حقوق امتياز
خاصة مؤسسة على زيادة القيمة
العينية:
في مجموعة هذه الحقوق يوجد حق امتياز المهندس المعماري و المقاول الذي نصت
عليه المادة 1000 ق.م و مبنى
هذا الإمتياز يرتكز على العمل الذي قام به هؤلاء لحساب صاحب العمل و الذي أدى إلى
الزيادة في قيمة العقار ذاته و من ثم كان عدلا أن يتقدموا من أجل المبالغ المستحقة
لهم مقابل ما أنجزوه من عمل على باقي الدائنين و لتوضيح هذا الإمتياز أكثر نتناوله
في المبحثين التاليين:
المبحث
الأول: امتياز المقاولين والمهندسين المعماريين:
ورد
النص على هذا الامتياز في المادة 1000 ق.م التي
جاءت فيها:"المبالغ المستحقة للمقاولين والمهندسين المعماريين الذين عهد
إليهم بتشييد أبنية أو منشآت أخرى في إعادة تشييدها أو في ترميمها أو في صيانتها
يكون لها امتياز على هذه المنشآت ولكن بقدر ما يكون زائدا بسبب هذه الأعمال في قيمة العقار وقت
بيعه ويجب أن يقيد الامتياز وتكون مرتبته من وقت القيد"
وتقابلها المادة 1148 ق.م. مصري المماثلة لها.
إن المقاول والمهندس
المعماري الذي تعاقد مع المالك على القيام بتشييد أبنية أو منشآت دون تلقيه الثمن
يكون بذلك أدخل قيمة عينية جديدة في ذمة هذا
المالك أو المتعاقد معه وزاد في
ثروته، فمن العدل أن تكون حقوقه مضمونة بهذه الزيادة ولذلك القانون منح المقاول
والمهندس المعماري امتيازا يكفل حقوقهما بسبب إقامتهما هذه المباني والمنشآت من
حقهم أن يتقدموا
على دائنيهم
جراء هذه الزيادة.
فالمشرع
أولى كل من المهندسين المعماريين والمقاولين امتيازا خاصا ويكون بذلك قصر امتياز
الحفظ والترميم على المنقول وخص العقار بامتياز المقاول والمهندس المعماري الذي
يتسع لضمان مبالغ غير التي تنفق في حفظ
العقار وترميمه.(1) و قد قرر في
ذلك امتيازا للمبالغ التي أنفقت لحفظ و ترميم المنقول حسب المادة 992 ق.م و حكمة
تقريره انه يرجع الفضل لهذه المصروفات في بقاء المنقول و احتفاظه بوظيفته
بل و بقيمته بالنسبة للجميع سواء مالكه أو دائنيه، فكان من الطبيعي أن يتقدم
الدائن بها على غيره من ثمن هذا المنقول.
فنجد أن
محل امتياز مصروفات حفظ وترميم المنقول يقع على المنقول المحفوظ والمرمم لا على ما
زاد فيه بسبب الترميم والحفظ، على عكس امتياز المقاول والمهندس المعماري والعلة في
هذا أنه لولا هذه النفقات لهلك المنقول أو تلف(2).
فقد
قصر المشرع امتياز المبالغ التي أنفقت لحفظ وترميم المنقول دون العقار ولعله مما
يخفف النقد للنطاق الضيق لحق الامتياز ما قرره المشرع بحق المادة 1000ق.م من امتياز للمبالغ
المستحقة للمقاولين والمهندسين المعماريين فيما ما قاموا به من أعمال تشييد أو
إعادة تشييد أو ترميم أو صيانة، مع أن هذا الامتياز الأخير نطاق تطبيقه محدود من
حيث الأشخاص، فلا يستفاد منهم غير المقاولين و المهندسين
المعماريين ولا يمتد إلى من يكلف هؤلاء بالقيام بهذه الأعمال ويدفع لهم أجرهم من
ماله الخاص من ثم يرد فقط على ما زاد بسبب هذه الأعمال في قيمة العقار وقت بيعه.(3)
المطلب الأول: شروط
ثبوت حق الامتياز:
الاعتبار
الذي يقوم عليه هذا الامتياز هو أن المقاول أو المهندس المعماري قد أدخل قيمة عينية جديدة في ذمة رب العمل وزاد في ثروته
وعليه له امتياز في استفاء حقه من هذه الزيادة وبه يتقدم على سائر الدائنين بعد
قيد امتيازه كي يتحقق ذلك يتعين توفر
الشروط التالية:
أولا: أن يكون ممن
ينتمي إلى طائفة المقاولين والمهندسين المعماريين:
وهذا
مما مقتضاه عدم إفادة كل من لا يمتهن هذه المهنة أي المقاولة و الهندسة بهذا الامتياز ومنه نتطرق لتعريف
كل من المهندس المعماري والمقاول كما يلي:
-1 د/ سمير عبد
السيد تناغو : المرجع السابق ص 446
-2 د.
همام محمد محمود زهران: المرجع السابق، ص529
-3 د/ سمير عبد
السيد تناغو : المرجع السابق ص 446
أ. تعريف المهندس
المعماري:
هو ذلك الشخص المتميز بقدرته على التخطيط و التصميم المعماري و التطبيق
الإبتكاري و التنفيذ، و له إلملم تام بفن و علوم البناء حسب ظروف البيئة و
مقتضياتها،* فهو يمارس مهنة حرة غير تجارية و يغلب على مهنته العنصر الفكري سواء
فيما يتعلق بالتصميم أو بالإدارة أو الإشراف على التنفيذ.
في الحقيقة يختلف دور المهندس المعماري
فنيا عن دور المقاول اختلافا كبيرا فالمهندس يقوم أساسا بعمل فكري أو ذهني هو
تصميم البناء ووضع مشروعات تنفيذه(1).
وقد حدد المشرع الجزائري قواعد تنظيم مهنة المهندس
المعماري وممارستها في المرسوم التنفيذي رقم94-07 المؤرخ في 07 ذي الحجة 1414 الموافق لـ 18 مايو 1994 يتعلق بشروط
الإنتاج المعماري وممارسة مهنة المهندس المعماري، فقد نص في المادة 09 منه: "يقصد
بصاحب العمل في الهندسة المعمارية، كل مهندس معماري معتمد يتولى تصور إنجاز البناء
ومتابعته".
ب. تعريف المقاول:
يمكن تعريفه أنه تاجر يحترف عملا ذا طابع
مادي يتمثل في تنفيذ البناء تبعا للتصميم الذي أعده المهندس المعماري وطبقا للخطة
التي رسمها.
إذا لا يثبت هذا الامتياز إلا للمقاول أو المهندس كما سيلي شرح ذلك لاحقا.
ثانيا: أن يكون عقد مقاولة مبرم بين المالك عادة:
يجب أن تكون الأعمال المشار
إليها بالمادة 1000 ق.م بناء على تكليف من جانب صاحب العمل، أي في
شكل عقد المقاولة، نجد أن الغالبية من الفقه لا يشترط في رب العمل أن يكون مالكا
فيمكن أن يكون المتعاقد شخصا آخر كالمستأجر أو المنتفع وبين
* و قد نصت المادة 2 من
المرسوم التشريعي رقم 07/94 المؤرخ في 18 مايو 1994 المتعلق بشروط الإنتاج المعماري و ممارسة مهنة المهندس المعماري
على " أن الهندسة المعمارية هي التعبير عن مجموعة من المعارف و المهارات
المجتمعة في البناء ...'
-1الدكتور. محمد شكري سرور: مسؤولية مهندسي ومقاولي البناء
والمنشآت الناشئة الأخرى- دراسة مقارنة في القانون المدني المصري والقانون المدني
الفرنسي. دار الفكر العربي 1985 ، ص22-23.
المقاول أو المهندس، وبخصوص المقاول الفرعي بالرغم من أن صياغة نص المادة 1000 ق م كانت عامة
مما يسمح بالقول أنه حتى المقاول الفرعي له التمتع بهذا الامتياز،
إلا أن الرأي الراجح هو عدم تمتعه به فيما يتعلق بالمبالغ المستحقة له بحيث
نجد أن له رفع دعوى مباشرة ضد صاحب العمل وهذا بما لا يجاوز ما هو مدين به للمقاول
الأصلي وقت رفع هذه الأخيرة, كما له في حال توقيع الحجز على ما تحت يد صاحب العمل و المقاول
الأصلي امتيازا على ما هو مستحق له وفق ما قضت به المادة 565 ق م وبذلك
لا محل لتقرير هذا الامتياز إذا كان نص
المادة 1000 ق م يشمل أيضا
امتياز المقاولين
الفرعيين ولا يثبت هذا الامتياز إلا للمقاول أو المهندس و يلي الحديث عن المقاول من
الباطن عند دراسة المبالغ المضمونة لحق الإمتياز.
