القائمة الرئيسية

الصفحات



الأهلية اللازمة للتعامل في جسم الإنسان

 



 

الأهلية اللازمة للتعامل في جسم الإنسان


الفصل الأول

الأهلية اللازمة للتعامل في جسم الإنسان

تمهيد وتقسيم :

404- إن البحث في أهلية الإنسان لإلزامه والـتزامه بالحقوق والواجبات ، ولاعتبار ما يصدر عنه من العقود والتصرفات، ومطالبته بامتثال المأمورات واجتناب المنهيات، من المسائل التي اهتمت بها الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية، لأن مدار التكليف بالأحكام شرعية كانت أو وضعية أهليته لما يكلف به واعتبار ما يصدر عنه.

405- والأهلية : هي لفظ من المصادر الصناعية، كالإنسانية والجنسية والوطنية، ومعناها في اللغة العربية الصلاحية، فيقال: هو رجل أهل لأن يكرم أي صالح للتكريم، واستأهل الخير أي صار أهلاً له([1]).

406- أما الأهلية في اصطلاح الشرعيين، فالمراد منها صلاحية الإنسان لأن تجب له حقوق على غيره، ولأن تجب لغيره حقوق عليه، وصلاحيته لأن تعتبر شرعاً أقواله وأفعاله فتترتب الآثار والأحكام على ما يصدر منه من قول أو فعل.

407- ومن الواضح من هذا التعريف أن الأهلية في اصطلاح الشرعيين نوعان أحدهما : أهليته لتبادل الإلزام والالتزام بالحقوق والواجبات، أي أهلية الإنسان لأن تُفرض له حقوق وتُفرض عليه واجبات، وهذه تسمى أهلية الوجوب أو أهلية التمتع، وثانيهما : أهليته لمباشرة العقود والتصرفات، والقيام بالتكليفات وأداء الواجبات، بحيث يكون ما يباشره الإنسان معتبراً شرعاً وقانوناً، وتترتب عليه آثاره، فإذا كان عقداً أو تصرفاً أُلزم بما يقتضيه، وإن كان واجباً سقط عنه، وإن كان جناية أُخذ بها، وهذه تسمى أهلية الأداء، أو أهلية المباشرة([2]).

408- واصطلاح الأهلية ينصرف إلى : الأهلية في المسائل المالية ، والأهلية في المسائل غير المالية، أو بعبارة أدق الأهلية في مسائل النفس.

409- والحديث عن الأهلية يدفعنا للحديث عن نظام الولاية ، فالشخص الذي لم يصل إلى السن التي تجيز له التصرف في نفسه أو ماله لابد أن يُعَّين له وليٌّ ليقوم على مباشرة التصرفات الخاصة بكل ما يتعلق بشئونه سواء كانت تخص الحفاظ على نفسه أو ماله.

410- فنظام الولاية هو سلطة شرعية يترتب عليها نفاذ التصرفات شرعاً، وهذه السلطة قد تكون على نفس الصغير فتسمى ولاية على النفس، وقد تكون على المال فتسمى ولاية على المال.

فالولاية على المال هي المختصة بإدارة مال الصغير فتزكيه وتنميه وتحفظه وتصونه حتى يبلغ رشده ويبلغ أشده([3]) كما قال الله تعالى : â وَابْتَلُوا اليَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ  فَإنْ  آَنَسْتُمْ مِنْهُمُ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيِهْم أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وبِدَارًا أنْ يَكْبَرُوا، وَمَنْ كَانَ غَنيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلَيأْكُلْ بِالمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمُ إِلَيْهِم أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيِهْمْ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيبًاá ([4]) .

أما الولاية على النفس فيقصد بها تلك التي تثبت على المولود الضعيف ، وهي في مقابل الولاية على المال ، فإذا كان المولود حين يولد يحتاج إلى من يقوم على غذائه وفراشه ولباسه ، فإنه يحتاج إلى من يحميه ويحافظ عليه ، ويقوم على رعايته ([5]).

411- وعـند تناولنا لموضوع الإذن في التعامل فيما يتعلق بجسم الإنسان ، يثور سؤال مؤداه : أي الولايتين يدخل في نطاقهما هذا الإذن ، وبمعنى آخر هل يدخل هذا الإذن في نطاق أهلية مال أم أهلية نفس؟

تضاربت الاتجاهات في القانون المقارن ، وانقسمت في هذا الصدد إلى ثلاثة اتجاهات ، نتناولها وفقًا لما يلي:

المبحث الأول : الإذن في التعامل في جسم الإنسان يدخل في نطاق أهلية المال (الولاية على المال).

المبحث الثاني : الإذن في التعامل في جسم الإنسان يدخل في نطاق أهلية النفس (الولاية على النفس) .

المبحث الثالث :  اشتراط كمال الأهلية.


المبحث الأول
الإذن في التعامل في جسم الإنسان يدخل في نطاق أهلية المال (الولاية على المال)

412- والولاية على المال تكون بالقدرة على التصرفات التي تتعلق بالمال، كالبيع، والإيجار، والرهن وغيرها من التصرفات المالية([6]).

413- وأهلية المال يلاحظ أنها تتميز بتدرجها وذلك بحسب السن التي يصل إليها القاصر ، فهو منذ ولادته وحتى وصوله إلى ما قبل سن السابعة يعتبر صبيًّا غير مميز، ومن ثم فهو عديم الأهلية([7])، بمعنى أنه يكون غير أهل لمباشرة أي تصرف قانوني حتى ولو كان يعتبر من التصرفات النافعة نفعاً محضاً، فالولي في هذه الحالة هو من يملك مباشرة جميع التصرفات المتعلقة بهذا الصبي.

أما المرحلة الثانية فتبدأ من سن التمييز (سبع سنوات) وتنتهي ببلوغ سن الرشد، والإنسان في هذه المرحلة تكون له أهلية أداء ناقصة([8])، وبالتالي فهو يملك مباشرة التصرفات النافعة نفعاً محضاً ومن ثم تكون صحيحة، أما التصرفات الضارة به فإنه يكون غير أهل لمباشرتها حتى ولو أجازها الولي، وبالنسبة للتصرفات الدائرة بين النفع والضرر فإنها تعتبر صحيحة ولكنها موقوفة على إجازة الولي.

والمرحلة الأخيرة تبدأ ببلوغ الإنسان سن الرشد وتنتهي بوفاته، وسن الرشد هذه تختلف باختلاف قوانين الدول، ولكنه غالباً تتراوح بين ثمانية عشر وإحدى وعشرين عامًا([9]).

414- فلو اعتبرنا أن الأهلية اللازمة للتعامل في جسم الإنسان هي بالوصول إلى سن إحدى وعشرين عامًا، فما مصير التصرفات المتعلقة بجسم شخص لم يصل لتلك السن ، هل من الممكن أن يصبح هذا التعامل داخلاً ضمن نطاق الولاية على المال، وبالتالي يكون للولي حرية التصرف في جسم من لم يبلغ سن الرشد ، وهو مضمون الولاية على المال؟

415- فمن المتفق عليه في مجال المعاملات المالية ، أن الرضا بالتصرف القانوني قد يصدر من الأصيل([10]) متى كان بالغاً رشيداً ، فالأهلية اللازمة لمباشرة ونفاذ التصرفات المالية محددة ببلوغ سن الرشد وهي إحدى و عشرون سنة ميلادية كاملة في القانون المصري ([11]) وببلوغ إحدى وعشرين سنة قمرية في القانون الإماراتي ([12])، فعند هذه السن يكتمل التمييز والإرادة الواعية البصيرة([13]) ، ويطلق على هذا النوع من الأهلية أهلية المال ، فهل يخضع التعامل في جسم الإنسان لأحكام الولاية على المال؟

416- وحقيقة لم يغفل القانون المصري الخاص بالولاية على المال([14])- وهو بصدد تنظيم عقد العمل بالنسبة للصغير الذي لم يبلغ سن الرشد - جسم الإنسان، لأنه يعي تماماً أن موضوع عقد العمل ينصب أساساً على الجهد الإنساني بنوعيه الذهني و الجسماني([15])، ومن ثم تعتبر مسألة تحديد الأهلية اللازمة لإبرامه- بالإضافة إلى تحديد الأهلية اللازمة لاستيفاء الحقوق الناشئة عنه- مسألة في غاية الأهمية ، فالعمل مصدر رزق ويتصل بالمال من هذه الناحية ، ولكن محل العمل هو الجهد الإنساني سواء الجسماني أو الذهني ، فلأيهما تكون الغلبة في مجال الأهلية ؟

القانون تنبه لأهمية تحديد أهلية الطفل بالنسبة لإبرام عقد العمل ، فالطفل أولاً وأخيرًا هو إنسان ، و بناء الإنسان و حمايته منذ الصغر يضمن للمجتمع مستقبلاً مشرقاً ، فكما قال الرئيس المصري السابق أنور السادات([16]) " إن الأطفال ليسوا فقط صناع المستقبل بل هم المستقبل نفسه".

         فلا غرابة من حرص القانون المصري من خلال قانون الولاية على المال رقم (119) لسنة 1952، لتنظيم تلك المسألة في المادة (62) منه، حيث نص على أن " للقاصر أن يُبرم عقد العمل الفردي وذلك وفقاً لأحكام القانون ، وللمحكمة بناء على طلب الوصي أو ذي الشأن إنهاء العقد ، رعاية لمصلحة القاصر، أو مستقبله أو لمصلحة أخرى ظاهرة " ، فهذه المادة تناولت حق الصغير في إبرام عقد العمل الفردي منذ بلوغه سن السابعة، وذلك وفقاً لأحكام القانون([17]).

 فالقانون المصري- من خلال قانون الولاية على المال- رأى أن عقد عمل الطفل  يجب أن تكون له طبيعة قانونية خاصة، حتى لا تكون السلطة القانونية المقررة للولي على مال الطفل الذي هو تحت ولايته سيف مسلط على جُهد جسده ، فتخرج بذلك الولاية على المال عن نطاق المصلحة التي يهدف القانون إلى تحقيقها من خلال نظام الولاية على المال، و هي المحافظة على مال ومصالح الصغير.

ولذلك أخرج القانون عقد عمل الطفل عن نطاق سلطة الولي على المال، نظراً لأنه يعتبره استثمارًا لجهد جسم الطفل ، فإذا كانت الولاية على المال تستهدف حماية مال القاصر، فهذا لا يعني أن تكون على حساب تطلعاته المستقبلية، وهذا ما جعل قانون الولاية على المال يقرر أن للطفل أهلية أداء كاملة لإبرام عقد العمل الفردي ببلوغه سن التمييز وهي سبع سنوات، ولكن بما أن هذه السن تعتبر صغيرة وبالتالي فهي غير كافية للانفراد بإبرام عقد ينصب موضوعه على الجهد الجسماني والذهني للطفل ، لذا نجد أن القانون وفي نفس المادة تدارك الأمر فجعل تلك الأهلية مشروطة بتوافقها مع القانون المختص بتنظيم عقد العمل، و هذا الأخير حدد بدوره - من خلال المادة (144) السابق الإشارة إليها - سن التشغيل باثنتي عشرة سنة كاملة، بمعنى أن تلك المادة حددت أهلية الوجوب([18]) للحق في العمل ببلوغ تلك السن([19]).

وطالما أن القواعد العامة أيضا تقضى بأن أهلية الأداء تقوم على أهلية الوجوب و ليس العكس، فهذا يعني أن عدم توافر أهلية الوجوب - وهي هنا بلوغ سن اثنتي عشرة سنة- أن أهلية الأداء المحددة وفقاً لقانون الولاية على المال لا تتقرر بمجرد بلوغ سن السابعة ، بل إن اكتمال أهلية الأداء لإبرام عقد العمل مشروطة ببلوغ سن الثانية عشر([20]).

417- وبصدور قانون الطفل رقم (12/96) متضمنًا حظر تشغيل الأطفال في جميع الأعمال ، وما كان خاضعًا منها لقانون العمل ، أو خارجًا عن إطاره قبل بلوغهم أربع عشرة سنة([21]) ، ومن ثم فإن القانون جعل ثبوت أهلية الوجوب للحق في العمل عمومًا أيًّا كان القانون المنظم له رهنًا ببلوغ الطفل أربع عشرة سنة ميلادية كاملة ، ومن ثم يتعين تحديد المقصود بالقاصر الوارد في المادة (62) من قانون الولاية على المال المنظم لأهلية الأداء على ضوء قانون الطفل السابق لأهلية الوجوب([22]).

418- فأهلية الوجوب للعمل في مصر اختلفت الآن من سن السابعة إلى سن الرابعة عشر ، أما أهلية الأداء فإنها تكون بمجرد بلوغ السن الذي يسمح بتشغيل الحدث ، أي أربعة عشر سنة ، فلا يخضع إبرام عقد العمل إطلاقًا لنظام الولاية على المال .

فإذا انتفت أهلية الوجوب لشخص ما فهذا يعنى أنه أصبح شخصًا غير صالح لاكتساب هذا الحق ، ومن باب أولى فلا يمكن أن تتوافر لدى هذا الشخص أهلية أداء تمكنه من اكتساب هذا الحق بنفسه، كما يستحيل - في عقد العمل بالنسبة للقاصر - إعمال النيابة القانونية، فالولي على المال لا يمكن أن يُخضع الصغير قسراً لعقد عمل([23]).

        و لكن بمجرد بلوغ القاصر سن أربع عشرة سنة، تصبح له أهلية إبرام عقد العمل الفردي ، فيخرج بذلك إبرام عقد العمل عن نطاق الولاية على المال([24]).

419- فإذا كان الوضع بالنسبة لعقد العمل - والذي يكون موضوعه الجهد البدني والذهني الخاص بشخص الطفل- قد تنبه له القانون و أخرجه من الخضوع للولاية على المال ، وقضى بأن سلطة ولي المال يجب ألا تمتد إلى ما يخص جهد الصغير، لأنه لا يجوز أن يكون لشخص سلطة مباشرة أو غير مباشرة على جسم غيره، فالأولى إذاً أن يخرج موضوع الإذن في المساس بسلامة الجسم من سلطة الولي على المال، وذلك لأن نظام الأهلية والولاية والوصاية وضع حينما وضع لتنظيم المسائل المتعلقة بالمال، وليس الأشخاص.

420- ومن منطلق ما سبق يبدو لنا جليًّا عدم ملاءمة أحكام أهلية المال للمسائل المتعلقة بجسم الإنسان ، وبذلك يمكننا رفض ما ذهب إليه أصحاب الاتجاه الأول من إدخال الإذن الخاص بالتعامل في جسم الإنسان في نطاق أهلية المال ، ومن ثم ننتقل إلى مناقشة أصحاب الاتجاهات الأخرى ، ومنهم القائلون بأن الإذن في التعامل في جسم الإنسان يدخل في نطاق أهلية النفس.


المبحث الثاني
الإذن في التعامل في جسم الإنسان

يدخل في نطاق أهلية النفس (الولاية على النفس) ([25])

421- واستتباعاً لفشل محاولة إلحاق الإذن في التعامل في جسم الإنسان ضمن نطاق أهلية المال، وجدت محاولات أخرى لإدخال هذا الإذن ضمن نطاق أهلية النفس ، أي أن يكون الولي على النفس هو المختص بإصدار هذا الإذن.

ونظام الولاية على النفس له عملان :

أولهما : القيام على شئون هذا المخلوق الضعيف.

وثانيهما : ولاية التزويج.

فالعمل الأول الذي يهدف القيام على شئون الصغير يطلق عليه ولاية الحفظ التي تتناول بالتالي ثلاثة أعمال : الأول : ولاية التأديب والتعليم والتهذيب، والثاني : حفظ نفسه ، والثالث : منعه من الاعتداء على الآخرين.

422- فبالنسبة لحفظ الصغير وصيانته ، فالولي يحافظ على جسمه بعدم تعرضه للتهلكة ، وقد وجد في ذلك الضمان الرادع ، بأنه يسقط حقه في الولاية، لأن هذه الولاية شرعت للمصلحة ، فإذا ترتب عليها مضرة ، فإن يده تنزع. وبالجملة : الولي على النفس هو المسئول عن كل شيء يتعلق بنفس الصغير جسمًا وعقلاً وروحًا([26]).

423- وأصحاب الحق في الولاية على النفس هم العصبة من الذكور([27]) وهم أربع جهات: الجهة الأولى البنوة، والثانية الأبوة، والثالثة الأخوة، والرابعة العمومة.

فإن كان الولي العاصب واحدًا فقط فتكون الولاية له وحده من غير شريك له في ذلك، وإن تعدد الأولياء كانت الولاية لأقربهم جهة، فإن وجد الابن والأب قدم الابن على الأب، وإن وجد الأب والأخ قدم الأب، وإن وجد الأخ والعم قدم الأخ على العم، وإذا تعدد الأولياء وكانت الجهة واحدة قدم الأقرب منهم في الدرجة، فالابن أولى من ابن الابن والأب أولى من الجد والأخ لأب أولى من ابن الأخ الشقيق وهكذا، فإن اتحد الأولياء في الدرجة مع اتحادهم في جهة القرابة قدم الأقوى منهم قرابة إلى الصغير، فيقدم الأخ الشقيق على الأخ لأب، ويقدم العم الشقيق على العم لأب وهكذا، فإذا اتحد الأولياء في الدرجة وجهة القرابة وقوتها كانت الولاية لهم جميعاً، ويحكم القاضي بضم الطفل للأصلح منهم حسبما يرى.

424- وفيما يتعلق بالتعامل في جسم القاصر ، فقد اشترط القانون المصري رقم (274) لسنة 1959 - والخاص بالحصول على عيون الأحياء الذين يوصون بالتبرع بها بعد وفاتهم ، وعيون الأحياء التي يتقرر استئصالها طبيًّا - أن يصدر إقرار كتابي من شخص كامل الأهلية، أما القاصر فلا يملك حق الإيصاء([28]) بها وكذلك وليه لا يملك ذلك الأمر نيابة عنه.

         425- وفي تطور لاحق اشترطت المادة (3) من القانون رقم (103) لسنة 1962([29]) ، للحصول على عيون الأشخاص الذين يوصون أو يتبرعون بها، وعيون الأشخاص التي يتقرر استئصالها طبيًّا ، ضرورة الحصول على إقرار كتابي من المتبرعين أو الموصين و هم كاملو الأهلية ، ثم أضافت أنه إذا كان الشخص قاصراً، أو ناقص الأهلية ، فيلزم الحصول من وليه على إقرار كتابي.

426- ولا شك أنه من خلال القانونين السابقين يظهر لنا أنه قد تم إخراج التعامل في جسم الإنسان عن نطاق الولاية على المال ، وخاصة إذا أخذنا في الاعتبار الرأي الذي ينادي بضرورة كون التصرف تبرعيًّا حتى يظل الجسم خارج المعاملات المالية([30]).

427- ومن الواضح أيضًا أن القانون رقم (103) لسنة 1962، أدخل مسائل التعامل في الجسم الإنساني في مجال الولاية على النفس ، لأنه و من خلال نص المادة (3) السابق الإشارة إليها ، يلاحظ أن القانون أعطى الولي على النفس سلطة الانفراد بالإذن بالمساس بسلامة جسم الصغير ، وبالتالي فلا يلزم وفقاً لهذه المادة أخذ موافقة الطفل([31]).

428- ولكن هذا الاتجاه جانبه الصواب أيضاً ، لأن الولاية على النفس تعني القدرة على التصرفات التي تتعلق بالنفس كالصيانة، والحفظ والتعليم، والتزويج([32]).

فالولاية على النفس قد تقررت لسببين ، أولهما : العجز عن وقوف الشخص وحده في الحياة، واحتياجه لمن يحميه ويقوم على شئونه ، لأنه لا يستطيع القيام بها وحده ، ولا يستطيع حماية نفسه في معترك المجتمع، وأن ذلك بلا ريب يتحقق في الصغير والأنثى ، كما يتحقق في المجنون والمعتوه. وثانيهما: أن يكون الشخص في حاجة إلى التأديب والتهذيب والتعود على العادات الإسلامية الكريمة.

فالولي على النفس يحمي الصغير ويربيه ، ويهذبه ويقوم على إصلاحه ، بالتطبيب لجسمه، والتطبيب لعقله ، والحماية له من أضرار الحياة ، وأشرارها ، ويحفظ عليه دينه  وأخلاقه([33]).

فهو نظام تقرر في الأصل لحماية الصغير والمحافظة عليه، لأنه وكما هو معروف فإن الطفل منذ ولادته وحتى بلوغه السن المقررة للضم، يكون في حضانة الأم أو في حضانة من يليها من النساء، وذلك لأن الطفل في هذه المرحلة يكون في حاجة إلى رعاية خاصة، ولاشك أن النساء هن الأولى والأقدر على ذلك، ثم بعد ذلك تنتقل الولاية إلى الرجال لتبدأ مرحلة جديدة في حياة الطفل، والرجال لاشك أنهم أقدر من النساء على ذلك، إكمالاً لتربية الطفل والمحافظة عليه حتى تزويجه([34]).

429- وعـود على بدء، فإن الولاية على النفس شرعت لمصلحة الصغير ، و ليس لإلحاق الضرر به، ومن المؤكد أن التصرف في جسمه بغير هدف العلاج، إنما هو ضرر بالغ ، و ليس فيه مصلحة من الممكن أن تعود على الصغير حتى يقال بحق الولي في الانفراد برأيه ، فيما يخص التعامل في جسم الصغير الذي يتولى أمره ، فسلطة ولي النفس في إخضاع القاصر لتدخل طبي على جسده ليست مطلقة، بل إن المسألة تحتاج إلى تفصيل ، وعليه يمكن القول إنه:

يجب التمييز بين الرعاية الطبية التي ينبغي على ولي النفس تقديمها لمن هو تحت ولايته أي علاجه، وبين مسألة إخضاع هذا القاصر لتدخل جراحي لا يهدف إلى علاجه.

فبالنسبة للحالة الأولى : والتي تتمثل في الأعمال الطبية التي يقصد منها شفاء وعلاج القاصر.

430- فلاشك أن مثل هذه الأعمال الطبية تعتبر حقًّا للطفل، وهي في نفس الوقت تعتبر واجبًا والتزامًّا على والديه، فالطفل الذي لم يتخط مرحلة الحضانة يمثله أبواه في التعبير عن رضاه في التدخل الطبي الذي يهدف إلى حماية صحته وسلامة جسده، أما بعد انتهاء فترة الحضانة فالأب وحده هو من يملك سلطة اتخاذ القرار في شأن إجراء تدخل طبي لازم لعلاج الطفل، وذلك دون الرجوع إلى القاصر، وتستمر تلك السلطة للأب حتى يصل الطفل إلى سن البلوغ، وهي على أقصى تقدير سن  خمسة عشر عاماً، عندها يصبح هذا الطفل مسئولاً عن حماية نفسه، وتكون له سلطة اتخاذ القرار فيما يخص صحته وسلامة جسمه.

أما بالنسبة للحالة الثانية : والتي تتمثل في الأعمال الطبية التي لا يقصد منها تحقيق هدف علاجي للقاصر.

431- والمقصود بهذه الأعمال الطبية تلك التي تتضمن مساساً بسلامة جسم القاصر دون وجود ضرورة علاجية مباشرة له، وهي عمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية، وإجراء التجارب العلمية على جسده، فمن الواضح أن إخضاع القاصر لمثل هذا النوع من أنواع التدخل الطبي من غير ضرورة علاجية تتطلبها حالة القاصر الصحية، لا يدخل ضمن سلطات الولي على النفس، فهذا الولي لا يمكن أن يملك سلطة إعطاء موافقة على تصرف يقصد به تبرع القاصر بعضو من أعضائه، أو مشاركته في تجربة طبية، لأن مثل هذه التصرفات ينتج عنها أضرار جسدية بالغة بجسم القاصر، فلا يمكن بحال قبول إدراجها ضمن سلطة الحفظ والعلاج.

إن ولي القاصر لا يملك أن يتصرف بشيء من أجزاء جسد موليه فالإيثار لا يتأتى إلا من الأصيل صاحب الحق ذاته، وبيان ذلك أن تصرف الولي إنما هو بمقتضى عقد الوكالة ، إذ لا تتأتى الوكالة هنا لأن من شروط صحة عقد الوكالة أن يملك الأصيل التصرف الذي يطالب به الوكيل ، ومن المعلوم أن الأصيل لا يملك مثل هذا التصرف فحري ألا يملك تنفيذه بواسطة غيره. ومن القواعد الثابتة التي لا يعرف فيها خلافًا أن تصرف الولي منوط بما هو خير ومصلحة لموليه ، ومن ثم فلا ينفذ من تصرفاته بحقوقه إلا ما كان على وجه الغبطة والمصلحة له. وعلى هذا ، فليس لولي الطفل أو المجنون سواء كان ذا ولاية خاصة أو عامة ، أن يتبرع عنه بكليته أو أي من أجزاء جسده لمضطر من الناس ، أيًّا كان شأنه ومهما بلغت ضرورته ، لما في ذلك من إلحاق الضرر البين بموليه، نعم إن ثبت بشهادة طبيبين عدلين أن أخذ شيء من دمه لمريض محتاج إلى الدم، ينشطه ويحقق له فائدة صحية ، كأن يكون دمه أكثر من القدر الذي ينبغي ، فالمسألة تختلف عندئذ ، إذ تصبح خاضعة حينئذ لقاعدة تصرف الولي منوط بالمصلحة للمولي ، أما في شأن الصور الأخرى للمسألة ، فلا يجوز مثل هذا التصرف قط([35]).

432- ولكن من خلال المادة (3) من القانون (103/ 62) في شأن التبرع بالعيون يتضح لنا اتجاه القانون المصري إلى إقحام التعامل في جسم القاصر في دائرة أهلية النفس، وذلك عندما أعطى الولي على النفس الحق في اتخاذ القرار بالموافقة على تبرع القاصر بعينه، فهذا التوجه لاشك أنه منتقد، لأن سلطة العلاج التي يملكها الولي على النفس لا تعني أبداً أنه يملك سلطة التصرف في جسم القاصر، وإن كان لابد من سلطة للولي في هذا الشأن فيجب عدم إغفال إرادة  القاصر.

433- وعليه، يرى البعض([36]) ضرورة التمييز في هذه الحالة بين الصبي المميز والصبي غير المميز([37])، فالأول يجب أن يشارك في اتخاذ القرار في شأن أي تعامل يمس سلامة جسده، والثاني يجب أن يُمنع من الإقدام على أي تدخل طبي لا تمليه ضرورة علاجه([38]).


المبحث الثالث
اشتراط كمال الأهلية

         434- ونتيجة لتكرار فشل محاولات الفقه القانوني لإدراج الإذن بالمساس بسلامة جسم الإنسان تحت نظام أهلية المال أو أهلية النفس، فقد رأى البعض أن الأهلية المطلوبة للتعامل في جسم الإنسان إنما هي أهلية مختلفة نظراً لاختلاف طبيعة هذا التعامل عن غيره من أنواع التعامل الأخرى التي من الممكن أن تندرج تحت سلطة ولي المال أو ولي النفس.

435- ولقد  وُجِدَ في قصور أحكام أهلية المال وأهلية النفس عن استيعاب تلك الطبيعة الخاصة لجسم الإنسان سبب قوي لرفض أية محاولة لإدراج تلك الأهلية المقصودة تحت أي نظام قانوني آخر.

436- فمن الواضح أن أحكام أهلية المال غير مناسبة للتطبيق في المسائل المتعلقة بالتعامل في جسم الإنسان ، حيث إن التدرج في أهلية المال يضفي نوعًا من الغموض حول السن التي تكتمل عندها أهلية الشخص محل التصرف في التدخل الطبي.

437- كما اتضح أيضًا أن أهلية النفس تكتمل بمجرد الوصول إلى سن البلوغ([39]) وهي على أقصى تقدير تصل إلى خمسة عشر عاماً ، وعندئذ يكون لهذا0 الشخص وحده بالرغم من حداثة سنه الإذن بالتصرف دون معاونة أو استشارة من الغير.

ولما كانت أحكام الولاية على النفس تجعل من الصغير كامل الأهلية عند البلوغ، وهي سن صغيرة لا تتناسب مع مسائل التعامل في جسم الإنسان ، أصبح من غير الملائم اعتبار الصغير أهلاً لاتخاذ تلك القرارات المتعلقة بالتعامل في جسده بمجرد وصوله إلى سن البلوغ.

438- ونظراً لعدم ملاءمة أحكام الأهلية والولاية على النفس لمسائل الجسم البشري ، فقد ظهر هذا الاتجاه لينادي بضرورة اكتمال أهلية الشخص محل التصرف، أي أن الإذن بالمساس بالتكامل الجسدي يجب أن يصدر من الشخص كامل الأهلية ، وهذا ما ذهبت إليه كثير من القوانين العربية ، مثل القانون الكويتي رقم (55) لسنة 1987 في شأن زراعة الأعضاء في المادة الثانية منه، والتي نصت على أن "للشخص كامل الأهلية قانوناً، أن يتبرع أو يوصي بأحد أعضاء جسمه أو أكثر من عضو، ويكون التبرع أو الوصية بإقرار كتابي يشهد عليه شاهدان كامليْ الأهلية ".

وهذا ما نص عليه أيضا القانون الاتحادي الإماراتي رقم (15) لسنة 1993 في المادة الثانية منه، وحذا حذوهما القانون القطري رقم (21) لسنة 1997 في المادة (4).

439- ولكن يثور التساؤل : هل كامل الأهلية هذا يمكن أن يعطي توكيلاً في مباشرة تصرف يتعلق بجسده؟

في الواقع ذهب البعض([40]) إلى عدم جواز الوكالة في إجراء هذا التصرف خلافاً لمقتضى القواعد العامة ، لأن التصرف في الأعضاء البشرية يعد أمرًا خطيرًا يمس كيان الشخص ، فينبغي أن يقوم به شخصيًّا ، ولا يقبل أن يصدر من الوكيل ، وهذا يعني أنه إذا اكتشف الطبيب المكلف بنقل العضو المتصرف فيه أن الإقرار المكتوب بالموافقة على النقل صادر من الوكيل لا من صاحب الشأن، فإنه يجب عليه الامتناع عن إجراء عملية النقل.[41]

كما أكدت هذا المعنى الفتوى الصادرة من الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع بمجلس الدولة ، فرأت أن الرضا بالمساس بالجسم هو رضا يتعلق بحق لصيق بآدمية الآدمي بموجب إنسانيته، فلا تجوز فيه النيابة سواء كانت اتفاقية كالوكالة ، أو قضائية كالوصاية، أو قانونية كالولاية([42]).

         440- ولكن هذا الاتجاه أيضًا لم يستطع تحديد المقصود باكتمال الأهلية اللازمة للتعامل في جسم الإنسان ، هل هي أهلية مال أم أهلية نفس، فإذا كان المقصود بها أهلية المال وهي بلوغ سن إحدى وعشرين عامًا - كما قد يظن البعض- فما هو الحل إذًا بالنسبة للقاصر الذي لم يصل إلى تلك السن، ووجدت ضرورة لإجراء عملية نقل عضو منه لأخيه أو أخته ، أو إجراء تجربة علمية عليه ، أو عملية تعديل جنس ؟  خاصة ، وأننا نأمل دائماً أن يتماشى القانون مع الواقع ، فالتطور العلمي يطالبنا بإيجاد حل سريع لهذه المسألة ، لاسيما و أن اللجوء إلى استئصال عضو من جسد شخص قاصر لزرعه لأخيه الذي قد يكون في أشد الاحتياج إليه ، إنما تبرره أسـباب قوية لا يمكن إغفالها، أو تجاهلها، منها :

1-   أن التقارب في الأنسجة بين الأشقاء ، يؤدي إلى التغلب على ظاهرة رفض الجسم للعضو الغريب الذي يزرع فيه.

2-   قد يكون نقل العضو من القاصر و زرعه في جسد أخيه أو أخته المريضة، هو الفرصة  الأخيرة لإنقاذهما.

3-   أن تنظيم القانون لهذه المسألة يمثل ضرورة لابد منها ، لأن مبدأ التراحم و التعاضد بين أفراد الأسرة الواحدة مطلوب ، كما هو مطلوب بين أفراد المجتمع([43]).

  441- و نظراً لتلك الأسباب والاعتبارات السابقة ، أصبح لزاماً على القانون أن ينظم مسألة الأهلية اللازمة لإصدار الإذن بالمساس بالجسم البشري. وفي تطور قانوني ملحوظ ، نجد أن الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان و كرامته بالنسبة للتطبيقات البيولوجية و الطبية ، والتي سبق الإشارة إليها ، أكدت في المادة (6) على أن التدخل الطبي لا يمكن أن يتم على شخص غير أهل للرضا إلا إذا كان من شأن هذا التدخل أن يحقق فائدة أو نفع مباشر له ، و ذلك مع عدم الإخلال بأحكام المادتين (17 ، 20) من الاتفاقية([44]) ، والمتعلقتين بالتجارب الطبية ، و عمليات استئصال و زرع الأعضاء البشرية.

