القائمة الرئيسية

الصفحات



مداخل الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان - محكمة الجنايات الدولية نموذجا

 


مداخل الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان - محكمة الجنايات الدولية نموذجا -مداخلة للنقيب عبد الرحمن بن عمرو

مفهوم ودور الآليات :

إن الغرض من القانون هو إنشاء الحقوق وحمايتها وبيان كيفية الوصول إلى هذه الحماية عند المنازعة أو المساس أو الاعتداء على هذه الحقوق والذي ينشئ الحقوق يسمى قانون الموضوع ، والذي يبين كيفية الوصول إلى حماية الحقوق يسمى قانون الإجراءات أو المسطرة .

ويعرف أحد الفقهاء الحق بأنه عبارة عن فائدة مادية أو معنوية يحافظ عليها القانون بواسطة منح صاحبها قوة يزاول بواسطتها الأعمال اللازمة للتمتع بهذه الفائدة .

وكل صاحب حق يقابله أو ينتج عنه واجب الغير باحترام هذا الحق وعدم المساس به أو الاعتداء عليه وإلا كان هذا الغير مخلا بواجبه .

وتحمي الحقوق بواسطة سن الجزاءات ذات الطبيعة المدنية أو التأديبية أو الجنائية .

ولكن لا يكفي لحماية الحقوق سن الجزاءات المترتبة على خرقها إذ لابد من وجود أشخاص أو هيئات أو مؤسسات تطبيق الجزاءات على المعتدين على الحقوق ، وهؤلاء الأشخاص أو الهيئات أو المؤسسات هي التي يطلق عليها " الآليات " أن آليات حماية الحقوق …

وآليات حماية الحقوق متنوعة ، لكل واحدة منها دور محدد بالقانون :

فالسلطة التنفيذية تعتبر آلية تحمي الحقوق المخروقة أو المعتدى عليها من قبل موظفيها بمناسبة أو أثناء ممارستهم لوظائفهم بواسطة المجالس …

والسلطة التشريعية تعتبر أيضا آلية تحمي الحقوق ليس فقط عن طريق الإجراءات المتنوعة التي تقررها بمقتضى القوانين التي تصدرها ، وإنما أيضا بواسطة جزاءات ذات طبيعة معينة تطبقها عند الإخلال بواجبات معينة ( على وجه المثال فإن الدستور المغربي يخول البرلمان ، في نطاق شروط معينة وبواسطة ملتمس رقابة ، مسائلة الحكومة وإسقاطها) .

******

2

والسلطة القضائية : تعتبر آلية لحماية الحقوق عن طريق توقيع الجزاءات المدنية والجنائية ضد من يمس بالحقوق أو يخرقها أو يعتدي عليها . وهذه الآلية تعتبر من أهم الآليات الموكول إليها حماية الحقوق وذلك بسبب اتساع اختصاصاتها في مجال الجزاءات التي توقعها على الخارقين والماسين والمعتدين على الحقوق :

فتوقيع الجزاءات من طرف آلية القضاء تشمل كافة مصادر الخرق أو المساس أو الاعتداء ، أي سواء كانت هذه المصادر نابعة عن أشخاص ذاتيين أو معنويين ، من أشخاص القانون العام أوالخاص.

ويراقب القضاء الجزاءات التأديبية الصادرة عن السلطات الإدارية ( التنفيذية ) ويبث فيها بالتأييد أو بالإلغاء .

والجزاءات التي تحكم بها آلية القضاء أوسع بكثير من تلك التي تقررها السلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية : فهناك جزاءات ذات طبيعة مدنية ( الحكم بالقيام بعمل معين أو بالامتناع عن عمل معين ، - إبطال وإلغاء وفسخ تصرفات معينة – تسديد مستحقات أو التعويض عن أضرار معينة …) وجزاءات ذات طبيعة جنائية .

طبيعة الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان ونوعية الجزاءات التي تطبقها.

يقصد بالآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان الأجهزة المختصة بتوقيع الجزاءات ضد من يخرق الحقوق المنصوص عليها في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان . فما هي طبيعة هذه الآليات ونوعية الجزاءات التي تطبقها . ؟

يمكن ، بصفة عامة ، تقسيم المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى قسمين :

1 – قسم يصدر في شكل إعلانات وتصريحات عامة تتضمن مبادئ معينة لحقوق الإنسان ، ومن بينها ، على وجه المثال ؛ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 ، وإعلان القضاء على التمييز ضد المرأة لسنة 1967 ، وإعلان حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري لسنة 1992 ، وإعلان حماية جميع الأشخاص من التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة لسنة 1975 ، والمبادئ الأساسية لاستقلال السلطة القضائية لسنة 1979 ، ومعايير الأمم المتحدة حول دور المدعي العام لسنة 1990 ، والمبادئ الرئيسية حول دور المحامي لسنة 1990 ، والإعــــــــلان

حول التقدم والإنماء الاجتماعي لسنة 1969 ، وإعلان حقوق الطفل لسنة 1959 … إلخ …

وأهم ما يميز هذه الإعلانات والتصريحات أنها لا تتضمن أية جزاءات تطبق على الدول التي تخرق المبادئ الحقوقية التي تشتمل عليها ، وبالتالي لا تتضمن آليات لمراقبة ومحاسبة ومعاقبة الدول التي تخرقها ، ويرجع السبب في ذلك إلى كون هذه الإعلانات والتصريحات غير ملزمة قانونا للدول الأعضاء في الأمم المتحدة بما في ذلك الدول التي صوتت لصالحها ، وتبعا لذلك يبقى الالتزام بالمبادئ الواردة فيها مجرد التزام أدبي …

2 - القسم الثاني من المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ، هو القسم الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في صورة عهود واتفاقات ، توضع للتوقيع والمصادقة والانضمام إليها من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة …

ومن أمثلة هذه العهود والاتفاقات : العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسي لسنة 1966 ، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1966 ؛ واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لسنة 1979 ، واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهنية لسنة 1984 ، واتفاقية حقوق الطفل لسنة 1990 … إلخ…

وأهم ما يميز هذه المواثيق أن الدول الأطراف فيها أي الدول التي صادقت أو انضمت إليها تصبح ملزما قانونا بالعمل بمقتضياتها .

******

3

لكن الإخلال بهذا الالتزام لا يترتب عنه توقيع الجزاءات التي استعرضناها أعلاه سواء منها ذات الطبيعة المدنية أو التأديبية أو الجنائية ، ولا تتجاوز نوعية الجزاء حدود المراسلات وإلفات النظر ورفع التقارير عن الخروقات إلى الأجهزة المختصة والمحاولات الحبية للعدول عن التجاوزات ، ومن جهة أخرى فإن الآلية أو الآليات الموكل إليها تطبيق هذا النوع المتواضع من المؤاخذات أو العتابات الأدبية ، تنحصر في لجنة أو لجنة مختصة بالقيام بما ذكر وعلى وجه المثال فقط ، فإننا نستعرض آلية مراقبة تطبيق مقتضيات العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية واتخاذ ما يجب من الحماية إزاء الأطراف التي تخرقها ولا تعمل بها …

ويمكن أن نميز في هذا الخصوص ثلاثة درجات من الحماية :

1 – الحماية العادية .

2 – الحماية في نطاق المادة 41 من العهد .

3 – الحماية في نطاق البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .

ويسهر على هذه الحماية في درجاتها الثلاث " اللجنة المعنية بحقوق الإنسان " المشار إليها في العهد بـ " اللجنة " .

أولا : الحماية العادية :

ويتمتع بهذه الحماية العادية جميع مواطني الدول التي صادقت أو انضمت إلى العهد .

ونسميها عادية لأن مستواها عادي لا يرقى إلى مستوى الحماية الناتجة عن موافقة الدول الأطراف في العهد على تطبيق مقتضيات المادة 41 أو على المصادقة على البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد أو هما معا .

ومسطرة العادية في نطاق المادة 40 من العهد هي كالتالي :

1 – تتعهد الدول الأطراف في هذا العهد بتقديم تقارير عن التدابير التي اتخذتها والتي تمثل إعمالا للحقوق المعترف بها فيه وعن التقدم المحرز في التمتع بهذه الحقوق وذلك :

أ – خلال سنة من بدء نفاذ هذا العهد إزاء الدول الأطراف المعنية .

ب – ثم كلما طلبت اللجنة إليها ذلك .

2 – تقدم جميع التقارير إلى الأمين العام للأمم المتحدة ، الذي يحيلها إلى " اللجنة " للنظر فيها . ويشار وجوبا في التقارير المقدمة إلى ما قد يقوم من عوامل ومصاعب تؤثر في تنفيذ أحكام هذا العهد .

3 – للأمين العام للأمم المتحدة ، بعد التشاور مع اللجنة ، أن يحيل إلى الوكالات المتخصصة المعنية نسخا من أية أجزاء من تلك التقارير قد تدخل في ميدان اختصاصها .

4 – تقوم اللجنة بدراسة التقارير المقدمة من الدول الأطراف في هذا العهد ، وعليها أن توافي هذه الدول بما تضعه هي من تقارير ، وبأية ملاحظات عامة تستنسبها .

وللجنة أيضا أن توافي المجلس الاقتصادي والاجتماعي بتلك الملاحظات مشفوعة بنسخ من التقارير التي وردت من الدول الأطراف في هذا العهد .

5 – للدول الأطراف في هذا العهد أن تقدم إلى اللجنة تعليقات على أية ملاحظات تكون قد أبديت وفقا للفقرة 4 من هذه المادة . التقييم لهذه المسطرة :

******

4

وتقييمنا لمسطرة الحماية العادية للحقوق الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية هي كالتالي :

إن هذه الحماية ليست بحماية قانونية لأنها لا تتضمن جزاءات على الدول الأطراف في العهد التي لم تقم بإعمال الحقوق التي تتضمنه ، وبالتالي فهي لا تخرج عن كونها نوع من المراقبة الأدبية المحتشمة التي تنحصر في إبداء الملاحظات من قبل "اللجنة ".

لا تراقب " اللجنة " الخروقات والاعتداءات التي تقع على الحقوق الواردة في العهد ، فبالأحرى أن تكون مختصة بتوقيع الجزاءات على مرتكبيها .

حتى تلك المراقبة الأدبية المحتشمة ، لا تطبق إلا على الدول الأطراف في العهد مع العلم بأن عدد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة هو 192 ، وأنه لغاية 31 / 12 / 2003 ، فإن عدد الدول التي صادقت أو انضمت إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لا يتجاوز 148 دولة .

مسطرة الحماية في نطاق المادة 41 من العهد :

تنص المادة 41 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، في بندها 1 على أنه :" لكل دولة طرف في هذا العهد أن تعلن في أي حين ، بمقتضى أحكام هذه المادة ، أنها تعترف باختصاص " اللجنة " في استلام ودراسة بلاغات تنطوي على إدعاء دولة طرف بأن دولة طرفا أخرى لا تفي بالالتزامات التي يرتبها عليها هذا العهد ، ولا يجوز استلام ودراسة البلاغات المقدمة بموجب هذه المادة إلا إذا صدرت عن دولة طرف أصدرت إعلانا تعترف فيه ، في ما يخصها ، باختصاص اللجنة " . وتسير مسطرة البحث والتحقيق في البلاغات وتقرير ما يجب بشأنها حسب ما يلي :

أ - إذا رأت دولة طرف في هذا العهد أن دولة طرفا أخرى تتخلف عن تطبيق أحكام هذا العهد ، كان لها أن تسترعي نظر هذه الدولة الطرف ، في بلاغ خطي ، إلى هذا التخلف ، وعلى الدولة المستلمة ، أن تقوم ، خلال ثلاثة أشهر من استلامها البلاغ ، بإبداع الدولة المراسلة ، خطيا ، تفسيرا أو بيانا من أي نوع آخر يوضح المسألة ، وينبغي أن ينطوي ، بقدر ما يكون ذلك ممكنا ومفيدا ، على إشارة للقواعد الإجرائية وطرق التظلم المحلية التي استخدمت أو الجاري استخدامها أو التي لا تزال متاحة. ب - فإذا لم تنته المسألة إلى تسوية ترضى كلتي الدولتين الطرفين المعنيين خلال ستة أشهر من تاريخ تلقى الدولة المستلمة للبلاغ الأول ، كان لكل منهما أن تحيل المسألة إلى اللجنة بأسعار توجهه إليها وإلى الدولة الأخرى .

ج - لا يجوز أن تنظر اللجنة في المسألة المحال عليها إلا بعد الاستيثاف من أن جميع طرق التظلم المحلية المتاحة قد لجئ إليها واستنفذت ، طبقا لميادىء القانون الدولي المعترف بها عموما . ولا تنطبق هذه القاعدة في الحالات التي تستغرق فيها إجراءات التظلم مددا تتجاوز الحدود المعقولة .

د - تعقد اللجنة جلسات سرية لدى بحثها الرسائل في إطار هذه المادة .

هـ - على اللجنة ، مع مراعاة أحكام الفقرة الفرعية ( ج ) ، أن تعرض مساعيها الحميدة على الدولتين الطرفين المعنيين ، بغية الوصول إلى حل ودي للمسألة على أساس احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها في هذا العهد.

و- للجنة ، في أية مسألة محالة إليها ، أن تدعو الدولتين الطرفين المعنيتين المشار إليهما في الفقرة الفرعية (ب)، إلى تزويدها بأية معلومات ذات شأن .

ز - للدولتين الطرفين المعنيتين المشار إليهما في الفقرة الفرعية ( ب ) حق إيفاد من يمثلهما لدى اللجنة أثناء نظرها في المسألة ، وحق تقديم الملاحظات شفويا أو خطيا أو هما معا .

******

5

ح - على اللجنة أن تقدم تقريرا في غضون اثني عشر شهرا من تاريخ تلقيها الإشعار المنصوص عليه في الفقرة الفرعية ( ب ) :

1 - فإذا تم التوصل إلى حل يتفق مع شروط الفقرة الفرعية " هـ " قصرت اللجنة تقريرها ، على عرض موجز للوقائع وللحل الذي تم التوصل إليه .

2 – وإذا لم يتم التوصل إلى حل يتفق مع شروط الفقرة الفرعية ( هـ ) قصرت اللجنة تقريرها على عرض موجز للوقائع ، وضمت إلى التقرير المذكرات الخطية ومحضر البيانات الشفوية المقدمة من الدولتين الطرفين المعنيتين .

ويجب ، في كل مسألة ، إبلاغ التقرير إلى الدولتين الطرفين المعنيتين .

وطبقا للمادة 42 من العهد ، فإنه يجوز للجنة تعيين هيئة توفيق يشار إليها باسم " الهيئة "

وتعمل هذه الهيئة وفق المسطرة الآتية :

1 - ( أ ) إذا تعذر على اللجنة حل مسألة أحيلت إليهما وفقا للمادة 41 حلا مرضيا للدولتين الطرفين المعنيين جاز لها ، بعد الحصول مسبقا على موافقة الدولتين الطرفين المعنيتين ، تعيين هيئة توفيق خاصة تضع مساعيها الحميدة تحت تصرف الدولتين بغية التوصل إلى حل ودي للمسألة على أساس احترام أحكام هذا العهد .

( ب ) تتألف الهيئة من خمس أشخاص تقبلهم الدولتان الطرفان المعنيتان . فإذا تعذر وصول الدولتين الطرفين المعنيتين خلال ثلاثة أشهر إلى اتفاق على تكوين الهيئة كلها أو بعضها ، تنتخب اللجنة من بين أعضائها ، بالاقتراع السري وبأكثرية الثلثين ، أعضاء الهيئة الذين لم يتفق عليهم .

2 - يعمل أعضاء الهيئة بصفتهم الشخصية ، ويجب ألا يكونوا من مواطني الدولتين الطرفين المعنيتين أو من مواطني أية دولة لا تكون طرفا في هذا العهد أو تكون طرفا فيه ولكنها لم تصدر الإعلان المنصوص عليه في المادة 41 .

3 - تنتخب الهيئة رئيسها وتضع النظام الداخلي الخاص بها .

4 - تعقد اجتماعات الهيئة عادة في مقر الأمم المتحدة أو في مكتب الأمم المتحدة بجنيف . ولكن من الجائز عقدها في أي مكان مناسب آخر قد تعينه الهيئة بالتشاور مع الأمين العام للأمم المتحدة ومع الدولتين الطرفين المعنيتين .

5 - تقوم الأمانة المنصوص عليها في المادة 36 بتوفير خدماتها ، أيضا ، للهيئات المعينة بمقتضى هذه المادة

6 - توضع المعلومات التي تلقتها اللجنة وجمعتها تحت تصرف الهيئة ، التي يجوز لها أن تطلب إلى الدولتين الطرفين المعنيتين تزويدها بأية معلومات أخرى ذات صلة بالموضوع .

7 - تقوم الهيئة ، بعد استنفاذها نظر المسألة من مختلف جوانبها ، ولكن إلى أي حال خلال مهلة لا تتجاوز إثنى عشر شهرا بعد عرض المسألة عليها ، بتقديم تقرير إلى رئيس اللجنة لإنهائه إلى الدولتين الطرفين المعنيتين :

أ ) فإذا تعذر على الهيئة إنجاز النظر في المسألة خلال إثنى عشر شهرا قصرت تقريرها على إشارة موجزة إلى المرحلة التي بلغتها من هذا النظر .

ب) وإذا تم التوصل إلى حل ودي للمسألة على أساس احترام حقوق الإنسان المعترف بها في هذا العهد ، قصرت الهيئة تقريرها على عرض موجز للوقائع وللحل الذي تم التوصل إليه.

******

6

ج) وإذا لم يتم التوصل إلى حل تتوفر له شروط الفقرة الفرعية ( ب ) ، ضمنت الهيئة تقريرها ، النتائج التي وصلت إليها بشأن جميع الوسائل الواقعية المتصلة بالقضية المختلف عليها بين الدولتين الطرفين المعنيتين وآراءها بشأن إمكانية حل المسألة حلا وديا ، وكذلك المذكرات الخطية ومحضر الملاحظات الشفوية المقدمة من الدولتين الطرفين المعنيتين

د) إذا قدمت الهيئة تقريرها في إطار الفقرة ( ج ) تقوم الدولتان الطرفان المعنيتان ، في غضون ثلاثة أشهر من استلامها هذا التقرير ، بإبلاغ رئيس اللجنة هل تقبلان أم لا تقبلان مضامين تقرير الهيئة.

8 ) لا تخل أحكام هذه المادة بالمسؤوليات المنوطة باللجنة في المادة 41 .

تقييم حماية حقوق الإنسان الواردة في العهد من خلال مقتضيات المادة 41 :

من خلال استعراض المادة 41 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمادة 42 المرتبطة بها يمكن استخلاص بأنها حماية أدبية معنوية وليست بحماية القانون .

وبالإضافة إلى كونها حماية أدبية ، أو بتعبير أدق مراقبة أدبية معنوية ، فهي مقيدة بعدة شروط تزيد في النقص من أهميتها ، ويتجلى ذلك فيما يلي :

- فهي حماية لا تطبق إلا بتوفر الشروط الآتية :

- أن تكون الدولة المشتكية والمشتكى بها طرفان معا في العهد .

- أن تكون الدولتان معا المشتكية والمشتكى بها قد أعلنتا معا إقرارهما باختصاص اللجنة وفقا للمادة 41 من العهد بالنظر في الشكاية .

إن الدولة المشتكية لا يمكن لها أن تلجأ إلى اللجنة إلا بعد أن تفشل في الوصول إلى تسوية في الموضوع مع الدولة المشتكى بها . إن اللجنة لا يمكنها أن تقبل النظر في الشكاية إلا بعد أن تتأكد بأن طرق التظلم المحلية قد استنفذت .

إن أقصى ما تقوم به اللجنة هو أن تعرض مساعيها الحميدة على الدولتين قصد الوصول إلى حل ودي للمسألة على أساس احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها في العهد .

وإذا لم تستطع اللجنة الوصول إلى حل ودي ، فإن أقصى ما يمكن أن تقوم به هو كتابة تقرير يتضمن عرض موجز للوقائع ترفق به المذكرات والمحاضر المنجزة بالمناسبة مع تبليغ التقرير إلى الدولتين الطرفين المعنيتين .

وحتى عندما ترى اللجنة تعيين هيئة توفيق خاصة تضع مساعيها الحميدة تحت تصرف الدولتين الطرفين المعنيين بغية التوصل ، فإن هذا التعيين لا يمكن أن يتم إلا بعد موافقة الدولتين الطرفين المعنيين ، وبعد الموافقة ، فإن أقصى ما يمكن أن تصل إليه التوفيق ، في حال عدم وصولها إلى حل ودي هو: كتابة تقرير بالنتائج التي وصلت إليها بشأن جميع المسائل الوقائعية المتصلة بالقضية المختلف عليها بين الدولتين الطرفين المعنيتين ، وآراؤها بشأن إمكانيات حل المسألة حلا وديا ، وكذلك المذكرات الخطية ومحضر الملاحظات الشفوية المقدمة من الدولتين الطرفين المعنيتين .

ويستنج من كل ذلك بأن اللجنة ، في نطاق المادة 41 من العهد لا يمكنها توقيع جزاءات قانونية على الدول التي تخترق حقوق الإنسان المنصوص عليها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية .

******

7

مسطرة الحماية في نطاق البروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية:

اعتمد هذا البروتوكول وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بقرار الجمعية العامة 2200 ألف ( د . 21 ) المؤرخ في 196 دجنبر 1966 .

وتخول المادة 1 من البروتوكول الأفراد الداخلين في ولاية الدولة التي أصبحت طرفا فيه بأن يدعو أمام اللجنة بأنهم ضحايا أي انتهاك من جانبها لأي حق من الحقوق المقررة في العهد .

أما مسطرة النظر في الادعاء أو الشكاية ، بعد أن تقرر اللجنة قبولها شكلا ، فتسير على المنوال المنصوص عليه في المواد 4 و 5 و 6 من البروتوكول وكالآتي :

1 ) تحيل اللجنة أية رسالة ( شكاية ) قدمت إليها بموجب هذا البروتوكول إلى الدولة الطرف في البروتوكول والمتهمة بانتهاك أي حكم من أحكام العهد .

2 ) تقوم الدولة المذكورة في غضون ستة أشهر ، بموافاة اللجنة بالإيضاحات أو البيانات الكتابية اللازمة لجلاء المسألة ، مع الإشارة عند الاقتضاء إلى أية تدابير لرفع الظلامة قد تكون قد اتخذتها .

3 ) تنظر اللجنة في الرسائل التي تتلقاها بموجب هذا البروتوكول في ضوء جميع المعلومات الكتابية الموفرة لها من قبل الفرد المعني ومن قبل الدولة الطرف المعنية .

4 ) لا يجوز للجنة أن تنظر في أية رسالة من أي فرد إلا بعد التأكد من :

أ – عدم كون المسألة ذاتها محل دراسة بالفعل من قبل هيئة أخرى من هيئات التحقيق الدولي أو التسوية الدولية .

ب – كون الفرد المعني قد استنفذ جميع طرق التظلم المحلية المتاحة ولا تنطبق هذه القاعدة في الحالات التي تستغرق فيها إجراءات التظلم مددا تتجاوز الحدود المعقولة .

5 ) تنظر اللجنة في الرسائل المنصوص عليها في هذا البروتوكول في اجتماعات مغلقة .

6 ) تقوم اللجنة بإرسال الرأي الذي انتهت إليه إلى الدولة الطرف المعنية وإلى الفرد .

7 ) تدرج اللجنة في التقرير السنوي الذي تضعه عملا بالمادة 45 من العهد ملخصا للأعمال التي قامت بها في إطار هذا البروتوكول .

تقييم لآلية الحماية التي يضمنها البروتوكول الاختياري :

بالرغم من كون البروتوكول يسمح للفرد الضحية بتقديم شكاية ضد دولته المعتدية على حقوقه المنصوص عليها في العهد ، إلا أن النظر في هذه الشكاية متوقف على توفر عدة شروط من جهة ، كما أن البث فيها ، بعد ثبوث صحتها ،لا يتضمن أي جزاءات مدنية أو جنائية توقع على الدولة المشتكى بها .

أما شروط قبول النظر في الشكاية فهي .

- أن يكون المشتكي داخلا في ولاية الدولة المشتكى بها والتي يجب أن تكون طرفا في العهد .

- أن تكون الدولة المشتكى بها طرفا في البروتوكول الاختياري .

- أن تكون الشكاية موقعة ولا تنطوي ، في رأي اللجنة ،على إساءة استعمال لحق تقديم الرسائل أو منافية لأحكام العهد .

- أن يستنفذ المشتكي جميع طرق التظلم المحلية .

أما قرار اللجنة ، بعد انتهاء بحثها في موضوع الشكاية ، فهو لا يتجاوز كما أشرنا إلى ذلك إجرائين :

******

8

الأول : إرسال الرأي الذي انتهت إليه إلى الدولة الطرف المعنية وإلى الفرد .

الثاني : إدراج الرأي المذكور في تقرير اللجنة السنوي الذي ترفعه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة عن طريق المجلس الاقتصادي والاجتماعي .

ويستنتج من ذلك كله بأن الحماية التي يتضمنها البروتوكول الاختياي في مواجهة الخروقات المرتكبة ضد الحقوق الواردة في العهد ، وإن كانت مهمة من الناحية المعنوية ، فهي ليست بحماية قانونية لأنها لا تتضمن جزاءات يمكن توقيعها على الخارقين .

ومما ينقص من الحماية المعنوية للبروتوكول الاختياري هي قلة الدول الأطراف فيه ، ذلك أنه لغاية 31 دجنبر 2003 ، لم تصادق أو تنظم إليه سوى 103 دولة ، مع العلم بأن عدد الدول الأعضاء بالأمم المتحدة في هذا التاريخ هو 192 دولة . المحكمة الجنائية الدولية كآلية دولية لحماية حقوق الإنسان :

تعتبر المحكمة الجنائية الدولية أهم آلية من آليات حماية حقوق الإنسان على المستوى الدولي وذلك بسبب توفرها على الصفة القضائية بما توفره هذه الصفة من مؤهلات ووسائل تسمح بالتحقيق ، والحكم والاستئناف والتنفيذ وذلك بناء على مقتضيات مسطرية وموضوعية تكفل حقوق أطراف الدعوى .

بل إن مقتضيات النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تسمح بعدم الإفلات من العقاب لمرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان مهما كانت حيثياثهم ومركزهم في سلم المسؤولية .

ومع ذلك ، فلا زالت هناك عراقيل متنوعة تحول دون قيام المحكمة بمهامها على الوجه الأكمل ، من هذه العراقيل ما هو قانوني يتضمنه النظام الأساسي للمحكمة ، ومنها ما هو واقعي يتعلق بضعف الموارد البشرية والمادية اللازمة لسير المحكمة وتنفيذ أوامرها وقراراتها وأحكامها …

ونستعرض بتركيز واختصار كبيرين لما أشرنا إليه أعلاه :

نوع الجرائم التي تختص المحكمة بالنظر فيها :

تختص المحكمة بالبث في أربعة أنواع من الجرائم الخطيرة وهي :

أ - جريمة الإبادة الجماعية

ب - الجرائم ضد الإنسانية .

ج - جرائم الحرب .

د - جريمة العدوان .

( الفصل 5 من النظام الأساسي للمحكمة ) .

وتحدد المادة 6 من النظام الأفعال الإجرامية التي تندرج ضمن جريمة الإبادة الجماعية .

كما تحدد المادة 7 من نفس النظام أنواع الانتهاكات التي تدخل في نطاق الجرائم ضد الإنسانية.

وتستعرض المادة 7 من النظام أنواع الجرائم التي تعتبر من جرائم الحرب .

أما جريمة العدوان : فإن النظام الأساسي للمحكمة ج . د لم يذكر الجرائم التي تدخل في نطاقها وإنما أحالت المادة 5 من النظام مهمة التحديد على الجمع العام للدول الأطراف في هذا النظام وفقا للإجراءات المنصوص عليها في المادة 121 منه . خصائص التجريم والعقاب في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية :

من بين هذه الخصائص :

******

9

1 – أهم الخاصيات التي جاء بها النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية هي خاصية سد الطريق أمام جميع الوسائل القانونية التي يسنها التشريع الوطني في الدول الغير الديمقراطية من أجل الوصول إلى الإفلات من العقاب سواء عن طريق القانون الجنائي ( عدم النص على تجريم بعض الأفعال ذات الطبيعة الخطيرة والتي قد ترتكب على الخصوص من طرف أجهزة الدولة ومسؤوليها وأعوانها أو عن طريق وضع عراقيل قانونية إجرائية لتعطيل جهاز العدالة أو إبطائه أو تعقيد إجراءاته ، أو احتوائه ( مثل المقتضيات المتعلقة بالمقدس والمحصن وبما يسمى بالامتياز القضائي . )

2 – أغلبية الجرائم الواردة في النظام الأساسي للمحكمة لا نجد مثيلا له في القوانين الوطنية ومنها القانون الجنائي المغربي .

3 – بعض الجرائم القليلة المنصوص عليها في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية نجدله شبيها في القوانين الوطنية ومنها القانون الجنائي المغربي ، ولكنه مجرد تشابه وليس تطابق في جميع الأركان وهكذا وعلى وجه المثال فقط فإن جريمة القتل العمد منصوص عليها في النظام الأساسي للمحكمة ج . د . تحت نوع الجرائم ضد الإنسانية . و منصوص عليها كذلك في القانون الجنائي المغربي ( الفصل 392 ج ) ومع ذلك فهما غير متطابقين وبالتالي فإن المحكمة الجنائية الدولية لا تختص بالنظر في جريمة القتل العمد إلا إذا ارتكبت كما رأينا في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي مجموعة … بينما جريمة القتل العمد في القانون الوطني الجنائي هي التي يرتكبها فرد أو أكثر ضد فرد معين وهو الضحية

4 – خول النظام الأساسي للمحكمة ج . د النظر في جرائم خطيرة غير تلك المنصوص عليه في المادة 5 ولكن بشرط أن تحدد هذه الجرائم من قبل الدول الأطراف في النظام الأساسي وفق مسطرة معينة منصوص عليها في المادة 121 من النظام .

5 - جريمة العدوان لم تحدد أركانها في النظام الأساسي للمحكمة ج . د . ولذلك أحالت المادة 5 من النظام هذا التحديد على الجمع العام للدول الأطراف في هذا النظام وفقا للإجراءات المنصوص عليها المادة 121 منه .

6 – لكل جريمة ، لكي يدان أو يعاقب عليها ، أركان مادية يجب النص عليها وأركان معنوية (القصد الجنائي ) إلا أنه يلاحظ بالنسبة للجرائم الواردة في النظام الأساسي للمحكمة ج . د ، أن بعضها تــــام الأركـــــــــان المادية . وبعضها ناقصها . وقد عالج النظام هذا الخصاص من خلال ما نص عليه في المادة 9 بقوله بأنه تستعين المحكمة

ج . د باركان الجرائم في تطبيق المواد 6 و 7 و 8 وتعتمد هذه الأركان بأغلبية ثلثي أعضاء جمعية الدول الأطراف في النظام .

7 – من المبادئ الأساسية في القوانين الجنائية الوطنية ومنها القانون الجنائي الوطني هو أنه لا جريمة

******

10

ولا عقوبة إلا بناء على نص صريح في القانون ( المادة 3 ج ) وبالتالي فإن أي جريمة من الجرائم المنصوص عليها في القانون الجنائي الوطني ينص في المادة المتعلقة بها على أركانها وعلى العقوبة الخاصة بها . ولم يتبع هذا المنهج النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية إذ عندما تناول الجرائم المندرجة في أنواع الجرائم الثلاث الواردة في المواد 5 و 6 و 7 و 8 لم يحدد العقوبة الخاصة بكل واحدة منها ، هذا في الوقت الذي نص هذا النظام على انه لا جريمة إلا بنص ( م . 22 ) وانه لا عقوبة إلا بنص ( م . 23 ) وليس معنى ذلك أنه أعفى هذه الجرائم من العقوبة وإنما اكتفى بالنص على أنواع العقوبات تاركا للمحكمة ج . د سلطة تقديرية في تحديد العقوبة ضمن الإطار العام وحسب خطورة كل جريمة من الجرائم المعروضة على المحكمة . وتبعا لما ذكر فقد نصت المادتين 77 و 78 من النظام بأن يكون للمحكمة الجنائية الدولية أن توقع على الشخص المدان بارتكاب جريمة في إطار المادة 5 من هذا النظام الأساسي إحدى العقوبات الآتية :

أ – السجن لعدد محدد من السنوات لفترة أقصاها 30 سنة .

ب – السجن المؤبد حينما تكون هذه العقوبة مبررة بالخطورة البالغة للجريمة وبالظروف الخاصة للشخص المدان . وبالإضافة للسجن للمحكمة أن تأمر بما يلي :

أ – فرض غرامة بموجب المعايير المنصوص عليها في القواعد الإجرائية وقواعد الإثبات .

ب – مصادرة العائدات والممتلكات والأصول المتأتية بصورة مباشرة وغير مباشرة من تلك الجريمة دون المساس بحقوق الأطراف الثالثة الحسنة النية .

وتراعي المحكمة عند تقرير العقوبة عوامل مثل خطورة الجريمة والظروف الخاصة للشخص المدان وذلك وفقا للقواعد الإجرائية وقواعد الإثبات .

ويلاحظ أن المحكمة ج . د . مخولة لمصادرة العائدات والممتلكات المتأتية بصورة غير مباشرة من تلك الجريمة الأمر الذي لا نجد له مثيلا في المصادرة المنصوص عليها في القانون الجنائي المغربي الذي يسمح بالمصادرة للأشياء المتحصلة من الجريمة أي المتحصلة بكيفية مباشرة ( الفصل 43 ج )…

******

11

8 – عدم الإفلات من العقاب بالنسبة لمرتكبي الجرائم المنصوص عليها في النظام الأساسي كيفما علا مركزهم ومسؤوليتهم في هرم الدولة على خلاف ما هو منصوص عليه في النظام الجزائي المغربي كما أشرنا إلى ذلك أعلاه وهكذا وعلى وجه المثال :

* فإن الجرائم المنصوص عليها في النظام الأساسي للمحكمة ج . د لا تتقادم ( المادة 29 ) ، بينما تتقادم في القوانين الوطنية ومنها القانون الجنائي المغربي ( المادتان 49 ج و 648 م . ج ) .

* طبقا للمادتين 27 و 28 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فإنه لا يعتد بالصفة الرسمية وقادة ورؤساء الدول غير معفيين من المسؤولية الجنائية وبالتالي من العقاب فيما قد يرتكبونه من جرائم منصوص عليها في هذا النظام . وتبعا لما ذكر فقد نصت المادة 27 من النظام :

1 – على أن يطبق هذا النظام الأساسي على جميع الأشخاص بصورة متساوية دون أي تمييز بسبب الصفة الرسمية وبوجه خاص فإن الصفة الرسمية للشخص سواء كان رئيسا للدولة أو حكومة أو عضوا في الحكومة أو برلمان أو ممثلا منتخبا أو موظفا حكوميا ، لا تعفيه بأي حال من الأحوال من المسؤولية الجنائية بموجب هذا النظام الأساسي . كما لا تشكل في حد ذاتها سببا لتخفيف العقوبة .

2 – ولا تحول الحصانات أو القواعد الإجرائية الخاصة التي ترتبط بالصفة الرسمية للشخص ، سواء كانت في إطار القانون الوطني أو الدولي دون ممارسة المحكمة اختصاصها على هذا الشخص .

وقد جاء في المادة 28 من النظام ، فيما يتعلق بمسؤولية القادة والرؤساء الآخرين …، فإنه يكون القائد العسكري أو الشخص القائم فعلا بأعمال القائد العسكري مسؤولا مسؤولية جنائية عن الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة والمرتكبة من جانب قوات تخضع لأمره وسيطرته الفعليتين حسب الحالة نتيجة لعدم ممارسة القائد العسكري ، أو الشخص القائم مقامه ، سيطرته على هذه القوات ممارسة سليمة …

إن مقتضيات المادتين 27 و 28 من النظام كانت من بين الأسباب التي دفعت العديد من الدول ومنها المغرب لعدم المصادقة أو الانضمام إلى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية خصوصا وأن قوانينها تنطوي على الكثير من مقتضيات القوانين التي تسهل الإفلات من العقاب وتضع العديد من العراقيل ، القانونية بالإضافة إلى العراقيل العملية التي تحول دون الوصول إلى مساءلة قادة النظام وأعوانه الأساسيين في تنفيذ توجيهاته وخططه وبرامجه بما في ذلك برامج وخطط تصفية المعارضين السياسيين بوسائل متعددة منها تلك التي يجرمها النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية .

******

12

العراقيل القانونية والعملية التي تحول دون قيام المحكمة الجنائية الدولية بمهامها على الوجه الأكمل :

لقد تمت الموافقة على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بمؤتمر روما الدبلوماسي في 17 يوليوز من سنة 1998 ، ونصت المادة 126 منه على أن نفاذه يبدأ في اليوم الأول من الشهر الذي يعقب اليوم الستين من تاريخ إيداع الصك الستين للتصديق أو القبول أو الموافقة أو الانضمام لدى الأمين العام للأمم المتحدة .

وبالفعل دخل النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية حيز النفاذ في اليوم الأول من شهر يوليوز لسنة 2002 .

ولغاية 12 ماي 2005 بلغ عدد الدول المصدقة على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية 99 دولة موزعة على إفريقيا ( 27 دولة ) ، وعلى أروبا الغربية ( 25 دولة) وعلى أروبا الشرقية ( 15 دولة ) ، وعلى دول أمريكا اللاتينية والكرايبي ( 20 دولة ) ، وعلى دول آسيا ( 12 دولة ) ، ولم يصادق على النظام الأساسي من الدول العربية سوى دولة الأردن ، كما أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ، وهما أكبر دولتين إرهابيتين في العالم لم يصادقا على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية . هذا وقد سبق لمنظمة العفو الدولية أن نشرت عبر الانترنيت لائحة لدول وقعت مع الولايات المتحدة الأمريكية اتفاقا التزمت بمقتضاه عدم تسليم رعايا هذه الأخيرة المنسوب إليهم ارتكاب جرائم معينة تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية تسليمهم لهذه الأخيرة . ومن بين هذه الدول إسرائيل والمغرب ومصر وتونس …

ومن بين العراقيل القانونية التي يشتمل عليها النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية التي تحول دون المتابعة والمحاكمة أمامها لمرتكبي الجرائم المختصة بها وبالتالي تساهم في الإفلات من العقاب ما يلي :

فالمحكمة الجنائية الدولية لا تنظر في الجرائم المختصة بها في الأحوال الآتية :

1 - الجرائم المرتكبة قبل نفاذ النظام الأساسي للمحكمة ( المادة 11 / 1 ) .

2 – الجرائم المرتكبة في دولة ليست طرفا في النظام الأساسي للمحكمة ، ( م . 11 / 2 ) .

3 – لا يجوز البدء أو المضي في تحقيق أو مقاضاة بموجب هذا النظام الأساسي لمدة اثني عشر شهرا بناء على طلب من مجلس الأمن إلى المحكمة بهذا المعنى يتضمنه قرار يصدر عن المجلس بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ؛ ويجوز للمجلس تجديد هذا الطلب بالشروط ذاتها ( م . 16 ) .

4 – حسب المادة 17 من النظام الأساسي فإن المحكمة تقرر عدم قبول الدعوى في الأحوال الآتية :

أ - إذا كانت تجري التحقيق أو المقاضاة في الدعوى دولة لها ولاية عليها ، ما لم تكن الدولة حقا غير راغبة في الاضطلاع بالتحقيق أو المقاضاة أو غير قادرة على ذلك .

ب – إذا كانت أجرت التحقيق في الدعوى دولة لها ولاية عليها وقررت الدولة عدم مقاضاة الشخص المعني ،

******

13

ما لم يكن القرار ناتجا عن عدم رغبة الدولة أو عدم قدرتها حقا على المقاضاة .

ج – إذا كان الشخص المعني قد سبق أن حوكم على السلوك موضوع الشكوى ، ولا يكون من الجائز للمحكمة إجراء محاكمة طبقا للفقرة 3 من المادة 20 .

د – إذا لم تكن الدعوى على درجة كافية من الخطورة تبرر اتخاذ المحكمة إجراء آخر .

وهناك عراقيل واقعية تضعف إمكانية المحكمة الاضطلاع بمهامها واختصاصاتها على الوجه الأكمل ، وتتجلى هذه العراقيل في ضآلة الوسائل البشرية والمادية التي من شأنها تمكين المحكمة من تنفيذ إجراءاتها وقراراتها وأحكامها على الوجه الأكمل … هذا وأن مختلف المعوقات والنقائص التي لا زالت تعرفها المحكمة الجنائية الدولية ، سواء على المستوى القانوني أو على المستوى المادي ، هي التي دفعت مختلف القوى الحقوقية والديموقراطية في العالم إلى تشكيل ما يسمى " بالائتلاف الدولي من أجل المحكمة الجنائية الدولية به ؟ ؟ ويرمي هذا الائتلاف إلى العمل من أجل تحقيق غايتين أساسيتين :

الأولى : الضغط على الحكومات التي لم تصدق أو تنضم إلى النظام الأساسي للمحكمة وذلك من أجل القيام بذلك .

الثاني : إزالة جميع العراقيل القانونية والمادية التي تحول دون المحكمة والقيام بمهامها على الوجه الأكمل وفي مقدمتها تلك التي تساهم في الإفلات من العقاب .

وقد تشكل مؤخرا بالمغرب فرع الائتلاف الدولي أطلق على نفسه الائتلاف المغربي من أجل المحكمة الجنائية الدولية " أجهزة المحكمة الجنائية الدولية :

تتكون المحكمة من الأجهزة الآتية :

أ – هيئة الرئاسة .

ب – شعبة تمهيدية وشعبة ابتدائية وشعبة استئناف .

ج – مكتب المدعي العام .

د – قلم المحكمة ( أي كتابة الضبط ) .

الرباط في 24 ماي 2005

النقيب عبد الرحمن بن عمرو

 


تعليقات