وفي غياب عقد المقاولة لا يثبت لهما هذا
الحق، فلا ينشئ هذا الأخير بالنسبة للمبالغ المستحقة في حال تشييد أبنية على أرض دون
موافقة مالكها ولا بالنسبة للتعويض الذي قضت به كل من المادتين 785,784 ق م إذا ما
استحق في هذه الحال (1).
ولما
كان المهندس المعماري بموجب العقد الذي يبرمه مع ربّ العمل إنما يتعهد أن يؤدي
لحساب هذا الأخير مقاًبل أجر عملا معينا
يباشره بشكل مستقل فإن العلاقة بينهما تتوافر فيها كل خصائص عقد المقاولة ويكون
المهندس مقاولا بالمعنى القانوني للفظ، وكون بعض الأعمال التي يلتزم بها المهندس،
مما يمكن أن تختلط بها ناحية الفكر اوالنشاط الذهني كأعمال التصميم أو المقايسة، لا يعني أنها ليست في ذاتها
من قبيل الأعمال المادية ومن ثم العقد هو عقد مقاولة.
كما
أن المشرع نظم أحكام عقد المقاولة
في الفصل الأول من الباب الخاص بالعقود الواردة على العمل و أورد فيها القواعد
الخاصة بالمهندس المعماري والمقاول وبالتالي يعتبر عمل المهندس المعماري بوضع التصميم و
المقايسة ومراقبة التنفيذ من نوع الاعمال
المادية للمنقولات مما يوجب تطبيق أحكام المقاولة عليه وقد عرّفها المشرع الجزائري
في المادة 549 التي تنص: "المقاولة عقد بتعهد
بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئا أو أن يؤدي عملا مقابل أجر يتعهد به المتعاقد
الآخر".
-1 الطالبة زوينة زبار نوفل: المرجع السابق ص 97
أما
بالنسبة للمقاول فلا يثور أي لبس في تحديد الطبيعة القانونية لهذا العقد إذا كان
المقاول يتعهد بموجبه بأن يقدم عمله فقط، على أن يقدم ربّ العمل الأرض التي سيقام
عليها البناء والمواد التي يستخدمها المقاول في تنفيذ المبنى، إذ في هذا الفرض
يكون العقد عقد مقاولة، وعلى العكس إذا كان المقاول يقدم العمل والأرض أيضا في
معنى أن يتعهد
بأن يبني على أرض يملكها وبمواده وأدواته بناء يتعهد بأن ينقل
ملكيته بعد إنجازه
مع الأرض إلى ربّ
العمل فإن العقد بأنه بيع للعقار في مجموعه بعد البناء.(1)
وبموجب هذا العقد أي عقد المقاولة يلتزم
المقاول أو المهندس المعماري بأداء عمل بإقامة
منشآت وأبنية في مقابل مبالغ يلتزم بدفعها ربّ العمل وفي حالة العكس أقرّ المشرع
للمقاول والمهندس المعماري بامتياز وخصّه بالعقار يتسّع لضمان حقه.
ثالثا:
الأعمال المستحق عنها هذه المبالغ الممتازة لصالح كل من المقاول والمهندس
المعماري:
إن هذه الأعمال
متعلقة بتشييد أبنية أو منشآت أخرى مثل الطرق، إعادة التشييد، ترميم، صيانة..وفق
ما قضت به المادة 1000 ق.م أي يعني توفر صفة المبنى أو المنشأة.
المطلب الثاني: المبالغ المضمونة بحق الامتياز والمحل الممتاز:
أ-
المبالغ المضمونة بحق الإمتياز:
يشمل
الحق الممتاز مصروفات البناء وإعادة البناء وكل ما يستحق نظير تشييد أو إعادة
تشييد، كما يشمل مصروفات الترميم والصيانة ولكن بقدر ما يكون زائدا بتلك الأعمال
في قيمة العقار وقت البيع(2).
كما ورد في نص المادة 1000 ق.م " المبالغ
المستحقة للمقاولين و المهندسين المعماريين لتشييد أبنية أو منشآت أخرى أو ترميمها
أو صيانتها"
-1الدكتور. محمد شكري: نفس المرجع. ص24.
2-
الطالبة. زوينة زبار نوفل: نفس المرجع، ص98
فالامتياز مقصور على المبالغ المستحقة للبناء، أو
إعادة البناء، أو الترميم أو الصيانة و يرد ذلك على الأبنية، و الطرق، و الآبار
... و غير ذلك من أعمال التشييد و لا ينحصر في أصل المبالغ بل يمتد أيضا إلى
الفوائد المستحقة عن هذه المبالغ و لكن الامتياز لا يضمن إلا التشييد و ما يلحق به
كالترميم و الصيانة، فهو لا يضمن إصلاح الأراضي الزراعية و المراوي و المصارف و
تجفيف البرك لعدم اعتبارها من المنشآت. (1)
ولا
يضمن الامتياز حق المهندس المعماري والمقاول الذي يتعاقد مع غير المالك كالمنتفع
والمستأجر ولهذا السبب لا يضمن حق المقاول من الباطن لأنه يتعاقد مع المقاول
الأصلي وليس مع المالك ومع ذلك فالمقاول من الباطن كما سبق ذكر ذلك يستفيد من امتياز المقاول الأصلي في
الحدود التي يكون فيها هذا الأخير دائنا لرب العمل وذلك للدعوى المباشرة المقررة
للمقاول من الباطن قبل رب العمل .والمقاول من الباطن
له امتياز على ما للمقاول الأصلي قبل ربّ العمل وهو امتياز على منقول. إلا أن حق
المقاول الأصلي قبل ربّ العمل مضمون بامتياز المقاول العقاري والمقاول من الباطن
يستفيد من الامتيازين معا ومع ذلك فهذه الاستفادة مرهونة ببقاء حق المقاول الأصلي
قبل ربّ العمل قائما.
ولا يستفيد من هذا الامتياز العامل لأنه
ليس مقاولا أو مهندسا وإذا كان العامل يعمل لحساب
ربّ العمل مباشرة فله الامتياز العام المقرر للأجراء، وإذا كان يعمل لحساب المقاول
الأصلي فله نفس الدعوى المباشرة المقررة للمقاول من الباطن قبل ربّ العمل.(2)
كما لا يثبت الامتياز للمقاول أو المهندس المعماري الذي يقوم من تلقاء نفسه بأعمال البناء
أو الترميم أو الصيانة بل يجب أن يعهد إليه صاحب العمل بذلك وصاحب
-1 د/ عبد الرزاق السنهوري : المرجع السابق ص 1003
-2الدكتور. سمير عبد السيد تناغو: المرجع السابق. ص447.
العمل يكون عادة هو
المالك، ولكن يصح أن يكون مستأجرا أو صاحب حق انتفاع أو دائنا مرتهنا رهن حيازة أو
واضح اليد.(1)
والامتياز يكفل حقوق المهندس المعماري أو
المقاول بسبب إقامة أبنية أ ومنشآت أخرى ولا أهمية لنوع المواد التي استخدمت في
الإنشاء سواء كانت طوب، أحجار، معادن،..
أو نوع المنشأة منزل ،مخزن، نفق..الخ. ومع ذلك فينبغي أن يتوافر في محل العمل
صفة المبنى أو المنشاة .
والامتياز
ضامن لعمليات إقامة مباني ومنشآت أو إعادة إقامتها إذا كانت قد تلفت أو ترميمها
بأي شكل.(2)
ب- محل الامتياز:
بخلاف امتياز حفظ المنقول وترميمه الذي يرد
على ثمن المنقول كله فإن امتياز المقاول والمهندس المعماري يرد فقط "بقدر
ما يكون زائدا بسبب هذه الأعمال في قيمة العقار وقت بيعه"، و لهذا السبب فإن القانون الفرنسي يلتزم
المهندس أو المقاول المعماري بعمل محضر لحالة العقار قبل العمليات التي سيقوم بها
ثم عمل محضر آخر بعد الانتهاء من هذه العمليات وهذا الإجراء بما فيه من معنى عدم
الثقة برب العمل قلما يتبعه أحد المقاولين أو المهندسين ولذلك فإن الاستفادة من
الامتياز من الناحية العملية محدودة للغاية(3)
وبالنسبة
لتحقيق القيمة المضافة لم يرد نص المادة 1000 بالتوضيح الذي جاءت به المادة 2103 الفقرة 4 ق.م. فرنسي أين نص على إقامة معاينتين بقيمة
العقار معاينة قبل إقامة الأعمال كما سبقت الإشارة أما المعاينة الثانية تكون خلال 06 أشهر التالية لإنهاء الأعمال وتتم المعاينتين عن طريق محضرين
يحررهما خبير تعينه المحكمة الواقع في دائرة العقار(4).
1- الدكتور. عبد الرزاق الصنهوري: المرجع السابق. ص1177
-3-2 الدكتور. عبد السيد نناغو: المرجع السابق ص448,447.
-4
الطالبة. زوينة زبار نوفل: نفس المرجع، ص98
والامتياز لا يرد على
ما زاد في قيمة العقار وقت الانتهاء من عمليات البناء أو الإنشاء ولكن فيما توجد
من زيادة في هذه القيمة وقت بيع العقار وقد تمضي بين وقت القيام بهذه العمليات
ووقت البيع مدة تطول أو تقصر ويكون أثر الزيادة في قيمة العقار بسبب هذه العمليات
قد زال فلا يكون للمقاول أو المهندس أي امتياز.
ومع ذلك فإن الدائن عند التنفيذ لا ينفذ
فقط على الزيادة في قيمة العقار ولكنه ينفذ على العقار كله فهو باعتباره دائما
دائنا عاديا يستطيع التنفيذ على أي مال من أموال
المدين ولكن عند
توزيع الثمن لا يتقدم على غيره من الدائنين بما له من امتياز إلا الزيادة في
القيمة كما سبق ذكره.
وإذا كان المقاول أو المهندس قد استوفى
جزءاً من حقه قبل رب العمل ،فإن الامتياز يبقى ضامنا للجزء الباقي طبقا لمبدأ عدم
تجزئة الرهن.(1)
ويقدر القاضي مقدار الزيادة التي يباشر
عليها الامتياز وقت البيع وله أن يستعين في ذلك بخبراء.
وكما سبق
ذكره يقتصر الامتياز على جزء من ثمن العقار يقابل ما هو باق وقت بيعه من قيمة
الزيادة التي حصلت بسبب هذه الأعمال،
ومتى عين قدر الزيادة على هذا الوجه فهذه الزيادة تضمن كل جزء من استحقاق المهندس المعماري أو المقاول ،
وكذلك استحقاق المهندس المعماري أو المقاول مضمون بكل جزء من هذه الزيادة.(2)
المطلب الثالث: قيد حق الامتياز:
يجب قيد هذا الامتياز وتتحدد
مرتبة من وقت القيد عملا بالمادة 1000 من القانون
المدني الجزائري التي تنص: "ويجب أن يقيد الامتياز وتكون مرتبة من وقت
القيد" وهي مماثلة لنص المادة 1148/2 قانون مدني
مصري.
والقيد يكون بموجب قائمة كقائمة الرهن مرفقة بها
المستندات ويجب أن تكون هذه
-1 الدكتور.
عبد السيد تناغو: المرجع السابق. ص448.
2 - الدكتور.
عبد الرزاق السنهوري: المرجع السابق. ص1177
المستندات مصدقا فيها على توقيع المدين.(1) وتبين فيها
مقدار الدين الممتاز ويرفق بها ما يؤيد من مستندات كعقد المحاسبة أو إقرار المدين
أو حكم قضائي، وتحرر قائمة قيد امتياز المقاول أو المهندس المعماري من البيانات
المثبتة بعقد المقاولة الرسمي أو المصدق على التوقيعات فيه.(2)
فلا يسري امتياز المقاول
والمهندس المعماري في مواجهة الغير إلا من تاريخ إجراء القيد ويتم بطريقتين:
الأولى: إذا كان عقد المقاولة أو عقد تكييف
المهندس المعماري بالعمل رسميا أو مصدقا على التوقيع فيتولى صاحب الشأن عمل
القائمة اللازمة من واقع بيانات العقد.
الثانية: إذا لم يكن العقد رسميا أو مصدقا
على التوقيع فيه فعلى المهندس المعماري أو المقاول أن يقيم دعوى بطلب الحكم له
بامتياز على العقار الذي تمت بشأنه الأعمال التي ترتب عليها حق الحالة يقوم
المقاول أو المهندس بتسجيل دعوى قضائية.
فإذا ما صدر الحكم للمقاول والمهندس بامتياز حررت
القائمة وشهرت بطريق القيد واعتبر الحكم النهائي الصادر بالامتياز مستندا من
مستندات إجراء القيد.(3)
فإذا تم قيد القائمة تولت المحافظة
العقارية التأشير على هامش تسجيل الصحيفة بحصول قيد شهر القائمة، ويحتفظ على مستوى
المحافظة العقارية بالحكم كمستند للشهر.
وتمر القائمة بكامل إجراءات مراحل الشهر التي جاء بها
المرسوم 63/76 المؤرخ في:1976/03/25 المتعلق
بتأسيس السجل العقاري، وقد نصت المادة 93 منه انه من
أجل الحصول على تسجيل الامتيازات والرهون يقدم الدائن جدولين موقعين تحدد فيها
تعيين الدائن والمدين، ذكر تاريخ ونوع المستند وسبب الدين المضمون بواسطة
الامتياز، ثم يقوم المحافظ العقاري بالتأشير على القائمة المودعة.
-1 الدكتور.
محمد حسنين: المرجع السابق ص 239
2-
المستشار. معوض عبد التواب: الشهر العقاري و التوثيق
منشأة المعارف إسكندرية ص 569
-3 الأستاذ.
مدحت محمد الحسيني: إجراءات الشهر العقاري. دار الفكر العربي ص 151.
ويتم تجديد القيد بتقديم صورة طبق الأصل من القائمة
السابق قيدها وذلك كل 10 سنوات ونصت
على ذلك المادة 96 من المرسوم 63/76:
"تحتفظ التسجيلات بالرهن والامتياز طيلة عشر سنوات ابتداء من تاريخها ويوقف
أثرها إذا لم يتم تجديد هذه التسجيلات قبل انقضاء هذا الأجل".
ويترتب هذا التجديد حفظ مرتبة
الحق المقرر للمقاول والمهندس المعماري من تاريخ القيد فإذا لم يقم بهذا التجديد
فلا يصبح لحقه أية حجية.
أما إذا أجرى القيد الجديد
بعد انقضاء المدة المحددة بعشر سنوات فلا يكون له أثر رجعي بل يحتفظ بالحق من
تاريخ القيد الجديد.
المبحث الثاني:الآثار المترتبة على
امتياز المقاول والمهندس المعماري:
يمنح الإمتياز لكل من المهندس
المعماري و المقاول الذي أتى بإدخال قيمة عينية جديدة في ذمة المدين فمن حقه
استيفاء دينه المضمون بالتقدم من هذه الزيادة المضمونة بحق الإمتياز كما يخول له
مزية التتبع كاملة شأنه في ذلك شأن بائع العقار و المتقاسم و ذلك بالتنفيذ على
العقار في أي يد كان و عليه نتناول هذه الآثار في المطلبين التاليين:
المطلب الأول : ممارسة حق التتبع في العقار:
يتضح مما سبق أن أساس هذا الامتياز أن عمل
المهندس والمقاول قد أضاف قيمة جديدة إلى قيمة العقار فمن العدل أن يتقدم بما
يستحقه على هذه الزيادة في القيمة على غيره من الدائنين فامتيازه بهذه الصورة مؤسس
على زيادة القيمة العينية. فهذه القيمة العينية تعطي للشيء ذاته قيمة جديدة لا
ينتفع فيها دائنو المدين فحسب ولكن الدائنين لآخرين المقيدين على العقار من قبل
الملاك السابقين، وأنه ليتفق مع العدالة أن الشخص الذي أضاف القيمة لهذا الشيء
يتمتع بالأفضلية بمقدار زيادة القيمة على جميع هؤلاء الدائنين، فالمقاول الذي أجرى
ترميمات على عقار يحتج بامتياز فيما يتعلق بزيادة القيمة
على
جميع الدائنين المقيدين على العقار حتى الدائنين للملاك السابقين على المالك الذي
أجرى المقاول هذه الترميمات لحسابه.
ومحكمة النقض الفرنسية تعتبر
أن زيادة القيمة قد ولت مزوّدة بحق امتياز قابل للاحتجاج به على جميع الدائنين
الذين قد يدعون بان لهم حق الاستفادة بهذه الزيادة في القيمة.(1)
وهذا الامتياز يبقى قائما
لوقت البيع، ويقع على جزء من الثمن يقابل قيمة الزيادة. و بذلك يخول للمهندس
المعماري و المقاول ميزة التتبع كاملة شأنه شأن بائع العقار و الشريك المقاسم و
ذلك لإستيفاء القيمة المضافة للعقار فيكون له تتبعه في أي يد كان و ذلك بالتنفيذ
عليه و يتبع في ذلك نفس الإجراءات التي سبق شرحها في الفصل الأول عند دراسة ممارسة
حق التتبع في العقار المخول لكل من البائع و المتقاسم (2).
