القائمة الرئيسية

الصفحات



الآثار المترتبة عن الإشهار العقاري

 



 الآثار المترتبة عن الإشهار العقاري 

بعد أن تطرقنا إلى دراسة التصرفات الخاضعة للإشهار العقاري ، وإجراءات القيام بذلك ، فإننا  نرى ضرورة التعرف على الآثار المترتبة على عملية الإشهار التي تمت بشكل قانوني وفقا لما جاء به قانون الإشهار العقاري (الأمر رقم 75/ 74والمرسومان التنفيذيان له76 /62 و 76/ 63 )

ونجد المشرع الجزائري أخذ بنظام الشهر العيني والذي يترتب عنه إلغاء مبدأ سلطان الإرادة في التصرفات المتعلقة بالملكية العقارية والحقوق العينية الأخرى والاعتماد على الإشهار وحده لوجود هذه التصرفات والاحتجاج بها في مواجهة الغير، غير أننا نعلم أن القانون المدني صدر قبل قانون الإشهار العقاري ونقل جل أحكامه من أنظمة تأخذ بالشهر الشخصي وتقر بالتقادم المكسب ،لذا علينا أن نقف على مدى مطابقة أحكامها مع أحكام نظام الشهر العيني وتطبيقات القضاء في ذلك .

كما أنه قد يحدث أن لا يتم إيداع الوثائق والعقود الخاضعة للإشهار بالمحافظة العقارية أو تم رفض إيداعها،فما هي القيمة القانونية لهذه المحررات غير المشهرة ؟

وعلى هذا نقسم دراستنا في هذا الفصل إلى مبحثين ، نتناول في :

     المبحث الأول : حجية الإشهار في مواجهة الغير .

     المبحث الثاني : القيمة القانونية للمحررات غير المشهرة .

   المبحث الأول : حجية الإشهار العقاري في مواجهة الغير .

لدراسة حجية الإشهار نتطرق أولا إلى المقصود بالغير ثم نتناول مظاهر الحجية في مواجهة الغير والمتمثلة في الأثر المنشئ والكاشف للإشهار وفي الأخير نشير إلى تطبيقات القضاء فيما يخص القوة الثبوتية للإشهار .

بناءا على ما سبق نقسم هذا المبحث إلى مطلبين :

        المطلب الأول : المقصود بالغير .

        المطلب الثاني : مظاهر الحجية في مواجهة الغير .

المطلب الأول : المقصود بالغير .

لم يحدد المشرع الجزائري مايقصده  " بالغير " مما يوجب الرجوع بشأنه إلى المبادئ العامة للقانون التي تعتبر من الغير جميع الأشخاص الذين لم يكونوا أطرافا في العقد أو التصرف غير المشهر في السجل العيني وقد تحققت لهم مصلحة في استبعاده بالاستناد إلى حق عيني مترتب لهم على العقار أو إلى أي سبب أخر مشروع ، فيعد بالتالي من الغير الذين لا تسري عليهم الحقوق غير المشهرة في السجل العيني الخلف الخاص الذي اكتسب حقوقا على العقار ، كذلك  الدائنون  العاديون . وأيضا جماعة الدائنين في حالة إفلاس صاحب الحق في العقار ، ذلك أن الدائن العادي يستطيع التمسك بعدم نفاذ التصرف الجاري على عقار المدين وغير المشهر في السجل العقاري من أجل استبقاء  هذا العقار في ذمة مدينه و التنفيذ عليه بطريق الحجز العقاري،وإذا جرى توقيع الحجز العقاري ، وتم شهره في البطاقة العقارية اكتسب الدائن الحاجز حقا عينيا عليه ولا ينفذ في حقه بعد ذلك الإشهار الذي يجري لاحقا للتصرف المذكور ،أما الورثة أو الموصى لهم بوجه عام فلا يعتبرون في الأصل من الغير إذ أنهم يحلون محل مورثهم في التصرفات التي أجراها هذا الأخير ويلزمون بالتالي بتنفيذ جميع التصرفات الصادرة عنه بما لا يتجاوز قيمة الحصة التي آلت إليهم ، فإذا باع مورثهم عقار ، ولم يشهر هذا البيع في السجل العيني ، فإنهم ملزمون بإجراء هذا الإشهار بعد أن حلوا محل مورثهم في ملكية العقار المبيع ¹.

المطلب الثاني : مظاهر الحجية في مواجهة الغير .

تتمثل مظاهر حجية الإشهار العقاري في مواجهة الغير في الأثر المنشئ و الكاشف الإشهار وهذا

ما سنتناوله في فرعين و سنتطرق في الفرع الثالث إلى تطبيقات القضاء فيما يخص الإشهار العقاري الفرع الأول :الأثر المنشئ للإشهار العقاري :

إن جميع العقود والأحكام المتعلقة بالحقوق العينية العقارية المشار إليها سابقا لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول بين ذوي الشأن ولا بالنسبة للغير إلا من تاريخ الإشهار . وأقرالمشرع الجزائري بمبدأ الأثر المنشئ للإشهار في نص المادة 15 من الأمر75 / 74على أن : " كل حق للملكية وكل حق عيني آخر يتعلق بعقار لا وجود له بالنسبة للغير إلا من تاريخ يوم إشهارهما في مجموعة البطاقات العقارية ... " ، كما نصت المادة 16 من الأمر المذكور أعلاه "إن العقود الإرادية

و الاتفاقات التي ترمي إلى إنشاء أو نقل أو تصريح أو تعديل أو انقضاء حق عيني ، لا يكون لها أثر حتى بين الأطراف إلا من تاريخ نشرها في مجموعة البطاقات العقارية . "

ونصت المادة 793 من القانون المدني : " لا تنتقل الملكية و الحقوق العينية الأخرى في العقار سواء كان ذلك بين المتعاقدين أم في حق الغير إلا إذا روعيت الإجراءات التي تدير مصلحة شهر العقار. "

ويفهم من خلال هذه النصوص أن المشرع لم يعترف بغير الإشهار العقاري للإدعاء بالملكية في الحقوق العينية فإذا تم إشهار هذه الحقوق فإنها تسري في مواجهة الكافة من تاريخ الإشهار ما عدا الحقوق الميراثية التي تنتقل الملكية فيها بالوفاة .

وهو ما كرسته الغرفة العقارية للمحكمة العليا في القراررقم 206555 المؤرخ في:28/02/2001  - غير منشور- ( علاوة على أن القرار المطعون فيه لم يكرس الاعتداء أو الاستيلاء على ملكية الدولة ، ذلك أن قضاة المجلس لاحظوا أن ملكية القطعة المتنازع عليها لم تنتقل إلى الطاعن لعدم

___________________________     

1 ـ بوشنافة مصطفى ـ مذكرة ماجستير بعنوان : شهر التصرفات العقارية ـ لسنة 2002 / 2003 جامعة البليدة . ص 172 .

شهر العقد الإداري الذي يحتج به ، وتبعا لذلك قضوا برفض دعواه الرامية إلى طرد المطعون ضدهمامن القطعة الأرضية المتنازع عليها )¹.كما أضافت المادة17 من الأمر75/74أن الإيجارات لمدة 12 سنة لا يكون لها أثر بين الأطراف ولا يحتج بها تجاه الغير في حالة عدم إشهارها، فرغم أن الإيجار حق شخصي ولا يرتب سوى إلتزامات شخصية فإن المشرع لم يعترف به حتى فيمابين المتعاقدين إذا ما تجاوز مدة معينة  إلا من تاريخ إشهاره أي أنه جعل للإشهار العقاري أثر منشئ في الإيجارات الطويلة الأمد ، وكذلك اشترط القانون المدني إشهار بعض التصرفات التي تنصب على العقارات  حتى وإن تعلق الأمر بالتزامات شخصية كالمخالصات والحوالات لتكون نافذة في مواجهة أصحاب الحقوق المشهرة .

وبالرجوع إلى نص المادة 15من الأمر 75/74 المذكورة أعلاه نستخلص كذلك من أحكامها أن من يدعي أنه مالك لأي حق عيني مصدره واقعة مادية كالتقادم المكسب والالتصاق وهي من أسباب كسب الملكية في القانون المدني يجب عليه إثبات ذلك بالإشهاروقد أكدت هذا الاتجاه المادة الأولى من المرسوم رقم 83/352 المؤرخ في21/05/1983 المتعلق بإعداد عقد الشهرة المتضمن الإعتراف بالملكية والتي تنص: "  كل شخص يحوز في تراب البلديات التي لم تخضع حتى الآن للإجراء المحدث بالأمر رقم 75/74 ... عقارا من نوع الملك ، حيازة مستمرة ، غير منقطعة ولا متنازع عليها وعلانية وليست مشوبة  بلبس طبقا لأحكام الأمر رقم 75/58... يمكنه أن يطلب من الموثق ... المختص إقليميا إعداد عقد شهرة يتضمن الإعتراف بالملكية  " .

يفهم من هاتين المادتين ومن قانون الشهر أن تطبيق أحكام المادة 827 من القانون المدني وما يليها لاكتساب الملكية بالتقادم غير ممكن في المناطق التي تم فيها قيد الحقوق بعد المسح ولكنه ممكن قبل المسح أو عند القيد الأول بشرط أن يفرغ في تصرف قانوني كعقد الشهرة المحرر من قبل الموثق أوحكم يثبت إكتساب الملكية بالتقادم ويجب بعد ذلك القيام بإشهارهذا الحكم أوعقد الشهرة لدى المحافظة العقارية حتى ينشئ أثره الناقل للملكية العقارية.

