القائمة الرئيسية

الصفحات



محكمة النقض: مسؤولية حارس الشيء بمكن أن تثار ولو كان المسؤول مبرأ جنائيا في حالة ما إذا لم يلاحظ القضاء المدني أنه قام بكل ما عليه من احتياطات لتفادي الضرر

 


ملف 20845/1965             قرار 169               بتاريخ 12/04/1969

 

 

إن الفصل 1362 من قانون العقود والالتزامات يسمح بالتمسك بمسؤولية حارس شيء حتى ولو كان مبرأ جنائيا في حالة ما إذا لم يلاحظ القضاء المدني أنه قام بكل ما عليه من احتياطات لتفادي الضرر لأن البراءة تبين فقط أن المتبوع لم يرتكب أي خطإ.

 

 

باسم جلالة الملك

 

بناء على طلب النقض المرفوع بتاريخ 7 غشت 1965 من طرف شركة التأمين لا اكيطاتيفا بواسطة نائبها الأستاذ اسطرين ضد حكم محكمة الاستئناف بطنجة الصادر في 22 يونيه 1965.

وبناء على مذكرة الجواب المدلى بها بتاريخ 24 دجنبر 1965 تحت إمضاء الأستاذ بنيامين الزاوي النائب عن المطلوب ضده النقض المذكور حوله والرامية إلى الحكم برفض الطلب.

وبناء على الظهير المؤسس للمجلس الأعلى المؤرخ بثاني ربيع الأول عام 1377 موافق 27 شتنبر 1957.

وبناء على الأمر بالتخلي والإبلاغ الصادر في 16 أكتوبر 1968.

وبناء على الإعلام بتعيين القضية في الجلسة العلنية المنعقدة في 26 مارس 1969.

وبعد الاستماع بهذه الجلسة إلى المستشار السيد سالمون بنسباط في تقريره والى ملاحظات وكيل الدولة العام السيد ابراهيم قدارة.

وبعد المناداة على نائبي الطرفين وعدم حضورهما.

 

وبعد المداولة طبقا للقانون.

فيما يخص الوسيلة الأولى في فرعيها:

 

حيث يتضح من أوراق الملف ومحتوى الحكم المطعون فيه (محكمة الاستئناف بطنجة 22 يونيه 1965) أنه بتاريخ 23 فبراير 1961 أصيب الأزعر بن محمد بن علي الذي كان يركب دراجة نارية بجروح خطيرة تبعا لحادث اصطدام مع شاحنة كان يسوقها صالح بن عبد القادر بن بلخير وذلك بمدينة طنجة وكانت الشاحنة المذكورة في ملك شركة اينمكس المؤمنة من قبل شركة لااكيطاتيفا، وأن صالح المتابع جنائيا بتهمة الجرح الغير العمد برأه حكم أصبح نهائيا صدر عن المحكمة الإقليمية بطنجة بتاريخ 29 ماي 1963 وأن الازعر تقدم لذلك أمام المحكمة المدنية بطلب التعويض ضد شركة اينمكس وشركة التأمين لااكيطاتيفا ارتكازا على الفصل 1362 من قانون العقود والالتزامات بطنجة، وأنه بمقتضى حكم مؤرخ في 22 يونيه 1965 اعتبرت محكمة الاستئناف لهذه المدينة ضد الازعر وشركة اينمكس صفتهما على الترتيب حارسين للدراجة النارية والشاحنة المصطدمين بقرينة المسؤولية التي ينص عليها الفصل المذكور ووزعت التعويض عن هاتين المسؤوليتين في حدود النصف فحكمت على شركة لااكيطاتيفا بأن تؤدي للازعر في محل شركة اينمكس مبلغ 25.000 درهما.

وحيث إن شركة لااكيطاتيفا تعيب على الحكم المطعون فيه من جهة عدم أجابته عن وجه الطعن الذي عرضته في مستنتجاتها المؤرخة في 11 ديسمبر 1964 والذي بمقتضاه أنه في حالة اصطدام بين سيارتين فإن المسؤولية المفروضة على حارسيهما يسقط بعضها بعضا بحيث إن مسؤوليتهما يمكن فقط أن تبحث بناء على الفصل 1351 من نفس القانون، ومن جهة أخرى قبوله أنه في حالة الاصطدام بين السيارتين فإن الحارس الذي أصيب بضرر يمكن أن يركز على الفصل 1362 من قانون العقود والالتزامات مطالبته ضد الحارس الآخر المبرئ بصورة نهائية من طرف القضاء الجنحي والذي لا يمكن أن يقام عليه بمقتضى الفصل 1351.

لكن حيث إن الحكم المطعون فيه صرح بأن هذه المحكمة لم تجد في ملف المسطرة العناصر الكافية التي تثبت بصفة قطعية ان المصاب الذي كان يركب دراجة نارية انحرف إلى الجانب الايسر من الطريق مندفعا نحو الجزء الخلفي من الشاحنة في وقت التقاطع، وأنه كان من الممكن أيضا أن يحدث التصرف المتهور من طرف الشاحنة منحرفة إلى يسارها صادمة بمؤخرها الدراجة النارية التي لم تكن قد انتهت بعد من عملية التقاطع وأنه لكون الحادث وقع بفعل شيئين الشاحنة والدراجة النارية، فإن عدم كفاية حجة الاتباث يتعين أن تؤدي إلى المسؤولية المفروضة على الحارسين اللذين يجب أن يتحملا نتائج الحادث المضرة المقدرة في المبلغ الإجمالي وهو 50.000 درهما. وأن الأخذ بهذه النظرية القانونية من طرف محكمة الاستئناف يشكل إجابة عن مستنتجات شركة لااكيطاتيفا حيث إن المحكمة قررت عن خطأ أن القرينتين المتعاكستين يتعين معهما توزيع المسؤولية على السواء بين الحارسين رافضة بذلك بالضرورة ومن جهة نظر شركة التأمين القائلة بسقوط القرينتين لتعارضهما. وأنه من جهة أخرى خلافا لادعاءات الشركة المذكورة فإن الفصل 1362 من قانون العقود والالتزامات يسمح بالتمسك بمسؤولية الحارس حتى ولو كان متبوعه مبرأ جنائيا في حالة ما إذا كان القضاء المدني لا يلاحظ بأنه قام بكل ما عليه من احتياطات لتفادي الضرر وأن البراءة في الواقع تبين فقط أن هذا المتبوع لم يرتكب أي خطا.

مما ينتج معه إن الوسيلة لا ترتكز على أساس.

 

فيما يخص الوسيلة الثانية في فرعيها المستمدة من تحريف العقود وخرق قوة الشيء المقضى، وخرق الفصل 1362 من قانون العقود والالتزامات بطنجة وعدم التعليل وانعدام الأساس القانوني:

حيث إن طالبة النقض تعيب على محكمة الاستئناف من جهة، أنها بتركيزها حكمها على الفصل 1362 من القانون المذكور لم تأخذ بعين الاعتبار الحكم الجنحي الصادر في 29 ماي 1963 الذي أصبحت له قوة الشيء المقضي والذي لم يبرأ فقط سائق الشاحنة وإنما لاحظ أيضا خطأ راكب الدراجة النارية الذي عمد إلى حركة غير مناسبة من اليمين إلى اليسار هذا الخطأ الذي ارتكبه الضحية فجعل الفصل 1362 غير قابل للتطبيق وفقا لما نصت عليه الفقرة الثانية من هذا الفصل ومن جهة أخرى ان محكمة الاستئناف سلمت بأن الملف لا يشتمل على العناصر الكافية لإثبات ان راكب الدراجة النارية انحرف إلى اليسار وارتمى نحو جهة المؤخر اليسري للشاحنة في حين أن هذا الواقع أثبته بصورة واضحة الحكم النهائي الصادر بتاريخ 29 ماي 1963 الذي يشكل أحد عناصر الملف ذلك أنه قدم من طرف المدعي الأصلي الذي ارفقه بمقال افتتاح الدعوى المؤرخ في 17 غشت 1963.

لكن حيث إن المبدأ الذي بمقتضاه أن الأحكام الصادرة عن القضاء الزجري التي لها قوة الشيء المقضى تلزم المحاكم المدنية يعني أنه يتعين عليها اعتبار ما قضت به فيما يتعلق بوجود الحادث الجنحي ووصفه إدانة أو براءة من نسب إليه. وأنه نتيجة لذلك فمنطوق الحكم الصادر عن المحكمة الجنائية وحده وكذا الحيثيات التي تعتبر أساسا له يمكن أن تحوز قوة الشيء المقضى، وأنه في هذه النازلة يجد الحكم الصادر عن المحكمة الإقليمية بطنجة أساسه في الملاحظة المتمثلة في كون صالح سائق الشاحنة لا يمكن أن يثار في حقه أي خطا، وأنه للتصريح ببراءة هذا الأخير لم يكن القاضي الجنحي ملزما بالبحث عما إذا كان الحادث نتيجة لخطأ الضحية وأنه حتى إذا كان الحكم الجنائي قد لاحظ خطأ الأزعر الذي قام بحركة غير مناسبة من اليمين إلى اليسار، هذه الملاحظة التي لا تشكل الأساس الضروري لمنطوق الحكم المذكور يتعين اعتبارها زائدة وليس لها نتيجة لذلك من قوة مطلقة على القاضي المدني وأنه بالتصريح بأن ملف المسطرة لا يسمح بإثبات خطأ الضحية بصورة أكيدة فإن محكمة الاستئناف التي لم تكن ملزمة باحترام ملاحظات الحكم الجنحي فيما يخص هذه النقطة لم تقم بغير استعمال سلطتها التقديرية المطلقة على عناصر الإثبات التي أدلى بها الأطراف. فينتج عن ذلك إن الوسيلة لا ترتكز على أساس في أي من فرعيها.

 

فيما يخص الوسيلة الثالثة المستمدة من تحريف العقود وخرق الفصلين 260 و262 من قانون العقود والالتزامات بطنجة وعدم التعليل وانعدام الأساس القانوني:

حيث إن طالبة النقض تطعن أيضا في نفس الحكم بكونه صرح بأنه لم يثبت بأن المصاب تخلى كتابيا عن مطالبته في حين أن الملف الجنحي الذي طلب ضمه في المستنتجات التي قدمت أمام المحكمة الإقليمية بطنجة بتاريخ 2 أكتوبر 1963 يتضمن المحضر الذي وضعته الشركة بتاريخ 30 مارس 1961 ووقعه المصاب الذي تخلى فيه عن كل مطالبه.

لكن حيث إن الأزعر في تصريحه بتاريخ 30 مارس 1961 قال بأنه: "بناء على أني حتى هذه اللحظة استرجع صحتي وأن حالتي ليست مطلقا مقلقة ولا أرغب في أية متابعة قضائية في هذا الشان وأني أتنازل عن كل مطالبة ضد سائق الشاحنة الذي اصابني بجروح" وحيث إنه من حق قضاة الواقع تقدير ما إذا كان هذا التصريح يتعلق فقط بالمتابعات الجنائية والسائق أو أن له مدلولا عاما، وأنه بتاويل الالفاظ الغير واضحة بصفة كافية لهذا التصريح وبالتثبت بأن هذه الحجة على التنازل العام المدعى بها من شركة التأمين لم يتم الإدلاء بها فإن محكمة الاستئناف أعطت حكمها أساسا قانونيا.

فينتج عن ذلك أن الوسيلة لا ترتكز على أساس.

 

فيما يخص الوسيلة الرابعة المأخوذة من خرق الفصول 1357 و1358 و1362 من قانون العقود والالتزامات بطنجة والفصل 2 من ظهير 8 يوليوز 1937 وعدم التعليل وانعدام الأساس القانوني:

حيث إن طالبة النقض تعيب على الحكم المطعون فيه كونه حكم على المؤمن وحده دون الحكم على الشاحنة المؤمن عليه رغم أن الفصل 2 من ظهير 8 يوليوز 1937 الذي لا يقضي إلا بإدخال المؤمن في الدعوى التي اقيمت أصالة على المؤمن عليه وأنه نتيجة لذلك يتعين أن يتم الحكم على هذا الأخير مع حلول المؤمن محله في الالتزامات الواجبة عليه.

لكن حيث إن الفصل 2 من الظهير المذكور أعلاه لا يفرض الحكم على المؤمن عليه بالتمسك بالمسؤولية التعاقدية الواجبة على مؤمنه وأنه بناء على هذا الفصل فإن المؤمن يتعين لزوما طلب إدخاله في الدعوى من طرف طالب التعويض أو في غيابه من طرف المؤمن عليه وأن الحكم الذي يمنح تعويضا أو جراية يتعين أن ينص على حلول المؤمن محل المؤمن عليه في حدود الضمان المنصوص عليه في عقد التأمين. وأنه بالحكم على شركة التأمين لااكيطاتيفا فيما طلب الازعر في مقال افتتاح الدعوى بأن تؤدى لهذا الأخير محل مؤمنها شركة اينمكس مبلغ 25.000 درهما كتعويض عن الضرر فإن محكمة الاستئناف التي لم تكن ملزمة بالحكم على هذه الشركة لم تخرق المقتضيات المذكورة وأنه من جهة أخرى ليس لشركة التأمين لااكيطاتيفا من مصلحة في الاستظهار بعدم الحكم على مؤمنها لأن هذا الحكم لا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تتحلل به من التزاماتها التعاقدية، فينتج عن ذلك أن الوسيلة لا ترتكز على أساس.

 

فيما يخص الوسيلة الخامسة المستمدة من خرق الفصل 1384 من قانون الالتزامات والعقود بطنجة والفصل الأول من ظهير 8 يوليوز 1937 وعدم التعليل وانعدام الأساس القانوني:

حيث إن طالبة النقض تعيب أخيرا على الحكم المطعون فيه بأنه دون الالتجاء إلى الخبرة الطبية التي التمسها المؤمن قضى على هذا الأخير بأداء مبلغ إجمالي يشمل المصاريف الطبية والتعويض عن العجز رغم أن القانون يفرض التقدير الدقيق والمفصل للمصاريف الطبية والادوية وأن الضرر جسماني يتعين إثباته.

لكن حيث إن قضاة الموضوع يقدرون في حدود الطلب وبحرية مبلغ التعويضات الواجب منحها لإصلاح الأضرار والخسائر التي تسبب فيها حادث سير، دون أن يكونوا ملزمين بتبرير حكمهم فيما يخص هذه النقطة بمقتضى حيثيات خاصة أو تبيين أساس التقدير، وأنه من جهة أخرى من حق قضاة الواقع أن يقدروا باعتبار عناصر التقدير المعروضة عليهم هل في إمكانهم تحديد مبلغ التعويض أو أنه يتعين عليهم مسبقا الأمر بإجراء تحقيق.

وأنه بالتصريح بأن تقدير الطلب فيه شطط وليس موافقا للتقدير الذي حدده المصاب عندما قدم مطالبه المدنية أمام المحكمة الجنحية وأنه من المؤكد اصابته بجروح تسببت له في عجز هام وكذا في مصاريف للعلاج جد مرتفعة إلا أن المبلغ الإجمالي وهو 50.000 درهم كاف لتعويض الضحية عن الأاضرار التي أصيبت بها وأنه ليس هناك داع للحكم بتعويض أعلى من ذلك وأن النسبة التي تقع على عاتق الضحية تستوجب أن تحدد التعويض في 25.000 درهما فإن المحكمة لم تقم إلا بممارسة سلطاتها التقديرية فيما يخص مبلغ التعويض الذي طالب به الأازعر والذي اعتبرت نفسها متوفرة على عناصر تقديره حسب ما لديها من وثائق الملف.

مما ينتج عن ذلك إن الوسيلة لا ترتكز على أساس.

 

لهذه الأسباب

قضى المجلس الأعلى برفض الطلب وعلى صاحبته بالصائر.

وبه صدر الحكم بالجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور حوله في قاعة الجلسات العادية بالمجلس الأعلى بالمشور وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من معالي الرئيس الأول السيد أحمد با حنيني والمستشارين السادة: سالمون بنسباط – مقررا – إدريس بنونة محمد عمور امحمد بن يخلف وبمحضر جناب وكيل الدولة العام السيد ابراهيم قدارة وبمساعدة كاتب الضبط السيد المعروفي سعيد.

 

* من مجموعة قرارات المجلس الأعلى الجزء الأول 1966 – 1982 ص 613.



تعليقات