القائمة الرئيسية

الصفحات



حقيقة نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية BOT

حقيقة نظام البناء  والتشغيل ونقل الملكية  BOT

حقيقة نظام البناء  والتشغيل ونقل الملكية  BOT




الدورة التاسعة عشرة
إمارة الشارقة
دولة الإمارات العربية المتحدة



حقيقة نظام البناء
والتشغيل ونقل الملكية
 BOT




إعداد
د. ناهد علي حسن السيد

فهرس المحتويات
¨                 المقدمة
¨                 الفصل الاول:الاطار النظرى والاقتصادى لنظام البناء والتشغيل ونقل الملكية BoT
·       المبحث الاول: تعريف نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية BoT
·       المبحث الثانى:الأطراف الرئيسية لنظام BOT ومجالاته ومراحله
·       المبحث الثالث: الآثار الاقتصادية الايجابية
·       المبحث الرابع: الآثار السلبية لنظام BOT                                           
¨       الفصل الثانى: نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية وعلاقته بالوقف الاسلامى                                                                     وتخريجه الشرعى: 
·       المبحث الاول: إستشراف الفقهاء القدامى لعقد BOT
·       المبحث الثانى:التخريج الفقهي لعقد BOT                                           
¨                 الخاتمة
¨                 قائمة المراجع




المقدمة

إن نظام BOT .....اختصار لثلاث كلمات باللغة الإنجليزية هى: البناء ,Build التشغيل Operate, النقل Transfer. ويقصد بمصطلح مشروعات BOT تلك " المشروعات العامة التى يقوم القطاع الخاص المحليأو الأجنبي بتمويلها، حيث يقوم بتصميم وبناء وإدارة المشروع وذلك خلال فترة محددة، تقوم فيها العلاقة التعاقدية بين الدولة, ومنفذ المشروع (شركة المشروع) على أساس عقد الامتياز الذى يخول بمقتضاه لشركة المشروع الحصول على عائدات المشروع خلال فترة الامتياز. على أن يقوم الأخير عند انتهاء تلك الفترة المحددة بتحويل ملكية أصول المشروع إلى الحكومة فى حالة جيدة كما هو متفق عليه فى العقد، ودون أى مقابل يدفع من قبل الحكومة".  كما تحتاج هذه الممارسة إلى معرفة حقيقتها ومدى أهميتها، وحكمها الشرعى، وهو ما يعنى البحث ببيانه. ولاشك أن هناك دراسات سابقة اهتمت بهذه الممارسات بعضها كان يركز على الجانب الاقتصادي والمالي، وبعضها ركز على آلية عملها، أما حظها من الناحية الشرعية فقد كان محدوداً للغاية.
 تبدو أهمية موضوع البحث فى أن نظام (BOT) يعد أحد نماذج الاستثمار الدولي الذي ظهر فى الدول المتقدمة، تلبية لحاجة دعت إليه، وأن هذا النظام يفرض نفسه مع تداعيات العولمة التى تعمل على سرعة نشر وتوحيد الكثير من الأساليب والسياسات الاقتصادية، وهناك من الدوافع ما يدعو إلى دراسته وتحليله أهمها:
1.       أنها ممارسة فعلية على أرض الواقع، بدأت تفرض نفسها خاصة على دول العالم الثالث, الغائبة عن بيئته والأهداف التى نشر من أجلها هذا النظام لذلك تعد هذه الدول أولى بدراسته لفهمها وتقويمها خاصة مع اجتياح العولمة وتحول العالم إلى ما يشبه القرية الصغيرة التى تتقارب فيها الأفكار والأساليب، وتطبق فى كافة أنحاء العالم.
2.       إن هذه الممارسات لم تأخذ بعد حظها من الدراسة الفقهية التى تعين على فهم حقيقتها، ومثل هذه المحاولات قد تعين على فهم هذه الممارسات، بل قد تؤدى إلى استحداث أدوات جديدة تتفق مع الشريعة الإسلامية، أضف إلى ذلك أن هذه المحاولات تعين المسلمين على أن يضيفوا إلى علوم العصر بما يفيد البشرية، ويؤكد دور المسلمين فى النظام العالمي الجديد بالتأثير والإضافة بدلاً من النقل والتقليد.
3.                 ندرة الكتابات والأبحاث العربية المتعلقة بالموضوع.
لذلك تركز هدف البحث في ثلاث نقاط جوهرية:
النقطة الأولى: بيان مفهوم نظام BOT
النقطة الثانية: تقديم تحليل اقتصادي له للوقوف على آثاره الاقتصادية الايجابية والسلبية
النقطة الثالثة: معرفة التخريج الفقهي له لمحاولة استخلاص حكمه الشرعي
ولما كان عنوان هو «حقيقة البناء والتشغيل ونقل الملكية BOT » فقد عمدت الباحثة إلى تقسيم الدراسة إلى فصلين .
الفصل الاول:الاطار النظرى والاقتصادى لنظام BOT.
الفصل الثانى : نظام BOT وعلاقته بالوقف الاسلامى، وتخريجه الشرعي.  
 

الفصل الاولالاطار النظرى والاقتصادى لنظام  BOT                

يتكون هذا الفصل من أربعة مباحث، هي: تعريف BOT, الأطراف الرئيسية له ومجالاته ومراحله, آثاره الاقتصادية الإيجابية، وأخيراً آثاره السلبية. وسوف يتم استعراض هذه المباحث على هذا الترتيب.
المبحث الاول
 تعريف نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية B.O.T
لقد حظى نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية بأهمية كبيرة منذ اوائل القرن الحالى ، نظراً لاتجاه معظم دول العالم خاصة النامية منها، إلى إعادة هيكلة اقتصادياتها القومية، والسعى وراء تحديث بنيتها الأساسية ، والإسراع فى تطبيق برامج الخصخصة بمختلف أشكالها، ومحاولة تخفيف العبء المثقل به كاهل الموازنات الحكومية، بالإضافة إلى الرغبة الجادة فى توسيع مشاركة القطاع الخاص فى دعم الاقتصاد القومى بصورة جديدة والاستفادة من قدراته فى مشروعات البنية الأساسية، حيث ساهم الكثير من المتغيرات فى ذلك، فلقد أحدثت الثورة التكنولوجية الكثير من الضغوط على الحكومات للإسراع بتطبيق الجديد منها فى مشروعات البنية الأساسية الجديدة، وهو الأمر الذى لا طاقة للكثير من الدول به، بسبب محدودية قدرتها لمقابلة الاحتياجات المتدفقة المستقبلية، بالإضافة إلى ضآلة التمويل الحكومى أمام تلك المشروعات التى تستغرق الكثير من رؤوس الأموال، ونظراً لما تتكبده الدول النامية من الديون الخارجية والفوائد المتراكمة عليها، نجدها تتجنب اللجوء إلى الاقتراضأو الاستدانة من العالم الخارجى حتى لا تزيد من عبء الدين العام عليها، ومن ثم تفضل اللجوء إلى الأساليب الحديثة فى تمويل مشروعات البنية الأساسية، والتى تعد مسئولية إنشائها، وتشغيلها وصيانتها مسئولية أساسية يجب أن تضطلع بها الحكومات ([1]) ,ومن تلك الاساليب نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية . فلقد وجدت هذه الصيغة المناخ المواتى لتطورها فى الدول الغربية، فكان مولدها وتطبيقها المعاصر هناك، فلا غرو أن يكون اسمها الذى تتناقله الأدبيات المعاصرة، مستلهماً من لغة أهل البلاد، حيث سُمِّى بالـ BOT وهو كعادة  الغرب اختصار لثلاث كلمات باللغة الإنجليزية هى: البناء (Building)، والتشغيل (Operating)، ونقل الملكية (Transferring), ويعرف نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية BOT فى بعض المراجع الاجنبية على أنه ([2]).
"BOT is the terminology for a model or structure that uses private investment to under take the infrastructure development that has historically been the preserve of the public sector"((1))
نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية هو نموذجأو تركيب، من شأنه أن يوكل للاستثمار الخاص تطوير البنية التحتية التى كانت فى الماضى من شأن القطاع العام. ويركز التعريف على:
1-                      استخدام القطاع الخاص فى الاستثمار.
2-                      اختصاص نظام BOT بمشروعات البنية التحتية.
3-                      التأكيد على أن مهمة القيام بمشروعات البنية التحتية وتطويرها كانت تاريخيا للقطاع العام..
ويمكن تعريف نظام BOT بأنه «النظام الذى يتم بموجبه تمويل المشروعات الاستثمارية سواء كانت عامةأو خاصة، وإنشائها، وإدارتها، وصيانتها من قبل القطاع الخاص، الذى قد يكون شركة خاصة واحدة،أو عدة شركات خاصة محليةأو عالمية، تعمل من خلال شركة المشروع، التى تتعهد بإنشاء وتنفيذ، وإدارة، وصيانة المشروع لفترة زمنية معينة هى فترة الامتياز الممنوحة من قبل الدولة المضيفة،وتمكن هذه الفترة شركة المشروع من استرداد ما تكبدته من تكاليف فى المشروع، بالإضافة إلى تحقيق نسبة مرضية من الربح, بعدها تقوم شركة المشروع بنقل ملكية أصول المشروع للدولة المضيفة، وهى فى حالة جيدة دون قيدأو شرط».عليه يركز التعريف السابق على عدة نقاط منها:
(1)       امكانية استخدام نظام BOT في المشروعات العامةأو الخاصة على حد سواء.
(2)       قصر عملية الإنشاء والتشغيل والإدارة والصيانة على شركة المشروع.
(3)   اختلاف أشكال الشركة المنفذة للمشروع فقد تكون شركة خاصة واحدةأو عدة شركات خاصة, وقد تكون شركة محليةأو شركة عالمية وساعتها يعد نظام BOT أحد نماذج إدارة الأعمال الدولية ويدخل ضمن نشاط الاستثمار الأجنبي المباشر(1)أو أحد نماذج الاستثمار الدولي والذي تعرف مشروعاته بأنها "تلك المشروعات المملوكة للأجانب سواء كانت الملكية عامة أم كانت بالإشتراك بنسبة مع رأس المال الوطني, بما يكفل لها السيطرة على إدارة المشروع(1)"أو هي "الأموال الأجنبية (حكومات- أفراد- شركات) التي تنساب إلى داخل الدولة المضيفة بقصد إقامة مشاريع تملكها الجهة الأجنبية وتأخذ عوائدها بعد دفع نسبة من هذه العوائد, وضمن شروط يتفق عليها مع الدولة المضيفة (2)"
وهي أيضاً ممارسة المال الأجنبي لنشاط في بلد اخر سواء كان ذلك في مجال الصناعة الاستخراجيةأو التحويلية, بحيث يرافق هذا النوع من الاستثمار انتقال التكنولوجية والخبرات التقنية إلى البلد الآخر, من خلال ممارسة السيطرة والإشراف المباشر على المشروع. مع ملاحظة أنه ليس بالضرورة أن يكون نظامBOT  أجنبياً في كل حالته, ولكنه قد يكون نظام استثمار محلي في حالة قيام شركات داخلية بتطبيقه
(4)   تعمل شركة المشروع داخل الدولة المضيفة من خلال استخدام حق الامتياز الممنوح لها, ولمدة تسمح باسترداد الشركة لكافة تكاليف الاستثمار مع تحقيق عائد مجزي لها.
(5)   عند انتهاء فترة الامتياز يتعين على شركة المشروع نقل ملكيته إلى الدولة على أن تكون الحالة التشغيلية للمشروع جيدة وينطبق عليها معايير الجودة والسلامة والتشغيل والصيانة المحددة مسبقاً من قبل الأطراف المعنية بالمشروع.

