القائمة الرئيسية

الصفحات



المسطرة أمام المحاكم الإدارية بين الإحالة على قانون المسطرة المدنية وخصوصية المسطرة

 


المسطرة أمام المحاكم الإدارية
بين الإحالة على قانون المسطرة المدنية وخصوصية المسطرة
 

الأستاذ محمد المجدوبي الإدريسي

 قاضي ملحق بوزارة العدل.

 

لقد اختار المشرع المغربي عند تنظيمه للمسطرة المتبعة أمام المحاكم  الإدارية، الإحالة على القانون المسطرة المدنية (أولا)، غير أنه حاول إعطاء المسطرة الإدارية خصوصيتها بإحداث مؤسسة المفوض الملكي على أنه لم يذهب أبعد من ذلك بوضع مقتضيات إجرائية خاصة ) ثانيا(.

 

أولا: الإحالة على قانون المسطرة المدنية.

إن المشرع المغربي عند تنظميه للإجراءات المتبعة أمام المحاكم الإدارية ارتأى الإحالة على قانون  المسطرة المدنية، ولقد اتخذت هذه الإحالة شكلين: شكل إحالة عامة ندافع عنها وشكل إحالة انتقائية ننتقدها.

الإحالة العامة والدفاع عنها.

تنص المادة السابعة من القانون المحدث للمحاكم الإدارية على أنه:" تطبق أمام  المحاكم  الإدارية  القاوعد  المقررة من قانون المسطرة المدنية ما لم ينص قانون على خلاف ذلك".

فهذه المادة تعرضت لانتقاد شديد من طرف نواب الأمة عند مشروع القانون المحدث بموجبه المحاكم الإدارية، فلقد جاء في تقرير لجنة العدل والتشريع والوظيفة العمومية(1) ما يلي:

" وبخصوص المادة السابعة لاحظ السادة النواب أنها تعتبر من أهم  مواد  المشروع،  حيث  تشير  إلى  تطبيق  قواعد المسطرة المدنية، بينما الأهم من ذلك هو التنصيص على مسطرة إدارية خاصة ومستقلة عن المسطرة المدنية تتميز بسرعة البت في المنازعات والتبسيط في الإجراءات، في حين إذا تم تطبيق قواعد المسطرة المدنية سنكون قد أخطأنا الطريق منذ البداية".

 

على أننا نعتقد أن المشرع المغربي لم يخطئ الطريق عند إحالته على قانون المسطرة المدنية لأن هذا القانون نفسه أخذ عن قوانين إجرائية إدارية.

فالبرجوع إلى المصادر التاريخية لقانون المسطرة المدنية المغربي القديم (12 غشت 1913) ـ والذي أخذ عنه قانون المسطرة المدنية الحالي ـ سيتبين لنا أن ذلك القانون قد استلهمت قواعده من مسطرة المنازعات الإدارية الفرنسية وخاصة قانون 22 يوليوز 1889 والمتعلق بالمسطرة المتبعة أمام مجالس الأقاليم ومرسوم 5 غشت 1881 والمتعلق بالمسطرة المتبعة أمام مجالس المنازعات الإدارية بالمستعمرات(2) .

 

فاختيار المشرع المغربي لقوانين إجرائية إدارية عند تنظيمه لقانون الإجراءات المدنية جاء بتأثير واضح لواضعي مشروع قانون المسطرة المدنية المغربي القديم، وهما كربنبوم بالان(Crébnebeum Ballin) رئيس المجلس الإقليمي للاسين وستيفان برج (Stéphane Berge) رئيس محكمة تونس.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 - مجلس النواب، مصلحة اللجان، السنة التشريعية 1990-1991 ، دورة أبريل 1991، ص 13 من التقرير.

2 - لمزيد من الاطلاع راجع التقرير الذي وضعه كربنوم بالان لتقديم مشروع المسطرة المدنية لرئيس الجمهورية

     الفرنسية( الجريدة الرسمية 12/9/1913 عدد 64 السنة 2 ).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

فبحكم منصبها القضائي وتكوينهما القانوني وتجربتهما المهنية، كانا أكثر تعاملا مع القوانين الإجرائية الإدارية، علما بأن المجالس الإقليمية في فرنسا كانت تمارس مهامها قضائية فيما يخص المنازعات الإدارية، فهي النواة التي قامت عليها لاحقا المحاكم الإدارية الفرنسية.

 

يتبين من هذا، أن قانون المسطرة المدنية المغربي القديم، جاء مستلهما من مسطرة المنازعات الإدارية الفرنسية، وللدلالة على ذلك نلاحظ أن قانون المسطرة المدنية المغربي قد أخذ بمؤسسة المقرر (Le rapporteur) نقلا عن مسطرة المنازعات الإدارية الفرنسية في حين أن قانون المسطرة المدنية الفرنسي(3)( Le juge chargé de suivre la procédure) بينما يأخذ حاليا بمؤسسة قاضي التحضير(4)(Le juge de la mise en état).

والخلاف هنا ليس في التنمية فقط، بل يمتد لينبئ عن خلفية مسطرة تتمثل في نوعية المسطرة المتبعة من طرف المحكمة عند التحقيق في الدعوى.

 

فالقاضي المقرر يسير مسطرة التحقيق بصورة تنقيبية(Inquisitoire)، يلعب فيها المقرر دور قاضي تحقيق مدني له سلطات حقيقية في مواجهة الخصوم، هذه المسطرة تقوم على فلسفة مفادها أن الدعوى ليست مسألة تتعلق بالمصالح الخاصة لطرفي الدعوى بحيث يسيرانها ويحددان نطاقها وفق مشيئتهما بل هي مسألة تتعلق بمرفق عام عام وهو مرفق القضاء وأن المقرر مكلف من طرف الدولة يحسن تسيير هذا المرفق فيه تحقيق المصلحة العامة والوصول إلى الحقيقة

 

بينما القاضي المكلف بتسيير المسطرة أو قاضي التحضير وهما مؤسستان نظمهما قانون المسطرة المدنية الفرنسي إنما يسيران مسطرة التحقيق بصورة اتهامية(Accusatoire) ويقصد بها أن القاضي لا يتدخل في تسيير المسطرة إلا بالقدر الذي يقتضيه دوره كحكم محايد، خاصة وأن الدعوى هي مسألة متعلقة بالمصالح الخاصة للخصوم، لذا من حقهم أن يسيروا المسطرة ويحددوا نطاقها وينهونها بمشيئتهم وإرادتهم.

 

يتبين مما سلف ذكره أن قانون المسطرة المدنية المغربي ليس غريبا عن مسطرة المنازعات الإدارية، بل هو منبثق عنها وأن الإحالة العامة على قانون المسطرة المدنية والواردة في المداة السابعة من القانون المحدث للمحاكم الإدارية جاءت في محلها ولا اعتراض عليها من حيث المبدأ، غير أننا كنا نفضل أن تتم هذه الإحالة العامة الواردة في المادة 7 من القانون في آخر فصول القانون حتى تكون جامعة لجميع الإجراءات.

الإحالة الانتقائية وانتقادها.

 

لقد فضل المشرع المغربي أحيانا عند الإحالة على قانون المسطرة المدنية اتباع منهاج انتقائي لبعض الفصول دون أخرى، وهذا المنهاج قد تم الأخذ به في المواد 45،44،43،14،10،6،4،3 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية.

وهذا المنهاج الانتقائي معيب ويطرح عدة إشكالات عند التطبيق وللدلالة على ذلك نأخذ كمثال المادة 14/2 من القانون والتي جاء فيها:" ويطبق لفصل 329 والفصل 333 وما يليه

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

3 - المحدث بمقتضى مرسوم قانون مؤرخ في 30/10/1935، ولقد عرفت سلطاته توسعا بمقتضى قانوني

     15/7/1944 و 22/12/1958.

4 - المحدث بمقتضى مرسوم 13/10/1965 المعدل بمقتضى مرسوم 7/12/1967.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

إلى الفصل 336 من قانون المسطرة المدنية على الإجراءات التي يقوم بها القاضي المقرر..."

فالملاحظ أن المشرع المغربي انتقل مباشرة من الفصل 329 إلى الفصل 333 من ق.م.م بحيث قام بحذف الفصل 331،330 و 332 من ق.م.م.

 

وتتعلق هذه الفصول الأخيرة بتعيين الأطراف لموطن مختار داخل دائرة نفوذ المحكمة إذا كانوا يقيمون خارج دائرة نفوذها( الفصل 330 من ق.م.م) وباطلاع الأطراف على مستندات القضية دون نقلها (الفصل 331 من ق.م.م( وبغيداع المذكرات الدفاعية وتبليغها (الفصل 332 من ق.م.م(.

 

ونعتقد أن المشرع المغربي عندما انتقى الفصول 329 و 333 إلى 336 من ق.م.م إنما قصد الإشارة إلى اختصاصات المقرر بدليل صياغة المادة 4 نفسها والتي جاء فيها:" ويطبق الفصل 329 والفصل 333 وما يليه إلى الفصل 336 من ق.م.م على الإجراءات التي يقوم بها القاضي المقرر.

 

" بمعنى أن الفصول التي لم يتم ذكرها وهي الفصول 330 و 331 و 332 تتعلق بإجراءات لا يقوم المقرر بل يقوم بها غيره، ولقد ظهر لنا فعلا أن تلك الإجراءات يقوم بها الأطراف لا المقرر كتعيين موطن مختار، الإطلاع على المستندات، وإيداع المذكرات الدفاعية. غير أننا نرى أنه لم يتم الانتباه إلى مقتضيات الفقرة الأخيرة من الفصل 332 من ق.م.م والتي تشير إلى تبليغ المذكرات الدفاعية، فإصدار أوامر بتبليغ المذكرات الدفاعية هي من مهام المقرر وليست إجراءا يقوم به الأطراف، وبالتالي لم يكن يجدر إغفالها عند تعداد الفصول المحال عليها في المادة 4 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية.

 

فكل هذا يؤكد أن الإحالة الانتقائية على بعض فصول قانون المسطرة المدنية دون فصول أخرى سيطرح إشكالات كبيرة عند التطبيق وأنه كان من الأفضل الاكتفاء بالإحالة على مقتضيات قانون المسطرة المدنية.

 

ثانيا: خصوصية المسطرة.

تتمثل خصوصية المسطرة الإدارية في إحداث مؤسسة المفوض الملكي، غير أن المشرع المغربي لم يذهب أبعد من ذلك بوضع مقتضيات تتلاءم مع المسطرة الإدارية.

إحداث مؤسسة المفوض الملكي.

لقد حاول المشرع المغربي الخروج من النموذج المؤسساتي للقضاء العادي بإحداثه لمؤسسة المفوض الملكي وذلك رغبة منه في إعطاء المسطرة الإدارية خصوصيتها وتميزها عن قانون المسطرة المدنية.

وسنحاول من طرفنا أن ندرس هذه المؤسسة من خلال مرحلتين في الدعوى: مرحلة التحقيق ومرحلة المناقشة.

 

أ ـ مرحلة التحقيق.

تنص الفقرة الأولى من المادة 4 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية على أنه:" مرحلة تسجيل مقال الدعوى يحيل رئيس المحكمة الإداؤرية الملف حالا إلى قاض يقوم بتعيينه وإلى المفوض الملكي للدفاع عن القانون والحق...".

يفهم من صياغة هذا اللنص أن إحالة ملف القضية من رئيس المحكمة الإدارية إلى القاضي المقرر والمفوض الملكي تتم في بداية المسطرة القضائية وفي وقت واحد. فإذا كان من المنطقي أن تتم إحالة ملف القضية إلى القاضي المقرر في بداية المسطرة القضائية أي بمجرد تسجيل عريضة الدعوى على اعتبار أن القاضي المقرر هو المختص بتحضير وتجهيز القضية واتخاذ كافة إجراءات التحقيق فيها ابتداءا من إصداره أمرا بتبليغ المقال وتعيين أول جلسة علنية وانتهاء بإصداره أمرا بالتخلي عن ملف القضية لفائدة هيئة الحكم، فإننا بالمقابل لا نرى مبررا يدعو إلى إحالة ملف القضية إلى المفوض الملكي في بداية المسطرة القضائية، ذلك أن المفوض الملكي لا يملك حق تسيير المسطرة أو التحقيق في الدعوى وبالتالي لا تظهر جدوى إحالة ملف القضية عليه في بادية المسطرة القضائية، فمهمة المفوض الملكي تقتصر على إبداء وجهة نظره القانونية في النزاع المعروض أمام المحكمة، وتأخذ وجهة نظره في النزاع شكل مستنتجات كتابية تضم إلى ملف الدعوى ويتم عرضها شفويا بالجلسة العلنية، فتدخله بعدي ولا حق لتدخل القاضي المقرر لأنه يأتي بعد استنفاد إجراءات التحقيق.

 

واستنادا لذلك نرى أن إحالة ملف القضية إلى المفوض الملكي في بداية المسطرة القضائية أي بمجرد تسجيل عريضة الدعوى لا يستند إلى منطق سليم لتنافيه مع المهمة الموكولة للمفوض الملكي كما سلف ذكره، كما أنه من شأن الإحالة المزدوجة على المفوض الملكي والمقرر أن تجعل أحدهما يستأثر بالملف الأصلي للدعوى بينما الآخر يسلم له نظير وأنه في أحسن الأحوال سيتناوبان على حيازة ملف القضية وكلا هذين الحلين يفضيان إلى نتيجة غير منطقية.

ونرى أن إحالة القضية إلى المفوض الملكي يجب أن تتم بمبادرة من المقرر عندما يفرغ هذا الأخير من إجراءات التحقيق في الدعوى على أن يتم ذلك قبل أن تعرض القضية بالجلسة العلنية.

 

وقد أخذ المشرع الفرنسي بهذا الاتجاه في الفصل 45 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية والذي جاء فيه:" عندما تكون القضية جاهزة لعرضها بالجلسة العلنية أو عندما تتبين ضرورة إصدار أوامر بإجراءات تحقيق كالخبرات أو الأبحاث أو ما شابهها يحال ملف القضية إلى المفوض الملكي بعد أن تتم دراسته من طرف المقرر".

 

ب ـ مرحلة المناقشة.

تنص الفقرتين 2و3 من المادة 5 والتي تنظم اختصاصات المفوض الملكي على ما يلي:" ويجب أن يحضر الجلسة المفوض الملكي للدفاع عن القانون والحق.

ويعرض المفوض الملكي للدفاع عن القانون والحق آراءه المكتوبة والشفهية على هيئة المحكمة بكامل الاستقلال سواء فيما يتعلق بظروف الوقائع أو القواعد القانونية المطبقة عليها ويعبر عن ذلك في كل قضية بالجلسة العامة ويحق للأطراف أخذ نسخة من مستنتجات المفوض الملكي للدفاع عن القانون والحق بقصد الاطلاع.

ولا يشارك المفوض الملكي للدفاع عن القانون والحق في إصدارات الأحكام"

فإذا كانت هذه المقتضيات واضحة في قواعدها ومعناها على أنها لوحدها غير كافية لتحديد معالم مؤسسة المفوض الملكي كتحديد متى وكيف يدلي المفوض الملكي بآرائه؟ وشكل ومضمون مستنتاجته؟

 

 ـ متى وكيف يدلي المفوض بآرائه؟

عند افتتاح جلسة المناقشات العلنية يقوم رئيس هيئة الحكم بإعطاء الكلمة للمقرر لتقديم تقريره الذي يتضمن سردا لوقائع النزاع وإجراءات المسطرة ثم يأخذ الكلمة بعد ذلك أطراف النزاع ليبدوا ملاحظاتهم الشفاهية والتي يجب ألا تتضمن وسائل قانونية أو واقعية جديدة لم تتم إثارتها في مرحلة التحقيق ويكون المفوض الملكي آخر من يتكلم ويتناول المفوض الكلمة وهو واقف ولا يحق للأطراف مقاطعته أو التعقيب عليه لأنه ليس بطرف في الدعوى واعتبارا لذلك لا يحق له الطعن في الأحكام.

 

ـ شكل ومضمون مستنتاجته.

إن المستنتجات التي يدلي بها المفوض الملكي يجب أن تكون شفوية وكتابية:

ولقد نص المشرع المغربي على ذلك بقوله صراحة في المادة 5/3 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية والتي جاء فيها:" ويعرض المفوض الملكي للدفاع عن القانون كما تفعل ذلك النيابة العامة في بعض الأحيان بل يجب لزاما عليه، أن يعبر عن رأيه بصورة شفوية وبصورة كتابية.

 

وإن المستنتجات الشفوية يجوز تقديمها إما بصورة مرتجلة وإما عن طريق تلاوة المستنتجات الكتابية على أنه يجب أن يكون هناك تطابق في مضمون المستنتجات الكتابية والشفوية وبهذا يتميز المفوض الملكي عن ممثل النيابة العامة. فهذا الأخير حر في التعبير عن رأيه الشخصي شفويا غير أنه يبقى مقيدا بتعليمات رؤسائه في المستنتجات الكتابية.

وأن مضمون المستنتجات التي يدلي بها المفوض الملكي تتلخص في إبداء وجهة نظره الشخصية:" بكامل الاستقلال سواء فيما يتعلق بظروف الوقائع أو القواعد القانونية عليها" (المادة 5 من القانون). وهكذا يجب على المفوض الملكي ألا يكتفي باستعراض وقائع النزاع والوسائل القانونية المثارة في الدعوى كما يفعل ذلك المقرر في تقريره بل يتعين عليه أن يبدي وجهة نظره القانونية ارتكازا على وقائع النزاع.

 

وإن تقديم المفوض الملكي لمستنتجاته ضروري في جميع القضايا الإدارية، وقد عبر كذلك المشرع المغربي بقوله في الفقرة الأخيرة من المادة الخامسة بأن المفوض الملكي يعبر عن رأيه في " كل قضية قضية.

 

على أننا نرى أنه كان من المستحب إعفاء المفوض الملكي من عرض مستنتاجته الشفوية إذا ما تغيب أطراف النزاع عن الحضور بجلسة المناقشات وذلك تلافيا لتطويل المشطرة وتخفيفا للعبء الملقىى على كاهله، بحيث يتم الاكتفاء في هذه الحالة بمستنتجاته الكتابية.

 

مقترحات بشأن وضع مقتضيات إجرائية خاصة.

تتمثل هذه المفترحات في إقرار مبدأ التغريم عن تقديم مقال تعسفي)أ( وإعفاء المحكمة من إجراء التحقيق في بعض الحالات )ب( وجواز تعيين المفوض الملكي كمقرر )ج( وتدعيم الجانب الشفوي للمسطرة)د(.

 

أ ـ إقرار مبدأ التغريم عند تقييم مقال تعسفي: نرى أنه على المشرع المغربي أن يعمل على وضع غرامة مدنية يتم إيقاعها على المدعي الذي يتعسف في مقاضاة الطرف المدعى عليه دون أن يكون مستندا على وسائل قانونية أو واقعية جديرة بالاعتبار.

 

وإن إقرار هذه القاعدة يحد من ظاهرة التقاضي بسوء النيةة كما أنه سيقلص من عدد القضايا المعروضة على المحاكم الإدارية والتي قد تتكاثر بسبب مقتضيات المادة 22 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية والتي تعفي طلب الإلغاء بسبب تجاوز السلطة من أداء الرسم القضائي ولقد أخذ بهذا المقتضى القانون الفرنسي في الفصل 88 من القانون المحدث للمحاكم الإدارية.

 

ب ـ إعفاء المحكمة من اتباع مسطرة التحقيق إذا ثبت لرئيس المحكمة أن حل القضية ظاهر بصفة يقينية بحيث يحال ملف القضية مباشرة إلى المفوض الملكي ويعرض بالجلسة العلنية أمام هيئة الحكم دون ضرورة إحالة الملف على المقرر.

 

ج ـ السماح لرئيس المحكمة الإدارية بتعيين المفوض الملكي كمقرر في القضايا التي لم يدع لتقديم مستنتاجته فيها.

د ـ تدعيم الجانب الشفوي لمرحلة المناقشات ويكون ذلك بطريقتين: إرجاع مبدأ تلاوة تقرير المقرر بالجلسة العلنية والسماح للأطراف بالحضور شخصيا بجلسة المناقشات لإبداء ملاحظاتهم الشفاهية.

 

ـ إرجاع مبدأ تلاوة تقرير المقرر: لقد مر المشرع المغربي عند وضعه لشكليات تقرير المقرر من عدة مراحل تندرج كالتالي: في قانون المسطرة المدنية القديم ألزم المقرر بتلاوة تقريره الكتابي بجلسة المناقشات في جميع القضايا (الفصل 185) وفيما بعد بمقتضى ظهير 29 مارس 1954 تم تخفيف هذه الشكلية بإلزام المقرر بتلاوة تقريره في القضايا التي أجرى فيها تحقيق فقط. أما في قانون المسطرة المدنية الحالي، تم إعفاء المقرر من تلاوة التقرير إذا قرر ذلك رئيس الجلسة ولم يتعرض الأطراف ووبعد تعديل 10 سبتمبر 1993 تم إعفاء المقرر من تلاوة التقرير بالجلسة العلنية دون أن يتوقف ذلك على إذن الرئيس وعدم معارضة الأطراف، على أنه إذا كانت العلة التي دفعت المشرع المغربي إلى إعفاء المقرر من تلاوة التقرير بالجلسة العلنية تتمثل في ما يترتب على ذلك من تطويل المسطرة خاصة وأن هناك كما هائلا من القضايا المدرجة بالجلسة العلنية، وأن المقرر لن يفرغ في وقت معقول من تلاوة تقريره في كل قضية، إلا أن الوضع أمام المحاكم الإدارية مختلفة تماما، ذلك أن القضايا المعروضة أمام هذه المحاكم ليست بنفس الكم التي هي عليه أمام المحاكم العادية وأن من شأن إرجاع إلزامية تلاوة تقرير المقرر بالجلسة العلنية تعزيز مبدأ العلنية والعمومية، كما أن من شأنه السماح للخصوم بإبداء ملاحظاتهم خاصة عند إغفال المقرر في تقريره الإشارة إلى مذكرة أو مستند تم الإدلاء به في ملف الدعوى.

 

ـ السماح للأطراف بالإدلاء بملاحظاتهم الشفوية بالجلسة العلنية بصورة مباشرة بدل وساطة المحامي وفي ذلك تمكين المحكمة من الاتصال المباشر مع واقع النزاع كما هو معاش من طرف الخصوم خاصة ,وأن ذلك يعتبر أقصر طريق لمعرفة الحقيقة.


تعليقات