الحوز في التبرعات:
اعداد: ياسين جريفي
طالب باحث
وحدة القانون المدني المعمق
هل يغني الحوز القانوني عن الحوز المادي؟
لقد انقسم القضاء المغربي في موضوع الحيازة المادية و القانونية على نفسه بين قائل بان الحيازة المادية كافية واخر انتقص من الحيازة القانونية فتطلب الحوز الحيازة المادية( مطلب اول) الى اخر انتصر لقوة الحيازة القانونية وكفايتها على الحيازة المادية وانتهى هذا التيار بتاييده من قبل المجلس الاعلى بقرار له بست غرف( مطلب ثان).
المطلب الاول: الحيازة المادية تكفي لصحة الحيازة:
اذا كانت الحيازة المادية تكفي في العقار غير المحفظ فان الامر يختلف مع العقار المحفظ ومع ذلك وجدنا قرارات لا تعير اهمية للتسجيل في السجل العقاري مكتفية بالحيازة المادية وفي هذا المعنى جاء القرار عدد 579 بتاريخ 13/2/2002 ليقرر ان عدم تسجيل عقد التحبيس بالرسم العقاري لا يمكن انيؤثر على صحة موضوعه او يحد من اثره في نقل الحق للاحباس خاصة وان الحيازة المادية للملك المحبس قد تمت فعلا وكانت بصفة علنية كافية وثابتة باعتراف الورثة انفسهم وان استغلالها كان قبل وفاة الطرف المحبس وبعده وفي نفس الاطار اشترطت استنافية الرباط في قرار لها بتاريخ 30/3/1993 حكم عدد 387 ضرورة توافر الحيازة المادية قيل الحيازة القانونية فيما يخص العقارات المحفظة "ان الدفع بتسجيل العقدين العرفيين المطالب بابطالهما على الصك العقاري و بالتالي اكتسابهما الحجية المثبتة للحيازة القانونية المطلوبة لئن كان يوحي للموهوب لها بمثل توافر هذه القرينة لصالحها الا ان التسجيل وتلك وتلك الحيازة غير منتجين لا في نظر الفقه ولا في تحليلات القانون لكون ما يسجل بالصكوك العقارية لا يكتسب الحجية المطلقة بل يمكن الغاؤه اتفاقا او قضاء كما تنص على ذلك الفصول 66 و 67 من ظهير 12/8/1913 بشرط ثبوت الحيازة المادية اولا على النحو المفصل انفا قبل التسجيل و الحيازة القانونية الشكلية اذا كان الامر متعلق بعقار محفظ".
في راينا الشخصي فان ما ذهب اليه القضاء يتعارض وقانون التحفيظ العقاري ذلك انه وكما هو معلوم فظهير التحفيظ العقاري واضح في نصوصه على ان العقود و الاتفاقات الرامية الى اجراء أي معاملة على العقار المحفظ ليس لها وجود ما لم تضمن في السجلات العقارية وبذلك ففي راينا الشخصي دائما نقول على عدم كفاية الحيازة المادية فيما يخص العقارات المحفظة بل يجب ان تنضاف اليها الحيازة القانونية وليس في ذلك أي تعارض مع ما سطره فقهائنا المسلمون في هذا الباب اذ العلة واحدة و الهدف واحد، اختلفت فقط طريقة تحقيقه و التي نرى في السجل العقاري وسيلة اكثر فاعلية و اكثر نجاعة.
واذا كان الامر كذلك فما هو ا ترى العمل بخصوص من حاز حيازة قانونية دون الحيازة المادية؟؟
المطلب الثاني: الحيازة القانونية تغني الحيازة المادية:
من القرارات القضائية من ذهبت الى عدم كفاية الحيازة القانونية واشترطت لصحة الحوز ان تنضاف اليه الحيازة المادية كما هو الشان بالنسبة للقرار المشار اليه انفا فمثل هذا الاتجاه يرى ان عدم بسط المعطى له يده على العقار بسطا فعليا و ان عدم ورورد شرط المعاينة التي تتطلب الحيازة الفعلية بقدح في صحة هذا الحوز عموما ، وياتي القرار عدد 4204 بتاريخ 29/11/2001 ليسير في هذا الاتجاه" عقود الهبة موضوع القرار التي لم يقع تسجيلها بالرسوم العقارية قبل حصول المانع وهو موت الواهب لا يعتد بها ما دام الطاعنين لم يحوزا العقارات الموهوبة لها حيازة فعلية بوضع اليد او المغارسة قيد حياة الواهب ان محكمة الاستئناف لما سارت في هذا الاتجاه كانت على صواب".
وكان المجلس الاعلى قد سار على خلافه في قرار سابق بتاريخ 25/12/1991 في القرار عدد 3304 حيث قرر ان الحيازة المادية لا تغني عن الحياز القانونية، فهل تغني الحيازة القانونية عن الحيازة المادية؟؟
ذهب اتجاه قضائي الى القول بهذه الفكرة وفي هذا الاطار صدر قرار محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 8/3/1995 ليقرر ان تسجيل الصدقة بالرسم العقاري وما ينتجه من الحيازة القانونية تغني عن الحيازة الفعلية لان الاولى اقوى "
وبعد تردد طويل ساد القضاء بخصوص هذه النقطة ، أي مدى كفاية الحيازة القانونية عن تطلب حيازة مادية جاء قرار المجلس الاعلى بجميع غرفه عدد 555 بتاريخ 8/12/2003 في الملف الشرعي عدد 596/2/2/1995 ليقرر ما يلي:"لما كانت غاية الفقه في اشتراط الحيازة في عقود التبرعات هي خروج العين المتصدق بها من يد المتصدق الى يد المتصدق عليه فان تسجيل الصدقة في الرسم العقاري يحقق الغاية المذكورة ويوثقها بشكل اضمن لحقوقه المتصدق عليه لذا يعتبر تسجيل الصدقة في الصك العقاري في حد ذاته حيازة قانونية وبشكل قانوني لا جدال فيه يغني عن اشهاد العدلين بمعاينة الحيازة، واخلاء العين موضوع الصدقة واثباتها بوسائل اخرى."
وبذلك حسم النقاش لصاح الحيازة القانونية وان توفرها يغني عن الحيازة المادية .
وخلاصة نصل اليها وهي انه مادام الحوز هو المذهب شرط تمام لا شرط صحة، فان أي وسيلة اخرى تؤدي الى نفس الغرض وتخدم نفس العلة وهي عدم التحايل على حقوق الله بالتحايل على حق الارث تكون قابلة الى حد كبير للتطبيق ولما كانت عقود التبرع في نظام التحفيظ شانها شان باقي المعاملات الواردة على عقار محفظ لا تنتج أي اثر ولو بين المتعاقدين الا عند التسجيل كان لا بد من خضوع عقود التبرع الواردة على عقار محفظ لهذه الشكلية.
ولن تكفي فيها مجرد حيازة مادية وهذه الشكلية هي على واجهة اخرى-كما قرر ذلك المجلس الاعلى- تكفي وتغني عن أي حيازة مادية.
وهذا القول ليس فيه ما يناقض قواعد الفقه وفتاوى الصحابة فهدفه هو نفسه الذي ابتغاه الفقهاء المسلمون من اشتراطهم الحيازة المادية الا وهو تحقيق مصلحة الناس وهي من مقاصد الشريع الاسلامية.
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم