القائمة الرئيسية

الصفحات



مدى تطور مفهوم العقد الإداري في فلسطين في عهد السلطة الوطنية

مدى تطور مفهوم العقد الإداري في فلسطين في عهد السلطة الوطنية

مدى تطور مفهوم العقد الإداري في فلسطين
في عهد السلطة الوطنية








مدى تطور مفهوم العقد الإداري في فلسطين
في عهد السلطة الوطنية
تاريخ تسلم البحث: 15/7/2004م                    تاريخ قبوله للنشر: 25/11/2004م
محمد علي أبو عمارة*

ملخص
      لقرون طويلة نظم القانون الخاص – المدني- بصورة رئيسة حياة المجتمع الفلسطيني، وتطلب بناء الدولة الفلسطينية وتطورها في عهد السلطة الوطنية الفلسطينية بعد العام 1994م تدخل الإدارة العامة بأساليبها المألوفة - القرارات الإدارية والعقود الإدارية- في حياة المجتمع الفلسطيني بصورة أكثر من أي وقت مضى.
      بينت هذه الدراسة أن مفهوم العقود الإدارية قد تطور في فلسطين في عهد السلطة الوطنية، ولكنه لم يصل إلى ذات المستوى الذي بلغه تطور مفهوم العقود الإدارية في دول القضاء المزدوج كفرنسا ومصر، وأن لذلك أسبابه ونتائجه.
      بنتيجة الدراسة يوصي الباحث بإنشاء المحاكم الإدارية كأداة رئيسة لا بد منها لتطوير أحكام القانون الإداري وتطوير نشاط الإدارة العامة الفلسطينية مما يسهم في كمال بناء الدولة.
توطئـة:
      إذا كان من المسلمات أن تطور أحكام القانون الإداري في كل من فرنسا - بعد الثورة الفرنسية 1789م – ومصر- بعد الحرب العالمية الثانية ونجاح الثورة المصرية سنـة 1952م- قد جاء نتيجة ظروف موضوعية تتمثل في ازدياد تدخل الدولة وتشعب وظائفها الاقتصادية والاجتماعية، الأمر الذي أدى إلى إخراج معظم تصرفات الإدارة من فلك قواعد القانون الخاص وإخضاعها إلى قواعد وأحكام القانون العام، على اعتبار أن الأخيرة أكثر فاعلية في تحقيق المصلحة العامة، فإن الأمر في فلسطين ليس بعيدا عن التطور والتوجه للأخذ بأسلوب القضاء المزدوج([1]) على غرار فرنسا ومصر، لأن تطور حياة المجتمع الفلسطيني في ظل سلطته الوطنية – الحكم الذاتي- مع ازدياد تدخل السلطة في حياة الجماعة- بجانب عوامل أخرى فرض وسيفرض بصورة أشمل وأوفى لاحقا نظام القضاء المزدوج والقانون المزدوج، حيث الهدف هو بناء فلسطين الدولة المستقلة المزودة بكافة المرافق التي تحتاجها الدولة العصرية وما يتطلبه مجتمع الرفاه من خدمات([2]).
      وفيما يلي من دراسة نلقي الضوء على تطور جانب مهم من نظامنا القانوني وهو ما تعلق بالعقود الإدارية لما لذلك من أهمية بالغة في تطوير نظرية متكاملة للعقود الإدارية، تشكل جزءاً من منظومة أكبر تعالج نشاطات الإدارة العامة في فلسطين.
      تقوم نظرية العقد الإداري أساساً على تمكين الإدارة من تحقيق الصالح العام بواسطة التفاهم والرضا بينها وبين المتعاقد الآخر على اعتبار أن هذا الأسلوب أنجح وأجدى من القرار الإداري في كثير من الحالات.
      ومن المتفق عليه أن ليس كل ما تبرمه الإدارة من عقود يعتبر عقداً إدارياً، ذلك أن للعقود الإدارية سمات وضوابط خاصة تجعل منها شيئا مميزا عن بقية ما تبرمه الإدارة من عقود، حيث من المألوف أن تمارس الادارة إبرام العقود المدنية.
      من هنا ظهرت التفرقة بين مصطلحي عقود الإدارة والعقود الإدارية، وعليه فإن موضوع التمييز بين العقود المدنية والعقود الإدارية وما يترتب على ذلك من آثار يأخذ أهمية
كبيرة وخاصة في دول القضاء المزدوج كفرنسا ومصر ومن حذا حذوهما.
      فالمحاكم الإدارية في فرنسا ومصر من دون المحاكم المدنية هي التي تختص بنظر المنازعات في العقود الإدارية، كما تطبق على العقود الإدارية قواعد وأحكام القانون الإداري المميزة التي تجسد سلطة الإدارة العامة تجاه العقود الإدارية من دون قواعد وأحكام القانون الخاص.
      ولكن الأمر مختلف عن ذلك في فلسطين الوطن! حيث إنه رغم وجود العقود الإدارية بمعناها الفني إلا أنه لم يترتب على ذلك وجود أحكام وقواعد متميزة كثيراً للعقود الإدارية على غرار فرنسا ومصر.
      ولعل السبب الرئيسي والمباشر لذلك هو غياب القضاء الإداري المتخصص والمستقل والقادر على إنشاء قواعد ونظريات وأحكام مميزة للقانون الإداري بعيداً عن القانون الخاص، وعلى اعتبار أن القانون الإداري مصدره القضاء وهو قانون مرن ومتطور وغير مقنن ويقوم على تحقيق المصالح العامة إذا ما قورن بأحكام القانون الخاص([3]).
      أهداف البحث: يهدف هذا البحث لبيان مدى تطور أحكام العقود الإدارية في فلسطين في عهد السلطة الوطنية وكما رسمها المشرع الفلسطيني مقارنة بما هو عليه الحال في دول القضاء المزدوج، موضحين أسباب هذا التطور وحدوده وما ترتب عليه من آثار والنشاط المطلوب لبلوغ هذا التطور غايته بقيام نظرية متكاملة للعقود الإدارية في فلسطين.
      أهمية هذا البحث: يكتسي هذا البحث أهميته من لزوم وضرورة العقود الإدارية للمجتمع الفلسطيني شأن أي مجتمع آخر، ذلك أن أي سلطة تباشر نشاطاتها المختلفة إما عبر القرارات الإدارية أو عبر العقود الإدارية، وبمقدار ما تكون الوسيلة ملائمة يكون الوصول للهدف ناجحا، من هنا يتبين مدى ضرورة الاهتمام بدراسة أحكام العقود الإدارية وتطويرها لتناسب حاجات الجماعة، ومن هنا جاء اختيارنا وكتابتنا لهذا البحث.
      نطاق البحث: يقف هذا البحث عند حد بيان مفهوم العقود الإدارية وحقوق المتعاقد مع الإدارة المقابلة لسلطاتها في العقود الإدارية - محل الدراسة - والتي نظمها المشرع الفلسطيني مبينين مدى هذا التنظيم وأسبابه ونتائجه لنصل إلى أهمية وضرورة إنشاء المحاكم الإدارية في فلسطين كأداة ووسيلة رئيسة لتطوير هذا الجانب القانوني.
      تقسيم الدراسة: إن حسن العرض يتطلب تقسيم الدراسة بعد التوطئة إلى ثلاثة مباحث وخاتمة وكما يأتي:
المبحث الأول : مفهوم العقد الإداري في دول القضاء المزدوج وفي فلسطين.
المبحث الثاني: سلطات الإدارة العامة تجاه العقد الإداري في دول القضاء المزدوج ثم في فلسطين وما بينهما من خلاف.
المبحث الثالث: الأسباب والنتائج لتطور مفهوم العقد الإداري في فلسطين.
الخاتمـة     : وأجملت فيها الخلاصة والتوصيات.

المبحث الأولمفهـوم العقـد الإداري

      نبين ذلك في دول القضاء المزدوج أولاً ثم في فلسطين ثانيا وبذلك ينقسم هذا المبحث إلى مطلبين:
المطلب الأول: مفهوم العقد الإداري في دول القضاء المزدوج.
      يعرف القضاء والفقه الإداريان العقد الإداري بأنه (عقد يبرمه شخص معنوي عام بقصد إدارة مرفق عام أو بمناسبة تسييره، وتظهر فيه نية الإدارة العامة للأخذ بأسلوب القانون العام عن طريق تضمين العقد شرطا أو شروطا غير مألوفة في القانون الخاص)([4])، ويؤخذ من هذا التعريف أنه لكي يكون العقد إداريا لا بد له من ثلاثة عناصر:
أولاً: يجب أن يكون طرفا العقد أو أحدهما شخصا من أشخاص القانون العام، ومن المتفق عليه بهذا الخصوص أن أشخاص القانون العام تشمل الدولة والمحافظات والهيئات المحليـة - اللامركزية الإقليمية - كما تشمل الهيئات والمؤسسات والمصالح والشركات العامة - اللامركزية المرفقية -([5])، يستوي بعد ذلك أن يكون الطرف الثانـي في
التعاقد فرداً أو شخصاً معنوياً خاصاً.
      ولا يكفي لقيام العقد الإداري أن يكون أحد أطرافه حال إبرامه شخصاً معنوياً عاماً، بل يجب أن يظل هذا الشخص محتفظا بصفته العمومية طيلة مدة تنفيذ العقد، فإذا فقدها أثناء تنفيذ العقد بتحوله إلى شخص من أشخاص القانون الخاص غدا العقد مدنيا يخضع لأحكام القانون المدني([6])، ثم إن العقد الذي يبرمه أحد أشخاص القانون الخاص يعتبر إداريا رغم أن الإدارة لم تكن طرفا فيه وذلك في حالتين([7]):
1- إذا كان الشخص الخاص وكيلا عن الإدارة في إبرام العقد، وهذا محض تطبيق لأحكام عقد الوكالة حيث ينصرف أثر العقد إلى الجهة الإدارية باعتبارها الطرف الأصيل، وينصرف نفس الحكم إلى التكليف الصادر عن الإدارة.
2- إذا تعاقد الشخص الخاص لحساب شخص عام: حيث العبرة بالنتيجة المترتبة على العقد، وأن مناط العقد يستند إلى مضمونه وفحواه([8]).
ثانياً: أن ينصرف موضوع العقد إلى إدارة مرفق من المرافق العامة أو أن يكون العقد متعلقا بتسيير مرفق من المرافق العامة([9]).
      والمرفق العام هو مشروع يقوم على منفعة عامة تهيمن عليه السلطة العامة([10])، ثم إن المرافق العامة كثيرة ومتنوعة ومتطورة بتطور نشاط الدولة وازدياد تدخلها في حياة الجماعة، فهناك المرافق العامة الإدارية والمرافق العامة الصناعية والتجارية والمرافق الاجتماعية والمرافق النقابية، ثم هناك المرافق العامة الإجبارية بطبيعتها أو بنص القانون كالقضاء والأمن والمرافق التابعة للهيئات المحلية، وهناك المرافق الاختيارية والتي يترخص للإدارة القيام بها طبقا لفهمها للمصلحة العامة ومبدأ المشروعية السائد، وهناك أنواع أخرى من المرافق يكشف عنها تطور المجتمع.
      ثم إن فريقاً من الفقهاء يذهب إلى الاستغناء عن شرط المرفق العام في تحديد العقد الإداري وذلك اكتفاء بالشرط الثالث والذي هو تضمين العقد الإداري شروطا استثنائية غير مألوفة في القانون الخاص، بحيث يصبح العقد إداريا بغض النظر عن علاقته بالمرفق

العام([11]) وهذا الاتجاه من بعض الفقهاء والمحاكم يكشف عن الظروف المعاصرة التي تحيط بفكرة المرفق العام كمعيار لتحديد مجال القانون الإداري حيث هناك اتجاه يرمي إلى حلول فكرة السلطة العامة محل فكرة المرفق العام في مجال تطبيق القواعد الإدارية([12]).
      والصواب ما رجّحه وذهب إليه د. سليمان الطماوي من أن وضع السلطة العامة موضع المرفق العام في مجال تطبيق القانون الإداري هو وقوف عند الوسيلة دون اهتمام بالغاية، وخاصة في هذا الزمن الذي تتدخل فيه الدولة في شتى مناحي الحياة، فالمسلم به أن سلطان الإدارة ليس بغاية في ذاته ولكنه وسيلة لتحقيق النفع العام، لذلك ذهب بعض الفقهاء للمناداة باستبدال فكرة النفع العام بفكرة المرفق العام! ولكن هذه الفكرة لا يمكن أن ترقى إلى درجة المعيار ولن تغني عن فكرة المرفق العام، لأن النفع العام هو المحرك لجميع نشاطات الدولة، كما أن الإدارة العامة لا تحتكر فكرة النفع العام بل إن الأفراد يشاركون الإدارة في ذلك وبتشجيع من الإدارة ذاتها، كما أن وسائل القانون العام المنطوية على عنصر السلطان إنما تقررت نزولا على مقتضيات سير المرافق العامة. لذلك يذهب د. الطماوي إلى القول بأن الحل يكمن في التوسع في معنى المرفق العام مع الحفاظ على شروط العقد الإداري الثلاثة، ويضيف إلى ذلك قوله: إن هذا ما التزم به القضاء المصري وأيدته في ذلك المحكمة الدستورية العليا، حيث تقول الأخيرة: (يتعين لاعتبار العقد عقدا إداريا أن يكون أحد طرفيه شخصا معنويا عاماً، يتعاقد بوصفه سلطة عامة، وأن يتصل العقد بنشاط مرفق عام بقصد تسييره أو تنظيمه، وأن يتسم بالطابع المميز للعقود الإدارية، وهو انتهاج أسلوب القانون العام فيما تتضمنه هذه العقود من شروط استثنائية بالنسبة إلى روابط القانون الخاص)([13]).
      وأما ما تعلق بتسيير المرافق العامة فيقصد به توريد مواد أو تقديم خدمات أو عن طريق استخدام المرفق ذاته ... تبعا لطبيعة العقود الإدارية المختلفة. ففي حكم محكمة القضاء الإداري المصرية رقم 779 لسنة 10 قضائية بتاريخ 24/2/1957م قالت المحكمة: (.. إن المعيار المميز للعقود الإدارية هو في موضوع العقد نفسه متى اتصل بمرفق عام من حيث تنظيم المرفق أو تسيره أو إدارته أو استغلاله أو المعاونة أو المساهمة فيه ..) ويضيف د. الطماوي: (.. وعلى أية حال فإن مدى اتصال العقد بالمرفق العام هي مسألة موضوعية يراعيها القضاء الإداري في كل حالة على حدة)([14]).
ثالثاً: أن تنصرف نية الإدارة العامة إلى الأخذ بأسلوب القانون العام، وذلك عن طريق تضمين العقد شرطا أو شروطا استثنائية غير مألوفة في نطاق العلاقات بين الأشخاص التي يحكمها القانون الخاص([15]). وتهدف هذه الشروط الاستثنائية إجمالا إلى تحقيق المصلحة العامة بالقيام بالعمل بأفضل جودة وبأقل نفقة ممكنة.
      وتختلف الشروط الاستثنائية كعنصر مميز للعقد الإداري عن شروط الإذعان في عقود القانون الخاص، حيث نظم المشرع أحكام عقود الإذعان وأجاز للقاضي تعديل شروط العقد أو إعفاء الطرف المذعن منها وفقا لما تقضي به العدالة([16]).
      ويبين د. الطماوي بأن الشروط الاستثنائية وغير المألوفة في القانون الخاص هي حجر الزاوية في التعرف على طبيعة العقود الإدارية كما ذهبت إلى ذلك المحكمة الدستورية العليا بمصر([17]).
      ومن أمثلة تلك الشروط حق الإدارة في تعديل شروط العقد وحق الإدارة في إنهاء العقد، ومنها امتياز التنفيذ المباشر وامتياز التنفيذ الجبري([18])!!
      ومعلوم بالضرورة أن النية عمل باطني لا بد لإظهاره من وسائل معينة كالكتابة أو القول أو الفعل ..الخ.
      أما إذا تعاقد شخص معنوي عام ولم يقم في إبرام العقد أو تنفيذه على استخدام بعض وسائل القانون العام فإنه لا يمكن إضفاء الصفة الإدارية على العقد، ويحدث ذلك حين يتعاقد الشخص المعنوي العام بوصفه شخصاً عادياً فيخضع نفسه باختياره لأحكام القانون الخاص، وكثيرا ما تتطلب المصلحة العامة مثل هذه الصورة من التعاقدات الخاصة.
      ونتناول هذه الخصيصة المظهرة لنية الإدارة في استخدام وسائل القانون العام عبـر إطارها المحدد وهو الشروط الاستثنائية الواردة في العقد وغير المألوفة في نطاق أحكام القانون الخاص، والتي تجعل منه بتوافر الشروط الأخرى عقدا إدارياً.
      وهنا نذكر أولاً أن هذه الشروط غير محصورة وغير محددة، وأن المعايير الفقهية والقضائية بشأن ضبطها نسبية:

تعريف الفقه للشروط الاستثنائية:

للفقهاء وخاصة الفرنسيين منهم تعريفات متعددة لهذه الشروط الاستثنائية نذكر منها ما أورده د. محمد أنس جعفر([19]):
-   هي تلك الشروط التي تقرر عدم المساواة بمنح الشخص العام مركزا أعلى من المتعاقدين([20]).
-   هي الشروط التي لا توجد عادة في القانون الخاص سواء باعتبارها باطلة لمخالفتها للنظام العام أو لأن السلطة الإدارية تضمنها العقود التي تبرمها بقصد تحقيق المصلحة العامة، وهذه الشروط تكون غريبة عن أشخاص القانون الخاص([21]).
-   هي شروط غير مالوفة في عقود القانون الخاص ويكون موضوعها منح المتعاقدين أو تحميلهم بالتزامات غريبة بطبيعتها عن تلك التي يستطيع المتعاقدون الاتفاق عليها([22]).
-   هي تلك الشروط ذات الصلة القوية بالقانون العام، والتي تحمل طابع هذا القانون ويظهر ذلك من محتواها وهدفها([23]).
      وعليه كما يذكر د. محمد أنس جعفر ونظرا لتعدد هذه التعريفات وعدم الاتفاق على تعريف محدد جامع مانع ولتعذر ذلك فإن مسألة الشروط الاستثنائية في العقود الإدارية تعتبر مسالة موضوعية تترك لقاضي الموضوع يحددها في كل مسالة على حدة مستهديا ببعض القرائن التي تعطي امتيازات للإدارة أو للمتعاقد.
تعريف القضاء للشروط الإستثنائية:
      يقول د. سليمان الطماوي([24]) عن مجلس الدولة الفرنسي بشان هذه الشـروط: (هي تلك التي تمنح أحد الطرفين المتعاقدين حقوقا أو تحمله التزامات غريبة في طبيعتها عن تلك التي يمكن أن يوافق عليها من يتعاقد في نطاق القانون المدني أو التجاري)، ثم يذكر الأمثلة التطبيقية لهذا المعيار من أحكام القضاءين الفرنسي والمصري.
      أما المحكمة الإدارية العليا بمصر فعرفتها بأنها: (تلك الشروط التي تضعها الإدارة بوصفها سلطة عامة تتمتع بحقوق وامتيازات لا يتمتع بمثلها المتعاقد معها، وذلك بقصد تحقيق نفع عام أو مصلحة مرفق من المرافق العامة)([25])، وفي حكم آخر أوضحت ذات المحكمة أن هذه الشروط هي شروط غير مالوفة في عقود القانون الخاص([26]).
      ويذكر د. محمود أبو السعود حبيب([27]) عن هذه الشروط الاستثنائية أنه (إزاء هذا الخلاف حول تحديد طبيعة الشروط الاستثنائية فلا مناص من الرجوع إلى أحكام القضاء لكي نستخلص منها أهم صور هذه الشروط وهي: 1- الشروط الناجمة عن امتيازات السلطة العامة .. 2- الشروط التي لا يمكن تفسيرها أو تنفيذها إلا على ضوء أحكام ونظريات القانون العام .. 3- الإحالة إلى دفاتر الشروط العامة ..).
      وعليه فأمام تعدد المعايير للشروط الاستثنائية ونسبيتها اختلفت النتائج في الزمان والمكان، واستقر الأمر فقها وقضاء على أن المحاكم المختصة هي التي تقرر وفي كل حالة على حدة ما إذا كان العقد يحتوي على تلك الشروط الاستثنائية التي تبرر كونه إدارياً أم لا، وأن هذه مسألة موضوعية تترك لقاضي الموضوع، ولا غرابة في كل ما تقدم لأن القانون الإداري متطور ومرن وغير مقنن وأحكام القضاء الإداري هي المصدر الرئيس لهذا القانون، ومحاكم القضاء الإداري هي صاحبة قدرة إنشائية على ابتداع المبادىء والأحكام المحققة للمصلحة العامة دون إغفال المصالح الخاصة بطبيعة الحال([28]).
      ثم إن الدكتور الطماوي يصنّف هذه الشروط الاستثنائية المظهرة لنية الإدارة والمميزة للعقود الإدارية عما سواها على النحو الآتي([29]):
أولاً: شروط تتضمن امتيازات للإدارة لا يمكن أن يتمتع بها المتعاقد الآخر، ومن أمثلتها:
-   إن الفرد الذي يتقدم بقصد التعاقد عبر مناقصة أو مزايدة عامة يلتزم بمجرد تقدمه للتعاقد، أما الإدارة فلا تلتزم إلا في وقت متأخر وقد لا تلتزم، وهذا ما أخذ به القانون الفلسطيني([30]).
-   قد تشترط الإدارة شروطاً هي من قبيل شروط الأسد في القانون الخاص ولذلك فهي تبطل في العقود الخاصة دون العقود الإدارية، وهذا ما أخذ به القانون الفلسطيني([31]).
-   أن تحتفظ الإدارة لنفسها بالحق في تعديل التزامات المتعاقد معها سواء بالنقص أو بالزيادة، وقد أخذ بهذا الحكم القانون الفلسطيني أيضا([32]).
-   سلطة الإدارة بالإشراف على تنفيذ العقد وتغيير طريقة التنفيذ، وقد أخذ بهذا المشرع الفلسطيني([33]).
-   سلطة فسخ العقد عندما يخل المتعاقد بالتزاماته التعاقدية، أو إنهاء العقد بالإرادة المنفردة للإدارة لأسباب ترتئيها دون حاجة إلى رضاء الطرف الآخر وقد أخذ بهذا القانون الفلسطيني([34]).
-   التنفيذ على حساب المتعاقد في حالة أخل المتعاقد بأي شرط من شروط العقد، كما هو الحال في عقود الأشغال العامة، وقد أخذ بهذا القانون الفلسطيني([35]).
-   سلطة الإدارة في توقيع عقوبات على المتعاقد الآخر في حالة إخلاله بالتزاماته دون حاجة إلى وقوع ضرر أو التجاء إلى القضاء، كما هو الشأن في النص على غرامات التأخير في حالة عدم تنفيذ الالتزام في المواعيد المحددة، وقد أخذ بهذا القانون الفلسطيني([36]).
      وجدير ذكره هنا - وما لم يعرفه القانون الفلسطيني- أن الإدارة العامة في بعض دول القضاء المزدوج – فرنسا ومصر- تتمتع بحق توقيع الجزاء ولو لم ينص عليه في العقد، يقول د. الطماوي: (ولكن من المسلم به في قضاء مجلس الدولة الفرنسي أن سلطة توقيع الجزاءات هي سلطة مستقلة عن نصوص العقد توجد حتى ولو لم ينص عليها في العقد، وإذا نص العقد على بعضها فإن ذلك لا يعني تقييد حرية الإدارة فيما عدا ما نص عليه). ويضيف د. الطماوي بأن قاعدة توقيع الجزاء ولو لم ينص عليه في العقد هو ما أخذت به محكمة القضاء الإداري المصري، كما أن المحكمة الإدارية العليا بمصر بلورت كثيرا من مبادىء هذه القاعدة في أحكامها، وبين د. الطماوي أن هذه القاعدة تتضمن الأحكام الآتية:
أ-  إن خلو العقد من الجزاءات لا يجرد الإدارة من الحق في أن تستبدل به غيره.
ب- إن النص على بعض الجزاءات لا يحول دون توقيع باقيها.
ج- إن وضع جزاءات لبعض المخالفات لا يقيد الإدارة في توقيع جزاءات عن المخالفات الأخرى.
د-  ولكن إذا توقع العقد خطأ معينا ووضع له جزاء بعينه فيجب أن تتقيد الإدارة بهذا الجزاء بحيث لا يجوز لها كقاعدة عامة أن تستبدل به غيره([37]).
      وإلى نفس المعنى يذهب د. محمد صلاح عبد البديع السيد في رسالته للدكتـوراة([38]) فيقول: (وتملك الإدارة دائماً سلطة إنهاء العقد الإداري بصورتيها - الفسخ الجزائي والإنهاء الانفرادي– بقوة القانون في جميع الأحوال، وحتى في حالة سكوت العقد وعدم وجود نص في العقد يعطي للإدارة صراحة الحق في ممارسة هذه السلطة، بل إن الإدارة تملك ممارسة هذه السلطة بصورتيها ولو ورد نص صريح في العقد يحظر عليها ممارستها في مواجهة المتعاقد معها، لأن مثل هذا النص يعتبر غير مشروع ولا يعتد به لمخالفته للنظام العام).
ثانياً: شروط تخول المتعاقد مع الإدارة سلطات استثنائية في مواجهة الغير: من ذلك تخويل الملتزم في عقد امتياز المرافق العامة حق نزع الملكية أو فرض حقوق ارتفاق معينه، وبه أخذ المشرع الفلسطيني([39])، ونحوه تخويل الملتزم استعمال الدومين العام بطريقة تجعله صاحب احتكار فعلي مما يؤدى إلى تقييد حرية المشروعات المنافسة، ومنها أيضا تخويل الملتزم بعض سلطات البوليس – الضبط الإداري– وهذا ما لم نجد له تطبيقا في فلسطين.
ثالثاً: الإحالة إلى دفاتر شروط معينة: تحتوى تلك الدفاتر عادة على شروط استثنائية غير مألوفة في نطاق أحكام القانون الخاص، وتكون الشروط في الدفاتر موحدة لأحكام صنف من العقود الإدارية وتصدر بها لوائح خاصة([40])، وهي بطبيعتها قواعد عامة ومجردة يفترض أن تحقق العدالة والمساواة لكل المشتركين في عطاءات هذا الصنف من العقود الإدارية، كما يقصد بها ضمان تحقيق المصلحة العامة وتوفير أموال الخزينة العامة، فإذا لم تتضمن دفاتر الشروط شروطاً استثنائية فلا تكفي بذاتها لاعتبار العقد إدارياً([41]).
      ثم إن كل عقد إداري على حده قبل أن يحيل في أحكامه إلى دفاتر الشروط العامة، يتضمن أحكاماً وشروطاً خاصة تبين ذاتيته وتحدد أبعاده المميزة عما سواه من العقود الإدارية وبهذا أخذ المشرع الفلسطيني وكما سيأتي.
      وتختلف دفاتر الشروط العامة للعطاءات عن الشروط الواردة في عقود الإذعان حيث تتميز الأخيرة (.. بتعلقها بسلع أو خدمات ومرافق تعتبر من الضروريات بالنسبة للمستهلكين أو المنتفعين ويكون فيها احتكار الموجب لهذه السلعة أو المرافق احتكارًا قانونياً أو فعلياً أو تكون سيطرته عليها من شأنها أن تجعل المنافسة فيها محدودة النطاق وأن يكون صدور الإيجاب منه إلى الناس كافة ولشروط واحدة ولمدة غير محدودة)([42]).
رابعاً: شروط تجعل الاختصاص للقضاء الإداري: معلوم بالضرورة أن قواعد الاختصاص هي من النظام العام ولا تملك الأطراف المتعاقدة مخالفة قواعد الاختصاص.
      وقيمة هذا الشرط تتجلى عندما توجد قرائن تدل على طبيعة العقد الإدارية دون أن تكون هذه القرائن قاطعة في الحكم على طبيعته، فيأتي هذا الشرط ليؤكد هذه الطبيعة([43])، - وهذا الشرط في غير محله في فلسطين لعدم وجود المحاكم الإدارية-.
خامساً: اشتراك المتعاقد مع الإدارة مباشرة في تسيير المرفق العام: وعليه درجت أحكام القضاء الإداري على اعتبار عقود التزام المرافق العامة عقودا إدارية باستمرار طالما أن الملتزم يشارك في إدارة المرفق العام([44]) - وهذا المعنى قائم في فلسطين مع أن جميع العقود هي من اختصاص القضاء العادي-.
سادساً: أشار د. الطماوي إلى أن العقود التبعية والتكميلية وهي التي لا توجد إلا مستندة إلى عقد سابق، تمتد إليها طبيعة العقد الأصلي، أي أن العقد التكميلي أو التبعي يأخذ طبيعة العقد الأصلي. وضرب لذلك مثلاً (بأن الاتفاق مع الإدارة على بيع حقوق التأليف لكتاب معين مع الاتفاق على مراجعة طبعة الكتاب، يعني اختصاص القضاء الإداري بالنزاع الناجم عن الخطأ في مراجعة الطبعة)([45]).
      وكذلك فإن تأجير قطعة أرض من جانب مصلحة المناجم والمحاجر يعني أن الإدارة أبرمت عقدا إداريا للبحث والاستغلال، لأن هذه هي طبيعة عمل مصلحة المناجم والمحاجر، وليس من طبيعة عملها تأجير الأرض وفقا لأحكام القانون الخاص – عقد إيجار-([46])، ولا يوجد في فلسطين تطبيقات لهذه المسائل.
      وهنا تؤكد المحكمة الإدارية العليا بمصر([47]) (أن العقد الإداري المكتوب ولئن كان غير كاف في المجال الإداري بسبب جنوح الإدارة عادة إلى إثبات روابطها التعاقدية بالكتابة إلا أنه لا يزال يؤدي دورا مكملا لبعض أنواع العقود الإدارية، فقد تركن إليه مع بعض المتعاقدين إذا اتفقت معهم على تكميل أغراض التعاقد الأصلي من ناحية من النواحي التي انصب عليها، وهذا الأسلوب التعاقدي يخلق مشكلة التعرف على طبيعة هذا العقد إذا أعوزه بعض الخصائص التي يتسم بها العقد الإداري كعنصر الشروط الاستثنائية مثلا، ولقد قطع القضاء الإداري في فرنسا في هذا الصدد بأن العقد المكمل تنصرف إليه طبيعة العقد الأصلي بحكم ارتباطه وتعويله عليه، وإذن فلا حاجة البتة إلى استظهار أركان العقد الإداري فيه).
      وتؤكد هذه الشروط غير المألوفة في نطاق أحكام القانون الخاص لدى إدراجها في عقود الإدارة العامة، على اختيار الإدارة لوسائل القانون العام – دون وسائل القانون الخاص– لتحقيق الغرض أو الهدف من العقد الإداري.
      فهي تستخدم الامتيازات والحقوق المقررة لها بوصفها سلطة عامة تحوز قسطا من سلطة الدولة لتحقق المصالح العامة المرجوة وعبر العقد الإداري.
      تقول المحكمة الإدارية العليا بمصر عن معيار التفرقة بين العقد الإداري والعقد المدني: (العقد الإداري شأنه شأن العقد المدني من حيث العناصر الأساسية لتكوينه، لا يعدو أن يكون توافق إرادتين بإيجاب وقبول لإنشاء التزامات تعاقدية تقوم على التراضي بين طرفين أحدهما هو الدولة أو أحد الأشخاص الإدارية، يتميز بأن الإدارة تعمل في إبرامها له بوصفها سلطة عامة تتمتع بحقوق وامتيازات لا يتمتع بمثلها المتعاقد معها وذلك بقصد تحقيق نفع عام أو مصلحة مرفق من المرافق العامة.
      ويفترق عن العقد المدني في كون الشخص المعنوي العام يعتمد في إبرامه وتنفيذه على أساليب القانون العام ووسائله إما بتضمينه شروطاً استثنائية غير مألوفة في عقود القانون الخاص سواء كانت هذه الشروط واردة في ذات العقد أو مقررة بمقتضى القوانين واللوائح أو بمنح المتعاقد مع الإدارة فيه حقوقاً لا مقابل لها في روابط القانون الخاص بسبب كونه لا يعمل لمصلحة فردية بل يعاون السلطة الإدارية ويشترك معها في إدارة المرفق العام وتسييره واستغلاله تحقيقا للنفع العام.
      وللإدارة في العقد الإداري سلطة مراقبة تنفيذ شروط العقد وتوجيه أعمال التنفيذ واختيار طريقته وحق تعديل شروطه المتعلقة بسير المرفق وتنظيمه والخدمة التي يؤديها وذلك بإرادتها المنفردة حسبما تقتضيه المصلحة العامة دون أن يتحدى الطرف الآخر بقاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين)([48]).
      ثم إن دول القضاء المزدوج تسمى وتنظم أحكام الكثير من العقود الإدارية([49])، مثل عقد القرض العام، وعقد بيع ممتلكات الدولة، وعقود الامتياز للمرافق العامة وعقود الأشغال العامة وعقود التوريد ...
      وبجانب هذه الطائفة المنظمة والمسماة عقوداً إدارية بطبيعتها، هناك طائفة أخرى من العقود الإدارية المستقرة كعقود إدارية بموجب أحكام القضاء الإداري وهذا بعد توافر أركانها العامة مثل عقد الابتعاث في مصر، وهو عقد بين الإدارة العامة من جهة والمبتعث من جهة أخرى يتعهد بموجبه الأخير بالانتظام في الدراسة أو كسب مهارة أو خبرة، طيلة مدة البعثة ووفق شروط محددة، ثم العودة وخدمة الجهة التي أوفدته، وفي مقابل ذلك يستفيد من الحقوق والامتيازات المقررة قانونا للمبتعث، ويهدف نظام الابتعاث إلى رفع مستوى الأداء للعاملين في مرافق الدولة وإداراتها المختلفة([50]).
      ومن العقود الإدارية المستقرة قضائيا في فرنسا ومصر أيضا عقد المساهمة في مشروع ذي نفع عام، وهو عقد إداري بمقتضاه يتعهد شخص برضائه واختياره بأن يشترك في نفقات مشروع من مشروعات الأشغال العامة أو المرافق العامة، وقد عرفته المحكمة الإدارية العليا بمصر بأنه: (عقد إداري يتعهد بموجبه شخص برضائه واختياره بالمساهمة نقداً أو عيناً في نفقات مشروع من مشروعات الأشغال العامة أو المرافق العامة، وقد يكون المتعهد ذا مصلحة في تعهده أو غير ذي مصلحة فيه، وقد يترتب التعهد بعوض أو يتضمن تبرعاً، وقد يكون تلقائياً من ذات المتعهد أو بطلب من الجهة الإدارية، كما قد يكون تعهدا منجزاً أو مشروطاً، ومهما اختلفت صور هذا التعهد أو تباينت أوصافه، فهو يقوم على المساهمة الاختيارية في مشروع ذي نفع عام، وهو عقد ملزم لا مناص من تنفيذه وإعمال مقتضاه) ([51]).
      ومن العقود الإدارية المستقرة قضائيا أيضاً عقد الترخيص بالانتفاع بالمال العام، ومن صوره عقد استكشاف استغلال البترول، وعقد استغلال المحاجر، وعقد الاستغلال والانتفاع وتقديم الخدمات لمرفق عام([52]).

المطلب الثاني: مفهوم العقد الإداري في فلسطين.

      وفى فلسطين الوطن يؤخذ بنظام القانون الموحد والقضاء الموحد لقرون طويلة، فالصورة مختلفة عما قدمت في فرنسا ومصر بعض الشيء:
      فنحن لا نختلف في تعريفنا للعقود الإدارية من كون أحد طرفيها أو كليهما شخص من أشخاص القانون العام، وأنها تتعلق بإدارة وتسيير مرفق من المرافق العامة، وتحتوى على شروط استثنائية غير مألوفة في نطاق أحكام القانون الخاص، بل إن كثيرا من أحكام العقود الإدارية المنظمة في فلسطين تتطابق مع ما هو عليه الحال في مصر وفرنسا كما أشرت في حينه!! ولكننا لا نرتب على توافر هذه الأركان وتتطابق هذه الأحكام أكثر من نصوص القانون المكتوبة وشروط العقد المنصوص عليها، وقطعا فلا تصل هذه النصوص وهذه الشروط في المدى إلى ما وصلت إليه في فرنسا ومصر كما وكما سيأتي عند الحديث على حقوق المتعاقد مع الإدارة ففي مصر تقرر المحكمة الإدارية العليا (أن الإدارة تستمد امتيازاتها في مجال العقود الإدارية لا من نصوص هذه العقود، ولكن من طبيعة المرفق العام واتصال العقود به ووجوب الحرص على استمرار وانتظام سيره بما يحقق المصلحة العامة ..)([53]).
      وفي موقع آخر يبين د. الطماوي الخصائص الذاتية للعقد الإداري فيقول: (..ولهذا يمكننا أن نؤكد من الآن أن نية الطرفين تؤدي دورها كاملاً خارج النطاق الذي تستلزمه الخصائص الذاتية للعقود الإدارية ..)([54]) وتقدم على الصفحة العاشرة (10) ما ذكره د.محمود أبو السعود حبيب في بيانه للشروط الاستثنائية.
      ولذات السبب نجد أن فقهاء القانون الإداري عند تناولهم للقواعد التي تطبق على العقود الإدارية يذكرون عبارة (.. أن هذه من القواعد المستقرة والتي تطبق بدون حاجة إلى
نص قانوني خاص ..)([55]).
      أما في فلسطين فنحن لا نعوّل على نية الإدارة للأخذ بأحكام القانون الإداري أكثر مما هو قائم في القواعد القانونية التي تنظم أحكام هذا العقد وشروطه الخاصة، بالنظر لبيئة القانون الخاص المحيطة بالقانون الفلسطيني وحداثة أحكام العقود الإدارية في فلسطين نسبياً، ولأنه لا يوجد لدينا قضاء إداري متخصص بنظر هذه المنازعات، وبالتبعية ليس لدينا مبادىء وأحكام إدارية متميزة مصدرها القضاء الإداري لتطبق على المنازعات الإدارية بدون النص عليها في العقد، بل نلتزم بشروط العقد بحيث يمثل العقد قانون المتعاقدين ثم إذا لم نجد في العقد ما يواجه النزاع المطروح نلجأ إلى قواعد القانون المنظمة لهذا العقد إن وجدت وإلا فأحكام القواعد العامة([56]).
      ففي القضية رقم 6/63 استئناف عليا مدني بين مجلس قروي جباليا الملتزم بجمع الرسوم في سوق البلدة، قضت المحكمة (بأنه لا يحق للملتزم أن يطالب بأي تعويض أو خسارة أو ضرر قد يصيبه من جراء هذا الالتزام لأي سبب من الأسباب استناداً للبند الخامس من شروط تلزيم أسواق وأقلام مجلس قروي جباليا، وأنه يجب الالتزام بشروط العقد المبرم بين الطرفين مطلقاً)([57]).
      وفي القضية رقم 53/95 استئناف عليا مدني بين مجلس قروي جباليا وأحد المقاولين للبناء قضت المحكمة (باحترام نصوص العقد المبرم بين الطرفين وإدخال جمعية أنيرا – الممول للمشروع – كطرف مدعى عليه في العقد، استناداً لقاعدة العقـد شريعة المتعاقدين مطلقـاً)([58]).
      وفي الطلب رقم 166/99 عدل عليا بغزة المتكون بين وزارة الإسكان وأحد المقاولين قالت المحكمة: (وحيث إنه متى كان الثابت أن هناك علاقة قانونية بين الطرفين والتزامات من كل منهما تضمنها اتفاق التفاهم المرفق بالأوراق، فإنه لا يجوز للوزارة والحالة هذه تنفيذ ما يتراءى لها من التزامات بقرار إداري تصدره من جانب واحد دون موافقة الطرف الآخر…) أي أن المحكمة ذهبت إلى الأخذ بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين مطلقا، وعليه ألغت القرار الإداري المخالف.
      ولعل حال فلسطين من هذه الناحية يشبه تماماً ما كان قائماً في مصر قبل إنشاء مجلس الدولة سنة 1946م، يقول د. مازن ليلو راضي في كتابه العقود الإدارية في القانون الليبي والمقارن: (قبل إنشاء مجلس الدولة في مصر سنة 1946م لم تعرف مصر القضاء الإداري، أما تطبيق شروط متميزة لعقد من عقود الإدارة فإن مرجعه نصوص العقد وشروطه، فإذا لم يوجد في العقد نص طبقت قواعد القانون الخاص عليه، ولم يسلك القضاء في مصر سلوك القضاء الفرنسي ويطبق نظرية العقد الإداري)([59]).
      وحديثا وتبعاً للمسببات قام المشرع الفلسطيني بتنظيم مباشر أو غير مباشر لبعض العقود الإدارية ذات الأهمية الخاصة والتي هي:
-   عقود الأشغال الحكومية والخدمات الفنية، صدرت بقانون العطاءات رقم 8 لسنة 1999م.
-   وعقود التوريدات الواردة أحكامها في قانون اللوازم العامة، صدرت بالقانون رقـم 9 لسنة 1998م.
-   وعقود امتياز المرافق العامة، صدرت بالقانون رقم 3 لسنة 1996 والنظام رقم 1 لسنة 1996م.
      وإذا كانت هذه التنظيمات القانونية المحدثة ترمي من جهة إلى تحقيق المصلحة العامة بالحصول على أحسن جودة وكفاءة في العمل وتوفير أموال الخزينة العامة، فإنها تعكس من جهة ثانية تطورا مهما في أحكام القانون الإداري الفلسطيني يتدخل بموجبه المشرع في تنظيم هذه العقود بالغة الأهمية في حياة الجماعة ولينقلها من قواعد وأحكام القانون الخاص إلى قواعد وأحكام القانون العام ولكن أيضاً دون أن يصل مدى هذا التنظيم إلى ما وصل إليه الحال في فرنسا ومصر، حيث من المتفق عليه هناك أن العقود المذكورة هي إدارية بطبيعتها([60]).
      ولسوف تكون دراستنا لمدى تطور العقود الإدارية في فلسطين من خلال أحكام هذه العقود الإدارية الثلاث التي نظمها المشرع الفلسطيني.
      وأما العقود الإدارية من عمل القضاء فهذا الصنف ليس له وجود بعد في فلسطين بسبب الإرث التاريخي والظروف المحيطة وطبيعة النظام القانوني وتكوين القضاة الذي أفضى إلى عدم وجود القضاء الإداري المتخصص بهذا الفن، مع ما يترتب على ذلك من نتائج.
المبحث الثاني
سلطات الإدارة العامة تجاه العقود الإدارية لدى دول القضاء
المزدوج ثم فلسطين وما بينهما من خلاف
      يرتب العقد الإداري سلطات للإدارة العامة كما يرتب الحقوق والالتزامات بين أطرافه، ولكن مدى هذه السلطات والحقوق والالتزامات يختلف من عقد لآخر ومن مكان لآخر ومن زمان لآخر، وفيما يلي نبين السلطات والحقوق الرئيسة للشخص المعنوي العام كطرف في العقد الإداري والتي تمثل في وجهها الآخر التزامات على الطرف الآخر المتعاقد مع الإدارة والذي هو أساسا أحد الأفراد أو أحد الأشخاص المعنوية الخاصة، نبين ذلك في دول القضاء المزدوج أولا، ثم في فلسطين ثانيا ونتبع ذلك ببيان ما بينهما من خلاف خاصة من زاوية حقوق المتعاقد مع الإدارة وبذلك ينقسم هذا المبحث إلى ثلاثة مطالب نبينها تباعاً.
المطلب الأول: سلطات الإدارة العامة بمناسبة العقد الإداري في دول القضاء المزدوج.
      معلوم بالضرورة أن الإدارة العامة لدى مباشرتها لنشاطها عبر العقود الإدارية تضع في اعتبارها تحقيق أمرين رئيسيين: تحقيق المصلحة العامة باختيار أفضل المتقدمين للقيام بالنشاط، ثم تحقيق أكبر وفر مالي ممكن للخزانة العامة.
      ولهذه الأسباب لم تطلق التشريعات أيدي الإدارة العامة حين إبرامها للعقود الإدارية، بل حددت لها طرقا معينة ينبغي أن تنهجها لدى إجرائها تعاقداتها، وهذه الطرق تتلخص في المناقصات والمزايدات المفتوحة، ثم الممارسات المحدودة أو استدراج العروض، وأخيرا التعاقد المباشر بشروط وقيود محددة([61]).
      ثم إن هذه الطرق لإجراء التعاقدات الإدارية تضاف كل منها إلى العديد من الشروط العامة والخاصة التي يفترض أن تحقق الغايات المحددة([62])، وهذا وذاك يبلور سلطات الإدارة المحققة للأهداف المرجوة بصدد العقود الإدارية .
      وبداية نذكر هنا أن هذه السلطات كثيرة ومتعددة وتختلف في تفاصيلها من مجتمع لآخر ومن عقد لآخر. ولكن لأغراض الدراسة نجملها في ثلاث سلطات كبرى – عناوين- كما يذهب إلى ذلك جمهور الفقه([63]) - ودون تفصيل ما سبق بيانه- وعلى النحو الآتي:
1) سلطات الرقابة على تنفيذ العقد: ومفاد هذه السلطة أن للإدارة العامة الحق في مراقبة تنفيذ العقد المبرم، والحق في توجيه المتعاقد معها لضرورة الالتزام بالتنفيذ طبقاً لشروط العقد.
      وهذه السلطة تقرر للإدارة حتى ولو لم ينص عليها ضمن شروط العقد وتقتضيها طبيعة النشاط الإداري محل العقد([64]).
2) سلطة تعديل شروط العقد بالإرادة المنفردة: ومقتضى هذه السلطة أن يكون في مقدور الإدارة العامة تعديل شروط العقد بما يغير من التزامات المتعاقد معها دون أن يتوقف ذلك على قبوله لهذه التعديلات.
      ولكن هذه السلطة ليست مطلقة في كل الأحوال وفي كل الأنظمة وإلا أفرغت العقد من مضمونه! بل هي مقيدة بضرورة تغير الظروف مع الحفاظ على المزايا المالية للمتعاقد والمنصوص عليها في العقد، كما أنها لا تكون جائزة إذا أدت إلى تعديل نوع العقد أو موضوعه([65]).
3) سلطة توقيع الجزاءات الإدارية التعاقدية في حالة الخطأ في التنفيذ أو التأخر في التنفيذ، وأهم هذه الجزاءات:
أ-  الجزاءات المالية: ومنها غرامات التأخير ومصادرة التأمين([66]).
ب- وسائل الإكراه المختلفة والتي تظهر في أن للإدارة في حالة تقاعس المتعاقد معها عن تنفيذ التزاماته أن تقوم بإحلال متعاقد آخر مكانه أو تتولى هي بنفسها التنفيذ على حساب المتقاعس عن التنفيذ([67]).
ج- فسخ العقد: وهذا الجزاء توقعه الإدارة بإرادتها المنفردة على المتعاقد معها في حالة الخطأ الجسيم([68]).
د-  حق الإدارة في إنهاء التعاقد: وهذا ليس بجزاء ولكنه سلطة يجوز أن تستخدمها الإدارة
    لتحقيق المصلحة العامة أو مصلحة المرفق العام طالما أن المتعاقد معها لم يخطىء ولم تتحقق أسباب فسخ العقد.
       (ولقد قيدت هذه الحالات في دول القضاء الإداري – مصر وفرنسا([69])– كما قيدت بشكل أكثر في نصوص قانون عقد الأشغال العامة الفلسطيني).
المطلب الثاني: سلطات الإدارة العامة بمناسبة العقد الإداري في فلسطين.
      في ضوء دراستنا لأحكام العقود الإدارية الثلاثة المذكورة في فلسطين ولأغراض المقارنة مع دول القضاء المزدوج نقف على أهم سلطات الإدارة ومداها تجاه المتعاقد معها من خلال السلطات الثلاث الكبرى التي تتمتع بها الإدارة كما قدمت، فنبين كل منها على حدة - ونتجنب تكرار ما سبق ذكره بقدر الإمكان- وكما يلي:
1) سلطة الرقابة والتوجيه: ورد النص عليها في لائحة الشروط العامة لعقود الأعمال المدنية لسنة 1994م([70]) والتي مصدرها نصوص عقد المقاولات للهندسة المدنية المعروف باسم فيدك([71]) وفي التشريعات المنظمة لعقد امتياز خدمات الهاتف الثابت والمحمول ، وعقد
التوريد للوازم الحكومية وبيان ذلك:
أ-  سلطة الرقابة بموجب لائحة الشروط العامة لقانون العطاءات للأشغال الحكومية: وردت في نصوص كثيرة منها:
-   المادة 17 التي ألزمت المقاول ببرنامج عمل ونصها (يجب على المقاول خلال مدة أسبوعين من تاريخ التوقيع على العقد أن يقدم للمهندس برنامجا واضحا ومفصلا لمراحل تنفيذ الأعمال، ويقسم البرنامج إلى أقسام وبنود ويبين فيها الترتيب الذي يتبعه لتنفيذ العمل بكل قسم وبند، على ألا تتجاوز مدة هذا البرنامج المدة المحددة بالعقد، ولا يعمل بهذا البرنامج إلا بعد موافقة المهندس الكتابية، ولا يؤثر اعتماد
 المهندس لبرنامج العمل أو التعديل الذي يدخله عليه التزام المقاول بتنفيذ الأعمال في الموعد المحدد ولا على مسئولياته بشأن سلامة وصحة وصلاحيات وكفاية الأساليب المتبعة في التنفيذ والمعدات المستخدمة).
-   المادة 18 (1- يجب على المقاول أن يقوم بتنفيذ الأعمال على نحو يرتضيه المهندس المشرف على تنفيذ الأعمال، وللمهندس أن يصدر من وقت لآخر ما يراه مناسبا من رسومات إضافية أو تعليمات توجيهات وإيضاحات، وتسمى جميعها تعليمات المهندس …. 2- يجب على المقاول أن يتبع وينفذ بدون تأخير وبكل دقة التعليمات التي يصدرها إليه المهندس، كما يجب عليه أن يخطر المهندس بالتفصيل بجميع المسائل المتعلقة بالأعمال وبالمواد اللازمة للمشروع ..)
ب- سلطة الإدارة في الرقابة والتوجيه بموجب أحكام عقد امتياز المرافق العامة: من ذلك نص المادة 29 من نظام الاتصالات السلكية واللاسلكية التي تقول: (يخضع صاحب الامتياز لرقابة الوزارة في ممارسة أعماله، وللوزارة متى شاءت الحق في الإطلاع على أي مستند تراه ضروريا لممارسة هذه الرقابة).
      وأيضا المادة. 3 تنص (للوزارة أن تراقب صاحب الامتياز في آداء وتنفيذ خدمات المرفق موضوع الامتياز وتسييره من النواحي الفنية والإدارية والمالية).
      من ذلك نص المادة 32 من نظام الاتصالات السلكية واللاسلكية والتي تذكر: (تعين الوزارة محاسبا ماليا لحساب الأرباح والخسائر وتحديد نسبة الحصة المخصصة لها من الأرباح وعلى صاحب الامتياز تزويد المحاسب بأي معلومات ضرورية لتنفيذ مهامه).
2) سلطة الإدارة في تعديل العقد: ورد النص عليها في نظام عقود الامتياز لخدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية، وفي قانون العطاءات للأشغال الحكومية وكما يلي:
أ-  من ذلك نص المادة 16 من نظام الاتصالات المذكور، التي تقول: (يكون للوزارة الحق في إعداد أسعار وتعريفات الخدمات التي يؤديها الملتزم في تسيير وإدارة مرافق الامتياز وفقا للتعريفات الدولية والإقليمية المعتمدة).
      نلاحظ هنا أن سلطة الإدارة في تعديل التعرفة ليست مطلقة ولكنها مقيدة بالتعرفة الدولية والإقليمية.
-   ومن ذلك نص المادتين 19و20 من نظام الاتصالات المذكور ونصهما (يلتزم صاحب
الامتياز بتكوين احتياطي خاص بالسنوات التي تقل فيها الأرباح عن النسبة المئوية المقررة له بموجب عقد الامتياز، ويستخدم الاحتياطي المشار إليه في تحسين وتوسيع الخدمات الملتزم بها أو في خفض الأسعار إذا رأى مانح الالتزام ذلك).
      ومنه أيضا نص الفقرة د من المادة 21 من نظام الاتصالات، التي تقول: (يلتزم صاحب الامتياز بما يلي .. الالتزام بأي شرط يوضع لدى إرساء المناقصة عليه).
ب- وفي قانون العطاءات للأشغال العامة نطالع نص الفقرة 3 من المادة 19 من قانون العطاءات المذكور (إذا تطلبت ظروف العمل إحداث بنود جديدة لم تكن واردة في أي من وثائق العطاء أصلا فإن تحديد أسعار هذه البنود يكون خاضعا لموافقة المسؤول المختص بناء على تنسيب المهندس المشرف).
3) سلطة الإدارة في توقيع الجزاءات: ورد النص عليها في نظام عقود الامتياز لخدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية، وفي قانون العطاءات للأشغال العامة وفي قانون اللوازم العامة وكما يلي:
أ-  من ذلك ما ورد النص عليه في المادة 36 من نظام الاتصالات المذكور ونصها، يجوز للوزارة إسقاط حق الامتياز في الحالات الآتية:
1- إذا تأخر صاحب الامتياز عن أداء النسبة المئوية المتفق عليها للسلطة مانحة الامتياز أو أي جزء منها في الميعاد المحدد في عقد الامتياز.
2- إذا امتنع صاحب الامتياز بدون عذر تقبله الوزارة عن تقديم الأجهزة الفنية حسب المواصفات المنصوص عليها في عقد الامتياز.
3- إذا خالف صاحب الامتياز تعرفة الخدمات المقدمة للمشتركين في خدمة الهاتف المنصوص عليها في عقد الامتياز.
4- إذا خالف صاحب الامتياز بعدم تقديم الخدمة الهاتفية بانتظام للمشتركين وبأدائها.
5- إذا خالف صاحب الامتياز الشروط المنصوص عليها في عقد الامتياز المتعلقة بالقيام بتقديم الصيانة الدورية وعدم تجديد الأجهزة والمعدات الفنية حسب المدة المتفق عليها في عقد الامتياز).
ب- وفي قانون العطاءات للأشغال العامة: أوجب المشرع بموجب المادة 35 فقرة 3 منه النص على غرامات التأخير في نموذج عرض المناقصة وبين أن قيمة غرامة التأخير يجب أن تكون متناسبة مع قيمة العطاء ومدة تنفيذه وأن لا تزيد نسبة غرامة التأخير اليومي من القيمة الكلية للعطاء على 10% من معدل الإنتاج اليومي، وأن لا تزيد نسبة الغرامة من القيمة الكلية للعطاء على 10%.
      وكذلك أوجب المشرع بموجب المادة 30 من قانون العطاءات للأشغال العامة فسخ العقد ومصادرة التأمين النهائي دون الإخلال بحق الإدارة في الرجوع على المقاول بالتعويضات اللازمة في الحالات الآتية:
1- إذا استعمل المتعاقد الغش أو التلاعب في معاملته مع الجهة المتعاقدة.
2- إذا ثبت أن المتعاقد قد شرع بنفسه أو بواسطة غيره بطريق مباشر أو غير مباشر في رشوة أحد موظفي الجهات الخاضعة لأحكام القانون.
3- إذا أفلس المتعاقد أو أعسر إعسارا لا يمكنه من تنفيذ العطاء.
* وفي قانون اللوازم العامة نطالع نص البندين ج - د من المادة 30.
ج- (إذا قررت لجنة استلام اللوازم رفض تسلم اللوازم الموردة لمخالفتها للمواصفات والشروط المقررة فللمتعهد الذي ورد تلك اللوازم الاعتراض على قرار اللجنة خلال مدة أقصاها عشرة أيام من تاريخ تسلم المتعهد لضبط الاستلام إلى الجهة التي أصدرت قرار الشراء ويكون قرارها بالقبول أو الرفض قطعيا وتعتبر اللوازم المرفوضة بحكم الأمانة.
د- يرفع المورد اللوازم المرفوضة على نفقته خلال خمسة عشر يوما من تاريخ إشعاره بضرورة رفعها من المكان الموجودة فيه إلا إذا اقتضت الضرورات الصحية أو الأمنية رفعها أو إتلافها قبل ذلك الموعد، فإذا تأخر في القيام بذلك عن الموعد المحدد له يعتبر متنازلا عنها للسلطة الوطنية، وللسلطة الوطنية الرجوع عليه بنفقات الرفع والإتلاف).
      إذن نلاحظ من هذه النصوص كثرة مطابقتها لما هو عليه الحال في دول القضاء المزدوج، وإن كان يلاحظ على بعض النصوص شيء من التحفظ الذي يبديه المشرع عند الخروج على أحكام القانون الخاص والأخذ بأحكام القانون العام، ولعل تفسير ذلك مرده إلى أن المشرع ما زال مقيدا ببيئة القانون الخاص ولأنه يجهل مدى التنظيم الذي بلغته أحكام القانون الإداري في دول القانون المزدوج.
المطلب الثالث: حقوق الأشخاص المتعاقدة مع الإدارة.
      وللوقوف أكثر على مدى سلطات الإدارة العامة تجاه العقود الإدارية نبين حدود هذه السلطات بإبراز حقوق الأشخاص المتعاقدة مع الإدارة لأن سلطات الإدارة تنتهي عندما تبدأ حقوق المتعاقدين معها.
      إن حقوق الأشخاص المتعاقدين مع الإدارة بموجب عقود الأشغال الحكومية وعقود التوريدات من اللوازم العامة، وعقود الامتياز، تقررها النصوص القانونية وأحكام العقود ذاتها التي قررت للإدارة العامة سلطاتها.
      وتختلف هذه الحقوق بعض الشيء في دول القضاء المزدوج كفرنسا ومصر عنها في فلسطين كما بينت بالشواهد من قبل ولسبب رئيسي هو أن هذه الحقوق ناجمة عن عقود إدارية بطبيعتها في دول القضاء المزدوج الأمر الذي يعني أن لها خصائص ذاتية بعيدا عن إرادة الأطراف المتعاقدة، وهذا ما لم يوجد في فلسطين بعد، حيث إن هذه الحقوق في فلسطين محددة في نصوص العقد والقانون فقط، ونبين فيما يلي حقوق الأشخاص المتعاقدة مع الإدارة في العقود الثلاثة المذكورة.
أولاً: حقوق المتعاقد مع الإدارة بموجب عقد الأشغال الحكومية:([72]) تشمل هذه الحقوق في فلسطين ما يلي:
1) تمكين المقاول من مباشرة العمل: ويكون ذلك بتسليمه موقع العمل خالياً من أي منازعة
أو اعتراض، والسماح لعماله ولمقاولي الباطن بالعمل حسب الاتفاق، بل يفترض في المقاول قبل تقديمه لعطائه أن يكون قد اطلع على موقع العمل والأماكن المحيطة به وأنه تفحص كافة المعلومات المقدمة من صاحب العمل، لأن هذا الأمر يشكل التزاماً على الإدارة تقوم به قبل أن يكون هناك أي التزام تجاه أي مقاول([73]).
2) منحه التراخيص اللازمة للقيام بالعمل مثل تراخيص الكهرباء والمياه، أو التراخيـص
اللازمة لاستيراد المواد والأدوات والخامات اللازمة للمشروع طبقا لبنود العقد.
3) تقديم الدفعات المتفق على دفعها مقدما تحت الحساب من قيمة المشروع([74]): أجاز المشرع دفع دفعات مقدمة من قيمة المشروع تحت الحساب، مقابل خطاب ضمان معتمد بقيمة الدفعة المقدمة وذلك وفقا للشروط والنسب والحدود الواردة بلائحة الشروط العامة أو الشروط الخاصة للعطاء 0
      وبينت اللائحة([75]) أن المقاول يستحق دفعة مقدما (تدرج قيمتها بشروط العقد) من قيمة العقد مقابل ضمان بنكي، ويخفض هذا الضمان بمقدار تسديد المقاول لأقساط الدفعة المقدمة، ثم إن الشروط الخاصة بينت أن قيمة هذه الدفعة تعادل 10% من قيمة العقد.
4) حق المتعاقد في تلقى التعليمات من المهندس أو المالك في الوقت المناسب وإلا استحق التعويض ماليا عن كل ضرر، واستحق مدة إضافية من الوقت عن التأخير الناجم عن فعل المهندس([76]).
5) حق المقاول في الاعتراض على مقاولي الباطن لأسباب معقولة متى فرضهم صاحب العمل بدون علمه، أو إذا رفض هؤلاء المقاولون من الباطن الالتزام اتجاه المقاول الأصلي بما التزم به اتجاه رب العمل، أو إذا رفض المقاول الفرعي تأمين المقاول ضد إهمال أو سوء استعمال عماله وضد أي مطالبات تنشأ عن هذه الأمور([77]).
6) حق المتعاقد في تلقى الدفعات المتفق عليها طبقا لتقدم العمل وفى المواعيد المحددة([78]).
7) حق المتعاقد في التباطؤ عن العمل أو حتى التوقف عن العمل إذا تأخرت الإدارة في دفع المستحقات لمدد طويلة([79]).
8) حق المتعاقد في إنهاء العقد([80]): أجازت لائحة الشروط العامة للمقاول إنهاء العقد مع صاحب العمل إذا لم يدفع صاحب العمل مستحقاته خلال ستة أشهر من تاريخ الاستحقاق، أو إذا استحال على المقاول تنفيذ العقد لأسباب قانونية أو طبيعية، وعلى صاحب العمل حينئذ دفع كافة مستحقات المقاول والتزاماته ومصاريفه وربحه.
9) تسلم العمل من المقاول([81]): فرضت اللائحة هذا الالتزام، ومتى تبين أن المقاول وفى بالتزامه يعتبر تاريخ إعلان المهندس من جانب المقاول بتمام العمل موعدا لانتهاء العمل وبدء مدة الصيانة.
      ومتى تم تسليم العمل فعلا أو حكما ارتفعت مسئولية المقاول عما يكون ظاهراً في العمل من عيب، أما العيوب الخفية فضمانها يظل طبقا للقواعد العامة ما لم ينص على خلافه.
10) حق المتعاقد في تلقى التعويضات المناسبة (سواء الوقت أو المال) في حالة العوائق والأوضاع الطبيعية المعاكسة (غير المناخ)، أو حالة الصعوبات غير المتوقعة، فمتى كانت هذه الأوضاع أو العوائق من النوع الذي لا يستطيع مقاول خبير أن يتوقع حدوثها، كان للمقاول الحق في التعويض المالي فضلا عن احتساب التأخير في تنفيذ العمل لهذا السبب مبرراً([82]).
      كما عالج المشرع حالة القوة القاهرة والظروف الطارئة وفقا للقواعد العامة، فنص في المادة 34 من قانون العطاءات المذكور على الآتي: (1- لا يتحمل المتعاقد الأضرار المترتبة على التأخير في تنفيذ العقد أو عدم الوفاء به إذا كان التأخير أو عدم الوفاء بسبب القوة القاهرة. 2- في كل الأحوال عند وجود قوة قاهرة على المتعاقد تقديم إشعار خطي وفوري إلى الجهة المتعاقدة بالظروف والأسباب التي تمنع تنفيذ العقد أو التأخير في الوفاء به وتقديم كل ما يثبت ذلك. 3- تكون القوة القاهرة المؤقتة من مبررات التأخير ويجب الوفاء بعد زوالها، وتكون القوة القاهرة الدائمة من مبررات عدم الوفاء)، وبهذا أخذ مشروع القانون المدني الفلسطيني([83]).
11) وفى حالة تعديل التشريعات أو اتخاذ الإدارة إجراءات تؤدى إلى تغيير الأسعار مما يؤدى إلى الإخلال بالتوازن الاقتصادي للعقد وكان ذلك بعد انتهاء تاريخ إيداع العطاءات، فتدفع للمقاول الزيادة المتحصّلة للخزينة من جراء هذه التشريعات أو الإجراءات، وبالمقابل يحق للإدارة خصم الزيادة المترتبة على هذه التشريعات أو الإجراءات من استحقاقات المقاول([84]) وتعرف هذه التشريعات والإجراءات في دول القضاء المزدوج بأفعال الأمير([85]).
12) حسم المنازعات الواقعة، وغير المعالجة قانوناً:
أ-  حسم المنازعات الواقعة: بينت لائحة الشروط العامة ذلك بقولها([86]):
1- إذا حدث خلاف حول تفسير أو تطبيق العقد بين صاحب العمل والمقاول، يصدر المهندس إذا كان شخصا مستقلا – استشارياً– قراراً خلال 15 يوماً (تجدد إذا وافق الطرفان) من تاريخ إبلاغ الطرفين له بموضوع الخلاف وطلب القرار.
2- إذا لم يوافق أحد الطرفين على قرار المهندس، يتم اللجوء إلى محكم واحد يتفق عليه الطرفان، أو ثلاثة (3) محكمين يختار كل طرف واحداً منهما ويختار المحكمان ثالثهما، ويكون قرار التحكيم نهائياً.
3- تعتمد صلاحية محاكم السلطة في سلامة التحكيم وتطبيق القوانين السارية فيما ليس فيه نص في شروط العقد.
ب- واجه المشرع فرضية أن تنشأ وقائع وحالات لم تتعرض لها النصوص القانونية([87]).
       (فذكر أنه عند نشوء حالة طارئة لا يمكن معالجتها بموجب أحكام هذا القانون فلمجلس الوزراء بناء على طلب الوزير أو المسئول المختص البت فيها حسبما يراه مناسبا ويكون قراره قطعياً)، وفى النهاية فإن باب القضاء مفتوح لكل نزاع.
      إذن وضح بجلاء مدى تقييد سلطات الإدارة العامة تجاه عقد الأشغال العامة بما نص عليه من حقوق مقررة للمتعاقد مع الإدارة.
ثانياً: حقوق المتعاقد مع الإدارة بموجب عقد التوريد للوازم العامة: لم ترد نصوص خاصة في قانون اللوازم المذكور تبين حقوق المتعاقد مع الإدارة، حيث يفترض أن هذه المسألة تعالجها اللوائح التنفيذية للقانون المذكور والتي لم تصدر بعد رغم مرور أكثر من ست سنوات على صدور القانون ونشره حيث نصت المادة 52 من القانون المذكور على (أ- لمجلس الوزراء إصدار الأنظمة اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون خلال ثلاثة أشهر من تاريخ سريانه. ب- يصدر الوزير التعليمات التنظيمية اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون والأنظمة الصادرة بموجبه) كما أنه لم تصدر اللوائح التي تنظم إجراءات العطاءات وشروط الاشتراك فيها وطريقة دراسة العروض والإحالة والضمانات الواجب تقديمها من قبل المناقصين والمتعهدين والمسئوليات والالتزامات المترتبة عليهم عند عدم الالتزام بعروضهم أو تنفيذ عقود الإحالة المبرمة معهم والتي ينبغي أن ترفق بكل دعوة عطاء([88]).
      وعليه فإن حقوق المتعاقد مع الإدارة تظل محكومة بنصوص العقد المبرم بينه وبين الإدارة وإلا طبقت بعد ذلك نصوص القانون المخصوص إن وجد وإلا القواعد العامة التي هي قواعد القانون المدني – مجلة الأحكام العدلية-.
      وجدير ذكره أن قانون اللوازم العامة المذكور ألغى صراحة بموجب المادة 54 منه لائحة الاشتراطات العامة عن توريد الأصناف لسنة 1953م في قطاع غزة والتي كانت تنظم أحكام عقود التوريدات كافة بدون قصور، والتي نصت صراحة في البند 34 منها على أهم حقوق المورد وهو الثمن فذكرت (يصرف ثمن الأصناف الموردة في أقرب وقت ممكن بعد فحصها بمعرفة لجنة الفحص ومراجعتها وقبولها بمعرفة الإدارة).
      أما قانون اللوازم العامة المذكور فقد قدر أن أحكامه قد يشوبها القصور أو أنه قد تنشأ خلافات من حول تطبيق أحكامه فأورد المادة 53 لمعالجة هذا الأمر فنصت:
      (إذا نشأت أي حالة لا يمكن معالجتها بمقتضى أحكام هذا القانون أو نشأ خلاف في تطبيقه يرفع الأمر إلى مجلس الوزراء ليصدر القرار الذي يراه مناسبا بشأن تلك الحالة أو الخلاف ويكون قراره قطعيا)([89]).
      وعليه تأكدنا تماماً من الروح المحافظة ومن البيئة التي تكرس القانون الخاص أسلوبا للإدارة في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى تدخل السلطة لبناء الدولة.
ثالثاً: حقوق المتعاقد مع الإدارة بموجب عقد امتياز المرافق العامة: نظم المشرع أحكام عقد الامتياز من خلال تنظيمه لأحكام قانون الاتصالات الفلسطيني رقم 3 لسنة 1996 والنظام رقم 1 لسنة 1996 الصادر بمقتضاه، وفي ضوء ذلك أبرمت بتاريخ 15/11/1996م اتفاقية منح رخصة([90]) إنشاء وتشغيل اتصالات الهاتف الثابت والجوال بين وزارة البريد والمواصلات من جهة وشركة الاتصالات الفلسطينية من جهة ثانية ونبين فيما يلي حقوق الملتزم بالاستناد إلى أحكام الاتفاقية ونصوص القانون والنظام المذكورين:
1-  يتمتع الملتزم بإمكانية الانتفاع بالمزايا والإعفاءات وفقاً لقانون الاستثمار([91]).
2-  تتمتع الشركة بالإعفاءات من الرسوم الجمركية على المعدات وأجهزة الاتصالات اللازمة للبنى الأساسية لشبكة الاتصالات.
3-  للملتزم حق استملاك الأراضي اللازمة للمشروع([92]).
4-  للملتزم حق الدخول إلى العقارات الخاصة للقيام بأعمال المشروع([93]).
5-  لأغراض تمكين الشركة من تنفيذ مشاريعها تعتبر أنها مؤسسة عامة وأن مشاريعها للنفع العام وتتمتع بالحقوق والصلاحيات التي تتمتع بها السلطة أو أي من مؤسساتها الرسمية عند قيامها بتنفيذ مشاريع عامة مشابهة([94]).
6-  للملتزم حق طلب إعادة التوازن المالي للمشروع([95]).
7-  للملتزم الحق في الحصول على مقابل الامتياز في شكل نسبة مئوية من رسوم الانتفاع بالخدمات([96])، ويتم الاتفاق مع الوزير على أجور الخدمة والصيانة، أي أن الـوزارة لا تنفرد بتقرير التعرفة.
8-  تخصص للشركة بموجب ترخيص صادر من الوزارة الترددات اللازمة وبلا مقابل لتمكينها من الوفاء بالالتزامات المترتبة عليها بموجب الرخصة([97]).
9-  للشركة الحق في ترشيح خبراء فنيين لحضور اجتماعات اللجنة الفنية المشتركة مع الطرف الآخر (إسرائيل) بالنظر لتداخل النشاطات والمصالح([98]).
10- للشركة الحق في استخدام الطرق والأراضي لإقامة المنشآت وتركيب الأجهزة والمعدات وتمديد الشبكات([99]).
11- للشركة الحق في طلب إعفائها من أي من الالتزامات الواردة في هذه الرخصة – وذلك بعد إشعار الوزير مسبقا وإعطائه مهلة 30 يوماً– وذلك في الحالات الآتية:
  أ- إذا عجزت الشركة عن الوفاء بتلك الالتزامات بسبب عدم تمكن السلطة أو أي من مؤسساتها الرسمية عن الوفاء بما يترتب عليهم من التزامات منصوص عليها في هذه الرخصة.
 ب- إذا قام الوزير باتخاذ أي إجراء أدى إلى تأخير أو إعاقة عمليات الشركة بدون مبرر.
 ج- إذا قامت الشركة بإبلاغ الوزير مسبقا وخطيا بتلك الظروف والمعوقات خلال ثلاثة أشهر من تاريخ ظهور تلك الظروف والمعوقات ولم يقم الوزير بإصلاح وإزالة مثل هذه المعوقات، فللشركة الحق في مثل هذه الحالة بتعويضات عن الأضرار تساوي مجموع العوائد التي حرمت منها بالإضافة إلى أي تعويضات يجيزها القانون العام.
12- إذا رأى الوزير أن الشركة أخلت بالتزاماتها يقوم بإشعارها وإعطائها المدة الكافية لتصويب أوضاعها وإلا أصدر لها الأوامر للقيام بعمل معين، فإذا لم تتمكن الشركة من التنفيذ أو رأته غير مناسب أو معقول فإن للشركة أن تطلب تسوية الموضوع من خلال التحكيم المنصوص عليه في المادة 24 من الاتفاقية.
13- للشركة الحق في استعمال كافة المنشآت والشبكات والتمديدات والمباني القائمة المشمولة بهذه الرخصة وخلال مدة سريانها.
14- نصت المادة 17 من نظام الاتصالات المذكور (إذا طرأت ظروف لم يكن من المستطاع توقعها ولا يد للوزارة أو صاحب الامتياز فيها وأفضت إلى الإخلال بالتوازن المالي للامتياز جاز للوزارة أن تعدل قوائم الأسعار بالشكل الذي يتناسب مع تلك الظروف).
15- تعفى الشركة من أي مسئولية إذا كان لإخلالها أو تقصيرها بأي من الالتزامات المنصوص عليها في هذه الرخصة عائد لعدم وفاء الوزير بالالتزامات المقابلة المنصوص عليها في هذه الرخصة أيضاً([100]).
16- يلزم الفريقان بحل خلافاتهما بالمفاوضات وبالطرق الودية، وإلا يحق لأي من الفريقين أن يطلب تسوية الخلاف عن طريق التحكيم وفقا لأحكام القانون الفلسطيني وفي فلسطين مع الالتزام بالقرار الصادر عن هيئة التحكيم.
17- إذا تعارضت أحكام الاتفاقية مع أحكام النظام الصادر تغلب أحكام الاتفاقية وهذا بالنظر لوجود الاتفاقات الجزئية السابقة على صدور النظام([101])، أي أن النظام صدر بعد وجود اتفاقات جزئية بين الوزارة والشركة الملتزمة ولم ترغب الشركة في التنازل عما حققته من مكاسب في هذه الاتفاقات الجزئية.
18- تعتبر أحكام الاتفاقية محددة لجميع حقوق والتزامات الفريقين المتبادلة بصورة كاملة،
      وبالتالي لا يجوز ترتيب أي التزامات من أي نوع على أي فريق لم يرد عليها نص في هذه الاتفاقية([102]).
      ولعل هذا النصوص الأربعة الأخيرة أوضح شاهد على مدى تقييد سلطة الإدارة العامة بمناسبة العقود الإدارية في فلسطين.
المبحث الثالث
الأسباب والنتائج لتطور أحكام العقود الإدارية في فلسطين
      بعد أن وقفنا على مدى التطور النسبي الذي وصلت إليه العقود الإدارية في فلسطين ينبغي أن نبين ما أسباب هذا التطور وما نتائجه وبذلك ينقسم هذا المبحث إلى مطلبين.
المطلب الأول: أسباب التطور النسبي لأحكام العقود الإدارية.
      يمكن تقسيم هذه الأسباب إلى أسباب عامة ليست بذات علاقة مباشرة مع العقود الإدارية، وأسباب أخرى خاصة ذات علاقة مباشرة بأحكام العقود الإدارية.
أولاً: الأسباب العامة: يمكن تلمس الأسباب العامة لتطور سلطات الإدارة العامة في انحسار الاحتلال نسبيا عن أرض الوطن، وقيام السلطة الوطنية على الأرض الفلسطينية وتدخلها في حياة الجماعة وعبر التشريعات بصورة أكبر من أي وقت مضى مع وجود حاجة ماسة لهذا التدخل، ثم هناك الاتصال والارتباط والتأثر الأكثر من ذي قبل بالمحيط العربي والذي يأخذ جله بنظام ازدواج جهات القضاء، كما أن المقومات الحضارية التي تغذي هذا التوجه وتقبل به هي أحد أسباب هذا التطور، ثم إن شيوع نظام العولمة الذي جعل من الكرة الأرضية قرية صغيرة يتواصل فيها الأفراد بغض النظر عن المكان([103])، والمتغيرات الكثيرة المحيطة بفلسطين والناجمة عن عدم استقرار الوضع السياسي وتوابعه يجعل من تدخل الإدارة غالبا ضرورة من الضرورات مما يدفع باتجاه مزيد من التطور، لبناء القضاء والقانون الإداريين.
ثانياً: الأسباب الخاصة: وهي التي تدفع وتزكي تطور مفهوم العقود الإدارية فتبدو أساساً في عجز القانون الخاص وجهاز القضاء الموحد عن مواجهة حاجات الإدارة أو حاجات الجماعة([104])، الأمر الذي يبرز عيوب القانون الموحد والقضاء الموحد وبالمقابل تظهر مزايا نظام المحاكم الإدارية والقانون الإداري.
      ففي القضية رقم 141/ 2003 لدى محكمة الاستئناف بغزة([105]) والمتكونة بين وزارة الإسكان بالسلطة الوطنية الفلسطينية وبين مجموعة الاستشاريين العرب، والتي موضوعها عقد إداري يلتزم بموجبه المتعاقد مع الوزارة بإنجاز مخطط عمراني متكامل لحي تل الهوى بمدينة غزة، وجدنا الوزارة تقوم بإنهاء التعاقد من طرف واحد لعدم رضاها عن نشاط الطرف الآخر، وتعرض في نفس الوقت تعويضا عما أصاب الطرف الآخر من ضرر، ولكن عندما عرض النزاع على القضاء وبعد الاستماع للبينات وجدنا قرار المحكمة ينص (.. إن العقد شريعة المتعاقدين طبقا للقانون والسوابق القضائية العديدة، وحيث إن الوزارة قامت بإنهاء العلاقة التعاقدية بمفردها مخالفة بذلك ما ورد في بنود عقد الاتفاق والذي جاء فيها أنه يحق للوزارة إلغاء العقد شريطة تقديم إشعار خطي للطرف الآخر وبناء على أسباب محددة في العقد، وحيث إن الوزارة لم تتبع شروط العقد وتخلفت عن إخطار الطرف الآخر برغبتها في فسخ العقد حسب شروطه، فإنها تكون قد أخلت بأهم شرط من شروط العقد وبالتالي أصبحت مسئولة عن تعويض الطرف الآخر)، ثم قضت المحكمة بتعويض للمدعي المتعاقد مع الإدارة وكما طلبه وبمبلغ يصل إلى 70% من قيمة العقد الأصلي.
      وما يبدو لنا بمناسبة هذا النزاع أن هناك خلطا حدث بين فسخ العقد كجزاء توقعه الإدارة على المتعاقد معها عندما يخل بالتزاماته التعاقدية، وبين إنهاء العقد لرغبة الإدارة في ذلك بناء على متطلبات المصلحة العامة أو أسباب تقدرها، وقد التبس هذا الأمر على أطراف العقد ولم تتبينه المحكمة لعدم تخصصها، لأن حق الإدارة في إنهاء العقد هو من النظام العام بحيث لا يجوز النص في العقد على استبعاده، كما لا تملك الإدارة التنازل عن استخدامه مقدما([106]) كذلك تظهر حيثيات النزاع أن الإدارة التزمت بشروط للعقد كما لو كانت هي الطرف الأضعف في العقد والتي أملي عليها! على عكس ما يفترض في العقود الإدارية حيث تصوغها الإدارة، ويلتزم بها الطرف الآخر، وبنتيجة هذا النزاع يتبين أنه لم تكن هناك حماية كافية للمال العام أو احترام للمبادىء الرئيسة التي تحكم المرافق العامة، وإلا فكيف لم تلجأ الإدارة إلى فسخ العقد استناداً لإخلال الطرف الآخر بالتزاماته طالما أنها غير راضية عن تنفيذ العقد؟‍ ناهيك عن عدم التمييز بين الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي بحيث نجد أن الإدارة تتحمل التعويض في كل الحالات لدرجة أنني لم أجد حكما واحدا يتحدث عن الخطأ الشخصي طيلة عهد السلطة الوطنية!([107])  وهذا وذاك يبين مدى تأثير بيئة القضاء الموحد والقانون الموحد على نشوء وتطور أحكام القانون الإداري والمحاكم الإدارية.
ثم إن عيوب نظام القضاء الموحد الماثل لدينا كثيرة نذكر منها([108]):
1- عدم التخصص وتقسيم العمل، وهذا يعنى ضعف في النواحي الفنية والمهنية مع كثرة عدد القضايا المعروضة دون أن تجد لها حلا في أجل منظور([109]).
2- معاملة الإدارة كما الأفراد سواء بسواء، وهذا يعنى ضيق الإدارة ذرعا بالقانون العادي وتحايلها على مبدأ المشروعية أو تجاهلها للقانون غير الملبي لحاجاتها([110]).
3- عدم تطور القانون والقضاء العاديين بمقدار حاجات المجتمع السريعة والمتجددة مما يعنى التفات الأفراد والجماعات عن القانون والقضاء العاديين([111]).
4- عدم الاستفادة المثلى من الكوادر القانونية الموجودة بالرغم من وجود ثلاث كليات حقوق تشتمل على أقسام الدراسات العليا – الماجستير–([112]).
5- بعد العدالة عن أصحابها مع وجود محكمة عدل عليا واحدة فقط في كل من محافظات الشمال ومحافظات الجنوب، ويقتصر اختصاصها على قضاء الإلغاء دون التعويض([113]).
6- أن محكمة العدل العليا هي من درجة واحدة وأحكامها لا تقبل الاستئناف الأمر الذي يبدو مخالفا لما استقر عليه الأمر من مبادئ تقضي بوجوب أن يكون التقاضي على درجتين([114]).
7- عجز نظام القضاء الموحد عن أن يكون مستشارا للإدارة بالصورة الصحيحة لعدم وقوفه على ما يكشف عنه العمل من ثغرات في نشاط الإدارة أو نظامها القانوني، بعكس نظام القضاء الإداري الذي يقدم حصيلة التجربة العملية لصناع القرار بهدف سد عجز أو قصور في القانون أو حتى تلافي عيب وقع فيه المشرع أو حتى ترسيخ مبدأ قانوني يحقق مصالح الجماعة أو الأفراد([115]).
8- قصور نظام القضاء الموحد عن استيعاب المحاكم الإدارية والمنازعات الإدارية بخصوصياتهما الكثيرة وغير المتجانسة مع المحاكم العادية والقانون الخاص.
المطلب الثاني: نتائج التطور النسبي في مفهوم العقود الإدارية في فلسطين.
      بالرغم من تسطير المشرع الفلسطيني لأحكام أهم العقود الإدارية (عقد الأشغال الحكومية وعقد الامتياز وعقد اللوازم العامة) إلا أن مفهومها ظل قاصراً عند مقارنته بمفهوم العقود الإدارية في دول القضاء المزدوج، ولعل السبب الرئيسي لذلك يكمن في عدم وجود المحاكم الإدارية المتخصصة القادرة على تطبيق وإنشاء أحكام القانون الإداري المميزة، مما أكد قصور نظام القضاء الموحد عن تلبية حاجات الجماعة، وأبرز مزايا الأخذ بنظام القضاء المزدوج – المحاكم الإدارية– والذي يظهر وجودها كنتيجة منطقية لمعالجة أسباب القصور.
وعليه فإن هناك مبررات كثيرة تدفع إلى تأسيس المحاكم الإدارية عندنا منها:
1-  إن إنشاء القضاء الإداري هو درب من التخصص وتقسيم العمل، الأمر الذي أضحت نتائجه مميزة وملموسة على صعيد الإدارة ونشاطاتها المختلفة، وعلى صعيد حماية حقوق وحريات الأفراد([116]).
2-  إن وجود القضاء الإداري يدفع باتجاه بروز قانون إداري متميز يلبى حاجات المجتمع المتطورة والسريعة وخاصة في مجتمع مثل فلسطين تجهد للخلاص سريعا من تركة الاحتلال والاستعمار التي دامت زمنا ليس بالقصير([117]).
3-  إن فلسطين جزء من الوطن العربي الكبير والذي يأخذ في مجمله بنظام ازدواج جهات القضاء لأسباب كثيرة وأبرزها حاجته لذلك وتأثره بالمدرسة المصرية، بل ولعل الأخذ بنظام القضاء الإداري سوف يكون أحد دعامات توحيد القوانين العربية على طريق الوحدة الشاملة، والى ذلك أشارت العديد من الاتفاقات العربية، وعملت الكثير من الأجهزة.
4-  إن الأخذ بنظام القضاء الإداري ونتائجه يدفع إلى التزام الإدارة بمبدأ المشروعية! فكثيرة هي المرات التي تجد الإدارة نفسها ضائقة ذرعا بنصوص وقواعد تسوى بينها وبين الأفراد! بينما الأصل عدم التساوي لأن المصالح مختلفة والسلطات مختلفة، فالتقيد بأحكام القانون الإداري المناسبة والملائمة لحاجات الإدارة العامة أولى من الخروج على أحكام القانون العادي([118]).
5-  إن القانون والقضاء الإداريين هما الأقدر على فهم متطلبات الإدارة العامة في احتياجاتها وسلطاتها، وفى ذات الوقت هما الأقدر على تقييد الإدارة بمبدأ المشروعية وسيادة القانون([119]).
6-  من المألوف اليوم أن جميع الأنظمة تتدخل في شتى مجالات الحياة، وما من أمر إلا ونظّم بقانون حتى قالوا: إن الفرد يدخل الحياة بموجب شهادة ميلاد ويخرج منها بموجب شهادة وفاة، وليس من سبيل لتدخل الدولة إلا عبر النشاطات الإدارية، الأمر الذي يتطلب ضبط هذه النشاطات الإدارية ووسيلة ذلك أساسا هو القانون الإداري والقضاء الإداري.
      ثم وكما لمسنا فإن للعقود الإدارية مميزاتها وخصائصها كما بين ذلك المشروع في قانون العطاءات للأشغال العامة، وقانون اللوازم العامة، وأحكام عقود الامتياز ...الخ ولن ينجح القضاء غير المتخصص في تحقيق الأهداف التي ابتغاها المشرع من وراء أحكام هذه القوانين الخاصة والمميزة عن أحكام وقواعد القانون الخاص، خاصة إذا كان القاضي قد ألف قواعد القانون الخاص دون سواها، الأمر الذي يدلل على ضرورة استحداث القضاء الإداري المميز.
7-  إن طريقة تحضير الدعوى الإدارية والحكم فيها تسد ثغرة كبيرة في النظام القانوني والحفاظ على مبدأ المشروعية، دون إغفال تطور الحياة في الجماعة ونظامها القانوني([120]).
8-  إن دور القاضي الإداري الإيجابي وسرعته في حسم المنازعة الإدارية([121]) يعنى سيادة مبدأ المشروعية في وقت مبكر وتحديد الاتجاه القانوني الذي تسلكه الإدارة فيما بعد.
9-  إن تأسيس القضاء الإداري يلبى حاجة نفسية متأصلة لدى الكوادر الفلسطينية العائدة من الخارج والتي صعب عليها التأقلم والانتقال من مرحلة الثورة إلى مرحلة الدولة، فالقضاء الإداري يبرز خواص السلطة العامة ونفوذها وهيبتها في مواجهة الأفراد ودون أن يغمط حقوقهم.
10- إن تأسيس القضاء الإداري الفلسطيني يلبي حاجات نفسية ألفها المتعلمون في المدرسة المصرية خاصة والعربية عامة والتي تأخذ بالقانون والقضاء الإداريين إلى جانب القضاء والقانون العاديين.
11- إن نظام القضاء الإداري المميز هو تطوير للنظام القضائي الإسلامي المعروف (بديوان المظالم واختصاصاته) كما سطّر ذلك في كتاب الأحكام السلطانية للماوردي، وأخذت به بعض الدول العربية والإسلامية، الأمر الذي يعنى اتساق هذا النمط من القضاء مع الشريعة الإسلامية الغراء.
      لكل ما سبق فقد اتجهت إرادة المشرع الفلسطيني إلى إنشاء المحاكم الإدارية وشكلت لجنة متخصصة قامت بوضع مشروع قانون مجلس الدولة الفلسطيني، وتجري الآن المداولة من حوله ليصار إلى صياغته بصورة وافية ويدفع به إلى المجلس التشريعي.
      وأما سند هذه المحاكم الإدارية المقترحة من المشروعية فيبدو فيما يلي:
1- عدا عن المبررات السابقة التي تزكى هذا العمل نقول: لقد استحدثت السلطة الوطنية ديوانا للفتوى والتشريع كإدارة تابعة لوزارة العدل([122])، واستقطبت هذه الإدارة عددا من الكفاءات وسهرت على وظيفة تحضير مشروعات القوانين واللوائح، ووظيفة الإفتاء (إعطاء الرأي القانوني) لإدارات الدولة ومؤسساتها الرسمية. وهذا فضلا عن حيويته وواقعيته فيه إيحاء بالتوجه للقضاء الإداري والقانون الإداري المميزين، وبذلك برز القصور واضحا في عدم استحداث المحاكم الإدارية وحتى اليوم.
2- من المستقر في نظامنا القانوني وجود محكمة العدل العليا بموجب مرسوم دستور فلسطين لسنة 1922م، تطورت اختصاصاتها بموجب قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001م، ولقد آن الأوان لتطوير هذه المحكمة إلى قضاء إداري يلبي حاجة المجتمع أسوة بالمجتمعات المتقدمة الأخرى، وبذلك تكون هذه المحكمة نواة للمحاكم الإدارية.
3- لقد نص المشرع الفلسطيني في المادة (102) من القانون الأساسي المعدل لسنة 2003م على جواز إنشاء محاكم إدارية تنظر في المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية، ويحدد القانون اختصاصاتها الأخرى والإجراءات التي تتبع أمامها، فهذه إشارة صريحة إلى ولوج هذا الباب من جانب المشرعين الدستوريين.
4- ثم إن المادة 37 من قانون تشكيل المحاكم رقم 5 لسنة 2001م نصت على أن: (تتولى المحكمة العليا مؤقتا كل المهام المسندة للمحاكم الإدارية والمحكمة الدستورية العليا لحين تشكيلها بقانون ..) وهنا التقى المشرع البرلماني مع المشرع الدستورى في وجوب معالجة القصور الموجود وإنشاء المحاكم الإدارية.
      وأما كيف يكون هذا القضاء وما عوامل نجاحه فنقول: أنه بعد وضوح الأهداف تحدد الوسائل وخاصة مع توافرها، وعوامل النجاح تبدو في تلافي عوامل الفشل، وتجارب الآخرين ممن هم في ظروفنا ماثلة ومن الصواب أن نبدأ من حيث انتهوا.
الخلاصة والتوصيات
      ومع صدق العبارة القائلة بأن الحاجات الاجتماعية تخلق النظم القانونية، يكون ترجيح نظام على آخر بمدى استجابة هذا النظام لحاجات المجتمع وإقامة العدل فيه، بل والحرص على تطور المجتمع ونموه وازدهاره بما يشيعه العدل من أمن واستقرار.
      فإذا رجعنـا إلى فلسطين الوطن العربي المسلم نجد أنها في تاريخها الحديث وبفعل
الاحتلال والانتداب والتقسيم والوصاية لم يكن لها الخيار في ترتيب نظامها القانوني أو القضائي بشكل يتبنى فلسفة المجتمع الفلسطيني، الأمر الذي أبرز تشوّه نظامنا القانوني والقضائي بل وتشوه كافة جوانب الحياة في فلسطين بالتبعية ! بل والمؤكد أيضا أن رواسب هذه التشوهات سوف تظل موجودة حتى إقامة الدولة المستقلة وترسيخ مبدأ سيادة القانون، ولا سيادة للقانون بدون جهاز قضائي قادر وفاعل يلقى احترام وقبول الجميع.
      بينت هذه الدراسة مدى تطور مفهوم العقود الإدارية في فلسطين إبان عهد السلطة الوطنية بعد العام 1994م.
      وبعد تقسيم الدراسة خلصنا في المبحث الأول إلى أن تعريف العقود الإدارية في فلسطين لا يختلف عنه في سواها من دول القضاء المزدوج إلا من حيث المدى والكم دون المقومات، وبينت بالشواهد كيف أن النية للأخذ بأساليب القانون العام كشرط لتطبيق أحكام القانون الإداري في دول القضاء المزدوج لا يبحث عنها في نصوص القانون والعقود المبرمة فحسب بل أيضا في المبادىء القانونية المستقرة أمام المحاكم الإدارية، وأما في فلسطين فالنية كشرط لاعتبار العقد إداريا تقف عند حد نصوص القانون والعقد فقط.
      وفي المبحث الثاني بينت بالشواهد سلطات الإدارة العامة تجاه العقود الإدارية في دول القضاء المزدوج ثم في فلسطين فأجملت هذه السلطات وبينت سعة مداها في دول القضاء المزدوج عنه في فلسطين، ثم بينت حقوق المتعاقدين مع الإدارة في نطاق العقود الإدارية الثلاثة المسماة في فلسطين، ووقفت بالتفصيل على حقوقهم التي تؤكد أن هناك سعة وبسطة في تلك الحقوق مما يؤكد ضيق سلطة الإدارة تجاه العقود الإدارية في فلسطين.
      وفي المبحث الثالث بينت أسباب التطور النسبي في مفهوم العقود الإدارية في فلسطين في عهد السلطة الوطنية ونتائجه، مبرزا عيوب نظام القضاء الموحد الماثل لدينا، الذي هو عقبة رئيسة تحول دون انطلاقة أحكام القانون الإداري المميزة، مبررا تأسيس المحاكم الإدارية الفلسطينية موضحا سندها من القانون وداعيا إليها.
      وإن هذا البحث البكر يصب في خانة تطوير أحكام القانون الإداري الفلسطيني  ليناسب
الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي الجديد الذي نعيش.
      ومن توصياتنا بنتائج هذا البحث ضرورة وسرعة العمل على تأسيس المحاكم الإدارية على غرار دول القضاء المزدوج لما لذلك من فائدة في تطوير أحكام العقود الإدارية وبناء أسس القانون الإداري ونظرياته وهي تحمل مزايا التخصص وتقسيم العمل، وضرورة تنظيم بعض العقود الإدارية ذات الأهمية الخاصة عدا مانظمه المشرع الفلسطيني مثل عقد الابتعاث وعقد المساهمة في مشروع ذي نفع عام وعقود الترخيص بالانتفاع بالمال العام، وضرورة تأهيل قضاة للتخصص في فصل المنازعات الإدارية، وضرورة إنشاء هيئة لقضايا الدولة ونيابة إدارية تتوليان حماية مصالح الدولة، وأيضا ضرورة الاهتمام أكثر من ذي قبل بدراسة وتدريس مباحث القضاء الإداري والقانون الإداري في كليات ومعاهد الحقوق وأيضا الاهتمام بمجال الدراسات المقارنة لما لذلك من أهمية عند نقل النظم وتجارب الآخرين في هذا الخصوص.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
الهوامش:


([1])   فأجاز القانون الأساسي المعدل لسنة 2003م إنشاء المحاكم الإدارية بموجب المادة 102 منه ونصها (يجوز بقانون إنشاء محاكم إدارية للنظر في المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية، ويحدد القانون اختصاصاتها الأخرى، والإجراءات التي تتبع أمامها)، كما نصت المادة (104) من ذات القانون الأساسي (تتولى المحكمة العليا مؤقتا كل المهام المسندة للمحاكم الإدارية والمحكمة الدستورية العليا ما لم تكن داخلة في اختصاص جهة قضائية أخرى وفقاً للقوانين النافذة).
([2])   بلغ عدد الوزارات اليوم مثلاً 18 وزارة في حين أن عددها لم يزد عن بضع في عهد الإدارة العربية المصرية لقطاع غزة.
([3])   د. عبد المجيد سليمان ود. محمد أنس جعفر، أصول القانون الإداري، دار النهضة العربية بالقاهرة، 1989م، ص27 وما بعدها.
([4])   حكم المحكمة الإدارية العليا بمصر الصادر في 11/6/ 1988م، المجموعة س33، رقم 269، ص1701. وحكمها الصادر في 18/2/1989م، المجموعة س34، رقم 87، ص568. وحكمها الصادر في 30/12/1967م، س13ن رقم 48، منشور بمجموعة المبادىء القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا في خمسة عشر عاماً، 1983م، ج2، ص1831، أوردها جميعا د. محمد صلاح عبد البديع السيد،  سلطة الإدارة في إنهاء العقد الإداري – دراسة مقارنة–، ط1، 1993م، د. ن، ص4. وأيضاً د. بكر القباني، القانون الإداري، نشاط الإدارة العامة وقراراتها وعقودها، دار النهضة العربية بالقاهرة، د. ت، ص161- 165.
([5])   ومعلوم بالضرورة أن من خصائص الشخصية الاعتبارية الأهلية والقدرة على إبرام التصرفات القانونية في حدود مبدأ المشروعية وسيادة القانون.
([6])   المحكمة الإدارية العليا، طعن رقم 154 لسنة 34ق، بتاريخ 2/1/1997، منشور في الموسوعة الإدارية الحديثة، الدار العربية للموسوعات بالقاهرة، 1994م- 1995م، حسن الفكهاني، ج49، ص54.
([7])   د. عبد العزيز عبد المنعم خليفة، الأسس العامة للعقود الإدارية، منشأة المعارف بالاسكندرية، 2004م، ص19.
([8])   د. أحمد عثمان عياد، مظاهر السلطة العامة في العقود الإدارية، دار النهضة العربية، 1973م، ص84 وما بعدها.
([9])   انظر: عن تعريف المرفق العام وأركانه د. علي خطار شطناوي، نظرية المؤسسات العامة وتطبيقاتها في المملكة الأردنية الهاشمية، ط1، دار الفكر للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 1990م،  ص16 وما بعدها.
([10])  د. محمد عبد الحميد أبو زيد، المطول في القانون الإداري، دار النهضة العربية بالقاهـرة. وأيضاً د. محمود حافظ، نظرية المرفق العام، 1981م- 1982م، دار النهضة العربية بالقاهـرة، ص16- 21، 1996م- 1997م، ص357 وما بعدها. ود. طعيمة الجرف، القانون الإداري، دار النهضة العربية بالقاهرة، 1978م، ص513 وما بعدها.
([11])  د. سليمان الطماوي، الأسس العامة للعقود الإدارية - دراسة مقارنة، ط5، دار الفكر العربي بالقاهرة 1990م، ص100. وأيضاً د. محمود حافظ، المرجع السابق، ص49- 57.
([12])  د. الطماوي، نفس المرجع السابق، ص103- 104.
([13])  الحكم الصادر في 19 /1/1980م، القضية رقم 7 لسنة 1 قضائية، مجموعة المبادىء التي قررتها المحكمة الدستورية العليا، ص244. وهي ذات الصيغة التي رددتها المحكمة في حكمها الصادر في 29/6/1974م في القضية رقم 10 لسنة 4 قضائية.
([14])  د. الطماوي، نفس المرجع السابق، ص84.
([15])  د. صلاح الدين فوزي، قانـون المناقصات والمزايدات رقم 89 لسنة 1998م، دار النهضة
العربية بالقاهرة، 2000م، ص18.
([16])  تنص المادة (150) من مشروع القانون المدني الفلسطيني على (إذا تم العقد بطريق الإذعان
وكـان
قد تضمن شروطاً تعسفية جاز للقاضي أن يعدل هذه الشروط أو أن يعفي المذعن منهـا وفقا لما تقضي به العدالة ويقع باطلا كل اتفاق على خلاف ذلك).
([17])  د. الطماوي، نفس المرجع السابق، ص89.
([18])  د. بكر القباني، مرجع سابق، ص164.
([19])  العقود الإدارية، دار النهضة العربية بالقاهرة، 2002م، ص25 وما بعدها.
)20(   R. chapus, droit administratif general, paris 1988 , Montchrestien p. 361. 
)21(   Charles Debbasch, institutions at droit administratif , Paris 1987 p. u. f, p. 163.
)22(  G. vedel, remarques sur la notion de clause exorbitante-melange Mestre paris 1956, p. 527.
)23(  Andre de laubadere et autre, traite des contrats administratif, paris L. G. J 1988, p. 214.
([24])  د. الطماوي، نفس المرجع السابق، ص89- 90.
([25])  حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر في 25/2/1963م، مجموعة الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية العليا، ص1225.
([26])  حكم المحكمة الإدارية العليا في 30/12/1967م.
([27])  في مصنفه القانون الإداري، 1993م، دار الثقافة الجامعية بجامعة عين شمس، ص205- 210.
([28])  د. محمد عبد الحميد أبو زيد، المطول، دار النهضة العربية بالقاهرة، 1996م- 1997م، ص107 وما بعدها. وأيضاً د. محمد أنس جعفر، المرجع السابق، ص27.
([29])  هذا بينما ذهب د. محمد أنس جعفر إلى ذكر أمثلة على الشروط المذكورة، المرجع السابـق، ص28- 29.
([30])  المادة 25 من قانون العطاءات للأشغال الحكومية رقم 8 لسنة 1999م.
([31])  من ذلك ما ورد النص عليه في المادة 14 من نظام الاتصالات الفلسطيني رقم 1 لسنة 1996م.
([32])  مثال ذلك نص المادة 30 من نظام الاتصالات المذكور.
([33])  المادة 19 من قانون العطاءات المذكور.
([34])  المادة 38 من نظام الاتصالات المذكور.
([35])  المادة 31 من قانون العطاءات المذكور.
([36])  المادة 35 من قانون العطاءات المذكور.
([37])  د. الطماوي، المرجع السابق، ص502.
([38])  د. الطماوي، المرجع السابق، ص708.
([39])  الفقرة 7 من المادة 7 من قانون الإتصالات رقم 3 لسنة 1996م، وأيضاً المادة 78 و79 مـن
       ذات القانون المذكور.
([40])  المادة 19 من قانون اللوازم العامة، والمادة 12 من قانون العطاءات للأشغال العامة.
([41])  د. الطماوي، ذات المرجع، ص94.
([42])  فتوى الجمعية العمومية لقسمي الفتوى والتشريع (ملف47/1/125) جلسة 25/5/1988م، منشورة في الموسوعة الإدارية الحديثة، حسن الفكهاني، مرجع سابق، 1994م- 1995م، ج35، ص245.
([43])  د. الطماوي، المرجع سابق، ص95.
([44])  د. الطماوي، ذات المرجع السابق، ص97.
([45])  حكم المحكمة الإدارية العليا بتاريخ18/5/68م، السنة 13، ص953، أوردها د. الطماوي، مرجع سابق، ص98.
([46])  حكم المحكمة الإدارية العليا في 26/2/72م، السنة 17، ص263، أوردها د. الطماوي، مرجع سابق، ص100.
([47])  الطعن 1004- 12 في 18/5/1968م، أورده د. عبد الحميد الشواربي، العقود الإدارية، منشأة المعارف بالاسكندرية، 2003م، ص27.
([48])  الطعن رقم 1383 لسنة 35ق، إدارية عليا جلسة 8/1/1995م، منشور بالموسوعة الإدارية الحديثة ج49، ص55.
([49])  وعن تقسيمات العقد الإداري د. بكر القباني، مرجع سابق، ص165.
([50])  مجموعة القوانين والأنظمة لجامعة الأزهر بغزة، مطابع الجامعة لسنة 2004م، ص225، وللمزيد عن نظام الإبتعاث، انظر: د. زيد بدر فراج، التعهد بالانتظام في الدراسة وبخدمة الحكومة في أحكام القضاء الإداري المصري، دار النهضة العربية بالقاهرة، 1986م.
([51])    المحكمة الإدارية العليا، الطعن رقم 710- 813 سنة 22ق، جلسة 27/12/1980م، أورده المستشار حمدي ياسي عكاشة، موسوعة العقود الإدارية والدولية، العقود الإدارية في التطبيق العملي، المبادىء والأسس العامة، منشأة المعارف بالاسكندرية، 1998م، ص676.
([52])    المستشار حمدي عكاشة، نفس المرجع السابق، ص690 وما بعدها.
([53])    حكمها الصادر في 19/12 /1981م في الطعن رقم 194 لسنة 24 قضائية، أورده د. الطماوي، المرجع السابق، ص81.
([54])    نفس المرجع السابق، ص419.
([55])    د. محمود الجبوري، العقود الإدارية، 1998م، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، ص113 وما بعدها.
([56])    انظر: في أحكام العقود وقواعدها العامة مجلـة الأحكام العدليـة، ثم مشروع القـانون المدني
الفلسطيني قيد المداولة لسنة 2004م.
([57])  منشـور بالمجموعة المختارة من أحكام محكمة الاستئناف العليا، 1961م- 1966م، للأستاذ وليد الحايك سنة1996.
([58])  حكم غير منشور بعد.
([59])  منشأة المعارف بالاسكندرية، 2003م، ص10.
([60])  د. الطماوي، المرجع السابق، ص58.
([61])  المادة 4 من قانون العطاءات المذكور.
([62])  المادة 12 من ذات قانون العطاءات.
([63])  د. بكر القباني، مرجع سابق، ص170- 172. وأيضاً د. الجبوري، مرجع سابق، ص109- 159. وانظر: أيضاً القانون رقم 89 لسنة 1998م بمصر بشأن المناقصات والمزايدات ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير المالية رقم 1367 لسنة 1998 والمنشورات والكتب الدورية الصادرة من وزارة المالية، الهيئة العامة لشؤون المطابع الأميرية بالقاهرة، ط8، لسنة 2002م.
([64])  د. صلاح الدين فوزي، مرجع سابق، ص25.
([65])  د0 صلاح الدين فوزي، مرجع سابق، ص25. ود. بكر القباني، مرجع سابق، ص171.
([66])  المواد 29 و30 من قانون العطاءات للأشغال الحكومية.
([67])  المادة 31 من قانون العطاءات للأشغال الحكومية.
([68])  وقد حددت هذه الحالات في فلسطين بموجب المادة 30 من قانون العطاءات للأشغال الحكومية.
([69])  د. محمد صلاح عبد البديع السيد، مرجع سابق، ص709-720.
([70])  لائحة وضعتها وزارة الأشغال العامة باجتهاد منها وباعتبارها الجهة المسئولة عن العطاءات للأشغال الحكومية، وبدون مصادقة مجلس الوزراء كما يتطلب نص المادة 12 من قانون العطاءات المذكور، لعلاج فراغ قانوني بالنظر لعدم صدور اللوائح المطلوبة لتطبيق قانون العطاءات للأشغال الحكومية، وقد سوغ قبولها أن مجموع أحكامها هي قواعد عرفية مستقرة ومتفقة مع المبادىء العامة في فلسطين ويجري قبولها من المتعاقدين والالتزام بها كجزء من وثائق العطاء.
([71])  وهو عقد بريطاني الأصل، وضعه وطوره الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين تشترط تطبيقه الكثير من المنظمات العالمية بمناسبة إشرافها أو تمويلها لمشروعات أشغال عامة دولية في فلسطين.
([72])  محمود الجبوري، مرجع سابق، ص177. 
([73])  المادة 11 من عقد الفيدك، والذي سبق التعريف به.
([74])  المادة 35 ف4 من القانون المذكور.
([75])  المادة 11 فقرة 4.
([76])  المادة 6 فقرة 4 من عقد الفيدك.
([77])  المادة 59 فقرة 2 عقد الفيدك.
([78])  المادة 60 من عقد الفيدك.
([79])  المادة 69 فقرة 4 فيدك.
([80])  المادة 43 من اللائحة ف2، وأيضاً م/69 ف1 فيدك.
([81])  المادة 36 من لائحة الشروط العامة.
([82])  المادة 12 فقرة 2 من عقد الفيدك.
([83])  المادة 182 من مشروع القانون المذكور قيد المداولة.
([84])  المادة 70 من عقد الفيدك.
([85])  عن نظرية أفعال الأمير د. الطماوي، مرجع سابق، ص623 وما بعدها. ود. ماجد راغب الحلو، القانون الإداري، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، ط1983م، ص545- 552.
([86])  المادة 44 من لائحة الشروط العامة.
([87])  المادة 40 من القانون المذكور، ثم إن اللائحة في المادة 44 تحدثت عن إمكانية الوساطة أو التحكيم بدون إلزام في ذلك.
([88])  نص المادة 19 من قانون اللوازم العامة.
([89])  واضح أن في هذا النص تعدياً على اختصاصات السلطة القضائية، والتي تملك الفصل في المنازعات في كل الأحوال.
([90])  إن استخدام لفظ الرخصة يعود للمشرع وليس للباحث.
([91])  المادة 4 من نظام الاتصالات المذكور.
([92])  المادة 78 من نظام الاتصالات.
([93])  المادة 79 من نظام الاتصالات.
([94])  المادة 23 فقرة 2 من الاتفاقية.
([95])  المادة 17 من النظام المذكور.
([96])  المادة 8 من العقد المبرم.
([97])  المادة 12 من أحكام الاتفاقية.
([98])  المادة 12 فقرة 3 من الاتفاقية المذكورة.
([99])  المادة 13 من الاتفاقية المذكورة.
([100]) المادة 20 فقرة 2من الاتفاقية المذكورة، وبالمناسبة يقول د. بكر القباني: (كما يتعين على المتعاقد أيضا الامتناع عن عدم تنفيذ التزاماتـه استناداً على عدم قيام الشخص المعنوي العـام
- الطرف الثاني- بتنفيذ ما يقع على كاهله من التزام)، نفس المرجع السابق، ص175.
([101]) المـادة 23 فقـرة 1 من الاتفاقية، ولا شك أن النظام فرض التزامات أخرى مهمة لم تـرد في الاتفاقية أبرزها ما ورد في المادة 18 منه حيث أوجب تحديد حد أقصى لأرباح الملتزم، كما أوجبت المادة 19 تكوين احتياطي خاص بالسنوات التي تقل فيها الأرباح عن النسبة المئوية المقررة ...الخ.
([102]) المادة 30 من الاتفاقية المذكورة.
([103]) بنفس المعنى، د. محمد عبد الحميد أبو زيد، مرجع سابق، ص105.
([104]) بتاريخه 6/2004م أفادت مصادر نقابة المحامين عن وجود أكثر من 5000 قضية مدنية معلقة تحتاج إلى حسم في الضفة الغربية من دون قطاع غزة، معلومات وزارة العدل.
([105]) غير منشورة .
([106]) د. عبد العزيز خليفة، مرجع سابق، ص259.
([107]) لاشك أن حياة الموظفين العموميين في فلسطين فيها الكثير من الأخطاء الشخصية التي تؤدى إلى خسارة في الأموال العامة، ولكن الراحل رئيس السلطة بما له من سلطة ونفوذ كان يمنع أي مساءلة لهؤلاء الموظفين - وعلى خلاف حكم القانون- مما يعني عدم طرح هذه القضايا أمام القضاء، ولقد صرح بذلك شخصيا بمناسبة طرح تقرير هيئة الرقابة العامة على السلطة التشريعية سنة 1997م.
([108]) عن عيوب نظام القضاء الموحد د. مصطفى أبو زيد فهمي، مرجع سابق، ص21 وما بعدها.
([109]) معلوم وذائع أن هيئة المحكمة في فلسطين تخصص الخمسة عشر يوما الأولى من الشهر للقضايا المدنية، والخمسة عشر يوما الأخرى من الشهر للقضايا الجزائية.
([110]) بنفس المعنى، د. محمد عبد الحميد أبو زيد، مرجع سابق، ص112 وما بعدها.
([111]) د. محمد عبد الحميد أبو زيد، المطول، مرجع سابق، ص90 وما بعدها.
([112]) أن ملفات وزارة العدل تذكر أن هناك أكثر من 600 طلب وظيفة لخريجي كليات الحقوق وأكثرهم حاصل على رخصة مزاولة مهنة المحاماة.
([113]) المواد 32- 33 -34 من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 5 لسنة 2001م.
([114]) المادة 32 من قانون تشكيل المحاكم رقم 5 لسنة 2001م.
([115]) د. مصطفى أبو زيد فهمي، القضاء الإداري ومجلس الدولة، ط3، منشأة المعارف بالاسكندرية، 1966م، ص56 وما بعدها.
([116]) د. مصطفى كامل، مجلس الدولة، ط2، مكتبة النهضة المصرية، 1954م، ص49 وما بعدها.
([117]) د. مصطفى أبو زيد فهمي، نفس المرجع السابق، ص25.
([118]) بنفس المعنى، د. ماجد راغب الحلو، مرجع سابق، ص6 وما بعدها.
([119]) د. مصطفى أبو زيد، نفس المرجع السابق، ص21.
([120]) عن هيئة مفوضي الدولة ودورها في المنازعة الإدارية، د. ابراهيم محمد علي، ود. جمال عثمان جبريل، الوسيط في القضاء الإداري، د. ن، توزيع دار النهضة العربية، ‏1996م، ص306 وما بعدها.
([121]) د. حسن السيد بسيوني، دور القضاء في المنازعة الإدارية دراسة تطبيقية لنظم القضاء في كل من مصر وفرنسا والجزائر، رسالة دكتوراه، عالم الكتب بالقاهرة، 1980م. وأنظر: ص204 وما بعدها.
([122]) انظر: القانون رقم 4 لسنة 1995، والقرار رقم 286 لسنة 1995م وقـرار مجلس الوزراء رقم 1 لسنة 1998م.

تعليقات