القائمة الرئيسية

الصفحات



الأحكام الناظمة لشؤون القضاة

 


 

الأحكام الناظمة لشؤون القضاة


تمهيد :

 

تتوزع الأحكام الناظمة لشؤون القضاة المهنية والوظيفية ، كالتعيين وأسلوبه وشروطه ، والنقل ، والندب ، والحصانة ، والإحالة إلى التقاعد ، والتفتيش ، والمساءلة ، وتحديد الواجبات الملقاة على عاتقهم أو الحقوق التي يستفادون منها  ، بين  قوانين متعددة وتشريعات متنوعة . أولها : قانون السلطة القضائية رقم /98/ لعام 1961 ، والذي يعتبر القانون العام الناظم لكل ما يتعلق بالشأن الوظيفي للقضاة . وثانيها : قانون الموظفين الأساسي رقم /135/ لعام 1945 وتعديلاته الطارئة عليه . ويخضع القضاة لهذا القانون في كل مسألة لم يرد في قانون السلطة القضائية نص بشأنها ، ومن أهم هذه المسائل هي طريقة تعيين القضاة بأسلوب المسابقة حيث لم يرد في قانون السلطة القضائية نص يبين كيفية تنظيم المسابقة من حيث إجراءاتها وشروطها لذلك تطبق عليها الأحكام الناظمة للمسابقة الواردة في قانون الموظفين الأساسي . وثالث هذه القوانين القانون الأساسي للعاملين في الدولة ، حيث تطبق على القضاة أحكام المادة /25/ من هذا القانون والمتعلقة بموضوع الترفيع ، وذلك تطبيقاً للمرسوم التشريعي رقم /30/ لعام 2001 المعدل لأحكام ترفيع القضاة الواردة في قانون السلطة القضائية. وأخيراً هناك مجموعة كبيرة من المراسيم التشريعية تتعلق بتنظيم الشأن الوظيفي للقضاة إلا أنه لا سبيل إلى حصرها في هذا المكان .

وقبل أن نباشر بدراسة الأحكام الناظمة لشؤون القضاة ، نرى من الضروري أن نذكر الملاحظتين التاليتين : الأولى - إن تعدد القوانين التي يخضع لها القضاة في تنظيم شؤونهم الوظيفية يؤدي إلى الخلل والتناقض في فهمها وتفسيرها وامتناع تطبيقها على نحو سليم .

والثانية – يلاحظ اتجاه المشرع إلى عدم التمييز بين منصب القضاء من جهة وبين الوظيفة العامة من جهة أخرى . ويستخلص ذلك من تماثل الأحكام الناظمة لشؤون الموظفين مع الكثير من الأحكام الناظمة لشؤون القضاة ، ومن الميل الواضح للمشرع السوري نحو إخضاع القضاة لأنظمة الوظيفة العامة دون الأخذ بعين الاعتبار الطبيعة الخاصة التي يتمتع بها منصب القضاء .

وسوف ندرس فيما يلي أهم الأحكام الناظمة لشؤون القضاة .

  

أولاً - الحقوق المالية للقاضي

 

1) - الأجر أو المرتب:

 

الأجر هو المبلغ الشهري المقطوع الذي يستحقه القاضي لقاء قيامه بالعمل الموكول إليه . وتنص المادة /100/ من قانون السلطة القضائية على أنه : " يتقاضى القضاة المرتبات المبينة في الجدول (ب) الملحق".

وقد استبدل هذا الجدول , بجدول تعادل الموظفين الملحق بالمرسوم التشريعي رقم /167/ لعام 1963 , الصادر بموجب المرسوم /1623/ تاريخ 10/12/1963 , والمعدل بموجب المرسوم التشريعي رقم /298/ تاريخ 2/12/1969 , والمرسوم التشريعي /214/ تاريخ 31/12/1970, والمرسوم التشريعي رقم /44/ تاريخ 18/7/1974.

وبعد ذلك , طرأت عدة زيادات على رواتب القضاة , كان آخرها الزيادة المقررة بموجب المرسوم التشريعي رقم /36/ تاريخ 26 /8/2000 , والزيادة المقررة بموجب المرسوم التشريعي رقم /30/ تاريخ 1/5/2004 . وقد جاءت هذه الزيادات على الراتب ضمن سياسة جديدة للحكومة السورية تهدف إلى تحسين الأوضاع المادية والحياتية للعاملين في الدولة بما فيهم القضاة .

 

لمحة تاريخية عن مرتب القضاة:

 

كانت العلاقة بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية إحدى معارك القرن السابع عشر الدستورية المهمة ، وكان القضاة في محاكم القانون العام كما هم عليه الآن يسمون قضاة الملك . وكانت المسألة محل الخلاف هي هل يبقى القضاة في الوظيفة على حسب ما يهوى الملك يفصلهم كلما جرى قضاؤهم على غير ما يحب؟ أم أنهم بمجرد تعيينهم يجب عليهم إصدار أحكامهم طبقًا للقانون من غير التفات إلى سياسة السلطة التنفيذية ؟ وقد حل الخلاف القائم بين نظرية ببكون ونظرية كوك باتفاقية الثورة منذ مارس سنة 1689 وكانت أوراق تعيين القاضي تنص على أن يبقى في الوظيفة ما دام (سلوكه حسنًا) وليس    (بحسب ما تهوى السلطة التنفيذية) مشيرة بذلك إلى ما كان العمل جاريًا عليه في السنين الوسطى للقرن المذكور . ولكن رجال السياسة في ذلك الحين لم يقنعوا بالسلوك فقط وخشوا أنه عندما يتولى الملوك الهانوفارين العرش أن يعيدوا سيرة الملوك السابقين ( ستيوارت ) ، ولذلك بعد أن استقر الحكم للملكة صوفيا وورثتها نصوا على أن تحوي وثيقة التعيين أن القاضي يبقى في الوظيفة (ما دام يؤدي عمله بالاستقامة) وقد استمرت هذه الصيغة مستعملة من ذلك الحين . ولم يكتفِ هؤلاء الساسة بصيغة التعيين بل وجدوا وتيقنوا أنه للوصول إلى استقلال القضاء والإبقاء والمحافظة عليه أن يضمن القاضي لنفسه بقوة القانون مرتبًا كافيًا لا يتعرض لأهواء الملوكية أو البرلمان وعلى ذلك كانت صيغة الاتفاق ( وأن مرتباتهم محددة ثابتة ) ، ومن غرائب الصدف أنه عند ما تولى جورج الأول الحكم أهملت هذه الصيغة الأخيرة ومضت عدة سنين قبل أن تتحدد مرتبات القضاة وتثبت وقبل أن تأمن عواصف تقلبات السياسة والتغيير وكانت المرتبات تدفع جزءًا من ماهيات المدنيين وجزءًا من بعض رسوم القضايا المقررة بمعرفة البرلمان في القرن الثامن عشر وجزءًا من التبرعات . وصدر بين سنة 1759 وسنة 1830 عدة قرارات كانت كلها ترمي إلى زيادة المرتبات والتدرج في البعد عن الاحتياج إلى تعليق المرتبات على الرسوم أو على الأرباح الناتجة من بيع الوظائف إلخ ، وأخيرًا وصل الأمر في سنة 1825 إلى ما يعتبر مبدأ للنهاية فقد وصل مرتب قاضي القضاة في إنجلترا إلى عشرة آلاف جنيه في السنة ومن يليه في المرتبة ثمانية آلاف ثم سبعة آلاف ورؤساء المحاكم الابتدائية خمسة آلاف وخمسمائة وتقررت لهم المعاشات منذ سنة 1799 ويرتفع المعاش بنسبة ما يرقى إليه المرتب . ولكن منذ ذلك التاريخ حدثت جملة تغييرات كلها ضد مصلحة القضاة ففي سنة 1832 أنقص مرتب رئيس المحكمة إلى 5000 ج ، وفي نفس السنة بالاتفاق مع قاضي القضاة نزل مرتبه إلى ثمانية آلاف وهكذا بالنسبة لباقي الدرجات وفي سنة 1851 أنزلت بعض المرتبات ولم يكن هذا كل التغيير ففي سنة 1880 ألغيت بعض الوظائف الكبرى وأصبح القاضي الآن يتناول أو مفروضًا أنه يتناول 5000 ج في السنة وهو المرتب الذي تحدد منذ 116 سنة وهو أقل 500 ج مما كان عليه الحال في سنة 1825 وهو الذي كان مفروضًا فيه في ذلك الوقت أنه مرتب مناسب . وقد وقعت حوادث كثيرة منذ تلك الأزمان كلها على حساب القضاة أثرت على المراكز تأثيرًا حيويًا . ففي نهاية الربع الأول من القرن التاسع عشر كانت الضرائب المباشرة مهملة والآن فإن القاضي الذي يتناول مرتبًا قدره 5000 ج ، وليس له ادخار خاص تفرض عليه ضريبة دخل وضريبة الضريبة مبلغ 2543 ج (مع الفرض أنه متزوج) ، ويكون صافي دخله 2457 ج فإذا فرض أنه عند تعيينه كان له دخل من ادخاره أيام المحاماة أو له ملك وراثي 2000 ج مثلاً فإن الضريبة ترتفع إلى مبلغ 2957 ج . وهذا البيان لا يصور مضايقات الوظيفة تصويرًا صحيحًا فإن أغلب القضاة يصلون إلى مراكزهم بعد شهرتهم في المحاماة ووصولهم إلى القمة وكانوا يدفعون إلى الخزينة على الأقل ما يوازي مرتب القاضي فيجدون أنفسهم في السنين الأولى بغير مرتب تقريبًا وبعضهم يجد في السنتين الأولتين أن مرتبه ضاع أمام مطالب رجال الضرائب عن السنين الأخيرة للمحاماة . فالمقارنة بين الآن وبين مائة سنة مضت لا تقف عند هذا الحد فإن أتعاب المحاماة ازدادت في العهود الأخيرة جدًا والناس لا يكشفون دخلهم في الأحاديث الخاصة ولكن المعلومات العادية العامة تدل على أن المحامي الذي يصل إلى القضاء تصيبه خسارة جسيمة جدًا في دخله . قد يقال إن ليس في هذا ظلم لأنه لا يمكن تعيين أي محامٍ قاضيًا على غير رغبته وهذا صحيح ولكن هل في هذا مصلحة عامة ؟ مركز القاضي على كل حال مركز مقبول ومرغوب فيه فعنده إجازات طويلة وله جاه واحترام الجميع . ولكن العمل مضنٍ جدًا يقع حمله على الذاكرة والبحث وعلى الخلق والقوة الجسمانية.           إن القضاة كما ينص على ذلك اليمين الذي أدوه يحكمون بالعدل لكل الناس بلا خوف ولا تحيز ولا ميل ولا سوء نية . ولأجل المحافظة على هذه العظمة تكون في أشد الحاجة إلى رجال المحاماة الذين اتصفوا بالعلم والذكاء والخُلق القويم : ولا يمكن أن تتحمل أوساط القضاة أن الرجال اللائقين للوظيفة يرفضون قبولها بسبب أنها لا يمكن أن تقيم أودهم . وكذلك ليس من حسن السياسة والكياسة أن يترك الذين قبلوها (وأغلبهم مع التضحية بأنفسهم) عرضة للمتاعب والمشغولية بسبب المسألة المالية.

 

2) - التعويضات :

 

1-   تعويض المكتبة :

بناء على المرسوم التشريعي رقم /98/ الصادر بتاريخ 22/8/1966 , والتعديلات الطارئة عليه بموجب المرسوم التشريعي رقم /71/ تاريخ 2/10/1975 , والقانون رقم /55/ تاريخ 17/12/1977, يخصص لكل من قضاة الحكم والنيابة الخاضعين لقانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /98/ تاريخ 15/11/1961 وتعديلاته وكذلك لكل من قضاة مجلس الدولة ومحامي الدولة في إدارة قضايا الدولة , تعويض مكتبة مقطوع قدره/1000 / ل.س شهرياً غير خاضع للحدود القصوى للتعويضات المنصوص عليها بالمرسوم التشريعي رقم /167/ تاريخ 21/9/1963 وتعديلاته".

2- التعويض القضائي :

بموجب المرسوم التشريعي رقم /16/ الصادر بتاريخ 14/2/1980, يخصص لكل من قضاة المحكمة الدستورية العليا, وقضاة الحكم والنيابة الخاضعين لقانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم /98/ تاريخ 15/11/1961 وتعديلاته وكذلك لكل من قضاة مجلس الدولة ومحامي إدارة قضايا الدولة , ما داموا قائمين على رأس عملهم في المحاكم والدوائر القضائية وإدارات وزارة العدل , والقضاة العسكريين المتفرغين ما داموا يمارسون عملهم القضائي فعلاً , والقضاة العقاريون المعينون وفق القانون /89/  لعام 1958 ما داموا قائمين على عملهم القضائي , تعويضاً شهرياً مقداره 75% من الراتب الشهري المقطوع النافذ في ظل المرسوم التشريعي رقم /44/ تاريخ 18/7/1974 , يسمى التعويض القضائي وذلك إضافة إلى تعويض المكتبة المخصص لهم.

ويعتبر التعويض القضائي جزءاً متمماً من الراتب , ولا يدخل في حساب المعاش التقاعدي , أو حساب كافة التعويضات الأخرى, أو ما في حكمها مهما كانت صفتها أو تسميتها .

وبتاريخ 5/8/1991 صدر المرسوم التشريعي رقم /7/ ونص على أنه: يمنح التعويض القضائي المنصوص عليه في المرسوم التشريعي رقم/16/ لعام 1980 للمستفيدين منه على أساس الراتب والأجر الشهري المقطوع النافذ بتاريخ صدور هذا المرسوم التشريعي. 

 

3- الصندوق المشترك :

بتاريخ 16/1/2002 صدر المرسوم التشريعي رقم /3/ و الذي قضى بأن : يحدث صندوق مشترك لقضاة وزارة العدل ومجلس الدولة ومحامي الدولة في إدارة قضايا الدولة.وتتألف موارد الصندوق من المعونات والهبات التي تقدمها الدولة ومؤسساتها,ولصيقة قضائية بقيمة /50/ ل.س , ويحدد بقرار من وزير العدل شكل اللصيقة القضائية ومواصفاتها ومكان لصقها على الوثائق والأوراق التي تقدم إلى القضاء العادي والإداري , وكيفية الإشراف على الصندوق إدارياً ومالياً وتوزيع وارداته على القضاة ومحامي الدولة .

 

 

 

 

ثانياً - ترفيع القضاة

 

الأحكام الملغاة لترفيع القضاة:

 

كانت المواد (96-99) الملغاة من قانون السلطة القضائية تنص على أنه : يستفيد القضاة من أحكام الترفيع المبينة فيما يلي:

يتولى مجلس القضاء الأعلى وضع جدول ترفيع القضاة . حيث ينظم مجلس القضاء الأعلى جدولاً يبين فيه أسماء من يستحق الترفيع من القضاة المبينين في الفئات 4 و5 و6 و7 و8 ويبلغه إلى القضاة خلال النصف الأول من شهر حزيران من كل عام . ولكل قاض لم يرد اسمه في هذه الجداول أن يقدم اعتراضه إلى مجلس القضاء الأعلى خلال النصف الثاني من هذا الشهر . ويفصل مجلس القضاء الأعلى في هذه الاعتراضات خلال النصف الأول من شهر تموز بقرار قطعي لا يقبل أي طريق من طرق الطعن . ويحق للمجلس استطلاع رأي رؤساء كل منطقة قضائية بشأن القضاة العاملين . وينشر وزير العدل جداول الترفيع النهائية حسب الدرجات القضائية للقضاة في الجريدة الرسمية خلال النصف الثاني من شهر تموز.

يجري الترفيع بإعطاء القاضي العلاوة المقررة قانوناً شريطة عدم تجاوز الحد الأعلى للراتب المقرر لفئته ، باستثناء قضاة الفئتين السادسة والسابعة الذين يحق لهم عند وصولهم أو تجاوزهم الحد الأعلى لمربوطهم تقاضي العلاوة المقررة للفئة الأعلى.

يستثنى من القيد في جدول الترفيع قضاة الفئتين الثانية والثالثة.

يتوقف التعيين من فئة إلى فئة أعلى على وجود شاغر.

يعطى القاضي الذي يعين إلى فئة أعلى من فئته علاوة واحدة من علاوات الفئة المعين إليها . وإذا كان هذا التعيين إلى فئة ذات مربوط ثابت تكون العلاوة 1200 ليرة . وكل ذلك مع احتفاظه بقدمه السابق للترفيع.

    المرسوم التشريعي رقم 30 للعام2001 القاضي

بتعديل أحكام ترفيع قضاة الحكم والنيابة العامة

 

ينص هذا المرسوم على أنه :

" مع مراعاة أحكام قانون السلطة القضائية رقم 98 تاريخ 15/11/1961 وتعديلاته وقانون مجلس الدولة رقم 55 لعام1959 وتعديلاته وقانون إدارة قضايا الدولة رقم 55 لعام 1977 وتعديلاته تطبق أحكام المادة 25 من القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم/1/ لعام 1985 وتعديلاته في ترفيع كل من قضاة الحكم والنيابة العامة الخاضعين لقانون السلطة القضائية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم/98/ تاريخ 15/11/1961/ وتعديلاته وقضاة مجلس الدولة ومحامى إدارة قضايا الدولة.

وتعتبر المادة/174/ من القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم/1/ لعام/1985/ معدلة بما يتفق وأحكام الفقرة/ أ/ من هذه المادة.

تقدر كفاءة المشمولين بالمادة الأولى من هذا المرسوم التشريعي بمنح العلاوة كل سنتين مرة وفق ما هو وارد في قانون السلطة

القضائية وقانون مجلس الدولة وقانون إدارة قضايا الدولة ".

ويؤخذ على المرسوم التشريعي رقم /30/ المعدِّل لأحكام ترفيع القضاة ، أنه يقضي بإخضاع القضاة لنفس أحكام الترفيع التي يخضع لها الموظفون العامون والمنصوص عليها في المادة /25/ من القانون الأساسي للعاملين في الدولة رقم /1/ لعام 1985. مما يؤكد رأينا بأن السلطة التنفيذية لا تميز بين منصب القضاء وبين الوظيفة العامة وأنها تنظر إلى القضاة باعتبارهم مجرد موظفين عامين لديها . وأياً كانت الفائدة المادية التي قد يحظى بها القضاة نتيجة هذا المرسوم التشريعي ، فإننا نعتقد أن الضرر المعنوي الذي يلحقهم منه بسبب حرمانهم من الطبيعة الخاصة لمنصبهم وما تتطلبه من تفرد واستقلال ، يوجب علينا أن لا نتغاضى عنه بسبب تلك الفائدة ، لأن تحسين الوضع المادي للقضاة يجب أن لا يتم على حساب استقلالهم وحيادهم.

 

 

ثالثاً - ندب القضاة

 

أما فيما يتعلق بانتداب القضاة فقد نصت المادة /117/ من قانون السلطة القضائية السوري على ما يلي : لا يجوز انتداب القضاة إلا في الأحوال التالية :

1 ـ إذا فقد النصاب أو خلت إحدى المحاكم أو إحدى دوائر النيابة العامة أو التحقيق أو التنفيذ من قاضيها لسبب من الأسباب وليس هناك من ينوب عنه فلمحكمة استئناف المنطقة بناءً على اقتراح النيابة العامة لديها أن تنتدب أحد القضاة لإكمال النصاب وفي حال تعدد الدوائر الاستئنافية يصدر قرار الانتداب عن الغرفة الأولى.

2 ـ انتداب قضاة الحكم إلى خارج منطقتهم الاستئنافية أو من أجل إكمال النصاب في محكمة النقض يكون بقرار من رئيس مجلس القضاء الأعلى . وانتداب قضاة النيابة العامة في مثل هذه الحالة يكون بقرار من وزير العدل.

3 ـ يجوز انتداب قضاة الشرع المجازين في الحقوق للقيام بأعمال المحاكم والدوائر القضائية.

4 ـ في المناطق والنواحي التي خلت محاكمها من قضاتها لأي سبب من الأسباب يقوم بوظائف هذه المحاكم قضاة الشرع المجازون في الحقوق كل في منطقة قضائه.

5 ـ في المناطق والنواحي التي ليس فيها محاكم شرعية يقوم بوظائف هذه المحاكم قضاة الصلح الذي يجوز لهم تولي القضاء الشرعي كل في منطقة قضائه.

6 ـ يجوز لمجلس القضاء الأعلى عند تكاثر الأعمال في إحدى المحاكم أو دوائر التحقيق أن يعهد إلى بعض قضاة المنطقة الاستئنافية بقسم من أعمالها.

7 ـ يشترط في الانتداب أن يكون القاضي المنتدب من درجة الوظيفة التي ينتدب إليها أو من الفئة التي دونها ولا يجوز انتدابه لوظيفة أدنى من فئته .

8 ـ لا يجوز أن يمتد الانتداب من بلد إلى آخر أكثر من ثلاثة أشهر في السنة الواحدة باستثناء المتمرنين.

9 ـ يعطى القضاة المنتدبون تعويض الانتقال وأجور النقل وفقاً للقوانين النافذة.

10 ـ يجوز لرئيس مجلس القضاء الأعلى ندب القضاة إلى مجلس الدولة بناءً على طلب رئيس مجلس الدولة".

كما يجوز بموجب المادة /79/ من نفس القانون : " ندب قضاة الحكم والنيابة لأعمال أخرى قضائية أو فنية أو إدارية غير عملهم ، أو بالإضافة إلى عملهم بقرار من وزير العدل . وإذا كان القاضي المنتدب من قضاة الحكم وجب أخذ موافقة مجلس القضاء الأعلى الذي يتولى وحده تحديد التعويض الذي يستحقه القاضي عن هذه الأعمال ".

وعلى الرغم من أن الندب يمثل ضرورة تفرضها المقتضيات العملية اللازمة لسيرورة العمل القضائي في بعض الأحوال . إلا أنه في ذات الوقت يشكل سلاحاً خطيراً يمكن استخدامه للتأثير على القضاة والحيلولة دون قيامهم بمهام عملهم بنزاهة وحياد ، ولاسيما إذا كان الندب من صلاحيات السلطة التنفيذية كما هو الحال في التشريع السوري . ولا يخفى ما تنطوي عليه المادة /79/ من قانون السلطة القضائية ، من خطر داهم على استقلال القضاء وحياده ، لأنها تمنح وزير العدل وهو من أعضاء السلطة التنفيذية سلطة واسعة في ندب القضاة إلى أعمال قضائية أو فنية أو إدارية غير عملهم مع غياب أي ضمانات تحول بين وزير العدل وبين إساءة استعمال هذه السلطة الممنوحة له.

 

 

رابعاً - الحصانة القضائية

 

- تعريف الحصانة :

تعرف الحصانة بأنها :

 " صيانة القاضي من العزل والنقل , حفاظاً على استقلاله وحياده ".

ويثير هذا التعريف الملاحظات التالية :

1- الحصانة ليست حقاً شخصياً للقاضي , ولا امتيازاً مقرراً له. وإنما هي ضمانة تستلزمها طبيعة العمل القضائي , وما يفترض به من عوامل الاستقلال والحياد والنزاهة . فالحصانة هي لحماية منصب القضاء , وليس لحماية شخص القاضي . يترتب على ذلك , أن القاضي الذي يخلُّ بواجبات منصبه القانونية أو الأخلاقية , ويحيد بسلوكه عن قيم النزاهة والحياد , يجب ألاَّ يستفيد من الضمانات القانونية التي تنطوي عليها هذه الحصانة , لأنه بإخلاله بواجبات منصبه يكون قد فقد الشرط اللازم للاستفادة من ضمانات الحصانة. وينبغي بالتالي حرمانه من ميزات هذه الحصانة , وملاحقته قانونياً, باتخاذ الإجراءات التأديبية أو الجزائية بمواجهته .

2- الغاية الأساسية من الحصانة هي تأمين استقلال القضاة تجاه السلطة التنفيذية . وبالتالي فإنَّ الحصانة ضرورية لحسن سير العدالة , خصوصاً , في ظلِّ الأنظمة التي تتولى فيها السلطة التنفيذية تعيين القضاة وعزلهم .

 

   - أنواع الحصانة :

 

1-   الحصانة من العزل:

والمقصود بالعزل هو : الصرف من الخدمة . ويتمتع جميع القضاة من, حكم ونيابة , بالحصانة من العزل (م92/1) باستثناء القضاة الذين لم يمض على تعيينهم في القضاء ثلاث سنوات (م93/1) . حيث اعتبرت هذه المدة , مدة تدريب للقاضي , فإن أثبت خلالها كفاءته العلمية والخلقية قرر مجلس القضاء الأعلى تثبيته وألا  قرر صرفه من الخدمة .

وتجدر الإشارة إلى إن حصانة القاضي من العزل لا تعني عدم قابلية صرفه من الخدمة على الإطلاق ، إذ يمكن أن يتم ذلك في بعض الحالات بناءً على قرار صادر من مجلس القضاء الأعلى بوصفه مجلساً لتأديب القضاة . فإذا ارتكب القاضي أعمالاً من شأنها أن تسيء إلى سمعة القضاء وتشين مسلكه , ففي هذه الحالة يمكن إيقاع عقوبة العزل بحق القاضي الذي أثبت عجزاً أخلاقياً , ويصدر القرار عن مجلس القضاء الأعلى بالأكثرية .

 

2-   الحصانة من النقل :

 

والمقصود بالنقل هو : النقل من بلد إلى آخر , أو من وظيفة محددة في مرسوم التعيين إلى وظيفة أخرى .

وخلافاً للحصانة من العزل التي يتمتع بها جميع القضاة , فإن المشرع استثنى من الاستفادة من أحكام الحصانة من النقل , فئات عديدة من القضاة , وهم :

قضاة النيابة العامة حيث يتم نقلهم بمرسوم يصدر بناء على اقتراح

وزير العدل . وقضاة الحكم الذين لم يمض على تعيينهم في القضاء ثلاث سنوات . والقضاة الذين طلبوا النقل خطياً . وقضاة الحكم الذين أمضوا ثلاث سنوات فأكثر في الوظيفة المحددة في مرسوم تعيينهم ، عندما تقضي الضرورة بنقلهم . والقضاة الذين ينقلون ترفيعاً من فئة إلى فئة أخرى . والقضاة المحكوم عليهم من قبل مجلس القضاء الأعلى بعقوبة أشد من عقوبة قطع الراتب. ومعاونو القضاة الابتدائيين والشرع والتحقيق (م93).

ولا يجوز نقل القاضي أو ندبه إلى وظيفة أدنى من فئته (م84) أو نقله إلى ملاك آخر في الدولة إلا بناء على طلبه , وموافقة مجلس القضاء الأعلى (م85 /1).

كما لا يجوز أن يجتمع في محكمة واحدة قضاة حكم أو قضاة نيابة عامة تربطهم ببعضهم مصاهرة أو قرابة من الدرجة الرابعة فما دون ، وإذا وقعت مصاهرة أثناء وجود القاضيين في محكمة واحدة فعلى أحد الفريقين أن يقدم طلبا بنقله وإلا ينقل الصهر (م88) أي أن الصهر هنا يفقد حصانة النقل بالنسبة لهذه الحالة فقط حتى ولو كان يتمتع بها في الأصل.

مما يعني أن حصانة النقل ترفع عن قضاة الحكم متى أريد ترقيتهم من فئة إلى أخرى (وليس من درجة إلى درجة ضمن المدينة) علماً أنه في التشريع السابق كان يشترط لجواز النقل في هذه الحالة موافقة القاضي الخطية . كما ترفع الحصانة عن القضاة الذين أمضوا ثلاث سنوات فأكثر في مراكزهم عندما تقضي الضرورة بنقلهم ، كما أنه يمكن نقل قضاة الحكم إلى ملاك النيابة العامة أو العكس بقرار يصدر عن وزير العدل بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى (م83) دونما حاجة لموافقة القاضي.

 

 

مخالفة أحكام الحصانة

 لمبادئ استقلال القضاء

 

يمكن تبين هذه المخالفة في النواحي التالية :

 

1- إن تشكيلة مجلس القضاء الأعلى , الذي يملك سلطة عزل القضاة ونقلهم , واحتوائه على أعضاء معظمهم من التابعين للسلطة التنفيذية , وكون وزير العدل , نائباً لرئيس مجلس القضاء الأعلى , والمهيمن الفعلي على مركز القرار في هذا المجلس . كل ذلك يعطي الدور الأكبر في عملية عزل القضاة ونقلهم للسلطة التنفيذية من خلال وزير العدل , مما يخل بمبدأ استقلال القضاء .

 

2- من خلال الاستثناءات التشريعية الواردة على حق القضاة في التمتع بضمانات الحصانة , أصبح بإمكان السلطة التنفيذية ممارسة الضغط والتأثير على أعضاء السلطة القضائية , وذلك بتسليط سيف العزل أو النقل في وجوههم إذا رفضوا الإذعان لتعليماتها أو توجيهاتها. وتأكيداً لذلك , وبتاريخ 29/5/1966 صدر المرسوم التشريعي رقم /40/ والذي قضى بتخويل مجلس الوزراء صلاحية صرف القضاة أو نقلهم إلى ملاك آخر , وقد ورد في المادة الأولى من هذا المرسوم , أنه:

" خلافاً لجميع الأحكام النافذة ولاسيما المادة /92/ من قانون السلطة القضائية, يجوز لمجلس الوزراء , لمدة أربع وعشرين ساعة , ولأسباب يعود تقديرها إليه,أن يقرر :

صرف القضاة من الخدمة .

نقلهم من ملاكهم إلى أي ملاك آخر .

لا يشترط في هذا القرار أن يكون معللاً أو أن يتضمن الأسباب التي دعت للصرف من الخدمة أو النقل .

ويسرح القاضي المقرر صرفه من الخدمة أو ينقل بمرسوم غير قابل لأي طريق من طرق المراجعة , ولا يختص مجلس الدولة أو الهيئة العامة لمحكمة النقض أو أي مرجع قضائي أو إداري آخر للنظر في الاعتراض أو الطعن بالمرسوم المذكور وتصفى حقوق المسرح وفقاً لأحكام التقاعد ".

وقبل ذلك كان قد صدر المرسوم التشريعي رقم /23/ تاريخ 14/2/1966 والذي قضى بتخويل وزير العدل لمدة ستة أشهر الاختصاصات الآتية: ب- نقل قضاة الحكم والنيابة في مختلف الفئات والدرجات " علماً أن وزير العدل في هذا التاريخ لم يكن قد أصبح بعد نائباً لرئيس المجلس القضائي الأعلى .

وعلى الرغم من أن هذه المراسيم , قد صدرت لمعالجة حالات خاصة واستثنائية , وكانت محددة بمدة زمنية قصيرة , إلاَّ أنها تشكل سابقة خطيرة , في استباحة السلطة التنفيذية لحرمة القضاء , والعبث بحصانته , وانتهاك قدسية استقلاله.

 

 

 

خامساً - التفتيش القضائي

 

- تشكيل إدارة التفتيش القضائي:

 

إدارة التفتيش مهمتها التفتيش على أعمال قضاة الحكم والنيابة والدوائر القضائية . وتتألف إدارة التفتيش من رئيس بدرجة رئيس غرفة استئنافية وستة مستشارين ، يجري ندبهم خلال شهر تموز من كل سنة بقرار من وزير العدل بناء على اقتراح مجلس القضاء الأعلى.وقضاة إدارة التفتيش مرتبطون بوزير العدل ورئيس مجلس القضاء الأعلى ومسئولون أمامهما عن سير الأعمال . ونذكر هنا بما قلناه سابقاً بأن ارتباط إدارة التفتيش القضائي بوزير العدل ومسؤوليتها أمامه ، تنتهك استقلال القضاء وتؤدي إلى تبعيته للسلطة التنفيذية.

 

- مهمتها:

 

تقوم إدارة التفتيش ، مع عدم الإخلال بأحكام الفصل الثالث من قانون السلطة القضائية ، بالتفتيش على أعمال مستشاري محاكم الاستئناف وقضاة محاكم البداية والصلح والشرعية وقضاة التحقيق والنيابة والدوائر القضائية،وذلك لجمع البيانات التي تؤدي إلى معرفة درجة كفايتهم ومدى حرصهم على أداء واجبات وظيفتهم وإعداد التقارير بذلك مع مراعاة ألا يكون المفتش لاحقاً في ترتيب الأقدمية لمن يجري التفتيش عليه إذا كانا من فئة واحدة . ويحصل التفتيش إما في (إدارة التفتيش) أو بالانتقال إلى المحاكم ودوائر النيابة والتحقيق . ويجوز إحداث مركز دائم للتفتيش في إحدى المحافظات بقرار من مجلس القضاء الأعلى.

ويتولى رئيس إدارة التفتيش في بدء كل سنة قضائية إعداد برنامج يحدد فيه لكل مفتش منطقة يقوم بتفتيشها مرتين في السنة على الأقل وذلك من النواحي المنصوص عليها في المادة 13 والبنود من (أ) إلى (ز) من المادة 14 من قانون السلطة القضائية ، بموافقة مجلس القضاء الأعلى.

أما ما يتعلق بتفتيش الأحكام والقرارات والإجراءات القضائية بعد الفصل في الدعوى ، فإن رئيس مجلس القضاء الأعلى يحدد القضاة الذين يجب تفتيش أعمالهم بصورة إفرادية أو جماعية. ويشمل التفتيش المنوه عنه ، القضايا بجميع أنواعها، ويجب أن تقدم تقارير التفتيش قبل مطلع حزيران من كل عام.

وكذلك تقوم إدارة التفتيش بجمع المعلومات والبيانات اللازمة عن المرشحين للوظائف القضائية ، من الخارج إذا طلب إليها وزير العدل أو رئيس مجلس القضاء الأعلى ذلك . وعلى التفتيش القضائي أن يقدم للوزير ولرئيس مجلس القضاء الأعلى ، ما يراه من اقتراحات عامة في شأن إدارة القضاء.

ونحن نعتقد أنه لا ينبغي أن تكون مهمة التفتيش ، هادفة إلى التنقيب

عن الأخطاء ، وإقامة الحجة عليها، والإجتهاد في إثبات الدليل فحسب ،

بل يجب أن يكون الهدف منها ، هو الإرشاد ، وإذكاء الثقة في النفس ، للرفع من مستوى الأداء القضائي . وذلك من خلال تشكيل لجنة تكون مهمتها إرشاد القضاة وغيرهم من العاملين في المجال القضائي لنهج أفضل السبل في أداء واجباتهم، وإثارة إنتباههم إلى الأخطاء والسلبيات التي قد تقع أثناء عملهم ، وإقتراح أسلوب معالجتها وسبل تجنبها .

 

تقارير التفتيش ومحتوياتها:

 

يضع المفتش تقريراً من قسمين يتضمن القسم الأول منه الملاحظات القضائية والإدارية التي ظهرت له ، ويتضمن القسم الثاني رأيه في درجة كفاية القاضي وعنايته بعمله.

ويجب أن يحوي القسم الأول من التقرير بياناً وافياً عن الأمور الآتية:

1- القضايا التي عرضت على القاضي في المدة التي حصل التفتيش عنها والقضايا التي فصل فيها في تلك المدة.

2- الملاحظات التي يراها في شأن تأجيل القضايا من جهة أسبابه ومداه وملاءمته.

3- مواعيد فتح الجلسات وإنهائها وكيفية توزيع القضايا على أيام الجلسات وما يراه من ملاحظات في هذا الشأن.

4- كيفية توزيع القضايا على أعضاء الدائرة وبيان ما إذا كان التوزيع يجري بالتساوي من حيث عدد القضايا وأهميتها.

5- إقامة القاضي في مقر محكمته أو في غيره وفقاً للقانون.

6- دوام القاضي على عمله.

7- الملاحظات على سير الأعمال بالدواوين ودور المحفوظات والمستودعات ودرجة إشراف القاضي عليها.

8- يجب أن يشمل التقرير عدد القضايا التي راجعها المفتش وأن يذكر ملاحظاته بما وجده من أخطاء وأن ينوه دائماً بخير ما كتب القاضي من أحكام أو قرارات أو ما قام به من إجراءات أو ما قدمه من مطالبات أو طعون أو تحقيقات حسب الحال.

وتشكل لجنة من رئيس التفتيش واثنين على الأقل من المفتشين لفحص تقارير التفتيش،وتقدير درجة كفاية القاضي.

 

- تبليغ التقرير والاعتراض عليه:

 

يجب أن ترسل صورة من التقرير مشفوعة بتقدير اللجنة إلى القاضي بصورة مكتومة وبكتاب مسجل مع علم بالوصول ، للإطلاع عليه وإبداء اعتراضاته في شأنه خلال خمسة عشر يوماً تلي تاريخ وصوله إليه وإذا كان التقرير خاصاً بأحد مستشاري محكمة الاستئناف، أرسلت صورة منه إلى المستشار المفتش عمله كما ترسل صورة من الملاحظات القضائية إلى رئيس الغرفة الاستئنافية والمستشار الثاني، إذا رأى رئيس مجلس القضاء الأعلى لزوماً لذلك.

وإذا كان التفتيش جارياً بحق مستشار أو محام عام وتعذر تشكيل هذه اللجنة لأن أقدميته تسبق أقدمية المفتشين القضائيين ، ندب لإكمال نصاب اللجنة بقرار من وزير العدل عضو أو أكثر من رؤساء الغرف الاستئنافية أو مستشاري محكمة النقض أو المحامين العامين الأولين ممن تكون أقدميتهم بعد أقدمية رئيس إدارة التفتيش القضائي.

وتقوم اللجنة المشار إليها سابقاً بفحص الاعتراض الذي يبديه القاضي وتقرر ما تراه بشأنه ، ويودع الاعتراض ورأي اللجنة فيه ملف القاضي ويبلغ بذلك . وفي حال تعديل تقدير درجة كفاءة القاضي يؤشر على أصل تقرير التفتيش المعترض عليه وفي السجل السري.

ويكون لهذه اللجنة ، لدى فحص التقارير أو الاعتراض عليها، أن تقرر إجراء ما يلزم لاستيفاء عناصر التقدير أو إعادة التفتيش على القاضي.

ويكون تفاوت القضاة في كفاءاتهم بين الدرجات الآتية:

كفء ، فوق الوسط ، متوسط ، أقل من المتوسط.

 

- الشكاوى ضد القضاة:

 

يشترط في كل شكوى مقدمة ضد أحد من القضاة أن يبين فيها اسم مقدمها ومحل إقامته والوقائع المشكو منها ما لم تكن مشتملة على وقائع معينة يرى رئيس إدارة التفتيش أنها جديرة بالتحقيق أو مطلوب التحقيق فيها من قبل الوزارة أو رئاسة مجس القضاء الأعلى.

وجميع الشكاوى التي ترد لأية إدارة بالوزارة عن أمور متعلقة بالقضاة الجائز تفتيشهم ، تحال لإدارة التفتيش لفحصها مع مراعاة ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 15 البند (ب) من قانون السلطة القضائية ، ولرئيس إدارة التفتيش أن يحيل ما يراه من الشكاوى إلى أعلى قاضي حكم أو نيابة في المنطقة لاتخاذ ما يلزم بشأنها على أن يعلم إدارة التفتيش بذلك.

وإذا كان محل الشكوى تصرفا قضائياً واستدعى الحال توجيه ملاحظة قضائية للقاضي المشكو من تصرفه عرض الأمر فيها على اللجنة المشار إليها في المادة 7 وفي هذه الحالة توجه الملاحظة من قبل رئيس مجلس القضاء الأعلى بعد أن يصبح الحكم نهائياً.

وإذا كانت الشكوى من تأجيل قضية ، تحال إلى أعلى قاضي حكم أو نيابة في المنطقة لاتخاذ ما يراه بشأنها على أن يعلم إدارة التفتيش بذلك.

وإذا قدمت الشكوى من أحد القضاة ، أخطر بما يتم فيها بعد تحقيقها.

ويتناول التفتيش الأمور المسلكية المشار إليها بالفقرة الأولى من المادة 14 من قانون السلطة القضائية فيما إذا تقدمت شكوى شفاهية كانت أو كتابية بأمر تتعلق بسلوك القاضي أو إخلاله بواجباته على أن يجري تحقيقها على النحو الوارد في المادة 3 من هذا القرار.

ويجوز لرئيس إدارة التفتيش أو المفتش القائم بالتفتيش أن يستعين برؤساء الدوائر من المساعدين القضائيين لتحقيق الأمور الكتابية والشكاوى المتعلقة بالمساعدين القضائيين.

 

- الملف السري :

 

يكون لكل قاض ملف سري تودع فيه تقارير المفتشين والشكاوى التي

تقدم ضده وما يوجه إليه من تنبيه أو يوقع عليه من عقوبات وتحفظ هذه الملفات بإدارة التفتيش.

 

-      السجل السري:

 

تتولى إدارة التفتيش تنظيم سجل يطلق عليه اسم السجل السري يقيد فيه ملخص حالة القضاة من حيث الكفاءة والعناية بالعمل والاستقامة والنزاهة مستخلصة من جميع ما حواه الملف السري. وتعد لكل قاض فيه صحيفة يدون فيها آراء التفتيش المتعاقبة بالطريقة المبينة في المواد السابقة ويحفظ هذا السجل بإدارة التفتيش.

وإذا رأت الهيئة المشار إليها في المادة 7 أن الأوراق التي يحويها الملف السري لا تساعد على تكوين رأي صحيح عن أحد القضاة فلها أن تقرر تفتيش أعماله لمدة أخرى لا تقل عن ثلاثة أشهر ، مع إجراء التحريات اللازمة لتكوين الرأي في حالته.

وتكون ملفات القضاة والسجل السري ، سرية، ولكن على رئيس التفتيش أن يفضي للقاضي بما دون عنه بالملف والسجل السري بموافقة رئيس مجلس القضاء الأعلى.

 

سادساً - مساءلة القضاة

 

إن القضاة هم الأمناء على حماية الحقوق والحريات ، ونشر العدالة، وتطبيق وتطوير القوانين التي على أساسها يبنى المجتمع وتقوم العلاقة بين الناس . لذلك ينبغي أن تكون تصرفاتهم وسلوكهم ، داخل المحاكم وخارجها فوق الشبهات وعلى مستوى الأمانة المودعة لديهم . وهذا يعيدنا إلى موضوع اختيار القضاة ووجوب أن لا يتم تعيين أي شخص في منصب القضاء إلا إذا توافرت فيه صفات الكفاءة والاستقامة والأمانة والاستقلالية والنزاهة والشرف. لأن ارتكاب قاضٍ واحد لأي تصرف مشبوه أو سلوك شائن من شأنه المساس بسمعة الهيئة القضائية كاملة.

ومن المعلوم أن القانون يرتب على القضاة التزامات وواجبات عامة شأنهم في ذلك شأن باقي موظفي الدولة باعتبار أن القاضي كالموظف يقوم بإسداء خدمة عامة ، كما إن المنصب القضائي الذي يشغلونه يفرض عليهم التزامات وواجبات خاصة تهدف إلى ضمان دقة العمل والنزاهة وشرف مهنة القضاء المقدسة والحيدة في القضاء ، فلا يجوز للقاضي أن يحيد في إحقاق الحق بسوء نية لصالح أحد الخصوم ، وعليه أن يبذل العناية والاهتمام الكافيين لتجنب الخطأ ، فإن تخلى عن أداء التزامه كقاضي أو امتنع عن إحقاق الحق بين المتقاضين يكون عرضة للمساءلة.

فما هي أحكام هذه المسؤولية ؟؟؟

 

الطبيعة الخاصة لمسؤولية القضاة:

 

تعتبر المساءلة الجوهر الحقيقي لأي نظام قانوني ، فلا جدوى من القوانين ونصوصها إذا لم تتضمن وضع آلية محددة يتم على أساسها ملاحقة المخطئين ومساءلتهم إما بفرض العقاب أو باتخاذ إجراءات تأديبية. وفي دولة القانون فإن الجميع يخضعون لحكم القانون وإرادته ، بما فيهم أعضاء السلطتين التنفيذية والتشريعية وسواها من مؤسسات الدولة.والسلطة القضائية ليست استثناء من ذلك ، بل هي أولى من غيرها بالخضوع لحكم القانون باعتبارها الأمينة على حسن تطبيقه وتنفيذه . إلا أنه ينبغي التنبيه إلى أن مساءلة القضاة تختلف كثيراً عن مساءلة أعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية وذلك بسبب ما يجب أن يتمتع به هؤلاء القضاة من استقلال وحياد . وبالتالي فإن الآلية التي توضع لمساءلتهم عن الأخطاء التي يرتكبونها يجب ألا تؤدي بأي حال من الأحوال إلى المساس بهذا الاستقلال أو الحياد .

والملائمة بين مقتضيات المساءلة القانونية ومقتضيات استقلال القضاة يتطلب في اعتقادنا تضييق نطاق المسؤولية المدنية للقضاة عن الأخطاء التي يرتكبونها أثناء مزاولتهم للعمل القضائي . وهذا يقتضي أن يتمتع القضاة بالحصانة الشخصية ضد أي دعاوى مدنية بالتعويض النقدي عما قد يصدر عنهم أثناء ممارسة مهامهم القضائية من أفعال غير سليمة أو تقصير . والسبب في ذلك هو أن شعور القضاة وإدراكهم بانعدام الحصانة عن مسئوليتهم التقصيرية الناشئة عن الأخطاء التي ترتكب من قبلهم حال ممارستهم لمهامهم الوظيفة ستؤدي دون شك إلى إرباك القضاة والحيلولة دون إبداعهم واجتهادهم عند النظر في الدعاوى المرفوعة أمامهم . فالقاضي إذا ما كان عرضة للمساءلة والملاحقة القضائية عن أخطائه المهنية سيصاب بهاجس هذه الملاحقة والمساءلة وبالتالي سيلجأ دوما إلى إغفال سلطته التقديرية وتغييبها بشكل كلي لتحاشي الوقوع في الأخطاء أو العثرات التي قد تؤدي إلى مساءلته . ومن جانب آخر فإن إقرار القانون بفكرة ومبدأ المساءلة والرجوع على القاضي بالتعويض عن الضرر الناتج عن الخطأ المهني الذي يرتكبه سيترتب على الأخذ به تجريد القضاة من هيبتهم والانتقاص من مكانتهم أمام الأفراد جراء استغلال المتضرر منهم لهذه المساءلة كوسيلة للإضرار بالقضاة والإساءة إليهم. 

 

أنواع مسؤولية القضاة:

 

إن حصانة القضاة السابقة ليست مطلقة ، إذ يحق للدولة عبر الجهات المختصة والمحددة بموجب القوانين،مساءلة القضاة تأديباً عن أفعال الإهمال والتقصير التي قد تقع منهم حال ممارستهم لوظائفهم وهذا بطبيعة الحال أمر  ضروري لكون الغياب المطلق للمساءلة سيؤدي دون شك إلى التسيب وانحراف البعض ومجانبته للعدالة والإنصاف.

ويتعرض القاضي ، كذلك ، أسوة بغيره من الأفراد لحق المساءلة والملاحقة الجزائية لدى اقترافه لأي عمل من الأعمال المجرمة بمقتضى قانون العقوبات والقوانين الأخرى.

إذاً هناك نوعين لمسؤولية القضاة : المسؤولية التأديبية والمسؤولية الجزائية.

 

- مساءلة القاضي تأديبياً

 

من ضمانات إعمال القاضي لقيم النزاهة وضمان حسن قيامه بواجباته القضائية على الوجه المحدد بمقتضى أحكام وقواعد منظومة التشريعات القضائية ، تأكيد التشريعات القضائية على اختلافها لمبدأ المساءلة التأديبية للقضاة حال انتهاكهم وإخلالهم بواجباتهم الوظيفية ولسلوك وآداب مهنة القضاء.

وتعني المساءلة التأديبية تلك المسؤولية الناشئة عن إهمال وإخلال القاضي بمراعاة واحترام مقتضيات واجباته الوظيفية ، سواء تمثل ذلك الإخلال بامتناع القاضي عن القيام بأفعال وتصرفات نص القانون صراحة على وجوب قيام القاضي بها . أو جراء إقدام القاضي عن القيام بأفعال وتصرفات يحظر القانون على القاضي وجوب القيام بها ، كنشر المعلومات أو المداولات أو إفشاء الأسرار أو ممارسة العمل السياسي أو القيام بأعمال التجارة أو الانقطاع عن عمله بغير عذر وغيرها من المسائل التي نص القانون صراحة على حظر القيام بها.

وإذا كان القانون قد حدد على وجه الحصر الجرائم بمكوناتها    (مخالفات، جنح، جنايات) ، بحيث لا يمكن مساءلة الشخص أو ملاحقته إلا عن فعل أو أفعال مجرمة صراحة بمقتضى القانون إعمالا للقاعدة الجنائية " لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص " فالوضع يكاد أن يكون مختلف بشأن الجرائم التأديبية ، إذ أن هذه الجرائم قد تركت دون حصر لكون كل ما من شأنه المس بسلوك الموظف وواجباته الوظيفية أو بالأوامر الصادرة إليه قد يؤدي إلى إمكانية مساءلته تأديبا.

ولعل ما يمكن قوله بهذا الصدد أنه يجب العمل من قبل الجهات المختصة على تنظيم لوائح خاصة تحدد ماهية الأدبيات والمسلكيات الواجب على القاضي احترامها والتزام العمل بها لدى تقلده لمنصب القضاء ، لأن عدم تحديد طبيعة وأنواع التصرفات والأعمال التي قد تثير المساءلة التأديبية قد يفتح المجال واسعا أمام تعسف الهيئات القضائية العليا أو الجهات القضائية أو الرقابية المناط بها المراقبة على الأداء الوظيفي للقضاة في استعمال هذا الحق . ومن جانب آخر إن عدم حصر هذه الأفعال قد يضع القاضي تحت تأثير هاجس المساءلة والملاحقة التأديبية ، مما قد ينعكس بالسلب على سلوك القاضي وأدائه المهني بسبب الخشية من المساءلة والملاحقة.

ونظراً لخطورة موضوع المسؤولية التأديبية للقضاة ، والآثار السلبية التي يمكن أن تنتج عنه على صعيد استقلال القضاء وحياده. وذلك من خلال استغلال هذه المسؤولية - من قبل بعض الجهات – للتأثير على القضاة والحيلولة بينهم وبين أداء مهامهم بنزاهة وحياد. لذلك فإنه يتعين أن تحاط إجراءات مساءلة القضاة بضمانات حقيقية وفعالة تهدف إلى حماية القضاة من أي تأثيرات أو ضغوط، والحيلولة دون التعسف في استخدام هذه المساءلة أو استغلالها على وجه لا يتفق مع استقلال القاضي أو شعوره بالحصانة لدى ممارسته لوظيفته القضائية.

فهل راعى المشرع السوري ضرورة وجود مثل هذه الضمانات لحماية القضاة والحفاظ على استقلالهم؟ هذا ما سوف نتحقق منه أثناء دراستنا لأحكام المساءلة التأديبية للقضاة في التشريع السوري.

 

أحكام المساءلة التأديبية للقضاة:

 

تعريف المسؤولية التأديبية:

 

تنص المادة /108/ من قانون السلطة القضائية على أنه: " يحال إلى مجلس القضاء الأعلى القضاة الذين يخلون بواجباتهم أو يسيئون بقول أو عمل أو كتابة إلى كرامتهم الشخصية أو كرامة القضاء أو يخالفون القوانين والأنظمة العامة".ومن خلال هذا النص يمكننا بسهولة استخلاص تعريف المسؤولية التأديبية للقاضي، بأنها : تحمل القاضي تبعية أي فعل أو امتناع عن فعل يصدر عنه بأي وسيلة من الوسائل  من شأنه أن يخل بواجباته المهنية أو أن يسيء إلى كرامته الشخصية أو كرامة القضاء أو أن ينطوي على مخالفة للقوانين والأنظمة العامة" .

 

الجهة المختصة بتأديب القضاة:

 

تنص المادة /107/ على أنه : " تفرض العقوبات المسلكية على القضاة من قبل مجلس القضاء الأعلى ، ويحالون عليه بمرسوم يصدر بناءً على اقتراح وزير العدل أو رئيس مجلس القضاء الأعلى لا ينشر في الجريدة الرسمية " . إذاً المجلس القضائي الأعلى هو الجهة المختصة بتأديب القضاة في التشريع السوري حسب ما تنص عليه المادة السابقة . لكن واقع الأمر خلاف ذلك ، إذ أن وزير العدل هو من يمارس فعلياً صلاحية تأديب القضاة وفرض العقوبات التأديبية عليهم . ويتبدى ذلك من خلال ما ذكرناه سابقاً من سيطرة وزير العدل وهيمنته على مجلس القضاء الأعلى بحيث لا يصدر أي قرار عن هذا المجلس إلا بإرادة وزير العدل أو موافقته . ويضاف هنا أن المادة السابقة ذكرت أن إحالة القضاة إلى مجلس القضاء الأعلى لتأديبهم يتم بناء على اقتراح من وزير العدل أو رئيس مجلس القضاء الأعلى الذي هو رئيس الجمهورية وينوب عنه وزير العدل . مما يعني عملياً أنه لا يمكن إحالة أي قاضي إلى التأديب أمام مجلس القضاء الأعلى إلا بإرادة وزير العدل.

 

إجراءات التأديب:

 

التحقيق مع القاضي:

 

لا يجوز أن تقام الدعوى التأديبية دون إجراء تحقيق مع القاضي سواء قبل أو بعد إحالته للمجلس،وأن تراعى في هذا التحقيق الأصول القانونية الواجب مراعاتها والأخذ بها كدعوة القاضي وسؤاله ومواجهته بالتهم المنسوبة إليه وتمكينه من الدفاع عن نفسه وغيرها من الضمانات . لكن يلاحظ أن المشرع السوري اعتبر موضوع التحقيق مع القاضي أمراً جوازياً يعود تقديره لرئيس مجلس القضاء الأعلى (رئيس الجمهورية ينوب عنه وزير العدل) م/111/ ، مما يضعف من الضمانات اللازمة لحماية القاضي ومراعاة مقتضيات استقلاله وحياده.

 

حق الدفاع

 

يتمثل هذا الحق في وجوب تمكين القاضي من ممارسة كافة الضمانات المقررة للمتهم حال محاكمته تأديبيا ، حيث من حقه أن يعلم بماهية وطبيعة التهم الموجهة اليه ، فضلا عن حقه في تقديم دفاعه كتابة أو أن ينيب أحد القضاة أو أحد المحامين في الدفاع عنه.ومن الغريب أن المشرع السوري أجاز للقاضي المحال على مجلس القضاء الأعلى أن يستعين بأحد القضاة للدفاع عنه ولم يجز له الاستعانة بمحام م/110/.

 

سرية جلسات المحاكمة التأديبية:

 

في سبيل عدم التأثير على سمعة القاضي،أو عدم استغلال هذه المحاكمات للتشهير به ، يشترط كقاعدة عامة أن تكون جلسات المحاكم التأديبية سرية ولا يجوز أن تتم بشكل علني حتى ولو طلب القاضي ذلك م/111/ف2/.ونحن نرى أن كون جلسات تأديب القضاة سرية أو علنية يجب أن يتم بناء على إرادة القاضي،وأن تعقد جلسات المحاكمة بشكل علني إذا طلب هو ذلك.

 

تسبيب الحكم

 

يجب ان يشتمل القرار التأديبي على الأسباب الداعية لصدوره ، أي الأسباب التي بنى عليها القرار واستوجبت إصداره.

 

العقوبات التأديبية أو المسلكية:

 

العقوبات التي يمكن أن تفرض على القضاة هي:

1 ـ عقوبة اللوم ـ هي إخطار القاضي بكتاب يتضمن المخالفة المرتكبة ولفت النظر إلى اجتناب مثلها ويجوز أن يتضمن الحكم عدم تسجيل اللوم في سجل القاضي.

2 ـ عقوبة قطع الراتب ـ هي حسم مبلغ لا يتجاوز عشر راتب القاضي الشهري غير الصافي لمدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن سنة.

3 ـ عقوبة تأخير الترفيع ـ هي حرمان القاضي من الترفيع لمدة لا تتجاوز السنتين.

4 ـ عقوبة العزل ـ هي إنهاء خدمة القاضي وتصفية حقوقه وفقاً لهذا القانون.

ونظراً لخطورة عقوبة العزل ، فإننا نعتقد أنه من الضروري أن يحدد القانون بشكل دقيق الحالات التي يجوز فيها فرض هذه العقوبة منعاً للتعسف باستعمالها على نحو يمس بنزاهة القضاة وحيادهم.

 

 

- المسؤولية الجزائية

 

إن ما قلناه سابقاً عن المسؤولية التأديبية ووجوب ملائمتها مع مقتضيات استقلال القاضي وحياده ، يصدق أيضاً على موضوع المسؤولية الجزائية . الأمر الذي يقتضي إحاطة إجراءات مساءلة القاضي جزائياً بضمانات قانونية تهدف إلى حماية القاضي من تعريضه لملاحقات كيدية أو غيرها من الممارسات التي تمس بهيبة القضاء واستقلاله .

وقد نصت على هذا  الضمانات المادة 16 من وثيقة الأمم المتحدة الخاصة بالمبادئ الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية  حيث ورد فيها أنه :

 " ينبغي أن يتمتع القضاة بالحصانة الشخصية ضد أي دعاوى مدنية بالتعويض النقدي عما قد يصدر عنهم أثناء ممارسة مهامهم القضائية من أفعال غير سليمة أو تقصير، وذلك دون الإخلال بأي إجراء تأديبي أو بأي حق في الاستئناف أو الحصول على تعويض من الدولة وفقا للقانون الوطني " .

كذلك نصت المادة 17 من الوثيقة على :

 " ينظر في التهمة الموجهة أو الشكوى المرفوعة ضد قاضٍ بصفته القضائية أو المهنية وذلك على نحو مستعجل وعادل بموجب إجراءات ملائمة ، وللقاضي الحق في الحصول على محاكمة عادلة ويكون فحص الموضوع في مرحلته الأولى سريا ما لم يطلب القاضي خلاف ذلك".  

إجراءات مساءلة القضاة جزائياً:

 

لا تطبق على القضاة الأصول العامة سواء في التحقيق أو المحاكمة أو التنفيذ من أجل الجرائم التي يرتكبونها . فقد نص قانون الموظفين الأساسي وقانون السلطة القضائية على أصول خاصة بهم تتلخص فيما يلي:

 

تحريك دعوى الحق العام:

 

في الجرائم التي يرتكبها القضاة أثناء قيامهم بالوظيفة أو خارجها لا تقام دعوى الحق العام إلا من قبل النائب العام إما بإذن من لجنة تؤلف من رئيس محكمة النقض واثنين من أقدم مستشاريها أو بناءً على طلب مجلس القضاء الأعلى عندما يتبين أثناء المحاكمة المسلكية وجود جرم.

وليس للمدعي الشخصي أن يحرك دعوى الحق العام في جميع الجرائم المذكورة وإنما يترتب على النائب العام حين رفع الشكوى إليه أن يحيلها إلى اللجنة المشار إليها ويحق له قبل إحالتها أن يعمد لاستكمال التحقيق بواسطة إدارة التفتيش . وفي حالة الجرائم المشهودة يحق لأفراد الضابطة العدلية أن يباشروا بالتحقيق فوراً على أن يعلم أقرب قاضٍ ليرفع الأمر فوراً إلى النائب العام.

 

التحقيق :

يمثل النائب العام الحق العام في جميع الجرائم المرتكبة من قبل

القضاة سواء أثناء قيامهم بالوظيفة أو خارجها.

ويعين رئيس المحكمة أحد قضاتها للقيام بوظيفة قاضي التحقيق في المواد الجنائية وفي ما يستدعي التحقيق من المواد الجنحية . ويحق لقاضي التحقيق إنابة أحد قضاة الحكم على أن لا تتناول الإنابة القرار النهائي وعلى أن لا يكون القاضي المناب أقل درجة من القاضي المدعى عليه.

ويصدر قاضي التحقيق قراره بلزوم إحالة القاضي على المحاكمة أو بعدم محاكمته . وقرار قاضي التحقيق بلزوم المحاكمة غير تابع لأي طريق من طرق الطعن . أما قرار منع المحاكمة يحق الطعن فيه لكل من ممثل النيابة العامة والمدعي الشخصي . كما يحق لممثل النيابة العامة الطعن بقرار تخلية السبيل ، أما قرار رد طلب تخلية السبيل فإن من حق القاضي وحده الطعن فيه.

ويجري الطعن وفقاً للأصول القانونية وتفصل إحدى دوائر محكمة النقض غير الداخلة في تشكيل الهيئة العامة التي ستنظر في أساس القضية في هذه الطعون التي يجب أن تقدم ويفصل فيها وفقاً للأصول الجزائية ويكون قرارها غير تابع لطريق من طرق المراجعة.

 

المحاكمة:

 

يحال القاضي الذي تقررت إحالته على المحاكمة ، أمام محكمة النقض بهيئتها العامة المؤلفة للنظر في القضايا الجزائية.

ويحق للمتضرر من الجريمة أن يدخل في الدعوى بصفته مدعياً شخصياً وفقاً للأحكام العادية سواء أثناء التحقيق أوالمحاكمة.

إذا أقيمت الدعوى على قاض وكان له شركاء أو متدخلون من غير القضاة تجري محاكمتهم معاً أمام محكمة النقض وفاقاً لأحكام هذا الفصل.

يحق للهيئة العامة أن تقرر كف يد القاضي الملاحق أمامها ويعتبر القاضي مكفوف اليد حكماً بعد صدور مذكرة التوقيف بحقه أو من تاريخ تركه الوظيفة قبل صدور المذكرة . كما يحق للهيئة نفسها أن تقرر إنهاء مفعول كف اليد وأن تقرر أثناء المحاكمة إخلاء سبيل القاضي الموقوف.

لا يترتب على توقيف القاضي حرمانه من مرتبه مدة التوقيف ما لم تقرر المحكمة حرمانه من كله أو بعضه . ويجري توقيف القضاة في غرفة خاصة في قصر العدل.

وتعتبر الأحكام والقرارات التي تصدرها محكمة النقض مبرمة وغير تابعة لطريق من طرق المراجعة سوى الاعتراض على الأحكام الغيابية في ميعاد خمسة أيام تبدأ من اليوم الذي يلي تاريخ التبليغ.

 

تنفيذ الأحكام:

 

تنفذ عقوبات الحبس بحق المحكوم عليهم من القضاة في أماكن مستقلة عن الأماكن المخصصة لحبس السجناء الآخرين.

 

 


تعليقات