المبحث الثانىالأطراف الرئيسية لنظام BOT ومجالاته ومراحله

          يتميز نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية بكثرة وتعدد الجهات والمؤسسات المشتركة في إتمامه, وتنفيذ المشروعات المنفذة بواسطته, والتي قد يصل عددها إلى عشرات الجهات والمؤسسات, تبدأ بالدولة المضيفة وشركات المقاولة والتوريد والتمويل وغيرهم الكثير. لذلك ربما يكون من المناسب تمثيل هذه الجهات العديدة بطرفين فقط. الطرف الأول الدولة المضيفة, الطرف الثاني الشركة المنفذة للمشروع
الطرف الأول: الدولة المضيفة :
         تعتبر الدولة في نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية طرف رئيسي في العقد, حيث تُمثل الطرف المضيف للمشروع, وذلك لأنها صاحبة المشروع المزمع إنشائه وتشغيله ويحتوي مضمون الدولة على العديد من الأطراف المحلية المشتركة والمعنية بتنفيذ المشروع بدءاً من الوزارة المختصة بالمشروعأو المرفق العام الذي سينشأ, والوزارات ذات العلاقة بالمشروع وإنتهاءً بمجلس الوزراء الذي يتعين أخذ موافقته على إنشاء المشروع بنظام البناء والتشغيل ونقل الملكية. بالإضافة إلى كافة الجهات الإدارية والتشريعية والاستثمارية والاقتصادية بالدولة التي يتعين عليها تذليل أي عقبات قد تواجه شركة المشروع أثناء إنشائهأو تشغيلهأو إدارته, والجهات التي يتعين عليها مراقبة ومتابعة شركة المشروع, والجهات المختصة بتدريب العمالة المحلية وتأهيلها لإدارة المشروع بعد إنتهاء الممنوحة للشركة.
         تتعامل الدولة المضيفة مع المستثمر بنظام البناء والتشغيل ونقل المليكية مباشرةً, ودون تدخلأو إقامة علاقات مع أطراف أخرى, كالشركات الخاصة بتمويل المشروع,أو توريد مستلزماته,أو الشركات التكنولوجية,أو شركات النقل والصيانة والإدارة. فجميع هذه الأطراف تعد أطرافاً ثانوية بالنسبة للدولة المضيفة, وبالرغم من كونها ذات علاقة وثيقة به, ورغم أهميتها ودورها في تنفيذه وتشغيله, ولكن يخرج نطاق التعامل معها عن الدولة المضيفة, وينحصر التعامل مع هذه الأطراف مع المستثمر بنظام البناء والتشغيل ونقل الملكيةأو ما يطلق عليه اسم شركة المشروع. وتظل العلاقة التعاقدية في مشروعات البناء والتشغيل ونقل الملكية منحصرة بين الدولة ومستثمر BOTأو شركة المشروع.
ووفقاً لهذه العلاقة يترتب على الدولة المضيفة تقديم التالي:
أولاً:    أرض المشروع وهي محل إقامة المشروعأو المكان الذي سيقاف عليه                المشروع والذي قد يكون مساحة برية,أو مساحه بحرية,أو مساحة جوية.
ثانياً:   حق الامتياز الذي بموجبه تنتفع شركة المشروع بالأرض المقدمة من الدولة, وتبدأ في تنفيذ المشروع وبناءه وتشغيله وإدارته.
ثالثاً: الضمانات التشريعية والقانونية الكفيلة بحماية ورعاية الاستثمار الأجنبي على أرضها. آخذة في الاعتبار المصالح الوطنية والقومية والاقتصادية العليا للدولة (1
الطرف الثاني: الشركة المنفذة للمشروع :
         هي الشركة التي تقوم بتمويل وبناء وتشييد وتشغيل وإدارة المشروع, حسب الاتفاق المبرم مع الدولة صاحبة المشروع. وتُعنى الشركة المنفذة للمشروع بجوانب كثيرة عند اتخاذها قرار الاستثمار بنظام BOT وتمويل مشروعات البنية الأساسية التي تتكلف نفقات مالية باهظة. وحتى تقبل تنفيذ المشروع,فانهاتطالب الدولة المضيفة بضمانات فعلية, تكفل لها تحقيق عائد كبير من المشروع, يغطي النفقات التي أنفقها, ويتبقى لها نصيبا ًكافياً من الأرباح. وأخيراً تتدخل أطراف عديدة في تنفيذ اتفاقات BOT, الأمر الذي يجعل هذه الاتفاقات أكثر تعقيداً(2).
         بصورة إجمالية يُمكن القول أن الشركة المنفذة للمشروع هي الشركة التي تتولى مسؤولية تمويل وبناء وتشغيل وإدارة مشروع عام محدداً حسب الاتفاق المبرم مع الدولة صاحبة المشروع
قد تكون الشركة المنفذة محلية (قطاع خاص)أو عالمية، وقد تكون تضافراً لمجموعة من الشركات المحلية والعالمية ومتعددة الجنسية وقد تكون شركة واحدةأو عدة شركات، ويمكن أن تنفصل الشركة المنفذة للمشروع عن المؤسسة التى تمول المشروع وهنا يكون لدينا طرفان:
أ- المؤسسة التمويلية للمشروع:
         هي مجموعة الشركات الخاصة،أو الشركات متعددة الجنسيات،أو هو ما يطلق عليه ائتمان المساهمين(1) - وتعنى مساهمة القطاع الخاص في التمويل بالإضافة إلى مساهمة الحكومة – وتسعى المؤسسة التمويلية للمشروع إلى:
·        القيام بعمل دراسة جدوى فنية، ومالية قبل الشروع بالاتفاق على المشروع لبيان مدى الجدوى الاقتصادية والفنية.
·                    تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح.
·                    إحكام الرقابة على القرارات الأساسية المرتبطة بتشغيل المشروع.
·                    الحد من المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها المشروع.
·                    ضمان حقوقها في المشروع في حالة الإخفاقأو حدوث ظروف طارئة.
·                    أخذ الضمانات الكافية لسهولة تحويل أرباحها بالعملات العالمية المرغوبة.
·                    الحرص على أخذ الضمانات والرهونات الكافية لحماية حقوقها في المشروع.
·        التركيز على العوائد المتدفقة من المشروع بعد تشغيله حتى يتم تغطية التكاليف التي تكبدتها المؤسسة التمويلية وتحقيق ما تصبو إليه من عوائد جراء الاستثمار في تلك المشروعات.
ب- شركة المشروع:
         هي شركة تتكون من أجل المشروع فقط ويكون تعامل المؤسسة التمويلية معها مباشرةً, ذلك لأن التركيز يكون على أصول المشروع وليس صاحب المشروع، ويتم سداد ما تم إنفاقه في المشروع والأرباح المطلوبة من التدفقات النقدية التي سيدرها تشغيل أصول شركة المشروع، لذلك نجد أن هدف شركة المشروع يتبلور في تحقيق أكبر قدر ممكن من الأرباح بأقل تكلفة ممكنة، مع الاحتفاظ بأكبر قدر من السيطرة على القرارات الفعالة في تشغيل المشروع، والعمل على نقل عدد من مخاطر المشروع إلى الأطراف الآخرين (الدولة والمؤسسات التمويلية) كما تسعى شركة المشروع للسيطرة والاحتفاظ بأصول المشروع لأطول فترة ممكنة. هذه الفترة هي فترة حق الامتياز المعطى لها من قبل الدولة، تلك الفترة يتم حسابها بدقة بالغة حتى تتمكن الشركة من سداد ما عليها من التزامات مالية. بعدها يتم نقل ملكية الشركة إلى الدولة وتستحق الأخيرة عوائد المشروع دون سواها.من الملاحظ تعدد الأطراف التي تتعامل معها شركة المشروع سواء بالنسبة للاستشاريين الفنيين، والماليين، والقانونيين الذين يقومون بتحضير الاتفاقيات بين شركة المشروع والدولة المضيفة وبين شركة المشروع والجهات الممولة لها بالإضافة إلى أطراف عقود التشييد، وعقود التوريد، وعقود التشغيل والصيانة، وعقود المساهمين، والضامنون، وأطراف اتفاقيات سياسة التأمين، وعقود القروض من البنوك المختلفة (في حالة تمويل المشروع من خلال الاقتراض من عدة مصارف) وغيرهم من الأطراف المتعددة ذات العلاقة المتداخلة والمتشابكة مع شركة المشروع.
مجالات استخدام نظام BOT:
يطبق نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية BOT فى مشروعات البنية الأساسية التى تتميز بكونها مشروعات مدرة لعائد مستمر، من شأنه تمكين شركة المشروع من استرداد رأس المال المستثمر، وتحقيق عائد مرضى نظير المخاطرة والتمويل وهناك العديد من المشروعات التى تتوافر بها هذه المواصفات ومنها: مشروعات البنية الأساسية, المجمعات الصناعية, تنمية أراضى الدولة
تقوم الحكومة باللجوء إلى نظام BOT لما يحققه لها من مزايا فى تخفيف العبء التمويلى والإدارى عن الحكومة طيلة فترة الامتياز، وأهم المجالات التى تقوم الحكومة باستخدام عقود BOT  فيها هى:
(1)   مشروعات البنية الأساسية: المتعلقة بالمرافق العامة الأساسية التى تحقق عائداً اقتصادياً والتى يتعين عليها الاضطلاع بها، ولكن نظراً لعدم قدرة الحكومة على تمويل تلك المشروعات من إيراداتها العامة فإنها تعهد بها إلى القطاع الخاص، نظير تحقيق عائد معقول، ومن أمثلة ذلك مشروعات الطرق، الكبارى، المطارات، محطات القوى الكهربائية، السكك الحديدية وشبكات الاتصالات.
(2)   المجمعات الصناعية: حيث تعهد الحكومة إلى القطاع الخاص بتمويل وإنشاء وإدارة هذه المجمعات عن طريق عقد امتياز يحصل القطاع الخاص بموجبه على عائد المشروع خلال فترة زمنية معينة، وتنتقل بعدها ملكية هذه المجمعات إلى الحكومة بدون مقابل، إلا أن هذا النوع من المشروعات قليلاً ما تلجأ إليه الحكومات فى الوقت الراهن ربما لقدرة الحكومات على إنشاء هذا النوع من المشروعات، ورغبتها فى توجيه القطاع الخاص نحو مشروعات البنية الأساسية بشكل خاص. ومن أمثلة ذلك مصانع الكيماويات والورق والالمنيوم.
(3)   تنمية واستغلال الأراضى المملوكة للدولة ملكية خاصة (الدومين الخاص): بحيث يشبع إنشاء هذه المشروعات بطريق BOT حاجة عامة للمواطنين، ويساعد فى تنظيم العائد من استغلال أملاك الدولة الخاصة.
   ومن أمثلة ذلك مشروعات التخطيط ومشروعات استصلاح الأراضى البورأو الأراضى الصحراوية.
مراحل تنفيذ مشروعات الـ :BOT 
يمر تنفيذ مشروعات البنية الأساسية الممولة بنظام BOT بثلاثة مراحل زمنية أساسية، ويقتضى إتمام وتنفيذ كل مرحلة من المراحل السابقة القيام بمجموعة من الأعمال والتصرفات القانونية التى تتضمن عدداً مختلفاً من الأطراف.وهذا المراحل هى : المرحلة التحضيرية للمشروع , مرحلة تنفيذ المشروع, مرحلة انتهاء فترة الامتياز ونقل المشروع للدولة.

المبحث الثالث
الآثار الاقتصادية الايجابية لنظام الـBOT

  يعد نظام BOT نظام حديث التطبيق فى عالم الاستثمار والتمويل, بالرغم من مرور أكثر من قرنين تقريبا على ابتكار الغرب له, ولكن حداثة تطبيقه تعد قياسا على طول عمر صيغ الاستثمار والتمويل التقليدية والتي لها عشرات القرون من التطبيق , وقد يستخدم نظامBOT من قبل مطبقيه على انه أداة استثمارية,أو انه أداة تمويلية.فنجد الدولة المضيفة لمشروعات BOT   تتعامل معه من منطلق انه نظاما تمويليا يسد حاجتها للتمويل والتكنولوجيا والإدارة , بينما يتعامل معه الطرف الآخر المنفذ للمشروع أو الممول له على انه اداة استثمارية يرجى منه  العوائد مستقبلية من شآنها إعادة رأس المال المستثمر بالاضافة إلى الأرباح المرجوة من الاستثمار .لذلك يعد نظام  BOT صورتين لشئ واحد,او وجهان لعملة واحدة .احدهما وجه إستثماري يقدم للاقتصاد قيمة حقيقية مضافة وآثار ايجابية مباشرة من خلال ذيادة تشغيل العمالة  والتأثير على ميزان المدفوعات,وتحقيق التسعير العادل للخدمات العامة ,والاثر على سوق المال والتنمية المستدامة, ويقدم للمستثمر عائد مجزي, والوجه الآخر تمويلي يُعطي للممول عوائد تفوق مخاطر التمويل, ويؤمن له طرق إسترداد رأس المال. وفي ما يلي بيان بعضا من ذلك من خلال التعرض للنقاط التالية:                   
 النقطة الأولى: أثر مشروعات الBOT على العمالة
النقطةالثانية: أثر مشروعات الBOT في تطوير سوق المال
النقطة الثالثة :أثر مشروعاتBOT فى التنمية المستدامة
النقطة الاولى :أثر مشروعات BOT على العمالة
     تسعى الدول المضيفة لإجتذاب الاستثمار بنظام BOT أملاً في تحقيق عوائد كثيرة منها الحد من مشكلة البطالة فقامت بفتح الباب أمام هذه الإستثمارات من خلال ما إنتجهته من قوانين وسياسات مشجعة له على أمل خلق فرص جديدة للعمل, بالإضافة إلى كل ما يرتبط بهذه الفرص من مكاسب. وجدير بالذكر أن الدولة المضيفة قد وضعت في إعتبارها عدد من آثار BOT على العمالة الوطنية منها:
(1)   إن وجود الإستثمار بنظام BOT بكونه إستثماراً مباشراً حقيقياً يؤدي إلى خلق علاقات تكاملية بين أوجه النشاط الاقتصادي في الدولة(1) من خلال تشجيع المواطنين على إنشاء مشاريع لتقديم الخدمات المساعدة والازمة لشركة المشروع مما يؤدي إلى زيادة عدد المشاريع الوطنية الجديدة وتنشيط صناعات أمامية وخلفية ينشأ عنها خلق فرص جديدة للعمل.
(2)   إن أداء شركة المشروع للضرائب المستحقة على أرباح الشركة يؤدي إلى زيادة عوائد الدولة والتي تؤدي بدورها إلى زيادة تمَكُن الدولة من التوسع في إنشاء مشاريع إستثمارية مختلفة وبالتالي خلق فرص عمل جديدة.(2).
(3)   إن التوسع والإنتشار الجغرافي لإستثمارات BOT في الدولة يؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة في المناطق التي ينزح إليها.
لكن هذا الأثر الذي تنتجه مشروعات BOT على العمالة يتفاوت بشكل ملحوظ من دولة  إلى أخرى بحسب الأسلوب الذي تنتهجه شركات الإستثمار في تلك الاقتصاديات فيُمكن ملاحظة زيادة حجم العمالة في مجالات معينة وإنخفاضها في مجالات أخرى(1) . فمما لا شك فيه أن أي مشروع يتطلب توليفه معينة من عناصر الإنتاج, تختلف بإختلاف الفن الإنتاجي المُستخدم كما تختلف من صناعة إلى أخرى وطبقاً للمدى الذي تعمل فيه المشروعات (2):

النقطة الثانية: أثر مشروعات BOT على سوق المال
كيف يمكن لمشروعات BOT أن تساعد فى تنمية وتطوير سوق رأس المال؟ وكيف تؤثر فيه بشكل مباشر وغير مباشر؟ للإجابة على هذا السؤال يجب التأكيد على أن تحقيق سوق رأس المال لهدفه الأساسى، إنما يعنيٍ تحقيق التقدم والرخاء الاقتصادي الأمر الذي يتطلب أن تكون هناك قاعدة صناعية جيدة، ومنشآت إنتاجية حقيقية تقوم بالإنتاج الاقتصادى التقني العالي الجودة الذى يعمل فى مجمله على تحقيق التشغيل الكامل للاقتصاد القومي. ولا يغفل دور الترابط والتشابك الإقليمى والعالمى، مثل هذه القاعدة الصناعية القوية لابد وأن تبدأ بمشروعات البنية الأساسية الجيدة، ذات المواصفات القياسية العالمية، وهو الشأن الذى يتحقق فى مشروعات البناء والتشغيل ونقل الملكية، وكافة صوره المختلفة أما سوق رأس المال الذى يقوم على المنشآت التى يضطلع معظمها بمهمة استيراد السلع للإتجار فيها،أو الذى يقوم على منشآت تمارس أنشطة صناعية ثانوية، فقد لا يكون الأداة الملائمة لتحقيق الرفاهية والرخاء المنشودين. لهذا نجد أن دخول السوق الأولى لتمويل مشروعات البنية(1) التحتية، باستخدام وحدات صناديق الاستثمار، وطرح حصص وثائق الاستثمار للاكتتاب العام، على أن تستخدم حصيلة الاكتتاب فى تمويل المشروعات بنظام BOT ، والاستفادة بحق الامتياز الممنوح من الدولة، وبذلك تساعد تلك المشروعات فى توفير فرص لمشاركة صغار المستثمرين فى مشاريع قومية كبيرة ما كان لهم أن يستثمروا فيها فرادى، فضلاً عن توزيع المخاطر على عدد كبير من المساهمين، وكذلك إعادة توزيع الدخول الخاصة بعوائد المشروع. لذلك فقد يظهر أثر مشروعات BOT على زيادة نشاط وحركة سوق إصدار الأوراق المالية خاصة إذا كانت المؤسسة التمويلية للمشروع من القطاع الخاص المحلى.
تؤثر مشروعات BOT على زيادة حركة ونشاط السوق الأولى للأوراق المالية فى المدى البعيد عند استرداد الدولة للمشروع، أى بعد انتهاء فترة الامتياز. وعند هذه النقطة يثور التساؤل حول مدى إمكانية الدولة فى استخدام مشروعات البنية الأساسية الممولة بنظام BOT كأداة تمويلية لمشروعات أخرى جديدة؟(1) حيث يمكن للدولة أن تقوم بتمويل المشروع العام الذى استردته من شركة المشروع إلى أوراق مالية تطرح للاكتتاب العام وتحويل شركة المشروع إلى شركة مساهمة ويمكن استخدام حصيلة الاكتتاب فى تمويل مشروعات أخرى، على أن يتم سداد عوائد الأوراق المالية من العوائد التى يدرها المشروع العام وهكذا تعمل مشروعات BOT كأداة تمويلية لغيره من المشروعات الاقتصادية فى المدى البعيد، كما أنها تعمل على زيادة نشاط السوق الأولى عند طرحها للاكتتاب بعد انقضاء فترة الامتياز.
أما عن أثر تلك المشروعات فى السوق المحلية والسوق العالمية للأوراق المالية[3](2)، فيظهر من خلال معرفة أن السوق المحلية تلك السوق التى تتداول فيها الأوراق المالية للمنشآت والهيئات فى الدول التى يوجد بها السوق. أما السوق العالمية فهى تلك السوق التى يسمح فيها بتداول أوراق مالية لمنشآتأو هيئات فى دول أخرى،أو بمعنى آخر تلك السوق التى يسمح فيها لأى مستثمر مهما كانت جنسيته أن يتعامل شراءاً وبيعاً فى الأوراق المالية التى تصدرها منشآت وهيئات محلية، بحيث يكون هناك تواجد لمستثمرين وأوراق مالية من دول أخرى، داخل سوق المال المحلية.
إن السماح بتداول أوراق مالية لمنشآت وهيئات أجنبية فى السوق المحلية له من المزايا التى لا يمكن إغفالها، ذلك أن تداول مثل تلك الأوراق يسمح للمستثمر – الذى قد يكون شركة استثمارية،أو مؤسسة – بأن يشكل محفظة ذات تنويع دولى. تكون فيها المخاطر عند حدها الأدنى، يضاف إلى ذلك أن تداول تلك الأوراق وما يصحبه من ضرورة متابعة المعلومات المنشورة عنها، يعنى إضافة المزيد من الخبرة والمعرفة التى تسهم فى تطوير السوق المحلى، لذلك قد يكون من المناسب السماح لمؤسسات التمويل الدولية طرح الاكتتابات الخاصة بمشروعات محلية داخل السوق المالى المحلى، وربط هذه الإصدارات بشرط تمويل مشروعات محلية فقط، وبذلك يتم تجميع المدخرات المحلية، وتوجيهها نحو الاستثمارات القومية للاستفادة بها داخل المجتمع، بأيدى وخبرة أجنبية لها باع طويل فى تمويل وإنشاء وإدارة مثل تلك المشروعات الأمر الذى من شأنه إضفاء الثقة على تلك المشروعات، للثقة المتواجدة فى المتعاملين بها، وبذلك تسهل الدولة على مؤسسات التمويل الحصول على الأموال التى تمول بها مشروعات البنية الأساسية، وتشجع على الاستثمار الأجنبى المقيد داخل الدولة. حيث تتميز أسواق المال فى الدول النامية خاصة. بتوافر رؤوس أموال جبانة وضعيفة، لا تقوى على مواجهة الاستثمار بمفردها، فضلاً عن التجارب العديدة الفاشلة لتى خاضتها مع الاستثمار المحلى، والممارسات غير الأخلاقية التى من شأنها زعزعة ثقة المتعاملين. لذلك قد لا تثق هذه الأموال فى المستثمرين المحليين الثقة الكافية، التى تدفع بها إلى الاستثمار بأيدى محلية، ولكن فى ظل وجود مستثمر أجنبى. قد أثبت نجاح وكفاءة فى دولته، قد تخرج هذه الأموال إلى النور، طالما كانت تحت الإشراف والإدارة والاستثمار الأجنبى، وتعمل داخل الدولة، تحت إطار مؤسسى حكومى فى الدولة المضيفة، وعلى أن تقوم بيوتأو مؤسسات متخصصة بمهمة الإصدار، والتى يطلق عليها بنوك الاستثمار، فإن اضطلاع بنك الاستثمار – بوصفه بنكاً متخصصاً – بالمهمة يزيد من ثقة المتعاملين، وذلك على أساس ان قبول البنك تولى مهمة الإصدار لمؤسسة أجنبيةأو خاصة، هو بمثابة شهادة صدق عن المعلومات المتاحة عن الإصدار، وان تسعير الورقة المالية (أسهم- سندات- وحدات صناديق استثمار ....) ليس فيه مغالاة، يضاف إلى ذلك أن اضطلاع بنك الاستثمار بالمهمة يعنى وجود مرونة فى شأن شروط الإصدار. الأمر الذى من شأنه تحقيق الأهداف المنشودة على كافة الأصعدة المختلفة.
أما بالنسبة للسوق الدولية التى يسمح فيها للأجانب بالتعامل فى أوراق مالية لمنشآت وهيئات محلية، فقد لا يكون هناك اعتراضاً عليها، ولكن ينبغى أن يكون ذلك فى ظل تشريع، يقوم على سياسة عامة ومستقرة ولا محل لتغييرها بين الحين والحين والتى يسمح بمقتضاها للأجانب بامتلاك حصص فى رؤوس أموال المنشآت المحلية، وقد يكون من الملائم أن ينص التشريع على حد أقصى للحصة التى يمكن أن يمتلكها المستثمر الأجنبى فى رأسمال منشأة معينةأو مرفق معينأو فى قطاع معين. وبذلك يمكن للمستثمر المحلى أن يشترك مع المستثمر الأجنبى فى تمويل مشروعات البنية الأساسية بضوابط وقيود معينة. وتعد ذلك وسيلة مناسبة لتوفير الأموال اللازمة بالنسبة للقطاع الخاص المحلى، القطاع الأجنبى لتمويل مشروعات BOT باستخدام رؤوس أموال مشتركة. وليست أجنبية مطلقة، على أن يتم التفاوض بعد ذلك فى فترة الامتياز الممنوحة للشركة،أو تخفيض الامتيازات الممنوحة لشركة المشروع من قبل الدولة المضيفة، وعلى أن تتحمل شركة المشروع تكلفة الاموال التى تم تجميعها من سوق المال المحلى.
النقطة الثالثة :دور الاستثمار بنظام BOT في التنمية المستدامة وخدمة الأجيال القادمة
        تؤثر مشروعات BOT تأثيراً إيجابياً على اقتصاد الدولة المضيفة من خلال ما تقدمه للتنمية المستدامة فيها, سواء كانت هذه الدولة دولة متقدمةأو دولة نامية. والتنمية المستدامة هى مصطلح حديث يقصد به مدى وفاء الأنشطة الاقتصادية باحتياجات الجيل الحالى، دون التضحية بقدرة الأجيال القادمة على الوفاء باحتياجاتها.[4](2).وتهدف التنمية إلى إحداث التكامل بين البيئة والتنمية والتأثير على بعضهما البعض, وترسيخ المفهوم الحديث للبيئة بأنها الرصيد الأساسى للموارد الطبيعية المتاحة لمجتمع ما خلال فترة زمنية معينة للوفاء بالإحتياجات الإنسانية الحاضرة والمستقبلية. ويجب التعامل مع البيئة بما يضمن لنا وللأجيال المستقبلية أقصى إستفادة ممكنه ولذا يمكن تعريف التنمية المستدامة بأنها التنمية التى تلبى متطلبات الأجيال الحالية دون أن يكون ذلك على حساب الأجيال القادمة.(3). فهي ضمان إستدامة العطاء. ولكن كيف تخدم مشروعات BOT الأجيال القادمة ؟ وكيف تكون مشروعات BOT مصدر متجدد للملكية العامة للدولة؟ فلقد كشفت تجارب العديد من الدول، عن فشل منشآت الأعمال المملوكة للدولة فى تحقيق الأهداف المنوطة بها، خاصة ما يرتبط منها بالتنمية الاقتصادية. وكان وراء ذلك العديد من الأسباب، فى مقدمتها مركزية القرارات كذلك عدم وجود معايير موضوعية لتقييم الأداء فى الوقت الذى تعمل فيه بعض من تلك المنشآت فى مناخ احتكارىأو شبه احتكارى. (1) نضيف سبباً ثالثاً للفشل، هو ضخامة حجم بعض منشآت القطاع العام وتنوع نشاطها، وتغطيتها لمناطق جغرافية شاسعة, ولمواجهة تلك المشكلات  وغيرها كان الاتجاه نحو الخصخصة، والتى يمكن تعريفها أنها إدارة المنشأة على أساس تجارى، من خلال نقل ملكيتها كلياًأو جزئياً للقطاع الخاص،أو تأجير خدمات إدارة محترفة تضطلع بمهمة تسيير المنشأة على هذا الطريق. (1)
فلقد تضمن البرنامج تحويل مشروعات وأنشطة القطاع العام إلى القطاع الخاص، وبنجاح التجربة البريطانية توالت برامج الخصخصة فى مختلف الدول. ووفقاً لإحصاءات البنك الدولى، فقد بلغ عدد الدول التى بدأت فى تطبيق برامج تحويل المشروعات والأنشطة العامة إلى القطاع الخاص، ما يزيد عن مائة دولة، ويبلغ عدد المشروعات التى تم خصخصتها في بعض الدول النامية إلى 2164 مشروع حتى أوائل عام 2005م[5](2). وبفضل التجارب المتلاحقة لتطبيقها عالمياً أصبحت الخصخصة تياراً قوياً لم يعد هناك جدوى من مقاومتهأو الوقوف ضده. ومن المؤكد أن للخصخصة العديد من الآثار الإيجابية على الاقتصاد القومى ولها من الآثار السلبية الكثير. منها ما قد ينجم عن عدم وجود الآليات والمعايير الاقتصادية والاجتماعية التى تنظم وتؤسس عمليات نقل الملكية، خاصة فى الدول النامية، بالاضافة الى انخفاض كفاءة أسواق الأوراق المالية، وبنوك الاستثمار, وغياب الدراسات الدقيقة اللازمة لتقييم الأصول وتحديد الأسعار  الأمر الذى من شأنه إهدار المال العام وبيع منشآت قطاع الأعمال العام بأقل من قيمتها الحقيقية وبالتالى مضاعفة خسارة الدولة  التى لم تتمكن من الاستفادة الكاملة من هذه المنشآت، ولم تحصل على ما يوازى قيمتها الحقيقية(1) ، ومن الأهمية بمكان النظر إلى ما آلت إليه بيع شركات قطاع الأعمال العام، خاصة فى الدول النامية، فهل تظل حصيلة أموال البيع مملوكة للشعب، فلا تحرم منها الأجيال القادمة، أم سيتم سداد الدين العام من هذه الحصيلة، فتذهب الملكية العامة سدى، ويحرم منها أصحابها الحقيقيون.هذا فضلاً عن انقضاض رؤوس الأموال الأجنبية على معظم المؤسسات الاقتصادية القومية، بحكم ما تمتلكه من قدرات مالية وخبرات فنية، ومهارة فى إدارة هذه المؤسسات فى مواجهة ضعف وضآلة القطاع الخاص، وقلة الخبرات الوطنية اللازمة لشراء المنشآت المراد خصخصتها، مما يزيد من السيطرة على المنشآت والمؤسسات المحلية ويرفع يد أصحاب الدولة ليدعم ويقوى أيدى أصحاب رؤوس الأموال الأجنبية على المنشآت العامة بها,لاسيما الحيوية منها، الأمر الذى من شأنه أن يهدد ويزعزع سيادة الدولة على منشآتها، بقدر إحكام السيطرة الأجنبية على تلك المنشآت لعقود زمنية طويلة.
إن إنشاء المشروعات العامة بنظام البناء والتشغيل ونقل الملكية    BOTقد يكون أحد صور الخصخصة. ولكنها خصخصة مقيدة بفترة زمنية معينة. وبشروط معينة وطبقاً لمواصفات توضع من قبل الدولة. وتتلاشى مشروعات BOT العديد من الآثار السلبية السابقة الموجودة فى صور الخصخصة التقليدية. فحينما تتجه الدولة نحو نقل ملكية مشروع عام إلى القطاع الخاص فإنها تعمد إلى بيع أسهم رأس مال المشروع العام (القائم بالفعل) إلى القطاع الخاص(1)،  وهى فى سبيلها لذلك تبيع مشاريع موجودة بالفعل، ولا تمثل حصيلة البيع إضافة للاستثمارات القائمة، بل ربما تتوزع هذه الأموال فى العديد من الاستخدامات المختلفة كسداد جزء من ديون الدولة وفوائده اوتقديم الدعم إلى الطبقة المحتاجة، والقيام ببعض الأعمال الإصلاحية فى هيئات ومؤسسات عامة أخرى ...الخ وهكذا تذهب الأموال الناتجة عن عملية الخصخصة دون إضافة أصول حقيقية لها صفة الديمومة بل معظمها استخدامات محددة ومحدودة مع الأخذ فى الاعتبار تناقص الممتلكات العامة للدولة. فبالإضافة إلى أن ما يذهب من أملاك هو صلب الاقتصاد الوطنى كمشروعات الكهرباء، المياه، المطارات، الطرق، السكك الحديدية، الموانئ...الخ.
هكذا تزحف الخصخصة على العمود الفقري للاقتصاد القومي وهو الأمر الذى يزعج العديد من الاقتصاديين والمحللين الذين ينددون بالخصخصة ومساوئها وأثرها على الاقتصاد القومى فى التفريط فى الممتلكات العامة، وعدم مقابلة ذلك بإنشاء مشروعات استثمارية أخرى من حصيلة بيعها مما يعرض حقوق الأجيال القادمة للضياع، ويعرض ثروة الدولة من المنشآت العامة إلى التضاؤل شيئا فشيئاً حتى تتلاشى الممتلكات العامة بمرور الزمن، الأمر الذى يضع الكثير من الحكومات للمساءلة من قبل شعوبهم، لتقديم مبررات مقنعة للتفريط فى القطاع العام وحقوق الأجيال القادمة. وتأتى مشروعات BOT لرفع الحرج عن تلك الحكومات، وتقديم حل قد يكون هو الحل الأمثل للحفاظ على حقوق الأجيال الحالية وحقوق الاجيال القادمة، وبناء عمود فقرى جديد للاقتصاد القومى بمرور فترة من الزمن. هى فترة الامتياز المخصص لكل مشروع من مشروعات البنية الأساسية المقامة بنظام BOT.
يتعين إذاً على الدولة ضرورة التنسيق بين تطبيق برامج الخصخصة وبين إنشاء مشروعات البنية الأساسية بتمويل BOT ، بحيث لو قامت الدولة ببيع الهيئة العامة للنقل مثلاً وتحويلها إلى شركة مساهمة، فعليها أن تقوم على الطرف الآخر بالاتفاق على إنشاء مشروع يتعلق بالسكك الحديدية والطرق باستخدام نظام BOT وهكذا تكون قد باعت مشروع اليوم وامتلكت مشروعاً أكثر تطوراً منه بعد فترة من الزمن، وهكذا يتم تلاشى الآثار السلبية للخصخصة أول بأول ويتم الحفاظ على حقوق الأجيال القادمة ليجدوا ما وجد آباؤهم من أملاك عامة تحت سيطرتهم، تخصهم وتخص دولتهم وبذلك نعيد للقطاع العام توازنه، فخصخصة مشروعات عامة لابد وأن يقابلها التعاقد على مشروعات بنظام الـBOT .
ومن الجدير بالذكر أن جمهورية مصر العربية قد صاحبها التوفيق في إحداث هذا التوازن، حيث تزامن التوسع فى تطبيق برامج الخصخصة، التوسع فى إنشاء مشروعات البنية الأساسية بنظام BOT حفاظاً على حقوق الأجيال القادمة، وحفاظاً على استمرار سيادة الدولة وسيطرتها على المشروعات القومية بها، ومن أمثلة ذلك إنشاء مشروع مترو الأنفاق بنظام BOT وبتمويل فرنسي أعقبه بفترة تخصيص هيئة النقل العام.
كما يجب التنبيه إلى أن ما سيترك للأجيال القادمة من مشروعات عامة ستكون مختلفة عما سبق. ذلك لأن مشروعات BOT تتسم بالجودة والكفاءة، واستحداث التكنولوجيا العالية والتى ما كانت لتطبق فى مشروعات البنية الأساسية عالية لولا تواجد نظام BOT الأمر الذى يمكن أن يعد ضرورة لتجديد مشروعات القطاع العام كافة.وبذلك يمكن القول ان مشروعات BOT الية من اليات التنمية المستدامة
المبحث الرابع
الآثار السلبية لتطبيقات نظام BOT
يجب التفرقة بين نظام BOT كنظام استثماري تمويلي له آثار إيجابية على الاقتصاد، وبين الممارسات المنحرفة لتطبيقه والتى تتجسد وتظهر بصورة واضحة عندما تكون فترة الامتياز طويلة، تصل إلى 99 سنة الأمر الذى يظهر العديد من السلبيات منها:
(1)   حرمان الدولة من الاستفادة بخير مواردها مدة طويلة من الزمن. بالإضافة إلى خروج الثروات الاقتصادية للخارج فى صورة مدفوعات للخارج.
(2)   ثغرة التجديد حيث نجد أن بند إمكانية تجديد حق الامتياز الذى قد يتواجد فى العديد من اتفاقيات BOT لصالح شركة المشروع يمثل ثغرة خطيرة لاستنزاف موارد الدولة دون مقابل، ذلك لأن السؤال الذى يطرح نفسه هو أن مقابل حق الامتياز الممنوح لأول مرة كان ذات المشروع وعينه، بينما لم يتم التطرق إلى المقابل الذى تحصل عليه الدولة من جراء منحها المستثمر فترة امتياز جديدة، وهل هذا التجديد يتم فى حالة توافر ظروف معينة(2) فقط مثل عدم تمكن شركة المشروع من تغطية تكاليفها والأرباح المتوقعة خلال فترة الامتياز الأولى نتيجة لسوء تقديرات دراسة الجدوى؟ أم أنه يتم بناءاً على رغبة المستثمر فى ذلك؟.
استفادة الشركة المنفذة للمشروع بإعادة استثمار العوائد فلو كانت العلاقة بين الشركة المنفذة والدولة المضيفة علاقة شراكة تستحق فيها الأخيرة حصة سنوية من الأرباح، وتمتنع عن استلامها حتى نهاية فترة الامتياز لتحصل على ذات المشروع وأصله، فخلال هذه الفترة الطويلة تقوم الشركة المنفذة بإعادة استثمار هذه الحصة والتربح منها، وبتطبيق فكرة العوائد المركبة يجعل القيمة الحقيقية التى تدفعها الدولة ويستفيد منها منفذ المشروع أضعاف مضاعفة، بالإضافة إلى أن استثمار العوائد يجعل من السهل استعادة الدولة للمشروع بسرعة.
1-    أثر التطور التقني والتكنولوجي على المشروع خاصة فى الفترة القريبة لانتهاء حق الامتياز، فلن يتواجد دافع لدى شركة المشروع فى إحلال التكنولوجيا الجديدة المتطورة محل الأخرى ويتجسد ذلك بصورة ظاهرة عندما يتحقق للشركة المنفذة ما ترغبه من أرباح.
2-    ضعف الناحية الأمنية بسبب خطورة ترك هذه المشروعات الهامة تحت أيدى أجنبية، الهدف الوحيد الذى يحكم آلية عملها هو تحقيق الأرباح الرأسمالية.
3-    الآثار السلبية لفترات الامتياز طويلة المدى على الأجيال اللاحقة وحقوقها حيث أن فترة امتياز قدرها تسع وتسعون سنة تمثل ثلاثة أجيال مما يعنى حرمان ثلاثة أجيال من امتلاك المشروع (1).
4-       عند إجراء مقارنة بين تكلفة نظام BOT الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية على الدولة مقابل حصول الدولة على قروض لإنجاز المشروع والاستعانة بإدارة محترفة تظهر أن تكلفة الـBOT أعلى خاصة فى ظل الممارسات الحالية له فى التطبيق وضياع العدالة فى توزيع الحقوق بين الدولة والشركة المنفذة لصالح الأخيرة بصورة مضطردة.


الفصل الثانى
نظام الـ(BOT) وعلاقته بالوقف الاسلامى وتخريجه الشرعي
         ان نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية BOT لم يكن غائباً كفكر في الإسلام، حتى عند الفقهاء القدامى، الذين كانوا يدرسون مسائل لم تقع بعد، استشرافاً للمستقبل، الأمر الذي أعطى الفقه الإسلامي الاستمرارية، والقدرة على مواجهة ما يستجد من نوازل وأقضية. لذا لم يكن الحكم على هذه الممارسة المعاصرة بمنأى عن فكر فقهاء المسلمين القدامى حتى يكون مستعصياً على علمائهم المعاصرين. وعلى ذلك فلعله من المفيد أن نتطرق إلى أهم الافكار الموجودة في كتب التراث حول هذا النظام.
كما أن أحد الباحثين المعاصرين قد التفت إلى مسألة جديرة بالبحث والدراسة، مفادها أن نظام BOT يصلح أن يكون تطويراً غربياً لبعض أساليب تثمير أموال الوقف، وخص بالذكر تلك التي استحدثها الفقهاء المتأخرون، والتي تُعْرَفُ بالأساليب غير التقليدية. فقد بيَّنَ أن هذه الأساليب قد ظهرت منذ ما يزيد عن أربعمائة سنة، وأن الغرب في عصر ظلامه كان منبهراً بالحضارة الإسلامية المزدهرة، فلم يتردد في محاكاتها لبلوغ عصر التنوير، ولقد ثبت أنهم عرفوا الوقف ونقلوه إلى ممارساتهم وأدبياتهم باعتباره أحد أسرار المسلمين في التقدم واستمرارية العطاء. وبديهي أن يعتمد الغرب أساليب تثمير أموال الوقف – تقليدية وغير تقليدية – بل ويعمل على تطويرها، ودون النظر إلى الضوابط الشرعية التي لا تحكم سلوكه، وإذا علمنا أن BOT ظهر تطبيقه لدى الغرب منذ حوالي مائتي  سنة، بدا أن فترة المائتي سنة السابقة لها تصلح أن تكون فترة حضانة لميلاد هذا النظام باعتباره تطويراً لها. وهذا التحليل يدعونا إلى النظر فيه، فنحتاج الى أن نتناول الوقف بالقدر اللازم لأغراض هذه الدراسة، فنتعرض لمفهوم الوقف، وأنواعه، ومجالاته، وأساليب تثميره، وعلاقة ذلك بنظام BOT.
         كما أن نظام BOT باعتباره أداة استثمار وتمويل أيضاً من وجهة نظر الطرف الآخر يحتاج إلى تخريج شرعي, من حيث الجوازأو المنع, ومن ثم لا نجد حرجاً في تطبيقه والاستفادة منه،أو المنع فلا يجوز العمل به وقتئذٍ ,وهناك  اجتهادات فردية، ومحاولات بقياسه على عقود شرعية كقياسه على عقد الإجارة، وعقد الاستصناع .
المبحث الأول
استشراف الفقهاء القدامى لنظام البناء والتشغيل ونقل الملكية (BOT)
         تمتلىء كتب الفقه الإسلامي بالكثير من المنتجات المالية الصالحة التطبيق في كل زمان ومكان, خاصة إذا ما تم معالجتها وتطويرها لتتلاءم والمتغيرات الطارئة على البيئات المختلفة. وهو الأمر الذي تم ملاحظته من خلال البحث في الجذور التاريخية لنظام BOT, وتتبع نشأته وتطوره, لنخلص إلى افتراضين أساسين هما:
الفرضية الأولى: نظام BOT لم يكن غائباً عن فكر الفقهاء القدامى.
الفرضية الثانية: نظام BOT  تطوير غربي لمنتج اسلامي.
الفرضية الاولى:نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية BOT لم يكن غائباً عن فكر الفقهاء القدامى
سبق القول أن الفقهاء القدامى، كانوا يدرسون مسائل لم تقع بعد، استشرافاً للمستقبل، الأمر الذي أعطى الفقه الإسلامي الاستمرارية، والقدرة على مواجهة ما يستجد من نوازل وأقضية. لذا فليس بمستبعد أن نجد في ثنايا كتب الفقه القديمة تصورات لقدامى الفقهاء حول أقضية ونوازل نراها مستجدة، في أن لهم في فكرتها آراء وأحكام. من ذلك: فكرة البناء والتشغيل ونقل الملكية (BOT). فقد تناولت ثلاثة كتب قديمة  هذه الفكرة، ويطيب للباحثة أن تعرض النصوص كما وردت من مصادرها، وفق التقسيم الآتي:
أولاً: ما ورد في مصنف ابن أبي شيبة.
ثانياً: ما ورد عنه في كتاب البيان والحصين.
ثالثاً: ما ورد في كتاب الذخيرة
 أولاً: ما ورد في مصنف ابن أبي شيبة(1).حدثنا أبو بكر قال: حدثنا محمد بن أبي عدي عن ابن عون قال: كان محمد يكره أن يستأجر العرصة، فيبني فيها من أجرها. والعرصة: هي الأرض البيضاءأو البور، يستأجرها المستأجر، ولا يدفع شيئاً عند العقد، وتكون الأجرة متمثلة في البناء الذي يقوم بتشييده على هذه الأرض بعد أن ينتفع بسكناها لفترة من الزمن، ثم يرد الأرض والبناء للمؤجر بعدها، لتكون الأجرة هي القيمة الحالية للبناء عند تسليمه. وهذه الصورة لا تختلف عن الأرض التي تمنحها الدولة المضيفة (حق الامتياز) للشركة المنفذة للمشروع، لتقوم تلك الشركة ببناء المشروع، والاستفادة به لفترة من الزمن، ثم تقوم الشركة برد الأرض والبناء للدولة. ويبدو أن الكراهة المذكورة في الرواية مردها إلى جهالة الأجرة،أو البناء وكلفته.
         ثانياً: ما ورد في كتاب "البيان والتحصيل"[6](1)قال ابن القاسم في رجل قال لرجل أعطني عرصتك هذه أبنيها بعشرة دنانيرأو بما دخل فيها على أن أسكنها فى كل سنة بدينار حتى أوفي ما غرمت فيها وأصلحت. قال: إن سمى عدة ما يبنيها به وما يكون عليه في كل سنة فذلك جائز وإن لم يسم فلا خير فيها. قال محمد بن رشد هذا مثل ما في رسم البَز ([7]) من سماع ابن القاسم من كتاب كراء الدور، وهو كما قال، لأنه إن سمى عدة ما يبنيها به ولم يسم ما يكون عليه في كل سنة ولم يسم ما يبنيها به كان كراءً مجهولاً، وإن سمى ما يكون عليه في كل سنة ولم يسم ما يبنيها به كان الكراء معلوماً وأمده مجهولاً، وإذا سمى الوجهين كان كراء معلوماً إلى أجل معلوم فجاز».
والذي يفهم من النص أن رجلاً طلب من رجل (يمتلك أرضاً) أن يستأجر هذه الأرض منه بعشرة دنانير, ولكنه لن يدفع له شيئاً, بل سيبني بهذا المبلغ بناءً على الأرض, ويسكن فيه لمدة عشر سنوات على أن يكون إيجار كل سنة دينار. وهكذا يظل ينتفع بالبناء حتى يستوفي العشرة دنانير, ثم يرد الأرض بالبناء إلى صاحبها.
         القسم الثالث: ما ورد في كتاب الذخيرة(1):قال ابن القاسم: "أعرت أرضك عشر سنين للغرس ويسلم إليك بعد المدة بغرسها ويغتلها هو في المدة، يمتنع للجهل بحال المال، وجوزه أشهب كالبنيان إذا سمى مقدار الشجر.والذي يفهم من النص: أن ابن القاسم استعار أرضاً زراعية من شخص لمدة عشرة سنوات حتى يقوم بزرعها وأخذ المحصول خلال هذه المدة ثم بعد انتهاء هذه المدة يقوم ابن القاسم برد الأرض لصاحبها بزرعها.
ويظهر هذا النص فيما يبدو أيضا فكرة عقود البناء والتشغيل ونقل الملكية BOT)) والتي يمكن إجراؤها في استصلاح الأراضي الصحراويةأو ما شابه ذلك. ولعله قد تبين من الأمثلة السابقة أن نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية BOT)) لم يكن غائباً عن فكر الفقهاء القدامى، حينما تناوله ضمن النوازل التي يمكن أن تقع استشرافاً للمستقبل. وهو ما يؤكد صحة الفرضية الأولى.
الفرضية الثانية:نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية BOT)) تطوير غربى لمنتج اسلامى
سبق القول في مقدمة هذا الفصل أن أحد الباحثين المعاصرين نبه إلى أن نظام BOT يصلح أن يكون تطويراً غربياً لبعض أساليب تثمير أموال الوقف، وخص بالذكر تلك التي استحدثها الفقهاء المتأخرون، والتي تُعْرَفُ بالأساليب غير التقليدية. وهذه القضية تشير إلى علاقة هذا النظام BOT بالوقف وفيما يلى بيان ذلك.
أولا :تعريف الوقف (1):
يعرف الوقف عند الجمهور بأنه{وهو حبس مال يمكن الانتفاع به، مع بقاء عينه، بقطع التصرف فى رقبته من الواقف وغيره، على مصرف مباح موجود،أو يصرف ريعه على جهة بر وخير، تقرباً إلى الله }
ثانياً: أساليب تثمير أموال الوقف وتقويمها
         كان الوقف منذ نشأته يفي من ريعه بنفقات إعماره، وأجرة ناظره، ليتبقى من ريعه ما يفي بحاجة الموقوف عليهم بحسب شرط الواقف. بيد أن الوقف بمرور الوقت يتوهن، ولظروف أخرى يتعرض للخراب كما حدث منذ ما يقرب من نصف قرن حين أتت الحرائق على أغلب الأوقاف في بلاد الأناضول أثناء الحكم العثماني، حيث عجز الوقف عن إعمار ما لحق به من خراب، فضلاً عن تحقيق عائد يلبي حاجة الموقوف عليهم. وهنا نظر الفقهاء في استحداث أساليب لم تكن مألوفة لإعادة تعمير هذه الأوقاف، وقد سُمّيت هذه الأساليب بالأساليب غير التقليدية، مثل: الحكر ، والإجارتين، والمرصد... أضف إلى ذلك ما تم استحداثه مؤخراً في تمويل العمليات الوقفية كالاستصناع، والمشاركة المتناقصة، والإجارة المنتهية بالتمليك , والإجارة التمويلية.وفيما يلي نبذة مختصرة عن أهم هذه الأساليب:
(‌أ)       الحكر:يطلق عليه الحكرأو الإحكارأو الاستحكارأو التحكير، وهو عقد إجارة يقصد به إبقاء الأرض الموقوفة فى يد المستأجر الذي يسمى محتكراً مادام يدفع أجر المثل(1) وقد يحصل التحكير بإذن متولي الوقف للمستأجر بأن يبنى،أو يغرس ليكون له حق القرار فيه بعد تمام عقد الإجارة، ويتم ذلك عن طريق الاتفاق على إعطاء أرض الوقف الخالية لشخصأو مستثمر، لقاء مبلغ يقارب قيمتها باسم أجرة معجلة ليكون له حق القرار الدائم على تلك الأرض، ويتصرف فيها بالبناء والغرس وغير ذلك من وجوه الانتفاع المقررة، كما يلتزم أيضاً بأجرة سنوية ضئيلة تشير إلى بقاء الأرض في ملك الواقف مع مراعاة أن تقدير الإيجار في الحكر يكون بالنظر إلى قيمة الأرض خالية، أما عن ملكية البناء الذي يحدثه المستحكر فهي ملك له، وليست لصاحب الأرض (2).
(‌ب)     الإجارتين:ظهر هذا العقد على أثر الحرائق التي أتت على الكثير من عقارات الأوقاف في مدينة القسطنطينية (أسطنبول حالياً) بتركيا عام 1020هجرياً تقريباً(1)، فعجزت غلاتها عن تجديدها، وتشوهت منظر البلدة، فابتكر هذا العقد تشجيعاً على استئجار هذه العقارات لتعميرها اقتباساً من طريقة التحكير فى الأراضي.وفيه يتفق ناظر الوقف مع شخص آخر على أن يدفع هذا الشخص مبلغاً من المال يكفى لتجديد عمارة الوقف الذي تعرض للخراب، ولا تكفى غلته ولا يناسب التصرف في بعضه لتعميره، ويستخدم هذا المال المدفوع لتجديد وعمارة هذا الوقف، ويكون المال المدفوع أجرة معجلة تكفى لإعمار الوقف المتوهن، إضافة إلى تأجيره لهذا الشخص بأجرة مؤجلة ضئيلة جداً يتجدد عليها العقد سنوياً، لإثبات بقاء ملكية الوقف في يد ناظر الوقف، ويكون حق استئجار الوقف بعد تجديده حقاً دائماً للمستأجر يورث عنه ويباع، وذكر الفقهاء أن لناظر الوقف شرعاً الحق في إجارة أعيان الوقف بحسب شرط الواقف عليها، إذا رأى مصلحة الوقف في ذلك، وانتفت الموانع وذلك لما تحققه إجارة الوقف من ريع وإيراد يصرفه ناظر الوقف في المصارف التي حددها الواقف.أو بما يحقق مصلحة الوقف كعمارته وصيانته،أو مصلحة المستحقين[8](2).
والفرق بين الإجارتين وبين الحكر أن البناء في الحكر ملك للمستحكر، لأنه أنشئه بماله الخاص بعد أن دفع إلى جانب الوقف ما يقارب قيمة الأرض المحكرة باسم الأجرة المعجلة، أما في عقد الإجارتين فإن البناء والأرض ملك للوقف، لأن عقدها إنما يرد على عقد مبنى متوهن يتم تجديده وتعميره بالأجرة المعجلة نفسها التي استحقها الوقف.
(‌ج)     المرصد: هو أن يأذن القاضيأو الناظر لمستأجر الوقف بالبناء على أرض الوقف، عند عجز الوقف عن التعمير، بحيث يكون ما ينفقه في البناء والتشييد ديناً على الوقف، يستوفيه من أجرة الوقف بالتقسيط ويكون البناء ملكاً للوقف على أن يكون للمستأجر حق القرار في عقار الوقف ويورث عنه، وحق التنازل عنه لآخر يأخذ دينه عنه، بحيث يحل محله في العقار بأذن القاضيأو المتولي، ويقول ابن عابدين فى الحاشية: «إن على الباني أجر المثل بالغاً ما بلغ قبل العمارة وما بعدها، وإنما للمستأجر الرجوع بما صرفه»(1) ، وهذا يعنى أن يكون الوقف مديناً بقيمة المبنى الذي استحدثه المستأجر وأن المستأجر يتعهد بإنقاص دين الوقف بقيمة الأجرة المتفق عليها بالغة ما بلغت.
(‌د)      الاستصناع: (4) هو"عقد مع صانع على عمل شيء معين في الذمة " ويشترط في عقد الاستصناع أن تكون المادة من الصانع.ويستخدم هذا العقد مؤخراً في تثمير الأموال الوقفية عن طريق قيام إدارة الأوقاف بالإعلان عن استعدادها للسماح لجهة تمويلية، بأن تبنى بناءاً على الأرض الموقوفة ويكون ملكاً للجهة التي بنته، وتتعهد الأوقاف بشرائه بعد اكتماله من الجهة التي بنته بثمن محدد مؤجل على أقساط سنويةأو شهرية، وتراعى الأوقاف في تلك الأقساط المؤجلة أن تكون أقل من الأجرة المتوقعة من تأجير هذا البناء، لتكون مطمئنة إلى أنها ستجد المال الكافي لتسديد أقساط ثمن البناء في المواعيد المحددة، ونتيجة لذلك تنتقل ملكية البناء إلى الأوقاف بعد إبرام عقد شرائه من المقاول، وبذلك تصير الأرض والبناء القائم عليها ملكاً للوقف، وثمن البناء يسترد تدريجياً من المبالغ العائدة من إجارته.ومن الممكن في هذا العقد أن تضع الجهة الممولة للبناء يدها عليه، لتضمن أن الأوقاف ستسدد لها استحقاقاتها في المواعيد المحددة، ثم بعد انتهاء فترة التسديد - والتي قد تكون طويلة في العادة – يؤول البناء إلى الأوقاف ويصير مع الأرض ملكاً خالصاً لها[9](1).
(‌ه)       المشاركة المتناقصة المنتهية بالتمليك لمؤسسة الوقف:وصورتها أن تقدم الأوقاف أرضها ليقوم ممول ببنائها على أساس أن يكون البناء ملكاً له، والأرض ملكاً للوقف، ثم يؤجر العقار(2) كله، وتوزع الأرباح بين الوقف وبين مالك البناء بحسب استحقاق كل من الأرض، والبناء، وهذا العقد يقوم على أساس الشراكة بينهما، ويتضمن التزاماً من الجهة الممولة بالتنازل عن حصتها للأوقاف خلال فترة زمنية معينة يتم تحديدها حسب قيمة الدفعات المالية التي تقدمها الأوقاف إلى الجهة الممولة، وبقدر ما تدفع مؤسسة الوقف للجهة الممولة الشريكة تنقص حصة هذه الجهة من ملكية المشروع وتزيد حصة الأوقاف، ومن هنا جاءت تسمية هذه الصيغة بالمشاركة المتناقصة إذ هي مشاركة لا يقصد بها الاستمرار ثم تنتهي بامتلاك الأوقاف كامل المشروع، وخروج الجهة الشريكة الممولة نهائياً من المشروع بعد استرجاع رأسمالها المدفوع في المشروع والأرباح المرضية لها. والذي يساهم في تحقيق هذا الهدف هو قيام الأوقاف بتقسيم نصيبها إلى قسمين: قسم تشترى به الأوقاف بالتدريج كحصص متزايدة من البناء الذي أنشأه الممول وامتلكه، والقسم الآخر تستخدمه في نفقاتها الجارية كمورد من موارد الأوقاف[10](1).
و- الإجارة التمويلية للوقف:وصورتها أن تؤجر الأوقاف أرضها لشخص ما بأجرة سنوية محددة لمدة طويلة ليقيم عليها بناءاً يملكه ويستفيد من تشغيله، بحيث تكفى أجرة الأرض لتسديد قيمة البناء في نهاية مدة الإجارة، وتتفق إدارة الأوقاف مع الشخص على أن تشترى منه البناء الذي سيقيمه على أرضها بالتدريج بما تستحقه في ذمته من أجرة الأرض(2).ومن الضروري أن يكون البناء معلوم المواصفات والمقاييس بكل دقة، وتحسب تكلفته ومعدل الإهلاك السنوي له حتى يمكن تحديد مقدار الأجرة بدقة.
وفيما يلي جدولاً للمقارنة بين الأساليب السابق ذكرها:


صيغ الأوقاف الاستثمارية
وجه المقارنة
الحكر
الإجارتين
المرصد
الاستصناع
المشاركة المتناقصة المنتهية بالتمليك
الإجارة التمويلية
شكل الصيغة
الأوقاف تؤجر الأرض للمستثمر
تستدين الأوقاف من المستثمر مبلغ لإعمار الوقف يسمى هذا المبلغ أجرة معجلة
الأوقاف تؤجر الأرض للمستثمر بإذن القاضى
الأوقاف تقدم الأرض للمستثمر لتمويل بنائها بالمواصفات التى تحددها الأوقاف
الأوقاف تشارك المستثمر بالأرض ويقوم المستثمر بتمويل بنائها بالمواصفات التى تحددها الأوقاف
الأوقاف تؤجر الأرض للمستثمر
المقابل
تأخذ الأوقاف أجرة معجلة بالإضافة إلى أجرة سنوية ضئيلة
تأخذ الأوقاف أجرة معجلة من المستأجر كبيرة تكفى لإعمار الوقف، وأجرة مؤجلة زهيدة
تمتلك الأوقاف البناء من خلال ترك القيمة الإيجارية للمستثمر باعتباره ديناً على الوقف بقيمة البناء
الأوقاف تدفع قيمة البناء على أقساط مؤجلة
الأوقاف تأخذ نصيبها من الأرباح وتدفع منه لإنقاص حصة المستثمر من المشروع
الأوقاف تستحق أجرة من المستثمر نظير تأجير الأرض
ملكية البناء
البناء ملك المستثمر
البناء ملك الأوقاف
البناء ملك الأوقاف
البناء ملك الأوقاف
الأرض ملك الأوقاف بينما البناء ملك المستثمر
البناء ملك المستثمر
حق البقاء والانتفاع
للمستثمر، ويورث عنه ويباع
للمستأجر حق البقاء الدائم ويورث عنه ويباع
للمستثمر
ليس للمستثمر حق البقاء والانتفاع بل هو للأوقاف
للمستثمر حق البقاء والانتفاع حتى تشترى الأوقاف حصته ويزول ملكه
البناء ملك المستثمر
وضع البناء
يظل البناء فى ملك المستثمر
يظل البناء ملك الأوقاف ويظل المستثمر منتفع منه
يؤول البناء للوقف بمجرد استرداد المستثمر قيمة البناء
يؤول البناء للوقف بمجرد سداد قيمة البناء المتفق عليها
يؤول البناء للوقف بمجرد شراء الأوقاف لحصة المستثمر
يؤول البناء للوقف بمجرد أن يستوفى المستثمر قيمة البناء

         ويمكن تقويم أساليب تثمير أموال الوقف، تقليدية وغير تقليدية من خلال الجدول السابق، حيث يتضح:
1-                  انقسام صيغ الأوقاف الاستثمارية إلى قسمين:
         القسم الأول: استجد في القرن الرابع عشر هجرياً تقريباً ويشمل: الحكر، الإجارتين، المرصد.
         القسم الثانى: عبارة عن صيغ حديثة التطبيق فى تثمير الأموال الوقفية وتشمل: الاستصناع، المشاركة المتناقصة المنتهية بالتمليك، الإجارة التمويلية.
2-       وجود قاسم مشترك بينهم جميعاً، وهو انحسار دور الأوقاف فى تقديم الأرض (العين) سواء كانت على سبيل الإجارة،أو المشاركة،أو الاستصناع، وحصول الأوقاف على أجرة كمقابل لتقديم الأرض (العين) سواء كانت أجرة معجلة (كبيرةأو زهيدة)أو كانت مؤجلة،أو في صورة أرباح.
3-       يميز معظم الصيغ الاستثمارية التقليدية (الحكر، الإيجارتان، وربما المرصد) فقدان الأوقاف للأرض الوقفية من الناحية العملية في الغالب، في مقابل ما تحصل عليه من أجرة مقدمة، رغم حصولها على أجرة زهيدة دورية من أجل إثبات عدم نقل ملكية الوقف، لأن في نقل ملكيته تعارض مع خصوصية الوقف في بقاء رقبته في حكم ملك الله. ولكن ما معنى ذلك أمام منح الطرف الآخر حق القرار الدائم والتوريث؟!.
4-       تغلبت الصيغ الاستثمارية الحديثة في استثمار الأموال الوقفية على العيب السابق بأن جعلت المشروع (أرضاً و بناءاً) يؤول للأوقاف بمجرد استيفاء المستثمر لحقه في المشروع.
ثالثاً: استفادة الغرب من الوقف لدى المسلمين:
         لقد حاكى الغرب الدولة الإسلامية الفتية في الأخذ بأسباب التقدم والازدهار، فعني بتعلم اللغة العربية، وترجمة المعارف التي طورتها الحضارة الإسلامية، كما أنه استفاد من فكرة الوقف لضمان عطاء مؤسساته التعليمية والصحية والاجتماعية بصفة عامة، دون أن يهتم بالضوابط الشرعية التي لا تعنيه بقدر ما تعنيه الفكرة، وما تحققه من نتائج. والدليل على ذلك قيام جامعة أكسفورد الإنجليزية على فكرة الوقف، وقيامهم بعد ذلك بإنشاء وتطبيق ما يسمى بالـترست (TRUST) الذي يؤدي دور الوقف دون أن يلتزم بما يلتزم به الوقف شرعاً من ضوابط كعدم الاستثمار في محرم مثل الربا والخنزير، وإمكانية بيع العين الموقوفة واستبدالها ... مع العلم بأن ما استحدثه فقهاء المسلمين المتأخرين من أساليب غير تقليدية كالحكر والإجارتين والمرصد قد بلغ الغرب منذ استحداثه من  حوالي أربعة قرون خلت.
رابعا: بداية تطبيق نظام الـ ( BOT) وانتشاره
         في دراسة قام بها أحد الباحثين المعاصرين([11])، ذكر فيما نقله عن دراسة أعدها البنك الأسيوي للتنمية عن دوره وسياسته وتجربته في تطبيق أسلوب المشروعات وتشغيلها وتحويل ملكيتها([12])، أن نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية (BOT) بدأ ينتشر ليشمل معظم مرافق البنية التحتية مع مطلع القرن التاسع عشر. أي بعد قرابة القرنين من استحداث المسلمين الصيغ غير التقليدية كالإحكار والإجارتين والمرصد، وهي فترة مناسبة لتطوير هذه الصيغ وصولاً إلى نظام الـ BOT. حيث يمكن النظر إلى طبيعة هذه الصيغ، ومدى صلاحيتها للوصول إلى الـ BOT كتطور طبيعي، يزيد عنها في نقل ملكية المشروع للجهة المضيفة، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار وصول هذه الصيغ في حينها للغرب. ولمزيد من التوضيح سيتم التعرض في القسم التالي إلى أوجه الشبه بين الصيغ غير التقليدية لتمويل العمليات الوقفية، ونظام الـ BOT.
خامسا: أوجه الشبه بين الوقف (الصيغ غير التقليدية) ونظام الـ BOT
     فيما يلي بيان وجه الشبه بين كل صيغة من الصيغ السابقة، وبين نظام BOT للتأكد من صحة افتراض الدراسة القائل بأن نظام BOT عبارة صورة مطورة من الأساليب غير التقليدية للأوقاف خاصة المرصد الذي تتشابه آلية عمله مع آلية عمل نظام BOT الذي يقوم على أساس النقاط التالية:
1-          قيام الدولة بعرض المشروع المقترح تنفيذه بنظام BOT على المؤسسة التمويلية, بنهاية فترة الإمتياز.
2-          تحدد الدولة مواصفات المشروع بدقة بالغة.
3-          تتقدم المؤسسة التمويلية بغرض تمويل وإنشاء، وتشغيل، وإدارة المشروع.
4-          ملكية أرض المشروع للدولة.
5-          ملكية البناء الذي أنشأته المؤسسة التمويلية وقامت بإدارته وتشغيله يرجع للمؤسسة التمويلية.
6-    تستفيد المؤسسة التمويلية بمنافع المشروع لمدة معينة هي فترة الامتياز الممنوحة من قبل الدولة، وذلك حتى تستوفى ما أنفقته من تكاليف المشروع بالإضافة إلى الأرباح التي ترضيها.
لذلك من المستحسن بيان أوجه التشابه بين كلاً من المرصد كصيغة من التراث الفقهي الإسلامي، والإجارة التمويلية كصيغة حديثة التطبيق في استثمار الأموال الوقفية وبين نظام BOT1) أوجه الشبه بين صيغة المرصد ونظام BOT
يتشابه نظام BOT والمرصد في العديد من الأوجه
المرصــد
نظــام BOT
الأوقاف عاجزة عن تعمير المنشأة الوقفية
الدولة عاجزة عن إنشاء مرفق عام معينأو مشروع معين من مشروعات البنية الأساسية
تحدد الأوقاف طبيعة الاستثمار المطلوب في الأرض هل هو بناء أم غرس؟
تحدد الدولة مواصفات المشروع بدقة، وتعين كافة تفاصيله
تعرض الأوقاف الأرض على المؤسسات التمويلية ليتقدم من لديه الرغبة في الاستثمار
تطرح الدولة المشروع على المؤسسات التمويلية المحلية والعالمية
يتم التعاقد مع المستثمر على أنه مستأجر للأرض وأن قيمة البناءأو الغرس هي ديناً على الوقف يستوفيه المستثمر من أجرة الوقف بالتقسيط
يتم التعاقد مع المستثمر على أنه صاحب المشروع وتنشأ شركة المشروع التي يتم التعامل معها على أنها شخصية معنوية مستقلة وتعتبر قيمة المشروع والأصول التي ينشئها المستثمر هي ديناً على الدولة يستوفيه المستثمر من خلال انتفاعه بمنافع المشروع خلال فترة الامتياز الممنوحة له من قبل الدولة.
لذلك يمكن القول أن المستثمر هنا هو:
·        مستأجر للأرض والبناء معاً
·        والوقف هنا مالك للأرض والبناء معاً
لذلك يمكن القول أن المستثمر هنا هو:
·   منتفع بالأرض فقط على سبيل الإجارة الضمنية حيث لم يصرح بها صراحة في العقد.
·        ومالك لمبنى المشروع وأصوله.
·        الدولة هنا تمتلك الأرض فقط
المستأجر يشغل المشروع ويديره ليستفيد من عوائده
المستثمر يشغل المشروع ويديره ويستفيد من عوائده
للمستأجر حق القرار في عقار الوقف أي حق البقاء والانتفاع بالمشروع أرضاً ومبنى وهذا الحق يورث عنه
للمستثمر حق الانتفاع بمنافع المشروع خلال فترة الامتياز الممنوحة له من الدولة حتى يسترد المستثمر تكاليف المشروع بالإضافة إلى مقدار الأرباح التي ترضيه.
بعدها تنتقل أصول المشروع كاملة للدولة.
للمستأجر حق التنازل عن القرار في المشروع لغيره ليحل محله.
لشركة المشروع الحق في أن يحل محلها مؤسسات التمويل وينص على ذلك بالتفصيل والتحديد في العقود والاتفاقيات كما سبق بيانه.
عائد الوقف من هذه الصيغة هو الأجرة النقدية المحددة التي يتسلمها الوقف بمجرد استيفاء المستثمر قيمة ما بنى وأضاف في المشروع لتصبح هذه الأجرة النقدية (مهما علت قيمتها) هي مكسب المشروع الوحيد ويظل الوقف مالك صوري للأرض، والمباني، ويبقى المستثمر ليهنئ بالمشروع أرضاً ومبنى ومنافع فترة مفتوحة من الزمن.
عائد الدولة من هذا النظام هو امتلاك مباني المشروع وأصوله بعد انتهاء  فترة الامتياز وبدون مقابل ليصبح في حوزة الدولة فعلياً:
·        الأرض
·        مباني وأصول المشروع
·        ومنافع المشروع
وبنهاية هذه المقارنة نجد أن تطوير صيغة المرصد لتصل إلى نظام BOT كان فى النقاط التالية
1-       تم تعيين المستثمر على أنه منتفع بالأرض على سبيل استئجاره لها ولكن مع ملاحظة أن هذه الإجارة لم ينص عليها صراحة في عقد الـBOT  ولكنه يبدو أنه شيء ضمني متعارف عليه عند من استحدثوا هذا النظام.
2-       تحديد حق القرار والانتفاع بمدة زمنية محددة طبقاً للقانون وهو ما يطلق عليه «حق الامتياز» بعدها تنتقل ملكية المشروع للدولة.
وهكذا تم تطوير صيغة المرصد ومعالجة نقاط الضعف التي أعيت الوقف وأفقدته الكثير من ممتلكاته. لتظهر صورة حديثة تستخدم في كافة المشروعات الوقفية وغير الوقفية هذا ويجب التنبيه على أن صيغة الإجارة التمويلية للوقف تتشابه إلى حد كبير مع المرصد بل ترى الباحثة أنها قد لا تختلف عنه إلا في أن المشروع أرضاً وبناءاً يؤول للدولة بمجرد أن يستوفى المستثمر قيمة ما كلفه البناء بالإضافة إلى ما يرغب من أرباح وذلك من أجرة الوقف المستحقة.
وفيما يلي بيان أوجه الشبه بين صيغة الإجارة التمويلية ونظام الـ BOT
2) أوجه الشبه بين صيغة الإجارة التمويلية ونظام BOT
الإجارة التمويلية
نظام BOT
الأوقاف تؤجر الأرض للمستثمر
الدولة تقدم الأرض للمستثمر كمنتفع بها طوال فترة الامتياز
الأوقاف تستحق أجرة من المستثمر
الدولة تمتنع عن أخذ أي مبالغ من المستثمر خلال فترة الامتياز
الأرض ملك الأوقاف
والبناء ملك المستثمر
الأرض ملك الدولة
والبناء ملك المستثمر
للمستثمر حق الانتفاع بالبناء وبمنافع المشروع إلى أن يستوفى قيمة البناء المتفق عليه من أجرة الوقف المستحقة
للمستثمر حق الانتفاع بمنافع المشروع خلال فترة الامتياز
يؤول البناء للوقف بمجرد أن يستوفى المستثمر حقه في قيمة البناء من أرباح
يؤول المشروع وأصوله للدولة بعد انتهاء فترة الامتياز
عائد الوقف هنا هو ملكية الوقف للبناء، وأصول المشروع ومنافعه وأرض الوقف.
عائد الدولة هنا هو ملكية الدولة للمشروع بناءاً وأصولاً ومنافع وأرضاً.
من العرض السابق نجد التشابه الكبير في نظام BOT مع الإجارة التمويلية، ونقطة الخلاف الوحيدة بينهما تنحصر في أن الأوقاف تؤجر الأرض للمستثمر وتحدد قيمة الأجرة التي تستحقها، وبالمثل تتفق طبيعة صيغ الحكر والإجارتين وخلافهم مع طبيعة نظام BOT في النقاط التالية:
أ- حاجة ناظر الوقفأو الدولة إلى مصدر تمويل خارجي.
ب- كون الممول يقيم مشروعاً على أرض الجهة الطالبة للتمويل.
ج- ناظر الوقفأو الدولة لا تتنازل عن الأرض.
د- الممول يستفيد من المشروع (الأرض- البناء- الأصول- والمنافع).
هـ- ناظر الوقفأو الدولة يحقق الإعمار والنماء الذي رغب فيه.
عليه يمكن القول بصحة افتراض الدراسة بأن نظام BOT هو تطوير غربي لمنتج إسلامي، وليس أسلوباً استحدثه الغرب ابتداءاً، ولكنه مجرد تطوير لصيغ إسلامية تعتريها كتراث حضاري وثقافي يمتلك القدرة على التكييف والتطوير مع متطلبات العصر الراهن.
سادسا: ما يمكن أن يقدمه نظام الـ (BOT) للوقف
         لجأ الفقهاء المسلمون في القرن العاشر الهجري إلى أساليب غير تقليدية لإعمار الأوقاف المتهدمة حينما عجز الوقف عن إعمار نفسه كالحكر والإجارتين والمرصد وغير ذلك كما جرى بيانه. والمتأمل في هذه الصيغ يتبين أنها توفر للوقف المال المطلوب، ولكنها تحرمه من ميزة استعادة كامل تصرفه وحريته على العين الموقوفة، حينما يكون للطرف الآخر حق القرار الدائم، بل وحق توريث ما قام ببنائه على أرض الحكر، فهو يتصرف تصرف المالك على أرض يفترض أنه أجرها إجارة طويلة، ولا يُفترض أنه تملكها. ويمكن تفسير هذا الأمر أن الواقفأو ناظر الوقفأو القاضي بحسب الأحوال لديه أرض موقوفة، وليس لديه تمويل لتثميرها، ولا يملك حق بيعها لأنها في حكم ملك الله تعالى، فيجد في التحكير مخرجاً لامتلاك ثمنها دون التصريح ببيعها، ليكون التصرف في معنى البيع، حيث أدى الطرف الآخر ما يقارب ثمن الأرض، وأصبح له حق القرار الدائم وتوريث ما أحدثه فيها من غرسأو زرعأو بناء. وحتى تبدو المسألة أنها ليست بيعاً، اشترط القائم على الوقف أن يؤدي الطرف الآخر مبلغاً سنوياً زهيداً لإثبات أن الأرض مازالت في ملك الوقف شكلاً، ولكن طالما أنها لن تعود تحت تصرف الوقف حينما يؤدي الطرف الآخر الأجرة السنوية الزهيدة، وطالما أن الطرف الآخر له حق القرار والتوريث لما أحدثه بها، فإنها من الناحية الموضوعية لا تكون في ملك الوقف. ويبدو أن الطرف الآخر ما كان ليقدم على دفع ما يقارب ثمن الأرض إلا إذا كان سيأخذ من المميزات ما يقارب ما يأخذه مشتريها.
أما التطور الذي حدث لهذه الصيغ، فإنه ينحصر في إعادة المشروع إلى الجهة المضيفة بعد انقضـــــاء المدة المتفق عليها، دون أن يكون للجهة المنفـــــــــذة حق القرار الدائم ([13]). وهذه الميزة تنقي الصيغ غير التقليدية خاصة الحكر من ما يعتريها من انتقاد. بمعنى أنه لو وُجِدَتْ أرض وقفية تحتاج إلى تمويل لتثميرها، ولجأ القائم عليها إلى نظام الـ (BOT)، دون الحكرأو المرصد، لحقق للوقف ميزة استثمار الوقف، مع امتلاك المشروع امتلاكاً حقيقياً عند نقل الملكية له حسب العقد، ويستفيد بإيراد المشروع لينفق منه على الموقوف عليهم بحسب شرط الواقف، دون أن يتحمل تكاليف
المبحث الثانى
لتخريج الشرعي لنظام BOT
لما كانت هذه العقود تتميز بحداثتها في الدول العربية والإسلامية استدعت الضرورة البحث في الشكل الذي يمكن أن تندرج تحته عقود BOT ، وهل هي عقد إجارة،أو أنها عقود استصناع،أو ...الخ.
أولاً: تخريج نظام الـ BOT على عقد الإجارة
         يرى أصحاب هذا الرأي([14]) بأن نظام BOT هو عقد ينطبق عليه أركان عقد الإجارة، بحيث إذا تم النظر إلى المشاريع التي تخطط لإقامة مباني،أو مشاريع من شأنها فرض الرسوم على المستخدمين لمنفعة المشروع مثل محطة كهرباء،أو مياه، إقامة شبكة للمواصلات، الاتصالات السلكية واللاسلكية،أو الموانئ والمطارات.فلا شك أن الأرض التي يقام عليها المشروع في هذه الصور مملوكة للدولة وأن الجهة الممولة للمشروع تعتبر هي الجهة المؤجرة للأرض مقابل أجرة مستحقة للدولة في نهاية فترة معينة متفق عليها هذه الفترة هي فترة الامتياز، ثم تسلم الأرض والمشروع المقام عليها إلى الدولة في نهاية المدة، وفيما يلي بيان ذلك:
         الإجارة هى «عقد على منفعة مباحة معلومة، مدة معلومة، من عين معلومة،أو موصوفة فى الذمة،أو عمل بعوض معلوم»([15])
وعند تطبيق تعريف الإجارة على عقد BOT نجد أنه عقد على قيام الدولة بإعطاء منفعة أرض المشروع، وهى منفعة مباحة معلومة، مدة معلومة هى مدة الامتياز بعوض هذا العوض هو تملك الدولة لأصول المشروع وأبنيته فى نهاية المدة المعلومة السابق ذكرها. بالرغم من أن كلمة إجارة لم ينص عليها صراحة فى عقد BOT ولكنه يبدو أن معناها ضمنى داخل نصوص عقد BOT .ويشمل أطراف العقد على  المؤجر، والمستأجر ممن لهم حق الإيجاب والقبول فيه.والمؤُجر فى دراستنا هو الدولة؟ والمستأجر هو المستثمرأو شركة المشروعأو الكونسورتيوم.والمنفعة هى المعقود عليها والغاية من الإجارة، والمنفعة المعقود عليها فى نظام BOT هى منفعة الأرض بطول فترة الامتياز بعد إقامة المشروع عليها، أما عن التزام الدولة نحو المستثمر فعليها أن تسلمه الأرض وتمكنه من استغلال منفعتها فقط. أما إقامة المشروع فذلك على المستثمر وليس على الدولة.
اما عن لأجرة فيقوم بدفعها المستثمر للدولة، وهى أجرة مؤجلة لفترة من الزمن هى فترة الالتزام الممنوحة من قبل الدولة، وهذه الأجرة المؤجلة (المستحقة للدولة على الشركة المنفذة) يتم سدادها بنقل ملكية المشروع كمقابل لها..
ثانياً: تخريج نظامBOT  على عقد الاستصناع
         وفى عقد الاستصناع تقوم الدولة بتحديد المشروع ووضع مواصفاته وتطلب من الشركة المنفذة أن تقوم بتنفيذه، وتعتبر الدولة هنا مستصنعة، والشركة المنفذة هى الجهة الصانعة، ويكون ثمن الاستصناع منفعة تشغيل المشروع التى تنتفع به الجهة الصانعة لفترة معينة هى فترة الامتياز لاستيفاء ثمن الاستصناع([16]) بعدها تقوم الشركة المنفذة بنقل ملكية المشروع إلى الدولة.والعاقدان: هما المستصنع, ويمثل فى عقود BOT الدولة، والصانع وهو الشركة المنفذةأو الممولة للمشروع.والمعقود عليه : هو السلعة الموصوفة والمطلوب صناعتها وهى المشروعأو المرفق العام المرغوب تنفيذه بمواصفات معينة.والثمن: هو المقابل الذى يحصل عليه الصانع نظير قيامه بصناعة السلعة، وهو فى موضوعنا حق استغلال المشروع والانتفاع به لفترة من الزمن لصالح الشركة المنفذة.



تخريج نظام على انه عقد شراكة مؤقتة
     أن عقد BOT يمكن تكييفه بأنه شركة مقطوعة (موقوتة) تكون فيها الدولة المضيفة شريك أول، والمؤسسة المنفذة للمشروعأو الممولة له شريك ثانى، وتنتهى هذه الشركة بنهاية فترة محددة وهو حكم التمويل بالمشاركة الموقوتة([17]).
         ومن خلال هذا التكييف تقوم الدولة المضيفة بالاشتراك مع المؤسسة المنفذة للمشروع بتقديم رأس مال المشروع حيث تقدم الدولة أرض المشروع، وحق الامتياز، وتقدم المؤسسة المنفذة التمويل اللازم لإقامة المشروع والحصول على موجودات وأصول المشروع على أن تعهد بإدارته وتشغيله للمؤسسة المنفذة حتى تسترد ما أنفقته من تكاليف بالإضافة إلى الربح المرغوب فيه، ولأن من الصعب الحصول على تمويل متوسطأو طويل الأجل دون المشاركة([18]) فى الملكية والإدارة (وذلك بعد استبعاد التمويل على أساس الفائدة) لذلك تعد المؤسسة المنفذة للمشروع هى المالكة لموجوداته وأصوله خلال فترة الامتياز، وتقترن هذه الشركة اقتراناً وثيقاً بتوزيع الملكية والإدارة لذلك تتحمل المؤسسة المنفذة ملكية المشروع وثماره ومخاطره.
    وفى جميع أنواع الشركات يتم اقتسام الأرباح حسب النسب المتفق عليها، ولكن يمكن القول أنه فى الشركة الموقوتة تمتنع الدولة برغبتها فى الحصول على المستحق لها من نظير حصتها فى الأرباح مقابل أخذها مرة واحدة فى نهاية المدة فى صورة ذات المشروع وأصوله وذلك بنقل ملكيته من المؤسسة المنفذة إلى الدولة وبذلك تنقضى الشركة الموقوتة.
   وخلاصة القول:

أياً كانت الصيغة الشرعية التى تندرج تحتها عقود BOT سواء إجارةأو استصناعأو شراكة فإنه يمكن القول بأن عقد BOT يخلو من المحاذير الشرعية([19]) فى حالة سلامة التمويل من الاقتراض الربوى،أو الاقتراض عن طريق السندات بالإضافة إلى ضرورة إفراغ الوسع فى تقليل حجم الغرر فيها وبذلك يمكن الحكم على عقد BOT بأنه عقد جائز شرعاً.


الخاتمــــة
يعد نظام البناء والتشغيل ونقل الملكية المعروف باسم BOT من الأساليب الاستثمارية الحديثة على الساحة الاقتصادية الدولية والمحلية. وقد تلجأ إليه الدول المتقدمة والنامية على حد سواء لإنشاء مشروعات البنية الأساسية التي طالما أثقلت كاهل الدولة ماليا وإداريا. لذلك وجدت الكثير من الدول خاصة النامية منها ضآلتها في نظام BOT , والذي يعرف بأنه "النظام الذي يتم بموجبه تمويل المشروعات الاستثماريةالعامة, وإنشائها وإدارتها, وصيانتها من قبل القطاع الخاص, الذي قد يكون شركة خاصة واحدة,أو عدة شركات خاصة محليةأو عالمية, تعمل من خلال شركة المشروع, المتعهدة بإنشاء وتنفيذ وإدارة وصيانة المشروع لفترة زمنية معينة هي فترة الإمتياز الممنوحة من قبل الدولة المضيفة, وتمكن هذه الفترة شركة المشروع من استرداد ما تكبدته من تكاليف في المشروع , مع تحقيق نسبة نسبة مرضية من الربح, بعدها تقوم شركة المشروع بنقل ملكية أصول المشروع للدولة المضيفة , وهو في حالة جيدة دون قيدأو شرط, وتنحصر أطراف نظام BOT وفق الدراسة في طرفين أساسين هما الدولة المضيفة والشركة المنفذة للمشروع. وتتعدد أوجه التعامل مع أنظمة البناء والتشغيل ونقل الملكية ليوجد صورا عديدة تشترك في المضمون ولكنها تختلف في طريقة التطبيق. ومن هذه الصور, BOT, BOOT, BOO ,BTO, تنصب جميع الصيغ السابقة في تمويل وإنشاء وإدارة وتشغيل مشروعات البنية الأساسية بالدولة, والمجمعات الصناعية والسكنية واستصلاح الأراضي لتشكيل مجالات تطبيق نماذج الاستثمار باستخدام نظام BOT وصوره المختلفة. ويمر تنفيذ مشروعات BOT بثلاثة مراحل زمنية, المرحلة الأولى هي المرحلة التحضرية للمشروع من قبل الدولة المضيفة, المرحلة الثانية تختص بها شركة المشروع وهي مرحلة تنفيذ المشروع من حيث بناءه وتشغيله وإدارته. والمرحلة الثالثة التي يتم فيها نقل ملكية المشروع للدولة المضيفة بعد إنقضاء فترة الإمتياز الممنوحة بين الدولة وشركة المشروع.
·      ويرتب الإستثمار بنظام BOT جملة من الآثار المباشرة على الاقتصاديات المضيفة, حيث تُحدث أثر إيجابي على كل من العمالة والحد من البطالة, وسوق المال, ولا يُمكن إغفال دور BOT في  التنمية المستدامة وخدمة الأجيال القادمة, في الحد من الآثار السلبية لخصخصة المشروعات العامة. بيد أن تلك المميزات لا تجعله يخلو من السلبيات, والآثار غير الحميدة على الدولة المضيفة المتمثلة في الأضرار الناجمة على الاقتصاد الوطني, والسيادة من جراء طول فترة الإمتياز الممنوحة للشركة المشروع, وإستغلالها لثغرة التجديد لإستنزاف موارد الدولة.
         من الملاحظ اثار تطبيقات عقود BOT على الاقتصاد القومى للدول المختلفة. ومنها الدول الإسلامية التى كانت فى حقبة ماضية من الزمن مصدر إشعاع علمي وحضاري تتسيد العالم، بتطبيقها للنظام الإسلامي والالتزام به، وطالما سعت الكثير من الدول الغربية آنذاك إلى محاكاتها، دون أن تجد فى ذلك حرجاً، وكانت مما سعت لتطبيقه نظام الوقف، وخير مثال على ذلك، جامعة أكسفورد بانجلترا التى أنشئت على فكرة الوقف الخيري مما أعطى لها القوة والاستمرارية، ولقد قامت الدول الغربية بتطوير بعض الأساليب غير التقليدية فى استثمار الأموال الوقفية مثل نظام المرصد، والحكر، لتخرج بنظام BOT بعد قرابة القرنين من استحداث المسلمين لهذه الصيغ الغير تقليدية، لذلك يمكن القول بأن نظام BOT هو تطوير غربى لمنتج إسلامي قديم العهد فى ابتكاره واستحداثه، ويرجع الفضل فى ابتكاره بعد الله إلى العلماء الأجلاء مثل فضيلة العلامة شهاب الدين أحمد بن إدريس القرافى فى كتابه «الذخيرة» صـ143، وفضيلة العلامة أبو الوليد بن رشد القرطبى فى كتابه «البيان والتحصيل» صـ461 .... وغيرهم من العلماء.
         وتهدف الدراسة إلى بيان الحكم الشرعى لنظام BOT ومدى مطابقته للضوابط الشرعية؟، وهذا هو الأمر الذى أجاب عنه التخريج الشرعي للدراسة، من حيث البحث فى آراء العلماء فى تكييف نظام BOT سواء كونه عقد إجارةأو أنه عقد استصناع ، ويمكن اعتبار نظام BOT عقد شركة موقوته تنتهى فى مدة محددة سلفاً، وتكون الدولة المضيفة فى هذا العقد طرف أول، والشركة المنفذة للمشروع طرف ثانى، وتنتهى هذه الشركة بنهاية فترة الامتياز الممنوحة للطرف الثانى من قبل الدولة، ويتحقق هذا الانتهاء عملياً بنقل أصول وموجودات المشروع إلى الدولة لتكون هى المالكة له، وينقطع دور وصلة شركة المشروع بالمشروع نهائياً، وتتوقف أى علاقة قائمة بين شركة المشروع وبين أى أطراف أخرى ذات صلة بالمشروع، لتحل الدولة محل الشركة فى إدارتها وتشغيلها للمشروع.
         وعليه يمكن القول بجواز وشرعية عقود BOT فى حالة خلوه من المحاذير الشرعية للاستثمار، كالتمويل عن طريق القروض الربويةأو السندات والحذر من الوقوع فى الغرر الفاحش الذى يؤدى إلى بطلان العقد عند بعض الأئمة.

والله تعالىأاعلم وهو الهادى إلى سواء السبيل
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
قائمة المصادر والمراجع
كتب الفقه
1-   ابن ابي شيبة ( للإمام الحافظ أبي بكر عبد الله بن محمد بن إبراهيم): المصنف مكتبة الرشد، الرياض، المملكة العربية السعودية،  الطبعة الأولى.
2-   ابن عابدين (محمد أمين): حاشية رد المحتار على الدر المختار، شرح تنوير الأبصار، المطبعة الكبرى الأميرية، مصر، 1326هـ، المجلد الثالث.
3-       البهوتى (منصور بن يونس): شرح منتهى الإرادات، المكتبة السلفية، المدينة المنورة، الجزء الثانى.
4-       الدسوقي (محمد عرفة): حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ، دار الفكر ، بدون تاريخ ، ج2.
5-       القرافي (شهاب الدين أحمد بن إدريس): الذخيرة، دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، الجزء السادس.
6-   القرطبي (أبو الوليد بن رشد): كتاب البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل في المسائل المستخرجة ، دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، طبعة 1404هـ (1984م)، الجزء الثامن. 
7-       القليوبى (شهاب الدين أحمد): حاشية على منهاج الطالبين ، دار الفكر، مصر، الجزء الثالث.
كتب الاقتصاد الاسلامي
8-       الزرقا (أنس): الوسائل الحديثة للتمويل والاستثمار, المطبعة الكبرى الأميرية, مصر, بدون تاريخ.
9-       شابرا (محمد عمر): نحو نظام نقدى عادي، المعهد العالمى للفكر الإسلامى، دار البشير، الطبعة الثانية، 1990م.
10- عبد الله عبد (محمد عبد العزيز): الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول الإسلامية في ضوء الاقتصاد الإسلامي, دار النفائس, الأردن, الطبعة الأولى, 2005 م.
11- العثمانى( محمد تقى): عقود البناء والتشغيل ونقل الملكية من الناحية الشرعية، ، المعهد الإسلامى للبحوث والتدريب، البنك الإسلامى للتنمية، المملكة العربيةالسعودية، جدة.
12-  يكن (زهدي): الوقف في الشريعة والقانون، دار النهضة العربية، بيروت، لبنان، 1388هـ.
كتب الاقتصاد
13-  برتان (جيل): ترجمة علي مقلد, الاستثمار الدولي, منشورات غويدات , بيروت, الطبعة الثانية, 1982 م.
14- جاد الله (بشرى عبد الله): الهيئة القومية للكهرباء، دراسة تجربة السودان فى تنفيذ مشروعات الكهرباء بمشاركة القطاع الخاص، بحث مقدم لدورة الخرطوم، 2002م،
15-  الجزيري (خيري علي): التمويل الدولي, مطبعة جامجة القاهرة, والكتاب الجامعي, التعليم المفتوح بدون وبدون تاريخ.
16- سليم، (محمد السيد): تأميم شركة قناة السويس، دراسة فى عملية اتخاذ القرار، دار الفجر للنشر والتوزيع، النزهة الجديدة، القاهرة، مصر، 2002م.
17- عبد اللطيف (محمد محمد): التطورات المعاصرة للمرافق العامة الاقتصادية, مجلس النشر العلمي, لجنة التأليف والتعريب والنشر, الطبعة الأولى, 1999م.
18- الغزاوي (علي), الخطيب (سهير), النعيمات(عبد السلام): البناء والتشغيل ونقل الملكية, الجمعية العلمية الملكية, مركز تكنولوجيا الحاسوب والدراسات الصناعية, الأردن, 1996م.
19- النجار (فريد): إدارة الأعمال الدولية والعالمية استيراتيجيات الشركات عابرة القارات الدولية ومتعددة الجنسية والعالمية, الدار الجامعية، الإسكندرية, مصر, 2006.
20- هايني (ستيفن شيمد): ترجمة علي حسين حجاج, مراجهة مهندس محمد موفق الصقار, تغيير المسار, منظور عالمي للأعمال التجارية والصناعية حول التنمية والبيئة, دار البشير للنشر والتوزيع, 1996 م.
21-  هندي ( منير إبراهيم): أساليب وطرق خصخصة المشروعات العامة, خلاصة الخبرات العالمية, المنظمة العربية للتنمية الإدارية, إدارة البحوث والدراسات,1995 م.
كتب القانون
22- السامرائي ( دريد محمود ): الاستثمار الأجنبي المعوقاتي, والضمانات القانونية, مركز دراسات الوحدة العربية, الطبعة الأولى, 2006 م.
23-  هندي (إحسان): مبادىء القانون الدولي العام في السلم والحرب, دار الجبل, دمشق, 1984 م.
الدوريات
24- دورة التعاون بين الحكومة والقطاع الأهلي في تمويل المشروعات الاقتصادية, تجربة البنك الأهلي التجاري في تعبئة المدخرات لتمويل مشاريع البنية الأساسية التحتية بصيغ إسلامية, ورقة مقدمة بتاريخ 1999 م, جدة, السعودية.
25-  دورة أوكلاند بنيوزيلاندا مايو 1995م، من تأليف: كيون واولي، وريتشارد سايمون، ترجمة: محمود أحمد مهدي، المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، جدة، المملكة العربية السعودية.
26-  دورة مهارات الإشراف والرقابة, مؤسسة النقد العلربي السعودي, المعهد المصرفي, الإصدار (101), 2006-2007 م.
27- دورة البنك الاسلامي للتنمية حول اسلوب دور التأمين والضمان في دعم مشاريع البناء والتشغيل ونقل لملكية  BOT , ورقة المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات مقدمة BOT  ، الخرطوم السودان . 28 رجب – 4 شعبان 1423هـ -2002م.
28-  دورة القاهرة، الدورة التدريبية حول إنشاء المشروعات بنظام BOT للمشاركة فى القطاع الخاص, تنظيم البنك الإسلامى للتنمية ، ورقة مقدمة خلال الفترة 20-24 يناير 2004م، ، جدة، السعودية.
29-  سرى الدين ( هاني صلاح) الفلسفة التمويلية والتعاقدية لمشروعات البنية الأساسية عن طريق القطاع الخاص، ورقة مقدمة فى الدورة التدريبية حول إنشاء المشروعات بنظام BOT، دورة القاهرة، برعاية البنك الإسلامى للتنمية، جدة، السعودية.
30- عباس (نبيل محمد على): تجربة المملكة العربية السعودية فى مشاريع BOT ، دورة تدريبية حول نظام الإنشاء والتشغيل ونقل الملكية BOT ، الخرطوم، جمهورية السودان، 2002م.
التقارير
31- تطبيق مؤشرات التنمية المستدامة فى بلدان الاسكوا، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربى آسيا (الاسكوا)، الأمم المتحدة، نيويورك، 2001م.
32-  المجلة العلمية لكلية التجارة (بنات)، شركة ناس للطباعة، جامعة الأزهر، العدد (1)، سنة 2004هـ.
رسائل
33- الأسلامبولى (أحمد محمد): الجوانب الشرعية والاقتصادية للأوراق المالية المتداولة فى أسواق المال، رسالة ماجستير غير منشورة، معهد الدراسات الإسلامية، القاهرة، 1419هـ-1999م. والدعوة والإرشاد، مكة المكرمة، شعبان 1422هـ، منشورة ضمن وقائع المؤتمر. وكذا في ندوة حوار لنفس الباحث تحت عنوان: "هل نظام BOT نموذج معدل من صور الحكر التي استحدثها المسلمون" مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي، التابع لجامعة الملك عبد العزيز بجدة في 6/9/1422هـ (21/11/2001م)
المقالات
34- الريح (عبد الرحيم): مقال تحت عنوان استراتيجية الخصخصة فى العالم، مجلة أبو ظبى الاقتصادى، مجلة تصدر عن غرفة تجارة وصناعة أبو ظبى/ الإمارات العربية المتحدة، العدد (320) شهر نوفمبر 1998م.
البحوث
35- الإسلامبولي( أحمد محمد خليل): ورقة عمل حول أسلوب المشاركة المتناقصة في تمويل العمليات الوقفية كما يجريه البنك الإسلامي للتنمية، مقدمة إلى مؤتمر الأوقاف الأول في المملكة العربية السعودية المنعقد في رحاب جامعة أم القرى بالتعاون مع وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد, 2001 م.
36- المرطان (سعيد بن سعد): تجربة البنك الأهلى التجارى فى تعبئة المدخرات لتمويل مشاريع البنية الأساسية التحتية بصيغ إسلامية، ورقة مقدمة إلى ندوة التعاون بين الحكومة والقطاع الأهلى فى تمويل المشروعات الاقتصادية، (1420هـ-1999م).
37- المعولي (أحمد علي إبن أحمد): التخصيص, قصة نجاح عمانية, بحث مقدم ضمن دورة تدريبية حول نظام الBOT  برعاية البنك الإسلامي للتنمية, السودان, 2002  م.
38-  أبحاث ندوة: نحو دور تنموى للوقف، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، الكويت، 1993م.
39- أساليب استثمار الأوقاف وأسس إدارتها، نزيه حماد، بحث مقدم لندوة: نحو دور تنموى للوقف، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، الكويت، 1993م.
40- التمويل التنموى الإسلامى لرأس المال الثابت فى الصناعة، مصطفى فضل المولى، بحث مقدم لندوة: صيغ تمويل التنمية فى الإسلام بالخرطوم، ندوة رقم (29)، المعهد الإسلامى للبحوث والتدريب، البنك الإسلامى للتنمية، جدة، السعودية، 1413هـ.
41- أسلوب المشاركة المتناقصة فى تمويل العمليات الوقفية كما يجريه البنك الإسلامى للتنمية، أحمد محمد الإسلامبولى، ورقة عمل مقدمة لمؤتمر الأوقاف الأول فى المملكة العربية السعودية، المنعقد فى جامعة أم القرى بالتعاون مع وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، 2001م.
42- الوقف الإسلامى وأثره فى تنمية المجتمع (نماذج معاصرة لتطبيقاته فى أمريكا الشمالية)، جمال برزنجي، أبحاث ندوة: نحو دور تنموى للوقف، الكويت، 1993م.
43- عقد الإجارة مصدر من مصادر التمويل الإسلامية، عبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان، بحث رقم (19)، المعهد الإسلامى للبحوث والتدريب، البنك الإسلامى للتنمية، جدة، السعودية.
44- أدوات التمويل الإسلامية وتطبيقاتها المعاصرة، أحمد محمد الإسلامبولى، ورقة مقدمة لمؤتمر: آفاق التعاون الاقتصادى العربى لزيادة المدخرات والاستثمار، مصر، 2000م.
45- تجربة الكهرباء فى المشروعات المنفذة بنظام BOT، معتز كامل مرسى، بحث مقدم بالدورة التدريبية حول إنشاء المشروعات بنظام BOT، خلال الفترة 20-24 يناير 2004م، تنظيم البنك الإسلامى للتنمية، جدة، السعودية.
46- نظام BOT (البناء والتشغيل والإعادة) فى مجال إنشاء المطارات مع عرض لتجربة مصر فى هذا المجال، مجدى موريس نخلة، الدورة التدريبية بالقاهرة، 2004م.
47- دور التأمين والضمان فى دعم مشاريع البناء والتشغيل ونقل الملكية BOT، ورقة المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار وائتمان الصادرات، دورة الخرطوم، السودان، 123-  رجب- غرة شعبان 1423هـ، برعاية البنك الإسلامى للتنمية، جدة، السعودية.
48- الخدمات الاستشارية: أهميتها ودورها فى مشروعات البنية الأساسية الممولة عن طريق القطاع الخاص، بحث مقدم ضمن دورة الخرطوم، السودان، 2002م.
49- نظام البوت وتطبيقاته، سيد رجب السيد، ورقة عمل مقدمة فى الدورة التدريبية حول إنشاء المشروعات بنظام BOT، دورة القاهرة، 2004م، برعاية البنك الإسلامى للتنمية، جدة، السعودية.
50- الخدماتس الاستشارية: أهميتها ودورها فى مشروعات البنية الأساسية الممولة عن طريق القطاع الخاص، ورقة عمل مقدمة للدورة التدريبية حول إنشاء مشروعات BOT ، دورة الخرطوم، 2002م.
51- عباس (نبيل محمد علي): مخاطر مشروعات الـBOT وسبل معالجتها، بحث مقدم للدورة التدريبية المقامة بالخرطوم، السودان، 2002م، حول نظام الإنشاء والتشغيل ونقل الملكية BOT
المراجع الأجنبية
1-             Tariqullah Khan, Financing Build, Operate and Transfer, (BOT) Projects: The case of Islamic instruments. Islamic Economic studies published by Islamic Research and Training institute (IRTI) of Islamic Development Bank (IDB), Jaddah, Rajab 1423h (September 2002). Vol.10, No.1, pp.26-27.



[1]      الغزاوي (علي), الخطيب (سهير), النعيمات (عبد السلام): البناء والتشغيل ونقل الملكية, الجمعية العلمية الملكية- مركز تكنولوجيا الحاسوب والتدريب والدراسات الصناعية, الأردن , 1996, صـ20، 21 .
[2]      ملاحظة: سيتم ذكر التعريف من خلال ما هو متوفر في المراجع لأجنبية ذات العلاقة ثم محاولة ترجمة وإعطائه المفهوم اللغوي العربي.
(1) UNIDO: BOT, Guide Lines for Infrastructure Development through, Build – Operate – Transfer (BOT) Projects 1996, page 3.
(1)    النجار (فريد): إدارة الأعمال الدولية والعالمية استيراتيجيات الشركات عابرة القارات الدولية ومتعددة الجنسية والعالمية, الدار الجامعية بالإسكندرية, مصر, 2006, صـ12.
(1)    عبد الله عبد (محمد عبد العزيز): الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول الإسلامية في ضوء الاقتصاد الإسلامي, دار النفائس, الأردن, 2005 م, ص18.
(2)    برتان (جيل): ترجمة علي مقلد, الاستثمار الدولي, منشورات غويدات , بيروت, الطبعة الثانية, 1982 م, صـ11.

(1)    السامرائي ( دريد محمود ): الاستثمار الأجنبي المعوقات, والضمانات القانونية, مركز دراسات الوحدة العربية, 2006 م, ص251-253.
(2)    عبد اللطيف: التطورات المعاصرة للمرافق العامة الاقتصادية, ص121-124
(1)    سري الدين: الفلسفة التمويلية والتعاقدية لمشروعات البنية الأساسية الممولة عن طريق القطاع الخاص، مرجع سابق, صـ17
(1)    عبد الله عبد: الإستثمار الأجنبي المباشر, مرجع سابق, صـ104
(2)    هندي ( منير إبراهيم): أساليب وطرق خصخصة المشروعات العامة, خلاصة الخبرات العالمية, المنظمة العربية للتنمية الإدارية, إدارة البحوث والدراسات, 1995 م, صـ30.
(1)    عبد الله عبد: الإستثمار الأجنبي المباشر, مرجع سابق, صـ105.
(2)    المرجع نفسه, صـ106
(1)    المرطان (سعيد بن سعد): تجربة البنك الأهلى التجارى فى تعبئة المدخرات لتمويل مشاريع البنية الأساسية التحتية بصيغ إسلامية، ورقة مقدمة إلى ندوة التعاون بين الحكومة والقطاع الأهلى فى تمويل المشروعات الاقتصادية، (1420هـ-1999م)، صـ15 .
(1)    الجزيري (خيري علي): التمويل الدولي, مطبعة جامجة القاهرة, والكتاب الجامعي, التعليم المفتوح,بدون ناشر, بدون تاريخ, صـ12-15
(2)    المعولي (أحمد علي إبن أحمد): التخصيص, قصة نجاح عمانية, بحث مقدم ضمن دورة تدريبية حول نظام BOT  برعاية البنك الإسلامي للتنمية, السودان, 2002 م, صــ10.
(2)    تطبيق مؤشرات التنمية المستدامة فى بلدان الاسكوا، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربى آسيا (الاسكوا)، الأمم المتحدة، نيويورك، 2001م- ص4 .
(3)    هايني (ستيفن شيمد): ترجمة علي حسين حجاج, مراجهة مهندس محمد موفق الصقار, تغيير المسار, منظور عالمي للأعمال التجارية والصناعية حول التنمية والبيئة, دار البشير للنشر والتوزيع, 1996 م, صـ31-33.
(1)    هندى (منير إبراهيم): أساليب وطرق خصخصة المشروعات العامة (خلاصة الخبرات العالمية)، المنظمة العربية للتنمية الإدارية، إدارة البحوث والدراسات، 1995م، ص4-5 .
(1)    (الريح) عبد الرحيم، مقال تحت عنوان استراتيجية الخصخصة فى العالم، مجلة أبو ظبى الاقتصادى، مجلة تصدر عن غرفة تجارة وصناعة أبو ظبى/ الإمارات العربية المتحدة، العدد (320) شهر نوفمبر 1998م.
(2)    الدسوقى (إيهاب)، التخصيصية والإصلاح الاقتصادى فى الدول النامية مع دراسة التجربة المصرية، دار النهضة العربية، القاهرة، 1995م، ص10 .

(1)    هندى (منير إبراهيم)، خصخصة المشروعات العامة، مرجع سابق، ص20 .
(1)    الإسلامبولى (أحمد محمد)، الجوانب الشرعية والاقتصادية للأوراق المالية المتداولة فى أسواق المال، رسالة ماجستير غير منشورة، معهد الدراسات الإسلامية، القاهرة، 1419هـ-1999م، صـ184
(2)    مثال ذلك قيام المملكة العربية السعودية بتجديد فترة الامتياز الممنوحة لمؤسسة دله البركة مقابل إنشاء موقف للسيارات فى مدينة الرياض والاستفادة من تشغيله لمدة سبع سنوات، ونظراً لإحجام السائقين من استخدام هذا الموقف (بسبب التساهل الحكومي في توقيع الغرامات المرورية على المخالفين) لم تتمكن المؤسسة المنفذة من تحصيل ما أنفقته فضلاً عن هامش الربح وقد استجابت الدولة أمام هذه الظروف وقامت بتمديد فترة الامتياز لمدة عامين حتى تتمكن الشركة من تعويض خسائرها وتحقيق قدر مناسب من الأرباح, يٌمكن الرجوع إلى:
- عباس (نبيل محمد علي): تجربة المملكة العربية السعودية في مشاريع BOT, دورة تدريبية حول نظام الإنشاء والتشغيل ونقل الملكية BOT, الخرطوم, السودان, 2002م, صـ14-18.
- جاد الله (بشرى عبد الله): الهيئة القومية للكهرباء, دارسة تجربة السودان في تنفيذ مشروعات الكهرباء بمشاركة القطاع الخاص, بحث مقدم لدورة الخرطوم, السودان, 2002م, صـ19-28                 
(1)    سليم (محمد السيد): تأميم شركة قناة السويس، دراسة عملية فى اتخاذ القرار، دار الفجر للنشر والتوزيع، مصر، 2002م، ص19.

(1        إبن ابي شيبة ( للإمام الحافظ أبي بكر عبد الله بن محمد بن إبراهيم): المصنف مكتبة الرشد، الرياض، المملكة العربية السعودية،  الطبعة الأولى 1425هـ (2004م)، الجزء السابع، باب (501) في الرجل يستأجر الدار وغيرها، كتاب : البيوع والأقضية، رواية رقم 23451 ص 747. 
(1)    القرطبي (أبو الوليد بن رشد): كتاب البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل في المسائل المستخرجة ، دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، طبعة 1404هـ (1984م)، الجزء الثامن، ص 461.

[7]      رسم البَز هو أثر المعالجة والإصلاح, المعجم الوسيط, دار الفكر العربي, القاهرة, الطبعة الثانية, المجلد الأول, صـ54.
(1)    القرافي (شهاب الدين أحمد بن إدريس): الذخيرة، دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، الجزء السادس، ص  143.
(1)    ابن عابدين (محمد أمين): حاشية رد المحتار على الدر المختار، شرح تنوير الأبصار، المطبعة الكبرى الأميرية، مصر، 1326هـ، المجلد الثالث، صـ391 .
(1)    ابن عابدين : رد المحتار على الدر المختار، مرجع سابق ، الجزء الخامس، صـ27 .
(2)    يكن (زهدي): الوقف في الشريعة والقانون، دار النهضة العربية، بيروت، لبنان، 1388هـ، صـ122.

(1)    حماد (نزيه): أساليب استثمار الأوقاف وأسس إدارتها، بحث مقدم لندوة (نحو دور تنموي للوقف)، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، الكويت، 1993م، صـ175 .
(2)    ابن عابدين: رد المحتار على الدر المختار، مرجع سابق ، المجلد الرابع، مرجع سابق، صـ404.
(1)    المرجع نفسه، الجزء الخامس، صـ21 وما يليها.
(4)    المولى (مصطفى فضل): التمويل التنموي الإسلامي لرأس المال الثابت في الصناعة، بحث مقدم لندوة صيغ تمويل التنمية فى الإسلام، بالخرطوم، ندوة رقم (29)، المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، البنك الإسلامي للتنمية، جدة، المملكة العربية السعودية، 1413هـ، صـ59.
(1)    المجلة العلمية لكلية التجارة (بنات)، جامعة الأزهر، العدد الأول، سنة 2004م، صـ192-194.
(2)    حماد (نزيه): أساليب استثمار الأوقاف وأسس إدارتها، أبحاث ندوة «نحو دور تنموى للوقف»، مرجع سابق، صـ185.
(1) الزرقا (أنس): الوسائل الحديثة للتمويل والاستثمار، المطبعة الكبرى الأميرية, مصر, صـ197.
(2) المرجع نفسه، صـ199.

 (1) الإسلامبولي( أحمد محمد خليل): ورقة عمل حول أسلوب المشاركة المتناقصة في تمويل العمليات الوقفية كما يجريه البنك الإسلامي للتنمية، مقدمة إلى مؤتمر الأوقاف الأول في المملكة العربية السعودية المنعقد في رحاب جامعة أم القرى بالتعاون مع وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، مكة المكرمة، شعبان 1422هـ، منشورة ضمن وقائع المؤتمر، ص 6-8. وكذا في ندوة حوار لنفس الباحث تحت عنوان: "هل نظام BOT نموذج معدل من صور الحكر التي استحدثها المسلمون" مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي، التابع لجامعة الملك عبد العزيز بجدة في 6/9/1422هـ (21/11/2001م)
(2)  دورة أوكلاند بنيوزيلاندا مايو 1995م، من تأليف: كيون واولي، وريتشارد سايمون، ترجمة: محمود أحمد مهدي، المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب، جدة، المملكة العربية السعودية، ص6.
1))    لم نتحدث هنا عن حق التوريث على اعتبار أن الطرف الآخر في الحكر شخص طبيعي يموت، أما التطبيق المعاصر للـ BOT ، فإن الطرف الآخر ( الشركة المنفذة) في الحياة المعاصرة يكون شخصية اعتباريةأو قانونية، وهي لا تموت حتى تورث، ولكنها تنتهي بالتصفيةأو بانتهاء مدتها.
([14])   العثمانى(محمد تقى الدين): عقود البناء والتشغيل ونقل الملكية من الناحية الشرعية، ، المعهد الإسلامى للبحوث والتدريب، البنك الإسلامى للتنمية، المملكة العربية السعودية، جدة.
([15])     البهوتى(منصور بن يونس): شرح منتهى الإرادات،  ، المكتبة السلفية، المدينة المنورة، الجزء الثانى، صـ350.
([16])   عثمان :عقود البناء والتشغيل ونقل الملكية من الناحية الشرعية، المعهد الإسلامى للبحوث والتدريب، البنك الإسلامى للتنمية، جدة، صـ4.
([17])   شابرا (محمد عمر): نحو نظام نقدى عادي، المعهد العالمى للفكر الإسلامى، دار البشير، الطبعة الثانية، 1990م، صـ93.
([18])   هناك ثلاث أنواع من المشاركة:
-      مشاركة دائمة (ثابتة): وتظل قائمة إلى أبد الأبدين حتى يطرأ عليها ظروف خارجة عن إرادة الطرفين ورغبتهما فى تصفيتها.
-              مشاركة متناقصة: وفيها تزداد حصة طرف فى الشركة على حساب نقص حصة الطرف الآخر.
-              مشاركة موقوتة: تنتهى مرة واحدة فى نهاية المدة.
([19])   نظراً لأن مبدأ التمويل بالقروض بفائدة،أو السندات محسوم بعدم جوازه بالإجماع لم يتم التطرق لهذه الجزئية لعدم الإطالة ويمكن الرجوع إلى: شابرا: نحو نظام نقدى عادى، مرجع سابق، صـ311-324.

تعليقات