القائمة الرئيسية

الصفحات



محكمة النقض: علاقة التبعية بين الأجير والمؤاجر علاقة قانونية لا واقعية.

 


ملف 584/1984         قرار2534       بتاريخ 13/12/1989

 

 

علاقة التبعية بين الأجير والمؤاجر علاقة قانونية لا واقعية.

 

 

باسم جلالة الملك

 

وبعد المداولة طبقا للقانون.

حيث يستفاد من وثائق الملف ومن القرار المطعون فيه ان المدعين السادة والسيدات ورثة المرحوم ازنديق محمد بن بوشتة وهم زوجته فاطمة بنت محمد وأخوه حسب ما هو مسطر في مقال الاستئناف الحسين بن بوشتة أصالة عن نفسه ونيابة عن اختيه فاطمة بنت محمد ونعيمة بنت محمد ووالده بوشتة بن عبد الرحمان تقدموا بمقال بتاريخ 05-01-79 إلى المحكمة الابتدائية بورزازات عرضوا فيه ان مورثهم تعرض بتاريخ 23-11-75 لحادثة سير اودت بحياته إذ صدمته شاحنة من نوع بيرلي مسجلة تحت عدد 54 - 8003 على ملك السيد ايت هكو محمد بن أحمد كان يسوقها السيد باري محمد بن بركة ومؤمنة لدى شركة التأمين الشمال الافريقي وفيما بين القارات حسب بوليصة التأمين 3010584 مدة استعمالها من 09-07-75 إلى 09-11-76 وارتكازا على مقتضيات الفصل 88 من قانون العقود والالتزامات طالب المدعون الحكم بمسؤولية المتسبب في الحادثة والحكم على المسؤول المدني بادائه لهم تعويضات مختلفة مع احلال المؤمنة في الأداء محل المؤمن لديها وأدلوا تعزيزا لطلبهم بعدة وثائق منها صورة محضر الحادثة ورد في ديباجته ان المتوفى مساعد في الشاحنة الشيء الذي صرح به كذلك السائق.

وأجاب المدعى عليه المسؤول المدني طالبا الحكم بإلغاء دعوى المدعين إذ الحادثة تكتسي صبغة حادثة شغل كما يتضح من تصريحات السائق المسجلة بمحضر الحادثة والذي أورد أن المضرور كان مساعدا له.

وتفيد محاضر الجلسة وكذلك تنصيصات الحكم الابتدائي أن المؤمنة تخلفت عن الحضور رغم توصلها بالاستدعاء مرتين بينما حضر السائق وصرح بأن المضرور كان يعمل معه كمساعده.

فأصدرت المحكمة الابتدائية حكما برفض الطلب بكون الحادثة هي حادثة شغل بناء على تصريحات السائق التي هي مضمنة أيضا في محضر الحادثة ولم يدل المدعون بما يعارض  هذه التصريحات.

استانف المدعون هذا الحكم مبرزين أن الادعاء بكون المتوفى كان اجيرا ادعاء غير قائم إذ لم يقع إثباته بتطبيق المشغل لمقتضيات ظهير 06-02-63 وطالبوا الحكم بإلغاء الحكم المستأنف والتصدي والحكم بما ورد في المقال الافتتاحي.

وأجاب المسؤول المدني طالبا الإشهاد بأنه مؤمن لدى الشركة المطلوب احلالها محله حسب وثيقة التأمين عدد 155158 الصالحة للاستعمال من 09-08-75 إلى 08-09-75 المدلى بها إضافة إلى عقدة التأمين المدلى بها مع نفس المذكرة حسب تنصيصات القرار والتي تفيد أن المسؤول المدني مؤمن من 27-06-75 إلى 27-06-76 بضمان السائق ومساعده عدد 4.009.117.

وأكدت شركة التأمين كون الحادثة تكتسي صبغة حادثة شغل خصوصا وأن وثيقة التأمين تثبت قطعية انها تتعلق حسب قولها بضمان المسؤول المدني ضد حوادث الشغل طالبة الحكم بتأييد الحكم المستأنف.

وبعد إجراءات، أصدرت محكمة الاستئناف قرارا بإلغاء الحكم المستأنف والتصدي والحكم بأن الحادثة حادثة سير مع تحميل المسؤول المدني كامل المسؤولية والحكم للمضرورين بتعويضات مختلفة بعلة ان الأصل هو ان الحادثة حادثة سير ويجب أن تبقى على هذا الأصل الذي هو الظاهر حتى يثبت عكسه وبعلة ان عقدة التأمين التي بنت شركة التأمين عليها دفعها لا تتضمن اسم الضحية حتى يقال بأنه مساعد إذ كل ما يوجد بها ان التأمين منصب على السائق ومساعده دون تحديد الهوية وبذلك فتقديم الدعوى في إطار الفصل 88 من قانون العقود والالتزامات في محله.

وهذا هو القرار المطعون فيه.

 

فيما يتعلق بالوسيلة الأولى:

وحيث تعيب الطالبة على القرار عدم الارتكاز على أساس قانوني ذلك أنها دفعت بأن المضرور كان عون السائق الذي أدلى للضابطة القضائية بتصريح أورد فيه أنه كان يتولى سياقة الشاحنة برفقة عونه المتوفى في الحادثة واوردت الضابطة القضائية هوية المتوفى مشيرة إلى مهنته كعون والسائق والعون كلاهما في تبعية المسؤول المدني وأخذت هذه المعلومات من المحضر المدلى به من طرف المدعين تدعيما لدعواهم وقضت المحكمة الابتدائية بما قضت به ارتكازا على ما هو مدون في التعليل إلا أن غرفة الاستئناف تناولت الموضوع بشكل مختلف مصرحة ان المحكمة الابتدائية قلبت عبأ الإثبات عندما كلفت المستأنفين بإثبات عكس تصريحات السائق مع أن القاعدة تقتضي ان من ادعى واقعة فعليه إثباتها حسب القرار، وأضافت غرفة الاستئناف ان الحادثة حادثة سير ويجب أن تبقى على هذا الأصل الذي هو الظاهر حتى يثبت من يدعي خلافه وعكسه خاصة وأن المشرع نظم علاقة التبعية وجعلها قانونية لا واقعية مع أن المحضر يغني الطالبة عن الإثبات، ونفت غرفة الاستئناف تلقائيا علاقة التبعية وأصدرت قرارا لا يستند على أي أساس قانوني، وأن تأمين خدام المسؤول المدني واقتصاره على السائق وعونه ياتي ليؤكد أقوال السائق وغرفة الاستئناف ذهبت إلى اعتبارات قانونية غير صحيحة لما صرحت بأن المشرع نظم علاقة التبعية وجعلها قانونية لا واقعية والطالبة تبحث عن النص الذي يزكي اتجاه غرفة الاستئناف التي لم تذكره مع أن القانون يعرف علاقة التبعية بمركز التابع الذي يمتاز بالخضوع إلى متبوعه الذي يعطي أوامره إلى التابع لحسابه لا لحساب غيره.

وذهب القضاء بعيدا في هذا التعريف إلى اعتبار الشخص الذي يخدم الغير بالمجان وفي نطاق غير مهني ينتج علاقة التبعية معه لما يظهر أنه يتلقى توجيهاته واكتشاف علاقة التبعية يقتضي الرجوع إلى الوقائع عكس ما تدعيه غرفة الاستئناف ولا تترتب على علاقة التبعية أي نتائج قانونية إلا إذا أثبتت في الواقع.

لكن حيث إن مسطرة التعويض عن حوادث الشغل تقع عندما تكون علاقة بين مؤاجر وأجير وهذه العلاقة لا تقوم قانونيا طبق الفصل 723 من قانون العقود والالتزامات إلا إذا كان هناك أجير يقدم خدماته للمؤاجر في مقابل أجر يلتزم المؤاجر بدفعه للأجير، وبالرجوع إلى وقائع النازلة، يتضح أن هذا المضمون غير موجود ولا محل لتطبيق ظهير 63 بشان التعويضات عن حوادث الشغل، لهذا كان قرار غرفة الاستئناف مبنيا على هذا الأساس القانوني ولم يخرق أي قانون فالوسيلة غير جديرة بالاعتبار.

 

فيما يتعلق بالفرع الأول من الوسيلة الثانية:

وحيث تعيب الطالبة على القرار خرق وسائل الإثبات ذلك أنها استندت على محضر الضابطة القضائية وعلى التأمين ضد حوادث الشغل الذي أبرمه المسؤول المدني معها بضمان السائق وعونه لإثارة دفوعها الموضوعية وقد التجأت إلى وثيقة لم تصدر منها ولكن من المطلوبين والتي تفيد أن المتوفى كان عونا للسائق وهو تصريح صدر من السائق ولم يصدر من المسؤول المدني الذي لم تستمع إليه الضابطة القضائية وهو شهادة كان بإمكان غرفة الاستئناف استدعاؤه لتأكيدها تحت اليمين القانونية وكان بإمكانها تتميمها من خلال إجراء بحث وبالقاء القسم على السائق، وأن قول الغرفة كون الطالبة لم تأت بإثبات علاقة التبعية قول لا يوافق الواقع إذ انها قامت بإتمام هذا الإثبات بالتأمين المبرم من طرف المسؤول المدني ضد حوادث الشغل إلا أن الغرفة اعتبرت أنعقدة التأمين لا تشير إلى اسم مضرور وليس من المعتاد أن يشار إلى اسم المستفيد من الضمان ضد حوادث الشغل لعدم استقرار اليد العاملة وبذلك فالقرار اعتبر المحضر لا قيمة قانونية له واضر كثيرا بمصالح الطالبة.

لكن حيث إنه إذا كان محضر الضابطة القضائية يعتبر حجة في إثبات الوقائع الواردة فيه أمام المحكمة الزجرية بمقتضى القانون، فإنه لا يمكن الاعتداد به أمام المحكمة المدنية كما هو الحال في النازلة إذ أن قانون العقود والالتزامات لم يتطرق إلى محضر الضابطة القضائية كأداة إثبات.

ومن جهة أخرى فالقرار لم يأخذ بعين الاعتبار عقدة التأمين عدد 4.009.117 الصالحة للاستعمال من 27-06-75 إلى 27-06-76 المدلى بها من طرف المسؤول المدني والتي استند فيها على كونه مؤمنا بخصوص حوادث الشغل للسائق والعون مع العلم ان الحادثة وقعت بتاريخ 23-11-75 بناء على العلة الواردة فيه وقضاة الموضوع هم المناط بهم مهمة تقدير الحجج وغرفة الاستئناف قيمت العقدة المشار إليها أعلاه واعطت نظرها فيها وهو نظر صائب ولا رقابة للمجلس عليها في ذلك ما دام انها عللت عدم الأخذ بالوثيقة.

 

فيما يتعلق بالفرع الثاني من الوسيلة الثانية:

وحيث تعيب الطالبة على القرار خرق القانون ذلك أنها اثارت الدفع باخراجها من الدعوى بناء على الفصل 14 من قرار السيد نائب كاتب الدولة في المالية الذي يستثني الاتباع والإجراء من الاستفادة من الضمان اذا تعرضوا لحادثة سير وهم في تبعية المسؤول المدني وأكد هذه القاعدة ظهير 20-10-69 في فصله الخامس في الفقرة الخامسة المتعلقة بالتأمين الاجباري على السيارات كما التجأت الطالبة إلى الدفع باخراجها من الدعوى بناء على الفصل 57 من ظهير 06-02-63 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل الذي أكد ان التابع لا يستفيد من إمكانية الرجوع ضد متبوعه وما ينطبق على التابع ينطبق على ذويه وبذلك فالقرار خرق القانون.

لكن حيث لم تثبت الطالبة ان الحادثة حادثة شغل إضافة إلى أنه لو كان الأمر يتعلق بحادثة شغل لصرح المسؤول بها فالفرع من الوسيلة غير قائم.

 

لهذه الأسباب

قضى برفض الطلب وإبقاء الصائر على رافعته.

 

الرئيس: السيد محمد بوزيان – المستشار المقرر: السيد محمد خالص.

المحامي العام: السيد أحمد شراطة.

الدفاع: ذ. الشجعي – ذ. تواب.

 

  * من مجموعة قرارات المجلس الأعلى الجزء الثاني 1983 – 1991 ص 608.        

 


تعليقات