة (أجور، دفع فوائد الديون...) لم يبق
للدولة سوى لتقليل من نفقات التجهيز. هذا
ما سيؤدي حتما إلى تعطيل الاستثمار و هذا يحول دون تحقيق التنمية .
سنحاول
من خلال هذا المطلب إظهار العلاقة ما بين النفقات، الاستثمار و ميزان المدفوعات
إظهار أثر التطورات الخارجية على مستوى كل من الإنفاق و الاستثمار.
ميزان المدفوعات
الوحدة: مليار $
|
1994 |
1995 |
1996 |
1997 |
1998 |
1999 |
2000 |
2001 |
2002 |
2003 |
2004 |
تصدير سلع و
خدمات |
9.59 |
10.94 |
13.69 |
14.81 |
10.90 |
13.05 |
22.56 |
20.00 |
20.01 |
26.03 |
34.07 |
المحروقات |
8.61 |
9.73 |
12.64 |
13.25 |
9.75 |
11.91 |
21.06 |
18.53 |
18.11 |
23.99 |
31.55 |
سلع أخرى |
0.29 |
0.53 |
0.57 |
0.50 |
0.37 |
0.42 |
0.59 |
0.57 |
0.63 |
0.47 |
0.67 |
خدمات |
0.69 |
0.68 |
0.75 |
1.07 |
0.78 |
0.72 |
0.91 |
0.91 |
1.30 |
1.57 |
1.87 |
استيراد
سلع و خدمات |
11.09 |
12.39 |
11.24 |
10.28 |
10.94 |
11.52 |
11.71 |
12.22 |
14.49 |
16.24 |
21.81 |
سلع |
9.16 |
10.20 |
9.09 |
8.13 |
8.63 |
8.96 |
9.35 |
9.78 |
12.01 |
13.32 |
17.95 |
خدمات |
1.93 |
2.19 |
2.15 |
2.15 |
2.31 |
2.56 |
2.36 |
2.44 |
2.48 |
2.92 |
3.86 |
الحساب
الجاري |
-1.82 |
-2.52 |
0.93 |
3.01 |
-0.92 |
0.03 |
8.93 |
6.76 |
4.36 |
8.98 |
11.12 |
حساب رأس
المال |
1.94 |
1.15 |
0.50 |
0.36 |
-0.25 |
-2.47 |
-1.37 |
-0.87 |
-0.71 |
-1.39 |
-1.87 |
احتياطات
خامة |
2.64 |
2.11 |
4.23 |
8.05 |
6.84 |
4.41 |
11.91 |
17.96 |
23.1 |
32.94 |
43.11 |
المصدر: المجلس الوطني الاقتصادي و الاجتماعي.
قبل
أن نتطرق إلى تحليل ميزان المدفوعات، لابد من تعريفه أولا، مع شرح الأوضاع التي قد
يظهر فيها:
هو
سجل نظامي و كامل للصفقات الاقتصادية التي تتم ما بين المقيمين في بلد معين و
المقيمين في بقية دول العالم، خلال فترة زمنية هي سنة في العادة. إن ميزان
المدفوعات أداة للتعبير عن وضعية دولة مل بالنسبة للخارج.
قصد
بالتوازن الاقتصادي لميزان المدفوعات، الحالة التي تتكافئ في ظلها الإيرادات التي
تتحصل عليها الدولة من صادراتها من سلع و خدمات و التحويلات الرأسمالية إلى الداخل
مع المدفوعات الناشئة عن وارداتها من سلع،
خدمات و التحويلات الرأسمالية إلى الخارج.
العجز في ميزان المدفوعات يعني أن الدولة
تكون مدينة للخارج بمقدار دلك العجز، فهي في تبعية لغيرها باستمرار. و لهدا العجز
أثار اقتصادية و اجتماعية من فقدان لقيمة البلد المدين، انخفاض عملته، انهيار
السعة الاقتصادية للبلد بين المؤسسات المالية و الدولية... :لكل هده الآثار لها
انعكاسات على التنمية الاقتصادية، حجم الاستثمار، معدلات البطالة...نتيجة لتغطية
العجز عن طريق الموارد المالية الخارجية. إن تصحيح الاختلال في ميزان المدفوعات
يتطلب إجراء تغيرات في نظام أسعا ر الصرف، احتياطات الصرف، تغيير السلوك الإنتاجي،
تحسين منظومة القوانين.
سنحاول
تحليل ميزان المدفوعات المبين أعلاه بتقسيم فترة الدراسة إلى مرحلتين:
1- الفترة ما
قبل 1994
2- الفترة ما
بعد 1994
أ/ مرحلة
التعديل الهيكلي: 1994-1998
ب/ المرحلة ما
بعد التعديل الهيكلي: 1999-2004
الفقرة
الأولى : الفترة ما قبل 1994
ما
يمكن ملاحظه هو أنه إلى غاية وسط الثمانينات، النسبة المرتفعة لأسعار البترول مكنت
للجزائر تمويل النسبة الكبيرة للامتصاص الداخلي. لكن الأزمة البترولية التي عرفتها
الجزائر في سنة 1986 سلطت الضوء على الإختلالات الاقتصادية الكلية الداخلية.
يعالج
من خلال هذه الفقرة تأثير كلا من سعر الصرف و أعباء الدين الخارجي على ميزان
المدفوعات .
تأثير سعر
الصرف على ميزان المدفوعات :
بعد
الانخفاض المفاجئ لأسعار البترول في سنة 1986 و استمرار الاختلالات الاقتصادية
لجأت السلطات العمومية إلى إعادة النظر في نظام الصرف في اطار ما يتماشى مع ميزان
المدفوعات.
و بعد انشاء مجلس النقد و القرض في سنة 1991
تولى مسؤولية رفع سياسة النقد الأجنبي و الدين الخارجي حيث تم تخفيض قيمة الدينار
الجزائري في أفريل 1994 بنسبة 40.17% ( 1دولار = 36 دينار)
هذا
الانخفاض في قيمة الدينار الجزائري أدى إلى زيادة في الصادرات و انخفاض في
الواردات.
تأثير أعباء الدين الخارجي على ميزان المدفوعات :
انتهجت
الجزائر في الثمانينات للاقتراض بشدة من الخارج و استخدم جزء كبير من هذه القروض
إما لتمويل الاستهلاك أو للاستثمار ذات معدلات العائد المنخفض في المجمع الصناعي
الحكومي الذي يعاني من مشاكل كثيرة ، و نتيجة لذلك ارتفع رصيد الدين الخارجي
المتوسط و الطويل الأجل إلى 70 %
من إجمالي PIB
بينما انخفضت آجال التسديد بقدر كبير لان معظم عمليات الاقتراض الجديدة في
أوائل التسعينات كانت في شكل ائتمانات قصيرة الأجل بين سنة و 3 سنوات .
و
بناء عليه إرتفعت خدمة الدين السنوية إلى أكثر من 9 مليار دولار أي 82%
من مجموع الصادرات و ¼ من PIB
وفي سنة 1994 بلغت خدمة الدين 85 %من
حصيلة الصادرات ، ومنذ ذلك الحين أصبح وضع المدفوعات الخارجية غير قابل للإستمرار
هذا ما دفع بالسلطات العمومية إلى طلب إعادة جدولة الديون في افر يل 1994 .
الفقرة
الثانية : الفترة ما بعد 1994
تميزت
هذه الفترة بمرحلتين حاسمتين و هما: فترة التعديل الهيكلي ، و ما بعد التعديل
الهيكلي ، سنحلل في هذه الفقرة ميزان المدفوعات من خلال الحساب الجاري، ثم حساب
رأس المال
1- الحساب
الجاري:
إن
اعتماد الجزائر على القطاع المحروقات كمصدر رئيسي للنقد الأجنبي يترتب عليه أثار هامة
على جانب الاقتصاد الكلي، لأن تقلب أسعار النفط الدولية أدى إلى تقلب المجمعات
الاقتصادية الكلية. و كان لتحركات أسعار الطاقة العالمية فروق مقابلة في قيمة
الصادرات و الإيرادات الحكومية و مدى توافر النقد الأجنبي.
أثرت
تقلبات أسعار الصرف على العرض و الطلب على حد السواء: خفض الطلب الاستهلاكي، ضغط
الإنفاق الحكومي و تدهور النفقات الاستثمارية بسبب كذلك تقليل الوصول إلى مستلزمات
الإنتاج المستوردة، حيث هنالك أوليات و المتمثلة خاصة في السلع الاستهلاكية و هذا
يجول دون حدوث انتعاش ملموس للنمو. و في
الخالة العكسية، أي ارتفاع أسعار البترول، قد يحسن من الوضعية الاقتصادية في حالة
حسن استعماله: كتوجيه الفائض نحو الاستثمارات أو خفض قيمة الدين العام بدلا من
تمويل الزيادة في النفقات[3]...
و ذلك باختلاف الأوضاع.
إضافة إلى تقلبات أسعار النفط العالمية،
هناك عامل أخر مؤثر و هو تغير قيمة الدولار الأمريكي بالنسبة للعملات الأخرى،
انخفاض قيمته تؤدي إلى خسارة، و ذلك خاصة بالنسبة للأورو(€) و إذا علمنا أن
الجزائر تتعامل بنسبة تفوق 60℅ حوالي مع الوحدة الأوروبية، هذه الأخيرة تصدر
بالأورو(€) و لكنها تستورد بالدولار. الفرق تتحمله الجزائر.
يمكننا أن نتأكد من هذه المؤثرات من خلال
دراسة الميزان التجاري:
·
1994/1998:
سجلت
هذه المرحلة عجز في كلا من سنتي 1994 و 1995، هذا يعني بأن: الواردات>الصادرات.
هذا العجز راجع من جهة إلى تدني أسعار البترول
الذي أدى إلى تدني قيمة الصادرات ، و من جهة أخرى، ارتفاع قيمة الواردات نتيجة
للتحرير التدريجي للتجارة الخارجية مع وجود بعض الاستثناءات البسيطة في التصدير و
قائمة المواد المقيد إسترادها مؤقتا. لكن في 1995، أصبحت كل عمليات التجارة
الخارجية حرة تماما بالإضافة إلى الإعلان عن التحويل التجاري للدينار، هذا ما أدى
إلى زيادة نسبة الواردات.
ابتداء
من 1996/1997 بدأ الميزان التجاري يسجل فائضا و هذا راجع إلى التحسن الملحوظ في
أسعار النفط العالمية و كذلك التحسن المسجل في قيمة الدولار الأمريكي مقارنة مع
العملات الدولية الأخرى، ارتفاع قدر ب 20℅ بين سنتي 1995/1996.
في
سنة 1998، نلاحظ وجود عجز في الميزان التجاري سببه انخفاض سعر البترول من 19.29 $
في 1997 إلى 13.34 $ في عام 1998.
·
1999/2004:
نلاحظ أن الميزان التجاري يعرف نتائج
إيجابية و هذا ما يعبر عن سلامة الوضعية الخارجية للجزائر، حيث أن نسبة تغطية
النفقات للإيرادات X/M>1 و هذا راجع إلى تحسن أسعار البترول
تدريجيا. كما نلاحظ تزايد مستمر للواردات و خاصة منذ 2002 بعدما عرفت نوع من
الاستقرار خلال 1999/2001. يمكن شرح هذه الزيادة بارتفاع واردات السلع الإنتاجية
الملائمة لارتفاع معدل الاستثمار في الاقتصاد الوطني، هذا من جهة، و من جهة أخرى،
ارتفاع قيمة الأورو الذي أدى إلى تقويم أو
الرفع من قيمة الواردات المتأتية أساسا من الوحدة الأوروبية.
2- الحساب رأس
المال:
يمكن
التعرف من خلال هذا الحساب على تدفقات رؤوس الأموال من وإلى الجزائر وهو يسمح
بالخصوص بمعرفة حجم المديونية ورؤوس الأموال الأجنبية المستثمرة ، وسنحاول دراسته
من خلال التطرق إلى التطور الذي عرفه هذا الحساب خلال المراحل التالية :
·
1994 /1998
بدأ
هذا الحساب يسجل فائض ابتداء خاصة من 1994 و ذلك بفضل الاستثمارات الأجنبية في
قطاع المحروقات، و ذلك بدخول القانون 91/21 المتعلق بالمحروقات حيز التنفيذ. عرف هذا الحساب فائضا إلى غاية 1997 . ابتداء
من 1998، نلاحظ عجز و هذا راجع إلى زوال فترة سماح دفع الدين المجدول، حيث كانت
نهاية برنامج التعديل الهيكلي، حيث سمحت عمليات إعادة الجدولة بتوفير 16 مليار
دولار، أزالت نوعا ما من الضغوطات المالية الخارجية إلى غاية 1998، كما أن متوسط
مدة استحقاق الدين انتقلت من 3 إلى 7 سنوات، فتم تشكيل احتياطيات صرف معتبرة و هذا
رغم انخفاض أسعار النفط.
·
1999/2004:
لا
يزال هذا الحساب يسجل عجزا و لكنه أقل
أهمية مقارنة ب 1999. هذه الوضعية تعكس بصفة خاصة استقرار في تسديد الديون
الخارجية، سياسة اتخذتها الجزائر من أجل تخفيف أثر المديونية الخارجية.
ظل هذا العجز
مسجل بالرغم من جهة ارتفاع نسبة
الاستثمارات الأجنبية المباشرة، و خاصة في مجال المحروقات و قطاع الاتصالات، لكنها
نسبة تبقى ضئيلة( انظر المطلب الأول ). من جهة أخرى بالرغم من أن اللجوء إلى
الاقتراض من الخارج يسجل تراجعا ملحوظا.
هذا
التطور الذي شهده ميزان المدفوعات سمح للجزائر من تشكيل احتياطي صرف معتبر، و في
تزايد مستر. فعلى سبيل المثال، مر احتياطي الصرف من 4.4 مليار $ نهاية 1999 إلى
11.9 مليار $ نهاية 2000 ثم 17.96 مليار $عام 2000، أي ما يقابل 18 شهر استيراد
سلع و خدمات مقابل 12 شهر في 2001 و 4.5 شهر في 2001. لقد بلغ هذه احتياطي الصرف
43.11 مليار$ سنة 2004. و هذا ما قد يعبر عن تحسن الوضعية الخارجية للاقتصاد
الجزائري في مواجهة الصدمات الخارجية.[4]
في الواقع، لا تزال الجزائر عرضة لهذه الصدمات، حيث أن التغيرات في أسعار الصرف ،
خاصة العملة الأوروبية و الدولار الأمريكي، ففي حالة انخفاض قيمة هذا الأخير، تحمل
الجزائر أعباء إضافية سواء بالنسبة لصادراتها أو بالنسب للديون الخارجية، و ما هذا
إلا نتيجة لاعتماد الجزائر على مورد لا تتحكم فيه، محدد بعوامل و معطيات خارجية ،
لذا فلابد عليها أن تطور القطاعات الأخرى غير المحروقات، انتظارا لتحقيق ذلك، يمكن
للجزائر أن تلجأ إلى اتخاذ مجموعة من التدابير من أجل حماية النفقات العامة من
تقلبات أسعار البترول ، ذلك من خلال مثلا[5]:
-تحديد سعر
مرجعي عقلاني للبترول في الميزانية
-اتخاذ
إستراتجية الادخار من أجل مواجهة زوال إيرادات المحروقات في المدى الطويل
-اتخاذ
إستراتجية نشطة في تسيير الأصول و الالتزامات من أجل تخفيف المديونية من خلال منح
الأولوية في المدى القصير للتسديد المسبق للديون الخارجية ذات القيمة المرتفعة. في
المدى المتوسط، بناء محفظة أصول مالية لتغطية خطر انخفاض مزمن للإيرادات
البترولية.
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم