القائمة الرئيسية

الصفحات



التعــدي عـلى الأمـلاك العـقاريـة

التعــدي عـلى الأمـلاك العـقاريـة

التعــدي عـلى الأمـلاك العـقاريـة




المـــــــقدمة
يعتبر حق التـملك و الملكية من الحقـوق الأكـثر حماية و حصانـة سواء في المواثيـق الدولـية أو القوانين الداخلية، حيث نصت المادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أنه " لا يجوز تجريد أحد من حقه في التملك "، كما نصت الدساتير الجزائرية المتعاقبة منذ الاستقلال علي حصـانة حق الملكـية العامة و الخـاصة  و حمايتـه من التعدي أيا كان نوعه ، و كان أخرها دستور 23 نوفمبر 1996 و الذي نص في مادته 52  أن "الملكيـة الخاصــة مضــمونة "
و يـعد حق الملكية أوسـع الحقوق العينـية نطـاقا، فمن له حق الملكـية علي الشيء كـان لـه حق استعماله، حق استغلاله، و حق التصرف فيه، يستجمع بذلك كل السلطات الـتي يعطيـها الـقانون للشخص علي الشيء ، ولهذا تعرف الملكية فقها بأنها حق الاستئثار باستعمال الشيء و باستغلاله و بالتصرف فيه علي وجه دائم و كل ذلك في حدود القانون  هذا التعريف هو نفسه الذي أتي به المشرع الجزائري في المادة 674  من القانون المدني بنصه أن " الملكــية هي حـق التمــتع و التصرف في الشـيء  بشرط أن لا يستعمل استعمال تحرمه القوانين و الأنظمة "
أما العقار فتعرفه المـادة 683 من نفس القانون علي أنه " كل شيء مســتقر بحيزه و ثابـت فيه و لا يمكن نقله من مكانه دون تلف فهو عقار و كل ما عـدا ذلك فهو منقول " و ينـصرف هذا التعريف الي الأراضي و المباني و الأشجار و الطرق ... كما ينصرف الي المنقولات بطبيعتها و التي رصدت لخدمة العقار، إن العقار كان و لا يزال مصدر الصراعات البشرية فهو أساس الاستقرار و التعامل بين الإنسانية ومصدر رزق لبعض الأفراد  
وتعتبر الملكية العقارية من أهم الثـروات التي يرتكز عليـها التطـور الاقتصادي في البلاد و هذا نظرا للارتباط الوثيق بين نظام الملكية بصفة عامـة و التوجهات السيـاسية و الاقتصادية  للبـلاد و  تماشيا مع تغيير النهج الاقتصادي من الاقتصاد الموجـه إلي الاقتصاد الحـر أو ما يسمي باقتصاد السوق، فقد كرس دستور 1989 و بعده دستور 1996 الملكية الفردية الخاصة و الملكية العامة ،و سن قواعد لحمايتهما  و هذا بـعد  تنازل الدولة عن احتكار النشاط الاقتصادي و اهتمـامها بترقيـة المبادرة الخاصة و ضمـان الملكـية الفردية، صنفت أنواع الملكية العقارية إلي /


ـ ملكية وطنية وردت في أحكام المادتين 17 و 18
ـ ملكية خاصة وردت في المادة 52
ـ ملكية وقفية 
تعـرف الأمـلاك الوطنية بأنها مجموع الأملاك و الحقوق المنقولة و العقارية الـتي تحـوزها الدولة و جماعاتها المحلية في شكل ملكية عمومية أو ملكية خاصـة.
أما الأملاك الخاصة فهي مجموعة الأموال و الحقوق عقارية كانـت أو منـقولة أمـلاك الفرد و تكون الملكية إما تامة أو ناقصـة، التامـة هي التي تستجمع جميع السلطات الاستعمال ، الاستغـلال و التصـرف، أما الناقصة فهي ملكية حق الاستعمال أو الاستغلال أو كليهما، وقد تكون ملكية مشتركة أو ملكية مشاعة وفي هاتين الحالتين يكون المالك مرتبطا  في التصرف أو الانتفاع بملكه مع الآخرين .
و نظرا لأهمية حق الملكية بصفة عامة و الملكية العقارية بصفة خاصة كان لابد من حمايته من كل ما يمس به و ضمان ممارسته في إطار القانون ، لأنه لا يجوز حرمان أي أحد من ملكيته إلا في الشروط و الأحوال المقررة قانونا و التي أخضعها الدستور و القانون إلي إجراءات دقيقة و صارمة ينبغي احترامها و تطبيقها نصا و روحا،  و إبراز الوسـائل القانونية الكفيلة بحـمايته و كيفية استعمـاله بشكل يضمن الفـعالية و الاستـقرار .
و سيكون موضوع هذه المذكرة حول التعدي علي الأملاك العقارية سنتناوله من جانبيه التعدي الحاصل من الدولة بإداراتها المختلفة علي الملكية العقارية الأفراد، و التعدي الواقع علي ملكية العقارية التابعة للدولة من طرف الأفراد
 في الواقع أن فعل التعدي علي الأملاك العقارية  يعتبر فعل مجرم ومعاقب عليه في قانون العقوبات بنص المادة 386 منه، و لهذا فان أغلب الدراسات و البحوث التي أجريت قد ركزت علي هذا الفعل علي أساس أنه الجنحة دون البحث في أسبابه و مظاهره و أساليب التعدي المختلفة و كذا آليات الحماية الأخرى غير الجزائية المقررة قانـونا ، لاسيما وأن الحماية الخاصة و المتميزة لحق الملكية العقارية تكتسي أهمية بالغة مرد ذلك راجع إلي محل الملكية في حد ذاته وهو العقار والدور الكبير الذي يلعبه في تحقيق النمو و الازدهار الاقتصادي و الاجتماعي ولذي فقد حظي بعناية أكثر و أكبر.  
 لهذا  فسنحاول تخصيص هذه الدراسة أكثر للجانب الإداري و العقاري متبعة في  المنهج التحليلي، و هذا انطلاقا من بعض النصوص القانونية المنظـمة لهذا الموضـوع و القوانين التطبيقية لها و التي شرعت لحماية حـق الملكـية العـقارية .



 و التعدي يكـون بإتيان أي فعـل من الأفعال و الذي من شأنه أن يحـد من التمتع بهذا الحـق و استعماله علي أحسن وجه، و هذا بالانتقاص أو المنع من احدي أو كل السلطات المخولة لصاحب حق الملكية و الذي يعد خروجا علي ما هو مقرر في القانون ، إن التعدي علي الملكية العقارية لا يعني دائما القيام بأشغال البناء كما هو شائع و إنما قد يكون ترميم بناء،  إضافة بـناءات جديدة و لواحق ، تهيئة الأرض من أجل البـناء ......إلخ 
و إنطاقا مما سبق  ستكون هذه الدراسة علي النحو التالي /
الفصل الأول موضوعه هو التعدي الحاصل من الدولة بإداراتها المختلفة علي الملكية العقارية للفرد، لأن الإدارة و قصد تحقيق مهامها و إشباع حاجات المنفعة العمومية باكتساب الأملاك العقارية لها طرق العادية للتملك كالتعاقد مع الأفراد كعقد البيع  طبقا لقواعد القانون المدني أو التجاري ،  و قد يحـدث و أن تلجأ إلي طرق جبرية للحصول علي هذه الأموال مع أنها غير مؤهلة لنزع هذه الملكية بمفهومه الواسع خارج نطاق المنفعة العامة و إلا تكـون قد ارتكبت خطا جسيم.
و هنا مفهوم التعـدي قد يلتبس ببعض المفاهيم الشبيهة كالمـساس بحق الملكية من طرف الإدارة ، و الذي هـو أعم من الاعتداء لأن المـساس قـد يكون بنـحو مشروع  فيـأخذ صـورة التأميم ، الوضـع تحت حماية الدولة ، الاستيلاء ، نزع الملكية للمنفعة العمومية و قد يكون علي نحو غير مشروع و هذا إذا استعـملت هذه الوسائل الجبرية دون احترام الإجراءات القانونية  ، فنكون أمام حالة من حالات التعـدي على الأمـلاك العقارية للـفرد.
غير أنه فيما يخص دراستنا هذه نكتفي بالتعرض إلي حالة اللامشروعية في  الاستيلاء و الشغل المؤقت أو النهائي و نزع الملكية للمنفعة العمـومية ، وسنتطرق إلي أنواع الدعاوى الناشئة عن التعدي علي الأملاك العقارية و التي يرفعها المتضرر هنا تظهر مهـمة القاضي التي قد تصبح جد معـقدة بحيث يطـلب منـه مراعاة حقـوق الأفراد إذا لم تحتـرم الـشروط و الإجـراءات القانـونية المحددة لنــزع الملكية  بصـفة عامـة سواء مؤقـتا أو نهائيا ، وبيـن احترام  صلاحيات السلطة الإدارية باعتبارها جهاز تنفــيذي مستقل عن السلـطة القضـائية .
من جهة أخري نفس الخطر قد تتعرض له أملاك الدولة من طرف الأفراد و هذا موضوع الفصل الثاني في التـعدي الذي يكون في صور عديدة نتـيجة لقـيامهم بشـغل هذه الأموال دون ترخيص من الإدارة ، أو في صورة الغصب لجزء من المال العام أو حتى بارتكابهم لأعمال تعد من قـبيل الجرائم المعاقب عليها في قانون العقوبات، و كذلك المساس بالمناطق المحمية  مستغليين في ذلك ظروف و أسباب عديدة سهلت هذا الاعتداء لاسيما الظروف الأمنية.


سنخصص مبحث للحديث عن كيفية تعامل التشريع الجزائري مع هذه الظـاهرة من خلال ترسانة من النصوص تشريعية الخاصة بالملكية العقارية  أصدرت منذ الاستقلال  الي يومنا هذا، سعي المشرع من خلالها الي توفير حماية خاصة لهذا الحق، كما سنتعرض كذلك  لقواعد الحمـاية لهـذه الأملاك سواء الإدارية أو الجـزائية . 
وكـل هذا يكـون بالإجـابة علـى عــدة إشكالات أهمها /
* كيف تـتعدي الإدارة علي الملـكية العقارية الخـاصة ؟ و كيف تتجـلي صور هـذا التعـدي؟
* ما هي الضمانات التـي كرسهــا القانون لحماية الملكــية العــقارية للأفــراد ؟         
*ما دور القاضي الإداري في مراقبة مدي احترام الإدارة الإجراءات القانـونية لنزع الملكية أو الاستيلاء أو الشـغـل  ؟
* ما هي ضــمانات المنزوع ملكيتــه العقارية أو المســتولي عليها أو المشــغول أراضيـهم ؟
و من جهة أخرى
* ما هي الظروف والأسباب المخـتلفة التي سهلت تفشي ظاهرة تعـدي الأفراد علي الأملاك العقارية التابعة للـدولـة ؟
* كيف تعامل التشريع الجزائري مع هذه الظـاهرة منذ الاستقلال ؟ أو بصيغة أخري ماذا كرس التشريع الجزائري من ضمانات لحماية الأملاك العقارية الوطنية ؟
* و ما هي الآليات الإدارية و الجزائية الكفيلة بحــماية الملــكية العقارية الوطنــية ؟



الخـــطــة
الفصـل الأول / تعدي الإدارة على الملكية العقارية الخاصة
 المبحث الأول /مظاهر التعدي على الملكية العقارية الخاصة 
المطلب الأول: العمل الإداري الغير مشروع 
المطلب الثاني: العمل المادي الغير مشروع 
المطلب الثالث: القرارات الإدارية المعدومة 
المبحث الثاني / بعض أوجه التعدي علي الملكية العقارية الخاصة 
المطلب الأول: نزع الملكية للمنفعة العامة الغير مشروع 
المطلب الثاني: الإستيلاء و الشغل الغير مشروعين 
المبحث الثالث / أنواع الدعاوي الناشئة عن التـعدي 
المطلب الأول : دعوي استرجاع الملكية 
المطلب الثاني: دعوي الإلغاء
المطلب الثالث:  دعوى التعويض 
الفصـل الثاني / تعدي الأفراد علي الملكية العقارية الوطنية 
المبحث الأول / أسباب تفشي ظاهرة تعدي الأفراد على الملكية العقارية الوطنية 
المطلب الأول: الأسباب الأمنية 
المطلب الثاني: الأسباب الاجتماعية 
المطلب الثالث: الأسباب الإدارية 
المبحث الثاني / تعامل التشريع الجزائري مع هذه الظاهرة منذ الاستــقلال
المطلب الأول: النصوص القانونية المنظمة لاكتساب الملكية العقارية الوطنية منذ الاستقلال 
المطلب الثاني: المبادئ القانونية التي تحمي حق الملكية العقارية الوطنية 
المبحث الثالث / آليات حماية الأملاك العقارية الوطنية من تعدي الأفراد
المطلب الأول: آليات الحماية الإداريـة
المطلب الثاني: آليات الحماية الجزائيـة                 
الخاتــمة 


 الفصـل الأول تعـدي الإدارة علـى الملكـية العقـارية الخـاصة

             يترتـب علي تكريس مـبدأ عدم المسـاس بالملكية الخاصة،  نشـوء التزام قانوني يوجب علي الكافة عــدم التعدي علي ملكية الغير، و لكن قد تحتاج الإدارة الـعامة مركزية كانت أو لا مركزية إلي وسـائل مـادية أو أمـوال تكـفل لـها مباشـرة نشاطها الهـادف إلي تحقيق المنفعة العامة ، لهذا فهـي تحصل علـي هذه الأموال بطـرق عديدة و هي الوسائل الإدارية الرضائية المتمثلة في العقد الإداري أو التبادل ، وهي متماثلة مـع أساليب القانون الخاص بالاتفاق  و من أمثلتـها عقود البــيع المدنية و التجارية، و منـها أسالـيب لها طابع استـثنائي منصوص عليها بموجب قوانين خاصة و طبقا لإجـراءات معـينة  
            هذه الأساليب من شأنها حرمان الشخص من ملـكه العقاري جـبرا عنه لتخصيـصه للمنفعة و المصـلحة  العامة ، ولكـن يحـدث و أن لا تحترم الإدارة هذه الإجراءات متعـدية بذلك علي حق الملـكية  العقارية للفرد و هذا عـن طريق أعمال مادية أو  إدارية غير مشروعة تصل إلي حد الانعدام القانـوني هـذا ما سنـتناوله في المبحث الأول ، أما المبحث الثاني فسنخصصه لبعض أوجه تعـدي الدولة عـلي الأملاك العقارية  للأفراد من خلاله تتجلي بعض الصور التعدي علي الأملاك العقارية الخـاصة نتيـجة لإسـاءة تطبـيق بعض القوانين الماسة بحـق الملكية منـها نزع الملكية للمنفعة العامة ،الاستيـلاء و شغـل الأراضي ، أما المبحث الثالث فسنخصصه لبعض الدعاوى المقررة قانونا لحماية حق الملكية العـقـارية مـن التـعدي. 



المبـحث الأولمظاهر تـعدي الإدارة علي الملكية العقارية الخاصة


 تتجلي الانتهاكات الإدارة الموجهة للملكيـة العقارية الخاصة مـن خـلال عـدة مظاهر، قـد تكـون بعمل إداري يتـنافي مع مبادئ المشروعية و قد يكون مـاديا ، و الأول  يباشر عن  طريـق قـرارات  تصدرها الإدارة في حق الأفراد و هو ما يسمي بالتعدي الإداري ، أما  الثاني فعـن طريق أعمال مادية من تابعي الإدارة  و هو التعدي المادي، و كل هاته الحالات تعتـبر غـير مشروعة لمـا شـابها  مـن عيوب تصل الي حـد الانعدام .

المطلب الأول / العـمل الإداري الغـير مشروع

            مبدأ  المشروعية هو المبدأ الذي يحكم جميع الأعمـال القانونية للإدارة و الـــذي يشـكل ضـمان  حقـيقي لاحترام الحقوق و الحريات الأساسية للمخاطبين بهذه القرارات،  و هذا لـمنع تعسفها في ممارستها لأعمال السلطة العامة، و عليه فإن أي قرار إداري يخرج عن هذا المبدأ يشـكل حالـة من حالات التعـدي. 
إن البحث في مشروعية القرار الإداري يدفعنا للبحث عن العيوب التي تشوب هذا القرار لكي يصبح  غير مشروع، فهذه اللامشروعية قد يكون مصدرها صـدور القرار من جهة غير مختصة و قـد يكون القرار صادر من المختص بذلك لكن الأشكال و الإجراءات الصحيـحة لإصداره لم تحـترم، أو أنها أصـدرته مخالفة للقانون كأن يصدر مجاملة لبعض الأفـراد أو علي سبيل الانـتقام أو التأديب، أو صدر بناء لنص قانوني أسيء فهمه أو أن السلطة مصدرته انحرفت عن صلاحياتها أو أسـاءت استعـمالها.
و دون التطرق للجدل الفقهي حول هذه العيوب ما يهـمنا هو أهم حالات اللامشروعية  التي قد تصـيب القرار الإداري و هي كما يلي / 
* عدم الاختصاص/ و أكثر العيوب شيوعا التي يمكن أن تعيب القرار الإداري، و نظـرا لتعلقه بالنـظام العام فلا يمكن للإدارة أن تصححه بإجراء لاحق ، و عرفه الفقه بأنه عـدم القدرة علي ممارسـة عـمل قانوني لأنه  من صلاحـية هـيئة أخري و يمكن أن يأخذ عـدة أوجـه أخطرها اغتصـاب السـلطة  

لأن الأصل هو توزيع الاختصاصات في الإدارة علي أساس الصـلاحيات و الزمان و المكان، فإذا خالف رجل الإدارة مصدر القرار قواعد الاختصاص كان قراره الإداري معيـبا بعيـب عـم الاختصاص، فإذا
أصدرت جهة إدارية قرار إداري يتعلق بالملكية العقارية الخاصة بالأفراد دون أن تكون مختصة تكون قد اعتدت عليها،  فقد اقر المجلس الاعلي هذا في قراره الصادر في 20 جانفي 1967  حينما اتخـذ الوزير تدبيرا بالوضع تحت حماية الدولة بينما تعود هذه السلطة للوالي
و لكن وجدت بعض الظروف الاستثنائية تبرر عدم احترام هذه القاعدة  فيكون قرار إداري مشروع، هذا ما أقره المجلس الأعلي في قراره " ... إن تدبير الإستيلاء اتخذ من طرف جيـش التحرير الوطـني في جويلية 1962 بينما تعود هذه السلطة اعتياديا لعامل العمالة ، و بمـا أن جيش التحرير الوطني كان آنذاك السلطة الوحيدة الموجودة للتقرير فإن هذا التدبير يعتبر صحيحا " 
* وقد يعاب علي القرار عدم  احترامه الأشكال و الإجراءات لأنه و لإصدار قرار إداري يجـب مراعاة بعض الأشكال و الإجراءات و التي قـد تكون كثـيرة و ثقيـلة، و لكنها  تشكل ضمانات  للمـخاطـب بالقرار الإداري ويجب احترامها ، ففي قـراره الصـادر بتاريخ 27/12/1967  اعتـبر المـجلـس أن تخصيصات المساكن الصادرة من الوالي حدثت في شـروط غير نظامية خطيرة  تشكل معـها تعديـات و ترتب مسؤولية الدولة لأن هذه المساكن جري تخصيصها لمستأجرين باعتبارها أملاك شاغرة في الوقت الذي لم يصدر بشأنها أي قرار مسبق يعلن حالـة الشـغور. 
و عليه فقد  حدد المشرع الإجراءات الواجب إتباعها و احترامها من طـرف الإدارة أثناء مباشرتها لكل العمليات الماسة بالملكية العقارية للأفراد كنزع الملكية للمنفعة العمومية لأن حـق الملـكية بصفة عامة خصصت له القوانين حماية خاصة 
و في قراره الصادر في 8/ 10/ 2001 قضي مجلس الدولة في قضية بين مزيمي فطومة ضد بلدية أولاد موسي بإبطال إجـراءات نزع الملكية بسبب عدم إجراء التحقيق المسـبق مـع الأمـر بإرجاع الأرض المنزوعة لصاحبها ، لأنه لا يوجد لا تحقيق  و لا تبلـيغ، و أن عدم احترام هذه القواعد يعد مشوبا بعيب مخالفة القانون فيبقي إذن التصريح بأن نزع الملكية وقع خرقا للـقانون و بالتالي يعتبر كأن لم يكن و كذا الإجراءات التابعـة لــه. 




و كذلك القرار الصادر بـتاريخ 15 يوليو 1989 عن  المجلس الأعلـي القاضي بإبطـال مقرر والـي البويرة الصادر بتاريخ 11 يونيو 1985 لعدم احترامه لإجراء مسبق عـند قيامه بضـم قطـع أرضـية الي الاحتـياطات العقارية و المتمثل في إجراء تحديد الاحتياجات العائلية.
* مخالفة القانون  / قد يكون سبب لا مشروعية القرار الإداري راجع إلي مخالفته للقانون،  وهو  عندما يخالف القرار القواعد الدستورية أو التشريعية و التنظيمية، و يتمثل موضوع القرار في الآثـار القانونية التي ينشئها و هي مجموعة من الحقوق و الواجبات المتولدة عن هذا القرار  و صور مخالفة القانون هي/
عدم تطبيق القانون  يتمثل في المخالفة الصريحة لأحكام و مبادئ قانونية فقد تتـعمد الإدارة و تمتنع عن عمل يحـتمه القانون، و مثاله القرار الصـادر عن المـجلس الأعلى _الغرفة الإدارية_ في قضية السيدة ريفارشون ضد قرار والي ولاية الجزائر و الذي تتلخـص وقائعه في أن الوالي بتاريخ 08/ 02 /1972 أصدر قرارا أعلن فيه عن حالة شغور مسكن السيدة ريفارشون مستندا في ذلك علي المـادة  الأولي من المرسوم رقم 63 /88 المؤرخ في 18/ 03 /1963، و المتضمن تنظـيم الأملاك الشاغرة  ومما جاء في حيثيات القرار السالف الذكر " حيث أن الإعـلان بالشغور لا يقترن بحضـور أو غياب صاحب  الملكية من الجزائر ، بل تنفيذ أو عدم تنفـيذ المالك لالتزامه ، و حيث أن والي ولايـة الجزائر بإعلانه  لشغور ملكية المدعية التـي لم تترك الجزائر لمدة شهرين متتاليين و هذا منذ 01 /06 /1962 و لم تتخـل عن التزاماتها كمـالكة ، قـد  تخرق القانون بصـفة واضحة و تجـاوز سلطته  و قضـي بإلـغاء القـرار المخـاصم لمخـالفة الـقانون "
أو كأن تصدر الإدارة قرار مؤسسة إياه علي مادة قانونية أسيء فهمها  و تنتج هذه الوضعية عن الخطأ في تفسير القاعدة القانونية التي استندت إليها في إصدار قرارها، و هذا بإعطائها معنا مغايرا للمعني الذي قصده المشرع ، ففي قرار المجلس الأعلي الصادر بتاريخ 18 أفريل 1969  الـذي ألغي قـرار لعامل العمالة محددا فيه تعويض شغل سكن شاغر، لأن النسبة تتجاوز تلك  المحددة  في النصوص السابقة على الشغور  في حالة عدم وجود أي نص تشريعي أو لائحي مخالف ، فليس علي المعني أن يدفع للدولة التي حلت محل حقوق المالك الأول  إيجارا أعلي من ذلك الذي يدفعـه لهـذا الأخـير "
* كما قد يكون القرار غير مشروع لعـيب السبب و هو كما عرفه الفقه انعدام الوقائع المادية و القانونية أو وقوع خطأ في تقديرها و تكييفها خلال صدور قرار معين   و يتمثل في / 


* عدم صحة الوقائع المادية التي استندت عليها الإدارة في إصدارها للقرار المخاصم 
* عدم ملائمة القاعدة القانـونية للـوقائع المادية و هو التكييـف الـقانوني للوقائـع 
 فيكون الخطأ في تقدير الواقعة في حالة الخطأ في صحة الواقعة أو تكييفها القانوني، و هذا بالتأكد مما إذا كانت تلك الوقائع  الماديـة تبرر تطبيق النـص القانوني المستند إليه ، و المـجلس الأعـلي باستعـماله لهذه الرقابـة علي الملائمة القاعدة القانونية للوقائع و هي عملية التكييف القانوني توصل إلي إلغاء بعض القرارات، ففي قضية تومارون تم بقرار من والي الجزائر تأميم  أملاك المعني ، تطبيقا للمرسوم الصادر في أول أكتوبر 1963 الذي يجيز تأميم الإستغلالات الزراعية العائـدة للأجانب، إلا أن الأملاك هنا هي ملكية للاستعمال السكني ، فيوجد خطأ في التكييف القانوني الذي يصححه القاضي بإلغاء قـرار المحافظة 
 * الانحراف في استعـمال السـلطة و يقصد به هو استخدام الإدارة لسلطتها من أجل تحقيق غاية غير مشروعة، و أن هذه الهيئة التي ترتكب الإنحراف في السلطة تتخذ قرارا يدخل في اختصاصها ، مراعية الأشكال المحددة ، و لكنها تستعمل سلطتها لأسباب أخري مخالفة لما هو محدد في النصوص المستند إليها و ما يميز هذه الحالة عن الحالات الأخرى هو أنه و لاكتشاف الانحراف بالسلـطة فإنه من الضـروري البحث عن نية مصدر القرار، و التي تتطلب التمييز بين البواعـث و الدوافع له   فـقد يكـون الهـدف منه هو تحقيق غرض أجنبي عن المصلحة العامة كالأغراض الشخصية 
كما يمكن أن يكون الإنحراف  بالإجراءات و تتمثل هذه صورة في لجوء الإدارة من أجل تحـقيق أهدافها إلي استعمال إجراء قانوني بـدل الإجراء القانوني الملائم و المحدد قانونا من أجل بلـوغ نفس الأهداف  و أكثر الحالات تطبـيقا لهذه الصـورة هو لجوء الإدارة المختصة إلي استعمال إجراء الإستيلاء من أجل بناء مرافق عامة  بدل إتباع الإجراء القانوني السليم و هو نزع الملكية للمنفعة العامة، و هذا مـا كرسـه المجلـس الأعلي ـ الغرفة الإدارية ـ في قراره الـصادر في 02/07/1965 في قضية شـركة عيـن فخارين ضد الدولة 

المطلب الثاني  / العمل المادي الغير مشروع 


يري الفقيه الفرنسي  دلـو باديـر  أنه " يكون  اعتداء مادي عندما ترتـكب الإدارة بنشاط مـادي ذي طبيعة تنفيذية، عدم المشروعية واضح و جسيم من شأنه أن يتضمن اعتداء علي حـق الملكية أو مساسا بحرية من الحريات الأساسية "

و لهذا لا يجوز للأمر الإداري أن يعتدي علي حق الملكية و حق الحرية الشخصية، و لو حاز شكــله القانوني لأنه حرمان الشخص من حيازة ما يملكه من عقار، يعتبر الأمر الإداري في هذه الحالة قد فقـد الصفة الإدارية و أصبح عملا من أعمال التعدي المادي أو الغصب.
و يتجسد التعـدي المـادي في حالات عـدة أهمها /
ـ انعدام الأساس القانوني
ـ عدم احترام الإجراءات
ـ عدم إتمام الإجراءات
أ / ـ الاعتداء المادي لانعدام الأساس القانوني : يتحقق الاعتداء المادي عندما تقوم الإدارة بعـمل  لا يرتبط بتطبيق نص تشريعي أو تنظيمي من شأنه أن يمس بحق من الحقوق الأساسية و هو حق الملكية   و هنا تصرفات الإدارة تكون مشـوبة بخطأ جسيم
وبفعل التعدي المادي تفقد الإدارة الامتيازات التي تتمتع بها كسـلطة عامة و تعـامل معـاملة الأفـراد و هـذا لفداحة الخـطأ المنسـوب للإدارة، و في اجتهادات المحكمة العليا من خلال قـرارات عـدة حـددت مـوقفها مـن التعدي المادي للإدارة
فـجد القـرار الصـادر فـي قضـية رئيـس البلـدية و (د ب) و(ع ع) بـتاريـخ 23/ 11/ 1985 
جاء فيه " .... يتحقق عندما تقوم الإدارة بتنفيذ عمل بالقوة غير مرتبط بتنفيذ نص تشريعي أو تنظيمي من شأنه أن يمس بحرة أساسية أو بحق الملكية "
و يتحقق هذا الاعتداء المادي بـعد تنفيذ مشروع لقرار مشوب بمخالفة جسيمة تمس بحق الملكية ، لـذا نجد حالات الاعتداء المـادي لانعدام الأساس القانوني نادرة جدا علي القضاء لأن القاضي عندما يطرح عليه النزاع يصعب عليه التفرقة بـين الخطأ البسيط و الخطأ الجسيم مما يدفعه إلي إلغاء العمل الإداري علي أسـاس دعوى تجاوز السـلطة و ليس علي أساس الاعتداء المادي.
ب /ـ الاعتداء المادي لانعدام الإجراءات : تتحقق هذه الحالة عندما تقوم الإدارة بتنفيذ عمل إداري حتى و إن كان مشروع ، خارج حالات التنفيذ الجبري المسموح به للإدارة، كتهـديم مباشر من طرف الإدارة لعمارة مهددة بالانهيار دون قـرار إداري مسبق يحدد ضرورة تهديمـها لأن فيه مسـاس بحق الملكية العقارية ، و هي تشكل أكثر حالات الاعتداء المادي، فعندما يتعـلق الخطـأ الجسـيم بالحريات الفردية  و حق الملكية فإن القضاء الإداري يعلن حالة الاعتداء المادي.

ج /ـ الاعتداء المادي لعدم إتمام الإجراءات : تتبع الإدارة الإجراءات القانونية التـي أوجبـها النـص التشريعي و لكن دون صرف التعويض المستحق عن هذا العـمل مخـالفة بذلـك الدسـتور و أحـكام القانون ، فالمحكمة العليا استقرت علي اعتبار أن مخالفة عـدم ايداع مبلـغ التعـويض عن نزع الملكية للمنفعة العامة لدي الخزينة العمومية تشكل اعتداء مادي يرتب مسؤولية الإدارة ، و قد حاولت الحـد من تصرفات الإدارة إذا كانت تتعسف في نقل الملكية بدون تقديم التعويض القانوني ، أو ايداع مبلغ التعويض لدي الخزينة العامة.
ما يمكن أن نخلص إليه أنه في أي من هذه الحالات الثلاثة تفقد أعمال الإدارة مشروعيتها، حتى و لو كان في صورة قرار إداري، و يصبح مجرد عمل مادي غير مشروع.
* و لتقوم حالة التعدي المادي لابد من قيام عدة عناصر أهمها مايلي/ 
أن تكون عدم مشروعية العمل جسيمة و ظاهرة ، بحيث يفقد هذا العمل الصـفة الإداريـة يخـرج عـن حدود المشروعية و يجعله  منعدم الصلة بوظائف السلطة العامة، و يتحـقق هذا الشرط إذا لجأت الإدارة الي التنفيذ المباشر في غير الحالات الاستثنائية المحددة بموجب نصوص قانونية و بالتالي يدخـل في عـداد الأعمال التعسفية.
أن ينتج عن العمل المادي مساسا كبيرا بحق الملكية و بالحقوق العينية الأخرى و بالحريات الأساسية.
أن يرتبط بإجراء مادي تنفيذي ، إذ لا يكفي اتخاذ قرار من جانـب الإدارة و إنما يجب أن تبادر الإدارة في تنفيذه ماديا ، أو شرعت في التهيئة للتنفيذ فالقرار الإداري مهما بلغت عدم مشروعيته لا يمكن أن يكون عملا من أعمال التعـدي إلا إذا انتقـلت الإدارة مـن مرحلة  إصـدار القرار إلي مرحلة التنفيذ الفعلي له.

المطلـب الثالث / القـرارات الإدارية المعدومة 


القرار الإداري المعدوم أو غير الموجود هو القرار المشوب بعيب يصل إلي درجة من الجسـامة بحيث يجرد من صفته كـقرار إداري و يجعل منـه عمل مادي ، و يعتـبر قـرار منـعدم الوجـود بأثــر رجـعي بحيث يعتبر كأن لم يكـن  


و ذلك لأن هذا الانـعدام يجرد العـمل الإداري من صفـته الإدارية و يجعـله عمل مادي،  و قد فرق القضاء الإداري بين القرارات المعيبة بعيب من عيـب عدم المشروعية، و القـرارات الإدارية المعدومة التي تكون مشوبة بعيب جسيم يحولها إلي أعمال مادية بحتة
 إن الفقهاء حاولوا تحديد المعيار الذي يفرق بين درجة انعدام القرار و درجة بطـلانه ، فنجـد الفقـيه الفرنسي "لافيـير"  و الذي وضع حجر الأساس لنظرية القرارات المنعدمة ، بحيث أتي بمعيار اغتصاب السلطة الذي حدد حالتين لاعتبار القرار منعدما/
* الأولي صدور القرار من فرد عادي أجنبي عـن الإدارة لكن هذه الحالة يصعب تصورها في الواقع الحـالي 
* الثانية هي حالة قيام السلطة الإدارية بإصدار قرار يدخل في اختصاص إحدى السلطتين التشريعية أو القضائية  
كما يعتبر القرار معدوما في حالة عدم الوجود المادي له، و يتحقق ذلك في صورتين /
* صورة توهم الإدارة وجود قرار لم يوجد بعد كأن ينسـب القرار خطا للسلطة الإدارية، أو كأن يكـون القرار في مراحل التكوين و لم يتعد الخطوات التمهيدية
* أما الصورة الثانية فتحدث في حالة صدور قرار إداري ثم يصدر قرار يسحبه أو يلـغيه من الجـهة الإدارية فإن القرار يصبح معدوما
أما ما يهمنا في هذه الدراسـة هي حالة اغتصاب السلـطة الإدارية علي صـلاحيات باقي السـلـطات 
يفرق الفقه و القضاء في مجال الاختصاص بإصدار القرار بين درجتين لعيب عدم الاختصاص، الأولـي تتمثل في عدم الاختصاص البسيط أو العادي الذي يعيب القرار الإداري، و يجعله قابلا للإلغاء عند الطعن 
فيه أمام القضاء الإداري بدعوى الإلغاء، أما النوع الثاني فيتجسد في عيب عـدم الاختصاص الجـسيم و الذي أطلق عليه باغتـصاب السلطة الذي يتـرتب عليه اعتبـار الـقرار الإداري منعدما و عديـم الأثر
و تتمـثل في الحالات التـي يتخذ فيها قـرار إداري سواء من شخص أجنبي تـماما عن السلم الأعوان الإداريين ، أو من سلطة إدارية التي تعتدي علي اختصاصات السلطة القضائية أو التشريعية مخالفة بذلك المبادئ القانونية الأولية، هذا الشكل من عدم الاختصاص هو الأكثر جسامة ولا  يؤدي بالقاضي فقط الي التصريح بان القرار باطل بل هو معدوم، و بالتصريح بالانعدام فان القرار يعتبر حكم الفعل المادي ليس له و لا يمكنه مطلقا ترتيـب أية اثار قانـونية.

 
عندما يكون العيب جسيما يصل إلي حد الغصب و يعتبر القرار بالتالي منعـدما و يترتـب علـي ذلـك أن القرار يفقد صفته الإدارية و يقول القضاء أن الغصـب ينـزل بالقرار إلي مرتبـة الفعـل المـادي و الدعوى هنا لا ترمي إلي إلغاء القرار و إنما إلي تقرير انعدامه  
 إن القضاء الجزائري لا يأخذ بنظرية الانعدام إلا نادرا و لا يصرح بها في منطوق القرار القضائي، بل يكتفي بعبارة الإبطال مـع الإشارة بأن القضـاء ين المصري و الفرنسي هما الوحيـدان اللذان يشيران بصراحة إلي العيب الذي يشوب القرار الإداري  
مع الإشارة أن القاضي الإداري هو المختص للفصل في القضية إذا كنا بصدد قرار منعدم  حسب المعيار العضوي المكرس في المادة السابعة من قانون الإجراءات المدنية   
و علي ذلك قضت الغرفة الإدارية للمحكمة العـليا بتاريخ 06 يوليو 1997 في قضـية والي باتنة ضد (ن ع ) قضي بتأييد القرار القضائي و القاضي بإلغاء قرار والي ولاية باتـنة المـؤرخ في 9 أفريل و المتضمن إلغاء استفادة المستأنف من استغلال الأرض الفلاحية
فمرسوم 90 / 51 جعل إلغاء الاستفادة من اختصاص القضاء دون سـواه و ليـس للـوالي القيام بذلك وفضلت المحكمة العليا عبارة " عيب تجاوز السلطة " بدلا من اغتصاب السلـطة  
 إن أغلب حالات عيب عدم الاختصاص الجسيم و المتمثلة في اغتصاب السـلطة في الجـزائر تتعـلق باعتداء السلطة الإدارية علي اختصاصات السلطة القضائية، فالإدارة غالبا ما تقوم بعـمل مـن صمـيم اختصاص القاضي العادي، و علي ذلك قضي المجلس الأعلي ( الغرفة الإدارية) بإبطال القـرار الإداري الصادر بتاريخ 13 / 12 / 1981 عن لجنة النزاعات التابعة للبلدية الذي فصل في أصل الملكية بين أحد الملاك الخواص و مستأجر لأملاك الدولة، و قد توصل المجلس  في قراره إلي أن " ... حيث أنه ليـس من سلطات الرئيس أو المجلس الشعبي البلدي الحلول محل الجهة القضائية ، و البت في قضايا الملكية أو شغل مكان ما يخص المواطنين ، إذ أن دورها يـجب أن لا يتعدي تحقيق المصالحة بين الطرفين ، حيث أن القرار المتخذ بالتالي علي النحو السابق عرضه  مشوب بعيب تجاوز السـلطة الواضح ...." و بالتالي فإن قرارها يعتبر منعدما  ، و رغم أن المجلس الأعلي لم يصرح بذلك  فالقرار الصادر عن البلدية يعتبر و كأنه عملا ماديا و ليس له صفة القرار الإداري و علي ذلك فالمجلس الأعلي لا يجد أمامه قرار إداري 


ليبطـله، بل يجـد أمامه قرارا منعدما و لا يصدر قرارا قضائيا منشئا و إنما قرارا مقررا و مصـرحا بحالة الانعــدام 
و في  قرار ممـاثل لمجلس الدولة صادر في 31 جانفي 2000 قضية والي ولاية قسنطينة ضـد جبالي حسين، قضي مجلس الدولة بتأييد قرار مجلس قضاء قسنطينة المـؤرخ في14 /12/1996 و القاضـي بإبطال قرار الوالي ".... و حيث أنه في إطار تطبيق المادة 28 من القانون 87/19 و بموجـب المرسوم التنفيذي رقم 90/51 المـؤرخ في 6/02/1990 قـامت المـصالح الفلاحية بالتـعاون مـع  مصـالح الأمن ، بالانتقال إلي مكان ممارسة المستأنف عليه لحق الانتفاع ، و استخلصت بأن المزرعة حولت من طبيعتها الأصلية إلي ميدان يمس بالنظام العام ، مما أدي اتخاذ العارض قـراره المؤرخ في 12 فيفـري 1996 و المتضمن توقيف المستأنف عليه من الانتفاع الممنوح له  في إطار القانون، و حيث أن العارض لم يقدم أي دليل يفيد تغيير الوجهة الفلاحية للأرض موضوع النزاع .... و حيث أن العـارض بعـد أن اجري مقارنة بين نصي المادتين 28 من القانون رقم87/19 و الـمادة 04 من الـمرسوم التنفـيذي رقم 90/51 حاول ابتداع اجتهاد خارج إطار هذين المرجعين القانونين للحالات التي  يتوقعها المشرع، والتي تعد مخالفات من شانها أن تؤدي الي سقوط حق المستأنف عليه في ممارسة حق الانتـفاع بدعوى وجود واقعة تمس بالنظام العام ... و حيث أن القول بجـواز الاجتهاد خارج الإطار القانوني فيه مساس صريح بأحكام الفقرة الأخيرة من المادة 18 من الدستور..... حيث متى كان ما تقـدم فان  الاستئناف غير جدير بالقبــول " 
 فعندما تتخذ السلطة الإدارية قرار هي مختصة باتخاذه ، واتبعـت بشـأنه إجراء صحيـح باحـترامها للمواعيد ، لكنها أسسته علي أساس قانوني يشوبه الغـلط بالرغم من وجود الأساس القانوني المـبرر له فان القاضي عوضا عن إبطال القرار فانه يسـتبدل الأسـاس القانوني الذي أخذت به الإدارة بالأسـاس القانوني الذي يمكن له أن يصلح كأساس للقرار المرفوعة ضـده الدعـوى.


المبـحث الثـاني  بعـض أوجـه التعـدي علـي الملكية العـقارية الخاصة 


             إن نزع الملكية، التسخيرة أوالاستيلاء و الشغل هي من الأساليب الجبرية التي  تسمح للإدارة في سـبيل تحقــيق الصالح العـام، بإلـزام الشخص المقصود بالتـنازل عن أمـواله بمـقابل مـالي 
 كما أن القوانين الخاصـة المنظمة لهذه الأساليب  تنظم قانونيا  الإجراءات الخـاصة و الحـالات  التي يمكن أن تستـعمل فيها و التي يجب احتـرامها لإضـفاء المشروعية علـي أعمال الإدارة هاته ، و هي عـبارة عن ضمانات للأشخاص المـنزوع ملكيتـهم تحقيقا للمنفعة العامة بمفهـومها الواسع ، و علـيه فإن كل إخلال بهذه الإجراءات يشكل مســاسا بهذه الضـمانات، و الذي يمس بحق من الحقوق المحمية بموجب الدساتير و قوانين الدول و هو حق الملكية العقارية ، و عليـه سنحاول إســقاط مظاهر التعدي المذكورة أعلاه علي هذه الأساليب 
ولهذا سنتناول في هذا المبحث بعـض الحالات اللامشروعة لم تحترم فيها الإجراءات الخاصة و المنظمة لهذه الأساليب ، و  التي تكيف حقيقة علي أنها تعدي علي الأملاك العـقارية الخاصـة بالفرد من خـلال نزع الملكية للمنفـعة العمومية غـير المشـروع ( المطـلب الأول )  ومن خـلال نظـام الاستيـلاء و الشـغل ( المطلب الثاني) 

المـطلب الأول / نـزع الملـكية للمـنفعة العـمومية الغـير مـشروع

         نزع الملكية للمنفعة العمومية وسـيلة  تنتهجها سائر دول العالم التي تسعي إلي تحقيق المصلحة العامـة عن طريق اللجوء إلي استعمال الملـكية الخاصة من أجل إنجاز مشاريع تسعي مـن خلالها إلي تلبـية حاجيـات المرفق العام ، و لأن هذه العملية تنصب علي الملكية العقارية الخاصة فهـي إجـراء خطـير مادامت الملكية هذه محمية بموجب المواثيق الدولية كإعلان حقوق الإنسان والدسـاتير الدوليـة 
و في هذا الصدد نصت المادة 20 من الدستور الجزائري لسـنة 1996 علي أنه " لا يتم نزع الملكية إلا في إطار القانون و يترتب عليه تعويض عادل، قبلي و منصف "
و في هذا الإطار ظهرت مجموعة من النصـوص القانونية الغرض منها القيام بعمـليات نـزع الملكية بصفة شرعية و كذا ضمان حـقوق منزوعي الملكية ، فجـاء قانون 91 /11 المــؤرخ في 27 أفريل

  

1991  الذي تناول في مضمونه المبادئ العامة التي تضبـط سير عمليات نزع الملكية من أجل المنفعة العمومية ، و قـد استكمل هذا النص التشريعي بنص تنظيمي و هو المرسوم التنفيذي  93/ 186 المؤرخ في 27 يوليو 1993   و قد عدل هذا النص بموجب المرسوم التنفيذي 05/ 248 المؤرخ في 27 أفريـل  2005
تعرف عملية نزع الملكية من أجل المنفعة العمومية بأنها عملية استثنائية لاكتساب أموال و حقوق عقارية لا تتم إلا إذا أدي انتـهاج الوسائل الوديـة إلي نتيجة سلبية، و هـذا إضافة إلي أن نزع الملكية يـخول الإدارة صــلاحيات إجبار المواطنين علي التنازل عن أمـوالهم و حقوقهم العقارية لفائدتها  أو لفائـدة الهيـئات أو المؤسسات المختلفة بشرط أن تقصد عملية تتعلق بالنفع العام و أن تقدم تعويضـات مسبقة و عادلـة و منصــفة 
تخضع إجراءات نزع الملكية إلي قواعد تضمنها قانون 91 /11 تهدف أساسا إلي حماية الملكية الفردية مـن تصرفات الإدارة  و من التجاوزات و الالتباسات التي  قد تمس بمصداقية الإدارة و تجـرد عملية نزع الملكية من روحها و هي المنفعة العامة ، و تعتبر هذه الإجراءات من المسائل المتـعلقة بالنـظام الـعام  بحيث تؤدي مخالفتها لإبطال قرارات الإدارة و لقيام مسؤوليتها 
و تتمثل الإجراءات العادية لنزع الملكية في خمسة مراحل /
ـ التصريح بالمنفعة العمومية هو إجراء أساسي يجب أن يبين أهداف نزع الملكية المزمع القيام بها   
ـ التحديد الدقيق للأملاك المطلوب نزعها و هوية مالكيها 
ـ تقرير شامل عن الحقوق و الأملاك محـل النـزع 
ـ إقـرار إداري بقابلـية الأمـلاك للتـنازل 
ـ قرار إداري بنقل ملكية العقار إلي ملكـية الدولة و هو قرار نزع الملـكية للمنـفعة العــمومية
إن القانون الأساسي الجزائري عند انتهاجه وسيلة نزع الملكـية من أجـل تحقيق المنـفعة العامة، اهتـم بوضـع تدابير و إجراءات وقائية من شأنها حماية حقوق الأفراد من أي تعسف أو إخلال بالشرعية  أثناء القيام بهـذه العملية هذه اللامشروعية التي قد تظهر من خلال / 



أ / ملائـمة المنـفعة العـامة 
إن قانون 91 /11 قد أعطي للإدارة سلطة تقديرية واسعة في تحديد المنفعة العامة، و نصت المادة الثانية منه علي بعض العلميات التي تكتسي طابع المنفعة العامة، و هذا على سبيل المثال و ليس الحصر وهـي 
ـ عمليات التعمير و الهيئة العمرانية 
ـ عملـيات التخـطيط 
و لهذا فإن  قيام المنفعة العامة هو الركن الأساسي الذي يرتكز عليه قـرار نزع الملكية و بدونه لا يكون لهذا القرار أي كيان قانوني، هذه المنفعة التي عرف مفهومها و ما يزال يعرف تطورا مسـتمرا يجـعل سلـطة الملائمة للإدارة  واسعة  في تحديد هذا النفع العام، مما قد يؤدي في كثير من الأحيان إلي تعسف الإدارة بتحريك إجـراءات نزع الملكية ، فهل يعني هذا أنه تحت عنوان المنفعة العمومية قد ينتـهك حق الفرد في الملكية الخاصة  ؟
نبحث أولا في الاجتهاد القضائي الفرنسي الذي وضع حد لتوسيع السلطـة التـقديرية للإدارة في تحـديد المنفعة العامة و هذا بموجب النظرية التقييمية ، بحيث أصبح  القاضي يراقب مجال الملائمـة للإدارة في تحـديد المنفعة العامة و يحل محـل الإدارة في تقيـيم و تقـدير أن  محاسـن ومسـاوئ المـشـروع تـناسب المنفعة الـعامة المصرح بها، و لا يمـكن التصـريح بالمـنفعة العامة إلا إذا كـان المسـاس بالملكـية الخاصة والتكلفة المالية للمشروع و المساوئ الاجتماعية لا تفوق المنافع الناتجة عنه 
بالرجوع إلي القوانين المنظمة لعملية نزع الملكية نجد سلطة الإدارة واسـعة في تقدير النفع العام، و لكن للحد منها غالبا ما نجد الإدارة تقوم بوضع أطر و قواعد لتطبيق مبدأ المشروعية عن طريـق مناشـير و توجيهات هي مـلزمة باحتـرامها و في هـذا الإطـار  نجد التعليمة 07 المؤرخة في 11/ 05 /1994 تبنـت صراحة النظرية التقييمية إذ جاء فيـها أنه لا يمكن أن يكون  للمشروع  طابع المنـفعة العمومية إلا إذا كانت مساوئه بالمقارنة مع المساس بالملكية الفردية و القيمة المالية لإنجازه و الأضرار الاجتماعية المنجرة عنه أو المساس بمنافع عمومية أخري لا تفوق المنافع التي يحققها المشروع




وفي إطار البحث عن النصوص القانونية  التي تدعم سلطة القضاء في مراقبة السلطة التقديرية للإدارة في تحديد المنفعة العامة نجد القانون رقم 01 /20 المؤرخ في 12 / 12 / 2001 المـتعلق بتهيـئة الإقليم و تنميته المستدامة قد كرس مبادئ قانونية جديدة أوجب علي الإدارة احترامها و تطبيقها 
و من خلال كل ما سبق نخلـص إلي أن القرار الإداري الذي لا يهدف إلي التصـريح بالمنفعة العمومية ولا يخضع لهذه لقواعد يعتبر غير مشروع تعدت من خـلاله الإدارة علـي حقـوق و مـراكز المـلاك
و من بين القرارات القضـائية التي  تؤكد علي قدسية هذه الحقوق نجد القرار رقم 62458 المؤرخ فـي 19 / 03 / 1991 جاء فيه "من المقرر أن الوالي يحدد بموجب قرار نزع الملكية قائمة القطع أو الحقوق العينية العقارية المطلوب نزع ملكيتها ، إذ كانت هذه القائمة لا تنجم عن التصريح بالمنفعة العمومية و من ثم فإن مقرر الوالي في ـ قضية الحال ـ لنزع الملكية من أجـل حيازة الأراضي لإنجاز طريق يربـط بين قريتين دون أن يشـير إلي تحقيق المنـفعة العامة و  لا إلي مقرر مصرح بالمنفعة العامة يعد مخالفا للمقتضيات الـقانونية المشار غليها أعلاه " 
و في قرار أخر صادر بتاريخ 13/ 04/ 1998 تحت  رقم 157362 أكدت الجـهات القضائية المختصة ذلك جاء فيه " من المقرر قانونا أن نزع الملكية لا يكون ممكنا إلا إذا جاء تنفيذا لعمليات ناتجة عن تطبيق إجراءات نظامية مثل التعمير .... و لما كان ثابتا في قضية الحال بأن القطعة الأرضية محل نزع الملكية التي منحت للبلدية ـ لإنجاز مشروع ذو نفع عام ـ قد جزئت للخواص و سمحت لهم ببناء مساكن فردية مخالفة لأحكام المادة الثانية  من القانون رقم 91 /11 و متى كـان الأمر كـذلك استوجب إلغـاء القرار المطعون فيه " 
و لما كان إجراء استثنائي يمس بحقوق و ممتلكات الأفراد اوجب  المشرع الإدارة باحترام مجـموعة من الشكليات، فأحيانا يشترط  من الإدارة أن تسبب قراراتها ، و قد يكون التسبيب إجراءا شكلـيا جوهـريا عندما تتطلب ذلك طبيعة التصرف الصادر عن الإدارة، و علي ذلك قضـت المحكمة العلـيا بتاريخ  10 مارس 1991 بإبطال مقرر والي ولاية تيزي وزو المؤرخ في 10 جانفي 1987 لمـخالفة المادتيـن 3 و 4 من الأمر الصادر في 25 ماي 1976  اللـتان توجبان عليه تسبيب قراره المتـضمن نـزع الملكية للمنفعة العامة ، وهذا بالإشارة إلي تحقيق المنفعة العامة و كذا إلي المـقرر المصرح بالمنـفعة العامـة.



* كما أشارت المادة 33 من قانون 91/ 11 إلي أن  كل نزع للملكية يتم خارج الحـالات و الشـروط التي حددها هذا القانون يكون باطلا و عديم الأثر و يعد تجاوزا يترتب عنه التعويض المحدد عن طريق القضاء، جاء المشرع بهذا النص لمنع تعسف الإدارة في استـعمال ما لها من سلطة في تقدير النفع العام  و قد تتجلي هذه الحالة من خلال طلب النزع التام الذي يتقدم به صاحب الملكـية المنزوعة لأجـل نزع الجزء المتبقي من الملكية إثر النزع لمنفعة العمومية بسبب عدم قابلية الجزء المتبقي، و قـد نصت عليه المادة 22 من القانون السالف الذكر ، و لأن القانون لم يحدد المعايير الـتي يجـب أن  يبني عليها هـذا الـطلب لكي تصـبح المطالبة بالنزع التام مؤسسة ، فإنه يثار التساؤل إذا رفضت الإدارة إتمـام نـزع الجزء المتبقي من الملكية باعتبار ما لها من سلطة للملائمة فهي التي تحدد المساحة التي تحتاجها للمنفعة العمومية إن رفض الإدارة هذا يدخل في نظرية التعسف و الذي أشارت إليها المادة  33 من قانون نزع الملكية للمنفعة العامة  
ب/ اللامشروعية الناجمة عن عدم احترام الإجراءات نزع الملكية  و التعويض 
لقد وضع المشرع إجراءات قانونية لابد للإدارة و هي بصدد نزع الأملاك العقارية و الحقوق المرتبطة بها من احترامها و مراعاتها لأنها تشكل ضمانات لحقوق الأفـراد، وفي حالة عـدم احتـرامها يشـكل مساسـا بهذه الحقوق و يجعل هذه القرارات معيبة بعيب تجاوز السلطة و دون التطرق لتفاصيل هـذه الإجراءات يمكـن ملاحظة ما يلي  /
 ـ لكون نزع الملكية للمـنفعة العمومية طريقة استثـنائية لاكتساب الأملاك و الحقوق  العقارية الأمـر الذي يجعل علي الدولة مسؤولية التأكد من أن المستفيد من نزع الملكـية قد قام مسـبقا بمحـاولة وديـة مـن أجـل الحصول علي العين المراد نزع ملكيتها من مالكها الأصلي، لأن المـشرع  يفـرض علـي الإدارة محاولة الاقتناء بالتراضي و يقع عـبء إثبات ذلك علي المستفيد من إجراء نزع الملكية، و قـد ورد ذلك صراحة في نص المادة 2 الفـقرة الأولي من  المرسوم التنفـيذي 93 / 186 علي أسـاس أن ذلك من النظام العام إذ يمـكن للقاضي قد يثيره من تلـقاء نفسه 
ـ يخضع قرار التصريح بالمنفعة العمومية إلي النشر حسب الحالة في الجريـدة الرسمية أو في مدونـة القرارات الإدارية الخاصة بالولاية ، التبليغ لكل واحد من المعنيين و هذا ما ورد في المادة 11 من قانون 91/11 و عليه إذا لم تحترم هذه الإجراءات يكون القرار غير مشروع  يقع تحت طائلة البـطلان 
ـ قرار التصريح بالمنفعة العمومية يصدره الوالي إذا كانت الأملاك و الحقوق العينية العقارية تقـع فـي تراب ولايـة واحـدة، و بموجـب قرار وزاري مشــترك بين الوزير الـمعني و وزيـر الداخـلية 



و الجـماعات المحلية و وزير المالية إذا كانت الأملاك المراد نزع ملكيتها تقع  في تراب ولايتين أو أكثر  و بالتالي فإن القرار الذي لا يحترم هذه القاعدة يعتبر غير مشروع 
ـ قد تنحرف الإدارة في استعمال سلطتها و الذي يظهر غالبا في شكل استبدال الإجراءات و مـثال لهذه الصورة هو لجوء الإدارة المختصة إلي استعـمال إجـراء الاستيلاء من اجل البناء مرافق عامـة بـدل إتباع الإجراء القانـوني السلـيم و هـو نـزع الملكية للمنــفعة الـعامة ، قـرار المـجلس الأعـلى  ـالغرفة الإدارية ـ الصادر في02/ 07/1965 قضية شركة عين فكرون ضد الدولة  و يظهر أن بعـد ما قامت الإدارة بالتصريح بالمنفعة العمومية أصدرت قرار الاستيلاء حتى تضـع يـدها علي الأمـوال دون استيفاء شرط التعــويض . 
حاولت الحكمة العليا في عدة مناسبات الحد من تصـرفات الإدارة التي كانت تتعـسـف في نقل الملكية بدون تقديم التعويض القانوني أو ايداع مبلغ الخزينة العمومية ، فـفي قرارها الصادر 04/ أفريل /1978 السـيد زواوي بوجمعة ضد والي ولاية عنابة يقضي القرار بأن اليد علي الأموال من قبل الإدارة بـدون القيام بإيداع مبلغ التعويض يشكل اعــتداء مادي.

المطـلب الثاني / الاستيـلاء و الشغل  الغـير مشـروعين 


               أحيانا تكون إجراءات نزع الملكية الطويلة و البطيئة عائقا أمام تنفيذ الإدارة أشغال للمنفعة العامة أو لسير المرفق ما ، أو وجود حالة استعـجال قصوى لظروف استثنائية كما حدث إثر زلــزال  بومرداس في 21 ماي 2003، الأمر الذي يستدعي ربمــا  الإستيلاء أو شغـل عــقار أو عـقارات تابعة للأفـراد  و رغـم أن هاذين الأسلوبين من الأساليب الجبرية و التي فيهــما مســاس بحــق من  الحــقوق الأســاسيـة، إلا أنه استـثناءا يجوز للإدارة القيام بهما وهذا بموجب نصوص قانونية محددة و كــل استـعمال لهاذين الأسلوبين خـارج الحدود المقررة قانونا تشكل حالة من حـــالات التعــدي علي الملكية العقارية الخاصة 
سنتطرق للجانب اللامشروع لكليهما في الفرع الأول الاستـيلاء ، أما الثاني سنخــصـصه للشغــل 

الفرع الأول / الإستيلاء الغير مشروع

           قد تستدعي الضرورة تنـفيذ أعـمال المنفعة العمومية علي الـفور بما يتـعارض مع اتـخاذ إجراءات نزع الملكية للمنفعة العمومية ، و بالتالي تقوم الجهة القائـمة علي تنـفيذ المشروع  بالاستيلاء الفـوري علي العقارات اللازمة لتنفيذه أو الإستيلاء علي أجزاء معينة من عقارات معينة   
و هي وسيلة مثلها مثل نزع الملكية للمنفعة العمومية ترمي إلي إجبار المواطنين علي التنازل علي أموالهم نصت عليه المادة 679 من قانون المدني كما يلي " يتم الحصول علي الأموال و الخدمات  لضمان سيـر المرافق العمومية باتفاق رضائي وفق الحالات و الشروط المنصوص عليها في القانـون 
إلا أنه يمكن في الحالات الاستثنائية و الإستعجالية و ضمـانا لاستمرارية  المرفق العمومي ، الحصـول علي الأمــوال و الــخدمات عن طــريق الاستـــيلاء 
و لا يجوز الإستيلاء بأي حال علي المحلات المخصصة فعلا للسكن " 
و الإستيلاء قد يكون تمهيدي يمهد لنزع الملكية ، و هو إجراء مؤقت بطبيعته عكس نزع الملكية فهــو إجراء دائم ، و يكون للجهة الطالبة نزع الملكية الاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر علي العقارات التي تقرر لزومـها   للمنفعة العامة، و الهدف منه هو تمكين الإدارة من العين فعلا حتى تتم إجراءات نزع الملكية 
كما يكون الإستيلاء مؤقتا، بأن تضع الإدارة يدها جبرا علي المالك علي عقار المملوك له لمدة من الزمن مع احتفاظه بملكية العقار، و ذلك لقاء تعويض عادل عن فترة الإستيلاء  
ووضع الإدارة يدها علي العقار لا يكون إلا في الحالات المحددة قانونا و يظل صاحب العـقار طـوال فتـرة الإستيلاء علــيه 
و يحدث الإستيلاء المؤقت في الحالات التالية /
ـ حالة الاستعجال و الضرورة التي تكشف عن ظرف قهري يتطـلب الـتدخل السـريع كالحــرائق الزلزال ، الفيـضانات، تفشـي الأوبئـة.
ـ حالة الظروف الاستثنائية كالحـروب ، اللإضطرابات الأمنيـــة 




ويكون الاستيلاء المؤقت في حالة التي تحتاج فيها الإدارة لعقار من العقارات لمدة مؤقتة لا تبرر نزع ملكيته، و علي ذلك تقوم هذه الأخيرة بالاستيلاء عليه مع بقاء الملكية لصاحبه مع نية رده في نهاية المدة المحددة   
أما الشروط الاستيلاء محددة في المادة 679 من القانون المدني/
ـ الاستيلاء قد يكون فردي أو جماعي 
ـ أن يكـون كتـابيا 
ـ تحديد الأموال المعنية 
ـ تحديد المدة المقررة للاستيلاء 
ـ كيفية التعويض 
ويلاحظ أن هذه الإجراءات مبسطة ، و لم تتطلب لا تعويضا مسبقا و لا تدخل إجباريا للقضاء قبل نقل الملكية ، الامر الذي يؤدي بالإدارة في بعض الحالات الي استبدال نزع الملكية بالاستيلاء ، إلا أن القضاء تفطن لهذا الاستبدال و اعتبره كانحراف بالإجراءات أو بصورة عامة كانحراف السلطة، ففي القـرار الصادر عن المجلس الأعلى ـ الغرفة الإدارية ـ بتاريخ 03/ 03/ 1967 قضية بابوفا ضد الدولة و القرار الصادر بتاريخ 02/ 07/ 1965 قضية شركة غين فخارين ضد الدولة اللذان أعادا تكييف الوقائع من الاستيلاء إلي نزع لملكية مع استبدال النصوص القانونية المستند إليها.
 و في قراره مجلس الدولة الصادر في 14/ 12/ 1989 قضية بوصبع ضد والي ولاية الوادي الذي قضي بإعادة تكييف الواقعة إلي استيلاء بدل نزع الملكية لعدم احترام و إتباع الإجراءات لكون أنه لم يتخذ أي مقرر لنزع الملكية وأنه لم تتخذ أي إجراء التقييم عن نزع الملكية من طرف نازع الملكية .
و تنص 681 مكرر 3 " يعد تعسفيا كل استيلاء تم خارج نطــاق الحالات و الشـروط المحددة قانـونا و أحكام المادة 679 و ما يليها أعلاه، و يمكن أن يترتب عليه، زيادة علي العقوبات الأخرى المنصوص عليها في التشريع المعمول به دفع تعويض يصدر عن طريق القضاء "
و يعتبر الاستيلاء غير مشروع علي ملكية عقارية كل استيلاء تقوم به الإدارة خارج الإطار القانون المدني و قانون نزع الملكية للمنفعة العمومية 
وعرف الفقه الإداري الاستيلاء غير مشروع علي الملكية يتحقق عندما تمس الإدارة حق الملكية العقارية لشخص خاص عن طريق استيــلاء دون احــترام شــروطه


و يتجسد حالة الاستيلاء غير المشروع علي الملكية من خلال عناصره /
عملية الاستيلاء و يقصد بها كل عملية حجز أو المصادرة، وضع اليد كل أو جزء من الملكية الخاصة و لو كان مؤقتا.
أن يكون الاستيلاء غير مشروع ، لقد حدد القانون المدني و قانون نزع الملكية الشروط و الإجراءات القانونية التي تسمح للإدارة بوضع اليد أو الحجز أو مصادرة ملكية العــقارية

 للأفراد و عليه فأي استيلاء يقع خارج هذه الإجراءات يعتبر غير قانوني و بالتالي غير مشروع ، كأن يقع علي المحلات السكنية فالاستيلاء المخالف لهذا الشرط يعد مخـالف للقانون و غـير مشروع ، و في قرار المحكمة العليا المؤرخ 12 جويلية 1986 تحت رقم 42136 " لما كان من الثابت في قضية الحال أن السكن المتنازع فيه مشغول من قبل الطاعنين و أن الشقة المتـنازع فيها غـير مصرح بشغورها  ومن ثم فان قرار والي ولاية عنابة المتضمن الاستيلاء علي هذا السكن يعد مشوبا بعيب خرق القانون و متى كان ذلك استوجب  إبطال القرار المطـعون فيه "
عدم إثبات حـالة الضرورة و الاستعجال لأنه يقع علي عاتق الإدارة ذلك، فإذا عجزت في إثباتها كنا أمام حالة من حالات الاعتــداء المادي و هذا ما توصلت إليه المحكمة العلـيا في العديد من قراراتها 
المشرع الفرنسي استعمل مصطلح d’emprise و التي تعني القرارات الإدارية المتعـلقة بالغصـب و الذي يعني قانونا وضع يد الإدارة علي عقارات الأفراد دون سند من القانون و ذلك بصـفة دائمـة أو مؤقـتة  ، و يتميز الغصب عن الإستيلاء في أن الأول يصيب الملكية العقارية الخاصة ، وهذا بسبب حيازتها مؤقتا أو نهائيا ، عكس الثاني الذي ينصب علي العقارات أو المنقولات غالبا مؤقتة. 






الفرع الثاني / الشغـل غـير المشـروع


              و قد يحدث و أن تقتضي الضرورة استعمال أموال الأفراد لوقت معين من أجل القـيام بأشغال هامة لتحقيق مهمة من مهام المرفق العام، وعليه فإن الأمــلاك العـقارية تكــون قصـد الاستعمال و ليس من أجل الاكتساب، كأن يستعمل قطعة ارض مجاورة لأشــغال شـق طــريق عمومي لتوقيف الشاحنات و الآلات و العتاد لمدة الأشغال ، كما يحدث في الكوارث مثلا كالفيضانات  أين تقوم السلطات شغل أراضي خاصـة بالأفراد بوضع السلع و الإعانـات  . 
هذه العملية كذلك تقتضي شروط و إجراءات بأن يصدر القرار الذي يرخص للمؤسسة المعنـية بشغل القطعة الأرضية عن الـوالي و ذلك بمقابل تحدده الإدارة بعد اتفاق أو بصورة انــفرادية
يختلف الشغل المؤقت عن الاستيلاء لأنه يرمي إلي سير المرفق العام و لكن لإنجاز أشغال تعتبر من المنفعة العمومية 
و قد يكتسي الشغل حقا نهائيا و هذه الحالة يجب تقييم الأضرار المادية و الدائمة الناجمة هــذا الشـغل
نذكر علي سبيل المثال حق شركة الكهرباء و الغاز في إقامة عمود في ملكية الأفراد و هذا بصورة دائمة و هذا ما نص عليه القانون 85 / 07 المتعلق بإنتاج و  نقل و توزيع الطاقة الكهربائية و توزيع الغــاز  المواد من 15 إلي 20 منه.
و رغم أن القصد من الشغل النهائي هو حرمان الأفراد من أموالهم مؤقتا لا يمكن اعتباره كنزع الملكية و هذا حتى إذا كانت الإدارة مجبرة عـلى إجراءات للتحقـيق مشابه للتحـقيق المقرر في نـزع الملـكية
و نفس الشيء يقال علي شغل الأراضي رغم أننا في إطار بحثنا لم نعثر علي أي قرار يخـص الشـغل الغير مشروع ،  فإن أي شغل للأراضي خارج حالات الضرورة أو دون تعويض صاحب العقار يعد تعسفي و غير مشروع. 




المبـحث الـثالـث أنـواع الدعـاوي الناشـئة عن التـعـدي


            إن اللجوء إلي القضاء حق مكفول دستوريا لكافة الأشخاص و هو حق من الحقوق الأساسية التي يراعي المشرع الدستوري في كل دولة قانون وجود النص عليها و كفالته، و هــذا ما نصت عليه المــادة 140 من الدستور جزائري لسنة 1996  و تمثل  الدعوى الوسيـلة القانونية المشـروعة للفرد و الدولـة  للفصل في أي نزاع 
و تستعمل من طرف الأفراد للحصول علي ما يدعونه من حقوق في استـرجاع الملكية وهذا موضـوع المطلب  الأول ، أو إلغـاء القـرار الغـير  المشروع  الذي تضرر منه المخاطب به من خلال دعـوى الإلغاء  أو كما تسمي تجــاوز السلطة في المطلب الثاني ، و حقه كذلك في طلب التعويض عن الضرر الذي لحقه من عـمل الإدارة و هذا في آخر مطلب أي الثالث 

المطلب الأول / دعوى استرجاع الملكية

            يجيز القانون لملاك العقارات المنزوعة ملكيتهم للمنفعة العامة ، و أصحاب الحـقوق  طلـب استرجاع الأملاك في حالة تخلف انطلاق الأشغال المصرح بها في قرار نزع الملكية ، و يلجــأ الملاك و أصحاب الحقوق إلي المطالبة باسترجاع الأملاك بعد انقضاء المدة المحددة لانطلاق المشروع المـزمع انجازه فـي قرار النزع و تخلف الانطلاق الفعلي 
حيث تنص المادة 32 من قانون 91/ 11 أنه " إذا لم يتم الانطلاق الفعلي في الأشغال المزمع انجازها في الآجال المحددة في العقد أو القرارات التي ترخص بالعملية المعنية يمكن أن تسترجع ملـكية العقار بناءا علي طلب المنزوع منه أو أصحاب الحقوق" 
فيجوز طلب استرجاع الأملاك في حالة ما لم يتم الانطلاق الفعلي للأشغال في المهلة المـحـددة بقـرار التصريح بالمنفعة العمومية و بعياره أخري ، لم يقتضي القانون انجاز المنشآت نـهائيا و المطـلوب من القاضي هنا تقدير مدي فاعلية انطلاق الأشغال و في حالة عدم الانطلاق الجدي للأشغال يصرح القاضي وجوبا علي إرجاع الأملاك لأصحابها   


كما تنص المادة 10 من القانون المذكور أعلاه أنه علي الجهة المستفيدة انجاز مشروع المنفعة العامة في خلال 4 سنوات و إلا جاز بعدها للمالك الأصلي المطالبة باستـرداد الـعقار المنـزوع بمـقابل مالي
و قد استجاب القضاء الإداري لمثل هذه الطلبات في مناسـبات عديدة نذكر علي سبـيل المـثال القرار رقـم 71121 المؤرخ في 07/ أفريل / 1990 ".... و لما كان من الثابت في قضية الحال أن الأرض المتـنازع  و التي انتزعت ملكيتها من أجل المنفعة العامة ، لم تلق التخصيص المقرر لها خلال خمس سنوات التاليـة لتبليغ المقرر نزع الملكية ، كما يقتضيه القانون و متى كان الأمر كذلك اسـتوجب إلغاء المقرر المطــعون فيــه "
و قد استقر مجلس الدولة علي هذا المـبدأ في قراره المؤرخ في 25/ 10/1999 تـحت رقم 177767 فـي قضية ب، س،ع ضد ولاية سطيف أين استدل في حيثـياته بالقرار رقم 71121 المذكور أعــلاه 
 و ألغي قرار والي ولاية سطيف المخالف لمبدأ المادة 32 من قانون 91/11
و قد فصلت المحكمة العليا في قضية بوصباع على ضد والي ولاية الجزائر في 17/ 01 /1993 بــأن القرار الخاص بنزع الملكية قد يصبح لاغيا، إذا لم يتم تنفيذه في المدة المنصوص عليها في القانون  طلب إلغاء القرار لإعادة البيع لصالح المنزوع منه الملكية و ذلك خلال مهلة 30 يوما 
* لكن هذا الحال بالنسبة للعقارات التي لم تلق التخصيص و لم تنطلق بها الأشـغال بتاتا، فما هو موقف القضاء فيما يتعلق بالعقارات التي عرفت بداية أشغال، و لكنها توقفت لمدة تفوق الأربع سنوات القانونية ؟ فهل يمكن طلب استرجاعها طبـقا للمادة 32 المذكورة أعلاه ؟
الجواب لم نجده في قضائنا الجزائري ، ذلك أننا لم نعثر علي أي قرار أو اجتـهاد مستقر عندنا في هذا الصدد أما في فرنسا   فالمسألة قد عولجت حسب حجم و أهمية الأشغال المنجزة قبل الـتوقف و نسبـة انجازها بالنسبة للمشروع ككل ، وكذلك حسب مدة التوقف و نسبة الإدارة في الاستمرار في الأشـغال أم إهمالها 
هذا مع العلم أنه يوجد في  فرنسا تقنين خاص بنزع الملكية من أجل المنفعة العامة ، إذ يختـص بالفصل في منازعاتها أساسا قاضي عادي يسمي قاضي النزع ، أما طلبات التعـويض عن النـزع فيختـص بها القاضي الإداري، و يظهر هنا جليا تعقد هذا النظام بالنسبة للمتقاضي الفرنسي تفاداه المـشرع الجزائري بجـعل قاضي النزع هو قاضي التعويض و هو القاضي الإداري بموجب المعيار العضوي المكرس في المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية الحالي و الذي بسط التطبـيق بالنسـبة للقاضـي و المتـقاضي


 و الذي كرستـه المادة 800 من قانون 08/09  مؤرخ 25 فبراير 2008 المتضمن الإجراءات المدنية و الإدارية الجـديد بنصها " .... تختص بالفصـل في أول درجـة، بحكـم قابـل للاسـتـئناف فــي جمـيع القضـايا، التي تكون الدولة أو الولاية أو البلدية أو إحدى المؤسسات العمـومية ذات الصبـغة الإدارية طرفا فيها "   
كما أن للمالك أو صاحب الحق العيني المنزوع ملكيته اللجوء إلي القضاء في حالة مخالفة الإدارة أو من يقوم مقامها الغرض المخصص له العقار المنزوع و المتمثل في مشروع ذو نفـع عام ، كـأن تستعـمل الأملاك المنزوعة للأغراض غير تلك المصرح بها في قرار التصريح بالمنفعة العامة ، و المطالبة بإلغاء قرار نزع الملكية و استرجاع المالك الخاص لأمواله المنزوعة لاسيما بعد فشل محاولاته الودية في إقناع الإدارة استرجاع أملاكه التي وجهت للغرض غير المخصص له دون أن تكون هناك دواعي موضوعيـة لانحرافها عن المشروع التي أعلـنت عنـه  
فالطلب يوجه أولا للإدارة المستفيدة من نزع الملكية قبل  اللجوء للقـضاء ، و ذلك لاستـصدار القـرار الإداري، أما المقابل المالي لاسترجاع العقار محل النزع فيتم تقييمه بطريقة مماثلة للطريقة التي استخدمت في عملية نزع الملكية ، أي مديرية الأملاك الوطــنية مؤهلة في تقييـم مبلغ إعـادة البيــع للـمالك 
و أخيرا و في حالة مالم يكن المال المراد استرجاعه في ذمة المستفيد من نزع الملكية كأن يتم التصـرف فيه بالبيع مثلا لشخص أخر فالمالك يتمكن من الحصول علي تعويض بفعلي الضرر المـادي و الضـرر المعــنوي.

المـطلب الثـاني / دعــوى الإلـغـاء 


         هي دعوى قضائية ترمي إلغاء قرار إداري غير مشروع، و تعرف كذلك بأنها دعـوى قضائية يطـلب الطاعن بمقتضاها من القضاء الإداري مراقبة مشروعية قــرار إداري و الحـكم بإلغـائه إذا تبـين له أنه غير مشروع  



و تأسيسا علي ما سبق يتولي القضاء الإداري رقابة مشروعية القرارات الإدارية و إعدام القرارات  غير المشروعة، و حتى وصف بأنه حارس المشروعية الإدارية و حامييها ،و إن احترام مبـدأ المشـروعية يؤدي أيضا إلي حـسن إدارة المرافق العامـة و سـيرها و ضمـان فعاليتـها لتحــقيق المشـروعية 
 فإلغــاء القرارات الإدارية  غير المشروعة يحقق المصلحة العامة و الخاصة علي حد سواء تستهدف دعوى الإلغاء تحقيـق غاية تتمثل في حماية حقوق الأفراد و حرياتهم المشروعة فلا يعني ذلك أن حماية المصلحة الـعامة هي غايتها الوحيــدة 
إن للقضاء دور هام في المحافظة علي الحقوق و الحريات الأساسية للأفراد المعترف بها دستوريا و لمـا كان التعدي علي الأملاك لعقارية يمس بأهم حق و هو حق الملكية و هنا  يتــجلي دوره فـي مراقبـة أعمال الإدارة للتأكد من شرعيتها ، و تفحص ما إذا كان القرار أو العمل أو الإجراء المتخذ مــشروعا و يجيزه القانون مما قد يضطره إلي مراقبة أعمال الإدارة متى تجاوزت سلطتها في التمسـك بالإجراءات الــقانونــية 
و دعوى تجاوز السلطة الهدف منها هو حماية المواطن من تصرفات الإدارة ذات الطابع التعسفي و التي تخرج عن مبدأ المشروعية الذي يحكم جميع الأعمال القانونية ، و لإلغاء القرار الإداري يرتكز المتقاضي علي الحالات التي كانت محل الدراسة في المبحث الأول و لكننا نرجع إليها  باختصار وفق التصــنيف التقليدي الذي أتي به لافيير والذي يميز بين أربعة أصناف لعدم المشروعية و هي عدم الاختصاص ،عيب مخالفة الشكل و الإجراءات، مخالفة القانون، الإنحراف بالسلطة
و سنحاول إسقاط وسائل الإلغاء هذه علي بعض أوجه التعدي و التي تجلت من خلال التطبيق اللامشروع  لبعض الأنظمة خاصة  نـزع الملكية للمنفعة الـعامة ، الاستيلاء و شـغل الأراضي  وكـل ذلــك بالتــعرض لموقف القضاء الجزائري من خلال  بعـض الاجتـهادات القضائية ، و نظـرا لكـثـرة النزاعات الخاصة بنــزع الملكية للمنفعة العامة المطروحة علي مستوي الجهات القضائية  الإدارية  و غزارة الاجتهاد القضائي في هذا المجال سنركز الدراسة علي رقابة المشروعية من خلال دعوى الإلغاء بنزع الملـكية للمنفعة العامة و سلطات القاضي الإداري في تحديد عناصر نزع الملكية للمنفعة العامة 
 أولا يفهم من قانون 91 /11 أن سلطات القاضي الإداري مقيدة في مجال تحديد المنفعة العامة ، بيــنما تملك الإدارة سلطة تقديرية واسعة لكن إذا اكتفي القاضي بهذه الوضعية فإن ذلك يؤدي في كثيــر مـن الأحيان إلي تعسف الإدارة ، خاصة و أن القانون لم ينص علي إمكانية الطعن في هذه القرارات المتـعلقة 


بعملية نزع الملكية  سوي في اثنين و هما قرار التصريح بالمنفعة العامة في المادة 13 من قانون 91/11 و قرار قابلية التنازل في المادة 26 و هو القرار الذي يبين مبلغ التعويض، رغم أن المراحل التي  تـمر بها الإجراءات تكون عبر سبع قرارات إدارية و بمفهوم المخالفة أن المشرع لم يفتح طرق الطعن بالإلغاء في القرارات الباقية  
أما فيما يخص دعوى الإلغاء  فيمكن تأسيسها علي إحدى الحالات و الوسائل التقليدية المذكورة سابقا وهي عدم الاختصاص  عيب الشكل ، عيب مخالفة القانون ، الإنحراف بالسلطة 
* مراقبة الاختصاص / فقد يتجلي عدم الاختصاص في حالة اعتداء سلطة إدارية علي صلاحيات سلـطة إدارية أخري كأن يصدر قرار من الوالي في حين تقتضي العملية قرار وزاريا مشتركا. 
* مراقبة الشكل / أما عيب الشكل فقـد يكمن في إهمال السلطة الإدارية لإجراء جوهـري كالامتناع عن تعيين لجنة للتحقيق، و الاكتفاء بتعيين شخص واحد بدلا من لجنة تتكون من 3 أعضاء ، فإن للــقاضي  سلطة الإلغاء لعيب الشــكل المحدد بالمادة 10  من قانون 91/11 التي أوردت البيانات الضرورية 
* مراقبة الإجراءات / لقد وضع المشرع إجراءات قانـونية لابـد علي الإدارة و هي  بصــدد نـزع الأمــلاك العقارية أو الحقوق المرتبطة بها مراعاتها و إلا جعلت قراراتها في هـذا الشأن معيبة  كعدم التبلــيغ ، أو عدم إجراء تحقيق مسبق في حالة نزع الملكية العادية 
و علي هذا قضت الغرفة الإدارية في قرارها رقم 116673 المؤرخ في 30 / 04 /1995 بأنه " مــن المستقر عليه قضاء أن منطوق الحكم أو القرار هو الذي يعد في حد ذاته ووحده الحكم خاصة إزاء حجية الشيء المحكوم فيه ، ومن ثم استوجب إلغاء القرار الذي أغفل في منطوقه ذكر السلطة العامة  الواجـب التنفيذ عليها للتعويض ومن جراء نزع الملكية لمنفعة العامة "
و فيما يخص إجراء تبليغ قرار نزع الملكية قضت الغرفة الإدارية في قرارها رقم 91487 المؤرخ فـي 24 / 05/ 1992 بأن مقرر والي ولاية تيزي وزو المؤرخ في29/11/1986 المتضـمن التصــريح بالمنفعة العامة لمشروع بناء محطة بنزين و نزع ملكية الأرض المتنازع عليها من أجل المنفعة العامة و 
الذي يعد قرارا فرديا كان يجب تبليغه للطرف الذي انتزعت منه ملكيته، و أن هذه الشكلية لم تحترم في دعوى الحال حتى ولو تم نشر هذا المقرر في جريدة الشـعب " 



* كما يمكن تأسيس الدعوى علي مخالفة القانون إن تجاهلت الإدارة قاعدة قانـونية كالإشهار الإجباري مـثلا أو عند تصريحها علي المنفعة العامة دون إثبات وجودها 
* تؤسس الدعوى أيضا علي الإنحراف بالسلطة الذي يظهر غالبا في شكل استبدال الإجراءات ففـي قرارها المحكمة العلــيا المؤرخ في 2 يولـيو 1965 شركة عين فكـرون ضـد والـي ولاية المدية ـ استبدال إجراء نزع الملكية بإجراء الاستـيلاء الـمؤقت ـ
و تعتبر مشوبة بعيب الإنحراف في استعمال السلطة كل القرارات الإدارية التي تستخدم صلاحيات السلطة العامة لأغراض لا علاقة لها بالنفع العام لأن كل محاولة من الإدارة الإستيلاء أو نزع العقارات خاصـة لا ترمي إلي تحقيق المنفعة العامة تكون باطلة لأن الهدف منها هو إنشاء مشروعات جماعية الغرض منها تحقيق النفع العام
و لما كان هذا الإجراء بهذه الخصوصية فقد سن له القانون إجراءات خاصة إتباعها و كل نزع للملـكية يتـــم خارج الحالات و الشروط التي حددها هذا القانون يكون باطلا و عديـم الأثـر و يعد تجاوزا يترتب عــنه التعويض المحدد عن طريق القضاء 
 و من بين القرارات القضائية التي ذهبت إلي تأكيد هـذا الطـرح القرار رقم 62458 المؤرخ فـي 10 مارس 1991 بأنه من المقرر قانونا أن الوالي يحدد بموجب قرار نزع الملكية قائمة القطـع أو الحـقوق العينية العقارية المطلوب نزع ملكيتها ، و إذا كانت هذه القائمة لا تنجم عن التصريح بالمنفعة العامة ومن ثم فإن مقرر الوالي ـ في قضية الحال ـ لنزع الملكية من أجل حيازة الأراضي لإنجاز طريق يربط بين 
قريتين دون أن يشير إلي تحقيق المنفعة العامة و لا إلي أي مقرر مصرح بالمنفعـة العامة يعد مــخالفا للمقتضيات القانونية لمشار إليها أعــلاه "
*ولضمان عدم تعسف الإدارة في تقدير هذا التعويض، ضمن المشرع لكل المعنيين في حالة ما إذا لم يرضوا بمبلغ التعويض المقترح عليهم من طرف الإدارة النازعة للملكية حق رفع دعوى أمام القضاء يطعنوا في هذا التقدير ويطالبوا بإجراء تقييم آخر، و على هذا الأساس يلعب القاضي الإداري في هذا المجال  دورا  مهـما للغاية ،كونه مكلف بإيجاد التوازن بين حقوق الأفراد من جهة واحترام صلاحيات السلطة الإدارية  الرامـية لتحقيق المنفعة العمومية ، ونقطة الحسم في هذا كله والوصول إلى تعويض عادل و منصف يرضي  جميـع الأطــراف .
و فيما يخص آجال رفع الدعوى فقد  فرض المشرع آجال قصيرة لقبول دعوى الإلغاء فألزم المتقاضي أن يرفع دعواه خلال شهر من تاريخ تبليغه أو نشر قرار التصريح بالمنفعة العامة و هذا ما ورد في المـادة 



13 ، و 15 يوم من تاريخ تبليغ قرار قابلية الأملاك للتنازل نصت عليها المادة 26 ، و فرض المشرع أن تفصل الجهة القضائية في الطعن حسب الإجراءات السريعة  و هذا خلال شهر و يترتب عن ذلك أن 
المشرع قد ألغي إجراءات الصلح الواجب إتباعها طبقا للمادة 169 /3 في كل الطعون المرفوعة أمـام الغرفة الإدارية لدي المجلس و كذلك التظلم المسبق الواجب احترامه طبقا لنص الــمادة 275 ق إ م 
أما الجهات القضائية المختصة فتخـضع لأحكام المادة 7 من قانون الإجراءات الــمدنية 
أما فيما يخص وقف التنفيذ فمبدئيا مخاصمة القرار الإداري لتجاوز لسلطة لا تؤدي إلي وقف  تنفـيذه و مرد ذلك للطابع التنفيذي الذي يمتنع به القرار و هو مبـدأ ينتـج عن قرينة المشروعية المفـترضة فيه
 هذا المبدأ نصت عليه المادة 170 /11 من ق إ م بالنسبة للدعاوى المرفوعة أمام المجـلس القضـائي و بمفهوم المخالفة لما نصت عليه المادة 283 / 2 من ق  إ م بالنســبة لدعـاوى الإلـغاء المرفوعة أمام   مجلس الدولة   
يوجد استثناء لهذه القاعدة بحكم القانون و يتعلق الأمر بدعوى الإلغاء المرفوعة ضد قرارات التصريح بالمنفعة العـمومية أمــام المجلس ، فرفع هذه الدعوى من شأنه وقف تنفيذ القرار المخاصم المصرح  بالمنفعة العامة ، و هذا مـا نصت عليه المادة 13/3 من قانون 91/11  و التي جاء فيها أنه يحق لكل ذي مصلحة أن يطعن في قرار التصريح بالمنفعة العامة لدي المحكمة المختصة و في هذه الحالة يوقف تنفيذ القرار الإداري المصرح بالمنفعة العامة 
 * نفس الشيء يقال علي رقابة القاضي الإداري علي إجراءات عملية الاستيلاء أو شغل الأراضي فـما دام القانون قد سن الإجراءات القانونية اللازم إتـباعها ، و أي تجاهل لهذه الإجراءات يعـرض قرارها للطعن فيه بالإلغاء، و جاء في القرار الصادر بتاريخ 20 / 10 / 1984 " من المقرر قانونا أن نظـرية الشغور مبنية علي أسـس محـددة قانونا كالمـعاينة و التصريح بالشغور ومن ثم فان القرار المتخذ من الإدارة بالإستيلاء علـي عقـار دون استيفاء الإجراءات القانونية المثبـتة لحالة الشـغور يكون مـشوبا 



بتجاوز السلطة، و لما كان ثابتا في قضية الحال أن رئيس الدائرة قد قرر من جانب واحد الإستيلاء علي المحل لصالح شخص طبيعي  معتـقدا أن مجرد الإشارة الي التشريع الخاص بالأمـلاك الشـاغرة دون 
الإثبات بدليل علي حالة الشغور هو وحده كاف لتأسيس قراره فإنه بتصرفه علي النحو المذكور كــان قراره مشوبا بتجاوز السلطة ، استوجب إبطـال أمر الإستيلاء علي المحل لمتنازع فيه 
و آجال رفع هذه الدعوى و الجهة المختصة للفصل فيها فهي مقررة وفق القـواعد العامـة الواردة فـي القانون الإجراءات المدنية

المطـلب الثـالث / دعـوى التـعويـض 


            دعوى التعويض الإدارية من الدعاوى الأكثر قوة وقيمة قانونية لما توفره من حماية للحقوق و الحريات الخاصة بالأفراد في مواجهة سلطات و أعمال الإدارة العامة  الضارة، و جــاءت تجسيدا و تطبيقا للنـظام القانوني لنظرية المسؤولية الإدارية 
و تتسم دعوى التعويض علي أنها من دعاوى القضاء الكامل حيث تنص المادة 07 من قانون الإجراءات المدنية الحالي علي " تختص المجالس القضائية بالفصل ابتدائيا بحكم قابل للاستئنـاف أمام المحكمة العليا  في جميع القضايا أيا كانت طبيعتها التي تكون الدولة أو احدي المؤسسات العمومية ذات الصبغة الإدارية طرفا فيها.......المنازعات المتعلقة بالمسؤولية المدنية للدولة و الولاية، البلدية و المؤسسـات العـمومية ذات الصبغة الإدارية الرامية لطلب التعويض "
كما أن سلطات القاضي في دعوى التعويض واسعة بالمـقارنة مع سلطاته في دعاوى القضاء الشرعية   حيث تتعدد سلطات القاضي من سلطة البحث و الكشـف عن وجود الحق الشخصي لرفع هذه الـدعوى والبحث عن الحق الذي لحقه الـضرر نتيجة نشـاط الإدارة ثم تقدير نسبة الضرر ومقــدار التعويض
تعتبر دعوى التعويض من الدعاوى الشخصية و ذاتية لأنها تهدف الي التعويض عن الأضرار المادية أو المعنوية التي أصابت الحقوق و المركز القانونية لرافعها، و على ذلك يجب على المدعي إثبات خطأ ينسب للإدارة و أنه قد مس بحق ذاتي له يحميه القانون و كذا العلاقة السببية تعرف المسؤولية علي أنها الحالة القانونية التي تلتزم الدولة أو إحدى مؤسساتها بدفع تعويض عن الضرر أو الأضرار التي تسببت فيها للغير بفعل الأعمال الإدارية المشروعة أو غير المشروعة


يلعب القاضي دورا هاما في إصلاح الأضرار التي تسببت فيها الإدارة  سواء نتيجة أخطاء موظفيها أو بسبب الإخلال بالتزاماتها التعاقدية أو في إطار ما يعرف بالمسؤولية الإدارية في حالة مخاطر الجوار أو بالأشغال العمومية و ذلك عن طريق القضاء بمبلغ للتعويض 
و عليه فإن كل محاولة من الإدارة في الاستيلاء أو النزع لعقارات خاصة لا ترمي إلي تحقيق النفع العام تكون باطلة ، تعدت الإدارة من خلالها علي حقوق و مراكز الملاك و تعد اعتداء مادي يرتب مسؤوليتها 
و حق الطرف المتضرر فيطلب التعويض عن طريق دعوى التعويض
و  يمكن تصور قيام المسؤولية الإدارية في هذا المجال في الحالات التالية / 
 أولا /  حالة التعدي المادي علي الأملاك العقارية التابعة للفرد كان تستولي علي عقاره  دون أن تكون حاجة لذلك و دون  أن تستند في ذلك لنص قانوني و دون أن تتبع الإجراءات اللازمة أي أن تتعسف الإدارة فقط  
و من الأمثلة العملية  في هذا المجال ما قضت به الغرفة الإدارية لمجلس قضـاء الشـلف  في قضــية     "م" ضد رئيس المجلس الشعبي لبلدية عين الدفلى, أين طالبت المدعية بإلزام المدعى عليها بأن تدفع لـها مبلغ "1.958.400,00 دج"  مقابل قيمة القطعة الأرضية المحتلة، ومـبلغ 200.000,00 دج مــقابـل حرمانها من استغلال حقوقها العقارية،  مؤسسة دعواها على أنها مالكة لقطعة أرضية بسندات رسمية وأن البلدية قامت بالتعدي والاستيلاء عليها، وهذا بشق طريق في ملكيتها واستولت على مساحة 20 آر و40 س، وقد وعدتها البلدية بتعويضها بقطعة مماثلة ولكنها لم تفعل، وقد اعتبرت الغرفة الإدارية في تأسيسها أن تصرف البلدية يعتبر تعديا وبالتالي قيام مسؤوليتها ما دامت لم تقدم أي وثيقة لتبرير تصرفها, بالإضافة 
إلى تقرير الخبرة الذي أمرت به الغرفة والذي يؤكد عملية التعدي، أين قضى المجلس بإلزام بلدية عيـن الدفلى بأن تدفع للمدعية مبلغ "979.200,00دج" كتعويض عن التعدي على ملكية المدعـية.
ثانيا / حالة التعدي من قبل الإدارة كحالة لجوء الإدارة إلى الهدم مباشرة دون اللجوء إلى القضاء أو الهدم الغير مبرر حيث قررت الغرفة الإدارية للمحكمة العليا.  على أنه «من المقرر قانونا  بالمادة 124 من القانون المدني أن كل عمل أي كان يرتكبه المرء ويسبب ضررا للغير يلزم من كان سببا في حدوثه بالتعويض و لما كان  ثابتا في قضية الحال أن البلدية قامت بالتعدي على الجدار و تحطيمه بدون  أن تحصل على حكم يرخص لها بذلك بحجة أن الحائط  تم بناؤه  بطريقة فوضوية رغم أن المستأنف  استظهر برخصة البناء و محضر إثبات  الحالة على أنه لم يغلق مجرى مياه الوادي كما تدعيه البلدية و 


عليه فإن البلدية تتحمل مسؤولية خطئها  مما يتعين  إلغاء القرار المستأنف الذي رفض تعويض المستأنف»
ثالثا /  قيام المسؤولية الإدارية على أساس مبدأ المساواة أمام الأعباء العامة أسس التعويض في هذه المسؤولية تختلف عن أسس المسؤولية المدنية ، لأنه لا يعوض في المسؤولية الإدارية علي أساس المخاطر لا يعوض عن الضرر إلا إذا وصل درجة من الجسامة و هذا تكريسا لمبدأ مساواة المواطنين أمام الأعباء العامة  ففي حالة ما إذا تم الإستيلاء علي عقار مملوك للفرد أو شغله لمدة معينة فإنه من حق طلب التعويض علي أساس ما فاته من كسب و ما لحقه من خسارة كما نصت المادة 681 مكرر3 من القانون المدني ".... يتعلق هذا التعويض بإصلاح الضرر المتسبب و مكافأة العمل و الرأسمال وكذا بتعويض كل نقص في الربح "  هي حالة لا يمكن إسنادها  إلى خطأ مرفقي أو مخاطر غير عادية إذ ينتج عن هذا الوضع تحميل شخصا ما عبئا أو ارتفاقا مع استفادة العامة منه مما يشكل خرقا لمبدأ المساواة أمام الأعباء العامة بالتالي يمكن للمعني رفع دعوى التعويض  أمام القضاء الكامل لجبر الأضرار اللاحقة به و يمنح التعويض في حالة تسبب المستفيد من الإستيلاء في نقص القيمة .
تجدر الإشارة أن المحكمة العليا قد استقرت علي اعتبارها أن مخالــفة هذا الإجراء تشكل اعتداءا  ماديا يرتب مسؤولية الإدارة و يمكن القاضي طرد الإدارة من العقارات المسـتولي عليها.

الفـصل الثـاني تعــدي الأفــراد على الملكـية العقـارية الوطنـية


               إن ظاهرة التعدي علي الأملاك العقارية الوطنية من طرف الأفراد ليست  بالجديدة ، فمنذ الاستـقلال  كانت البداية عن طريق الإستيلاء علي أملاك المعمرين الذين غادروا البـلاد و تـــركوا وراءهـم أراضي و عقارات مبنية و غير مبنية ، و كذلك أراضـي فلاحية و مستثمــرات و مـزارع كثيرة ، ضـنا  منهم أنـهم استـرجعوا أراضيهم المسلوبة منهم من طرف المستعمر ، و رغم أن الدولة قد أقرت قانـونا خاصـا بهـذه الملــكية  و لمعالجة وضعية هــذه الأملاك الشــاغرة فبمـوجب الأمر 62 /20 و الأمر 66 /102 آلت ملكية الأمــلاك الشاغرة للدولة ، أو وضعت تحت حماية الدولة إلا أنه تم الاستيلاء علي بعضها بوضع اليد عليها بغرض التمــــلك .
 وظاهرة التعدي هذه تتجلي في عدة مظاهر منها من يقوم  بحــيازة أملاك تابــعة للدولة  و هو يعلم بذلك فشغلها لفترات طويلة يقيم عليها ما يشاء من المنشــــئات و البــنايات ، حتـى تكــون له الاعتــقاد أنها ملكه يتصرف فيها تصرف المالك في ملكيته، و سكوت الإدارة في غالب الأحـيان علي هذا الاستيلاء  عزز هذا الاعـــتقاد 
و هناك من يضم العقار المجاور لملكيته ضنا أنه لا مالك لها و دون أن يبحث في أصل ملكيـتها ، أو أن يقيم بناء علي أرضه فيوسعه علي حساب أرض الدولة المجاورة لأرضه دون احــترام رخصة البـناء المقدمة له ،  هذا في غياب الرقابة البعدية للمنشآت من الهيئات المختصة ، وهناك من يقـوم بشــغل و استغلال هذه الأموال دون ترخيص من جهة الإدارة يجيز لهم مثل هــذا الشغل 
و الظاهرة الأخيرة اللافتة للانتباه هي ظهور مدن بأكملها وأحياء و أبنية قصديرية و منشـآت من العـدم في مناطق عديدة من البلاد تفتقر لأدنى قواعد التهيئة العمرانية والصحية، ودون احترام لأدنى المقاييـس والشروط المطبقة في هذا المجال و هي البنايات الفوضوية أو الأحياء القصــديرية المقامة عقارات ملك للدولة.
أصبحت البـناءات الفوضوية وغير الشرعية التي أنجزها عدد من المواطنين بطريقة غــير قانونية على مساحات سياحية ببلدية سوق الثلاثاء الواقعة  على شريط ساحل الغربي لتلــمسان  أين نجري تربصنا الميداني  تهدد ما لا يقل عن 100 هكتار من الفضاءات والمناظر السياحية والطبيعية الجميلة المتمثلة أساسا في مرتفعات وغابات وشواطئ رملية وصخرية، في الوقت الذي ستعتمد فيـه هــذه المنطقة كأحد القواعد السياحية بالولاية• وينتظر أن تطبق قوانين ردعية وعقابية ضد المتمردين على 


هذه المساحات تطبيقا للمراسيم التنفيذية أهمها المرسوم الصادر العام 1988 المتعلق بقوانين التوسـع السياحي وحماية المناطق السياحية 
 فبعد أن كانت البيوت القصديرية محصورة في أعداد قليلة و أحياء معينة ، انتشرت اليوم في معظم أنحاء الوطن بأعداد هائلة ، ورغم مجهودات السلطات لمكافحة الظاهرة و الحد من انتـشار هــذه البناءات  إلا أنها ظلت تنموا كالطفيليات  
 إن هذه الظاهرة كانت موجودة، لكن العديد من الأسباب قد ساهمت في تفاقمها و تزايدها في السنوات الأخيرة الشيء اللافت للانتباه ،و لعل الأسباب الأمنية كانت في المرتبة الأولي  بالإضافة  إلي أسباب أخري اجتماعية منها و أسباب إدارية هذا ما سنتطرق له في المبحـث الأول
 و تفاديا لهذه الأعمال الغير مشروعة أدي بالمشرع الجزائري إلي إصدار مجـموعة من  النصوص القانونية  و التي تبين كيف تعامل التشريع الجزائري مع هذه الظاهرة  بإبراز الأسـس و قــواعد اكتساب هذه الملكية لإضفاء صفة العمومية عليها  و كذلك  و هذا منذ الاستقلال و مــنذ تفشي هذه الظاهرة لمعالجتها و القضاء عليها و هذا سيكون موضوع  المبحث الثاني  
كما أقر آليات و أساليب مختلفة لحماية هذا الحق و تتــمثل الحماية الإدارية بمجموعة من الإجراءات الإدارية  و الحماية الجزائية  اللتان  يسعي من ورائهما إلي حماية حق الملكية العقارية و سنتناولها في المبحث الثالث 



المبـحـث الأول  أسبـاب تفـشي ظـاهرة تـعدي الأفـراد علـي الملكـية العـقارية الوطنـية


            إن تضافر العديد من الأسباب كان وراء تفشي ظاهرة التعدي علي العـــقارات التابعة لــلدولة و لعل تأثير بعضها كان كبيرا بالمقارنة مع الأسباب الاخري و هي عديدة سنتــناول أهمها كالأتي ، الأسباب الأمنية في المطلب الأول ، الأسباب الاجتماعية في المطلب الثاني و الأسباب الإدارية في المـطلب الثالث 

المطلب الأول /  الأسبـاب الأمنية 
            عاشت الجزائر في السنوات الماضية حالة أمنية حرجة كانت وراء ظهور العديد من المشاكل والظواهر و نتيجة لتراكمات هذه الفترة أعلنت حالة الطوارئ و انشغلت السلطات باستتــــباب الأمن و بالقضاء علي هذه الجماعات الإرهابية الدخيلة 

أن الأزمة الأمنية الحادة والأوضاع التي عاشتها البلاد في العشرية السوداء أفرزت تعقيدات كبيرة حالت دون الاستمرار في تطبيق السياسة العمرانية الجديدة  , مما جــعل بعض القـوانين  الهامة  تتأخر في الصدور لاسيما المتعلقة  الرقابة البعدية  و غيرها من الــقوانين المتــعلقة  بالعمران 

النزوح السكاني من الجبال و المناطق النائية و التي عرفت نشاطا مكثفا للجماعات الإرهابية  إلي المدن الكبيرة بحثا عن الأمان ، هروبا من التهديدات العديدة من الجماعات الإرهابية إنقاذا لحياتهم و سلامة أهاليهم تاركيين وراءهم ممتلكاتهم و أراضيهم الزراعية الخـصبة ومصــدر رزقهم  و عيشهم ،  لأن سكان هذه المناطق عانوا الويلات، و ما المـجازر المرتكبة في هـذه المـناطق إلا دلـيلا علي حجـم هذه المعاناة  و منه عرفت المدن نموا ســريعا. 

المطلب الثاني / الأسباب الاجتماعية

               التّخلف الاقتصادي والنزوح الريفي و النمو الدّيمغرافي المفرط كانت من الأسباب التي ساعدت علي التعدي علي الأملاك العــقارية التابــعة للــدولة

تدني المستوى المعيشي الذي يقاس بعدة مؤشرات اقتصادية، اجتماعية، ثقافية مثل الدخل، نسبة التعليم، المستوى الصــحي، معدل الــفقر
البطالة ففي غياب أي مصدر رزق مع غلاء المعيشة جعل الأفراد يقومون بشـغل عقارات تابعة للدولة بصفة غير مشروعة لإقامة عليها أي نشاط تجاري و هذا ما نلاحظه في صائفة كل  سنـة علي السواحل البحرية حيث يقوم فرد أو عدة أفراد بتسيج منطقة معينة ليقيم عليها مقهى  أو محل لبيع المأكولات الخفيفة، فمهما كان الدافع  ومهما كانت مساحة المنطقة المستولي عليها فأن هذا يعد تعدي علي الملكية العقارية للــدولة
النمو السريع  الذي عرفته المدن الجزائرية من حيث الحجم و العدد نتيجة النمو الديموغرافي فقـد تضاعف عدد سكانها ثلاث مرات خلال 20 سنة الماضية ، كما تضاعف عدد المدن التي يزيد عدد سكانها عن 100 ألف نسمة  ، وتشير الإحصائيات لسنة 2004 بأن عدد سكان المدن قدر بـ59 ٪ بينما سكان الريف قدر بـ 41 ٪ و يلاحظ أن مدن الوسط أكثر إكتضاضا من مــدن الشــرق و الغرب  وكانت التوسعات السكانية علي حساب أملاك الدولة 
نزوح السكان بسبب التركيز علي المدن في التنمية الاقتصادية  ، كما نجد كذلك بعد المــرافق الضرورية للمعيشة كالمدارس و المستشفيات عن الساكنين في المناطق النائية مشكل المواصلات كانت سببا لنزوحهم للمدن الكبيرة المجاورة أو القريبة ، فيقومون ببناء بناءات قصديرية عــلي عقارات تابعة للدولة  تفتقر من أدني وسائل الحياة كالماء و الكهرباء و مجاري صرف المياه علي أملاك البلدية أو غيرها من الهيئات التابعة للــدولة
أزمة السكن التي أرغمت المواطنين وخاصة الشباب المتزوج حديثا على بناء البيوت القصديرية، و لكن ما يلاحظ أن ترجع أسباب الانتشار الواسع للبيوت القصديرية إلى إدراك المواطـــنين لمدى تركيز الدولة لمجهوداتها للقضاء على هذه الظاهرة، إذ أصبحوا يبنون البيوت القصديرية  في مواقع حيوية وإستراتيجية  ملك للدولة للحصول سريعا على سكنات بعد أن قضوا سنوات طويـــلة في سكنات مستأجرة دون الاستفادة من السكن•، و أصبحت عند البعض تجارة إذ كانوا بعد أن يحصلوا علي سكنات اجتماعية يعمدون إلي بيع بــيوتهم القصــديرية بمبالغ باهظة إلي مواطنين آخرين للاستفادة بدورهم لتظل الأزمة تراوح مكانها ، و قد تفطنــت السلــطات المحلية مؤخرا  لهذه الممارسات، إذ يتم هدم كل البيوت القصديرية التي يتحصل أصحابها على سكنات  وتستــــغل أرضياتها حسب ما أكده الأمين العام لبلدية سوق أهراس في تجسيد مشاريع ذات منـــفعة عامة  
   إن مشكل البناءات الفوضوية من أكبر و أخطر المشاكل الحالية خاصة و أنها تسكن في ظـروف تنعدم فيها الشروط الأساسية للحياة ( الماء، الغاز، الكهرباء ) و في انعدام النظافة ساهمـت هـذه 

   العوامل  في انتشار الأمراض المزمنة و المعدية أحيانا كثيرة ، كما تشكل خطرا كبيرا في تزايـد الجرائم المنظمة و المتاجرة بالمخدرات، و تعتبر من المناطق الخارجة عن نطاق المراقبة أو التي يصعب علي الأجهزة الأمنية متابعتها و ملاحظتها و الوصول إليها ، حيث يفضل البعض العـيش بطريقة فوضوية لإخفاء جرائمهم و ممنوعا تهم .

المطـلب الثـالث / الأسـباب الإداريـة


            سنت الدولة مجموعة من القوانين و التي تكفل الحماية القانونية للأملاك الوطنية بصـفة عامة و الأملاك العقارية بصفة خاصة، و تحدد قواعد شغل هذه الأملاك و لكن في غياب جهاز تنفيذي لتطبيقها و توقيع رقابة صارمة عليها  خاصة و أن هذه القوانين في وقت أصبحت فيه البناءات الفوضوية مشكـلا عمرانيا فرض نفسه منذ ما يقارب ثلاثة عقود حالت دون توفير الحماية القانونية 

تصرف الإدارة المحلية على مستوى البلديات في الأراضي بشكل عشوائي، وامتدت تبعات  ذلك إلى المساس بالقطاع الفلاحي والمواقع غير المؤهلة للتعمير لوقوعها على شبـــكات نقل المياه الصالحة للشرب وقنوات نقل الغاز الطبيعي وخيوط الضغط العالي ، و لأملاك غير تابعــة لها كأملاك الولاية أو أمـــلاك الدولة 

عدم حصر الأملاك العقارية التابعة للدولة سواء التابعة للجماعات المحلية أو الجماعات  الأخرى فنجدها غير مسيجة و غير معينة الحدود عرضة للاستعمال  والشــــغل الغير شـــرعي

سكوت الإدارة أو الهيئات المختصة علي التعدي علي أملاكها سواء كان هذا السكوت بقصد أو بغير قصد بغرض المــحاباة و المـجاملة 

قلة أجهزة الرقابة المكلفة بمتابعة استغلال رخص الاستعمال و غيرها من الرخـص  أملاك الدولة التي تسمح بشغل هذه الأملاك، و التي تراقب حالات التعدي علي أملاك العقارية للدولة خاصة علي المستوى المحـــلي 



إن التعدي قد يكون في بعض الأحيان بفعل الإدارة نفسها أو بتهاون من موظفيها و في بعــض الأحيان بتواطؤ منهم ، إن البلديات قد استحوذت علي أراضي فلاحية خصبة تابعة للدولة وقاـمت بتجزئتها ثم بيعها للخواص للبناء عليها بصفة غير شرعية و دون أن تتدخل الهيئات المخولة قانونا لحماية أملاكها  

تأخر إجراءات مسح الأراضي لأن مسح الأراضي كما عرفته المادة الثانية من الأمر 75/74 بأنه يحدد و يعرف النطاق الطبيعي للعقارات و نوع العقار وحدوده وموقعه بدقة و هوية المالك الحقيقي للعقار و يشمل المسح الأملاك الوطنية الخاصة و العامة و عليه تستقر الملكية العقارية،  وهـذا ما سمح للأفراد في العديد من المناطق غير الممسوحة بشغل أرضي تابــعة للدولة .


المبـحث الـثانـي    تعـامل التـشريع الجـزائري مـع هـذه الظـاهرة 


              إن  مجرد إضفاء صفة العمومية علي الأملاك العقارية بإدراجها ضمن الأملاك الوطنيــة يصبح لها  وضع  قانوني خاص، و لهذا فإن المشرع الجزائري و لحماية الأملاك العقارية الوطنية مـن ظـاهرة  تعــدي الأفراد  عليها أصدر منذ الاستقلال مجموعة من النصوص القانونية تمكن الدولــة بموجبها من  اكتسـاب حــق الملكـية العقارية مباشرة بطرق خاصة بهذه الأملاك و أدرجها ضـمن الأملاك التابعة لها و كما سن نصوصا لحماية الملكية العقارية هذا ما سنتطرق إليـه في المطلـب الأول 
 كما بين الأسس و مبادئ فقهية الكفيلة بحماية هذه الملكية و  تميزها عن الملكية العقارية الخاصة بالأفراد و التي تجعل المساس بها يخضع لإجراءات استثنائية

المطـلب الأول 
 النصوص القانونية المنظمة لاكتساب الملكية العقارية الوطنية منذ الاستقلال

 يمكن للدولة أن تقتني الأملاك عن طريق و هذا باللجوء الي التعاقد مع  الأفراد بالمـعاملات العــادية كالشراء  ، هذا النوع من الأملاك لا يثير أي إشكال و إنما الإشـكال الحقيقي  و الصعوبة تثار في تلـك التي يتم اكتسابها دون سند و هي الحالة التي أشارت إليها المادة 688 من القانون المدني ".. تعتبر أموالا للدولة العقارات و المنقولات التي تخصص بالفعل أو بمقتضي نص قانوني "
 إذن يمكن للدولة أن تكتسب حق الملكية العقارية بمقتضي نص قانوني دون اللجوء إلي التعاقد ، و كـان ذلك بإصدار قوانين عدة و هذا منذ الاستقلال لاكتساب ملكية هذه العقارات و إدراجها ضمن الأمــلاك التابعة لها سواء بالنظر لطبيعة هذه الأملاك و أهميتها كالأنهار و الغابات ، أو بالنـــظر لوضعيـتها كالأملاك الشاغرة 
 ومن أهم القوانين المتعلقة بالملكية العقارية الوطنية التي أصدرت منذ الاستقلال هــي:
* الأمر 62 / 20  المؤرخ في 24/ 08/ 1962 المتعلق بحماية و تسيير الأملاك الشاغرة ،  كـان أول تشريع أصدرته السلطة الجزائرية ليعالج الفراغ التشريعي الذي عرفته الجزائر بـعد الاستقلال ، و كـان يتعلق بطرق و وسائل سير و حماية و المحافظة علي الأملاك الشاغرة التي هجرها أصحابها فعلي الرغم 

من العراقيل التي طرحتها المادة 12 من اتـفاقية أيفــيان  المـبرمة في 19 مارس 1962 القاضــية بوجوب عدم استغلال مزارع المعمرين الفرنسيين إلا بعد تقـديم مبلغ مالي كثمن لشراء هذه الأراضي ألا أن الحكومة الجزائرية و من أجل تجاوز ذلك قامت بإصدار هذا الأمر ، وقد حـدد هذا  الأمر مهلة ثلاثة أشهر للأشخاص الذين غادروا ممتلكاتهم أن يعودوا إليها في الأجل المذكور إلا اعتبرت أملاكهم شِاغرة و تؤول ملكيتها للدولة لكن هذا الأمر لم يعرف الأملاك الشاغـرة و لتفادي هذا الفراغ جاء المـــرسوم 63/88  المؤرخ في 18 مارس 1963 تحت عنوان تنظيم الأمـــلاك الشاغرة، و الذي عرف الأملاك الشاغرة في مادته الأولي   و حدد مدة شهرين لإعلان حالة الشغور لدمج هذه الأملاك المتخلي عنها من طرف الأجانب ضمن الأملاك الــشاغرة.
أيضا المرسوم 62 /03  المؤرخ في 23/ 10/ 1962 المتضمن تنظيم معاملات البيع و الإيجار إذ نص في مادته الأولي منه علي أنـه تمنع جميع عملـيات البيع و الإيجار و كـراء الأراضي التابــــعة للأمـلاك الشاغرة ، باستثناء التي أبرمت لصالح المجموعات المحلية و العمومية و لجان التسيير الذاتي المعتمدة من طرف السلطات العمومية 
* المرسوم 63 / 168 الصادر في 9 ماي 1963 و الذي بموجبه وضعت تحت حماية الدولـة أراضي الأشخاص الذين يشكلون خطرا أو يلحقون ضررا بالثورة الاشــتراكية 
* كذلك المرسوم 63/ 388 المؤرخ في 01/10/ 1963 المتعلق  بتأميم لمنــشآت الزراعية التابــعة للأشخاص المعنويين أو الطبيعيين الذين لا يتمتعون بالجنسية الجزائرية ، و عليه فإن العقود الـــتي تم إبرامها بعد 01 جويلية 1962 و المنصبة علي حقوق عينية عقارية ، سواء تم تحرير العقود داخل الوطن
 أو خارجه دون مراعاة هذه الأحكام تعد باطلة، و عليه فإنه بالرجوع للمادة 05 من نفس المرســـوم فإن العقارات التي كانت موضوع العقد أو العقود الباطلة تدمج ضمن الأملاك الشـــاغرة 



* الأمر 66/102  المتعلق بأيلولة الأملاك الشاغرة إلي الدولة ، و الذي نص في مادته الأولي " تنــتقل ملكية  الأموال المنقولة و العقارات الشاغرة إلي الدولة " معني ذلك أن انتقال ملكية العقارات  التـــي أصبحت شاغرة و لا مالك لها إلي الدولة بقوة القانون و لا أحد غير أصحابها يمكن منازعتــــها فيها 
* الأمر 71 /73  المتضمن الثورة الزراعية المؤرخ في 18/11 /1971 وهو الأمر الذي أحدث تغيـيرا جذريا في تنظيم الملكية العقارية  ، حيث أنه ألغي جميع القوانين و الأنظمة الزراعية السابقة ،و قام بتأميم الأراضي الزراعية ، و إدراج ملكيتها ضمن صندوق الثرة الزراعية ، فقد تم منح حق الملكـــية علي العقارات الفلاحية للدولة بعد تجريدها من مالكييها بقوة القانون ، و هذا الإجراء لا يخضع لرقابة القضاء باعتباره عمل من أعمال السيادة فقد ورد في مادته 22 بأن الأراضي الملحقة بالصندوق الوطني للثـورة الزراعية هي ملك للدولة كما أضافت في مادته 28 منه ما يلي " يلغي حق الملكية في كل أرض زراعية أو معدة للزراعة ، بالنسبة لكل مالك لا يقوم بالاستــغلال حسب هذا الأمر "، كما صدرت عدة مراسيم لاحقة له تبين كيفية تنفيذه
 هذا الأمر كان يهدف إلي تجميع الملكية لعقارية الفلاحية ، لتصبح ملكا للمجموعة الوطنية أي ملك للدولة فهي إذن غير قابلة للتصرف و لا للتقادم المكسب و لا للحــجز
نصت المادة 168 من الأمر المشار إليه أعلاه تمنع التصرف في الأراضي الزراعية أو المـعدة للزراعة سواء تعلق الأمر هذا التصرف بالبيع او الهبة أو التبادل أو القسمة للأموال الشائعة و أجاز إجراء  القسمة الاستغلالية إلي حين انتهاء عمليات الثورة الزراعية و عليه فكل العقود التي أبرمت خرقا لهذه  الــمادة تعتبر باطلة  .
* الأمر 74/ 26 المؤرخ في 20 / 02 / 1974 و المراسيم التطبيقية له  المتعلقة بتكوين  الاحتـياطات العقارية لصالح البلديات، تم علي إثره إدراج عقارات ضمن أملاك البلدية بقوة  القانون ، واكتـساب حق الملكية سواء كانت تابعة للدولة أو للخواص فكانت الوسيلة القانونية و سببا في إحداث تغييرات  جذريـة في المناطق الحضرية ، حيث تم علي إثره تحويل الأراضي الواقعة في المدن و المناطق الحضــرية أو القابلة للتعمير ضمن أملاك البلديات  ، و إذا كان هذا الأمر منع المواطنين من التصـرف في هـــذه الأراضي باعتبارها تابعة للبلديات إلا أنه حدد إجراءات تقوم بها البلديات كدمج هذه الأراضــي فــي 
احتياجاتها العقارية مقابل تعويض تدفعه البلدية للمالك مع مراعاة احتياجاته العائلية ، أما المساحة الزائدة فتدرج في الاحتياطات العقارية البلدية، و هذا الأمر هو الآخر منع التصرف في الأراضي الداخــلة في 

المحيط العمراني و استثني المشرع من هذا التصرف بالبيع لصالح البلدية التي يقع في دائرة اختصاصها العقار و عليه فإن العقود المخالفة لهذه القواعد تعتبر باطلة لا ترتب إلا آثار شخصية بين المــتعاقدين
* الأمر 75 /58 المؤرخ في26 سبتمبر 1975  المتضمن القانون المدني و لاسيما المواد 773 و 779 و 780 منه ، فهذه المواد تصرح بأيلولة حق الملكية الواردة علي العقارات الشاغرة و العقارات التي تنشأ عن تقلص مساحات البحار و الأنهار و البرك بقــوة القانــون
 * الأمر 75 / 74 المؤرخ في 12 / 11/ 1975  المتضمن إعداد مسح الأراضي العام و تأسيس السجل العقاري و المراسيم التطبيقية له أهمها المرسوم المتعلق بتأسيس السجل العقاري ، من  خلال هذا الأمـر تـم مسح الأراضي، و هـذا لتعريف و تحديد النـطاق الطبيعي للعقارات و تحـديد هويـة  مالكيــها أو أصـحاب الحقوق العينية العقارية، و الأعـباء التي يكون العقار مثقلا بها و يشمل المسـح  الأملاك الوطنـية بما فيها الأملاك الوطنية الخاصة و العامة و نفـس الأمر عـرف السـجل العقاري الــذي يضـبط الوضعية القانونية للعقارات و بالتالي يكون العقار محـــمي
* الـقانون 81 /01 المؤرخ 07/ 02/1981  المـتضمن الــتنازل عن الأمـلاك الـعــقارية ذات الاستـعمال السكني أو المهني أو التـجاري و الحرفي  التابعة للدولة و الجمـاعات المحلية و مكاتـب الترقية و التسيير  العقاري و المؤسسات و الهيئات العمومية ، رغم أن هذا القانون تضمن التـنازل  عن بعض الأملاك العقارية العامة إلا أنه بمجرد أنه حدد و حصر بدقة أنواع العقارات القابلة للتنازل عليها و شروط التنازل للمستفيدين بها ، فإنه يكون قد حمي الملكية العامة التنازل الفوضوي و  اللامشـــروع
* الأمر 85/ 01 الصادر 13/ أوت /1985  المحدد انتقاليا قواعد شغل الأراضي قصد المحافظة عليـها و حمايتها ، و يهدف هذا القانون إلي حماية الملكية العقارية و التعمير و ذلك بمنع الأشخاص من إقامـة بناءات كيفما كان نوعها أو موقعها إلا بعد حصوله علي رخصة بناء غير المشروع، و تسوية أوضــاع الشاغلين لعقارات مبنية أو قطع أراضي معدة للبناء ، اشتروها بعقود مخالفة للقانون أو حازوها  بطرق مخالفة للقوانين  و لاسيما المادة 13 منه ، التي تنص علـي ما يلي " كـل نقل ملكية عقارية  مخـالف لأحكام المادتين 8 و 9 أعلاه ، و أي نقل ملكية يتم بما يخالف القوانين المعمول بها ، ينجــر عنه بقوة القانون حلول البلدية محل أطراف ......" 
إن العقود المنصبة علي نقل الحقوق العينية العقارية ، و التي تكون مخالفة للقوانين المعمول بها مثــل العقود العرفية ، تعد باطلة  و بمقتضي هذه المادة  تدمج هذه الملكية  بقوة القانون في الأملاك الوطـنية 


التابعة للبلدية و تحول إليها دون مصاريف ولا تعويضات أراضي البناء التي نقلت ملكيتها بطـريقة غير رسمية قبل تاريخ نشر هذا الأمـر 
*المرسوم التنفيذي رقم 85/212 المؤرخ في 13/08/1985 و الذي نص في مادته 02 علي إمكانيــة تسوية وضعية شاغلي عقارات تابعة للأملاك العمومية و فرقت في هذا الشأن بين حالتين /
أولا: حالة الاحتلال الغير المشروع  للأراضي عمومية و البناء عليها دون أن يكون للشاغل سندا أو رخصة للبناء، و التسوية تتم بالتنازل لفائدة الشاغل الفعلي على الجزء الذي استعمل كقاعدة لتشــييد البناء غير أن التنازل في هذه الحالة يكون بدفع القيمة التجارية للأرض زائـد مبلغ تعويض يسـاوي كلفة البناء المشيد مخصوم منه قيمة مواد البناء التي جلبها  الشاغل المستــفيد.
ثانيا : حالة وقوع  احتلال الغير الشرعي و تشييد بناء على أساس سند أو رخصة تقييد التصـريح بالبناء، فإن الشاغل يعتبر حسن النية وعليه  تتم تسوية الوضعية بتسديد المستـفيد لقيــمة الأرض التجارية والتنازل له عن الأرض تمّ فوقها التشييد و ما زاد عنها ملك البـلدية.
* القانون 87/19 المؤرخ في 18/12/1987 المتضمن كيفية استغلال الأراضي الفلاحية التابعة للأملاك الوطنية و تحديد حقوق المنتجين و واجباتهم و قد انبثقت عنه عدة مراسيم تطبــيقية 
* قانون 90 /25 المتضمن التوجيه العقار بالمؤرخ في 18 /11 /1990 و هو القانون الذي يحـدد القوام التقني و النظام القانوني للأملاك العقارية بمختلف أنواعها ، و جاء ليبين الملكية العامة و الأملاك الوطنية العقارية و الملكية الخاصة ، و تصــنيف الملكية و القيود التي تـرد عليها و يـهدف إلي  اسـتـقرار الملــكية العقارية و توجيه كيفية استخدامها و استغلالها ، لكن الأهم في هذا القانون بالنسبة  لحــسم النزاعات العقارية يتمثل في إنشاء الفهرس العـقاري البـلدي الذي يستوجب القيام بجـرد عام  لـكل الأملاك العقـارية الواقعـة علي تراب كل بلدية، إن هذا القانون قد  ألغي قانون الثـورة الزراعــية و قانون الاحتياطات العقارية ، و جاء ليضع حـدا نهائيا للمضاربات و المنازعات المتعلقة  بالأراضــي المؤممة في إطار أحكام قانون الثورة الزراعية حيث ألغي أحكام هذا الأمــر
* قانون 90 /30  المؤرخ في 01 /12/ 1990   المتضـمن الأمـلاك الوطنية يحدد هذا القـــانون مـكونات الأملاك الوطنية و القواعد الخاصة بتكوينها و تسييرها و مراقبة استعمالها ، و تشمل الأمـلاك 
الوطـنية  جميع العقارات التابعــة للدولة و الجماعات المحـلية و تـتكون من الأمـلاك  العـمومية و الخـاصة  ، هـذه الأملاك كان ينظمها قانون رقم 84/16 و الذي ألغي بمـوجب هـذا القانـــون 


و بين طـرق و وسـائل الامـتلاك القـانونية منـها عقـود الشـراء ، التبــرع ، نـزع المــلكية للمـنفعة العـامة 
* قانون 04 / 21 المؤرخ في 30/12 /2004 المتضمن قانون المالية لسنة2005 نص في مادته 48   علي التسوية القانونية للحائز الظـــــاهر لأمـلاك الدولـة و التابـعة للهيـــــئات الإدارية 

المطلب الثاني / المبادئ القانونية التي تحمي الأملاك العقارية الوطنية 

          كما كرس المشرع الجزائري القواعد العامة لحماية الملكية العقارية و المتعلقة بالأملاك الوطنية  في المادة 4 و 66 من قانون 90/ 30 المؤرخ في 01/ 12/ 1990 المتضمن قانون الأملاك الوطنية و المعدل و المتمم بالقانون 08/14 فتنص المادة 4 " الأملاك الوطنية العمومية غير قابلو للتصرف فيها و لا للتقادم و لا للحجز، و يخضع تسييرها لأحكام هذا القانون مع مراعاة الأحكام الواردة في النصـــوص التشريعية الخاصة ، الأملاك الوطنية الخاصة غير قابلة للتقادم و لا للحجز ما عدا المساهمات المخصصة للمؤسسات العمومية الاقتصادية ...."  أما  المادة 66 منه فتنص علي أن القواعـد العامة لحماية الأملاك الوطنية العمومية تستمد من مبادئ عدم قابلية التصرف ، و عـدم قابلية التقادم ، و عدم  قابلية الحجز و أضافت نفس المادة " غـير أن تأسيس حقوق عينية حسب الشروط و الحدود المبينة في المواد 69 مكرر إلي 69 مكرر 5 أدناه، يمـكن منحه من الأملاك الوطنية العمــومية و كذا الارتفاقات التي تتوافق مع تخصيص الملك المعني"
1 ـ قاعدة عدم جواز التصرف في الملكية العقارية العامة /
 الأصل أنه لا يمكن التصرف في حق الملكية العقارية إلا إذا كان مكتسبا بصفة قانونية من طرف مــن أراد التصرف فيه، و أن يسمح القانون بذا التصرف ومن أهم النتائج المترتبة علي ثبوت صفة  العمومية 
و يعتبر مبدأ عدم جواز التصرف في الأملاك العقارية الوطنية من طرف الأفراد كنتيجة منطقية و حتمية لعدم جواز اكتساب حق الملكية علي هذه الأملاك ، فما دام أنه قد منع اكتساب هذا الحق بالتـــقادم عن طريق الحيازة مهما طالت مدتها فانه يؤدي حتما الي منع التصرف في هذا الحق ، لأنه مهـــما حـاز الشخص و استأثر باستعماله و استغلاله دون وجه حق ، لا يمكن له التصرف فيه ، ذلك لأن ملكيته ترجع للدولة و ليس للشخص فإذا قام هذا الأخير بالتصرف فيه فهو بمثابة تصــرف في ملــك الـــغير 
بالإضافة إلي ذلك فإن هذه القاعدة تمنع حتى الإدارة من التصرف في هذا الحق إلا في الحــالات التي يرخص بها القانون طالما أن العقار محتفظا بصفة العمومية ، فإذا أرادت التصرف فيه وجـب عليــها 


أن تقوم بتجريده من هذه الصفة ليدرج ضمن الأملاك العقارية الخاصة للدولة ، فإذا قامت بالتصرف فيه دون مراعاة هذا الإجراء كان تصرفها باطــلا 
لأن الأملاك الوطنية الخاصة إذا سمحت طبيعتها و الغرض الذي أنشئت من أجله أو الوظيفة  الموكلة لها  بذلك يتم التنازل عنها لفائدة الخواص كما هو الحال بالنسبة للأراضي الفلاحية أو القابلة للفلاحة و الـتي تم استصلاحها من طرف الأفراد فرغم أن ملكية هذه العقارات تعود للدولة إلا أنه  يمكن لهـذه الأخيـرة أن تتصرف فيها بموجب القانون رقم 83/18 المؤرخ في 13/08/1983 المتعلق بحـــيازة الملكـيـة العــقارية الفلاحية فتنازلت عن حقها في هذا الصنف من العقارات إلي المستصلحين.
2 ـ مبدأ عدم جواز اكتساب حق الملكية العقارية علي الأملاك الوطنية بالتقادم /
 هذه القـاعدة تمنع الأفراد من الاعتداء علـي حق الملكية المتعلق بهـذه الأموال ، و ذلك بمـنعهم من إمكانية إدعائهم باكتساب الملكية بالتقادم مهما طالت حيازتهم ، فلا يجوز لواضع اليد علي العقار، مهـما كانت طبـيعته أن يرفع إحــدى دعاوى الحيازة لأن هذه الدعاوى قد شرعت لحماية الحيازة  القانونية وبالتالي للإدارة الحق في استرجاع هذه الأموال مهما طالت مدة الحيازة و أن مجرد سـكوت الإدارة عن عمل يقوم به الغير في أملاكها العقارية لا يعني زوال التخصيص للنفع العام، و حيازة الأفراد للعـقارات التابعة للأملاك الوطنية بدون سند تعتبر حيازة غير مشروعة في نظـر القانون و بالتـالي فالقـانون لا  يحـمي حق الملكية المكتسب بوضع اليد علي هذا النوع من العقارات ، وهذا المـــبدأ يحـول دون اكـتساب أية حقـوق عينية أخري غير حق الملكية علي هذا الصنف من العقارات 
كما أقرت هذا المبدأ المادة 689 من القانون المدني التي تقضي بعدم جواز التصرف في أموال الدولة أو حجزها أو تملكها بالتقادم 
وهذا ما ذهبت إليه المحكمة العليا في العديد من قراراتها  و منها القرار الصادر بتاريخ 21/ 10/ 1990 تحت رقم 73271 جاء فيه " ... حيث تبين من التقرير المعد من طرف مصالح أملاك الدولة خلال سنة 1998 أن المساحة القطعة المتنازع عليها و التي تبلغ 02 هكتار ملك الدولة ، و طبقا لأحكام المادة 689 من القانون المدني فإن أملاك الدولة غير قابلة للتصرف فيها أو الحجز علــيها أو اكتسابها بالتقادم ، و بالتالي لا يمكن الحصول علي ملكيتها من طرف الطاعنين عن طريق الحيازة كما تنص المادة 827 من 
القانون ، حيث أن الأمر يتعلق بشاغليين بصفة غير قانونية لأراضي مملوكة للدولة فيمكن للــطاعنين الاستفادة من المرسوم رقم  85  / 212 المؤرخ 18/08 / 1985 كي يتحصلوا علي تسوية وضـعيتهم "

 
3 ـ قاعدة عدم جواز الحجز علي الأملاك العقارية الوطنية / 
تعتبر هذه القاعدة من أهم القواعد الأساسية لحماية حق الملكية فهي ضمان لبقاء و استمرار تخصــيص العقار للمنفعة العامة دون انقطاع ،و هي مكملة للمبدأين السابقين،  و ترجع الحكمة من هـذه القاعدة إلي أنه إذا كان نقل حق ملكية هذه الأموال من الإدارة إلي الغير غير جائز قانونا ، فإن التنفيذ الجـبري إلي هذه الأموال هو  بدوره ممنوع  ، و ذلك لأن الغاية من التنفيذ الجبري هي إجبار المدين لتسديد ديـونه و في حالة امتناعه تباع أمواله لاستيفاء كافة الديون  ، وما دام أنه لا يجوز التصرف في هذه الأمــوال و لا يجوز إخراجها من ذمة الإدارة إلي الغــير 
هذا المبدأ مقرر لمصلحة المرافق العامة فلو جاز الحجز علي الأموال العامة لتعطلت هذه المرافق العامة عن مهمتها و استعملت لغرض غير الغرض التي خصصت من اجله 
يري بعض الفقه في هذا الشأن أن هذه القاعدة تعتبر ميزة تتعلق بكافة الأمــوال التابعة للدولة ، فمن المتفق عليه أنه لا يجوز مباشرة إجراءات التنفيذ بأي حال من ألاحوال ضـــد الدولة 
تعتبر هذه القاعدة من النظام العام لأن الحجز علي الأملاك العقارية التابعة للدولة هو حجز باطـل بطلان مطلقان و يترتب علي ذلك أن القاضي يثيره من تلقاء نفسه و في أي مرحلة من مراحل  التي تكون عليها الدعوى،و يقوم هذا المبدأ علي أساسين /
الأول هو افتراض ملاءة لدولة أي قدرتها علي الوفاء بديونها و استحالة تصور إعسارها ، و أنـها قادرة علي تنفيذ التزاماتها دون ضغط أو إكراه
الثاني هو ترجيح المنفعة العامة علي المنفعة الخاصة لأن السماح بإمكانية توقيع الحجز علي العــقارات التابعة للدولة يؤدي لخروج هذه الملكية من ذمة الدولة، و علي هذا الأساس يعرض المصـلحة العــامة للخطر لأن العقار خصص لخدمة المصلحة العامة ، فلا يمكن التضحية بهذه المـنفعة العامة مقابـــل المصلـحة الخاصة









المبـحث الثـالث 
 آليـات حمـاية الأملاك العـقارية الوطنـيـة من تعـدى الأفــراد

           إن طبيعة الأملاك الوطنية بصفة عامة و الأملاك العقارية الوطنية بصفة خاصة، و التــي تميزها عــن الملكية الخاصة تجعل من وسائل الحماية هذه الأخيرة غير كافية ، فمن الضروري توفير حماية خاصـة بأساليب خاصة مغايرة للتي قررت لحماية الملكية الخاصة 

المطلـب الأول /  آليـات الحمـاية الإداريـة 

إن إضفاء صفة العمومية علي المال العام يقتضي إخضاعه لقواعد حماية مغايرة للتي قررت  لحمــاية الأملاك الخاصة بالأفراد ، و تتمثل في مجموعة من القواعد و الإجراءات تلتــزم بها  الإدارة لمواجهة الخطر الناجم عن تصرفات الأفراد، لأنه قد يحصل و أن يتم الاستيلاء علي عقارات تابع للأملاك الوطنية أو لجزء منه بدون أي سند قانوني ، و يدعي تملكه عن طريق الحيازة إذ نجد هذه الحالات كثـيرة  علي أرض الواقع كان يستولي شخص علي جزء من رصيف أو أرض شاغرة ليقيم عليها بناءات  حماية المال العام ، و ضبط الاستعمال الجماهيري له،و بالرجوع إلي قانون 90 / 30 المتــعلق بالأملاك الوطـنية نميز بيم نوعين من القواعد منها الوقائية و منها التدابير العلاجية 
أولا / الإجراءات الوقائية للحماية 
تقوم الدولة باقتناء أملاك عقارية بطرق العادية عن طريق تصرفات قانونية كالشراء و المبادلة ،  كمـا يمكن أن تكتسب هذا المال بطرق استثنائية كنزع الملكية للمنفعة العامة ، حالة الشــغور و حتـى تتم المحافظة علي الأملاك الوطنية المكتسبة أقر المشرع هذه الإجراءات الإدارية الوقائية و نلاحظ أن منها ما تكتسي طابع تقني بحت ، ومنها ما تكتسي طابع قانوني و لكن دون الخوض في الطبيعة التقــنية أو القانونية لهذه العمليات فسنتطرق لها بصفة عامة 
* التحديد /  فحتي يتم حماية حق الملكية العقارية للأملاك الوطنية أوجب المشرع تحديد هــذه الأملاك بصفة دقيقة و واضحة نافية للجهالة و يختلف هذا الإجراء باختلاف طبيعة العقار موضــوع الإجـراء 
أ ـ بالنسبة للأملاك الطبيعية نصت المادة 29 " تعيين الحدود هو معاينة السلطة المختصة لحدود الأملاك الوطنية العمومية الطبيعية و تبين هذه العملية بالنسبة للشواطئ البحر من جهة الأرض و بالنسبة لضفاف الأنهار ..... " الأملاك الطبيعية تمتلكها الإدارة بحكم الواقع و يتم إدماجها في الأملاك الوطنـية بصورة 


آلية  و بالرغم من هذا لابد  الإدارة أن تتدخل بموجب قرار إداري تصريحي  من أجل تعـيين حدود و طبيعة و مساحة العقار محل التملك ، فهذا الإجراء هو مجرد تقرير لحالة مفروضة، فالقرار  ذو  طبيعة كاشفة لحق الملكية و أن كان هذا الأخير موجودا قبل إصدار هذا القرار، وإجراء تعيــين الحدود  يتم بموجب تحقيق لضمان حماية حقوق الملاك المجاورين 
ب ـ إذا كانت الظواهر الطبيعية هي التي تضع حدود الأملاك العمومية الطبيعية دون أن تـترك للإدارة السلطة في تعديل هذه الحدود، فالأمر يختلف بالنسبة للأملاك الوطنية الاصطناعية التي تستلزم لتحديـدها  تدخلا من الإدارة بموجب قرار إداري 
و حماية لهذا الصنف من الأملاك العقارية أقر المشرع في نص المادة 28 من قانون 90/30 بنصــها
 " يمكن الإدراج في الأملاك الوطنية العمومية الاصطناعية علي أساس الاصطفاف بالنــسبة لطــرق المواصلات " أما المادة 30 " هدف الاصطفاف هو إثبات تعيين الحدود الفاصلة بين الطرق العـمومية و الملكيات المجاورة " فهذا الإجراء يوضح المدى الذي يمتد إليه العقار موضوع التصفيف ، و يبين حـدود الطريق و سلطات الدولة علي أملاكها هاته دون أن تقوم بالاعتداء علي ملكية الغير، و في حالة توسيـع الطريق تدمج الأملاك المجاورة عن طريق نزع الملكية  ، و بالمقابل يمنع علي  هذا الغير المـجاور من الاعتداء علي الملكية التي تم تصفيفها بالاستعمال أو الاستغلال، و في حالة إلغاء التصفيف يمكن للمـلاك المجاورين استعمال حقهم في استرداد المساحات التي كانت محل التصفيف و السلطة مصدرة القرار هي حسب الاختصاص فالوالي في الطرق الولائية ،و الوزير في الطرق الوطنــية 
* التصنيف / تعرف المادة 31 أن  التصنيف هو عمل السلطة المختصة الذي يضفي علي الملك المنقول أو العقار طابع الأملاك الوطنية العمومية الاصطناعية ، أما إلغاء التصنيف فهو الذي يجرد المــلك من طابع الأملاك الوطنية العمومية وينزله إلي الأملاك الوطنية الخاصة ،  من استقراء هذه المادة يتضح  أن التصنيف هو إجراء قانوني إداري يجسد عملية إدراج العقار و اكتساب صفة العمومية ، كما يعتبر إجراءا لحماية الملكية المصنفة لما يحدثه من آثار قانونية تجعل هذا العقار يحظي بحماية كبيرة و مميزة، فــهو ليس مجرد عملية إحصاء فهو يتعلق بالعقارات ذات الأهمية الخاصة التي تستدعي الحماية و التصـنيف يمتد غلي العقارات المبنية و غير المبنية الواقعة داخل مجال العقار المصنف وتمنح  العقار المصنــف ارتفاقات جديدة لم تكن تخدمه من قبل تتحملها العقارات المجاورة ، ومعني هذا أن إجراءات التصــنيف زادت من سلطات حق الملكية علي العقار المصنف بإحداث ارتفاقات جديدة تخدمه و تؤدي إلي الاستغلال الأحسن له 
* الجـرد /  تعتبر عملية الجرد التي تقوم بها الهيئات المسيرة للأملاك الوطنية إجراء إداري لحماية حق الملكية العقارية حيث تنص المادة 8 من قانـون90/30  " يتمثل الجرد العام للأملاك الوطنية في تسجيل 

وصفي و تقييمي لجميع الأملاك  التي تحوزها مختلف مؤسسات الدولة و هيـاكلها و الجماعات الإقليمية ... هدفه ضمان حماية الأملاك الوطنية و الحرص علي استعمالها وفـقا للأهــداف المــسطرة لها "
أدرج المشرع هذه العملية قصد معرفة الأملاك الوطنية معرفة دقيقة و تحديد حركيتها أثناء الاستعمال أو الانتقال ، فتتولي هذه المصالح إعداد جرد عام للأملاك التي تسيرها بالتنسيق مع مصالح أمـلاك الـدولة  لتعكس الوضعية الحقيقية للأملاك العقارية للدولة
 الرقـابـة / تناول قانون الأملاك الوطنية رقم 90/30 مسألة الرقابة في المادة 24 و التي تنص " تتولي أجهزة الرقابة الداخلية التي تعمل بمقتضي الصلاحيات التي يخولها إيـاها القانون و السلطة الوصية مـع رقابة الاستعمال الحسن للأملاك الوطنية و فقا لطبيعتها و غرض تخصيصها، و تعمل المؤسسات المكلفة بالرقابة الخارجية حسب تخصص كل منها وفق الصلاحيــات التي يخولها إياها التشريع " و جـاء في المذكرة رقم 05 المؤرخة في 21 /09/ 1998 للسيد رئيس الحكومة   بخصوص  تبديد الممتلكات التابعة للأملاك الوطنية علي أسـاس أنه توجد استفادات من عقارات مبنية تتم من باب المجاملة و المحاباة علي مستوى عدد معين من الجماعات المحلية و هي القـرارات تخالف بشكل صـارخ أحكام القانون 90/30  المتضمن الأملاك الوطنـية و القانون 81 /01 و المتضمن التنازل عن الأملاك العقارية وكـذا التعليمة 17 المؤرخة في 19 أفريل 1996 و المتعلقة بالمحافظة علي الممتلكات التابعة للأملاك الوطنـية، و فيها دعي رئيس الحكومة إلي إلغاء كل العقود المتخذة بما يخالف النصوص المذكورة سابقا مع ممارسة رقابة صارمة علي المداولات لجان التنازل عن أملاك  الدولة، و لجنة المساعدة علي تحديد أماكن الاستـثمار و ترقيته و بصفة أعم كل الأعمال الخاضعة للإجراءات الخاصة بأمـلاك الدولة وهذا لتـوفير حـماية  أكبر للمـمتلكات العامـة 
و جاء كذلك في المذكرة رقم 04318 الصادرة عن مديرية أملاك الدولة بتاريخ 27 أكتوبر 1998 أنه ما دام القانون رقم 90/30 قد أعطي كل الصلاحيات الأساسية لإدارة أملاك الدولـة في ممارسـة الرقـابة الدائمة فيما يخص شروط استعمال الأملاك العامة و الخاصة و علي هذا الأساس فإنه يسـتلزم العمل بكل الوسائل القانونية لوضع حد ، في كل وقت لأي عمل مخالف للتشريع و التنظيم الساريين المفعول ،  ففيما يتعلق بحماية الأملاك الوطنية فقد أكدت علي ضرورة جمع كل الوسائل لتأسيس الجـدول العام للأمـلاك الوطنية و الذي يستلزم مسبقا عمليات دائمة ترمي إلي تحديد جميع الأملاك العمـومية المخصصة و غير المخصصة و القيام بإحصائها و تسجيلها ، و يتعين كذلك علي مديري أملاك الدولة و ممثلهم أن يمارسوا كل صلاحياتهم و باحترام صارم للقوانين السارية المفعول ضمن مختلف اللجان التي يشاكون فيها و تفعيل إجراءات إدارية للرقابة صارمة


 ثانيا /الإجراءات الإدارية العلاجية
 الإجراءات الإدارية السابقة المقررة لوقاية حق الملكية العقارية الوطنية لم تمنع الاعتـداءات  الكثـيرة عليها الشيء الذي دفع المشرع الي سن قواعد لمعالجة مثل هذه الوضعيات وهي/
ـ الاعتراض : خول القانون للهيئات الإدارية المكلفة بتسيير و حماية الأملاك الوطنية من الاعتـراض علي إثبات حق الملكية العقارية لفائدة أشخاص حازوا علي عقـارات بـدون سـند ، و أهـم إجراءات الاعتراض ما ورد في المرسوم رقم 83/352 المؤرخ في 21/05/1983  فقد أوجب هذا المرسوم علي محرر العقد أن يخـطر مديرية أملاك الدولة ، و رئيس المجلس الشـعبي البلدي الذي يقـع فـي دائرة اختصاصيهما العقار حين القيام بإعداد عقد الشهرة المتضمن الاعتراف بالملــكية لفائدة الحـائز للعقار  
و علي إثر هذا الإخطار ما علي هاتين الهيئتين إلا التحقق في الوضعية القانونية للعقار فيــبديان رأيهما بالموافقة و عدم الاعتراض إذا وجدا أن العقار غير مملوك لهما و في حالة العكس يستوجب عليهما إبلاغ قراريهما بالاعتراض علي إعداد عقد الشهرة نظرا لكون العقار ملكا لأحدهما و في هذه الحالة يمنع إعداد المحرر و  يبقي له  التوجه للقضاء للمطالبة بالملكية ، و عليهما أن يبديا رأيـهما ضمن الآجال القانونية و هي المحددة بأربعة أشهر إبتداءا من تاريخ تلقيـهما الالتمـاس 
كما ورد الاعتراض كذلك في المرسوم التنفيذي 91 /254 المحدد لكيفيات إعداد شهادة الحيازة و تسليمها في مادتيه 09 و 11 فقد نصتا علي ضرورة إخطار رئيس المجلس الشعبي البلدي بإعداد شهـادة الحيازة لفائدة طالبهــا
و الحكمة التي توخاها المشرع في وجوب إخطار رئيس المجلس الشعبي البلدي و مديـرية أملاك الدولة حين إعداد عقد الشهرة المثبت لحق الملكية العقارية ، و إعداد شهادة الحيازة  هو حماية الملكـية العقارية المتعلقة بالأملاك الوطنية بما فيها الأملاك الوقفية باعتبار أن أملاك هاتين الهيئتين تدخل ضـمن الأملاك الوطنية طبقا للمادة 2 من القانون 90 /30 
إضافة إلي هذا فقد ذهبت الحكمة العليا إلي حد قبولها الاعتراض خارج الآجال القانونية المحـددة أمـام القضاء و هذا في قرارها الصادر بتاريخ 29 /03/2000 تحـت رقم 190541 جــاء فيه " إن عـدم الاعتراض علي إجراءات الشهرة أمام الموثق لا يمنع البلدية من التدخل في النزاع و الطالبة بإبطال عقد الشهرة كما أن تقدير قيمة وزن الأدلة من المسائل الموضوعية التي يعود تقـديرها إلي قضاة الموضوع " 


كما جاء في التعليمة 4318 الصادرة عن مديرية أملاك الدولة الحث علي الاعتـراض علـي مستـوى مصالح أملاك الدولة و الحفظ العقاري علي كل عملية تسوية وضعية منح العقارات من طرف الجماعات المحلية بطريقة تكتسي طابع المجاملة و بدون احترام التشريع و التنظيم الساريين المفعول 
 إن ما نلاحظه في إجراء الاعتراض أن المشرع قد أعفي هذه الهيئات من مشـقة البحث علي من قاموا بالإستيلاء علي هذه الأملاك نظرا لصـعوبة هذه المهمة، و جعل هؤلاء الأشخاص علي التصـريح عن نيتهم في التملك عن طريق إخطار هاته الهيئات و وجوب الحصول علي موافقتهم و إمكانية الاعتـراض عليها عند حصول اعتداء علي الأملاك العقارية التابـعة للدولة 
* الطرد و إزالة الأشغال الغـير مشروعة / في حالة الشغل الغير شرعي للأملاك العقارية التابعة للدولة ويكون مـتى ثبت فعلا أن شاغل العقار قد اعتدي علي ملكية الدولة، كأن شغـلها بدون رخـصة أو بعد انقضاء أجل الرخصة يمكن للإدارة طرد الشاغل من  العقار المعـتدي عليه، و هـذا الإجـراء هــو التنفيذ التلقائي و بأن تقتضي الإدارة حقوقها دون اللجـوء إلي القضاء 
و لكن ما يلاحظ أن هذه الهيئات الإدارية عند معاينتها للتعدي تحبذ إجراءات الطـرد عن طريق القضاء دون اتخاذ المبادرة بالطرد، و هذا راجع لتـخوفها من النتائج السلبية التي قد تنجر تعود عليها بالمسؤولية اتجاه شــاغل العقار 
كما يحدث وأن تقام بــناءات علي ملكية الدولة و هي ما تعرف بالبناءات الفوضوية ، أو في حالة عدم احترام مخطط البناء بأن يعتدي علي جزء من الملكية العامة من المجاورين أو إقامة بناءات غير مسموح بها من شأنها أن تضر بالملكية العمومية، فقد منع المشرع إقامة بناءات بجانب موقع أثري دون احتـرام مسافة التراجع التي تشكل منطقة غير قابلة للتشييد، هذه الأخيرة فرضت من أجل الاستعمال و الاستغلال الأحسن لما خصصت له هذه المواقع   هنا يمكن للإدارة كذلك في حالة الضرورة   دون اللجــوء إلي القضاء اتخاذ قرار بإزالة الشغل الغير شرعي و تنفيذه لأن التنفيذ المباشر للهدم لا يجوز إلا في الحالات التي ينص عليها القانون أو في حالة التعدي علي جزء من الأملاك الوطنية العموميـة لأن الإدارة تملـك صلاحيات الضبطية الإدارية في مجال المحافظة عليها و حمايتها أما في ماعدا هذه الحالات فهي ملـزمة باستصدار حكم أو قرار قضائي ، و لكن و كما أشرنا سابقا فإن الإدارة تلجأ غالبا إلي القضاء هذا الأخير الذي أيد الطرح الخاص بالإزالة التعدي بالطريق الإداري حيث أقر أنه يمكن للإدارة أن تلجأ إلي الهـدم التلقائي للبناءات التي تخالف أحكام المادة 50 من إعمالا للمادة 53 من المرسوم التشريعي رقم 94 /07 المتعلق بشروط الإنتاج المعماري ، فقد ورد في قرار مجلس الدولة الصادر بتاريخ 03/09/1999 تحت 

رقم 164638  حيث أكد أن السلطة الإدارية مؤهلة إلي لهدم البناءات المشيدة علي ملكية عقارية عامة  دون رخصة و هذا دون اللجوء إلي القضاء 
ـ إصدار لوائح عامة و التي من شأنها أن تبين قواعد شغل الأماكن العامة وهدفها حماية المال العام و ضبط الاستعــمال الجماهـيري له 
ـ إن أهم التعديلات التي أدخلها قانون 04/05 المؤرخ في 14 /08/2004 علي قانون التهيئة و التعمير هي الرقابة البعدية التي تمارس هيئات مختصة لمراقبة مدي احترام رخصة البناء ، و ذلك بإلزام رئيـس المجلس الشعبي البلدي و الأعوان المؤهلين قانونا بزيارة كل البنايات في طور الإنجاز و القيام بالمعاينات الضرورية و الإطلاع علي الوثائق التقنية الخاصة بالبناء و منح أعوان البلدية المكلفــين بالتعمير صفة الضبطية القضائية لمعاينة مخالفات التعمير، كما يمكنها هدم البناءات أو المنشآت المعتدي بها علي ملكية الدولة  دون اللجوء الي القضاء عند  عدم احترام مخطط البناء بان يعتدي علي جزء من ملكية مجـاورة له تابعة للأملاك الوطنية ، أو إقامة بناءات غير مسموح بها من شأنها أن تضر بالملكية العمومية كإقامة بناء بجانب موقع أثري دون احترام مسافة التراجع ،  و عليه فإن قواعد التهيئة و التعمـير ليس لها دور فقط في المحافظة علي النسيج العمراني و مراقبته من طـرف الإدارة ، و إنما هي  ستوفر حـماية أكثر لحق الملكية  العقارية بصفة عامة و للأملاك العقارية الوطنية بصفة خاصة  لأنه و في إطار الرقابة سيتم الكشف عن التعديات الواقعة علي العقارات التابـعة لـلدولـة 
 * ضرورة القيام بالإجراءات في الحال بعد ملاحظة التعدي علي الأملاك العقـارية التابعـة للهيـئات الإدارية، و عدم التمـاطل و التهاون في القيام بالإجراءات التي يتطلبها القانـون .








المطلب الثاني / آلــيات الحماية  الجزائية  
             إن المساس بحق الملكية العقارية يخول صاحبه الحق للجوء للقضاء المدني للمطـالبة بـرد التـعدي مـع التعويض عنه في حالة ثبوت الضرر ، و لكن نظرا لأهمية هذا الحق المكرس دسـتوريا من جهة ، وأهمية هذه الأملاك الواقع عليها الاعتداء و علاقتها بمرفق عام و مساسها بالمصلحة العـامة تدخـل المـشرع الجزائي ليجـرم بعض الأفعال وأفرد لها نصوصا خاصة سوءا في قانون العقوبات أو في القوانين الخاصة الاخري، و هذا حماية للنظام العام و الهدف من سن هذه النصوص هــو المحافظة علي الملكية العقارية ضد أي اعتداء عن طريق تقـرير عقوبات جزائية ردعية لكـل معتدى  و تختلف قـواعد لحمـاية الجـزائية باختلاف طبيعة الملكية المعتدي عليها، و لعل أفضل حماية جزائية يتمتع بها حق الملكية العقارية هو ما ورد في نص المادة 386 من قانــون العقوبات، و سنتطرق و لهذه الجرائم المكرسة في قانون العقوبات و القوانين الخاصة 

الفرع الأول / الحماية الجزائية وفقا للقانـون العـام

لقد جاء في قانون رقم 90 /30 المتضمن الأملاك الوطنـية بتدابير لمنع استـغلال الأملاك الوطنية إلا بإذن مسبق، حدد في هذا الإذن الحدود و الضوابط التي ينبغي التقيد بها من طرف كل مسـتغل لأمـلاك الدولة ، كما نصت المادة 136 منه " يعاقب علي كل أنواع المساس بالأملاك الوطنية كما يحددها  القانون طبقا لقانون العقوبات " و عليه فكل مساس و اعتداء علي الأملاك الوطنية  يخضع  للمادة 386 من قانون العقوبات باعتبارها القاعدة العامة التي تحكم التعدي علـي الأمـلاك العـقارية خاصـة كانـت أو عامة 
نصت المادة 386 من قانون العـقوبات علي " يعاقب بالحبس من سنة إلي خمس سنوات و بغرامة مـن 2000 إلي 20000 دج كل من انتزع عقارا مملوكا للغير و ذلك خلسة أو بطريق التدليس ....." 
أولا / عناصر جنحة التعدي علي الملكية العقارية 
لا تقوم هذه الجريمة إلا إذا توافرت أركانها وما نستشـفه من نص هذه المـادة أن فـعل الإستيلاء علي الملكية العقارية لا يرتب المسؤولية الجزائية إلا في حالة انتزاع العقار المملوك للغير مع اقتران هذا لفعل المادي بصفتي الخلسة و التدليس، تنفرد هذه الجريمة بهاذين العنصرين /
أ ـ انتزاع عقار مملوك للغير و الذي بدوره يتكون مــن:
* فعل انتزاع عقار و المقصود به هو قيام الفاعل بسلوك إيجابي هو النزع، و الانتــزاع و أخذ  العقار بعنف و دون رضا المالك أي غصبا و رغما عن صاحبه ونقل حيازة العقار المعتدي عليه إلي الفاعل بنية 


الإستيلاء عليه ، كما يشترط في هذا الفعل أن يكون غير مشروع لأن القانون قد يرخص بالنزع و بتوافر هذه الرخــصة لقانونية تنتفي عدم مشروعية الفعل  
* أن يكون العقار محل الانتزاع مملوك للغير بموجب سند رسمي مشهر، أو في حيازته حيازة صحـيحة و مشروعة وهذا وقت القيام بالفعــل المجرم، هذا الشرط أكدته المحكــمة العليـا في قرارها الصادر بتاريخ 05 / 11 / 1991 " إن المادة 386 من قانون العقوبات تقتضي أن العقار مملوكا للغير ، ومن ثمة فإن قضاة الموضوع الذيـن  أدانوا الطاعنين ـ في قضية الحال ـ بجنحة التعدي علي الملكية العـقارية دون أن يكون الشاكي مالكا حقيقيا يكونون قد أخطئوا في تطبيق القانـــون "
ب ـ اقتران الانتــزاع بصفتي الخلسـة و التدليـس 
لكن رغم أهمية صفتي الخلسة و التدليس اللتان تشكلان العنصران الجوهريان في تكوين جنحة التعـدي علي الملكية العقارية ، إلا أن المشرع لم يأتي بتعريف لهما فتـرك المجال مفتوحا للاجتــهاد القضائي لإعطاء تعاريف مناسبة لهما حسب القضايا  المعـروضة عليه
 و من خلال ما جاء في القرارات الصادرة عن المحكمة العليا يمكن تعريفهما بما يلي /
* الخلسة / هي قيام الجاني بفعل انتزاع الملكية العقارية خفية و بعيدا عن الأنظار المالك، و دون علمـه بمعني أنه يقوم بسلب الحيازة عن طريق الاستــيلاء علي الملكية العقارية بطريقة مفاجئة غير متوقعة و دون علم و موافــقة صــاحب الحـق  
* التدليس / إعادة شغل العقار من جديد غصبا و دون رضا المالك بعد أن تم إخلاءه ، وبهذا المعني فإنه يختلف عما هو معروف في القانون المدني، و قد اشترط القضاء الجزائري من أجل اصباغ صفتي الخلسة و التدليس علي فعل الإستيلاء علي الملكية مايلي /
* صدور حكم نهائي يقضي بالإخلاء: يجب أن يكون هذا الحكم نهائيا قابلا للتنفيذ يقضي بطرد المستولي من العــــقار 
* إتمام إجراءات التبليغ و التنفيذ التـي تتـمثل في العناصر التالية 
 ـ ان يباشر التبليغ و التنفيذ عون مؤهل و هو المحضر القضائي و أن يكون صحيحا  
 ـ أن يباشر التنفيذ بالسائل الودية أولا ، فإن لم يستـجب المحكوم ضده يلجأ إلي التنفيذ الجبري، فان لم ينفذ الحكم القاضي بالطرد وبقي المتهم حائزا  للعقار لا تقوم جنحة التعدي علي الأمــلاك العقــارية  

* عودة المحكوم عليه المنفذ ضده للاستيلاء علي العقار : يعتبر أهم الشروط لإصباغ  صفتي الخلسة و التدليس علي فعل الإستيلاء ، و هذا هو جوهر اختلاف بين هذه الجريمة و جرائم أخري ، لأنه في نظـر القضاء الجزائري مجرد الدخول لعقار مملوك للغير لا يستوجب المسؤولية الجزائية ، و إما تقوم الجريمة في حالة العودة للاستيلاء علي نفس الملكية العقارية للمرة الثانية بعد طرد المعتدي عن طـريق القضـاء 
ثانـيا  / العقــوبة 
إذا توافرت أركان جنحة التعدي علي الأملاك العقارية قامت المسؤولية الجزائية للمعــتدي ووجب العقاب، و هذا لتوفير الحماية للملكية العقارية سواء الخاصة أو العامة وبالرجوع لنص المادة 386 من قانون العقوبات نجد المشرع نص علي عقوبتي الحبـس و الغـرامة 
* الحبس / هي سلب الحرية لمدة معينة ونميز بين حالتين 
أ / الجنحة البسيطة و هي الحالة التي يقوم فيها الجاني بالاعتداء علي ملكية أو حيازة عقار مملوك لغير خلسة أو بالطرق التدليس و هي الحبس من سنة إلي خمـس سنوات 
ب / الجنحة المشددة إذا اقترن فعل الاعتداء بظرف من الظروف المشددة كأن يقوم بفعل الانتزاع  حاملا سلاح سواء استعمله أو لم يستعمله و سواء كان مخـبأ أو ظاهرا، فان العقوبة الحبس تضاعف الي سنتين كحد ادني و عشر سنوات كحد أقصي  دون أن يغير من وصفها الجزائي، كما أن اقتران هذا الفعل بأكثر من ظرف مشدد كما لو اقترن الإستيلاء بظرف الليل،حمل أسلحة، تعدد الجناة، استعـمالهم الكسر، السلق ....إلخ هذا لا يرفع مــن العــقوبة 
* الغرامـة / إن عقوبة الغرامة هي عقوبة أصلية في الجنح و يقصد بها إلزام المحكوم علـيه بأن يدفع مبلغ من المال إلي خزينة الدولة فقد ميز المشرع بين الجنحة البسيطة و الجنــحة المشددة 
أ  ـ الجنحة البسيطة الغرامة المقررة في الجنحة البسيطة تتراوح بين 2000 دج كحد ادني  إلي 20000 دج كحد أقصي إلا أن القاضي يمكنه النزول إلي ما دون الحد الأدنى عند إعماله لظروف التخـفيف التي تخضع للسلطة التقديرية للقاضي 
ب ـ الجنحة المشددة / إذا اقترنت هذه الجنحة بإحدى الظروف المشددة المنصوص عليها في المادة فإن، عقوبة الغرامة تتراوح بين 000 10 دج كحد أدني و 000 30 دج كحد أقصي 

الفرع الثاني / الحماية الجزائية في بعض القوانين الخاصة
سنتطرق للحماية الجزائية للملكية العقارية الوطنية من خلال بعض القوانين الخاصة منها قانون التهيئة و التعمير ، قانون المناجم و قانون الغابات .


1 / في قانون التهيئة و التعمير90 /29 المعدل بالقانون رقم 04/05 
*/ البناء بدون رخصة :يشترط في كلّ عمليات البناء الحصول على رخصة مسبقة و في غيابهـا فإن المشرع لا يعترف بأيّ حق مكتسب أو الحق في التسوية أو التصحيح ، تعد جريمة البناء بدون رخصة من أهم الجرائم الواقعة علي العقار،و لا يمكن التذرع بسكوت الإدارة عن البت في الطلب أو الانتهاء من البناء أو التقدم فيه وتتم المتابعة الجزائية طبقا لأحكام المادة 77  منه 
وقد  فرق المشرع من حيث العقوبة بين ما إذا تعلق الامر بتشييد بناية علي ارض تابعة للأملاك العمومية فتـكون العقوبة الغرامة 2000 د ج ، أما إذا وقعت المخالفة علي ارض تابعة للأملاك الخاصة الوطنية او الملكية الخاصة فتكون العقوبة بغرامة 1500 د ج 
*/ عدم مطابقة البناء للرخصة : ميز  القانون رقم 04/05 المعدل و المتمم لقانون التهيئة و التعمير  بين الإجراءات المتبعة في حالة البناء بدون رخصة و حالة عدم مطابقة البناء للرخصة البناء ففي هذه الحــالة المادة 76 مكرر 5 نصت على أن شرطة التعمير و هي المخولة قانونا بمعاينة المخالفة تحرر محــضر لإثبات  مخالفة عدم المطابقة، و يرسل إلى الجهة القضائية المختصة كما يرسل نسخة إلى الـوالي و رئيس المجلس الشعبي البلدي  في اجل لا تعدى 72 ساعة و الجهة المقصودة هنا هي الجهة الجـزائية طبقا للفقرة 3  من المادة  76مكرر5 ، و القاضي إما يقرر جعل البناء مطابق للرخصة أو الهدم الفعلي أو الجـزئي و يمنح للمخالف أجل ،  نلاحظ أن المشرع منح عن جديد الاختصاص للجهة القضائية الجـزائية تحــركها النـيابة أو الادعاء مدني عن طرف أية جهة قضائية  و نصت المادة على انه في حالة عدم الامـتثال للحكم في الآجال المحددة يقوم رئيس البلدية أو الوالي تلقائيا بتنفيذ الأشغال المقررة على نفـقة المـخالف طبقا للمادة 76 مكرر  5 .
*/ البناء خارج خط التنظيم : ويمكن تعريف جريمة البناء خارج خط التنظيم بأنها الجريمة التي يقوم فيـها المخالف بالبناء أو التعلية في الأجزاء البارزة عن خطوط التنظيم مع الملاحظة أن المقصود بخط التنظيم هو الخط المعتمد الذي يحدد الطريق و يفصل بين الأملاك الخــاصة و الأمــلاك العامة
 لقد حددت المادة 10 من المرسوم التنفيذي رقم 91/175 المؤرخ في 28 ماي 1991 المحدد للقواعد العامة للتهيئة و التعمير و البناء قواعد  الابتعاد عن الطريق عند البناء،ومن خلال هذا يمكـن استنـتاج العناصر المــكونة للمخـــالفة :
1/ إجراء أعــمال البنـــاء
2/  الخروج على الخط التنظيمي   
-

 خط الطريق : هو الخط الذي يحدد عرض الطريق عاما كان أو خاصا
- الطريق العام : هو الحيز المملوك للدولة و المخصص للمرور العام .
- الطريق الخاص : هو الحـيز أو الأرض المملوكة للأفراد .
- خط البناء : هو الخــط الذي يسـمح بالبـناء علــيه
* كما حدد المرسوم المذكور أعلاه خطوط التنظيم، إذ انه لا يمكن منح رخصة بناء بناية لتخصيص سكني إذا كان بعدها يقل عما سيأتي ذكره هذا نظرا لمتطلبات الصحة و الأمن سكان العمارة المزمع إنجازها /
-1 خمسين متـرا مــن كلا جـــانبي الطــريق الســريع .
2 ـ ثلاثين مترا من كلا جانبي الطريق الوطنية و الطرق الأخرى .
-3تعاد إلى أربعين و خمسة وعشرين مترا إذا كانت البناءات غير مخصصة للسكن
-4 لا يجوز إقامة اية بناية على بعد يقل عن ستة أمتار من محور الطريق بالنسبة للطرق التــي ليس لها مخطط تصفيف مصادق عليه ما عدا إذا كان الممر يعني تجزئة أو مجموعة سكنات تمت الموافقة عليها .
العقوبة المقررة / أن المشرع الجزائري لم يحدد لها نصا خاصا ولذلك نرجع إلى القواعد العامة لتكييف البناء خارج الخط التنظيمي بأنه بناء بدون رخصة و تطبيق عليه العقوبات السالفة الذكر أي المادة 77 قانون 90-29 و التي تنص :«يعاقب بغرامة تتراوح ما بين 3000 دج و 300.000 دج عن تنفيذ أشغال أو استعمال أرض يتجاهل الالتزامات التي يفرضها هذا القانون و التنظيمات المتخذة لتطبيقه أو الرخص التي تسلم وفقا لأحكامها ، و يمكن الحكم بالحبس لمدة شهر إلى ستة أشهر في حالة العود ».
2 / في قانون المناجم 01 / 10 
*/ جنحة شغل أراضي الحماية  دون ترخيص : نصــت المادة 179 من قانـون 01/10 المؤرخ في 3 جويلية 2001  و المتضمن قانون المناجم علي أنه"  يعاقب كل من يشغل بأية  وسيلة كانت أرضا موضوع قرار الحماية دون الرأي المسبق للوكالة الوطنية للجيولوجيا و المراقبة المنجمية بالحبس من شــهرين إلى سنتين وبغرامة مالية من 2000 دج الى 000 10دج" ،  و عليه فإن المشرع الجزائري اعتبر شـغل ارض موضوعة تحت الحماية دون ترخيص  جنحة يعاقب عليها القانون و المقصود  بأراضي الحــماية هـي المناجم  أما الرأي المسبق المشار إليه في المادة  فهي الرخصة التي  تسلمها الهيئة المختـــصة و هي  الوكالة الوطنية للجيولوجيا و المراقبة المنجــمية 
هذه الجنحة معاقب عليها بالحبس من شهرين الى سنتين و غرامة من 2000 دج الى 10.000 دج  ونلاحظ أن المشرع قد شدد في عقوبة بالمقارنة مع الجرائم الممـــاثلة و هذا بغـــرض حمـاية للمال العام

*/ القيام بنشاط الاستغلال منجمي دون سند او رخصة : نصت عليه المادة 187 من نفـــس القانون " يعاقب كل من قام بممارسة نشاط استغلال منجمي دون سند أو دون رخصة .... من سنة إلـي ثلاث سنوات و بغرامة مالية من 000 20 دج إلي 000 100 دج " إن هذا الحظر قرر لأنـه و قبل كل شيء تعلق بثروة من الثروات الوطنية من جهة و لأنه يمس بأمن و سلامة الأشخاص و البيئة، إذا لم تأخذ كل الاحتياطات اللازمة لهذا أقر لمشرع ضرورة الحصول علي رخصة للاستغلال تسلـم من طرف الوكالة الوطنية للممتلكات المنجمية بعد استشارة الوالي المختص إقليميا 
 يعاقب القانون علي هذه الجنحة بعقوبة الحبس من سنة إلي ثلاث سنوات و غرامة من 000 20 دج إلي 000 100 دج 
*/ جريمة ممارسة نشاط منجمي في مكان محمي: لقد نصت عليها المادة 189 من نفس القانون والتــي  اعتبرت كل من مارس نشاط منجميا مهما كانت نوعه في مكان محمي بالقانون أو بالاتفاقيات الدولية يعاقب بالحبس من سنتين إلى أربع سنوات،وبغرامة مالية ما بين 10.000 الى 50.000 دج .
3 / في قانون الغابات قانون 84/ 12  
*/ جنحة البناء في الأملاك الغابية أو بالقرب منها دون رخصة :   نصت المادة 77 من قانـون 84/12 المؤرخ في 23  جويلية 1984 المتضمن النظام العام للغابات  المعدل و المتمم بالقانـون رقـم 91/20 المؤرخ في 02/12/1991 على  معاقبة المخالفات  الواردة في المواد 27 ، 28، 29، 30 من هذا القانون 
إن البناء أو إقامة أي منشآت في الأملاك الغابية أو بالقرب منها لابد لصاحبها من استصدار رخصة من الهيئة المختصة و هذا لحماية المشرع بهذه الثروة الغابية من التعدي عليها 
وكل مخالفة للمواد السابقة تعرض المخالفة إلى العقوبة المقررة في المادة 77 من القانون و التي تتـمثل في الغرامة من 1000 دج الي 50.000  دج و في حالة العود يمكن الحكم على المخالف يعقوبة الحبس من شهر إلى ستة أشهر وهذا دون الإخلال بإعادة الأماكن إلى حالتها الأصلية .
و يتضح  أن العقوبات المقررة في قانون الغابات تكاد تكون بسيطة مقارنة بجـسامة الفـعل المـركب و الضرر اللاحق بالملكـية العامة 
*/ مخالفة الحرث أو الزرع في الأملاك الغابية الوطنية دون رخصة :  نصت المادة 78 من قانون الغابات على انه يعاقب كل من يقوم بالحرث أو الزرع في الأملاك الغابية الوطنية بدون رخصة بغرامة من  500 الى 2000 دج على كل هكتار و في حالة العود يحكم على المخالف بالحبس من 10 إلى 30 يوما و كل من 


قام بالزرع أو الحرث في الأملاك الغابية بدون أن تسلم له الرخصة من الجهة الإداريــة المختصة يكون مرتكبا للمخالفة المنصوص عليها في المادة 78 الجزاءات  حتى يتــم توفير حمايـة أكبر لـهذ الثروة الغابية ، قد منــح قانون الغابات موظـفي إدارة الغابات صفة الضبـطية القضائية لمعاينة المخالفات المرتكــبة في الأراضي الغابية و متابعة مرتكبيها جــزائيا ، كمـا أن لإدارة الغابات حق المطالبة بالتعويض بعد التأسيس في الدعـوى كطـرف مدني. 
 

خـاتمـة
               تعتبر الملكية العقارية من أهم الثروات التي يرتكز عليها اقتـصاد الــدول  ، فكانــت و لا تزال مصـدر أغلب الصراعات و النزاعات  بين الأفـراد عبر مختلف العصور و الأزمـنة
و لعل هذه الأهمية  تتجلي من خلال  حمايتها بموجب المواثيق الدولية كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان و الدساتير الدولية، كما أن أغلب التشريعات الدول سنت قواعد لحماية هذه الملكـية سـواء كانت عامة أو فردية، و المشرع الجزائري شأنه شأن البقية  فعبر ترسانة من القوانين أولها و أسـماها الدستور كفل حماية خاصة و متميزة لحق الملكية العقارية ، بعده القانون المدني باعتباره الشريعة العامة ثم القوانين العــقارية الأخـرى 
فبعدما منح الإدارة صلاحيات العامة و موسعة  في مجال  نزع الملكية للمنفعة العامة بصفــة عامـة باعتبارها طرق استثنائية و جبرية لكسب الملكية، و هــذا  ضــمانا لاستمرارية المرفق العام و عدم عرقلته غير أنه  إذا كانت تتمتع بصلاحيات الواسعة فإنه يمنع عليها أن تستعملها إلا بهــدف تحقيـق المنفعة العامة، فكرس بالمقارنة  نصوص عديدة لحماية الملكية العقارية الخاصة بالأفراد و منع تعسف الإدارة في ذلك إضرارا بالمالكيين  مع احترام مبدأ مساواة المواطنين أمام المرفق العام في تحمل أعبائه و الاستفادة مــن خدمــاته 
 يلعـب القاضي الإداري دورا أساسيا  في المنازعة الإدارية لتحقيق التــوازن بين المصلحة العامة و الحقوق الخاصة بالأفراد ، وتدخل الإدارة لتحقيق المنفعة العامة بإخضاع هذه الأخيرة لســيادة القانون وللحد من التصرفات غير الشرعية و التعديات المختلفة التي تلحق أضــرار معتبرة للأفراد  
و لكن الإشكال الذي يبقي مطروحا في مدي قدرة القاضي الإداري الجزائري في إيجاد توازن حقيقي بين المصلحة العامة و الحقوق الخاصة للأفراد، و إيجاد معايير لتحقيق المنفعة العامة ؟
نفس الحماية حظيـت بها الأملاك العـقارية الوطنيـة  من تعديات الأفراد المختلفة و المتواصلة منــذ الاستقلال ، فقد سن المشرع لها عدة قوانين  كقانون الأملاك الوطنية و هو قانـون 90/30 الذي عـرف تعديـلا بالقانون 08/14 الذي أكد علي المبادئ القانونية التي تحكم الأملاك الوطنية و كذا أقر أساليـب وقائيـة أو علاجية تـمنع التعــدي 
كما منح قانون التهيئة و التعمير في تعديله الأخير 04/05 بعض الهيئات صلاحيات إزالة التـعدي عنـد معاينته و ملاحظته من خلال الرقابة البعدية للبنايات و المنشئات و هذا دون اللـجوء للقـضاء و وفـق آجال و قواعد معيـنة     




قــائمة المـراجع 
المراجـع باللـغة العـربية 
الـمؤلفات العـامة / 
عبد الرزاق السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، حق الملكية، المجلد الثامن، دار النهضة العربية ، مصر.
حسين عثمان محمد عثمان، أصول القانون الإداري، دار المطبوعات الجامعية
حسين عثمان محمد عثمان، قانون القضاء الإداري، منشــورات الحلبي الحقوقية، 2006 
عمار عوابدي، القانون الإداري، الجزء الـثاني النـشاط الإداري، ديـوان المطـبوعات الجامعية، طبعة 2002 
علي خطار شنطاوي ، موسوعة القضاء الإداري ، الجزء الأول ، سنة 2004 ، دار الثقافة للنـشر و التـوزيع 
حسنين عبد العال محمد ، الرقابة الإدارية بين علم الإدارة و القانـون الإداري ، سنة 2004 
محي الدين القسي، مبادئ القانون الإداري العام، منشورات الحلبي الحقوقية لبنان، طبعة 1999      

 المـؤلفات الخاصة /
عمر حمدي باشا و ليلى زروقي، المنازعات العقارية،الطبعة الأولى، دار هومة، 2006.
حمدي باشا عمر، حماية الملكية العقارية الخاصة، دار هومة، 2002 . 
عمر يحياوي، الوجيز في الأموال الخاصة التابعة للدولة و الجماعات المحلية  دار هومة سنـة 2001 .
الفاضل خمار، الجرائم الواقعة علي العقار، دار هومة، 2006 .
لنقار بركهام سمية، منازعات العقار الفلاحي التابع للدولة، الطبعة الأولي، الوطني للأشغال التربوية ، سنة 2004 .
عمار عوابـدي، نظرية المسؤولية الإدارية، ديوان المطبوعات الجامعية، سنة 2004 
لحسين بن شيخ آث ملويا، دعوى تجاوز السلطة، دار الريحانة للكتاب، الجزء الأول، 2004 .
أنـور طلـبة، نـزع المـلكية للمـنفعة العـامة، المـكتب الجـامعي.
عبد الحفيـظ بن عبيدة، إثـبات الملكية العقارية و الحقـوق العينـية العقارية في التشريع الجزائري، دار هومة،سنة 2003 .
مـحيو أحمد، المنازعات الإدارية، ترجمة فائز أنجق و بيوض خالد، الطـبعة الخامســة ديوان المطبوعات الجامعية، سنة2003.
طاهري حـسين، القانـون الإداري و المؤسسـات الإدارية، دار الخـلدونية سنة 2007 .
عبد الحكم فـودة، نزع الملكية للمنفعة العامة، دار الفكر العربي ،سنة 1992. 

 الدساتير والقوانين  /
الدستور الجزائري الصادر23 نوفمبر 1996.
قانون الإجراءات المدنية الصادر بالأمر رقم 66/154 المؤرخ في 8 جوان 1966 .
قانون العقوبات الصادر بالأمر رقم 66/156 الصادر بتاريخ 8 جوان 1966. 
قانون المدني الصادر بالأمر رقم 75/58 الصادر بتاريخ 26 سبتمبر 1975.
القانون 84/12 الصادر بتاريخ 23/07/1984 المتضمن النظام العام للغـابات المعدل والمتم بالقانون 91/20 المؤرخ في 02/12/1991
القانون رقم 90/25 الصادر بتاريخ 18/11/1990 المتضمن قانون التوجيـه العقاري
القانون رقم 90/29 الصادر بتاريخ 01/12/1990 المتعلق بالتهيئة و التعمير المعدل و المتمم بالقانون رقم 04/05 المؤرخ في 14/08/2004 
القانون رقم 90/30 المؤرخ في 01/12/1990 المتضمن قانون الأملاك الوطنية المعدل والمتمم بالقانون 08/14 المؤرخ في 20/07/2008
القانون رقم 91/11 الصادر بتاريخ 27/04/1991 المتضمن القواعد المتعلقة بنزع الملكية للمنفعة العمومية.
القانون رقم 01/10 الصادر بتاريخ 03/07/2001 المتضمن قانون المنـاجم 
القانون 04/21 الصادر بتاريخ 30 /12/2004 المتضمن قانـون الـمالية لسـنة 2005
القانون رقم 08/09 الصادر بتاريخ 25 فيفري 2008 المتضمن قانون الإجراءات المدنية و الإدارية . 

البحوث و الدراسات /

زروقـي ليـلي، صـلاحيات القـاضي الإداري علـي ضـوء التطبـيقات القضائية للغرفة الإدارية للمحكمة العليا ، نشرة القضاة العدد 54 ، سنة 1999.
زروقي ليلي، قواعد التهيئة و التعمير في التشريع الجزائري ، المدرسة العليا للقضاء، ماي 2005.
زروقـي ليـلي، المنازعات المتعلقة برخصة البناء، المدرسة العليا للقضاء، ماي 2005. 
مقــداد كروغلي ، نزع الملكية من أجـل المنـفعة العامة ، المجلة القـضائية  العــدد 2  سنة 1996 .
أحمد رحـماني، محاضـرات في القانون العام نزع الملكية من أجل المنفعة الــعامة المدرسة الوطنية للإدارة.
وعـلي جمـال ، نزع الملكية العقارية للمنفعة العمومية بين التشريع و اجتـهاد القضاء الإداري الجزائري، دراسات قانونية، جامعة أبو بكر بلقايد تلمسان، العدد 02، سنة 2005 .
بوصوف موسي، دور القاضي الإداري في المنازعات العقارية، مجلة مجلس الدولة العدد 2 سنـة 2002  .
عريشي أعمر، القـواعد القانونية التي تحكم الأنظمة العـقارية في الجـزائر المجلة القضائية العدد 2، سـنة 2003 .
عمـور سلامي، الوجيـز في قانون المـنازعات الإدارية ، جامعـة الجزائر كلية الحقوق، السنة الجامعية 2004/2005 .

المجـلات القضائية/ 
المجلة القضائية، العدد 2، سنة 1989 
المجلة القضائية العدد 1، سنة 1992
تطبيقات قضائية في المادة العقارية، المؤسسة الوطنية للكتاب، سنة 1995. 
المجلة القضائية، العدد 2، سنة 1997.
المجلة القضائية، العدد 2، سنة 2003.
مجلة مجلس الدولة، العدد 8، سنة 2006.


المراجع باللغة الفرنسية/
Charles Debbasch, contentieux administratifs, précis Dalloz, 1975.
Jean  Claude Ricci, Mémento de la jurisprudence administrative, 4ème édition , Hachette . 
مواقع الانترنــت /

WWW.JORADP.DZ
WWW.MJUSTICE.DZ
WWW.SGG.DZ




الفـــهــرس

العـــنــــوان الصـفحـة
المـــقدمـــة 01
الخـــطـــة 05
الفصل الأول/ تعـدي الدولة علي الأمـلاك العقـارية الخـاصة 06
   المبحث الأول/ مظاهر تعـدي الدولة علي الملكية العقارية الخاصة 07
                 المطلب الأول/ العـمل الإداري الغـير مشـروع 07
                 المطلب الثاني/ العمـل المــادي الغير المشروع 10
                 المطلب الثالث/ القـرارات الإداريـة المعــدومة 12
المبحث الثاني/ بعـض أوجه التعدي علي الملكية العقارية الخاصة 16
                المطلب الأول/ نزع الملكية للمنفعة العامة الغير مشـروع        16
                المطلب الثاني/ الإستيلاء و الشغل الغير مشروعين 21
                      الفرع الأول/  الاستـيلاء الغيـر مشـروع 22
                      الفرع الثاني/ الشـغل الـغير مـشـروع 25
 المبحث الثالث/ أنـواع الدعاوى الناشـئة عن التعـدي                          26
                المطلب الأول/  دعـوى اسـترجاع المـلكية 26
                المطلب الثاني/ دعـوى الإلغـاء 28
                المطلب الثالث/ دعـوى التعويض 33
الفصل الثاني/ تعـدي الأفـراد علي الملـكية العـقارية الوطنـية 36
المبحث الأول/ أسباب تفشي ظاهرة تعدي الأفراد علي الملكــية العـــقاريــة الوطـــنية 38
              المطلب الأول/ الأسـباب الأمـنية 38
              المطلب الُثاني/ الأسبـاب الاجتماعية 38
              المطلب الثالث/ الأسبـاب الإدارية 40
المبحث الثاني/ تعامـل التشـريع الجـزائري مع هذه الظـاهرة  منذ الاستقلال 42
        المطلب الأول/ النصوص القانونية المنظمة لاكتــساب      الملــكية العقارية الـوطنـية منذ الاستقلال 42
          المطلب الُثاني/ المبادئ القانونية التي تحمي الملكية العقارية الوطنـــــية 47
المبحث الثالث/ آليات حماية الأملاك العقارية الوطنية من تعدي الأفراد 50
         المطلب الأول /آليـات الحـماية الإدارية    50
         المطلب الثاني/ آلـيات  الحـماية الجزائية 56
                الفرع الأول/ الحماية الجزائية وفقا للقانون العــام  56
                الفرع الثاني/ الحماية الجزائية في بعض القوانين الخاصة                          58
الخاتمـــة 63
قائمة المراجع 64
المــلاحق 68
الفهــرس 69

تـم بعـون الله


التعــدي عـلى الأمـلاك العـقاريـة
عقوبة التعدى على أملاك الدولة

عقوبة التعدي على ممتلكات الغير

عقوبة الاستيلاء على أرض الغير

حكم التعدي على الأملاك الخاصة

التعدي على أرض الجار

تعليقات