أما فيمايخص الالتصاق الذي نص عليه القانون المدني في المواد 778 وما يليها كسبب من أسباب كسب الملكية سواء تعلق الأمر بتغيير الحدود أو إنشاء حقوق عينية لفائدة الخواص أو إلى إدراج أملاك خاصة في الأملاك الوطنية،وسواء نتج ذلك عن فعل الإنسان أوبفعل الطبيعة فإن المشرع حسم ذلك في قانون الشهر باشتراط القيد لنقل الملكية بحكم المادة15 من الأمر75/74المذكورأعلاه وأكدت ذلك المادة25من المرسوم رقم76/63 بنصها:" كل تغيير لحدود وحدة عقارية يكون موضوع إحداث بطاقة مطابقة،وذلك بعد ترقيم الوحدات الجديدة ويؤشرعلى البطاقات الأصلية والجديدة بعبارة تكون كمرجع فيما بينها"

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1 حمدي باشا عمر ـ حماية الملكية العقارية الخاصة ـ دار هومة ـ طبعة 2004 ص 49 .

كماأضافت المادة31 من نفس المرسوم المذكور أعلاه على أن:" كل تعديل فيما تحتوي عليه قطعة يكون موضوع إعداد بطاقات خاصة مطابقة وذلك بعد ترقيم القطع الجديدة ويؤشر على البطاقات الأصلية و الجديدة بعبارة تكون كمرجع فيما بينها " .

وقد أكدت المحكمة العلياالأثر المنشئ للإشهار العقاري في قرارهارقم467المؤرخ في 21/10/1990 والذي جاء فيه ما يلي : "إن عملية الشهر العقاري هي وحدها التي تستطيع نقل الملكية طبقا لمقتضيات المادة 793 من القانون المدني "¹ .

الفرع الثاني : الأثر الكاشف للإشهار العقاري :

نظم المشرع الميراث و الوصية في قانون الأسرة في المواد من 126 إلى201 والتي لم يحدد فيها كيفية انتقال الملكية العقارية ، الأمر الذي يستدعي الرجوع إلى القواعد القانونية التي تنظم الإشهار العقاري حيث نجد المادة 15من الأمر75/74 المذكورأعلاه أوردت استثناء لآثار الإشهارإذ نصت على أنه " ... غير أن نقل الملكية عن طريق الوفاة يسري مفعوله من يوم وفاة أصحاب الحقوق العينية "، بمعنى أن حقوق الورثة والموصى لهم تنتقل إليهم عن طريق الإشهارو لكن بأثر رجعي إلى تاريخ الوفاة فلا يلعب الإشهار دوره المنشئ للحقوق .

لكن المشرع اشترط على الوارث أوالموصى له شهرحقه كلما أراد التصرف فيه و ذلك باستصدار شهادة رسمية موثقة تثبت انتقال هذا الحق ثم شهره في مجموعة البطاقات العقارية، وهذا ما نصت عليه المادتين 39 و 62 من المرسوم 76/63 المذكور أعلاه حيث نصت المادة  39 على أنه : "عندما يتم إشهارشهادة موثقة بعد وفاة تثبت انتقال المشاع للأملاك باسم مختلف الورثةأو الموصى لهم ، فإنه يؤشر على بطاقة العقار بأسماء جميع المالكين على الشياع و بالحصة التي تعود لكل واحد منهم عندما يكون ذلك مبين في الشهادة ".

أماالمادة 62فقرة 03 فقد نصت على ما يلي:"فيما يخص الشهادات بعد الوفاة، فإنه يجب الإشارة إلى الحالة المدنيةوالتصديق عليها بالنسبة للمتوفي وبالنسبة لكل واحد من الورثة أوالموصى لهم ".

ويستنتج من خلال هذين النصين أن الإشهارفي الميراث لا ينشئ ولا ينقل الملكية والحقوق العينية الأخرى بل يقررها ويكشف عنها وعن مالكهاعن طريق إثبات عملية الانتقال بموجب شهادة رسمية ليكون التصرف نافذ في مواجهة الغيروقد أكدت هذا الأمرالمادة 91 من المرسوم 76/63 بنصها : "كل انتقال أو إنشاء لحقوق عينية عقارية بمناسبةأوبفعل الوفاة ضمن الآجال المحددة في المادة 99 يجب أن يثبت بموجب شهادة موثقة " .

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1 ـ ليلى زروقي ـ المنازعات العقارية ـ المرجع السابق ـ ص 66 .   

  إذن رغم أن المشرع جعل من انتقال الملكية إلى الوارث أو الموصى له بمجرد الوفاة ، فإنه لا يستطيع التصرف فيها مهما كان نوع التصرف إلا بعد شهره للشهادة الرسمية التي تثبت الملكية أو الحقوق العينية الأخرى. واشترطت المادة 99 من المرسوم 76/63 على أن طلب الشهادة الموثقة يجب أن يقدم للموثق من طرف الورثة أو الموصى لهم في أجل 06 أشهر من الوفاة وإلا اعتبروا مسؤولين مدنيا إذا ماأدى عدم الإعلان إلى الإضرار بالغير إضافة إلى عدم إمكانية إشهار التصرفات التي يوقعونها تطبيقا للأثر الإضافي للشهر ولا يمكن الاحتجاج بما يرتبه نظام الشهر العيني من ضمانات لفائدة أصحاب الحقوق المشهرة لنفاذ تصرفاتهم في الحقوق الميراثية¹ .

الفرع الثالث : تطبيقات القضاء فيما يخص الإشهار العقاري :  

إذا كان المشرع الجزائري قد أخذ بنظام الشهر العيني ، وأعطى للقيد أثر منشئ للحق المنصب على عقار ، إلا أنه لم يحسم كل المسائل المتعلقة به ، ذلك أنه أغفل ذكر بعض الأحكام التي تعتبر من المبادئ الأساسية لنظام الشهر العيني ، وهو أمر كان له انعكاس على التطبيق القضائي الذي تناقض في مواقفه .

ولعل من ابرز المسائل التي أثارت اختلافا ميدانيا ، هي تلك المتعلقة بمدى جواز إعمال قواعد التقادم المكسب مع تطبيق نظام الشهر العيني . فإذا كان المشرع قد نص من خلال القانون المدني الذي يتضمن القواعد العامة ، على أن التقادم المكسب يعد أحد أسباب كسب الملكية ، فإنه لم يفرق في ذلك بين الأراضي التي مسها المسح والتي لم يمسها بعد .

ولتحليل هذا الإشكال نتعرض إلى الاتجاهين الموجودين على الصعيد التطبيقي فيما يخص هذا الإشكال .

 الاتجاه الأول : مبدأ القوة الثبوتية المطلقة للإشهار العقاري :

فأصحاب هذا الاتجاه يبررون موقفهم على أساس أنه من مبادئ الشهر العيني القوة الثبوتية المطلقة التي يتمتع بها القيد في السجل العيني.ذلك أن الأراضي التي تم مسحها،وتأسس عنها مجموعة البطاقات العقارية ، وسلمت لأصحابها دفاتر عقارية ، ومرت آجال الاعتراض المخولة قانونا للأطراف المتنازعة التي حضرت عملية المسح ، فإن الدفتر يعد بمثابة قرينة قاطعة ، لا يمكن معها إعمال قواعد التقادم المكسب . فيحتج صاحب الدفتر العقاري على الكافة بما في ذلك الحائز لمدة طويلة ، فلا يستطيع الحائز أن يدحض هذا الدليل بالحيازة الهادئة العلنية الظاهرة والمستمرة،التي تعد قرينة على الملكية قابلة لإثبات العكس بدليل أقوى منها وهو الدفتر العقاري .

ويضيف أصحاب هذا الرأي كذلك أنه لا يمكن الحصول على عقد شهرة أوشهادة حيازة في منطقة مسهاالمسح،وتحصل أصحابهاعلى دفترعقاري.ذلك أن هذين المحررين(عقد الشهرة وشهادة الحيازة )

 

ـــــــــــــــــ

1 ـ ليلى زروقي ـ المرجع السابق ـ ص  72 ،73  

لهماقيمة القرينة القانونية البسيطة القابلة لإثبات العكس المنصوص عليهافي المادة823 من القانون المدني،وفي هذا الصدد قضت المحكمة العليا-الغرفة الإدارية أنذاك- بموجب قرارها رقم 129947 المؤرخ 09/03/1998 "غير منشور"على أنه لا يمكن تحريرعقد الشهرةعلى عقار يحوز أصحابه دفترا عقاريا، وبالتالي فإن المحافظ العقاري الذي رفض إشهار عقد شهرة لعقار محرر بشأنه دفتر عقاري يكون صائبا فيما ذهب إليه .

وقد جاء في حيثية القرارما يلي:"لكن حيث،وكما دفع به المستأنف عليه،فإن الإجراءات المنصوص عليها في المرسوم المشار إليه أعلاه،يستبعد تطبيقها أمام وجود سند رسمي ومشهرللعقار موضوع النزاع بالمحافظة العقارية بقسنطينة في03/06/1998" .

وعليه و بمفهوم المخالفة،فإنه متى إنعدم المسح فإنه لا وجود للدفتر العقاري،وبالتالي يمكن إعمال قواعد التقادم المكسب،فالعقد الرسمي المشهر في ظل نظام الشهرالشخصي يعتبر مجرد قرينة على الملكية يمكن دحضها بالحيازة إذا توفرت شروطهاذلك أن من يحوزمحررا رسمياوفقا لنظام الشهر الشخصي لا يعتبر دليلا قاطعاعلى أن المالك قد تلقى الملكية من صاحبها نظرا لما يمكن أن يثيره تشابه الأسماء من الخلط في إسم المالك الحقيقي الذي تلقى من المالك الأخيرحق الملكية وهنا تبرز عيوب نظام الشهر الشخصي ¹.

الاتجاه الثاني : فكرة الحيازة وحماية الأوضاع الظاهرة :

أصحاب هذا الرأي أو الموقف يعتبرون المشرع الجزائري لم يحسم ولم يجزم حول مسألة إعمال التقادم المكسب فيما يخص الأراضي الممسوحة أو غير الممسوحة.لذلك فإن القواعد المنصوص عليها في القانون المدني المتعلقة باكتساب الملكية عن طريق التقادم المكسب تبقى سارية المفعول، رغم الأخذ بنظام الشهر العيني . فالحيازة متى استوفت أركانها وأصبحت خالية من عيوبها رتب القانون عليها أثرين :

   الأول: يتمثل في حماية الحيازة لذاتها.فيحمي حيازة الحائز،بغض النظرما إذا كان الحائزمالكاأم غير مالك       الثاني : يتمثل في إكتساب الحائز ملكية العقار محل الحيازة ، إذا استغرقت الحيازة المدة المقررة في القانون وهو يرتب أثره عليها ، بصرف النظر عما إذا كان العقار محل الحيازة كان له مالك بسند رسمي أو عرفي، مشهر أو غير مشهر .

وبالتالي فإن إعمال قواعد الحيازة مع وجود الدفترالعقاري لدى مالك العقار المنازع فيه عن طريق الحيازة،ينبع من فكرة الحيازة نفسها التي من أهدافها حمايةالأوضاع الظاهرة،وتسعى من وراء ذلك إلى حماية الاستقرار في المجتمع .  

ـــــــــــــــــــــــــ 

1 ـ القاضية لوصيف نجاة ـ مذكرة بعنوان : الرسمية ، التسجيل ، القيد في السجل العقاري ـ تخصص عقاري ـ المدرسة العليا للقضاء ـ سنة 2002 ـ ص 56 .

فإذا تخلى المالك الأصلي عن العقار، ثم حازه شخص آخر وقام بخدمته واستغلاله ، فإذا ما ظهر بعد ذلك المالك الأصلي متمسكا بالملكية لهذا العقارفإن قواعد الحيازة تحمي الحائزوتضحي بالمالك المهمل . وهكذا يصبح الحائز إذا مرت عليه مدة معينة مالكا لهذا العقار ، إذا سبق له و أن استمر واضعا يده مدة معينة وهي15 سنة،إذا كان وضع اليد وقع إبتداء من سريان القانون المدني الجديد، الذي بدأ العمل به  إبتداء من 05/07/1975. أما إذا كان وضع اليد قبل بدأ سريان القانون المشار إليه، فإن مدة التقادم تخضع للمدة المقررة في القانون المدني القديم وهي  30سنة ، وذلك ماتقضي به المادة 1002 من القانون المدني ¹ . 

وأما الغرفة العقارية للمحكمة العليا في قرارها رقم 197920 المؤرخ في28/06 /2000 -المجلة القضائية العدد 01-2001،اعتبرت فيه الدفتر العقاري سندا للملكية،لكن هل معنى ذلك أنها حسمت مسألة الخلاف الموجود بين مجلس الدولة و الغرفة المدنية للمحكمة العليا ـ حسبما ذكر أعلاه .

الحقيقة أن الجواب على السؤال نتعرف عليه بعد عرض حيثيات هذا القرار الذي جاء فيه ما يلي: "حيث يتضح من خلال مراجعة القرارمحل الطعن أن قضاة المجلس أسسوا قرارهم على إنعدام وجود دليل الإثبات في الدعوى،وذهبوا إلى القول أن الدفترالعقاري المستظهر به من طرف المدعي الأصلي

لا يقوم مقام سند الملكية .      

  لكن حيث من الثابت أن القانون ينص على خلاف ذلك،ويعتبر الدفتر العقاري بأنه سيكون الدليل الوحيد لإثبات الملكية العقارية عملا بالمادة 19 من الأمررقم 75/74 المؤرخ في: 12/11/1975 الذي يتضمن مسح الأراضي،وكذلك المادتين 33،32 من المرسوم 73/32 المؤرخ في: 05/01/1973 المتعلق بإثبات حق الملكية الخاصة .

ومن ثمة فإن القضاة لما توصلوا إلى عدم وجود الدليل على إثبات الملكية العقارية رغم الاستظهار بالدفتر العقاري يكونون قد أخطؤوا في تطبيق القانون ولم يضمنوا قرارهم الأساس القانوني السليم مما يعرضه ذلك للنقض و الإبطال " .

 و ما يلاحظ على هذا القرارأن المحكمة العليا-غرفتها العقارية - قضت بكون الدفتر العقاري يعد سندا لإثبات الملكية.و بالتالي فلا يمكن الاستنتاج أن الغرفة العقارية قد اتخذت موقفا مغايرا للغرفة المدنية فيما يخص إعمال التقادم المكسب بالنسبة للأراضي الممسوحة والتي تحصل أصحابها على دفاتر عقارية .

 

 

ـــــــــ   

1 ـ  الأستاذ عمر زودة ـ تعليق على قرار المحكمة العليا الصادر بتاريخ 09 / 03 / 1998 رقم : 129947 عن الغرفة الإدارية ـ مجلة الموثق ـ العدد 6 افريل 1999 ص 15 .

ويبرر أصحاب هذا الرأي موقفهم،إضافة إلى كون المشرع لم يفرق بين العقارات التي يحوزأصحابها دفتر عقاري أم لا ، إن المرسوم رقم : 83 /352 جاء تطبيقا لأحكام المادة 827 قانون المدني ، التي وردت مطلقة دون أن تفرق بين الملكيات موضوع التقادم " فلا تخصيص دون مخصص ".

كماأن الأخذ بالموقف الأول يؤدي إلى الاعتقاد بأن التقادم المكسب أصبح غيرمعمول به في القانون الجزائري بعد دخول قانون الإشهار العقاري حيز التنفيذ عام 1976 بصدور المراسيم التطبيقية له

- إلا أننا نميل إلى الرأي الأول وهو عدم جواز إعمال قواعد التقادم المكسب في العقارات التي مسها المسح وتحصل أصحابها على الدفاتر العقارية ، ذلك أن القول بخلاف ذلك يتناقض مع أحد أهم المبادئ الأساسية لنظام الشهر العيني الذي أخذ به المشرع الذي يحظرفي إطاره إعمال قواعد التقادم المكسب ، ويمكن تدعيم هذا الموقف بنص المادة 39 من القانون رقم:90/25 المؤرخ في:   18/11/1990 المتضمن التوجيه العقاري ، الذي نص على أنه يمكن تسليم شهادة الحيازة لكل شخص يمارس في أراضي الملكية الخاصة التي لم تحررعقودها، وذلك في المناطق التي لم يتم فيها إعداد سجل مسح الأراضي .

فبمفهوم المخالفة للنص أنه لايمكن تسليم شهادة الحيازة في المناطق التي مسها المسح وسلم لأصحابها دفاترعقارية.وبالتالي فمادام أن شهادة الحيازة هذه لها نفس قيمة القرينة المنصوص عليها في المادة 823  من القانون المدني،فيمكن قياسا القول أن تطبيق قواعد الحيازة سواء بتسليم شهادة الحيازة أوإعداد عقد شهرة أو التقادم المكسب كما جاء في القانون المدني، لا يمكن أن تتم في الأراضي التي مسها المسح فتمكن أصحابها من الدفتر العقاري .   

لكن هذا لا يمنع من ضرورة حث المشرع الجزائري إلى ضرورة التدخل لحسم الخلاف بنص صريح

وواضح يقضي بعدم جواز إعمال قواعد التقادم المكسب في الأراضي الممسوحة،و إلا فما العبرة من القيام بعمليات المسح و إنفاق مصاريف باهضة لذلك  إذا لم تكن لها أثر قانوني .  

المبحث الثاني :القيمة القانونية للمحررات غير المشهرة :

إن كل تصرف متعلق بالعقار غير مشهر لا يمكن أن ينتج أي أثر ، لذلك يتعين علينا التطرق إلى مصير المحررات التي لم يتم شهرها من حيث مدى صحتها و الأثار المترتبة عليها . فيترتب عليها إما عدم الإعتراف بالحق  ، أو عدم القابلية للإحتجاج بها على الغير و هناك في الأخير مستندات يترتب على عدم شهرها عدم قبول الدعوى القضائية  .

وبناء على ما سبق نقسم هذا المبحث إلى ثلاث مطالب نتناول في :

   المطلب الأول: القيمة القانونية للعقود غير المشهرة المتعلقة بنقل الملكية العقارية .

   المطلب الثاني : القيمة القانونية للعقود غير المشهرة المقررة للإحتجاج بها على الغير.

   المطلب الثالث: القيمة القانونية للدعاوى العقارية غير المشهرة

    المطلب الأول: القيمة القانونية للعقود غير المشهرة المتعلقة بنقل الملكية العقارية:

إن المحرر الرسمي المتضمن التصرف في العقاروالذي لم يخضع لإجراءات الإشهار أو تم رفض إشهاره من طرف المحافظ العقاري لعدم إحترامه الشروط و الإجراءات التي أوجبها القانون أو لمخالفته أحكام قانونية آمرة ، لا يمكن أن يرتب أثره العيني وهو نقل الملكية العقارية¹  .

وعليه يمكن القول في هذا المجال أن العقد غير المشهريرتب إلتزامات شخصية فقط في ذمة طرفيه ، فالإشهار العقاري إذن ليس ركنا في التصرف ، بل هو مجرد شرط قانوني لنقل الملكية العقارية بدليل أن العقد الرسمي غير المشهر يبقى صحيحا كمحرر رسمي في ذاته ، وحتى إذا كان العقد الرسمي باطلا لعدم مراعاة الإجراءات و الأشكال المقررة قانونا فإن ذلك لا يستلزم حتما أن يكون  الإتفاق الذي يتضمنه باطلا.وعلى هذا الأساس يمكن لكل طرف أن يطلب إعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل العقد أو أن يطلب التعويض عن الأضرار إلى غيرها من الطلبات المتصلة بالحقوق

و الإلتزامات الشخصية ² .

