علم الإجرام
س 1 : اكتب في تعريف علم الإجرام وبين المقصود
بالجريمة والمجرم في علم الإجرام ؟ ( سؤال امتحان ذكر ثلاث مرات)
H تعريف علم الإجرام : علم
الإجرام علم حديث النشأة ولذلك فإن وضع تعريف مفصل ودقيق له يبدو عملا معقدا ، مما
يترتب على ذلك بطبيعة الحال تعدد تلك التعريفات بتعدد الباحثين وتخصصاتهم . وهكذا
ظهر في مجال بيان تعريف علم الإجرام تعريفات موسعة وأخرى ضيقة لهذا العلم .
أولا : التعريفات الموسعة لعلم الإجرام :
H هذه التعريفات تجعل من علم الإجرام علما يتسع ليضم عددا من العلوم
الجنائية التي تهتم بدراسة الظاهرة الإجرامية وتحيله إلي عنوان يحتوي على مجموعة
من العلوم المختلفة والمستقلة .
أ-
يعرفه
فيري أحد زعماء المدرسة الوضعية الإيطالية بأنه العلم
الذي يضم كل العلوم الجنائية وبصفة خاصة القانون الجنائي الذي لا يخرج عن كونه أحد
أبوابه أو فصوله القانونية لهذا العلم .
ب- ومن التعريفات الموسعة أيضا لعلم الإجرام التعريف
الذي تبنته المدرسة النمساوية الموسوعية والتي ابتعدت عن التعريف الذي أخذ به فيري
. ففي نظر زعماء هذه المدرسة يمكن دراسة الظاهرة الإجرامية من وجهين أحدهما قانوني
أو قاعدي والآخر واقعي أو موضوعي ، أنه يجب التمييز بين هذين الوجهين فقانون
العقوبات يهتم بدراسة الجانب القانوني أو القاعدي بينما يدرس علم الإجرام الجانب
الواقعي أو الموضوعي . وعلى أساس هذه التفرقة يعرف أنصار تلك المدرسة علم الإجرام
بأنه العلم الذي لا يقتصر فقط على بحث أسباب أو عوامل الظاهرة الإجرامية ، بل
يغطي أيضا علم الإثبات أو التحقيق العلمي ، وكذلك علم العقاب .
جـ- يعرفه
دور كايم بأنه العلم الذي يدرس الجريمة باعتبارها فعلا معاقبا عليه جنائيا .
د-كما
يأخذ أيضا بالتعريف الموسع لعلم الإجرام المدرسة الأمريكية التقليدية ، وأن كان من
زاوية مختلفة عن التعريفات السابقة . فقد ذهب العالم الأمريكي سذرلاند إلي
أن علم الإجرام هو العلم الذي يدرس الجريمة على أساس أنها ظاهرة اجتماعية .
استنادا إلي ذلك ينقسم علم الإجرام إلي ثلاثة فروع أساسية ، علم الاجتماع الجنائي
، وأسباب أو عوامل الجريمة ، علم العقاب . استمرت المدرسة الأمريكية بعد تطورها
إلي الأخذ بتعريف موسع لعلم الإجرام ، فبعد أن تركت البحث حول الجريمة والمجرم
واتجهت نحو رد الفعل الاجتماعي وعلم الضحية أو المجني عليه أصبح علم الإجرام يعني
دراسة مضمون وآثار رد الفعل الاجتماعي على الظاهرة الإجرامية وأثر ذلك على المجني
عليه ، يضم أربعة أقسام علم أسباب الجريمة والإجرام المنظم ورد الفعل الاجتماعي
وعلم الضحية .
هـ- وقد
أقر المؤتمر الدولي الثاني لعلم الإجرام الذي انعقد في باريس سنة 1950 تعريفا
موسعا لعلم الإجرام مقتضاه أنه العلم الذي يهتم بالدراسة العلمية للظاهرة
الإجرامية ، أن مضمونه دراسة أسباب الظاهر الإجرامية وسبل معالجتها .
ثانيا : التعريفات الضيقة لعلم الإجرام :
H يذهب أنصار هذه التعريفات إلي ضرورة التمييز بين علم الإجرام
وقانون العقوبات فالأول علم تجريبي وضعي ، بينما الثاني علم قاعدي أو قانوني ،
وعلى هذا يستقل كل منهما عن الآخر ولا يدخل أحدهما في الآخر . يعرفون علم الإجرام
بأنه العلم الذي يبحث في أسباب أو عوامل الظاهرة الإجرامية وحركة هذه الظاهرة
فقط . فلا يدخل في مدلول هذا العلم علم اجتماع القانون الجنائي ولا القضاء
الجنائي ولا علم التحقيق الجنائي ولا علم العقاب ولا علم الوقاية من الجريمة
.
ولكن
حسبنا أن نقدم تعريفا مبسطا يعكس وجهه نظرنا . فعلم الإجرام على هذا النحو
هو الدراسة العلمية للجريمة كسلوك فردي وكظاهرة اجتماعية ، دراسة تستهدف الانتقال
من الوصف والتحليل إلي بسط العوامل الدافعة إلي ارتكاب الفعل المكون للجريمة .
ويتضح من هذا التعريف أن علم الإجرام يهتم بصفة أساسية ببيان العوامل ، فردية كانت
أو اجتماعية ، التي تدفع بالمجرم إلي الوقوع في هاوية الجريمة
سؤال فرعي : ما المقصود بالجريمة والمجرم في علم
الإجرام ؟
1- المقصود بالجريمة في علم الإجرام :
يوجد للجريمة – بصفة عامة - معنيان أحدهما قانوني والأخر غير قانوني (
أخلاقي أو اجتماعي ) وفقا لمعناها القانوني ، بأنها الفعل الذي يجرمه القانون
ويقرر له جزاءا جنائيا . أما المعني غير القانوني للجريمة ، فلقد تباينت آراء
الفقهاء بشأنه : فمنهم من يؤسسه على الأخلاق ومنهم من يرده إلي القيم
الاجتماعية .
أ- فالاتجاه الأول : يربط بين الجريمة
وقواعد الأخلاق ، فالجريمة لهذا الاتجاه هي كل فعل يتعارض مع المبادئ الخلقية .
إلا أن أنصار هذا الاتجاه انقسموا على أنفسهم إلي
قسمين :
القسم الأول : يجعل العلاقة بين الجريمة والأخلاق
قاصرة على مخالفة بعض القواعد الخلقية كلها .يتزعم
القسم الأول الفقيه الإيطالي جاروفالو ، وهو أحد أقطاب المدرسة الوضعية الإيطالية
. يري هذا الفقيه أن الجريمة هي كل فعل أو امتناع اُعتبر جريمة في كافة
المجتمعات المتمدينة ، والتي اعتبرت كذلك على مر العصور بسبب تعارضها مع قواعد
الإيثار والرحمة والأمانة والنزاهة . يطلق جاروفالو على هذه الجريمة اسم
" الجريمة الطبيعية " ومن أمثلها القتل والسرقة . وبالنظر إلي تعريف
الجريمة على هذا النحو يلاحظ أنها يجب أن تكون واحدة بالنسبة لجميع المجتمعات ،
ثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان ، وأنها تخالف بعض قواعد الأخلاق لا جميع هذه
القواعد . وقد تعرض مفهوم جاروفالو لفكرة " الجريمة الطبيعة " للنقد
الشديد .
أ-
فالقول
بوحدة الجريمة وعدم تغيرها في الزمان والمكان أمر يكذبه الواقع والتجربة ،
فالتجربة والواقع يثبتان أن فعلا معينا يعد جريمة في ظروف معينة ، ولا يعد كذلك
إذا ما تغيرت الظروف .
ب- يضاف إلي ما تقدم ، أن قصر مفهوم الجريمة على
الأفعال التي تتعارض مع بعض قواعد الأخلاق فيه تضيق لنطاقها .
القسم الثاني : يجعل العلاقة بين الجريمة
والأخلاق شاملة لكل القواعد الخلقية دون تمييز
ولتفادي الانتقادات السابقة ذهب أنصار القسم
الثاني إلي تعريف الجريمة بأنها كل فعل أو امتناع يتعارض مع القيم الأخلاقية
المتعارف عليها في المجتمع . يتضح من هذا التعريف الربط بين الجريمة ومخالفة
كل قواعد الأخلاق لا بعضها كما ذهب أنصار القسم الأول .
مع ذلك فقد تعرض تعريف الجريمة على هذا النحو
للنقد أيضا ، ويقوم هذا الاعتراض أساسا على عدم وجود تطابق بين القانون الجنائي
والأخلاق
1-
فهناك
أفعال لا تتعارض مع القيم الأخلاقية ويجرمها القانون
2- يضاف إلي ذلك أن القيم الأخلاقية فكرة مثالية ،
والمثالية هي ما ينبغي أن يكون ، ومن ثم فإن التعريف السابق لا يضع تعريفا للجريمة
كما هي كائنة في الواقع ، إنما لما يجب أن يكون جريمة . وهذا عن الاتجاه الأول
الذي يربط بين الجريمة والأخلاق .
ب- الاتجاه الثاني : فيقوم التعريف الاجتماعي للجريمة لديه على أساس
الرابط بينها وبين القيم الاجتماعية . وتعددت زعماء هذا الاتجاه فمن قائل بأن
الجريمة هي كل فعل أو امتناع يتعارض مع القيم والأفكار التي استقرت في وجدان
الجماعة ومن قائل بأنها تلك التي تتعارض مع المقتضيات الأساسية الخاصة بحفظ وبقاء
المجتمع لا شك في أن التعريفات السابقة للجريمة تبين جوهرها وحقيقتها ولكنها تفتقر
إلي التحديد الدقيق لمفهومها.
1- ذلك أن " القيم الاجتماعية " التي تؤسس
عليها هذه التعريفات ، فكرة غير منضبطة تحتاج إلي بيان حدودها .
2- ثم – وهذا هو الأهم – من هو صاحب السلطان في
تقرير هذه القيم وتحديدها
لو ترك الأمر لكل باحث لتضاربت الآراء حول
الجريمة ومن ثم فقدت هذه الدراسة صفة العلم التي توصف بها .
ولذات الأسباب السابقة يأخذ الاتجاه الغالب
بالتعريف القانوني للجريمة في مجال علم الإجرام ، فالجريمة وفقا لهذا التعريف –
كما أشرنا من قبل – هي الفعل الذي يجرمه القانون ويقرر له جزاءا جنائيا . وعلى
الرغم من أن الاتجاه الغالب في الفقه هو الرجوع إلي هذا المعني القانوني لتحديد أي
من الأفعال يعد جرائم ، إلا أن هذا الاتجاه انقسم بشأن أي من هذه الجرائم يصلح لأن
يكون موضوعا لدراسة علم الإجرام . فالجرائم ليست على درجة واحدة من الجسامة ، منها
ما هو شديد الجسامة ومنها ما هو متوسطها ومنها ما هو أخف جسامة ويطلق على النوع
الأولي الجنايات والثاني الجنح والثالث المخالفات . فهناك من يري استبعاد
المخالفات من دراسة علم الإجرام ، نظراً لتفاهتها من جهة ولأنها لا تكشف عن شخصية
إجرامية أو تكوين إجرامي من جهة أخري . مع ذلك فإن استبعاد كل المخالفات أو بعضها
لا يتفق والمفهوم القانوني للجريمة الذي اعتمدناه أساسا لدراسة علم الإجرام ، يضاف
إلي ذلك أن المخالفة مهما كانت تفاهتها أو عناصرها . فهي في كل الأحوال سلوك يحظره
المشرع ويري فيه اعتداء على قيم اجتماعية جديرة بالحماية ومن ثم كانت مقاومة هذا
السلوك ضرورية ويكون ضروريا بالتالي دراسة العوامل الدافعة إليه .
ولهذا فمن المناسب أن يكون مفهوم الجريمة في علم
الإجرام شاملا لكافة أنواع الجرائم بما فيها المخالفات . وعلى العكس من ذلك ، فإنه
يخرج من نطاق دراسة علم الإجرام أي سلوك لا ينطبق عليه وصف الجريمة بالتحديد
السابق ، مهما كانت درجة مخالفة هذا السلوك القيم الأخلاقية أو الاجتماعية ، بل
مهما كانت درجة خطورة الشخص الذي يصدر عنه مثل هذا السلوك .
2- المقصود بالمجرم في علم الإجرام :
المجرم قانونا هو الشخص الذي ارتكب فعلا
يكـوَّن جريمة وصدر ضده حكما باتا ( أو مبرما ) بإدانته . وإسناد صفة المجرم
لشخص على هذا النحو يترتب عليها آثارا قانونية خطيرة تمسه في أهم حقوقه ( مثل الحق
في حياته أو في سلامة جسمه أو في ماله أو في شرفه واعتباره )
أ-
وبالنظر
إلي مثل هذه الآثار الخطيرة ، فإن صفة المجرم لا تثبت في حق الشخص الذي يشتبه فيه
أو يتهم بارتكاب فعل ، طالما لم يصدر ضده حكما باتا بالإدانة .
ب- ومع ذلك فقد ذهب رأي إلي عدم الاقتصار على خضوع
المجرمين بالمفهوم السابق لدراسات علم الإجرام وإنما يجب أن تمتد هذه الدراسات –
في نظر أنصار هذا الرأي – إلي المدعي عليهم أيضا فالمقصود بالمجرم في علم الإجرام
، عندهم ، هو" كل شخص أُسند إليه ارتكاب جريمة بشكل جدي سواء دانه القضاء
نهائيا أم لم يدنه " ولكن هذا الرأي لا يتسق مع ما سبق أن انتهينا إليه من
الأخذ بالمفهوم القانوني للجريمة . ولهذا يكون للمجرم في علم الإجرام ذات المفهوم في
القانون الجنائي وهو من يرتكب فعلا يكوّن جريمة ويصدر ضده حكم بات ( أم مبرم
بالإدانة ) ولكن المجرمين ليسوا على درجة واحدة من الإدراك والتمييز فينقسمون من
هذه الزاوية إلي مجرمين عاديين أو أسوياء ومجرمين غير عاديين أو غير أسوياء
جـ- يذهب
بعض علماء الإجرام – اعتمادا على هذا التقسيم – إلي الاقتصار على دراسة إجرام
الأسوياء فقط ، لأن هؤلاء يتوافر في حقهم المسئولية الجنائية ومن ثم يمكن تصور
تطبيق العقوبة عليهم . أما غير الأسوياء فلا يتحقق في أفعالهم غير الجانب المادي
فقط للجريمة وينسحب ذلك على مسئوليتهم الجنائية فلا تقع عليهم تلك المسئولية ولا
يخضعون بالتالي لعقوبة جنائية
س 2 : اكتب في طرق المنهج
العلمي في مجال الدراسات الإجرامية ؟ ( سؤال امتحان ذكر مرة واحدة)
ولما كان السلوك الإجرامي ظاهرة اجتماعية فإن
البحث في أسبابه ودوافعه يجب أن يعتمد على المنهج التجريبي القائم على الملاحظة
والتجربة . وبالنظر إلي صعوبة إجراء التجارب ، على هذا النحو ، فإن الملاحظة تعد
الأسلوب الميسر والجوهري في علم الإجرام ، تقوم الملاحظة على المراقبة والمشاهدة
الدقيقة والفعلية للظاهرة أثناء تكوين الوقائع المتعلقة بها . ومتى تعذرت الملاحظة
المباشرة والمعاصرة لمراحل ارتكاب الجريمة ، فإن الملاحظة في مجال علم الإجرام
تتخذ أشكالا أخرى غير مباشرة منها الإحصاءات والمسح الاجتماعي ، والمقابلة
والاستبيان والفحص الشامل .
سنتعرض بشيء من التفصيل لكل أسلوب من هذه
الأساليب السابقة:
سؤال فرعي : اشرح الإحصاء باعتباره أحد أساليب
البحث في علم الإجرام ؟ ( سؤال امتحان ذكر ثمانية مرات) هام جدا .
1- الإحصاء :
يستخدم الإحصاء في دراسة الحركة العامة للظاهرة
الإجرامية من حيث توازنها ، تقلباتها علاقاتها سواء بالظروف الشخصية ( السن –
الجنس – السلالة ) ، أو الجغرافية والاجتماعية ( المناخ – فصول السنة – النواحي
الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ) بعبارة مختصرة يقصد بالإحصاء في
مجال علم الإجرام " ترجمة الظاهرة الإجرامية إلي أرقام " ويعد
الأسلوب الإحصائي أول وأقدم أسلوب استخدام في التفسير العلمي للظاهرة الإجرامية
كما أنه من أهم الأساليب المتبعة في علم الإجرام . تعتبر فرنسا أول من قام بإعداد
إحصاء سنوي عام للجرائم ، حيث نشر أول إحصاء عام 1827 وذلك عن الجرائم التي ارتكبت
في جميع الأقاليم الفرنسية عام 1825 . ودراسة الظاهرة الإجرامية إحصائيا تتم بإحدى
طريقتين : الطريقة الثابتة أو الطريقة المتحركة .
ففي الإحصاء الثابت ، يقتصر الباحث على دراسة الجريمة ( كما أو نوعا )
في فترة زمنية معينة في عدة دول أو أقاليم متعددة في دولة واحدة ومقارنتها
بالظواهر أو الظروف المختلفة السائدة في كل دولة أو كل إقليم في تلك الفترة
الزمنية . مثال ذلك العلاقة بين الظاهرة الإجرامية في مجموعها وظاهرة البطالة ،
والعلاقة بين نوع معين من الجرائم كالجرائم الجنسية مثلا أو جرائم الأموال وبين
الجنس أو السن .
أما في الإحصاء المتحرك ، يتجه الباحث إلي دراسة الجريمة ( كما أو نوعا )
في أوقات متعددة ولكن في مكان واحد ومقارنتها بتغير الظروف في هذا المكان مثل
العلاقة بين الظاهرة الإجرامية ككل وتقلبات المناخ . للإحصاء الجنائي – ثابتاً كان
أو متحركا – أهمية لا تنكر ، فهو يفيد في بيان عدد الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم في
إقليم الدولة وتحديد عدد من تم القبض عليهم ومن قدموا إلي المحاكمة ، ومن منهم
نفذت فيه الأحكام الصادرة ، ومن لم ينفذها بسبب الهرب أو أي سبب آخر . يظهر
الإحصاء كذلك مدي كفاءة السلطات المختصة بالكشف عن الجرائم وتتبع المجرمين
والمشاكل التي تصادفهم ولكي يكون للنتائج التي يسفر عنها الأسلوب الإحصائي قيمة
علمية يجب أن :
1-
يتوافر
العدد الكافي للعينة محل الدراسة
2-
أن تكون
هذه العينة ممثلة تمثيلا صادقا .
في هذين الشرطين تكمن الصعوبات التي تواجه هذا
الأسلوب وتجعله محلا للنقد
فمن حيث العدد الكافي للعينة محل الدراسة : يؤخذ على الإحصاء الجنائي تعدد مصادر فمنها ما هو
دولي ( كالإحصاءات الصادرة عن الأنتربول ) ومنها ما هو محلي أو قومي . المحلي
ينقسم بدوره إلي رسمي وغير رسمي وإزاء هذا التعدد في مصادر الإحصاء ، يثور
التساؤل حول أي منها يتخذ أساسا للدراسة ، إذا أخذنا بنوع منها ، فإنه يصعب تعميم
النتائج التي يتم التوصل إليها . فإذا كانت العينة محل الدراسة مثلا طائفة معينة
من الجرائم أو المجرمين ، وأسفرت مثل هذه الدراسة عن نتائج معينة ، فإنه يكون من
الخطأ امتداد هذه النتائج إلي جرائم أخرى أو إلي مجرمين آخرين غير العينة التي
كانت محل الدراسة
ومن ناحية التمثيل الصادق للعينة ، فإن الأسلوب الإحصائي يؤخذ عليه أن كثيرا من
الجرائم ترتكب وتظل في طي الكتمان ، وهذا ما يعبر عنه علماء الإجراء "
بالرقم الأسود " أو " الرقم المخفي " ويتمثل في الفرق بين
الجرائم الحقيقية التي ارتكبت فعلا وبين تلك التي تظهر في الإحصاءات الرسمية ،
وبصفة خاصة الصادرة عن وزارة الداخلية وقد يكون سبب اختفاء هذه الجرائم المجرم
نفسه عن طريق تهديد المجني عليه إذا أبلغ السلطات المختصة بأمر الجريمة أو إذا كان
من طائفة .
وقد يكون السبب المجني عليه فقد يوافق على الجريمة كما هو الحال في جرائم
الإجهاض والجرائم الجنسية. وقد ترجع السبب في اختفاء بعض الجرائم وعدم ظهورها في
الإحصاءات إلي البوليس نفسه نظرا لعدم توافر العدد الكافي للكشف عن الجريمة ، أو
تقاعسه عن تسجيلها لسبب أو لآخر . على الرغم من هذه الانتقادات فما زال أسلوب
الإحصاء من أهم طرق البحث العلمي في مجال دراسة الظاهرة الإجرامية
انتهي
السؤال الفرعي
2- الاستبيان والمقابلة :
الاستبيان وسيلة من
وسائل الملاحظة التي يقوم عليها المنهج التجريبي بهدف جمع بيانات وحقائق تتعلق
بالظاهرة الإجرامية . تتلخص هذه الوسيلة في توجيه عدة أسئلة للأفراد محل الدراسة
مع منحهم الفرصة للإجابة عليها في غير حضور الباحث وبدون تدخله . ويتوقف نجاح هذه
الوسيلة على نوعية الأسئلة المقدمة وعلى كفاءة الباحث إلا أنه يعيبها امتناع بعض
الأفراد عن إجابة كل الأسئلة أو بعضها ، أو الرد بإجابات غير صادقة ، كما يعيبها
أيضا استبعاد الأميين الذين لا يقرأون ولا يكتبون من مجالها .
المقابلة فهي
تختلف عن أسلوب الاستبيان إذ يتصل الباحث بالأفراد محل الدراسة مباشرة وتتحقق هذه
الوسيلة عن طريق توجيه عدة أسئلة من الباحث مباشرة إلي الفرد أو الأفراد محل
الدراسة
3- المسح الاجتماعي :
يقصد بالمسح الاجتماعي تجميع الحقائق عن الظروف
الاجتماعية في بيئة ما أو عن ظاهرة معينة في مجتمع معين وفي نطاق علم الإجرام ،
تعني هذه الوسيلة بتجميع المعلومات عن طائفة خاصة من المجرمين مثل
المتشردين أو المدمنين على المخدرات أو عن جرائم معينة مثل جرائم الدعارة
مثلا أو في وسط اجتماعي معين كحي شعبي . يتعاون في إجراء المسح الاجتماعي
فريق من الباحثين ، لا باحث واحد مستعينين في ذلك بوسائل أخرى كالاستبيان
والمقابلة . المسح الاجتماعي يمكن إجراؤه من زاويتين : الزاوية متعلقة بمسح
الجريمة وتتضمن دراسة المجتمعات المختلفة لتحديد أنواع الجرائم التي تقع فيها ومدى
كثافتها بصفة عامة . الزاوية الثانية تتعلق بالمسح أو دراسة البيئة وتعني دراسة
أماكن إقامة المجرمين وتقسيمها إلي مناطق حسب نوع الجريمة .
4- الفحص الشامل للمجرم :
أ- الفحص العضوي :
ينطوي هذا الأسلوب على الفحص الطبي الشامل
للأعضاء الداخلية والخارجية لمجرم معين بذاته ، للبحث عن خلل عضوي قد يكون له
دلالة في تفسير السلوك الإجرامي . إلي جانب الفحص الطبي الشامل لأعضاء الجسم
الداخلية والخارجية تتولي الدراسات البيولوجية فحص الغدد وإجراء الأشعة .... الخ
لبيان أثرها على السلوك الإنساني ، كما يمكن الاستعانة بنتائج هذه الدراسات في
محاولة تصنيف المجرمين على أساسها .
ب- الفحص النفسي والعقلي :
يتضمن هذا الفحص إجراء الاختبارات المختلفة للكشف
عن الاضطرابات النفسية والعقلية لدي المجرم محل الدراسة وتكشف هذه الاختبارات عن
اتجاهات شخصية المجرم الخاضع للفحص ومدى ما تنطوي عليه من اضطرابات
جـ- دراسة
ماضي المجرم :
يجب أن يضاف إلي الفحص العضوي والنفس والعقلي
للمجرم دراسة تاريخ حياته خلال مراحل نموه المختلفة ، بصفة خاصة تطور الجانب
النفسي والعقلي .
انتهي السؤال الرئيسي
والفرعي
س 3 : اكتب في تفسير المدرسة التكوينية التقليدية
( المدرسة اللومبروزية ) للسلوك الإجرامي ؟ ( سؤال امتحان هام جدا ذكر مرة واحدة )
يعتبر لمبروزو رائد المدرسة التكوينية وأحد أقطاب
المدرسة الوضعية الإيطالية . ولقد أجرى لمبروزو أبحاثه هذه على حوالي 383 جمجمة
لمجرمين موتي . وحوالي 600 ستمائة مجرم على قيد الحياة مستخدما المنهج التجريبي .
ساعده على نتائجه التي وصل إليها فحص ثلاث حالات
كانت فتحا له نحو بناء نظريته .
الحالة الأولي : كانت للص
محترف وشقي يدعي فيليلا حيث قام بفحص جسمه وهو على قيد الحياة وبعد وفاته
عهد إليه بتشريح جثته . استخلص لمبروزو بعد فحص فيليلا وتشريح جثته نتيجة مؤداها
أن المجرم وحش بدائي تتوافر فيه بطريق الوراثة خصائص الإنسان البدائي وخلص من ذلك
إلي الربط بين الإجرام والتخلف العضوي .
الحالة الثانية : كانت
لمجرم خطير يدعي فرسيني إتهم بقتل حوالي عشرين امرأة بطريقة وحشية ، وبعد
فحص لمبروزو لفرسيني انتهي إلي أن هذا المجرم له خصائص الإنسان البدائي في تكوينه
الجسماني وتوجد عنده مظاهر قسوة الحيوانات المفترسة . ، ضمن لمبروزو النتائج التي
توصل إليها في الطبعة الأولي من كتابه " الإنسان المجرم " والذي قال فيه
أن المجرم وحش بدائي يتميز بملامح خاصة توافرت فيه عن طريق الوراثة وأنه مطبوع
على الإجرام . لقد لقيت آراء لمبروزو في البداية نجاحا سريعا وتأييدا من بعض
الباحثين ما لبث أن انقلب إلي نقد شديد من جميع الاتجاهات وبصفة خاصة من زميله فيري
، أحد أقطاب المدرسة الوضعية التي ينتمي إليها لمبروزو نفسه . ومع ذلك ، لم
يؤد هذا النقد إلي تغيير آراء لمبروزو عن المجرم المطبوع ، إنما قام بإجراء المزيد
من الفحوص والأبحاث التي كشفت له أن هناك عوامل أخرى – غير التي انتهي إليها سابقا
– تدفع إلي الإجرام مما يمكن معه التمييز بين أنواع المجرمين استنادا إلي هذه
العوامل .
ففي عام 1884 ، مكـّن فحص الحالة الثالثة لمبروزو
من إكمال نظريته وهي حالة الجندي " مسديا " الذي كان مريضا بالصرع ، ولم
يعرف عنه سوء الخلق وبسبب واقعة تافهة وعلى أثر هذه الواقعة ثار ثورة عنيفة ،
وطارد ثمانية أفراد من رؤسائه وزملائه وقتلهم جميعا . بعد دراسة لمبروزو لهذه
الحالة تبين له أن مسديا يجمع صفات الحيوانات الأشد توحشا ، فضلا عن حالة الصرع
الوراثي المصاب بها والتي دفعه إلي ارتكاب جريمته وخلص إلي وجود علاقة بين الإجرام
والصرع وأن المجرم الصرعي أحد أنماط المجرمين بالفطرة أو بالطبع . كما استفاد لمبروزو من نقد زميله " فيري
" له مما جعله يفسح مجالا في نظريته للعوامل الاجتماعية . وعلى ضوء النتائج
السابقة أعاد لمبروزو صياغة نظريته وقسم على أساسها المجرمين إلي الفئات
التالية
1- المجرم المطبوع أو المجرم بالفطرة أو المجرم
بالميلاد :
يتميز المجرم المطبوع لدي لمبروزو بصفات موروثة
خاصة يرتد بها إلي عهد الإنسان البدائي ، وهذه الصفات منها ما هو عضوي أو خلقي
ومنها ما هو خاص بالحواس ومن الصفات العضوية ما هو عام مشترك بين جميع
المجرمين ، ومنها ما هو خاص بجرائم معينة . ومن الصفات العضوية العامة صغر حجم
الجمجمة وعدم انتظام شكلها ، وعيوب في التجويف الصدري وزيادة في طول الأذرع
والأرجل . وعن اختلاف الصفات الخلقية أو العضوية باختلاف الجرائم يري لمبروزو أن
المجرم يميل إلي السرقة يتميز بحركة غير عادية لوجهه ويديه ، صغر عينيه وعدم
استقرارهما ، كثافة شعر حاجبيه وضخامة الأنف القاتل يتميز بالنظرة العابسة
الباردة وضيق أبعاد رأسه وطول فكيه ، بروز وجنتيه ، المجرم الذي يميل إلي ارتكاب
جرائم الجنس يتميز بطول أذنيه وانخساف جمجمته وتقارب عينيه وفرطحة أنفه وضخامتها
وطول ذقنه الملحوظ .
أما الصفات الخاصة بالحواس فقد لاحظ لمبروزو كثرة وجود الوشم على أجسام
المجرمين ، كما لفت نظره خلاعة الرسوم الوشمية وبذاءتها ، فاستخلص من ذلك تميز
المجرمين بضعف إحساسهم للألم وفظاظتهم وغلظة قلوبهم . وذهب لمبروزو في بداية
أبحاثه إلي أن الصفات الإجرامية السابقة تتوافر لدي 65 – 70 % من المجرمين ، لكنه
عاد مع تقدم أبحاثه ودراساته إلي خفض هذه النسبة إلي ما يعادل 30 – 35 %
2- المجرم الصرعي :
هو المصاب بصرع وراثي يؤثر على العضلات والأعصاب
والتوازن النفسي . يصبح المجرم الصرعي مجرما مجنونا لا مجرما صرعيا فحسب
3- المجرم المجنون :
هو من يرتكب الجريمة تحت تأثير المرض العقلي .
ألحق لمبروزو بهذا النوع من المجرمين ، المجرم الهيستيري ، ومدمن الخمور والمخدرات
4- المجرم السيكوباتي :
وهو مجرم مصاب بالشخصية السيكوباتية والذي لا
يستطيع التكيف مع المجتمع مما قد يدفعه إلي ارتكاب الجريمة
5-
المجرم بالصدفة :
يقسم
لمبروزو هذه الفئة إلي نوعين :
أ-
المجرم الحكمي :وهو ذلك المجرم الذي يرتكب الجرائم غير العمدية
مثل جرائم الإجهاض وحمل السلاح والصحافة
ب- المجرم
ذو الاتجاه الإجرامي المختلط : وهو الذي
يرتكب الجريمة بسبب مؤثرات خارجية طارئة ، أي عن طريق تأثير الوسط أو البيئة التي
يعيش فيها . هو يتميز ببعض الخصائص العامة للمجرم المطبوع أو المصاب بالصرع ولكن
بصورة أخف درجة وأقل ظهورا فالاختلاف بينهما من حيث الدرجة لا من حيث النوع .
6- المجرم المعتاد : وهو المجرم الذي اعتاد على ارتكاب الجرائم تحت
تأثير ظروفه الاجتماعية ويعتبر الإجرام بالنسبة له حرفة أو طريقة حياة .
7-
المجرم العاطفي : وهو
الشخص الذي يتميز بحساسية مفرطة وهذه الحساسية المفرطة هي التي تدفعه إلي الإجرام
وأغلب الجرائم التي يرتكبها جرائم اعتداء على الأشخاص أو جرائم سياسية .
سؤال
فرعي : اكتب في تقدير نظرية لمبروزو كأحد النظريات العلمية في تفسير السلوك
الإجرامي ؟ (سؤال امتحان ذكر مرتين هام جداً )
لا يمكن
أن نجحد فضل لمبروزو في لفت الأنظار إلي دراسة شخص المجرم . كما لا ننكر فضل
لمبروزو في توجيه الانتباه إلي الأسلوب العلمي الذي قامت عليه فحوصه وأبحاثه .
يلاحظ من عرض مضمون نظرية لمبروزو السابق أنه استمر على موقفه من فكرة المجرم
بالفطرة رغم التعديلات اللاحقة التي أدخلها على النظرية . ولقد أدي هذا الموقف من
لمبروزو إلي استهداف النظرية للنقد من جانبين :
أولا :
عدم اتباع المنهج العلمي السليم :
1- أن العينة
التي أجرى عليها أبحاثه كانت قليلة نسبيا من حيث العدد ولا تكفي لدراسة
ظاهرة معقدة كالظاهرة الإجرامية
2- أن
العينة التي أجرى عليها لمبروزو أبحاثه لم تكن تمثل تمثيلا صادقا الظاهرة
الإجرامية وإنما اختياره لها كان خبط عشواء . فأغلب المجرمين الذين أخضعوا
لأبحاثه من مرتكبي جرائم العنف خاصة القتل وليست هذه هي الفئة الوحيدة التي تشمل
عليها الظاهرة الإجرامية
3- أن
لمبروزو لم يستخدم المجموعة الضابطة في أبحاثه ، فلم يقارن المجرمين بعدد
مماثل من غير المجرمين
4- أن
لمبروزو لجأ إلي التعميم الخاطئ في استخلاص نتائجه حيث أن ما توصل إليه من نتائج
كان بصدد حالات فردية محددة ( فيليلا – فرنسني – مسديا ) .
ثانيا :
عدم صحة النتائج التي توصل إليها لمبروزو :
تتضح عدم
صحة هذه النتائج فيما يلي :
1- يؤخذ
على لمبروزو أنه جعل من الملامح الخلقية التي يتميز به المجرمون العامل الأساسي
والجوهري في تكوين السلوك الإجرامي وأغفل العوامل الأخرى. وبصفةٍ خاصة
العوامل الاجتماعية. فالمجرم قبل أي شيء إنسان يتأثر بالبيئة أو المحيط المادي
الذي يعيش فيه ، ومن ثم كان من الضروري أن يكون لهذا المحيط دورا في ارتكاب
الجريمة.
2- إن
فكرة المجرم بالفطرة ، أو بالميلاد فكرة يأباها المنطق السليم ، لأن اعتبار سلوك
ما جريمة يتوقف على المجتمع الذي يجرمه.
3- فكرة
الارتداد إلى البدائية الأولى ، وإن الإنسان المجرم وحش بدائي ، فكرة
خاطئة. ذلك أن معلومات لمبروزو عن الإنسان البدائي ، ليست كافية حتى يمكن أن يقاس
المجرم عليها. كما إن القول بأن توافر صفات الإنسان البدائي في عصرنا هذا يجعل
صاحبها مجرما قول غير دقيق ، لأنه يعني أن المجتمع البدائي كله مجتمعا من
المجرمين. يضاف إلى هذا ، أنه قد ثبت أن الإنسان المعاصر لا يختلف من ناحية
الخصائص الخلقية عن إنسان ما قبل التاريخ وذلك بالنسبة لنفس الجنس الذي ينتمي
إليه.
4- ثبت علميـا عدم صحة ما ذهب إليه
لمبروزو من توافر صفات وملامح عضوية أو مرضية معينة يتميز بها المجرمون عن غير
المجرمين.
1- ففي دراسة قام بها العالم الإنجليزي جورنج على
3000 مسجون إنجليزي وقارنها بمجموعة مماثلة من غير المجرمين ثبت له عكس ما انتهي
إليه لمبروزو .
2-
وثبت
علميا أيضا عدم صدق قول لمبروزو أن جمجمة المجرم أصغر وأخف وزنا من جمجمة غير
المجرم .
3- كما تأكد علميا كذلك عدم صحة القول بوجود المجرم
المجنون أو الصرعي ، فلم يثبت علمياً أن كل مجنون أو مريض بالصرع ارتكب الجريمة .
إزاء هذه الانتقادات السابقة حاول أنصار
المدارس التكوينية إنقاذ نظريتهم .
1- فلقد أكد " فيري " على أهمية العوامل
الطبيعية والاجتماعية والنفسية إلي جانب العامل العضوي في تكوين السلوك الإجرامي
2-
كما أضاف
" جاروفالو " إلي جانب الشذوذ الخـِلقي الشذوذ الخَـلقي والنفسي
3- ولتجنب النقد الخاص بالمجموعة الضابطة والموجه
إلي منهج لمبروزو في البحث ، قام العالم الأمريكي هوتون بدراسة استمرت اثنتي عشر
عاما متواصلة على مجموعة من المحكوم عليهم بلغ عدد أفرادها 13.873 مقارنا إياهم
بمجموعة من غير المجرمين بلغ عدد أفرادها 3203 ولقد انتهي هذا العالم من دراساته
إلي نتائج مماثلة تقريبا لتلك التي انتهي إليها لمبروزو من قبل . وقد تعرضت آراء
هوتون لنفس الانتقادات الموجهة ضد نظرية لمبروزو .
لهذا كان على أنصار المدارس التكوينية تجاوز
الملامح الخارجية للإنسان المجرم إلي فحص أعضائه الداخلية .
انتهي السؤال الرئيسي والفرعي
س 4 : تكلم عن نظرية دي توليو وتقديرها في التكوين الإجرامي وأسباب الجريمة
وتصنيف المجرمين على أساسها ؟ ( سؤال امتحان هام ذكر خمس مرات) ؟
يعمل " دي توليو " أستاذا لعلم طبائع
المجرم بجامعة روما ويعد من أبرز الجنائيين الإيطاليين ، وتعتبر دراساته من أهم
دراسات المدرسة البيولوجية الحديثة . وأوصلته ملاحظاته إلي فكرة مؤداها أن سبب
الإجرام يمكن في التكوين لشخصية المجرم. وضمن نتائج أبحاثه في كتاب صدر له عام
1929 بعنوان " التكوين الإجرامي " حيث ركز فيه على فكرة
وجود استعداد سابق في التكوين الخاص لبعض الجناة يمكن اعتباره عاملا جوهريا
لسلوكهم الإجرامي . فكما يتمتع الإنسان بتكوين نفسي ، تكوين عقلي ، تكوين
عصبي بل وتكوين يجعل له قابلية الإصابة بأمراض معينة مثل السل والتهابات المسالك
البولية وغيرها ، يوجد أيضا تكوين إجرامي . يقرب " دي توليو " فكرته إلي
الأذهان فيشبه السلوك الإجرامي بالمرض ، فكما أن إصابة الجسم بالمرض ترجع إلي ضعف
مقاومته للجراثيم ، فكذلك الجريمة يتوقف ارتكابها على ضعف قوة الفرد على التكيف مع
مقتضيات الحياة الاجتماعية نتيجة لخلل عضوي ونفسي يتمثل فيه الاستعداد الإجرامي .
يذهب " دي توليو "
إلي أن أسباب عدم القابلية للتكيف مع البيئة
الاجتماعية ترجع إلي نوعين من العوامل :
النوع الأول عوامل
مصدرها النمو العاطفي المعيب للشخص بسبب ظروف داخلية تتصل بطاقته الغريزية . النوع
الثاني يتضمن عوامل ترجع إلي العيوب الجسمانية الناجمة عن الوراثة أو عن خلل
وظيفي له صلة بإفرازات الغدد وبصفة خاصة الغدد الصماء أو الهرمونات أو بالتهاب
المخ . هذا الاستعداد الإجرامي لازم
لارتكاب السلوك الإجرامي ولكن لا يكفي بمفرده خاصة العوامل البيئية . فالتكوين
الإجرامي – كما ذكر دي توليو – هو النواة التي يتفاعل معها باقي العوامل للاتجاه
نحو تنفيذ الجريمة وقسم " دي توليو " التكوين أو الاستعداد الإجرامي
قسمين : الأول : الاستعداد الإجرامي التكويني ، والثاني استعداد
عرضي .
الاستعداد الإجرامي التكويني أو الأصيل يكون مصدره الخلل في التكوين العضوي
والعصبي والنفسي ، بحيث يجعل لدي من يتوافر فيه ، ميلا فطريا إلي الإجرام .يطلق
" دي توليو " على من يتوافر لديهم هذا الاستعداد " المجرمون
بالتكوين "
أما الاستعداد الإجرامي العرضي فيرجع أساسا إلي عوامل شخصية وعوامل اجتماعية
تضعف بسببها مقاومة الشخص لرغباته ومشاعره ، فيندفع وقتياً إلي ارتكاب الجريمة . ويسمي المجرمون الذين
يوجد لديهم هذا الاستعداد بالمجرمين العرضيين . وسواء تعلق الأمر بمجرمي القسم
الأول أم القسم الثاني فلابد في كلا الأمرين من توافر عوامل أخرى بيئية أو
اجتماعية . وهذه العوامل يكون دورها ، بالنسبة لمجرمي القسم الأول ، كاشفة عن
تكوينهم الإجرامي . بينما يقتصر دورها ، بالنسبة لمجرمي القسم الثاني ، على إيجاد
ظرف مهيئ للإجرام .
يقسم "دي توليو " المجرمين إلي فئتين : مجرمون بالتكوين ، أو مجرمون عرضيون ويقسم كل
فئة إلي عدة أنواع :
فالمجرمون العرضيون يضمون
المجرم العرضي الصرف ، المجرم العرضي الشائع والمجرم العرضي العاطفي
أما المجرمون بالتكوين فيشملون المجرمون
بالتكوين الشائعون والمجرمون بالتكوين ذو الاتجاه التطوري الناقص والمجرمون
السيكوباتيون وأخيرا المجرمون المجانين . يميز
"دي توليو " بين المجرم المجنون والمجنون المجرم فالمجرم المجنون هو
الذي يرجع سبب إجرامه إلي تكوين كامن فيه سابق على إصابته بالجنون . أما المجنون
المجرم فهو الشخص الذي يرجع إجرامه إلي جنونه . دون أن بكون لديه تكوين إجرامي
سابق على الجنون .
تقدير المدرسة التكوينية الحديثة :
ركز أنصار المدرسة التكوينية الحديثة في أبحاثهم –
كسابقيهم أنصار المدرسة التكوينية التقليدية – على المجرم ذاته دون الفعل الإجرامي
. إلا أن أنصار هذه المدرسة يرجع إليهم الفضل
في سبر أغوار الجسم الإنساني للبحث عن الأسباب الدافعة إلي السلوك الإجرامي . كما
يرجع إليهم الفضل في لفت الأنظار إلي وجود تأثير ما بين كل من الجانب العضوي
والنفسي في الإنسان ، وأخيرا فإن المدرسة التكوينية الحديثة لم تهمل أهمية العوامل
الاجتماعية والظروف الخارجية في التأثير على شخصية المجرم وعلى تصرفاته بالرغم من
ذلك ، فقد تعرضت هذه المدرسة لانتقادات عديدة :
1- أنها اعتمدت ،كما اعتمد لمبروزو من قبل على فحص
عدد قليل من المجرمين كما أنها لم تلجأ إلي استخدام المجموعة الضابطة
2- أنها لجأت إلي سرعة الاستنتاج والتعميم في
تفسير الظاهرة الإجرامية . فقد اكتفي كل من " دي توليو " و" بندي
" بوجود التهابات في المخ والاضطرابات العاطفية لدي المجرم محل البحث ، ونظرا
لخبرتهم الطبية في هذا المجال وأثر ذلك على السلوك الإنساني انتهوا إلي نتيجة
مؤداها أن الشخص يجرم بسبب وجود مثل تلك الاضطرابات ثم بعد ذلك عممت هذه النتيجة
بالنسبة لكافة المجرمين وهذا غير صحيح فليست التهابات المخ والاضطرابات السبب
الوحيد للإجرام
3- أن المدرسة التكوينية الحديثة تجعل من المجرم
شخص مريض ، تحيل الظاهرة الإجرامية إلي ظاهرة مرضية . وهذا يتعارض مع نتائج
الدراسات الإحصائية التي تثبت أن نسبة المرض ضئيلة بين المجرمين
4- فالجريمة ؟أولا وقبل كل شيء – إرادة إجرامية
والإرادة هي خلاصة التفاعل بين عوامل نفسانية.
س 5 : تكلم عن مدرسة التحليل النفسي من حيث أقسام
النفس ، تفسير السلوك الإجرامي ، تقدير هذه المدرسة ؟
لكي يمكن فهم تفسير السلوك الإجرامي لدي هذه
المدرسة لا بد من التعرض أولاً لتحليل فرويد للنفس الإنسانية. يقسم فرويد هذه
النفس إلى ثلاثة أقسام.
القسم الأول : النفس ذات الشهوة ومركز الاهتمام لدي هذه النفس هو الانسياق وراء
اللذة وإشباع الشهوات بأي ثمن دون اعتداد بمنطق أو مثل أو قيم.
القسم الثاني : الذات الشعورية أو الحسية أو
العقل ويرمز لها لكلمة الأنا وبعبارة ثالثة تتلخص مهمة
الأنا في كبح جماح اللذات الدنيا على إشباع رغباتها الغريزية ، وحملها على التعبير
عن نزعاتها بشكل مقبول يتفق مع مقتضيات البيئة ولا يتعارض مع تأمر به الأنا
العليا.
القسم الثالث : المثالية أو الضمير ومعناها الأنا العليا التي تراقب الأنا وتحاسبها
عن أي تقصير في أداء مهمتها فتوجه إليها النقد وتؤنبها إذا ما سمحت بتغليب الغرائز
والشهوات على متطلبات الحياة الاجتماعية. ويرى فرويد أن السلوك الفردي يتوقف على مدى
العلاقة بين الأقسام الثلاثة السابقة للنفس الإنسانية. فإذا تغلبت الشهوات والميول
الفطرية (النفس ذات الشهوة) فأن السلوك يكون منحرفاً وتكون شخصية صاحبه غير ناضجة
، أما إذا تغلبت المثل والقيم الموروثة وتحكم الضمير والعقل (الأنا العليا) كان
السلوك قويماً وكانت شخصية صاحبه ناضجة.
وقد
قسم فرويد الذات الشعورية أو العقل (الأنا) إلى ثلاثة مراتب الشعور ، ما قبل
الشعور ، واللاشعور .ويعتبر الشعور أو العقل الظاهر وسيلة الوعي والإحساس والإدراك
المباشر ، أما ما قبل الشعور أو العقل الكامن فيقصد به مجموعة الأفكار والخواطر
والنزعات والذكريات القابلة للاستظهار بحيث يمكن للفرد أن يسترجعها ويتذكرها كلما
أراد ، أما اللاشعور أو العقل الباطن فيضمن مجموعة الأفكار والخواطر التي ليس في
وسع الفرد أن يسترجعها أو يوقظها إلا في حالات شاذة كحلم أو نوبة حمى عن طريق
التحليل النفسي أو التنويم المغناطيسي. ويرى فرويد أن ملكات اللاشعور أو العقل
الباطن تبلغ درجة من القوة وشدة التأثير في النفس الإنسانية تفوق الملكات
الشعورية. فالعقل الباطن بطبيعته يشتمل على أقوى مظاهر الحركة الفكرية والنشاط
النفساني ، وله تأثير على الأفكار والمشاعر والوجدان والسلوك الشعوري.
والسبب
في ذلك يرجع إلى أن اللاشعور يحوي ذكريات الطفولة ، وذكريات الحوادث النفسية
المكبوتة ، فضلاً عن النزعات والاستعدادات والميول الفطرية الموروثة. ومن شأن هذا
كله أن يؤثر على الشخصية ، وأن يتكيف وفقاً لهذا السلوك الصادر عن تلك الشخصية.
ولكي
ندرك هذه الحقيقة ، يكفي أن نتأمل مرحلة الطفولة. فحياة الطفل تحكمها نزعات غريزية
في أول الأمر نزعات شعورية ، ثم لا تلبث أن ترتد إلى اللاشعور على أثر اصطدامها
بالبيئة وما تحفل به من قيود تفرضها التقاليد والعادات المكتسبة وأصول التربية
السليمة. وهكذا تتكون مادة اللاشعور من الصراع بين الميول والنزعات الفطرية وبين
تقاليد المجتمع وتمارس الأنا عن طريق قوة الردع التي تستمدها من الأنا العليا كبح
جماح الذات الدنيا أي كبح جماح الميول والنزعات الفطرية للطفل يخمد على أثرها هذا
الصراع ويستقر في اللاشعور أي العقل الباطن. وتنشأ عن طريق الردع المتواصل لرغبات
الطفولة " قوة الكبت" أو " ملكة الكبت".
تفسير السلوك الإجرامي
يرى
فرويد أن كل سلوك إنساني يحركه دافع معين شعورياً هذا الدافع أم لا شعورياً.
وبالنظر إلى التحليل السابق لجنبات النفس البشرية فأن الدافع وراء السلوك الإجرامي
أحد أمرين
الأول إما تغليب النفس ذات الشهوة بسب انعدام
وجود الأنا العليا أو عجزها عن أداء مهمتها في الرقابة والردع. الثاني إما كبت
الأنا للميول الفطرية والنزعات الغريزية وإخمادها في اللاشعور وما يصحب ذلك من
تكون عقد نفسية.
وسواء
كان هذا الأمر أو ذاك فأن النتيجة الحتمية هي انطلاق الشهوات والنزعات والميول
الغريزية من عقالها إلى حيث البحث عن وسيلة لإشباعها ، وقد تكون الوسيلة سلوك سبيل
الجريمة.
تقدير مدرسة التحليل النفسي
لا شك
أن مدرسة التحليل النفسي قد سلطت الأضواء على كثير من الحقائق النفسية التي ظلت
مختفية عن أنظار الباحثين في تفسير السلوك الإجرامي.ومع ذلك فأنه لا يمكن الاعتماد
على ما انتهت إليه تلك المدرسة من آراء في تحليل وتفسير الظاهرة الإجرامية للأسباب
التالية
1- أن الأخذ بمنطق المدرسة التحليلية يقودنا
س 6 : تكلم عن المدرسة الجغرافية ( أو مدرسة
الخرائط ) ؟
مهد لظهور هذه المدرسة عاملان : الأول
ظهور الإحصاءات الجنائية في فرنسا اعتبارا من عام 1826 والثاني انتشار
تعاليم الفيلسوف أوجست كونت في علم الاجتماع . فأبرز " جيري " العلاقة
بين المناخ وفصول السنة من ناحية والإجرام من ناحية أخري . أكمل " كتيليه
" ما سبق أن انتهي إليه " جيري " ووصل في النهاية إلي صياغة
قانونين :
القانون الأول : يتعلق
بثبات الإجرام من عام لأخر . يطلق عليه قانون " ميزانية الجريمة "
، فكما توجد ضرائب مالية في المجتمع ، توجد كذلك ضريبة إجرامية يجب على المجتمع تحملها
كل عام
والقانون الثاني هو
قانون " الحرارة الإجرامي " والذي أكد فيه أن جرائم الأشخاص تغلب في
الأقاليم الجنوبية لأوروبا حينما يكون الطقس حارا بينما تغلب جرائم الأموال في
الأقاليم الشمالية لأوروبا حينما يكون الطقس باردا
تقدير المدرسة الجغرافية :
كان للمدرسة الجغرافية فضل السبق في كشف العلاقة
بين الجريمة والظواهر الطبيعة المختلفة ، وبصفة خاصة الطقس .
لكن أخذ على هذه المدرسة أنه ليس معني وجود علاقة
بين الظاهر الطبيعية والجريمة أن الأولي سبب للثانية وعلى فرض صحة اعتبار الظاهر
الطبيعية سببا للجريمة ، فإنها لا تكفي وحدها لتفسير الظاهرة الإجرامية كلها ، إذ
تفسر جانب فقط من هذه الظاهرة وهو المتعلق بجرائم الأشخاص والأموال دون الظاهرة
كلها
س 7 : اكتب في المدرسة الاشتراكية ؟
يرجع نشأة هذه المدرسة إلي أفكار كل من كارل
ماركس وانجلز في منتصف القرن الثامن عشر فوفقا للفكر الماركسي تعتبر الجريمة أحد
ملامح النظام الرأسمالي .فالمدرسة الاشتراكية تربط بين الجريمة والوضع الاقتصادي ،
تري في عدم المساواة الاقتصادية ( أو النظام الرأسمالي ) العامل الأساسي الذي يدفع
إلي الإجرام . تمشيا مع منطق الفكر الماركسي ، فإن الجريمة يجب أن تختفي من
المجتمع الاشتراكي أو الشيوعي ، لأن الأساس الاقتصادي الذي ينتج الجريمة في
المجتمع الرأسمالي سيختفي ويحل محله أساس اقتصادي شيوعي لا يدفع إلي الإجرام
بطبيعته .
لكن التفسير الاقتصادي للظاهرة الإجرامية وصل إلي
أقصى مداه مع العالم الهولندي بونجر لا منازعة البتة في وجود علاقة بين الإجرام
وبين الظروف الاقتصادية على الأقل بالنسبة لجرائم الاعتداء على الأموال
تقدير المدرسة الاشتراكية :
لا شك في أهمية العوامل الاقتصادية على الظاهرة
الإجرامية .
1- ومع ذلك فإن المدرسة الاشتراكية بربطها بين
الظاهرة الإجرامية والظروف الاقتصادية . لا تقدم لنا تفسيرا كاملا لتلك الظاهرة ،
بل تقتصر على جانب من جوانبها وهو الخاص بفئة جرائم الأموال فقط ، دون بقية الفئات
الأخرى كجرائم الأشخاص والجرائم الخلقية .
2- وحتى في مجال جرائم الأموال ، فإن منطق المدرسة
الاشتراكية يؤدي إلي تحول المجتمع الرأسمالي كله إلي مجرمين نظرا للظروف
الاجتماعية التي يعيشها أفراده . وهذا أمر يكذبه الواقع تماما
3- يضاف إلي هذا ، أننا لم نسمع حتى اليوم عن اختفاء
الجريمة من المجتمع الاشتراكي أو الشيوعي . ما زالت الجريمة تنطق بفشل المدرسة
الاشتراكية
4- أخيرا فإن المدرسة الاشتراكية أغفلت العوامل
الأخرى ، غير العامل الاقتصادي التي تساهم في إنتاج السلوك الإجرامي .
س 8 : تكلم عن المدرسة الاجتماعية الفرنسية أو
مدرسة الوسط الاجتماعي أو مدرسة ليون ؟
عاصرت مدرسة الوسط الاجتماعي آراء لمبروزو عن
المجرم المطبوع فكانت بمثابة رد فعل على تطرف هذه الآراء . زعيم هذه المدرسة
الطبيب الفرنسي لاكساني ومن أنصارها نذكر مانوفرييه وتن وتارد
ودور كايم وفان هامل . يرجع لاكساني الجريمة إلي الوسط الاجتماعي .
فهذا الوسط يعد الرتبة الصالحة لإنتاج الإجرام . وشبه المجرم بجرثومة المرض (
الميكروب ) الذي لا ضرر منه ولا خطر إلا منذ اللحظة الذي يجد فيها الوسط الاجتماعي
الملائم الذي ينمو فيه . ولم ينكر لاكساني دور العوامل التكوينية في تفسير السلوك
الإجرامي ، أنة يعطي لهذه العوامل مدلولا يختلف عما انتهي إليه لمبروزو فالخصائص
الجسمانية ليس لها من قيمة تذكر في تفسير هذا السلوك لأنها تتوافر لدي غير
المجرمين . بعبارة أخرى فإن أما التكوين
البيولوجي عند لاكساني فيدخل فيه مجموعة العمليات والظروف المتتابعة على مدى عمر
الإنسان المجرم كمستوي التعليم وأداء وظيفة معينة أو الحياة بطريقة غير لائقة .
الوسط الاجتماعي لدي لاكساني يشمل العوامل الطبيعية والمناخية والتكوينية
والثقافية والاجتماعية ويضاف إلي ذلك سوء التغذية والمسكرات والمخدرات واضطرابات
في الوظائف العصبية والإصابة ببعض الأمراض مثل السل والزهري . وآراء لاكساني وأن
كانت قد كشفت عن وجه المغالاة في نظرية لمبروزو إلا أنه وقع في ذات الخطأ حيث غالي
في اعتبار الوسط الاجتماعي العامل الأساسي لإنتاج السلوك الإجرامي .
أما جابريل تارد ، فإنه يتفق مع لاكساني
في إرجاع السلوك الإجرامي إلي الوسط الاجتماعي إلا أنه يبحث في تأثير هذا الوسط
على الفرد. يعتبر العامل الأساسي للإجرام في نظر " تارد " التقليد . فالإنسان قد يقلد نفسه بحكم العادة أو عن
طريق التذكر ،قد يقلد غيره . ولقد صاغ " تارد " ثلاثة قوانين للتقليد :
الأول أن
الأفراد يقلدون بعضهم البعض بصورة أكثر ظهورا كلما كانوا متقاربين ،
الثاني أنه
يقلد الأعلى الأدنى في الغالب يقلد الصغير الكبير والفقير الغني المرؤوس رئيسه
الأعلى
والثالث أنه في
حالة تعارض الأذواق " الموديلات " فإن الإنسان يقلد الحديث منها دون
القديم . يتضح مما سبق أن " تارد " لا يرجع السلوك الإجرامي إلي العوامل
العضوية والنفسية وإنما يرده إلي العوامل النفسية – الاجتماعية كالتوجيه والإرشاد
والتحريض والتي تقوم عليها ظاهرة التقليد . ومن ذلك يؤخذ على هذه الآراء أن احتراف
الإجرام قد يصلح تفسيرا بالنسبة لفئة من المجرمين وهم معتادي الإجرام فقط ولكن لا
يصلح بالنسبة لبقية فئات المجرمين . ومن أنصار المدرسة الاجتماعية الفرنسية إميل
دور كايم يتحدد السلوك الإجرامي على
أساس درجة الترابط والتضامن بين أفراد المجتمع الواحد . فتزداد الجرائم كلما كانت
روح التضامن ضعيفة والعكس بالعكس .
على أنه مما يميز آراء دور كايم أنه يعتبر
الجريمة ظاهرة عادية في المجتمع وهي تشكل جزء لا يتجزأ من كل مجتمع سليم أنما هي
نافعة له اعتبارها دليل على وجود قدر من الحرية يتمتع بها أفراده .لكن أخذ على
آراء على دور كايم اعتباره الجريمة ظاهرة عادية . لأن دوام الجريمة واستمرارها في
المجتمعات شيء مسلم به . أما اعتبارها عادية – كنتيجة لذلك – يعتبر خلطا وقع فيه
دور كايم .
س 9: تكلم عن تفسير المدرسة
الاجتماعية الأمريكية للسلوك الإجرامي ؟ ( سؤال امتحان ذكر مرة واحدة)
نشأ علم الإجرام – في القارة الأمريكية – في
أحضان علم الاجتماع . بينما كان الاتجاه السائد في أوروبا هو وضع نظرية عامة
لتفسير السلوك الإجرامي ، كانت الأبحاث الأمريكية تعتمد على بحث كل حالة لتحديد
أسبابها دون أن تتجه إلي وضع نظرية عامة . ولكن هذا الاتجاه في البحث لم يكن محل
قبول كثير من الباحثين فكان أن ظهر الاتجاه إلي صياغة نظرية عامة لتفسير السلوك
الإجرامي وتحديد عوامله . فظهر عدد من النظريات الاجتماعية في علم الإجرام ومن أهم
هذه النظريات نظرية تصارع الثقافات ونظرية الاختلاط المتباين أو المتفاوت .
أولا : نظرية تصارع الثقافات ( الصراع بين
الثقافات ) :
صاحب هذه النظرية هو عالم الاجتماع والإجرام
الأمريكي "ثورستين سيلين" ونقطة البداية في هذه النظرية هي أن قواعد
القانون الجنائي ( أو القانون الجزائي ) تعكس الأفكار الخلقية والمعنوية والآداب
العامة لحضارة معينة في لحظة زمنية معينة .فمهمة هذا القانون حماية تلك القيم
والآداب عن طريق قواعد قانونية تقرر الجزاءات الجنائية المختلفة لمن تسّول له نفسه
الاعتداء عليها بأفعال يعتبرها القانون جرائم . ينشأ الصراع بين الثقافات حين
تصطدم القيم الخلقية والاجتماعية التي يعبر عنها ويحميها القانون الجنائي مع القيم
السائدة لدي جماعات معينة فأي فرد ينتمي
إلي مثل هذه الجماعات يجد نفسه أمام موقف محير وشائك إما ينصاع لأوامر القانون الجنائي
وإما أن يستجيب للقيم السائدة في جماعته . وهذا الصراع الخارجي بين قيم ومبادئ
المجتمع وقيم ومبادئ الجماعة التي ينتمي إليها يتوازى معه صراع نفسي داخلي ينتهي
بالفرد إلي الوقوع في هاوية الجريمة .
يعطي سيلين تفسيرا لنظريته على أساس أن المجتمع
يتضمن مجموعات إنسانية متعددة ( الأسرة ، المدرسة ، اللعب ، العمل ، النادي ،
النقابة ، أي منظمة اجتماعية أخرى ) . النواة الأولي للمجتمع هي الأسرة يكون معها
جماعة إنسانية. وفي مرحلة تالية يتصل الطفل بزملاء اللعب ويكون معهم جماعة اللعب .
يتكرر نفس التطور في المراحل المختلفة من حياة الطفل من خلال الجماعات الإنسانية
المختلفة التي تدخل عضوا فيها كجماعة الدراسة وجماعة العمل وجماعة النادي أيا ما
كان الأمر ، فإن الإنسان يجد نفسه عضو في جماعات متعددة لكل منها ثقافة خاصة
وقواعد سلوك خاصة بها . بالنظر إلي ما تقدم فإن تعدد الجماعات التي ينتمي إليها
الفرد قد ينشأ عنه احتمال التنافر والتصارع بين قواعد السلوك الخاصة بكل منها .
فقد تقضي قواعد السلوك في جماعة معينة اتباع تصرف معين فيستجيب لها الفرد بينما
تقضي قواعد السلوك في جماعة أخرى ينتمي إليها نفس الفرد بوجوب اتباع سلوك مخالف
وعن مثل هذا الموقف ينشأ الصراع بين الثقافات
يمكن تصور هذا الصراع على مستويات مختلفة فقد
يكون الصراع بين الثقافات خارجيا أي بين ثقافات دول أو مجتمعات مختلفة . ويمكن أن
يكون صراع الثقافات داخليا ، كما هو الحال بالنسبة للمهاجرين ، فعلي الرغم من
تواجدهم في دولة المهجر ، إلا أنهم يظلون متمسكين بثقافة دولهم الأصلية مما ترتب
عليه نشأة الصراع بين ثقافة دولة المجهر وثقافة الدول التي أتي منها المهاجرون .
خلاصة نظرية
" سيلين " أن السلوك الإجرامي ينشا عندما يكون الصراع قائما بين قواعد
القانون الجنائي ( أو قواعد القانون الجزائي ) أي الثقافة العامة في المجتمع وبين
قواعد السلوك الخاصة بكل جماعة إنسانية .
سؤال فرعي : اشرح تفاصيل نظرية المخالطة
المتفاوتة للسلوك الإجرامي ( سذرلاند ) ؟ ( سؤال امتحان هام ذكر خمس مرات)
صاحب هذه النظرية العالم الأمريكي سذرلاند ، حيث
يري أن السلوك الإجرامي يرجع إلي تغلب العوامل الدافعة إلي عدم احترام القانون
الجنائي على العوامل الدافعة إلي احترام هذا القانون وتقوم نظرية سذرلاند على
مقدمة أساسية مؤداها أن السلوك الإجرامي لا يورث وإنما هو مكتسب .
واكتساب السلوك الإجرامي – لديه 0 يمر بعدة مراحل
1- أن السلوك الإجرامي يكتسب بالتعلم وواضح
أن " سذرلاند " يستبعد تماما الوراثة أو العوامل الداخلية في إنتاج
السلوك الإجرامي فالشخص الذي لم يحصل على التعليم أو التدريب الإجرامي لا يقع في
حمأة الجريمة.
2- أن تعلم السلوك الإجرامي يتم عن طريق الاتصال
بالأشخاص الآخرين سواء بالقول أو بالإشارة أو التقليد . فبدون الاحتكاك بالآخرين
لا تحدث عملية تعلم السلوك الإجرامي وهذا دليل آخر لرفض " سذرلاند "
لفكرة المجرم بالميلاد أو المجرم المطبوع.
3- أنه يساعد على تعلم السلوك الإجرامي أن يتم بصفة
خاصة داخل جماعة صغيرة ، يربط بين أفرادها روابط شخصية فكلما كان عدد
الجماعة ضئيلا وكانت صلاتهم ببعضهم البعض قوية ، كلما كانت عملية تعلم السلوك
الإجرامي ميسرة وبسيطة.
4- أن عملية تعلم السلوك الإجرامي تتكون من
عنصرين : الأول فن ارتكاب الجريمة والثاني : توجيه الميول والدوافع
وتبرير التصرفات الخاصة
5- أن توجيه الميول والدوافع – سواء
بالموافقة أو بالمخالفة للنصوص القانونية مكتسب أيضا .ففي بعض الجماعات يحاط الفرد
بأشخاص يحترمون النصوص القانونية . في جماعات أخرى يحيط بالفرد أشخاص ينتهكون
النصوص القانونية .
6- يصبح الشخص مجرما عندما تغلب عوامل مخالفة النصوص
القانونية على عوامل احترام هذه النصوص وهذا هو مبدأ المخالطة المتفاوتة كما يراه
" سذرلاند " فالمراحل السابقة يمر بها كل أفراد المجتمع مجرمين وغير
مجرمين كما تنطبق على جميع المسالك الإنسانية الإجرامية منها وغير الإجرامية
فالشخص يصبح مجرما حينما يكون على اتصال بنماذج إجرامية ولا يكون تحت عينيه نماذج
عادية أو غير إجرامية وبعبارة أخرى كل فرد يتشبع بثقافة الوسط المحيط به .
7- والاختلاط المتفاوت يتنوع حسب تكراره ومدته
وأسبقيته وعمقه فتأثير التكرار أو المدة في إتيان السلوك الإجرامي أو
الابتعاد عنه واضح لا يحتاج إلي تفسير
الأسبقية: هي اكتساب
سلوك احترام القانون منذ الطفولة يستمر مدي الحياة ، ونفس الشيء بالنسبة لاكتساب
السلوك الإجرامي أما عمق الاختلاط فيرجع إلي بعض المعاني مثل مركز النموذج
الذي يحبذ أو يعارض السلوك الإجرامي وكذلك رد الفعل العاطفي المرتبط بالجماعات
نهاية
السؤال الفرعي
تقدير المدرسة الاجتماعية الأمريكية :
لا جدال في أن هذه المدرسة قد سلطت الأضواء على
أهمية العوامل الاجتماعية في إنتاج السلوك الإجرامي إلا أنها تجاهت تماما دور
العوامل الفردية في هذا المجال .وقد مهد ذلك لظهور تفسير جديد للظاهرة الإجرامية
يأخذ من النظريات السابقة ما يصلح لتفسير هذه الظاهرة ويستبعد منها ما هو غير صالح
لذلك . وقد أطلق على هذا التفسير " الاتجاه التكاملي " وينظر هذا
الاتجاه للجريمة باعتبارها ظاهرة اجتماعية وسلوكا فرديا في نفس الوقت .
انتهي السؤال الرئيسي
س 10 : تكلم عن الدراسات المختلفة حول أثر المناخ
على ظاهرة الإجرام ؟
يقصد بالمناخ حالة الطقس من حرارة وبرودة وأمطار
ورياح. وقد أكدت الإحصاءات الجنائية اختلاف ظاهرة الإجرام في شمال إيطاليا حيث
يكون الطقس بارداً ، عن الإجرام في جنوبها حيث يسود الطقس الحار. ونفس النتيجة
انتهى إليها جيري بالنسبة لأقاليم فرنسا الشمالية والجنوبية. والمتأمل في قانون
الحرارة الإجرامي يبدو له أنه يشمل اختلاف الظاهرة الإجرامية باختلاف المناخ في
المكان الواحد ، واختلافها باختلاف المكان.
1- أثر تغير المناخ في الأقاليم المختلفة على
الظاهرة الإجرامية
كشفت
بعض الدراسات في كل من فرنسا وإيطاليا على أن جرائم الاعتداء على الأشخاص في
الجنوب ضعف ميثلاتها في الشمال.
وبالعكس فان جرائم الاعتداء على الأموال في شمال فرنسا وإيطاليا ضعف
مثيلاتها في الجنوب. ونفس النتيجة تم استنتاجها في جمهورية مصر العربية.
ولكن
منذ نهاية القرن التاسع عشر الميلادي ، إن الدراسات حولا اختلاف الظاهرة الإجرامية
باختلاف المكان في أوروبا وأمريكا لم تؤكد النتائج السابقة.
ففي
دراسة حديثة للأستاذ ليوتيه عن الظاهرة الإجرامية في فرنسا كشفت عن نتائج عكس
النتائج السابقة تماماً. حيث ذكر أن جرائم العنف كانت مركزة في محافظات الشمال ،
وبنسبة أعلى من جرائم الأموال ، كما وجد تقارب بين عدد جرائم السرقات في الجنوب
والشمال.
وتبرز
هذه النتائج فشل قانون الحرارة الإجرامي. لأن التضارب في النتائج يلقي ظلالاً من
الشك حول أثر المناخ على الظاهرة الأجرامية.
وأمام
إخفاق هذا الأسلوب في الكشف عن أثر المناخ على الظاهرة الإجرامية ، كان لا بد من
اللجوء إلى أسلوب آخر تختفي فيه كل الفروق باستثناء المناخ. وهذا الأسلوب يقوم على
رصد اختلاف الظاهرة الإجرامية باختلاف الزمان في المكان الواحد.
2- أثر تغير المناخ في الإقليم الواحد على
الظاهرة الإجرامية
أكدت
الدراسات في فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية على تأثر الظاهرة الإجرامية بارتفاع
درجة الحرارة وانخفاضها. فتعاقب الفصول في الإقليم الواحد يؤثر في الظاهرة
الإجرامية كماًَ ونوعاً.
ففي
فرنسا وضع لاكساني تقويماً خاصاً للجريمة. وانتهى بعد توزيع الجرائم على الفصول
المختلفة إلى أن هناك علاقة مباشرة بين الجرائم ضد الأشخاص من ناحية ودرجات
الحرارة المرتفعة وطول نهار اليوم من ناحية أخرى. كما توجد علاقة مباشرة أيضاً بين
جرائم الاعتداء على الملكية من ناحية، وانخفاض درجة الحرارة وطول ساعات الليل من
ناحية أخرى.
هذه
النتائج التي وصل إليها لاكساني تأكدت صحتها بالنسبة للقارة الأوروبية ففي فصل
الشتاء تكثر السرقات وجرائم الاعتداء على الأموال. أما جرائم السكر فتصل إلى قمتها
في فصل الصيف.
وقد
تدعمت هذه النتائج بالدراسات التي قام بها العلماء الأمريكيون.
س 11 : اكتب في تفسير العلاقة بين المناخ
والظاهرة الإجرامية ؟ ( سؤال امتحان ذكر
11 مرة )
اختلف العلماء في تفسير العلاقة بين المناخ
والظاهرة الإجرامية وظهرت في هذا الصدد ثلاثة اتجاهات رئيسية . يأخذ الأول منها
بالاتجاه الطبيعي ، يلجأ الثاني إلي التفسير الاجتماعي ، أما الثالث فإنه يردها
إلي التغييرات الفسيولوجية والنفسية .
1- النظرية الطبيعية :
يسلم أنصار هذه النظرية بوجود علاقة مباشرة بين
الظاهرة الإجرامية من جهة ، وبين درجات الحرارة ارتفاعا وانخفاضا وبين وكذلك بين
الليل والنهار طولا وقصرا من جهة أخرى وذهبوا في بيان ذلك مذاهب شتي : فمنهم من
يري أن ارتفاع الحرارة يزيد من حيوية الإنسان ونشاطه فيجعله أكثر استعداد للانفعال
والإثارة وأشد رغبة في الجنس الأخر مما يترتب عليه زيادة جرائم العنف وجرائم
الآداب . ويفسر أنصار هذه النظرية سبب ارتفاع نسبة جرائم على الاعتداء على الأموال
في فصل الشتاء بأنه يرجع إلي طول ليالي هذا الفصل من السنة ولما كان الظلام من
العوامل التي تسهل ارتكاب جرائم الاعتداء على الأموال كان صحيحا القول بزيادة
جرائم الاعتداء على الأموال في فصل الشتاء .
ولقد تعرضت هذه النظرية النقد شديد من عدة
زوايا :
ناحية أولي ليست
دائما حيوية الإنسان يسبب ارتفاع درجة الحرارة دافعا إلي ارتكاب جرائم العنف فهذه
الجرائم ترتكب مع هذه الحيوية وبدونها .
ناحية ثانية فإن
القول بأن ارتفاع درجة الحرارة يسبب ضعفا في المقاومة يترتب عليه زيادة الدافع إلي
ارتكاب كل أنواع الجرائم ، لا جرائم العنف وجرائم الآداب .
ناحية ثالثة لو سلمنا
جدلا بمنطق النظرية التي يقضي بزيادة نسبة جرائم العنف والجرائم الأخلاقية في فصل
الصيف ، فإن هذا المنطق يكذبه واقع الإحصاءات الجنائية ، إذ أن الجرائم الخلقية
تبلغ ذروتها في فصل الربيع وتأخذ في الانخفاض في فصل الصيف .
ناحية رابعة أن الربط
بين طول ليالي الشتاء وازدياد نسبة جرائم الاعتداء على الأموال بصفة خاصة جريمة
السرقة إذا صدق جزئيا بالنسبة لبعض أنواع السرقات فإنه لا يستقيم مع باقي أنواع
السرقات . يتضح من الانتقادات السابقة أن النظرية الطبيعية فشلت في تفسير تأثير
المناخ على الظاهرة الإجرامية ونصيبها من النجاح محدود للغاية بصدد جرائم العنف
وبعض أنواع السرقات
2- النظرية الاجتماعية :
يعتقد أنصار هذه النظرية بوجود علاقة غير مباشرة
بين الظاهرة الإجرامية وبين درجات الحرارة ارتفاعا وانخفاضا
ففي فصل الصيف تزداد
نسبة جرائم الاعتداء على الأشخاص لأن فيه يحصل جانب كبير ن الأفراد على إجازاتهم
لأن ارتفاع درجة الحرارة يجبر الناس على الخروج من منازلهم إلي الأماكن العامة
فتزداد فرص الاتصال بينهم وما يتبع ذلك من توافر ظروف متزايدة لتضارب المصالح
والرغبات ومن ثم الاحتكاك والتشاجر .
في فصل الشتاء فإن
أنصار المدرسة الاجتماعية يقولون أن انخفاض درجة الحرارة والإحساس بالبرودة يؤدي
إلي ازدياد احتياجات الناس في هذا الفصل عن فصل الصيف . وإشباع هذه الحاجات يتطلب
وفرة من المال قد لا تكون متحققة لدي بعض الناس مما قد يدفعهم إلي ارتكاب جرائم
الأموال . هذه النظرية تنطوي على قدر من الصحة ، إلا أنها لم تصمد أمام النقد . فهي
لا تقدم تفسيرا لبعض الجرائم مثل الجرائم الخلقية لأن هذا النوع من الجرائم يكثر
ارتكابه في فصل الربيع فلا علاقة له بالحياة المفتحة في الصيف أو المنغلقة في
الشتاء
3- النظرية العضوية النفسية :
يذهب أنصار هذه النظرية إلي وجود علاقة غير
مباشرة بين الظاهرة الإجرامية وبين تعاقب فصول السنة . فعدد الجرائم الخلقية يتغير
في نظرهم بتغير الفصول ويبلغ أقصي مداه في فصل الربيع والسبب في ذلك أن تتابع
الفصول يقابله تغييرات دورية في وظائف أعضاء الجسم والنفس وأن الغريزة الجنسية
تبلغ ذروتها في فصل الربيع وهذا هو السر في ارتفاع عدد الجرائم الجنسية في فصل
الربيع عنه في الفصول الأخرى ويؤخذ على هذه النظرية أنها اهتمت بتفسير نوع واحد من
الجرائم هو الجرائم الخلقية مما يجعلها قاصرة عن تفسير علاقة المناخ بالأنواع
الأخرى من الجرائم .
رأي الدكتور : وحقيقة العلاقة بين المناخ
والظاهرة الإجرامية إنما يفسرها اجتماع النظريات الثلاث السابقة مع تحفظ واحد
يتعلق بدرجة هذه العلاقة وهو أن لتأثير المناخ على الظاهرة الإجرامية كقاعدة عامة
تأثير غير مباشر ، أي عن طريق وسيط وهذا الوسيط قد يكون عاملا اجتماعيا أو عضويا
أو نفسيا .
س 12 : اكتب في الصلة بين العوامل الاقتصادية
وظاهرة الجريمة ؟
لما كانت الظروف الاقتصادية عرضة للتغير دائما
فإن البحث في أثرها على الظاهرة الإجرامية يجب أن يتضمن حالتي الحركة والثبات لهذه
الظروف
أولا : أثر الوضع الاقتصادي المتحرك على الظاهرة
الإجرامية :
ذكرنا أن الظاهرة الاقتصادية تتميز بالحركة
وحركتها قد تكون تدريجية بطيئة وقد تكون فجائية وسريعة وقد يكون لكل من هاتين
الحالتين أثر على الظاهرة الإجرامية .
1- علاقة التطور الاقتصادي بالظاهرة الإجرامية :
يختلف الإجرام كما ونوعاً حسب درجة التطور
الاقتصادي وما إذا كان اقتصادا زراعيا أم صناعيا . ففي مجتمع الاقتصاد الزراعي يتميز
الإجرام فيه بأنه قليل نسبيا نظرا لطابع الهدوء ويتخذ الإجرام في مجتمع الاقتصاد
الزراعي طابع العنف بسبب ظروف الحياة الصعبة والقاسية فتكثر جرائم القتل ..... الخ
. أما في مجتمع الاقتصاد الصناعي فتزداد فيه نسبة الإجرام بسبب كثرة النشاط
والحركة ويأخذ الإجرام في هذا المجتمع طابع الحيلة والدهاء فتكثر فيه جرائم النصب
.... الخ . قد شهد القرن التاسع عشر تحولا
في اقتصاد كثير من الدول من الاقتصاد الزراعي إلي الاقتصاد الصناعي اقترن بزيادة
ملموسة في عدد الجرائم وبصفة خاصة جرائم الأموال وللوهلة الأولي يمكن القول أن
هناك علاقة طردية بين ارتفاع مستوي المعيشة بسبب التطور الاقتصادي وبين حجم
الظاهرة الإجرامية . ولتفسير هذه العلاقة يتعين علينا أولا الاستعانة بنظرية قديمة
للعالم بوليتي ثم بعد ذلك تطبيقها على تأثير التطور الاقتصادي على الظاهرة
الإجرامية .ترتكز نظرية بوليتي على فكرة مؤداها ضرورة عقد مقارنة بين النشاط
الإجرامي من جهة والنشاط الاقتصادي الشريف من جهة أخرى ( تجارة ، صناعة ... الخ )
فإذا كشفت هذه المقارنة عن زيادة في عدد الجرائم يقابلها زيادة مماثلة في حجم
النشاط الاقتصادي الشريف ، فإن هذا يعني أن نسبة الإجرام ثابتة أما إذا ارتفع عدد
الجرائم بنسبة أقل من نسبة الزيادة في حجم النشاط الشريف . فإن هذا دليل على تناقص
الإجرام رغم الارتفاع الظاهري في عدد الجرائم .
وقد تأكد لبوليتي صدق نظريته عندما طبقها وخلص في
النهاية إلي أن الظاهرة الإجرامية ظلت ثانية على الرغم من تحسن النشاط الاقتصادي
ومن خلال هذه النظرية يمكن القول أن التطور الاقتصادي لا يؤدي فقط إلي ارتفاع
معيشة الأفراد وإنما أيضا إلي تعدد علاقاتهم وتشابك مصالحهم كما يصحب ذلك خلق ظروف
جديدة تدفع إلي الإجرام . ينبغي الاهتمام بهذه الظروف الجديدة – لا بارتفاع مستوي
المعيشة – لتفسير ما يطرأ على ظاهرة الإجرام .
1- فالانتقال من المجتمع الزراعي إلي المجتمع
الصناعي يترتب عليه عدة نتائج منها هجرة الأفراد وتكدسهم في المناطق الصناعية
وارتفاع مستوي الدخل الفردي . الخ هذه النتائج وغيرها يصاحبها ظهور عدة مشاكل منها
عدم التكيف الاجتماعي بين المقيمين في المناطق الصناعية مما قد يدفع ببعضهم إلي
انتهاج السلوك الإجرامي ، فكثر جرائم الاعتداء على الأشخاص .
2- يؤدي التبادل التجاري إلي ظهور فئة تسعي إلي
الكسب بأي ثمن ، ففكثر جرائم إساءة الائتمان ( خيانة الأمانة ) ... الخ
3- أن ارتفاع مستوي المعيشة يسهل ارتياد أماكن اللهو
والتسلية مما يزيد من استهلاك المواد المخدرة والمسكرة وما ينجم عن ذلك من زيادة
الجرائم الجنسية بصفة خاصة .
4- وأخيرا . فإن تدخل السلطة التشريعية لوضع الضوابط
للنشاط الاقتصادي دفع بعض الفئات إلي محاولة الخروج على هذه الضوابط مما أدي إلي
ظهور نوع جديد من الجرائم هي الجرائم الاقتصادية
نخلص من ذلك كله أن للتطور الاقتصادي أثر غير
مباشر على الظاهرة الإجرامية
2- علاقة التقلبات الاقتصادية بالظاهرة الإجرامية
:
يقصد بالتقلبات الاقتصادية الأزمات الطارئة التي
تنتاب الاقتصاد القومي . وقد يكون لهذه الأزمات صفة الدورية أو لا تكون كذلك وعلى
الرغم من كثرة الأبحاث المتعلقة بإبراز العلاقة بين الأزمات الاقتصادية والظاهرة
الإجرامية فإن نتائجها متضاربة . فقد انتهت بعض الأبحاث إلي أنه يترتب على الأزمات
الاقتصادية ارتفاع عدد الجرائم وبصفة خاصة السرقة والتسول . على الناحية الأخرى
توصلت بعض الأبحاث إلي عكس النتائج السابقة فيذهب " فيري "إلي أن
الأزمات الاقتصادية يترتب عليها انخفاض في نسبة الإجرام . وقد حاول بعض الباحثين
تفسير هذا التضارب في النتائج التي تكشف عن العلاقة بين الأزمات الاقتصادية
والظاهرة الإجرامية على أساس الزمن أو الوقت الذي أجربت فيه الأبحاث السابقة بحسب
ما إذا كانت قد أجريت فور الأزمة مباشرة أم بعدها بفترة من الزمن .
الواقع أن البحث
في أثر التقلبات الاقتصادية على الظاهرة الإجرامية يتطلب النظر في مدي قدرة الأفراد
على إشباع حاجياتهم ولما كان إشباع هذه الحاجيات يرتبط بمقدار دخلهم "الحقيقي
" فإذا لم تؤثر هذه التقلبات على الدخول الحقيقية للأفراد . فإن الظاهرة
الإجرامية لا تتأثر . أما إذا نتج عن التقلبات الاقتصادية المساس بالدخول الحقيقية
للأفراد ففي هذه الحالة يمكن الحديث عن تأثير هذه التقلبات على الظاهرة
الإجرامية
ثانيا : أثر الوضع الاقتصادي الثابت على الظاهرة
الإجرامية : ( سؤال امتحان )
نقصد بالوضع الاقتصادي الثابت فترات الاستقرار
التي يمر بها الاقتصاد القومي عقب التطور الاقتصادي أو التقلبات الاقتصادية ودخول
الأفراد تتفاوت بين الارتفاع والانخفاض والانعدام فإذا كان دخل الفرد مرتفعا أو
متناسبا مع مستوي الأسعار فإن إشباع الحاجات الفردية يكون ميسرا وسهلا ومن
ثم تقل جرائم السرقة إلا أنه من الناحية الأخرى قد تغري هذه الظروف بعض الأفراد
إلي زيادة ثرواتهم بالطريق غير المشروع فتكثر بذلك جرائم الاحتيال .
وإذا كان دخل الفرد منخفضا أو منعدما فإن هذا الفرد يوصف بأنه فقير أو معوز وحالة
العوز أو الفقر تطلق على الشخص الذي يعجز عن إشباع الحد الأدنى من متطلبات الحياة
حسب ما هو سائد في المجتمع الذي يعيش فيه . وقد اعتقد الفلاسفة أن الفقر يولد
الجريمة
أما الدراسات الحديثة
فقد تضاربت نتائجها . فبعضها يذهب إلي قيام علاقة إيجابية بين الفقر والجريمة
وبعضها نفي وجود مثل هذه العلاقة .
رأي الدكتور : التسليم
بالنتائج المتضاربة يعني استبعاد الفقر تماما من عوامل الإجرام . ولكن هذا يتنافي
مع الواقع وعلى هذا فإننا نستبعد تماما الأبحاث التي تنفي أصلا وجود أية علاقة بين
الفقر والجريمة ولكننا في الوقت ذاته لا نسير إلي النهاية مع الأبحاث التي تذهب
إلي الربط بين الفقر والجريمة فإذا كانت هذه الأبحاث قد أثبتت أن نسبة المجرمين
الفقراء مرتفعة بين المجرمين بصفة عامة ، فإن هذا لا يدل بذاته على أن كل الفقراء مجرمين هذا من ناحية كما لا يحول
من ناحية أخرى من وجود نسبة من المجرمين الأغنياء بين المجرمين بل أن نسبة عالية
من إجرام الأغنياء لا تصل إلي علم السلطات ويتوافر بشأنها ما أطلق عليه "
الرقم الأسود " أو " الرقم الغامض " ولعل هذا هو السبب في وجود
نسبة مرتفعة من المجرمين الفقراء في السجون . وقد بينا منذ قليل أن للثراء أثر غير
مباشر على الظاهرة الإجرامية فهل للفقر ذات الأثر ؟ نعتقد أن الإجابة هي نعم .
فالفقر تصحبه آثار شخصية واجتماعية . قد يتولد عنها السلوك الإجرامي متى تضافرت
معه العوامل الأخرى المؤدية لهذا السلوك
س13 : تكلم عن أثر التعليم
على حجم الظاهرة الإجرامية وشكلها ؟ ( سؤال امتحان ذكر ثلاث مرات)
معيار التمييز بين المتعلم وغير المتعلم في مجال
دراسات علم الإجرام هو الإلمام بالقراءة والكتابة وبعبارة أخرى المتعلم هو من ليس
أميا والتعليم بهذا المعني قد يؤثر على حجم الظاهرة الإجرامية كما قد يؤثر على شكل
هذه الظاهرة .
1- أثر التعليم على حجم الظاهرة الإجرامية :
في معرض بيان العلاقة بين التعليم وحجم الظاهرة
الإجرامية تعددت الأبحاث وتضاربت نتائجها .
1- فهناك دراسات انتهت إلي وجود علاقة عكسية
بين التعليم والظاهرة الإجرامية فكلما انتشر التعليم انخفضت نسبة الإجرام وقد عبر
" فيكتور هيجو " و" فيري " عن هذا المعني بالقول " أن
فتح مدرسة يعادل غلق سجن "
2- هناك دراسات أخرى خلصت إلي عدم وجود أية علاقة
بين التعليم والظاهرة الإجرامية . فانتشار التعليم لم يؤد إلي انخفاض نسبة
الإجرام التي ظلت ثابتة لم تتغير .
تضارب النتائج على هذا النحو يشكك في قيمتها
ويدفع الباحث إلي تجاهلها وعدم الاعتماد عليها في تحليل أثر التعليم على حجم
الظاهرة الإجرامية . حقيقة أن التعليم غالبا ما يوسع المدارك ويهذب المشاعر
والدوافع ومن هذا المنطلق قد يحد من الإجرام في بعض الأحيان وقد يساعد عليه في
أحيان أخرى . فالتعليم يهيئ للفرد مركزا مناسبا في المجتمع يكون عاصما له من سلوك
الطريق غير المشروع . كما أن للتعليم دورا بارزا في القضاء على كثير من الخرافات والعادات
السيئة . فكم من جرائم الاحتيال ( النصب ) ارتكبت ضد أشخاص آمنوا بخرافات دفعت بهم
إلي استسلام لخداع المحتالين وحيلهم مثل الشفاء من الأمراض . ولهذا يقال أن
للتعليم دورا وقائيا في بعض الأحوال يحول بين الفرد وبين الإقدام على السلوك
الإجرامي يضاف إلي ذلك أن الوسائل العلمية الحديثة في الكشف والتنقيب عن الجرائم
والمجرمين قد يترتب عليها أحجام بعض الأشخاص عن اقتراف الجرائم.
وفي الجهة المقابلة فإن التعليم قد يساعد على
الإجرام فقد يكون المركز المرموق أو العالي الذي يشغله الفرد وكذلك طبيعة
الوظيفة التي يمارسها دورا في هذا السبيل . التقدم العلمي قد وضع تحت بصر الأفراد
الوسائل التي تسهل ارتكاب الجريمة أو
إخفاء آثارها مثل المحاليل الكيميائية المختلفة وفي كل الأحوال فإن هذا الأثر
المحدود للتعليم أثر غير مباشر فقط
2- أثر
التعليم على شكل الظاهرة الإجرامية :
العلاقة بين التعليم وشكل الجريمة لا تقبل الشك .
فمع انتشار التعليم تغير وجه الجريمة فقلت جرائم العنف والقسوة وزاد جرائم الذكاء
والحيلة فالأميون يغلب على إجرامهم العنف فيرتكبون الحريق العمد والقتل والضرب
والجرح أما المتعلمون فيغلب على إجرامهم عدم اللجوء إلي القوة العضلية فيرتكبون
جرائم الاحتيال وإساءة الائتمان والسرقة وجرائم الشيك والتزوير والتزييف وغش
الأدوية . في إحصائية أعدها لمبروزو عام 1895 أكد أن جرائم القتل انخفضت مع ارتفاع
نسبة المتعلمين وأن جرائم السرقة قد زادت. يتضح مما سبق أن التعليم يمكن أن يفضي –
كما قال "جاروفالو " إلى نوع من التخصص في الإجرام
س 14: اكتب في التقدم العلمي كأحد العوامل
الثقافة للإجرام ؟
حققت المجتمعات المعاصرة من التقدم العلمي قدرا
كبيرا ترتب عليه استخدام الإنسان في حياته لأساليب فنية حديثة لم يكن له بها عهد
إلي وقت قريب . ومن بين الوسائل الفنية التي كان لها تأثير مباشر على الظاهرة
الإجرامية اختراع المسدسات الكاتمة للصوت والأسلحة الفتاكة واختراع الحاسب . أهم
هذه الوسائل في علاقته بالظاهرة الإجرامية السيارات فقد أحدث انتشارها تعديلا
ملحوظا في حجم الإجرام وفي أنواعه كذلك .
أولا :
تأثير السيارات على حجم الظاهرة الإجرامية :
لا شك في استخدام السيارات أدي إلي زيادة ملموسة في معدلات الإجرام في
كافة الدول . يمكن إرجاع هذه الزيادة إلي عدة أسباب .
1- فمن ناحية أدرك المشرعون في كافة الدول أهمية
السيارات وأهمية وضع تنظيم دقيق لحيازتها واستعمالها وعلى هذا النحو وجدت طائفة
جديدة من الجرائم لم تكن معروفة قبل ظهور السيارات وهي جرائم يضمها قانون العقوبات
أو القوانين المكملة له . يكفي في هذا الصدد أن نشير إلي جرائم المرور بمختلف
صورها .
2- ومن ناحية ثانية كان الاستعمال السيارات تأثير
كبير على جرائم القتل الخطأ والإصابة الخطأ . زادت معدلات ارتكاب جرائم السرقة حيث
تحتل سرقة السيارات موقعا متقدما بين أنواع السرقات
3- أن استعمال السيارات يدفع إلي الإجرام إذ يسهل
ارتكاب الجرائم وييسر هروب الجناة دون القبض عليهم وتساعد حيازة السيارات على
تسهيل جرائم أخرى مثل النصب ( الاحتيال )
ثانيا :
الصلة بين السيارات ونوع الإجرام :
ترتب على استخدام السيارات ظهور جرائم لم تكن
معروفة وزيادة حدة بعض الجرائم التي كانت موجودة . 1- فمن الجرائم التي ظهرت
مع انتشار السيارات جرائم المرور كما ذكرنا . هذه الجرائم لا تقتصر على تلك
المتعلقة بمخالفة تنظيم حيازة السيارات . فهناك جرائم قيادة السيارات بدون ترخيص
قيادة وجرائم القيادة في حالة سكر ...... الخ
2- ومن الجرائم التي ازدادت حدتها بسبب استعمال
السيارات نذكر جرائم القتل الخطأ والإصابة الخطأ . وأشارت إحصاءات عديدة إلي وجود
تناسب طردي بين جرائم القتل والإصابة الخطأ وعدد السيارات المسجلة في إدارات
المرور
3- ومن الجرائم التي زادت معدلات ارتكابها بعد
ظهور السيارات جرائم الاعتداء على الأموال لا سيما السرقة .
ترتب على استعمال السيارات كذلك زيادة في جرائم تزوير المحررات الخاصة بها من رخص
قيادة ورخص تسيير وعقود بيع ..... الخ بالإضافة إلي جرائم تزييف اللوحات المعدنية
الخاصة بالسيارات
س15 : تكلم عن مقارنة إجرام الطوائف الدينية ؟
أولا :
مقارنة إجرام الطوائف الدينية :
الدراسات الإحصائية المقارنة لإجرام الطوائف
الدينية في فرنسا غير موجود لأن الإحصائيات القضائية الفرنسية لا توزع
المحكوم عليهم تبعا لدياناتهم وقد أجريت دراسات من هذا القبيل في الولايات
المتحدة الأمريكية تبين منها ارتفاع نسبة عدد المتدينين من المحكوم عليهم داخل
السجون عن المتوسط العام للتدين في الولايات المتحدة وقد فسر بعض الباحثين هذه الزيادة
بالأمل في الحصول على الإفراج الشرطي قبل انقضاء مدة العقوبة .وفي أوروبا أجريت
دراسات إحصائية عن مدي تدين المجرمين ومن تحليل هذه الإحصائيات هذه بدأ أن
الكاثوليك أكثر إجراما من البورتستانت وأن الطائفة الإسرائيلية كانت أقل الطوائف
الثلاث في معدل الإجرام غير أن عدد من العلماء لا يقرون استخلاص نتيجة محددة من
هذه الدراسة حول أثر الدين على ظاهرة الإجرام .
بالفعل يلاحظ هؤلاء أنه في كثير من البلاد
الأوروبية ، ترجع كثرة إجرام الكاثوليك إلي ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية
المتردية . أما قلة إجرام أفراد الطائفة الإسرائيلية فيرجع بصفة أساسية إلي قوة
الرقابة التي تمارسها الأسرة والهيئات المعينة بأمر هذه الطائفة على أفرادها ومن
أجل ذلك نري أن مقارنة إجرام الطوائف الدينية المختلفة ليس من شأنها أن تسفر عن
نتيجة يمكن التعويل عليها إذا ينبغي الحذر عنه تفسير المعطيات الإحصائية في هذا
الشأن لأن الدين ليس هو العامل الوحيد الذي يؤثر في إجرام أفراد طائفة معينة بل أن
ظروف الحياة التي يحياها أفراد تلك الطائفة هي التي تمارس تأثيرا كبيرا على معدلات
الإجرام . وقد يفلح الدين في الحد من إجرام أفراد الطائفة لكن عندما تصل قسوة ظروف
الحياة إلي حد يضيق معه الصبر بالصابرين فيبدو معدل إجرام فئة معينة أكبر من معدل
إجرام غيرها من الفئات لذلك فأننا نشك في نسبة معدل الإجرام المرتفع إلي نقص في
تدين أفراد تلك الفئة
س16 : تكلم عن علاقة وسائل الإعلام بالظاهرة
الإجرامية ( سؤال امتحان ذكر مرة واحدة)
وسائل الإعلام قد تكون مقروءة وقد تكون غير
مقروءة وهي بحسب طبيعتها أداة طيعة لتحقيق الأغراض المنتظرة منها فهي سلاح ذو حدين
ولهذا فمن المتصور وجود علاقة بينها وبين الظاهرة الإجرامية .
1- أثر
الصحف على الإجرام :
يظهر أثر الصحف على الإجرام من خلال المساحات المخصصة
فيها لأخبار الجريمة . يتوقف مدى هذا الأثر على قدر هذه المساحة وعلى الكيفية التي
تُـعَرض بها والغرض من هذا العرض نوعية القراء الذين يهتمون بأخبار الجريمة .
ويتجلي الدور المانع للصحافة في الأمور الآتية :
1- الجريمة خبر ، وبالتالي يكون من المناسب أن
تنشرها الصحافة بدلا من ترك الأمر بشأنها للإشاعات التي يتناقلها الأفراد العاديون
2- كما أن نشر خبر الجريمة قد يكون بالنسبة لبعض
الأشخاص وسيلة للتنفيس عن الرغبات الإجرامية المكبوتة مما يرتب عليه عدم إقدام
هؤلاء الأشخاص على تنفيذ هذه الرغبات
3- أن نشر أخبار الجريمة وأسماء المشتبه فيهم أو
المتهمين فيها قد يساعد على تعقب الجناة .
أما عن
دور الصحافة الدافع إلي الجريمة فيمكن
حصره فيما يلي :
1- أن كثرة نشر أخبار الجريمة قد يجعل جانبا من
الرأي العام يكترث بها ، بل قد يتعاطف مع مقترفيها وقد يترتب على ذلك تشجيع من
يوجد لديهم استعداد إجرامي على ارتكابها خاصة بين من يشعر منهم بالزهو إذا نشرت
صورته أو ذكر اسمه في الصحف .
2- يضاف
إلي ذلك أن نشر الجريمة قد يؤثر على سير العدالة الجنائية . أ- فيحول دون القبض
على المجرمين ( إذا نشرت مثلا خطط البوليس في تعقبهم ) .ب- أو وقوع القضاة في الحرج
( في حالة تنبؤ الأحكام التي ستصدر ضدهم )
2- أثر
الأدب على الإجرام :
هذا الأثر
من خلال الأعمال الأدبية التي تنصب على الجريمة والمجرمين فتصور أساليبهم
في تنفيذ أغراضهم الإجرامية كما تظهرهم بمظهر البطل الذي ينجح في الإفلات من قبضة
العدالة . وهذا النوع من الأدب الرخيص يؤثر بصفة خاصة على عقلية الشباب فيدفع بهم
إلي الوقوع في حمأة الجريمة تقليدا لبطل القصة أو الرواية ولكن لا يجب أن يغيب عن
الذهن أنه بجانب هذا الأدب الرخيص يوجد الأدب المترفع الذي يدعو إلي الفضيلة ونبذ
الرذيلة هذا النوع من الأدب له دور وقائي قد يحول بين قرائه وبين الوقوع في هاوية
الجريمة .
3- أثر
التلفاز ( التلفزيون ) والسينما على الظاهرة الإجرامية :
تباينت نتائج الدراسات حول أثر التلفزيون
والسينما على الظاهرة الإجرامية ومع ذلك يمكن القول أن لهاتين الوسيلتين من وسائل
الإعلام أثر مانع وأثر دافع على الإجرام كالصحف .
أثر مانع فقد يكون للتلفزيون والسينما أثر مانع من
الإجرام متى كان البرنامج التليفزيوني أو الفيلم يعرض الجريمة بصورة تنفر من
انتهاج السلوك الإجرامي .
أثر دافع ولكن الواضح هذه الأيام كثرة عرض أفلام العنف
والجنس على شاشات التلفزيون والسينما والتعود على رؤية هذه الأفلام بل ترقب عرضها
يدفع إلي انتهاك السلوك الإجرامي سواء بتقليد البطل في الفيلم أو الاستعانة ببعض
الأساليب التي استخدمها في تنفيذ أغراضه
س 17: تكلم عن أثر العوامل السياسية في الظاهرة
الإجرامية؟ ( سؤال امتحان ذكر مرتين)
أولا : علاقة
السياسة الخارجية بالظاهرة الإجرامية :
نقتصر في بيان هذه العلاقة على حالة الحرب فقط
يستخلص – بصفة عامة – من الإحصائيات في كل من فرنسا وإنجلترا والولايات المتحدة
الأمريكية أن بداية الحرب تشهد انخفاضا في عدد الجرائم لا يلبث أن يرتفع فجأة
أثناء الحرب ويستمر هذا الارتفاع إلي ما بعد انتهاء الحرب بأكثر من سنتين لكي يعود
مرة ثانية إلي المستوي الذي كان عليه قبل بدء عمليات القتال .
ويفسر الباحثون تقلبات الظاهرة الإجرامية بسبب
الحرب على النحو السابق كما يلي :
1- أن بداية العمليات الحربية يترتب عليها انخفاض
في حجم الظاهرة الإجرامية بسبب
أ- الاضطراب الذي يصيب جهازي الشرطة والمحاكم ذلك
أن جزءا كبيرا من أعضاء هذين الجهازين يستدعي للاشتراك في العمليات الحربية مما
يقلل من كفاءة كل منها في الكشف عن الجرائم ومحاكمة مقترفيها.
ب-نظرا للإحساس بالتضامن الذي يسود بن أفراد
المجتمع يترتب عليه انخفاض عدد الجرائم
جـ- أنه مع بداية العمليات الحربية تتوافر فرص عمل جديدة في مصانع القوات المسلحة كما
يحجم الأفراد عن الإفراط في استهلاك المواد المخدرة والمسكرة مما ينجم عنه انخفاض
حجم الظاهرة الإجرامية في بداية القتال
2- الارتفاع المفاجئ لهذه الظاهرة أثناء القتال
إلي ما بعد الحرب بفترة فيرجعه الباحثون إلي زيادة فرص ارتكاب الجرائم بسبب
أ- تطبيق نظام البطاقات وفرض سعر إجباري للسلع
الضرورية مما يخلق سوقا سوداء تزداد بسببه الجرائم الاقتصادية
ب- تفكك الأسر وتشتتها بسبب استدعاء الأزواج
للاشتراك في القتال .
جـ- كل هذا يؤدي إلي ضعف الرقابة داخل الأسرة
ويدفع أفرادها إلي ارتكاب الجرائم .
د- عدم الاستقرار النفسي الناشئ عن هذه العمليات
إذ تنخفض قيمة الحياة ذاتها في نظر الأفراد بسبب ما ينقل إليهم أو ما يشاهدونه من
حالات القتل المتكررة .
3- استمرار زيادة حجم الظاهرة الإجرامية إلي ما
بعد الحرب بفترة فيرجع إلي :
أ- أن آثار الحرب تستمر إلي ما بعد انتهاء
الأعمال القتالية
ب- عودة المستدعين إلي الحياة المدنية يكشف عن
صعوبة اندماجهم في المجتمع ويتولد لديهم نتيجة لذلك حالة عدم التكيف الاجتماعي التي قد تدفع بهم إلي
ارتكاب الجريمة
تزداد أثناء الحرب جرائم الأموال مثل السرقة
والاحتيال وإساءة الائتمان والغش التجاري كما تزداد جرائم النساء عن جرائم الرجال
وتكثر جرائم الأحداث يرجع السبب في ذلك إلي استدعاء أغلب الرجال إلي جبهة القتال .
ثانيا :
علاقة السياسة الداخلية بالظاهرة الإجرامية :
يتوقف تأثير السياسة الداخلية على الإجرام على
طبيعة العلاقة بين الشعب والحكومة فإذا كانت هذه العلاقة يحكمها الأسلوب
الديمقراطي وفي هذه الحالة يكون للسياسة الداخلية أثر سلبي على الظاهرة الإجرامية
إذا تحد منها أو تؤدي إلي تخفيضها . أما إذا ابتعد الحكم عن الأسلوب الديمقراطي وفي هذه الحالة يكون
للسياسة الداخلية أثرا على الظاهرة الإجرامية . وقد تدفع هذه الظروف السياسية
مجموعة من الأشخاص إلي التمرد على الحكومة وعصيان أوامرها والعصيان والثورة – كأثر
للنظام السياسي الفاسد – يؤثران على الظاهرة الإجرامية . ولعل من
الدراسات التي اهتمت بهذا الموضوع الدراسة التي قام بها كل من لمبروزو ولا
شي . يستخلص من هذه الدراسات أنه في أثناء العصيان أو الثورة لم تسجل زيادة في عدد
الجرائم ولعل السبب يرجع إلي الفوضى التي تسود أثناء هذه الظروف وبصفة خاصة بين
رجال البوليس وفي المحاكم . أما بعد العصيان أو الثورة فقد رصدت الإحصائيات
ارتفاعا في حجم الإجرام وهذا الارتفاع شمل بصفة خاصة الجرائم السياسية كجرائم
الاعتداء على أمن الدولة وجرائم الصحف وجرائم التمرد والاعتداء على الموظفين .
تجدر الإشارة إلي أن ما يطلق عليه " بالمجرم السياسي " يجب إلا يوضع في
نفس مستوي المجرم العادي من حيث درجة الخطورة الإجرامية أو من حيث اللوم الخلقي .
فهو لا ينطلق من مصلحة شخصية كالمجرم العادي وإنما المصلحة العامة ونبل الغاية هما
الهدف وراء عصيانه أو ثورته من أجل هذا يتمتع المجرم السياسي في الدول الديمقراطية
بمعاملة خاصة سواء من حيث العقوبات أو من حيث أسلوب تنفيذها هذا بخلاف الحال في
الدول غير الديمقراطية أو دول المعسكر الشيوعي فالمجرم السياسي عندهم يعامل معاملة
أقسي وأشد من معاملة المجرم العادي .
س 18: تكلم عن العوامل الاجتماعية وأثرها في
الظاهرة الإجرامية ؟ ( سؤال امتحان ذكر مرتين)
يتخلف الوسط الاجتماعي المحيط باختلاف موقف
الإرادة . فقد يكون مفروضا أو عرضيا أو مختارا ولكل وسط منها
علاقة بالظاهرة الإجرامية
سؤال فرعي : تكلم عن علاقة الوسط المفروض كأحد
العوامل الاجتماعية بالظاهرة الإجرامية ؟
أولا : علاقة الوسط المفروض بالظاهرة الإجرامية :
يكون الوسط الاجتماعي مفروضا حيث لا يكون للإرادة
دور في الموافقة عليه أو رفضه .
1- الأسرة :
هي اللبنة الأولي في المجتمع وهي أول وسط اجتماعي
تتفتح فيه وعليه عيني الطفل . ويكون الشخص سويا إذا كانت الأسرة سوية ، يكون غير
سوي إذا كانت الأسرة غير سوية . فالأسرة القوية المتماسكة التي تقوم على الود
والتفاهم ويخرج منها شخصية سوية وتقاوم كل إغراء يدفع بها إلي سلوك سبيل الجريمة .
أما الأسرة المفككة أيا كان سبب تفككها يتولد عنها اضطراب نفسي لدي الطفل وعدم الاستقرار
قد يدفع به إلي الإجرام
1- الأخلاق والقيم السائدة فحيث تسود القيم السليمة
التي يتشبع بها الطفل فإن سلوكه داخل الأسرة وخارجها يكون سويا . أما إذا سادت
الأسرة قيم غير سليمة وكان الوالدان أو أحدهما مجرما أو سكيرا فإن الأسرة تكون
فاسدة وتنتقل العدوى إلي الأبناء فتحول بعضهم إلي مجرمين تحت تأثير التقليد
2- كما تتأثر شخصية الطفل أيضا بعدد أفراد الأسرة
وعلاقة الوالدين بالأبناء وعلاقة الأبناء بعضهم ببعض فكلما كانت الأسرة قليلة
العدد كان لكل فرد فيها مساحة مناسبة من المسكن وكمية كافية من الطعام وتمكن
الأب والأم من أداء دورهما في الإشراف والرعاية على أبنائهما . فلا ينزلقون بسهولة
إلي مهاوي الجريمة . بعكس الأسرة كثيرة العدد التي تقل فيها المساحة
المخصصة لكل فرد فيها من المسكن ولا تكفي كمية الطعام التي يتناولها كل منهم فتكون
أجسادهم هزيلة ونفسياتهم مريضة فضلا عن صعوبة الإشراف والرعاية من قبل الأب والأم
على الأولاد . مثل هذه الأوضاع الأسرية تخلق نوعا من عدم التوازن أو عدم
التكيف لدي الطفل الذي قد يدفع به إلي السلوك الإجرامي .
3- يلاحظ أن ترتيب الابن بين أفراد الأسرة له
تأثير على تكوين شخصيته فقد قام أدلر بدراسة هذه الظاهرة وانتهي إلي أن الابن
الوحيد يكون مدللا ويبدو عليه القلق والاضطراب والخوف والأنانية كما يتأثر الذكر
الوحيد بين الإناث ببعض الخصائص النسائية وأيضا تتأثر البنت الوحيدة بين الذكور
ببعض عادات الذكور
4- أخيرا فإن المستوي الاجتماعي والاقتصادي للولدين
له دور في استواء الأسرة من عدمه وهذا المستوي يؤثر على اختيار مسكن الأسرة وهذا
الأخير يؤثر على الظاهرة الإجرامية .
سؤال فرعي : تكلم عن المسكن مجتمع السجن
وعلاقتهما بالظاهرة الإجرامية ؟ ( سؤال امتحان ذكر مرة واحدة)
2- المسكن :
يتأثر اختيار مسكن الأسرة إلي حد كبير بالمستوي
الاجتماعي والاقتصادي للوالدين فوجود المسكن في حي مستواه رفيع واحتوائه على عدد
كاف من الأماكن لأفراد الأسرة وتوافر شروط الإضاءة والتهوية اللازمة كل هذا له
تأثير طيب على الحالة الصحية والنفسية لكل أفراد الأسرة وبطبيعة الحال فإن توافر
مسكن بهذه الشروط يرتبط بالدخل المرتفع الأسرة
أما حيث يكون الدخل منخفضا تضطر الأسرة إلي الإقامة في حي متواضع والمسكن
ضيق المساحة رديء الإضاءة والتهوية يضاف إلي ذلك حالة اشتراك أكثر من أسرة
في الإقامة في شقة واحدة أو في غرف متجاورة وتكون دورات المياه والحمامات مشتركة
بين أفراد هذه الأسر ولا شك أن ظروف مثل هذا المسكن يتولد عنها الاعتياد على الهرب
منه أو قضاء أغلب الوقت خارجه والانخراط في جماعات تكون في الغالب ذات ميول
إجرامية . وقد دلت الإحصائيات على أن نسبة مرتفعة من المجرمين كانوا يقطنون فهي
أحياء فقيرة ومكتظة بالسكان .
سؤال فرعي : تكلم عن علاقة الوسط العرضي كأحد
العوامل الاجتماعية بالظاهرة الإجرامية ؟
يكون الوسط عرضيا إذا كان تواجد الشخص فيه محدود
بفترة زمنية معينة ومرتبط بمهمة خاصة ويصدق هذا على المدرسة وتعلم
المهنة والخدمة العسكرية والسجن وهذه الأوساط العرضية الأربعة
لا تدفع بذاتها إلي الإجرام بل على العكس فإنه من وظيفتها الحيلولة بين الشخص وبين
ارتكاب الجرائم ومع ذلك فقد لا يروق لبعض الأشخاص التواجد في أحد هذه الأوساط وقد
يدفع به هذا الوضع إلي سلوك سبيل الجريمة فالمدرسة هي الوسط الاجتماعي
الأول الذي يواجهه الطفل خارج الأسرة ونجاح الطفل أو فشله في دراسته يتوقف على
إمكانياته الذهنية وعلى المعاملة التي يتلقاها من معلميه فقد يكون هذه الإمكانيات
متواضعة أو يعامل معاملة سيئة فلا يستطيع التكيف مع هذا الوسط فتبدو عليه مظاهر
الفشل في شكل الهروب من المدرسة أو الفوضى أو التسكع في الشوارع أو الذهاب إلي
أماكن اللهو أثناء اليوم الدراسي . هذه الحالة من الفشل الدراسي قد يعتبرها الشخص
مرحلة طارئة في حياته يجتهد في تجاوزها ويبحث عن أسلوب آخر غير الدراسة مثل تعلم
مهنة وقد ينجم عن هذه الحالة لدي بعض الأشخاص الشعور بالإحباط وعقدة الشعور بالظلم
والنظرة إلي المجتمع نظرة عدائية وربما تدفعه إلي الجريمة . وقد دلت الأبحاث التي
أجراها الزوجان "جيليك – اليانور" إلي أن أغلب الأحداث المجرمين كانوا
مصابين بعدم التكيف في مجتمع المدرسة
أما عدم التكيف في الوسط الذي يتعلم فيه الشخص
أصول مهنة مثل معهد فني أو ورشة ، فقد يرجع إلي عدم اقتناع الشخص بالمهنة أو
عدم رغبته في الاستمرار فيها ومظاهر عدم التكيف تكون في الغالب عدم الانتظام في
الحضور وفشل الشخص في تعلمه المهنة مما يجعله يعتقد ن السبيل الوحيد للحصول على
المال هو ارتكاب الجريمة وقد يكون الشخص متكيفا في وسط المدرسة ووسط تعلم
المهنة إلا أنه شعر بعد ذلك أثناء تأديته للخدمة العسكرية بعدم
التكيف وقد يرجع ذلك إلي النظام العسكري وأوامره الصارمة ومظاهر عدم التكيف قد
يكون في الهرب أو عدم إطاعة الأوامر .
مجتمع السجن يعتبر
وسط عرضي وهو وسط مفروض تبدأ علاقة الإنسان بالسجن عندما يرتكب
جريمة ويقبض عليه ويحبس احتياطيا (يوقف احتياطيا) أثناء التحقيقي معه والمحاكمة ثم
يحكم بعقوبة سالبة للحرية فيقضي مدة تلك العقوبة داخل السجن . فحيث يتم تنفيذ تلك
العقوبة في مكان لائق وتستخدم أساليب المعاملة العقابية المناسبة فإنه يترتب على ذلك
انتزاع عوامل الإجرام وتحقيق التأهيل الإصلاح ولا يعود المحكوم عليه بعد الإفراج
عنه إلي ارتكاب الجريمة مرة ثانية . أما إذا لم يستخدم أساليب المعاملة العقابية
المناسبة سيكون السجن في هذه الحالة سببا في تأكيد – بل وزيادة – عوامل الانحراف
في شخصية المحكوم عليه .
1- وهذا يعني أن الظروف السيئة التي
تنفذ فيها العقوبات السالبة للحرية قد تكون أحد العوامل التي تدفع إلي تكرار
ارتكاب الجرائم فالحالة السيئة التي توجد عليها السجون حيث لا إضاءة ولا تهوية
.. الخ يؤثر على صحة المحكوم عليهم وانتشار الأمراض بينهم وبصفة خاصة مرض السل .
كذلك تتأثر صحة السجناء النفسية سواء في السجن
الانفرادي أو السجن الجماعي فتكثر حالات الانتحار وحالات الهرب .
هذا بالإضافة إلي التأثير الاجتماعي لمثل هذه
السجون فتصاب أسرة المحكوم بالصدمة ويلفها العار والفضيحة .
كما أن لحظة الخروج من السجن تعد لحظة حرجة
وحساسة إذ يجد المفرج عنه نفسه أمام موقف يشبه كثيرا موقفه قبل ارتكاب الجريمة
التي دخل السجن من أجلها ولذلك نظرة الوسط المحيط والمجتمع ككل إليه
2- وليست المعاملة العقابية داخل السجن
وحدها هي التي يمكن أن تكون أحد عوامل الإجرام فالمعاملة التي يلقاها الشخص في
المراحل الإجرائية السابقة على تنفيذ العقوبة السالبة للحرية يمكن أن يكون لها
تأثير بالغ على سلوكه في المستقبل خاصة في الفرض الذي تثبت فيه براءته
فالإجراءات التي تتخذها الأجهزة الإجرائية المختلفة ( شرطة – نيابة عامة – سلطة
تحقيق – محاكم ) إذا قامت بها تلك الأجهزة في حدود القانون واحترام الآدمية فأنها
تكون ذات أثر مانع من تكرار الجريمة في المستقبل .
لكن إذا أسيء استخدام هذه الإجراءات التي تدفع
إلي العودة إلي الإجرام مرة ثانية
سؤال فرعي : تكلم عن علاقة الوسط المختار كأحد
العوامل الاجتماعية بالظاهرة الإجرامية ؟
ثالثا : علاقة الوسط المختار بالظاهرة الإجرامية
:
الوسط المختار – كما يدل عليه اسمه – لا يفرض
إنما يختاره الشخص بإرادته ويلجأ إليه بنفسه .
1- العمل :
علاقة العمل بالظاهرة الإجرامية قد تكون غير
مباشرة وقد تكون مباشرة وترجع العلاقة غير المباشرة إلي أن عمل الشخص(
وظيفته أو مهنته ) هو الذي يحدد مستواه الاقتصادي وعليه يتوقف مقدار الدخل الفردي
. فإذا كان هذا الدخل منخفضا أثر ذلك على سلوك الشخص ربما دفعه إلي الإجرام
.
وقد يكون العمل مصدرا مباشرا للإجرام
حينما يخلق ظروفا جديدة لارتكاب الأفعال الإجرامية فقد تؤدي بعض الأعمال إلي
التأثير على أعصاب من يقومون بها : كالعمل الرتيب والضوضاء وكما قد توجد بالنسبة
لبعض الأعمال نظم وقواعد خاصة تتعارض مع نظم وقواعد المجتمع كتلك المتعلقة بالسرقة
البسيطة ( مثل عمال التجارة ) المعاشرة بدون زواج ( في الوسط الفني مثلا ) ولقد
انتشرت في الآونة الأخيرة ظاهرة " إجرام رجال الأعمال " أو ما يطلق
عليهم العالم الأمريكي " سذرلاند " " إجرام ذوي الياقات البيضاء
" فظروف أعمالهم تسهل لهم ارتكاب جرائم الشيك والغش التجاري والاحتيال وكما
تنشر بين بعض الموظفين جرائم الرشوة والاختلاس .
2- الأصدقاء :
الإنسان في اختياره لأصدقائه يفضل المجموعة التي
تتقارب معه في السن وتتفق معه في الميول والاتجاهات ووجود الشخص بين جماعة
الأصدقاء يحدث تأثيرا متبادلا فإذا سادت الجماعة مبادئ وتقاليد سليمة انعكس ذلك
على سلوكهم . أما إذا كانت ظروفهم سيئة داخل مجتمعات الأسرة والمدرسة والعمل ولم
يتكيفوا مع هذه المجتمعات تكونت منه عصبة إجرامية والسبب في نشأة مثل هذه الجماعات
قد يرجع إلى تفكك الأسرة وتظهر حالة عدم التكيف هذه في صورة السلوك الإجرامي
وغالبا ما يكون للعصبة الإجرامية رئيس يتميز بالشخصية القوية يتولي إدارة نشاط
الأفراد الخاضعين له
3- الأسرة الخاصة بالفرد :
دلت بعض الإحصائيات إلي أن نسبة إجرام العُـزّاب
تفوق نسبة إجرام المتزوجين وقد قيل في تفسير ذلك النتيجة أن المتزوجين يتمتعون
بالاستقامة والاستقرار العاطفي أكثر من غير المتزوجين ويترتب على ذلك قلة جرائم الفئة
الأولي عن إجرام الفئة الثانية . ويؤخذ على هذه النتيجة تجاهلها لحقيقة هامة وهي
أن جانبا كبيرا من الشباب غير المتزوج لم
يصل بعد إلي مرحلة السن التي تؤهله للزواج ولهذا يجب عند بيان أثر الحالة
الاجتماعية للفرد ( من عزوبة أو زواج ) على الظاهرة الإجرامية النظر إلي راحل السن
المختلفة وما إذا كان الأمر يتعلق بذكر أم بأنثي فلقد ثبت أمن مرحلة العمر التي
تمتد حتى سن 25 سنة يكثر فيها إجرام المتزوجين عن غير المتزوجين وفي المرحلة ما
بين 25 – 60 سنة ترتفع نسبة الإجرام بين غير المتزوجين عن نسبة إجرام المتزوجين
كما لوحظ أن نسبة إجرام النساء المتزوجات يفوق نسبة إجرام غير المتزوجات وذلك في
البلاد التي لا تعتبر البغاء جريمة .
انتهي السؤال الفرعي والرئيسي
س 19 : تكلم عن العلاقة بين الوراثة
والإجرام ؟ ( سؤال امتحان ذكر مرة واحدة)
ثار الجدل بين العلماء حول أثر الوراثة على
السلوك الإجرامي
فذهب رأي إلي القول أن الإنسان يرث عن والديه
السلوك الإجرامي وتزعم هذا الاتجاه العالم "لمبروزو"
والنقد ليس من المقبول عقلا أن يكون ابن المجرم مجرما على سبيل القطع واليقين
. ولهذا اتجه رأي آخر إلي إهدار كل قيمة للوراثة في إنتاج السلوك الإجرامي والقول
بأن هذا السلوك يرجع إلي العوامل البيئية المحيطة بالمجرم فقط ويمثل هذا الاتجاه
العالم الأمريكي سذرلاند حيث يري أن تشابه الخصائص الذي نلاحظه بين السلف والخلف
لا يرجع إلي الوراثة إنما يرجع إلي تأثر كل منهما بظروف بيئية واحدة . والحقيقة
النقد أن الوراثة ليس خلوا من أي أثر على السلوك الإجرامي كما ذهب أنصار الرأي
الثاني كما أنها ليست هي المؤثر الوحيد الدافع إلي هذا السلوك كما رأي أنصار الرأي
الأول فإن الإنسان يرث عن أبويه الاستعداد الإجرامي فقط أما السلوك الإجرامي ذاته
فلا يورث ويترتب على ذلك أن السلوك الإجرامي يتولد عن التفاعل بين الاستعداد
الإجرامي الموروث والظروف البيئية المناسبة يميل غالبية علماء الإجرام إلي هذا
الرأي فيتعبرون الوراثة أحد عوامل الإجرام الذي لابد من تفاعله مع عوامل أخرى لانتاج
السلوك الإجرامي وأن دورها يقتصر فقط على نقل الاستعداد الإجرامي لإثبات العلاقة
بين الوراثة والظاهرة الإجرامية استخدمت طرق ثلاث :
1- دراسة شجرة العائلة :
تقوم هذه الدراسة على ملاحظة الإجرام بين أفراد
أسرة واحدة على مدى عدة أجيال ومقارنتها بعينه ضابطة تتمثل في أسرة أخرى لم يجرم
أفرادها . ومن أقدم الدراسات التي أجريت في هذا الخصوص الدراسة المتعلقة بأسرة جوك
الأمريكية وفقد ولد ماكس جوك عام 1720 وكان من مدمني الخمر وكانت امرأته لصة رزق
من الذرية 709 ابنا وحفيدا بينهم 77 من المجرمين 292 من محترفي الدعارة أو يديرون
بيوتا لها 142 من المتشردين وعدد أخر من المصابين بأمراض عقلية وكذلك البلهاء
والمصابين ببعض الأمراض التناسلية كالزهري . وقد أجريت دراسة مقارنة على أسر اشتهر
عنها الورع والاستقامة والنقد عليها أنها تنقصها الدقة للأسباب الآتية :
1- أنها تجاهلت قوانين الوراثة ذاتها لأنه كلما
بعدنا عن الأصل ضعف دور هذا الأصل ولهذا فإن الرجوع لأصل بعيد ثم إرجاع إجرام
الأحفاد أو انحرافهم إلي ما ورثوه عن هذا الأصل من استعداد إجرامي يعد خطأ علميا
فادحا .
2-
أهملت
دور العوامل البيئية التي يعيش فيها أفراد الأسرة وتأثيرها على السلوك الإجرامي
3-
أنها
استندت إلي حالات فردية ومختارة واستخلصت منها قانونا عاما وهذا خطأ علمي منهجي
2- الدراسة الإحصائية لأسر المجرمين :
تتفادي هذه الطريقة الخطأ المنهجي الذي وقعت فيه
الطريقة السابقة فلا تكتفي بدراسة حالات منفردة ومنتقاة وإنما تبحث في حالات متعددة
وغير منتقاة كما أنها لا تكتفي بدراسة ذرية أحد المجرمين وإنما تمتد لتشمل بجانب
الفروع جميع أقرباء المجرم كأبناء العم والعمة وأبناء الخال والخالة . وتتم هذه
الدراسة بأحد أسلوبين : أما باختيار عدد من المجرمين ثم البحث فيما إذا كان لدي
أسلافهم أو أقربائهم عيوب وراثية وإما اختيار عدد من الشواذ ثم بحث مدي التكرار
الجريمة بين خلقهم وأقربائهم . ويقصد بالعيوب الوراثية ظهور الأمراض العقلية
والنفسية وبعض الأمراض المعدية وإدمان الكحول والمسكرات وكذلك تكرار الإجرام بين
الأقرباء يزيد من دقة هذه الدراسة
مقارنتها بمجموعة ضابطة من غير المجرمين أو من غير الشواذ وقد أجريت دراسة على 477
من المجرمين تبين منها أن 88 من الأسلاف سبق ارتكابهم جرائم وأن 85 كانوا مصابين
بأمراض عقلية وأن 85 آخرين كانوا مصابين بأمراض نفسية وأن 33 كانوا مصابين بالصرع
وقد أسفرت الدراسات الإحصائية عن نتيجتين : الأولي أن أغلب المجرمين ينتمون إلي
أسر ينتشر فيها الإدمان على تناول المسكرات والشذوذ العقلي والنفسي والانحراف على
اختلاف صوره والثانية أن الأسر التي ينتشر فيها الشذوذ يسلك أغلب أفرادها سبيل
الجريمة أي أن هناك علاقة بين الإجرام والشذوذ من جهة وبين الوراثة من جهة أخري
. ونقد بعض العلماء الدراسة الإحصائية
لأنها لم تقطع بأن الوراثة وحدها هي التي تؤدي إلي إجرام الفروع ومثل هذا النقد
مقبول لأن الوراثة لا يمكن أن تكون كذلك فالعوامل البيئية المختلفة تساهم مع
الوراثة في توجيه الأبناء إلي المسلك الإجرامي بل أن ما يؤخذ على هذه الدراسة هو
عدم بحثها في أثر العوامل البيئية – بجانب الوراثة – على السلوك الإجرامي
3- دراسة التوائم :
التوائم هم الأبناء الذين يجمعهم حمل واحد ووضع
واحد والتوائم نوعان : أ- توائم متماثلون أو متطابقون وطبقا لقوانين الوراثة فإن
التوائم المتماثلين أو المتطابقين يولدون متساويين تماما في خصائصهم الوراثية
فيتشابهون في ملامحهم الخارجية ويشمل التشابه بينهم جميع الصفات والخصائص العضوية
والنفسية . ب- أما التوائم غير المتماثلين أو غير المتطابقين لا يصل التشابه بينهم
فهم لا يختلفون عن بقية الأخوة والأخوات الأكبر أو الأصغر منهم سنا . وتقوم دراسة
التوائم على أساس التمييز بين التوائم المتطابقين من ناحية والتوائم غير
المتطابقين من ناحية أخرى وفي نطاق كل فئة تتم مقارنة سلوك كل زوج من التوائم
فبالنسبة لفئة التوائم المتماثلة إذا كان أحدهما لديه ميل أو استعداد إجرامي فلابد
أن يتوافر هذا الميل أو الاستعداد لدي الآخر فإذا ثبت – عن طريق الدراسة – أن
إجرامهما متماثلا دل ذلك علي انتقال الميل
الإجرامي بالوراثة من السلف إلي الخلف أما إذا كان إجرامهما غير متماثل فإن ذلك
يعني انعدام الصلة بين الوراثة والإجرام .
أول من أجري مثل هذه الدراسة العالم لانج عام 1929 على 13 زوج من التوائم
المتماثلين 17 زوج من التوائم غير المتماثلين وانتهي من دراسته إلي أنه يوجد من
بين التوائم المتماثلين 10 متوافقين في مسلكهم الإجرامي و3 غير متوافقين وأن من
بين التوائم غر المتماثلين يوجد 2 فقط متوافقين في مسلكهم الإجرامي و15 غير
متوافقين . وتبين من نتائج الدراسات السابقة أن الوراثة تلعب دورا حاسما في الدفع
إلي الجريمة بدليل توافق أغلب التوائم المتماثلين في سلوكهم الإجرامي
أولا : من حيث المنهج :
1- فقد اعتمدت دراسة التوائم على حالات قليلة
ومنتقاة وهذا يخالف أسلوب الإحصاء العلمي السليم الذي يتطلب الرجوع إلي عدد كبير
من الحالات .
2- كما أن تصنيفها للتوائم مشكوك فيه إذ من الصعب
تحديد ما كانت التوائم ناتجة عن بويضة واحدة أو أكثر من بويضة
3- يضاف إلي ذلك أن الاعتماد على عدد ضئيل من
الحالات واستخلاص نتائج عامة تحكم الظاهرة ليس بالمنهج العلمي السليم
ثانيا : من حيث الموضوع :
أثبتت الدراسات السابقة عدم التوافق التام في
المسلك الإجرامي بين التوائم المتماثلة فقد دلت الإحصائيات على أن ما يقرب من ثلث
التوائم المتماثلين غير متشابهين في مسلكهم الإجرامي فكيف يفسر ذلك ؟ إذ من
المعلوم أن هذا النوع من التوائم – وفقا لقوانين الوراثة يتشابه أفراده في كل شيء
.
من أجل ذلك يكون صحيحا القول بأن الوراثة ليست هي
العامل الوحيد الحاسم في ظاهرة الإجرام وإنما لابد أن تتفاعل معها عوامل أخرى
بيئية وغير بيئية لإنتاج هذه الظاهرة . فالوراثة دورها محدد بأنها تنتقل من السلف
إلي الخلف الاستعداد الإجرامي.
