القائمة الرئيسية

الصفحات



قـاضي الأحداث

قـاضي الأحداث




 قـاضي الأحداث


مقـــــدمة:
      يعد قضاء الأحداث في جميع دول العالم من القضاء المتفرد في خصائصه و أهدافه ، الأمـر الذي جعله يتميز أيضا في هيئات حكمه و نوع القضايا التي يعالجها ، فقد زاد اهتمام الدول بهذا القضاء انطلاقا من المؤتمر السابع للأمم المتحدة في ميلانو 1985 المتعلق بمنع الجريمة و معاملــة المجرمين ، و الذي دعا إلى وضع قواعد نموذجية لمعاملة الأحداث المجردين من حريتهم و قد تبنى  المؤتمر الثامن " بهافانا " في 1990 ، هذه القواعد النموذجية الدنيا لإدارة شؤون قضاء الأحداث والتي تفرض ضرورة مراعاة في جميع الظروف المصلحة القصوى للـــحدث ، و هو الأمر ذاته الذي   تضـــمنته المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ، و يشرف على قضاء الأحداث قضـــاة متخصصون في شؤون الأحــداث و يختارون لكفاءتهم و للعناية التي يولونها للأحداث ، و يمارسون العديد مــن المهام منها ما يتعلق بالأحداث الجانحين و منها ما يخص الأحداث في خطر معنوي ، و إذا كانـت القواعد النموذجية الدنيا التي أشرنا إليها تضع على كاهل قضاة الأحداث النظر في جميع الظروف للمصلحة الفضلى للحدث ، فإن الأمر يختلف مراعاة لهذه المــصلحة بين الأحداث الجانحيـــن و الأحداث في خطر معنوي، لذلك فإن أهمية  هذا الموضوع ، تكمن في معرفة المهام المنوطة بقضاة الأحداث بمناسبة نظرهم في قـضايا الأحداث الجانحين و كذا صلاحياتهم التي يطغى عليها الطابع التربوي و الوقائي فيما يخــص الأحداث في خطر معنوي ، و ذلك بالنظر إلى تحقيق المصلحة الفضلى للحدث ، الأمر الـذي يفـرض علينا البحث في مختلف خصوصيات قضاة الأحداث بما فيها طريقة تعيينهم و مختـلف مهامهــم و أنواع محاكم الأحداث و تشكيلاتها ، التي تضــم إلى جانب قضاة الأحـداث مساعدين اجتماعيين  يساعدون قضاة الأحداث في القيام بمهامهم و كذا معرفة مختلف الجهات المعهود لها برعايــة و احتجاز الأحداث و كيفية عملها و علاقتها بقضاة الأحداث ، لذلك فإن الإشكالية الــتي يطرحها هذا الموضـــوع هـي كــــالآتــــي : من هم قضاة الأحداث و ما هي مختلف مهامـهم بالنظر إلى صفة الحدث الجانح أو في خطر معنوي ؟ و ما هي مختـــلف المؤسســــــات و المراكـــــز التي لها علاقة بمهامهــم؟ 


      و لمناقشة هذه الإشكالية ارتأينا تقسيم هذا الموضوع إلى فصلين نتناول في الأول : المفاهيم الأساسية التي تحكم قضاء الأحداث ، لنتطرق إلى مفـهوم قاضي الأحداث و مختلف المؤسسات 
و المراكز التي لها علاقة به. 
      أما في الفصل الثاني فنتناول مختلف المهام القضائية و الوقائية لقـــضاة الأحداث و كذا الصلاحيات الإدارية التي تقع على عاتقهم بمناسبتها .
     و على هذا الأساس وضعنا الخطة الآتيـة: 
الفصل الأول : المفاهيم العامة التي تحكم قضاء الأحداث                                     
    المبحـث الأول : مفهوم قاضي الأحداث .
      المطلـب الأول : تعريف قاضــي الأحداث .
         الفـرع الأول : قاضي الأحداث في فرنسا.
         الفـرع الثانـــي : قاضي الأحداث في الجزائر.
     المطلب الثاني :تعيين قاضي الأحداث و تشكيل قسم الأحداث         
        الفرع الأول : تعيين قضاة الأحداث       
        الفرع الثاني : تشكيل قسم الأحداث 
    المبحث الثاني : الأشخاص و المؤسسات التي لها علاقة بقاضي الأحداث 
      المطلب الأول : مندوبي الأحداث .
         الفرع الأول : المندوب الدائم.
        الفرع الثاني : المندوب المتطوع.
     المطلب الثاني: مراكز و مؤسسات الأحداث .  
        الفرع الأول: المراكز المتخصصة للأحداث الجانحين.
       الفرع الثاني : المراكز المخصصة للأحداث في خطر معنوي.
الفصــل الثانــي: مهـــام قاضـي الأحـــداث
     المبحث الأول : المهام القضائية لقاضي الأحداث .     
        المطلب الأول: التحقيـــــق .
            الفرع الأول : سير إجراءات التحقيق .   


          المطلب الثاني: محاكمة الأحداث الجانحين .
                الفرع الأول : سير إجراءات المحاكمة.
               الفرع الثاني: التدابير النهائية و العقوبات المقررة للحدث الجانح .
      المبحث الثاني: المهام الوقائية و الإدارية لقاضي الأحداث .    
         المطلب الأول: المهام الوقائية. 
              الفرع الأول: تكوين ملف الحدث في خطر معنوي.
             الفرع الثاني: جلسة الحكم الخاصة بالحدث في خطر معنوي.      
        المطلب الثاني: المهام الإدارية لقاضي الأحداث.    
             الفرع الأول : الزيارة و الإشراف على مصالح و مراكز الأحداث      
             الفرع الثاني: رئاسة اللجان التربوية.   
الخاتــــمــة:


الفصـــــل الأول:
المفاهيــم العامــة التـي تحكم قضــاء الأحــداث:

يعــود ظهور أول محكمة للأحداث في العالم للوجود إلى عام 1899 في مدينة " شيكاغو" فـي الولايات المتحدة الأمريكية على يد العالم الأمريكي الدكتور " فريد ريك واينز" (1)و انتشر هـذا النـوع من المحاكم في جميع دول العالم و أصبح من سمات الدولة الحضارية أن ينـــص قانونها بمثـول الأحداث المنحرفين أمام  محكمة مشكلة تشكيلا خاصا تتبع إجراءات خاصـة بها و لها فلسفــة متميزة عن تلك المتــبعة من قبل المحاكم العادية التي تخص المجرمين البالغين ، و كان ظهورها نتيجة لحركـة الإصلاح التي نادي بهـا علماء الاجتماع و رجال القانون و القضاء في الولايات المتحدة الأمريكية في بداية الأمر  و التي مفادها ضرورة معاملة الأحداث المنــحرفين معاملة خاصة تختلف عن تلك التي يعامل بها البالغين ،  علما أنه كانت المحاكم الجنائية و الجزائية العادية هي المختصـة بنظر قضايا الأحداث و فيها يتعرض الحدث إلى الحكم بالسجن أو الإعدام أو الأشغال الشاقـة  مما جعل السجن أو الحبس بالنسبة للحدث ليس مؤسـسة لإعادة تربيته و إدماجه في الوســط الاجتماعي ، و إنما مدرسة لتلقينه أخطر السلوكيات الإجرامية ، و بالتالي خروجه منها و عودتـه إلى المجتمع قد يجعل منه إما لصا أو مزورا أو قاتلا إلى غــير ذلك من أصناف المجرمين ، لذلك كانت حركة محاكم الأحداث غايتها هي إصلاح أحوال هؤلاء الأحداث الذين يعيشون في ظــروف اجتماعية تعسة و قاهرة ، و يكونون في حاجة ماسة للــرعاية و العناية و هو الأمر الذي جعـل روادها يركزون بالدرجة الأولى على وقاية الحـدث و رعايته ، باستجلاء الظروف و العوامل التي تؤدي إلى الجنوح أو الانحراف ، و مساعدته على التحرر من تلك الظروف السلبية على سلوكه باتخاذ ما هو ضروري من إجراءات كفيلة لحمايته و إصلاحه و رده إلى الحياة الســـوية. (2)

(1) -محمد عبد القادر قواسمية ، جنوح الأحداث في التشريع الجزائري ، المؤسسة الوطنية للكتاب ، الجزائر ، د ط ، 1992 ، 
ص 142.
(2- د/ عبد الحكم فودة ، جرائم الأحداث في ضوء الفقه و قضاء النقض ، دار المطبوعات الجامعية ، الإسكندرية ، د ط ، 1997 ، ص 283، 284. 
                                                                   - 04 -


قــاضي الأحداث

    و على غرار تشريعات دول العالم ، فإن المشرع الجزائري و تحت تأثير مختلف التشريعــات في  الفترة الاستعمارية أوصى منذ السنوات الأولى للاستقلال بمحاكمة الأحداث الجانحين و النظر في قضايا الأحداث الذين في خطر معنوي أمام محــاكم الأحداث  ، و ذلك طبقــا للأمـر 66/155 المؤرخ في 08 يونيو 1966 المتـــضمن قانـون الإجـراءات الجزائيـة المعـدل المتمــم. (1)لذا فإن ظهور محاكم الأحداث أدى إلى بروز مفاهيم عديدة و متـشعبة ، و التي سنتناولها في هذا الفصـــل من خـــلال المبحثيـــن الآتييـــن:

المبحـــــث الأول.
مفهـــــوم قاضــــي الأحــــــداث.

بعد أن أصبح من المسلم به في علم النفس و الاجتماع و الإجرام و القانون ، أن الأحــداث يتمتعون بعقليات و طبائع خاصة و أنهم بحاجة إلى الرعاية و العناية ، و كذا إلى نوع خاص مـن المعاملة تشعرهم بالأمن و الطمأنينة دائما ،و أن الجانحين منهم يجب أن تكون معاملتهم متميزة عن تلك المقررة بالنسبة للمجرمين البالغين ، فإنه أصبح من الضروري نقل النظرية إلى حيز التطبيـق  و من ثمة إنشاء جهاز متخصص بالشكل الذي يتلاءم و هذا الاتجاه و بالتالي تم إنشاء محاكــم الأحداث على النحو الذي أشرنا إليه سلفا في هذا الفصل ، بحيث يترأس هذه الأخيرة قضــاة أحداث(2) لذلك ارتأينا تناول أولى المفاهيم من خلال هذا المبحث ، و المتمثلة في مفهوم قاضـي الأحداث ، لا سيما تعريفه و كيفيات تعيينه في النظام القضائي الجزائري ، مع الإشــارة إلـى الأنظمة المقارنة خاصة الفرنسي منها و ذلــك في مطلبين على النحــو الآتــــــي:
المطلـــــب الأول:
تعـــــريف قـــــاضي الأحـــــداث
     رأينا سلفا أن محاكم الأحداث يترأسها قضاة الأحداث هؤلاء الذين يختارون نظرا لكفاءتهم 
و اهتمامهم بشؤون الأحداث ، لذلك سنتطرق إلى قاضي الأحداث في فرنــــــسا و في الجزائــركالآتي:

(1) د/ علي مانع ، جنوح الأحداث و التغيير الاجتماعي في الجزائر المعاصرة ، ديوان المطبوعات الجامعية ، الجزائر ، د.ط ،.د .س .   
(2) محمد عبد القادر قواسمية ، المرجع السابق ص 140، 141.
-05-
قـاضي الأحداث

الفــــــرع الأول
قاضـــــي ا لأحــــــداث فــي فــــرنــسا
    يعد قاضي الأحداث في فرنسا الكفيل  بتحقيق عدالة الأحداث إذ يكون تدخله دائما لحماية 
هؤلاء في حالة ما إذا كانت صحتهم ، أمنهم و أخلاقهم عرضة للخطر ، فهو بمثابة المربي ، كما أنه عندما يتخذ تدبير من تدابير الحماية أو المراقبة ، فإنه يسعى إلى إدماج عائلات الأحــداث المنحرفين أو في خطر معنوي فيها تفاديا لقطيعتهم مع الوسط العائلي ، مما قد يؤدي إلى إلحـاق أضرار بهم ، إضافة إلى إمكانية وضع الحدث في مؤسسة تربوية  أو لدى عائلة أجدر لإيوائه هذا من جهة و من جهة أخرى قاضي الأحداث يتدخل في حالة ارتكاب الحدث لجريمة لا سيمــا الخطيرة و التي تختص محكمة الأحداث (1) بالفصل فيها ، و هنا يفضل اتخاذ التدابير التربوية بدلا من العقوبة و ذلك بالتعاون مع أشخاص و مصالح حماية الشباب(2).
 و نشير إلى موقع قاضي الأحداث في النظام القضائي الفرنسي و الذي يتشابه إلى حد كبير مـع قاضي التحقيق ، إذ يتمتع بنفس الصلاحيات و السلطات المخولة لهذا الأخير بهدف الوصول إلى الحقيقة ، فيما يخص الجرائم المرتكبة من قبل الأحداث و استثناءا لمبدأ الفصل بين وظيفتي التحقيق و المحاكمة ، فإن قاضي الأحداث يجوز له في القضايا التي حقق فيها مع الحدث أن يحكم فيهــا  أو يحيلها إلى محكمة الأحداث. (3)
           و ما دمنا بصدد الحديث عن قاضي الأحداث في فرنسا لا بأس أن نشير إلى أن الجهات القضائية الفاصلة في قضايا الأحداث هي جهات قضائية استثنائية و التي أحدثت و نظمت بموجب الأمـر المؤرخ في 02 فيفري 1945 ، المعدل بموجب القوانين المؤرخة في 08 أفريل 1995 و 01 جويلية 1996 و 15 جوان 2000 .
و نخلص إلى القول مما سبق إلى أن قاضي الأحداث في فرنسا يختار من بين قضاة الحكم الذيــن يولون اهتمام بشؤون الأحداث،و ينتدب لممارسة و وظائفه في محكمة الأحداث و ذلك بعد قيامه 

(1) المشرع الفرنسي يستعمل تسمية قاضي الأطفال و محكمة الأطفال خلاف المشرع الجزائري قاضي الأحداث و قسم الأحداث.
(2) georges levasseur, Albert chavanne , Jean montreuil , Bernard bouloc , droit penal general et procedure penale , silly , 13 eme edition , 1999,p141.
(3) Gaston stefani , Georges levasseur , Bernard bouloc ; procedure penale, dolloz , 18 eme edition S.D, P452,453.
-06-
قــاضي الأحداث

بتكوين مهني و تقني خاص يعنى بهذه الفئة من المنحرفين أو الذين هم في خطر معنوي(1)     
و سنحاول معرفة قاضي الأحداث في الجزائـــر فــي الآتـــي:

الفـــــرع الثــــــاني :
قـــــاضي الأحـــــداث فـــي الجزائــــــر.

     نص المشرع الجزائري في المادة 447 من قانون الإجراءات الجزائية على أنه " يوجد في كـل محكمة قسم للأحداث."
      و تضــــيف المادة 450 من نفس القانون على أنه " يشكل قسم الأحداث من قاضي الأحــداث رئيسا و من قاضيين محلفين"
 من خلال المادتين أعلاه ، نستنتج أنه يوجد في كل محكمة عبر كامل التراب الوطني قســـم للأحداث يترأسه قاضي الأحداث ، هذا الأخير الذي يختار من بين القضاة لكفاءته و اهتمامــه بشؤون الأحداث ، و قد يكون من بين قضاة التحقيق و يكلف خصيصا بقضايا الأحـداث(2).
و عرف قاضي الأحداث أيضا ، بأنه قاضي له صفة البت في الجرائم التي يرتكبها الأحداث ، كما يتمتع بصلاحيات مدنية فيما يخص الأحداث الموجودين في خطر معنوي بالنسبة لمساعدتهـــم التربوية.(3)
و كما هو الحال في التشريع الفرنسي ، فإن الشخص المؤهل قانونا في الجزائر لإجراء التحقيق مع الأحداث الجانحين هو إما قاضي التحقيق المكلف بقضايا الأحداث أو قاضي الأحداث ، مــع الإشارة إلى أن هذا الأخير له صلاحيات الفصل في الموضوع و هو الأمر الذي نص عليه المشرع الجزائري في المادة 449 من ق.إ.ج.(4)
و نصت المادتان 447و449 من ق.إ.ج على وجود هيئة قضائية وحيدة مختصة بنظر قضايـا الأحداث ما عدا المخالفات هذه الأخيرة التي تختص بها أقسام المخالفات ، و هو ما يؤكــد الاستثناء للقاعدة العامة التي مفادها عدم جواز الفصل في قضية من قاض سبق و أن حقق فيها 

(1) georges levasseur, Albert chavanne , Jean montreuil , Bernard bouloc , OP , cit , P 141
(2) محاضرات الأستاذة صخري امباكة ، الملقاة على الطلبة القضاة الدفعة 14 بالمدرسة العليا للقضاء ، 2004 ، 2005
(3) ابتسام الغرام ، المصطلحات القانونية في التشريع الجزائري ، قصر الكتاب ، البليدة – د ط ،1998
(4) سنرمز من الآن فصاعدا لقانون الإجراءات الجزائية بـ "ق.إ.ج. "
-07-
قــاضي الأحداث

         طبقا للقانون ، و مسألة الاختصاص هذه المنوطة بقاضي الأحداث سنعود إليها في الفصل الثانـي من هذا البحث ، و سنحاول في المطلب الآتي إبراز كيفيات تعيين قضاة الأحداث و كذا تشكيلة قسم الأحداث.
المطلــــب الثــــاني:
تعييــــن قاضـــي الأحـداث و تشكيــل قســم الأحـــداث.
         إن المشرع الجزائري لا سيما في المادة 449 من ق.إ .ج ، حرص على أن يكون اختيار قضـاة الأحداث من ضمن القضاة المهتمين بشؤون الأحداث ، و ميز بذلك بين محاكم مقار المجالــس القضائية و المحاكم العادية ، فيما يتعلق بكيفية تعيينهم  ، إضافة إلى غرف الأحداث على مستوى المجالس القضائية و التي تعد درجة ثانية في التقاضي.
  و نظرا للخصائص التي تميز قضاء الأحداث ، بحيث لا يقتصر على الجانب الردعي فحسب بل يشمل إصلاح الحدث و إدماجه اجتماعيا فإنه له محورين أساسيين و هما جنوح الأحـــداث 
و الاهتمام بالأحداث في خطر معنوي طبقا للأمر 72-03 المتعلق بحماية الطفولة و المراهقـة ، وبالتالي سنقسم هذا المطلب إلى فرعيــــن كالآتــــي:
الفـــــرع الأول:
تعييـــن قضـــاة الأحــــــداث(1)
تنص المادة 449 من ق.إ.ج على أنه :" يعين في كل محكمة تقع بمقر المجلس القضائي قـــاض
 أو قضاة يختارون لكفاءتهم و للعناية التي يولونها ، و ذلك بقرار من وزير العدل لمدة ثلاثة أعوام أما في المحاكم الأخرى ، فإن قضاة الأحداث يعينون بموجب أمر صادر من رئيس المجلس القضائي بناء على طلب النائب العام .
    و يمكن أن يعهد إلى قاضي تحقيق أو أكثر مكلفين خصوصا بقضايا الأحداث بنفس الشروط التي ذكرت في الفقرة السالفة " 
و من خلال المادة 449 أعلاه ، نلاحظ بأن المشرع ميز بين محاكم مقار المجالـس القضائيــة     
و المحاكم  العادية .

(1) قضاة الأحداث في فرنسا ينتدبون لمباشرة وظائفهم لمدة 03 سنوات أنظر:
Jean claude soyer , droit penal et procedure penale , L .G.d.J,15 eme edition ,S D .P .414.
-08-
قـاضي الأحداث

فيما يتعلق بكيفية تعيين قضاة الأحداث ففي الأولى يتم بموجب قرار من وزير العدل حافـظ الأختام و لمدة ثلاثة سنوات ، أما الثانية فيتم بموجب أمر من رئيس المجلس القضائي بناء علـى طلب النائب و هو ما يؤدي بنا إلى التساؤل حول المغزى من هذه التفرقة من الناحية العمليـة؟
و عند استفسارنا حول المسألة ، توصلنا إلى أنه لا يوجد فرق بين قاضي الأحداث المعين بمحكمة مقر المجلس القضائي بمثيله المعين في المحاكم العادية الأخرى إلا من حيث حجم القضايا المطروحة على كل واحد منهما ، لا سيما قاضي الأحداث بمحكمة مقر المجلس القضائي يؤول إليـــه الاختصاص بالنظر في الجنح و كذا الجنايات التي يرتكبها الأحداث داخل الدائرة القضائيــة للمجلس القضائي و هو خلاف قاضي الأحداث لدى المحاكم العادية الذي يختص بالنظر في الجنح فقط المرتكبة من الأحداث بدائرة اختصاص المحكمة ، و هذا مهما كان الوصف الجزائي لهـا (1) 
و تجدر الإشارة أن قضاة الأحداث على مستوى غرف الأحداث بالمجالس القضائية ، التي تعتبـر درجة ثانية في التقاضي و درجة استئناف في الأحكام الصادرة من أقسام الأحداث سواء في مواد الجنح أو الجنايات إذ يعد هؤلاء مستشارين يعينون  بقرار من وزير العدل أو بالأحرى مستشارين مندوبين للأحداث طبقا للمادة 472 من ق.إ.ج. 
و الملاحظ من خلال المادة 449 السالفة الذكر من ق.إ.ج أن المشرع استعمل عبارة " يعين في كل محكمة.....قاض أو قضاة..." 
كان الأجدر أن يستعمل عبارة " ينتدب من الندب أو الانتداب بدل التعيين على اعتبار أن هذا الأخير ( التعيين) يكون بالنسبة لجميع القضاة على مستوى المحاكم الذين يعينون بموجـب مرسوم رئاسي صادر عن رئيس الجمهورية باقتراح من وزير العدل حافظ الأختام بعد مداولة المجلس الأعلى للقضاء (2) 
و قاضي الأحداث هو قاض من قضاة الحكم على مستوى المحكمة ، و نظرا لأقدميته و كـذا اهتمامه بشؤون الأحداث ، و ينتدب لممارسة و مباشرة مهامه المتمثلة في النظر في قضـــايا الأحداث سواء الجانحين منهم أو في خطر معنوي ، إضافة إلى المهام الأصلية التي عين فيها  لأول 

(1) انظر المادة 452/2 من الأمر رقم 66/155 المؤرخ في 08 يونيو 1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية المعدل و المتمم. 
(2) انظر المادة 03 من القانون العضوي رقم 04-12 المؤرخ في 06/09/2004 المتضمن تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء و عمله و صلاحياته.
-09
قـاضي الأحداث

مرة و هذا الندب أو الانتداب يكون إما بقرار من وزير العدل حافظ الأختام أو من السيد رئيس المجلس القضائي .
و في ها الصدد نجد في فرنسا القضاة يعينون بموجب مرسوم رئاسي من رئيس الجمهوريـة ، باقتراح من السيد وزير العدل حافظ الأختام ، و ذلك طبقا للمادة 26 من الأمر رقم 58-1270 المؤرخ في 22 ديسمبر 1958(1)
و أن قضاة الأحداث يختارون من بين قضاة الحكم العاديين و ينتدبون لمدة محددة و هي ثلاثة سنوات لممارسة و مباشرة مهامهم أو وظائفهم في محاكـم  الأحـــداث ( الأطفــال) (2)
هذا ما كان بوسعنا قوله فيما يتعلق بكيفية تعيين قضاة الأحداث ، و سنحاول التطرق في الفرع الموالي إلى تشكيل قسم الأحداث.

الفــــــرع الثــــانــي
تشكيــل قســـم الأحــــــداث.

       إن وجود إجراءات محاكمة خاصة بالأحداث يختلف عن إجراءات محاكمة البالغين ، كان لزامـا وضع هيكل خاص يتلاءم مع الوظيفة الحقيقية لقسم الأحداث ، لذلك كانت تشكيلته خاصـة متميزة عن باقي التشكيلات في الأقسام الأخرى المتواجدة في المحكمة ، و كذا تمتعه بمكنة قانونية خاصة بالفصل في القضايا التي يخطر بها قاضي الأحداث ، و هنا يظهر التمييز بين الأحـــداث الجانحين عن الأحداث في خطر معنوي ، على اعتبار أن لكل منهما وضعت له تشكيلة خاصــة به(3).
      و انطلاقا من هذا التمييز ، سنقسـم هذا الفرع إلى نقطتين أساسيتين كالآتــــي:


(1)Roger perrot , institutions judiciaires , montchrestien , delta , 7 e  édition , 1995
(2)Jean claude soyer , O P . cit , P 414.
(3)- قدور علي ، بن دعاس فيصل ، كربال محمد، مولودي محمد ، لباز بومدين ، رباط مراد ، مزالة سمير ، الحدث الجانح
 و الحدث في خطر معنوي ، دراسة مقارنة .مذكرة لنيل إجازة المدرسة العليا للقضاء ، السنة القضائية 2004 -2005 ص 36 



- 10-



قــاضي الأحداث

    أولا - تشكيـل قسـم الأحـداث في حالـة الحـدث الجانــح: كل أقسام الأحداث سواء الكائنة بالمحاكم العادية أو الكائنة بمحاكم مقار المجالس القضائية  تشترك في تشكـــيلة واحــدة ، حيث تنص المادة445من ق.إ.ج على أنه : " يشكل قسم الأحداث من قاضـي الأحداث رئيسا و من قاضيين محلفـــين" .
يعين المحلفون الأصليون و الإحتياطيون لمدة ثلاثة أعوام بقرار من وزير العدل ، و يختارون من بين الأشخاص من كلا الجنسين يبلغ عمرهم أكثر من ثلاثين عاما ، جنسيتهم جزائرية و ممتازيــن باهتمامهم بشؤون الأحداث و بتخصصهم و درايتهم بها.
و يؤدي المحلفون من أصليين واحتياطيين قبل قيامهم بمهام وظيفتهم اليمين أمام المحكمة بأن يقوموا بحسن أداء مهام وظائفهم و أن يخلصوا في عملهم و أن يحتفظوا بتقوى و إيمان بسير المـداولات 
و يختار المحلفون سواء أكانوا أصليين أو احتياطيين من جدول محرر بمعرفة لجنة تجتمع لدى كـل مجلس قضائي ، يعين تشكيلها و طريق عملها بمرسوم"(1)
و في هذا المجال نشير إلى أن وزارة العدل حريصة على وجوب إتمام تشكيلة قسم الأحداث حيث بعثت بالمذكرة رقم 05 المؤرخة في 12/06/1989 إلى رؤساء المجالس القضائية ، و كذا النواب العامون للحرص على ذلك إلا أنه عمليا تعيين هؤلاء المحلفين غير معمول به لأنه كان بصفة دورية كل 03 سنوات.
و قد تم إيجاد وسيلة لاحترام التشكيلة المشار إليها في المادة 450 من ق.ا. ج المذكورة أعـلاه  و المتمثلة في تعيين أشخاص مباشرة من مصلحة الملاحظة و التربية في الوسط المفتوح أو مــن مراكز الأحداث ، و هؤلاء الأشخاص معروفين اجتماعيا و لهم دراية بشؤون الأحداث و تربيتهم ، مما يجعل وجود شخصين مساعدين من ذوي الدراية بشؤون الأحداث ، يغني عن عدم احتـرام النص القانوني 450 من ق.إ.ج و كذا المذكرة الوزارية أعلاه.(2).

(1) المرسوم الذي أشارت إليه المادة 450 من ق.إ.ج فيما يخص اختيار المحلفين هو المرسوم رقم 66-173 المؤرخ في 08/06/1966 المتعلق بوضع قوائم المساعدين لدى محاكم الأحداث.
(2) قدور علي ، بن دعاس فيصل ، كربال محمد ، مولودي محمد ، لباز بومدين ، رباط مراد ، مزالة سمير ، المرجع السابق ص 37و 36.
-11-
قـاضي الأحداث

 نلاحظ من خلال المادة 450 من ق.إ.ج المشار إليها أعلاه ، أن المشرع الجزائري نص علــى تشكيلة وحيدة في جميع أقسام الأحداث ، سواء الناظرة في مواد الجنح أو الجنايات و يعود ذلك إلى اعتبارات عدو منها:
- أن المشرع أخذ بالنظرة الجديدة لمفهوم الجنوح أي أن محكمة الأحداث مؤسسة اجتماعية ، لا تهتم بخطورة الأفعال التي يرتكبها الحدث ، و إنما تهتم بالمعيار الشخصي المتمثل في ظروف الحدث و في معالجته بوسائل تهذيبية لا سيما و أن هذه التشكيلة ، من قاضي و مساعدين تكون أقـرب إلى مؤسسة اجتماعية منها إلى هيئة قضائية .
- أن التدابير المتخذة من قبل هيئة المحكمة أو قسم الأحداث تكون ذات طابع اجتماعي ووقائي و حمائي.(1)
- هذا عن تشكيل أقسام الأحداث ، على مستوى المحاكم بنوعيها أما عن تشكيل غـــرف الأحداث على مستوى المجالس القضائية المشار إليها في المادة 472 من ق.إ.ج و هذه الأخيـرة التي تنص على أنه : " بعهد إلى مستشار أو أكثر من أعضاء المجلس القضائي بمهام المستشاريـن المندوبين لحماية الأحداث ، و ذلك بقرار من وزير العدل".
و بالتالي يلاحظ أن غرفة الأحداث يرأسها قاضي برتبة مستشار الذي يطلق عليـه تسميــة " مستشار مندوب للأحداث"و ليس رئيس غرفة الأحداث"و الذي يساعده مستشارين من المجلس.
و بذلك يكون المشرع ، قد أصبغ على القاضي تسمية اجتماعية بحتة ، أرادها من أجل رفع أي لبس بين اختصاص القاضي في تسليط عقوبة معينة ، و بين المستشار المندوب لحماية الأحداث و الذي يخول له أيضا جميع الصلاحيات المنوطة بقاضي الأحداث لا سيما المواد 456، 455 مـن ق.إ.ج(2) 
و هكذا نصل الى أن جلسات غرفة الأحداث ، تتشكل من المستشار المندوب بالإضافة إلـــى مستشارين مساعدين بالمجلس القضائي ، بحضور النيابة العامة ، و كاتب الضبط حسب نص المادة 473/أخيرة من ق.إ.ج.

(1)-زهرة شعبان ، تقرير التدريب الميداني لدى محكمة و مجلس قضاء مستغانم الدفعة 6 ، المعهد الوطني للقضاء ، 1996 ، ص 161.
(2)-زهرة شعبان ، المرجع السابق ، ص 162.
- 12-

قـاضي الأحداث


إن ما سبق ذكره يخص الحدث الجانح ، لكن ما دام المشرع الجزائري و على خلاف بعـــض التشريعات ، فإنه ميز بين الحدث الجانح و الحدث في خطر معنوي ، أو ما عبرت عنه بعــض التشريعات العربية منها و الأوروبية بالحدث في خطورة اجتماعية ، و جعل لكل صنف نصـوص قانونية و أحكام خاصة به ، و من ثمة سنتطرق إلى تشكيل قسم الأحداث ، في حالة الحدث الذي فــي خطـــر معنــوي فــي الآتــــي :
ثانيــا : تشكيـل قسـم الأحـداث في حالـة خطـر معنـوي: للتمييز بين الحدث الجانح و الحدث في خطر معنوي ، طبقا للتشريع الجزائري نقول بأنه يطبق على الأول قانون الإجراءات الجزائية و على الثاني الأمر رقم 72-03 المتعلق بحماية الطفولة و المراهقة ، و نتيجة لهذا الاختـلاف بين الحالتين من حيث النصوص القانونية المطبقة عليهما ، فإنه بالضرورة تكون تشكيلة الجهــة القضائية الناظرة في أمر الحدث في خطر معنوي أو المعرض للانحراف مختلفة عن تشكيلة الجهـة القضائية التي تنظرفي أمر الحدث الجانح أو المنحرف و بذلك فإن الأمر 72-03 السالــف الذكر في مادته 9/2 أشار على أن قاضي الأحداث ينظر في قضايا الأحداث الذين هم في خطر معنوي في غرفة المشورة ، داخل مكتبه و دون حضور محلفين و بسرية. 
و بالتالي فإن التمعن في هذا الإجراء ، يظهر الدور التربوي و الوقائي لقاضي الأحداث بصفــة جلية و بارزة باعتباره قاضي حامي للأحداث و ليس معاقب لهم (1)
و نخلص مما تقدم ، إلى أن قاضي الأحداث له خصوصيات تميزه عن غيره من القضاة ، بما له من مهام في مجال تربية و إعادة إدماج الأحداث اجتماعيا ، لذلك فله علاقة وطيدة بالعديد مــن الأشخاص و المؤسسات التربوية للأحداث ، و هذا ما سنتناوله من خلال المبحـث الموالــي.
المبحـــث الثــــانــي
الأشخـــاص و المؤسســـات التي لهــا علاقة بقــاضي الأحــداث.
إن المقصود بالأشخاص و المؤسسات المشار إليهم أعلاه ن في المبحث ، هم مندوبي الأحـداث ، 

(1) -قدور علي ، بن دعاس فيصل ، كربال محمد ، مولودي محمد ، لباز بومدين ، رباط مراد ، مزالة سمير ، المرجع السابق 
ص 37
- 13-

قــاضي الأحداث

التابعين لمصالح الملاحظة و التربية في الوسط المفتوح أما مؤسسات الأحداث فهي تتمثل في المراكز التابعة لوزارة العدل سنتطرق في المطلب الأول إلى مندوبي الأحداث ، و نفرد بالدراسة مختلـف المؤسسات و مراكـز الأحـداث في المطلــب الثانـــــي:
المطلـــــب الأول
منـــــدوبي الأحـــــــداث
أشارت المادة 478 من ق.إ.ج ، إلى هؤلاء المندوبين الذين لهم علاقة وطيدة بقاضي الأحداث بنصها على أنه : " تتحقق مراقبة الأحداث الموضوعين في نظام الإفراج تحت المراقبة بدائرة كل قسم أحداث بأن تعهد إلى مندوب أو عدة مندوبين دائمين أو متطوعين لمراقبة الأحــداث ." 
و يستخلص من النص أعلاه ، أنه يوجد نوعين من المندوبين ، مندوبين دائمين ، و مندوبيـن متطوعين ، و هو ما سنتناوله في الآتـــــي: 

الفـــرع الأول
المنــــــدوب الدائـــــم

نص المشرع الجزائري على المندوب الدائم في المادة 478 ق.إ.ج في الباب الثالث من الكتاب الثالث تحت عنوان: في القواعد الخاصة بالمجرمين الأحداث ، إذ يعد المندوب الدائم  مربي مختص يعين من طرف وزارة العمل و الشؤون الاجتماعية في مصلحة الملاحظة و التربية في الوسط 
 (1) و يمارس مهامه تحت إشراف قاضي الأحداث ، و التي تكمن في التكفل (SOEMO)المفتوح 
بالأحداث الموضوعين تحت نظام الحرية المراقبة ، و ذلك بمراقبة الظروف المادية و الأدبية لحماية الحدث ، و كذا صحته و تربيته و عمله و حسن استخدامه لأوقات فراغه ، كما يقوم بالإضافة إلى ذلك بنشاطات وقائية مختلفة ، و المتمثلة بالخصوص في تقديم تقارير دورية كل ثلاثة أشهر تخص الحدث ، و لكن في حالة سوء سلوك هذا الأخير أو تعرضه لضرر أدبي ، أو إلى إيذاء قد يقع عليه ، فإنه يتم إعداد تقرير في الحال ، و موافاة قاضي الأحداث به ، لاتخاذ ما يراه مناسبا ، كما تناط بالمندوب الدائم مهمة إدارة و تنظيم عمل المندوب المتطوع و هذا حسب المادة 479 ق.إ.ج. 
و ما يلاحظ ، من خلال ما سبق ، أن المندوب الدائم ليست له أية علاقة مع وزارة العدل ، على 

(1) SOEMO : service d’observation et d’éducation dans le milieu ouvert
- 14-
قـاضي الأحداث

اعتبار أنه معين من طرف وزارة العمل و الشؤون الاجتماعية ووضع تحت تصرف قاضـي الأحداث (1)هذا ما يمكن قوله عن المندوب الدائم ، و سنتطرق في الفرع الموالي إلى المندوب المتطـــوع.
الفـــرع الثــــاني
المنــــــدوب المتطـــــــوع
يعد المندوب المتطوع ، شخص جدير بالثقة وله دراية كبيرة بشؤون الأحداث ، ويشتـرط أن لا يقل عمره عن 21 سنة ، و أن يكون أهلا للقيام بإرشاد الأحداث ، مع الإشارة إلى أنه يقــدم على هذه المهمة من تلقاء نفسه ، أو يرشح من قبل مصلحة الملاحظة و التربية في الوسط المفتوح للعمل تحت إشراف قاضي الأحداث ، مع العلم أن هذا الأخير هو الذي يعينه حسب المــادة 480/1 ق.إ.ج. 
و نخلص مما قبل آنفا ، إلى أنه كلا من المندوبين الدائمين و المندوبين المتطوعين ، بخصـــوص المصاريف التي يتكبدونها نتيجة الانتقال لمراقبة الأحداث ، تدفع من مصاريف القضاء الجــزائي حسب المادة 480 ق.إ.ج في فقرتها الأخيرة.
و سنحاول تناول المؤسسات و المراكز الخاصة بالأحداث التي لها علاقة وطيدة بقاضي الأحداث  و ذلك في المطلــــب الموالــــي.
المطلــــب الثــــاني
مراكــــز و مؤسســـات الأحــــداث
تعتبر المراكز المعدة خصيصا لاستقبال الأحداث ، مؤسسات عمومية ذات طابع إداري ، تتمتع بالشخصية المعنوية ، و ذمة مالية خاصة بها ، و تتكفل برعاية الأحداث الذين صدرت في حقهم أوامر أو أحكام بالوضع أو الإيداع من قبل الجهات القضائية المختصة سيما منها ، أقســـام الأحداث بالمحاكم أو غرف الأحداث بالمجالس القضائية ، كما تنقسم إلى نوعين منها ما هو تابـع لوزارة العدل كمراكز إعادة تربية و إدماج الأحداث ، و كذا الأجنحة الخاصة بهم في المؤسسات العقابية ، و منها ما هو تابع لوزارة العمل و الحماية الاجتماعية ، طبقا للأمر رقم 75/64 المؤرخ في 26/09/1975 ، المتضمن إحداث المؤسســات و المصالح المكلفــــة بحمايـــة 

(1) محاضرات الأستاذة صخري امباركة ، المرجع السابق 
- 15-
قـاضي الأحداث

الطفولة  و المراهقة. (1)
أو بالأحرى مراكز متخصصة لاستقبال الأحداث الجانحين ، و أخرى مخصصة لاستقبال الأحداث الذين هم في خطر معنوي ، وهو ما سنعالجـه فــي الفرعيــن الآتييــــن: 
الفـــــــرع الأول:
المراكــــز المخصصـــة للأحــــداث الجانحيــــــن
أشرنا سلفا في مقدمة هذا المطلب ، إلى أن المشرع الجزائري ميز بين المراكز المخصصة لاستقبال الأحداث الجانحين عن تلك المعدة للأحداث الذين هم في خطر معنوي ، فجعل بذلك مراكــز إعادة تربية و إدماج الأحداث (2) ، و كذا الأجنحة بالمؤسسات العقابية ، المكلفة باستقبــال الأحداث الذين صدرت في حقهم عقوبات سالبة للحرية المنصوص عليها في قانون السجون رقم 05/04 كما خصص المراكز التخصصية لاعادة التربية للأحداث ، الذين صدرت في حقهم تدابير الحماية و التهذيب المنصوص في المادة 444 من ق.إ.ج ، طبقا للأمر 75/64 المتضمن إحـداث المؤسسات و المصالح المكلفة بحماية الطفولة و المراهقـــة .
 و لأهميتها فضلنا أن نعالجها كل على حدى في النقــاط التاليـــة: 
أولا : مـراكز إعــادة تربيــة و إدمــاج الأحـــداث:
أشارت المادتين 28 و 116 من قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين ، إلى هذا الصنف من المراكز المخصصة للأحداث الجانحيـــن.
حيث نصت المادة 28 منه ، على أنه تصنف مؤسسات و مراكز متخصصة للأحداث ، مخصصة لاستقبال الأحداث الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة  المحبوسين مؤقتا  و المحكوم عليهم نهائيـا بعقوبة سالبة مهما تكن مدتهـــا.
و نصت المادة 116 منه أيضا على أنه :" يتم ترتيب و توزيع الأحداث المحبوسين داخل مراكز تربية و إدماج الأحداث ، حسب سنهم ووضعيتهم الجزائيـة ، و يخضعــون لفتــــرة 

(1) مرشد المتعامل مع القضاء- وزارة العدل ، الديوان الوطني للأشغال التربوية ، 1997 ، ص 133
(2) إن المشرع استبدل تسمية " مراكز إعادة تأهيل الأحداث " المنصوص عليها في الأمر 72-02 المتضمن قانون السجون الملغى بموجب القانون رقم 05/04 المؤرخ في 2-02-2005 المتضمن تنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمساجين لتصبح " مراكز إعادة تربية و إدماج الأحداث " 
- 16-

قـاضي الأحـداث

ملاحظة و توجيه و متبعة "(1)  وهذه المراكز هي مؤسسات عمومية تابعة لوزارة العدل و تتمثل مهمتها الأساسية في إعادة تربية الأحداث و إدماجهم بالمجتمع ، و ذلك بإعطائهم حســـب مستواهم الثقافي تعليما و تكوينا مهنيا ، بالإضافة إلى الأنشطة الثقافية و الرياضية و الترفيهيـة ،
 و تتم هذه المهمة بواسطة موظفون و الذين يسهرون إضافة إلى ذلك على متابعة تطوير سلـوك هؤلاء الأحداث بالمراكز ، تحت إشراف مديره هذا الأخير الذي يختار بدوره من بين الموظفيــن المؤهلين الذين يولون اهتماما بشؤون الأحداث (م 123من نفـس القانــون) .
و تحدث على مستوى هذه المراكز لجنة للتأديب يرأسها مدير المركـز ، والمشكلة من رئيــس مصلحة الاحتباس و مختص في علم النفس و مساعدة اجتماعية و مرب ، طبقا للمادة 122 من نفس القانون  أي رقم 05/04.
كما يوجد أطباء و أخصائيون شبه طبيون ملحقين من وزارة الصحة و ذلك بموجب الاتفاقيــة المبرمة بين وزارتي الصحة و العدل المؤرخة في 03/05/1989 و منوط بهم فحص الأحــداث بمجرد وصولهم إلى المركز ، و يكون ذلك بصفة دورية مرة كل شهر ، و الهدف هو متابعة الحالة الصحية لهم (2).
و تتمثل هذه المراكز في الآتــــي:
- مركز إعادة تربية و إدماج الأحداث – ذكور – قديل – مجلس قضاء وهران – هذا الأخير أنشأ قبل 1970 و عرف منذ ذلك عدة تعديلات و تغييرات جوهريــة (3)
- مركز إعادة تربية و إدماج الأحداث – بنات – بالأبيار ( شاطوناف) – مجلـس قضــاء الجزائر العاصمة هذا الأخير يأوي أيضا البنات اللائي في خطر معنوي ، و هن موضوعات فيـه استثنائيا لقلة المراكز.
- مركز إعادة تربية و إدماج الأحداث – ذكور- بتجلبين – مجلـس قضــاء بومــرداس .

(1)-المواد 28 و 116 أعلاه من القانون رقم 05/04 المؤرخ في 6 فيفري 2005 المتضمن قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين .
(2)- علالي بن زيان – المرجع السابق-ص 27.
-(3)Bettahar touati , organization et systemes penitentisires en droit algerien, office national der travoux educatifs , 2004.P 216.
- 17-

قـاضي الأحداث

- مركز إعادة تربية و إدماج الأحداث – ذكور – حي المنظر الجميل – سطيف ( مجلس قضاء سطيف ).
و تشترك هذه المراكز في المصالح التي تشتمل عليها و المتمثلـة فـــي :
            -مصلحــة الاستقبـــــــال: هذه الأخيرة يوجه إليها الأحداث مباشرة بمجـــرد وصولهم إلى المراكز . 
           - مصلحــة الملاحظــة و التوجيـــه: هذه المصلحة هي المرحلة الثانية التي يوجه إليها الحدث ، و المكلفة بمتابعة حالة الحدث الجسمانية و النفسية ، و كذا دراسة شخصيته.         – مصلحة اعادة التربية:يوجه إليها الأحداث ، و ذلك بعد انتهاء فترة الملاحظــة و التوجيه ، و تتكفل بالأحداث و ذلك بتعليمهم و تكوينهم و السهر على حسن استغلالهـم لأوقات فراغهم و يحرس المربون و المعلمون و أعوان إعادة التربية بها على تربية الأحــداث أخلاقيا ، وعلى تكوينهم الدراسي و المهني و ذلك بتلقينهم مبادئ حسن السلوك الفـــردي و الجماعي ، و إحياء شعورهم و الواجب نحو المجتمع ، و لأجل ذلك فإنه يتم تنظيــم دروس التعليم العام داخل المركز وفقا للبرامج الرسميـــة (1)
و نشير إلى أن هذه المراكز تخضع لرقابة قاضي الأحداث بصفة دورية مرة واحدة في الشهر على الأقل طبقا للمادة 33 من القانون رقم 05/04 السالف الذكـــر.
و مادامت المراكز السالفة الذكر تابعة لوزارة العدل ، فارتأينا الإشارة و لو بإيجاز  إلى الأجنحة الخاصة بالأحداث بالمؤسسات العقابية و التي بدورها تابعة لها ( لوزارة العدل) ، و التي نصـت عليها المادة 29 من ق 05/04 المذكور آنفــــا.
هذه الأجنحة لا يحبس بها الأحداث الذين تقل أعمارهم عن 13 سنة مؤقتا مهما كانــــت الجريمة المرتكبة من طرفهم ، و إنما يحبس بها الأحداث الذين تجاوزوا سن 13 سنة مؤقتا في مكان خاص و يخضعون لنظام العزلة في الليـــل(2).
(1)- علالي بن زيان - المرجع السابق - ص 28.
(2)- مرشد المتعامل مع القضاء -المرجع السابق -ص 133.



-18-
قـاضي الأحداث

ثانيــا: المراكــز التخصصيــة لإعــادة التربيــة:المراكز التخصصية لإعادة التربية منصوص عليها في الأمر رقم 75/64 المؤرخ في 26/09/1975 المتضمن إحداث المؤسسـات
 و المصالح المكلفة بحماية الطفولة و المراهقة ، على أنها مؤسسات عمومية ذات طابــع إداري
 و شخصية معنوية و استقلال مالي ، تحدث بموجب مرسوم يصدر بناء على تقرير وزير الشبيبـة
 و الرياضة ، و هذا طبقا للمادة 08 منه.
كما تعد مؤسسات داخلية مخصصة لإيواء الأحداث الذين لم يكملوا الثماني عشرة من عمرهـم  بقصد إعادة تربيتهم ، و كانوا موضوع أحد التدابير المنصوص عليها في المادة 444 من ق.إ.ج باستثناء الأحداث المتخلفين بدنيا و عقليا حسب المادة 08 من الأمر المذكور أعـــــلاه.
كما تقوم المراكز هذه بمهامها طبقا لأحكام الأمر 75/64 السالف الذكر و كذا القانـــون الأساسي النموذجي المحدد بمرسوم يتخذ بناء على تقرير وزير الشبيبة و الرياضة ن وبالتعاون مع لجنة العمل التربوي المنصوص عليها في المادتين 16 و 17 من الأمر رقم 72-03 المؤرخ في 10 فيفري 1972 المتعلق بحماية الطفولة و المراهقة (1) و هذا حسب المادة 03 من الأمر 75- 64 كما تجدر الإشارة إلى أن المشرع في المادة 04 من الأمر المذكور ، لا يجيز الترتيب أو الأمــر بالترتيب  النهائي أو المؤقت في هذه المراكز إلا لقاضي الأحداث و الجهات القضائية الخاصــة بالأحداث ، و استثناءا لهذا المبدأ أجاز للوالي أو لممثله في حالة الاستعجال الأمر بوضع الأحداث فيها شريطة أن لا تتجاوز مدة الوضع 08 أيام ، على أن يقوم مدير المركز برفع الأمر إلى قاضي الأحداث للبت فيه، إضافة إلى ذلك فإن المادة 05 من نفس الأمر (75-64) حددت مدة 06 أشهر كحد أقصى لعمليات الإيواء المؤقت المنصوص عليها في المادة 455 ق.إ.ج. (2)
و مدة سنتين (02 ) كحد أقصى بالنسبة لتدابير الوضع المشار إليها في المادة 444 ق.إ.ج و هذا طبقا للمنشور الوزاري رقم 09 الصادر في 11-06-1974 ، لاسيمــا و أن المـــادة 444 ق.إ.ج لم تحدد مدة الوضع  و اقتصرت فقط على عدم  تجاوز سن الرشد المدني و المحـدد بتسعة عشر سنة (19) طبقا للمادة 40 من الأمر رقم 75-58 المؤرخ في 26-09-1975  

(1)الأمر رقم 72-03 المؤرخ في 10-02-1972 المتعلق بحماية الطفولة و المراهقة ، ج ر ، عدد 15 ، سنة 1972
(2)مدونة النصوص التشريعية و التنظيمية الخاصة بالأطفال ، المدرسة العليا للقضاء ، سنة 2004 ص 84، 85.


                                                                  -19-
قـاضي الأحداث

 المتضمن القانون المدني المعدل و المتمم(1)و أوجب المشرع كذلك أن يكون كل مقرر بالإيواء في هــذه المراكز مسبوقا بتحقيق اجتماعي تقوم به مصلحة  الملاحظة و التربية في الوســـط المفتــوح ، أو بتقرير الملاحظة في مركز داخلي أو وسط مفتوح  إلى جانب تكليف مصـالح الولاية بالنشــاط الاجتماعي ، بعدما أصبحت وزارة العمل و الحماية الاجتماعية ( التضامن الوطني حاليا) هــي المشرفة على هذه المراكز بدلا من وزارة الـــشبيبة و الرياضة و ذلك بممارسة مراقبة دائمة مستمرة على جميع هذه المراكز سواء على الصعيد البيداغوجي أو الإداري طبقا للمادتين 6 و 7 من الأمر 75-64.
أما فيما يتعلق بالتنظيم الداخلي للمراكز التخصصية لإعادة التربية فإنها تشتمل على ثلاث مصالح أوكل لكل واحدة منها القيام بمهام معينة و هي : 
        أ) مصلحة الملاحظـــة: تقوم بمهمة دراسة الحدث  و ذلك عن طريق الملاحظة المباشرة لسلوكه بواسطة فحوصات و تحقيقات و الإقامة فيها لا يمكن أن تقل عن 03 أشهر و لا يجوز أن تزيد على 06 أشهــــر .
       و عند انتهاء هذه المدة تقوم بإرسال تقرير إلى السيد قاضي الأحداث المختص مشفوعا بملاحظاتها و باقتراح يتضمن التدبير النهائي الممكن اتخاذه إزاء الحـــدث .
 ب) مصلحة إعادة التربية: تقوم هذه الأخيرة بتزويد الحدث بتكوين مدرسي ومهني يتناســب
 و شخصيته بالإضافة إلى سهرها على تربيته أخلاقيا ، و دينيا وطنيا ، رياضيا ، بغية إعادة إدماجه في الوسط الاجتماعي و ذلك بإتباع البرامج الرسمية المسطرة مــن الوزارات المعنيــــة .
كما تقوم بنشاطات لفائدة الحدث قصد تقويم سلوكه و توفير العـمل التربوي الملائم له حسب المادتان 10 و 11 من الأمر 75-64 (2).
 ج) مصلحة العلاج البعدي: و هي مصلحة مكلفة بإعادة إدماج الأحداث في الوسط الاجتماعي  و يتم ذلك بالشروع في ترتيبهم الخارجي ، في انتظار نهاية التدبير المتخذ بشأنهم ، و خلالها يمكن إلحاقهم بورشات خارجية للعمل أو بمركز للتكوين المهني ، و هذا بعد أخذ رأي لجنة العمــل 


(1)-علالي بن زيان ، المرجع السابق ، ص 30.
(2)-مدونة النصوص التشريعية و التنظيمية الخاصة بالأطفال ، المرجع السابق ، ص 85.
- 20-
قـاضي الأحداث

التربوي المشار إليها في المادة 3 من الأمر 75-64 السالــف الذكـــــــــر(1).
و ما دمنا بصدد الحديث عن المراكز المتخصصة لإعادة التربية المحدثة بموجب الأمر 75-64          
المذكور سلفا  ، فإنه يجدر بنا الإشارة إلى المرسوم رقم 87-261 المؤرخ في 01-12-1987 المتضمن إنشاء مراكز متخصصة في إعادة التربية و تعديل قوائم المراكز المتخصصة في حمايـــة الطفولة و المراهقة ، و الذي يعد المرجع الأساسي و الدليل القيم في توجيه قضاة الأحــداث لا سيما إحاطتهم علما بأماكن تواجدها على المستوى الوطني ، و في هذا الشأن أشارت المادة الأولى منه إلى ولايات يقع فيها هذا النوع من المراكز و هي : الشلف ، أم البواقي ، تيارت ، جيجـل، سكيكــــــــــدة
      كما تم إتمام قائمة مراكز إعادة التربية المشار إليها في المرسوم رقم 87 -261 السابق و ذلـك باستحداث مراكز أخرى في كل من سكيكدة ،   بسكرة ، تمنراست ، سوق أهراس ، بموجــب المرسوم التنفيذي رقم 04-02 المؤرخ في 19 يوليو 2004.
   بالإضافة إلى ما سبق ، فإنه و بموجب الرسالة المؤرخة في 13/10/2002 تحت رقم 1573-02 صادرة عن وزارة التشغيل و التضامن الوطني و كذا البرقية الوزارية  المؤرخــــة فـي
 19-10-2002 ، تحت رقم 525  /02 الصادرة عن مديرية الشؤون الجزائية و إجـراءات العفو بموجبها تم تحويل مراكز  إعادة التربية للأحداث الذكور المتواجدة في كل مــن : 
البليدة ، قسنطينة ، تلمسان ، باتنة ، تيارت ، إلى مراكز إعادة التربية مخصصة لاستقبـــال الأحـــداث الإنــــــــاث.(3)
و نخلص مما قيل آنفا إلى أنه بالرغم من أن المشرع حدد اختصاص المراكز التخصصية لإعــادة التربية ، و المتمثل في استقبال الأحداث الجانحين فقط طبقا للمادة 08 من الأمـر 75-64 ، إلا أنه في الواقع الميداني عكس ذلك تماما ، بحيث أصبحت تستقبل أيضا الأحداث الذين هم في خطر 

(1) -مدونة النصوص التشريعية و التنظيمية الخاصة بالأطفال ، المرجع السابق ، ص 85.

(3)- علي قدور ، دعاس بن فيصل ، كربال محمد ، مولودي ، لباز بومدين ، رياط مراد ، مزالة سمير ، المرجع السابق ، ص 89
- 21-


قـاضي الأحداث


        مما دفع بالوزارة الوصية إلى إعادة النظر في الاختصاصات المنوطة بكل مركز ، واعتمادها معيار الــسن بحيث أصبحت المراكز التخصصية لإعادة التربية تختص بقبول استقبال الأحداث الذيــن يتراوح سنهم ما بين 14 إلى 19 سنة سواء كانوا جانحين أو في خطر معنــوي .(1)
هذا ما يمكن قوله عن المراكز الخاصة بالأحداث الجانحين التي ميزها المشرع عن المراكز الخاصـة بالأحداث في خطر معنوي على النحو السالف ذكره ، و هذه الأخيرة سنتناولها في الفـــرع الآتـــي: 
الفـــرع الثــــاني
المراكــز المخصصــة للأحــداث في خطــر معنـــوي .
Centres spécialises pour les mineurs en danger moral
  نصت المادة الأولى من الأمر رقم 72-03 المؤرخ في 10 فيفري 1972 المتعلق بحماية الطفولة 
و المراهقة على أن : " القصر الذين لم يكملوا الواحد و العشرين عاما و تكون صحتهــــم
 و أخلاقهم أو تربيتهم عرضة للخطر أو يكون وضع حمايتهم أو سلوكهم مضرا بمستقبلهــم ، يمكن إخضاعهم لتدابير الحماية و المساعدة التربوية ضمن الشروط المنصوص عليها في المــواد الواردة بعــــده"(2).
و تبين من خلال المادة الأولى – أعلاه – أنه إذا ثبت لقاضي الأحداث أن حدثا وجد في إحدى الحالات التي أشارت إليها ، أمكن له زيادة على تدابير الحراسة الواردة في المادة 10 من نفس الأمر المذكور سلفا أن يأمر باتخاذ تدابير الوضع بشأن الحدث الذي هو خطر معنوي بصفة نهائية بإحــدى المؤسسات التالية : - مركــــز للإيــــواء أو المراقبــــة.
                         - مصلحــــة مكلفـــة بمساعدة الطفولـة .
                          - مؤسسة أو معهد للتربية أو التكوين المهني أو العلاج.
 و من استقرائنا لنص المادة 11 أعلاه من الأمر 72-03 نجد أن المشرع أشار إلى مراكز الإيواء أو المراقبة ، هذه الأخيرة لم تكن معروفة إلا بعد صدور الأمر رقم 75-64 المتضمن إحــداث المؤسسات و المصالح المكلفة بحماية الطفولة و المراهقة و حصرها في المراكز التخصصية للحمايـة

(1) علالي بن زيان – المرجع السابق ، ص 31.
(2) الحالات التي أشارت إليها المادة الأولى من الأمر رقم 72/03 هي حالات الخطر المعنوي .
- 22-
قـاضي الأحداث

 و المكلفة خصيصا باستقبال الأحداث SOEMO    مصالح الملاحظة و التربية في الوسط المفتوح 
الذين هم في خطر معنوي و هو مـا سنتناولـه في الآتــي :
           أولا: المراكــز التخصصيـــة للحمايـــة :
Centres  spécialises de protection C.S.P.
تعتبر هذه المراكز مؤسسات عمومية ذات طابع إداري و تتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقـلال المالي ، تصدر بموجب مرسوم بناء على تقرير وزير الشبيبة و الرياضة ، و هي مخصصة لإيــواء الأحداث الذين لم يكملوا الواحد و العشرين (21) عاما من عمرهم بقصد تربيتهم و حمايتهـم
 و الذين كانوا موضوع أحد التدابير الواردة في المواد 5 و 6 و 11 من الأمـر رقم 72-03 المذكور أعلاه و هم الأحداث في خطر معنوي ، و يستثنى من اختصاصها الأحداث المتخلفيـن بدنيا و عقليا (1) و هذا طبقا للمادتان 3 و 13 من الأمر رقم 75-64.
بالإضافة إلى أنه يجوز لها قبول الأحداث الذين سبق وضعهم في المراكز التخصصية لإعادة التربية  و هو ما نصـت (Les mesures de poste cure)و استفادوا من تدبير إيوائهم للعلاج البعدي 
 عليه المادة 14 من نفس الأمر ( 75-64)، لكن الملاحظ في الواقع أنه أصبحت هذه المراكـز تستقبل مباشرة الأحداث الجانحين بالرغم من أنها غير مختصة قانونا لذلك ، و لعل السبب هـو كثرة الأحداث الجانحين و قلة المراكز هو الذي أدى بوزارة التضامن الوطني (2) بعدما آلت إليها صلاحية الإشراف على هذه المراكز من قبل وزارة الشبيبة و الرياضة إلى مراجعة التمييز بيــن اختصاصات المراكز على النحو الذي أشرنا إليه في بداية هذا المطلب من البحث ، و اعتمدت في ذلك معيار السن ، إذ أصبحت المراكز التخصصية للحماية تستقبل الأحـــداث الذيـــن 
 أو من فئة الذين(Délinquants)يتراوح سنهم ما بين 07 و 14 سنة سواء من فئة الجانحين (
.(danger moral ) في خطر معنوي 
      كما نضيف في هذا الصدد تفضيل قضاة الأحداث – أغلبيتهم – وضع الأحداث في مراكز قريبة من مقر سكناهم سواء كانت متخصصة للحماية أو لإعادة التربيــــة.

(1) بخصوص الأحداث المتخلفين عقليا و بدنيا فلهم مراكز خاصة بهم نص عليها المرسوم رقم 87-259 المؤرخ في 01-12-1987 ، المتضمن إنشاء مراكز طبية تربوية و مراكز للتعليم متخصصة للطفولة المعوقة و تعديل قوائم المؤسسات و لمزيد من المعلومات أنظر في ذلك مدونة النصوص التشريعية و التنظيمية الخاصة بالأطفال ، المرجع السابق ، ص 136.
(2) وزارة التضامن الوطني : كانت تسمى وزارة العمل و الحماية الاجتماعية
-23-
.قـاضي الأحداث

و كما هو الحال بالنسبة للمراكز التخصصية لإعادة التربية ، فإن المادة 4/2 من الأمر 75-64 السالف الذكر ، أجازت للوالي أو ممثله في حالة الاستعجال الأمر بوضع الأحداث فيها لمـدة لا
تتجاوز 08 أيام شريطة أن يرفع مدير المؤسسة الأمر فورا لقاضي الأحداث للبـت فيـه ، و لا يمكن في أي حال من الأحوال أن يتجاوز الإيواء المؤقت المنصوص عليه في المادة 6 من الأمــر
72-03 في أي حال من الأحوال مدة 06 أشهر طبقا للمادة 5 من الأمر 75-64 و مــدة سنتين بخصوص عمليات الإيواء النهائي المنصوص عليه في المادة 11 من نفس الأمر ( 72-03) طبقا للمنشور الوزاري رقم 09 الصادر في 11-06-1974 ، علـى الرغـم مـــن أن
المادة 12 من الأمر 72-03 لم تحدد مدته ، و إنما أشارت إلى عدم تجاوزه في كل الحالات سن الرشــــد المدنــــــي. (1)
و تشتمل المراكز التخصصية للحماية على ثلاثة مصالح و المتمثلــــة فـــي :
أ) مصلحة الملاحظـة : مهمتها دراسة شخصية الحدث و إمكانياته و أهليته عن طريق فحوصات و تحقيقات متنوعــــة ( م 16 من الأمر 75-64) 
ب) مصلحة التربية: مكلفة خصيصا بتزويد الحدث بالتربية الأخلاقية و الوطنية و الرياضيــة و التكوين المدرسي و المهني بغية دمجه اجتماعيا ، و ذلك طبقا للبرامج الرسمية المعدة من الوزارات المعنية م (17 من الأمــر 75-64).(2).
ج) مصلحة العلاج البعدي : مهمتها البحث عن جميع الحلول التي من شأنها السماح الأحـداث بالاندماج الاجتماعي ، لا سيما القادمين من مصلحة التربية أو من مركز متخصص لإعادة التربية ( م 18 من نفس الأمـــر).
إلى جانب المراكز التخصصية للحماية و المكلفة باستقبال الأحداث الذين هم في خطر معنوي ، توجد مصالح أخرى لها دور هام و فعال في حماية هؤلاء الأحداث ، و المتمثلة في مصالح الملاحظة 
   و هو ما سنتطرق إليه فيما يلـــــي:SOEMOو التربية في الوسط المفتوح 


(1)- علالي بن زيان ، المرجع السابق ، ص 34.
(2)- مدونة النصوص التشريعية و التنظيمية الخاصة بالأطفال – المرجع السابق ، ص 88.

- 24-
قـاضي الأحداث

ثانيا : مصالح الملاحظة و التربية في الوسط المفتوح:
Services d’observation en milieu ouvert.
   هذه المصالح أسست كمؤسسات اجتماعية في سنة 1966 (1) بمقتضى القرار الوزاري الصادر عن وزارة الشباب و الرياضة المؤرخ في 21-12-1966 كان يطلق عليها في سنة 1963 اسم مصلحة حماية الطفولة ، و التي كانت عبارة عن هيئة تربوية تنتمي إلى مصلحة الاستشـــارة التوجيهية التربوية بالعاصمة ، موكول إليها مهام التكفل بالأحداث الذين هم في خطر معنـوي 
و إعداد البحوث الاجتماعية المتعلقة بهــــم(2).
نص عليها الأمر رقم 75-64 المتعلق بإحداث المؤسسات و المصالح المكلفة بحماية الطفولــة
 و المراهقة ، إذ جاء في المادة 24 منه على أنه : " تنشأ مصالح الملاحظة و التربية في الوســط المفتوح بواقع مصلحة واحدة في كل ولايــــة ." 
و عرفتها المادة 19 من نفس الأمر على أنها مصالح ولائية ، تأخذ على عاتقهـا الأحـــداث الموضوعين تحت إشرافهـــا و هـــــم : 
* الأحداث الجانحين الموضوعين تحت نظام الحرية المراقبة طبقا لأحكام قانون الإجراءات الجزائية لا سيما المادتان 444 و 455 منــــه.
* الأحداث الذين في خطر معنوي الموضوعين تحت الملاحظة طبقا للمواد 5 و 10 من الأمــر 72-03 المتعلق بحماية الطفولة و المراهقة و تتكفل أيضا بالأحداث الذين أمر قاضي الأحـداث أو الجهة القضائية الخاصة بالأحداث ، بوضعهم لدى مصالحها ، أو الأحداث المطلوب التكفل بهم من قبل المصالح المختصة بوزارة الشبيبة والرياضة و هذا حسب المادة 22 من الأمـر 75-64.
كما يجوز لمصالح الملاحظة و التربية في الوسط المفتوح ، التعاون مع المراكز المتخصصة لإعــادة التربية و المراكز المتخصصة للحماية ، و القيام بجميع الأبحاث و الأعمال الهادفة إلى الوقاية من سقوط الأحداث الذين في خطر معنوي في الجنوح ، و ذلك بمساعدتهم من خلال إجراء اتصالات مع آبائهم و أصدقائهم بما فيه الاتصال بأماكن قضاء أوقات فراغهم طبقا للمـــــادة 19 

(1)- د/ علي مانع – جنوح الأحداث و التغير الاجتماعي في الجزائر المعاصرة . ديوان المطبوعات الجامعية – الجزائر- د .ط – د .س – ص 209.
(2-)علالي بن زيان – المرجع السابق ، ص 36.