كما أن الأحكام و القرارات القضائية الناقلة أو المعدلة للملكية العقارية تعد بمثابة عقود رسمية خاضعة للتسجيل و الإشهار العقاري فينبغي على الجهات  القضائية احترام الإجراءات الشكلية والشروط الموضوعية لتحريرها ، و إن إنعدام البيانات الضرورية في الأحكام تجعلها غير قابلة للإشهار ، و إن الإشكال الذي يمكن أن يثور بشأن تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية الفاصلة في الملكية العقارية أوالحقوق العينية العقارية يرجع عادة إلى عدم مراعاة البيانات المتعلقة بهذه الحقوق وإجراءات المسح و الإشهار العقاري ، و عادة ما يصدر حكم و يصبح نهائي و لكنه غير مشهر لسبب ما.و في نفس الوقت يتم إبرام عقد رسمي مشهر يتضمن نفس الحقوق المفصول فيها قضائيا  ونكون أمام حالة تعارض بين حكم نهائي غير مشهروعقد رسمي مشهر، وفي هذه الحالة فإن الحكم غير المشهر لاينقل حق الملكية المفصول فيها ولا يؤثر على العقد الرسمي المشهر الذي نقل نفس حق الملكية ولا يمكن لمن صدر الحكم لصالحه أن يحتج به إلا إذا استطاع إبطال هذا العقد وفقا للإجراءات القانونية عن طريق الجهات القضائية المختصة بالإضافة الى تصحيح الحكم الأول غير المشهر حسب ما نص عليه القانون ليصبح قابلا للإشهار وإتمام إجراء الإشهار فعلا   3.

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 

1 القاضية لوصيف نجاة ـ المرجع السابق ـ ص 56 .

2 عبد الحفيظ بن عبيدة ـ إثبات الملكية العقارية والحقوق العينية العقارية في التشريع الجزائري ـ دار هومة طبعة 2004 ص 88

 3 عبد الحفيظ بن عبيدة ـ المرجع السابق ـ ص 70 ، 71 .

المطلب الثاني : القيمة القانونية للعقود غير المشهرة المقررة للإحتجاج بها على الغير :

وتتمثل هذه العقود في الرهن الرسمي والإمتيازات العقارية الخاصة وحق التخصيص والرهن الحيازي العقاري . فهذه العقود لا تكون نافذة وقابلة للإحتجاج بها على الغير إلا إذا كانت مقيدة قبل حصول الغير على حقوق عينية منصبة على العقارات .

نأخذ على سبيل المثال الرهن الرسمي فمتى توفرت شروط إنعقاده الشكلية والموضوعية فإنه يكون صحيحا بين طرفيه ولكنه حتى يرتب أثره سواء فيما بين المتعاقدين أو بالنسبة للغير فإنه يجب أن يتم قيده في البطاقة العقارية للعقار المعني ، وفي هذا المعنى تنص المادة 16 من الأمر 75/74 المذكور أعلاه على ما يلي : "كل حق عيني آخر يتعلق بعقار لا وجود له بالنسبة للغير إلا من تاريخ يوم إشهارها في مجموعة البطاقات العقارية " .

كذلك تنص المادة 904 فقرة 01 من القانون المدني على ما يلي : "لا يكون الرهن نافذا في حق الغير إذا قيد العقد أو الحكم المثبت للرهن قبل أن يكسب هذا الغير حقا عينيا على العقار".

ويلاحظ أن القيد يرتب أثره منذ قيده وبإجراء القيد يتقدم الدائن المرتهن الأفضل أي الأسبق في القيد لا الأسبق في إنشاء الرهن على غيره من الدائنين المرتهنين لنفس العقار ، كما يكون له حق التتبع على العقار المرهون إذا ما إنتقل إلى الغير .

فالرهن غير المقيد إذن يكون عديم الأثر ولا يخول للدائن أي ميزة لتقدمه على غيره من الدائنين المرتهنين و لا ميزة التتبع إذا ما إنتقل العقار إلى الغير واكتسب هذا الغير حقا عينيا عليه ويظل الدائن مجرد دائن عادي كبقية الدائنين العاديين الآخرين .

 ونشير كذلك إلى الإيجارات التي تفوق مدتها أكثر من 12 سنة والمخالصات بالأجرة و الحوالات لمدة تزيد على ثلاث سنوات والتي لا تكون نافذة في حق الغير إذا تم قيدها بعد إكتساب هذا الغير حقوقا عينية عقارية[i] .

 المطلب الثالث: القيمة القانونية للدعاوى القضائية غير المشهرة :

إن الدعاوى القضائية الرامية إلى النطق بفسخ أو إبطال أو إلغاء أو نقض حقوق ناتجة عن وثائق مشهرة بحيث يؤدي عدم الإشهار إلى عدم قبول الدعوى  القضائية .

ولكن هل يعد عدم القبول هذا من النظام العام وهل يستطيع القاضي إثارته تلقائيا ؟.

لقد أجابت المحكمة العليا-الغرفة العقارية-على هذا الإشكال في القرار رقم 196021 الصادر بتاريخ:27/09/2000 من خلال التأكيد على أن البطلان هنا بطلان نسبي والقاضي لا يستطيع إثارته تلقائيا(أحكام المادة85من المرسوم رقم76/63المؤرخ في:25/03/1976)التي تنص على شهر عريضة رفع الدعوى في حالات محددة منها دعوى بطلان العقود المشهرة وردت لحماية مصالح خاصة وبالتالي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ  

1 بوشنافة مصطفى ـ  المرجع السابق ـ ص 178 . 

فإن إثارتها تلقائيامن طرف قضاة المجلس يعد تجاوز للسلطة ويعرض القرارالمطعون فيه للنقض " .

وأكدت ذلك في القرار رقم :186606 المؤرخ بتاريخ 24/03/2000 بقولها بأن " تمسك الطاعن بعدم شهر الدعوى من طرف المدعين الأصليين وعدم مراعاة قضاة الموضوع أحكام المادة 85 من المرسوم 76/63 يعرض القرار للنقض ".

كما أن محكمة النقض الفرنسية قد فصلت هي الأخرى في هذا الاتجاه مصرحة بان عدم قبول طلب الفسخ أو الإبطال ليس من النظام العام¹.

ونحن بدورنا نميل إلى هذا الحل لان قاعدة الإشهار الواردة في المادة 85 من المرسوم المذكور أعلاه حتى وإن كانت إجبارية ويترتب عليها عدم قبول الدعوى فإنها مقررة أساسا لحماية حقوق المدعي في حالة صدور الحكم لصالحه ، إذ لا يمكنه أن يحتج بهذا الحكم ضد الغير إذا كسب حق عيني على العقار قبل شهر الدعوى ، كما يمكن للمحكوم عليه سيئ النية أن يتصرف في العقار بعد صدور الحكم وقبل تنفيذه ومن ثم لا يمكن التمسك بأنها من النظام العام .   

 


 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ1 الإجتهاد القضائي للغرفة العقا رية للمحكمة العليا ـ الجزء الأول ـ مجلة قضائية ـ قسم الوثائق ـ طبعة 2004 . ص 160 ،   166 .

الخاتمة :

إن المشرع الجزائري تبنى نظام الشهر العيني في الأمر رقم : 75 /74 المتضمن إعداد مسح الأراضي العام وتـأسيس السجل العقاري والمرسومان التنفيذيان له (76/62 و76/63 ) باعتباره النظام الذي يضمن استقرار الملكية العقارية و يدعم الثقة في التصرفات العقارية إذ يصعب معه إعمال احتمالات بيع ملك الغير أو غيرها من التصرفات التي تهدف إلى إضاعة الحقوق والتلاعب بها ، غير أن ذلك لا يعني عدم الوعي بواقع العقار في الجزائر والمقصود بذلك أولئك الذين لا يحملون أي سندات تثبت ملكيتهم للعقارات التي يحوزونها ، مما يجعل تصرفهم في هذه العقارات أمرا مستحيلا بنص القانون الذي يستوجب المحرر الرسمي ، الذي يتطلب عند تحريره التذكير بأصل الملكية وإلا وقع باطلا ، لذلك أبقى المشرع على  نظام الشهر الشخصي ساري المفعول كمرحلة انتقالية لحين اتمام عملية المسح العقاري العام للأراضي ، و إبقائه على قواعد التقادم المكسب ولم يتم إلغاؤها في القانون المدني . وبالتالي فإن النصوص المتعلقة بتسليم شهادة الحيازة وتحرير عقد الشهرة يمكن اعتبارها قد جاءت لمسايرة هذا الواقع .

وبناء على ما سبق نود أن نختم بحثنا هذا بمجموعة من الإقتراحات التي نراها ضرورية للمساهمة في حل مشكل العقار في بلادنا و هي كالآتي :

ـ إعادة تنشيط عملية المسح العقاري مع تحديد آجال تنفيذها و ذلك بتدعيم هذه العملية بالوسائل المادية والبشرية اللازمة لإنجاحها للوصول إلى حل شامل لمشكل العقار وتسييره إذ أن عملية التطهير العقاري كفيلة بمساعدة القضاء على أداء وظيفته في مجال حماية الملكية العقارية .

- تكوين محافظين عقاريين متخصصين في المجال العقاري .

أما من الناحية القانونية فنقترح :

ـ وجوب تدخل المشرع لسد بعض الفراغات القانونية التي لها تأثيرمباشر على موقف القضاء الذي كثيرا ما يتناقض في اجتهاداته ، كما هو الحال بالنسبة للتقادم فمن الضروري إضافة مادة صريحة تنص صراحة على عدم إمكانية إعمال قواعد التقادم المكسب في المناطق التي مسها المسح .

ـ على القضاء توحيد اجتهاداته و العمل على استقرارها حتى لا يكون لها انعكاس سلبي من حيث التطبيق على مستوى محاكم الدرجة الأدنى .

ـ تكوين قضاة متخصصين في القانون العقاري على مستوى جميع الدرجات من محكمة ، مجلس قضائي ، محكمة عليا .    

 

 

 


تعليقات