س 20 :
تكلم عن العلاقة بين التكوين العضوي والظاهرة الإجرامية ؟
أولا : العلاقة بين التكوين العضوي والظاهرة
الإجرامية :
يقصد بالتكوين العضوي مجموعة الصفات الخلقية
المتعلقة بشكل الأعضاء ووظائفها .
1- أثر التكوين العضوي المعيب على الظاهرة
الإجرامية :
يكون التكوين العضوي معيبا إذا وجد شذوذ في الشكل
الخارجي لأعضاء الجسم أو إذا كان هناك اضطراب في أداء الداخلية لوظائفها . لقد
علمنا أن العالم الإيطالي " لمبروزو " ومن سار على نهجه . حاول الربط بين
الشكل الخارجي لأعضاء الجسم والإجرام . ولقد حاول العالم الإنجليزي جورنج إثبات
فشل نظرية لمبروزو فوقع أسيرا لها دون أن يدري . فبعد أن انتهي إلي عدم وجود فوارق
بين المجرمين وغير المجرمين من حيث الهيئة الخارجية لأعضاء الجسم . فأكد أنه ثبت
له من خلال دراساته أن المجرمين يتميزون بالانحطاط الجسدي والعقلي. وقد أيده في
دراساته العالم الأمريكي هوتون. غير أن الدراسات السابقة لم تتأيد علميا
خلاصة القول : لا توجد
علاقة مباشرة بين الشذوذ في شكل الأعضاء الخارجية والظاهرة الإجرامية . حقيقة قد
يؤثر هذا الشذوذ على السلوك الإنساني بصفة عامة ، ومنها السلوك الإجرامي بطبيعة
الحال ولكن هذا التأثير ضئيل وغير مباشر أي أن مفعوله يظهر على الأحوال النفسية
والظروف الاجتماعية والتي قد تدفع بالإنسان إلي سلوك ما هو مفيد له وللجماعة كما
قد تدفع به إلي الانحراف . وإذا كانت العلاقة بين شذوذ الشكل الخارجي والظاهرة
الإجرامية "باهته " الأمر قد لا يكون كذلك بالنسبة لاضطراب وظائف
الأعضاء الداخلية . فيذهب بعض علماء الإجرام إلي القول بوجود صلة وثيقة بين وظائف
بعض الأعضاء الداخلية وبصفة خاصة إفرازات الغدد وبين السلوك الإجرامي ويؤثر الاضطراب
أو الخلل الذي يصيب الغدد على تكوين العضوي والنفسي للجسم ، مما يؤثر بالتالي على
السلوك الإنساني فيدفعه إلي الانحراف وربما إلي الجريمة .
وخلل الغدد قد يكون تكوينيا يصاحب الفرد منذ مولده ، كزيادة ضعف إفرازات إحدى
الغدد أي تكون ذات تكوين معيب .
قد يكون عارضا يصيب
الإنسان سليم التكوين في فترات معينة من عمره حيث تنشط خلالها إفرازات الغدد
أحيانا أو تقل أحيانا أخرى مثال نشاط الغدد الجنسية في فترة المراهقة أو الشيخوخة
2- أثر التكوين العضوي المريض على الظاهرة
الإجرامية :
يقصد بالتكوين العضوي المريض ذلك التكوين المصاب
في أحد أعضائه أو أجهزته بمرض يقعده عن أداء وظائفه العادية . أي أن المرض في هذه
الحالة تأثيرا على التكوين العضوي يصاحبه تغيير في هذا التكوين وينجم عنه اختلالاً
في أدائه لوظائفه ، ويؤثر ذلك بالتالي على التكوين النفسي الذي يؤثر بدوره على
تصرفات الفرد الاجتماعية ومنها سلوكه الإجرامي . ستكتفي بأهم هذه الأمراض والتي قد
يكون لها علاقة بالسلوك الإجرامي .
أ- السل الزهري : دلت
الأبحاث التي أجراها كل من العالم الإيطالي دي توليو على وجود علاقة بين مرض السل
والجريمة فقد أثبت " دي توليو " أنه يوجد ما لا يقل عن 203 من مرضي السل
بين 1000 ألف مجرم أجري عليهم البحث . يري
" دي توليو " أن مرض السل يعد عاملا مثيرا أو مهيئا للسلوك الإجرامي
.فالشخص المريض بالسل شديد الحساسية سريع الانفعال مضطرب نفسيا ضعيف الإرادة وهو
لهذا إثارته مما يدفعه إلي ارتكاب الجرائم . بصفة خاصة جرائم العنف . تترتب نفس
النتيجة على الإصابة بمرض الزهري ، حيث يصحب هذا المرض اضطرابات نفسية وعصبية ينتج
عنها ضعف مقدرة المريض في السيطرة على تصرفاته مما يسهل معه إقدامه على ارتكاب
الجرائم
ب-إصابات الرأس والتهابات أغشية المخ : تؤثر هذه الإصابات والالتهابات على الحالة
النفسية والعصبية للمريض بها يتأخر ظهور آثارها عدة سنوات بعد الشفاء منها . تعتبر
الحمي الشوكية المخية من أخطر الإصابات التي تهم الباحث في علم الإجرام إذا يصحبها
تغييرا في شخصية المريض وبصفة خاصة عدم قدرته على التحكم في دوافعه وتصرفاته وقلة
الاحتمال لقيود النظام وسرعة الانفعال واللامبالاة والميل إلي العنف . بصفة عامة
تدفع إصابات الرأس والتهابات أغشية المخ المريض بها إلي ارتكاب جرائم الاعتداء على
الأشخاص والأموال والبلاغ الكاذب والجرائم المتعلقة بالآداب العامة
س 21 : تكلم في العلاقة الناحية الإرادية بالظاهرة
الإجرامية ؟
تمثل الإرادة المرحلة الختامية في التكوين النفسي
فهي أهلية العزم والتصميم واتخاذ القرار . قد تصاب الإرادة بخلل أو شذوذ يؤثر على
حريتها في اتخاذ القرار في نتقص من قدر هذه الحرية ، وتضعف قوة التحكم والسيطرة
على النفس مما قد يفضي إلي السلوك الإجرامي متى توافرت في الوسط المحيط العوامل
الأخرى اللازمة لإنتاج هذا السلوك وقد ثار التساؤل بين علماء الإجرام حول وجود
علاقة بين المرض العقلي والسلوك الإجرام يوفي معرض بيان هذه العلاقة يميز العلماء
بين أمرين :
أ- فعن الأمر الأول : تضاربت نتائج الأبحاث التي أجريت لإثبات العلاقة
بين الاستعداد الإجرامي للإصابة بالمرض العقلي . فذهبت بعض الأبحاث إلي التأكيد
على وجود مثل هذه العلاقة . لكن توجد أبحاث أخري تنتهي إلي نتائج مناقضة للنتائج
السابقة وتنفي وجود صلة بين الاستعداد لإصابة بالأمراض العقلية والإجرام وهذا التضارب
في النتائج يؤدي إلي القول أن الاستعداد للإصابة بالأمراض العقلية لا يعد سببا أو
عاملا للإجرام أن كان يمكن حدوث توافق بينهما ذلك أن المراحل السابقة على ظهور
أعراض المرض العقلي يكون لها أثرا فعالا وحاسما على الشخصية الإنسانية والتي قد
تدفع بصاحبها إلي انتهاج السلوك الإجرامي بل قد يرجع الاستعداد للمرض العقلي إلي
عامل آخر كالوراثة في حالة الصرع
ب- أما عن الأمر الثاني :فقد ثبت وجود علاقة بين الإصابة الفعلية بالمرض
العقلي والإجرام أن هذه العلاقة مباشرة تؤثر على تصرفات وسلوك المريض أثناء المرض
ذاته . نعرض فيما يلي لأهم الأمراض العقلية الدافعة إلي الجريمة وهي انفصام
الشخصية والصرع وجنون الهوس والاكتئاب والبارانويا والهستيريا والنيوراستينا
انفصام الشخصية :
يعد انفصام الشخصية أو الانفصام من أخطر الأمراض
العقلية .ويتميز المصاب بهذا المرض بانطواء صاحبه تدريجيا في عالم من الخيال
وفقدانه كل اتصال بالواقع . تتميز تصرفاته باللامبالاة أي يكون غير متكيف اجتماعيا
وغالبا ما تكون جرائم الشخص المصاب بمرض انفصام الشخصية من النوع البسيط وقد يلجأ
؟إلي ارتكاب أفعال تتسم بالعنف وبعد التفكير والروية
الصرع :
يتميز المريض بالصرع بصعوبة الإدراك واستعادة
الذكريات وصعوبة في التفكير ويصاب هذا المريض أيضا بالتشنج وفقدان الوعي الذي قد
يطول أمده ويصاحبه حالة اضطراب الوعي وخداع الحواس فيعقد في رؤية أشياء أو سماع
أصوات لا وجود لها وأغلب جرائمه تتمثل في الأفعال المخلة بالحياء والجرائم الخلقية
والسرقة والشروع في القتل
جنون الهرس والاكتئاب :
ويتصف المريض بهذا المرض يتناوب فترات الهلوسة
المريض بها إلي ارتكاب أعمال العنف والتدمير والمساس بجسم الغير
البارانويا :
يتميز المريض بهذا المرض العقلي بتسلط فكرة على
نشاطه وتصرفاته . أهم صور هذه الأفكار اعتقاده بأنه مضطهدا أو عظيم يقوده مثل هذا
الاعتقاد إلي الوقوع في الإجرام فيرتكب جرائم الاعتداء على الأشخاص لاعتقاده بأن
المجني عليه يضطهده كما يرتكب الجرائم ضد الأموال مثل تدمير أو حرق أموال أحد
الجيران لاعتقاده أنه يضطهده
الهسيتريا :
أخطر أنواع الهستيريا بالنسبة للإجرام حينما تكون
الجريمة وليدة هذا الصراع النفسي فيدفع المريض بها إلي ارتكابها تلقائيا . يسمي
هذا النوع بالهستيريا المتسلطة حيث يشعر المريض بها إلي دافع قوي يسيطر عليه
ويدفعه إلي الإتيان بسلوك إجرامي معين مثل السرقة أو القتل .
النيوراستينا :
هذه الحالة من الإنهاك العصبي والنفسي وقد تدفع
المريض بها إلي ارتكاب بعض الأفعال الإجرامية كالتسول
س 22 :
تكلم عن أثر السلالة على الظاهرة الإجرامية
أو اكتب في السلالة كعامل من عوامل الإجرام ؟ ( سؤال امتحان ذكر خمس مرات )
يقصد بالسلالة مجموعة
الصفات والخصائص التي تميز بين الجماعات الإنسانية المختلفة أيا كان الإقليم الذي
يقيم عليه فكل جماعة تتميز بملامح خارجية
وخصائص عضوية ونفسية وفكرية والسلالة وراثة جماعية ترث عن طريقها الجماعة خصائص
وصفات الآباء والأجداد ولقد ثار التساؤل حول إمكانية وجود علاقة بين السلالة
والإجرام. توجد حقيقة علمية لا مراء فيها ولا جدل حولها إلا وهي أنه لا يوجد دليل
علمي يقطع بتوافر الاستعداد الإجرامي لدي سلالة بعينها فجميع المجتمعات الإنسانية
تضم بين جنباتها الصالح والفاسد ومع ذلك فقد حاول بعض العلماء البحث في مدي علاقة
السلالة بأنواع معينة من الجرائم وحجمها ولجأوا في هذا سبيل إلي وسيلتين :
الوسيلة الأولي
دراسة الإجرام بالنسبة للسلالات التي تعيش في دول
مختلفة :
فقد ذكر العالم الأمريكي هوتون أن كل سلالة لها
نصيبها من الإجرام والمجرمين لا تختلف فيما بينها إلا من حيث نوع الجرائم وعددها
فالسود والمنتمون لدول البحر الأبيض المتوسط يكونون في مقدمة مرتكبي جرائم القتل والاسكندنافيون
في مقدمة مرتكبي جرائم الغش والتزوير والسرقة دون استخدام العنف والسلالات المحيطة
بسلسة جبال الألب يكثر بينها السرقة بالعنف . والنقد على هذا إلا أنه يؤخذ على هذه
الدراسة ابتعادها عن الأسلوب العلمي الدقيق فالمادة الأولية التي اعتمدت عليها هي
الإحصاءات القومية في الدول المختلفة 1- فإن طريقة إعداد هذه الإحصاءات تختلف من
دولة لأخري ، 2- بالإضافة إلي أن ما يعتبر جريمة في دولة قد لا يعد كذلك في دولة
أخرى . ب- وفي النهاية فإن الظروف الاجتماعية في الدول محل الدراسة مختلفة مما
يستحيل معه عقد مقارنة بينها على أساس اختلاف السلالة . ونخلص من ذلك أن هذه الوسيلة من وسائل الكشف
عن أثر السلالة على الأجرام قد فشلت تماما في إيضاح هذا الأثر سواء سلبا أم إيجابا
.
الوسيلة الثانية :
مقارنة حجم ونوع الإجرام لعدة سلالات تعيش في
إقليم واحد :
وتقوم هذه الوسيلة على أساس الإحصاءات الجنائية
القومية لدولة معينة يعيش على أرضها مجموعات إنسانية تنتمي إلي أكثر من سلالة وهذا
هو حال الدول الذي يوجد بها أقليات أجنبية هاجروا إليها وكذلك الدول التي يضم
شعبها أكثر من سلالة
1- إجرام الأجانب في الدول التي هاجروا إليها :
لوحظ في الولايات المتحدة الأمريكية أن المهاجرين
الأوروبيين الذين لا يتمتعون بالجنسية الأمريكية يمارسون رقابة ذاتية على سلوكهم
في دولة المهجر ومن ثم كان إجرامهم أقل حجما من الأمريكيين الذين ولدوا بأمريكا
ولكن أبناء هؤلاء المهاجرين الذي ولدوا بأمريكا كان إجرامهم أكثر ارتفاعا من إجرام
آبائهن وثبت في فرنسا أن نسبة إجرام المهاجرين من شمال أفريقيا ( المغرب – الجزائر
– تونس ) مرتفعة مرة ونصف أكثر من إجرام الفرنسيين.
ولكن يلاحظ على النتائج السابقة أن الأجانب
يخضعون لرقابة دقيقة من رجال الشرطة أكثر من الوطنين كما أن وجودهم في دولة المهجر
ينشأ عنه صراع بين ثقافتهم وثقافة دولة المهجر مما قد يدفعهم إلي ارتكاب الجرائم
فضلا عن أن أغلب الأجانب المهجرين من الرجال الشبان ومثل هذا الوضع يمكن أن يعزي
إليه الارتفاع النسبي لجرائم الأجانب وبالتالي ليست هناك أي علاقة أو أثر للسلالة
على الظاهرة الإجرامية
2- إجرام سلالة من السلالات في الدولة الواحدة :
أجريت دراسات في كل من أمريكا وفرنسا حول إجرام
الزنوج والجزائريين في كلا الدولتين في سنة 1945 بلغت نسبة الأحكام التي صدرت ضد
الزنوج 32.8 % من المجموع الكلي للأحكام الصادرة في هذه السنة . وفي عام 1960 أجري
" سيلين " دراسة على إجرام الزنوج خلص منها إلي أن 61 % من جرائم القتل
بأنواعه المختلفة ارتكبها الزنوج.
هذه الإحصائيات السابقة تدل بما لا يترك مجالا للشك
على أن إجرام الزنوج أكثر حجما وأبشع نوعا من إجرام البيض في الولايات المتحدة
الأمريكية ونفس النتيجة انتهي هيرش فيما يتعلق بإجرام الجزائريين في فرنسا وقد
حاول الباحثون إعطاء تفسيرات مختلفة يعزي إليها ارتفاع نسبة إجرام الزنوج في
أمريكا والجزائريون في فرنسا .
1- فمنهم من رأي ذلك في الظروف التي يعيشها كل من
الزنوج والجزائريين في كل من أمريكا وفرنسا فكل من الفئتين تعيش في أحياء منعزلة عن
بقية السكان فإن وضعهم الاقتصادي والاجتماعي الثقافي يكون منخفضا مما يتعذر معه
تكيفهم مع المجتمع
2- كما أن الزنوج في أمريكا يعاملون معاملة غير
عادلة فهناك اختلاف واضح في تطبيق القانون على البيض والزنوج .
3- يضيف البعض سببا آخر يرجع إلي اختلاف السلالة بين الزنوج والبيض فالزنجي
أقل تقديرا لعواقب الأمور من الأبيض كما أن الزنوج انفعاليون لا يستطيعون مقاومة
حالات الانفعال التي تنتابهم
إذا كانت كثرة إجرام الزنوج يمكن إرجاعها إلي
التفسيرين الأول والثاني إلا أنه يتعين رفض التفسير القائم على أساس اختلاف
السلالة بين السود والبيض . فمثل هذا التفسير قناع يخفي خلفه نزعة عنصرية بغيضة
يتحتم أن تزول وفوق ذلك فإن التحليل العلمي الموضوعي يستبعد تماما وجود أي صلة بين
السلالة المختلفة ويتضح مما تقدم عجز هذه الوسيلة عن أن تبين لنا صلة بين السلالة
والإجرام .
خلاصة القول أن السلالة ليست عاملا من عوامل
الإجرام فلا توجد سلالة معينة لديها ميل أو استعداد إجرامي كما أن السلالة في حد
ذاتها ليست عاملا مباشرا في تحديد حجم الإجرام ونوعه أن اختلاف نوع الإجرام وحجمه
من سلالة لأخرى الذي نلاحظه إنما يرجع إلي ما يحيط السلالة من ظروف بيئية مختلفة
تلح عليها وتتحكم في إقبالها أو امتناعها عن السلوك الإجرامي
س 23 : اكتب في الجنس كعامل من عوامل الإجرام أو
يختلف إجرام الرجل عن إجرام المرأة وضح ذلك ؟ ( سؤال امتحان ذكر 7 مرات )
أولا : الإحصاءات الجنائية عن إجرام كل من الرجل
والمرأة
دلت الإحصاءات الجنائية اختلاف إجرام المرأة عن
إجرام الرجل كما ونوعا ووسيلة .
1-فمن حيث الكم : ثبت أن
إجرام الرجل يفوق خمسة أمثال إجرام المرأة وفي بعض الأحيان يصل إلي عشرة أمثال
إجرامها أو أكثر فقد أشار " جرانيه " أن الإحصاء الجنائي الفرنسي لعام
1902 أظهر أن نسبة إجرام المرأة تعادل 13 % تقريبا من مجموع الجرائم التي ارتكبت
في هذا العام . بلغت نسبة إجرام المرأة في ألمانيا الغربية 16 % وفي الولايات
المتحدة الأمريكية 15 % إذ دلت الإحصاءات دائما على انخفاض إجرام المرأة عن إجرام
الرجل .
2- ومن حيث النوع : فقد دلت
الإحصاءات على أنه هناك جرائم لا تقع إلا من النساء أو يكون خطها منه كبير بالنسبة
للرجال وجرائم أخرى يقل وقوعها من النساء أو يكون حظها منه كبير بالنسبة للرجال
وجرائم أخري يقل وقوعها من النساء فالمرأة تتفوق على الرجل في جرائم الإجهاض بينما
يتفوق عليها الرجل في جرائم العنف والسرقة بالإكراه وجميع الجرائم التي يتطلب
تنفيذها قوة عضلية
من حيث وسيلة ارتكاب الجريمة : فيغلب على إجرام النساء استخدام الحيلة والخديعة
بينما على إجرام الرجال استخدام العنف
ثانيا : تفسير اختلاف إجرام المرأة عن إجرام
الرجل :
حاول بعض العلماء إنكار وجود اختلاف كمي بين
إجرام كل من الرجل والمرأة فعلي الرغم من أن الإحصائيات يؤكد هذا الاختلاف الكمي
إلا أنهم يرون أن السبب في ذلك يرجع إلي ما يأتي :
1- الإحصاءات السابقة تسقط من حسابها ما تمارسه
النساء من دعارة إذ لا يعتبر هذا النشاط جريمة في بعض الدول وأنه إذا أضيفت جرائم
الدعارة لتساوي إجرام المرأة مع إجرام الرجل ولكن مثل هذا القول لا يستقيم لسببين
:
الأول : أنه ثبت
دائما انخفاض إجرام المرأة عن الرجل حتى في البلاد التي تعتبر فيها الدعارة جريمة والثاني
: أنه طالما لا يجرم المشرع في بعض الدول هذا النشاط فإن محالة إدخاله ضمن
السلوك غير المشروع يعتبر عملا غير قانوني ولهذا ذهب البعض إلي القول بأن دلالة
الإحصائيات عن ارتفاع إجرام الرجل عن إجرام المرأة يرجع إلي ما تنطوي عليه هذه
الإحصائيات من عيوب وبصفة خاصة ما يتعلق منها " بالرقم الأسود " أو
" الرقم المطموس " في كثير من الجرائم التي ترتكبها المرأة لا تعلم بها
السلطات المختصة بسبب قدرتها على إخفائها .
ولكن هذه الحقيقية لا يجب أن تحجب عنا أن نسبة هذه
الجرائم ضئيلة إذا كما قورنت بالجرائم
التي يبلغ عنها
2- حاول البعض كذلك إرجاع الفارق بين إجرام الرجل
والمرأة إلي أن كثيرا من الجرائم التي يرتكبها الرجال سببها النساء فقد دلت
الإحصائيات على أن المرأة تكون السبب في 40 % من جرائم الأخلاق 20 % من جرائم القتل
، 10 % من جرائم السرقة فإذا أضيفت هذه النسب إلي مجموع جرائم النساء لتغيرت
النسبة بين إجرام الرجال والنساء
لكن يلاحظ أن هذا القول يفتقر إلي السند القانوني
فطالما أنه لا يمكن أن يسند إلي المرأة فعل يعده القانون جريمة فلا يجوز الاعتداد
به عند بيان حجم إجرام النساء .
