📁 آخر الأخبار

قيود المصلحة العامة المتعلقة بالعقار السياحي في ظل قانوني التهيئة والتعمير و حماية التراث الثقافي

 


قيود المصلحة العامة المتعلقة بالعقار السياحي في ظل قانوني التهيئة والتعمير و حماية التراث الثقافي


     للعقار أهمية كبرى في السياسة العمرانية بصفة عامة، لكن هذه الأهمية تزداد في الأماكن السياحية نظرا لاعتبارات تاريخية وثقافية ومعمارية وسياحية، و بما أن العقار السياحي بمكوناته من مناطق التوسع و المواقع السياحية  هي أماكن محمية ذات منفعة وطنية و قطب اقتصادي هام ،أولاه المشرع الجزائري بحماية قانونية للحد من الفوضى و الاهمال والتخريب الذي يقع عليه .

     و بالتالي نتطرق الى قيود المصلحة العامة المتعلقة بالعقار السياحي في ظل القانون رقم 90-29 المتضمن التهيئة و التعمير في المبحث الأول من الفصل الثاني ،والذي قسمناه إلى مطلبين نتناول في المطلب الأول وسائل التعمير التنظيمي أما بالنسبة للمطلب الثاني جاء بعنوان وسائل التعمير الفردي إلى جانب القيود الواردة على العقار السياحي في ظل القانون رقم 98-04 المتضمن حماية التراث الثقافي من خلال المبحث الثاني ،الذي قسمناه بدوره إلى مطلبين ،  تطرقنا في المطلب الأول إلى نظامي الترخيص  والتصنيف كقيود واردة على العقار السياحي خدمة للمصلحة العامة، والمطلب الثاني نتناول فيه إلى نظامي التسجيل في قائمة الجرد الاضافي و الاستحداث في شكل قطاعات محفوظة كقيود واردة على العقار السياحي .

 

المبحث الأول : قيود المصلحة العامة المتعلقة بالعقار السياحي في ظل القانون رقم 90-29 المتضمن التهيئة و التعمير

     مخططات التهيئة و التعمير التي جاءت في القانون المتضمن التهيئة والتعمير تعتبر هي الأخرى من القيود المفروضة على العقار من أجل حمايته مهما كان نوعه،و العقار السياحي هو أحد أصناف العقارات التي تجد لها حماية في مخططات التهيئة و التعمير، المتمثلة في المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير و مخطط شغل الأراضي،  قصد تهيئة العقار السياحي و حمايته تحقيقا للمصلحة العامة على أحسن وجه،و هذا ما نحاول توضيحه من خلال المطلب الأول .

     إلى جانب وسائل التعمير التنظيمي، نجد وسائل التعمير الفردي المتمثلة في مختلف رخص و شهادات التعمير الواردة في القانون رقم 90-29 لترشيد إستخدام الوعاء العقاري عند تهيئته ،و العقار السياحي هو من أكثر العقارات حساسية عند تهيئته و تعميره، لذا قيد المشرع الجزائري الفرد برخص وشهادات قبل القيام بأي تغيير للطابع السياحي للعقار حماية له، و هذا ما خصصنا له المطلب الثاني .

المطلب الأول : وسائل التعمير التنظيمي كقيد لحماية العقار السياحي

      تعتبر مخططات التهيئة و التعمير قيد من القيود الواردة على العقار السياحي و صورة من صور حمايته ،و ذلك من أجل إخضاع الأنشطة الواقعة في المناطق السياحية لرقابة دقيقة الهدف منها حماية هذه المناطق ،فهي قواعد مفروضة على الجماعات المحلية، تظهر اهميتها باتصالها الوثيق بجميع القطاعات التي لها علاقة بالبناء و التعمير ،تغطي بمجملها قطاعات حساسة ذات اهمية استراتيجية كالأماكن السياحية  ، لذا جاء الفرع الأول بعنوان المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير ، أما الفرع الثاني فجاء بعنوان مخطط شغل الأراضي.  

 

 

 

الفرع الأول : المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير

     يعرف المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير على أنه اداة للتخطيط المجالي والتسيير الحضري ،فهو يحدد التوجهات الأساسية للتهيئة العمرانية للبلدية أوالبلديات المعنية ،مع الاخذ بعين الاعتبار تصاميم التهيئة و مخططات التنمية ويضبط الصيغ المرجعية لمخطط شغل الأراضي ،كما يتجسد المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير في نظام  يصحبه تقرير و مستندات بيانية مرجعية(1) ،و يحدد المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير :

أولا : التخصيص العام للأراضي على مجموع تراب بلدية أو مجموعة من البلديات حسب القطاع . (2)

ثانيا : يحدد توسع المباني السكنية و تمركز المصالح و النشاطات و طبيعة وموقع التجهيزات الكبرى و الهياكل الاساسية .

ثالثا: يحدد مناطق التدخل في الانسجة الحضرية و المناطق الواجب حمايتها . (3)

‌أ.       المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير كقيد داخل المساحات والمواقع المحمية الثقافية

قسم المخطط التوجيهي للتهيئة  و التعمير المنطقة التي يتعلق بها إلى قطاعات التي تتمثل في : القطاعات المعمرة، القطاعات المبرمجة للتعمير، قطاعات التعمير المستقبلية ، القطاعات غير القابلة للتعمير ، و هنا يظهر جليا حماية العقار السياحي بموجب المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير من خلال تحديد توسع المباني أومساحتها التي من الممكن انشائها داخل مناطق التوسع السياحي.

 

 

 

 

     المشرع الجزائري من خلال هذا التقسيم الذي يعده المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير ،اعطى اهمية للأراضي التي يتكون منها العقار السياحي سواء كانت هذه الأراضي عمرانية، أو سيتم تعميرها مستقبلا أو التي يمكن أن تعمر و هذا بالنظر للميزات السياحية التي يمكن أن تتمتع بها  المناطق السياحية .

     إضافة إلى أن المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير، يعتبر أداة  تحدد و تصنف فيه الاقاليم التي تتوفر على مجموعة من المميزات الطبيعية الخلابة، التاريخية، و الثقافية و إما على مميزات ناجمة عن موقها الجغرافي و المناخي و الجيولوجي ،فتضبط النصوص التشريعية و التنظيمية الالتزامات الخاصة التي تطبق على هذه الاقاليم  في مجال إستخدام الأراضي وتسييرها، لا سيما فيما يخص البناء و الموقع و الخدمة، واقامة البنايات والهندسة و طريقة تسييج، و تهيئة محيط التراث الثقافي، و حمايته و تنميته.(1)

     كما جعل المشرع الجزائري من بين محتويات هذا المخطط تقسيم يحدد القواعد المطبقة بالنسبة لكل منطقة مشمولة في الفضاءات المحددة في المادة 19 من القانون    90-29 ،و لهذا يجب أن يحدد ،مساحات المناطق الواجب حمايتها ،مخطط تهيئة يحدد حدود الأراضي ذات الصيغة الطبيعية و الثقافية البارزة  (2)  ،كما اوجب المشرع الجزائري عند وضع المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير استشارة مصلحة المواقع الأثرية على مستوى الولاية . (3)

‌ب. المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير كقيد  لحماية  مناطق التوسع و المواقع السياحية و كذا الشواطئ و المياه الحموية

     كما عرفنا أن المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير قسم المناطق التي يتعلق بها إلى قطاعات معمرة و قطاعات مبرمجة للتعمير و قطاعات التعمير المستقبلية و قطاعات غير قابلة للتعمير ،حيث من مكوناته نجد تقرير توجيهي يحدد نمط التهيئة المقترح بالنظر إلى وظيفة العقار فيما إذا كانت سياحية أو ترفيهية أو تجارية ،كما يبين الأعمال التي يمكن منعها أو اخضاعها لشروط، و كذا الارتفاقات التي يجب الابقاء عليها أوتعديلها أوانشائها.

     و بالرجوع إلى المرسوم رقم 91-177 المحدد لإجراءات اعداد المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير، ألزم المشرع الإارة المختصة بإعداد المخطط، استشارة عدة مصالح من بينها مصلحة السياحة و على هذا الأساس يجب مراعاة عند اعداد المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير استجابة مع مخطط التهيئة السياحية ،وإذا كان المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير موجود قبل 2008 ، فيجب تحيينه و مطابقته مع المخطط التوجيهي للتهيئة السياحية، كون كلاهما يتوقعان مناطق توسع سياحي في إطار التعمير المستقبلي و نمط التهيئة في هذه المناطق، و نفس الشيء يقال عن مخطط تهيئة الشاطئ و مخطط تحديد منبع المياه الحموية من حيث توافقهما و انسجامهما مع المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير . (1)

‌ج.   المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير كقيد لحماية الساحل

     يعتني المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير بالساحل بحكم طبيعته و أهميته وهشاشته ويجعله محل حماية خاصة من حيث أن حقوق البناء تخضع إلى شروط خاصة في حدود البنايات التي تكون مطابقة مع  طبيعة المجال الساحلي ،الذي يسمح فيه بالبنايات التي تكون مجاورة للماء .

    يتمثل ادماج خصوصيات الساحل على مستوى المخطط التوجيهي للتهيئة والتعمير في البحث عن مناطق التخاصم، في شغل و استعمال الفضاء و تأثيرات الاخطار من كل نوع ،كما يقع عليه مراعاة مختلف المسافات التي اقرها القانون لحماية، و تثمين الساحل و الطابع الحساس و المنظري للمواقع المتواجدة  بالفضاءات الطبيعية  الساحلية.(2)

 

 

الفرع الثاني : مخطط شغل الأراضي

     يعتبر مخطط شغل الأراضي اداة من ادوات التعمير نظمه المشرع الجزائري من خلال القانون رقم 90-29 المتضمن بالتهيئة و التعمير المعدل و المتمم ،و بين احكامه المرسوم التنفيذي رقم 91-178 المؤرخ في 08 ماي 1991 المحدد لإجراءات اعداد مخطط شغل الأراضي و المصادقة عليه و محتوى الوثائق المتعلقة به، حيث أن مخطط شغل الأراضي يحدد بالتفصيل في إطار توجيهات المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير و حقوق استخدام الأراضي و البناء .

     و لهذا فإن مخطط شغل الأراضي يحدد بصفة مفصلة بالنسبة للقطاع أو القطاعات أوالمناطق المعنية ، الشكل الحضري ، حقوق البناء و استعمال الأراضي و يضبط القواعد المتعلقة بالمظهر الخارجي للبنايات،  يحدد المساحات العمومية و المساحات الخضراء،  المواقع المخصصة للمنشآت العمومية و المنشآت ذات المصلحة العامة .(1)

     من خلال كل هذا يتضح أن مخطط شغل الأراضي هو أداة يمكن من خلالها تحديد الشكل الحضري لكل منطقة ،و ذلك من خلال تنظيم حقوق البناء على الأراضي و هذا كيفية استعمالها ،خاصة فيما يتعلق بنوعية المباني المرخص بها و حقوق البناء المرتبطة بملكية الأراضي و الارتفاقات المقررة عليها ،و كذا النشاطات المسموح بها إلى غيرها من التوجهات . (2)

      تتجلى أهمية مخطط شغل الأراضي كون أن عملية التعمير تتم على أساسه، و لا تسلم أية رخصة و لا شهادة في مجال التعمير إلا إذا كانت تستجيب للمقاييس المحددة في هذا المخطط ، نظرا لوجود مخططات منصوص عليها في بعض القوانين الجديدة كالقانون المتضمن شروط إنشاء مدن جديدة ، السياحة، البيئة ،فانه لابد من التنسيق بين مخطط شغل الأراضي و المخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير و محتوى المخططات الاخرى المشار إليها سابقا ،إذ يعد هذا المخطط من ملفات التخطيط المحلي للأراضي والمساحات ،الذي بواسطته تحدد المناطق العمرانية و تلك الموجهة للتعمير. (3)

 

أولا : مخطط شغل الأراضي كقيد لحماية المساحات و المواقع الأثرية

     بما أن مخطط شغل الأراضي يحدد الاحياء و النصب التذكارية و الشوارع والمناطق و المواقع الواجب حمايتها ،فجعل المشرع من بين محتويات مخطط شغل الأراضي لائحة تنظيم، تتضمن جانب القواعد التي تحدد لكل منطقة متجانسة ،و مع مراعاة الأحكام الخاصة المطبقة على بعض اجزاء التراب مثل الاقاليم التي تتوفر على مجموعة من المميزات الطبيعية و الثقافية البارزة ،كما أوجب المشرع عند وضع مخطط شغل الأراضي استشارة مصلحة المواقع الاثرية و الإدارة المكلفة بالسياحية .(1)

ثانيا : مخطط شغل الأراضي كقيد لحماية مناطق التوسع و المواقع السياحية وكذا الشواطئ والمياه الحموية  

     باعتبار أن مخطط شغل الأراضي هو وسيلة تنفيذية للتخطيط المجالي القبلي ومحدد للجزئيات ،فإن مخطط شغل الأراضي، يراعي القواعد الخاصة ببعض المناطق و اجزاء تراب البلدية، و يتعلق الأمر بالساحل و الاقاليم ذات الميزة الطبيعية و الثقافية . (2)

     إن مخطط شغل الأراضي يحدد المساحات الواجب الحفاظ عليها، نظرا لخصوصيتها وقد تكون الخصوصية سياحية مثل : مناطق التوسع و المواقع السياحية أو علاجية وترفيهية، كما هو الشأن بالنسبة لشواطئ البحر و المياه الحموية .

     يبقى مخطط شغل الأراضي ساري المفعول على منطقة التوسع و الموقع السياحي إذا كان لا يتعارض مع المواصفات المبينة في مخطط التهيئة السياحية لهذه المنطقة باعتبار هذا الاخير، هو أداة تنفيذية للمخطط التوجيهي للتهيئة السياحية ،و يجب أن يكون مخطط شغل الأراضي متوافقا و متجانسا مع مخطط تهيئة الشاطئ و مخطط تحديد منبع المياه الحموية مما يعني ضرورة تحيينه دوريا حتى يكون بالفعل له انشغال بحماية هذه المناطق السياحية في النهاية . (3)   

 

 

 

ثالثا : مخطط شغل الأراضي كقيد لحماية الساحل

    لمخطط شغل الأراضي أهمية في منظور حماية الساحل لها مستويات عديدة منها :

‌أ.   يحدد مجموعة من القواعد المتعلقة بإقامة البنايات هذه القواعد المتعلقة بشروط شغل الأراضي ،تترجم العديد من الارتفاقات التي تثقل العقار ،و هذا من شأنه أن يؤسس الانسجام في مجموع البنايات ،و من هذه القواعد يمكن أن نذكر المظاهر الخارجية للبنايات و قواعد الاشكال العمرانية ،المواد ،و الالوان و غيرها ،بالإضافة إلى استعمال الحماية المدعمة و النوعية لبعض الفضاءات المشجرة بالساحل .

‌ب. يتميز مخطط شغل الأراضي بالخصوصية ضمن انشغالات حماية الساحل ،حيث يمكن هذا الاخير من تحديد الفضاءات ذات المميزات و الفضاءات القريبة من الشاطئ من أجل الحفاظ على الفضاءات ذات المميزات السياحية لهذا الاقليم . (1)

المطلب الثاني : وسائل التعمير الفردي كقيد لحماية العقار السياحي

     يتجسد التعمير الفردي في مجموع الرخص و الشهادات التي جاء بها القانون رقم   90-29 المتضمن التهيئة و التعمير، و المرسوم التنفيذي رقم 91-176 المحدد لكيفيات تحضير شهادة التعمير و رخصة التجزئة و شهادة التقسيم ورخصة البناء شهادة المطابقة و رخصة الهدم و تسليمها  المعدل و المتمم ،و يتجسد من خلال التعمير الفردي الرقابة القبلية أو البعدية للتعمير في أي عقار لا سيما العقار السياحي ،و هذا ما نوضحه من خلال هذا المطلب ،بإيراد رخص التعمير في الفرع الأول ،و في الفرع الثاني شهادات التعمير.

