📁 آخر الأخبار

الصفة في إقامة الدعوى والترافع في القضايا المتعلقة بالعقارات المحفظة

 


تعليق على قرار الصفة في إقامة الدعوى والترافع في القضايا المتعلقة بالعقارات المحفظة

صدر قرار حديث عن المجلس الاعلى بتاريخ 1 ابريل1987 تحت عدد672 في الملف المدني رقم 2393/84 منشور بمجلة قضاء المجلس الاعلى العدد40 صفحة 51 استدعى منا ملاحظات سوف نبديها بعد سرد ملخص للوقائع ومضمن وسيلة النقض واستجابة المجلس لها:

تقدم السيدان حماني محمد وبوعزة محمد الى قضاء البداية للدعوى رامية الى المصادقة على عروضهما للاخذ بشفاعة الحصة التي باعها شريكهما على الشياع في الرسم العقاري عدد 25088 للسيد بناصر الحاج بهلول فاثار دفاع هذا الاخير دفعا مفاده بان موكله قد توفي الامر الذي يستوجب تصحيح المسطرة من طرف المدعيين وتوجيه الدعوى في مواجهة ورثة الهالك استجاب قاضي البداية للدعوى فتم استئناف حكمه من طرف ورثة المطلوب منه الشفعة المتوفى فقضت محكمة الاستئناف بعدم قبول الاستئناف شكلا " ..لعلة انعدام الصفة لدى المستأنفين كون موروثهم لازال حيا بالرسم العقاري" فطعن المستأنفون في هذاالقرار بالنقض بانين وسيلتهم المستدلين بها على كونهم قاموا باستئناف الحكم الابتدائي حفاظا على حقوق موروثهم التي انتقلت اليهم بالارث وانه بذلك قد انعقدت لهم الصفة والمصلحة في ممارسة حق الطعن بالاستئناف وان امام محكمة الاستئناف لما قضت على النحو المذكور اعلاه تكون قد خرقت مقتضيات الفصلين الاول و115 من ق م م فاستجاب المجلس الاعلى لهذه الوسيلة لكون ورثة المشفوع منه لهم الحق في حماية التركة وان لهم الصفة والمصلحة في استئناف حكم يعتقدون انه أجحف بالتركة وبالتالي فان محكمة الاستئناف لما لم تقبل استئنافهم شكلا تكون قد خرقت الفصلين المحتج بهما في وسيلة النقض .

 ان من المبادئ العامة للقانون ان النصوص يكمل بعضها بعضا وان القانون الخاص مقدم على القانون العام.

فاذا كان قانون المسطرة المدنية هو القانون العام ينظم لنا اجراءات المسطرة وكل ما يتصل بها، هذه الإجراءات الواجب احترامها في جميع القضايا المدنية كيفما كان نوعها وإذا كان هذا القانون يشترط لصحة قبول الدعوى من المدعي ان يتوفر هذا الأخير على الاهلية والمصلحة والصفة ( الفصل1 من ق م م) فان المشرع عرف لنا الصفة - التي ذكرت بصفة مجردة في الفصل الأول المذكور فيما يخص قضايا العقارات المحفظة ضمن ظهير التحفيظ العقاري لسنة 1913 وانه لا يمكن بالتالي تحديد ما يعنيه المشرع بالصفة في القضايا المذكورة دون الرجوع الى الفصل1 من ق م م وتكميله بالفصول 65، 66 و67 من ظهير 12 غشت 1913 فالفصل 65 من الظهير المذكور جاء فيه وبصريح اللفظ : " يجب ان تشهر بواسطة التسجيل في السجل العقاري جميع الاعمال والاتفاقات الناشئة بين الأحياء متى كان موضوع جميع ما ذكر تأسيس حق عقاري " وجاء في الفصل 66 ما يلي : " كل حق عيني متعلق بعقار محفظ يعتبر غير موجود بالنسبة للغير ( والغير قد يكون مدعيا وقد يكون مدعى عليه) الا بتسجيله وابتداء من يوم التسجيل في الرسم العقاري ……..".

 واخير جاء في الفصل 67 بالحرف : " ان الأفعال الإدارية والاتفاقات التعاقدية الرامية إلى تأسيس حق عيني او نقله الى الغير او الاعتراف به لا تنتج أي اثار ولو بين الأطراف الا من تاريخ التسجيل …….. "

نخلص للقول بعد استقراء هذه الفصول الى ان الصفة في إقامة الدعاوي او الترافع فيها في العقارات المحفظة لا تنعقد الا لمن سجل حقه العيني على الرسم العقاري وان الحق المذكور لا يعتبر موجودا بالنسبة للغير بل وحتى بين الأطراف أنفسهم الا من تاريخ تسجيل ذلك الحق، ويستشف هذا كذلك من الصيغة التي استعملها المشرع في الفصول المذكورة وخصوصا منها الفصل 65 حين استهله بالصيغة الامرة " يجب".

 اذن اين هو القرار موضوع هذا التعليق من الفصول الانف ذكرها ؟

ان المجلس الأعلى باجتهاده في هذا القرار حاول تجاوز إشكال عملي متمثل في الحالة التي يقيم فيها طرف دعوى عقارية على شخص لا زال اسمه هو المسجل على الرسم العقاري والحال انه متوفى والمجلس الأعلى قال وعن حق بان الهالك لم يعد يتوفر على الاهلية في الدفاع أمام القضاء وأضاف وعن حق ايضا بان ورثته يحلون محله في الترافع دافعا على المصالح العقارية الموروثة عنه لتوفر عنصر المصلحة الا انه أخطأ في نظرنا عندما اعطاهم الصفة في ذلك قبل تسجيل اراثتهم على الرسم العقاري. من المعلوم انه بالرجوع الى الفصل الاول من ق م م فان الدعوى لا تكون مقبولة بمجرد توفر عنصري الأهلية والمصلحة بل يجب بالإضافة الى ذلك توفر عنصر الصفة " لا يصح التقاضي الا ممن له الصفة والاهلية والمصلحة لإثبات حقوقه .." والصفة في قضايا العقارات المحفظة كما مر بنا اعلاه لا تنعقد لصاحبها الا من يوم تسجيل حقه العيني على الرسم العقاري. نعم حاول المجلس في القرار موضوع هذا التعليق ان يجتهد وكما هو معروف فان الاجتهاد لا يكون مع مورد وما دام هناك نص يشترط لتوفر الصفة في قضايا معينة القيام باجراء معين ( بتسجيل الحق على الرسم العقاري) فانه لم يكن من حق المجلس الموقر ان يخرق فصولا صريحة واردة في قانون خاص من اجل اصدار اجتهاده هذا ان من المبادئ العامة ان الاجتهاد لا يصادف محلا الا اذا كمل نصا ناقصا او فسر نصا غامضا وهذا ما لا يشوب مقتضيات الفصول 65، 66 و67 من ظهير التحفيظ العقاري بل ان عين الصواب هو تكميل مقتضيات الفصلين 1 و115 من ق م م بالفصول 65، 66 و67 المذكورة والمجلس الاعلى بنحوه هذا المنحى في قراره هذا يكون قد اعطى الصفة لمن لا صفة له وهذا ما لم يقل به احد ولا يدخل في مهمة القضاء لان هذا الاخير ( وخصوصا المجلس الاعلى) تنحصر مهمته في تطبيق القانون. وكما قال الاستاذ ابراهيم بحماني في بحث له في دعوى الشفعة منشور بمجلة رابطة القضاء العددان 6 و7 يونيه1983 ص 29.: " ان مهمة القضاء اولا وقبل كل شيء هي تطبيق القانون وليس البحث عن مصالح الافراد وتفضيل مصالح بعضهم عن بعض وعلى ذلك فانه ما دام القانون لا يخول الشخص الصفة في الدعوى فان القضاء لا يمكنه ان يتجاوز القانون ليمنحه هذه الصفة ..".

 وباجتهاده هذا يكون المجلس الاعلى قد فتح باب على مصراعيه لكل من يملك حقا عينيا على عقار محفظ بمقتضى عقد او ايراد او اية وسيلة اخرى ناقلة للملكية وقبل تسجيل هذا الحق ( ونقول تجاوزوا تجاوزا من يملك حقا عينيا لان هذا الحق لا يعتبر موجودا قانونا الا من تاريخ تسجيله على الرسم العقاري) في ان يقيم الدعاوي العقارية ضد خصومه ابتداء من تاريخ عقد الشراء او الاراثة وبذلك يتم تعطيل مقتضيات الفصول 65، 66 و67 من ظهير التحفيظ العقاري والحال ان هذه المقتضيات لا زالت سارية المفعول الى ان يتم الغاؤها بمقتضى قانون لاحق الامر الذي لم يحدث بعد.

 وان الاجتهاد القضائي دأب الى حين صدور القرار موضوع هذا التعليق الى تاكيد المبادئ المضمنة في مقتضيات الفصول 65, 66، 67 من ظهير التحفيظ العقاري وهذه بعض القرارات صدرت في هذا الصدد :

اصدر المجلس الاعلى بتاريخ 14 يبراير1969 عن الغرفة الاولى قرارا سديدا ذهب فيه الى نقيض ما ذهب اليه القرار موضوع هذا التعليق هذا القرار يحمل رقم 115 منشور بمجلة القضاء والقانون العددان 100-101   يونيو- يوليوز1969 صفحة 511 جاء فيه " ان المالك على الشياع لعقار محفظ يعد باقيا على قيد الحياة ما لم تقيد وفاته بالرسم العقاري .".

 في حالة ادعاء وفاة الشريك دون ان تكون وفاته مسجلة بالرسم العقاري يتعين على طالب القسمة توجيه دعواه ضده لا ضد غيره ممن يدعون ارثه دون تسجيل لحقوقهم.

اذا رجعت ورقة التسليم مشيرة الى تعذر التبليغ بسبب وفاة المعني بالامر فعلى القاضي المختص ان يعتبر المدعى عليه غائبا وان يعين وكيلا عنه" ( أي ان يعتبره طرفا في الدعوى ويطبق في حقه مقتضيات الفقرة السابعة من الفصل 39 ق م م لسنة 1974) ولهذا اعطى المجلس الاعلى في هذا القرار للمالك المتوفى والذي لازال مسجلا بالرسم العقاري صفة الطرف في الدعوى.

 ونفس المنحى ذهب اليه حكم ابتدائي صادر عن ابتدائية الصويرة بتاريخ 15/2/84 تحت عدد 12/83 منشور بمجلة رابطة القضاة العدد 12-13 السنة 21 مارس85 ص124 اذا جاء فيه : " يعتبر المالك على الشياع حيا قانونا ما دام لم يسجل بالرسم العقاري ما يخالف ذلك وبالتالي يصح توجيه الدعوى عليه".

هذا فيما يخص الدعوى يمكن توجيهها ضد مالك العقاري المتوفى والذي لازال مسجلا اسمه على الرسم العقاري لانه وكما قالت الاجتهادات السالفة الذكر لا زال حيا قانونا.

 وهذه بعض القرارات التي تؤكد على كون الحق العيني المتعلق بعقار محفظ لا ينتقل ولا اثر له في مواجهة الاغيار الا من تاريخ تسجيله بالرسم العقاري ولن تقبل اية وسيلة اخرى في ذلك.

جاء في قرار صادر بتاريخ 3 دجنبر1982 في الملف المدني 86658 تحت عدد 471 منشور بمجلة قضاء المجلس الاعلى العدد 32 ص 113 ما يلي : " ولما كان نقل حق عيني يتعلق بعقار محفظ او تاسيس حق الانتفاع على هذا العقاري لا يمكن اثباته الى بواسطة عقد كتابي مسجل على الرسم العقاري فان المحكمة التي اعتمدت في قضائها باعطاء صفة الادعاء للخصم على مجرد القرائن التي استنتجتها من كون الوثائق المتعلقة بهذا العقار موجودة في حيازته تكون قد خرقت القانون وعرضت قراراها للنقض".

 وجاء في قرار اخر حامل لرقم 684 صادر بتاريخ 10 نوفمبر1982 في الملف المدني عدد 91873 منشور بمجلة قضاء المجلس الاعلى العدد 31 ص 21 ما يلي : ( وقد كان المستشار المقرر في هذا القرار هو السيد احمد عاصم وهو نفسه الذي علق على هذا القرار موضوع التعليق وان ما ذهب اليه) : " اذا كان للمشتري قبل تسجيل عقد الشراء على الرسم العقاري حق ازاء البائع في ان يمكنه من الشيء المبيع وصدر حكم لصالحه يقضي بصحة البيع وتسجيله على الرسم العقاري فانه الى ان يسجل الشراء او الحكم القاضي بصحته على الرسم العقاري لا يجوز له ان يضع يده على العقاري كمالك".

وبالاحرى ان يقيم دعوى او ان تقام عليه بسبب نفس العقار ؟‍ ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍! ( انظر كذلك القرار عدد 1580 صادر بتاريخ 26/10/1983 في الملف المدني عدد 85009 منشور بمجلة المحاكم المغربية ص 48 العدد 27و أيضا انظر كذلك القرار الصادر تحت عدد 641 س عن المجلس الاعلى في الملف المدني رقم 86700 بتاريخ 5/12/79 منشور بمجلة رابطة القضاة العدد 8 و9 ص 87 وكذلك القرار عدد 1122 صادر بتاريخ 8 ماي1985 في الملف المدني عدد 94383 منشور بمجلة قضاء المجلس الاعلى العددان 27 و38 ص 77 وانظر كذلك القرار عدد 920 صادر بتاريخ 30 ماي1984 في الملف المدني 91384 المستشار المقرر السيد احمد عاصم منشور بمجلة قضاء المجلس الاعلى صفحة 17 العددان 37 - 38.

 وبالتالي فان المجلس الاعلى باصداره للقرار موضوع التعليق يكون خرق اولا مقتضيات الفصول 65، 66 و67 من ظهير التحفيظ العقاري مضافا اليها الفصل الاول من ق م م ويكون بالتالي قد منح صفة التقاضي لمن لا صفة له .  * مجلة المحاكم المغربية، عدد 56، ص 43.


تعليقات