3- وقد قيل كذلك أن المرأة أكثر تدينا وأفضل خلقا
من الرجل
لكن هذا القول أيضا لا يسنده أي أساس علمي
فالمرأة كثيرا ما ترتكب جريمة شهادة الزور وهي جريمة ضد الدين في المقام الأول
4- وفسر البعض قلة إجرام المرأة على أساس وضعها
الاجتماعي غالبا ما تكون في كنف أحد أقربائها ( والدها – أخوها – زوجها ) فلا تنزل
إلي معترك الحياة كالرجل . لا تتعرض بالتالي للعوامل الخارجية التي قد تدفعها إلي
الإجرام
يتضمن هذا الرأي قدرا من الصحة ولكنه ليس صحيحا
على إطلاقه إذ أنه ثبت أن إجرام المرأة ما
زال أقل من إجرام الرجل حتى في الدول التي نزلت فيها المرأة ميدان الحياة العامة
وزاحمت الرجل في تحمل أعباء المعيشة كما أن منطق هذا الرأي يؤدي إلي نتيجة مؤداة
أن إجرام النساء المتزوجات أقل من إجرام النساء غير المتزوجات ومع ذلك فإن
الإحصاءات قد دلت على أن إجرام المتزوجات أكثر من إجرام غير المتزوجات
5- ذهب رأي أخير إلي القول بأن اختلاف إجرام
الرجال عن إجرام النساء يرجع إلي الاختلاف في التكوين العضوي والنفسي لكل منهما
فالمرأة من حيث التكوين العضوي أضعف من الرجل ومن ثم إجرامها يختلف كما نوعا عنه .
كما أنه من الناحية النفسية تمر المرأة بأطوار
تؤثر على نفسيتها وتدفعها إلي ارتكاب الجرائم وذلك في فترات الحيض والحمل والوضع
والرضاعة وبلوغ سن اليأس ينطوي هذا الرأي على قدر كبير من الصحة فالثابت من
الإحصائيات إجرام المرأة يختلف من ناحية النوع عن إجرام الرجل كما أن الوسائل التي
تلجأ إليها المرأة في تنفيذ جرائمها تختلف عن تلك التي يستخدمها الرجل في تنفيذ
جرائمه وهذا يفسره اختلاف التكوين العضوي والنفسي لدي كل منهم .
ومع ذلك فإن هذا التكوين لا يفسر الاختلاف في
الحجم بين إجرام المرأة وإجرام الرجل .
بل أن هناك من العلماء من ذهب إلي القول بأن
المرأة ليست أضعف من الرجل فلقد أكدت الإحصائيات أن متوسط العمر لدي المرأة أطول
منه لدي الرجل كما أن المرأة تقاوم الأوبئة والأمراض أكثر من الرجل وأن نسبة وفاة
المواليد من الإناث أقل منها لدي الذكور .
حصيلة القول : أن القول
أن الجنس لا يعد عاملا أصليا ومباشرا للإجرام أما الاختلاف في إجرام النساء عن
الرجال من حيث الكم والنوع والوسيلة فيفسره الاختلاف في التكوين بينهما من ناحية
والاختلاف في المركز الاجتماعي من ناحية أخري . فالمرأة أكثر تأثرا من الرجل
بالعوامل الاجتماعية المحيطة بها فقد وجدنا أن المرأة تكثر جرائمها في فترات
الحروب وكذلك في الأزمات الاقتصادية
س 24 : اكتب في السن كأحد عوامل الإجرام ؟ ( سؤال
امتحان )
حياة الإنسان سلسلة متصلة الحلقات تبدأ بمولده
وتنتهي بوفاته . وهذا النمو والتغيير يتأثر بهما السلوك الإنساني يؤثران بالتالي
على الظاهرة الإجرامية يقسم العلماء عمر الإنسان إلي أربعة مراحل :
1- مرحلة الطفولة : وتمتد من
الميلاد إلي ما قبل البلوغ ، ولكن يلاحظ
أن النمو العضوي ( الفسيولوجي ) ليست له علاقة بالإجرام . فالطفل في بداية حياته
يعتمد اعتمادا كليا على أمه ولا يبدأ في فهم الوسط المحيط واكتساب حاجاته
الاجتماعية إلا في سن متقدمة ( السابعة أو الثامنة ) من عمره ولهذا فإنه ابتداء من
هذا السن يبدأ في محاولة الخروج عن طاعة والديه ويمكن معها أن تثور المشاكل التي
يهتم بها علم الإجرام
2- مرحلة الحداثة أو المراهقة : وهي مرحلة طويلة يتوسطها البلوغ وتشمل ثلاثة
أطوار :
طور ما قبل البلوغ عند
الذكور ويتميز بنمو القامة والعضلات وتغير في الصوت عند الذكور وظهور الثديين عند
الإناث طور البلوغ وطور ما بعد البلوغ بارتفاع الصدر وازدياد ظهور الصفات الجنسية
المميزة حتى السادسة عشرة أو السابعة عشرة عند الإناث وحتى الثامنة عشرة عند
الذكور وتتميز مرحلة المراهقة بصفة عامة
بنشاط الغريزة الجنسية لدي المراهق نمو حب المغامرة وتوهج ملكة التخيل وازدياد قوة
العاطفة وكل هذه العوامل تهيئ الفرصة للإجرام
.
3- مرحلة النضج : هذه المرحلة تتوسطها مرحلة أخرى هي مرحلة الشباب
والتي تمتد من الثامنة عشرة إلي الخامسة والثلاثين وفيها لا يتوقف النمو ويكتمل
فيها الجهاز العصبي . لكن يلاحظ أن مرحلة الشباب غير مستقلة إذ تلحق بمرحلة
المراهقة ومع ذلك فإن هذه الفترة من عمر الإنسان تعد أحظر الفترات لأنه يكثر وقوع
الإجرام خلالها . أما مرحلة النضج الحقيقية فتبدأ من الخامسة والثلاثين وتمتد حتى
الخمسين
4- مرحلة الشيخوخة : تتميز بازدياد الضعف في القدرات الجسدية وتصاحبها
حالات عدم استقرار نفسي وقلق .
سؤال فرعي : تكلم عن الصلة بين الإجرام وبين عامل السن وعامل الخمر
وعامل المخدرات ؟ ( سؤال امتحان )
العلاقة بين مراحل النمو والظاهرة الإجرامية :
في مرحلة الطفولة : لم تسجل
الإحصاءات الجنائية عددا يذكر من الجرائم خلال هذه المرحلة يرجع السبب في ذلك إلا
ضعف تكوين الطفل خلال هذه المرحلة وقلة علاقاته الاجتماعية فضلا عن أن أغلب
التشريعات تعتبر الطفل غير مسئول جنائيا عما يرتكب من أفعال. أما في مرحلة
المراهقة : فقد سجلت الإحصاءات الجنائية أن الإجرام يبدأ من سن الثانية عشرة
تقريبا ويزداد نسبيا مع ازدياد السن حتى الثامنة عشرة أما عن أنواع الجرائم التي
يرتكبها المراهقون فتشغل السرقة الحجم الأكبر من إجرامهم . في مرحلة النضوج : تعد
الفترة من 18 – 30 من أخطر مراحل العمر على الإطلاق إذ ترتفع فها عدد الجرائم بشكل
ملحوظ فقد سجلت الإحصاءات الجنائية أن الفترة من 18 – 25 تستأثر بثلث الإجرام
تقريبا ويستمر معدل الإجرام بالغ الارتفاع حتى سن الثلاثين ثم يأخذ في الهبوط تدريجيا
بعد ذلك ويهبط بدرجة ملموسة ابتداء من سن الأربعين وحتى نهاية هذه المرحلة . تجدر
الإشارة إلي أن النساء في هذه المرحلة يزداد معدل الجريمة لديهن في الفترة من 40 –
50 وهي تتعلق بما سمي " سن اليأس " حيث يصاحبها اضطرابات نفسية وعصيبة
وأخيرا في مرحلة الشيخوخة يستمر معدل الإجرام في الانخفاض ثم تسكن حركته تقريبا
بعد سن الستين ولا يلجأ الشيوخ إلي جرائم العنف نظرا لضعفهم
ويغلب على إجرامهم الجرائم التعبيرية مثل السبب والقذف وجرائم الاعتداد على العرض
حيث يكون المجني عليهم في الغالب من الأطفال يتضح مما سبق أن الظاهرة الإجرامية
تختلف من حيث الكم والنوع تبعا لمراحل العمر المختلفة يفسر هذا الاختلاف التغييرات
العضوية والنفسية وكذلك الظروف البيئية التي تعتري الإنسان خلال المراحل المختلفة
من العمر التي يمر بها وفي كل الأحوال لا يعتبر عامل السن من العوامل المباشرة
التي تقضي إلي السلوك الإجرامي إنما هو عامل غير مباشر في إنتاج هذا السلوك.
س 25 : تكلم عن السكر وإدمان المخدرات في الظاهرة
الإجرامية ؟ ( سؤال امتحان 6 )
أولا : أثر الشرب الخمر على شاربيها :
يصاحب احتساء الخمور تغييرات عضوية ونفسية قد
يظهر أثرها مباشرة وقد يتأخر فترة من
الزمن قد تطول أو تقصر حسب ظروف كل شخص وكمية الخمر التي يحتسيها ولا شك أن أخطر
فئات شاربي الخمور المدمنون عليها ذلك أن الخمر تؤثر على ذكاء من يحتسيها وتحرك
الدوافع الغريزية لديه وتقلل من المقاومة على تنظيم إشباعها ويصاحبها ضعف عام في
كل الوظائف النفسية ويكون من نتيجتها أن يفقد الشخص التحكم والسيطرة على دوافعه
وينجرف في تيار الجريمة وبصفة خاصة جرائم العنف . وقد أشار " فيري " إلي
ارتفاع أو انخفاض جرائم القتل وكذلك جرائم الجرح والضرب يختلف باختلاف الإنتاج
السنوي للخمور واستهلاكها وأهم الجرائم التي تقع تحت تأثير المواد المسكرة أيضا
حوادث المرور فقد دلت الإحصائيات الفرنسية على أن 60 % تقريبا حوادث المرور وقعت
بسبب الخمور .
يلاحظ كذلك أن شرب الخمور يؤثر على الحالة الصحية
لشاربها وبصفة خاصة الإصابة بأمراض الكبد وهذا المرض وغيره له تأثير أيضا على سلوك
الشخص المصاب به مما قد يدفعه إلي الإجرام وهكذا يتضح أن للخمر دور غير أساسي أو
ثانوي للإجرام إذ هي عامل مهيئ للسلوك الإجرامي ويكون تأثيرها أشد خطرا إذا
صادفت توافر ميل أو استعداد إجرامي سابق
قد يكون تأثير الخمر مباشرا على السلوك الإجرامي حين يطلق الغرائز والرغبات من
عقالها ويتعلق الأمر في هذه الحالة بجرائم غير جسيمة مثل الجرائم غير المقصودة
عموما أو غير العمدية وجرائم الصدفة أو الجرائم العرضية على وجه الخصوص
ثانيا : أثر شرب الخمر على الأسرة :
للخمر تأثير على حياة الأسرة عامة وعلى الأبناء
خاصة فوضع الأسرة التي يدمن فيها الأب والأم أو أحدهما فقط على الخمور يتأثر سواء
من الناحية المالية حيث تمتص جزءا من دخلها المالي أو من ناحية علاقة أفراد الأسرة
بعضها ببعض ، فمدمن الخمر يهمل رعاية شئون الأسرة فينجم عن هذا وذاك ضيق اقتصادي
بالإضافة إلي المشاحنات والمنازعات مما يؤثر على سلوك أفرادها وقد يدفعها إلي
الجريمة وبصفة خاصة الأولاد كما أن للخمر تأثير وراثي سيئ إذ تؤكد الأبحاث أن
الإدمان على المسكرات يطبع بأثره الأبناء أيضا فيولدون ضعفاء في تكوينهم العضوي
والنفسي وقد يظهر بينهم المدمنون والمجرمون والمخدرات على اختلاف أنواعها (
الأفيون ، الحشيش ، غيرها ) ذات الآثار السابقة سواء بالنسبة لمن يتناولها
ويتعاطاها أو بالنسبة لأسرهم
س 26 :
اكتب في الموقف الإجرامي ؟
الخصائص السابقة للشخصية الإجرامية لا يترتب على
توافرها ضرورة ارتكاب الجريمة ، بل أن فكرتها تظل حبيسة إلي أن تصطدم بموقف يثيرها
تنشط على أثره تلك الشخصية وتتجه فعلا إلي تنفيذ الجريمة هذا الموقف المثير يسمي
" الموقف الإجرامي " ويتمثل هذا الموقف في مجموعة الظروف والعوامل التي
تتوافر لحظة الإقدام على ارتكاب الجريمة وهو على ذا النحو بمثابة القشة التي قيل
عنها أنه قصمت ظهر البعير الموقف الإجرامي قد يكون عاما يدفع إلي ارتكاب أي جريمة
وقد يكون خاصا بجرائم معينة وقد يكون عارضا مؤقتا وقد يكون دائما . فمن المواقف
الإجرامية العامة الفقر المدقع ، ومخالطة رجال العصابات مثلا هذه المواقف تدفع
الإنسان نحو الجريمة مع استخدام الوسائل المناسبة لتنفيذها . فعلي الرغم من أن
مخالطة رجال العصابات مثلا ليس مناسبة لارتكاب جريمة بعينها إلا أنه موقف يدفع إلي
ارتكاب الجرائم . وقد يكون الموقف الإجرامي خاصا بجريمة معينة كجريمة الاغتصاب
مثلا وذلك في حالة ما إذا سمحت الفتاة لفتى لا يعرفها بأن يصطحبها في سيارته أو
إلي منزله . بل وقد يرجع الموقف الإجرامي إلي المجني عليه نفسه ، وقد يكون دوره
إيجابيا أو سلبيا فمثلا الزوج الذي يعذب زوجته دائما يدفعها لكي لا تتعرض لهذا
التعذيب إلي قتله . يلاحظ دور المجني عليه أيضا في جرائم الإهانة والسب والتعدي
على الموظفين العموميين ومقاومة السلطات
س 27 :
اكتب في الأسرة وإجرام الأحداث ؟
الأسرة هي المجتمع الأول الذي يصطدم به الحدث
ويقع عليها واجب رعايته . كما أنه في محيطها يتحقق تكوين شخصيته . الشخص يكون سويا
إذا كانت الأسرة سوية . أما إذا كانت غير سوية فإنها تعتبر أحد العوامل الأساسية
التي تدفع بالأبناء إلي الانحراف . يرجع عدم استواء الأسرة إلي عدة أسباب منها :
أ- علاقة الطفل بأمه : في الشهور الثمانية الأولي من حياة الطفل لا تكون
له شخصية مستقلة بل يتحد مع أمه اتحادا كاملا . لكن مع بداية الشهر الثامن ينفصل
الطفل تدريجيا عن أمه ويبدأ في تكوين شخصيته المستقلة . فإذا استطاع الأم أن توفر
له العلاقة العاطفية القوية أدي ذلك إلي نجاح الطفل في الدخول إلي مرحلة الحياة
الاجتماعية الأولي . أما إذا كانت الأم غير مستقرة في عواطفها تولد لدي طفلها
الإحساس بالظلم .وهكذا تكون ظروف الأم سببا في التأثير الضار على بدء التكوين
الحياة الاجتماعية الأولي لطفلها الجديد وتتمثل هذه الظروف في عمل الأم خارج
المنزل ، عدم الرغبة في الطفل الجديد أو لأنه فوق ذرية متعددة التغيير المستمر
للأشخاص الذي يرعونه حيث يجد صعوبة في التعود عليهم وكذلك التغيير المستمر للمكان
أو البيئة
ب- علاقة الطفل بأبيه : وعند بلوغ الطفل عامه الثالث ، يبدأ والتشبه بتلك
السلطة الخارجة عن كيانه وهذا يعني أن كل غياب أو اختلال لتلك السلطة ينتج عنه
اضطرابا في شخصية الطفل من الناحتين العاطفية والاجتماعية . أسباب غياب أو اختلال
السلطة الأبوية في الوقت الراهن – عديدة منها – غياب الأب تماما عن الأسرة كما هو
الحال إذا كانت الأم أرملة أو مطلقة . وقد يتحقق غياب السلطة الأبوية رغم وجود
الأب الفعلي وهذا الوضع يكون أشد خطرا على حالة الطفل من الغياب الفعلي للأب .
وغياب سلطة الأب يظهر أحيانا في الصورة التي يرفض فيها تماما الاهتمام بأولاده
وتوجيههم أو إذا كانت ظروف عمله تستغرق معظم الوقت شديد وقد يتحقق اختلال السلطة
الأبوية لا بغيابها وإنما بطغيانها فقد يكون الأب متسلطا يعامل أبنائه بقسوة
ويتصرف كأنه الحاكم المطلق داخل الأسرة . وفي هذا الجو يكون الطفل منبوذا ومحروما
من حق الاعتراض أو الرفض . فيعمد إلي الانطواء والعزلة ويتولاه القلق والانزعاج
وغالبا ما يملأه الشعور بالعداء للجو المحيط به برمته
جـ- علاقة الطفل بوالديه : العلاقة الطبيعية بين الطفل ووالديه تحقق
التوازن العاطفي والاجتماعي للطفل فينشأ سويا . ومن صور غياب دور الأب والأم
وأخطرها على الطفل صورة الانفصال المعنوي بينهما . يتخذ هذا الانفصال مظاهر متعددة
منها الشجار الدائم بين الوالدين وفي مثل هذا الجو العائلي تتصدع الأسرة وتفقد
تماسكها ووحدتها وتضعف أو تنعدم رعايتها لأبنائها مما قد يدفعهم إلي الانحراف .
ومن مظاهر تفكك الأسرة المعنوي أيضا الانفصال الفعلي أو القانوني الطلاق بين
الأبوين وفي هذه الحالة يتعرض الطفل لخطر الحرمان من حنان الأم أو من سلطة الأب
مما ينتج عنها لاضطراب العاطفي والاجتماعي
الأسرة كثيرة العدد يصعب فيها الإشراف والرعاية
من قبل الأب والأم على الأولاد والمستوي الاقتصادي والاجتماعي للوالدين له دور في
استواء الأسرة من عدمه وأن هذا المستوي يؤثر بدوره على مسكن الأسرة .والمستوي
الاقتصادي والاجتماعي المنخفض للأسرة له تأثير على حياة الحدث لأنه يؤدي إلي النقص
والحرمان من مستلزمات الكساء والطعام وسائر الحاجات الضرورية الأخرى . هذا الوضع
يولد لدي الحدث الشعور بالنقص أو الدونية يضاعف من هذا الشعور كون الحدث من سلالة
مختلفة أو جنسية مختلفة إذا كانت الأسرة مهاجرة مثلا مما قد يدفع به إلي السلوك
المنحرف . ضعف أو انعدام دور الأسرة في رعاية توجيه ورقابة الحدث بسبب الظروف
المختلفة التي تمر بها سواء ما تعلق منها بالأم أو الأب أو الأبوين معا وبصفة خاصة
التفكك الأسري وفساد الأبوين أو أحدهما وضعف المستوي الاقتصادي لها يؤدي إلي
اضطراب الحدث عاطفيا واجتماعيا يصاحبه الاختلال توازنه واحتدام الصراع داخله الذي
قد يترجم إلي سلوك إجرامي
س 28 : تكلم عن الأصدقاء وإجرام الأحداث ؟
من الطبيعي أن يكون للحدث أصدقاء يرتبط بهم
وجدانيا ويأنس لهم فإذا كانت جماعية الأصدقاء سوية ومكتفة اجتماعيا فإن أثرها
النافع يمتد إلي كل أعضائها ويقاومون أي إغراء للانحراف . أما كانت تلك الجماعة غير
سوية أي منحرفة فإن سلوكها يطبع الحدث يصبر منحرفا هو الأخر مع ملاحظة أن انضمام
الحدث لمثل هذه الجماعية فلنعه إلي تقوية علاقته بها يعني أنه هو نفسه لديه
استعداد وميل إلي الانحراف . يتدرج تأثر الحدث بأصدقائه المنحرفين فهو يتأثر لا
بأصدقائه الأحداث المماثلين له في السن والجنس . ويتأثر الحدث أكثر إذا كان صديقه
يكبره في السن أو كان بالغا فتبهره عناصر شخصية صديقة البالغ ويزداد تأثر الحدث
كذلك إذا كان صديقه المنحرف من بين الأقارب أو الجيران أو الخدم إذا يسهل عليه
يستقي منهم السلوك السيئ لقربهم منه وثقة الأسرة فيهم . تزداد درجة تأثر الحدث
أخيرا إذا انضم إلي مجموعة أحداث تشكل عصابة إجرامية ذلك أن الحدث لا يقوي في كثير
من الحالات على مخالفتها بسبب وسائل الضغط المختلفة التي تملكها . نلفت الانتباه
إلي ضرورة التمييز بين عصابات الأحداث الإجرامية وجماعات الأحداث أو المراهقين
فجماعات الأحداث أو المرهقين ظاهرة طبيعية بل ظاهرة ضرورية لتحقيق التكييف
الاجتماعي الكامل للحدث ويهتم الباحثون في علم الإجرام بدراسة هذه الظاهرة لعدة
أسباب منها : تزايد عدد هذه الجماعات في الوقت الحاضر أنها في الغالب تتحول إلي
عصابات إجرامية كما أنها تصيب الحدث في أخطر مراحل عمره وهي مرحلة المراهقة التي
يتحدد على أساسها مستقبله
شكرا جزيلا
للاستفادة من موقعنا ابحثوا على الموضوع الذين تريدون، بمربع البحث. نسعى دائما لتطوير موقعنا، شكرا لكم