ملف 14206/1963 قرار 217 بتار يخ 08/05/1968
إن المعتبر في الحجج المدلى بها هي أصولها لا ترجمتها و
لا يمكن للقاضي أن يستند إلى الترجمة وحدها لأن الترجمة إنما هي نقل نص من لغته
الأصلية إلى لغة أجنبية ولا يمكنها بأي وجه أن تقوم مقام الأصل الذي لا غنى عنه
لتقدير قيمة الحجة.
اسم جلالة الملك
بناء على طلب النقض
المرفوع بتاريخ فاتح يوليوز 1963 من طرف الحاج محمد بن حمادي ومن معه بواسطة
نائبهم الأستاذ شارل برينو ضد حكم محكمة الاستئناف بالرباط الصادر في 20 ابريل
1963.
وبناء على مذكرة الجواب
المدلى بها بتاريخ 16 أكتوبر 1963 تحت إمضاء الأستاذ بنعطار النائب عن المطلوب ضده
النقض المذكور أعلاه والرامية إلى الحكم برفض الطلب.
وبناء على الظهير المؤسس
للمجلس الأعلى المؤرخ بثاني ربيع الأول عام 1377 موافق 27 شتنبر 1957.
وبناء على الأمر بالتخلي
والإبلاغ الصادر في 22 يناير 1968.
وبناء على الإعلام
بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة في 24 ابريل 1968.
وبعد الاستماع بهذه
الجلسة إلى المستشار السيد امحمد بن يخلف في تقريره والى ملاحظات وكيل الدولة
العام السيد ابراهيم قدارة.
وبعد المداولة طبقا للقانون.
فيما يخص الوسيلة
الأولى:
حيث يؤخذ من أوراق الملف
ومن الحكم المطعون فيه (محكمة الاستئناف بالرباط 20 ابريل 1963) ان ابا زيد بن
الجيلالي طلب بتاريخ 6 دجنبر 1940 لدى المحافظة العقارية بالدار البيضاء تحت رقم
20.810 تحفيظ أرض فلاحية اطلق عليها اسم "فدان بلعسري" ثم بين سنة 1942
أنه يطلب التحفيظ في اسمه وفي اسم اخيه الجيلالي بن الجيلالي. وبعد وفاة طالب
التحفيظ الأول ابي زيد بن الجيلالي قدم ورثته سنة 1952 مطلبا تعليليا قصد متابعة
إجراءات التحفيظ. واستدل طالبوا التحفيظ بملكية مؤرخة في 24 دجنبر 1916. وبتاريخ 3
فبراير 1941 قدم حمادي بن عباس بن ابراهيم تحت رقم 12 مطلبا يرمي إلى تحفيظ أرض
كشف التحديد انها تشمل الأرض المسماة "فدان بلعسري" المطلوب تحفيظها تحت
رقم 20.810 وبعد وفاة حمادي بن عباس تابع ورثته سنة 1958 إجراءات التحفيظ لفائدتهم
مستدلين بالأخص بملكية في اسم موروثهم مؤرخة في 4 ماي 1932.
فصار طلب التحفيظ الثاني
بمثابة تعرض ضد المطلب الأول لتداخل المطلبين وبتاريخ 29 أكتوبر 1960 قضت المحكمة
الابتدائية بالدار البيضاء بصحة تعرض ورثة حمادي بن عباس لما أثبتوه من حيازة
قاطعة، وبتاريخ 20 ابريل 1963 ألغت محكمة الاستئناف بالرباط الحكم الابتدائي وقضت
بصحة تعرض ورثة ابي زيد بن الجيلالي وبعدم صحة تعرض ورثة حمادي بن عباس وذلك لأن
ترجمة الملكية المدلى بها من طرف هؤلاء مشبوه فيها وأن النسخة الرسمية المدلى بها
في مرحلة الاستئناف لا تتوفر إلا على شهادة أحد عشر شاهدا وأن ورثة حمادي بن عباس
صرحوا انهم يجهلون وجه تملك موروثهم هل كان على طريق الارث أم بالشراء وأن شاهدا
من شهود هؤلاء صرح أن ييازتهم التي ترجع إلى سنة 1930 لا يعرف سببها وأن هذا اللبس
يعززه كون الملكية المؤرخة في 4 ماي 1932 تشهد ببدء الحيازة سنة 1922 خلافا
للعناصر الأخرى من الملف.
وأنه وقع النزاع في هذه
الحيازة بتقديم شكوى في هذا الشان حسبما يؤخذ من رسالة 5 دجنبر 1936 وإقامة دعوى
لدى المحكمة الشرعية حسب رسالة 7 يونيو 1937، كما تؤكد ذلك نتائج البحث.
وحيث يعيب طالبوا النقض
ورثة حمادي بن عباس على الحكم المطعون فيه انعدام أو عدم كفاية التعليل وخرق قواعد
المسطرة فيما يتعلق بتعليل الأحكام وانعدام الأساس القانوني وذلك حيث إن الحكم
المطعون فيه لم يعمل بالملكية المؤرخة في 27 حجة 1350 – 4 ماي 1932 التي أدلى بها
طالبوا النقض لسببين أولهما ان طالب التحفيظ لم يضع بالمحافظة تأييدا لمطلبه إلا
ترجمة مسترابة لا قيمة لها لتلك الملكية، وثانيهما ان نسخة تلك الملكية المدلى بها
في الاستئناف غير صحيحة ولا يعتمد عليها كحجة لأن عدد شهودها 11 شاهدا فقط.
بينما لم تبين المحكمة
العلل التي من أجلها اعتبرت الترجمة مسترابة ولا قيمة لها مع أنها صادرة من
المحافظة الشيء الذي يدل على أن موروث طالبي النقض كان اودع الأصل بالمحافظة.
وبينما ان قضاة
الاستئناف اعتبروا ان نسخة الملكية المدلى بها غير صحيحة لاشتمالها على أحد عشر
شاهدا فقط مع أن هذه الوسيلة ليست من قبيل النظام العام ولم يثرها المستأنفون وأن
الترجمة الصادرة من المحافظة العقارية تنص بالعكس من ذلك على أن شهود الملكية اثنا
عشر شاهد.
لكن حيث إن المعتبر في
الحجج المدلى بها هي اصولها لا ترجمتها وأن القاضي لا يمكنه أن يستند إلى الترجمة
وحدها لأن الترجمة انما هي نقل من لغته الأصلية إلى لغة أجنبية ولا يمكنها بأي وجه
أن تقوم مقام الأصل الذي لا غنى عنه لتقدير قيمة الحجة فكان قضاة الاستئناف على
صواب حينما اعتبروا ان الترجمة المدلى بها لا قيمة لها كحجة لأنها مجردة عن الأصل
واما قولهم انها مسترابة بدون أن يبينوا اسباب الاسترابة فانما ذلك علة زائدة لا
تقدح في باقي التعليل.
وحيث إن قضاة الموضوع
لهم الحق في تصفح الرسوم المدلى بها لديهم واختبار صحتها شكلا وموضوعا قبل أن
يعملوا بها ولو لم يقع أي طعن من لدى المحتج بها عليهم وأن ذلك داخل في سلطتهم
التقديرية التي لا تخضع لرقابة المجلس فإن الحكم المطعون فيه مشتمل على التعليل
الكافي ومبني على أساس قانوني.
لذلك فإن الوجه الأول
بفرعيه لا يمكن اعتباره.
وفيما يخص الوجه الثاني المستدل به:
حيث يعيب طالبوا النقض
على الحكم المطعون فيه خرقه قواعد الحيازة القاطعة للخصام المقررة في الشريعة
الإسلامية وانعدام أو على الأقل عدم كفاية التعليل وتحريف العناصر المهمة في الملف
وانعدام الأساس القانوني وذلك عندما لاحظ الحكم المطعون فيه ان موروث طالبي
التحفيظ برقم 20.810 حرف الكاف كان حائزا لقطعة النزاع قبل حيازتها من طرف موروث
طالبي النقض وحدد حكما في سنة 1930 تاريخ حيازة هذا الأخير وصرح بأن ظروف حيازته يشوبها
التباس وأن هذا الالتباس تؤكده الملكية التي أدلى بها والذي يحدد شهودها مبدا
حيازته قبل التاريخ المشار له وعندما اعتبر أيضا ان طالبي التحفيظ برقم 20.810 حرف
الكاف قطعوا بصفة مجدية مفعول هذه الحيازة قبل أن يمر عليها عشر سنين.
في حين من جهة أنه ليس
في عناصر البحث ما يبيح تحديد مبدا حيازة موروث الطالبين في سنة 1930 والحالة انهم
يعتبرونها اقدم من ذلك بكثير وأن خصومهم انفسهم يعترفون بأنها ترجع إلى سنة 1928.
وفي حين من جهة أخرى
فضلا عن كون عناصر البحث لا تبيح القول بأن حيازة موروث طالبي النقض وقعت في ظروف
ملتبسة – وذلك شيء يقرره الحكم بدون بيان لاسباب ذلك – فإن مضمون الملكية المؤرخة
في 4 ماي 1932 لا يؤكد التباس ظروف الحيازة المزعوم بل على العكس من ذلك يبين أمد
الحيازة المنسوبة إلى موروث طالبي النقض بصفة مدققة حيث يرجعها إلى سنة 1922 بينما
البحث عجز عن تحديد أمد الحيازة بصفة صحيحة وأخيرا في حين أن رسائل موجهة من سلطات
عسكرية إلى سلطات ادارية وهي كل ما أدلى به طالبوا التحفيظ برقم 20.810 حرف الكاف
في هذا المضمار لا يمكن أن تشكل وحدها افعالا قاطعة للحيازة باعتبار أنه لا يوجد
بالملف دليل على أن طالبي التحفيظ برقم 20.810 حرف الكاف أدلوا بوثيقة صحيحة يؤخذ
منها تقييد مقال من طرفهم لدى القاضي قبل أن يمر على حيازة موروث طالبي النقض
وحيازتهم بعده أمد يمكنهم من الاستظهار بها.
لكن حيث إن من شروط
الحيازة أن تطول عشر سنين مع حضور المدعى وسكوته بلا مانع طول المدة المذكورة.
وحيث إن المحكمة اعتمدت
على ما جاء في البحث لإثبات أن حيازة موروث طالبي التحفيظ سابقة لحيازة موروث
طالبي النقض وأن حيازة هذا الأخير ابتدأت حوالي سنة 1930 – لا في سنة 1930 كما ورد
في الوجه المستدل به – أي بعدها أو قبلها بمدة يسيرة كالسنة والسنتين.
وحيث إن ممثل طالبي
التحفيظ برقم 20.810 حرف الكاف وكذلك الشهود صرحوا اثناء البحث فيما يرجع لابتداء
أمد حيازة موروث طالبي النقض تصريحات أخذت منها محكمة الاستئناف بما لها من كامل
السلطة في ذلك أن حيازته ابتدات حوالي سنة 1930.
وحيث إن قضاة الاستئناف
اعتبروا ان طالبي التحفيظ برقم 20.810 حرف الكاف قطعوا مفعول تلك الحيازة بعدم
سكوتهم عليها إذ اثاروا نزاعا في شأنها بالشكاية لدى القائد ولدى القاضي خلال سنتي
1936 – 1937 أي داخل العشر سنين وأن قضاة الاستئناف استندوا في تقرير ذلك إلى ما
ورد في الرسائل المدلى بها والى ما قاله الشهود اثناء البحث مقدرين لذلك بما لهم
من كامل السلطة ايضا.
وحيث إن وصفهم للحيازة
بأنها مشوبة بالالتباس مسالة تتعلق بمحض الواقع الذي لا رقابة للمجلس عليه على أن
قضاة الموضوع كانوا في غنى عن ذلك ما دام انهم قرروا ان قطع الحيازة وقع خلال
العشر سنين.
وحيث إن قضاة الاستئناف
باستنادهم على ما ذكر أعلاه والمضمن في اسباب الحكم المطعون فيه عللوا حكمهم
تعليلا كافيا وطبقوا قواعد الحيازة تطبيقا سليما، الشيء الذي يجعل الوجه المستدل
به في فروعه الثلاثة غير مقبول في بعضه وغير مرتكز على أساس في البعض الاخر.
لهذه الأسباب
قضى المجلس الأعلى برفض
طلب النقض وعلى اصحابه بالصائر.
وبه صدر الحكم بالجلسة
العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور حوله في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى
بالمشور وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من معالي الرئيس الأول السيد أحمد با حنيني
والمستشارين السادة: امحمد بن يخلف، إدريس بنونة، محمد عمور، سالمون بنسباط،
وبمحضر وكيل الدولة العام السيد ابراهيم قدارة وبمساعدة كاتب الضبط السيد المعروفي
سعيد.
*عن مجموعة قرارات المجلس الأعلى
الجزء الأول 1966 – 1982 ص 11.
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم