📁 آخر الأخبار

محكمة النقض: يبقى مؤجر السفينة مسؤولا عن أي هلاك أو عوار يصيب البضاعة مادامت تحت حراسته

 


ملف 94198/1981             قرار 1194               بتاريخ 15/05/1985

 

 

« يسأل المكاري عن هلاك الاشياء المسلمة إليه وما لحقها من عيب منذ تسلمه إياها حتى آونة تسليمها للمرسل إليه الفصل 78 من القانون التجاري ».

« يبقى مؤجر السفينة مسؤولا عن أي هلاك أو عوار يصيب البضاعة مادامت تحت حراسته... الفصل 221 من القانون البحري ».

 

 

باسم جلالة الملك

 

وبعد المداولة طبقا للقانون.

حيث يستفاد من وثائق الملف ومن القرار المطعون فيه أنه بتاريخ 30 يناير 1978 تقدمت المدعيات شركات التأمين 1) الشمال الافريقي 2) السعادة 3) الشركة الجديدة للتأمين بمقال افتتاحي لدى المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء ضد المدعى عليهما 1) قبطان باخرة (مانوكا) وشركة تجهيز مارتان تعرض فيه أنه حمل على ظهر باخرة مانوكا حمولة تتكون من ثلاثة اكياس لقطع السيارات في اتجاه الدار البيضاء حسب وثيقة الشحن عدد 39، وهذه الحمولة وصلت إلى البيضاء يوم 10-10-77 وهي مضمونة من طرف المدعيات، ولكن عوين بها خصاص حسب تقرير خبرة السيد بلامين الذي حدد الخصاص في مبلغ 53716 درهم و 59 سنتيما، وبما أن المجهز مسؤول عن هذا الخصاص طبقا للفصل 221 من القانون التجاري البحري والمدعيات لهن الحق طبق الفصل 367 من القانون المذكور في إدخاله في الدعوى خصوصا وأن شركة مارتان المغرب تعفيهن من سقوط الحق المنصوص عليه في الفصل 262 من القانون التجاري البحري حسب الرسالة المؤرخة في 11-01-78 لهذا تلتمس الحكم على المدعى عليهما بالتضامن بأداء المبلغ المطلوب 35716 درهما 59 سنتيما مع الفوائد القانونية من تاريخ الطلب والمصاريف والتنفيذ المعجل.

وأجاب المدعى عليهما بمقال إدخال في الدعوى مؤدى عنه في 25-06-78 يرمي إلى إحلال مكتب الشحن والعون القضائي محلهما في الأداء وباخراج المدعى عليهما من الدعوى على اعتبار ان الخبير أكد ان الخصاص راجع للسرقات التي تعرضت لها البضاعة أثناء وجودها تحت عهدة مكتب الشحن.

وأجاب مكتب الشحن بأن طلب الضمان جاء خارج أجل 90 يوما المنصوص عليه في الفصل الخامس من دفتر التحملات واحتياطيا بأنه تحفظ اتجاه ثلاث صناديق من البضاعة المفرغة وأمضى الربان على تحفظاته كما بين الخبير ابن جلون ان الخسائر ناتجة عن السرقة المنصبة على أكبر جزء منها وعن تناولها بمخالب آلات الإفراغ  بطريقة عنيفة أثناء النقل.

والتمست النيابة العامة تطبيق القانون وأنذر العون القضائي بالجواب ولم يجب، وعلى إثر ذلك أصدرت المحكمة الابتدائية البيضاء حكمها القاضي بقبول الدعوى وعدم قبول دعوى مقال الضمان وبأداء الربان وشركة الملاحة بالتضامن للمدعيات مبلغ 1648 درهما و80 سنتيما (الف وستمائة وثمانية واربعين درهما وثمانين سنتيما) مع الفوائد القانونية من تاريخ الطلب والمصاريف على نسبة القدر المحكوم به ورفض باقي الطلب مع بقاء صائره على رافعه استنادا بالنسبة لدعوى الإدخال إلى أن اعفاء الناقل البحري للمدعيات من الأجل لا يسري على مكتب الشحن وهذا الأخير لم يعف المدعيات من سقوط الحق وبالتالي تكون الدعوى غير مقبولة في مواجهته.

وبالنسبة للدعوى الأصلية فإن النأقل لا يسال إلا في حدود الخصاص والعوار اللاحق بالبضاعة ما دامت تحت حراسته الفصل 221 من القانون التجاري البحري وحراسته تنتهي بمجرد وضع البضاعة بمخازن مكتب الشحن وهذا الأخير لم يتحفظ اتجاه ذلك الخصاص وتحفظاته جاءت حول حالة الطرود وما بها من ضعوط أما ما بالبضاعة من كسر ورضوض فيرجع سببه إلى النقل البحري وبالتالي يتحمله الربان وما بها من خصاص ناجم عن الضياع بسبب السرقة فيتحمله مكتب الشحن غير ان المدعيات وجهت الطلب في مواجهة الربان بأداء جميع المبلغ دون متعهد الشحن كما ان خبرة الخبير الموفد من قبل المدعيات أفاد أن خصاص الرضوض والكسر ينحصر في مبلغ 1648,80 درهما ولذا يتعين الحكم على الربان بأداء المبلغ المذكور.

وبتاريخ 01-02-80 استانفت المدعيات الحكم المذكور مستندة في ذلك أن الحكم الابتدائي قضى على مجهز الباخرة بأداء 1648,80 درهما وصرح برفض الطلب في الباقي بعلة ان مؤسسة الشحن هي المسؤولة عن تعويض باقي الضرر، إذ فيما يخص عدم احترام أجل 90 يوما من طرف المجهز، فإنه يتعين التذكير بأن المجهز لا يجوز له أن يتقدم بأي طلب ضد مؤسسة الشحن إلا إذا وجهت دعوى أصلية ضده من طرف المرسل إليه أو شركة التأمين، وأن مقتضيات قانون العقود والالتزامات تنص على أن التقادم لا يجري إلا ابتداء من تاريخ الحدث المنشيء للضمان، وأنها أبرمت اتفاقا مع مكتب الشحن على تمديد الأجل المنصوص عليه في دفتر التحملات، برفعه إلى سنة ابتداء من تاريخ الاطلاع على البضاعة، كما تذكر العارضة بأنها تقدمت بطلبها ضد الناقل البحري وحده عملا بالفصل 221 من القانون التجاري البحري، والاجتهاد قار بان الناقل البحري يعد مسؤولا عن كل عوار أو خصاص يلحق بالبضاعة المحمولة إلى يوم تسلمها إلى المرسل إليه، وعليه كان على المحكمة أن تمنح التعويض الكامل بعد أن تبت في دعوى الضمان المقدمة من طرف الناقل البحري ضد مؤسسة الشحن وأن تأمر بإحلال هذه المؤسسة في أداء جزء من الضرر الذي تتحمل مسؤوليته ملتمسة إلغاء الحكم والحكم بجميع المطالب والإشهاد للعارضة بأنها تسند النظر للمحكمة للبت في دعوى الضمان.

وأجاب المستأنف عليهما قبطان باخرة مانوكا وشركة الملاحة مارتان بأنه بالرجوع إلى تقرير الخبير السيد بلامين يتضح ان الخصاص اللاحق بالبضاعة ناتح عن سرقات بالميناء ولهذا فالعارضان لا يسألان إلا في حدود الخصاص والعوار اللاحق بالبضاعة وهي تحت حراستهما (الفصل 221) من القانون التجاري البحري وعلاوة إلى ذلك فإن الرضوض التي يزعم مكتب الشحن انها لوحظت على بعض الاكياس لم يتقدم ازاءها بأي تحفظ مضبوط، وفيما يخص الضمان فإن الدفع الذي تقدم به مكتب الشحن بفوات أجل 90 يوما فإنه لا ينبني على أساس خصوصا وأن المدعيان يؤكدان انهما أبرما اتفاقا مع مكتب الشحن والإفراغ  على تمديد هذا الأجل، وانهما كانا في غنى عن إدخال مكتب الشحن لولا الدعوى الأصلية التي قدمت ضدهما ملتمسين تأييد الحكم.

وأجاب مكتب الشحن بأن الاحتجاج بوجود اتفاقية بين العارض  وبين شركات التأمين لا يمكن التمسك به إلا في نطاق علاقة المستأنفات بالعارض  ومثل هذه العلاقة غير موجودة في النازلة إذ ان الدعوى الأصلية لا تشمل مكتب الشحن كما ان الأجل المنصوص عليه في الفصل الخامس من دفتر التزامات العارض  هو أجل سقوط الحق وليس أجل التقادم، وطبقا لهذا الفصل فإن الأجل يبتدئ من تاريخ سحب البضاعة ملتمسا تأييد الحكم فيما قضى به من عدم قبول إدخاله في الدعوى.

والتمست النيابة العامة تطبيق القانون، أما العون القضائي فتوصل ولم يجب.

وبعد تبادل الأجوبة أصدرت محكمة الاستئناف بالدار البيضاء قرارها القاضي بتأييد الحكم المستأنف في جميع مقتضياته وتحميل المستأنفات الصائر وبالنسبة لدعوى الضمان استنادا على أن مقتضيات دفتر التزامات مكتب الشحن تعتبر مسؤولية هذا الأخير تجاه المرسل إليه مباشرة ومن ثم فإن طلب إدخال مكتب الشحن في المرحلة الابتدائية من طرف النأقل البحري من أجل الضمان يعتبر غير مقبول لانعدام المصلحة خلافا لما جاء في هذا الشان في حيثيات الحكم الابتدائي.

وبالنسبة للدعوى الأصلية استنادا إلى الفصل 221 من القانون التجاري البحري الذي ينص على أن مسؤولية الناقل البحري تبقى قائمة متى كانت البضاعة تحت حراسته لا من تاريخ تسليمها إلى المرسل إليه كما تزعم المستأنفات مما يكون معه الدفع المثار في هذا الشان لا ينبني على أي أساس، وبناء على ذلك فلا يمكن مساءلة الناقل البحري إلا عن الاضرار التي حصلت للبضاعة عندما كانت تحت حراسته والتي تبلغ خسائرها 1648,80 درهما وهو المبلغ المحكوم به والذي لم تنازع المستأنفات فيه.

وهذا هو القرار المطعون فيه.

فيما يخص الوسيلة الوحيدة:

حيث عابت الطاعنات على القرار خرقه مقتضيات الفصول 221 و262 و367 من القانون التجاري البحري وانعدام التعليل وعدم الاساس القانوني ذلك أن محكمة الاستئناف اعتبرت أن الناقل البحري مسؤول جزئيا فقط وأن مسؤولية باقي الضرر يتحملها مكتب الشحن رغم المقتضيات الصريحة للفصل 221 من القانون التجاري البحري التي تنص على أن الناقل البحري يعد مسؤولا عن كل عوار أو خصاص يلحق بالبضاعة المحمولة إلى يوم تسليمها إلى المرسل إليه وبما أن الناقل البحري لا يفقد الحراسة القانونية على البضاعة إلا بعد تسليمها إلى المرسل إليه ولا تسلم هاته البضاعة إلى المرسل إليه إلا بعد صدور أمر كتابي من النأقل البحري ياذن بذلك إلى مؤسسة الشحن، وقد أكد المجلس الأعلى هذا في قراره الصادر بتاريخ 19-2-1964 قرارات المجلس الأعلى – الغرفة المدنية  -  سنوات 1962  -  1965 صفحة 162 نقض القرار وبطلانه.

حقا، لقد تبين صدق ما نعته الوسيلة بالنسبة لتطبيق الفصل 221 من القانون التجاري البحري إذ بالرجوع إلى هذا الفصل نجده ينص على مايلي:

(يبقى مؤجر السفينة مسؤولا عن كل هلاك أو عوار يصيب البضائع مادامت تحت حراسته وما لم يثبت وجود قوة قاهرة ).

كما أنه بالرجوع إلى الفصل 78 من القانون التجاري نجده ينص على يلي ( يسأل المكاري عن هلاك الاشياء المسلمة إليه وما لحقها من عيب منذ تسلمه اياها حتى اونة تسليمها للمرسل إليه وكل شرط يرمي إلى اعفائه من هذه المسؤولية يكون عديم الاثر).

وعليه فبمقتضى الفصلين المذكورين يتأكد أن الناقل البحري مسؤول عن كل البضاعة المسلمة له إلى يوم تسليمها إلى المرسل إليه، ومحكمة الاستئناف عندما طبقت الفصل 221 المشار إليه لم تلتفت إلى مقتضيات الفصل 78 المذكور واعتبرت أن المكاري قد انتهت مسؤوليته عن البضاعة منذ تسليمها إلى مكتب الشحن مع أن مقتضيات الفصلين المذكورين تقتضي غير ذلك بل تعتبر النأقل البحري مسؤولا إلى أن تسلم البضاعة إلى المرسل إليه وللن قل البحري حق الرجوع على مكتب الشحن إذا كانت مسؤوليته في ذلك.

وانطلاقا من هذا الأساس تكون محكمة الاستئناف قد طبقت مقتضيات الفصل 221 من القانون التجاري البحري والفصل 78 من القانون التجاري تطبيقا، غير سليم الأمر الذي يعرض قرارها للنقض.

وحيث إنه من مصلحة الأطراف إحالة الملف على محكمة الاستئناف بالدار البيضاء للبت فيه من جديد طبقا للقانون.

 

لهذه الأسباب

قضى بنقض القرار المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف بالدار البيضاء للبت فيها من جديد طبقا للقانون مع تحميل المطلوبين في النقض الصائر.

 

الرئيس: السيد محمد بوزيان، المستشار المقرر: السيد علال الأزرق.

المحامي العام: السيد البدري.

 المحاميان: الأستاذان بنتهلة والاندلوسي.

 

   * مجموعة قرارات المجلس الأعلى الجزء الثاني 1983 – 1991 ص 239.


تعليقات