كما جاء في الفقرة الثانية ، أنه إذا كان القاصر عاجزاً عن تقديم موافقته على التدخل الطبي فسيكون من الممكن إجراء هذا التدخل بموافقة الأبوين اللذين يكون لهما حق حضانة هذا القاصر ، أو موافقة موكله القانوني ، أو موافقة أية جهة قضائية يحددها القانون.[45]

كما تؤكد الفقرة السابقة على وجوب أخذ رأي القاصر ، لأنه يعتبر عنصراً حاسماً و مهمًّا  في هذه المسائل ، مع الأخذ في الاعتبار عامل السن والقدرة على التمييز([46]).

و هذا يعني أنه في حالات معينة – وحيث يؤخذ في الاعتبار طبيعة التدخل الطبي وضرورته ، بالإضافة إلى سن القاصر ومدى توافر القدرة لديه على الفهم و الإدراك -  يجب أن يمثل رأي القاصر الفيصل في اتخاذ القرار النهائي في شأن إجراء أي تدخل طبي على جسده([47]).

442- وعليه ، نصل إلى القول بضرورة وضع نظام للأهلية خاص بالتعامل في جسم الإنسان، وذلك على اعتبار أن هذا الجسم هو أساس الوجود الإنساني في هذا الكون([48]) ، فلا أقل من أن ينظم التعامل فيه بقواعد خاصة ومستقلة ، بحيث ننأى بهذا الكيان عما قد يحط من مكانته وكرامته التي أكدت على ضرورة المحافظة عليها كافة الشرائع السماوية والقوانين الوضعية، وفق نظرية عامة للأهلية في مجال الحقوق اللصيقة بشخص الإنسان. كما يمكن تبني اقتراح الدكتور حسام الدين كامل الأهواني  في شأن وضع نظام خاص بالأهلية بالنسبة للمسائل المتعلقة بالجسم البشري وذلك من خلال القواعد الآتية:

القاعدة الأولى : الأصل هو عدم جواز إجراء أي تدخل طبي على جسد إنسان غير مكتمل الأهلية، وبالتالي فلا نيابة – أي ولاية – على الشخص القاصر فيما يتعلق بالمساس بسلامة جسمه.

القاعدة الثانية : استثناءً ، يجوز التعامل على جسم القاصر ، و لكن ليس بانفراد الولي على النفس([49]) برأيه بل بالتعاون المشترك بينه و بين القاصر، كما يجب أن يتم ذلك تحت رقابة القضاء ، فيجب الحصول على إذن من قاضي الأمور المستعجلة لإجراء العملية، وذلك حتى نضمن تبصير الشخص بخطورة ما يقدم عليه([50]).

لأن حماية الكيان الجسدي ، هو أحد أنواع الحقوق اللصيقة بالشخصية([51])  فهذه الحقوق يجب أن تخضع لقواعد مختلفة عن تلك القواعد المتعلقة بالتصرف في المال ؛ خاصة في مجال الأهلية اللازمة لمباشرة التصرف أو التعامل على الجسم ، و عليه يجب التأكيد على أن سن الرشد في تلك المسائل ، يجب أن تختلف عن سن الرشد في المعاملات المدنية ، و عن سن اكتمال الأهلية بالنسبة للمسائل المتعلقة بالولاية على النفس ، و ذلك لأن الإنسان قد يصل فهمه و إدراكه إلى مستوى مقبول فيما يخص التعامل في جسمه و صحته ، بعكس تلك المسائل المتعلقة بإدارة أمواله ، فيجب عندها الأخذ برأيه سواء توافق هذ الرأي مع رأي وليه ، أم كان مخالفاً له([52]).

القاعدة الثالثة : إجراء تدرج في الأهلية فيما بعد البلوغ ، فلا يعتد بالإذن في شأن التدخل الطبي أو الجراحي على جسد القاصر إلا إذا كان صادرًا منه شخصيًّا ، ولكن في هذه الحالة يحق لأحد أفراد أسرته الاعتراض أمام القضاء. وعند وصول الشخص إلى سن  الثامنة عشر ، فإنه يمكن القول باكتمال أهلية الاستقلال في اتخاذ القرار بشأن المسائل المتعلقة بالتعامل في جسده([53]).

443- وبعبارة موجزة يجب أن يقام نظام خاص بالأهلية في مجال الحقوق اللصيقة بالشخصية يتناسب مع طبيعتها ، سواء من حيث السن ، أو من حيث إشراك الشخص في القرار،  فلا يستقل به غيره ،كما يجب عدم إغفال مسألة  خضوع هذا الأمر لرقابة القضاء ، أو إذنه مسبقًا.[54]




تعليقات