المطلب الثاني: ممارسة حق التقدم في حالة تزاحم
الدائنين:
حقوق الامتياز الخاصة العقارية
تخول لصاحبها حق التقدم في استيفاء حقه من ثمن المال محل الامتياز و من كان مقابل
يحل محله بالأسبقية على الدائنين بحسب المرتبة المحددة له لكل حق بنص القانون و
مبدأ التقدم بحسب الأسبقية في القيد كمبدأ عام يحكم تزاحم الدائنين الممتازين و
المرتهنين عند التنفيذ على العقار غير أن امتياز المقاول و مهندس المباني يتقدم
على جميع الرهون التأمينية على أساس أن زيادة القيمة العينية التي أضيفت للعقار
يستفيد منها جميع الدائنين المرتهنين و الممتازين و المقصود بعبارة أنها مقيدة من
جهة سلف المدين أن هذا السلف هو الراهن للعقار أي أن حق مهندس المباني والمقاول
يتقدم على حق دائني المدين (المالك الحالي للعقار) ودائني سلفه (المالك السابق
للعقار) جميعا(3). و عليه نتناول ترتيب هذا الإمتياز في
حالة تزاحمه مع الدائنين الممتازين و المرتهنين كما يلي:
-1 د. محمد
حسنين: المرجع السابق ص 216
-2 أنظر ممارسة حق التتبع السابق ذكره في الفصل الأول من هذا الموضوع
-3 د. محمد
حسنين: المرجع السابق ص 241
أولا: ترتيب امتياز المهندس المعماري و المقول:
إن امتياز المقاول والمهندس المعماري يأخذ
مرتبته من تاريخ القيد وفقا لنص المادة 1000 الفقرة2 كما سلف الذكر، إلا أنه يثور النزاع في حالة
تزاحمه مع حقوق امتياز تأخذ مرتبتها من تاريخ القيد وكذا حالة تزاحمه مع تأمين
تبعي آخر خاضع للقيد كالرهن الرسمي. وعليه سنتناول ممارسة حق التقدم في حالة
التزاحم مع هذه الحقوق كما يلي:
أ. ترتيب امتياز المهندس والمقاول في حالة تزاحمه مع بائع العقار
والمتقاسم:
مبدئيا تكون الأولوية في حالة
التزاحم بينها حسب الأسبقية في تاريخ القيد ونجد هنا امتياز المبالغ المستحقة
للمقاولين والمهندسين المعماريين الذي تكون مرتبته من وقت القيد وفقا لنص المادة 1000 الفقرة 2 ق.م. وهنا
يختلف الأمر في حالة إقامة أبنية أو منشآت قبل امتياز البائع أو المتقاسم أو في
حالة إقامتها بعدها وذلك كالآتي:
1. إقامة
أبنية ومنشآت على عقار مثقل بامتياز البائع أو المتقاسم:
نجد
أنه قد يتقدم امتياز المقاولين والمهندسين ولو كان متأخرا في قيده حماية لهؤلاء من
جراء إثراء الغير على حسابهم، ويمكن تصور ذلك إذا ما نشأ هذا الامتياز بسبب أعمال
ترميم أو الصيانة أو إعادة تشييد أجريت على عقار مثقل أصلا بامتياز البائع أو
المتقاسم، ونعلم أنه التحسينات أو الإنشاءات التي عادت بالمنفعة العامة على المالك
يشملها امتياز البائع للعقار أو المتقاسم فيه باعتبارها من ملحقات العقار ما لم
يتفق على خلاف ذلك (1).
فالأصل
أن امتياز المقاولين والمهندسين يكون متأخرا عن امتياز البائع أو المتقاسم في قيده
وبالتالي في المرتبة، وذلك حتى ولو لم يقيد كل من البائع أو المتقاسم امتيازه
سيكون متقدما في كل الأحوال على امتياز المقاول أو المهندس وذلك لأن الامتياز في
المبالغ المستحقة عن القسمة أو البيع في العقار إذا ما تم قيده تكون مرتبته من
تاريخ البيع
1- د. كامل مرسي باشا: المرجع السابق، ص634
أو القسمة وبالتالي حماية لهؤلاء
الذين ساهموا في إيجاد هذه التحسينات وحتى لا يكون فيه إثراء للمتقاسم أو البائع
على حسابهم وضع المشرع قيدا بحيث تكون الأولوية لامتياز المقاول والمهندس. وبذلك
إذا ما حصلت أعمال الترميم أو الصيانة أو إعادة التشييد بعد إثقال العقار بامتياز
المتقاسم أو البائع له يتقدم امتياز المقاول أو المهندس ولو كان متأخرا في الأصل
في المرتبة .