- 25-
قـاضي الأحداث

من الأمـــر المذكـــــور أعـــــــلاه .(1)
و تشمل هذه المصالح على أقسام و هي كالآتــــــي: 
أ) قسم الاستقبال و الفرز : يهتم بإيواء الأحداث و حمايتهم و توجيههم لمدة لا تتعدى 03 أشهر  الذين عهد بهم من قاضــي الأحــــــداث .
ب) قسم المشورة التوجيهية و التربوية : مهمته تتمثل في القيام بمختلف الفحوصات و التحقيقات قصد معرفة شخصية الحدث و بالتالي كيفية معاملته ، و إعادة تربيته م 21 من الأمر 75-64.
و تجدر الإشارة إلى أن مصالح الملاحظة و التربية في الوسط المفتوح يشرف عليها مــــدراء يساعدونهم موظفون إداريون و أطباء نفسانيون و كذا مساعدون اجتماعيون ، أو بالأحــرى مندوبو الحرية المراقبة ، المنصوص عليهم في قانون الإجراءات الجزائية الذين أشرنا إليهم سلفا في هذا البحث و هذا حسب المادتـــان 19 و 21 من الأمر 75-64(2)، بالإضــــافة للمــراكز السالفة الذكر نصت المادة 25 من نفس الأمر على نوع آخر والمتمثل في المراكز المتعددة الخدمات لوقاية الشبيبة  وهي عبارة عن ضم وتجميع للمراكز التخصصية لإعادة التربية  والمراكز التخصصية للحماية  ومصالح الملاحظة والتربية في الوسط المفتوح ضمن مؤسسة وحيدة 
و هذا ما يمكن قوله فيما يتعلق ببعض المفاهيم ، التي تحكم قضاء الأحداث و سنتناول في الفصل الثاني من بحثنا مختلف المهام التي يقوم قاضي الأحــــداث بهــــا.









(1) د/ علي مانع . الرجع السابق ، ص102                                                                                                                                                                                                                                         (2) مدونة النصوص التشريعية و التنظيمية الخاصة بالأطفال ، المرجع السابق ، ص 87.

-26-
قـاضي الأحداث

الفصـــل الثـــــاني:
مهــــام قــــاضي الأحـــــداث
          إن الهدف الأساسي للمعاملة الجزائية للأحداث الجانحين يكمن في إصلاحهم و تقويمهم
 و إعادة إدماجهم في الوسط الاجتماعي لذا نجد بأن القواعد التي تحكم مسؤولية الأحــداث الجانحين ، هي قواعد خاصة تختلف عن تلك المطبقة على المجرمين البالغين ، إذ يعد الحدث الجانح مصنوع لا مولود و هو ضحية أكثر منه مجرم ،وفي هذا المجال أصـــبح من الثابت علميا أن وسائــل العنف و التعذيب و القسوة ، لا فائدة لها في مسألة معالجة انحراف الأحداث ، و إنما تزيد مـن حدتها ، مما أدى إلى إيجاد نصــوص تشريعية  أو تشريعات خاصة و ذلك بناء على سياسة اجتماعية غايتها توفير الرعاية و الحماية للجيل الناشئ ، و ذلك بإقرار تدابير علاجية و إصلاحية تتـلاءم و طبيعة كل حدث جانح و إقرار قواعد إجرائية وقائية من شأنها إبعاد هؤلاء الأحداث عــن العوامل المؤدية إلى الجنوح أو الانحراف ، و يتعلق الأمر بالأحداث في خطر معنوي و الذين يكون سلوكهم أو صحتهم أو سلامتهم الجسدية أو العقلية عرضة للخطــر أو الانحـــراف .و في هذا الصدد نجد أن الجهود الدولية حاليا ، تركز على ضرورة تبني سياسة وقائية شاملــة تعتمد على نهج متكامل في تخطيط برامج التنمية و الخدمات للصغار و الشباب ، بحيث تشترك في تنفيذها الوحدات الأسرية و المرافق الاجتماعية ، من أجل تنمية الطاقات الذاتية لديهم ، و كذا شحن نفوسهم بالقيم و الأخلاق الحسنة إضافة إلى دعم حقوقهم الأساسية ، لا سيما من ناحيـة الغذاء و اللباس و التعلم و الرعاية الصحية ، و حمايتهم من الاستغلال و الاعتداء عليهــم.(1)و بالتالي نجد معظم دول العالم ، تنص في تشريعاتها على إجراءات متلائمة مع هدف إصــلاح و تهذيب الأحداث خلافا لما هو مقرر للبالغين لا سيما في مجال المتابعة و التحقيق و المحاكمــة و التنفيذ و هو المنهج المعتمد من قبل المشرع الجزائري حيث نص في الكتاب الثالث من الأمـر 66-155 المؤرخ في 08 يونيو 1966 المتضمن قانون الإجراءات الجزائية المعدل و المتمم على قواعد خاصة بالمجرمين الأحـداث من المــادة 442 إلى 494منه.و خص الأحداث في خطر معنوي بالأمر 72-03 المتعلق بحماية الطفولة و المراهقة ، و هي الأحكام التي أنيط تطبيقها بالجهات القضائية الخاصة بالأحداث و بالضبط إلى قضاة الأحداث
(1) مجلة الدراسات القانونية – كلية الحقوق – جامعة بيروت العربية ، العدد الأول المجلد الأول ، الدار الجامعية – 1998
ص 146، 186.
- 27-
قـاضي الأحداث

و هو الأمر الذي سنتناوله في هذا الفصل من خلال محاولة دراسة و معرفة مهام قاضي الأحداث المختلفة و التي تتراوح ما بين القضائية و التربوية و الإدارية و ذلك  في الآتــي: 
المبحـــــــث الأول:
المهــام القضائيـــة لقاضــــي الأحـــداث:
    تتمثل المهــام القضائية لقاضي الأحداث في الإجراءات التي   يباشرها فيما يخص الأحداث الجانحين ، و المتعلقة بمرحلتي التحقيق و المحاكمة  و هذه المــهام تختلف من حيث الأسبــاب
 و الأهداف عن المهام المنوطة بقاضي الأحداث عندما يباشر عـــمله حماية للأحداث في خطر معنــــــوي .
فالمهام القضائية لها علاقة مباشرة بالجريمة و العقاب ، و إن ظهر الدور الإصلاحي و التربــوي لقاضي الأحداث بشأنها ، فإنه لا يكون بذات الأهمية التي يوليها هذا الأخير فيما يخص الأحداث في خطر معنوي ، فدوره في الحالة الأخيرة تربوي وقائي ، تحسبا من وقوع الحدث في دائــرة الانحراف و الإجرام ، لذلك سنحاول أن نتناول في هذا المبحث مختلف المهام التي يقوم بها قاضي الأحداث فيما يخص الأحداث الجانحين و المتمثلة في التحقيـــــق (1) و المحاكمــــة.
المطلــــــب الأول:
التحقيـــــــــــق.
   التحقيق في قضايا الأحداث الجانحين وجوبي ، إذ أن وكيل الجمهورية عند وصول الملــف المتعلق بالحدث إليه ، لا يجوز له إحالته مباشرة على المحاكمة سواء عن طريق الاستدعاء المباشـر
 أو التلبس باستثناء مادة المخالفات ، و ذلك عمـــلا بالمادتيــن 59 و 446 ق.إ.ج. 
كما أن المشرع الجزائري ، وزع صلاحية التحقيق  بين قاضي التحقيق الخاص بالبالغــــين
 و قاضـي الأحــــداث ، وهو ما أشارت إليـــه المـــــادة 452 من ق.إ.ج. 
حيث يختص قاضي التحقيق الخاص بالبالغين بالتحقيق في الجرائم التي يرتكبها الأحــــداث 

(1) "إن التحقيق وجوبي في التشريع الفرنسي في الجرائم المرتكبة من قبل الأحداث لا سيما الجنح و الجنايات و الهدف هو الوصول لمعرفة شخصية الحدث الجانح ، و من ثمة اتخاذ التدبير الملائم له "
انظر في ذلك:
Jaun claude soyer, OP .cit , P 418.
- 28-

قاضـي الأحـداث

فـــــي حالتيـــــن:
- إذا كانت الجريمة المرتكبة من الحدث جناية ، و كان معه متهمون بالغون حسب المــــادة 452/ف1 مــن ق.إ.ج.
- إذا كانت الجريمة المرتكبة من الحدث جنحة متشعبة ، فهنا يجوز للنيابة العامة بصفة استثنائية أن تعهد لقاضي التحقيق بإجراء تحقيق نزولا على طلب قاضي الأحداث ، و بموجب طلبات مسببة المــــادة 452/ف4 من ق.إ.ج. 
و يختص قاضي الأحداث بالتحقيق في الجنح المرتكبة من الأحداث و كذا الجنح الـتي يرتكبها الحدث مع البالغين سواء كانوا فاعلين أصليين أو شركاء ، إذ يقوم وكيل الجمهوريــة بإنشاء ملف خاص بالحدث ثم يحيله إلى قاضي الأحداث ، هذا الأخير الذي يجب علمه القيــام بإجراء تحقيق سابق بمجرد وصول الملف إليه ، و هــذا حســب المــــادة 452/ف 2 و  مــــن ق.إ .ج. (1)و على غرار المشرع الجزائري فإن المشرع الفرنسي ميز بين الجنايات و الجنح – نفى الجنايات – أوجب التحقيق فيها من قاضي التحقيق ، أما الجنح فهو أمر جوازي للنيابة العامة ، إما بإحالـة الملف إلى قاضي التحقيق  أو قاضـــي الأحــــداث (2).
و باعتبار أن التحقيق في قضايا الأحداث له طابع متميز و يختلف عن التحقيق في قضايا البالغين ، فإن المشرع خصه بإجراءات معينة و حدد قواعد تحكمه ، فمنح بذلك سلطات واسعة للقاضي المحقق فيها ، في اتخاذ التدابير المؤقتة للحماية و الملاحظة و ذلك من أجل السير الحسن للتحقيـق 
لذا سنحاول تقسيم هذا المطلب إلى فرعين نتطرق في الأول إلى سير إجراءات التحقيق ، وفـي الثاني نعالج فيه مختلف الأوامر و التدابير المؤقتة التي يمكن للقاضي المحقق (3) اتخاذها بشأن الحدث.
الفــــــرع  الأول
سيــــر إجــــــراءات التحقيــــــق.
يتصل قاضي الأحداث بملف التحقيق الخاص بالحدث الجانح عن طريق الطلب الافتتاحي المحرر 

(1)- علالي بن زيان ، المرجع السابق ، ص 7
(2)- Jaen claude soyer, OP .cit , P 418
(3)- نفي بالقاضي المحقق كل من قاضي التحقيق و قاضي الأحداث
- 29-

قـاضي الأحداث

من طرف السيد وكيل الجمهورية طبقا للمادتين 448و 67 ق.إ.ج ، و الذي يتـخذ بشأنه ما يتخذه  قاضي التحقيق من أوامر سواء عند بداية التحقيق أو خلال سير التحقيق أو عند الانتهاء
من التحقيق  ، علما أن المشرع منح صلاحيات واسعة للقاضي المحقق في قضايا الأحداث الجانحين خلاف ما هو مخول لقاضي التحقيق الخاص بالبالغين ، و هدف ذلك هو الوصول إلى الحقيقــة
و كذا التعرف على شخصية الحدث  حيث يمكن له القيام بتحقيق رسمي أو غير رسمــي ، و أن يصدر  أي أمر لذلك مع مراعاة قواعد القانون العام ، كما يقوم بإجراءات بحث اجتماعي عـن الحدث الجانح يتضمن كل المعلومات عن حالته المادية و الأدبية لأسرته و كـذا سوابقــــه و دراستـه و عن الظروف التي عاش فيها ، و هذا حســـب المــادة 453 من ق.إ.ج. 
و يجوز له أن يعهد بإجراء البحث الاجتماعي المنصوص عليه في  المادة 453 من ق.إ.ج السالفة 
    أو  (Soemo)الذكر إلى المصالح الاجتماعية كمصلحة الملاحظة و التربية في   الوسط المفتوح 
إلى شخص يحوز شهادة خدمة اجتماعية يكون مؤهـــل لهذا العمل طبقـــا للمـــادة 
  454 من  ق.إ.ج. (1).
مع الإشارة إلى أنه بالرغم من الصلاحيات الممنوحة للقاضي المحـقق في مسائل الأحداث ، إلا أنه مقيد بقيود طبقا للمادة 454 من ق.إ.ج تتمثــل فـــــي: 
- ضرورة إخطار والدي الحدث أو وصيه  أو من يتولى حضانتــه بإجـراءات المتابعـــة.
- لا يمكن له ســــماع الحدث أو استجوابه إلا بحضور وليه أو محام للدفاع عنه ، وفي حالة عدم اختيار الحدث أو وليه للمحامي ، فعلى القاضي المحقق مع الحدث تعيين له محامي وجوبا بصفة تلقائية.
 هذه القيود تعد بمثابة إجراءات أولية لا بد من احترامها  و عند استكمالها ، يشــرع في سماع الحدث بعد التحقق من هويته و سنه  و إحاطته علما بكل واقعة من الوقائع المنسوبة إليه ، و يقوم الكاتب بتسجيل أقواله و عند الانتهاء من هذه العملية ، تسجل أقوال الولي المتعلـــقة بسيرة الحدث و عن وضعيته الدراسية و في الأخير يوقع على المحضر كل من القاضي المحقق و الكاتب و الولي .

(1) -يستخلص من المادة 453 من ق.إ.ج أعلاه أن مصالح الأمن غير مختصة بالبحوث الاجتماعية و أن البحث الاجتماعي إجراء إجباري في كل قضايا الأحداث ، مع جواز استبعاده من القاضي المحقق لكن بأمر مسبب.
- 30-

قـاضي الأحداث

و في حالة حضور الضحية ، فإنه يحرر محضر سماع لها و تكون بحضور ولـيها إذا كانت حدثا .
ثم بعد ذلك يتم اســـتجواب الحدث في الموضوع ، و الذي يعد وسيلة من وسائل التحقيق ، 
و يكون عن طريق أسئلة على الحدث و إجابة هذا الأخير عليها .
إضافة إلى أن القاضي المحقق يجوز له سماع الشهود و إجراء مواجهة بينهم و بين الحدث المتهم عند الاقتضاء (1).
و بعد الانتهاء من السماع الأول للحـدث ، أجاز القانون لقاضي الأحداث أو قاضي التحقيق ، اتخاذ إجراء مؤقت في حقه إلى غاية محاكمــته كالوضع تحت نظام الحرية المحروسة  أو التسليم أو الإفراج و ذلك حسب المادة 455 من ق.إ.ج. و إذا تبين له عدم ارتكاب أو ارتكاب الحدث للجريمة المتابع من أجلها ، أصدر جملة من الأوامر ينهي بها التحقيق و هي المسائل التي سنتناولها في الفرع الآتي: 
الفــــــرع الثــــــاني
الأوامـــر و التدابيـــــر المؤقتـــــة .
     أشرنا سلفا إلى أن المشرع الجزائري خول لقاضي الأحداث خلال التحقيق مع الحدث الجانح نفس الصلاحيات المخولة لقاضي التحقيق مع البالغين ، بحيث بإمكانه إصـدار جميع الأوامر  التي يتطلبها التحقيق من بدايته إلى نهايته ،  كالأوامر القسرية  من إيداع ، قبض ، إحـــضار طبقا للمواد (110 ، 117 ، 119 ق.إ.ج) و أوامر التصرف كالإحالة  إرسال مستنــدات  طبقا للمواد 464، 460 من   ق.إ.ج أو أمر بأن لا وجه للمتابعة طبقا للمواد 458و 464 ق.إ.ج. 
كما نص المشرع على تطبيق أحكام المواد من 170 إلى 173 ق.إ.ج المتـعلقة باستئناف أوامر التحقيق التي يصدرها قاضي الأحداث بشأن الحدث الجانح و ذلك في المادة 466  من ق.إ.ج .
     بعد الانتهاء من التحقيق ، فإن القاضي المحقق إذا تبين له أن الوقائع المنسوبة إلى الحدث ، لا تشكل أي وصف جزائي أو أنه لا توجد ضده  دلائل كافية ، أصدر أمرا بأن لا وجه للمتابعة في 


(1)-انظر المادة 100 و ما يليها من الأمر 66-155 ، المرجع السابق.

- 31-


قـاضي الأحداث

المخالفات ، و هو ما نصت عليه المادة 459 ق.إ.ج  ، و إذا توصل إلى أنها جناية ، أصدر أمرا بإحالته على قسم الأحداث الموجود بمحكمة مقر المجـلس طبقا للمـــادة 451 ق.إ.ج (1). 
و مادام المشرع نص في المادة 466 ق.إ.ج. عـلى تطبيق أحكام المواد من 170 إلى 173 على الأوامر التي يصدرها قاضي الأحداث أو قاضي التحقيق ، وعلى هذا الأساس وجب على القاضي المحقق مع الأحداث الجانحين تبليغ السيد وكيل الجمهورية بالأوامر التي يصـدرها في نفس اليوم الذي صدرت فيه ، و هو حق للنيابة العامة يترجم سلطتها في مراقبة سـير التحقيق القضائي و الإشراف عليه ، و ذلك بهدف تطبيق القانون .
و كذا تبليغها إلى الحدث المتهم ، و إلى المدعي المدني و ذلك في ظرف 24 سـاعة طبقا للمادة 
168 ق.إ.ج  .
     و بالتالي يحق لوكيل الجمهورية استئناف جميع أوامر القاضي المحقق مع الأحداث ، أمام غرفة الاتهام و ذلك في ظرف ثلاثة (03 ) أيام من صدورها (المادة 170 ق.إ.ج.)
    كما يحق للنائب العام ذلك شريطة تبليغ استئنافه إلى الخصوم خلال الـ 20 يوما التي تـلي صدور الأمر ، و استئنافه لا يوقف تنفيذ الأمر المتعلق بالإفراج ، خلافا لما هو مقرر بالنــسبة لاستئناف السيد وكيل الجمهورية طبقا للمادة 171 ق.غ.ج. (2).
     أما بخصوص الحدث المتهم أو وكيله القانوني ، فله الحق في استئناف الأوامر المنصوص عليها في المواد 74، 127 ، 125 من ق.إ.ج. ، و كذا الأوامر التي يصدرها المحقق بشأن اختصـاصه بنظر الدعوى ، و ذلك إما من تلقاء نفسه أو بناء على دفع أحد الخصوم بعدم الاختصاص ، أمام غرفة ا لاتهام بالمجلس القضائي في ثلاثة أيام من تبليغه (3).
      و بالنسبة للمدعي المدني أو وكيله ، فيجوز له استئناف جميع الأوامر الماسة بحقوقه المدنية ، 
كالأمر برفض إجراء تحقيق أو الأمر بأن لا وجه للمتابعة أو الأمر بعدم  الاختصاص (4 .
و يرفع استئنافه خلال (03) ثلاثة أيام من تاريخ تبليغه بالأمر المعني طبقا للمادة 173ق.إ.ج في فقرتها الأخيرة.

(1)،(2) - علالي بن زيان ، المرجع السابق ، ص 09.
(3)- انظر في ذلك المادة 172 من الأمر 66-155 ، المرجع السابق.
(4)- مرشد المتعامل مع القضاء ، وزارة العدل ، مارس 1997 ، ص 120.

- 32-
قـاضي الأحـداث
إلى جانب الأوامر السالفة الذكر ، التي يمكن لقاضي الأحداث أو التحقيق إصدارها و هو بصدد التحقيق مع الحدث أو الانتهاء منه ، أجاز له القانون أن يتخذ بشـأنه تدبيرا أو أكثر من التدابير المنصوص عليها في المادة 455 ق.إ.ج و المتمثلة في  أنه: 
       - يجوز له تسليم الحدث المجرم مؤقتا إلى : 
* والديه أو وصيه أو الشخص الذي يتولى حضانته أو إلى شخص جدير بالثقة.
* مركز إيواء ، و ذلك على النحو الذي رأينا في الفصل الأول من بحثنا هذا.
* قسم إيواء بمنظمة مخصصة لهذا الغرض ، سواء أكانت عامة أو خاصة .
* إلى مصلحة الخدمات الاجتماعية المنوط بها معاونة الطفولة أو بمؤسسة اسشفائية (ملجأ). 
* مؤسسة أو منظمة تهذيبية أو للتكوين المهني أو للعلاج تابعة للدولة أو لإدارة عامة مؤهلة لهذا الغرض أو مؤسسة خاصة معتمدة .
* الوضع المؤقت في مركز ملاحظة معتمد ، و ذلك إذا كانت حالة الحدث الجانح الجسمانية و النفسانية تستدعي فحصا معمقا.
و في هذا الخصوص  إذا اتخذ تدبير أو أكثر في حق الحدث الجانح من القاضي المحقق ، فإنه يجوز للحدث أو نائبه القانوني استئنافه أمام  غرفة الأحداث بالمجلس القضـائي في أجل عشرة أيام ،
 و هو ما نصت عليه المادة 466 ق.إ.ج. 
و فيما يتعلق بوضع الحدث الجانح رهن الحبس المؤقت في مؤسسة عقابية فإنه لا يجوز إلا استثناء  و ذلك إذا كان ضروريا و استحــال أي إجراء آخر ، وفي هذه الحالة يحجز الحدث في جناح خاص و إن لم يوجد ففي مكان خاص و يخضـع لنظام العزلة في الليل و هذا طبقا للمادة 456 ق.إ.ج. (1).
و الملاحظ هنا ، أنه بالرغم من توسيع صلاحيات القاضي المحقق في قضايا الأحداث ، إلا أن المشرع ضيق من سلطته في اللجوء إلى حبس الحدث مؤقتا (2).

(1)-  انظر المادة 123 من الأمر 66-155 – المرجع السابق .
(2) -نلاحظ أن المشرع استعمل لفظ " وضع " و لم يستعمل لفظ " إيداع" في المادة 456 المذكورة أعلاه – و هو ما يطرح إشكال أمام قضاة الأحداث ، علما أن المحبوس مؤقتا يدخل المؤسسة العقابية بموجب " أمر إيداع " و ليس"أمر بالوضع" – مما يجعل الأمر نفسه بالنسبة للحدث، حيث لا يدخل المؤسسة العقابية مؤقتا إلا بموجب " أمر إيداع شأنه شأن البالغ ، و ذلك حتى يتسنى لمدير المؤسسة العقابية استقباله فيها .

- 33- 
قـاضي الأحـداث

عند استكمال جميع إجراءات التحقيق مع الحدث الجانح ، أصدر القاضي بشأنه أمرا من الأوامر السالف ذكرها إما بالإحالة حسـب المواد 464 ، 459 ، 460، 465 ق.إ.ج ، أو بألا وجه للمتابعة طبقا للمواد 458، 464ق.إ.ج أو تدبير أو أكثر من الـتدابير المنصوص عليها في المادة 455 ق.إ.ج و يقوم الكاتب بترقيم أوراق الملف ، ويرسله إلى السيد وكيل الجمهورية ، و هذا الأخير عليه تقديم طلباته خلال عشرة أيام  على الأكثر و هو ما نصت عليه المادة 457 ق.إ.ج. 
و لا يسعنا في ختام هذا المطلب ، إلا القول أنه على القاضي المحقق في قــضايا الأحداث ، أن يضفي نوعا من المرونة على إجراءات التحقيق ، فيلجأ إلى تطــبيق التدابير المؤقتة المنوه عنها في المادة 455 ق.إ.ج كقاعدة عامة ، و أن لا يلجأ إلى التدابير الزجرية  كالوضع المؤقت أو إيداع الحدث مؤقتا في مؤسسة عقابية إلا استثناءا ، و ذلك بهدف الوصول في النـــهاية إلى العلاج المناسب و الذي تقتضيه شخصيته.
وعليه سنحاول في الشطر الثاني من هذا المبحث ، التطرق إلى إجراءات محاكـــمة الأحداث الجانحين و ذلك في فرعين: 
المطلـــــب الثانــــي:
محاكمــــة الأحـــداث الجانحيــــن
    إن معظم تشريعات الدول كما أسلفنا أفردت محاكم خاصة لمحاكمة الأحداث ، و هذا تفاديا للمحاكمات المثيرة و الجلسات الصاخبة و الإجراءات المعقدة ، و اعتماد إجراءات مبــسطة
 و جلسات هادئة غير علنية ، يغلب عليها الطابع  الرعائي و الإنساني و الوقائي الهدف منها هو الوصول لمعرفة شخصية الحدث المنحرف ، و العوامل و الأسباب التي أدت إلى انحرافه ، و من ثمة تقرير العلاج المناسب له (1)، و في هذا الخصوص قال الدكتور علي محمد جعفر أســتاذ بكلية الحقوق في الجامعة اللبنانية و جامعة بيروت العربية أن :" الأحداث المنحرفون هم ضحايا ظروف عائلية و اجتماعية دفعتهم إلى سلوك طريق الانحراف في مرحلة لم تكتمل قواهـم العقلية ، لتقدير الأمور على وجهها الصحيح و بالتالي تقدير مخاطر تصرفاتهم و ما يمـكن أن يترتب عليها مـن نتائج إضافة إلى قلة خبرتهم في الحياة التي تجعلهم عرضة للسقوط أمام  أية صعوبات قد يصادفونها أو يتعرضون لها ، و إذا كان انحراف الأحداث يرجع إلى البيئـة الفاسدة و إلى ظروف عارضة في 

(1)- مجلة الدراسات القانونية اللبنانية ، المرجع السابق ، ص 157.
- 34- 
قـاضي الأحـداث

الغالب ، و لا يرجع إلى نزاعات إجرامية متأصلة في نفوسهم ، فإنه يتعين على الأجهزة المختصـة أن تتولى حمايتهم ، و أن تشملهم بالعناية الكافية لضعف إدراكهم فلا يقيدهم في مجال المعامـلات المدنية  بما تقيد به الكبار ، و لا تفرض عليهم في المجال الجزائي العقوبات الزاجرة و الرادعة ، بل الإجراءات المؤدية إلى إصلاحهم و تأهيلهم ، فمن هذه الاعتبارات شرعت الإجراءات المتعـلقة بمحاكمة الأحداث ، و أعطى قضـاء الأحداث بعدا اجتماعيا ووقائيا ، و أصبح كجهاز مستقل يضم  عناصر متخصصة في العلوم الإنسانية و النفسية و غيرها ، و أنه لا يصـدر حكمه إلا من منطق تحقيق اجتماعي يعينه على اختيار التدبير الملائم و المناسب ، و الذي يشرف عليه في وضعه التنفيذي و كذا تعديله مع كل حالة على حدى " (1).
لذلك ، فإن الأمر نفسه بالنسبة للمشرع الجزائري ، حيث سلك نفس المسار الذي سلكته غالبية تشريعات دول العالم ،و أحدث قسم خاص بالأحداث على مستوى المحاكم ، وخصـص الكتاب الثالث من قانون الإجراءات الجزائية من المادة 442 إلى 494 منه بقواعـــد خاصة بالمجرمين الأحداث ، بالإضافة إلى الأمر 72-03   المتعلق بحماية الطفولة و المراهــقة ، و أحدث بذلك مؤسسات و مصالح مكلفة بحماية الطفولة و المراهقة بموجب الأمر 75-64 .
و الغاية من كل هذا هي إصلاح الحدث الجانح و الحيلولة دون وقوع الآخرين في مهاوي الانحراف و الإجرام ، و هي المهمة المنوطة بقاضي الأحداث بالدرجة الأولى.
لذا سنقتصر في هذا المطلب على إجراءات محاكمة الأحداث الجانحين و الذي سنقســمه إلى شطرين ، نخصص الأول إلى سير إجراءات المحاكمة ، وفي الثاني إلى التدابير النهائية و العقوبات التي يمكن اتخاذها بشأن الحدث الجانح.
الفــــــــرع الأول:
سيـــر إجــراءات محاكمـــة الحــــدث الجانـــح.
     تتميز محاكم الأحداث بإجراءات خاصة متميزة عن غيرها من المحاكم ، و ذلك باعتبارها هيئة علاجية تربوية تهدف إلى إصلاح الحـدث الجانح و تهذيبه بالدرجة الأولى   وليس معاقبته ، فهي 
بسيطة و مرنة من حيث التطبيق و خالية من التعقيدات التي تعيق مهمة تقويم الحدث(2).

(1) -مجلة الدراسات القانونية اللبنانية ، المرجع السابق ، ص 158.
(2-)مرشد المتعامل مع القضاء ، المرجع السابق ، ص 130.
- 35-
قـاضي الأحداث

و الهدف من وضعها هو تقريب القاضي من الأحداث و الاهتمام  بمشـــاكلهم الاجتماعية 
و العائلية (1).
و انطلاقا من هذه المميزات ، نجد أن المشرع الجزائري بخصــوص محاكمة الأحداث الجانحين ، احدث قسم خاص بهم على مستوى المحاكم مثلما أشرنا سلفا والذي يتشكل من قاضي الأحداث رئيسا و مساعدين و أوجب أن تكون المحاكمة و المرافعــات سرية طبقا للمادة 461  ق.إ.ج
 و منع نشر ما يدور في الجلسات كلها ، بأية وسيلة كانت ، إلا أنه يجوز نشر الحكـم لكن دون  ذكر اسم الحدث و لو بالأحرف الأولى .
و اوجب أن تنعقد أقسام الأحداث في غرفة المشورة ، حسب المادة 460 ق.إ.ج ، و أن يتـم الفصل في كل قضية على حدى في غير حضور باقي المتهمين ، و لا يجوز حضــور المحاكمة إلا الأشخاص المعينون في القانون و هم: شهود القضية و الأقارب المقربين للحدث ، ووصيه أو نائبه القانوني ، أعضاء النقابة الوطنية للمحامين ، ممثلي الجمعيات أو الرابطات و المصالح أو الأنظـمة المهتمة بشؤون الأحداث ، و المندوبين المكلفين بالرقابة على الأحداث المراقبين و رجال القضاء و هو ما أشارت إليه المادة 468 ق.إ.ج 
كما أن  قسم الأحداث لا يفصل في الدعوى إلا بعد سماع جميع أطراف الدعوى و هم الحدث ، المسؤول المدني ، الشهود و المدعي المدني علاوة على مرافعة النيابة العامة  و مرافعة الــدفاع ، وعلى هذا الأساس يتعين على المتهم الحدث الحضور إلى جلسة المحاكمة لســـماعه إذا قررت المحكمة ذلك ، بحيث يقوم القاضي بتبليغه بالتهمة المنسوبة إليه ثم باستجوابه و ذلك بحضور والده أو نائبه القانوني ، إضافة إلى محاميه ، إذ أن حضورهما إجباري ، و في حالة ما إذا لم يختار الحدث و نائبه القانوني  مدافعا عنه ، عين قاضي الأحداث مدافعا من تلقاء نفسه حسب المادة445 ق اج
 و تجدر الإشارة إلى أن إجراءات محاكمة الأحداث تختلف باختلاف المحكمة التي تتـــولاها ، فالمخالفات تفصل فيها المحكمة مشكلة من قاض فرد إلى جانب الكاتب طبقا للإجراءات العادية لكن شريطة احترام أوضاع العلانية المنصوص عليها في المادة 468 ق.إ.ج (2).
أما بالنسبة للجنح و الجنايات ، فإن قسم الأحداث يفصل فيها دون الالتزام بالشكليات المماثلة 
(1)- محاضرات الأستاذة صخري امباركة ، المرجع السابق .
(2)- انظر المادة 446 من الأمر 66- 155 ، المرجع السابق .
- 36 -

قاضي الأحداث
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لتلك التي تجري أمام  محكمة الجنايات.(1).
         إضافة لما سبق يمكن لقاضي الأحداث الذي يترأس الجلسة و في سبيل تنوير المحكمة حول القضية  القيام بسماع الفاعلين الأصليين في الجريمة أو الشـركاء البالغين ، و ذلك على سبيل الاستدلال ، و إذا دعت مصلحة الحدث إعفاءه من حضور الجلسة ، فإن لقاضـي الأحداث إمكانية ذلك شريطة أن يمثله محام أو مدافع عنه أو نائبه القانوني ، و يعتبر قراره ذلك حضوريا 
( طبقا للمادة 467 من ق.إ.ج) 
و يجوز لقاضي الأحـداث أيضا ، أن يأمر في كل وقت بانسحاب الحدث طيلة المرافعات كلها أو جزء منها أثناء سيرها ، على اعتبار أنه قد يكون من مصلحة الحدث عدم سماعه لما يقال سواء عن أسرته أو عنه ، أو ما يقوله الرئيس لوالدي الحدث ( م 468 ق.إ.ج ) (2).
و بخصوص المضرور من الجريمة التي يرتكبها الحدث ، فإنه يجوز إذا كانت النيابة العامة هي التي أقامت الدعوى العمومية ضد الحدث.
 و تقام بذلك الدعوى المدنية ضد الحدث مع إدخال المسؤول المدني عنه أو نائبه الــقانوني في الخصومة.و في حالة وجود متهمين بالغين و آخرين أحداث في قضية واحدة و تم فصل المتابعات بين هؤلاء و أراد الـطرف المضار مباشرة دعواه المدنية في مواجهة الجميع، فإن الدعوى المدنية ترفع أمام الجهة القضائية الجزائية التي يعهد إليها بمحاكمة البالغين ، لكن الأحداث لا يحضرون المرافعات و إنما نيابة عنهم في الجلسة  يحضرنوابهم القانونيون.(3) .
    و في الأخير ، فإن الحكم الذي يصدره قاضي الأحداث بشأن الحدث يكون في جلسة علنية بحضور هذا الأخير طبقا للمادة 468 ق.إ.ج و هو ما يتعارض مع مبدأ سرية الجلسـات ، على النحو الذي أشرنا إليه سالفا ، في قضايا الأحداث و هو ما يؤدي بنا إلى التسـاؤل عن العـلنية المقصودة من المشرع في هذه الحالة؟ حيث نص كذلك في المادة 463  ق  .إ.ج على أن يصـدر القرار في جلسة سرية مما زاد المسألة تعقيدا  و غموضا   وهذا الغموض أدى بالفقه إلى القول بأن القرار المنصوص عليه في المادة 463 ق.إ.ج يصدره قاضي الأحداث قبل الحكم بالعــقوبة أو 

(1)، (2) – أحمد شوقي الشلقاني ، مبادئ الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري ، ديون المطبوعات الجامعية ، د. ط ، 1999 ، ص 427
(3)  -انظر المدتان 475 و 476 من الأمر 66-155 ، المرجع السابق .

-37-
قـاضي الأحـداث



 التدبير و يتعلق بوضع الحدث  تحت نــظام الإفراج المراقب  والذي أشارت إليه المادة 462 ق.إ.ج (1).
و يكون ذلك عندما لا يقتنع قاضي الأحداث بالتحقيق الذي تم في القضية مع الحدث و يراه غير كاف لاتخاذ بشأنه التدبير أو العقوبة المناســـبة حسب الأحوال ، و بالتالي يلجأ إلى اتخاذ هذا الإجراء لمدة معينة ، بهدف دراسة سلوك الحدث.
فهو إجراء بسيط في غرفة المشورة و في سرية تامة في مكتب قاضــي الأحــــداث (2).  
و نخلص إلى أن إجراءات محاكمة الأحداث على النحو السالف ذكره ، لها مميزات و خصوصيات تنفرد بها ، خلافا لإجراءات محاكمة البالغين ، و التي تنتهي بحكم يصدره قاضي الأحــداث في جلسة علنية طبقا للمادة 468 ق.إ.ج و يتضمن إما تدبيرا نهائيا أو عقوبة جزائية طبقا لقانـون العقوبات و هو ما سنتناوله في الفرع الآتــــي: 
الفــــــرع الثــــاني
التدابيــر النهائيــة و العقوبــات المقــررة للحــدث الجانــح.
نصت المادة 469 من ق.إ.ج على أنه : " إذا كانت التهمة ثابتة ، فصل قـسم الأحداث في التدابير المنصوص عليها في المادة 444 بقرار مسبب و إذا اقتضى الحال فإنه يقضي بالعقوبات المقررة في المادة 50 قانون عقوبات ." 
   و من خلال المادة أعلاه ، نقول بأن الأحكام التي يصدرها قاضي الأحداث بخصوص الحدث الجانح تتنوع إما باتخاذ تدبير أو أكثر من التدابير المنصوص علـيها في المادة 444 ق.إ.ج ، أو عقوبة جزائية طبقا لقانون العقوبات ، وبالتالي سنتناول مسألة التدابير النهائية أولا ثم العقوبات المقررة قانونا ثانيا.
     أولا : بالنسبـــة للتدابيـــر النهائيـــة:
بالرجوع إلى نص المادة 444 ق.إ.ج نجد أنه لا يجوز لقسم الأحداث في مواد الجنايات و الجنح ، أن يتخذ ضد الحدث الذي لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره إلا تدبيرا أو أكثر من تدابير الحماية

(1) -أحمد شوقي الشلقاني ، المرجع السابق ، ص 427.
-(2)Jean claude soyer , O P . cit , P 423.
- 38-
قـاضي الأحداث

 و التهذيب الآتيــة : 
       - تسليم الحدث إما لوالديه أو وصيه أو لشخص جدير بالثقة:  
إن المشرع الجزائري قرر هذا التدبير الحـمائي ، بهدف إبقاء الحدث الجانح في محيطه العائلي أو تحت رعاية بيئة عائلية بديلة ، و من ثمة الإشــراف الدقيق على سلوكه ، و هذا التدبير  يكاد يكون مقررا في كافة التشريعات المتعلقة بالأحــداث مثلا : نصوص المواد 9 من قانون الطفل المصري ، و 6 و 7 من قانون الأحداث السـوري و 08 من قانون الأحداث الكويتي  و 22 ، 21 من قانون الأحداث الأردني .(1).
     و يعتبر هذا التدبير من أفضل الوسائل و أكثرها نفعا في إصلاح الحدث  و تهذيــبه ، لان التسليم أقرب إلى طبيعة الأمور ، و الأهل أو من لهم الولاية على الحـــدث أدرى بمـيوله ، و أكثرهم شفقة عليه و رغبة في تقويمه،و المطالبون شرعا بالـــعناية به و كذا بتربيته و بالتالي فهـم أقدر على مهمة إصلاح الحدث (2)، و كذلك فإن الـقانون لا يشترط قبول الوالدين أو الوصي بتسليم الحدث ، كونهم ملزمون قانونا تسلمه و رعايته ،إضافة إلى أنه من الجائز تـسليم الحدث إلى أحد الوالدين دون الآخر  إذا  كان  هذا الأخير غير جــدير بتربيته خاصة إذا كان سيئ الأخلاق أو كان متوفيا أو متغيبا ، و لا بد من مراعاة إقامة الحدث مع الشخص الذي حكم بتســليمه إليه ، إذ لا فائدة من تسليم الحدث إلى شخص لا يقيم معه ، أو أن يكون المتـسلم ليس له محل إقامة أو أنه متزوج بغير أم الحدث و لا يقيم معه .
     كما أن تسليم الحدث إلى شخص جدير بالثــقة يفترض جدارة هذا الأخير فعلا ، للقيام برعايته و تربيته ، و تقدير الجدارة هذه منوط بقاضي الأحداث ، مع الإشـــارة إلى أن هذا الشخص يشترط قبوله تسلم الحدث لأنه غير ملزم بذلك.
     إضافة إلى ما سبق فإنه يفترض قبل تسليم الحدث التعهد بالمحافظـة عليه و تربيته ، لذا فإن إغفال هذا الواجب من شأنه ترتيب مسؤوليته ، بحيث يمكن للقاضي أن يحكم عليه بغرامة مالية من 100 إلى 500 د.ج و تضاعف في حالة العود و هذا طبقا للمادة 481 ق.إ.ج (3).

(1) -مجلة الدراسات القانونية ، المرجع السابق ، ص 151.
(2-) مجلة الدراسات القانونية ، المرجع السابق ، ص 152.
(3-) علالي بن زيان ، المرجع السابق ، ص 18.

 - 39 -
قـاضي الأحداث

       و لقد أشار المشرع الفرنسي في المادة 8/4 من الأمر المؤرخ في 08 فيفري 1945 المعدلة بموجب القانون المؤرخ في 08 فيفري 1995 إلى هذا التدبير (1).
        * تدبير الوضع تحت نظام الإفراج عن الحدث مع وضعه تحت المراقبة:
         يقوم نظام الإفراج تحت المراقبة على أساس علاج الحدث الجانح في بيئته الطبيعية بعيدا عن أسلوب الحجز و تقييد الحرية بشكل صارم، فتمنح له حرية مشروطة تحت إشراف  ورقابة مندوب مختص سواء متطوع أو دائم المنصوص عليه قانونا (2).
فهو تدبير هدفه استبعاد العقوبة و آثارها السيئة في نفس الحدث و يتيح له فرص ممارسة حياته العادية و يوفر له التوجيه و المساعدة من أجل تخطي الصعوبات التي تواجهه ، وبالتالي تـقويم سلوكه المنحرف و إعادة إدماجه في المجتمع.(3).
و في هذا الصدد فإن المشرع ترك مسألة تقدير  تقرير هذا النــظام لقاضي الأحداث ، فنصت المادة 462/ف2 ق.إ.ج على أنه :" ... إذا أثبتت المرافعات إدانة الحــدث فإنه يمكن لقسم الأحداث النص صراحة في حكمه على ذلك ، و الأمر بعد توبيخ الحــدث بوضعه تحت نظام الإفراج المراقب ، إما بصفة مؤقتة أو بصفة نهائية إلى غاية بلوغه سن تسعة عشر (19 ) سنة مع مراعاة أحكام المادة 445 ".
و كذلك أجازت المادة 446/ف2 ق.إ.ج لقاضي الأحداث بوضع الحدث المرتكب لمخالفة نظام الحرية المراقبة ، عندما يحال الملف من محكمة المخالفات .
كما أوجب المشرع على قاضي الأحداث إخطار الحدث ووالديه ووصيه  و الشخص الذي يتولى حضانته و في جميع الأحوال التي يقرر فيها هذا النظام أي نظام الإفراج المراقب بطـبيعته و الغاية منه و الالتزامات التي يستلزمها ، و هذا طبقا للمادة 481/ف1 ق.إ.ج .
وفرض على الوالدين أو الوصي أو متولي الحضانة أو المستخدم أن يبادر بإخطار المــندوب بغير تمهل في حالة وفاة أو مرض أو تغيير محل إقامته ، أو بغير إذن ( المادة 481/ف1 ق.إ.ج ).

-(1)Georges Levasseur , Albert chavanne , Jean Montreuil , Bernard bouloc , O P .cit , P 242.
(2)- انظر المادة 478 من الأمر 66 -155 ، المرجع السابق .
(3) -مجلة الدراسات القانونية ، المرجع السابق ، ص 153.

- 40-
قـاضي الأحداث

و نشير في الأخير إلى أن سياســة الوضع تحت نظام الإفراج المراقب(1)أو الحرية المراقبة كما
يسميها البعض  تقع ضمن مناهج الأمم المتحدة التي قررتها بشأن الأحداث و إصــلاحهم في
المجتمع الدولي ، حيث نصت عليها المادة 18 من قواعد الأمم المتحدة الدنيا النموذجية لإدارة شؤون قضاء الأحداث في العالم. 
        -  الوضع في المؤسسات و المراكز المخصصة لرعاية الطفولة: 
إذا رأى قاضي الأحداث أن الحدث الجانح بحاجة إلى رعاية خاصة ، أمر بوضعه في المؤسسات و المراكز المنصوص عليها في المادة 444 ق.إ.ج و المتمثلة في : 
        - المنظمات و المؤسسات العامة أو الخاصة المعدة للتهذيب أو التكوين المهني المؤهلة لهذا الغرض  
        - المؤسسات الطبية أو الطبية التربوية المؤهلة .
        - المصالح العمومية المكلفة بالمساعدة .
        -المدارس الداخلية الصالحة لإيواء الأحداث المجرمين في سن الدراسة ، لكن يجوز في شأن الحدث الذي يتجاوز عمره الثالثة عشرة أن يتخذ إزاءه تدبير يرمي إلى وضعه في مؤسسـة عامة للتهذيب تحت المراقبة أو التربية الإصلاحية .
      و نشير في هذا الخصوص إلى أن الوضع يتم في الغالب  في المراكز و المصالح المكلفة بحـماية الطفولة و المراهقة التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي ( وزارة الحماية الاجتماعية – سابقا-) التي أحدثت بموجب الأمر رقم 75-64 المؤرخ في 26-09-1975المشار إليه سلفا و المتمـثلة في المراكز التخصصية لإعادة التربية ، و المراكز التخـصصية للحماية  و المراكز المتعددة الخدمات 

(1)-تعود جذور نظام الإفراج المراقب إلى النظم الأنجلوساكسونية منذ زمن ، إذ صدرأول تشريع رسمي في ولاية ماساشوستس في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1878 ، و كان قانون سنة 1897 للمحاكم الجزائية في انجلترا هو الخطوة التشريعية الأولى للأخذ بهذا النظام و بقي مدة من الزمن محتفظا بطبيعته الأنجلو – أمريكية بسبب تبني دول أوروبا لنظام و قف التنفيذ الذي يشترك معه لا سيما في إعطاء المجرم فرصة لإصلاح شأنه في فترة اختبار معينة ، و انتشر بعد ذلك في البلدان الأوروبية و قد دفعها إلى ذلك العيوب التي ينطوي عليها وقف التنفيذ في صورته التقليدية لتجرده من أسلوب الرقابة و المساعدة فعمدت إلى تكملته بالأخذ بالعناصر الجوهرية للاختبار و هي الإشراف و المساعدة " -لمزيد من التفصيل انظر في ذلك : مجلة الدراسات القانونية ، المرجع السابق ، ص 153.


-41-
قـاضي الأحداث



ووقاية الشباب .(1).
و يتعين على قاضي الأحداث تحديد اسم المركز الواجب وضع الحدث فيه و كذا المدينة المتواجد فيها , هذا طبقا للمنشور الوزاري رقم 09 المؤرخ في 11-06- 1974 و المذكرة رقم 719 المؤرخة في 06-06-1974 و حسب المنشور أعلاه ، فإن مدة الوضع في المراكز لا سيما منها المراكز التخصصية محددة بســنتين و هو خلاف ما نصت عليه المادة 444 ق.إ.ج في فقرتها الأخيرة (2) على أنه في جميع الأحوال يتعين أن يكون الحكم بالتدابير المذكورة فيها لمدة معينة لا تتجاوز تاريخ بلوغ القاصر سن الرشد المدني .
      أما فيما يتعلق بإجراءات تحويل الأحداث الصادرة في حقهم تدابير بالوضع ، فبعد النطق بالتدبير يعاد الحدث إذا كان محبوسا بجناح الأحداث بالمؤسسة العقابية إلى حين استيفاءه طرق الــطعن العادية ن و بعدها يخطر مدير المؤسسة العقابية مدير المركز المعين للحدث بذلك ، و الذي يعين مربين اثنين (02) لتحويل الحدث من المؤسسة العقابية إلى مركز الاســتقبال ، مع الإشارة إلى أن مصالح الأمن لا يحق لهم اقتياد الحدث المحكوم عليه بالوضع إلى المركز المحدد و هذا عملا بالمذكرة رقم 09 المؤرخة يوم 16-10-1988 هذا في حالة ما إذا كان الحدث في مؤسسة عقابية ، أما إذا كان غير موقوف فلا يوجد نص يحدد كيفية التحويل إلا أن العادة جرت على أن يتكفل والد الحدث بأخذه مع مستخرج من الحكم القاضي بوضعه في المركز و يسلمه إلى إدارة المركز و أحيانا تتكفل المساعدات الاجتماعيات بهذه المهمة (4).
و يتعين في جميع الأحوال التي يسلم فيها الحدث مؤقتا أو نهائيا لغير أبيه أو أمه أو وصـــيه أو الشـخص غير من كان يتولى حضانته إ إصدار قرار يحدد حصة من مصاريف الرعاية و الإيداع التي تتحملها الأسرة و التي تحصل مثل المصاريف القضائية الجزائية لصالح الخزينة العامة .
و تقوم الجهة المدنية بالإعانات العائلية أو الزيادات أو المساعدة المستحقة للحدث بدفعها في سائر 

(1)- لمزيد من التفصيل أنظر ص  16 من بحثنا هذا. 
(2)- علالي بن زيان ، المرجع السابق ، ص 20.
( (4)- علالي بن زيان ، المرجع السابق ، ص 20.
- 42 –



قـاضي الأحداث 

الأحوال مباشرة إلى الشخص أو المنظمة المكلفة برعاية الحدث أثناء مدة إيداعه ، و إذا ســلم الحدث لمصلحة عمومية مكلفة بإسعاف الطفولة ، فإن حصة المصاريف التي لا تتحملها العائلة من مصاريف الرعاية توضع على عاتق الخزينة العمومية(1).
و نظرا للطابع الحمائي و الإصلاحي للتدابير المشار إليها أعلاه و التي أجاز القانون لقاضـــي الأحداث اتخاذها بشأن الحدث الجانح فإنها قابلة للتعديل و المراجعة كلما اقتضت مصلحة الحدث ذلك و هو الأمر الذي نصت عليه المادة 482 ق.إ.ج ،حيث جاء فيها أنه :" أيا ما تكون الجهة القضائية التي أمرت باتخاذ التدابير المنـصوص عليها في المادة 444 ق.إ.ج فإن هذه التدابير يجوز لقاضي الأحداث تعديلها أو مراجعتها في كل وقت إما بناء على طلب النيابة العامة أو على تقرير المندوب المعين في الإفراج تحت المراقبة و إما من تلقاء نفسه.
غير أنه يتعين على هذا القاضي أن يرفع الأمر لقسم الأحداث إذا كان ثمة محل لاتخاذ تدبير من تدابير الإيداع المنصوص عليها في المادة 444 ق.إ.ج  في شأن الحدث الذي ترك أو سلم لحراسة والديه أو وصيه أو شخص جدير بالثقة " .
و في هذا الخصوص نجد بعض التشريعات نصت على إمكانية تعديل التدابير المتخذة بشأن الحدث الجانح مثل قانون الأحداث اللبناني في المادة 06 منه على أنه " لمحكمة الأحداث بناء على التقارير المرفوعة من المسؤول عن الحدث و من مندوب جمعية الأحداث ، و بعد الاستماع إلى الحدث أن تستبدل التدبير المتخذ بتدبير آخر ، إذا وجدت في الأمر فائدة " 
و نص  قانون الأطفال المصري في المادة 42/ف2 منه على أنه :" اختصــاص قاضي محـكمة الأحداث بالاشراف و الرقابة على تنفيذ الأحكام و القرارات الصــادرة على الحـــدث ،
 و تقدم إليه التقارير المتعلقة بتنفيذ التدابير و نص في المادة 45 منه على أنه للمـحكمة أن تقرر إنهاء التدابير أو تعديل نظامه أو إيداعه ، إذا رأت ذلك مناسبا بعد الاطلاع على التقارير المقدمة إليها  أو بناء على  طلب النيابة العامة أو الحدث أو من له الولاية عليه أو من سلم إليه.(2)
وفي التشريع الفرنسي نصت المادة 20 /ف2 من الأمر 45-174 المؤرخ في 02-02-1945

(1) – انظر المادة 491 من الأمر 66-155 ، المرجع السابق .
(2) -مجلة الدراسات القانونية ، المرجع السابق ، ص 168.
- 43 –


قـاضي الأحداث 

المعدل بالقانون رقم 1198-02 المؤرخ في 09-09-2002 المتعلق بالطفولة المنــحرفة في فرنسا على أنه : " في حالة إدانة الحدث بتدبير حماية أو مساعدة أو تربية ، فإن محكمة الأطفال لها سلطة تعديل أو استبدال التدبير المتخذ لاحقا " (1).
إضافة إلى ما سبق فقد أجاز المشرع الجزائري لكل من الحدث أو عائلته المطالبة بتغيير أو تعديل التدابير السالفة الذكر بحيث نص في المدة 483 ق.إ.ج على أنه :" إذا مضت على تنفيذ حكم صادر بإيداع الحدث خارج أسرته سنة على الأقل ، أجاز لوالديه أو لوصيه تقديم طلب تسليمه أو إرجاعه إلى حضانتهم ، بعد إثبات أهليتهم لتربية الطفل و كذا تحسين سلوكه تحسينا كافيا و يمكن للحدث نفسه أن يطلب رده إلى رعاية والديه  أو وصيه بإثبات تحسين سلوكه و في حالة رفض الطلب لا يجوز تجديده إلا بعد انقضاء ثلاثة أشهر " 
   و يمكن القول من خلال المادة 483 ق.إ.ج أعلاه بأن كل من النيابة و مندوب الحرية المراقبة لا يخضعان في مطالبتهما بمراجعة تعديل التدابير المتخذة من طرف قاضي الأحداث للمهل المقررة في نفس المادة المذكورة.
    و تضيف المادة 484 ق.إ.ج على أن :" العبرة في تطـبيق التدابير الجديدة في حالة التغير أو المراجعة ، بالسن الذي يبلغها الحدث يوم صدور القرار الذي يقضي بهذه التغيرات أو المراجعة .
     و في الأخير نشير إلى المسائل العارضة التي قد تطرأ أثناء تنفيذ التدابير المتخذة من قبل قاضي الأحداث و التي تعتبر ظروف جديدة تجبره على إعادة النظر فيها مثــل ظهور أولياء الحدث و استعدادهم التكفل به بعد أمر قاضي الأحداث بوضعه في مركز للحماية.
     و يؤول الاختصاص المحلي بالفصل في المسائل العارضة و كذا دعاوى تغيير التدابير إما إلى :
- قاضي الأحداث أو قسم الأحداث الذي سبق له أن فصل أصلا في النزاع.
- قاضي الأحداث أو قسم الأحداث الذي يقع بدائرته موطن والدي الحدث أو موطن الشخص صاحب العمل أو المؤسسة أو المنظمة التي سلم الحدث إليها بأمر من القضاء.
- قاضي الأحداث أو قسم الأحداث بالمكان الذي يوجد به الحدث فعلا مودعا أو محبوسا ، و ذلك بتفويض من قاضي الأحداث أو قسم الأحداث الذي فصل أصلا في النزاع .

 (1))- Gaston stefani , Georges Levasseur , Bernard bouloc . OP.cit , P 454.
- 44 -

قـاضي الأحـداث

   و فيما يتعلق بالجنايات فإن قسم الأحداث المختص بمقر المجلس القضائي لا يجوز له أن يفوض اختصاصه إلا لقسم مختص بمقر مجلس قضائي آخر ، و إذا كانت القضية تقتضي الـسرعة جاز لقاضي الأحداث الموجود في المكان الذي يوجد به الحدث مودعا أو محبوسا أن يأمر باتخاذ التدابير المؤقتة (1) ، و أجاز المشرع لقاضي الأحداث إيداع كل شخص تتراوح سنه بين 16 السادسة عشر و الثامنة عشر سنة – اتخذ في حقه أحد التدابير المقررة في المادة 444 ق.إ.ج و إذا تراءى له سوء سيرته و مداومته على عدم المحافظة على النظام و خطورة سلوكه الواضحة و تبـين عدم وجود فائدة من الـتدابير المذكورة سابقا ، بمؤسسة عقابية و ذلك بقرار مسبب إلى أن يبلغ من العمر سنا لا تتجاوز التاسعة عشر سنة و هذا طبقا للمادة 486 ق.إ.ج .
كما أجاز له أيضا أن يقضي في الأحكام الصادرة بخصوص المسائل العارضة أو دعاوى تغيــير التدابير بشمولها بالنفاذ المعجل رغم المعارضة و الاستئناف الذي يمكن رفعه إلى غرفة الأحداث بالمجـلس القضائي و ذلك حسب المادة 488 ق.إ.ج. 
و هذا ما يمكن قوله بخصوص التدابير النهائية و كذا مراجعتها و هي كما رأينا من المهام الموكولة لقاضي الأحداث طبقا للقانون وسنحاول  التطرق في النقطة الموالية إلى العقوبات المقررة لجرائم الأحداث .
        ثانيا : بالنسبة للعقوبات المقررة لجرائم الأحداث:  
إن العقوبات المقررة لجرائم الأحداث تختلف اختلافا كبيرا عن العقوبات المقررة لجرائم البالغين ، بحيث إذا قرر قاضي الأحداث توقيع عقوبة سالبة للحرية في حق الحدث الجانح الذي ثبتت إدانته  و جب عليه الأخذ بعين الاعتبار ما نصت عليه المادة 50 من قانون العقوبات و التي جاء فيها أنه : " إذا قضي بأن يخضع القاصر الذي يبلغ سنه من 13 إلى 18 لحكم جزائي فإن العقوبة التي تصدر عليه تكون كالآتــــي: - إذا كانت العقوبة التي تفرض عليه هي الإعدام أو السجن المؤبد فإنه يحكم عليه بعقوبة الحبس من عشر سنوات إلى عشرين سنة .
- إذا كانت العقوبة هي السجن أو الحبس المؤقت فإنه يحكم عليه بالحبس لمدة تساوي نصف المدة التي كان يتعين الحكم عليه بها إذا كان بالغا."(2).

(1)-انظر المادة 485 من الأمر 66 – 155 ، المرجع السابق .
(2)- عبد العزيز سعد- أجهزة و مؤسسات النظام القضائي الجزائري – المؤسسة الوطنية للكتاب – الجزائر- د ط – 1988.
- 45 -
قــاضي الأحداث

و بالتالي فإن الحكم الصادر من قاضي الأحداث في حق الحدث و المتضمن عقوبة سالبة للحرية إذا أصبح نهائي ، فإن الحدث ينقل أو يحول إلى المركز المختص بإعادة تربية و إدماج الأحـداث طبقا للمادتين 28و 116 من القانون رقم 05/04. المؤرخ في 06 فيفري 2005 المتضــمن قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين التابع لوزارة العدل .
و في هذا المجال نشير إلى أنه لا يجوز لقاضي الأحداث عند تقريره لعقوبة سالبة للحرية أن يعين في حكمه اسم المركز الذي سيقضي فيه الحدث الجانح للعقوبة لان مسألة تحويل المساجين الأحداث من اختصاص وزارة العدل ، و يتم ذلك بإشعار مدير المؤسسة العــقابية المديرية العامة لإدارة السجون و إعادة الإدماج  بوجود حدث محكوم عليه نهائيا في المؤسسة ، هذه الأخـيرة تقوم عن طريق المديرية الفرعية لحماية الأحداث بدراسة الوضـعية الجزائية للحدث و تتخذ في شأنه الإجراءات القانونية اللازمة و هي على النحو الآتـــــي : 
- تحويل الحدث الذي لم يبلغ يعد سن  الرشد الجزائي إلى أحد المراكز لإعـادة تربية و إدماج الأحداث ، إذا كانت العقوبة المتبقية له تزيد عن ثلاثة أشهر .
- أما إذا بلغ الحدث المحكوم عليه نهائيا سن الرشد الجزائي تطلب عرضه على لجنة التأديب و الترتيب بالمؤسسة من أجل تحويله إلى الجناح المخصص للشباب دون السابعةو العشرين من عمرهم ، ذلك تطبيقا للمذكرة رقم 247 المؤرخة في 05-06-1989) (3)  
إلى جانب العقوبات السالبة للحرية التي يجوز لقاضي الأحداث توقيعها على الحدث فإنه توجد عقوبات أخرى لا سيما منها الغرامة و التوبيخ ، وفي هذا المعنى نصت المادة 445 ق.إ.ج على أنه :" يجوز لجهة الحكم وبصفة استثنائية بالنسبة للأحداث البالغين من العمر أكثر من ثلاثة عشرة سنة أن تستبدل أو تستكمل التدابير المنصوص عليها في المادة 444 بعقوبة الغرامة " بشرط أن يكون ذلك بقرار مسبب و طبقا للمادة 446 من ق.إ.ج فإنه يجوز لمحكمة المخالفات الناظرة في 

(1)- مراكز إعادة تربية و إدماج الأحداث كانت تسمى مراكز إعادة تأهيل الأحداث طبقا للأمر 72-02 الملغى بموجب القانون 05-04 المشار إليه أعلاه.
(2)- المديرية العامة لإدارة السجون و إعادة الإدماج كان يطلق عليها تسمية : المديرية العامة لإدارة السجون و إعادة التربية ، و استبدلت تسميتها على النحو المشار إليه أعلاه بموجب المرسوم رقم 04-333 المؤرخ في 24-02-2004.
- 46 -


قـاضي الأحداث

المخالفات المرتكبة من الأحداث أن تقضي إذا كانت المخالفة ثابتة بمجرد التوبيخ البسيط للحدث 
و بعقوبة الغرامة المنصوص عليها قانونا لا سيما المادة 51 من قانــون العقوبات ، و لم يجز لها القانون أيضا سوى توبيخ الحدث البالغ من العمر ثلاثة عشر سنة.
و في هذا الصدد أيضا نصت المادة 49 من قانون العقوبات على أنه : " لا توقع على القاصر الذي لم يكمل الثالثة عشر إلا تدابير الحماية أو التربية ، و مع ذلك فإنه في مواد المخالفات لا يكون محلا إلا للتوبيخ ." 
    و بعد أن تناولنا مختلف المهام التي لها طابع قضائي و التي يتخذها قاضي الأحداث سواء عند التحقيق أو المحاكمة بخصوص الأحداث الجانحين ، فإن هناك طائفة أخرى من الأحداث لم يدخلوا ضمن دائرة الإجرام و لكنهم في خطر معنوي يهدد بانحرافهم الأمر الذي يجعل التدابير المتخذة بشأنهم تهدف أساسا إلى وقايتهم و منـعهم من الوقوع في الإجرام و تقويم سلوكهم و كفالتهم بالعناية اللازمة لذلك ، و هذا ما يدخل ضمن المهام التربوية و الوقائية لقاضي الأحداث الذي من أجل قيامه بهذه المهام يمارس العديد من الصلاحيات الإدارية لذلك سنتناول في المبحث الموالي أولا المهام الوقائية التربوية لنفرد المطلب الثاني لمختلف الصلاحيات الإدارية لقاضي الأحداث.
المبحــث الثانـــي 
المهـــام الوقائيـــة و الإداريــة لقاضــي الأحـــداث
رأت غالبية الدول وجوب التوسيع من مهام و نشاط محاكم الأحداث بحيث لا تقتصر مهمتها على الجوانب العلاجية فحسب و إنما تمتد لتشمل الجوانب الوقائية ، باعتبارها مؤســـسات اجتماعية لرعاية الطفولة .
و قد عمدت في تشريعاتها إلى تحديد الأحوال التي يمكن لمحكمة الأحداث النظر في قضية الحدث و هي ليست بالضرورة أفعالا مخالفة للقانون ، بل تتحقق بمجرد تواجد الحدث في وضع يهدده بخطر الجنوح أو يهدد مستقبله أو تربيته.(1)
وهي الحالات التي يطلق عليها في التشريع المصري بالخطورة الاجتماعية أو التعرض للانحراف (2)

(1)-  محمد عبد القادر قواسمية ، المرجع السابق ، ص 230.
(2) - د / جلال ثروت – نظم الإجراءات الجنائية ، دار الجامعة الجديدة للنشر ، 1997 ، ص 548.
- 47-

قـاضي الأحداث

)(1)L’enfance en danger moral و يطلق عليها في فرنسا بـ (
و يقابلها في التشريع الجزائري : حالات الخطر المعنوي الذي يهدد الأحداث "
و هي بمقتضى الأمر رقم 72-03 المؤرخ في 10-02-1972 المتعلق بحماية الطفولة و المراهقة ثم معالجة مختلف الحالات الوقائية للحدث في خطر معنوي و منح الاختــصاص في ذلك لمحاكم الأحداث التي تمارس دورا تربويا حمائيا بخصوص هذه الفئة و التي يرأسها قاضي الأحداث ، هذا الأخير يمارس بمناسبة هذه التدابير العـديد من الصلاحيات الوقائية التربويـة بالإضافــة إلى صلاحياته الإدارية  بوجه عام التي تهم قضــاء الأحداث كزيارة مراكــز الأحداث و كـذا الإشـــراف على المصالح المكلفة بحماية و رعاية الأحداث ، وتبعا لذلك سنتطرق إلى مختلف المـهام الوقائية لقاضي الأحداث في المطلب الأول لنفرد المطلب الموالي للصلاحيات الإداريــة لقضاة الأحداث.
المطلـــب الأول
المهـــام الوقائيـــة لقاضـــي الأحــداث
     نصت المادة الأولى من الأمر رقم 72-03 المؤرخ في 10-02-1972 بحماية الــطفولة و المراهقة على أن :" القصر الذيـن لم يكملوا الواحـد و العشرين عاما و تكـون  صحتهـم و أخلاقهم أو تربيتهم عرضة للخطر أو يكون وضع حياتهم أو سلوكهم مضرا بمستقبلهم ، يمكن إخضاعهم لتدابير الحماية.و المساعدة التربوية ضمن الشروط المنصوص عليها في المواد الواردة بعده"(2).
    و بالنظر إلى هذه المادة هناك عــدة حالات لتدخل قاضي الأحــداث من أجل وقاية 

(1) Jean larguier , procédure pénale , Dalloz , momentos, 18 eme édition .P .50.
(2) - يعتبر الطفل معرضا للانحراف ، طبقا للمادة 96 من قانون الطفل المصري رقم 12-1996 إذا كان في حالة من الحالات التالية : " – إذا وجد متسولا – إذا مارس جمع أعقاب السجائر أو غيرها من الفضلات – إذا قام بأعمال تتصل بالدعارة أو الفسق أو بفساد الأخلاق أو القمار أو المخدرات – إذا لم يكن له محل إقامة مستقر أو كان يبيت عادة في الطرقات – إذا خالط المعرضين للانحراف أو المشتبه فيهم – إذا اعتاد الهروب من معاهد التعليم أو التدريب – إذا كان سيئ السلوك و مارقا من سلطة أبية أو وليه أو وصيه أو من سلطة أمه في حالة وفاة وليه أو غيابه أو عدم أهليته و لا يجوز في هذه الحالة اتخاذ أي إجراء قبل الطفل و لو كان من إجراءات الاستدلال إلا بناء على إذن من أبيه أو وصيه أو بحسب الأحوال – إذا لم يكن له وسيلة مشروعة للتعيش أو عائل مؤتمن ." . لمزيد من التفصيل انظر في ذلك - الدكتور – جلال ثروت – المرجع السابق ، ص 1997.

-48 -

قـاضي الأحداث

الأحداث في خطر معنوي و اتخاذ عدة تدابير حمائية لمساعدة الحدث و تأهيله اجتماعيا و هذه الحالات هي وجود صحة الحدث أو خلقه أو تربيته في خطر يهدد بالإضرار به أو انحرافه و هو
الأمر الذي قد يرتب عنه وقوع الحدث في دائرة الجنوح ، وعليه فإن هذه التدابير تتخذ طابع
وقائي تربوي أكثر منه جزائي ردعي و تمر بمرحلة التحقيق حول الظروف التي من شأنها أن تخلق أحد الحالات الخطيرة المنوه عنها ، و مرحلة إصدار حكم يقضي بتدبير وقائي ملائم حسب الحالة لذلك سنتناول في الفرع الأول المهام المتعلقة بالتحقيق مع الحدث في خطر معنوي و في الفرع الثاني الحكم القاضي بالتدابير .
الفـــرع الأول
التحقيــق مــع الحــدث فـي خطـر  معنــوي 
التحقيق مع الحدث في خطر معنوي نظمه الأمر 72-03 المتعلق بحماية الطــفولة و المراهقة 
لا سيما  في مواده من 3 إلى 7 ، لكن و قبل التطرق إلى كيفية التــحقيق مع هذه الفـئة من الأحداث ، نشير إلى طرق اتصال قاضي الأحداث بملف هؤلاء ، حيث خول المــشرع لكل من والد الحدث أو والدته أو الشخص الذي أســنـدت له حق الحضانة ، الولي و كيل الجمهورية ، رئيس المجلس الشعبي البلدي لمكان إقامة الحدث ، و المندوبـين المختصين بالإفراج المراقب ، الحق في إخطار قاضي الأحداث و ذلك بواسطة عرائض تخص كل حالة يوجد فيـها حدث في خطر معنوي ، كما أجاز له التدخل تلقائيا و النظر في مثل هذه الحالات أي بقوة القانون ، و ذلك بفتح ملف للحدث في خطر معنوي شريطة إخطاره لوكيل الجمهورية و هو ما نصت عليه المادة 02 من الأمر المذكور أعلاه(1).
و بعد اتصال قاضي الأحداث بقضية الحدث في خطر معنوي لا سيما استلامه للعرائض المقدمة من الجهات المذكورة في المادة 2 ، فإنه يقوم بقيدها في سجل خاص يسمى: سجل الأحداث في خطر معنوي ، ثم يخبر والدي الحدث أو ولي أمره ، إذا لم يكونوا مدعيين و إن اقتضى الحال 


(1- يلاحظ في المادة 02 أعلاه بأن الشرطة ليس لها حق إخطار قاضي الأحداث فيما يتعلق بالأحداث في خطر معنوي .

 - 49 -

قـاضي الأحداث

القاصر كذلك و عند حضور هؤلاء يقوم باستفسارهم عن موضوع العريضة ، ويسجل آراءهم بالنسبة لوضعية ابنهم الحدث و كذا حول مســـــتقبله ، و هذا حسب المادة 3 من الأمر
 72-03(1).
إضافة إلى أن المشرع أجاز اختيار محامي سواء من الحدث المعني أو والديه أو ولي أمره ، أو أن يقدموا طلب إلى قاضي الأحداث بتعيين له مستشار بصفة تلقائية شريطة أن يتم التعيين خلال 08 أيام من تقديم الطلب و هذا طبقا للمادة 7 من الأمر السالف الذكر (2).
ثم يقوم قاضي الأحداث بدراسة عميقة لشخصية الحدث و يكون ذلك عن طريق إجراء تحقيق اجتماعي و يتناول فيه ماضي القاصر من أصوله و بيئاته المتعاقبة ، لا سيما ما كان منها غير متفق مع سير الأمور العادي في حياة الإنسان  و يستوي في هذا أن تكون تلك الظروف أو الأحداث قد مرت به شخصيا أو صادفت أحد أفراد عائلته أو عبرت حياته بصورة عارضة و تركت فيه أثرا ما .
و يلجأ قاضي الأحداث أيضا إلى إجراء فحوصات طبية أو نفسانية أو عقلية حيث يرتكز الفحص النفسي على المواد و الاختبارات ، فليس الهدف تقدير المستويات و اتجاه القيم فقط و إنما للتأكد أيضا من معطيات التحقيق الاجتماعي في انحطاط العلاقات داخل الخلية العائلية و للتمســـك بالعوامل الايجابية لتربية الطفل داخل أو خارج الوسط العائلي عند الضرورة بعيدا أو قريـبا من فرد أو آخر من الأسرة .
أما عن الفحص العقلي فإنه يمكن كشف التلــف العقلي المحتمل لدى الحدث و يمكن من تقييم مدى الصـعوبات الإضافية داخل العائلة و التحقيق من تقديرات البحث الاجتماعي و التحليل النفسي و ذلك بهدف الوصول إلى اقتراح حل ملموس يأخذ بعين الاعتبار كل ما سبق وقوعه للحدث (3) ، و هو ما نصت عليه المادة (4) من الأمر 72-03 الســالف الذكر حيث جاء
 فيها : " يتولى قاضي الأحداث دراسة شخصية القاصر لا سيما بواسطة التحقيق الاجــتماعي 

(1) -مدونة النصوص التشريعية و التنظيمية الخاصة بالاطفال. ص 77.
(2)- الملاحظة أن حضور المحامي إلى جانب الحدث في خطر معنوي أثناء التحقيق معه أمر جوازي خلافا لما هو عليه الحال بالنسبة للحدث الجانح و جوبي.
(3) – الدكتور عبد القادر قواسمية ، المرجع السابق ، ص 232.
- 50 -
قـاضي الأحداث

و الفحوص الطبية و الطب العقلي و النفساني و مراقبة السلوك ثم بواسطة فحص التوجيه المهني إذا كان له حمل"
       و الغرض من دراسة شخصية الحدث هو تـسهيل مهمة القاضي من أجل اتخاذ التدبير 
المناسب لفائدته.
        إلا أن هذا الإجراء جوازي لقاضي الأحداث يمكن الاستغناء عنه و ذلك إذا توافرت لديه العناصر  الكافية للتقدير لا سيما منها أثناء سماع الوالديـن و القاصر و هو ما أشارت إليه المادة 4/2 من الأمر 72-03 بنصها :"... و يمكنه مع ذلك إذا توافرت لديه عـناصر التقدير الكافية أن يصرف النظر عن جميع هذه التدابير و أن لا يأمر إلا ببعض منها ."
      و يجوز لقاضي الأحداث أثناء التحقيق مع الحدث في خطر معنوي أن يتخذ بشأنه تدابير  مؤقتة و هي على نوعين: 
      أولا : تدابير الحراسة : نصت عليها المادة 05 من الأمر 72-03 التي جاء فيها أنه : " يجوز لقاضي الأحداث أثناء التحقيق ، أن يتخذ فيهما يخص القاصر و بموجب أمر بالحراسة المؤقتة التدابير التالية : 
- إبقاء القاصر في عائلته .
- إعادة القاصر لوالده أو لوالدته الذان لا يمارسان حق الحضانة عليه بشرط أن يكون هذا الحق غير ساقط عن من يعاد إليه القاصر .
- تسليم القاصر إلى أحد أقربائه الآخرين طبقا لكيفيات أيلولة حق الحضانة.
- تسليم القاصر إلى شخص موثوق به.
       و يجوز أن يكلف مصلحة المراقبة أو التربية أو إعادة التربية في بيئة مفتوحة بملاحظة القاصر في وسطه العائلي أو المدرسي أو المهني عند الاقتضاء و ذلك عندما تتخذ بحق القاصر تدابير الحراسة المؤقتة المنصوص عليها أعلاه ."
      ثانيا : تدابير الوضع: منصوص عليها في المادة 6 من نفس الأمر حيث جاء فيها أنه " يجوز لقاضي الأحداث أن يأمر زيادة عما تقدم بصفة مؤقتة إلحاق القاصر بـ: 
- مركز للإيواء .
- مصلحة مكلفة بمساعدة الطفولة .
- مصلحة أو معهد للتربية أو التكوين المهني أو العلاج "
- 51 -
قـاضي الأحداث

    و تجدر الإشارة فيما يتعلق بالتدابير السالفة الذكر أنه يجوز له أيضا و في أي وقت التراجع عنها أو تعديلها تلقائيا أو بطلب من الحدث نفسه أو والديه أو ولي أمره أو وكيل الجمهورية ، و هنا أوجب المشرع على قاضي الأحداث البت في هذا الطلب المقدم من الجهات المذكورة وجوبا خلال مهلة شهر تلي تقديم الطلب و هو ما نصت عليه المادة 08 من الأمر الســـالف الذكر ( 72-03) (1).
و يقوم قاضي الأحداث بعد غلق التحقيق بإرسال ملف القضية إلى السيد وكيل الجمــهورية للاطلاع عليه ، ثم استدعاء القاصر ووالديه أو ولي أمر ه بموجب رسالة موصى عليها مع طلب علم الوصول ، و ذلك قبل 08 أيام من النظر في القضية و هو ما يجرنا إلى معالجة المرحلة الثانية التي تلي التحقيق في قضايا الأحداث في خطر معنوي و التي فيها يصل قاضي الأحداث إلى حل نهائي بخصوص القضايا المعروضة عليه ، و يفصل فيها بموجب حكم ، و ذلك في الفرع الآتي: 
الفــــرع الثانــــي 
جلسة الحكم مع الحدث في خطر معنوي
 أشرنا سلفا إلى أن قاضي الأحداث بعد قفله للتحقيق بشأن الحدث في خطر معنوي يقوم بإرسال الملف إلى السيد وكيل الجمهورية للاطلاع عليه و إبداء طلباته بخصوصه، إضافة إلى استدعائه للقاصر ووالديه أو ولي أمره ، ثمانية أيام قبل النظر في القضية ، و يعلم بذلك مستشار الحدث.
و في اليوم المحدد للنظر في القضية فإن الجلسة تتم في غرفة المشورة برئاسة قاضي الأحداث
 و دون حضور المساعدين و يحضر فيها الحدث المعني و والديه أو ولي أمره و المحامي إن وجد و الذين يستمع إليهم من قبل قاضي الأحداث هذا الأخير له الحق أيضا في الاستماع إلى أي شخص يرى شهادته حول القضية ضرورية من أجل الوصول إلى الحل الأنسب و الذي يخدم مصـلحة الحدث .
كما يمكن لقاضي الأحداث أيضا إعفاء الحدث من حضور الجلــسة كلما دعت الضرورة و مصلحة القاصر لذلك ، و أن يأمر بانسحاب هذا الأخير من مكتب غرفته أثناء كل المناقشات أو 
بعضها ، و يحاول استمالة عائلة الحدث بغرض الموافقة على التدبير الذي سيتخذه ، و هذا كله


(1)-مدونة النصوص التشريعية و التنظيمية ، المرجع السابق ، ص 77.
- 52-
قـاضي الأحداث

طبقا للمادة 9 من الأمر 72-03 السالف الذكر (1).
و للفصل في قضية الحدث في خطر معنوي فإن قاضي الأحداث مكنه المشرع من  اتخاذ تدبير أو أكثر من تدابير الحماية و الوقاية لفائدة الحدث و ذلك بصفة نهائية و يكون ذلك بموجب حكم يصدره في غرفة المشورة و هذه التدابير التي يمكن تقريرها تتمثل في : 
      أولا : تدابيـــر الحراســــة:  
هذه الأخيرة نصت عليها المادة 10 من الأمر 72-03 المشار إليه أعلاه و هي كالآتي:
-إبقاء القاصر في عائلته.
- إعادة القاصر لوالده أو لوالديه الذين لا يمارسان حق الحضانة عليه بشرط أن يكون هذا الحق غير ساقط عمن يعاد إليه القاصر .
- تسليم القاصر إلى أحد أقربائه الآخرين طبقا لكيفيات أيلولة حق الحضانة.
- تسليم القاصر إلى شخص موثوق به.
و في جميع الأحوال يمكن لقاضي الأحداث أن يكلف مصلحة المراقبة أو التربية أو إعادة التربية في بيئة مفتوحة ، بملاحظة القاصر و تقديم كل الحماية له و كذلك المــساعدة الضرورية لتربيته و تكوينه و صحته"
      ثانيــــا : تدابيـــــر الوضــــع :
و هي المنصوص عليها في المادة 11 من نفس الأمر
حيث يجوز لقاضي الأحداث زيادة لما ذكر في المادة 10 أعلاه تقرير بصفة نهائية إلحاق الحدث
 إما بــ:
- مركز للإيواء أو المراقبة.
- مصلحة مكلفة بمساعدة الطفولة .
- بمؤسسة أو معهد للتربية أو التكوين المهني أو العلاج" (2).
و في هذا الصدد نشير إلى أن مراكز الإيواء أو المراقبة المنصوص عليها في مواد الأمر 72-03 

(1)، (2) -  مدونة النصوص التشريعية و التنظيمية ، المرجع السابق ، ص 78.

- 53-

قـاضي الأحداث

 المذكور أعلاه يفهم منها المراكز المكلفة برعاية الشباب و الطفولة المنصوص عليها في الأمر رقم 75-64 المؤرخ في 26-09-1975 المتضمن إحداث المؤسسات و المصالح المكلفة بحماية الطفولة و المراهقة 
     أما المصالح المكلفة بمساعدة الطفولة فيفهم منها ، المراكز المخصصة للأطفال المسعفين طبقا للمرسوم رقم 87-260 المؤرخ في 1-12-1987 المتضمن إنشاء دور الأطفال المسعفين.
و التدابير المشار إليها سلفا في المادتين 10 و 11 يجب أن تكون في كل الأحوال مقررة لمدة محدودة لا تتجاوز تاريخ إدراك القاصر تمام الحادية و العشرين عاما .
و يجوز في كل حين لقاضي الأحداث الذي نظر في القضية أولا ، أن يعدل حكمه بصفة تلقائية أو بناء على طلب القاصر أو والديه أو ولي أمره ، و في هذه الحالة الأخيرة وجب عليه النظر فيها خلال الثلاثة الأشهر الموالية لإيداع الطلب و لا يجوز للقاصر أو والديه أو ولي أمره تقديم إلا عريضة واحدة في العام بخصوص التعديل طبقا للمادتين 12 و 13 من نفس الأمر إضافة إلى ما سبق فإن الحكم الذي يصدره قاضي الأحداث بخصوص الحدث الذي وجد في خطر معنوي أوجب القانون تبليغه إلى والدي القاصر أو ولي أمره خلال 48 ساعة من صدوره بواسطة رسالة موصى عليها مع العلم بالوصول ، و هو حكم غير قابل لأي طريق من طرق الطعن حسب المادة 14 من الأمر 72-03(3).
و خلاصة هذا المطلب هو أنه مهما كانت حالات الخطر المعنوي أو التعرض للانحراف السالفة الذكر طبقا للمادة 1 من الأمر 72-03 المتعلق بحماية الطفولة و المراهقة خطيرة إلا أن التدابير المتخذة من قاضي الأحداث لمواجهتها مجردة من الطابع الجزائي و يطغى عليها الطابع الوقائي و الحمائي التربوي حيث تقتصر أساس على التسليم إلى من يكون أهلا لرعاية الحدث و كذا العانية به سواء كان شخصا أو مؤسسة تربوية،و إلى جانب هذا الدور الوقائي و التـــربوي و كذا القضائي المنوط بقاضي الأحداث توجد له مهام إدارية يقوم بها و هوما ســـنتناوله في المطلب الآتـــي:
 (3-)مدونة النصوص التشريعية و التنظيمية الخاصة بالأطفال ، المرجع السابق ، ص 79.
54--





قـاضي الأحداث

المطلـــب الثانــــي
المهـــام الإداريــة لقاضــي الأحــداث.
       إن دور قاضي الأحداث لا ينتهي بإصدار الأحكام على الأحداث الجانحين منهم و الذين في خطر  معنوي مثلما أسلفنا و إنما يتعداه إلى الإشراف على تنفيذ التدابير الحمائية و التربوية و كذا العقوبات السالبة للحرية ، لذلك أعطاه القانون مجموعة من الصلاحيات لم تعطى لغيره من قضاة الحكم و الذين يقتصر دورهم على إصدار الأحكام ، و لا يتعداه إلى التنفيذ الذي تتولاه جهات و هيئات أخرى كالنيابة العامة و رئاسة المحكمة و أعوان التنــفيذ لذلك فإن قاضي الأحداث يترأس اللجان التربوية المكلفة برعاية الأحداث على مستوى المراكز التابعة لوزارة العــدل أو التابعة لوزارة التضامن (الحماية الاجتماعية) ، بالإضافة إلى الصلاحيات المتعددة و المتعلقة بزيارة مؤسسات و مراكز الأحداث (1) ، و كل هذا يندرج ضمن العـمل الإداري لقاضي الأحداث .
لذلك ارتأينا تقسيم مجمل صلاحيات قاضي الأحــداث إلى فرعين نفرد الأول لزيارة و إشراف قاضي الأحداث على مراكز و مصالح الأحــــداث،و الثاني لرئاسة لجان رعاية الأحداث .
الفــــرع الأول
الزيـــارة و الإشــراف على مصــالح  و مراكــز الأحــداث.
    أجاز القانون لقاضي الأحداث القيام بزيارات و تفتيــشات للمراكز المخصصة لاستقبال الأحداث و إعداد تقارير عن ذلك و منحه سلطة الإشراف على المصالح المكلفة برعاية الأحداث و ذلك من خلال عمل مندوبيها تحت إمرته و مسؤوليته و التقارير الواجب رفعها إليه من طرفهم و عليه سنتناول هذا النوع في نقطتين كالآتـــي:
        أولا - زيارة مراكز ومؤسسات الأحداث:     
       نصت المادة 33 من قانون رقم 05/04 المؤرخ في 06-02-2005 المتضمن قانون السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين أنه : " تخضع المؤسسات العقابية و المراكز المتخصصة للنساء و المراكز المتخصصة للأحداث إلى مراقبة دورية يقوم بها قضاة كل في مجال اختصاصه : وكيل الجمهورية ، قاضي الأحداث ، قاضي التحقيق ، مرة في الشهر على الأقل .

(1)-مرشد المتعامل مع القضاء ، المرجع السابق،ص134
- 55 -

قـاضي الأحداث

- رئيس غرفة الاتهام : مرة كل ثلاثة (03) أشهر على الأقل ..." 
    و من خلال المادة أعلاه فإن قاضي الأحداث عليه أن يقوم بزيارة المراكز و المؤسسات التي وضع فيها الأحداث بصفة نهائية أو مؤقتة و ذلك بصفة دورية مرة كل شهر .
و المراكز و المؤسسات المقصودة في المادة 33 هي تلك التابعة لوزارة العدل و المتمثلة في مراكز إعادة تربية و إدماج الأحداث التي كان يطلق عليها مراكز إعادة تأهيل الأحداث (1) و كذا الأجنحة الخاصة بالأحداث بالمؤسسات العقابية .
     أما زيارة قاضي الأحداث للمراكز التابعة لوزارة التضامن ( الحماية الاجتماعية ) تحكمها المادة 18 من الأمر 72-03 التي نصت على أنه : "يجوز للمستشارين المنتدبين لحماية القصر و كذلك لقاضي الأحداث ، أن يقوموا في أي وقت كان بتفتيش المؤسسات المنــصوص عليه في المادتين 6 و 11 من هذا الأمر و الواقعة في دائرة اختصاصهم."(2)، إذ يجب أن تشمل الزيارات أو التفتيشات التي يقوم بها قاضي الأحداث لمراكز إعادة التربية و إدماج الأحداث و كـــذا الأجنحة الخاصة بالمؤسسات العقابية طبقا للمذكرة رقم 271 المؤرخة في 25-10-1987 على المسائل التاليـــــة : 
رقابة دقيقة لوسائل الأمن.-
-إنجاز الموظفين لخدمتهم و الحضور الدائم للمسئولين .
-مراقبة وضعية الأحداث الموجودين في المؤسسة.
-لاستماع إلى الأحداث الذين لهم مطالب معينة.
-مراقبة الدفتر المعد لمكتب الأحداث .
-البحث عن النظم الصحية و الغذائية الجاري العمل بها .
و بعد كل مراقبة لا بد على قاضي الأحداث من تسجيل ملاحظاته الأولية على سجل الزيارات الخاص بالمراكز أوالمؤسسة المعنية و يحرر تقرير مفصل عن الزيارة يبين فيه جميع الملاحـــظات 

(1)- انظر المادتين 29 و 121 من الأمر رقم 72 .02 المؤرخ في 10-02-1972 المتضمن قانون تنظيم السجون و إعادة تربية المساجين الملغى بموجب القانون رقم 05-04 المشار إليه أعلاه .
(2)- المراكز التابعة لوزارة التضامن ( الحماية الاجتماعية) تتمثل في المراكز التخصصية للحماية و المراكز التخصصية لإعادة التريبة و المراكز المتعددة الخدمات لوقاية الشبيبة المحدثة بموجب الأمر رقم 75-64 المؤرخ في 26-09-1975 .

- 56 -
قـاضي الأحداث

و الانتقادات و الاقتراحات ، ويرسل إلى المديرية العامة لإدارة الــسجون و إعادة الإدماج الاجتماعي  لتتخذ ما تراه مناسبا من إجراءات لفائدة الحدث.
   و بخصوص زيارة و تفتيش المراكز التابعة لوزارة التضامن و الحماية الاجتماعية فإنها لا بد أن تشمل جميع الجوانب المتعلقة بإعادة التربية سيما  منها توفر شروط النظافة ، الصحة، الأمن، الغذاء ، الكسوة، و كذا تطبيق البرامج التعليمية و التكوينية إضافة إلى النشاطات الثقافية و التربية و الرياضية و كذا تفقد قاعات الأكل ، الصيدلة ، المراقد ، الحمام و كل المرافق الأخرى الموجودة بهذه المراكز كالمصلحة الاجتماعية ، حتى يتمكن قاضي الأحداث من معرفة نشاطها و زيارة الأولياء لأبنائهم و مدى تطور سلوك الأحداث بالمركز.
     و بعد الانتهاء من الزيارة يحرر تقرير يرسله إلى المديرية العامة لإدارة السجون و إعادة الإدماج لتكون على اطلاع بكل حالة من شانها عرقلة عملية إعادة التربية .(2)
ثانيــا :  الإشراف على مصالح الملاحظة و التربية في الوسط المفتوح
    نص الأمر 75-64 المؤرخ في 26-09-1975 المتضمن إحداث المؤسسات و المصالح المكلفة بحماية الطفولة و المراهقة على هذه المصالح و ذلك في مواده من 19 إلى 24 ، وهي مصالح تأخذ على عاتقها الأحداث الموضوعين تحت نظام الحرية المراقبة و تقوم بمهامها على النحو الذي أشرنا إليه سلفا في الفصل الأول من هذا البحث تحت إشراف قاضي الأحداث ، حيث يقوم المندوبون و المربون العاملون  بها ، بمهمة مراقبة الأحداث و إعادة تربيتهم ، و يكون ذلك بالاطلاع على الظروف المادية و الأدبية لحياة الحدث و صحته ، و تربيته و عمله و حسن استغلاله لأوقات فراغه و كذا الانتقال إلى مختلف الأماكن التي يتردد عليها الحدث كالمدرسة ، الشارع ، الملاعب ، المنـــزل ... الخ.
   و تحرر هذه المصالح تقارير دورية كل ثلاثة أشهر عن مهمتهم و عن تطور سلوك الحدث و مدى استقامته و ترسلها إلى قاضي الأحداث .
إضافة إلى التقارير التي ترسلها إلى هذا الأخير في كل مرة و في الحال إذا ساء سلوك الحدث أو   
تعرضه لضرر أدبي و كذا حالة حدوث عراقيل أو حواجز تمنع المندوب نفسه من تأدية مهامه و

 (2)- محاضرات الأستاذة صخري امباركة ، الملقاة على الطلبة القضاة – الدفعة 15 . 2004 -2005.
-57 –


قـاضي الأحداث

بصفة عامة كلما تعلق بحادثة أو حالة تستوجب تعديل التــــدبير المتخذ بشأن الحدث
 (م 478ق.إ.ج ) ،إلى جانب التقارير النهائية المتعلقة بنتائج الفحوصات الإجمالية بخصوص شخصية الأحداث التي تعدها و ترسلها إلى قاضي الأحداث عند انتهاء التدابير المتخذة في شأنهم ناهيك عن البحوث الاجتماعية و الفحوص الطبية و النفسية التي يطلب قاضي الأحداث من هذه المصالح إعدادها بشأن الأحداث الموضوعين على عاتقها و ذلك بهدف تمكينه من تقرير و اتخاذ تدبير نهائي مناسب للحدث بقصد إعادة إدماجه في الوسط الاجتماعي. (1)
الفــــرع الثانـــي :
رئاســـة اللجــــــان التربويــــة
      تدعيما للدور التربوي لقاضي الأحداث فلقد خول القانون صلاحية رئاسة اللجان التربوية التي تنشأ بالمراكز و المؤسسات الخاصة بالأحداث و هذه اللجان تتمثل في : 
لجنة إعادة التربية بمراكز إعادة تربية و إدماج الأحداث  التابعة لوزارة العدل .
  - لجنة العمل التربوي المشكلة في المراكز التابعة لوزارة التضامن المحدثة بموجب الأمر 75-64
أولا - لجنـــة إعـــادة التربيـــة: (2) نصت عليها المادة 126 من قانون رقم 04-05 المؤرخ في 06-02-2005 المتضمن تنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجــــتماعي للمحبوسين ، حيث جاء فيها : " تحدث في كل مركز لإعادة التربيــة و إدماج الأحداث و المؤسسات العقابية المهيأة في جناح الاستقبال الأحداث لجنة لإعادة التربية يرأسها قاضـــي الأحداث و تتشكل من عضوية :
- مدير مركز إعادة التربية و إدماج الأحداث أو مدير المؤسسة العقابية – الطبيب – المتخصص في علم النفس – المربي – ممثل الوالي – رئيس المجلس الشعبي البلدي أو ممثله .
 يمكن للجنة إعادة التربية أن تستعين بأي شخص من شأنه أن يفيدها في أداء مهامها " 

(1) -علالي بن زيان – المرجع السابق ، ص 41.
(2) -يعين رئيس لجنة إعادة التربية ( قاضي الأحداث) بقرار من وزير العدل حافظ الأختام لمدة 03 سنوات قابلة للتجديد بناء على اقتراح من رئيس المجلس القضائي المختص (م 127 من القانون 05-04 المتضمن تنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين .


-58 -
قـاضي الأحداث

و تختص هذه اللجنة : بإعداد برامج التعليم وفقا للبرامج الوطنية المعتمدة – إعداد البرامــج السنوية لمحو الأمية و التكوين المهني .
- تقييم تنفيذ و تطبيق برامج إعادة التربية و إعادة الإدماج الاجتماعي و هذا طبقا للمادة 128 من نفس القانون المذكور أعلاه.اضافة إلى إبدائها لرأيها في حالات عدة منها :  عندما يقرر مدير المركز أو المؤسسة العقابية اتخاذ تدبير تأديبي ضد الحدث من التدابير المنــصوص عليها في المادة 121 من نفس القانون- عندما يقرر مدير المركز منح إجازات أو رخص لقضاء الأعياد الرسمية و الدينية للأحداث عند عائلتهم أو بإحدى المخيمات الصيفية أو مراكز الترفيه- في حالة مرض الحدث المحبوس أو وضعه في المستشفى أو هروبه أو وفاته هذا حسب المادتين 124 و 125 من نفس القانون 05-04 و تنعقد هذه اللجنة مرة كل شهر بدعوة من رئيسها( قاضي الأحداث) طبقا للمذكرة الوزارية رقم 235 المؤرخة في 19-10-1987.
ثانيا - لجنة العمل التربوي : نصت عليها المادة 1من الأمر رقم 72-03 المتعلق بحماية الطفولة و المراهقة حيث جاء فيها: " تنشأ لدى كل مركز اختصاصي و دار للإيواء لجنة عمل تربــوي تكلف بالسهر على تطبيق برامج معاملة القصر و تربيتهم و يجوز لهذه اللجنة المكــلفة كذلك بدراسة تطور كل قاصر موضوع في المؤسسة أن تقترح في كل حين على قاضي الأحداث إعادة النظر في التدابير التي سبق له اتخاذها ". (2)
من خلال المادة 16 السابقة الذكر ، نقول بأن لجنة العمل التربوي تتكفل بمتابعة تطور المعاملات التربوية المبرمجة و المطبقة على الأحداث .واقتراح إعادة النظر في تدابير الوضع على قاضي الأحداث وتسهر على حسن تطبيق القوانين و الأنظمة الخاصة بسير المراكز لاســـيما الأمر 

 (2)- لا يفهم من المادة 16 أنه يمكن للجنة العمل التربوي رفع الوضع عن الحدث أو تخفيض أو تمديد مدته أو تسليمه إلى والديه أو إلى شخص جدير بالثقة و إنما اختصاص ذلك يؤول لقاضي الأحداث الذي سبق له و أن اتخذ التدابير أو القاضي المفوض طبقا للمادة 485 من ق.إ.ج فاقتراحات اللجنة بإعادة النظر في التدابير طابعها استشاري فقط و ليست ملزمة للقاضي و لو كان هو رئيسها.


- 59-



قـاضي الأحداث

 رقم75-64المحدث لمؤسسات و مراكز حماية الطفولة و المراهقة .و تنسيق العلاقات القائمة بين إدارة المراكز و قضاة الأحداث الذين أمروا بالوضع،و الاطلاع على ملفات الأحداث ، و تتبع وضعيتهم داخل المركز و السهر على إعادة إدماجهم في الوسط الاجتماعي (1)
و تتشكل لجنة العمل التربوي هذه من : 
- قاضي أحداث رئيسا .
- مدير المؤسسة 
- مرب رئيس 
- مربيان آخران .
- مساعدة اجتماعية إن اقتضى الحال .
- مندوب الإفراج المراقب .
طبيب المؤسسة إن اقتضى الحال .
ويوجد مقرها في المؤسسة أو المركز الذي يوجد فيه الحدث ، و تنعقد مرة واحدة على الأقل كل ربع سنة بناء على دعوة رئيسها ، و هذا طبقا للمادة 7 من الأمر 72-03 المشار إليه سلفا .(2)








(1) مرشد المتعامل مع القضاء – المرجع السابق – ص 37.
(2) مدونة النصوص التشريعية و التنظيمية الخاصة بالأطفال ، المرجع السابق ، ص 79.

 -60 -


قـاضي الأحداث 

       الخاتمــــــــــة:
يعد قاضي الأحداث من القضاة المتمرسين في شؤون الأحداث يختار لدرايته الخاصة بهذه الشؤون وللعناية التي يوليها للأحداث ، وقد جعلت له مختلف الدول مهام قضائية وتربوية تختلف إلى حد ما بين صلاحياته المتعلقة بالأحداث  في خطر معنوي وصلاحياته المتعلقة بالأحداث الجانحين والتي يطغى عليها الطابع  التربوي والوقائي  ، لذلك فانه بمناسبة مباشرة هذه المهام له علاقات متعددة مع  العديد من المصالح والمراكز والتي تنقسم بشكل عام إلى مراكز تابعـة لوزارة العدل وأخرى تابعة لوزارة التضامن الاجتماعي حيث تختص الأولى باستقبال الأحداث الجانحين في حين تستقبل الثانية الأحداث في خطر معنوي لذلك فإننا نلاحظ الفرق الواضـح بين مهام قاضي الأحداث في كلتا الحالتين وكذا اختلاف النصوص المطبقة  على الأحداث الجانحين والأحداث في خطر معنوي إذ يحكم الحالة الأولى قانون الإجراءات الجزائية بينما يحكم الحــالة الثانية الأمر رقم 72-03 المؤرخ في 10-02-1972 المتعلق بحماية الطفولة والمراهقة  ومن ثمة فان التدابـير المتخذة من طرف قاضي الأحداث تتميز بالطابع الجزائي بالنسبة للأولى والذي يتميز بدوره عن الطابع المعتاد فيما يخص المجرمين البالغين ، أما الثانية في يختفي فيها الطابع الجزائي تماما ويسودها الطابع الوقائي التربوي .









ــــــــــــــــــــــــ 


-61-
قاضي الأحداث
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المــلاحـــــق:                                                                                                         الجمهوريــــة الجزائريــــة الديمقراطيــــة الشعبيـــة
وزارة العـــــــدل 
مديريــة تطبيــق العقوبــــات                                   مديريــة الشـؤون الجزائيـة 
           و إعــادة التربيـــــة                                              و إجراءات العفـــو
رقــــم: 07/89
                                                                                        الجزائــر في : 12/6/89

مــــــذكــــــــرة رقم 5

إلى الســـادة / رؤساء المجالــس القضائيــــــة

الموضـــــوع: قائمـــة المساعــديـــن لــدى محكمـــة الأحــــداث 

         من خلال التقاريــر التي تصـــل إلى مصالــــح 
مديريـة تطبيـق العقوبـات و إعـادة التربية ، لاحظنا بـــأن
قضاة الأحداث يتلقون صعوبات أثناء انعقاد جلسات الحكـــم 
بسبب غياب أو انعدام المساعدين المحلفين المنصوص عليهــــم 
في المادة 450 من قانون الإجراءات الجزائيـــة .
     عن هذه الحالة ناتجة عن عدم تجديد قوائم المساعديــــن 
و عـدم مراعـاة بعض رؤسـاء المجالـس لأحكـام المرسـوم
66-173 المؤرخ في 8 جوان 1966 المتعلق بوضع قوائــم
المساعدين لدى محاكــم الأحــــــداث.
لقد جاء في هذا المرسـوم أن قوائــم المساعديــن يجـــب 
وضعها كل ثلاث سنوات من طرف لجنة مكلفة لهذا الغرض يترأسها 
رئيس المجلس القضائــــي.
و حتى يتسنى لمحاكم الأحــداث أن تعقد جلساتهـا طبقـــا
 لأحكام قانون الإجراءات الجزائية ، الرجاء منكم مساعدة القضاة على حسن تأدية أعمالهم و ذلك بالسهر على انعقاد هذه اللجـان 
و تجديد قائمـة المساعديــن بانتظام ثم إرسالها إلى مديريـــة
 الشؤون الجزائية و إجراءات العفو لتحضير القرارات اللازمة.
مدير الشؤون الجزائيــة 
           و إجراءات العفو





 






















مدير تطبيق العقوبـات 
   و إعادة التربيــة 
















قائمة المراكز المتخصصة في إعادة التربية
              الولاية             مقر المؤسسة
02- الشلف  
04- أم البواقي  
05- باتنة     
09- البليدة  
14- تيارت 


16- الجزائر   



18- جيجل
19- سطيف 
20- سعيدة
21- سكيكدة   
23 –عنابة   
25- قسنطينة 
26- المدية 
27- مستغانم
28-وهران                          1- بوقادير، شارع قدور ربيحة مختار
1- عين مليلة ، حي 600 مسكن 
6 باتنة ، حي قشيدة 
1- أولاد يعيش
1- الرحوية 
2- الرحوية الحي الشرقي ، خروج بني لومة الرحوية 
1- الأبيار 
2- بئر خادم ، طريق الاقارب قوراية 
3- بئر خادم 02 طريق الاقارب قوراية
4- بئر خادم 3 طريق الاقارب قوراية
1- الطاهير ، زعموش الطاهير الغربية
1- سطيف 
1- سعيدة
1- عزابة ، شارع اول نوفبر
1- الحجار
1- قسنطينة ، المشتلة  
1- المدية ، رأس كلوش
1- صيادة 
1- وهران الدار البيضاء
2- وهران الصديقية




قائمة المراكز المتخصصة فيالحماية
الولاية مقر المؤسسة
05- باتنة
06- بجاية 
13- تلمسان


19- سطيف
34- برج بو عريريج 
35- بومرداس 1- باتنة ، شارع أريس
1- تيشي 
1- تلمسان، القلعة العليا
2- الغزوات ،20 شارع سيدي عمرو
3- الحناية
1- العلمة ، شارع النصر
1- برج بو عريريج ، شارع فلسطين
1- دلس

قائمة المراكز المتعددة الاختصاصات لحماية الشبيبة
الولاية مقر المؤسسة
08- بشار
30- ورقلة 1- بشار 
1- ورقلة
قائمة دور الأطفال المسعفين
الولاية مقر المؤسسة
02- الشلف
05- باتنة  

08- بشار 
12- تبسة
16- الجزائر

17- الجلفة
18- جيجل    1- تنس
1- باتنة 
2- بريكة
1- بشار
1- عين زروق – بلدية تبسة 
1- الجزائر 
2- حيدرة 
1- الجلفة
1- الميلية 
19- سطيف 1- سطيف 
18 – سكيكدة
22- سيدي بلعباس
23- عنابة 
24- قالمة 
25- قسنطينة
26- المدية
29- معسكر 
31- وهران 


34 – برج بو عريريج
35- بو مرداس 
36- الطارف
44- عين الدفلة 1- سكيكدة
1- سيدي بلعباس
1- عنابة حي اليزة
2- هليو بوليس 
1- قسنطينة 
1- بن شيكاو 
1- تغنيف 
1- وهران 
2- مسرغين
3- وهران
1- برج بوعريريج
1- عين طاية 
1- بن مهيدي
1- زوقالة( بلدية مليانة)





















قـاضي الأحداث

قائمـــة المراجــع و المصادر:
أولا-  النصـــوص القانونيـــة :
- الأمر رقم 66-155 المؤرخ في 08 يونيو 1966 يتضمن قانون الإجراءات الجزائية المعدل و المتمم .
- الأمر رقم 66- 156 المؤرخ في 08 يونيو 1966 يتضمن قانون العقوبات المعدل و المتمم .
- الأمر رقم 72-02 المؤرخ في 10 فيفري 1972 المتضمن قانون تنظيم السجون و إعادة تربية المساجين .
- الأمر رقم 72-03 المؤرخ في 10 فيفري 1972 المتعلق بحماية الطفولة و المراهقة .
- الأمر رقم 75- 64 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975 المتضمن إحداث المؤسسات و المصالح المكلفة بحماية الطفولة و المراهقة .
-الأمر رقم 85-58 المؤرخ في 26 سبتمبر 1975 المتضمن القانون المدني المعدل و المتمم.
-القانون العضوي رقم 04-11 المؤرخ في 06 سبتمبر 2004 المتضمن القانون الأساسي للقضاء .
-القانون رقم 05-04 المؤرخ في 06 فيفري 2005 المتضمن قانون تنظيم السجون و إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين .
-المرسوم رقم 66-173 المؤرخ في 8 جوان 1966 المتعلق بوضع قوائم المساعدين لدى محاكم الأحداث .
-المرسوم رقم 87-259 المؤرخ في 1 ديسمبر 1987 المتضمن إنشاء مراكز طبية و تربوية و مراكز للتعليم متخصصة للطفولة المعوقة و تعديل قوائم المؤسسات .
- المرسوم رقم 04-333 المؤرخ في 24 فيفري 2004 المتعلق بتنظيم الإدارة المركزية لوزارة العدل .






قـاضي الأحداث

ثانــيا- المراجع باللغـــة العربيــة :
    أ – المؤلفــــــات : 
1- أحمد شوقي الشلقاني – مبادئ الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري – الجزء الثاني – ديوان المطبوعات الجامعية – 1999.
2- ابتسام الغرام – المصطلحات القانونية في التشريع الجزائري – قصر الكتاب – البليدة – د ط – 1998 .
3- الدكتور جلال ثروت – نظم الإجراءات الجنائية – المكتبة القانونية – دار الجامعة الجديدة للنشر – الإسكندرية، د ط – 1997.
4- جيلالي بغدادي – التحقيق – دراسة مقارنة نظرية وتطبيقية – الديوان الوطني للأشغال التربوية – ط1 - 1999 .
5 –الدكتور عبد الحكم فودة – جرائم الأحداث في ضوء الفقه و قضاء النقض – دار المطبوعات الجامعية – الإسكندرية – 1997.
6- عبد العزيز سعد – أجهزة و مؤسسات النظام القضائي الجزائري – المؤسسة الوطنية للكتاب – الجزائر- د ط – 1988.
7- الدكتور علي مانع – جنوح الأحداث و التغير الاجتماعي في الجزائر المعاصرة – ديوان المطبوعات الجامعية – الجزائر- د ط، د س .
8- محمد عبد القادر قواسمية – جنوح الأحداث في التشريع الجزائري المؤسسة الوطنية للكتاب – الجزائر- د ط -1992.
9 –محاضرات الأستاذة صخري امباركة الملقاة على الطلبة القضاة بالمعهد الوطني للقضاء – الدفعة 13 -2004-2005.
    ب- المجــــلات و المناشيــــر: 
1- مجلة الدراسات القانونية – العدد الأول ، المجلد الأول – كلية الحقوق – جامعة بيروت العربية – الدار الجامعية للطباعة و النشر – 1998.
2- مرشد المتعامل مع القضاء – منشور صادر عن وزارة العدل – الديوان الوطني للأشغال التربوية – مارس 1997.


قـاضي الأحداث

3- مدونة النصوص القانونية و التنظيمية الخاصة بالأطفال – صادرة عن المدرسة العليا للقضاء .
ت – المذكـــــــرات :
1 –شعبان زهرة – تقرير التدريب الميداني لدى محكمة و مجلس قضاء مستغانم – الدفعة 06 – المعهد الوطني للقضاء – 1996.
2- علالي بن زيان – دور القضاء في تقويم جنوح الأحداث و حمايتهم على ضوء التشريع الجزائري – مذكرة نهاية التدريب – الدفعة 10 -1999-2001.
3- قدور علي ، بن دعاس فيصل، كربال محمد ، مولودي محمد، لباز بومدين ، رياط مراد ، مزالة سمير – الحدث الجانح و الحدث في خطر معنوي – دراسة مقارنة – مذكرة تخرج لنيل شهادة إجازة المدرسة العليا للقضاء 2004-2005.
ثالثـــــا: المراجــــع بالفرنسيـــــة

1-Bettahar touati – organization et systemes  pententiaires en droit algérien – office national des travaux éducatifs 1 ère édition -2004.
2- Georges Levasseur, Albert chavanne , Jean Montreuil , Bernard bouloc , droit pénal jeneral et procédure pénale , SiRY-13 eme édition -1999.
3- Gaston stefani , Georges Levasseur , Bernard bouloc , procédure pénale – Dalloz -18 eme édition .S.D.
4- Jean Claude soyer- droit pénal et procédure pénale- L.G .D.J .15 eme édition 1999.
5- Jean larguier – procédure pénale – Mémentos – Dolloz – 18em édition , S D .
6- Roger Perrot – institutions judiciaires – Montchrestien – Delta-7eme édition -1995.





 

الفهــــــرس

                                                                                   الصفحــة
المقدمــــة ..................................................................................................01
الفصل الأول: المفاهيم العامة التي تحكم قضاء الأحداث.................................................04
المبحث الأول:مفهوم قاضي الأحداث........................................................................05
المطلب الأول: تعريف قاضي الأحداث.......................................................................05
الفرع الأول: قاضي الأحداث في فرنسا.....................................................................06
الفرع الثاني : قاضي الأحداث في الجزائر....................................................................07
المطلب الثاني: تعيين قضاة الأحداث و تشكيل قسم الأحداث.........................................08.
الفرع الأول: تعيين قضاء الأحداث...........................................................................08
الفرع الثاني : تشكيل قسم الأحداث.........................................................................10
   أولا : تشكيل قسم الأحداث في حالة الحدث الجانح..................................................11
   ثانيا: تشكيل قسم الأحداث في حالة الحدث في خطر معنوي........................................13  المبحث الثاني:الأشخاص و المؤسسات التي لها علاقة بقاضي الأحداث...............................13
المطلب الأول:مندوبي الأحداث................................................................................14
الفرع الأول: المندوب الدائم...................................................................................14
الفرع الثاني : المندوب المتطوع.................................................................................15
المطلب الثاني: مراكز و مؤسسات الأحداث................................................................15
الفرع الأول: المراكز المخصصة للأحداث الجانحين........................................................16
   أولا : مراكز إعادة تربية و إدماج الأحداث............................................................16
   ثانيا: المراكز التخصصية لإعادة التربية ...................................................................19  الفرع الثاني: المراكز المخصصة للأحداث في خطر معنوي..............................................22
   أولا : المراكز التخصصية للحماية..........................................................................23
   ثانيا: مصالح الملاحظة و التربية في الوسط المفتوح.....................................................25.
الفصل الثاني : مهام قاضي الأحداث.........................................................................27
المطلب الأول: التحقيق...........................................................................................28
-63-
الفرع الأول:سير إجراءات التحقيق..........................................................................29
الفرع الثاني: الأوامر و التدابير المؤقتة .......................................................................31
   أولا : الأوامر...................................................................................................32
   ثانيا: التدابير المؤقتة............................................................................................33
المطلب الثاني: محاكمة الأحداث الجانحين.....................................................................34
الفرع الأول: سير إجراءات محاكمة الحدث الجانح........................................................35
الفرع الثاني: التدابير النهائية و العقوبات المقررة للحدث الجانح.......................................38
     أولا: التدابير النهائية........................................................................................38
     ثانيا: العقوبات المقررة للحدث الجانح .................................................................45
المبحث الثاني : المهام الوقائية و الإدارية لقاضي الأحداث ..............................................47
المطلب الأول:المهام الوقائية لقاضي الأحداث...............................................................48
الفرع الأول:التحقيق مع الحدث في خطر معنوي..........................................................49
   أولا: تدابير الحراسة ......................................................................................
   ثانيا: تدابير الوضع.....................................................................................
الفرع الثاني: محاكمة الحدث في خطر معنوي................................................................52
   أولا: تدابير الحراسة...........................................................................................53
   ثانيا: تدابير الوضع............................................................................................ 53 
المطلب الثاني: المهام الإدارية لقاضي الأحداث..............................................................55
الفرع الأول: الزيارة و الإشراف على مراكز و مصالح الأحداث.....................................55
   أولا: زيارة مراكز و مؤسسات الأحداث................................................................55
   ثانيا: الإشراف على مصالح الملاحظة و التربية في الوسط المفتوح...................................57
الفرع الثاني: رئاسة اللجان التربوية...........................................................................58
  أولا: لجنة إعادة التربية........................................................................................58
  ثانيا: لجنة العمل التربوي .....................................................................................59
الخاتمـة..............................................................................................................61
الملاحق............................................................................................................   62        
الفهرس..............................................................................................................  63

تعليقات