الفرع الأول : رخص التعمير كقيد لحماية العقار السياحي 

     كرس المشرع الجزائري رخص البناء ،التجزئة و الهدم لحماية الأراضي المكونة للعقار السياحي من أي انتهاك يؤدي إلى إزالة خصوصياتها السياحية، التي يتمتع بها فأوجدها المشرع الجزائري كقيد على الأملاك، لحماية العقار بصفة عامة و العقار السياحي بصفة خاصة .

 

 

أولا : رخصة البناء

     بالرجوع إلى القانون رقم 90-29 نجده يعرف رخصة البناء بأنها قرار إداري تصدره الجهة المختصة بتنظيم المباني ،و عن طريق منح أو رفض أو سحب الترخيص يستطيع المشرع أن ينظم حركة البناء و فق السياسة العمرانية المرسومة . (1)

     فحق البناء مرتبط بملكية الأرض و يمارس وفقا للأحكام القانونية و التنظيمية والمتعلق باستعمال الأرض (2) ،حيث تعتبر المناطق السياحية و مناطق التوسع السياحي مناطق محمية ذات منفعة وطنية ،و رخصة البناء هي أداة مهمة لتجسيد قواعد العمران ميدانيا، حق البناء بعدما كان مرتبطا بملكية الأرض أصبح هذا الأمر وحده لا يكفي ،إذ يمكن البناء باستصدار رخصة البناء أولا من طرف الحائز أوالمالك ،هذا الاخير أجبر على الحصول على رخصة البناء مع رأي مسبق من الوزير المكلف بالسياحة إذا كان هذا البناء داخل مناطق التوسع و المواقع السياحية ،أي أن البناء داخل هذه المناطق مقيد بالحصول على رخصة البناء مع رأي مسبق من الإدارة المعنية . (3)

     يخضع منح رخصة البناء للمشاريع الواقعة داخل المواقع السياحية و مناطق التوسع السياحية للرأي المسبق للإدارة المكلفة بالسياحة بالتنسيق مع الإدارة المكلفة بالثقافة (4) ويكون الرأي المسبق للإدارة المكلفة بالثقافة مطلوبا عندما تظم مناطق التوسع السياحي والمواقع السياحية المواقع الثقافية المصنفة .

 

 

 

 

 

 

 

     تهدف هذه الإستشارة للمحافظة على الطابع السياحي للفضاءات التي تشكل مناطق التوسع السياحي و المواقع السياحية ،حيث تكون طبيعة هذه الإستشارة التأكد من مطابقة المشاريع المقررة مع  التعليمات القانونية و التنظيمية التي تحكم مناطق التوسع السياحي والمواقع السياحية ،لا سيما فيما يتعلق بإحترام مخطط التهيئة السياحية و دفتر شروطه وإحترام سلامة المواقع الثقافية المصنفة الموجودة فيها و المحافظة عليها و حمايتها ووقايتها .

     إذ يجب على الإدارة المكلفة بالثقافة مباشرة التحريات و الدراسات الضرورية ، خصوصا فيما يتعلق بإحترام مخطط التهيئة السياحية و دفاتر الشروط ،و كذا المؤهلات السياحية لمنطقة التوسع و المناطق السياحية و إحترام سلامتها ،و عند الإقتضاء حماية الآثار و المواقع الثقافية و كذا الحفاظ على الأملاك الثقافية المحمية و صيانتها و حمايتها و بالتالي رخصة البناء تعتبر قيد لحماية المناطق السياحية ذلك من أجل تجنب البناء الفوضوي بالمناطق الساحلية مثلا ،من أجل المحافظة على المناطق الخلابة و ذات الميزة التراثية و الثقافية و الطبيعية ،و المحافظة على التوازن البيولوجي و حماية المساحات التي تقام عليها نشاطات فلاحية ،رعوية و غابية بالساحل.(1)

ثانيا : رخصة التجزئة

     إذا كان العقار المراد تقسيمه مصنف على أنه من التراث الثقافي العقاري أو واقع في مناطق التوسع السياحي أو المواقع السياحية ،لا يمكن تسليم رخصة التجزئة إلا إذا كانت تجزئة العقار لا تمس بالطابع السياحي (2) ،فتشترط رخصة التجزئة لكل عملية تقسيم لإثنين أو عدة قطع من ملكية عقارية واحدة أو عدة ملكيات، مهما كان موقعها وتحضر رخصة التجزئة و تسلم في الاشكال و الشروط و الآجال التي يحددها القانون علما أن مخطط التهيئة السياحية يعادل رخصة التجزئة في الأجزاء القابلة للبناء حيث يعد من أدوات التهيئة . (3)

 

ثالثا : رخصة الهدم

     يخضع كل هدم كلي أو جزئي للبناء لرخصة الهدم في الاقاليم التي تتوفر على مميزات طبيعية أو ثقافية أو تاريخية ،أو مميزات ناجمة عن موقعها الجغرافي والمناخي والجيولوجي مثل المياه الحموية و الإستحمامية (1) ،حيث لا يمكن القيام بأية عملية هدم كلية أو جزئية لبناية دون الحصول مسبقا على رخصة الهدم ،و ذلك عندما تكون هذه البناية واقعة في مكان مصنف أو في طريق التصنيف في قائمة الأملاك التاريخية أوالمعمارية أوالطبيعية أو الثقافية و  السياحية، طبقا للأحكام القانونية و التنظيمية المطبقة عليها(2) فرخصة الهدم تعدم من أدوات الرقابة على العقار المبني خاصة المحمي منه .(3)

      هناك حالة وحيدة وضعها المشرع الجزائري لا يمكن من خلالها رفض رخصة الهدم ،باعتبار أن الإدارة مقيدة و مجبرة على اصدارها عندما يكون الهدم وسيلة وحيدة لانهيار بناية ،لكن لا يمكن أن يـأمر رئيس المجلس الشعبي البلدي بترميم أو هدم بناية خاضعة للتشريع الجاري به العمل، في مجال حماية الآثار و الأماكن التاريخية إلا في الحدود و الشروط المنصوص عليها في التشريع المعمول به المطبق على ذلك (4) ويخضع كل تغيير أو توسيع أو هدم لمؤسسة فندقية أو سياحية متواجدة داخل مناطق التوسع و المواقع السياحية للرأي المسبق للوزارة المكلفة بالسياحة  (5) .

 

 

 

 

 

الفرع الثاني : شهادات التعمير كقيد لحماية العقار السياحي

     تعتبر شهادات التعمير أيضا كقيد على العقار السياحي و آلية من آليات حمايته ،فكرس المشرع الجزائري كل من شهادة التعمير و التقسيم و المطابقة لحماية المناطق السياحية من مناطق توسع سياحي و مواقع سياحية .

أولا : شهادة التعمير

     شهادة التعمير وثيقة تمنح من الإدارة المختصة للمعني ،تبين فيه حقوق البناء والارتفاقات التي تقع على العقار (1) ،فهي عبارة عن وثيقة إدارية تكشف توقعات التعمير، كذلك تبين حقوق البناء تهدف لإعلام الغير بالقابلية للبناء أو عدمها ،و بالتالي يمكن الاستفادة منها ، خلال توظيفها بالمناطق السياحية  (2) ،حيث يمكن الاستفادة منها للمحافظة على الطبيعة الحساسة للمناطق السياحية ،من خلال الابقاء على الظروف الطبيعية للعقار السياحي والحد من جعله عرضة لانتهاكات الافراد المتواصلة .

ثانيا : شهادة التقسيم

     بالرجوع إلى احكام القانون رقم 90-29 المتضمن التهيئة و التعمير المعدل والمتمم تسلم لمالك عقار مبني و بطلب منه، شهادة لتقسيم العقار عندما يرغب في تقسيمه، فهي وثيقة إدارية تمنح بموجب قرار إداري تبين فيه امكانية تقسيم ملكية عقارية مبنية إلى قسمين أو عدة اقسام (3) ، تخص العقارات المبنية وبالتالي لا يمكن أن تقع على العقارت غير المبنية و لا تصلح كشهادة تعمير تسلم لمالك العقار في شكل قرار إداري (4) وحسب القانون رقم 03-03 فانه لا يمكن للمالكين أوالوكالة الوطنية بعد ممارستها للشفعة أن تقوم بالتقسيم داخل مناطق التوسع السياحي والمواقع السياحية . (5)

 

 

 

ثالثا : شهادة المطابقة

     تعتبر شهادة المطابقة من بين ادوات التعمير البعدية في يد الإدارة ،فتثبت إنجاز الاشغال وفقا للتصاميم المصادق عليها و وفقا لبنود و احكام رخصة البناء ،و تعتبر هذه الشهادة اداة قانونية لاستلام المشروع و تأكيد لمحتوى رخصة البناء، إضافة إلى  إحترام صاحب الرخصة لقواعد التعمير و مخططات التهيئة و التعمير ،و الترخيص باستغلال المشروع المتوافق مع رخصة البناء و شهادة المطابقة . (1)

     يؤهل ضباط و أعوان الشرطة القضائية ،مفتشي السياحة ،مفتشي التعمير ومفتشي البيئة للتحقق من مطابقة الاشغال المنجزة لمخطط التهيئة السياحية، و دفتر الشروط وكذا المخططات المعمارية المصادق عليها مسبقا من قبل الإدارة المكلفة بالسياحة (2) طبقا للمرسوم رقم 08-15 فإن شهادة المطابقة هي وثيقة ادارية يتم من خلالها تسوية وضعية كل بناية تم انجازها أو لم يتم بالنظر للتنظيم المعمول به في ميدان شغل الأراضي و قواعد التعمير .(3)

     شهادة المطابقة في إطار قانون التهيئة و التعمير تلزم بضرورة مطابقة البنايات لرخصة البناء ،أما بمقتضي القانون رقم 03-03 المتعلق بمناطق التوسع السياحي والمواقع السياحية تقتضي بالنسبة للعقارات المبنية داخل مناطق التوسع السياحي والمواقع السياحية ، لا يمكن التصرف فيها إلا بعد أن تثبت بشهادة المطابقة ،التي يجب أن تكون مطابقة لمخطط التهيئة السياحية الذي يعادل مخطط شغل الأراضي . (4)

 

 

 

 

المبحث الثاني : قيود المصلحة العامة المتعلقة بالعقار السياحي في ظل القانون  رقم 98-04 المتضمن حماية التراث الثقافي

     يعتبر التراث الثقافي و المساحات و المواقع المحمية الثقافية ثروة و قطب سياحي هام ،كونه يعبر عن أصالة الأمة ،و الجزائر بدورها تزخر بموروث ثقافي هام و معتبر عبر كامل ترابها و الذي هو محل اهتمام من طرف المشرع الجزائري الذي اعطى لها اهمية خاصة ،تتجلى هذه الحماية من خلال القانون رقم 98-04  المؤرخ في 15 جوان 1998 المتعلق بالتراث الثقافي الذي ألغى بدوره القانون رقم 67-281 .

    أوجد المشرع الجزائري من خلال القانون رقم 98-04 قيود ترد على الملكية العقارية الخاصة خدمة للمصلحة العامة ،فهناك قيود يترتب عليها زوال حق الملكية و هي الشفعة و نزع الملكية من أجل المنفعة العمومية ،مع العلم أن هذين القيدين تطرقنا إليهما سابقا في المبحث الأول من الفصل الأول .

     و هناك قيود أخرى لا يترتب عليها زوال حق الملكية و هذا ما سنتطرق إليه في هذا المبحث ،حيث خصصنا المطلب الأول لنظامي الترخيص والتصنيف كقيد على القار السياحي ،أما بالنسبة للمطلب الثاني نتطرق فيه إلى نظام التسجيل في قائمة الجرد الإضافي إلى جانب الاستحداث في شكل  قطاعات محفوظة .

 

 

المطلب الأول : نظامي التصنيف و الترخيص كقيد لحماية العقار السياحي 

     تعد الممتلكات الثقافية العقارية و التراث الثقافي مكون من مكونات العقار السياحي و جزء لا يتجزأ منه فهذه الممتلكات الثقافية من الممكن أن تشكل موقع سياحي أومنطقة محمية ،كما سبق أن ذكرنا أن المشرع الجزائري اوجد عدة قيود بموجب القانون رقم 98-04 المتضمن حماية التراث الثقافي .

     لذا نتناول في الفرع الأول من هذا المطلب الترخيص الذي يعتبر وسيلة للرقابة تقيد استعمال الافراد لممتلكاتهم ،و خصصنا الفرع الثاني لقيد التصنيف الذي يعد احد الإجراءات الحمائية النهائية للعقار السياحي .

الفرع الأول : نظام الترخيص

     ألزم المشرع الجزائري مالك كل عقار مصنف ضمن التراث الثقافي الحصول على ترخيص مسبق من الجهات المختصة ،باعتبار أن الترخيص قرار إداري يصدر من قبل الإدارة المختصة لممارسة نشاط معين .(1)

أولا : تطبيقات نظام الترخيص على العقار السياحي في ظل قانون حماية التراث الثقافي

     تخضع كل نشرية ذات طابع علمي تصدر في التراب الوطني أو خارجه يكون موضوعها دراسة وثائق غير مطبوعة محفوظة في الجزائر وتتعلق بالتراث الثقافي الوطني التي تكون بترخيص من الوزير المكلف بالثقافة (2) وتخضع كل اشغال الحفظ و الترميم و الاصلاح و الاضافة و التغيير والتهيئة المراد القيام بها على المعالم التاريخية المقترحة للتصنيف أو المصنفة أو على العقارات الموجودة في المنطقة المحمية إلى ترخيص مسبق من الوزارة المكلفة بالثقافة .

     كما تخضع للترخيص المسبق من الوزارة المكلفة بالثقافة الاشغال المراد القيام بها في المناطق التي تحتوي على المعالم التاريخية المصنفة أو المقترحة للتصنيف و المتعلق بأشغال المنشآت القاعدية مثل تركيب الشبكات الكهربائية والهاتفية ،الهوائية ،الجوفية ،و أنابيب الغاز و مياه الشرب أو قنوات التطهير وكذلك جميع الاشغال التي من شانها أن تلحق اعتداءا بصريا يلحق ضررا  للجانب المعماري للمعلم المعني  ،إنشاء مصانع أو القيام بأشغال كبرى عمومية أوخاصة  ،و اشغال قطع الاشجار أو غرسها إذا كان من شانها الاضرار بالمظهر الخارجي للمعلم المعني ،و يحضر وضع اللافتات واللوحات الإشهارية  أو الصاقها على المعالم التاريخية المصنفة أو المقترحة التصنيف إلا بتصريح من الوزارة المكلفة بالثقافة.

     إذا تطلبت طبيعة الاشغال المراد القيام بها على معلم ثقافي مصنف أوفي طريق التصنيف أو على عقار يستند إلى معلم تاريخي مصنف أو واقع في منطقة محمية ،الحصول على رخصة بناء أو رخصة تجزئة الأرض من أجل البناء فإن هذه الرخصة لا تسلم إلا بالموافقة المسبقة للوزارة المكلفة بالثقافة ،وتعد هذه الموافقة ممنوحة ما لم يصدر رد خلال مهلة اقصاها شهران عقب ارسال طلب رخصة التجزئة أو البناء للأرض من جانب السلطة المكلفة بدراسته (1)  ،و يخضع أيضا شغل المعلم الثقافي أو استعماله إلى التقيد بالترخيص المسبق الصادر عن الوزير المكلف بالثقافة الذي يحدد بدوره الواجبات التي تتلائم مع متطلبات المحافظة عليه .(2)

     يخضع كل تنظيم لنشاطات ثقافية في الممتلكات الثقافية العقارية المقترحة للتصنيف أو المصنفة أو المسجلة في قائمة الجرد الاضافي بترخيص مسبق من مصالح الوزارة المكلفة بالثقافة ،و يطلب الحصول  على هذا الترخيص أيضا لكل تصوير فوتوغرافي أو سينمائي (3) ،كما تخضع الاشغال المباشر انجازها أو المزمع انجازها المبينة ادناه بترخيص مسبق من المصالح المكلفة بالثقافة ،و ذلك بمجرد نشر القرار المتضمن فتح دعوى التصنيف في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية ،بالإضافة إلى مشاريع ترميم العقارات و المشمولة في الموقع و اعادة تأهيلها و اضافة بناء جديد الها و اضافة بناء جديد إليها  و اصلاحها ،و الاشغال و تنظيم النشاطات المذكورة في المواد 21 و 22 و 27 من القانون رقم 98-04 ،و مشاريع تجزئة العقارات أو قسمتها و يسلم الترخيص المسبق خلال مهلة لا تتجاوز شهرا واحدا بالنسبة للأشغال التي لا تستدعي الحصول على رخصة تجزئة أورخصة بناء من أجل البناء ،و شهرين كحد اقصى ابتداء من تاريخ تسلم الملف الذي ترسله السلطات المكلفة بمنح رخصة البناء أو رخصة التجزئة وبانقضاء هذه المهلة يعد عدم رد الإدارة موافقة، و يجب تسليم الترخيص المسبق اخضاع أي اشغال مقررة للرقابة التقنية التي تمارسها مصالح الوزارة المكلفة بالثقافة إلى غاية نشر مخطط الحماية والاستصلاح .(1)

      كمايخضع التصرف بمقابل أو بغير مقابل في ممتلك ثقافي عقاري مصنف أو في طريق التصنيف أو مسجل في قائمة الجرد الاضافي أو مشمول في قطاع محفوظ ايا كان مالكه لترخيص مسبق من الوزير المكلف بالثقافة وتكون للوزير المكلف بالثقافة مهلة اقصاها شهران ابتداء من استلام التبليغ من الضباط العموميين للإعراب عن رده ،و بانقضاء هذه المهلة يعد الترخيص كما لو كان ممنوحا، وكل تصرف في ممتلك ثقافي دون هذا الاجراء يعد لاغيا ، كذلك يجب الحصول مسبقا على ترخيص من قبل الوزارة المكلفة بالثقافة عند تحويل الممتلكات الثقافية المنقولة المصنفة أو المسجلة في قائمة الجرد الاضافي لأغراض الترميم أو الاصلاح أو اية عملية اخرى ضرورية لحفظه ،إضافة إلى تحويل الممتلكات الثقافية المنقولة  المحمية إلى الخارج مؤقتا لأغراض الترميم أو الاصلاح .

     كذلك يرخص الوزير المكلف بالثقافة بتصدير الممتلكات الثقافية المنقولة المحمية انطلاقا من التراب الوطني ،مع التصدير المؤقت لأي ممتلك ثقافي محمي في إطار الممتلكات الثقافية أو العلمية قصد المشاركة في البحث في نطاق عالمي .(2)

 

 

 

ثانيا : رخصة البحث كنوع من أنواع نظام الترخيص

       كما قيد المشرع الجزائري القيام بالأبحاث الاثرية و التنقيب بالحصول على رخصة البحث ،التي لا تسلم إلا للأشخاص المعترف لهم بصفة الباحثين أومؤسسات البحث المعترف بها على المستوى الوطني و الدولي ،و يجب عليهم أيضا اثبات صفتهم و كفائتهم في الميدان ،و تسلم بدورها هذه الرخصة من طرف الوزير المكلف بالثقافة حسب ما نصت عليه المادة 71 من القانون رقم 98-04 المتعلق بالتراث الثقافي .

     نلاحظ أن المشرع الجزائري بمقتضى قانون حماية التراث الثقافي اقتصر على تسليم جميع الرخص من الوزارة المكلفة بالثقافة و اهمل عدة مصالح يمكنها القيام بذلك مثل البلدية و الولاية ،و للعلم تطرق الاستاذ خالد رامول إلى تأجير الممتلكات الثقافية العقارية التي تتطلب بدورها إلى ترخيص من الوزير المكلف بالشؤون الدينية و الاوقاف و ذلك بعد استطلاع رأي لجنة الاوقاف حسب المادة 25 من المرسوم التنفيذي رقم 98-381 المؤرخ في 01 ديسمبر 1998 الذي يحدد شروط إدارة الأملاك الوقفية وتسييرها و حمايتها وكيفيات ذلك ،حيث يمكن تأجير الملك الوقفي بالتراضي لفائدة نشر العلم وتشجيع البحث فيه و سبل الخيرات بتصريح من الوزير المكلف بالشؤون الدينية واللجنة المذكورة اعلاه .(1)

الفرع الثاني : نظام التصنيف

     التصنيف بصفة عامة هو عمل قانوني أو حالة واقعية بمقتضاها يندرج المال في صنف الأملاك العامة، لكن هذا الاجراء لا بد أن يسبقه إجراء آخر هو حيازة الشخص العام للملك المراد تصنيفه ،و تكون الحيازة هنا إما بطريقة من طرق القانون الخاص كالشراء ، التبادل و إما بأسلوب القانون العام و هو نزع الملكية من أجل المنفعة العمومية ،و بعد حيازة المال يجب أن يهيأ تهيئة خاصة تتلائم مع الهدف المسطر . (2)

 

     فالتصنيف هو اجراء حمائي للعقار السياحي و على الخصوص المحميات الاثرية و الحظائر الثقافية ،و تصنف في شكل حظائر ثقافية الممتلكات الثقافية المهمة ،هذه الأخيرة أسندت مهمة حمايتها و المحافظة عليها للوزارة المكلفة بالثقافة التي بدورها أوكلتها لمؤسسة عمومية ذات طابع إداري موضوعة تحت وصايتها .(1)

أولا : تحديد المقصود بنظام التصنيف

     يعرف المرسوم رقم  91-454 التصنيف على أنه عمل من اعمال السلطة المختصة (2) ،أما القانون رقم 90-30 المتضمن الأملاك الوطنية فيعرف التصنيف على أنه عمل السلطة المختصة الذي يضفي على الملك طابع الملك الوطني العمومي الاصطناعي.

     كما يجب أن يكون الملك المطلوب تصنيفه مملوكا للدولة أو لأحدى الجماعات الاقليمية، إما بمقتضى حق سابق أو بامتلاك يتم وفق طرق القانون العام كالاقتناء ،الهبة و التبادل، و إما عن طريق نزع الملكية من أجل المنفعة     العمومية ،و تقوم بالاقتناء الجماعة أو المصلحة التي يوضع تحت تصرفها الملك المطلوب تصنيفه (3) ،و تصنف الغابات الصغيرة و الحدائق العمومية والمساحات الترفيهية و كل مساحة ذات منفعة جماعية تساهم في تحسين الإطار المعيشي (4) كما يجب أن تبادر الإدارات العمومية أو الجماعات الاقليمية بتصنيف إقليم مجال محمي و ذلك بإرسال طلب التصنيف إلى اللجنة(5) ،بالإضافة إلى القانون رقم 02-02 المتعلق بحماية الساحل و تثمينه ،فانه يجب أن تصنف المواقع المحمية ذات الطابع الايكولوجي أو الطبيعي أوالسياحي في وثائق تهيئة الساحل كمساحات مصنفة خاضعة لارتفاقات البناء.(1)

     فقرار التصنيف لا يكفي وحده لإلحاق مال معين بالأملاك العمومية، بل لا بد أن يخصص هذا المال فعليا للاستعمال العام و لخدمة مرفق عمومي ،و قد يغني التخصيص الفعلي للنفع العام عن قرار  التصنيف أو ازالة التصنيف بمفهوم الملكية العمومية ،لكن هذا  لا يعني تدابير الضبط الإداري في شيء بل هو اجراء إداري من نوع خاص .(2)

ثانيا : نظام التصنيف في ظل قانون حماية التراث الثقافي

     يعرف القانون رقم 98-04 التصنيف على انه احد الإجراءات الحمائية النهائية حيث تعتبر الممتلكات الثقافية العقارية التي يملكها الخواص قابلة للتنازل، و تخفظ هذه الممتلكات الثقافية المصنفة بنتائج التصنيف أيا كانت الجهة التي تنتقل إليها، و لا ينشأ أي ارتفاق بواسطة اتفاقية على أي ممتلك ثقافي مصنف دون ترخيص من الوزير المكلف بالثقافة حسب المادة 16 من القانون رقم 98-04 المتعلق بحماية التراث الثقافي .

     تخضع أيضا المنجزات المعمارية الكبرى ،الرسم ،النقش ،و الفن الزخرفي ،الخط العربي و المباني أو المجمعات ذات الطابع الديني أوالعسكري أو الصناعي أو الزراعي ، المدني ، هياكل عصر ما قبل التاريخ ،المعالم الجنائزية ، المغارات، الكهوف ، النصب التذكارية وغيرها من المعالم ذات الأهمية الوطنية الكبرى للتصنيف بقرار من الوزير المكلف بالثقافة عقب إستشارة اللجنة الوطنية للممتلكات الثقافية، بناء على مبادرة منه أو من أي شخص يرى مصلحة في ذلك ،و يمتد قرار التصنيف إلى العقارات المبنية  وهذا حسب ما جاء في المادة 17 من القانون المتعلق بحماية التراث الثقافي .

 

 

 

     يمكن للوزير المكلف بالثقافة أن يفتتح في أي وقت عن طريق قرار دعوى تصنيف المعالم التاريخية ،و يذكر في قرار دعوى التصنيف ما يلي :

‌أ.       تعيين حدود المنطقة المحمية .

‌ب.  نطاق التصنيف .

‌ج.    الطبيعة القانونية للممتلك الثقافي .

‌د.      هوية المالكين له .

     و يجب أن تطبق جميع آثار التصنيف بقوة القانون على المعلم الثقافي و على العقارات المبنية و غير المبنية الواقعة في المنطقة المحمية ،ابتداء من اليوم الذي يبلغ فيه الوزير المكلف بالثقافة بالطرق الإدارية، فتح دعوى التصنيف إلى المالكين العموميين أوالخواص الذين بإمكانهم خلال شهرين أي المدة التي ينشر فيها قرار التصنيف، أن يقدموا ملاحظاتهم كتابيا في دفتر خاص ،تمسكه المصالح الممركزة التابعة للوزير المكلف بالثقافة ،و بعد سكوت المالكين بعد مرور المهلة يعد قبولا و موافقة ، ينتهي تطبيق آثار دعوى التصنيف إذا لم يتم هذا الأخير خلال السنتين اللتين تليان هذاالتبليغ(1).

     يبلغ الوزير المكلف بالثقافة تصنيف المعالم التاريخية عن طريق قرار بعد استشارة اللجنة الوطنية للممتلكات الثقافية ،ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية و يبلغه للوزير المكلف بالثقافة إلى الوالي الذي يقع المعلم الثقافي في ولايته و بعدها ينشر في الحفظ العقاري ، يمكن للمالكين العموميين و الخواص أن يتقدموا باعتراض على التصنيف إلى اللجنة الوطنية للممتلكات الثقافية لإبداء الرأي فيه ،حيث لا يتم التصنيف الا بناء على رأي مطابق تصدره اللجنة الوطنية للممتلكات الثقافية  خلال شهرين كحد اقصى ،يحسب ابتداء من تسلم الإدارة المكلفة بالثقافة الدفتر الخاص (2) ، لا يجوز إنشاء أو بناء مشروع في المحمية و هذا اثناء الفترة الممتدة بين قرار فتح دعوى تصنيف المحمية و تصنيفها الفعلي التي لا تتجاوز ستة أشهر حسب نص المادة 34 من القانون رقم 98-04 المتعلق بحماية التراث الثقافي  .    

 

     الملاحظ في قرارت التصنيف أنها لم تكن مقتصرة على وزارة الثقافة فقط بل يستشار في ذلك الوالي، الذي يقع المعلم التاريخي في ولايته ،إضافة إلى اللجنة الوطنية للممتلكات الثقافية عكس الترخيص الذي كان مقتصرا على وزارة الثقافة فقط ،فالمشرع الجزائري عند اجراءات التصنيف بالضبط عند قرار فتح دعوى التصنيف إذ لم يضفي صفة الوجوب على رأي الجماعات المحلية، وأغفل أيضا الآجال بين انتهاء مدة إيداء الملاحظات من طرف المالكين، والآجال بين تسليم الإعتراضات و تسليم الدفتر الخاص إلى اللجنة الوطنية .(1) 

     إضافة إلى أن المشرع الجزائري لم يأخذ بعين الإعتبار الأملاك الوقفية الثقافية فتعتبر الأملاك التابعة للوقف  أملاكا لا عمومية و لا خاصة ،فتم إقصاء الممتلكات الثقافية الوقفية بموجب قانون حماية التراث الثقافي عندما ذكر عبارة المالكين الخواص أو المالكين (2) ،و قال الدكتور حسن حميدة  في هذا الموضوع على أنه كان على المشرع الجزائري أن يأخذ بعين الاعتبار الأملاك الثقافية الوقفية، التي لا تعتبر لا أملاك عمومية و لا خاصة ،فكان على المشرع ألا يخصص الملكيات بعبارة عمومية أوخاصة ،ثم إن  التبليغ بهذا الشكل يقصي ذوي الحقوق العينية و الشاغلين  للأملاك ويعني المالكين فقط دون غيرهم.(3)

      و يمكن أن تصنف الممتلكات الثقافية عن طريق مرسوم فتصنف في شكل حظائر ثقافية المساحات التي تتسم بغلبة الممتلكات الثقافية عليها، أو بأهميتها و التي لا تنفصل عن محيطها الطبيعي ،حيث تنشأ و تعين حدودها بمرسوم الذي يتخذ بناء على تقرير مشترك بين الوزراء المكلفين بالثقافة ، البيئة ، التهيئة العمرانية ، الغابات و الجماعات المحلية عقب استشارة اللجنة الوطنية للممتلكات الثقافية و فقا لنص المادتين 38 و 39 من القانون رقم 98-04 المتعلق بحماية التراث الثقافي .

 

     أما الغاء التصنيف بالنسبة للممتلكات التاريخية لم يتعرض له المشرع في القانون رقم 98-04 المتعلق بحماية التراث الثقافي ،فبالرجوع إلى الأمر رقم 67-281 في نص المادة 47 منه الالغاء فيه كان يخضع لنفش اجراءاتى التصنيف ،إلا في الحالة التي يتأكد فيها انتفاء  المصلحة الوطنية ذات الطابع التاريخي أو الأثري إضافة إلى السياحي.

      التصنيف يعد من أهم الأنظمة  الحمائية التي أوجدها المشرع الجزائري و لا يمكن تطبيق أي إجراء حمائي للعقار السياحي إلا بعد تصنيفه ، على أنه عقار سياحي الذي هو من الأملاك الوطنية سواء كانت مناطق محمية أو مناطق توسع سياحي و مواقع سياحية.

المطلب الثاني :نظامي التسجيل في قائمة الجرد الإضافي و الإستحداث في شكل قطاعات محفوظة كقيد   لحماية العقار السياحي

     كما وسبق أن قلنا بان المشرع الجزائري أعطى حماية للعقار السياحي الذي يتضمن على جملة من الممتلكات الثقافية و التراث الثقافي ،و ذلك من خلال جملة من القيود لحمايته ،لذا نتطرق في هذا المطلب إلى لإجرائين حمائيين للتراث الثقافي الواقع على العقار السياحي يتمثل في التسجيل في قائمة الجرد الإضافي في الفرع الأول ،و الاستحداث في شكل قطاعات محفوظة بالنسبة للفرع الثاني ،و يختلفان هذان الاجراءان الحمائيان في كون الأول إجراء مؤقت أما الثاني إجراء نهائي .

الفرع الأول : نظام تسجيل الممتلكات الثقافية العقارية في قائمة الجرد الاضافي

      قبل التطرق إلى نظام تسجيل الممتلكات الثقافية العقارية في قائمة الجرد الاضافي لا بد من إبراز المقصود بالجرد ثم إجراءات تسجيل الممتلكات الثقافية العقارية في قائمة الجرد الإضافي  . 

أولا : المقصود بالجرد

     الجرد العام في الأملاك الوطنية هو تسجيل وصفي لجميع الأملاك التي تحوزها مختلف مؤسسات الدولة و هياكلها و الجماعات الاقليمية، حيث ألزم المشرع بجرد الأملاك الوطنية قصد ضمان حمايتها و استعمالها و فقا للأغراض التي خصصت لها  (1) ، يتكون الجرد العام للأملاك الوطنية إنطلاقا من جرد أملاك الدولة وأملاك الجماعات الإقليمية ، يتم اعداده وضبطه باستمرار.(2)

     يعتبر الجرد العام للممتلكات الثقافية على أنه تشخيص ، إحصاء وتسجيل مجموع الممتلكات الثقافية المحمية التابعة للأملاك العامة و الأملاك الخاصة للدولة و الولاية و البلدية ،التي تحوزها مختلف المؤسسات و الهيئات التابعة للدولة أو المخصصة لها ،كما تخص أيضا  الممتلكات الثقافية المحمية التي تكون ملكية اشخاص طبيعيين أو معنويين خاضعين للقانون الخاص (2) فالجرد المنصوص عليه في هذا القانون يشمل الأملاك الأثرية التابعة للخواص والدولة عكس قانون الأملاك الوطنية الذي يشمل كل الأملاك .

     التسجيل في قائمة الجرد الاضافي هو اجراء مؤقت يتخذ بالنسبة للممتلكات الثقافية العقارية التي تكتسي أهمية تاريخية أو العلوم الأنفوغرافيا أوالأنثروبولجيا أو الفن و الثقافة و تستدعي المحافظة عليها لكن لا تستوجب تصنيفها فوريا (3) ،أما قانون حماية التراث الثقافي فتطرق بدقة إلى تسجيل الممتلكات الثقافية في قائمة الجرد الإضافي في الفصل الأول منه تحت عنوان تسجيل الممتلكات الثقافية العقارية في قائمة الجرد الإضافي .

ثانيا : إجراءات تسجيل الممتلكات الثقافية العقارية في قائمة الجرد الإضافي    

       يكون التسجيل في قائمة الجرد الاضافي بقرار من الوزير المكلف بالثقافة ، عقب إستشارة اللجنة الوطنية للمتلكات الثقافية هذا بالنسبة للممتلكات الثقافية العقارية ذات الأهمية الوطنية بناء على مبادرة منه أو مبادرة من أي شخص يرى مصلحة في  ذلك حسب نص المادة 11 من القانون المتعلق بحماية التراث الثقافي .

 

         أما بالنسبة للمتلكات الثقافية العقارية التي لها قيمة على المستوى المحلي ، يكون التسجيل فيها في قائمة الجرد الاضافي بقرار من الوالي عقب استشارة لجنة الممتلكات الثقافية التابعة للولاية المعنية ،بناء على مبادرة من الوزير الملكف بالثقافة او الجماعات المحلية أو أي شخص يرى مصلحة في ذلك.

    يتضمن قرار التسجيل في قائمة الجرد الإضافي مجموعة من المعلومات هي كالآتي :

‌أ.       طبيعة الممتلك الثقافي و وصفه .

‌ب.  موقعه الجغرافي .

‌ج.    المصادر الوثائقية و التاريخية .

‌د.      الاهمية التي تبرر تسجيله .

‌ه.       نطاق التسجيل المقرر كلي أو جزئي .

‌و.     الطبيعة القانونية للممتلك .

‌ز.    هوية المالكين أو أي شاغل شرعي .

‌ح.    الارتفاقات و الالتزامات .

     قرار التسجيل في قائمة الجرد الاضافي يتخذه الوزير المكلف بالثقافة أو الوالي ينشر هذا القرار في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، و يكون موضوع اشهار بمقر البلدية التي يوجد بها العقار لمدة شهرين متتابعين ، يقوم بتبليغه الوزير المكلف بالثقافة أو الوالي لمالك العقار المعني .

      في حالة ما إذا كان التسجيل في قائمة الجرد الاضافي تم من الوزير المكلف بالثقافة فانه يبلغ إلى الوالي الذي يوجد العقار في ولايته لغرض نشره في الحفظ العقاري و لا يترتب في هذه الحالة أي اقتطاع لفائدة الخزينة (1) ، يقوم الملاك العموميون أو الخواص ابتداء من تاريخ تبليغهم قرار التسجيل في قائمة الجرد الاضافي ،بإبلاغ الوزير المكلف بالثقافة عند القيام بأي مشروع تعديل جوهري للعقار ،خصوصا إذا أدى هذا التعديل إلى ازالة العوامل التي سمحت بتسجيله ،إضافة إلى محو أو الحذف أو المساس بالأهمية التي أوجبت حمايته ، لا يمكن لصاحب ممتلك ثقافي عقار مسجل في قائمة الجرد الاضافي أن يقوم بأي تعديل أو اصلاح أو ازالة الميزات التي أوجبت حمايته إلا بعد ترخيص مسبق من الوزير المكلف بالثقافة، حسب ما جاء في نص المادتين 14 و 15 من القانون المتعلق بحماية التراث الثقافي .

     و تتميز اللجنة الوطنية للممتلكات الثقافية و اللجنة الولائية للممتلكات الثقافية أن لها دور استشاري ،إضافة إلى سلطة إصدار قرار التسجيل في قائمة الجرد الاضافي هي من اختصاص الوزير المكلف بالممتلكات الثقافية و الوالي بالنسبة للمتلكات الثقافية التي تحوز على أهمية على المستوى المحلي (1) .

     إذن فالعقار السياحي يقتضي بالضرورة تكريس حماية له  حتى لا تعطل الغاية المرجوة منه، فالجرد يعد عملية من عمليات حماية العقار السياحي .

الفرع الثاني : نظام الاستحداث في شكل قطاعات محفوظة

    من خلال هذا الفرع نتطرق إلى نظام الاستحداث في شكل قطاعات محفوظة كقيد لحماية العقار السياحي مكرس بموجب قانون حماية التراث الثقافي ،من خلال الوقوف على المقصود بنظام الاستحداث في شكل قطاعات محفوظة ثم إجراءات الإستحداث في شكل قطاعات محفوظة .

أولا : المقصود بنظام الاستحداث في شكل قطاعات محفوظة

    يعتبر الإستحداث في شكل قطاعات محفوظة إجراء حمائي نهائي ،حيث تقام في شكل قطاعات محفوظة المجموعات الحضرية أو الريفية مثل : القصبات،المدن،القرى،القصور،المجمعات السكنية التقليدية المتميزة بغلبة السكان فيها ،و التي تتميز بتجانسها و وحدتها المعمارية و الجمالية ،مما يعطيها أهمية معمارية أو فنية أو تقليدية، من شانها أن تبرر حمايتها وإصلاحها وإعادة تأهيلها و تثمينها . (2)

 

 

 

 

ثانيا : إجراءات الإستحداث في شكل قطاعات محفوظة

     تنشأ القطاعات المحفوظة و تعين حدودها بموجب مرسوم يتخذ بقرار مشترك بين الوزراء المكلفين بالثقافة ، البيئة ، العمران ، الهندسة المعمارية إضافة إلى الداخلية الجماعات المحلية و الحركة الجمعوية، و فقا لنص المادة 48 من قانون حماية التراث الثقافي ،كما يمكن أن تقترحه الجماعات المحلية أو الحركة الجمعوية على الوزير المكلف بالثقافة ، الاستحداث في شكل قطاعات محفوظة إجراء جديد لم يتطرق إليه المشرع بدقة في هذا القانون حيث لم يشر إلى التحقيق العمومي ولا لكيفية ابداء المالكين لآرائهم و ملاحظاتهم.(1)

ثالثا: المخطط الدائم لحفظ و إستصلاح القطاعات المحفوظة

      تزود القطاعات المحفوظة بمخطط دائم للحماية و الاستصلاح يحل محل مخطط شغل الأراضي ،تتم الموافقة عليه بموجب مرسوم تنفيذي أو قرار وزاري مشترك، بين الوزراء المكلفين بالثقافة ، التعمير ،الهندسة المعمارية البيئة ، الداخلية و الجماعات المحلية ،بالنسبة إلى القطاعات المحفوظة التي يفوق عدد سكانها خمسين ألف نسمة ،و بقرار مشترك بين الوزراء المكلفين بالثقافة و الداخلية و الجماعات المحلية و العمران و البيئة والهندسة المعمارية بالنسبة للقطاعات المحفوظة التي يقل عدد سكانها عن خمسين ألف نسمة عقب استشارة اللجنة الوطنية للممتلكات الثقافية .(2)

      في إطار الأحكام المتعلقة بالمخطط التوجيهي للتهيئة و التعمير يحدد المخطط الدائم لحفظ و استصلاح القطاعات المحفوظة، بالنسبة للمجموعات العقارية الحضرية أو الريفية المحفوظة المنشأة في شكل قطاعات محفوظة القواعد العامة و إرتفاقات استخدام الأرض، التي يجب أن تتضمن الاشارة إلى العقارات التي لا تكون محل هدم أو تعديل ،كما يحدد الشروط المعمارية التي   يتم على أساسها المحافظة على العقارات و الإطار الحضري (1) ، يحتوي المخطط الدائم لحفظ القطاعات المحفوظة و استصلاحها :

‌أ.   التقرير التقديمي الذي يبرر الوضعية الحالية للقيم المعمارية و الحضرية والإجتماعية التي حدد من اجلها القطاع المحفوظ ،و يبين التدابير المتخذة لحمايته و استصلاحه .

‌ب.  وضعية حفظ المبنى .

‌ج.  وضعية حفظ مرور شبكات الطرق و التزود بالمياه الصالحة للشرب و الري وتصريف المياه القذرة و مياه الامطار .

‌د.      تصريف النفايات الثقيلة و ازالتها عند الاقتضاء .

‌ه.       الأنشطة الاقتصادية و التجهيزات .

‌و.  الطبيعة القانونية للممتلكات العقارية و الآفاق الديمغرافية و الاجتماعية و الاقتصادية وكذا برامج التجهيزات العمومية المتوقعة .

‌ز.    الأنشطة الاقتصادية و التجهيزات .

     تحدد لائحة لتنظيم القواعد العامة لاستخدام الأرض و الارتفاقات (2) ،أسند المشرع الجزائري مهمة تنفيذ المخطط الدائم لحفظ و استصلاح القطاعات المحفوظة، إلى مؤسسة عمومية تنشأ لهذا الغرض ،و ذلك بالتشاور مع رئيس أورؤساء المجالس الشعبية البلدية المعنية . (3)

 

 

 

 

 

 

 

رابعا : الوكالة الوطنية للقطاعات المحفوظة

     كما أنشأت وكالة وطنية للقطاعات المحفوظة ، تم تحديد تنظيمها و سيرها بموجب المرسوم التنفيذي رقم 11-02 ، تكلف هذه الوكالة بالتنسيق مع السلطات المحلية بالسهر على المحافظة على  الطابع التراثي للقطاع المحفوظ و برمجة تنفيذ عمليات الحفظ و الترميم و التثمين و الترميم المنصوص عليها في المخطط الدائم لحفظ و إستصلاح القطاعات المحفوظة و تقييمها ،ومتابعة تنفيذ العمليات التي تدخل في إطار تنفيذ المخطط الدائم لحفظ و استصلاح القطاعات المحفوظة و مراقبة ذلك  ، إبداء رأي تقني حول التدخل في القطاع المحفوظ بطلب من السلطات المعنية .

     إلى جانب السهر على تطابق الدراسات و الأشغال المتصلة بترميم الممتلكات الواقعة في قطاع محفوظ ، و إعادة تأهيلها و حفظها و تثمينها مع المعايير المعمول بها في هذا المجال ،إبداء رأي تقني في الملفات المتعلقة بشغل أو إستعمال أي معلم تاريخي مرمم أو تقسيم أو تجزئة المعالم التاريخية المصنفة أو المقترحة للتصنيف ، التي تخضع لترخيص مسبق من الوزير المكلف بالثقافة  ، إتخاذ كل التدابير الموجهة لوضع حد لإتلاف الممتلكات العقارية باستشارة السلطات المعنية، تزويد السلطات المعنية بالمعلومات المتعلقة بإعادة الاسكان النهائي أو المؤقت للأشخاص المعنيين خارج القطاعات المحفوظة بإعادة الإدماج في البنايات المرممة و بعمليات نزع الملكية من أجل المنفعة العامة  ، تكوين ملفات الإعانة لفائدة المالكين الخواص للممتلكات العقارية واقعة في محيط العقار المحفوظ الموجهة لإعادة تأهيل الاماكن و ترميمها ،و ضمان جميع مهام الاعلام و الاستشارة حول الجوانب المرتبطة بالتدخلات وباستعمال الممتلكات العقارية الواقعة في القطاع المحفوظ .(1)

 

 

 

 

خلاصة الفصل الثاني :

    المشرع الجزائري وضع حماية خاصة للعقار السياحي من خلال وضع قيود ترد على الملكية الخاصة خدمة لمصلحة العامة بمقتضى القانون رقم    90-29 المتضمن بالتهيئة و التعمير من خلال وسائل التعمير التنظيمي من مخطط توجيهي للتهيئة و التعمير و مخطط شغل الأراضي ، وسائل تعمير فردي بمختلف الرخص و الشهادات التي تعتبر كضبط إداري وقائي للعقار السياحي ،و قيود لمختلف الاماكن المكونة للعقار السياحي كالمساحات والمواقع المحمية و مناطق التوسع و المواقع السياحية .

     أيضا بمقتضى القانون المتعلق بحماية التراث الثقافي رقم 98-04 الذي نص بدوره على مجموعة من القيود، تتمثل في نظام الترخيص الذي يعتبر وسيلة للمراقبة و متابعة الأعمال الواقعة في مناطق التراث الثقافي التي لا تمنح إلا من قبل السلطات المختصة المتمثلة في الوزارة المكلفة بالثقافة ونظام التصنيف الذي يعد إجراء حمائي نهائي يتم بقرار صادر من وزارة الثقافة إضافة إلى استشارة الوالي الذي يقع المعلم التاريخي في ولايته .

     أما التسجيل في قائمة الجرد الاضافي يعتبر بدوره اجراء مؤقت يتخذ بالنسبة للممتلكات الثقافية العقارية التي تكتسي أهمية تاريخية ،و الإستحداث في شكل قطاعات محفوظة يعتبر جراء نهائي جديد لحماية الممتلكات الثقافية من خلال المخطط الدائم لحفظ و استصلاح القطاعات المحفوظة .



تعليقات