2. إقامة
أبنية أو منشآت قبل البيع أو القسمة:
إذا
تمت الأعمال السابقة قبل البيع أو القسمة وبالتالي قبل ترتيب امتياز البائع أو
المتقاسم يتقدم امتياز المقاول والمهندس المعماري لأنه الأسبق في القيد على
العقار، ويكون لامتياز هذا الأخير الأولوية على القيمة المضافة بسبب الأعمال التي
قام بها في قيمة العقار وقت بيعه، ويضيف في هذا الشأن الأستاذ: Marc Donnier أن القيمة
المضافة قد دخلت في ذمة المدين مثقلة بحق الامتياز وأنه لا يمكن تصور حقوق مسبقة
عليها(1).
ب.
ترتيب امتياز المهندس والمقاول في حالة تزاحمه مع دائنين لهم نفس الامتياز الخاص
على العقار:
كأن نكون أمام
امتياز لعدة مقاولين أو مهندسين وهنا نفرق بين حالتين بحيث يمكن أن نكون أمام التزاحم في حالة عقد واحد للعمل يشمل عدة
مقاولين أو مهندسين للعمل سويا هنا ينشأ امتياز كل
مقاول من المقاولين بمقتضى عقد واحد إلا انه بسبب نشوء حق الدائنية بالنسبة لهؤلاء
قد يختلف من واحد لآخر وبالتالي إذا تعلق الأمر بنفس الأعمال فإن حق كل واحد من
هؤلاء على القيمة الزائدة في العقار يكون بحسب الزيادة التي أحدثها أما إذا تعلق الأمر بأعمال مختلفة لابد من تحديد القيمة الزائدة في العقار بحسب كل صنف من
الأعمال(2).
-1 الطالبة.
زبار نوفل زوينة، المرجع السابق، ص109.
-2- J. Mestre, E Putman, M. Billau, traité
de droit cvile, droit reele des surtés 798 N° 1552
عن زوينة زبار نوفل المرجع السابق ص 109
ثانيا.
ترتيب امتياز المهندس والمقاول في حالة تزاحمه مع الدائن المرتهن
رهنا رسميا:
إذا ورد الامتياز على عقار غير مرهون من قبل ثم رهن
العقار بعد تمام المقاول أو المهندس المعماري عمليات الإنشاء وقيد الرهن قبل أن
يقيد الامتياز كانت الأسبقية للرهن، أما إذا قيد الامتياز قبل أ ن يقيد الرهن كانت
الأسبقية للامتياز أما إذا أقام المهندس أو المقاول منشآت على عقار مرهون من قبل
يقتضي شمول الرهن لهذه المنشآت طبقا لنص المادة 1000
من القانون المدني أن حق صاحب الرهن على هذه المنشآت بحسب من وقت قيد الرهن وهو
دائما وقت سابق على امتياز المقاول أو المهندس المعماري، لأن الفرض أن العقار
مرهون من قبل.
ولهذا قرر المشرع أن شمول
الرهن للمنشآت على هذا الحق لا ينبغي أن يخل بامتياز المبالغ المستحقة للمقاولين
والمهندسين المعماريين المنصوص عليه في المادة 999
من القانون المدني التي تقابلها المادة 1147 من القانون المصري ومقتضى
هذا أن امتياز المقاول أو المهندس يتقدم في هذه الحالة على الرهن رغم أسبقية الرهن
في القيد.(1)
وقد يكون في هذا خروج على
قاعدة عدم مراعاة وقت القيد عند حساب مرتبة الأفضلية ولكن ربما يكون الأصح القول
بأن شمول الرهن للمنشآت الحديثة بنفس مرتبة الرهن القديمة هو الذي فيه خروج على
قاعدة حساب المرتبة في وقت القيد، وهو خروج لن يضر بأحد من الدائنين المرتهنين لأن
كل منهم يستفيد من امتداد الرهن للمنشآت الجديدة حسب مرتبة رهنه، ولكن يتحقق الضر
فعلا بالنسبة للمقاول والمهندس المعماري، لان حقه نشأ بسبب هذه المنشآت ويرد عليها
وحدها، فلا يجوز أن يفاجأ بوجود حق الدائن مرتهن على العقار الأصلي يتقدم على حقه
هو على المنشآت، وهو نفسه الذي أقامها ولم تكن موجودة وقت الرهن ولم يكن المرتهن
أدخلها في حسابه.(2)
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم